منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 فن المسرح، وتاريخه

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70237
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

فن المسرح، وتاريخه Empty
مُساهمةموضوع: فن المسرح، وتاريخه   فن المسرح، وتاريخه Emptyالثلاثاء 12 أبريل 2016, 1:32 am

فن المسرح، وتاريخه



فن المسرح، وتاريخه BOlevel2369   المقدمة
فن المسرح، وتاريخه BOlevel2371   نشأة المسرح وتطور الفن المسرحي
فن المسرح، وتاريخه BOlevel2372   المذاهب المسرحية
فن المسرح، وتاريخه BOlevel2373   عناصر الفن المسرحي
فن المسرح، وتاريخه BOlevel2374   الفنون المسرحية
فن المسرح، وتاريخه BOlevel2375   المسرح العربي
فن المسرح، وتاريخه BOlevel2370   الملاحق
فن المسرح، وتاريخه BOlevel2376   الصور
فن المسرح، وتاريخه BOlevel2377   الأشكال
فن المسرح، وتاريخه BOlevel2378   المصادر والمراجع



       
المقدمة

كان المسرح وما يزال هو النقطة التي يبدأ منها، عادة، انطلاق الشرارة نحو الثقافة والتطور والمساعدة في تطوير المجتمعات، والوصول إلى حال أفضل. وعلى مر الأزمان خضع للتحوير والتشكيل سواء كان ذلك في شكل خشبته، أم في شكل العروض التي تمثل داخله، بل إن دور التمثيل نفسها كانت موضعاً للتغيير والتبديل، فقدم الأدب المسرحي في الميادين، وخارج المعابد، وداخل الكنائس، ومرّ بمراحل كثيرة حتى أقيمت له دور التمثيل الحالية.

نشأت الدراما، أي المسرحية، من الاحتفالات والأعياد "الديونيزية" Dionysus، ومن الطقوس والرقصات والأناشيد التي كانت تُنشد، ومن المواكب التي كان يقيمها اليونانيون القدامى، وكان المكان المُعد لتلك الحفلات يسمى مسرحاً.

المسرحية، أو الدراما العالمية الحالية، وهذا المسرح الجماعي الذي نعيش فيه من الرقص البدائي إلى التمثيلية الحديثة التي تشبه العرض الصحفي، ومن الطقوس الدينية إلى التمثيل الدنيوي، ومن المأساة اليونانية إلى خطافات الصور المتحركة، كل ذلك في مظاهره المربكة المحيرة يسجل لنا تعريفات عن المسرح وعن المسرحية أو الدراما، وإذا استطاع أحدنا أن ينشر صورة للمسارح المختلفة التي تمثل فوقها الحياة، لأدرك من فوره أنه لا يمكن أن يهتدي إلى التعريف الجامع المانع، الذي يتسع للتعبير بالكلام عن عناصر الفن وطرزه، وأحواله، وعن مظاهر الحياة المسرحية والتمثيلية واتجاهاتها. إن الفن المسرحي هو الفن الذي تلتقي عنده جميع الفنون، إذ ليس بين الفنون فن كفن المسرح استطاع أن يصل موهبة الخلق الفني الغامضة بموهبة التلقي والاستقبال.

المسرح ليس مجرد وسيلة ترفيهية، وإنما يتخطى دوره ذلك. ففي فترات عظمته جاهد كتابه وممثلوه ومخرجوه، في اكتشاف نواحي الجمال فيه؛ ففن المسرح يعتمد في جوهره على حصيلة المعرفة في شمولها العام، وعلى قدرة الإنسان على الاستكشاف والتعجب والتأمل.

كان المسرح عند الإغريق مظهراً دينياً، وعند الرومان ما يشبه المتعة الرخيصة، التي يتكفل بها الرقيق من أجل الترفيه عن مالكيهم، وكان للكنيسة في عهدها الأول شراً ينبغي استئصاله، غير أن الكنيسة عادت بعدها بعدة قرون، تحتضن مسرحيات الأسرار والمعجزات، كما بات جمهور اليوم يسترجع الأعمال الجيدة للمسرحي اليوناني "سوفوكليس Sophocles "، والإنجليزي "وليم شكسبير William Shakespeare "، والسويدي "أوجست سترندبرج August Strindberg "، بتقديس، ويظن بعض النقاد أن هؤلاء الكتاب، ليسوا بشراً عاديين.

إن المسرح بسبب إسهامه في تلبية احتياجات الإنسان الجمالية والذهنية، وبسبب نوع الجمهور الذي يرتاده، وبسبب الرابطة الوثيقة، التي تربط جمهوره بممثليه، ثم بسبب مختلف القيم الأخرى، لكل هذه الأسباب يبدو مقدراً له أن يعيش بضعة آلاف أخرى من السنين. وحتى لو كتب للمسرح المختلف أن يحقق تنبؤات المتشائمين القديمة، ويحل به الموت فسوف يبقى المسرح التربوي حقلاً طبيعياً للتدريب، ونقطة انطلاق للطالب، في أي فرع من فروع الفنون المسرحية، إذ إن المسرح الحي هو الجذر، الذي تولدت عنه بقية الفروع الأخرى.

وإذا كانت النهضة المسرحية تعتمد على البحوث والدراسات والتجارب، في مجال الفنون والآداب المسرحية فإن الثقافة المسرحية تضيف كذلك التعريف بالتراث المسرحي، بما تقدمه من مؤلفات وترجمات تهم المتخصصين والعامة، على السواء.

 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70237
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

فن المسرح، وتاريخه Empty
مُساهمةموضوع: رد: فن المسرح، وتاريخه   فن المسرح، وتاريخه Emptyالثلاثاء 12 أبريل 2016, 1:34 am

نشأة المسرح وتطور الفن المسرحي

   عند ذكر كلمة "مسرح" نفكر في نوع خاص من الترفيه، أو في مبنى معين مُعد ومجهز لتقديم هذا النوع من الترفيه. ويأمل البعض في قضاء وقت ممتع مع الضحك، أو قصة شيقة للهروب من مشقة اليوم. والمسرح، مثله مثل كافة الفنون، ترجع نشأته إلى السحر، أي إلى محاولة التأثير على الطبيعة بقوة إرادة الإنسان، وإحالة الأفكار إلى أشياء.

وفي الأزمنة الأولى من المسرح كان كل فرد ممثلاً، ولا تفرقة بين الممثل وبقية القبيلة، والدنيا هي المسرح. وكانت منصة التمثيل مكاناً مقدساً، وكان الحاضرون نوعين: مؤدين ومريدين. وبعد ذلك كانت المنصة هي المسرح، ولا يفصل بين الممثلين والنظارة سوى خليج مجازي معنوي، يصبح أخيراً خليجاً مادياً محسوساً. وأخيراً أصبح يفصل بين الممثل ومشاهديه آلاف الأميال.

وبين بداية المسرح وما انتهى إليه شبه غريب، من حيث إن مكان التمثيل هو الدنيا. وتطورت الدراما تطوراً جبرياً في عدة مراحل، ويمكن أن يطلق عليها التاريخ الطبيعي للدراما، وهذه المراحل هي: الدراما بوصفها سحراً، والدراما بوصفها ديناً، والدراما بوصفها زخرفة، والدراما بوصفها أدباً، والدراما بوصفها علماً.

وفنون المسرح فنون متكاملة، وبالأحرى فنون يكمل بعضها بعضاً، وليس منها فن يمكن أن يقوم بنفسه، بحيث لا تربطه ببقية الفنون المسرحية الأخرى رابطة أو وشيجة، ومن ثم لا بد لمن يدرس أحد هذه الفنون، أن يلم إلماماً كافياً ببقية الفنون المسرحية الأخرى. فالممثل يجب أن يتعرف بعمق على تاريخ المسرح، منذ أن نشأ قبل العصور التاريخية حتى اليوم. وتاريخ المسرح يشمل نشأة التمثيل، منذ أن كان رقصاً بدائياً، وإنشاداً دينياً، ثم تطوره بعد ذلك مع تطور الأغنية الإنشادية الراقصة، ومصاحبة الموسيقى ودق الطبول لها، حتى ظهرت المسرحية، التي حوّلت نواة هذه الأغنية، التي كان البدائيون يتعبدون بها، لخالق الكون المحيط بكل شيء.

وإذا كان الممثل في حاجة إلى تلك المعرفة ببدايات فكرة المسرح ليجيد تمثيله، فالمخرج أشد حاجة منه؛ لأنه المهندس المسرحي الأكبر، الذي يرسم كل شيء، ويضع لكل حركة تقديرها.

إن الثقافة المسرحية الواسعة، تؤدي إلى فن مسرحي عظيم. وقد كان أعظم الكتاب المسرحيين في تاريخ المسرح، هم أولئك الكتاب الذين شبوا في كنف المسرح، وتربوا في أحضانه، ونهلوا من موارده مباشرة. كان أولئك يكتبون وفي بالهم ظروف مسارحهم وإمكاناتها وفي حسبانهم كل صغيرة وكبيرة، مما يمكن تنفيذه لما يدور في أذهانهم، وتخطه أقلامهم.

ما سبق يسّر مهمة المخرج، والممثل، ومصمم الديكور، ومهندس الإضاءة، بل يسّر مهمة عمال الأثاث، ومغيرو المناظر.

إن المسرحية أو الدراما، من الرقص البدائي إلى التمثيلية الحديثة، ومن الطقوس الدينية إلى التمثيل الدنيوي، ومن المأساة اليونانية إلى "الصور المتحركة"، كل ذلك في مظاهره المربكة المحيرة يسجل تعريفاً عن "المسرح" وعن "المسرحية" أو "الدراما". لذلك لا يمكن الاهتداء إلى تعريف محدد للمسرح الذي هو ملتقى كل الفنون.

وقد ألف المؤلفون وترجم المترجمون كتباً كثيرة في كل موضوعات المسرح على حده "الإخراج والتمثيل، والإضاءة، والديكور، الخ"، ومن ثم كانت كتباً لا ينتفع بها إلا المتخصص في أي فرع منها، وحتى هذا المتخصص لا يكاد ينتفع بما يجده في كتابه هذا، إلا إذا أقام الصلة بين الفرع الذي يدرسه من فروع الفن المسرحي وسائر هذه الفروع.

يأتي الرقص في المرتبة الأولى مباشرة بعد ما تؤديه الشعوب البدائية من الأعمال التي تضمن لها حاجاتها الضرورية المادية من طعام ومسكن.

والرقص أقدم الوسائل التي كان الناس يعبرون بها عن انفعالاتهم، ومن ثم كان الخطوة الأولى نحو الفنون، بل إن الإنسان المتحضر في الزمن الحديث بالرغم من النواهي والمحظورات التي يتلقنها، وروح التحفظ التي يشب عليها، يعبر عن انفعالاته المفرحة بطريقة غريزية، والإنسان البدائي، بالرغم من فقر وسائله التعبيرية، وقلة محصوله من أوليات الكلمات المنطوقة، كانت وسيلته الشائعة في التعبير عن أعمق مشاعره هي الحركة الرتيبة الموزونة. وإذا كان القمر والشمس يطلعان ويغربان في نظام ثابت، وكانت ضربات قلبه ضربات إيقاعية، فقد كان طبيعياً لهذا السبب أن يبتكر الحركة الإيقاعية يعكس بها ما يخامره من فرح وبهجة.

وكان هذا الإنسان البدائي يرقص بدافع المسرة، ولكون الرقص طقساً دينياً فهو يتحدث إلى آلهته بلغة الرقص، ويصلي لهم ويشكرهم، ويثني عليهم بحركاته الراقصة، وإذ لم تكن هذه الحركات شيئاً مسرحياً مؤثراً أو تمثيلياً، إلا أن حركته المرسومة ذات الخطة كانت تنطوي على نواة المسرحية أو بذرة المسرح.

والدراما التي من هذا القبيل، وهي الفن الذي يكون فيه الفعل مادة محورية أصيلة، لم تنشأ من الرقص البدائي فحسب بل حين يجري التزاوج فيما بعد بينها وبين الشعر.

وإذا كانت رقصات الطقوس الدينية، ورقصات الزواج هي جذور التراجيديا أو الميلودراما الحديثة، فلا يمكن على وجه التحديد معرفة أي نوع من الرقص المضحك كانت قبائل ما قبل التاريخ تمارسه.

ولا يعرف أحد متى كتبت أول مسرحية تحديداً، وإن كان التاريخ يرجع بتاريخ المسرح إلى عام أربعة آلاف قبل الميلاد، ولا شك أن المسرح يعود إلى أبعد من ذلك، ولكن البداية الحقيقية التي تعنينا وتحدد نشأة المسرح تحديداً نسبياً هي بداية المسرح في بلاد اليونان خلال القرن الخامس قبل الميلاد. وأول تاريخ مهم يصادفنا هو عام 535 قبل الميلاد، ففي ذلك العام فاز "تيسبس" الذي يُعدّ بحق أول ممثل في أول مسابقة تراجيدية. غير أن أهمية هذا الخبر تتضاءل إلى جانب حقيقة كبرى ثابتة على وجه اليقين هي أن مدينة أثينا، تلك المدينة اليونانية، قدمت للعالم فجأة وخلال قرن واحد فيما بين القرن الخامس والرابع قبل الميلاد أربعة من أكبر كتاب المسرح، إن لم يكونوا هم آباء المسرح الحقيقيين الذين لا آباء قبلهم وهم: "أسخيلوس Aeschylus" و"سوفوكليس" و"يوربيدس Euripides" و"أريستوفنس  Aristophanes".

وإذا وقفنا على النواة الأولى لبدء فكرة المسرحية أو الدراما وهو الرقص، فإن التأريخ لم يجلب الكثير عن المسارح ذاتها، حيث لا نستطيع الاستنتاج إلا شيئاً قليلاً، حيث كانت تقام الاحتفالات في الطرقات وفي الدروب، حيث يلتف العامة حول مقدمي تلك العروض الراقصة. وهؤلاء العامة من يمكن أن نطلق عليهم الجوقة، والراقصين من يمكن أن نطلق عليهم الممثلين. على أن ثمة عادة من عادات الرقص الظاهرية انتشرت انتشاراً ملحوظاً وهي عادة استعمال الأقنعة، إننا لا نجد في المتاحف الاثنوجرافية[1] Anthological شيئاً هو أكثر استرعاء للأنظار من الأقنعة ذات الألوان الصارخة التي كانت تستعمل في الطقوس الدينية.

أما عن القصة المسرحية فقد ذكر "روبرت أدموند" المؤرخ المسرحي وصفاً تخيلياً لمثل هذه النشأة التلقائية للقصة المسرحية، حين قرر أن رقصة القنص القائمة على حادثة قصصية حقيقية، أو مأثرة من المآثر الباهرة قد نشأت من إعادة سرد قصة هذه الحادثة حول نار المعسكر. ولو تصورنا ما كان يجري في العصر الحجري، عصر الكهوف والماموث، وتصوير المظلمات المائية فوق جدران الكهوف، وقد أمسى الليل، وجلس زعماء القبيلة معاً، وقد قتلوا أسداً، وها هو زعيم القبيلة يثب واقفاً ويقول: "لقد قتلت الأسد، أنا الذي قتلته، قصصتُ أثره فهجم عليّ فقذفته بحربتي فخر صريعاً"، ثم يبدأ في تمثيل المعركة إيقاعياً وسط أصوات الطبول، وتمثيله لخوفه من الأسد وهو يهاجمه، ثم ترديده لعبارات الشجاعة حين قتل الأسد. في هذه اللحظة تولد المسرحية بكل عناصرها المعروفة الآن، وإن كانت بغير تقنية على الإطلاق، وإن لم ننكر لعباس ابن فرناس فضل خياله المحلق في الطيران، فلا ننكر على الإنسان البدائي أنه الأب الأول للمسرح.

ولا بد من القول بأن تلك الشعوب البدائية لم توف حقها في الدراسة، إما لندرة المعلومات، وإما لتواضع الأداء المسرحي قياساً على ما تلا هؤلاء مباشرة.

نشأت الدراما "المسرحية" من الاحتفالات والأعياد الديونيزية، ومن الطقوس والرقصات والأناشيد التي كانت تُنشد، ومن المواكب التي كانت تقام تكريماً لديونيز. وعبده شعب اليونان على أنه إله لهم فقط من دون الناس، وكانوا يكرمونه في مهرجانات مفعمة بالبهجة وألوان من الشعائر الدينية المعربدة.

ثم نسج حماة الدين أسطورة من أساطيرهم يعلنون بها مجيء ديونيز. وكان المكان المكرس لحفلات البسط هذه يسمى "مسرحا"،ً وأصبح بعض المحتفين بالآلهة يسمون "كهنة"، ثم أصبحوا يعرفون فيما بعد "بالممثلين". وأصبح غيرهم ممن يتولون قيادة الإنشاد، والذين يمكنهم نظم أناشيد جديدة يسمون "الشعراء"، ثم اتسعت اختصاصات الشعراء حتى أطلق عليهم آخر الأمر اسم "الكتاب المسرحيين". كما أطلق اسم "الجمهور" أو "النظارة" على غير هؤلاء وهؤلاء ممن لا يطلبون شيئاً غير المشاركة في تمجيد ديونيز تمجيداً عاطفياً في حفلات تكريمه والثناء عليه.

واتخذت الدراما لنفسها عنصراً جديداً مولداً عن الحركة الراقصة. أما أين يقترب الرقص من المسرحية، ففي الميدان الذي اقترب فيه أحد الأشخاص البدائيين ورقص رقصاً معبراً فيه عن انتصاره في معركة، مبيناً كيف تلصص حتى رأى عدوه، ثم كيف اصطدم به وحاربه يداً بيد، ثم كيف كان يتفاداه، ثم كيف قتله وفصل رأسه عن جسمه، كان رقصه ذلك شديد القرب من المسرحية الصحيحة. أما الرقصات الغرامية الصامتة فتتفاوت بين المشاهد الثنائية الرائعة وبين الاستعراضات التي قد تبدو من الاستعراضات غير المحتشمة.

وقد مارست جميع القبائل البدائية رقصات الحرب ممارسة فعلية، كما مارست رقصات الحب، فضلاً عن الرقصات الدينية التي كانت تسود المجتمع الإغريقي وقتئذ.

أما المسارح فتكاد تكون أمراً مجهولاً يصعب استنتاج آثاره إلا شيئاً قليلاً. والنصوص القديمة كافةً، وخلاصة مسرحيات الآلام، والرقصات البدائية، كل ذلك يؤكد حقيقة مؤداها أن أول مسرح كامل، وأول مسرحية قديمة باقية تقترن بمسرح مبني، وبطريقة في العرض، هو المسرح اليوناني (اُنظر صورة المسرح اليوناني)، و(شكل المسرح اليوناني)، والمسرحية اليونانية وطريقة العرض اليونانية.

1. المسرح عند الإغريق

كان "جو" 525 - 456 ق م، أول كتاب المسرح العظام من المبرزين في معركتي "ماراثون Marathon و"سلاميس Salamis"، فلم يكن الرجل منشغلا بتوافه الأمور، ولا راغباً في توفير التسلية للجمهور بل كان لديه من الأفكار والتجارب ما يريد إشاعته وإشراك الناس فيه، فكانت مسرحياته بعيدة المدى، عظيمة التأثير. والظن أنه كتب تسعين مسرحية لم يبق لنا منها غير سبع وهي: الضارعات، والفرس، وبروميثيوس،و سبعة ضد طيبة، ومصافدا، وأورستايا. والأورستايا هي فى الواقع ثلاث مسرحيات: أجاممنون، وحاملات القرابين، وربات الإحسان المنعمات.

أما "سوفوكليس" 496 - 406 ق م، فكانت حياته أقل إثارة من حياة "أسخيلوس"، إلا أنه كان أعظم منه كاتباً مسرحياً، وكاد يبلغ في حياته الخاصة وفي أعماله مرتبة الكمال، حيث ظلت مهارته الحرفية معياراً للكتاب المسرحيين ومثلاً أعلى لهم طوال خمسة وعشرين قرناً تقريباً، حيث اتسمت أعماله بالعمق في التفكير والثراء في التعبير والحنكة في صناعة التوتر المسرحي وإثارة التهكم الدرامي. وكذلك بقيت لنا من أعماله سبع مسرحيات وهي: أوديب ملكاً، وإلكترا، وأوديب في كولون، وأجاكس، وأنتيجون، والتراقيات، وفيلوكيتيس.

ويرى الكثيرون أن أوديب ملكاً هي أكمل مسرحية كتبت على إطلاق المسرح منذ نشأته حتى الآن، وقد عدها أرسطو Aristotle نموذجاً لكثير مما تعرض له في كتابه النقدي "فن الشعر"، وقد امتدحها، خاصة حبكتها المشتبكة، وأحداثها المنسوجة بترابط، ووضوح الدوافع.

أما آخر كُتّاب التراجيديا الكبار هو "يوربيدس 484 - 406 ق م"، ويكفي للإشارة إلى بعض الفروق الأساسية بينه وبين "أسخيلوس" و"سوفوكليس" بعض الأقوال الشائعة بشأنه مثل، "كتب أسخيلوس عن الآلهة، وكتب سوفوكليس عن الأبطال، أما يوربيدس فيكتب عن البشر".

ولا أدل على العلاقة بين الكاتب المسرحي وبيئته من الإشارة إلى أسخيلوس ويوربيدس، فقد ولد الأول في أسرة غنية وثرية لها قدر ومكانة، وعاش أيام معركة ماراثون، وقتها كانت أثينا شابة مليئة بالأمل. أما يوربيدس فقد كانت حياته نقيضاً تماماً لما عاشه أسخيلوس، وعكست مسرحياته بوضوح الظروف التي أحاطت به. وقد وصلنا من مسرحه ثماني عشرة مسرحة أشهرها: "إلكترا"، "ميديا"، "النساء الطرواديات"، "هيبوليتس"، "أفيجينيا في أوليس".

والسمات الرئيسة للتراجيديا اليونانية هي مجموعة من الخصائص الآتية:

أ. ليس من اللازم أن تنتهي التراجيديا اليونانية دائماً بموت الشخصية الرئيسة أو الممثل الأول، أما الموضوع فهو، كما أشار أرسطو دائماً، موضوع جدي له قدر وحجم.

ب. تستغرق الواحدة من التراجيديات اليونانية ما يزيد قليلاً على الساعة، فالأورستايا بمسرحياتها الثلاث تستغرق تقريباً الوقت نفسه الذي يستغرقه تمثيل مسرحيتي شكسبير: "هاملت" و"الملك لير". وقد تلقي هذه الحقيقة بعض الضوء على مشكلة الوحدات الكلاسيكية الثلاث التي طالما كانت موضوعا للمناقشة. فوحدة الزمن تستلزم أن تقع الأحداث في يوم واحد، ووحدة المكان تستلزم أن تنحصر الأحداث في مكان واحد، ووحدة الفعل تستلزم ألا يكون في المسرحية غير حبكة مسرحية واحدة.

ج. يتضح مباشرة، لمن يقرأ التراجيديات اليونانية، أن الجوقة تؤدي فيها دوراً كبيراً، وهي تنفرد بالكثير من أجود الشعر في التراجيديات اليونانية، بل سمح لها بالاشتراك في الفعل الدرامي، وتحمل مسؤولية التعبير عن الكثير من الأفكار والآراء.

د. قصد الإغريق بالتراجيديا أن تؤدي لهم دوراً خاصاً، هو تحقيق تطهير الروح عن طريق الشفقة والخوف، ولا يستطيع أحد أن يجزم بأنه يفهم معنى هذا الكلام تماماً.

   الكوميديا الإغريقية

أما الكوميديا الإغريقية فقد كانت لها وظيفتها الخاصة، حيث ارتبطت في أصلها بطقوس الخصب والتناسل البدائية، وهو ما يفسر لنا الكثير مما نجده فيها الآن ونعده خروجاً عن حدود الأدب والذوق، ولكن وظيفة الكوميديا قد تبدلت حين وصلت إلى أيدي أريستوفنس، فجعل منها سوطاً قوياً لمهاجمة الحماقات الاجتماعية والسياسية، و أصبحت لا تختلف كثيراً عن العروض الفكاهية الساخرة المعاصرة.

وإن لم يكن أريستوفنس 450 - 388 ق م، الكوميدي الوحيد في عصره إلا أنه كان، باتفاق الجميع، أعظمهم، وهو كذلك الوحيد الذي بقيت لنا من أعماله عدة مسرحيات في نصها الكامل، وكان يمتاز ببراعة مدهشة، وقدرة فائقة على الفكاهة والسخرية. إنه رجل لا يتردد في أن يسخر من كل شخص، ويتهكم على كل شيء. ومن عجب أن يكون ذلك الرجل محافظاً يجاهد في سبيل عودة الأيام القديمة، وعدواً لكل ما هو تقدمي أو جديد. واستمدت معظم مسرحياته مثل "الضفادع" و"الدبابير" و"السحب" أسماءها مما تمثله الجوقات فيها، وكان لها دور كبير فيما تقدمه المسرحيات من بهجة ومرح.

وقد سبق الزي المسرحي، في أثناء نمو الدراما، الديكور المسرحي، بل سبق كل مقر ثابت مخصص للتمثيل. وقد بقيت مثل هذه الأماكن الثابتة المخصصة للتمثيل، لأمد طويل، عائقاً أكثر منها معيناً لحل مشكلة الفن المسرحي كما عرفته الدراما الإغريقية. فبناء مثل مسرح ديونيز كان مصدر بلبلة للفكر المعاصر، إذ إن أطلاله الباقية لا تدل على مبنى يرجع إلى العصر الهليني فحسب، بل إلى العصر الروماني. والمتفق عليه نشأة كل من الملهاة والمأساة في المحافل القروية وفي المواكب الممجدة لديونيز الذي عُدّ في زمنه الإله الملهم وموفر الخصب.

إن أولى حفلات المآسي والملاهي قد مثلت في الأوركسترا Orchestra، وهي قطعة أرض ممهدة مستديرة الشكل، بميدان السوق، ومن ثم انتقلت بصفة دائمة إلى حيث حدود معبد ديونيز اليوثيروس، داخل الحرم المقدس، على المنحدر الجنوبي للأكروبول، على أنه لم تكن الأرض مسطحة، فكان لا بد من إقامة حائط ساند عند أحد الجوانب، وكان النظارة يتجمعون على سفح التل، وينظرون عبر الأوركسترا، فيرون فوق حافة الحائط الساند قمة معبد ديونيز.

لم تتضمن نظم البناء حتى القرن الخامس قبل الميلاد سوى الأوركسترا والمعبد، أي أن أولى مسرحيات أسخيلوس قد قدمت على هذه الصورة المبسطة، أما ما كان يلزمها من إكسسوار، كالهياكل والمقابر، فكان يعد عند حافة المسطح، حسب مقتضيات كل مسرحية.

ومن المفروض أن ممراً منحدراً، أو بالأحرى خندقاً، قد وفر طريقاً لظهور الجوقة والممثل الأول على مرأى من النظارة. وقد تسبب عدم الاستقرار في مفهوم الاصطلاحات المسرحية اليونانية في كثير من البلبلة لأذهان المعاصرين. كانت الأوركسترا مكاناً مسطحاً، مستديراً في الأصل، تؤدي فيه الجوقة تشكيلاتها، وكان المسرح مكان جلوس النظارة، وكانت الخيمة، حيث يرتدي الممثلون ملابسهم ومنها يظهرون كلما حل دور أحدهم، خليطاً يجمع بين كواليس المسرح الحديث وحجرات الممثلين، أي أنها لم تكن منصة التمثيل حسب المدلول الحديث.

أما ما يطلق عليه حالياً منصة التمثيل، أي خشبة المسرح، فكان اليونانيون يسمونها "بروسكنيون Proskenion".

حوالي عام 465 ق م أقيمت أول منصة خشبية صغيرة في استطاعة النظارة أن يروها، وبعد أربعين عاما، أقيم أساس حجري متين لمبني منصة حجرية ذات جبهة طويلة وجناحين متفرعين.

ولم تشيد في أثينا منصة حجرية كاملة قبل العصر الهليني. وأما آثار المنصة المحكمة المتقدمة جداً، التي ما زالت باقية، فيرجع تاريخها إلى ما لا يقل عن عهد نيرون. وينتهي الكثير من العلماء إلى أن جدار الحرم الذي كان يقوم مقام مؤخرة "للمنظر المسرحي"، إن جاز التعبير، يرجع إلى عهود لاحقة في تاريخ المسرح، قد استعمل مبكراً، منذ مطلع القرن الخامس، مؤخرة لمنصة خشبية، ثم في نهاية القرن، مؤخرة لمنصة حجرية.

ومن غير المستبعد أن المنصة الخشبية كانت تتخذ أولاً فأول، ما يتفق من الأشكال ومختلف مقتضيات المسرحية، بل قد مرت المنصة الحجرية نفسها بأطوار مختلفة. وفي متحف اللوفر Louvre بباريس آنية أولت على أنها توفر أصدق صورة لأول منصة حجرية في أثينا.

كانت الأشباح المقدسة تستحضر من خلال نفق مصبه المنصة، ولمثل هذا الممر اكتشفت آثار بمسرح إريتريا، عرفت باسم "السلم الشاروني"، وفي الأغلب أنه استعمل مبكراً منذ عهد أسخيلوس الذي عمرت تمثيلياته بالأطياف. كذلك ليس من شك في أن المسرح الإغريقي عرف الدور الأعلى، حيث قام بوظيفته المسرحية نفسها عند شكسبير، وهي إلقاء الخطب من شرفة، أو من أعلى جدار، أو من برج مراقبة.

فيما بين عهدي أسخيلوس ويوربيدس كان المسرح الإغريقي قد وفق إلى شتى اصطلاحاته، سواء الخاصة بالجدار الخلفي نفسه أو بمختلف ملحقاته الثانوية، وبدا الطريق ممهداً أمام تطور بلغ ذروته في الأزمنة الرومانية حيث المسارح المحكمة والإخراج المتقدم.

ولا يرجع إلى أسخيلوس فضل التقدم الأول الحقيقي من حيث المناظر المسرحية وآليتها فحسب، بل هو أول من أدخل على المسرح الزي المعين لكل ممثل أيضاً، أو بالأحرى هو الذي قد قرر في وضوح ما كان مستعملاً من قبل زياً في عبادات ديونيز، فالقناع أو الثوب ذو الكمين أو الحذاء العالي مستعار من ديانة ديونيز وشعائره.

وقد تأثر الزي في المسرح الإغريقي، في طابعه الديني وطابعه غير المألوف. والمسرح، عبر تاريخه، كان مجذوباً نحو الزي الغريب، الذي يساعد بحكم طبيعته الخاصة على نقل المتفرج من عالمه إلى عالم أخر مثالي. وثمة تفسير آخر هو أن الزي الذي يغطي جسم الممثل من أخمص القدمين إلى الرأس، حتى لا يتعرفه أحد، كان يجبر الممثل على أن يتخلى عن شخصيته، في سبيل تمثيله خصائص حياة أرقى.


   

[1] المتاحف الأثنوجرافية: هي المتاحف التي تُعنى بحفظ مخلفات الشعوب ليعرف الناس عن شؤون حياتهم ما يريدون.







   



       

2. المسرح عند الرومان

لم يختلف المسرح الروماني، في أية تفاصيل معمارية بارزة عن المسرح اليوناني في آخر عهده. فابتداءً من آسيا الصغرى كانت قد وضحت مرحلة انتقالية، وذلك في مؤخرة غنية بالمشاهد، وفي قدر متزايد من الزخرفة الخارجية مهدت له إقامة مقاعد للنظارة، حيث لم يعد مكانهم انخفاضاً طبيعياً أو اصطناعياً في سفح التل، وفي الانكماش التدريجي للمكان المستدير الذي طالما شغلته الجوقة، حيث إن هذه المساحة المستديرة راحت تتضاءل حتى أضحت نصف دائرة، مثلما هي في المسرح الحديث، بل أخذت تحتلها مقاعد صفوة النظارة، (اُنظر شكل المسرح الروماني).

وسواء كان الممثلون يؤدون أدوارهم وهم على مستوى أرضية المسرح أم من فوق منصة خلفية مرتفعة، فالأمر ما زال يثير الجدل الكثير.

في أول الأمر أبعدت الرومان نعرتهم الوطنية عن محاكاة المسارح اليونانية المحسنة، الأكثر تقدماً، فساروا حتى عهد أغسطس يقيمون مسارحهم، ولا سيما الصغيرة، من خشب وفق مقتضى المناسبات. ولكن ما أن شيدت المسارح الرومانية بالحجر حتى فاقت كل النماذج اليونانية، والدليل على عظمة المسرح الروماني آثار مدينة "أورانج Orange" بفرنسا.

أما الديكور، أي المناظر المسرحية، بمعناه الدقيق فقد ظل حقبة طويلة بدائياً. وحوالي عام 100 ق م فقط عرفت للمرة الأولى المناظر المصورة، ولكن ما إن جاء العصر الإمبراطوري حتى حل محلها "مؤخرة" ثابتة معمارية ذات أقواس وأعمدة من رخام وفق ذوق العصر.

أما الآلية المسرحية فقد اعتمد الرومان الآلية اليونانية، مضيفين إليها اختراعاً أسموه "بجما"، يوصف بأنه سقالة على شكل بيت متعدد الأدوار، قابل للتعديل، فأحيانا يظهر وينمو ثم ينطوي، وأحيانا أخرى يختفي فجأة.

هناك تجديدان رومانيان آخران قد ترتب عليهما الكثير، وهما السقف الخشبي الذي يغطي المنصة، ممتداً بعض الشيء في اتجاه مقاعد النظارة، ثم المجرى الواقع في مقدمة المنصة، وكانت تستعمل لإنزال الستارة. كان الرومان على نقيض المتبع في الوقت الحالي، ينزلون الستار عند بدء الحفل ويرفعونه عند نهايته.

أما في الملهاة فقد اعتمد الرومان، في أغلب الأحيان، زي "الملهاة الحديثة"، محاولين تمثيل الحياة الراهنة السائدة، مراعين النواحي التقليدية واعتبارات رمزية محلية تخص الألوان، فاللون الأبيض لزي الشيوخ والمسعدين، واللون الأحمر الأرجواني للأثرياء، واللون الأحمر الطوبي للمعوزين، والأصفر للماجنات، إشارة إلى تلهفهن على المادة، والثياب المهلهلة للمساكين.

يفتخر الرومان بكتابهم الثلاث "بلوتس Plautus" و"تيرنس Terence" و"سنكا Seneca"، وليس من الصعب تبين الأسباب التي أدت إلى عقم روما، حيث لم يصل هؤلاء الثلاث إلى مرتبة كتاب المسرح الإغريق، حيث ركّز الرومانيون جهدهم على الغزو. فماذا يفعل الغازي إذا انتصر على أمّة فنها أرقى من فنونه؟. إن أقرب ما يفعله هو التقليل من شأن هذا الفن وهو ما فعله الرومان بفن المسرح.

وأشهر ما كتبه بلوتس وكانت مسرحياته ذات حبكة وقصص متشابهة هي مسرحية "البيت المسكون"، أما تيرنس فكان يكتب بخفة ورشاقة تقارب الإغريق، غير أنه لم يكتب غير خمس مسرحيات، أولها باسم "أنديرا".

أما الكاتب الوحيد ذو الأهمية في التراجيديا الرومانية فهو "سنكا"، وقد ترك تسع تراجيديات أخذت كلها عن تراجيديات يونانية. والمسرحيات التي كتبها أقرب إلى أن تكون تدريبات في الخطابة والفلسفة من أن تكون شعراً درامياً خيالياً. وكثيراً ما تبلغ أحاديث الشخصيات في مسرحياته حداً مسرفاً في الطول، بل قد يكون دخول الشخصيات وخروجها غير مقرون بدوافع من الحياة المسرحية لهذه الشخصيات.

3. الدراما من العصور الوسطى إلى العصر الحديث

شهد عام 476 سقوط روما وسقوط إمبراطوريتها الغربية للمرة الأخيرة. أما فيما يتعلق بتاريخ المسرح فليس لهذا التاريخ أهمية، لأن المسرح الذي له قيمة فنية كان قد مات قبل ذلك بعدة قرون، إذ يعتبر "سنكا" آخر كاتب ذي أهمية، وكان قد مات عام 65م. أما العروض المسرحية التي ظلت موجودة منذ ذلك الحين تدهورت شيئاً فشيئاً حتى بلغت النهاية في التبذّل والبذاءة، وكان هذا هو السبب الحقيقي وراء اتخاذ الكنيسة، عندما استولت على السلطة، قرار بتحريم أية صورة من صور النشاط المسرحي، بل عدّت الكنيسة الممثلين في فئة واحدة مع اللصوص والعاهرات، وغيرهم ممن ينبذهم المجتمع.

وسقطت روما ولكن الكنيسة بقيت قوة كبرى تسيطر على الحياة في أوروبا وظلّت ذات تأثير جوهري في هداية الناس وقيادتهم في الألف سنة التالية. وليس من شك أن نشاط الكنيسة خلال العصور الوسطى فيه الكثير مما يستحق التقدير. فلم يكن في هذه العصور من رحمة، ولم يخرج عنها علم أو فن أو جمال إلا ومصدره الكنيسة.

أما الكتابة المسرحية فقد ظلت منذ وفاة "سنكا" حتى بداية ما يعرف بالعصور الوسطى غير موجودة على الإطلاق، إلا أن هناك استثناء لهذه القاعدة إذ إن عروض الرقص الصامت وفرق الممثلين المتجولين لم تختف تماماً في أي وقت من الأوقات. كما أنه من المعروف أن هناك راهبة في القرن العاشر الميلادي من "ساكسونيا" تدعى "روزفيتا" كتبت عدة كوميديات ورعة، لكن هذا لا ينفي حقيقة أن العصور المظلمة كانت مظلمة حقاً بالنسبة لتاريخ الكتابة المسرحية. ومع هذا فإن الفضل في ميلاد الدراما الجديد لا يعود إلى فرق الممثلين المتجولين ولا إلى الراهبة "روزفيتا"، بل يرجع إلى الكنيسة نفسها بالرغم من إنها كانت صاحبة أكبر أثر في القضاء على المسرح.

خلال القرن العاشر الميلادي دخلت على طقوس قداس الفصح بالكنيسة مسرحية صغيرة من أربعة سطور تصور قيامة المسيح في أبسط صورة درامية ممكنة. ولما أحرزت هذه المسرحية نجاحاً، حليت طقوس القداس في عيد الميلاد وفي غيره من الأعياد المقدسة بشيء من التمثيل. ولما تجمعت هذه المسرحيات الصغيرة، أخرجت من الكنيسة ونظمت في مجموعات تعرف باسم "حلقات الأسرار". وكانت هذه المسرحيات مستمدة كلها من الكتاب المقدس، كما إنها ظلت محتفظة بوظيفتها الدينية أساسا. وبالرغم من كل القيود الدينية وغيرها، انطلقت من جديد قوى الإبداع لدى الكاتب المسرحي وبدأت تعمل عملها في هذه المسرحيات. فقصة كقصة "آدم" ازدادت انشغالاً بالكشف عن طبيعة البشر وهي تصور "إبليس يلعب بمكر على غرور حواء".

نشأت في إنجلترا مجموعات من مسرحيات الأسرار وكذلك ألمانيا، ثم تطورت تلك المسرحيات التي تعالج الموضوعات الإنجيلية لتظهر على السطح مرحلة جديدة أطلق عليها اسم "مسرحيات المعجزات" Miracle Playsالتي تعرضت لحياة القديسين وتتيح هذه المسرحيات للكاتب المسرحي درجة أكبر من الحرية من تلك التي سمحت بها مسرحيات الأسرار.

وقد تطور خلال العصور الوسطى نوع ثالث من المسرحيات هو ما عرف باسم "المسرحيات الأخلاقية"، ومسرحية "أي إنسان" أبرز نموذج من نماذج هذا النوع. وتصور المسرحية أي إنسان وقد استدعاه الموت، فراح يستنجد لرحلته بالصداقة والعصب والقرابة والمال بل وبالقوة والجمال والمعرفة، ولكنهم بمجرد أن يقتربوا من القبر يتخلون عنه جميعاً. وأخيراً لا يجد "أي إنسان" من يرضى بمصاحبته غير الأعمال الصالحات.

وهناك نوع آخر من الدراما المسرحية ظهر وتطور خلال العصور الوسطى وهو ما عرف باسم "مسرحيات الفاصل الهزلي" ومن المحتمل أن تكون نشأة هذه الفواصل راجعة إلى المسرحيات الأخلاقية أو العروض التي كان يقدمها الممثلون المتجولون، وفي كل الأحوال فإن هذه الفواصل تمثل خطوة مهمة في تاريخ الكتابة المسرحية. فقد أصبح المسرح من خلالها دنيوياً من جديد، وعاد مرة أخرى إلى تأدية وظيفته الأولى وهي التسلية والترفيه. وأشهر هذه النماذج مسرحية من فرنسا اسمها "السيد بيير باثلاين" التي ما زال الجمهور الحديث يجد متعة في تتبعها. وقد تكون من أفضل المهازل في العصور الوسطى تلك التي جاءت من ألمانيا على يد (هانز زاكس Hans Sachs) 1494-1576م الشاعر الذي كان يقطن مدينة نورمبرج القديمة.

عرفت إنجلترا هذا النوع من المسرحيات المسماة بالفواصل وكان من أشهرها ما كتبــه (جون هيود John Heywood) 1497-1580م وقد تطورت تلك البداية هناك حتى بلغت أوجها في عبقرية شكسبير بعد ذلك.

في إيطاليا كأنما كان "دانتي Dante" يشعر أن العالم في مطالع القرن الرابع عشر الميلادي يوشك أن يقبل على عصر جديد، فصبّ في "الكوميديا الإلهية" خلاصة الفكر في العصور الوسطى، وصوّر فيها مخاوف عقاب الآخرة تصويراً مهولاً يكشف عن مقدرة عظيمة في الخيال. وقد جاءت الكوميديا الإيطالية في عصر النهضة قريبة الشبه بالكوميديا الرومانية، إلا أنها كانت أشد تبذّلاً وإباحية.

جاء عصر النهضة وأسبانيا مسيطرة على الجانب الأعظم من إيطاليا و الكثير من أوروبا، ومع أنها كانت أبرز دول العالم آنذاك، إلا أن ما حققته في الفن جاء مخيباً للآمال، ذلك بسبب أن روح عصر النهضة في أسبانيا تكسرت بفعل موت الحرية والإبداع على يد محاكم التفتيش هناك.

وبينما كان الإنتاج المسرحي في إيطاليا وأسبانيا في عصر النهضة هزيلاً ومخيباً للآمال، كان في إنجلترا رائعاً يفوق كل توقع، ولا شك أنه كان عصراً مهماً في تاريخ المسرح العالمي.

أخرجت لندن فيما بين عام 1580، و1642، عدداً من المسرحيات العظيمة يفوق ما أخرجته أي مدينة أخرى قبل هذا التاريخ وبعده، باستثناء أثينا خلال القرن الخامس قبل الميلاد.

منذ مطالع القرن الثامن عشر الميلادي حتى منتصفه، بدأ ذلك التحول من الأرستقراطية والكلاسيكية إلى البورجوازية والعاطفية، وظهر أثر هذا التحول بالتدريج على الحياة والأدب معاً خلال هذه المدة.

طوال القرن التاسع عشر الميلادي سيطرت الميلودراما وسادت على المسرح. والميلودراما لا تنشغل بالتجربة الإنسانية وتحليلها قدر انشغالها بتوفير التسلية والترفيه. وشخصيات الميلودراما شخصيات محددة، إما بيضاء تماماً وإما سوداء تماماً، أما الحبكة فيها فهي عادة مصطنعة مفتعلة تنتهي دائماً ودون تخلف بنهاية سعيدة. والميلودراما التي مثلت أغلب المسرح في القرن التاسع عشر الميلادي كانت تتجنب كل ما يثير الفكر أو كل ما يستدعي مناقشة أو خلافاً في الرأي. وقد أدت هذه الصفات مجتمعة إلى أن يعد النقاد الميلودراما أقل الصور الأدبية أهمية. ولكنها من ناحية أخرى نوع أدبي يلائم المسرح والجمهور الذي كتبت له.

4. الدراما الحديثة

قبل الثورة الفرنسية التي مكنت الطبقة البرجوازية من التحكم، نشأت الدراما البورجوازية، التي تعبر عن مشكلات هذه الطبقة، وألقت جانباً الشخصيات العظيمة كالملوك والأمراء والأبطال. وعلى الرغم من تحطم المفهوم التراجيدي الأرسطي وموته نهائياً على يد الدراما الحديثة، إلا أن الدراما الحديثة لم تستطع أن تتخلص من سيطرة أرسطو عند تعريفه للفن الدرامي بعامة على أنه "محاكاة".

لم تنضج محاولة اتخاذ الإنسان العادي مادة للأعمال الدرامية الكبيرة في العواصم المسرحية في ألمانيا أو إنجلترا أو فرنسا، وإنما في أرض النرويج التي لم تكن تعرف الدراما القوية حتى ذلك الوقت. وكان المؤلف هو (هنريك إبسن August Henrik Ibsin) 1828-1906م الذي لا يزال الكثيرون يعدونه أولى الشخصيات وأعظمها في الدراما الحديثة. وبالتالي فإن التأريخ للدراما الحديثة يمكن أن يعبر عنه التأريخ للأديب إبسن نفسه الذي كان في طفولته مرهف الحس، قضى معظم عمره منطوياً على نفسه، فلم يكتسب سوى عدد قليل من الأصدقاء وأخذت تنمو في أعماقه بالتدريج روح التمرد على المجتمع، وهي روح تبدو واضحة في مسرحياته الأولى وتعمل قوى محركة في مسرحياته التالية في فترة النضج. كان سيئ الحظ كأغلب الانطوائيين ذوي النزعات الجادة، تكاد تغلب عليه حالة من الفشل المزمن. ثم جاء الاستثناء الساطع للقاعدة عام 1851م عندما عرض عليه عازف الكمان "أول بول" منصباً في إدارة المسرح القومي النرويجي تقبله إبسن الذي كاد يشرف على حافة التضور جوعاً في لهفة شديدة. وقد أتاحت له السنوات الخمس التي قضاها مديراً للمسرح احتكاكاً كبيراً بأعمال مسرحية خالدة لكل من شكسبير وموليير وغيرهما من عظماء الدراميين. وقد كتب إبسن مسرحيتين مهمتين في الدراما الحديثة هما: "ملهاة الحب" و"المطالبة بالعرش".

في السويد ظهر الكاتب المسرحي الذي لا يقل شموخاً عن إبسن وهو " (أوجست سترندبرج August Strindberg) 1849-1912م، وإذا كان نفوذ هذا الكاتب بسيطاً حتى الحرب العالمية الأولى فإنه لم يبق كذلك بعد الحرب، وقد نال تقدير النقاد والمؤلفين والشعراء.

ومع تطور الدراما تطورت أيضاً عناصر المسرح من ديكور وإضاءة ومؤثرات صوتية وضوئية، أدت إلى تطور الفن المسرحي، ثم دخل الكمبيوتر ليعطي إمكانات كبيرة للدراما المسرحية وللفنانين، وليتيح لهم مساحة أكبر في إبراز مواهبهم الفنية.

الإمكانات التكنولوجية في المسرح

يُعد المسرح نتاجاً لتكامل النص مع التعبير الصوتي والحركي للممثلين وتفاعلهم مع الديكور والإضاءة والأزياء، فتظهر من هنا إمكانية استخدام الكمبيوتر في جزء من الديكور والمؤثرات الصوتية والضوئية. وعلى سبيل المثال: يمكن استخدام شاشات للعرض متصلة بأجهزة كمبيوتر لتعطي مؤثرات مكملة للديكور، ويمكن استخدامها على هيئة مجموعة كبيرة يتحكم فيها أكثر من جهاز كمبيوتر بحيث تُكون مُؤثراً قد يكون على شكل أجزاء من صورة أو صور مختلفة وتتغير من شكل إلى آخر لتعطي المؤثر المطلوب. وباستخدام تكنولوجيا العرض هذه مع بعض برامج الكمبيوتر مثل (3D Graphics) و(Virtual Reality) يمكن تكوين شعور بالعمق وبمناظر مختلفة تتناسب مع العرض المطلوب، وتتميز بإمكانات ديناميكية لا تتوافر في الديكور المبني بالأساليب التقليدية، وعلى سبيل المثال يمكن للديناميكية أن تسمح بتغيير عناصر العرض مع الاستفادة من عروض فيديو أخرى لتكون جزءاً مكملاً للخلفية.

إن المؤثرات الفعلية أو الحقيقية هي استثمار أقصى الطاقات غير النهائية لجهاز الكمبيوتر في ابتكار أدوات العمل الفني ورموزه واستنساخها صوتاً وصورة بحيث يتعدى تأثيره على المشاهدين (أحياناً) حاجز الواقع إلى عالم ما وراء الواقع الكاذب أحياناً، والمؤثرات الفعلية تقدم لمستخدم الكمبيوتر أدواتها التي تجعله يغوص في تجربة كاذبة بحيث تبدو كأنها واقع ملموس، وعندما يرى المشاهدون تلك المؤثرات الفعلية تعتقد نسبة ضئيلة منهم أنهم يشاهدون العمل من خلال نظارة شمسية وكأنهم داخل الكمبيوتر، وذلك حيث تكون المؤثرات الواقعية قد جرى تكوينها.

في سويسرا عرضت مسرحية باسم "خطوة إلى العالم الآخر" بمدينة أراو، ففي هذا العرض وُزعت نظارات خاصة على المتفرجين لتساعد في إبراز الحيل التي تنطلق أساساً من خشب المسرح وتجسيدها لتشاهد البطل مثلاً يحمل رأساً كبيراً للغاية وجسماً نحيلاً يكاد يشبه جسم طفل.

الليزر والهولوجرام (Hologram)

من المجالات التي شهدت توظيف أشعة الليزر بدرجة عالية من الكفاءة هو مجال التصوير الثلاثي الأبعاد أو الهولوجرام (اُنظر صورة الهولوجرام)، وذلك في تصميم الفراغ المسرحي.

يتم تسجيل الهولوجرام على فيلم أو على لوح من الزجاج الخاص يسمى "لوح الهولوجرام"، فإذا نظرنا إلى صورة فوتوغرافية اعتيادية التقطت لطفل واقف خلف سيارة، فستظهر فقط صورة السيارة دون الطفل حتى لو نظرنا إلى الصورة من جميع الجهات، لأن الصورة نفسها ذات بُعدين فقط، أما إذا أُخذت اللقطة نفسها للطفل والسيارة بواسطة الليزر وعلى لوح الهولوجرام فإن الأمر سيختلف وتبدو الصورة مجسمة ويمكن مشاهدة الطفل بسهولة بمجرد النظر إلى الصورة من زاوية معينة يساراً أو يميناً، وهذا يدل على أن الهولوجرام يشابه تماماً الصورة الحقيقية.

إن الليزر ذلك الوافد الجديد إلى عالم الضوء، هو في الواقع عُدة المستقبل لإنجاح العمل الفني، إذ إنه عن طريق الهولوجرام يمكن أن يعطي بأشعته تجسيماً واستدارة للمنظر المسرحي من خلال انعكاسات صورته المسطحة على مرايا، فتصل الصورة لعين المشاهد بأبعادها الثلاثة في الفراغ المسرحي. ولا ريب أن هذه الطريقة ستُثري العمل الدرامي والاستعراضي وتمدّه بطاقة جديدة وإمكانية هائلة على الإيهام في مستوى الصور المسرحية بشكل عام في أي لحظة من لحظات العرض، مما يُؤثر تأثيراً مباشراً وغير مباشراً في عملية الإبداع الفني. فكلما استفاد الفنان من عمليات إنتاج المنظر والصورة الهولوجرامية وأدرك تفصيلاتها ومراحلها وخصائصها العلمية والجمالية وطبيعة العلاقة الممكنة بينها وبين غيرها من مواد إنتاج صور مسرحية أخرى، زادت بالتبعية خبراته وقدراته على تصميم المناظر وتركيبها وتغييرها وتنويعها في سهولة ويسر.

إن إمكانات الهولوجرام الفنية تجعل رجال المسرح يستخدمونه في عمل خلفيات ذات تأثيرات إيجابية على من يراها، خاصة إذا اقتضت بعض المشاهد رؤية المجسمات بشكلها الطبيعي.

ومن أمثلة استخدام التكنولوجيا في المسرح الحديث نذكر:

مسرحية: مس سايجون Miss Saigon، التي عُرضت عام1991.

استخدم غاز يضخ داخل مواسير أسفل خشبة المسرح لتساعد في تحريك أثقال كبيرة يصعب نقلها أو تحريكها إلا بهذه الوسيلة، وهي (فكرة الوسائد الهوائية) كما استخدمت أجهزة ضوئية تتحرك في أي اتجاه وأي زاوية من على بعد باستخدام الكمبيوتر الذي يتحكم في كل شيء حتى كمية الضوء المنبعث منها والمنطقة المراد إضاءتها ويتم تشغيل هذه الكشافات وتحريكها من خلال التحكم عن بعد يصدر أشعة تحت الحمراء إلى خلية ضوئية فتتم عملية التحريك المطلوبة. يضاف إلى ذلك دور الليزر والهولوجرام في تجسيد بعض الأشكال في فراغ خشبة المسرح في أثناء أحد المشاهد والذي بدا واضحاً من خلال إسقاط مجموعة من الدوائر المتداخلة التي أوحت بشكل منقسم في الوسط. هذا إلى جانب حركة هبوط الطائرة وصعودها على المسرح.

مسرحية تيتانيك Titanic، التي عُرضت في يناير عام 1997.

كانت المشكلة التي قابلت المصمم هي الكيفية والإمكانية لعرض مناظر متعددة بإيقاع سريع بين قطاعات مختلفة في السفينة. وطبيعة هذه المناظر تتطلب الإحساس بأنها ذات أبعاد رأسية بعضها لبعض. وهناك مشكلة أخرى هي كيفية غرق السفينة في المياه بشكل مقنع ومقبول، فاستطاع المصمم أن يجد مسرحاً ذا خشبة تتوافر فيها مواصفات الخشبة المتحركة بكل أجزاءها وليست مناطق محدودة فقط والتي أضاف لها المصمم أيضاً إمكانية أن تصعد من أحد الجوانب بشكل مائل بمساعدة أجهزة ميكانيكية كهربائية أسفل خشبة المسرح المقص الهيدروليكي.

وقد حقق فكر المصمم باستخدام بانوه بعرض فتحة المسرح مثبت على المستوى الأمامي ويصعد به من أسفل خشبة المسرح في زمن دقيق وبحسابات مبرمجة على الكمبيوتر لكلا العنصرين - المقص الهيدروليكي بارتفاعه والميل الذي ينتج من هذا الارتفاع مع صعود البانوه الأسود ليغطي جزءاً فجزء من السفينة إلى أن تتكامل اللحظة بسواد حالك غطى جميع أجزاء السفينة مع إضافة التأثيرات الضوئية والصوتية لتحقيق هذا الحدث الأساسي في المسرحية.

مسرحية كانديد Candide، عُرضت في أبريل عام 1997.

استخدمت التكنولوجيا في تحريك عربة يقف عليها خمسة عشر ممثلاً يجرها ممثلان. ومن خلال محرك أسفل العربة يعمل من على جهاز للتحكم عن بعد (Remote Control). والحركة سمة أساسية في هذا الديكور المكون من عربات مركّبة عليها عناصر تشكيلية كلها تتحرك بسهولة ويسر كما أنها تفك وتركب لتكون الشكل المطلوب وبأكثر من شكل واستخدام. واحتوت مناظر هذه المسرحية أيضاً على مركب مجسم، وكان ذلك من خلال دخول مستوى في المنتصف وإسقاط ضوئي ما، يمثل فنار مركب، وباستخدام الأجهزة الضوئية الحديثة أعطى إحساساً بأن المركب يبحر في مياه. كما تضمنت هذه المناظر استخدام خامتي "الاستيروبور" والبلاستيك في تكامل وتناغم في كل من الديكور والملابس.


   

[1] المتاحف الأثنوجرافية: هي المتاحف التي تُعنى بحفظ مخلفات الشعوب ليعرف الناس عن شؤون حياتهم ما يريدون.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70237
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

فن المسرح، وتاريخه Empty
مُساهمةموضوع: رد: فن المسرح، وتاريخه   فن المسرح، وتاريخه Emptyالثلاثاء 12 أبريل 2016, 1:36 am

المذاهب المسرحية

1. المذهب الكلاسيكي

لم يعرف اليونانيون القدماء والرومانيون القدماء الذين ورثوا عن اليونانيون ثقافتهم بما فيها من مسرح وشعر وأدب كلمة "كلاسيكي" إذ إن أول من أطلق هذه الكلمة كان كاتباً لاتينياً من أهل القرن الثاني الميلادي يدعى "أولوس جليوس"، فقد كتب هذا الرجل كتاباً صاغ فيه عبارتين إحداهما هي Scriptor Classicus أي كاتب أرستقراطي يكتب للخاصة فقط، والثانية هي عبارة Scriptor Proletarius أي كاتب يكتب للعامة وجماهير الشعب. ولم يكن أولوس يقصد بعبارته الأولى هذا الكاتب الذي لا تقرأ كتبه إلا في فصول المدرسة Classes، كما وهم الذين حرّفوا معني تلك الكلمة أو كما شوهها غيرهم بعد ذلك بقرون طويلة، فزعموا أنها تطلق على كل كاتب أو كل أثر علمي أو أدبي جدير بالدراسة الأكاديمية في الكليات والجامعات. كما غلب ذلك المعني طوال العصور الوسطي وفي عصر النهضة بين الشعوب اللاتينية، وهو المعني الخاطئ الذي تسرب منذ تلك العصور إلى اللغات الحديثة.

هذا وقد كان الإنسانيون Humanists يعدون روائع الأدبين اليوناني واللاتيني هي وحدها المؤلفات الجديرة بمثل تلك الدراسة، ومن ثم أصبحوا يطلقون على الروائع اليونانية والرومانية كلمة Classics أي الروائع الكلاسيكية.

على أن هذا الاسم أصبح يطلق الآن على كل الروائع الحديثة، حتى تلك التي لم يتقادم عليها الزمن، والتي لا تمت بصلة إلى المذهب الكلاسيكي.

يعدّ أرسطو "384- 322 ق.م" بلا شك أول من قنّن المذهب الكلاسيكي في المسرحية، وضبط قواعده غير المكتوبة وذلك في كتابه "الشعر"، ذلك الكتاب المضطرب الذي لم يعدو في البداية أن يكون مذكرات مهوشة وضعها أحد تلاميذ أرسطو في أثناء أحاديثه، إلا أن أرسطو عاد ووضع هذا الكتاب في صورته النهائية سنة "330 ق.م". وكان أرسطو يكتب كتابه هذا وبين يديه مآسي الثلاثة الكبار: أسخيلوس وسوفوكليس ويوربيدس. كما كان بين يديه كذلك ملاهي أرستوفنس وغيره من عظماء عصره، وكان هؤلاء جميعاً قد ماتوا قبل أن يولد أرسطو، وكان عصر المأساة اليونانية قد انتهي، وعلي هذا فقد عاش أرسطو في فترة من فترات المسرح اليوناني كان جميع مؤلفي المآسي فيها ينسجون على نهج مآسي الثلاثة الكبار، ولعل هذا هو الذي جعل أرسطو يتخذ من مآسي هؤلاء الكبار قانونه.

ويعرف أرسطو المأساة بأنها:

"محاكاة الأفعال النبيلة الكاملة، وأن لها طولاً معلوماً، وتؤدى بلغة ذات ألوان من الزينة تختلف باختلاف أجزاء المأساة، وتتم هذه المحاكاة بواسطة أشخاص يمثلونها وليس بواسطة الحكاية، وهي تثير في نفوس المتفرجين الرعب والرأفة وبهذا تؤدي إلى التطهير "تطهير النفوس" من أدران انفعالاتها".

ويقصد أرسطو باللغة ذات الألوان من الزينة، اللغة المشتملة على الإيقاع والألحان والأناشيد. ويعد من أجزاء المأساة الكلاسيكية القصة "أو الخرافة" والأخلاق "أي الشخصيات" والفكرة والمنظر والأناشيد والحوار، وهذه عند أرسطو هي الوسائل التي تتم بها المحاكاة.

ويري أرسطو وجوب أن تكون المأساة متوسطة الطول حتى لا تمل، وأن تشتمل على بداية ووسط ونهاية، وأن تتم لها وحدة الفعل، أي وحدة الموضوع، فلا تختلط عقدتها الأساسية بعقد ثانوية، ولا تتألف من أكثر من موضوع واحد حتى لا يتشتت انتباه المتفرج وتنصرف الأضواء عن البطل إلى أشخاص آخرين فيضعف الموضوع الأصلي.

كما يرى أرسطو أن مدى الأحداث التي يتألف منها الموضوع يمكن أن يجري في الحياة الحقيقية في "دورة شمسية"، وهو يعني بتلك الدورة الشمسية نهاراً وليلة أو أكثر قليلاً. وهذه هي وحدة الزمان عند أرسطو، أما الأحداث التي وقعت في الماضي، سواء كان ماضياً بعيداً أو قريباً فتروى على ألسنة الشخصيات أو تحكيها المجموعات.

وكل مأساة عند أرسطو تشتمل على "تحوّل"، أي انتقال من السعادة إلى التعاسة والعكس، وعلى "تعرّف" أي انتقال من الجهل إلى المعرفة، مما ينتقل بالشخصية من المحبة إلى الكراهية أو العكس.

وقد ظل الناس يتدارسون ما ورد في كتاب "الشعر" لأرسطو عن المأساة الكلاسيكية أحقابا طويلة بوصفه من الأمهات في هذا الفن. وظلت أقوال أرسطو قواعد جامدة يحكم النقاد بمقتضاها حتى القرن الثامن عشر الميلادي بالرغم مما شهدته الدنيا من روائع شكسبير وكالدرون ولوب دي فيجا وغيرهم من الجبابرة الذين لم يبالوا بتلك الموازين القديمة، فراحوا يبتدعون وينظرون إلى التأليف المسرحي نظرة حرة من تلك القيود المربكة.

تعدّ فرنسا المهد الحقيقي للكلاسيكية الحديثة، ففيها ظهر الناقد المتحرر أوجييه المتوفى عام 1670م، (وموليير Moliere 1622-1673م) ، (والمؤلف تشابلان 1595- 1674م)،( ولامينارديير 1610- 1663م)، وكذلك (بوالو 1636- 1711م)، الذي نظم رسالة هوراس، وغيرهم ممن أرسوا قواعد هذا المذهب.

على أن الحركة الكلاسيكية بدأت في فرنسا بترجمة روائع المسرحيات اليونانية نفسها، ثم تزعم "إيتن جوديل" حركة الإحياء الكلاسيكي، وقد انصرف عن الترجمة إلى التأليف، محتذياً الأنماط اليونانية واللاتينية، فظهرت مأساته كليوباترا عام 1552م.

وقد حفزت هذه النهضة الكلاسيكية الفرنسية رجال المسرح الإنجليزي فأخذوا يترجمون الروائع اللاتينية بين عامي 1559- 1566م. إلا أن ريح المذهب الكلاسيكي لم تشتد في إنجلترا اشتدادها في فرنسا.

أما الحركة الكلاسيكية الحديثة في ألمانيا فقد بدأت في القرن الثامن عشر الميلادي وبالأحرى عام 1730م.

2. المذهب الكلاسيكي الحديث

تعدّ الفترة الواقعة بين عامي 1660- 1685م من تاريخ الأدب الفرنسي، هي العصر الذهبي للمذهب الكلاسيكي الحديث في فرنسا التي تعدّ مهد الكلاسيكية في أوروبا كلها. وهي تلك الفترة من حكم الملك لويس الرابع عشر راعي الفنون والآداب، وموجه الحياة الفكرية في العالم في عصره، وقد سبقت هذه الفترة حقبة من الاستعداد والاضطراب الفكري مهدت للعصر الكلاسيكي.

أما ربع القرن المهم "1660- 1685م" في حياة الكلاسيكية الحديثة في عهد لويس الرابع عشر فيمثله "راسين Racine" و"موليير"، المسرحيّان، و"بوسويه" الشاعر، و"بوالو" مقنن الكلاسيكية الحديثة وأشبه رجالها بهوراس، و"لافونتين" شاعر قصص الحيوانات والطيور الخيالية البارعة الممتلئة بالحكمة والأمثال الواعية.

ويمتاز المذهب الكلاسيكي الحديث بمحاكاة قدامي اليونان في مسرحياتهم من حيث الشكل مع تيسيرات أهمها:

أ. إباحة وجود عقدة ثانوية أو أكثر بشرط ألا يضعف ذلك من العقدة الأساسية وألا تشوه وحدة الموضوع.

ب. قبول اتساع وحدة الزمان، فلا تقف عند دورة شمسية، كما قال أرسطو، بل قد تمتد إلى ثلاث دورات أي ثلاثة أيام.

ج. قبول أن يمتد نطاق وحدة المكان بحيث يشمل مدينة بأسرها أو قصراً بأكمله، حتى إذا تغير المكان "المنظر" لم يخرج عن حدود المدينة أو حدود القصر الذي تقع فيه الأحداث.

د. الإبقاء على عظمة الشخصيات، ولكن لا مانع من اتخاذ الوصيفات والأصدقاء في أدوار لا تعد تافهة.

هـ. الإبقاء على الأسلوب الأرستقراطي على أن يكون أسلوباً واضحاً سليماً وشاعراً.

و. الكلاسيكية الحديثة لا تعرف المجموعات ولا الأناشيد.

ز.               إحلال الحب وأهواء النفس محل القضاء والقدر عند اليونانيين لتكون محوراً تدور حوله أحداث الرواية، ومن هنا أصبحت الكلاسيكية الحديثة ذات نزعة عالمية.

وقد كانت الكلاسيكية الحديثة شديدة الشبه بالكلاسيكية اليونانية من حيث إنها كانت تتجه إلى تسلية الخاصة، ومن حيث إنها كانت تتناول المشكلات النفسية والأزمات الروحية، وقد اختصت الملهاة الكلاسيكية الحديثة، في معظم أحوالها، بإضحاك المجتمع على سخافاته وأمراضه الأخلاقية والسلوكية، حتى أطلقوا على موليير "المشرّع وواضع قوانين السلوك للمجتمع".

وإذا صح أن الكلاسيكية الحديثة كانت تتجه إلى تسلية الخاصة، فقد نجحت في رفع طبقات الشعب إلى منزلة هذه الخاصة، بما كانت تقدمه إلى تلك الطبقات الشعبية في أزمات الروح والمشكلات النفسية في عالم المأساة، وما كانت تشرح به نفوس الناس وسلوكهم وأخلاق النماذج البشرية في عالم الملهاة. وأعظم من يمثل المأساة الكلاسيكية الفرنسية "بيير كورني" ونجمها اللامع "راسين".

3. المذهب الرومانسي

كما دالت دولة المسرح في اليونان القديمة والإمبراطورية الرومانية القديمة، ولم يكن اليونانيون أو الرومانيون يعرفون كلمة "كلاسيكي" أو المذهب "الكلاسيكي"، كذلك عاش شكسبير ومعاصروه من الشعراء المسرحيين الرومانسيين وهم لا يعرفون تلك الكلمة "رومانس" Romance أو المذهب الرومانسي، وإن كان مسرحهم قد عاش حياة رومانسية خالصة، تماماً كما كان المسرح اليوناني القديم والمسرح الروماني القديم في حالة حياة كلاسيكية خالصة. ذلك أن كلمة "رومانس" لم تظهر في إنجلترا إلا حوالي عام 1654م، وكان معنى "رومانس" حينئذ "القطعة الأدبية" أو "الأثر الأدبي" الذي يشبه الرومانس أو Romanz كما كان هجاء الكلمة في اللغة الفرنسية القديمة.

والرومانس كما كانوا يعرفونها في العصور الوسطي هي القصة الطويلة التي تصور المجتمع الارستقراطي، كما تصور المثل الفروسية العليا تصويراً يقوم على المغامرات والبطولة والغرام العذري الذي يشبه العبادة.

وقد وضع "هنريك هيني Heinrich Heine" الألماني "1797- 1856م" تحديداً قصيراً يسيراً لتوضيح الفرق بين المذهبين الكلاسيكي والرومانسي، وهو فرق كبير لا شك فيه.

قال هيني:

"إن الكلاسيكية هي مذهب القيود، المذهب الذي يحدد الأهداف ويقف عندها، فتري الأديب أو الفنان الكلاسيكي يلتزم القوانين الصارمة التي تدور في قيودها فكرته، فهي دائماً تبدو في إطار محدود مادي، أما الرومانسية فهي مذهب الانطلاق، مذهب العاطفة والحرية، المذهب الذي يطير بأجنحة قوية في عالم الروحانيات غير المحدود، وهو لهذا يوجب على الأديب أو الفنان أن يجعل الرمز أهم أدواته".

والمذهب الرومانسي هو مذهب العاطفة التي تحرك الأحياء جميعاً، وتتلاعب بهم وتوجههم وتستبد بهم أشد مما يستبد بهم القضاء والقدر كما في المسرحية الكلاسيكية. كما أن المذهب الرومانسي لا يتقيد بالوحدات الثلاث: وحدة الفعل، وحدة الزمان، وحدة المكان. فشكسبير يجمع إلى العقدة الأساسية في كل مسرحية من مسرحياته أكثر من عقدة ثانوية، وهو لا يقتصر على قصة أو حكاية واحدة تتسلط عليها جميع الأضواء.

والشعراء المسرحيون الرومانسيون يشبون العواطف في نفوس شخصياتهم ونفوس المتفرجين شباً عنيفاً، ويشيعون في المسرحية وفي المسرح جواً من الترقب والاستغراق، وهو الجو الذي تسبح فيه العواطف في الجنة والجحيم على السواء. والمذهب الرومانسي لا يعنى إلا بذات الفرد ودخيلة نفسه، ومن هنا كان جمال الأدب الرومانسي كله، الجمال الذاتي، جمال الروح الإنساني في فطرته التي فطره الله عليها.

والمنطق في المسرحية الرومانسية منطق فردي ضعيف، منطق هوائي، منطق تربى في ريح العاطفة المتقلبة التي لا استقرار لها.

ويعدّ مارلو "1564- 1593م" معاصر شكسبير، الذي ولد معه في عام واحد، أول ثائر على قواعد المذهب الكلاسيكي، وتلميذ مكيافيللي صاحب المبدأ السياسي "أن الغاية تبرر الوسيلة ووجوب أن يتذرع الحاكم بكل ما يجعله قوياً غلاباً وصاحب كل سلطة في بلاده". ولم يكن مارلو وحده الذي ضرب بقواعد المذهب الكلاسيكي عرض الحائط، بل شاركه في هذا معظم خريجي الجامعات البريطانية من اللامعين، وكان منهم من استعمل النثر لأول مرة في المسرحية، ثم بدأ عصر المآسي في تاريخ المسرح الإنجليزي، وهو العصر الذي تبلور فيه شكسبير، بطل الرومانسية العميقة. وقد بهر شكسبير العالم كله بطريقته العجيبة في تصوير دخائل النفس الإنسانية، وما تجيش به من عواطف وأهواء. ويعدّ وليم شكسبير ظاهرة فنية فذة في تاريخ المسرح، وقد كان ينظم مسرحياته في إنجلترا في أواخر القرن السادس عشر وأوائل القرن السابع عشر الميلادي، وكأنه كان ينظمها للعالم جميعاً وللزمان كله، إلا أن الإنجليز جهلوه أكثر من قرن ونصف القرن حتى عرّفه إليهم الناقد الألماني " شليجل Schlegel 1767 - 1845 م، فأفاقوا إلى أنهم يملكون أديباً أثمن من إمبراطوريتهم.

4. المذهب الطبيعي

ضعف المذهب الرومانسي في فرنسا، وفي كثير من دول أوروبا وأمريكا، واشتاق الناس أن يحدثهم الأدباء عن حياتهم الواقعية، وبالفعل أخذ القصاصون أمثال: ستندال Stendhal ”1783-1842م" وبلزاك "1799-1850م"، ودي فو "1660-1731م"، وهنري فيلدنج Henry Fielding "1707-1757م" ، في إنجلترا، يكتبون القصص الواقعية الشائقة التي ينتزعونها من الحياة الواقعية.

والمذهب الطبيعي هو الشيء المنسوب للطبيعة، الطبيعة كما خلقها الله، الطبيعة التي لم تتأثر بالعوامل الخارجية الطارئة والتي يصنعها المجتمع في الغالب بما يتواضع عليه من تقاليد وآداب، وما يسنه من شرائع وقوانين، وما يقيمه من معاهد للعلم أو منشآت للفنون، وما يبتدعه من أصول الذوق العام، والأدب الطبيعي هو الذي يحدثنا عن هذه الحياة الطبيعية الفجة التي لم تتأثر بهذه العوامل المكتسبة.

ولا شك أن الأخوين دي جونكور: إدمون "1822-1896م"، وجول "1830-1870م"، هما مبتكرا المذهب الطبيعي في الأدب الفرنسي، وقد كان نشاط هذين الأخوين لا يقف عند حد، وكانت لهما ميزات أدبية وفنية متنوعة، ويحسب لهما أنهما أدخلا مبادئ الفن الياباني في فرنسا. وقد كتب الأخوين دي جونكور في كل شيء، في الأدب الصرف وفي الرسائل والمقالات والقصص، وبالطبع في المسرحيات، وكانت شخصياتهما المسرحية دراسات صرفة من الحياة العامة كانا يأخذانها عمن يتصل بهم من الناس أخذا طبيعياً، لا يزيدان فيه ولا ينقصان. وقد كان غرض الكتاب الطبيعيين أن يوفروا للأجيال التالية أكبر قدر من المستندات الحية التي يعرفون بها أهل الجيل الحاضر معرفة كأنهم يرونهم بها رأي العين.

ويعتبر "إميل زولا Emile Zola" الذي ولد في باريس عام 1840م"، من أعلام المذهب الطبيعي، كذلك المسرحي جي دي موباسان "1850-1893م".

والمذهب الطبيعي أدى بجميع أربابه إلى الدمار الخلقي والصحي، ولعل ذلك ناشئ من التزام الصدق في تسجيل مجريات الحياة، بل المبالغة في التزام ذلك، دون أن يعمل الأدباء حساباً للعواطف المكبوتة.

ويلخص النقاد معالم المذهب الطبيعي في التالي:

"وهذا المذهب الذي تتغلب فيه الحقيقة على كل من العقل والتفكير، والكاتب الطبيعي يقتصر على تصوير الحقيقة المجردة، وكشف بواطنها كشفاً لا يحفل بالخجل أو الحياء أو التقاليد، وهو لا يسمح لتفكيره مطلقا بالتدخل في شأن هذا التصوير".

وللكاتب الطبيعي طريقته في كتابة مسرحياته، فهو يقلل ما أمكن من عناصر موضوعه، ويجعل عقدته، إن كانت له عقدة، بسيطة غاية البساطة، كما يقلل من الحركة، وهو يقتصد في حيل المذهب الرومانسي وزخارفه، كهذه الأحاديث الجانبية التي يتمتم بها بعض الممثلين فيما بينهم حتى يسمع الجمهور حوار غيرهم من الممثلين، وهو يقتصد كذلك في القطع الطويلة التي يلقيها ممثل واحد، والخطب المملة أو المؤثرة أو المفتعلة، وهو يستعمل بدلاً من ذلك كله الحوار الطبيعي الذي يتبادله المتحدثون.

أما من حيث الموضوع، فيفضل الكاتب الطبيعي أن يختار موضوع مسرحيته من أحداث العصر الذي يعيش فيه والبيئة التي يحيا فيها، بل من أكثر الموضوعات جدة وأقربها إلى أمزجة جمهوره من النظارة. ثم إن الكاتب الطبيعي يختار هذه الموضوعات من حياة الرعاع، بل أسفل طبقة من طبقاتها، وهو يتعمد ذلك إما لطرافة ما يعرضه على المسرح من وسائل عيشهم، وإما مجاراة لريح الديمقراطية الزائفة التي تستهوي هذه الطبقات بالعطف المصطنع عليها وتكلف الرحمة بها.

على أن الطبيعيين يعنون أشد العناية بأن يكون أبطال مسرحياتهم أبطالاً ضعافاً سلبيين، يسهل قيادهم والتأثير عليهم، كما يعنون بعالم الجريمة والأمراض، بوصفها نتيجة للظروف الاجتماعية والمرضية وظروف البيئة والوراثة، تلك الظروف التي هي في نظر الطبيعيين بمثابة تقابل القضاء والقدر عند الكلاسيكيين القدماء. ومن ثم كان معظم الكتاب الطبيعيين أقرب إلى التشاؤم والنظرة السوداء إلى الحياة ومستقبل الإنسانية منهم إلى التفاؤل والابتسام للمستقبل.

5. المذهب الواقعي

الشيء الواقعي هو الذي تحول إليه الشيء الطبيعي بعد أن تأثر بعوامل خارجية طارئة، والعوامل التي صنعها المجتمع بما تواضع عليه من تقاليد وآداب.

لم يكن من المنتظر أن تنحسر تلك الموجة الرومانسية الهائلة التي اجتاحت الأدب الفرنسي على يدي فكتور هوجو، وبتلك السرعة لتحل محلها موجة عاتية من المذهب الواقعي، على أيدي ستندال، وبلزاك، وفلوبير وغيرهم.

ويعدّ الكاتب "هنري بايل" الذي عرف في عالم الكتابة باسم "ستندال" أول زعماء المذهب الواقعي في فرنسا، وهو الذي حفلت حياته بضروب من الشجاعة والمجد، حيث شهد الكثير من معارك نابليون، كما حضر نكبة الجيش الفرنسي في موسكو. وكانت قصة ستندال الخالدة "الأحمر والأسود" أول محاولة جدية في إحلال المذهب الواقعي محل المذهب الرومانسي في فرنسا، وقد وصف فيها الحياة المعاصرة وصفاً واقعياً بعيداً عن أية مسحة رومانسية، بل سلك طريقاً مضاداً للرومانسيين فبشّر في قصته هذه بمذهب القوة.

ثم ظهر إلى جانب ستندال، من كتاب القصة الواقعية الفرنسية، "بلزاك" الذي وصفه الناقد سانت بيف فقال: "إنه أعظم رجل أنجبته فرنسا". وقد تأثر بلزاك في أول نشأته بالمذهب الرومانسي، لكنه أفاق ولم يترك صنفاً من الناس إلا وصفه، ولا جماعة من الجماعات إلا أعطى منها صورة لا تبرح مخيلة قارئها، لا يبالي إذا كان يصف ملكاً أو ملكة أو قائداً أو أديباً أو شاعراً أن يقفز فيصف طباخاً أو جندياً أو جزاراً أو فلاحاً عادياً، ويصفهم بالصدق نفسه الجريء الذي لا يبالي وبالحرارة نفسها، ثم هو يثب من الوصف العام إلى الوصف الخاص الدقيق الذي يتغلغل في أعماق المشاعر ودنيا الأسرار، ملوناً صوره الواقعية هذه بلمحات حلوة جذابة من المذهب الرومانسي، لكنه لا يسمح لهذه اللمحات بالطغيان على الأصل، وهذا كله موشى بالنظرات الفلسفية، والدراسات والتحليلات الرقيقة، مما جعله زعيم المذهب الواقعي ومرسي دعائمه.

أما "جوستاف فلوبير " فحسبه أنه منشئ أروع قصة في الأدب الواقعي كله وهي قصة "مدام بوفاري"، والقصة صورة بارعة للحياة الريفية الفرنسية في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، وصف فيها فلوبير الطبقة البرجوازية التي نشأ هو منها. ويعد "إبسن" إمام المدرسة الواقعية في المسرح الحديث، لأنه كان أقوي كتاب هذه المدرسة في أوروبا كلها.

والكاتب الواقعي في المسرح لا ينقل الحياة الواقعية نقلاً حرفياً أو نقلاً فوتوغرافياً كما يفعل الكاتب الطبيعي، بل هو يلخصها ويعطي جوهرها، والمسرحية الواقعية لا يشترط أن تكون مسرحية تعليمية، أي موضوعة لغرض تعليمي أو للتبشير بفكرة معينة، وإن كان من المستحسن أن تكون كذلك، حتى لا تكون مجرد ترف ذهني أو متعة للتسلية في الفراغ، كما هو الشأن في أكثر المسرحيات الرمزية والسريالية.

لكن المكروه، بل غير الجدير بالمسرحية الواقعية أن تكون بوقاً من أبواق الدعاية لنظام معين، لأنها بذلك تجافي الفن وتدجل على الذهن وتمسخ حرية الفكر، وأجمل المسرحيات الواقعية ما كانت صادرة عن فكرة إنسانية تعود بالخير على عقول الناس وقلوبهم وأذواقهم وتزيدهم إنسانية، وترهف فيهم مشاعرهم الفنية، وتضاعف فيهم الإحساس بالجمال والحق والخير. وكلما كانت المسرحية الواقعية تطبيقاً أو عرضاً لمشكلة من مشكلات الحياة العملية، أو نقداً لوضع من الأوضاع العامة العالمية كانت مسرحية ناجحة. وفي هذا كان إبسن يتفوق على مقلديه من الواقعيين المحدثين الذين يتناولون في رواياتهم الأفكار التجريدية التي تغرق في فلسفتها المشكلة الحية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70237
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

فن المسرح، وتاريخه Empty
مُساهمةموضوع: رد: فن المسرح، وتاريخه   فن المسرح، وتاريخه Emptyالثلاثاء 12 أبريل 2016, 1:37 am

المذاهب المسرحية
 

6. المذهب الرمزي

الأدب الرمزي هو ذلك الأدب الذي يقرؤه القارئ العادي فلا يفهم منه إلا ظاهره، أما القارئ المتأمل فيفهم منه ذلك الظاهر، ولكنه لا يقف عنده، بل هو لا يكاد يمضي في القطعة الأدبية الرمزية حتى يبهره ما تحت سطحها. وتتفاوت الصور في الأدب الرمزي في مقدار ما فيها من الجمال والمعاني والأهداف، والأعجب من هذا أن قارئاً متأملاً، قد تتخايل له صور ذهنية جديدة غير التي تمر بذهن قارئ متأمل آخر. وهذا بالضبط ما حدث عندما نظم إبسن قصيدته المسرحية الرمزية "بيرجنت"، إنه لم يقصد مطلقاً أن تكون هذه المسرحية رواية تمثيلية تظهر على خشب المسرح، بل هو قد ألفها للقراءة ولتنبيه شباب بلاده الكسول المتراخي إلى عيوبه الخلقية والسلوكية، وإلى أنه يسلم روحه لأحلام الكسالى المتراخين في زمن استيقظت فيه الأمم على صوت الثورة الصناعية الاشتراكية المدوي، وما أحدثته الأفكار الفلسفية العقلية الجديدة من وعي عام في كثير من أركان العالم، لكن إبسن سمع أن رجال المسرح الألماني يخرجون مسرحيته الرمزية "بيرجنت"، فلم يملك إلا أن سافر لألمانيا ليشهد ماذا يصنع هؤلاء الألمان في تلك القطعة التي يكاد إخراجها في المسرح يكون مستحيلاً، فلما شهدها هناك راعه الإخراج، والتمثيل، لكن ما راعه أكثر وملك عليه تفكيره هو أن هؤلاء الألمان قد فسروا المسرحية تفسيراً رمزياً، وخرجوا لها من المعاني ما لم يخطر للمؤلف نفسه على بال. وهذا هو الأدب الرمزي.

والأدب العربي من أغنى الآداب العالمية بالرمزية، والكتب الدينية تزخر بأدب رمزي لا نظير له، وكذلك الكتب العربية الأدبية مثل ألف ليلة ورسالة الغفران للمعري.

والحركة الرمزية في الأدب الأوروبي الحديث حركة نشأت في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، ونشأت في فرنسا أول ما نشأت، وكان أبطالها رجالاً بعيدين عن المسرح وعلي رأسهم "مالارميه" و"ريمبود" و"فرلان" و"بودلير". والذي حفزهم إلى حركتهم الرمزية هو الرد على رجال المذهبين الواقعي والطبيعي. فقد أنكروا على هؤلاء اغترارهم بظواهر الطبيعة والواقع، وأن الحقيقة لا تبدو في صورتها الصادقة الأصيلة إلا في أعماق الأشياء وليس تحت سطحها، وكانت طريقتهم في الكشف عن هذه الأعماق بالرمز والإيحاء والتلميح، وليس بالجهر والفضح والتصريح، لأن الرمز والإيحاء والتلميح في نظرهم عوامل خلاقة، تولد المعاني في ذهن القارئ والمتفرج، بينما الجهر والتصريح والفضح من عوامل الهدم وتخريب الصور الفنية وتعويد ذهن القارئ والمتفرج البلادة والاتكال على غيره في معرفة الأشياء، والوقوف به عند ظاهرها وقوفاً خاطفاً. ولهذا السبب حفلت آداب الرمزيين وقصائدهم بالألغاز والمعميات.

وكثيرون من الرمزيين قوم لا يرون للحياة رسالة، ولا للعيش هدفا، ولا للدنيا قيمة، ومعظمهم يرفضون الأدب الموضوعي، سواء كان أدباً اجتماعياً أو أخلاقياً، وهم إنما يرمزون لمجرد الترف الذهني واللذة الفكرية المجردة، ولذلك كان المبدأ الذي يتشبثون به هـو مبـدأ "الفن من أجل الفن" و"الصور الجمالية من أجل الصور الجمالية".

7. المذهب التعبيري

منذ أن فاجأ فرويد العالم بنظرياته المهمة قي علم النفس الحديث، ومنذ أن أخذ يستكشف مجاهل العقل الباطن ومدي تحكمه في تصرفات الإنسان بما يختزنه من التجارب والانطباعات التي ترجع إلى عشرات الآلاف من السنين، بالإضافة إلى ما يختزنه من تجارب الماضي القريب وانطباعاته، شرع الكتاب المسرحيون يطبقون نظرياته التي آمنوا بها لما كشفت من أسرار النفس الإنسانية، وما أظهرت من خفاياها.

ويختلف مؤرخو الأدب المسرحي فيمن كان أول المؤلفين الذين أخذوا يطبقون المذهب التعبيري في المسرح، وهم مع اختلافهم هذا متفقون بشكل أكيد على أن المذهب التعبيري ظهر في ألمانيا في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، حوالي عام 1891م، وذلك حين كتب "فرانك ودكند" Frank Wedekind مسرحيته "اليقظة المبكرة"، التي لم تمثل إلا في عام 1906م، والتي استعمل فيها بدعة الأقنعة القديمة وغيرها من الرموز التعبيرية، والتي كتبها بهذا الأسلوب الخطابي الممتلئ بالمنولوجات الطويلة.

ثم جاء بعد ذلك الكاتب السويدي "سترندبرج، مؤلف مسرحية "الأب" من المذهب الطبيعي، فكتب عدداً من المسرحيات التعبيرية من أروعها مسرحية "لحن الأشباح".

ثم قامت حركة تعبيرية أخرى في ألمانيا بين عامي 1915-1925م، ترمي إلى مقاومة المذهبين التأثيري والطبيعي، وكان روح هذه الحركة التعبيرية الثانية هو لباب المذهب التعبيري نفسه، أي تصوير دخيلة النفس الإنسانية، وعدم الانخداع بالمظاهر السطحية التي قد تدل على شيءً مطلقاً مما فطرت عليه نفس الشخص وما اندس فيها من غرائز و أسرار، وهو نقيض ما يذهب إليه المذهبان التأثيري والطبيعي وكان هدف التعبيريين الدعوة إلى مُثل جديدة تنقذ المجتمع الألماني مما أفسده به التأثيريون والطبيعيون من ذلك التحلل الأخلاقي الذي أدى إليه تصويرهم مظاهر حياة الناس كما هي، دون تعمق ما وراء هذه الحياة الظاهرية من أسرار ودخائل، وما أدت إليه أصول المذهب الطبيعي خاصة من التماس هذه الصور في أحط البيئات الإنسانية.

ومن كتاب الحركة التعبيرية في المسرح "إرنست تولر Ernst Toller"، و"بخر Becher"، و"قيصر Kaiser"، ثم الكاتب الأمريكي جون هوارد لوسون.

ثم قامت فئة أخرى من رجال المذهب التعبيري شغفت شغفاً شديداً بالتغلغل في خفايا النفس البشرية، وجعلت هدفها تقديم مجتمع جديد وهيئة إنسانية أكثر سعادة. ومن رجال هذه المدرسة الكاتبان ورفل وكافكا، ثم برز من رجالها أعظم كتاب أمريكا المسرحيين "أوجين أونيل"، ذلك الكاتب الذي لم يدع مذهباً من مذاهب الكتابة المسرحية إلا نبغ فيه، حتى أحدث في دنيا المسرح ضجيجاً لا يقل عما أحدثه هاويتمان وبرنارد شو من رجال المسرح الحديث.

أما أهم سمات المسرح التعبيري فاشتمال المسرحية التعبيرية على شخصية رئيسة واحدة تعاني أزمة روحية أو ذهنية أو نفسية، على أن ترى البيئة والناس في المسرحية من خلال نظرة تلك الشخصية الرئيسة إليهما، على أن تكون نظرة متفرسة يترجمها مؤلف المسرحية ويعبر عنها بوسائله المسرحية الرمزية.

وتتألف المسرحية التعبيرية، عادة، من عدد كبير متتابع من المشاهد والمناظر التي تصور منازل الطريق، وهي المنازل التي يحط فيها البطل رحاله من حين إلى آخر أثناء تجولاته في دنياه الداخلية الخاصة، وهو يعاني أزمته النفسية حتى تنتهي تلك المنازل بمصيره المحتوم الذي لا مفر منه. ففي المسرحية التعبيرية لا يري المشاهد إلا هذه الشخصية الرئيسة، أما ما عداها من الشخصيات فتبدو أشبه بشخوص الأحلام، غير محددة المعالم، شخوصا تسبح في عالم من الظلال، وفي دنيا مهوشة مشوهة لا تكاد العين تستبين فيها شيئا كاملاً، أو منظراً تاماً. إنها شخصيات مساعدة لا أكثر، كلها في خدمة البطل لتتركز كل الأضواء عليه.

وفي المسرحية التعبيرية لا بأس من أن يكون المشهد الأول من مشاهد الحياة الواقعية، وذلك لتيسير الدخول في الموضوع وعرض العقدة النفسية التي سينطلق منها البطل ليندفع في المناظر الكثيرة التالية إلى مصيره ولما كان الهدف من المسرحية التعبيرية هو تصوير دخيلة النفس وتجسيم تجارب العقل الباطن، فليس مهماً تصوير المظاهر الخارجية المحتملة الوقوع.

وشخصيات الروايات التعبيرية نماذج لا أفراد عاديين. ومن ثم يسمون بأسماء رمزية، أو ندعوهم الرجل أو المرأة، أو السيد صفر أو الشاعر أو الشرطي، الخ.

كما أن لغة المسرحية التعبيرية لغة مقتضبة، يكثر فيها حذف أواخر الجمل، كما إنها لغة سريعة تلغرافية لاشيء فيها من الزخارف البلاغية. بل يحسن أن تكون لغة دارجة في معظم الأحيان حتى تبتعد عن اللغة الرسمية التي لا يستعملها الناس في تفكيرهم الخاص.

أما التمثيل التعبيري فيكون سريعاً شديد التحدر، خيالياً، متنوع المناظر، مصحوباً بالموسيقي والأصوات الرمزية، حافلاً بالحيل المسرحية كالأقنعة والملابس الغريبة والإضاءة التي تثير الخيال، غنياً بالديكورات. والإضاءة في إخراج المسرحية التعبيرية عامل أساسي من عوامل نجاحها، وعادة ما يكثر المخرج من الأركان الشاحبة والمعتمة.

والمسرحيات التعبيرية لا تحلل أو تعلل أو تعلق، وإنما فيها بعض الشبه من المسرحية الطبيعية، وإن خالفت من حيث تصوير أعماق النفس الإنسانية، في حين أن الطبيعيين لا يصورون إلا السطح والحياة المادية فقط. وهي إن لم تكن حسنة الإخراج بدت رتيبة مملة، بل سخيفة مربكة، لكنها مع ذلك أحسن وسيلة لتصوير دخائل النفس الإنسانية تصويراً مسرحياً يعين على فهم الخلجات العميقة مجسمة فوق المسرح.

وقد كتب "أوجين أونيل Eugene Oneil" مسرحيته التعبيرية "الإمبراطور جونز" عام 1920م في ثمانية مناظر، وهي تعد من علامات التعبيرية المسرحية.

8. المذهب السريالي

المذهب السريالي هو المذهب الذي يحلق وراء الحدود المألوفة لما اتفق على تسميته الواقع، وهو يحاول أن يمد الفنون والآداب بما لم تألفه من المواد الغريبة عليها، أو المواد التي لم يسبق للكتاب والفنانين أن يستعملوها، إما رهبة منها أو جهلاً بها أو لعدم قدرتهم على تكييف طريقة تناولها، ومن ذلك المزج في المسرحية الواحدة أو القصة الواحدة أو الصورة أو التمثال الواحد بين تجارب العقل الواعي والعقل الباطن، ومن ضرورات هذا المزج ألا يخضع الكاتب أو الشاعر أو الفنان لأصول المنطق والتفكير المقعد السليم، وذلك لأن من أهم قواعد السريالية أن تتغلب سمات العقل الباطن وصبغته على سمات العقل الواعي وصبغته في عملية المزج بين تجارب كل منهما في رواية الكاتب أو قصيدة الشاعر أو صورة الرسام أو تمثال المثال. ومن آثار غلبة العقل الباطن هذه على العقل الواعي هذا التحلل من أصول المنطق والتفكير المقعد السليم.

والرومانسية توشك أن تقترب من السريالية، وذلك لأن من أهم أصول الرومانسية تغليب العاطفة والخيال على الأمور العقلية.

ومهما يكن من اختلاف الآراء في السريالية، فالكاتب أو الفنان الذي يأخذ بهذا المذهب يفضل ألا يرتبط بالأوضاع المعروفة في المذاهب الأخرى، وهو لذلك يأبى التقيد في المسرحية بالقالب الواحد يصب مسرحيته فيه كما يفعل الكاتب الكلاسيكي أو الكاتب الطبيعي أو الكاتب الواقعي، بل هو يؤثر التنقل في المسرحية الواحدة بين الأجواء المختلفة، تلك الأجواء الفالتة المتحللة من العرف والتقاليد، وهذا التحلل من العرف والتقاليد هو من سمات الرومانسية.

ويعتبر "هجل" و"سيجموند فرويد Sigmond Freud" و"كارل ماركس Karl Marx" مسؤولون عن السريالية بالرغم من إنهم لم يبتكروها، فقد نادي "هجل" بضرورة هدم الماضي كله لبناء مستقبل سعيد على أنقاضه، في حين أذهل "فرويد" ألباب العالم من أبحاثه السيكولوجية المهمة التي أثبتت مدي تسلط عقلنا الباطن وهيمنته القاهرة علينا، وتحكمه في تكييف أخلاقنا، وبالتالي في عقلنا الواعي. أما "ماركس" فقد دوى صوته مطالباً بهدم الرأسمالية وقيام نظام ينصف العامل ويشد أزره وينقذه من أنياب الرأسماليين.

وبذلك كان هؤلاء الثلاثة مسؤولين عن ابتكار السريالية التي لم يعرفوا شيئاً عنها، حيث ارتجل الروسي "ترستان زارا" وابتكر اسم السريالية وكان ذلك في العام 1916م، وذلك حين أطلقه على تلك الحركة الهدامة التي اختلجت في نفوس الداعين إلى القضاء على جميع موازين الآداب ومقاييس الذوق، والذين وجدوا في دعاوى ماركس العريضة رسالة جديدة تبشر بمجتمع جديد، له فنه الجديد وأدبه الجديد.

وقد أطلق على حركة السريالية في أوائل القرن العشرين الميلادي التي بدأها "ترستان زارا" كلمة "دادا"، أي بابا، وهي الكلمة التي أطلقها أتباع هذا المذهب على ثورتهم العاصفة بجميع القيم الأخلاقية، والسخرية ما وسعتهم السخرية بما توارثه الناس من آداب وتقاليد وشرائع ومثل.

أما الفن الجديد الذي كانوا ينشدونه، فقد وجدوه في تلك الكتابة اللاشعورية أو الكتابة التلقائية، التي كان "اندريه بريتون" هو أول من ارتفع بها إلى السريالية الصحيحة، وبالأحرى كان أول من انتشلها من بؤرة الفوضى التي قضت فيها فترة الحضانة في موسكو.

وقد مرت السريالية بمراحل ثلاثة بعد ذلك:

المرحلة الأولى 1920 - 1924م، وهي تلك الفترة التي كان يتلمس فيها السرياليون الطريق إلى الفنون والآداب والسياسة باستحداث الوسائل التي يستطيعون بها تسخير العقل الباطن للإنتاج في هذا الميدان الرحب الفسيح.

المرحلة الثانية 1925 - 1930م، وهي تلك المرحلة التي تحقق فيها كيان السريالية بقيام الشيوعية الدولية، وكان ذلك مصحوباً بالإنتاج الفعلي في عالمي الأدب والفنون وفقاً للأصول اللاشعورية التلقائية الخالصة.

المرحلة الثالثة بعد عام 1930م، وهي المرحلة التي أخذ فيها معتنقو السريالية يتحللون بالتدريج من التبعية السياسية لموسكو، وهو تحلل يكاد يكون ردة للأصول التي سار عليها منشئو السريالية الذين كانوا ينكرون الوطنية، ويستهزؤون بالشرائع، ويسخرون من التقاليد، ويزرون بالأديان، ويكفرون بالأسرة. وكان من آثار هذه الردة أن أصبح كتاب السريالية يتهاونون، إلى حد ما، في الكتابة اللاشعورية أو التلقائية التي يكتبها الكاتب وهو شبه ذاهل عن نفسه، وعادوا يجيزون الكتابة الشعورية إلى حد ما، وهنا نشأت طريقة جديدة أو وجه جديد من أوجه السريالية هي طريقة الاضطراب الذهني، البارانويا، التي ينتاب الكاتب السريالي فيها حال أشبه بالشرود الفكري يصدر فيها عن مزاج سوداوي، يجعل أفكاره مفككة يكاد الربط بينها يكون معدوما، وهذه هي السريالية الحديثة التي نشأت في باريس واستقرت فيها حتى اقتحمها الألمان في الحرب العالمية الثانية.

والمسرحيات السريالية تكاد تشبه المسرحيات الطبيعية من حيث عدم اشتمالها على ذروة، ومن حيث إنها مجرد عرض صور لا تربطها إلا فكرة عامة، إلا أنها تختلف عن المذهب الطبيعي بهذا الجو الرومانسي الذي تجري صورها فيه، وإن اختلفت عن المسرحيات الرومانسية في أنها تشبه الحلم، وبالأحرى أحلام اليقظة التي هي من آثار سلطان العقل الباطن.

9. المذهب الصوفي

في أواخر القرن التاسع عشر، وفي الثلث الأول من القرن العشرين الميلادي، قامت حركة أدبية قوية في أيرلندا كان أبطالها يهدفون إلى ما تهدف إليه الحركة السياسية الثورية هناك من الانفصال عن إنجلترا.

ومن ثم كان لهذه الحركة طابعها الفذ المستقل عن الأدب الإنجليزي بعامة، شعره ونثره وأغراضه.

وقد تميزت تلك الحركة في دنيا المسرح بانطباعات عدة أهمها ما كان يدعو إليه الكاتب المسرحي جون ملينجتون سين John Millington Synge 1871 - 1909م، وليدي أوجستا جريجوري Lady Augusta Gregory 1852 - 1932م ، ووليم بتلر ييتس William Butler Yeats 1865-1939م، من الثورة على المذهب الواقعي وتجريد المسرح والمسرحية للأغراض الأدبية الخالصة البعيدة عن الأفكار، التي لا تنشد إصلاحاً ولا تهتم بنقد المجتمع، أو التبشير بفلسفة اجتماعية خاصة، وكان سين يتحمس لهذا تحمساً شديداً، ويحتج له بأنه لا بد للمسرحية أن تكون عملاً فنياً خالصاً يسمو بالنفس البشرية ويعلو بها فوق عذاب هذه الحياة المملة المتعبة المكتظة بالآلام والمواجع، تماماً كما تفعل الموسيقي السيمفونية.

من أجل ذلك اتجه الكتاب نحو الأسطورة والأسطورة الدينية، ونحو تصوير الروح الريفي الذي تزيده طبيعة الجزيرة الأيرلندية فتنة على فتنة وسحراً فوق سحر.

وقد اتجهت ليدي جريجوري ووليم ييتس بالمسرحية اتجاهاً صوفياً روحانياً، وهو ما يكاد يشبه ما حدث في عالم التصوف الشرقي، حينما انقسم المتصوفة في الشرق فكان منهم من حافظ على روح الشريعة، وإن ساروا بفرائض الدين في طريق كله تزكية روحية وصفاء مستنير وتطهير وجداني لا غبار عليه، وكان منهم فئة أخرى ضالة استعلت على العلم والشريعة، فزعمت أنهما للعامة، العامة التي لا بد أن تؤخذ بالعلوم والفرائض والشرائع والقوانين تضبط حركتها وتقيد تصرفاتها في كل شيء، في العبادات وفي المعاملات على السواء. أما الخاصة وهم صفوة المتصوفة فيما يزعم هؤلاء، فهم أهل الحقيقة، وهم لذلك لا يتقيدون بما يدعو إليه الدين من فرائض، وما يلزم به العامة من علم ومن شرائع وقوانين، وكلا الفريقين يدعو إلى التخلص من مادة هذا العالم والاندماج في الذات الإلهية.

وتكاد ليدي أوجستا جريجوري تمثل الفئة الأولى، ويكاد وليم بتلر ييتس يمثل الفئة الثانية.

والمذهب الصوفي خليط من المذاهب الرومانسية والرمزية والسريالية، كما أن له صلة واضحة ببذرته الأولى، وهي المسرحية الدينية ولاسيما النوع الأخلاقي منها. وقد كتبت ليدي جريجوري مسرحيتها الصوفية "الرجل المسافر"، في حين كتب ييتس مسرحية على نمط هذا المذهب هي "حيث لاشيء". كما تجدر الإشارة إلى مسرحية "كل حي"، وهي مسرحية أخلاقية تنسب إلى مؤلف مجهول في عصر إدوارد الرابع Edward IV 1461-1483م، وقد مثلت هذه المسرحية في الميادين العامة قديماً، إلا أنها أعيد إخراجها في العصر الحديث في كل من إنجلترا وأمريكا ونالت نجاحاً وأقبل عليها الجمهور إقبالاً شديداً، وذلك لما فيها من الإثارات الدينية القوية التي تلائم أمزجة الجمهرة المتدينة في كل أمة من الأمم.  

10. المذهب الوجودي

الوجودية نسبة إلى الوجود، ولكل شيء عند الوجوديين وجود وصورة، والصورة هي مجموعة من الخصائص والصفات الثابتة التي يتصف بها الشيء، فهي جوهر الشيء الموجود أو ماهيته، أو ما هويته، كما يعبر عنها بعض الوجوديين نسبة إلى ما هو؟.

أما الوجود فهو كينونة الشيء بالفعل في هذا العالم، والشيء لا تكون له صورة إلا إذا وجد أولاً، ولذلك كان الوجود سابقاً على الصورة في نظر الوجوديين، وهم في ذلك يختلفون عن أفلاطون في نظرية المثل المشهورة التي تجعل الصور سابقة على وجود الأشياء. وهكذا يقول الوجوديون بوجـود الأشياء أولاً، ثم تتولى هي بنفسها صيرورتها إلى الصورة التي تريد.

والوجوديون يقصدون بهذا الكلام عن الوجود والصورة، الإنسان قبل أي شيء آخر، بل لعلهم لا يقصدون به شيئاً آخر غير الإنسان، ويذهب "جان بول سارتر Jean Paul Sartre"، إلى أن وجود الأشياء يأتي بعد صورتها إلا في الإنسان، إذ يتحقق وجوده أولاً، ثم تتحقق صورته: أي صفاته، أو ماهيته، أو هويته، بعد ذلك.

وهذه الفئة من الوجوديين، هي الفئة المادية التي تنكر وجود الخالق - سبحانه - الذي يخلق الناس وهم ينكرون وجود الخالق لأن الإنسان الوجودي في نظرهم هو الذي يتولى خلق أعماله، ويحدد صفاته أو ماهيته أو صورته بنفسه، وعلى ضوء ما يراه بعد أن يفكر ويختار اختياراً حراً لا يمليه عليه أحد من الخارج. حتى ولو كان هذا المملي من الوجوديين أنفسهم.

على أن من الوجوديين فئة أخرى تؤمن بوجود الخالق، وهؤلاء هم الوجوديون الدينيون، أو الوجودية المؤلهة، أي التي تعترف بوجود إله خلق الإنسان، لكنه لم يخلق أعماله. إن الله في نظر هؤلاء الوجوديين الدينيين يخلق الإنسان، ثم الإنسان بعد ذلك هو الذي يخلق أعماله بنفسه، أي أنهم يرفضون فكرة الجبر، ويؤمنون بفكرة الاختيار. ومن هنا كانوا يؤمنون بوجود الإنسان أولاً، ثم بالصورة التي يخلقها الإنسان ثانياً.

أما الوجوديون الملحدون الذين لا يؤمنون بوجود إله، فزعيمهم هو "جان بول سارتر"، ومنهم "مارتين هيدجر Martin Heidegger"، و"ألبير كامي Albert Camus"، و"سيمون دي بوفوار Simone de Beauvoir". وتقوم فلسفة هؤلاء على وجوب أن ينظر الإنسان في مجتمعه، وفي العالم الذي يعيش فيه، وما يجب عليه أن يقوم به في هذا المجتمع وفي ذلك العالم، ليكون وجوده مشروعاً.

11. المذهب التجريبي

المسرح التجريبي مفهوم حديث، يرجعه بعض النقاد إلى ستانسلافسكي في محاولته لإنشاء معمل مسرحي لأحد تلاميذه، وإلى أنتونيان آرتود Antonin Artaud، في مسرحه "القسوة"، وتجارب العنف كما في مسرح فايس، وكلها وغيرها تجارب تحق عليها صفة التجريب، أو صفة الطليعية، طبقاً لمفاهيم العصر الحديث. إذ إن التجريب أصلاً هو ما كان يتعلق بعرض خاص، له مواصفات فكرية وتنفيذية كالتي حققها ماكس رينهارت Max Reinhardt، في مسرحه الخاص الصغير.

والحقيقة أنه ليس هناك تاريخ ثابت لتحديد نشأة المسرح التجريبي، وإن كانت ثمة بدايات قد طالعنا بها ظهور المسرح الحديث، في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، وفي مقدمة هذه البدايات مسرح "أندريه أنطوان Andre Antoine"، مؤسس المسـرح الحر في فرنسا، إذ يُعدّ مسرحه من أوائل المسـارح التجريبية، التي ذاع صيتها في جميع أرجاء العالم، وكان تجريباً لجمهور عام.

كانت بداية المسرح الحر بداية متواضعة، ومع ذلك أصبح مسرحه المبني من الخشب في الفنون الجميلة بباريس، حيث قدم أنطوان أول عروضه للمسرح التجريبي، صرخة مدوية ورمزاً للقوي التقدمية في عصره، وقد نجح أنطوان، الممثل والمخرج، منذ اللحظة الأولى في وصل التعاون بين مسرحه وكتاب الأدب، خاصة الأكاديميين منهم، وعلى رأسهم إميل زولا. أما مسرحه فقد كان يتسع 343 متفرجاً، وكانت تسودهم روابط الأسرة. وقد كان مسرح أنطوان، بحق، ثورة على التقاليد المسرحية، واتجاهاً جديداً نحو الأسلوب الطبيعي بكل تفاصيله، فالممثلون في المسرح التجريبي يتحركون على المسرح حركة طبيعية، ولأول مرة أدار الممثل ظهره للجماهير، وكانت مفاجأة لم يعهدها أحد من قبل، وغالى أنطوان في أسلوبه، حين اقتضت بعض المناظر أن تظهر تماما كالطبيعة، فتجد محل جزار بلحوم حقيقية، ومحل صانع أحذية بكل عدده وعدته. ولم يكن أنطوان ليرضى مطلقاً، إلا أن يحاكي الطبيعة بحذافيرها.

وظهر، فيمن ظهر من أعلام المسرح التجريبي الحديث في فرنسا، المخرج "جاك كوبوه"، الذي أنشأ مسرح "الفييه كولامبيه" عام 1913م. ومن دوافع تأسيس مسرحه الجديد، ضيقه الشديد بالوسط المسرحي والمسرحيين في أيامه. وقد كان "كوبوه"، حين أسس مسرحه، غير مهيماً باتجاه مسرحي معين، إلا أنه أوضح فلسفة مسرحه الجديد بنشرة يختلف فحواها عمقاً، عما سبق أن جاءت به نشرات المسارح التجريبية الأخرى، في عصره.

وحين بدأ "كوبوه" مسرحه، بدأه بأحد عشر ممثلاً، راحوا يقرأون المسرحيات بصوت عال، ويرتجلون المشاهد التمثيلية، ويؤدون التمرينات الإلقائية والحركية، التي تعينهم على الأداء الفني السليم.

وهكذا ضرب مسرحه أروع الأمثلة في حقل التجريب المسرحي، حتى صارت مسرحياته الأسس، التي نهج على منوالها تلاميذه من بعده، أمثال: جوفيه وديلان وبيتويف وباتي.

أما دعاة التجريب بمعناه الطليعي، مضموناً وشكلاً والتزاماً، فقد مارسوه بشجاعة، وأبدوا فيه نشاطاً ملحوظاً، نحو تطوير حركة الطليعيين المسرحيين، في مجال المسرح، في النصف الثاني من القرن العشرين الميلادي، حسب رأي "جيمس روز ايفانز"، التي أنتجت عدداً من الأشكال المسرحية، ما زالت تواصل رسالتها، ومنها على سبيل المثال؛ مسرح اللامعقول، ومسرح البوب، المسرح التجريبي الذي يتناول موضوعات حديثة، ومسرح الجريدة الحية، والمسرح التسجيلي.

وتلك الأشكال، وما إليها من أشكال التجريب الطليعي، هدفها البحث عن الإمكانات الجديدة، والأغوار البعيدة، لفن الدراما بأوسع المفاهيم.

والمسرح التجريبي بأشكاله المسرحية المتعددة، لا يجتذب، خاصة في بداية عهده، إلا الخاصة المتخصصة، إذ إن الإنتاج، في الغالب، يتمتع بدرجة عالية من التقدير الفني والفكري، خاصة ما يتعلق بتكتيك الفن المسرحي. إلا أنه بمضي الوقت أخذ شكلاً جماهيرياً، كمسرح اللامعقول والمسرح التسجيلي.

ومن أشهر المسارح التجريبية المعاصرة في إنجلترا، مسرح "ستوك أون ترنت"، الذي يتخذ لنفسه شكل المسرح في الدائرة. وتقدم فرقته عديداً من التجارب المسرحية، التي لا تعتمد على الديكور، وإنما على كافة المؤثرات التكنولوجية التي تسهم في إثراء العمل المسرحي. والمسرح في الدائرة، أو مسرح الحلقة، (اُنظر صورة المسرح الدائري)، يتمتع بمزايا عدة، أهمها:

أ.   منصة للتمثيل تختلف جذرياً، عن منصة التمثيل التقليدية المغلقة، بحيث تعطي الممثل فرصة أكبر لاكتساب حصيلة جديدة من حرفية الأداء، وهو محاط بالجماهير من جميع الجهات.

ب. مسرح بسيط في إنشائه، اقتصادي في نفقات الصرف على برامجه.

ج. مسرح يربط المتفرج والجمهور برباط الود، ويجعل من وجه الممثل شبيهاً بنظيره في السينما والتليفزيون، من حيث الرؤية والأثر الدرامي المباشر.

ويُعد مسرح "الهامستيد Hampstead" بحي سويس كوتدج Swiss Cottage  أشهر المسارح الطليعية بإنجلترا ، ويتسع المسرح لحوالي 150 متفرج. ولهذا المسرح فلسفة خاصة في مجال التجريب، إذ يشجع المحترفين من الممثلين للإدلاء بخبرتهم، واختبار مواهبهم على أعلي المستويات، بغض النظر عن الأجور الضئيلة، التي يدفعها لقاء ما يُتاح لهم من فرص.

وهناك أمثلة عديدة، لا حصر لها، من المسارح التجريبية المماثلة، التي أصبحت توصف بالمسارح الطليعية، ولكل من هذه المسارح، بالطبع، فلسفته وأسلوبه في العمل الطليعي.

كانت تجربة "أنطوان" ثورة على القديم بكل مفاهيمه ومقوماته، والاتجاه بالمسرح جذرياً نحو محاكاته للطبيعة. وكانت محاولة "فسفولود ميرهولد Vesvolod Meyerhold" الروسي، في الاستعانة بالرمزية والتعبيرية، في تجسيد العمل المسرحي، ثورة ضد أستاذه "كونستانتين ستانسلافسكي Konstantin Stanislavski"، محقق الواقعية؛ ثم كانت تجربة "كوبوه" الفرنسي، نحو اكتشاف مسرح الغد، مسرح الجماعة، ورفضه الإيمان باتجاه معين دون آخر؛ ثم كانت الحركة الطليعية الحديثة في أوروبا، التي تمثلت في مسرح "اللامعقول"، وما بعده كمسرح "الواقعة"، والمسرح "المفتوح"، والمسرح "الحر"، والمسارح المشابهة، التي انتشرت في أواخر الستينيات، وبداية السبعينيات من القرن العشرين الميلادي في أمريكا.

12. المذهب الملحمي

لا يكشف المسرح الملحمي عن شخصيات، ولا يعقد عقدة مسرحية، بل يروي قصة ويسردها. والقصة هي التي تستلفت النظر، وهي التي يتحتم عليها أن ترشد الممثلين وتهديهم. من ناحية أخرى، لا تبسط المسرحية الملحمية حدثاً كبيراً واحداً، بل تحبك عديداً من الأحداث الصغيرة التي تلقي الضوء على موقف ما من زوايا مختلفة.

وخاتمة الدراما الملحمية أو الملهاة ليست لها في الواقع إلا أهمية ثانوية. فكثير من المتفرجين الذين شاهدوا "فيدرا" لا يذكرون بالطبع الطريقة التي تنتهي بها المسرحية، فالقصة بالفعل هي التي تستلفت النظر. ولا يسري هذا القول على مسرح "برخت" فقط كما في "فيدرا" و"أندروماك"، بل في كل مسرح ملحمي جدير بهذا الاسم. مثلاً تروي "أنتيجونا" قصة امرأة شابة تعرض نفسها للموت طاعة للقوانين غير المكتوبة. وتروي "فيدرا" قصة زوجة رجل مسنّ تطلق لنفسها العنان وتصرح لابن زوجها بأنها تحبه؛ لأنها ظنت أن زوجها قد مات، ويعود الزوج. وتروي مسرحيات شكسبير قصصاً من الجمال بحيث حولها البعض إلى حكايات زادت من شهرة مؤلفها وذيوع صيته. وتروي "حرب طروادة" قصة رجلين حسني النية ظنا أن الحكمة يمكن أن تجنبهما شرور الحرب، وتروي "الخرتيت" قصة رجل يرفض أن يتبع حركة تقليد القطيع التي تدفع إلى العبودية.

وسر جاذبية هذه القصص الملحمية يكمن في نهاية الأمر في موقف لا مخرج منه:

"فيدرا" أمام حب محرم، "أنتيجونا" أمام إخلاص محرم، عطيل الأسود أمام امرأة بيضاء من الجمال والطهر بحيث ترمز إلى التملك المحرم، وهكذا.

أما عن الطبائع والدراسة النفسية التقليدية التي أشتهر بها المسرح الملحمي فهي مقتضبة.

ويحاول الشاعر الألماني برخت في مسرحه الملحمي أن يبين الكائنات في مواجهة بناء اجتماعي يكونها ويوجهها ويلزمها، والجدية توجد عند برخت في مسرحه بالقدر الذي يريد أن يبين به في المسرحية الواحدة بيئة اجتماعية بعاداتها ومعتقداتها، وتطوراً موازياً لها في الأفكار والأفعال وطباع البشر، هذه الحركة التاريخية المزدوجة هي ما أراد أن يبرزه في مسرحه الملحمي الذي يلقي الضوء على أثر متبادل، أثر البشر على المجتمع، وأثر المجتمع على البشر. وبهذا القدر يعبر المسرح الملحمي عن إثراء للمعرفة الإنسانية.

وقد اتهم برخت المسرح التقليدي بأنه يقدم طبائع ثابتة فقط لا غير، وأكد على الواقعية التي تقول بأن الإنسان غالبا ما يكون نتاجاً للأحداث. وتعدّ مسرحية "جاليليوجاليلي" من أشهر مسرحيات برخت والمذهب الملحمي في الوقت ذاته، وهي تروي حياة العالم جاليليو.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70237
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

فن المسرح، وتاريخه Empty
مُساهمةموضوع: رد: فن المسرح، وتاريخه   فن المسرح، وتاريخه Emptyالثلاثاء 12 أبريل 2016, 1:40 am

عناصر الفن المسرحي

1. الإخراج المسرحي

لئن كان المخرج، إلى حد ما، وافداً حديثاً على المسرح، فان منزلته في المسرح الحديث في عملية عرض النص الحي على المسرح لا يسبقها في الأهمية سوى منزلة المؤلف. وهذه حقيقة يتأكد صدقها بنوع خاص في مسرح الهواة، حيث يكاد المخرج يكون "المحترف" الوحيد في هذا الميدان، بل حتى في مسارح برودواي، وإن كانت بعض الأسماء أمثال دافيد بيلاسكو، وتيرون جاثري، وإيليا كازان، قد أحرزت صيتاً لم يحرزه من قبل سوى المؤلفين ونجوم التمثيل.

وترجع لفظة مخرج من الناحية التاريخية، إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي، وإن وجد دائماً من يتولى القيام بأعباء بعض الوظائف التنفيذية المعينة.

ففي اليونان القديمة كان هذا الشخص، في غالب الأحيان، هو المؤلف، وفي إنجلترا كان أبرز ممثلي الفرقة. وعرف الزمن أشخاصاً آخرين، تفاوتت بينهم نسب النجاح، تولوا مهمة الإشراف على التدريبات وتقديم المسرحية على خشبة المسرح. غير أن فكرة المخرج هي في الواقع وليدة القرن العشرين الميلادي، وهو يسمي في أوروبا "الريجسير".

إلى الآن لم يبت فيمن يستحق أن يدعي بلقب أول مخرج في التاريخ، إذ ليس ثمة بداية محددة مفاجئة، كما هي الحال في معظم الأشياء، لكن برز اسم "دوق ساكس ميننج "، ذلك الهاوي الملوكي الذي ظهرت فرقته لأول مرة بإخراجها الدقيق في برلين في أول مايو عام 1874م. وكان يتشدد في مراعاة النظام، ولذلك كانت فترة التدريبات المسرحية للممثلين عنده طويلة. ولم يكن بفرقته نجوم، إذ كانت كل الأدوار في عرفه مهمة، وقد أخضع المناظر والإضاءة والملابس والماكياج والملحقات للتخطيط الدقيق، وامتزجت جميعها في إطار التمثيل العام.

وقد ظهر في أواخر القرن التاسع عشر وطليعة القرن العشرين الميلاديين عدد كبير من أعلام المخرجين، ففي باريس أضفي "أندريه أنطوان" على المسرح طبيعة جديدة، وبساطة وعقيدة بمسرحه الحر. وفي ألمانيا ثم أمريكا أسهم "ماكس رينهارت" 1873 - 1943م بنماذج إخراجية تجمع بين المخيلة والتأثير المسرحي والإبهار. وفي أمريكا سعت الشهرة إلى "دافيد بيلاسكو David Belasco" الذي عرف مؤلفاً ثم مخرجاً مسرحياً يصل بالواقعية إلى مستويات لم تكن بعد ممكنة. ولتحقيق هذه الغاية وضع نظاماً دقيقاً لفترة طويلة من التدريبات تتضمن التوافق الشامل بين عناصر العرض كافة.

لكن مع كل هذا فقد ظهرت النظريات الإخراجية المختلفة كلها من روسيا، ولعل أعظم المخرجين الروس قاطبة هو "كونستانتين ستانسلافسكي" 1863 - 1938م. الذي احتضن المسرح مشبعاً بالهواية، مثله في ذلك مثل رائده دوق ساكس ميننجن، بعد أن ضاق ذرعاً برخص أساليب المسرح التجاري وضحالتها.

تكاد معظم مبادئ ستانسلافسكي في الإخراج المسرحي تتلاقى مع دوق ميننجن أو تذهب إلى أبعد منها، فبينما كان الدوق يجري التدريبات لمدة خمسة أسابيع، عمد ستانسلافسكي إلى إطالة فترة التدريبات لتصل إلى تسعة أشهر، أو تبلغ العامين في مسرحية هاملت. وفي مسرح موسكو تحولت الأدوار الصغيرة إلى أدوار مهمة، فكان من شعارات المسرح الأساسية "لا شيء اسمه أدوار صغيرة ولكن هنالك فقط ممثلون صغار"، ومن ثم كان كبار النجوم، بمن فيهم ستانسلافسكي نفسه كثيراً ما يظهرون في أدوار ثانوية. وكان الولاء للنص دون أي اعتبار للنجاح الشخصي للممثل على أساس "على المرء أن يحب الفن، لا أن يحب نفسه في الفن"، لذلك تميز مسرح موسكو بالولاء الجماعي.

وعلى النقيض من هذه الجهود الجماعية وهذا الأسلوب الطبيعي لدى ستانسلافسكي نجد أعمال فسفولود ميرهولد 1874 - 1940م، أحد تلامذة "ستانسلافسكي" النابهين الذي تبرم بهدوء مسرح موسكو الفني وتحكمه الطبيعي، فانفصل عنه ليختط لنفسه نظاماً مغايراً خلاصته أن المسرح ليس مجرد محاكاة شاحبة للحياة، وإنما هو شيء أكثر عظمة وأعمق تعبيراً من الحياة نفسها.

ولم يكن منهج "ميرهولد" في الإخراج بأقل ثورية من أسلوبه في العرض. كان يمثل الدكتاتور، أو الفنان الخارق الذي تنبع منه جميع الأفكار. وكانت عبارته المأثورة في التدريبات "راقب ما أفعل وقم بمحاكاتي". وهكذا كانت كل الأدوار من ابتكار هذا المخرج صاحب المنهج الخاص، أما الممثلون فتقتصر مهمتهم على المحاكاة وكان مسرحه لامعاً؛ لأنه هو نفسه كان لامعاً، ولكنه عندما انقضى، انقضى كذلك مسرحه من بعده.

ومع ذلك فحتى في روسيا لا نجد صفوة يتميزون بأسلوب محدد، فمخرج مثل "يوجين فاختانجوف" 1883 - 1922م، كان ينزع إلى وضع وسط فيرتكز في عمله على الصدق الداخلي العميق في التمثيل، وهو من مميزات مسرح موسكو الفني.

لما كان للمخرج كل هذه الأهمية سواء في المسرح المحترف، أو أكثر أهمية في مسرح الهواة كونه محرك العمل المسرحي بمكوناته المختلفة التي يستغلها المخرج المحترف لخدمة النص، مثل الديكور والإضاءة المسرحية والملابس والموسيقى، كون المخرج يمثل كل هذه الأهمية خاصة في المسرح الحديث، فقد اتجه التفكير إلى إنشاء مدارس لتعليم فن الإخراج، غير أن الأمر يختلف هنا عن تعليم أي مهنة آخرى، حيث إن للإبداع الفكري الفطري للمخرج واستعداده وحبه لهذا اللون من الفن، أمراً لا يجب إنكاره أو تجاوزه. لذا لم يكن التدريب المباشر كفيلاً بتحويل أي كائن من كان إلى مخرج. وللمخرج عدة أدوار في العمل المسرحي: له دور الفنان، وله دور المعلم الذي يدرب الممثلين على القراءة، وله دور الإداري. وتقول الحقيقة البسيطة إنه لا بد أن يوجد الإنسان الذي يلقن أحياناً إنساناً آخر شيئاً وهذا هو المخرج المسرحي. ويذكر "جورشاكوف" في كتاب "ستانسلافسكي مخرجاً"، كيف كان ستانسلافسكي يعرف فرقة مسرح الفن بموسكو بمهزلة فرنسية غريبة عن منهجهم، فكان يقرأ ويمثل كل دور ليساعد الممثلين على فهم طبيعة المسرحية. وهذه سابقة توضح أسلوب التلقين.

2. الديكور المسرحي

علم الهندسة بجميع فروعه وأبعاده ذو أهمية كبرى للعاملين في الحقل الفني والهندسي، في نواحيه النظرية والعلمية والعملية. علاوة على فائدته في تمثيل الأجسام والأشكال الهندسية، وإظهار أبعادها بدون شرح أو تفسير. وإذا كان الفن المسرحي يتألف من عناصر أساسية هي التي تصوغه في الشكل الدرامي، فإن الديكور المسرحي من أهم هذه العناصر، ويعبر عما يحتويه النص.

ينقسم المسرح إلى جزأين مختلفين هما: الجزء الأدبي وهو الخاص بالتأليف وكتابة المسرحية والحوار والحوادث، الخ، والجزء البنائي وهو الخاص ببناء المسرح وما يقدم عليه من مناظر وتمثيل وإخراج، والجزء الأول يختلف تمام الاختلاف عن الجزء الآخر الذي يعد الوسيلة التي يتم بها تصوير الديكور على المسرح. وعلى هذا يتكون المسرح من ثلاثة أجزاء أساسية مكملة لبعضها:

     أ. الجزء الخاص بالجمهور

أي الصالة، والألواج، والبلكون بأقسامها المختلفة، التي يراعى دائما تجهيزها بممرات كافية لخدمة جمهور النظارة، كما يوضع في الحسبان الأبواب الإضافية التي تفتح عند خطر الحريق، علاوة على الأبواب الرئيسة.

ومقاسات صالة المسرح الكلاسيكي النموذجي كما هو متعارف عليه:

عرض الصالة من 15 متراً إلى 20 متراً

عمق الصالة من 20 متراً إلى 30 متراً

وبارتفاع إجمالي يصل إلى 25 متراً حتى البلكون

     ب. الجزء الخاص بالتمثيل

أي قفص المشهد الذي تزيد مساحته عن مساحة الصالة، وقد تصل في بعض الأحيان إلى الضعف، كما أن ارتفاعه قد يصل إلى ثلاثة أضعاف ارتفاع الصالة. ويمكن تقسيمه إلى ثلاث مناطق رأسية ذات ارتفاعات مماثلة تقع بعضها فوق بعض على الوجه التالي:

المنطقة الأولى: في المنتصف حيث توجد خشبة المسرح التي يمثل عليها الممثلون ويقام عليها الديكور، وهذا هو الجزء الذي يشاهده الجمهور.

المنطقة الثانية: مساحة واسعة مثل المساحة الأولى، إن لم تكن أكبر منها، وتوجد فوق المنطقة الأولى، ويوضع بها ديكور المناظر المختلفة معلقاً ببرواز خشبة المسرح. وهذا الديكور يحل محل الديكور الموجود على خشبة المسرح بعد إزالته ليأخذ دوره.

المنطقة الثالثة: توجد تحت خشبة المسرح وهي مساحة لها أهمية تماثل أهمية المساحتين السابقتين، ويمكنها أن تستوعب ديكوراً كاملاً، أو تساعد في عملية تنظيم الديكور وعرضه.

وبمبنى المسرح ملحقات تشمل مخازن الماكينات، ومخازن الديكورات العديدة المعدة للاستعمال، ومخازن الملابس، وحجرات الإدارة، وكابينة الإدارة الكهربائية، وكل ما يلزم لخدمة المنظر والمشهد أو يساعد في وجودهما.

     ج. الجزء الخاص بالممثلين

ويشمل حجرات الممثلين والممثلات والحمامات الملحقة بها، وحجرات الماكياج، وصالات البروفات، والاستراحات. وتركب بكل هذه الحجرات التليفونات أو مكبرات الصوت لاستدعاء كل من يحتاج إليه مدير المسرح أو الريجسير ليأخذ دوره في المسرحية.

والعناصر المختلفة التي يتكون منها المسرح هي:

(1) القوس المسرحي

وهو الفتحة التي تحدد مقدمة خشبة المسرح وأساس بنائه، وهي عادة مزخرفة، وكان أول عهدها بالمسارح الإنجليزية في القرن التاسع عشر الميلادي. وبما أن فتحة القوس المسرحي كثيراً ما تكون أعلى مما يلزم، لذلك يخفى الجزء العلوي منها بستارة ثابتة، أو بديكور مرسوم على هيكل ويثبت في سمك القوس المسرحي، أو وراء الحاجز المعدني. وتكون هذه الستارة وديكورها مناسبين لديكور القوس المسرحي والقاعة.

(2) خشبة المسرح

وهي مقدمة المسرح يحددها من جانبيها القوس المسرحي، وتتقدم نحو الصالة حوالي ثلاثة أمتار تقريباً، وبها فتحة الملقن، وتنتهي من جهة الصالة على هيئة قوس بداخله الإضاءة الموضوعة بطريقة لا تسمح برؤيتها من جهة الصالة، وترتفع عن منسوب الصالة بقدر ما.

وتمتد خشبة المسرح نحو العمق بمسافة تبلغ ضعفي عرض القوس المسرحي نفسه، وعرضها ثلاثة أضعاف عرض القوس المسرحي.

وتكون خشبة المسرح مرتفعة وواسعة، وتصنع من الخشب المشدود على فراغ أسفل الخشبة بطريقة تسمح بتنقية الصوت وتقويته، وأنواع خشبة المسارح كثيرة ومتعددة، غير أنها تتفق جميعها في فكرة خدمة الديكور المسرحي والأداء التمثيلي.

وأرضية خشبة المسرح الآلية تتكون من مساحات تتحرك إلى أعلى وأسفل بواسطة أجهزة كهربائية، وذلك لإيجاد مستويات مختلفة الارتفاع في أرضية المسرح، بقصد عمل التشكيلات المطلوبة للمناظر المختلفة، وتمكين الممثلين من الظهور والاختفاء، تبعاً لما تقتضيه أحداث المسرحية.

أما أرضية خشبة المسرح البسيطة فتتكون من مجموعة ألواح من الخشب، مركبة بعضها مع بعض، وموضوعة بطريقة يمكن إزالتها بسهولة وإعادة وضعها وتثبيتها بواسطة شناكل متحركة بحيث تصير جميعها قطعة واحدة.

(3) الستائر

للستائر في المسرح عمل مهم، إذ إنها ديكور له كيان بالنسبة لمساحتها ولونها وخامتها وحركتها، وتأثيرها على العناصر المختلفة المحيطة بها.

لذلك تشترك الستائر المختلفة المستعملة في المسرح في الديكور العام، ولكل منها طريقة استعمال تختلف حسب وضعها، والغرض منها القيام بدور الديكور. والمنسوجات التي تصنع منها الستارة المسرحية كثيرة منها قطيفة القطن، والحرير، والجوت، والكريتون، والتيل، الخ. ويختلف استعمال كل نوع حسب الهدف المطلوب منها. وتستعمل عادة الستائر المنسوجة لخفتها ومادتها، فهي قطع ديكور متحركة، أما إذا كان للتيار الهوائي تأثير في تحريكها من مكانها، فهناك سلاسل من الرصاص تثبت أسفل الستارة، وتتبع انحنائها، وتساعد على الاحتفاظ بشكلها وعدم حركتها. وهناك ستارة مقدمة المنظر وستارة الإدارة.

(4) عمودا الإضاءة

مكانهما على جانبي فتحة المسرح، وهما برجان من الخشب أو الحديد بارتفاع القوس المسرحي مثبت بهما سلم رأسي للصعود إلى الشرفات الموجودة بهما والتي توضع عليها الكشافات المختلفة الخاصة بالعرض.

(5) مكان العازفين

في مسارح الأوبرا، التي تخرج تمثيليات غنائية تتبعها الموسيقى، بئر للأوركسترا ومكانه بين خشبة المسرح والصالة، وبطول القوس المسرحي وينخفض عن منسوب الصالة نحو متر، وذلك حتى لا يسبب عازفو الأوركسترا مضايقات لجمهور النظارة عند مشاهدة العرض.

أما رئيس الأوركسترا فتوضع له قاعدة مرتفعة قليلاً حتى يتمكن من مشاهدة المطربين والراقصين على خشبة المسرح، إذ تقع عليه مسؤولية إدارة الموسيقى والرقص والغناء.

إن أهم مبادئ بناء الديكور هو تجهيز عناصر سهلة النقل وذات متانة كافية، على أن يكون وزنها وحجمها منخفضا لأدنى حد ممكن، وذلك لمنع ازدحام خشبة المسرح ولتسهيل عملية النقل والتغيير، إذ إن من أهم المشكلات التي تواجه القائمين على المسرح الإعداد والتكوين والتركيب لعناصر ديكور صممت لأجل مسرحية معينة، وجعلها مهيأة للعرض في دقائق معدودة، ثم إزالتها بسرعة لوضع ديكور آخر مكانها. وأحياناً يتطلب العمل تقديم قطع ديكورية أثناء التمثيل وتحت أنظار الجمهور حسب المشهد.

3. الملابس المسرحية والماكياج

إن العلاقة بين الثياب والشخصية أعمق مما يتصورها الشخص العادي. ما أندر المرأة التي لا تسترد انتعاش روحها بجرعة سحر مقوية من ثوب جديد. وما أندر الرجل الذي لا يستشعر الأناقة ورشاقة الحركة والخفة في حلة جديدة. النسيج الجديد للمباريات القادمة والثياب الجديدة لحفلة الربيع الراقصة، كل منهما يسبب أو يعكس تغيرات في الشخصية. قد لا تصنع الملابس الإنسان أو الممثل، ولكنها بغير شك تؤثر في كل منهما، وتساعده في التعبير عن ذاتيته.

الملابس والماكياج، بما فيها الأقنعة، من أقدم العناصر الأساسية في فن الدراما. بل إنها تكاد تؤلف العرض بأسره عندما نرجع إلى المراسم والمحافل البدائية التي تمثل نواة الدراما. وعلي الرغم من أن الإغريق كانوا يهملون المناظر إلى حد كبير، فمن المؤكد أنهم لم يكونوا يهملون الملابس أو الأقنعة. وقد كان الانتقال من سيطرة الأقنعة إلى سيطرة الماكياج في عصر النهضة.

في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي أخذت فكرة الملابس التاريخية تعم إنجلترا، كما سبق أن عمت فرنسا قبل ذلك بعدة أجيال. ومع ذلك لم تكن الملابس المسرحية خلال القرن التاسع عشر الميلادي تتعدى بضعة أساليب قياسية تقليدية تكاد تخلو من الخيال. كانت ذخيرة معظم محلات الملابس التجارية تتألف من ملابس ثلاث أو أربع حقب تاريخية، بالإضافة إلى مجموعة أو مجموعتين من الثياب المحلية. وكان النظام المتبع عادة أن يكون الممثل مسؤولاً عن ملابسه الشخصية.

والملابس المسرحية يمكن أن تأتي جريئة، صارخة الألوان، لافتة للنظر. ومن الممكن أن تنبئ عن نزعة مسرحية، أو مخيلة درامية، أو انسيابية مبسطة لا تتقبلها الثياب العادية. ويحتاج مصمم الملابس، بالإضافة إلى حاسة الذوق، إلى معرفة الأساليب التاريخية، والقدرة على إبراز معالم الشخصية.

لا تستطيع القواعد والوصفات أن تحل محل الذوق والحكمة عند وضع الملابس التي تعكس ملامح الشخصيات. وقد تجدي المعرفة بالمعاني الرمزية للألوان، ولكن ما أكثر الأخطاء الفادحة التي يرتكبها المصممون عندما يتبعون حرفياً تلك التقاليد المفرطة التبسيط التي تخصص اللون البنفسجي للملوك، والأزرق الفاتح للطهارة، والأحمر للفتوة، وينبغي لمصمم الملابس، مثله في ذلك مثل مصمم المناظر، ألا ينسى أن اللون مسألة نسبية، وأن للملابس الأخرى، والمناظر، والإضاءة، والملحقات تأثيراتها الخاصة.

يجد معظم الممثلين في رائحة الماكياج المسرحي سحراً، لا يرجع إلى ما فيه من عطر بقدر ما يرجع إلى ارتباطه بالتوهج المثير للحظات التي تسبق العرض مباشرة. والقيمة النفسية للمكياج أعمق من جو النشاط الذي تستثيره قبيل رفع الستار، إن كثير من الممثلين خاصة عندما يقومون بأداء أدوار مغايرة لطبيعة شخصياتهم، يجدون في الماكياج مادة محضرة تستنهض فيهم مزيداً من الثقة.

4. التمثيل المسرحي

إذا كان الإلقاء "فن النطق بالكلام"، فإن الإلقاء المسرحي هو فن النطق بالحوار. والمسرح أكثر فنون الكلام حاجة إلى إخضاع فنون الكلام بالتغيير أو الإضافة. والحوار هو المسرحية، التي تقوم برمتها على الحوار، ومهما امتلأت بالأفعال صغيرها وكبيرها من المصافحة وهز الرأس إلى حتى القتل فإن الحوار هو الذي يصوغها. ويقوم الممثل المحترف بقراءة الدور وفهمه ليتسنى له أداؤه على المسرح بالشكل الذي يريده كاتب المسرحية.

لم يكن "بيس" هو الممثل الوحيد لدى اليونان الذي يصلنا اسمه، فهنالك كثيرون من بينهم أسخيلوس وسوفوكليس اللذان كانا يقومان بالتمثيل فيما يكتبان من مسرحيات، كما كانت حال ُسبيس ولا ريب أن هؤلاء الممثلين بنعالهم العالية، "الكوثورنوس"، وأقنعتهم المرتفعة، "الأونكوس"، قد اهتدوا إلى ضرورة الصوت الجهوري، والإلقاء المفخم، والحركة الأسلوبية للتلاؤم مع المسارح الضخمة المكشوفة التي كانوا يعملون فيها.

ومع ذلك فإن الفكرة الشائعة بأن التمثيل الكلاسيكي كان عرفياً وافتعالياً إلى درجة كبيرة تجانب الصواب، ذلك أن ُسبيس كان أول من استخدم اثنين من الممثلين على المسرح في وقت واحد، وسوفوكليس كان أول من استخدم ثلاثة ممثلين. وبينما كان ممثلو اليونان يتمتعون في العادة بمركز اجتماعي رفيع نسبياً، كان ممثلو روما بلا استثناء من الأغراب والعبيد.

وكان "ريتشارد بيرباج 1567 - 1619 Richard Burbage" م، أول ممثل يؤدي أدواراً معروفة على المسرح مثل هاملت ولير وعطيل. وقد ظهرت النساء لأول مرة على المسرح الإنجليزي في عصر عودة الملكية، وبرزت إلى الصفوف الأولى أسماء مثل: آن بريسجردل Anne Bracegirdle، وإليزابيث باري Elizabeth Barry، ونيل جوين Nell Gwyn، وأخذن يكتسبن أهمية متزايدة مع أعلام الممثلين.

ويعدّ ديفيد جاريك David Garrick 1717-1779م، أهم ممثلي إنجلترا في القرن الثامن عشر الميلادي ، وكان تناوله يتميز بالجدة والأصالة والطبيعية حتى قيل فيه "إذا كان هذا الفتي على صواب، فمعني هذا أننا كنا جميعاً على خطأ". أما (السير هنري إرفنج  Henry Irving) ، فقد كان يتميز فوق كل شيء بالوقار والثبات، وكان متفوقاً إلى جانب التمثيل في الإدارة.

في فرنسا تميز القرن التاسع عشر الميلادي بظهور (سارة برنار Sarah Bernhardt 1844-1923) التي تعد واحدة من أقوى الشخصيات التي عرفها العالم في التمثيل المسرحي، إذ إن أهواءها المتقلبة، وإشعاعتها المثيرة داخل المسرح وخارجه، جعلت منها شخصية عديدة الألوان تلاحقها طبول الدعاية. وفي إيطاليا جاء توماسو سالفيني 1829 - 1916م يجمع بين التناول الصادق، وقوة الإلهام، وقد بلغ من الشهرة حداً بعيداً لا يجعل ناقداً حين يتحدث عن التمثيل المسرحي أن يتجاهله.

في أمريكا استطاع ثلاثة ممثلين في القرن التاسع عشر الميلادي أن يحرزوا شهرة عالمية وهم : إدوين فورست Edwin Forrest 1806-1872م، وإدوين بوث Edwin Thomas Booth 1833-1893م، وجوزيف جيفرسون Joseph Jefferson 1829-1905م، .

5. الموسيقي المسرحية

غالباً ما يعدّ الصوت والموسيقي جزئين متممين للعمل المسرحي الناجح، والمؤثرات الصوتية والموسيقي التصويرية قديمان قدم المسرح، فمن عصر الطبول البدائية التي كانت تصاحب الطقوس الدينية إلى الصوت والموسيقي المصاحبة.

وبمراجعة كشف تكاليف مسرحية "العاطفة" التي مثلت بمدينة مونز عام 1501م، نجده يتضمن لوحتين من البرواز ووعاءين كبيرين من النحاس استعملت لأحداث الرعد. وفي نص المسرحية مذكرة لطيفة للإخراج تقول: "ذكروا هؤلاء الذين يتولون الأسرار الآلية لبراميل الرعد بأداء ما يوكل إليهم وذلك باتباع التعليمات، ولا تدعهم ينسون أن يتوقفوا عندما يقول الإله: كفوا ودعوا السكينة تسود".

هذا يدل على أن الموسيقي المسرحية تزامنت بداياتها مع بدايات المسرح نفسه، فالإنسان عرف فن الموسيقى منذ قديم الزمان، وكان من البديهي أن يستخدمه عاملاً مساعداً في الفن المسرحي.

وكل من قرأ شكسبير لا بد أن يدرك أهمية الصوت والموسيقي في المسرح الإليزابيثي، ولوحظ مما دوّن من مذكرات عن الصوت أنها تكّون نسبة كبيرة من التوجيهات المسرحية، بينما نجد مثلا "موسيقى جدية عميقة من البراجيل"، "موسيقى ناعمة"، "موسيقى جدية وغريبة"، "أبواق من الداخل"، "نداءات السلاح"، "طبول وأبواق"، "عاصفة ورعد"، وهكذا.

وقد بلغ استعمال الموسيقي والمؤثرات حد الدقة في حالة الميلودراما وكما يفرض الاسم على هذا النوع من المسرحيات أن يعتمد اعتماداً كبيراً على الموسيقي بعنصر مهيأ للجو خاصة في مشاهد الحب واستدرار الشفقة أو الصراع العنيف لمواقف الشر.

والواقع أنه لم يحدث أي تغير جوهري بالنسبة للمؤثرات الصوتية والموسيقي التصويرية منذ عهد شكسبير حتى القرن العشرين الميلادي.

وتبدو الاتجاهات في هذا الموضوع في حالة مربكة، فبعض المسارح يحاول تجنب الإستعانة بالموسيقي من أي نوع، والبعض يستعين بها عندما يقتضي النص وجودها، وآخرون يستخدمونها أكثر من ذي قبل.

ويقول بعض المتابعين للحركة المسرحية "إن الموسيقي الجيدة والمناسبة في العرض المسرحي لا تساعد فقط المشاهدين، ولكنها تساعد كذلك الممثل، وردهم على من يزعم أنها تحطم نقاء الدراما، أن المسرح الحقيقي كان مزيجاً من فنون عدة وحرف ولا يزال، وأن تأثيره يجب الحكم عليه من تكامل هذه الفنون والحرف بشكل موحد وفعال، وليس بالحكم على عنصر واحد فقط.

6. الإضاءة المسرحية

في عام 1815م اخترع العالم البريطاني همفري ديفي Humphry Davy المصباح الكربوني، ولم يستخدم هذا المصدر الضوئي القوي في المسرح إلا بعد نصف قرن تقريباً من اكتشافه، وبالرغم من عيوبه الكثيرة آنذاك والتي تتلخص في أنه يعطي ضوءاً غير ثابت ويحدث صوتاً مسموعاً عند تشغيله، كما لا يمكن التحكم في قوته ويحتاج إلى عناية كبيرة، بالرغم من هذا إلا أنه ساهم مساهمة جدية في المسرح.

وفي عام 1879م الذي كتب فيه هنريك إبسن مسرحية "بيت الدمية" اخترع توماس إديسون المصباح Thomas Edison المتوهج. وكانت المسارح من أول من عرف هذا المنبع الضوئي الجديد. وكانت "أوبرا باريس" أول من استخدم النظام الجديد في الإضاءة على المسرح عام 1880م. وسرعان ما عرف المصباح المتوهج طريقه إلى كافة مسارح العالم. وبانتهاء القرن التاسع عشر الميلادي ظل استعماله سائدا ولم يتوصل أحد إلى معرفة المصباح الكشاف ذي الإضاءة القوية المركزة حتى إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى.

ومع أن البحوث البدائية في الإضاءة المسرحية حتى القرن العشرين الميلادي كانت لإيجاد إضاءة أفضل، والمحاولات المستمرة لاكتساب ميزات أخرى جديدة، فقد أجرى سيرليو وساباتيني التجارب على المؤثرات الضوئية.

وكان السير هنري إيرفنج من أوائل الذين استغلوا قدرات الإضاءة المسرحية الجديدة في عرض مسرحياته فأثارت الاهتمام. كذلك اكتشف بلاسكو الكشاف الصغير ذا المصباح المتوهج بدلاً من الجهاز الكربوني، وقد سمي هذا الكشاف "الصغير". والإضاءة بالنسبة للمسرحية كالموسيقي بالنسبة للأغنية. وقد كتب بلاسكو قائلاً: "لا يوجد أي عامل آخر يدخل في المسرحية له مثل هذا التأثير في الأمزجة والأحاسيس".

وبالرغم من جهود بلاسكو البارزة فإنها توارت في فن الإضاءة المسرحية بفضل أدولف آبيا. الذي كتب في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي آراء في الإضاءة المسرحية كانت سابقة لأوانها بنصف قرن على الأقل. فقد كان أول من اعترض على الإضاءة المسطحة المتعادلة الناتجة عن استخدام الإضاءة الأرضية وإضاءة البراقع الساترة. وقد أطلق آبيا على هذه الإضاءة غير المركزة، الإضاءة العامة.

إن أي محاولة لوضع خطة ثابتة لإضاءة مسرح اليوم تكون مجازفة وصعبة لأن هذا الفن ما زال في بدايته. هذا بالإضافة إلى أنه ليس هناك مسرحيتان اثنتان متشابهتين تمام التشابه، كما أن المسارح نفسها تختلف في بنائها الهندسي مما يجعل اختلاف الإضاءة أمراً حتمياً.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70237
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

فن المسرح، وتاريخه Empty
مُساهمةموضوع: رد: فن المسرح، وتاريخه   فن المسرح، وتاريخه Emptyالثلاثاء 12 أبريل 2016, 1:40 am

الفنون المسرحية

1. الأوبرا

مسرحية غنائية تعتمد على الغناء أكثر من الكلام، وتختلف عن التمثيليات التقليدية في عدة جوانب أهمها أن العنصر التمثيلي في الأوبرا يعد أكثر عمقاً وتأثيراً في المشاهدين، خاصة أن الأوبرا تعتمد على الانفعالات الأساسية كالغضب والحزن والحب والانتقام والقسوة والغيرة ونشوة الانتصار.

يستفيد المؤلف الأوبرالي إلى درجة كبيرة من إمكانات الموسيقى المصاحبة التي تعمق الإحساس لدى الممثل والمشاهد كليهما. وتتميز الأوبرا عن التمثيلية التقليدية في أنها تجمع بين أكثر من لون من ألوان فنون الأداء مثل التمثيل، والغناء، وموسيقى الأوركسترا، والأزياء، وفي أحيان أخرى كثيرة الرقص والباليه.

وبالرغم من أن الأوبرا تعد أبرز ما أخرجه العصر، فقد كان ظهورها مصادفة أو راجعاً إلى خطأ في فهم طبيعة التمثيل اليوناني القديم. فقد تصور بعض العلماء المتحمسين أن التراجيديات الإغريقية كانت ترتل وتغنى كلها. وسرعان ما تحمس اثنان من العلماء من هذه الجماعة هما: "جاكوبو بيري Jacopo Peri" و"أوتافيو رينوشيني Ottavio Rinuccini" فأخرجا أوبرا "دافني Dafne" عام 1597م، التي تعد أول أوبرا في العالم.

مصطلحات تستخدم في الأوبرا

·    الآريا: مقطوعة غنائية مطولة يقوم بها المغني بمفرده للتعبير عن مشاعره الشخصية.

·    الإلقاء المنغم: جزء من النص الأوبرالي يقدم معلومات عن الحديث ويطور الحبكة الدرامية في شكل غنائي بسيط فيما يشبه الحديث العادي وأحياناً بمصاحبة الأوركسترا.

·    الأوبرا الجادة: لون الأوبرا الذي ساد في القرنين السابع عشر والثامن عشر الميلاديين وكانت تتناول موضوعات أسطورية وتاريخية في المقام الأول وتركز على المؤثرات المسرحية الخاصة والغناء المتميز.

·    الأوبرا الكبرى: أوبرا السنوات المبكرة من القرن التاسع عشر الميلادي حيث يتم التركيز على المؤثرات المسرحية ومشاهد المجموعات الكبيرة والموسيقى المركبة المتداخلة، والحوار.

·    الأوبرا الهزلية: أوبرا إيطالية هزلية تعالج مواقف إنسانية مأخوذة من الحياة اليومية.

·    طاقم المغنين"إينسيمبل": مجموعة صغيرة من المغنين، تتكون عادة من شخصين إلى خمسة أشخاص. تسمى المقطوعة التي تؤديها المجموعة بنفس الاسم.

·    بل كانتو: أسلوب في الغناء يركز على جمال النغمة والمهارة الفنية.

·    كولوراتورا: أسلوب أداء في الغناء يميل إلى التلوين وتقوم به عادة أصوات سوبرانو قوية.

·    سنجسبايل: لون من الأوبرا الألمانية يستخدم الحوار المؤدى بدلاً من الأغنية المنفردة.

·    ليتموتيف: مقطوعة موسيقية قصيرة تقدم بعض الأفكار والأماكن والشخصيات كلما ظهرت في العرض.

·    المدونة الموسيقية: هي النوتة الموسيقية المكتوبة التي يستخدمها قائد الأوركسترا.

·    النص الشعري: هو النص المكتوب للأوبرا.

·    الواقعية: أسلوب واقعي في الأوبرا الإيطالية يكون فيه التركيز على الحدث والانفعالات.

تختلف الأوبرا كذلك عن العروض الأخرى، التي تستخدم الموسيقى مثل المسرحيات الموسيقية والغنائية، في أن الأوبرا تستخدم حواراً أقل منهما، وتشترك الموشحات الدينية الغربية مع الأوبرا في ميزات معينة وهي استخدام الموسيقى المصاحبة للغناء الفردي ومجموعة المنشدين والأوركسترا، وقد تحكي قصة. إلا أن الموشحات الدينية في الغرب تختلف عن الأوبرا في أنها تفتقر عناصر التمثيل والأزياء والتزين، وقد بدأت الأوبرا في إيطاليا في السنوات الأخيرة من القرن السادس عشر الميلادي ثم قام الموسيقيون الإيطاليون والمغنون وقادة الأوركسترا بتطوير ذلك الفن الأدائي في السنوات التالية. وبحلول نهاية القرن السابع عشر الميلادي انتشرت الأوبرا من إيطاليا إلى بقية دول أوروبا.

وتتكون الأوبرا من عنصرين أساسيين هما الكلمات أو النص المكتوب والموسيقى أو النوتة ويقصد بها الغناء والموسيقى. والنص المكتوب للحوار في الأوبرا أقل طولاً من النص التمثيلي التقليدي؛ لأن غناء الكلمات يستغرق وقتاً أطول من مجرد أدائها تمثيلاً، ومن ناحية أخرى فإن الموسيقى ذاتها تقوم أحياناً بتجسيد العواطف والانفعالات التمثيلية بصورة أكثر عمقاً من الكلمات.

أما الموسيقى فإن كل دور في الأوبرا يتطلب مغنياً يتمتع بمدى أو درجة صوت معينة، ومن ثم يتم تقسيم المغنين في الأوبرا حسب درجات الصوت. ويستخدم الغناء الجماعي في معظم عروض الأوبرا إلى جانب الغناء المنفرد والثنائي والأداء الموحد.

رغم أن طبيعة الأوبرا تفرض قيوداً على حركة المغني، إلا أن الحركة السريعة والمفاجئة والجسم الملتوي قد تؤثر على صوت المغني، كما أن الأداء في الأوبرا يتطلب درجة معينة من إجادة التمثيل. ويختلف عدد الآلات الموسيقية المستخدمة في الأوركسترا ونوعها من أوبرا إلى أخرى، فالآلات التي يحتاجها عرض إيطالي في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي تختلف عن الآلات التي يتطلبها عرض كتبه "فاجنر Wagner" في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي. وتحدد طبيعة العرض كذلك دور الأوركسترا، فقد توفر موسيقى مصاحبة للأداء وقد تؤدي دوراً مهماً في العرض، وقد تبرز مشهداً أو حدثاً معيناً أو تؤكده، وقد تقوم بتقديم فواصل تمهد أو تعد المشاهد وهكذا.

2. الأوبريت

نوع من المسرحيات الغنائية كان محبوباً في الفترة بين أواسط القرن التاسع عشر حتى العشرينيات من القرن العشرين الميلادي. تطور الأوبريت من الأوبرا الهزلية الفرنسية ولكنه يختلف عنها في أنه يحتوي على حوار كلامي بدلاً من الحوار الغنائي، وعلى أغاني بدلاً من ألحان. وغالباً ما تكون مقدمة الأوبريت خليطاً من أغان منتزعة من العرض وليست شيئاً مؤلفاً مستقلاً كما هو الحال في الأوبرا.

الغرض من الأوبريت هو الترفيه وإدخال السرور على النفوس وليس إثارة العواطف القوية أو الكشف عن قضايا مهمة أو مناقشة قضية ذهنية أو جدلية. وفي كثير من الأوبريتات نجد أن عقدة القصة إما عاطفية رومانسية أو ساخرة. وفي معظم الحالات تتضمن نوعاً من الارتباك حول أخطاء غير مقصودة، كما تنتهي بنهاية سعيدة كثيراً ما تعكس شيئاً من المغزى الأخلاقي.

في الأوبريت تُظهر الموسيقى ألحاناً مباشرة من غير تعقيدات لحنية، وفيها إيقاع قوي. وهناك الأوبريت الذي يحتوي على رقصات وغيرها من التي تقوم على أساس رقصة الفالس والكورال "الغناء الجماعي".

ازدهرت عدة مدارس قومية خلال الفترة التي انتشر فيها الأوبريت واستقبلت بلهفة شديدة. وازدهر هذا النوع في فرنسا، وكانت أجمل الأوبريتات التي كتبت هي تلك التي ألفها "جاك أوفنباك Jacques Offenbach" وهو مؤلف موسيقى فرنسي، ألماني المولد. ومن بين مؤلفاته "أورفيس في العالم الأرضي Orpheus in the Underworld" عام 1858م و"لابيل هيلين" عام 1864م و"لابيريشول La Perichle" عام 1868م.

في عام 1860م كتب المؤلف الموسيقي النمساوي "فرانز فون سوبيه Franz Von Suppe" أوبريت "داس بنسيونات" الذي أصبح فيما بعد النموذج الحي للأوبريت في فيينا، غير أن رائد مدرسة الأوبريت في فيينا هو "يوهان شتراوس Johann Strauss" الابن الذي جعل "الفالس" السلسلة الفقرية لإيقاع موسيقى الأوبريت.

يعد أوبريت "داي فلدرماوس" 1874م أشهر مثال لمدرسة الأوبريت في فيينا، وقد سيطر هناك الأوبريت الرومانسي وشكل هذا النوع من فن الأوبريت سيادة تامة في أوائل القرن العشرين الميلادي مع انتشار أعمال مثل "الأرملة المرحة" عام 1905م التي ألفها "فرانز ليهار Franz Lehar" والتي كانت محببة لكثيرين.

في العالم العربي انتشر فن الأوبريت نقلاً عن أوروبا ولكن بمزيد من التعريب ليلائم الفكر الشرقي والمتلقي في الشرق. وقد بدأ هذا اللون من المسرح الغنائي في مصر في الثلث الأول من القرن العشرين الميلادي، ثم سرعان ما انتقل إلى بلدان عربية أخرى مثل لبنان وسورية وكان هناك تأثير كبير لزيارة الفرق المسرحية الغنائية المصرية للبلدان العربية.

3. مسرح العرائس

هي مجسمات اصطناعية يتحكم في حركاتها شخص، إما بيده أو عن طريق خيوط أو أسلاك أو عصا. وقد تمثل الدمية شخصاً أو حيواناً أو نباتاً أو شيئاً من الأشياء. وتتقمص هذه الدمي أدواراً في مسرحيات تعرف باسم "عروض العرائس" أو "مسرح العرائس". ويسمي الشخص الذي يقوم بتحريك العرائس "محرِّك العرائس".

يصنع كثير من الأطفال عرائس من المواد الرخيصة من القماش أو الخشب، أو من أشياء كعلب الألبان الفارغة أو الخرق البالية. ويقومون كذلك بتأليف عروض العرائس ثم يحركونها، ويعملون على تغيير أصواتهم مع تغيير الشخصيات. ويمكن استخدام منضدة أو رف كتب منصة لعرض العرائس. كما يمكن أن يعمل محرك العرائس من وراء غطاء أو شرشف، يشده بعرض الجزء السفلي من فتحة باب. ويتوارى خلفه فلا يرى المشاهدون غير العرائس المتحركة التي تظهر بالجزء الأعلى من فتحة الباب.

يلجأ بعض المدرسين إلى الاستعانة بفن العرائس المتحركة، لإضفاء التشويق على المادة الدراسية، فيقومون على سبيل المثال بالاستعانة بالعرائس المتحركة لتمثيل واقعة من الوقائع التاريخية.

وقد اعتاد الناس على الاستمتاع بعروض العرائس منذ زمن بعيد، إذ عثر على مجسمات تشبه الدمى المتحركة بالمقابر والأطلال الأثرية بمصر القديمة واليونان وروما؛ بما يعني أن مسرح العرائس مسرح قديم. ويرجح أن يكون أول استعمال للعرائس في المناسبات الدينية.

وهناك ثلاثة أنواع رئيسة من العرائس المتحركة هي:

أ. العرائس المتحركة باليد.

ب. العرائس المتحركة بالخيوط.

ج. العرائس المتحركة بالعصا.

ويشتمل الكثير من العروض على أكثر من نوع من أنواع العرائس المتحركة. أما أكثر الأنواع انتشاراً فهي العرائس المتحركة باليد، ويتكون أحد أنواعها المعروف باسم "عرائس القفاز" أو "القبضة" من نموذج مفرغ لرأس متصل بقفاز أو كم من قطعة قماش ينطبق على حجم الساعد، ويقوم مقام جسد العروس. ومن ثم يقوم محرك العرائس بإدخال يده في كم القماش وصولاً إلى القفاز.

لعل أشهر شخصيات عرائس القفاز هي شخصية "بنش" نجم الاستعراض الإنجليزي الذي اشتهر باسم استعراض "بنش وجودي Punch and Judy". وكان قد جرى تدشين شخصية بنش بإنجلترا عام 1662م. وثمة عرائس شبيهة بشخصية "بنش" نالت إقبالاً جماهيرياً في بلدان عديدة.

4. الباليه

فن أدائي يستخدم حركات الجسم الإنساني للتعبير عن الانفعالات المختلفة كالغضب والخوف والغيرة والفرح والحزن.

وتطلق كلمة باليه على اللون الكلاسيكي الذي ابتدعه الفرنسيون أثناء القرن السابع عشر الميلادي وكذلك على الباليه الحديث المختلف الإيقاع والملابس. كما يطلق كذلك على المسرحيات الهزلية الموسيقية التي تجمع بين فنون الأداء المسرحي والرقص والغناء والموسيقى، وإن كان التعبير عن طريق حركات الجسم، أي الرقص، الخاصة هو أهم تلك العناصر جميعاً، وتصاحب كل ذلك الملابس والأزياء الخاصة التي يراعى في تصميمها حرية الحركة دون عوائق. وفي العصور الحديثة طورت كل دولة كبرى أسلوبها الخاص بفن الباليه، فالباليه الأمريكي يتسم بالسرعة والحيوية، بينما يميل الباليه الروسي إلى قوة الأداء والإبهار، أما الباليه الفرنسي فيميل إلى الأناقة والجمال. وقد أتاح ارتباط فن الباليه بالمدرسة الفرنسية منذ بدايته الأولى للفرنسيين سيطرة مفرداتهم اللغوية الخاصة بذلك الفن على اللغات المختلفة. وهذا يفسر سر انتشار المفردات الفرنسية داخل مدارس الباليه المختلفة.

ظهرت البدايات الأولى لفن الباليه في القرن الخامس عشر الميلادي في إيطاليا خلال النهضة. وقد ساعد على ظهور ذلك الفن أن الشعوب بدأت في عصر النهضة تظهر اهتماماً أكثر بالفنون والعلوم. وقد أدى ازدهار التجارة في هذا العصر إلى ثراء أمراء الدول الإيطالية في "فلورنسا" وغيرها من المدن، وهو ثراء ترتب عليه تنافس هؤلاء الأمراء في رعاية الفنون والآداب، بالرغم من توقف الفنون في تلك الدول عند حد الهواية. وعندما تزوجت إحدى أميرات الأسرة الحاكمة في فلورنسا وهي "كاثرين ميدتشي Cathrine de Medicis" من ملك فرنسا عام 1547م، أدخلت فنون الإمتاع التي نشأت عليها إلى بلاط ملك فرنسا، بل أحضرت معها من إيطاليا موسيقياً هو "بلثازار بوجي" للإشراف على تقديم تلك العروض. والواقع أن مؤرخي فن الباليه يعتقدون أن أحد أعمال ذلك الموسيقي وهي "أوبرا الراين" كانت أول باليه بمعني الكلمة، وقد أدى نجاح العرض آنذاك، إلى محاكاته في عدد كبير من بلاطات ملوك أوروبا. وقد أصلت أوبرا الراين الهزلية مكانة باريس بصفتها عاصمة الباليه في العالم، وزاد من هذه المكانة الكبيرة تشجيع الملك لويس الرابع عشر الذي تولى السلطة في أواخر القرن السابع عشر وأوائل القرن الثامن عشر الميلادي هذا الفن، فأنشأ الأكاديمية الملكية للرقص عام 1661م لإعداد الراقصين المحترفين لتقديم العروض في البلاط الملكي وقصور النبلاء. فكان افتتاح تلك الأكاديمية آنذاك بداية عصر الاحتراف في فن الباليه بعد أن توفرت للفنانين إمكانات أضخم بكثير من اتخاذه هواية. وسرعان ما انتشرت فرق الباليه المنافسة في بلدان أوروبية أخرى، وكانت أبرز تلك الفرق الفرقة الإمبراطورية الروسية للباليه في "سان بطرسبرج" التي تأسست عام 1738م. وبمرور الوقت وازدياد المهارات الفنية تحول فنانو الباليه إلى تقديم عروضهم بالمسارح العامة أمام الجمهور العادي. وقد كان المؤلفون والمعدون للباليه في البداية يأخذون مادتهم القصصية من الأساطير اليونانية القديمة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70237
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

فن المسرح، وتاريخه Empty
مُساهمةموضوع: رد: فن المسرح، وتاريخه   فن المسرح، وتاريخه Emptyالثلاثاء 12 أبريل 2016, 1:41 am

المسرح العربي

1. نشأة المسرح العربي

عرف العرب والشعوب الإسلامية عامة أشكالاً مختلفة من المسرح ومن النشاط المسرحي لقرون طويلة قبل منتصف القرن التاسع عشر الميلادي.

وبالمرور على العادات الاجتماعية والدينية التي عرفها العرب في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام، والتي لم تتطور إلى فن مسرحي، كما حدث في أجزاء أخرى من العالم، تظهر إشارات واضحة على أن المسلمين أيام الخلافة العباسية قد عرفوا شكلاً واحداً على الأقل من الأشكال المسرحية المعترف بها وهو: مسرح "خيال الظل" الذي كان معروفا في ذلك العصر وكان يعتمد على الهزل والسخرية والإضحاك.

وقد كان الخليفة "المتوكل" أول من أدخل الألعاب والمسليات والموسيقي والرقص إلى البلاط، ومن ثم أصبحت قصور الخلفاء مكاناً للتجمع والتبادل الثقافي مع البلدان الأجنبية، وكانت البدايات الأولى في صورة ممثلين يأتون من الشرقين الأدنى والأقصى ليقدموا تمثيلياتهم في قصور الخلفاء. هذا الجانب يخص صفوة القوم في تلك الحقبة من الزمن، أما فيما يخص العامة من الناس فكانوا يجدون تسليتهم المحببة عند قصاصين منتشرين في طرق بغداد، يقصون عليهم نوادر الأخبار وغرائبها. وكان هناك كثير من المضحكين الذين تفننوا في طرق الهزل، يخلطونه بتقليد لهجات النازلين ببغداد من الأعراب والخرسانيين والزنوج والفرس والهنود والروم، أو يحاكون العميان. وقد يحاكون الحمير، ومن أشهر هؤلاء في العصر المعتضد: "ابن المغازلي".

لم تتوقف العروض التمثيلية منذ أيام العباسيين، ففي مصر الفاطمية والمملوكية ظل تيار من العروض التمثيلية مستمراً وظلت المواكب السلطانية والشعبية قائمة لتسلية الناس وإمتاعهم. يقول المقريزي في وصف أحد هذه الاحتفالات: "وطاف أهل الأسواق وعملوا فيه "عيد النيروز" وخرجوا إلى القاهرة بلعبهم ولعبوا ثلاثة أيام، أظهروا فيها السماجات الممثلين وقطعهم التمثيلية".

وقد نظر أهل الرأي والفقهاء وبعض الخلفاء والسلاطين إلى هذه العروض التي استمرت قروناً طويلة على أنها لهو فارغ وأحيانا محرم، وأحيانا أخرى يستمتعون بها هم أنفسهم.

ثم عرف العرب أيام العباسيين فن "خيال الظل" وهو فن مسرحي لا شك فيه. وقد كان أرقي ما كان يعرض على العامة والخاصة من فنون إلى جوار أنه مسرح في الشكل والمضمون معاً، لا يفصله عن المسرح المعروف إلا أن التمثيل فيه كان يجري بالوساطة عن طريق الصور يحركها اللاعبون ويتكلمون ويقفون ويرقصون ويحاورون ويتعاركون ويتصالحون نيابة عنها جميعاً.

قطع مسرح خيال الظل شوطاً طويلاً نحو النضج الحقيقي حين انتهى إلى يدي الفنان والشاعر الماجن "محمد جمال الدين بن دانيال" الذي ترك العراق إلى مصر أيام سلاطين المماليك. وقد قال ابن دانيال وهو يصف ما قدمه في باب "طيف الخيال" من فن ظلي ممتاز: "صنفت من بابات المجون، ما إذا رسمت شخوصه، وبوبت مقصوصه، وخلوت بالجمع، وجلوت الستارة بالشمع، رأيته بديع المثال، يفوق بالحقيقة ذاك الخيال".

هذه العبارة التي أطلقها هذا الفنان الأول تحوي أسساً فنية واضحة، تشهد بأن فن ابن دانيال، خيال الظل، قد استطاع أن يرسي في مصر المملوكية، أي قبل حوالي ستة قرون من نشأة المسرح العربي المعاصر، فكرة المسرح مع ما يخدم هذه الفكرة من عناصر فنية وبشرية مختلفة. وقد ضمنت هذه العبارة التي تحوي إرشادات مسرحية تدخل في باب النظرية والتطبيق العملي معاً ضمن رسالة وجهها ابن دانيال إلى صديق له اسمه "علي بن مولاهم".

يقول ابن دانيال: "هَيء الشخوص ورتبها واجل ستارة المسرح بالشمع، ثم اعرض عملك على الجمهور وقد أعددته نفسياً لتقبل عملك، بثثت فيه روح الانتماء إلى العرض، وجعلته يشعر بأنه في خلوة معك. فإذا فعلت هذا فستجد نتيجة خاطرك حقاً، ستجد العرض الظلي وقد استوي أمامك بديع المثال يفوق بالحقيقة المنبعثة من واقع التجسيد ما كنت قد تخيلته له قبل التنفيذ".

وفي هذا القول الذي يُعد بداية البدايات للمسرح العربي يجتمع التطبيق العملي والنظرية الفنية معاً: الشخوص وتبويبها وطلاء الستارة في جانب التطبيق، وفكرة الاختلاء بالجمهور وخلق مشاعر الانتماء إلى العرض في جانب النظرية، مضافاً إلى هذه النقطة الأخيرة هذا المبدأ الفني المهم وهو: أن التجسيد وحده هو حقيقة العمل المسرحي، وأن جمال المسرح يتركز في العرض أمام الناس وليس في تخيل هذا العرض على نحو من الأنحاء في الذهن مثلاً، أو بالقراءة في كتاب.

وتعدّ اللحظة التي كتب فيها ابن دانيال هذه العبارة حاسمة في تاريخ المسرح العربي عامة، وفي تاريخ الكوميديا الشعبية بصفة خاصة.

في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي حدث الصدام بين العرب والحضارة الأوروبية، وارتفعت ستائر مسرح مارون نقاش في بيروت ذات يوم من عام 1847م لتعرض مسرحية "البخيل"، المستوحاة من قصة موليير لتبدأ أولي خطوات المسرح العربي الحديث. وسارت الأعمال الدرامية العربية بعد ذلك في ثلاثة مسارات رئيسة هي الترجمة، والاقتباس، والمسرحيات المؤلفة.

كانت معظم المسرحيات المترجمة منذ باكورة أيام المسرح العربي، وحتى قيام الحرب العالمية الأولى، تكيف وفقاً لأمزجة المتفرجين. على أن تغيير "الحبكة" لتناسب ما هو معروف من الظروف التي تحيط برواد المسرح لم يكن شائعاً في الأيام الأولى للمسارح الأخرى، ومن ذلك المسرح في رومانيا.

في مصر يعد "محمد عثمان جلال" واحداً من أخصب المقتبسين الموهوبين حقا. وكان جلال، وهو ابن موظف بسيط من سلالة تركية، قد اقترن بزوجة مصرية وكان على دراية طيبة جداً باللغتين الفرنسية والتركية، إلى حد أنه التحق بقلم الترجمة في الحكومة المصرية، ليعمل مترجماً، وهو لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره. وقد كرس حياته كلها للاقتباس من المسرحيات الفرنسية إلى العربية، فترجم مسرحيات عديدة عن موليير وراسين ولافونتين مثل: مدرسة الأزواج، ومدرسة النساء، الحزين، والنساء العالمات، وغيرها كثيراً.

في لبنان ظهر الكاتب المسرحي "نجيب الحداد" 1867 - 1899م، الذي لم يكن أقل شهرة من جلال، والحداد ولد في بيروت وهو سليل أسرة اليازجي المعروفة بمساهمتها في الأدب، بما في ذلك تأليف المسرحيات. وقد كانت ترجمات الحداد أمينة ولم تكن اقتباساً، فلم يكن يغير في النص تغييرات كبيرة باستثناء أن بعض المسرحيات كانت تحمل أسماء عربية. فمثلا في ترجمة الحداد لـ "هرناني Hernani" أصبح "دون كارلوس Don Carlos" "عبدالرحمن" و"هرناني" تحول إلى "حمدان"، و"دوناسول" نوديت بشمس وهكذا.

ومن المحتمل أن تكون أول أعمال الحداد ترجمته نثراً وشعراً لمسرحية "فولتير" "أوديب" أو "السر الهائل" The frightful secret  كما ترجمها حرفياً.

لم تلبث الترجمة أن حلت محل الاقتباس الذي ظل شائعاً منذ أيام مارون النقاش إلى أيام محمد عثمان جلال. على أن السبب في اختفاء منهج الاقتباس من المسرح العربي الذي كان "جلال" داعيته وكذلك منهج التكييف في بعض ترجمات الحداد، لا يرجع فقط إلى ارتفاع المستوى الثقافي عند المتفرجين، ولكنه، باتفاق الآراء، يؤول إلى حقيقة أن المسرح العربي قد اندرج إلى أقسامه الثلاثة الكلاسيكي، والموسيقـي، والشعبي.

ثم بدأت بعد ذلك المسرحيات العربية الأصلية أو "المؤلفة" تحت ثمانية أنماط متميزة:

الفارس - المسرحيات التاريخية - الميلودراما - الدراما - التراجيديا - الكوميديا - المسرحيات السياسية - المسرحيات الرمزية.

2. التراث

عرف العرب الأوائل "الرواة"،الذين يحكي التراث الكثير عنهم بوصفهم فنانين مسرحيين لا شك فيهم، فنانين من طراز ممتاز، فلا أحد يكتب لهم شيئاً، وإنما تلتقط عيونهم الحادة خصائص البشر وعيوبهم، فيجمعون هذه الخصائص والعيوب في شخصية كلية أو مركبة، كما يقول النقد الحديث،  ويجعلون منها مادة للفكاهة التي تسر عامة الناس وخاصتهم.

ويحمل التراث بيان أصدره الخليفة المعتمد يحظر فيه نشاط هؤلاء الفنانين، مما يبرهن على أنهم قد كثروا كثرة مفرطة على عهده، وأنهم كانوا يتخذون من المسجد والجامع مقراً لهم يحكون فيه الحكايات بهذه الطريقة التمثيلية الواضحة.

وقد حفظ الجاحظ، بعينه الخبيرة، صورة دقيقة لفن هؤلاء الرواة، أو الممثلين في الواقع، ممثلين فوريين يتخذون مادتهم من الواقع مباشرة، وهو فن قريب الشبه من فن الارتجال المسرحي الحديث. قال الجاحظ: "إنا نجد الحاكية من الناس يحكي ألفاظ سكان اليمن مع مخارج كلامهم، لا يغادر من ذلك شيئا. وكذلك تكون حكايته للخراساني والأهوازي والزنجي والسندي والأحباش وغير ذلك. نعم حتى تجده كأنه أطبع منهم، وتجده يحكي الأعمى بصور ينشئها لوجهه وعينيه وأعضائه لا تكاد تجد في ألف أعمي واحداً يجمع ذلك كله، فكأنه قد جمع جميع طرف حركات العميان في أعمى واحد ".

كذلك كان الشعب العربي في الجزيرة العربية واليمن والعراق ومصر يتسلى في تلك الأوقات البعيدة بفن القراد والحواء، كما لا يزال يفعل حتى يومنا هذا في بعض شوارع المدن العربية وبلدانها وقراها وأسواقها وموالدها. وكان الخليفة المتوكل يكن وداً خاصاً للممثلين وأصحاب المساخر والملاعب المضحكة عامة. فما من مناسبة اجتماعية مرت به إلا ودعاهم للعب أمامه. ولما انتهى من بناء قصره "الجعفري"، استدعى أصحاب الملاهي ومنحهم بعد الحفل مليونين من الدراهم، ويعد الخليفة المتوكل من أوائل من اشتغلوا بالإخراج المسرحي إذ ذات مرة شرب فيها في قصره المسمي "البركوار"، فقال لندمائه: "أريد أن أقيم احتفالاً بالورد، ولم يكن ذلك أوانها. فقالوا له: ليست هذه أيام ورد، ولكن الخليفة الفنان لم يقف حائراً أمام هذه العقبة، فأمر بسك خمسة ملايين درهم من الوزن الخفيف وطلب أن تصبغ بالألوان: الأسود والأصفر والأحمر، وأن يترك بعضها على لونه الأصلي، ثم انتظر حتى كان يوم فيه ريح فأمر أن تنصب قبة لها أربعون باباً، فجلس فيها والندماء حوله، وأمر المتوكل إذ ذاك بنثر الدراهم كما ينثر الورد، فكانت الريح تحملها لخفتها، فتتطاير في الهواء كما يتطاير الورد. وبهذا كان للخليفة الفنان والمخرج المسرحي ما أراد. وكان المتوكل إلى جانب هذا التوجه إلى فنون العرض المسرحية يكن وداً خاصاً لجماعة الممثلين الهزليين "السمّاجة"، وذات يوم دخل عليه اسحق بن إبراهيم فوجد هؤلاء الممثلين وقد قربوا منه للقط دراهمهم التي تنثر عليهم، وجذبوا ذيل المتوكل. فلما رأى إسحق ذلك، ولى مغضباً وهو يتمتم "فما تغني حراستنا المملكة مع هذا التضييع". ورآه المتوكل وقد ولى فقال لحراسه: ويلكم، ردوا أبا الحسين، فقد خرج مغضباً، فردوه حتى وصل إلى المتوكل. فقال ما أغضبك؟ ولما خرجت ؟ فقال: يا أمير المؤمنين عساك تتوهم أن هذا الملك ليس له من الأعداء مثل ما له من الأولياء ! تجلس في مجلس يبتذلك فيه مثل هؤلاء الكلاب تجاذبوا ذيلك، وكل واحد منهم متنكر بصورة منكرة، فما يؤمن أن يكون فيهم عدو له نية فاسدة وطوية رديئة، فيثبت بك. فقال المتوكل: يا أبا الحسين لا تغضب، فالله لا تراني على مثلها أبداً. وبني للمتوكل بعد ذلك مجلس مشرف ينظر منه إلى السمّاجة "الممثلين". وهكذا لم يتخل المتوكل عن حبه لتمثيل السّمّاجة، وإنما صنع لنفسه مقصورة يرى منها العرض عن بعد. أي أنه بنى مسرحاً بدائياً. ممثلوه السماجة والمتفرج الوحيد المتوكل ليعتبر هذا المسرح أول بداية لبناء مسرح عربي تطور بعد ذلك للشكل المتعارف عليه.

ويحمل التراث العربي الكثير عن بدايات أصبحت فيما بعد ذلك نواة المسرح العربي الذي لم يكن له أن يولد قبل مولد هذه المحاولات التي احتاجت مئات السنين لتصبح مسرحاَ عربياً صريحاً. فمن جماعة الممثلين الهزليين الأولين والذين كان يطلق عليهم اسم السمّاجة، بتشديد الميم، الذين كانوا يحاكون حركات بعض الناس ويمثلونهم في مظاهر مضحكة إيناساً للناس، ووصولاً إلى الممثل المسرحي المعاصر على مسارح الوطن العربي، كان الطريق طويلاً وشاقاً.

يحمل التراث العربي كثيراً من الصور المسرحية، فكثير من الاحتفالات والمناسبات الرسمية كانت تخرج إخراجاً مسرحياً متقناً، حتى أن جلوس الخليفة على عرشه كان في حد ذاته حفلاً حافلاً بالألوان والأضواء والحركة المرتبة من قبل، إذ يجلس على كرسي مرتفع في عرش من الحرير، وعلي رأسه عمامة سوداء، ويتقلد سيفاً، ويلبس خفاً أحمر، ويضع بين يديه مصحف، ويقف الغلمان والخدم من خلفه وحوله متقلدين السيوف، وفي أيديهم بعض أسلحة الحروب، وتمد أمامه ستارة، إذا دخل الناس رفعت وإذا أريد مدت، ويرتب في الدار قريباً من المجلس خدم بأيديهم قس البندق يرمون بها الغربان والطيور لئلا ينعب ناعب أو يصوّت مصوّت.

فهذا منظر مسرحي كامل لا شك فيه لم تغب عنه حتى الستارة، التي ترفع إذا بدأ المشهد بدخول الناس، وتمد أمامه مؤذنة بانتهاء اللعب، إذا ما شاء المخرج والممثل الأول في المشهد، بل أن ذات مرة جرؤ واحد من الندماء في بلاط المتوكل اسمه "أبو العنبس الصيمري" على أن يقدم أمام الخليفة مشهداً فكاهياً قلّد فيه إنشاد الشاعر البحتري تقليداً مضحكاً، ولم يعترض الخليفة على هذا الهزء من شاعر مجيد كالبحتري. بل كان الظن أنه هشّ له وبشّ، على أن تمام التحام فنون الأداء قد جاء في ميداني الغناء والموسيقى وما لحق بهما من رقص.

بل كانت هناك نظرة رفيعة ينظر بها إلى هذه الفنون في عصر الخلفاء العباسيين وخاصة على عهد المتوكل، إذ كانت زوجة الخليفة المتوكل نفسه "فريدة" تتقن الغناء. وبدأ انتشار الغناء الذي دفع إلى قيام ما يشبه دور المسارح الغنائية في عصرنا الحالي باستثناء غياب عنصر الاتجار الفني عنها.

أما الدُّور التي لا شك في أنها كانت ملاهي تجارية بالمعنى العصري فهي الحانات التي كان يقصدها أفراد من الطبقة الوسطي بينهم الشعراء، وفيها يدور الشراب ويسمع الغناء ويجري الرقص في غيبة من القانون أو بإغماض للطرف منه.

استمرت هذه الفنون المختلفة ولكن ظهر فن هو أقرب ما يكون للفن المسرحي ويعد البدايات الحقيقية للمسرح العربي، هو "مسرح الظل" الذي عرفه العرب أيام العباسيين، وهو أول لون من ألوان العروض يرتبط بالأدب العربي. وقد قام المسرح الظلي على بعض الأسس النظرية الفنية على يد ابن دانيال وهي:

"مسرح شعبي بالجمهور وللجمهور، وفن منوع يمزج الحقيقة بالخيال، والجد بالهزل، ويعتمد على أوسع قدر من مشاركة الناس فيه، بالمال والحضور والاستمتاع".

ثم يقدم ابن دانيال مادة مسرحية حقيقية بعد هذا. يخوض بحور الكلام وأكداس العبارات وينتقي منها جميعاً جواهر فنية، ويبتكر بعضاً من الشخصيات المسرحية الشعبية التي لا تزال موجودة حتى الآن: أمثال أم رشيد الخاطبة، والقوادة، والكاتب القبطي المدلس، والشاعر المزيف المتعاجب بالألفاظ الجوفاء، والطبيب الدجال الذي يرى الكسب أهم بكثير من أرواح ضحاياه، كل هؤلاء نجدهم في بابة "طيف الخيال". أما في البابة الثانية التي أبدعها ابن دانيال واسمها "عجيب وغريب"، فإن الهدف الرئيس هو إمتاع الجمهور وبهره بمناظر وشخصيات منتقاة من السوق: الواعظ والحاوي، وبائع الأعشاب "الشربة العجيبة كما يقال اليوم" والمشعوذ والمنجّم، والقرّاد ومدرّب الأفيال، والراقص والعبد الأسود الذي يجمع بين البهلوان والمغني، الخ.

كل هذه الشخصيات كان ينتزعها ابن دانيال من واقع السوق ويجعل لها وجوداً فنياً على المسرح عن طريق المقصوصات، أي عن طريق رسمها على الجلد وإحالتها إلى دمي ذات بعدين يحركها اللاعب المؤدي من وراء ستار.

إن نظرة ابن دانيال إلى فنه، وهي نظرة جادة من وراء الهزل، تجعله يضفي على مقصوصاته هذه الحياة الإضافية، التي تضيف إلى الدمي بعداً ثالثاً، وتكاد تجعلها شخصيات إنسانية حقيقية تتحرك على المسرح.

كل هذا يشهد بأن العرب قد عرفوا دراما كاملة، ذات نظرية وممارسة عملية واضحتين وذات صلات ليست أقل وضوحاً بالجسم العام للدراما. وما قدم عربياً لا يعد مسرحاً حقيقياً بما قدمه من أمثلة تطبيقية لفن المسرح فحسب، بل وبما زرع من تقاليد مسرحية غرست فكرة المسرح في نفوس الناس وحفظتها من الضياع، إلى أن جاء الوقت الذي عرف فيه العرب المحدثون المسرح البشري نقلاً عن أوروبا.

وعن طريق "خيال الظل" عرف المصريون لقرون متوالية، عادة الذهاب إلى المسرح بما في هذا من مقومات مادية واضحة: الإضاءة، والألوان، والأزياء، والحوار، وفنون الأداء المختلفة من رقص وغناء وموسيقى، ثم قصة مسرحية من نوع آخر تعتمد على نوع من الحوار.

والنتيجة العميقة لهذا كله أن مصر العربية كانت مهيأة أكثر من غيرها من البلاد العربية المجاورة لتقبل فكرة المسرح عامة، والمسرح البشري بصفة خاصة حين أخذت الفرق المسرحية والأفكار المسرحية ذاتها ترد إلى المنطقة العربية ابتداء من نهاية القرن الثامن عشر الميلادي.

3. المسرح الشعبي البشري

جاءت أقدم إشارة إلى وجود فن مسرحي يؤديه البشر في أحد البلاد العربية "مصر" في كتاب الرحالة "كارستين نيبور" الذي وصل إلى الإسكندرية في 26 سبتمبر1761م، ومكث في مصر سنوات طويلة يختلط بسكانها بين مصريين وأوربيين.

وصف "نيبور" عروض الشوارع وصفاً دقيقاً. أشار أولاً إلى فن الغوازي، وذكر أنهن يعملن لقاء أجر، ثم انتقل نيبور إلى فن الأراجوز وفن خيال الظل، وأخيراً يرد ذكر فن المسرح حيث كان بمصر عدد كبير من الممثلين ما بين مسلمين ونصارى ويهود، ينم مظهرهم عن فقر شديد، وهم يمثلون أينما يدعون، لقاء أجر قليل، ويعرضون فنهم في العراء، في فناء منزل يصبح آنذاك مسرحهم، ويسحبون على أنفسهم ساتراً يبدلون وراءه ملابسهم إلى ملابس التمثيل، في أمن من الأعين.

في عام 1815م قدمت فرقة شعبية مصرية مسرحيتين في حفل أقيم في منطقة شبرا، وتعد هذه المحاولة من أوائل محاولات المسرح الشعبي بالوطن العربي. كان الحفل قد بدأ بالموسيقي والرقص التقليديين ثم قام جمع من الفنانين بتمثيل المسرحية الأولى التي تدور حول رجل يريد أن يؤدي فريضة الحج، فيذهب إلى راعي إبل ويطلب إليه أن يحصل له على جمل مناسب يركبه إلى مكة، ويقرر الجمال أن يغش الحاج المنتظر، فيحول بينه وبين رؤية صاحب الجمل الذي قرر أن يبيعه له، ومن ثم يطلب في الجمل مبلغاً أكبر مما طلب صاحبه، بينما يعطي صاحب الجمل مبلغاً أقل بكثير مما دفع الشاري، ويحتفظ بالفارق لنفسه. ثم يدخل جمل مكون من رجلين تغطيا بالكسوة التقليدية، وظهرا كما لو كانا جملاً حقيقياً على أهبة الاستعداد للرحيل إلى مكة. ويركب الحاج الجمل فيكتشف أنه ضعيف، قليل الهمة، فيرفض أن يقبله ويطلب أن تعاد إليه نقوده، وينشب بين الحاج والجمّال نزاع، ثم يتصادف أن يدخل صاحب الجمل، فيتبين هو والشاري أن الجمّال لم يكتف بخداع الاثنين فيما يخص الثمن، بل أنه احتفظ لنفسه بالجمل الأصلي وأعطى الشاري جملاً حقير الشأن. وتنتهي المسرحية بهرب الجمّال بعد أن أخذ حظه من الضرب المبرح.

هذا النموذج المسرحي الشعبي يوضح أنه كان هناك طوال القرن التاسع عشر الميلادي على الأقل دراما محلية تماماً، خالية من المؤثرات الأجنبية التي أخذت تتعامل مع فن التمثيل في مصر منذ بداية القرن التاسع عشر الميلادي، وما لبثت أن أثرت تأثيراً بارزاً في حرفية هذا التمثيل، مما بدا واضحاً منذ قيام مسرح يعقوب صنوع في لبنان حتى الآن.

كما أن النموذج السابق يعدّ كوميديا انتقادية تنتزع موضوعها من الواقع الحي المحيط بالممثلين والنظارة، وترضي جمهورها بالإمتاع والنصح معاً، على عادة الفن الشعبي. وهي تحوي شيئاً من التركيب الفني يتمثل في الظهور المفاجئ لصاحب الجمل، والانكشاف المزدوج الذي يتعرض له الجمّال، وهو انكشاف يشير بدوره إلى شيء من العمق في هذه الشخصية، فهي ليست مسطحة مثل شخصيتي البائع و الشاري، وإنما لا بد لها من قدرة على التمثيل والتحايل حتى تستطيع أن تتعامل مع الرجلين كل بطريقة تجوز عليه.

إن وجود مسرح خيال الظل ومسرح الأراجوز والقراد والحاوي في الوطن العربي، يعطي دلالة على الطاقة التمثيلية الكبرى التي تمتع بها العرب قروناً طويلة قبل أن يفد المسرح البشري الغربي على أيدي فرق أجنبية عديدة.

وحتى في الوقت المعاصر وفي سوق جامع "الفناء" بمراكش يوجد مسرح الحلقة في أشكال متعددة، وكذلك مسرح الممثل الفرد الذي يؤدي وحده جميع الأدوار ورقصاً شعبياً مخلوطاً بأداء تمثيلي فكاهي. كما أن بالمغرب في الشمال الأفريقي هناك أشكال "مسرح الحلقة" و"مسرح البساط". وهذا كله يدل على وجود دراما بشرية شعبية عرفتها الأقطار العربية قبل المسرح البشري الغربي، وهو ما يطلق عليه المسرح الشعبي البشري العربي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70237
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

فن المسرح، وتاريخه Empty
مُساهمةموضوع: رد: فن المسرح، وتاريخه   فن المسرح، وتاريخه Emptyالثلاثاء 12 أبريل 2016, 1:42 am

المسرح العربي

   

4. المسرح في مصر

إن التأثيرات الإيطالية والفرنسية في مصر، خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر الميلادي ساعدت على صقل "الشعور بالمسرح" عند سكان المدينة في مصر، ولكنها لم تكن كافية بالمرة لتعميق جذور المسرح المحلي في مصر، إذ إن مثل هذا التطور كان يتطلب أولاً بلوغ مستوى معين من الثقافة، وقد حدثت هذه التأثيرات بينما كانت الأمية متفشية بشكل عام في مصر تقريباً.

والمسرح المصري، شأنه شأن الكثير من المسارح في المنطقة العربية، نشأ أول ما نشأ على الترجمة المباشرة من المسرح الغربي الأكبر سناً والأكثر عمقاً، ثم تحول من الترجمة الحرفية إلى الاقتباس والتعريب، حتى اشتد عوده وبدأ في التأليف الأصلي. إلا أن مصر كانت مهيأة أكثر من غيرها من الأقطار العربية لعمل فن مسرحي، وبذلك كانت لها الريادة في هذا المجال مع مشاركات لا تقل أهمية في لبنان وسورية.

وقد سبق ظهور الكاتب المسرحي المحلي في مصر إرهاصات كثيرة، تكاتفت كلها وعملت على ظهوره، ففي ميدان التأليف خرجت للناس في عام 1894م أول مسرحية مصرية تأخذ شكل الميلودراما الاجتماعية، وكان اسم المسرحية "صدق الإخاء" واسم مؤلفها "إسماعيل عاصم"، وهي تسعي إلى تبصير الأغنياء بمضار الترف وتبديد الثروات. وأهمية هذه المسرحية تأتي من مصدرين: أولهما أنها كانت البشير الأول بقيام المسرحية الاجتماعية المؤلفة التي تجعل همها معالجة هموم المجتمع وعيوبه. أما المصدر الآخر لأهمية هذه المسرحية فهي أنها مضت قدماً مع رحلات الفرق الفنية، فاقتحمت تونس الخضراء، وأثارت انتباه الناس وحفاوتهم هناك.

ثم توالى ظهور المسرحيات الاجتماعية في مصر بعد ذلك، فقدم "فرح أنطون" مسرحيته المعروفة "مصر الجديدة ومصر القديمة" عام 1913م، وفيها استخدم شكلاً مسرحياً يراوح بين الرواية والمسرحية ليعرض تطلعات مصر وآمالها في أوائل القرن من قيام طبقة منتجة، تقوم بكل ما من شأنه رفعة الوطن. والمسرحية صادقة الانتماء إلى الواقع المصري، وإن كان بها كثير مما يشي بأصل أوروبي أخذت عنه، ومع هذا فقد كانت خطوة قوية قادرة على طريق بزوغ الكاتب المسرحي المصري. وما لبث الكاتب المسرحي المصري الخالص من كل أثر لاقتباس أو تمصير أو أي اعتماد آخر على النصوص الغربية أن ظهر في شخص "إبراهيم رمزي".

وقد كتب إبراهيم رمزي عدداً من المسرحيات التاريخية والاجتماعية والغنائية أهمها:

الحاكم بأمر الله 1914م، وأبطال المنصورة 1915م، وبنت الإخشيد 1916م، والبدويــة 1918م، وإسماعيل الفاتح 1937م، وشاور بن مجيد 1938م. كل هذا في اللون التاريخي، أما في المسرحية الاجتماعية فكتب مسرحية صرخة الطفل 1923م.

ثم يواكب إبراهيم رمزي في الفترة نفسها مؤلف مصري آخر هو "محمد تيمور" الذي أخرج مسرحيات: "العصفور في القفص" مارس 1918م، و"عبدالستار أفندي" ديسمبر 1918م، و"الهاوية" 1921م، وهي مسرحيات ذات أسس أجنبية واضحة، فرنسية في الغالب الأعم، ولكن تيمور قد أجاد تمصيرها.

ثم يظهر على المسرح مؤلف مصري ثالث دعم الحركة المسرحية في مصر، وهو "توفيق الحكيم" الذي أخرج أولى مسرحياته عام 1919م، وكانت باسم "الضيف الثقيل"، وهي رواية مفقودة ولكن مضمونها معروف هو أن ضيفاً ثقيلاً يحل على أسرة ويرفض أن يرحل عنها، كناية عن هجاء درامي للاحتلال البريطاني الذي كان يكتم أنفاس مصر آنذاك.

أما أول مسرحية كاملة تصل من فن الحكيم فهي "المرأة الجديدة" التي خرجت إلى الناس عام 1923م غير أن أصولها الفرنسية لا تخفى على العين المدققة رغم التمصير الجيد الذي قام به الحكيم.

وفي ميدان المسرح الغنائي الذي تزعمه الشيخ سلامة حجازي، شعر حجازي منذ أن اعتلى خشب المسرح بالحاجة إلى وجود المسرحية الغنائية المصرية، ونعى على الأدباء عدم إقبالهم على تأليف هذا النوع المصري، وكان الشيخ سلامة حجازي يتمني دائماً أن يبث الدروس الاجتماعية والمبادئ الأخلاقية والعظات الوطنية في ثوبها المصري وردائها القومي، وتحقق له بعض ما أراد. وحين توفي الشيخ حجازي عام 1917م، كان نجم أحد فناني المسرح الغنائي المصري قد بزغ بوضوح في سماء الفن وهو الشيخ "سيد درويش"، الذي كان يخرج المسرحية موسيقياً وغنائياً، كما يخرج المخرج المسرحي مسرحية درامية عادية. وكانت أنضج أعماله "العشرة الطيبة" و" شهرزاد" و"الباروكة ".

ويعد الفنانان المصريان "جورج أبيض" و"عزيز عيد" من رواد الفن المسرحي المصري في أوائل القرن العشرين الميلادي. ولا يمكن تجاهل إسهاماتهم، نحو مسرح مصري ناضج، فقد أرسيا الأسس المسرحية التي سار على نهجها تلامذتهما بعد ذلك. غير أن الرائد المسرحي "زكي طليمات" يشير في معرض تحليل فن عزيز عيد بوصفه ممثلاً، فيقول: "يرجع الفضل لعزيز عيد في التنبيه إلى أهمية فن الإخراج المسرحي".

وقد ظهر في مصر آنذاك ممثلون مسرحيون موهوبون على رأسهم الفنان "يوسف وهبي" وكذلك الموهوبة "روزاليوسف" والفنانون المقتدرون حسين رياض وأحمد علام وفاطمة رشدي وزينب صدقي، وتلك كانت بداية تكوين فرقة "رمسيس" المسرحية التي اجتذبت أنظار الجمهور العريض والمثقفين معا، بما قدمته من مسرحيات من أشهرها: كرسي الاعتراف، وراسبوتين، وغادة الكاميليا وكان ما حققته الفرقة على طريق تطوير الفن المسرحي المصري وزرعه مؤسسة محترمة في تربة البلاد، إلحاحهاً على الانضباط، وتعويدها جمهورها احترام المواعيد.

تطورت الحركة المسرحية في مصر تطوراً ملحوظاً، خاصة بعد ثورة يوليه عام 1952م التي أطلقت الطاقات الحبيسة وأوفدت المسرحيين إلى أوروبا واهتمت بنشر الثقافة، فكان أن ظهرت اتجاهات مسرحية ناضجة يمثلها نعمان عاشور، ويوسف إدريس، وسعد الدين وهبة، ولطفي الخولي، والفريد فرج، وهؤلاء الكتاب المسرحيين لم يكونوا مصدر إشعاع في مصر فحسب ولكن في المنطقة العربية بأسرها، والتي تأثرت بفن هؤلاء المسرحيين، وأخذت عنهم الكثير.

5. المسرح في سورية

جاءت نهضة المسرح في سورية على يد كل من: رفيق الصبان، وشريف خزندار، اللذين عادا إلى سورية من فرنسا بعد أن تدربا على أيدي الفنانين "جان لوي بارو" و"جان فيلار"، فأخذا يقدمان نماذج من المسرح العالمي محاولين وضع أسس لثقافة مسرحية واعية تضمن في الوقت نفسه إقبال الجماهير. وأسس في الوقت نفسه د. رفيق الصبان نواة فرقة مسرحية كان لها أكبر الفضل في دعم مسيرة المسرح في سورية وأطلق على طاقمه الفني هذا اسم "ندوة الفكر والفن".

ولم تلبث الدولة أن تقدمت لمساعدة هذا الطاقم الفني الصغير، فأسست فرقة المسرح القومي السوري عام 1959م، مستعينة بطاقم الصبان وبجهود مخرج شاب درس المسرح في أمريكا واسمه هاني صنوبر. وسرعان ما انضم إلى الفرقة مخرجون عادوا إلى بلادهم بعد أن درسوا المسرح في المعهد العالي بالقاهرة، وبهذا أخذ يتكون للمسرح السوري، على المدى، الطاقم الفني اللازم لقيام حركة مسرحية، وأصبح ينتظر المؤلف المسرحي الواعي، القادر على أن يكتب نصاً مسرحياً كاملاً قابلاً للتمثيل.

وجاء هذا الكاتب المرتقب حين أبدع الكاتب المسرحي السوري "سعد الله ونوس" الذي تقدم في عام 1967م بمسرحية "حفلة سمر من أجل 5 حزيران" فافتتح بهذه المسرحية المهمة عهداً جديداً في المسرح السوري. كان ونوس قد كتب قبل هذه المسرحية خمس مسرحيات قصيرة هي: لعبة الدبابيس، والجرادة، والمقهى الزجاجي، وجثة على الرصيف، والفيل يا ملك الزمان. كما كتب مسرحية طويلة من جزأين هما "حكاية جوقة التماثيل" و"الرسول المجهول في مأتم انتيجونا". وهي أعمال تتسم بالتجريد والإغراق في استخدام الرموز. والبطل في هذه المسرحيات جميعاً هو الإنسان الفرد بصراعاته ومعاناته ووحدته، وهو إنسان محاصر ومطارد ومحكوم عليه أحياناً.

وكتب ونوس بعد ذلك رائعته المسرحية "مغامرة رأس المملوك جابر" وهي تسعي إلى مزج الممثل بالمتفرج في حدث مسرحي واحد.

وفي العام 1978م أخرج سعد الله ونوس مسرحيته الفاتنة "الملك هو الملك" وفيها استخدم بلباقة فنية كبيرة إحدى حكايات ألف ليلة وليلة، تلك التي تروي كيف أن هارون الرشيد قد ضجر ذات مرة، فقرر أن يصطحب وزيره في جولة ليلية، سمعا خلالها من يقول "آه لو كنت ملكاً، لأقمت العدل بين الناس وفعلت كذا وكذا. فيقرر الخليفة أن يأخذ الرجل إلى قصره وأن يجعل منه خليفة لمدة يوم واحد، إلى آخر الحكاية.

ومسرحية "الملك هو الملك" باعتراف النقاد تعدّ أعذب ارتشافه ارتشفها كاتب مسرحي عربي من إرث ألف ليلة وليلة، وهي إلى هذا أحسن ما قدم حتى الآن لتطويع تراث ألف ليلة وانتشاله من جمود الماضي إلى حيوية الحاضر.

ومن كتاب المسرح السوري الجديرين بالتقدير أيضا "مصطفي الحلاج" الذي كتب عدة مسرحيات هي: "القتل والندم" 1956م وهي تتحدث عن نضال الشعب التونسي في سبيل الحرية، وفيها يجعل المؤلف بطله واقعاً في صراع بين واجبه الثوري وعاطفته الذاتية، ذلك أنه مضطر إلى قتل والد حبيبته المتعاون مع الاستعمار. أما مسرحية "الغضب" 1959م، فيصور "الحلاج" فيها نضال الجزائر وفظائع التعذيب الذي كان يوقعه المستعمرون الفرنسيون بالمناضلين الجزائريين. ولعله يشغل نفسه كذلك بفظائع التعذيب النازي لضحاياهم، وصمود كثير من هؤلاء الضحايا في وجه طغيان الفاشية. وفي المسرحية الأخاذة "الدراويش يبحثون عن الحقيقة" 1970م، يضع المؤلف يده على موضوع بالغ الخطورة في دول العالم الثالث، ألا وهو ظاهرة التعذيب التي سبق أن لفتت أنظار الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر فأعد دراسة عن التعذيب في القرن العشرين الميلادي.

غير أن المسرح السوري الحديث أنجب أيضاً كتاباً لفتوا الأنظار بكتاباتهم منهم "ممدوح عدوان" و"علي عقله عرسان " و"وليد إخلاصي" وغيرهم ممن وضعوا المسرح السوري في مكانة جيدة جديرة بالتحليل، إلا أن الكاتب سعد الله ونوس يظل أبرز كتاب المسرح السوريين في العصر الحديث بكتاباته التي لاقت نجاحاً على خشبة المسرح ليس في سورية فحسب وإنما في سائر أنحاء الوطن العربي.

وكان قد تحمس لسعد ونوس فنانون مصريون فعرضت المسارح المصرية مسرحياته "طقوس الإشارات والتحولات" و"الأيام المخمورة" و"الملك هو الملك" و"مغامرة رأس المملوك جابر".

6. المسرح في لبنان

لم يستطع لبنان أن يوجد المسرح فناً، وإنما استطاع أن يوجده أدباً وأثراً يقرأ، وأسلوباً للتعبير عن الحياة والنفس، ظلت المسارح التي نشأت في البلاد، محصورة ضمن المعاهد العلمية في الأعم الأغلب منها، ولم تؤثر في حياة الشعب تأثيراً مباشراً، بحيث يقبل على العناية بتنشئته، ممثلاً، وممثلين، وبناء مسارح، وتوجيه الأدباء نحو التأليف المسرحي.

لم يكن النشاط المسرحي اللبناني في وضع جيد، لذا مات مؤسس المسرح اللبناني وأحد رواد المسرح العربي "مارون النقاش" كسير الفؤاد محسوراً، إذ تبين له أن دوام هذا الفن في لبنان بعيد الاحتمال.

ولكن لبنان، الفنان، والمقتبس والكاتب والممثل لم يترك عنايته بالمسرح بوفاة النقاش. إنه صدر الجزء الأهم من فنه المسرحي إلى مصر، فجاءت إليها وفود الفرق مثل: فرقة سليم النقاش، ابن أخي مارون النقاش، وما نجم عنها من فرق مسرحية: فرقة يوسف الخياط، وفرقة سليمان القرداحي، وفرقة إسكندر فرح.

وإلى مصر جاء أيضا الكتاب والمترجمون المسرحيون اللبنانيون، وبرز من بينهم الكاتب المسرحي فرح أنطون، الذي قدم للمسرح المصري أول مسرحية اجتماعية انتقادية تعنى بشؤؤن مصر وتتحدث عن متاعب بنيها ومشاكلهم، مسرحية "مصر القديمة ومصر الجديدة".

ومن لبنان كذلك جاء "جورج أبيض" الفتي الطموح الذي هوى فن المسرح، وأخذ يسعى للإنجاز فيه، حتى أرسله خديوي مصر في بعثة إلى فرنسا عاد بعدها إلى مصر لينشئ أول فرقة تقدم التراث العالمي في المسرح على أسس ثابتة ومعروفة، بعد أن أصبح جورج أبيض ذاته أول ممثل عربي يتلقى فنون التمثيل بطريقة علمية على يد فنان فرنسي هو "سليفان".

أما الساحة اللبنانية نفسها فقد خلت من التمثيل العام، الموجه إلى الناس. وتقوقعت حركة المسرح في أحضان المدارس، وفي جمعيات الهواة. وأصبحت في بعض الأحيان حركة مناسبات اجتماعية، ثم جاءت السينما والإذاعة من بعدها، فحولت انتباه اللبنانيين من التمثيل الحي، إلى التمثيل بالوساطة. وقد ظهرت فرق مسرحية لبنانية بدءاً من منتصف القرن العشرين الميلادي منها: فرقة محترف برت للمسرح على أيدي روجيه عساف ونضال الأشقر 1968م، وفرقة المسرح الاختباري التي أسسها أنطوان ولطيفة ملتقى، وفرقة المسرح المعاصر 1960، والفرقة الشعبية اللبنانية وهي التي أصبح اسمها فيما بعد "فرقة الرحبانية".

وقد مرت حركة المسرح في لبنان بأربعة مراحل على النحو التالي:

المرحلة الأولى: وتمثل المحاولات المسرحية الأولى في لبنان على يد مارون النقاش.

المرحلة الثانية: الترجمات، وفيها عرض "شبلي ملاط" مسرحية "الذخيرة" عن الفرنسية ومسرحية "شرف العواطف" عن جورج أونه الفرنسي، وترجم أديب إسحق مأساة راسين "أندروماك"، شعراً ونثراً، وعرض كذلك فارس كلاب وليشاع كرم مأساة "زايير" لفولتير ونقلاها إلى الشعر العربي.

المرحلة الثالثة: مرحلة بعث التاريخ الوطني العربي، وفيها وضع نجيب الحداد مسرحية شعرية تتناول حياة عبدالرحمن الداخل: عنوانها "حمدان" ووضع الشيخ أحمد عباس الأزهري مسرحية: "السباق" بين عيسي وذبيان، ومن ثم كثرت المسرحيات التي تتخذ موضوعاتها من التاريخ العربي، وانضم الآباء النصارى إلى زملائهم المسلمين في الجهود المبذولة لاستخدام فن المسرح أداة لبعث الروح الوطنية والقومية، وتعميق الشعور الديني، والاعتداد بالسلف الصالح، وتوجيه الناس إلى المثل الأعلى والبطولات.

فيما تمثل المرحلة الرابعة مرحلة الواقعية الاجتماعية، وقد وصلت موجتها إلى لبنان من وراء المحيط الأطلسي بوصفها مظهراً من مظاهر حركة أدبية نشطة هي حركة أدباء المهجر في أمريكا. وكانت هذه الحركة قد شملت المسرح أيضاً، إلى جانب فنون القصة الأخرى والنقد، فكتب جبران خليل جبران مسرحية "أرم ذات العماد"، وكتب ميخائيل نعيمة مسرحية "الآباء والبنون" التي يقول في مقدمتها: "إن الرجاء المعلق على النهضة الأدبية التي بزغ نورها حتى شمل بلداناً عربية كثيرة يضعف كثيراً إذا ما مضت الأمة العربية في إهمال شأن الدراما، وهو فن لو خير الغرب بينه وبين بقية الألوان الفنية، لاختار الدراما دون سواها". وبعد أن يشير إلى تدني النظرة إلى الدراما في البلاد العربية، فالممثل فيها بهلوان والممثلة عاهرة، وفن التمثيل ضرب من العبث واللهو، يمضي ميخائيل نعيمة فيقول: "لست أشك قط في أننا سنري عندنا، عاجلاً أم آجلاً، مسرحاً وطنياً تمثل عليه مشاهد حياتنا القومية. إنما يقتضي لذلك قبل كل شيء أن يحول كتابنا أنظارهم إلى الحياة التي تكر حولهم كل يوم بأفراحها وأتراحها، وجمالها وقبحها، وشرها وخيرها، وأن يجدوا فيها مواد لأقلامهم - وهي غنية بالمواد لو دروا كيف يبحثون عنها".

بعد ذلك تظهر فجأة مسرحيات أحمد شوقي الشعرية في مصر، فيتراجع الواقع في المسرحيات، ويتحرك شعراء لبنان للسير في الدرب الذي ارتاده أمير الشعراء.

يكتب سعيد عقل في يوليه 1935م مسرحية شعرية لبنانية بعنوان "بنت يفتاح"، يظهر فيها واضحاً أثر راسين، ويبين منها أن سعيد عقل يتناول موضوعاته من الخارج، خارج تاريخ بلاده وخارج الجو الفكري الذي يتقلب فيه الناس من حوله، وهو إلى هذا لا ينجح في هذه المسرحية ولا في مسرحيته التالية "قدموس" في تطويع شعره لمطالب المسرح.

ثم عادت المسرحية اللبنانية إلى الواقع مرة أخرى بظهور أعمال سعيد تقي الدين: "لولا المحامي" و"نخب العدو" و"المنبوذ". وهي مسرحيات تصور حالات اجتماعية لبنانية تصويراً صحيحاً.

ويلاحظ المراقبون للحركة المسرحية اللبنانية أن النشاط المسرحي اللبناني منذ الستينيات من القرن العشرين الميلادي كان موجهاً في الأساس إلى طبقة المثقفين، فهو يخاطبهم وحدهم في كل المسرحيات تقريباً. ومسرح هذا شأنه لا يمكن أن يكتب له بقاء طويل، فلا بد لأي حركة مسرحية صحية وواعية من أن توجه نفسها في الأساس إلى جماهير الناس، وذلك بتقديم أعمال تهم جميع الناس، بمن فيهم من مثقفين.

7. المسرح في السودان

يبدأ تاريخ المسرح السوداني عام 1902م، حين كتب "عبدالقادر مختار" أول مسرحية سودانية هي "نكتوت" ومعناها "المال"، التي وصفت بأنها تعكس بصدق صورة من صور المجتمع السوداني في ذلك التاريخ، إذ لمس موضوع المسرحية، التي جاءت بقلم كاتب غير سوداني هو عبدالقادر خطاب، وتراً حساساً يمس خصوصيات الشعب السوداني.

وقد ظهرت بالسودان نشاطات مسرحية مدرسية ما بين السنوات 1905 - 1915م. فقد مثلت مدرسة البنات للرسالة الكاثوليكية في أم درمان مسرحية أدبية ضمن ألوان أخرى من النشاط المدرسي شمل إلقاء الخطب وعرض الأشغال اليدوية.

وفي عام 1905م نشرت جريدة السودان بتاريخ 5 أكتوبر أن "جمعية حب التمثيل" ستقيم ليلتها الخيرية مساء الخميس التالي في قهوة الخواجة لويزو، حيث يقوم أعضاؤها بتمثيل بعض المسرحيات الهزلية بالإنجليزية والعربية إلى جانب فقرات موسيقية يشهدها الحفل.

وفي 15 نوفمبر 1909م نشرت جريدة السودان خبراً عن مسرحية عرضت باسم "هفوات الملك"، وتستمر أنباء المسرح في جريدة السودان على هذا المنوال، فتذكر مسرحيات قدم أغلبها على مسرح الخواجة لويزو.

أما التأليف المسرحي في السودان فقد بدأ في الفترة ما بين 1903 - 1915م، بمحاولات على يد إبراهيم العبادي الذي كتب مسرحية بالشعر العامي عام 1910م إسمها "عروة وعفراء" استمد مادتها من التراث العربي القديم.

ويشير المؤرخون للحركة المسرحية السودانية إلى أن فن المسرح قد نقله إلى السودان جماعة من الأساتذة المصريين الذين عملوا في أول هذا القرن بالتدريس في كلية غوردون التذكارية، وكانت أول مسرحية لهم بعنوان "التوبة الصادقة" مثلت عام 1912م، والمسرحية مصرية والممثلون مصريون وبطلها قاضي مصري قام هو بنفسه بإخراجها. والذين شاهدوا هذه المسرحية يقطعون بأنها خلقت شغفاً في نفوس طلبة الكلية للتمثيل، مما جعل إدارة المدرسة تأخذ في تكوين فرقة من الطلبة.

وفي عام 1918م تأسس نادي الخريجين، وتكونت جماعة "صديق فريد" للمسرح، وظلت هذه الجماعة تقدم مسرحياتها العديدة خمس عشرة سنة، وكان من نشاط هذه الجماعة المسرحية التي عرضوها في مساء الخميس 9 ديسمبر 1920م والتي تدور فكرتها حول تعليم المرأة، وكان موضوع الساعة آنذاك، وقد اشتهر شباب الموظفين والطلبة بإجادة هذا الفن، وصار لهم صيت: منهم صديق فريد وعرفات محمد عبدالله وعبدالرحمن علي طه وعلي بدري وعوض ساتي وعلي نور المهندس وأبو بكر عثمان وغيرهم.

وقد عرض صديق فريد مسرحية "صلاح الدين الأيوبي" في مساء تلك الليلة وكان النادي مكتظاً، لم يبق فيه قدم ورفعت الستارة وشهد الناس عجباً، فهتفواً وصفقواً.

وحين أعيدت المسرحية من بعد قام بدور البطل: صديق فريد، الممثل الذي فتن به الناس آنذاك، بقامته الفارعة، وتكوينه الجسماني الفحل، وكانت الناس لا بالتصفيق والهتاف فحسب، بل تصرخ ملء أصواتها تجاوباً مع صديق في دور صلاح الدين، وبكي البعض وانتحب البعض، وتأثر حتى صبية المدارس، وكان منهم من يقلّد صديق فريد في دور صلاح الدين.

ويقول النقاد عنه أنه أقوى ممثل سوداني اعتلى خشب المسرح، صوته جذاب، جهوري، سريع الحركة، ينفعل في قوة ويهدأ في لطف. وقد رُوي عنه أنه عندما كان يؤدي دور صلاح الدين كان الجمهور يصمت صمت القبور، وفي ليلة العرض الأولى صال وجال فوق المسرح وفجأة جرّد حسامه في ثورة غضب فهب النظارة واقفين.

وقد اتجه صديق فريد وجماعته إلى عرض المسرحيات التاريخية، وكان هذا طريقهم الوحيد هرباً من وطأة الاستعمار الذي كان لا يسمح بأي محاولة تعرض بالنظام السياسي الاستعماري.

ولم يقتصر صديق وجماعته على عرض مسرحياتهم في العاصمة، بل كانت الفرقة تسافر في المناسبات الأعياد الدينية وخلافها لعرض مسرحياتها في عطبرة وواد مدني وغيرهما من مدن الأقاليم السودانية، ولعل أهم ما قدمته هذه الجماعة للمسرح السوداني أنها رغم الظروف السياسية القاهرة، ورغم مظاهر الكبت الأجنبي، استمرت عروض فنون المسرح مدة طويلة، فساعد هذا على خلق جمهور للمسرح في تلك الآونة.

اصطدمت فرقة صديق فريد بالصعوبة التقليدية وهي ندرة العنصر النسائي أو انعدامه، وقد لجأت الفرقة إلى الحل التقليدي كذلك وهو: الرجال في أدوار النساء وقد حاول صديق فريد مرات عدة أن يشرك فتيات في التمثيل، ولكن محاولاته جميعاً باءت بالفشل. وقد لجأ ذات مرة إلى إقناع فتاة بأداء دور نسوي من خلف المسرح، فكان الأمر مضحكاً بالنسبة للنظارة والممثلين على حد سواء، فكفّ صديق فريد عن تكرار تلك المحاولة.

ولم تلبث الجماعة أن انفضت عقب اعتزال صديق فريد للتمثيل قبل وفاته بمدة، وبعد أن أخذ الاستعمار البريطاني يتعسف في معاملته للفن المسرحي عقب الثورة الوطنية التي هبت عام 1924م.

ظهر في أفق المسرح السوداني نجم جديد هو عبيد عبدالنور، أحد خريجي الجامعة الأمريكية ببيروت. كما ظهر في الفترة نفسها واحد من النقاد البارزين في حقل المسرح، وهو عرفات محمد عبدالله - الذي كان ممثلاً، ثم تحول ناقداً، فأصبحت آراؤه في المسرحيات تصدر عن علم وتجربة معاً. وكانت مجلتا "النهضة" و"الفجر" تنشران مقالات في النقد المسرحي تتحدث عن ضرورة احترام دقة المواعيد، وتحث الجمهور على النظام واحترام العمل المسرحي وتطالب بأن تكون الصحافة في خدمة المسرح. وأن تصبح موصلاً فعالاً بين المسرح والجمهور.

في عام 1946م تكونت أول فرقة متكاملة للتمثيل، وظهرت المرأة السودانية على المسرح. أنشأ الفرقة الفنان ميسرة السراج، وقدمت فرقته هذه مسرحيات كثيرة ذات محتوي اجتماعي منها: "وفاء وعجائب" و"انتقام وغرام". كما فتحت الفرقة الباب واسعاً للتبرعات، واتجهت إلى الشعب السوداني تحت شعار "أعطني قرشاً أعطك مسرحا". وقد قام الفنان ميسرة بمهام التأليف والإعداد وشرع في محاولة بناء مسرحي، بما تحصل له من مال تبرعات.

وفي نهاية العام ذاته 1946م، أسست فرقة "السهم الفضي" وفرقة الهواة للتمثيل. كما كانت هناك نشاطات مسرحية مختلفة قام بها الناديان المصري والسوداني، وكذلك انتشر المسرح المدرسي بانتشار التعليم في البلاد. على أن هذا كله ظل مجرد حركات لم تتعد السطح، على رأي النقاد السودانيين، وما كان في استطاعتها أن تفعل أكثر من ذلك وهي واقعة في بحر السكون الشامل، ومواجهة بواقع لغوي واجتماعي وعرقي شديد التعقيد. لهذا ما لبثت فرقة السراج أن تقلصت، وانصرف بعض العاملين في المسرح إلى الإذاعة، وكان بينهم ميسرة السراج نفسه وزميلاه محمود الصباح و عوض صديق. وقد أصابوا نجاحاً ملحوظاً في ميدان الإذاعة، ثم ما لبث المستمعون أن أعرضوا عنهم وانصرفوا إلى برامج فكاهية كان يقدمها عثمان حميدة وإسماعيل خور شيد وهي المعروفة بهزليات "تور الجر". ولم يفلح أصحابها مع ذلك في تطويرها إلى مسرح يقوم على الفكاهة، فإن محاولاتهم في هذا السبيل ما لبثت أن توارت. وفي 1 يناير 1956م نال السودان استقلاله الوطني غير أن هذا الحدث القومي لم يجد تعبيراً عنه في المسرح.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70237
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

فن المسرح، وتاريخه Empty
مُساهمةموضوع: رد: فن المسرح، وتاريخه   فن المسرح، وتاريخه Emptyالثلاثاء 12 أبريل 2016, 1:44 am

المسرح العربي


       

8. المسرح في العراق

في عام 1926م زارت فرقة جورج أبيض العراق، وقدمت حفلات تمثيلية في كل من بغداد والبصرة فكانت هذه الزيارة النواة التي تبلورت حولها حركة مسرحية نشطة، كانت موجودة من قبل، وكانت تبحث عن محور تدور عليه ومحرك يدير هذا المحور.

وقد وجدت الحركة المسرحية العراقية المحور في زيارة تلك الفرقة المصرية التي كان لها الأثر الفعال في وضع الأسس الفنية الأولى للمسرح في العراق، وتغيير نظرة الناس إلى هذا الفن، ورفع مستوي الهواة العراقيين الذين عملوا في هذا المجال.

أما المحرك فقد كان ذلك الفنان العراقي الدافق الحماس: "حقي الشبلي" الذي اشترك مع فرقة جورج أبيض بتمثيل دور ابن أوديب في مسرحية "أوديب ملكا" التي قدمتها الفرقة هناك. ومن ثم اندفع حقي الشبلي في طريقه المسرحي الطويل فألف أول فرقة مسرحية عراقية محترفة في مطلع 1927م، اشترك فيها إلى جانب الفنانين العراقيين نفر من الممثلين السوريين والمصريين وهم: بشارة واكيم وعبداللطيف المصري وعبد النبي محمد ومحمد المغربي وغيرهم. وتجولت فرقة حقي الشبلي في العراق تدعو إلى التمثيل وتقدمه للجمهور.

وتوالت زيارات الفرق المسرحية من بعد، فجاءت فرقة فاطمة رشدي عام 1929م، وقدمت عدداً من المسرحيات، ومن ثم جرى الاتفاق بين الفرقة والأستاذ حقي الشبلي على أن ينضم إليها، فسافر إلى مصر للعمل والتدريب تحت إشراف عزيز عيد. وظل الشبلي بمصر في سفرته الفنية هذه ما يقرب من عام. فلما عاد إلى العراق 1930م مع رحلة أخرى لفرقة فاطمة رشدي قدمت فيها الفرقة حفلات في بغداد والبصرة والموصل، تخلّف في العراق الشبلي وألّف فرقة باسمه هي "فرقة حقي الشبلي" التي ظلت تكافح خمس سنوات متصلة في سبيل دعم الفن المسرحي العراقي عن طريق التمثيل في العاصمة وأقاليم الشمال والجنوب.

ثم سافر حقي الشبلي إلى فرنسا عام 1935م للدراسة، فلما عاد عام 1939م أسس قسماً للتمثيل في معهد الفنون الجميلة، أخذ على عاتقه إعداد الممثلين والمخرجين وتقديم المواسم المسرحية.

كانت هذه فترة ذهبية للمسرح العراقي، ظهرت خلالها عدة فرق محترفة قدمت إنتاجاً مسرحياً متعدد الجوانب، وتمكن بعضها من تأسيس مسارح أهلية.

وبهذا اكتملت للحركة المسرحية العراقية عناصر أساسية في كل حركة مسرحية وهي: فنانون متحمسون يعملون بحماس الهواية، على مستوي الاحتراف، وصلات عضوية حيوية بالفرق المسرحية خارج البلاد، ومادة مسرحية قابلة للتقديم كما هي أو بعد التشكيل، ومؤلفون مسرحيون من نوع أو آخر يقدمون أعمالاً مسرحية متفاوتة الحظ من الجودة والإبداع، ولكنها تكفي لكي يستمر النشاط المسرحي من يوم إلى يوم.

كل ما كان ينقص المسرح العراقي إذ ذاك أن يقوم فيه الكاتب المسرحي القومي الذي يكتب لبلاده بالنظر العميق والفن المسرحي المقنع، وهذا لم يتأت للعراق إلا في أوائل الستينيات من القرن العشرين الميلادي أو نحوها.

في أوائل الخمسينيات من القرن العشرين الميلادي بدأ الكاتب العراقي "يوسف العاني" يتحسس طريقه حين كتب مسرحيات مثـل "رأس الشليلة"1951م وفيها يستخدم أسلوب التمثيلية الإذاعية كي يفضح ما يدور في الدوائر الحكومية من فساد إداري، ويجمع العاني هنا بين الواقعية في العرض والتصوير وبين شيء من الفكاهة. والنقد الاجتماعي في تلك المسرحية كان واضحاً ومباشراً وموجه نحو هدف يرمي إليه العاني دائماً في مسرحياته وهو نصرة المظلوم الشعبي على خصومه من أعداء الشعب ومستغليه. وفي العام 1955م بلغ العاني مرحلة مهمة من مراحل التطور المسرحي حين كتب مسرحيته المعروفة "أنا أمك يا شاكر" ودخل بفنه بقوة وجسارة ودون مواربة في المعركة الوطنية التي كانت تدور في العراق إذ ذاك، لتحقيق التحرر الوطني على الصعيدين الداخلي والخارجي.

ما بين عامي 1967 - 1968م أي بعد اثني عشر عاماً من كتابة "أنا أمك يا شاكر" كتب العاني مسرحية "المفتاح" وكان مشغولاً فيها كعادته بالإنسان وقضاياه.

إلى جانب يوسف العاني قام كتاب مسرحيون واعدون، يمدون الحركة المسرحية العراقية بنصوص إن تفاوتت في القيمة فهي مع هذا روافد لها شأنها، لهذا المجري المسرحي الواضح الذي شقه يوسف العاني للمسرح العراقي. من أمثال هؤلاء "نور الدين فارس" الذي يتابع فن العاني الاجتماعي فيقدم مسرحية البيت الجديد 1968م، وفي مسرحية "جدار الغضب" يعرض نور الدين فارس ثورة الزنج عرضاً درامياً بسيطاً ولكنه مؤثر.

ما بين عامي 1968 - 1969م كتب عادل كاظم مسرحية "الموت والقضية" وانتزع من ألف ليلة شخصيتيها الدائمتين: شهرزاد وشهريار، وجعل منهما رمزين للحرية "شهرزاد" والضياع "شهريار", انشأ ما بين الاثنين علاقة جديدة هي علاقة الحرية التي تحوم حول الضياع.

وثمة مسرحيات فكرية أخرى كتبها كتاب لا تنقصهم الموهبة مثل: "خشب ومخمل" 1965-1966م لعبدالملك نوري، و"السؤال" لمحيي الدين حميد 1970م. وعلي درب استلهام التراث أعد قاسم محمد في عام 1973م مسرحيته الطريفة "بغداد الأزل بين الجد والهزل" وفيها يغوص قاسم في بطون كتب التراث: كتب الجاحظ ومقامات الحريري وما رواه الرواة عن أشعب الطفيلي.

ومن الإنجازات الواجبة التسجيل للمسرح العراقي اهتمامه بأعمال الفنانين المسرحيين في آسيا وأمريكا اللاتينية. وفي هذا الصدد قدمت الفرقة القومية للتمثيل مسرحيات "طائر الحب" للكاتب الياباني كيند ستياو، و"الإملاء" للكاتب الإيراني كوهر مراد، و"شيرين وفرهاد" للكاتب التركي ناظم حكمت و"الثعلب والعنب" للكاتب البرازيلي جولهيم فيجويردو، و"الأشجار تموت واقفة" للكاتب الأسباني أليخاندرو كاسونا.

9. المسرح في الكويت

عرفت الكويت المسرح بوصفه نشاطاً تعليمياً وتثقيفياً عن طريق فرق المدارس، وبجهود فنان كويتي نذر نفسه منذ البداية لاستنبات المسرح في تربة الكويت وهو: حمد الرجيب.

كان الرجيب هو الحافز والمشجع للفنان الشعبي الكويتي محمد النشمي على أن يتخذ المسرح وسيلة للتعبير عن ذاته ومجتمعه، وذلك حين استدعاه ليكون ضمن فريق مدرسة الأحمدية الذي كان يعتزم التمثيل منافسة مع المدرسة المباركية.

كان ذلك في عام 1940م، وكانت فرقة تمثيلية قد سبقت فرقة الأحمدية إلى الظهور، هي فرقة المباركية التي تأسست عام 1938م.

وقد كان مقدراً لمحمد النشمي أن يصبح من بعد نجماً من نجوم النظرة الشعبية لفن المسرح، فقد قدم في الأعوام ما بين 1956 - 1960م عشرين مسرحية بينها واحدة فقط كتبت سابقاً على العرض، وهي مسرحية "تقاليد" لشاب من هواة المسرح ومريديه هو صقر الرشود.

جاهد "محمد النشمي" في المسرح الكويتي، وتعهد النبت، حتى ضمن الإقبال العريض من الجماهير، في بلد لم يعرف المسرح من قبل، تصبح الصعوبة هنا صعوبتين: شق الطريق، والسير فيه.

والنتيجة العملية لمسرحيات محمد النشمي التسع عشرة هي بزوغ فن المسرح الموجه إلى الجمهور العريض في الكويت، وتمخض هذا الفن عن نوع من العرض المسرحي يجمع بين النقد الاجتماعي - هدف الكوميديا الدائم - وبين العرض الترفيهي. ولولا جهود النشمي في المسرح الكويتي لما قامت له قائمة. إذ إن المسرحيات قبله كانت تعليمية تقدم في المدارس، ويحضرها المعنيون من أقارب الطلبة ومن المشرفين عليهم، و مسرحيات تاريخية أو وعظية تقدمها جماعات الهواة في الأندية.

لقد ضمن محمد النشمي للمسرح الكويتي شهادة ميلاد معتمدة من الشعب أولاً، وليس من الجهات الرسمية ذات الاختصاص. وبهذا أمن للمسرح الكويتي ولادة شرعية.

إلى جانب جهود النشمي وزملائه من أعضاء فرقة المسرح الشعبي، يذكر جهد حمد الرجيب الذي ساعد أن يبقى المسرح في البلاد، وذلك بالتأليف للمسرح أو بمشاركة غيره في التأليف، أو بالتمثيل أو بالإخراج.

ويعد المهتمون بالمسرح الكويتي حمد الرجيب أول هاو للمسرح في الكويت، إذ أسهم في تمثيل مسرحية "إسلام عمر" في الثلث الأول من القرن وتحديداً في العام 1938م.

ثم توالت المسرحيات في العام ذاته 1938م، تقدمها فرق المدارس في العطلة الصيفية فشهد ذلك العام مسرحيات: "هاملت" و"المروءة المقنعة" و"في سبيل التاج" و"فتح مصر". وقد قام حمد الرجيب بالإشراف على هذه المسرحيات جميعها، وكان من ضمن ما يقدم عطاء لفن المسرح الوليد، إلى جانب الإخراج والتمثيل، صناعة الماكياج والديكور، كما ألف بالاشتراك مع الشاعر الكويتي المعروف أحمد العدواني مسرحية "مهزلة في مهزلة".

وقد أوفد حمد الرجيب إلى مصر، لدراسة فن المسرح في معهدها العالي عام 1948م، وعاد منها عام 1950م، مسلحاً بنظرة علمية وعملية في المسرح، ومن ثم اتجه إلى تأصيل المسرح في الكويت على أسس متينة. كذلك شجع الرجيب ترجمة المسرحية العالمية إلى العربية في الكويت، فأعان في عام 1957م محمود توفيق على نشر ثلاث مسرحيات لموليير ترجمها إلى العربية. كما ظل على علاقة متصلة بالحركة المسرحية في مصر ومن أقطابها المعروفين أستاذه: زكي طليمات، وكان الرجيب قد عين في عام 1954م في منصب مدير الشؤون الاجتماعية والعمل، ثم وكيلاً لوزارة الشؤون عام 1962م، وبهذا أعطى رجل المسرح الأول في الكويت الرغبة والقدرة على التنفيذ في وقت واحد.

لم يطل الأمر بحمد الرجيب حتى مد جسوراً للكويت مع الحركة المسرحية في مصر، فبعد زيارتين للكويت قام بهما الأستاذ زكي طليمات، وأثار فيهما انتباه الرأي العام - والمثقفين خاصة - إلى المسرح وضرورته اجتماعياً وفنياً، وإلى الدور الحضاري والتحريري الذي يؤديه في حياة الشعوب، خاصة تلك التي تقبع فيها المرأة حبيسة جدران منزلها - بعد هاتين الزيارتين، استقدمت الكويت الأستاذ زكي طليمات للإقامة بها، والعمل على النهوض بفن المسرح فيها، فأنفق في هذه المهمة عشر سنوات طوال تبدأ من 1961م.

شهدت هذه الفترة قيام فرقة المسرح العربي عام 1961م، وكان طليمات قد دعا إلى قيام هذه الفرقة في تقريره إلى وزارة الشؤون عام 1958م، وحدد مهمتها ومجال عملها في حديث أدلي به إلى مجلة "حماة الوطن" في 15 يونيه 1961م. وقد كونت فرقة المسرح العربي على أسس علمية معروفة، فجلبت المواهب إليها عن طريق الإعلان العام، وكان من بين المتقدمين امرأتان هما مريم الصالح، ومريم الغضبان، فكانتا أول امرأتين تقفان على خشب المسرح في الكويت. وجعل طليمات يدرب أفراد الفرقة جميعاً، المشارك منهم في التمثيل وغير المشارك، وأنشئت لجنة ثقافية للفرقة وجعلت لها مكتبة، وبهذا استكملت الفرقة الشكل العلمي المعاصر والمعترف به في عالم المسرح.

وفي عام 1963م قدمت فرقة المسرح العربي أول مسرحية كويتية وهي "استأرثوني وأنا حي" كتبها سعد الفرج، وأخرجها طليمات وقامت بالدور النسائي فيها مريم الغضبان، وكانت بقية الممثلين من الكويتيين، فهي بهذا أول عمل مسرحي كويتي تأليفاً وتمثيلاً.

10. المسرح في البحرين

عرفت البحرين فن المسرح حينما أنشئت فيها أول مدرسة نظامية 1919م، وهي مدرسة: الهداية الخليفية في مدينة المحرق. فلم يمض على قيام المدرسة ست سنوات حتى وجدت في أساتذتها وطلابها القدرة والشجاعة على اعتلاء خشب المسرح.

وكانت المسرحية الأولى في تاريخ البحرين هي مسرحية "القاضي بأمر الله" وفي عام 1928م قدمت المدرسة نفسها مسرحية "امرؤ القيس" وتبعتها مسرحية "نعال بو قاسم الطنبوري".

وفي 1928م كذلك قدمت مسرحية " ثعلبة " على مسرح مدرسة الهداية الخليفية - فرع المنامة. وفي عام 1932م قدمت مدرسة الهداية في المحرق مسرحية "داحس والغبراء".

ثم حدث أن قام خلاف بين بعض مديري المدارس وأساتذتها من جهة، وبين الهيئة القائمة على التربية في البحرين من جهة أخرى، فأخذت المدارس الأهلية تظهر إلى الوجود. وأولى هذه المدارس كانت مدرسة الأستاذ إبراهيم العريض التي أسست عام 1932م وظلت تعمل طوال سنوات ثلاث أو أربع ثم أقفلت نتيجة لسفر مؤسسها إلى الهند.

وقد قدمت هذه المدرسة بعض النشاط المسرحي أبرزه مسرحية شعرية كتبها الشاعر إبراهيم العريض بعنوان "وامعتصماه" وهي أول مسرحية بحرينية على الإطلاق، يعالج موضوعها فترة من تاريخ العصر العباسي، وقد أخرجها المؤلف نفسه. ثم كتب من بعد مسرحية "وليم تل" بطل الاستقلال في سويسرا، وقد أنشأها إبراهيم العريض باللغة الإنجليزية ومثلها نفس طاقم الممثلين الذي قدم "وامعتصماه"، وقد لاقت هذه المسرحية نجاحاً كبيراً.

وكانت عروض هذه المدرسة تقدم على أرض تبرع بها أحد الأثرياء، كما تبرع ثري آخر بألواح الخشب، التي صنع منها هيكل المسرح، وتبرع القادرون من الطلاب بالمقاعد والكراسي.

وإلى جانب مدرسة العريض كانت هناك مدرسة "الإصلاح الأهلية" التي أسسها الشاعر عبدالرحمن المعاودة، الذي يعده البعض الرائد الأول للمسرح في البحرين، فقد كان مؤلفاً ومخرجاً وممثلاً أيضاً.

وقد قدمت المدرسة بفضل مواهبه المتعددة عديداً من المسرحيات كان أولها مسرحية "سيف الدولة بن حمدان" من تأليف وإخراج عبدالرحمن المعاودة عام 1931م، وتبعها مسرحية "عبدالرحمن الداخل" 1936م من تأليفه وإخراجه أيضاً.

في عام 1940م قدمت المدرسة الخليفية للبنات بالمنامة مسرحية "لقيط الصحراء"، وقدم نادي البحرين في العام ذاته مسرحية "مجنون ليلى" لأحمد شوقي، وكذلك مسرحيته "مصرع كليوباترا" ثم مسرحية "قيس ولبنى" للشاعر عزيز أباظة.

في أوائل الأربعينيات من القرن العشرين الميلادي ظهرت طائفة جديدة من الفنانين، كانت أرسخ قدماً من الفئة التي سلفت الإشارة إليها، وهي فرق شباب الأندية، أندية متواضعة جداً، تستأجر غرفة أو غرفتين من مبنى، تمارس فيهما نشاطاتها الثقافية والفنية كافة.

فإذا ما أرادوا تقديم عرض مسرحي ما، سألوا بعض القادرين أن يأذنوا لهم بإقامة عروضهم على أرض خالية يملكونها أو أي ساحة تقع أمام منزلهم. وكانوا يستأجرون الخشب أو يشترونه ليبنوا به بأنفسهم مسرحاً صغيراً في العراء، فإذا ما انتهوا من الغرض باعوا الخشب بنصف ثمنه للتاجر الذي اشتروه منه.

وكانوا يعتمدون في الإيراد على بيع تذاكر لا ثمن محدداً لها، ويترك تحديد هذا الثمن للمدعو. وكان هذا يحدث في الليلة الأولى فقط ثم تباع التذاكر من بعد بالطريقة المألوفة. وكانوا إلى هذا يختارون الأحداث في سن 12 و 13 سنة لأداء الأدوار النسائية أو الشبان من ذوي الأصوات الرقيقة، الذين كانت تقوم لهم حاجة، لأن المسرحيات كانت تتخللها مقاطع غنائية.

وقد ازدهرت الأندية الثقافية في مدينة المنامة، وكان أعضاؤها من الشباب يهتمون بالمسرحيات الكلاسيكية التي تتناول أحداثاً اجتماعية أو تاريخية.

في عام 1955م تشكلت فرقة من هواة التمثيل أطلقت على نفسها اسم "الفرقة التمثيلية المتنقلة" وكانت تتكون من عدد من الشباب المتحمس لفن المسرح، اتخذت من المكتبة الشعبية الخاصة بأحد أعضائها مقراً لها، ثم زاد عدد أعضائها واستطاعت الفرقة أن تقدم أول عرض مسرحي لها في أبريل 1955م على مسرح نادي العروبة، وكان العرض يتألف من ثلاث مسرحيات "الإنسانية المشردة" تأليف وإخراج محمد صالح عبدالرزاق و"صرخة لاجيء" و"الضمير" من تأليف وإخراج صلاح المدني.

ثم نشأ خلاف بين أعضاء الفرقة فانقسمت قسمين، القسم الأول تحت اسم "الفرقة التمثيلية المتنقلة" والثاني تحت اسم "فرقة البحرين التمثيلية".

بعد ذلك ظهرت فرقة "مسرح الاتحاد الشعبي"، وارتفع عدد أفراد الفرقة إلى ستين، وأخذ المشرفون عليها جانب الحذر، فقدموا عرضين تمهيديين على سبيل اختبار المواهب قصر حضورهما على الأعضاء وكانت المسرحيات المقدمة هي "قيس وليلى" و"تذكر يا ولدي" و"دكتور في إجازة".

وفي عام 1970م ظهرت فرقة مسرحية أخرى تحمل اسم "مسرح أوال" كون الفرقة بعض من الشباب المتحمس، وكان باكورة إنتاج الفرقة مسرحية "كرسي عتيق" تأليف وإخراج محمد عواد وكان ذلك في يناير 1971م. وتكونت بعد ذلك فرقة مسرحية جديدة تحت اسم "مسرح الجزيرة" وقدمت مسرحيتين أولاهما كويتية: "غلط يا ناس" والثانية "الضايع" لفؤاد عبيد.

11. المسرح في ليبيا

يعد الشاعران أحمد قنابة وإبراهيم الأسطي عمر في مقدمة الرعيل الأول من رجالات المسرح البارزين في ليبيا. الأول كان يعمل مذيعاً إبان الاحتلال الإيطالي للبلاد، وأسهم في العديد من المسرحيات التي كانت تقدمها في ليبيا فرقة إيطالية عرفت باسم "الدبولاكورو" أي ما بعد العمل. وكانت هذه الفرقة تتألف من مجموعة من الهواة يمارسون نشاطهم الفني بعد الفراغ من أعمالهم الرسمية. وكانت أغلبيتهم من الأجانب بينهم عدد قليل جداً من أبناء البلاد، وقد ظلت هذه الفرقة تعمل من 1925 حتى 1936م، وشارك الشاعر أحمد قنابة في التمثيل مع الفرقة طيلة هذه الأعوام.

جاءت الزيارات المتعددة التي قامت بها الفرق العربية من مصر وتونس لتدعم الحس المسرحي عند قنابة وغيره من فناني المسرح. وكان بين الفرق المسرحية التي زارت البلاد فرقة جورج أبيض، وفرقة منيرة المهدية، وفرقة يوسف وهبي، وقد لاقت هذه الفرق جميعاً التشجيع والإقبال الكبيرين من المواطنين، مما شجع قنابة وزملاءه من مدرسي مدرسة الفنون والصنائع الإسلامية على المضي على درب المسرح وبخاصة بعد أن زارت إحدى الفرق الليبية وهي فرقة درنة المعروفة باسم "فرقة هواة التمثيل" مدينة طرابلس وقدمت فيها مسرحية "خليفة الصياد".

تشجع قنابة بهذه الزيارة وقوي بها عوده، فأسس الفرقة الوطنية الطرابلسية عام 1936م، وقدمت الفرقة مسرحيته الأولى "وديعة الحاج فيروز"، وأعقبتها بمسرحية "حلم المأمون" من تأليف وإخراج أحمد قنابة.

وقد كان يساعد قنابة في عمله نخبة من الفنانين والمثقفين بينهم الهادي المشيرقي ومحمد حمدي والدكتور مصطفي العجيلي وفؤاد الكعبازي، وكان هذا الأخير يتولى مهمة إعداد الديكورات ورسم اللوحات الدعائية. وقد قدمت الفرقة أعمالها على مسرح البوليتياما الذي حلت محله سينما النصر.

وقد كانت هذه الفرقة وغيرها ما بين محلية وزائرة تعمل في ظل مقاومة شرسة من سلطات الاستعمار الإيطالي، التي أحست بخطر المسرح وقدرته على إيقاظ العواطف، فكانت تعمد إلى محاربة فرقة مدرسة الفنون والصنائع وتهدد مناصريها والقائمين عليها، ووصل الأمر بهذه السلطات الاستعمارية إلى حد منع تمثيل مسرحية "صلاح الدين" لما تحويه من تمجيد للعرب والعروبة.

كان هذا في طرابلس. أما في درنة، فقد بدأت فرقة هواة التمثيل عملها هناك في عام 1928م، وكان في درنة ممثل كوميدي محبوب هو محمد عبدالهادي الذي برع في تمثيل الأدوار الكوميدية وإلقاء المنولوجات الفكاهية.

وقد اصطدمت الفرقة بمعوقات كثيرة، كان على رأسها سلطات الاستعمار الإيطالي، بالإضافة إلى الصعوبات الأخرى التي يلقاها الهواة في كل بلد لم يعرف فن المسرح الحديث إلا أخيراً. فقد عجز جمهور المتفرجين عن دعم الفرقة دعما كافياً، لقلة خبرته وندرة زيارته للمسارح، هذا بالإضافة إلى انعدام العنصر النسائي بين الفنانين الليبيين، وعدم وجود قاعة عرض يقدمون عليها أعمالهم، وهنا يأتي الدور الريادي الذي أداه الشاعر إبراهيم الأسطي عمر، الذي كان أحد مؤسسي فرقة هواة التمثيل. فقد بسط على الفرقة الناشئة حمايته الثقافية والمالية كذلك، ولما لجأ محمد عبدالهادي إلى استئجار بيت تؤدي فيه الفرقة تمارينها، بعد أن رفضت سلطات الاستعمار منح الفرقة رخصة العمل، ساند الرائد المسرحي إبراهيم الأسطي عمر جهود الفرقة، فقدم مشورته الفنية والثقافية، وأسهم إسهاماً فعالاً في تمثيل بعض الأدوار وإخراج عدد من المسرحيات، واختيار النصوص وتعديلها بحيث تتماشى مع البيئة الليبية. وحين كان يعوز الفرقة المال، كان هذا الرائد الشجاع يدفع من راتبه الضئيل للإسهام في نفقات شراء المعدات والمهام المسرحية اللازمة.

في عام 1965م كتب عبدالله القويري، أحد أدباء ليبيا البارزين في ميدان القصة والمقالة الأدبية مسرحية أسماها "الجانب المضيء". وفي عام 1972م كتب عبدالله القويري مسرحية أخرى هي "الصوت والصدى".

من كتاب المسرح الليبيين كذلك الكاتب عبدالكريم خليفة الدناع، وجهوده في سبيل المسرح لا تقتصر على كتابة المسرحيات، بل أنها تتعدى هذا إلى الإسهام في تأسيس الفرقة المسرحية التابعة للنادي الأهلي المصراتي، وقد قام بأعمال السكرتارية لها، وقام بإعداد بعض المسرحيات العربية والعالمية لعروض الفرقة.

وقد مثلت مسرحيته "دوائر الرفض والسقوط" في كل من مهرجان المسرح الليبي الأول الذي أقيم عام 1971م، وفي المهرجان الوطني الجزائري عام 1971 كذلك.

وقد كتب الدناع مسرحيات هي "سعدون"، "باطل الأباطيل"، "دوائر الرفض والسقوط"، المحنة و"العاشق". ومن المسرحيات الليبية الناجحة والمقنعة على الصعيدين الفني والفكري مسرحية "الأقنعة" التي كتبها محمد عبدالجليل قنيدي، ونشرتها دار مكتبة الفكر.

وللكاتب: الأزهر أبو بكر حميد مسرحيات كثيرة منها المسرحيتان "وتحطمت الأصنام" و"السماسرة" وقد طبعتا في بيروت عام 1971م، وكذلك المسرحيتان "الأرض والناس" و"دولاب الملابس وحجرة المكياج" وقد طبعتا في طرابلس بليبيا عام 1973م.

كتب للمسرح الليبي كذلك: أحمد إبراهيم الفقيه، وهو وثيق الصلة بالحركة المسرحية في ليبيا، فقد كان عضواً بالمسرح القومي، فمديراً لمعهد جمال الدين الميلادي للتمثيل والموسيقي في يناير 1971م، وقد أسس فرقة مسرحية أهلية عام 1959م وقام بالتأليف والإخراج لها.

12. المسرح في تونس

قدمت إلى تونس عام 1908م، فرقة كوميدية شعبية يرأسها الممثل المصري محمد عبدالقادر المغربي، المعروف بكامل وزوز، ومثلت مسرحية "العاشق المتهم" مقتبسة عن الإيطالية، وحاول التونسيون من بعد تكوين فرقة مسرحية تشرف عليها جمعية سميت "النجمة" ولكن المحاولة لم تخرج إلى حيز التنفيذ.

وفي أواخر عام 1908م وفدت على تونس فرقة الممثل المعروف سليمان القرداحي، وقد أثارت هذه الفرقة اهتمام التونسيين المثقفين بفن التمثيل، والإمكانات الكبيرة التي يحملها من النواحي الأدبية والثقافية والفنية، وكذلك بوصفه وسيلة للرقي بالوطن، والحفاظ على اللغة العربية والثقافة العربية في وجه محاولات الاستعمار الفرنسي لمحق هذا كله.

وما لبث الشباب التونسي أن تجمع وكوّن "الجوق المصري التونسي" حيث مثل الفنانون المصريون والتونسيون جنباً إلى جنب، وقدموا في عام 1909م مسرحية مصرية هي مسرحية "صدق الإخاء" للكاتب المصري إسماعيل عاصم المحامي. وتوالت من بعد زيارات الفرق المصرية فجاءت فرقة الشباب المصري، وعلي رأسها إبراهيم حجازي 1909م، وقدمت نخبة من المسرحيات التي كانت تعرض في مصر آنذاك. في عام 1912م تقدم الشباب التونسي تقدماً أوضح في الساحة المسرحية وتألفت في هذا العام جماعة الشهامة العربية، وكانت قد سبقتها جماعة الآداب العربية عام 1911م، وقدمت الفرقتان العديد من المسرحيات التي كانت تعرضها الفرق المسرحية المصرية، بالإضافة إلى ثاني مسرحية تونسية يجري تأليفها وهي مسرحية "الانتقام" من تأليف الشيخ محمد مناشو.

تغير الموقف في المسرح التونسي تغيراً درامياً بعد الحكم الوطني، وبخاصة بعد اللقاء الذي جرى في 7 نوفمبر 1962م بدار الإذاعة، والذي حضره إطارات المسرح التونسي ليستمعوا إلى توجيهات رئيس الجمهورية السيد الحبيب بورقيبة.

كان من أهم ما قاله الرئيس التونسي إذ ذاك إن توعية الشعب التونسي بتراثه الخالد البعيد الغور هي مهمة من أكبر مهام الحكم الوطني، وإحدى السبل البارزة لتحقيقها هي الثقافة، وبخاصة المسرح الذي يهتم به الحبيب بورقيبة منذ أمد بعيد. فهو يري في المسرح نموذجاً مصغراً للوطن، وهو لذلك يهب بالأساتذة وجمهور المتعلمين من الجنسين، ولا سيما بنات العائلات، والطلبة والشبان أن يحلوا الفن المسرحي من عنايتهم المحل الأرفع.

كان هذا الخطاب المهم بمنزلة إشارة البدء لنهضة مسرحية مرموقة، حيث نفذ مشروع الفرق المسرحية المدرسية التي بلغ عددها عام 1965م أربعين فرقة، ساهمت في المباريات المسرحية التي أقيمت في ذلك العام، وكان من بين أفرادها عدد لا بأس به من الفتيات الواعدات.

13. المسرح في المغرب

رغم غنى الفولكلور المغربي وتنوعه في ميدان الظواهر المسرحية وهي: مسرح البساط واحتفال سلطان الطلبة، فإن المسرح بدأ في العشرينيات من القرن العشرين الميلادي الحالي في المغرب بالطريقة ذاتها التي بدأ بها في الأقطار العربية الأخرى.

فقد ولدت شرارته زيارات الفرق المسرحية العربية، كما أسهمت الفرق الأوروبية في بث فكرة المسرح، ولو على نطاق ضيق، في طائفة من المغاربة مكنهم إلمامهم بالفرنسية من متابعة العروض الأجنبية. وتكونت أول فرقة مسرحية مغربية بمدينة فاس عام 1924م من طلبة المدارس الثانوية، يساندهم بعض العرب المشارقة الذين استوطنوا العاصمة، وبينهم رجل اسمه الخياط.

وقد اتفق عديد من الملاحظين على أن ثانوية المولى إدريس بفاس كانت أول قاعدة انطلقت منها التجربة المسرحية الأولى، وامتدت الحركة المسرحية إلى مدينة طنجة التي عرفت نشاطاً مسرحياً حقيقياً، يرجع إلى زيارات متعددة للمدينة قامت بها فرقة المغنية نادرة وفرقة الريحاني وبديعة مصابني، وفرقة رمسيس وفرقة فاطمة رشدي عام 1932م، وإلى جوار هذه الفرق العربية كان الأسبان يرسلون فرقهم المسرحية إلى طنجة، فأخذ شباب المدينة يتأملون أعمال فنانيها وينطبعون بها وقد أمدت أسبانيا هؤلاء الشباب بالتجهيزات المسرحية اللازمة ومنحتهم تجربة خبراء أسبان في فن المسرح. كل هذا إلى جوار أن المدينة كانت تحوي مسرحاً يحمل اسم الروائي الأسباني سيرفانتيس شيد عام 1912م.

وفي طنجة ظهرت فرقة جمعية "الهلال" التي أسسها أحمد ياسين عام 1923م، وجعل لها فروعاً ثقافية وترفيهية متعددة. واستمر نضال هذه الفرقة إحدى عشرة سنة قدمت فيها مسرحيات من أمثال: عطيل وروميو وجولييت وهارون الرشيد ومجنون ليلى. وتعد الفترة الممتدة من 1923 وحتى 1940م انتصاراً لفن الخشبة بالمغرب، فقد هيأت الركيزة المناسبة لحركة مسرحية لاحقة كانت أنضج وأكثر تطوراً. بعد عام 1940م شهد المسرح المغربي ركوداً عميقاً كان مرده ظروف الحرب العالمية الثانية التي كانت قد أعلنت قبل ذلك بعام واحد. فلما وضعت الحرب أوزارها أخذت الفرق المسرحية تظهر من جديد في المغرب، ففي الرباط قام فريق من طلاب المدارس الثانوية بتقديم عروض مسرحية متعددة بعضها مقتبس، وقد تمخضت هذه الحركة عن فرقة مسرحية اسمها "فرقة الأحرار". ثم أخذ الشباب المغربي يعرفون طريقهم إلى فن المسرح مؤلفين ومخرجين وممثلين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70237
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

فن المسرح، وتاريخه Empty
مُساهمةموضوع: رد: فن المسرح، وتاريخه   فن المسرح، وتاريخه Emptyالثلاثاء 12 أبريل 2016, 1:46 am

[rtl]الملاحق[/rtl]


ملحق

أشهر كتاب المسرح العالمي

نرويجي
   

Ibsen, Henrik
   

إبسن، هنريك 1828 - 1906م

فرنسي
   

Arrabal, Fernando
   

أرابال، فيرناندو1932 -

يوناني
   

Aristotle
   

أرسطو384 - 322 ق.م

إغريقي
   

Aristophanes
   

أرستوفنس450 - 385 ق.م

إغريقي
   

Aeschylus
   

أسخيلوس525 - 456 ق.م

إيطالي
   

Alfieri, Vittorio
   

ألفيري فيتوريو  1749 - 1803م

أمريكي
   

Albee, Edward
   

ألبي إدوارد  1928 -

إنجليزي
   

Eliot, Thomas
   

توماس إليوت1888 - 1965م

أمريكي
   

Anderson, Maxwell
   

أندرسون، ماكسويل 1888 - 1959م

روسي
   

Andreev, Leonid
   

أندريف، ليونيد  1871 - 1919م

إنجليزي
   

Osborne, John
   

أوسبورن، جون1929 - 1994م

روسي
   

Ostrovsky, Aleksandr
   

أوستروفسكي، ألكسندر 1823 - 1886م

أيرلندي
   

Ocasey, Sean
   

أوكاسي، سين  1880 - 1964 م

فرنسي
   

Augier, Emile
   

أوغيير، إميل1820 - 1889م

أمريكي
   

O'neill, Eugene
   

أونيل، يوجين1888 - 1953م

إنجليزي
   

Byron, George
   

بايرون، جورج1788 - 1824م

إنجليزي
   

Pinero, Arthur
   

بانيرو، آرثر1855 - 1934م

ألماني
   

Brecht, Bertolt
   

برخت، بيرتولت 1898 - 1956م

إنجليزي
   

Brome, Richard
   

بروم، ريتشارد 1590 - 1652م

ألماني
   

Buchner, Georg
   

بوخنر، جورج1813 - 1837م

روسي
   

Pushkin,Aleksandr
   

بوشكين، الكسندر 1799 - 1837م

ألماني
   

Borchert, Wolfgang
   

بورخارت، فولفجانج 1921 - 1947م

إيطالي
   

Pirandello, Luigi
   

بيرانديللو، لويجي  1867 - 1936م

أمريكي
   

Bird, Montgomery
   

بيرد، مونتجمري  1806 - 1854م

أيرلندي
   

Beckett, Samuel
   

بيكيت، صموئيل 1906 - 1989م

إنجليزي
   

Peele, George
   

بيل، جورج1557 - 1596م

أمريكي
   

Tyler, Royall
   

تايلر، رويال1757 - 1826م

إنجليزي
   

Chapman, George
   

تشابمان، جورج 1559 - 1634م

روسي
   

Chekhov, Anton
   

تشيكوف، أنطون 1860 - 1904م

ياباني
   

Chikamatsu,Monzaemon
   

تشيكاماتسو، مونزيمون 1653- 1724م

إنجليزي
   

Tennyson, Alfred
   

تنيسون، ألفريد  1809 - 1892م

روسي
   

Tolstoy, Leo
   

تولستوي، ليو1828 - 1910م

روسي
   

Turgenev, Ivan
   

تيرجنيف، إيفان1818 - 1883م

فرنسي
   

Jarry, Alfred
   

جاري، ألفريد1873 - 1907م

إنجليزي
   

Gascoigne, George
   

جاسكوين، جورج 1525 - 1577م

إنجليزي
   

Jones, Henry
   

جونز، هنري1851 - 1929م

أمريكي
   

James, Henry
   

جيمس، هنري1843 - 1916م

إنجليزي
   

Davenant, William
   

دافينانت، وليم1606 - 1668م

فرنسي
   

Dumas, Alexandre
   

دوماس، ألكسندر 1824 - 1895م

فرنسي
   

Rostand, Edmond
   

روستان، إدموند 1868 - 1918م

إيطالي
   

Zola, Emile
   

زولا، إميل1840 - 1902م

فرنسي
   

Sartre, Jean Paul
   

سارتر،جان بول 1905- 1980م

فرنسي
   

Sardou, Victorien
   

ساردو، فيكتوريان 1831 - 1908م

سويدي
   

Strindberg, August
   

سترندبرج، أوجست 1849 - 1912م

فرنسي
   

Scribe, Eugene
   

سكرايب، يوجين 1791 - 1861م

إغريقي
   

Sophocles
   

سوفوكليس496 ق.م- 406 ق.م

إنجليزي
   

Shakespeare, William
   

شكسبير، وليم1564 - 1616 م

إنجليزي
   

Shaw, Bernard
   

شو، برنارد1856 - 1950م

هندي
   

Tagore, Rabindranath
   

طاغور،رابندرانات 1861 - 1941م

ألماني
   

Goethe, Johann
   

غوته، جوهان1749 - 1832م

روسي
   

Gorky, Maksim
   

غوركي، مكسيم1868 - 1936م

روسي
   

Gogol, Nikolai
   

غوغول، نيقولا1809 - 1852م

بولندي
   

Fredro, Aleksander
   

فريدرو، ألكسندر 1793 - 1876م

فرنسي
   

Voltaire
   

فولتيير1694 - 1778م

هولندي
   

Vondel,Joost Van Den
   

فوندل، جوست فان دين 1587- 1679م

أمريكي
   

Fitch, Clyde
   

فيتش، كلايد1865 - 1909م

أسباني
   

Vega, Lope de
   

فيجا، لوب دى1562 - 1632م

روماني
   

Caecilius
   

كاسيليوس219 - 168ق.م

أسباني
   

Calderon, Pedro
   

كالديرون، بيدرو 1600 - 1681م

فرنسي
   

Camus, Albert
   

كامي، ألبير1913 - 1960م

أسترالي
   

Lawler, Ray
   

لولر، راي

أيرلندي
   

Marten, Edward
   

مارتن، إدوارد1859 - 1923م

فرنسي
   

Musset, Alfred De
   

موسييه، ألفرد دي 1810 - 1856م

فرنسي
   

Moliere
   

موليير1622 - 1673م

إنجليزي
   

Maugham, Somerest
   

موم، سومرست 1874 - 1965م

فرنسي
   

Hugo, Victor
   

هيجو، فيكتور1802 - 1885م

أيرلندي
   

Wilde, Oscar
   

وايلد، أوسكار1854 - 1900م

 



ملحق

أعلام المسرح العربي

مصر
   

محمد بن دانيال

مصر
   

سلامة حجازي

مصر
   

نجيب الريحاني

مصر
   

أحمد شوقي

مصر
   

عزيز أباظة

مصر
   

نجيب سرور

مصر
   

صلاح عبدالصبور

مصر
   

توفيق الحكيم

مصر
   

عبدالرحمن الشرقاوي

مصر
   

محمود تيمور

مصر
   

يوسف إدريس

مصر
   

نعمان عاشور

مصر
   

ألفريد فرج

مصر
   

محمد تيمور

لبنان
   

مارون النقاش

لبنان
   

يعقوب صنوع

لبنان
   

جورج أبيض

لبنان
   

جبران خليل جبران

لبنان
   

أديب اسحق

لبنان
   

نجيب الحداد

سورية
   

سعد الله ونوس

سورية
   

محمد الماغوط

سورية
   

مصطفى الحلاج

ليبيا
   

أحمد قنابة

ليبيا
   

فرح انطون

ليبيا
   

إبراهيم الأسطى عمر

العراق
   

حقي الشبلي

العراق
   

يوسف العاني

الكويت
   

محمد النشمي

الكويت
   

حمد الرجيب

البحرين
   

إبراهيم العريض

البحرين
   

عبدالرحمن المعاودة

الجزائر
   

رشيد قسطنطيني

تونس
   

محمد مناشو
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70237
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

فن المسرح، وتاريخه Empty
مُساهمةموضوع: رد: فن المسرح، وتاريخه   فن المسرح، وتاريخه Emptyالثلاثاء 12 أبريل 2016, 1:54 am

فن المسرح، وتاريخه Img01
فن المسرح، وتاريخه Img02

فن المسرح، وتاريخه Img03


المصادر والمراجع

أولاً: المراجع العربية

1.   أحمد زكي، "عبقرية الإخراج المسرحي"، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1989م، ط 1.

2.   بيير آجيه توشار، "المسرح وقلق البشر"، ترجمة د. سامية أحمد، الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر، القاهرة، 1971م، ط 1.

3.   جيمس لافر، "الدراما"، ترجمة مجدي فريد، المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر، القاهرة، 1963م، ط 1.

4.   دريني خشبة، "أشهر المذاهب المسرحية"، مكتبة الآداب، القاهرة، 1961م، ط 1.

5.   سيد محمود السيد الشرشابي، رسالة دكتوراه، "الإمكانات التكنولوجية وأثرها في المنظر المسرحي المعاصر" إشراف: أ. د. عبدالمنعم عثمان محمد، أ. د. خابير ناباراو ثوبياجا، أكاديمية الفنون، المعهد العالي للفنون المسرحية، القاهرة، 1999.

6.   شلدون تشيني، "تاريخ المسرح في ثلاثة آلاف سنة"، ترجمة دريني خشبة، المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر، القاهرة، 1963م، ط 1.

7.   علي الراعي، "المسرح في الوطن العربي"، سلسلة عالم المعرفة، الكويت، 1999م، ط2.

8.   فرانك هوايتنج، "المدخل إلى الفنون المسرحية"، دار المعرفة، القاهرة، 1960م، ط 2.

9.   فرحان بلبل، "أصول الإلقاء والإلقاء المسرحي"، مكتبة مدبولي، القاهرة، 1996م، ط 1.

10. فوزي فهمي، "المفهوم التراجيدي والدراما الحديثة"، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1998م، ط 1.

11. لويز مليكة، "الديكور المسرحي"، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1990م، ط3.

12. لويز مليكة، "الهندسة والديكور المسرحي"، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1995م، ط3.

13. ماريان جالاوي، "دور المخرج في المسرح"، ترجمة لويس بقطر، الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر، القاهرة،1970م، ط 1.

14. "الموسوعة العربية العالمية"، مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر، الرياض، 1996م، ط1.

15. يعقوب لنداو، "دراسات في المسرح والسينما عند العرب"، ترجمة أحمد المغازي، الهيئة المصرية العامة للكتاب،  القاهرة، 1972م، ط 2.

16. جريد "الأهرام"، العدد الصادر في 12 أكتوبر 2001.

 
ثانياً: المراجع الأجنبية

1. Encyclopedia Britannica CD 2000 Deluxe Edition.

2. Encarta 98 Desk Encyclopedia, 1998.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
فن المسرح، وتاريخه
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مفهوم المسرح - ماهو المسرح - مفاهيم مسرحية
» المسرح والمسرحيات

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: كتب وروابات مشاهير شخصيات صنعت لها .... :: فنون واعلام-
انتقل الى: