منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 كتب في التاريخ

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 68936
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

كتب في التاريخ Empty
مُساهمةموضوع: كتب في التاريخ   كتب في التاريخ Emptyالسبت 05 ديسمبر 2015, 10:37 am

Ottoman empire| |الامبراطورية العثمانية

العلاقات المملوكية العثمانية
تُعتَبَر العلاقات المملوكية العثمانية هي مفتاح النهاية في تاريخ الدولة المملوكية؛ إذ سقطت دولة المماليك على أيدي العثمانيين نهائيًّا عام 1517م، ولكن سبق ذلك طريق طويل من العلاقات تراوحت بين المودة والتقدير، وبين القلق، ثم الصراع الدامي؛ فقد تجددت علاقات الصداقة بين السلطنتين المملوكية والعثمانية بعد زوال الخطر التيموري، وازدادت تماسكًا في عهد السلطان الأشرف برسباي[10].
وازدادت أواصر الصداقة بين الدولتين في عهد السلطان جقمق، فتبودلت المراسلات والسفارات والهدايا بين الدولتين، 
واستمرت هذه السياسة الودية قائمة في عهد السلطان إينال، فبعد أن أتم السلطان العثماني محمد الفاتح فتح القسطنطينية أرسل إلى السلطان المملوكي رسالة يبشره بانتصاره الكبير، فأرسل إليه إينال رسالة تهنئة، واحتفل في القاهرة بهذا الحدث الجلل احتفالاً رائعًا[12].
تردي العلاقات بين المماليك والعثمانيين (888- 896هـ)
طُويَت صفحة العلاقات الجيدة بين الدولتين المملوكية والعثمانية على أثر فتح القسطنطينية، وفتحت صفحة جديدة سادها العداء بفعل تصادم المصالح.
فقد توسعت الدولة العثمانية في الأناضول والجزيرة الفراتية شمالاً حتى البحر المتوسط جنوبًا، وجبال طوروس، وفي نفس الوقت كانت دولة المماليك قد سيطرت على قيليقيا.
ومع حرص العثمانيين على استمرار تعزيز الروابط مع المماليك، إلا أن هؤلاء بدءوا يقابلون بشيء من الفتور تنامي العلاقات بين الدولتين بعد ما شعروا بتعاظم شعبية العثمانيين بين المسلمين نتيجة فتح القسطنطينية، كما لاحظوا، بقلق شديد، بروز دولة إسلامية قوية أخذت تنمو على حدودهم، وتشق طريقها الخاص بها، وتزايد قلقهم عندما نشطت في العاصمة العثمانية المساعي لتغيير نظام العلاقات بين الدولتين بعد أن أخذ البكوات، حماة الحدود، يتلقبون بألقاب السلاطين، ويذكر ابن إياس أن محمدًا الثاني كان أول زعيم في بني عثمان اتخذ لنفسه لقب سلطان وساوى نفسه بحكام مصر.
كان اتخاذ الألقاب السلطانية يرمز إلى تحول العثمانيين إلى سياسة الدولة العظمى، وأن المقصود بذلك تأكيد الدور العالمي للسلطنة العثمانية، وقد أدت هذه السياسة إلى تدهور حاد في العلاقات المملوكية العثمانية، وبدأ المماليك يتوجسون خيفة من العثمانيين، فتبدلت نظرتهم إليهم من مشاعر الاعتزاز إلى مشاعر الغيرة، ثم أضحى الصراع على الهيمنة على زعامة العالم الإسلامي السبب الأساسي والرئيسي للنزاع المملوكي- العثماني.
تزايد الصراع و"جم" يلجأ للمماليك
بعد وفاة السلطان محمد الفاتح في عام 886هـ/ 1481م، بدأ النزاع الداخلي على العرش بين الأخوين بايزيد الثاني وجم.
ولم يتمكن جم من الصمود في وجه أخيه، فلجأ إلى دولة المماليك، فاستقبله السلطان المملوكي قايتباي بحفاوة بالغة؛ مما أثار غضب السلطان العثماني بايزيد الثاني[13].
واتخذ السلطان العثماني بايزيد الثاني موقفًا عدائيًّا صريحًا من المماليك، وتصرف على محورين:
الأول: أنه ساند عسكريًّا علاء الدولة بن ذي القدر الذي هاجم ملطية التابعة للمماليك في عام 888هـ/ 1483م.
الثاني: أنه أحكم سيطرته على الطرق التجارية، وعلى مصادر الخام البالغة الحيوية للمماليك كأخشاب السفن مثلاً، وبذل جميع المحاولات لإضعاف طاقتهم العسكرية، كما عرقل شراء الفتيان من أسواق البحر الأسود لنقلهم إلى مصر.
فأرسل السلطان قايتباي حملة عسكرية بقيادة تمراز الشمسي فانتصر على علاء الدولة وحلفائه العثمانيين.
وهكذا أدَّت الصدامات المسلحة التي نشبت مع علاء الدولة بن ذي القدر بين أعوام 888- 890هـ/ 1483- 1485م إلى أول حرب مملوكية - عثمانية[14].
واضطر قايتباي إلى الدفاع عن أراضيه أما اعتداءات العثمانيين، ومن هنا بدأت حملات الأمير أزبك، ضد أراضيهم واستطاع هذا الأمير إلحاق الهزيمة بالجيوش العثمانية ثلاث مرات، أسر في الحملة الأولى عام 891هـ/ 1486م عدد كبيرًا من العثمانيين من بينهم القائد أحمد بك بن هرسك[15].
ونتيجة لوساطة باي تونس عقدت اتفاقية سلام بينهما في 896هـ/ 1491م[16].
تحسن العلاقات بين المماليك والعثمانيين (896- 920هـ)
لقد توقفت الحرب بين الدولتين، ولكن بشكل مؤقت، وساد الهدوء جبهات القتال، ولكن إلى حين، وتبادل الطرفان الهدايا والوفود سنة بعد سنة، كما نشطت حركة التبادل التجاري بينهما، وكان المماليك يشترون الأخشاب والحديد والبارود من آسيا الصغرى، وهي مواد غير متوفرة في مصر[17].
ومن مظاهر المشاركة النفسية الجيدة التي تجلَّت خلال هذه الفترة، أنه عندما توفي السلطان العثماني بايزيد الثاني، بكى السلطان الغوري عليه، وحزن لوفاته ثم صلى عليه صلاة الغائب في القلعة، كما صلى الناس عليه بعد صلاة الجمعة في الجامع الأزهر، وجامع ابن طولون[18].
النزاع الأخير بين المماليك والعثمانيين (920- 923هـ)
لم يستمر الصلح بين المماليك والعثمانيين أكثر من ربع قرن، حيث إن تنامي هيبة الدولة العثمانية كحامية لجميع المسلمين، وانتصار سليم الأول على الصفويين في معركة جالديران في رجب عام 920هـ/ آب عام 1514م أزعج السلطان المملوكي قانصوه الغوري، فقد كان انتصار العثمانيين في جالديران مفاجأة غير متوقعة للمماليك الذين التزموا جانب الحياد، تاركين الدولة العثمانية وحيدة في مواجهة الصفويين.
في أوائل عام 921هـ/ 1515م وصلت القاهرةَ تباشيرُ الأنباء عن استعدادات العثمانيين العسكرية، فقد كان الجيش والأسطول يستعدان لشن هجوم على مصر.
وفي مرج دابق شمالي حلب دارت رحى معركة عنيفة بين المماليك والعثمانيين سنة (922هـ- 1516م)، وكان النصر حليف العثمانيين، وانتحر السلطان المملوكي قانصوه الغوري بالسم عندما علم بنتيجة المعركة، وأصبحت بلاد الشام ضمن أملاك العثمانيين.
وبعد انتصار السلطان العثماني سليم الأول في مرج دابق، توجه إلى مصر وبعد انتصاره على المماليك في موقعة الريدانية سنة 923هـ/ 1517م، شنق السلطان المملوكي طومان باي على باب زويلة، وبذلك أصبحت مصر ضمن أملاك الدولة العثمانية، وهكذا أُسقِطَت دولة المماليك الجراكسة.


العلاقات العثمانية - الأوروبية في القرن السادس عشر

العلاقات العثمانية - الأوروبية في القرن السادس عشر - إدريس الناصر رانسي

كتب في التاريخ 0

حول الكتاب

تمكن العثمانيون من السيطرة على منطقة "البلقان" أي الجزء الشرقي من أوربة عموما ً، و تحول اهتمام العثمانيين إلى جهة الشرق في عهد السلطان " سليم الأول" لبروز الدولة الصفوية في إيران كمنافس قوي وخطير لهذه الدولة . إلا أنه في عهد السلطان" القانوني" تسارعت الأحداث في أوربة خصوصاً بعد المنافسات المريرة بين حكام أوربة ، فبادئ ذي بدء لم يعترف السلطان " القانوني" بـ" شارل الخامس" إمبراطوراً على الإمبراطورية الرومانية المقدسة، ثم أتى قتل"لويس الثاني" ملك المجر لسفراء السلطان أن تأزم الموقف بين الطرفين أي بين أوربا الغربية والدولة العثمانية. الأمر الذي أدى إلى تحرك القوات العثمانية صوب" بلغراد" ، فاستولت عليها(سنة 1521م) وبسقوط " بلغراد" بيد العثمانيين فتح الطريق أمام القوات العثمانية إلى وسط أوربة(بل أوربة كلها) . وكان من تداعيات هذه الحرب أن عقد البنادقة مع السلطنة معاهدة تجارية في السنة ذاتها ضمنت لهم الكثير من الإمتيازات في أراضي السلطنة .
http://dc692.4shared.com/download/RS5533mVce/______.pdf?
tsid=20151205-065849-63386ff1&sbsr=5609cdc7bda6194d78
1b95e23adbe18c95c&lgfp=2000




العلاقات المغربية العثمانية والصراع على الخلافة

المحور الأول: العلاقات المغربية العثمانية.

1 - العلاقات المغربية العثمانية: مرحلة الصراع والتوتر.

تطرح العلاقات المغربية العثمانية إشكالية مزدوجة فمن جهة:

هناك قلة المصادر والتي يوجد غالبها في الإرشيف العثماني، ومن جهة ثانية نوع المقاربة التي يمكن تبنيها من أجل فهم هذه العلاقات.1

إن علاقات المغرب مع الدولة العثمانية تكتسي أهمية خاصة، باعتبار أن المغرب ظل البلد الوحيد من بلدان العالم العربي الذي أفلت من الخضوع للإمبراطورية التركية2، كما أن المغرب كان يمثل مسرحا للصراع بين المسيحية ممثلة في الدول الأوربية، والإسلام ممثلا في دولة الخلافة العثمانية 3 .

وتزداد أهمية العلاقة المغربية العثمانية بالنظر إلى التقارب المذهبي والديني الذي ميز الطرفين (الانتماء إلى المذهب السني ).

كيف يمكن إدراك هذه العلاقات الغنية والمعقدة إلى درجة التناقض؟ والتي تشوبها أحيانا صراعات لكن تفضي أحيانا أخرى إلى نوع من الثقة المتبادلة5 ؟وما هي الميكانيزمات التي تحكمت في هذه التناقضات؟وكيف تطورت العلاقات بين الطرفين ؟ .

لا يمكن فهم طبيعة العلاقات المغربية العثمانية إلا في ظل نوعية العلاقات التي ربطت دار الإسلام / دار الإسلام6، فالمغرب والدولة العثمانية ينتميان إلى نفس المنظومة الدينية والمذهبية (إسلامية سنية) وهو الأمر الذي يعطي لموضوع العلاقات المغربية العثمانية تميزا عن نوعية العلاقات التي جمعته مع الدول الأوربية.7

وإذا كان كل من الشرفاء المغاربة والعثمانيين اكتسبوا حظوة ونفوذا على أساس قيامهما بالجهاد ضد الكافر، فقد حاول كل طرف فرض هيمنته على الطرف الآخر تحت هذا الشعار، لكن الفرق هو أن العثمانيين بفضل ما توفر لهم من موارد وإمكانات دخلوا عالم الإمبراطوريات بخلاف المغرب، فالدولة العثمانية استطاعت أن ترقى إلى المستوى الآخر الأوربي، وظل المغرب حبيس مشاكله الداخلية، ويبقى السؤال المطروح هو لماذا لم تعمل الإمبراطورية العثمانية على إخضاع المغرب بدعوى وحدة الأمة؟.

هل الأمر يتعلق بما يفرضه الامتثال للشريعة الإسلامية، والمتمثل في أن الفتح لا يمكن أن يشمل دار الإسلام ، وان الحرب لا يمكن أن تكون موجهة سوى ضد الكفار كما ذهب إلى ذلك الأستاذ بنحادة ، والحال أن المغرب بلد إسلامي8 أم أن الأمر تحكمت فيه عوامل أخرى ؟

للجواب على هذه الإشكالية لابد من العودة إلى أواخر القرن الخامس عشر، حيث عرف عالم البحر الأبيض المتوسط مرحلة مهمة جدا تجلت في بدء التفوق الأوربي في مجال التقنيات الحربية والبحرية، وهو الأمر الذي ساهم في تغيير ميزان القوى بين الضفتين دار الإسلام ودار الحرب.9

وكان من نتائج هذا التفوق احتلال الإسبان والبرتغاليين للسواحل الأطلسية والمتوسطية في الشمال الإفريقي ، وإذا كان المغرب قد استطاع التصدي للحملة الإيبرية على شواطئه بفضل الدولة السعدية الناشئة، فان بلدان شمال إفريقيا الأخرى اختارت حلا مغايرا تجلى في استقدام قوة خارجية عن البلاد وهي القوة التركية، فأمام الصعوبات التي وجدها عروج بعد فشله في استخلاص قلعة الجزائر بعث بوفد إلى استانبول سنة 1519 محملا بالهدايا والبيعة للسلطان سليم الأول هذه البيعة التي لم يتردد السلطان العثماني في قبولها ؛ لأنها فتحت الطريق لهم بسهولة للوصول إلى الحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسط .10

ومقابل البيعة المذكورة تم تعيين خير الدين بعد مقتل أخيه عروج حاكما على جزائر الغرب، ومن ثم أصبحت شرعية الحاكم في الجزائر مرتبطة بالباب العالي11.

ومن هنا يمكننا القول : إن البدايات الأولى للعثمانيين بالشمال الإفريقي كانت نتيجة عملية الاستنجاد المقرونة بالبيعة الطوعية، وليست ناتجة عن الحرب والغزو، فالإدارة العثمانية لم يكن في نيتها ضم شمال إفريقيا بالقوة لأسباب مالية وعسكرية وطبيعية .

وبعد ضم خير الدين بمساعدة الأتراك تونس، بقي المغرب البلد الوحيد في الغرب الإسلامي الذي أفلت من التبعية العثمانية، ومن ثم يمكن تفسير طابع التوتر والحذر الذي ميز علاقات الدولتين .12

لقد أملت الوضعية السابقة الذكر على السلاطين المغاربة نهج سياية لم تراع كثيرا وضعية الانتماء لنفس الدار، لكن السياسة التي تمكن المغرب من الحفاظ على استقلاله عن الأتراك، ومن ثم تراوحت هذه العلاقة بين الحدة والتوتر من جهة، وبين التقارب والتعاون من جهة أخرى 13.

ونشير هنا إلى أن العثمانيين حاولوا منذ البداية اتباع سياسة الاحتواء اتجاه السلاطين السعديين الأوائل، وهذا ما تؤكده مضامين الرسائل العثمانية التي كانت تجس نبض هؤلاء من خلال طبيعة المخاطبة التي لم تكن تحمل أكثر من صفة لحاكم ولاية فاس، وهو ما كان يعتبر من منظور العثمانيين أن المغرب ولاية تابعة لهم14، ويتجلى ذلك أيضا في السفارة العثمانية إلى محمد الشيخ حين اقترحت عليه المساعدة لمحاربة المسيحيين مقابل الخطبة باسم السلطان العثماني15، والتي إن تحققت تعني ضمنيا تبعية المغرب للباب العالي. 

ولعل هذه المحاولات العثمانية تنم عن وسيلة ذكية كانت تتوخى من ورائها تكرار النموذج الجزائري بالمغرب ، وهو ما رفضه السلطان المغربي، مما أغضب الباب العالي الذي دبر مؤامرة اغتياله.

وقد تريث العثمانيون خلال فترة حكم السلطان عبد الله الغالب ، إذ رفضوا دعم أخيه عبد الملك السعدي(1576/1578) الذي التجأ إلى الأراضي الجزائرية " إني لا أعينك على فتنة المسلمين ..." .

وقد تحكمت في مواقف عبد الله الغالب( 1557/1574) معطيات الصراع العثماني الأوربي، لكن وفاته جاءت قبل أن تكتمل سفارته إلى استانبول بقيادة التمكروتي16، لكن وعي العثمانيين أدى بهم إلى المراهنة على التدخل في الصراع الداخلي لصالح عبد الملك ضد المتوكل(1574/1576)، فدعموه بحملة انتهت بدخوله فاس وفرار المتوكل الذي لجأ إلى البرتغال .

وقد أغدق عبد الملك على الأتراك أموالا كثيرة ، وحملهم بأنواع من الهدايا مكافأة لهم، كما استمر في بعث الهدايا إلى القسطنطينية، وكان يلقي الخطبة باسم السلطان العثماني، ويسك النقود باسمه، وهذه كلها مظاهر تؤكد التبعية للباب العالي، كما أن الرسائل العثمانية للسلطان عبد الملك كانت تحضه على الجهاد والتعاون مع أمير الجزائر17، وقد ظل الباب العالي مساندا لعبد الملك السعدي، وهو ما يتجلى في مشاركة الأتراك في معركة واد المخازن بغض النظر عن طبيعة وحجم المشاركة.

لكن سرعان ما ستتغير الوضعية بعد انتصار السعديين في معركة واد المخازن ، فرغم أن المنصور (1578/1603) استمر في بعث الهدايا إلى الباب العالي، فقد دشن من جهة ملامح سياسة تختلف عن سابقه، فقد تلقب بالخليفة وأصبحت الخطبة تلقى باسمه، وكان هذا تأكيدا من أحمد المنصور على استقلالية المغرب عن الباب العالي .18

وقد استغل أحمد المنصور الأوضاع الدولية لصالحه، ولعب الورقة الإسبانية الرابحة، وهو الشيء الذي فطن له سيلفا الذي بعث رسالة إلى الملك فيليب الثاني سنة 1583 يقول فيها : " إن إمبراطور المغرب يسخر منا فهو متأرجح بين مصانعتنا ومصانعة الأتراك، فعندما يطالبه صاحب الجلالة بالعرائش يقول هيا بنا إلى الجزائر، وعندما يهدده الأتراك يقول هيا بنا إلى أسبانيا "19.

ولا شك أن التخوف العثماني من إمكانية قيام تحالف سعدي إسباني يعتبر في نظرنا من الأسباب التي جعلت العثمانيين لم يسعوا بتاتا إلى القيام بغزو شامل للمغرب، والدخول في مغامرة غير محتومة النتائج، خصوصا مع الوعي العثماني بان القوى الأوربية لن تقف صامتة إزاء مثل هذا المشروع الذي يهدد طموحاتها في السيطرة على الموارد الإفريقية انطلاقا من السواحل الأطلسية، كما نعتقد أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يسمح الأوربيون لقوة بحرية واحدة بالسيطرة على الطرق التجارية المتوسطية والأطلسية في آن واحد. 

كما أن بعد المسافة عن استانبول ووعورة تضاريس المنطقة وحتمية التحالف المغربي الأوروبي في مثل هذه الحالة قد يجعل المهمة صعبة إن لم نقل مستحيلة.

كما أن هذه الفترة تزامنت مع بداية التراجع العثماني عن مخططاتها التوسعية في غرب البحر الأبيض المتوسط ، خصوصا بعد فشل حملة مالطا، وتولي سليم الثاني(1566/1574) السلطة حيث بدأ العثمانيون عزوفا عن المجابهات مع الأوربيين وتوجهوا شرق الإمبراطورية20، ولعل ما يبرز هذا التراجع عدم تلقي المورسكيين أثناء محنتهم بالأندلس أي مساندة عثمانية خلال سنة 1568، فقد كانوا منشغلين بحملة قبرص21.

وقد ازداد هذا التراجع بعد حملة ليبانتو الفاشلة سنة1571على البندقية، فقد شكلت هذه المعركة بداية نهاية التفوق العثماني في حوض البحر الأبيض المتوسـط، وإن استطاعت الدولة العثمانية إعادة هيبتها عبـر انتصارها في حلق الوادي فإنها اعتمدت في ذلك على الدعم المحلي الكبير للجزائر وتونس21.

ولا شك أن المواجهات الثلاث السابقة قد استنزفت إلى حد كبير الدولة العثمانية ماديا وعسكريا، فكانت مضطرة إلى الدخول في مفاوضات مع إسبانيا لتحقيق الهدنة (وهذا ما حصل) والتفرغ لمواجهة الصفويين والثورات الداخلية.

هذه الهدنة مع الإسبان أدت إلى تخفيف الحدة بين الطرفين، وهو ما يعني استحالة التصعيد العثماني بالتفكير في غزو المغرب.

وساهمت هذه الهدنة من جانب آخر في توتير العلاقات بين ولايات الشمال الإفريقى عموما والسلطة المركزية العثمانية، إذ يبدو أن الولاة الجزائريين لم يكونوا راضين على هذه الهدنة، ويتجلى ذلك في استمرار تحرشاتهم ضد السفن الإسبانية في البحر الأبيض المتوسط ، وامتناعهم عن أداء مستحقاتهم المالية لاستانبول22. وهو الأمر الذي دعا إلى إقرار تجريء ولايات الشمال الإفريقي، ومع ذلك ظلت التوترات مستمرة بينهما.

يمكن القول : إن السلام العثماني الإسباني خدم بشكل كبير النزعة الاستقلالية في بلدان شمال إفريقيا التابعة للباب العالي .

لا شك أن الظروف السابقة والتي تزامنت مع مشاكل العثمانيين على الواجهة الصفوية وعلى واجهة أوروبا الشرقية، توضح أن غزو المغرب لم يكن ليحقق أي نفع للدولة العثمانية سوى إلحاق مزيد من الاستنزاف بها.

في ظل المعطيات المذكورة يمكننا التأكيد أن الرهان العثماني حول ضم المغرب كان يتوخى النموذج الجزائري ، أي أن الباب العالي كان يسعى إلى أخدها برغبة ومباركة من السلاطين المغاربة ، وهو ما لم يحصل .

وبالمقابل ألا يمكننا الحديث عن أطماع للشرفاء السعديين ومن بعدهم العلويين في التوسع على حساب الأراضي التركية بالمغرب الأوسط ، خاصة وأن الشريف السعدي كان قد نظم حملات وصلت إلى تلمسان، الأمر الذي أدى بالأتراك العثمانيين إلى نهج خطاب المهادنة (عزل أمير الجزائر )، ألا يفسر هذا الخطاب التخوف العثماني من خطر التوسع السعدي؟.

أليست فكرة رسم الحدود بين البلدين والتي طرحها العثمانيون تدخل في إطار هذا التخوف؟ وكيف لا تتناقض فكرة الحدود مع الأعراف التي يؤطرها مبدأ وحدة دار الإسلام ؟ 

والى أي حد تجيب مسالة الحدود التي طرحها العثمانيون على إشكالية عدم ضم الأتراك للمغرب ؟ بمعنى آخر أن من يطرح مسالة الحدود لا يمكن أن يفكر في الغزو؟ .

تؤكد مجموعة من الكتابات التاريخية أن فكرة الحدود السياسية دخيلة على المنطقة المغاربية، وأن الفهم الذي كان سائدا خلال هذه الفترة هو أن دار الإسلام مجال جغرافي وفضاء حضاري يحق للمسلم أن يستوطن في مختلف جهاته، وأن الحدود لا يمكن أن تكون إلا بين دار الإسلام ودار الحرب23. فإلى أي حد يمكن اعتبار فكرة ترسيم الحدود سلوكا جديدا في تاريخ العلاقات المغربية العثمانية ؟ 

لقد كان الباب العالي يتخوف كثيرا من مسالة التوسع المغربي على الواجهة الغربية الجزائرية ، خصوصا وأنهم يتمتعون بالشرعية الجهادية التي منحتهم تعاطفا من القبائل الجزائرية، بالإضافة إلى شرعية النسب الشريف الذي أعطاهم الأولوية لدى العامة.

لذا حرص العثمانيون على عنصر الحدود، فكيف تم إقرار هذا العنصر في العلاقات المغربية بالأتراك في المغرب الأقصى ؟ .

لقد كان المغرب دائما يسعى إلى توسيع نفوذه شرقا، وهذا ما تجلى في كثرة الحملات العسكرية خصوصا في بدايات الحكم العلوي، وهو ما كانت السلطة التركية على وعي كبير به، لذلك كان الأتراك هم السباقين لطرح مسالة الحدود بين الطرفين، متجاوزين بذلك الفكرة السائدة عن رفض الإسلام تقسيم تراب البلدان الإسلامية، وقد استطاعت البعثة التركية إقناع الشريف محمد العلوي (1636/1664) بفكرة رسم الحدود بين المغرب والولاية التركية، وانتزعوا منه أول تعهد مكتوب بذلك، لكن الملوك العلويين ظلوا مقتنعين بإمكانية ضم مناطق على الواجهة الشرقية وهو ما تجلى في كثرة الحملات خصوصا في عهد المولى الرشيد (1666/1672) والمولى إسماعيل (1672/1727)، في حين لوح الأتراك الجزائريون بورقة الحدود واعتمدوها كسبيل لإيقاف هذه التهديدات23.

ويوحي التمسك التركي بواد تافنا كحد فاصل بين الطرفين اعتبار هؤلاء الاتفاق مع المولى محمد حجة قانونية أشهروها في وجه المولى إسماعيل 24.

خلاصة الأمر يمكننا القول : إن الأتراك حاولوا منذ العهد السعدي تطويق موقف الشرفاء بخطة الحدود المرسومة ؛ حتى يمكن حصر نفوذهم بالمغرب الأقصى، وإن فشلوا في بداية الأمر مع السعديين فإنهم نجحوا مع العلويين.

والواقع أن طموحات الشرفاء كانت تهدف إلى إحياء مشروع الإمبراطورية الموحدية الكبرى ، وقد يكون إحساسهم بالانتماء لآل البيت الدافع الأساسي لهذا المشروع ، وهو الأحقية في الخلافة الإسلامية...ولعل هذا ماجعل البعض يعتبر الصراع بين السعديين والعثمانيين صراعا حول الخلافة ، فهي تتجاوز بذلك مسالة الحدود .25

فالعماري يرى أن الخلاف بين الشرفاء والأتراك لم يكن في عمقه يدور حول مشكلة الحدود، وإنما كان يدور حول مسالتين أساسيتين 

أولا: أحقية الخلافة التي كان السعديون والعلويين يعتبرون أنفسهم أحق بها من الأتراك ، وينظرون إلى هؤلاء كمغتصبين للخلافة. 

ثانيا: وحدة المغرب العربي التي كانت تبدو ضرورة تاريخية وقومية.26

لقد كانت السلطة العثمانية على وعي بهذين المبدأين....لذلك حاول الأتراك تطويق موقف الشرفاء بخطة سياسة الحدود.

وهذا يعني أن العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين تحكم فيها بقوة الصراع حول أحقية الخلافة .

فالعثمانيون امتلكوا مفاتيح الكعبة بتأييد شريف مكة أبو البركات27، فأصبح السلطان حامي الحرمين الشريفين وراعيا للحجاج المسلمين، بالإضافة إلى ذلك أصبحت الدولة العثمانية الحامل لراية الجهاد ، خصوصا بعد عجز المماليك عن مواجهة الإفرنج ، فتقوضت بذلك زعامتهم نهائيا كحماة للإسلام28، ومن هنا اكتسب العثمانيون أحقية الزعامة والقيادة، ومنحهم ذلك تأييد الزعامات المحلية في غالبية البلاد العربية، ومنها المغرب وهكذا نجد الفقيه ابن أبي محلي يصف السلطان أحمد العثماني بملك البحرين وإمام الحرمين الشريفين، ويرى في العثمانيين عصابة الجهاد في الحروب ، ولذلك استنفرهم للجهاد ضد من كان يسميهم عبدة الصليب،29 كما أن الحجري خصص للأتراك مكانة متميزة في رحلته "ناصر الدين على القوم الكافرين " إذ تحدث بإعجاب كبير عن دولتهم ودورهم في صيانة دار الإسلام، واعتبرهم القوة الوحيدة القادرة على مواجهة المد الأوربي " وكل واحد من السلاطين النصارى يرتعد ويخاف من سلاطين الإسلام والدين المجاهدين في سبيل رب العالمين ....وهم السلاطين الفضلا العظما ..العثمانيون التركيون ..".30

وإذ كان السلاطين المغاربة يشتركون مع العثمانيين في القيام بواجب الجهاد فإنهم ارتكزوا على النسب الشريف الذي له دلالة خاصة في مسالة شرعية الخلافة، لكن التساؤل الذي يطرح نفسه بقوة هو لماذا كان السلاطين الأشراف يلجئون في بعض الأحيان إلى الدعاء للعثمانيين على المنابر؟ ومن ثم نتساءل هل كان هذا الاعتراف وسيلة لقطع الطريق على أي تدخل عثماني محتمل، أم أنه ناجم عن قناعة بوجوب وحدة دار الإسلام . ؟

إن الصراع حول الخلافة تحكم في كثير من الأحيان في نوعية العلاقات بين الطرفين إلى حد كبير ، ونذكر على سبيل المثال: 

* اتخاذ المنصور لقب الخليفة وأمير المؤمنين بعد توليه السلطة، مما أثار حفيظة العثمانيين ، خاصة عندما استقبل سفارة من ملك بورنو إدريس ألوما الذي بحث عن دعم عسكري لمواجهة أعدائه الصونغاي. يقول القشتالي :

… ورد الرسول ...إلى الأبواب العلية المشرفة فوافق أمير المؤمنين بحضرته العلية مراكش دار الخلافة ، فأزاح اللبس وبين الغرض فصدع لهم أمير المؤمنين … وطالبهم بالمبايعة له والدخول في دعوته المباركة التي أوجب الله عليهم … وقرر لهم … أن الجهاد الذي ينقلونه ويظهرون الميل إليه ،لا يتم لهم فرصة ولا يكتب إليهم عمله، ما لم يستندوا في أمرهم إلى إمام الجماعة الذي اختصه الله إلى يوم الدين بوصفه الشريف … وعلق لهم أيده الله الإمداد على الوفاء بهذا الشرط فالتزمه الرسول " وموازاة مع ذلك قام الأتراك بتقديم الدعم العسكري لإمبراطورية الصونغاي ، وهذا لاشك يدخل في إطار الصراع الخفي حول الخلافة وزعامة العالم الإسلامي .31

ونجد هذا الصراع الخفي حتى في رحلة التمكروتي التي دونها بعد سفارته إلى استانبول، إذ يقول : "والترك جاروا على أهل تلك البلاد وأفسدوها ، وضيقوا على أهلها في أرضهم وديارهم وأموالهم ..إلى غير ذلك من الذل والإهانة ..هذا وأهل أفريقية....في كثرة اشتياقهم وحنينهم إلى حكم موالينا الشرفاء. تالله لقد كنا من تحدثنا معه من خيار أهل تونس وأعيان مصر الذين لقيناهم بالقسطنطينية يبكون على ذلك ...ويودون لو وجدوا سبيلا إلى الانتقال إلى المغرب والتخلص إليه لاشتروه بالدنيا ومافيها .."32

إن هذا الموقف يوضح ما كان بين الكيانين من تنافس وصراع حول ولايات الشمال الإفريقي، وكان خطاب التمكروتي أكثر وضوحا في مسالة الأحقية في الخلافة، يقول : " والعثمانيون من جملة ..الموالي الذين دافع الله بهم على المسلمين، وجعلهم حصنا وسورا للإسلام ، وإن كان أكثرهم وأكثر أتباعهم ممن يصدق عليه قوله صل الله عليه وسلم : "إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر ، وإنما كانوا حملوا الإمارة وقلدوا الأمر في الحقيقة نيابة وأمانة يؤدونها إلى من هو أحق بها .. وهم موالينا الشرفاء ملوك بلاد المغرب الذين شرفت بهم الإمامة والخلافة ، وكل مسلم لا يقول عكس هذا ولا خلافه .. وقد اجتمع المسلمون على أن الإمامة لا تنعقد إلا لمن هو من صحيح قريش، لقوله صل الله عليه وسلم : "الخلافة في قريش " وكون ملوك المغرب أولى بهم من غيرهم "33 

من هذه النصوص نستنتج أن التمكروتي لم ينكر دور العثمانيين في نشر الإسلام، لكنه ينتقل إلى مستوى ثان في التحليل وهو أن العثمانيين جائرون لم يلتزموا العدل بين الرعية ، ثم ينتقل إلى المقصود وهو من الأحق بالخلافة؟، فالتمكروتى كفقيه كان واعيا يضرورة التبعية لسلطة سياسية واحدة وهي الخلافة الإسلامية التي كان يراها من حق الشرفاء السعديين.34

ولعل مسالة تشوف سكان شمال إفريقيا إلى حكم شرفاء المغرب تثير أكثر من سؤال ، فإذا كان الأمر كذلك يقول الدكتور الغاشى لماذا لم يتوجه سكان هذه المناطق إلى طلب التدخل المغربي بدل التدخل العثماني لمواجهة الغزو الإيبري ؟ ثم هل يتطابق تصريح التمكروتي مع أهداف مهمته الدبلوماسية ؟ 35

ولعل هذا ما دفع الدكتور حسن ابراهيم شحادة إلى الاعتقاد بان الرحلة كانت تعكس العلاقات المغربية العثمانية خلال فترة حكم المولى إسماعيل ، والتي تزامنت مع فترة كتابة النسخة المتداولة حاليا، وهو ما يدفع إلى الاعتقاد بان الرحلة قد خضعت لبعض التغييرات.36

ومهما يكن فان هذا يعكس بوضوح الصراع الخفي حول موضوع شرعية الخلافة بين العثمانيين والمغاربة. 

2- العلاقات المغربة العثمانية : من المواجهة والصراع إلى التعاون . 

بوفاة المولى إسماعيل سنة1727 انتهت حقبة من العداء والحذر في علاقات المغرب الخارجية، خصوصا مع العثمانيين الأتراك، و بدا التغير تدريجيا في سياسة البلدين من التوتر والمواجهة إلى المهادنة والتعاون. 

ويتجلى ذلك بداية في التبعية التامة التي أعلنها السلطان المولى عبد الله (1728/1757) للباب العالي، وذلك في رسالة تقول " وأنا أخطب بك في مساجد الجمعة والأعياد كما فعل والدنا مع أسلافكم الجياد ، ولولا أن الغرب صعب المرام ، لاستعملت أقدام الأقدام إلى حضرة ذلك الهمام فهو جدير أن يجعلني من أحبائه، وأن يحمل علي من هذا الخطب عظيم أعبائه، ولبذلت المجهود والمقصود ".37

وإن كان هذا المقتطف يثير قضايا كبرى ومستعصية على الجواب...بين ما له علاقة بالجانب الواقعي في الرسالة وماله علاقة بالجانب الدبلوماسي.38

وباستثناء هذه الرسالة فإن فترة الأزمة السياسية تميزت عموما بانشغال العثمانيين بحروبهم مع روسيا وحلفائها، والمغاربة بخلافاتهم حول السلطة.39

إلا أن العلاقات بين الدولتين المغربية والعثمانية شهدت انقلابا في مسارها خلال النصف الثاني من القرن الثامن عشر، وذلك بعد تولي السلطان المولى محمد بن عبد الله (1757-1790)الحكم، حيث دشن قطيعة حقيقية مع الماضي، إذ نهج سياسة انفتاحية شاملة40، خصوصا مع الإمبراطورية العثمانية، فأصبح التضامن الإسلامي هو المؤطر الجديد للعلاقات المغربية العثمانية خلال هذه الفترة.41

ترى ما هي الأسباب التي ساهمت في تغير نوعية العلاقات بين السلطتين ؟

وماهي الملامح الكبرى لهذه التحولات؟ وإلى أي مدى عكست هذه العلاقات الجديدة ضرورات المرحلة ؟ وماهي المشاكل التي وقفت في طريقها ؟ وكيف تعامل معها الطرفان المغربي والعثماني؟

إن التحولات الكبرى التي عرفتها أوربا خلال أواخر القرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر جعلت البلدين يحسان بالضعف والخطر نتيجة انقلاب ميزان القوى لصالح دار الحرب، وقد تجلى هذا التقارب في مستويات عديدة منها:

أولا: ازدهار الدبلوماسية المغربية والسفارات في اتجاه الدول الأوربية 42، والتي اتخذت من موضوع تحرير أسرى المسلمين محركا أساسيا لها،43 وهذا ما يفسر المبالغ المالية الكبيرة التي أنفقت عليها44.وكانت عملية افتداء الأسرى عامة شملت المغاربة وأسرى رعايا الدولة العثمانية، وقد أظهرت هذه الخطوة السلطان محمد بن عبد الله بمظهر المتضامن مع إخوانه في الدين والساعي إلى خدمة الإسلام والمسلمين.45

ثانيا: بداية التعاون العسكري بين الدولتين هو نتاج للظروف الصعبة التي كان يجتازها الطرفان في صراعهما مع دار الحرب، ففي المغرب كان سيدي محمد بن عبد الله قد أعلن الجهاد من أجل تحرير بعض الثغور المحتلة... أما الدولة العثمانية فقد دخلت منذ 1768 في حرب مع روسيا,46 وقد تمثل هذا التعاون في إرسال المغرب للعتاد الحربي للعثمانيين والعكس47، وكان ذلك يدخل في إطار باب الجهاد وتحرير الثغور.48

ثالثا: تقديم المساعدات المالية التي كانت تدخل ضمن نصرة القضية الكبرى وهي التصدي للخطر المسيحي ضد الدولة الإسلامية49، وافتداء الأسرى من رعايا الدولة العثمانية50 ،فقد أرسل المولى محمد بن عبد الله أموالا كثيرة للباب العالي اظهر بها مشاركته في الجهاد وأنه يمكن أن يعول عليه أكثر من داي الجزائر الذي لم يستطع تقديم أي شيء.51

رابعا: الدعم الديبلوماسي : والذي يتجلى في توزيع السلطان محمد بن عبد الله منشورات على القنصليات الأجنبية بالمغرب سنة 1788 ، توضح موقف المغرب من الروس والنمساويين أعداء العثمانيين .52

خامسا: الدعم المعنوي والروحي والذي تجلى في إقرار السلطان المغربي تعميم الدعاء للسلطان العثماني يوم الجمعة بالنصر على أعدائه الروس53. ..

وهكذا تشير المصادر المغربية إلى أن صلوات الجمعة في المغرب خلال هذه المرحلة كانت تعقبها دعوة" اللهم انصر السلطان عبد الحميد(1774/1789) وجنوده....وكن معه حيث يكون واستعمله بطاعتك في كل حركة وسكون ...وأنزل السكينة على المسلمين واجمع كلمتهم، حتى يكونوا على عدوهم"54.

وكان أيضا من بين الحسابات التي تحكمت في سياسة السلطان محمد بن عبد الله محاولته كسب الباب العالي ليمارس ضغطه على أتباعه في ديوان الجزائر، نظرا للمشاكل التي ظل هؤلاء يثيرونها ملحقين بذلك أضرارا جسيمة بمصالح السلطان ومخططاتها السياسية والاقتصادية.

ولذلك فقد احتل موضوع أتراك الجزائر خلال هذه الفترة جزءا كبيرا في العلاقات المغربية العثمانية، ويؤكد ذلك كثرة المراسلات المغربية بشان هذا الموضوع إلى الباب العالي، ومنها سفارة ابن عثمان المكناسي التي كانت تدخل في إطار الحرب الدبلوماسية ضد أتراك الجزائر ؛ بغية استمالة الباب العالي وتشويه صورة الداي وديوانه ...بإظهار إهمالهم لأسراهم وتقاعسهم عن الجهاد ..ومن هنا نفهم افتكاك محمد بن عبد الله لأعداد كبيرة من أسرى الجزائر وإرسالهم إلى القسطنطينية 55.

وقد نجحت مساعي السلطان المغربي نسبيا في تحقيق هذا الهدف، وهو ما يمكن أن نفسر به عتاب الباب العالي لوالي الجزائر على عدم قبول شفاعة السلطان المغربي في فك الأسيرتين الإسبانيتين ( زوجة وابنة الحاكم الإسباني للمرسى الكبير) وهو الذي افتك مئات من أسرى الجزائر، وقد كان الملك الإسباني كارلوس الثالث طلب من السلطان المغربي التدخل عند الداي الجزائري لفك سراح بعض الأسرى ومنهم الأسيرتين المذكورتين56.

وإذا كانت العلاقات المغربية العثمانية قد شهدت تحسنا كبيرا خلال هذه الفترة، وهو الشيء الذي يمكن أن نفسر به كثرة السفارات بين البلدين، فإنه على العكس من ذلك بالنسبة للأيالة الجزائرية، فالصراع استمر ولم ينقطع، مما يجعلنا نتساءل عن مدى خضوع هذه الأيالة للباب العالي خلال هذه الفترة تحديدا ؟ والى أي حد كان هذا الصراع المحلي يؤثر في الفكرة الجديدة للتعاون المغربي العثماني ؟ 

لقد تسبب الأتراك في مشاكل كثيرة للسلطان المغربي سواء في علاقاته مع الباب العالي أو في علاقاته مع الدول الأوربية خصوصا أسبانيا التي عقد معها معاهدة الصلح والتجارة، فقد كانت القرصنة البحرية الجزائرية ضد السفن الأجنبية في السواحل المغربية، تحرج المغرب مع إسبانيا وتهدد العلاقة السلمية بينهما .

كما أن داي الجزائر تراجع عن اتفاقه مع السلطان بشان العملية المشتركة ضد الثغور المحتلة بكل من المغرب والجزائر، مما أظهر الداي بمظهر الخائن والمتقاعس عن الجهاد57.

وبعد استرجاع المغرب للجديدة ودعوة السلطان للجهاد، والتأثير الإيجابي لعملية تحرير الأسرى الجزائريين من طرف السلطان، جعلته يحضى بشعبية واسعة و بتعاطف وولاء ساكنتها الذين ابدوا حماسا كبيرا للمشاركة إلى جانب المغرب في الجهاد ضد الوجود الإسباني بالسواحل المتوسطية، وقد راسلوه كثيرا للتدخل في الأيالة الجزائرية، ولولا احترام السلطان وتقديره للعثمانيين لأخذ أيالة الجزائر58.

وقد بقي السلطان محمد بن عبد الله رغم مشاكل الأيالة الجزائرية وفيا لعلاقات الود التي ربطها مع الباب العالي إلى آخر أيامه .

أما في عهد المولى سليمان(1792/1822) فقد شهدت هذه العلاقات نوعا من التراجع في مجال التعاون، ربما بسبب سياسة الاحتراز والانغلاق التي سلكها هذا الأخير في علاقاته الخارجية.

فقد طلب الباب العالي من المولى سليمان الانضمام إليه لمحاربة فرنسا59 ، حيث بعث له رسالة تؤكد على أواصر الدين والرابطة الإسلامية التي تجمعه بالسلطان المولى سليمان "..أخانا في الله وصنونا في دين محمد بن عبد الله " 60

ولم يكن هناك تجاوبا إيجابيا للسلطان المغربي مع مطلب الحكومة العثمانية، وذلك حرصا منه على موقف الحياد الذي نهجه اتجاه الخلافات الدولية .

وخلال فترة القرن التاسع عشر، ارتكزت العلاقات المغربية العثمانية على فكرة الإصلاح والتعاون خصوصا في مجال الخبرة العسكرية، ففكرة تحديث الجيش التي شرع فيها السلطان عبد الرحمن ابن هشام (1859/1822) وابنه محمد (1859/1873).. قد تمت بمساعدة تركية، كما أن مسالة التعاون تحكمت فيها ظرفية الصراع الدولي.61

وقد تطورت فكرة التعاون بعد ذلك بين الإمبراطورية العثمانية والدولة المغربية ، حيث أصبح الحديث منذ نهاية القرن التاسع عشر وخصوصا بعد انهزام العثمانيين أمام الروس يتجه إلى تقوية التعاون ضمن خطاب التضامن الإسلامي، أو ما اصطلح عليه مفهوم الجامعة الإسلامية المبكرة ، وذلك في عهد عبد الحميد الثاني (1876/1908).62

ويبدو أن النية والرغبة في التعاون وتطوير العلاقات بما ينفع مصلحة دار الإسلام كانت صادقة بين الطرفين إلا أن الظروف الدولية حالت دون تحقيق ذلك.63

وكخلاصة لهذا الموضوع فإن العلاقات بين المغرب والدولة العثمانية تحكمت فيها إلى درجة كبيرة الثقافة الدبلوماسية، التي من خلالها يمكن استيعاب مظاهر الصراع والخلاف وأيضا التعاون في هذه العلاقات.

فالفرضية القائمة على تأكيد البعد الإسلامي في علاقة البلدين دار إسلام دار إسلام والفرضية الأخرى التي تعتبر أن هذه العلاقات لا تختلف مبدئيا عن العلاقات بين الدول الأخرى فيما بينها لم تستطيعا استيعاب الخلافات القوية والصراعات الطويلة وكذا مظاهر التعاون التي عرفها الطرفان، فإذا كانت الدولتان المغربية والعثمانية تقتسمان مفاهيم مركزية مشتركة في ثقافتهما ، فان دخول عناصر أخرى على الخط مثل صورة الآخر وضرورات المرحلة وطموحات الوطن تساعدنا على إعطاء معنى لفترات التعاون ، وكذلك لبعض أنواع الصراع التي ظلت غير مفهومة.


عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في السبت 05 ديسمبر 2015, 11:16 am عدل 2 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 68936
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

كتب في التاريخ Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتب في التاريخ   كتب في التاريخ Emptyالسبت 05 ديسمبر 2015, 10:50 am

العلاقات العثمانية _ البيزنطية 

صلاح ضبيع

ينتسب العثمانيون إلى قبيلة "القايي" ، إحدى قبائل الغزو التركية التي هاجرت من أواسط آسيا في نهاية الربع الأول من القرن الثالث عشر الميلادي ، بسبب ضغط المغول عليهم تحت قيادة جنكيزخان . 
وكانت هجرة الأتراك العثمانيين بقيادة زعيمهم "سليمان شاه" ، الذي توجه بهم نحو أرمينيا ، حيث استقر هناك في المنطقة الواقعة بين أرضروم وأرزنجان على الفرات ، وكان ذلك في سنة 621 _ 1224م . وقد مكث سليمان شاه في تلك المنطقة مابين ست وعشر سنوات ، ثم ما لبث أن غادرها مع أفراد قبيلته إلى أماسيا بالأناضول حيث استقر هناك ، لكن إقامته لم تدم طويلا ، إذ إنه فكر في العودة إلى تركستان وطنه الأصلي ، غير أن القدر حال دون بلوغ مطمحه ، ذلك أنه مات غريقا في نهر الفرات وهو في طريق عودته ، ودُفن أمام قلعة جعبر ، وحتى يومنا هذا يطلق على هذا المكان اسم ترك مزاري أي "قبر التركي" .
وعلى كل ، فعلى أثر موت سليمان شاه انفرط عقد قبيلته ، حيث عادت بعض بطونها إلى خراسان أمّا البعض الآخر فقد آثر الوجه إلى آسيا الصغرى بقيادة "أرطغرل" ، ابن سليمان شاه ، الذي كان لديه أمل كبير في أن يجد الحماية في دولة سلاجقة الروم في قونية ، التي كان يحكمها آنذاك السلطان علاء الدين كيقباد الأول (1219 _ 1236) . ويًجمع المؤرخون على أن السلطان علاء الدين أقطع أرطغرل وأفراد قبيلته المنطقة الواقعة حول سوجوت كموطن ومرعى لهم في الشتاء ، وجبال طومانيج وأرميني بيله كموطن ومرعى في الصيف ، وقد حدث ذلك حوالي 630م _ 1232م . وهكذا قامت الإمارة العثمانية على أطراف الحدود البيزنطية الأناضولية في المرتفعات الواقعة في أقصى الزاوية الشمالية الغربية من آسيا الصغرى .
وفي المنطقة الجديدة التي استقر بها أرطغرل وأفراد قبيلته بدأ العثمانيون يحضرون لهم كموطئ قدم على خريطة العالم . وعندئذ بدأت عجلة الصراع تدور بينهم وبين البيزنطيين في آسيا الصغرى ، فاستولى العثمانيون قي عهد أرطغرل على بعض المدن والقلاع البيزنطية هناك ، كما ساعدوا الدولة السلجوقية في بعض حروبها ضد البيزنطيين . ولكن الصراع بين العثمانيين والبيزنطيين لم يكن قد بلغ أوجه في عهد أرطغرل ، وهذا ما يدفع إلى القول إن هذا الصراع كان يمثل إرهاصات نزاع مسلح سوف يطول أمده .
وقبل المضي قدما في إطلالة على الصراع العثماني البيزنطي ، لابد من الإشارة إلى وضع الدفاعات البيزنطية الآسيوية في النصف الثاني من القرن الثالث عشر الميلادي . فبيزنطة التي تمت استعادتها من اللاتين في سنة 1261م ، كان على رأسها آنذاك الإمبراطور ميخائيل الثامن باليوغوس (1261  _ 1282م) 
VIII  Palaeologos  Michael ، ولكن نظرا إلى أن هذا الإمبراطور كان قد اعتلى العرش البيزنطي في سنة 1259م عن طريق الإغتصاب من أسرة "لاسكاريس" فقد قام بإعفاء أعداد كبيرة من القوات البيزنطية العاملة على حدود بيزنطة الآسيوية التي كانت موالية لهذه الأسرة، خوفا من قيام هذه القوات بالثورة ضده ، أمّا القوات التي بقيت وأيضا السكان فقد أثقل الإمبراطور كواهلهم بالضرائب . وترتب على ذلك تحول القوات البيزنطية العاملة في مناطق الحدود البيزنطية الآسيوية إلى الأتراك العثمانيين، كما نهج نهجهم السكان المحليون في تلك المدن . فقد رأى أن الانضواء تحت الحكم العثماني قد يكون أفضل بكثير من حكم الإمبراطور مخائيل الثامن  وهكذا في الوقت الذي أصبحت فيه الغارات العثمانية على الحدود البيزنطية الآسيوية عنيفة ،كانت المقاومة البيزنطية هناك عاجزة إلى أقصى درجة . 
وعلى ذلك ، عندما اعتلى السلطان "عثمان" (1288 _ 1326م) العرش العثماني خلفا لوالده أرطغرل ، وجد الطريق ممهدا للزحف داخل الأراضي البيزنطية الآسيوية . وفي البداية انتهج عثمان سياسة (فرق تسد) بين قادة المدن والقلاع البيزنطية في آسيا الصغرى ، إذ إنه أقام علاقات صداقة مع بعض القادة ، في الوقت الذي كان معاديا فيه للبعض الآخر ، وبهذه الطريقة نجح في الإستيلاء على العديد من القصبات والقلاع البيزنطية الآسيوية . ومع بداية القرن الرابع عشر الميلادي لم يعد لبيزنطة في الركن الشمالي الغربي من آسيا الصغرى غير مدن بروسة ونيقية ونيقوميدية والأقاليم التي تقع فيها تلك المدن .
ويتطلع السلطان عثمان إلى فتح مدينة نيقية . فيبدأ القلق بالظهور _ لأول مرة _ في مدينة القسطنطينية ، بل إنّ الإمبراطور البيزنطي أندرونيقوس الثاني باليوغوس (1282 _ 1329م) 
Andrnikos II Palaeologos اعتبر عثمان من أخطر القادة الأتراك على إمبراطورية ، فراح يعمل على وجه السرعة لإيقاف تقدمه داخل أراضيه . لذا أرسل لقتاله حملة عسكرية مؤلفة من ألفي جندي من قواته النظامية ، غير أن هذه الحملة هُزمت هزيمة مدوية في 27 يوليو 1301م على مقربة من مدينة قويون حصار (بافيوم) ، الواقعة في ضواحي مدينة نيقوميدية . وليس من شك أن هذا الانتصار أعطى الإمارة العثمانية صفة الاستمراية ومكن لها في آسيا الصغرى .
وبدأت صفحة جديدة من العلاقات السياسية بين العثمانيين والبيزنطيين بعد موقعة بافيوم . فقد زحفت القوات العثمانية على مدينة نيقية وفرضت الحصار عليها ، ولكنها فشلت في أخذها عنوة نظرا لمتانة أسوارها ، فأقام عثمان على مقربة من أبواب قلاعها الحصينة ، وملأ تلك القلاع بالقوات . وكان يهدف من وراء ذلك إلى تجويع سكان المدينة ليُجبرهم في النهاية على الاستسلام .
وعندما رأى قواد المدن البيزنطية في آسيا الصغرى مدى خطورة عثمان على مدنهم ، عقدوا البنية على القضاء عليه . ومن أجل ذلك تكون حلف ضده في سنة 707هـ _ 1307م ، وكان الحلف يهدف إلى مُهاجمة عثمان بغتة في بعض المؤرخين المحدثين أن المقاومة البيزنطية في آسيا الصغرى انهارت تماما بعد سنة 1307م وهذه حقيقة واقعة ، لأن فتوحات عثمان داخل الأراضي البيزنطية سارت بخطى سريعة بعد سنة 1307م ، فتساقطت المدن والقلاع البيزنطية في يده كما تتساقط أوراق الأشجار في الخريف .
وقد أدرك عثمان منذ البداية أن دولته لن يكتب لها الاستقرار إلا بالاستيلاء على مدينة بروسة . ففرض الحصار عليها في سنة 1318، وجرت محاولات عدة لاقتحامها في سنة 720هـ _ 1320م و 722هـ _ 1322م ، غير أنها باءت بالفشل ، لكن الحصار ظل مفروضا عليها إلى أن سلمت في سنة 726هـ _ 6 إبريل سنة 1326م . وتجمع المصادر والمراجع على أن "أورخان" ابن عثمان كان متسامحا مع سكان مدينة بروسة ، فقد عاملهم مُعاملة حسنة ، ومن أراد منهم مغاردتها تركه وشأنه، ولم يسمح لأحد أن ينتزع أي شيء من أمتعتهم . والجدير بالذكر ، أنه باستيلاء العثمانيين على مدينة بروسة فقد رسخت أقدامهم في آسيا الصغرى . أمّا على الجانب البيزنطي فقد ضاعت هيبة بيزنطة تماما وغدت نهاية حكمها هناك ظاهرة للعيان .
لكن ، من جهة ثانية ، فإنه عندما سقطت مدينة بروسة في يد العثمانيين كان عثمان يجود بآخر أنفاسه فاعتلى عرش الدولة العثمانية بعده ابنه السلطان أورخان (1326 _ 1359م) وكان أول عمل قام به هو نقل عاصمة دولته من (بني شهر إلى مدينة بروسة) ثم رأى أن إقامة دولة ثابتة الأركان لن يتم إلا بفتح مدينتي نيقية ونيقوميدية البيزنطيين . ومن أجل ذلك واصل زحفه داخل الأراضي البيزنطية ، فاستولى على العديد من المدن والقلاع عن طريق القوة تارة  ، وبالتسليم تارة أخرى ، حتى أمكنه في النهاية قطع خطوط المواصلات البرية والبحرية بين مدينة القسطنطينية ونيقوميدية ، ثم راح يعد العدة لمهاجمة نيقية .
وأثناء ذلك كان الإمبراطور أندرونيقوس الثالث باليولوغوس (1328 _ 1341م) Andronidos III palaeologos قد اعتلى العرش البيزنطي ، فسعى لإنقاذ مدينة نيقية على الأقل وإيقاف التقدم العثماني الجارف تجاه مدينة القسطنطينية . لذلك قاد بنفسه حملة عسكرية عبر بها البسفور ، في أول يونيو سنة 1329م ، وخليج بلكانون (مالتيب اليوم) _ على سواحل خليج نيقوميدية _ نشبت إحدى المعارك القوية في التاريخ بين العثمانيين والبيزنطيين ، وكان النصر حليف العثمانيين بقيادة أورخان ، الذي تعقبت قواته الفلول البيزنطية الهاربة إلى فيلوكرين ، وأعملت فيها القتل . ولقد أصيب الإمبراطور أندرونيقوس في معركة بلكانون وولى هاربا إلى القسطنطينية ، وكان هروبه إيذانا بـ "تخلى ورثة القياصرة عن آسيا الصغرى إلى الأبد " كما قال أحد المؤرخين المحدثين .
وكان أن تقدم السلطان أورخان على رأس قواته بعد موقعة بلكانون _ فيلوكرين إلى مدينة نيقية ، فسلمت إليه دون قتال في 21 جمادى الأولى سنة 731هـ _ 2 مارس 1331م . ويومها سمح أورخان للقائد البيزنطي لمدينة نيقية بمغادرتها على القسطنطينية ، كما سمح أيضا لأهالي المدينة بالبقاء فيها أو مغادرتها أنّى شاءوا وهذا يدل على سماحة الدين الإسلامي وحكمة أهله . ولا شك انه بسقوط مدينة نيقية في يد العثمانيين ، فقد انتهت سلطة الإمبراطورية البيزنطية في آسيا الصغرى .
واصل السلطان أورخان فتوحاته داخل الأراضي البيزنطية الآسيوية فاستولى _ بمساعدة ابنه سليمان _ على بغض القلاع والقرى البيزنطية . وفي سنة 1333م عُقدت مُعاهدة سلام بين العثمانيين والبيزنطيين . ولكن هذه المُعاهدة لم تمنع العثمانيين من مُهاجمة الأراضي البيزنطية ، ففي سنة 1337م هاجمت البحرية العثمانية ضواحي مدينة القسطنطينية في أوروبا ، غير أن الأسطول البيزنطي تمكن من إبادة معظم السفن العثمانية .
ولم بكن السلطان أورخان بالرجل الذي يقبل الهزيمة , فلأجل الانتقام لنفسه قاد قواته على الفور وشد الحصار على مدينة نيقوميدية ، وبعد عدة جولات من المفاوضات سلّمت المدينة ، وغادرتها حاكمتها تحت حماية العثمانيين ، أما السكان فقد خيرهم السلطان أورخان بين الرحيل أو البقاء . وقال لأتباعه : "عليكم مُراعاة ألا يضيع لسكان المدينة الذين رغبوا في الرحيل أي شيء حتى لو كان مجرد قشة ، لأننا لسنا خائنين لعهودنا" . وعلى أية حال ، باستيلاء السلطان أورخان على مدينة نيقوميدية فقد سقط آخر معقل للبيزنطيين في الركن الشمال الغربي من آسيا الصغرى ووصلت حدود الدولة العثمانية إلى البوسفور . وعند ذلك أصدر الإمبراطور أندرونيقوس الثالث باليوغوس مرسوما حذر فيه بإعدام كل من يُرسى سفينة أو مركبا على سواحل هذا المضيق أو سواحل مضيق غاليبولي . إذ إن الإمبراطور كان يأمل في أن تكون الحواجز الطبيعية سدا بينه وبين السلطان أورخان ، الذي كان يفكر آنذاك في عبور هذه المضايق إلى أوروبا .
وجاءت للسلطان أورخان أخيرا الفرصة . فعلى أثر وفاة الإمبراطور أندرونيقوس الثالث باليوغوس في 14 _ 15 يونيو 1341م ، نشبت حرب أهلية طاحنة على العرش البيزنطي ، بين الإمبراطورة آنا Anna _ أرملة أندرونيقوس والوصية على ابنه يوحنا وبين يوحنا كوزانوس الذي كان هو الآخر وصيا عليه . فاستعانت الإمبراطورة آنا بالسلطان أورخان ، الذي مدّ لها يد العون . ولكن عندما وجد يوحنا كانتا كوزانوس أنه لن يحسم مسألة العرش البيزنطي لصالحه إلا بمساعدة أورخان ، فقد طلب منه المساعدة مُقابل زواجه من ابنته تيودورا . فألقى أورخان بثقله إلى جانب كانتا كوزانوس حتى رجّعه كفته في هذه الحرب سنة 1347م ، ومكنه من أن يكون إمبراطورا شرعيا مع يوحنا بن أنرونيقوس الثالث .
وفي سنة 1347م تقابل السلطان أورخان مع كانتا كوزانوس في اسكوتاري ، وفي هذه المُقابلة طلب كانتا كوزانوس (مُساعدة أورخان ضد العرب ، فاستجاب أورخان) . ولكن علاقات الصداقة والمصاهرة بين أورخان وكانتا كوزانوس لم تمنع القوات العثمانية من مُهاجمة الأراضي البيزنطية في أوروبا ، لكن ذلك الهجوم باء بالفشل ومرة أخرى يطلب كانتا كوزانوس المُساعدة من أورخان ضد العرب ، فأرسل إليه الأخير المُساعدات في سنة 1349م ، وكانت عبارة عن عشرين ألف جندي . وسنة 1352م تمكنت القوات العثمانية من إبادة القوات الصربية في معركة إيمبيثيوت على نهر مايتزا . 
وفصل الخطاب ، أن الأتراك العثمانيين كانوا هم فقط المستفيدين من الحرب الأهلية البيزنطية ، لأن هذه الحرب مكنتهم من عبور المضايق الذي ترتب عليه الاستقرار في البلقان .
لم يترك العثمانيون الفرصة التي لاحت لهم بسبب الانقسامات الداخلية على العرش البيزنطي تمر دون الاستفادة منها ، لا سيما بعد أن أصبحوا ملمين بالوضع في منطقة البلقان . وتقول الأقاصيص إن سليمان بن أورخان تمكن في إحدى الليالي من عبور الدردنيل مع بعض رجاله على بعض الألواح الخشبية واستولى على قلعة تذيمب في سنة 1352م . ودارت المفاوضات آنذاك بين أورخان وابنه سليمان وبين الإمبراطور يوحنا كانتا كوزانوس من أجل تسليم الأراضي التي استولى عليها العثمانيون في أوروبا إلى البيزنطيين ولكنها باءت بالفشل . ولقد اعتبر الشعب البيزنطي الإمبراطور يوحنا كانتا كوزانوس مسؤولا عن الاستقرار العثماني في البلقان الأمر الذي دفع الإمبراطور إلى التنازل عن الحكم في 4 ديسمبر سنة 1354م .
وبصرف النظر عن الجالس على العرش البيزنطي ، فإن عجلة الفتوحات العثمانية التي بدأت دوراتها في الأراضي البيزنطية في البلقان لم تتوقف ، إذ إن سليمان واصل فتوحاته ، فتساقطت المدن والقلاع في يده ، والتي كان من أهمها مدينة ديموتيقية سنة 1357م . وفي أثناء ذلك خطف بعض القراصنة البيزنطيين خليل بن السلطان أورخان ، وتم التحفظ عليه في مدينة فوكيا الجنوبية ، ولكن الإمبراطور يوحنا الخامس باليولوغوس _ تحت ضغط أورخان _ تمكن من إطلاق سراحه بعد دفع فدية مالية ضخمة .
على أية حال ، اعتلى السلطان "مراد الأول" (1359 _ 1389م) العرش العثماني في سنة 1359م، بعد وفاة والده أورخان ، ولم تتوقف الفتوحات العثمانية في عهده ، والتي كان من أهمها مدينة أدريانوبل (أدرنة) في سنة 1361م ، وفيليبوبوليس سنة 1363م . وعندما شعر الإمبراطور يوحنا الخامس بخطورة وضعه عقد مُعاهدة سلام مع السلطان مراد الأول ، اعترف فيها بالسلطان سيدا له .
والحقيقة أن البابوية تغاضت تماما عن الفتوحات على حساب البيزنطيين الهراطقة في نظرها . ولكن عندما بدأت هذه الفتوحات تهدد حدود الدول الأوروبية التي تدين بالمذهب الكاثوليكي والخاضعة لطاعة البابوية الروحية ، سعى البابا أوربان الخامس (1362 _ 1370م) Urban V ، لإعداد حملة صليبية ضد العثمانيين . وقاد هذه الحملة أماديو السادس كونت سافوي ، ولكنها لم تستول من العثمانيين إلا على مدينتي غاليبولي سنة 767هـ _ 1366م ، وبعض القلاع على الساحل الأوروبي لبحر مرمرة ، ثم قفل أماديو عائدا لأوروبا في سنة 1367م.
وفي سنة 1369م قام الإمبراطور يوحنا الخامس باليوغوس برحلة إلى الغرب الأوروبي اعترف فيها بالديانة الكاثوليكية ، لكي يتمكن من طلب المساعدة من الغرب ، ولكنه لم ينل سوى وعود جوفاء وعندئذ أدرك أنه ينبغي عليه اتخاذ خطوة لا بد منها ، فأقدم على إقامة مُعاهدة سلام مع السلطان مراد الأول سنة 1372م . ولقد أظهرت هذه المُعاهدة مدى ما كان يعانيه الإمبراطور من ضعف . ولك أن تعلم أن الإمبراطور قد تعهد بدفع جزية سنوية إلى مراد ، والاعتراف به سيدا له ومساعدته عسكريا إذا اقتضت الظروف .
وبعيدا عن العلاقة بين الإمبراطور والسلطان ، نرى أنه كانت هناك علاقة من نوع خاص بين ولديهما ، (ساووحي شبلي بن مراد وأندرونيقوس بن يوحنا الخامس) _ و صلت إلى حد اشتراكهما معا في ثورة ضد أبويهما ، سنة 1373م ، بهدف الإطاحة بهما ، وأن يعتلي كل منهما عرش دولته ، ويعيشا معا في سلام ، غير أن السلطان مراد أمكنه القضاء على هذه الثورة ، وقتل ابنه ساووحي أما أندرونيقوس فقد سمل والده عينيه وزج به في الحبس .
لكن فشل أندرونيقوس في ثورته ضد والده يوحنا الخامس والعقاب الذي ألم به من جراء ذلك لم ينهيا طموحاته المتمثلة في الإطاحة بوالده عن العرش البيزنطي . فهرب من سجنه في سنة 1376م ولجأ إلى جنوده في جلاتيا (بيرا) ، واتصل من هناك بالسلطان مراد الأول طالبا منه المساعدة في دخول القسطنطينية مُقابل بعض التنازلات ، فأمده مراد بقوة عسكرية هائلة مكنته من دخول القسطنطينية في 12 أغسطس 1376م . وعندئذ ألقى القبض على والده الإمبراطور يوحنا الخامس وأخويه مانويل وثيودور وزج بهم في السجن .
ولم تمض سوى ثلاث سنوات على سجن الإمبراطور يوحنا الخامس وولديه حتى تمكنوا من الهرب في يونيو 1379م ، وعبروا جميعا البسفور إلى السلطان مراد ، حيث عقد معه يوحنا اتفاقية تعهد له فيها بالعديد من التنازلات مُقابل إعادته إلى عرشه ، فقدم له مراد القوات التي مكنته من دخول القسطنطينية في يوليو 1379م ، وهرب أندرونيقوس إلى جلاتيا ، وفي النهاية توصلت الأطراف المُتصارعة إلى تسوية في مايو 1381م ، والتي بمقتضاها أصبح أندونيقوس وارثا لوالده في حالة وفاته . والمتأمل يرى هنا أن السلطان مراد أصبح هو الحكم بين أفراد عائلة باليولوغوس ، يعزل منهم من يشاء ويولي من يشاء أو يوليهم جميعا حتى غدوا أفصالا له .
وفي أثناء ذلك سعى أحد أفراد أسرة باليولوغوس وهو مانويل ابن الإمبراطور يوحنا الخامس إلى نفض علاقة التبعية للسلطان مراد عن كاهله ، فكان ثمن ذلك استيلاء مراد على مدينة سالونيك في 9 إبريل 1387م ، وهروب مانويل منها وسعيه إلى اللجوء لدى معارفه من الحكام إلا أنهم رفضوا جميعا استقباله بما في ذلك القسطنطينية نفسها ، فما كان منه إلا أن ذهب إلى مراد في بروسه وقدم له فروض الولاء والطاعة فسامحه مراد . ولم يتخلص أفراد أسرة باليولوغوس من علاقة التبعية لمراد إلا بوفاته في معركة كوسوفو Kossovo في 15 يونيو سنة 1389م .
اعتلى السلطان "بايزيد الأول" (1389 _ 1402م) العرش العثماني في أعقاب وفاة والده مراد الأول . فتابع سياسة التدخل في الصراعات العائلية بين أفراد أسرة باليولوغوس . ولقد ظهر ذلك واضحا في مساعدته ليوحنا السابع ابن أندرونيقوس الرابع على دخول القسطنطينية في 14 أبريل سنة 1390م، لكن الإمبراطور يوحنا الخامس تمكن من طرده منها .
ووصلت الأوامر من قبل السلطان بايزيد إلى الإمبراطور يوحنا الخامس ، بأن يرسل إلى الأول مائة جندي بقيادة ابنه مانويل ، ولم يكن أمام الإمبراطور سوى السمع والطاعة . وفي آسيا الصغرى ساعد مانويل السلطان بايزيد في الاستيلاء على مدينة فيلادلفيا ، آخر معاقل البيزنطيين في آسيا الصغرى . وقد استغل الإمبراطور يوحنا فرصة غياب بايزيد في آسيا وأجرى بعض الإصلاحات في أسوار القسطنطينية ، ولكنه ما لبث أن هدمها بأوامر من بايزيد ، الذي هدد بسمل عيني ابنه مانويل وإرساله إليه أعمى . ولم يستطع الإمبراطور تحمل كل هذه الإذلالات فمات كمدا في 16 فبراير سنة 1391م . وعندما وصلت أخبار وفاته إلى ابنه مانويل هرب من معسكر السلطان بايزيد في آسيا واعتلى العرش البيزنطي (1391 _ 1425م) . فتتابعت عليه الأوامر من قبل بايزيد بالعديد من المطالب ، ويومها قال له السلطان : "إذا لم تكن راغبا في تنفيذ أوامري ، فأغلق عليك أبواب مدينتك ، واحكم داخلها ، لأن كل ما هو موجود خلف الأبواب ملك لي" .
ويبدو أن مانويل قد أخذته العزة فرفض تنفيذ أوامر بايزيد ، فدفع الأخير بقواته إلى تراقيا وحاصر القسطنطينية ، ولم يُرفع الحصار إلا بعد استجابة مانويل لمطالب وبايزيد ، والتي كان كن ضمنها إقامة مسجد في القسطنطينية وفي 8 يونيو سنة 1391م قدم مانويل إلى آسيا الصغرى على رأس قواته لمساعدة بايزيد في بعض حروبه هناك ، ولم يُغادرها إلا في يناير سنة 1392م . ولكن بعد اجتماع مدينة سريس شتاء سنة 1393 _ 1394م ، الذي جمع السلطان بايزيد بكل قواد الدول التابعين له قرر الإمبراطور مانويل التخلص من علاقة التبعية لبايزيد .ففرض بايزيد الحصار على القسطنطينية سنة 1394م ، واستولت قواته على كل أملاك مانويل خارجها ، وراح الجميع يترقبون سقوط المدينة في يد العثمانيين . وضاعت نداءات الإمبراطور إلى الغرب الأوروبي بالمساعدة أدراج الرياح ، فلم تصله إلا مساعدة قليلة من فرنسا ، لم تستطع أن تبعد الخطر العثماني عن القسطنطينية . فسافر مانويل بنفسه إلى دول أوروبا متسولا منها المُساعدة لإنقاذ عاصمته ، ولكن لم يُقدم أحد على مساعدته ، فمكث في باريس منتظرا وصول خبر فتح السلطان بايزيد للقسطنطينية .
وعلى أية حال ، فقد جاء إنقاذ القسطنطينية من الشرق وليس الغرب . فقد حدث آنذاك أن عاثت جحافل المغول بقيادة تيمورلنك فسادا في الأملاك العثمانية الآسيوية ، مما دفع بايزيد إلى رفع الحصار عن القسطنطينية والعبور إلى آسيا ، ولكنه لقي حتفه في موقعه أنقرة سنة 1402م . فالتقطت القسطنطينية أخر نفس في حياتها ، الذي أطال في عمرها نصف قرن .
قلبت موقعه أنقرة ميزان القوى لصالح البيزنطيين ، بدليل المُعاهدة المذلة التي وقعها "الأمير سليمان" بن السلطان بايزيد مع الإمبراطور الشريك يوحنا السابع سنة 1403م . كما أن هذه الموقعة مكنت الإمبراطور مانويل الثاني من العودة إلى القسطنطينية . وقد واكبت عودته نشوب الحرب الأهلية على العرش العثماني بين أبناء السلطان بايزيد ، فأدلى الإمبراطور بدلوه فيها ، مُساعدا أطرافها كل ضد الآخر ، حتى انفرد السلطان "محمد الأول" (1413 _ 1421م) بالعرش العثماني سنة 1412م . ولقد شهدت العلاقات بين العثمانيين والبيزنطيين هدوءا نسبيا في عهده ، كما أنه كانت تربطه علاقات صداقة مع الإمبراطور مانويل الثاني ، لدرجة أن محمدا أوصى وهو على فراش الموت بوضع اثنين من أولاده الصغار تحت وصاية الإمبراطور .
اعتلى السلطان "مراد الثاني" (1421 _ 1451م) العرش العثماني في أعقاب وفاة والده محمد الأول . وعند ذلك وصلته سفارة من قبل الإمبراطور مانويل الثاني تُطالبه بإرسال اثنين من إخوته إلى القسطنطينية ، كما أوصى والده ، ليكونا تحت وصاية الإمبراطور فرفض مراد ، وأمام هذا الرفض أشعل الإمبراطور الفتنة على العرش العثماني ، بإطلاقه سراح الأمير مصطفى الذي كان يدعى أنه ابن السلطان بايزيد وقدم له المُساعدات العسكرية التي مكنته من القضاء عليه ، ثم أعلن الحرب على الإمبراطور مانويل _ المتسبب في هذه الفتنة _ وحاصر القسطنطينية في يونيو سنة 1422م ، وضيق الخناق عليها حتى أصبحت قاب قوسين أو أدنى من يديه غير أن الإمبراطور الماكر ما لبث أن حرك الثورة ضده في آسيا الصغرى ، الأمر الذي دفعه إلى رفع الحصار عن القسطنطينية والذهاب إلى هناك وحيث تمكن من إخماد تلك الثورة .
وكان الإمبراطور مانويل الثاني قد وقّع في سنة 1424م مُعاهدة مع السلطان مراد الثاني ، تنازل بمُقتضاها الإمبراطور عن كل المكاسب التي حصلت عليها بيزنطة بعد موقعة أنقرة طبقا لمعاهدة سنة 1403م ، ومن ثم ، فإن وضع بيزنطة السياسي في سنة 1424م أصبح نفس الوضع الذي كان قبيل موقعة أنقرة سنة 1402م . غدت القسطنطينية تنتظر مصيرا لا مفر منه على يد العثمانيين .
وعلى أية حال ، عندما اعتلى السلطان "محمد الثاني" (الفاتح) (1451 _ 1481م) العرش العثماني ، بدأ يعد العدة لفتح مدينة القسطنطينية ، فعقد _ في البداية _ اتفاقية سلام مع الإمبراطور البيزنطي الحادي عشر (1448 _ 1453م) ، تعهد له فيها بعدم الاعتداء على القسطنطينية . كلما عقد مُعاهدات سلام أيضا مع العديد من الدول الأوروبية المجاورة لحدوده . وعندما شعر أن وضعه السياسي في أوروبا أصبح آمنا ، عبر إلى الأناضول وقضى على بعض الثورات التي شبت ضده هناك .
وفي أثناء ذلك وصلت سفارة من قبل الإمبراطور قسطنطين إلى السلطان محمد الثاني تُطالبه بزيادة الراتب الذي كان يدفعه لإعاشة أحد أقاربه الموجودين في القسطنطينية ، فانتهز السلطان هذه الفرصة وأعلن الحرب على بيزنطة ، وراح يواصل استعداداته . فأجرى بعض الإصلاحات الإدارية في دولته . كما أقام قلعة "الروملي" على البسفور في 13 أغسطس سنة 1452م ، رغم المحاولات التي بذلها شعب القسطنطينية وإمبراطورهم لوقف بنائها وجمع السلطان أيضا القوات ، وبنى الأسطول ، وصب مدفعا عملاقا ، وصفه أحد المؤرخين المحدثين بقوله : "إن المدفع العملاق كان يساوي بالنسبة إلى عصره قنبلة ذرية" .
وعلى الجانب الآخر ، بذل الإمبراطور قسطنطين قصارى جهده في الاستعدادات للدفاع عن عاصمته . فظهر الخندق المحيط بأسوارها البرية ، ورمم تلك الأسوار ، وبنى الأبراج ، وأقام المتاريس ، وجمع الأسلحة والأطعمة . كما أرسل إلى البابا نيقولاس الخامس (1447 _ 1455م) ، يطلب منه المساعدة ، فأرسل إليه الكاردينال أزيدو لإتمام وحدة الكنائس أولا _ أي قبل المساعدة ، وفي 12 _ 13 ديسمبر سنة 1452م أُعلنت هذه الوحدة في كنيسة آيا صوفيا في القسطنطينية ، ولكنها لم تلق قبولا لدى عامة الشعب البيزنطي ، ويومها قال الدوق الكبير لوكاس نوتاراس Lucas Notaras _ قائد الأسطول البيزنطي والرجل الثاني في الإمبراطورية _ : " إنني أفضل أن أرى عمامة الأتراك حاكمة في القسطنطينية من أن أرى قلنسوة اللاتين " . ووجه الإمبراطور أيضا نداءات وسفارات إلى معظم دول أوروبا طالبا منها المساعدة ، ولكن الوضع السياسي في أوروبا لم يكن يسمح بمساعدة بيزنطة آنذاك ، ولهذا لم تصله سوى بعض المساعدات الضئيلة من جنوة والبندقية .
وبدأت بوادر حصار القسطنطينية تلوح في الأفق بإرسال المدفع العملاق تجاهها في 2 إبريل سنة 1453م ، كما غادر الأسطول العثماني مدينة غاليبولي في نهاية مارس وأول أبريل من نفس العام متجها إلى المدينة أيضا . وفي 23 مارس سنة 1453م تحركت القوات البرية من مدينة أدريانوبل بقيادة السلطان محمد الثاني ، وفي 6 إبريل من نفس العام نصبت تلك القوات خيامها أمام أسوار القسطنطينية .
وأرسل السلطان محمد الثاني سفارة إلى الإمبراطور قسطنطين يعرض عليه السلام مقابل تسليم القسطنطينية ، وتعهد له السلطان بحماية أرواح سكانها وممتلكاتهم ، ولكن قسطنطين رفض فقام السلطان بتوزيع قواده الناحية التي سوف يهاجمها . أما قسطنطين فقد قام هو الآخر بتوزيع قواته على أسوارها من الداخل ، كما أغلق مدخل القرن الذهبي (الميناء الداخلي) بالسلاسل . وبدا الجميع يترقب نشوب القتال .
وفي 11 _ 12 أبريل سنة 1453م بدأت المدافع العثمانية تطلق قنابلها على أسوار القسطنطينية ، فهدمت مساحة كبيرة من السور الخارجي ، وقام البيزنطيون على الفور بإصلاح ما تهدم . وفي 8 أبريل من نفس العام دفع السلطان محمد الثاني بهجومه البري الأول ، ولكنه باء بالفشل . وفي 20 أبريل نشبت معركة بحرية طاحنة في البسفور بين البحرية العثمانية والبيزنطية كان النصر فيها حليف البيزنطيين .
وعندما وجد السلطان محمد الثاني أن بحريته عاجزة عن اختراق السلسلة ودخول القرن الذهبي ، فقام بنقل عدد كبير من سفنه من البسفور إلى القرن الذهبي برا من وراء جلاتيا ، وحدث ذلك في ليلة 22 أبريل سنة 1453م . وتعد هذه العملية مشروعا عملاقا بكل المقاييس ، لا سيما عندما نعلم أن طول الطريق البري الذي سارت عليه السفن بلغ حوالي ثلاثة أميال .
وعندما وجد الإمبراطور قسطنطين أن القسطنطينية أصبحت مُحاصرة من كل ناحية أرسل سفارة إلى السلطان محمد الثاني يُطالبه عن طريقها برفع الحصار عن القسطنطينية وفي مُقابل ذلك سيدفع له الجزية التي سيحددها بنفسه . ولكن السلطان رفض ذلك ورد عليه ردا بليغا قال له فيه : "إمّا أن أحصل على القسطنطينية وإما أن القسطنطينية تحصل عليه" . وعلى أية حال ، انقضت الفترة من 29 أبريل إلى 25 مايو من سنة 1453م في هجمات من قبل العثمانيين ودفاع بطولي من قبل البيزنطيين . ومرة أخرى يعرض السلطان السلام في 25 مايو من نفس العام مُقابل تسليم القسطنطينية ، ولكن الإمبراطور قسطنطين رفض ذلك . وعلى كلّ حدد السلطان محمد الثاني يوم 29 مايو يوما للهجوم الكبير والأخير على القسطنطينية ، ولشحذ همم قواته أباح لهم نهب المدينة لمدة ثلاثة أيام .
وفي ليلة 29 مايو سنة 1453م ، بدأ الهجوم العثماني الكاسح على القسطنطينية . ولكن القوات البيزنطية نجحت في رد الهجمات العثمانية الأولى . وفي أثناء ذلك حدث ما لم يكن في الحسبان ، إذ أن جيوستنياني ، الذي كان يمثل العمود الفقري للدفاع البيزنطي أصيب أثناء القتال ، فغادر أرض المعركة بقواته رغم توسلات الإمبراطور قسطنطين ، الأمر الذي كان إيذانا بانفراط عقد المُقاومة البيزنطية . ولقد استغل العثمانيون حالة الارتباك التي سادت صفوف الجيش البيزنطي بسبب إصابة جيوستنياتي ، وشددوا من هجومهم برا وبحرا ، حتى دخلوا القسطنطينية في 20 جمادى الأولى سنة 857 هـ _ الثلاثاء 29 مايو سنة 1453م .
وبديهي أنه كانت ستحدث هناك حالات من النهب والسلب من قبل القوات العثمانية التي دخلت القسطنطينية . فماذا ننتظر من قوات عانت الأمرين في حصار دام من 6 أبريل إلى 29 مايو سنة 1453م ، وفي هذا الحصار رأوا مقتل إخوانهم . والحقيقة أن اللاتين عندما دخلوا القسطنطينية في سنة 1204م أحدثوا فيها حالات من السلب والنهب فاقت آلاف المرات مافعله العثمانيون في سنة 1453م . وهذا ما عبر عنه أحد المؤرخين المحدثين بقوله : "إن الأتراك العثمانيين تصرفوا في سنة 1453م بإنسانية ولطف أكثر من الصليبيين في سنة 1204م" . والذي يجب أن نعلمه أن نهب وسلب المدينة من قبل قوات السلطان محمد الفاتح لم يستمر ثلاثة أيام كما تعهد السلطان ، لأن السلطان عندما دخل المدينة في منتصف الثلاثاء 29 مايو ، أوقف حالات النهب والسلب .
وبعد . . . . عزيزي القارئ لقد اخذتك معي عبر قصة كفاح طويلة بين العثمانيين والبيزنطيين ، توجت بفتح مدينة القسطنطينية . وأقول لك الآن أن فتح القسطنطينية عل يد العثمانيين يُعد حدثا من أعظم أحداث التاريخ في العالم. فيكفي أن سقوطها كان إيذانا بانتهاء العصور الوسطى وبداية العصور الحديثة ، كان إيذانا بزوال إمبراطورية عاشت قرابة ألف ومائة عام وقيام إمبراطورية . كان إيذانا باستقرار الإسلام في أوروبا وانتشاره في ربوعها . كما أن فتح القسطنطينية حقق الحلم الطويل الذي عمل من أجله سلاطين الدولة العثمانية منذ عثمان (1288 _ 1326م) وحتى محمد الثاني ، الذي نال اسم الفاتح في التاريخ . كما تحقق حُلم المسلمين الطويل بعد أن فشلوا في الاستيلاء عليها قرابة ألف عام .


عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في السبت 05 ديسمبر 2015, 11:16 am عدل 2 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 68936
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

كتب في التاريخ Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتب في التاريخ   كتب في التاريخ Emptyالسبت 05 ديسمبر 2015, 10:51 am

موجز تأريخ العراق: 
من ثروة العشرين إلى الحروب الأمريكية 
والمقاومة والتحرير وقيام الجمهورية الثانية - 
كمال ديب

http://www.filesuploading.com/do.php?downf=1448453819982.pdf



حمل كتاب الموصل في القرن التاسع عشر 
دراسة سياسية - الأب سهيل قاشا



http://www.filesuploading.com/do.php?downf=1443967845531.pdf


حمل كتاب الحركة القومية الكردية 
نشأتها وتطورها - 
وديع جويده


http://www.filesuploading.com/do.php?downf=1446240286821.pdf



السودان صراعات المصالح ورهانات المصير  
جون يونغ

http://www.filesuploading.com/do.php?downf=1448867471631.pdf



حمل كتاب دراسات في المغرب العربي المعاصر - 
محمد علي داهش

http://www.filesuploading.com/do.php?downf=1444677848091.pdf
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 68936
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

كتب في التاريخ Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتب في التاريخ   كتب في التاريخ Emptyالسبت 05 ديسمبر 2015, 11:15 am

العلاقات الخارجية للإمبراطورية الروسية

الإمبراطورية الروسية (1721 - 1917) دول أوروبية تعد من أكبر الدول العظمى في العالم وأحد أهم اللاعبين السياسيين في أوروبا وأسيا، كان للسياسة الروسية بالغ الأثر في رسم الخريطة السياسية للعالم لاسيما في البلقان والقوقاز وأوروبا الشرقية وأسيا الوسطى.

بدأت العلاقات الدبلوماسية بين روسيا ومصر حين أصدرت الإمبراطورة كاترين الثانية عام 1784 مرسوما لتعيين فون تونوس أول قنصل روسي في الإسكندرية[1]. في الواقع بدأت العلاقات قبل ذلك في عام 1774 بعد الحرب الروسية العثمانية حيث دخلت سفن البحرية الإمبراطورية الروسية إلى مياه البحر الأبيض المتوسط منطلقة من بحر البلطيق لمباغتة سفن مؤخرة الأسطول العثماني. في ذلك الوقت أصبحت جزيرة باروس منطقة جذب لمعارضي الإمبراطورية العثمانية ومن ضمنهم مبعوثو محمد علي باشا عام 1768 الذين توجهوا نحو القاعدة الحربية الروسية بالجزيرة. دعم الأسطول الروسي القوات المصرية في هجماتها ضد العثمانيين في عام 1773[1]. وقعت الامبراطورية العثمانية على معاهدة كوتشوك كينارجي بعد حرب الست سنوات التي أقر بموجبها وضع قنصليات روسية ببعض المدن العثمانية ولكن على طول 10 سنوات تملص الأتراك حول هذا البند.رفرف العلم الروسي فوق مبنى القنصلية العامة الروسية في الإسكندرية في 27 يوليو 1785. اندلعت الحرب بين روسيا والعثمانيين مرة أخرى بعد سنتين. ذهب القنصل فون تونوس إلى إيطاليا لكنه عاد إلى دمياط في 1788 واختفى في 1789. أعلن عن قتله وكان السبب الرئيسي وراء ذلك هو عدم تركه ليعترف للعثمانيين تحت التعذيب عن المخططات الروسية المصرية الاستقلالية[1].

العلاقات مع المغرب




بدأ اهتمام روسيا بأفريقيا والمغرب كجزء منها، منذ ايام الامبراطور بيتر الأول وتحدد بتوجهاته نحو توسيع روسيا على المناطق الجنوبية لسواحل البحر الأسود، التي تأتي خلفها مساحات البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي البعيد. حيث اعتمد الامبراطور في ذلك على اعتبارات عسكرية وسياسية وتجارية. ولكن سيادة الامبراطورية العثمانية على الحدود الجنوبية لروسيا حال دون تحقيق ذلك. مرت عشرات السنين قبل أن تتمكن روسيا في سنوات حكم كاترين الثانيةمن التثبت على السواحل الشمالية للبحر الأسود. حينها وبالذات في الربع الأخير من القرن 18 وبواسطة ممثل السلطان محمد الثالث بن عبد الله بمدينة توسكن (إيطاليا)، تم اقامة اتصالات دائمة بين روسيا والمغرب. تبادل رئيسا الدولتين الوثائق التي عبروا فيها عن رغبتهم اقامة علاقات صداقة وعلاقات تجارية تضمن معاملة تفضيلية بينهما. لسنوات طويلة بقيت العلاقات الروسية–المغربية تتم من خلال شخصيات معتمدة من دول أوروبا الغربية، وذلك لان الاتصالات خلال البحر البيض المتوسط لم يكن ممكننا بسبب الصراع التقليدي بين روسيا وتركيا. في البدء كان وزير بلجيكا المفوض ليرعى المصالح الروسية في المغرب، بعدها في (مارس/اذار 1882) انيطت المهمة بممثل إسبانيا الدبلوماسي. وفي أكتوبر/تشرين أول عام 1897 تمت الموافقة على تاسيس قنصلية في المغرب وتعيين قنصل عام بدرجة وزير مفوض[2].
في مايو/ايار عام 1898 وصل بأخيراخت مبعوث الامبراطور إلى المغرب، وبدأ نشاط الممثلية الدبلوماسية الروسية، الذي اثار الكثير من الاقاويل في اوساط السلك الدبلوماسي والقنصلي، على افتراض ارتباطه بفرنسا. اعتمدت السلطات المغربية على مساعدة ودعم روسيا وشكرت نيقولاي الثاني على فتح الممثلية الدبلوماسية الروسية في طنجة. وللتعبير عن امتنانهم لنواياه الطيبة تجاه مملكة الاشراف، قرر السلطان في أبريل/نيسان عام 1901 إرسال بعثة دبلوماسية طارئة إلى روسيا البعيدة برئاسة وزير الخارجية سيدي عبد الكريم بن سليمان. وباخذ بالاعتبار ارتباط المغرب بدول أوروبا الغربية، اوفد السلطان بعثات مماثلة إلى باريس ولندن وبرلين. وصلت البعثة المغربية إلى سانت بطرسبرغ في 20 يوليو/تموز، وفي اليوم التالي طلب رئيس البعثة وزير الخارجية سيدي عبد الكريم بن سليمان عن طريق وزير الخارجية الروسي رسميا مقابلة نيكولاي الثاني، لكي يسلمه رسالة شخصية من السلطان عبد العزيز، وتمت المقابلة في 24 يوليو/تموز. اثار التواجد الروسي في المغرب ردود فعل بين السكان المحليين بين حب الاطلاع والتعجب. وظهر ذلك للمرة الأولى في نوفمبر/تشرين ثاني عام 1899 عندما دخلت السفينة الروسية المدرعة "بيتروبافلوفسك" ميناء طنجة، حيث عرض قائدها على الراغبين الصعود على ظهر السفينة لمشاهدتها. خلال ثلاثة ايام زار السفينة 300 مغربي، ومعظمهم جاء من المحافظات الداخلية للمغرب. واشار بأخيراخت في تقريره إلى وزارة الخارجية إلى تقييمه الإيجابي لهذا العمل وانه انتشرت في المغرب شائعات عن قوة روسيا ورحابة صدر وكرم البحارة الروس، وحسب قوله فان المغاربة اخذهم العجب بالكامل لانه لم يسبق ان دللتهم قيادة اجنبية أخرى. كما أن وجود بعض التتار الذين لهم نفس المعتقد، سهل التحدث معهم وازاد من تعجبهم[2].
في الفترة بين أكتوبر/تشرين أول – ونوفمبر/تشرين ثاني عام 1904 دخلت ميناء طنجة ثلاثة قطعات حربية من اسطول المحيط الهادئ الثاني، المتجه إلى الشرق الأقصى للمشاركة في الحرب مع اليابان. وقام قادة هذه القطعات بزيارة ممثل السلطان، الذي في اجابته على سؤال كيف يوفق بين قواعد الحياد ووجود الاسطول الحربي الروسي في طنجة، ان المغرب يربطه بروسيا اتفاقيات، وهم اصدقاء وليس هناك حسب رأيه ما يمنع توقفها وتزويدها بما هو ضروري في موانئ السلطان. اما ما يتعلق بالسكان المحليين وتحسسهم من تواجد السفن الحربية الاجنبية في المياه الإقليمية للمغرب، فحسب تقييم بأخيراخت استقبلوا الممثلين الروس بمودة. في عام 1905 نشبت أول ازمة مغربية بسبب المنافسة بين دول أوروبا الغربية على مناطق النفوذ في أفريقيا ومن ضمنها المغرب. ولاجل حل الخلافات انعقد مؤتمر الجزيرة الخضراء الدولي. في هذا الوقت ضعف تأثير الامبراطورية الروسية بشكل ملموس على الاحداث الدولية ومنها شمال أفريقيا نتيجة اندحارها في حربها مع اليابان في اعوام 1904- 1905. ولكنها تمسكت بموقفها حول استقلال المغرب والمحافظة على وحدة اراضيه، ومساواة حقوق الدول الاجنبية في هذا البلد. في نفس الوقت عندما طرح وزير الخارجية الكساندر ازفولسكي هذا الموضوع على نيقولاي الثاني، اشار إلى عدم جدوى تحويل القنصلية العامة في طنجة إلى بعثة دبلوماسية مضيفا بأنه عندما يقوم السلك الدبلوماسي باي فعاليات مقررة في مؤتمر الجزيرة الخضراء لم تظهر اي شكوك أو سوء فهم لصلاحيات الممثلية الروسية لكون المكلف بها وزير مفوض وليس سفير. ولتحاشي صرف مبالغ اضافية اقترح الاكتفاء بمنح بوتكين درجة سفير فوق العادة ووزير مفوض فقط وهو ما تم فعله.
فسحت قرارات مؤتمر الجزيرة الخضراء المجال امام فرنسا التي لا فقط توغلت بنشاط في المغرب بل احتلت اجزاء من اراضيه مما اثار عدم رضى ألمانيا. ادت المنافسة الألمانية الفرنسية في المغرب إلى ما يسمى حادث الدار البيضاء (1908-1909). وقفت روسيا في صراع الدولتين العظيمتين إلى جانب فرنسا واستجابة لرغبة فرنسا قررت الحكومة الروسية في مايو/ايار عام 1910 تحويل قنصليتها العامة إلى بعثة دبلوماسية إلا أن المبالغ المخصصة بقيت على مستواها السابق. مما اثارغضب بوتكين ومع ذلك لم يتمكن من الحصول على مبالغ اضافية. إضافة إلى حصول تغير في السياسة العامة للامبراطورية الروسية في المغرب حيث تقرر تبديل وكلاء القناصل الروس بقناصل فرنسيين الذين كان من واجبهم رعاية مصالح المواطنين الروس في هذا البلد. ادت هذه السياسة إلى اضعاف دور الدبلوماسية الروسية في المغرب.وفي يوليو/تموز- أغسطس/اب عام 1910 عين السلطان عبد الحفيظ، الحاج محمد الموكري ذو الاتجاه الفرنسي وزيرا أول وكلفه بوزارة الخارجية والمالية والعلاقات الاجتماعية، كان هذا بداية لاضعاف موقف روسيا في البلد[2].
في عام 1911 عاش المغرب ازمة ثانية والتي كان أساسها تضارب مصالح فرنسا وألمانيا. وانجز اراضي البلاد في عام 1912 بعد توقيع اتفاق الفاس المتضمن الحماية الفرنسية للمغرب ومعاهدة تقسيم مناطق النفوذ في السلطنة بين فرنسا وإسبانيا. ومنذ عام 1912 كانت العلاقات الروسية – المغربية تسير من خلال باريس اومدريد اعتمادا على ذلك كان من الطبيعي ان يغادر (مارس/اذارعام 1912) بوتكين طنجة.وفي فبراير/شباط عام 1913 حولت البعثة الدبلوماسية الروسية إلى قنصلية دبلوماسية عامة. ورفض روسيا في فبراير/شباط عام 1914 لنظام الاستسلام في المغرب والذي عمليا لم تستخدمه. وبسبب الحرب العالمية الأولى وثورة أكتوبر في روسيا والحرب العالمية الثانية انقطعت العلاقة المباشرة بين البلدين لفترة زمنية طويلة والتي اعيدت وتطورت في الخمسينات ولكن بين الاتحاد السوفيتي والمملكة المغربية[2].

العلاقات مع الإمبراطورية العثمانية




بدأت العلاقات بين الإمبراطورية الروسية والإمبراطورية العثمانية في 1568 حينما ساندت هذه الأخيرة الكيانات التركية والإسلامية في روسيا (خانية القرم وخانية استراخان...) مما أدى إلى حدوث صراع بين الإمبراطوريتين. وفي المقابل ساندت روسيا الأقليات المسيحية والسلافية في الإمبراطورية العثمانية للثورة ضد الحكم القائم. روسيا لم تكن دائما تريد تقسيم الدولة العثمانية، خشية ان يؤدي هذا إلى تقوية الإمبراطورية النمساوية[3]. في نهاية المطاف، فإن الرغبة في المرور الحر عبر مضيق البوسفور والشعور القومي السلافي في الداخل دفع روسيا في هذا الاتجاه، مما أدى إلى تدخل حاسم في الحرب الروسية العثمانية (1877-1878). تواجهت الإمبراطوريتان للمرة الأخيرة خلال الحرب العالمية الأولى. بحلول نهاية الحرب أسقطت الإمبراطوريتان[4].

العلاقات مع الدولة القاجارية




لم تكن العلاقات بين الدولتين جيدة، وكانت أسباب النزاع دينية من جهة وسياسية من جهة أخرى فقد كانت الإمبراطورية الروسية تريد إيجاد منفذ للمحيظ الهندي وإلى شبه القارة الهندية[5]. وقد ظهر الخلاف واضحا في عدة مرات، فقد قامت الإمبراطورية الروسية بالتوغل حتى إقليم طبرستان وذلك في عهد بطرس الأكبر عام 1732 واحتفظات بها لتسع سنوات قبل أن تفقدها مجددا، وقد احتلت أقاليم القوقاز بما فيها أذربيجان في العمليات التي استمرت بين عامي 1805-1814، كما أنها احتلت أقاليم آسيا الوسطى في منتصف القرن التاسع عشر[6]، ورغم أن عمليات الغزو العسكري توقفت فيما بعد إلا أن دائرة نفوذها امتدت إلى داخل إيران[7].

العلاقات مع فرنسا[عدل]




أقيمت العلاقات الدبلوماسية بين الإمبراطورية الروسية وفرنسا في عام 1717 عندما قدم أول سفير لروسيا لدى فرنسا أوراق اعتماده الموقعة من قبل بطرس الأكبر[8].
أثارت الثورة الفرنسية سنة 1787 صدى واسعا بين طبقة المثقفين الروس حيث أعلن الكثير منهم مساندتهم لثورة مماثلة في روسيا. ومن جهة أخرى دعت الإمبراطورة كاترين الثانية إلى التحالف ضد فرنسا لتهديد هاجس الثورة لكلالأنظمة الملكية في أوروبا رغم أنها كانت معجبة بأفكار المصلحين الفرنسيين وكانت لها مراسلات مع فولتير وديدرو عبرت فيها عن مساندتها " للاستبداد المستنير " الذي يقضي بكون الملك عادلا وحكيما ومتعلما. يمكن القول أن فولتير لم يكن أديبا فقط بل مستشارا سياسيا للإمبراطورة. عند وفاة فولتير اشترت كاترين مكتبته بكاملها والتي أصبحت علامة للعلاقات بين روسيا وفرنسا[8].
تميز القرن الثامن عشر والقرون التالية في روسيا بولع بأي شيء فرنسي : الموسيقى والأدب والملابس وغيرها، وحتى اللغة الفرنسية التي أصبحت تستخدم للتفاهم بين المثقفين واللغة الأم للعديد من أسر النبلاء. ولم يكن الامبراطورألكسندر الأول بعيدا عن هذه الظاهرة حيث كان من المعجبين بالثقافة الفرنسية ومن المعجبين جدا بعبقرية نابليون.رغم أن ذلك لم يمنع الامبراطور الفرنسي بغزو روسيا سنة 1812. كانت نهاية هذه العملية هزيمة للقوات الفرنسية ودخولالقوات الروسية باريس.
أصبح الحلف السياسي والعسكري الموقع عام 1891 بين روسيا وفرنسا قمة التطور في العلاقات بين البلدين. حيث تضمن الحلف بنوذا تنص على المساعدة المتبادلة في حالة قيام الإمبراطورية الألمانية أو الإمبراطورية النمساوية المجريةبالهجوم على روسيا أو فرنسا. وأصبح جسر ألكسندر الثالث المقام على نهر السين في فرنسا الذي بناه نيكولاي الثاني سنة 1896 وجسر ترويتسكي على نهر نيفا في سانت بطرسبورغ الذي صممه الفرنسيون واللذان أكمل بنائهما في نفس الوقت رمزا للصداقة الروسية الفرنسية والتقارب السياسي والثقافي بين البلدين[9].
سبق قيام الحرب العالمية الأولى تأسيس حلف الوفاق الذي ضم بريطانيا وفرنسا وروسيا والصين. ومنذ عام 1914 حاربت القوات الفرنسية والروسية جنبا إلى جنب ضد الإمبراطورية الألمانية والإمبراطورية النمساوية المجريةوحلفائهما. وبعد ثورة 1917 خرجت روسيا من الحرب ولكن قرر 4400 متطوع روسي القتال إلى جانب القوات الفرنسية والمقدونية. انتهت الحرب العالمية الأولى بانتصار قوات التحالف التي قررت اجتياح أراضي الجمهورية السوفيتية الفتية بهدف إعادة النظام الملكي. وفي عام 1919 نادى كليمانصو الدول الأخرى للمشاركة في فرض الحصار على روسيا السوفيتية وعقد الجنرال الفرنسي جانين اتفاقا مع الكسندر كولتشاك الذي قاد المقاومة ضد السلطة السوفيتية وأصبح قائدا لقوات التحالف في منطقة الشرق الأقصى وسيبيريا. وفي جنوب روسيا كان جيش دينيكين قد حصل على مساعدات عينية ومادية من هذه الدول ومن ضمنها فرنسا التي ساندت بقوة القوات الفنلندية والبولندية في صراعها مع روسيا السوفيتية[10].
بعد قيام ثورة أكتوبر عام 1917 وانتهاء الحرب الأهلية الروسية هاجر حوالي 400 ألف مثقف من روسيا إلى فرنسا حيث أصبحوا جزء من الحياة الثقافية والسياسية والعسكرية الفرنسية.

العلاقات مع إسبانيا




يبدأ تاريخ العلاقات الدبلوماسية بين روسيا وإسبانيا منذ عام 1517، حين بعث كارل الخامس امبراطور الامبراطورية الرومانية المقدسة برسالة رسمية إلى الأمير إيفان الثالث والد إيفان الرهيب وأحاطه علما بانه قد تولى العرش الأسباني وعرض عليه تطوير وتعزيز العلاقات الطيبة بين البلدين ولم تكون العلاقات دائمة. تغيرت الأوضاع في القرن الثامن عشر حين توطدت اركان دولة بطرس الأكبر الروسية، وصارت من عام إلى آخر تبرز بثقة بصفتها عاملا مؤثرا في السياسة الدولية. أدت عملية تحديث كافة اوجه الحياة إلى تنامي النشاط السياسي الخارجي بشكل لا مثيل له، الامر الذي تطلب اجراء تغيير جذري في طرق عمل السلك الدبلوماسي الروسي وهذا ما حدث. في عام 1717 بدأت المراسلات بين سانت بطرسبورغ ومدريد في موضوع إقامة العلاقات الدبلوماسية. واتخذ بطرس الأكبر في عام 1722 قرارا بتوجيه الأمير سيرغي غوليتسين إلى إسبانيا بصفته أول ممثل دائم لروسيا لدى بلاط مدريد. واطلقت على وظيفته تسمية "المبعوث فوق العادة والوزير المفوض". وفي عام 1731 تم استدعاء المبعوث الروسي ايفان شيرباتوف من إسبانيا إلى بطرسبورغ، تعبيرا عن عدم رضا الحكومة الروسية عن تحالف الملك الأسباني فيليب الخامس مع فرنسا وبريطانياضد الامبراطور النمساوي كارل السادس الذي كان آنذاك حليفا لروسيا. وعلى إثر ذلك تم استدعاء المبعوث الأسباني من موسكو. وانقطعت العلاقات بين البلدين لمدة عدة عقود من السنين بذريعة شكلية هي رفض العاهل الأسباني ذكر لقب الامبراطور في رسائله الموجهة إلى القيصر الروسي. وأعطى تولي الملك كارل الثالث العرش الأسباني في عام 1759 دفعة جديدة للعلاقات الروسية الأسبانية. وتزوج الملك الجديد من الأميرة ماريا أماليا ابنة الملك البولندي أغسطس الثالث. وبفضل وجود العلاقات العائلية أصبح من الممكن حل مسألة الاعتراف بلقب القياصرة الروس. وكانت روسيا حينذاك من أقوى الدول الأوروبية من الناحية العسكرية.وغدت ضمانا لوجود السلالة السكسونية في العرش البولندي[11].
وبعد مرور 40 سنة انبثقت مشاكل أخرى في العلاقات بين البلدين. فقد وقع الامبراطور باول الأول في 15 يوليو/تموز عام 1799 مرسوما يقضي بإعلان الحرب على إسبانيا. وسبقت اعلان الحرب اتهامات وجهت ضد الحكومة الأسبانية بشأن انصياع الحكومة الملكية هناك للنظام الثوري الفرنسي "الفوضوي وغير القانوني" الذي كان يواجهه آنذاك تحالف الملوك والقياصرة الأوروبيين. ونص المرسوم على مصادرة جميع السفن التجارية الأسبانية المتواجدة في الموانئ الروسية، كما سمح لقادة الجيوش والاساطيل الروسية بالبدء في شن عمليات حربية ضد رعايا الملك الأسباني. ولم يكن التوجه الأسباني الموالي لفرنسا بحد ذاته مبررا لتفاقم العلاقات الثنائية. فثمة أمر آخر لا يقل اهمية زاد من حدة العلاقات بين البلدين. إذ حدث في يوم 27 أكتوبر من ذلك العام ان اصدر فرسان اخوية مالطا الرهبانية في بطرسبورغ بيانا يعلَن بموجبه الامبراطور 
[rtl]بافل الأول[/rtl]



 الراعي الأكبر للاخوية الرهبانية، فقبل باول الأول هذا اللقب، ثم اعترفت به جميع الحكومات الأوروبية العلمانية. إلا أن بابا روما بيوسْ السادس الذي كان من صلاحياته المصادقة على المرشح لنيل لقب راعي الاخوية الرهبانية الجديد اتخذ موقفا مزدوجا. وكان البابا يدرك ان بوسع بافل انقاذ الاخوية الرهبانية من الزوال بتوليه لرعايته من جهة، ولم يستطع العرش المقدس تسليم إدارة هذه الاخوية الكاثوليكية للقيصر الأرثوذكسي من جهة أخرى. وبهذا السبب فان الفاتيكان لم يصادق رسميا على اللقب الجديد للامبراطور الروسي بل ألمح إلى انه يمكن ان يوافق على وضعه "كأمر واقع". وكانت فرنسا وإسبانيا الدولتين الاوروبيتين الوحيدتين اللتين تخلتا بحزم عن الاعتراف ببافل بصفته الراعي الأكبر لأخوية مالطا الرهبانية[11].
بدأ الوضع السياسي العسكري يتغير في أوروبا بحلول عام 1799 ونسيت بطرسبرغ إسبانيا لفترة ما. وفي خريف عام 1801 فقط تم توقيع معاهدة السلام بين البلدين والتي وضعت حدا للحرب بينهما.علما انها لم تنشب اصلا. حدث توقف آخر في العلاقات بين البلدين في الفترة ما بين عام 1833 وعام 1856، وذلك بسبب رفض الحكومة الروسية الاعتراف بشرعية الملكة الصغيرة السن ايزابيلا الثانية التي كانت تحكم البلاد بوصاية الملكة الارملة ماريا كريستينا. ومنذ النصف الثاني للقرن التاسع عشر حتى قيام الثورة في روسيا عام 1917 شهدت العلاقات الروسية الأسبانية تطورا تدريجيا وهادئا. وانتهت هذه المرحلة في مطلع عام 1918 حين غادرت البعثة الدبلوماسية الأسبانية بطرسبورغ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 68936
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

كتب في التاريخ Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتب في التاريخ   كتب في التاريخ Emptyالسبت 05 ديسمبر 2015, 11:21 am

العلاقات مع الامبراطورية البريطانية




كتب في التاريخ 220px-Great_Game_cartoon_from_1878


روسيا ممثلة بدب وبريطانيا ممثلة بأسد تحاول الانقضاض على أفغاني في اللعبة الكبرى.
كان للامبراطورية البريطانية علاقات قوية بالإمبراطورية الروسية بعد تولي بطرس الأكبر الحكم وحتى سقوط الامبراطورية. في عدة حروب تلاقت الإمبراطوريتان إما حليفتين كمن في حرب الخلافة النمساوية (1740-1748) أو عدوتين كما في حرب السنوات السبع (1756-1763). وحدت الحروب الثورية الفرنسية بريطانيا الدستورية وروسيا الأوتوقراطيةأيدولوجيا ضد الفكر الجمهوري الفرنسي. حاولت الإمبراطوريتان معا وقف فرنسا لكنهما فشلتا في غزو مشترك للأراضي المنخفضة في 1799. احتلت بريطانيا مالطا بينما أصبح باول الأول قائد فرسان القديس يوحنا مما أدى إلى عدم تطبيق المشروع الفرنسي الروسي ضد المستعمرات البريطانية في الهند.
تواجهت الإمبراطوريتان في الحرب الإنجليزية الروسية واتحدتا ضد نابليون في الحروب النابوليونية. أصبحت المسألة الشرقية ومصير الامبراطورية العثمانية محط أنظار روسيا وبريطانيا وتدخلتا في حرب استقلال اليونان (1821-1829) وأجبرا المتنازعين على توقيع معاهدة لندن. لم تحل قضايا الامبراطورية العثمانية بعد وبدأت حرب القرم بتحالف فرنسا وبريطانيا والعثمانيين ضد روسيا.
تطور التنافس بين بريطانيا وروسيا على آسيا الوسطى في اللعبة الكبرى في أواخر القرن 19 حيث طمحت روسيا ولوج المياه الدافئة في المحيط الهندي بينما أرادت بريطانيا منع القوات اروسية من أخذ موقع متقدم لمحاولة الهجوم على الهند. أدى حادث باندجي إلى حالة حرب في 1885. ومع ذلك حدث تعاون في آسيا وخصوصا في ثورة الملاكمين (1899-1901)[12]. في أكتوبر 1905 هاجم أسطول مستنكلي الروسي على قوارب صيد بريطانية فبدؤوا الاستعداد للحرب ة هذا شمل استعدا عدد من الغواصات للهجوم على الاسطول[12]. أدى الوفاق الروسي الإنجليزي إلى اتحاد الامبراطوريتين في اطار الوفاق الثلاثي ضمن قوات الحلفاء ضد دول المحور المركزي في الحرب العالمية الأولى.

العلاقات مع السويد




كانت العلاقات بين الإمبراطورية الروسية والسويد مؤججة بالحروب والنزاعات والنتافس. تحاربت الدولتان في 11 حربا من 1400 حتى 1809. في الحرب الشمالية العظمى أرسل السجناء السويديون بأعداد كبيرة نحو سيبيريا. حيث شكلوا 25 % من ساكنة توبولسك عاصمة سيبيريا وبعضهم استقر حتى موته. كانت إستونيا تحت الحكم السويدي في 1558-1710 لكن في 1721 أخذت روسيا الحكم. كل الإستونيين-السويديين في جزيرة هيوما أجبروا على الهجرة إلى روسيا الجديدة (الواقعة في أوكرانيا حاليا) بأمر من كاترين الثانية حيث شكلوا قرية خاصة بهم. بعد انتهاء آخر حرب سويدية روسية, دخلت فنلندا في الحكم الروسي ولم تنل استقلالها حتى 1917[13].

العلاقات مع هولندا




يدل بعض المنابع على ان تاريخ العلاقات التجارية بين روسيا وهولندا يعود إلى القرنين العاشر والحادي عشر الميلاديين. اما العلاقات المنتظمة فاقيمت بين البلدين في أواخر القرن السادس عشر–مطلع القرن السابع عشر حين نال التجار الهولنديون حق ممارسة التجارة الحرة في الاراضي الروسية. وبدأ تبادل البعثات المؤقتة بين البلدين منذ عام 1646، وفي عام 1660 وجهت روسيا إلى هولندا سفيرا دائما لها. وترتبط المرحلة الجديدة في تطورالعلاقات بين البلدين بزيارتين قام بهما القيصر الروسي بطرس الأول إلى هولندا في عامي 1697 و1716. وفي عام 1699 اقامت روسيا ممثليتها الدبلوماسية الدائمة في هولندا. اما الهولنديون فكانوا يعملون في روسيا على البناء والتجارة وتدريس الطلبة[14].
في عام 1799 حقق الاسطول الروسي انزالا بحريا في مدينة بيرغن الهولندية وحررها من احتلال نابليون. ونصب الهولنديون ذكرىً على ذلك في هذه المدينة تمثالا للبحارة الروس اطلق عليه اهالي المدينة تسمية "الصليب الروسي". كما يتذكر الهولنديون بشكر بالغ ان القوات الروسية شاركت في تحرير البلاد من قوات نابليون عام 1813. وفي عام 1814 زار هولندا الامبراطور ألكسندر الأول الذي لعب دورا هاما في استعادة سيادة هذه الدولة. ووقعت في شهر سبتمبر عام 1846 بين روسيا وهولندا اتفاقية التجارة والملاحة التي اثبتت لاول مرة بشكل قانوني مبدأ الأفضلية القصوى في العلاقات التجارية.
وفي عام 1899 عقد في مدينة لاهاي العاصمة الهولندية الثانية بمبادرة من الامبراطور نيكولاي الثاني وبمشاركة روسيا النشيطة المؤتمر الدولي في موضوع الحل السلمي للنزاعات الدولية والتخفيف من ضراوة الطرق تلجأ إليها العمليات الحربية. وقد وُضعت في هذا المؤتمر اسس للقانون الدولي المعاصر.
بعد قيام ثورة عام 1917 في روسيا انكمشت العلاقات السياسية بين الدولتين. لكن العلاقات التجارية كانت ما زالت قائمة[14].

العلاقات مع الولايات المتحدة




بدأت العلاقات بين الولايات المتحدة والإمبراطورية الروسية في العام 1776، عندما أعلنت الولايات المتحدة استقلالها عن الامبراطورية البريطانية، وأصبحت دولة[15]. وقعت الاتصالات بين الأميركيين والروس حيث في 1698، اجتمعبطرس الكبير ووليم بين في لندن وفي عام 1763 رست سفينة تاجر من بوسطن في ميناء كرونشتادت بعد رحلة مباشرة عبر المحيط الأطلسي. خلال القرن 19، الحدود الروسية والاميركية اجتمعت في ألاسكا. خلال الحرب الأهلية الأمريكية كانت روسيا واحدة من القوى الأوروبية القليلة التي قدمت الدعم الكامل للاتحاد[16]. هذا كان الدافع بين فتور علاقات فرنسا وبريطانيا مع روسيا والأمل في دعم الولايات الكونفدرالية الأمريكية. بحثت فرنسا وبريطانيا الحرب مع روسيا في ذلك الوقت على تصرفات هذه الأخير في مضيق البوسفور. نتيجة لذلك، خلال شتاء 1861-1862، أرسلت قوات البحرية الإمبراطورية الروسية اثنين من الأساطيل البحرية للانضمام إلى الاتحاد ،لعدم تركهما عالقين في الثلج، وبالتالي تتجمد لاستخدامها المحتمل ضد القوات الفرنسية والبريطانية.
في عام 1867، تم شراء آلاسكا الروسية من قبل الولايات المتحدة[15][17]. ادعت الولايات المتحدة ملكية جزر هيرالد وبينيت وجانيت وهنرييتا في عام 1881. في عام 1900، كانت الولايات المتحدة وروسيا حليفتين خلال ثورة الملاكمين. هزم المتمردين البوكسر سلالة تشينغ. وكانت روسيا قد احتلت منشوريا في هذا الوقت. خلال الحرب العالمية الأولى، تحالفت الولايات المتحدة مع روسيا في عام 1917.




العلاقات التركية الروسية 
دراسة في الصراع والتعاون -
 أحمد نوري النعيمي

http://www.filesuploading.com/do.php?downf=1448451452283.pdf
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
كتب في التاريخ
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» خطابات حفظها التاريخ وخطابات صنعت التاريخ
» زَوَرّوا لنا التاريخ لنبقى خارج التاريخ..
» بحث عن عصر ما قبل التاريخ ،
» شيئ من التاريخ
» شعب هزم التاريخ

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: التاريخ-
انتقل الى: