1. أشكال الطاعون
يأخذ مرض الطاعون في الإنسان عدة أشكال تختلف باختلاف العضو الذي تستقر فيه عصويات الطاعون في الجسم. فقد تستقر في العقد الليمفاوية مؤدية إلى تضخمها، فيما يعرف بالطاعون الدبلي أو قد تستقر في الرئتين مسببة التهاباً رئوياً يعرف بطاعون الالتهاب الرئوي، أو تظل تسبح في الدم، تفرز سمومها، فتؤثر على الجسم كله، مسببة طاعون التسمم الدموي.
أ. الطاعون الدبلي (تضخم الغدد الليمفاوية) Bubonic Plague
يعد هذا النوع من أشهر أشكال الطاعون، وقد وردت له عدة صور في المخطوطات القديمة (أُنظر صورة الطاعون الدبلي)، حيث ارتبط مرض الطاعون آنذاك بهذا النوع من العدوى، ويرجع ذلك إلى شكله المميز. فعند دخول عصويات الطاعون إلى الجسم، عن طريق لسعات البراغيث لجسم الإنسان، تسير مع الدم إلى حيث العقد الليمفاوية (أُنظر شكل نشوء مرض الطاعون الدبلي)، وهناك تتكاثر ويزداد عددها، الأمر الذي يؤدي إلى تورم هذه العقد وانتفاخها، معطية المريض شكلاً متميزاً (أُنظر صورة عقدة ليمفاوية متضخمة).
ويعد الطاعون الدبلي -على الرغم من آلامه ومتاعبه- من أقل أنواع الطاعون ضراوة وقابلية للانتشار. فعصويات الطاعون تظل -في معظم الأحيان- كامنة داخل العقد الليمفاوية لا تغادرها. الأمر الذي يقلل من احتمالات نشر المرض. إلا أنه أحياناً يحدث أن تتقرح العقد المتورمة، مؤدية إلى خروج الصديد، وتكون هذه علامة على بداية تحسن حالة المريض، على الرغم من زيادتها لفرص نقل المرض لآخرين.
ب. طاعون الالتهاب الرئوي Pneumonic Plague
وهو أخطر أشكال الطاعون، إذ يمكنه الانتشار بسرعة كبيرة نتيجة انتقاله خلال الهواء (أنظر شكل طاعون الالتهاب الرئوي). ويحدث هذا النوع نتيجةً لاستقرار عصويات الطاعون في الرئتين، سواءً أكان ذلك عن طريق التنفس، أم انتقالها من أعضاء مصابة داخل الجسم مثل العقد الليمفاوية. ويتميز هذا النوع باحتقان مجرى التنفس، الأمر الذي يؤدى إلى سعال شديد مصاحب بخروج بلغم مدمم قاتم اللون. وتحدث الوفاة بعد الإصابة به خلال 4 – 5 أيام على الأكثر. ويترك المرض صاحبه جثة هامدة داكنة اللون نتيجة ازرقاق الجسم ومن هذه الصورة أخذ مرض الطاعون اسم "الموت الأسود".
ج. طاعون التسمم الدموي Septicemic Plague
في بعض الأحيان تدخل عصويات الطاعون إلى الجسم، ولا تستقر في العقد الليمفاوية أو في غيرها، بل تظل تدور في الدم خلال الجسم كله، وتتكاثر مفرزة سمومها التي تسبب الحمى، والإسهال والرعاف ، وأعراضاً أخرى مختلفة تنتهي بالوفاة خلال 18-72 ساعة على الأكثر.
2. تشخيص المرض
يُشَخَّص الطاعون بسهولة جداً من خلال أعراضه الظاهرة وسرعة انتشاره، فضلاً عن إمكانية عزل العصويات المسببة له وصبغها أو زرعها في المعمل، والتعرف عليها.
3. الوقاية ومنع انتشار المرض
على الرغم من الانحسار الملحوظ لمرض الطاعون، وسهولة تشخيصه في حالة حدوثه، ما زال يمثل سبباً رئيسياً في حدوث أوبئة في مناطق قليلة من العالم. وقد تم تحديد مجموعة وسائل للوقاية من المرض، ومنع انتشاره في حال وقوعه واتخذت في صدد ذلك مجموعة من الإجراءات.
أ. نشر الوعي الصحي بمخاطر المرض، وطرق انتقاله، وضرورة القيام بعمليات النظافة والتطهير بشكل دوري، والتخلص من القمامة والمخلفات بشكل مناسب لمنع تجمع الفئران والبراغيث.
ب. القضاء على الفئران تماماً، باستخدام السموم الخاصة بذلك، وإبلاغ الجهات الصحية في حال ملاحظة وجود تجمعات كبيرة من الفئران.
ج. التلقيح ضد المرض، ويستخدم اللقاح فقط في حالة وجود مناطق يُحتمل تعرضها للعدوى.
أما في حالة الإصابة بالعدوى، فتجب السيطرة على المرضى، والبيئة المحيطة بهم، والأشخاص المخالطين لهم عن طريق اتخاذ إجراءات صحية وإدارية على النحو التالي:
أ. إبلاغ الجهات الصحية المحلية عند الاشتباه في وقوع أي حالة عدوى بالطاعون، وفي هذه الحالة تقوم هذه الجهات بعزل المريض تماماً، ووضعه تحت نظام علاجي مكثف.
ب. تقوم السلطات الصحية أيضاً بتعقيم البيئة المحيطة بالمريض، وتطهيرها من أية مخلفات تنتج عنه كالبلغم والمخاط والأدوات الخاصة لمنع انتقال المرض. وفي حالة وجود وفيات، يجب نقل الجثث ودفنها تحت إجراءات واحتياطات صحية مشددة.
ج. إعطاء جرعة وقائية من العلاج لكل المخالطين للمرضى، أو المتعاملين معهم، أو المعرضين لخطر الإصابة.
د. العلاج، وتستخدم فيه المضادات الحيوية، مثل التتراسيكلين Tetracycline بجرعة تقدر بـ 2جم كل 6 ساعات يومياً لمدة لا تقل عن 10 أيام للمريض أو 5 أيام للمخالطين كجرعة وقائية. كما يستخدم السلفوناميد Sulphonamide بجرعة تقدر بـ 2-3 جم يومياً لمدة 10-15 يوماً للمريض، و5-7 أيام للمخالطين جرعة وقائية.
ولمنع انتشار الطاعون، يطبق النظام الدولي للحجر الصحي، الذي يشمل الخطوات الآتية:
أ. الإبلاغ: يحتم على كل دولة تظهر بها حالات طاعون أن تقوم خلال 24 ساعة بإبلاغ منظمة الصحة العالمية وكل حكومات الدول المحيطة بها.
ب. وضع جميع الخطوط والرحلات الجوية والبحرية والبرية من وإلى هذه الدولة تحت السيطرة الصحية الكاملة.
ج. بالنسبة للرحالة كثيرو الأسفار ورجال الأعمال، يجب أن يتم تطهيرهم، وعزلهم لمدة لا تقل عن 6 أيام تبدأ منذ تاريخ مغادرتهم للمناطق الموبوءة.
وقد استطاعت منظمة الصحة العالمية بهذه الخطوات السيطرة على انتشار كثير من الأوبئة المحلية، ومنعها من التحول إلى أوبئة عالمية.
المصادر والمراجع
1. ابن كثير، عماد الدين أبو الفدا إسماعيل، "البداية والنهاية"، ط1، دار الغد العربي، القاهرة، 1991.
2. Barnes, A. M., Surveillance and Control of Bubonic Plague in the United States. In: Animal Disease in Relation to Animal Conservation, Edward, M. A., McDonnell, I. L., Academic Press, New York, 1982.
3. Bean, J.M.W., Plague, Population and Economic Decline in the Later Middle Ages, Economic History Review, 2nd Series, 15, 1963.
4. Bowsky, W., ed. The Black Death: A Turning Point in History?, New York: Holt, Rinehart and Winston, 1971.
5. Butter, T., Yersenia infections: Centennial of the Discovery of Plague Bacillus, Clinical Infectious Disease, 1994.
6. Campbell, A. M., The Black Death and Men of Learning, New York: Columbia University Press, 1931.
7. Campbell, G. L., Hughes, J. M., Plague in India: A New Warning from an Old Nemesis, An Internal Medicine., 1995.
8. Carmichael, A., Plague in Athens, In Kenneth Kiple ed., The Cambridge World History of Human Disease, Cambridge, 1994.
9. Carmichael, A., Plague Legislation in the Italian Renaissance, Bulletin of the History of Medicine, 1983.
10. Dols, M., The Black Death in the Middle East, Princeton: Princeton University Press, 1977.
11. McNeil, W., Plagues and Peoples, Garden City, New York, Anchor Press, 1976.
12. Nutton, V., The Seeds of Disease: An Explanation of Contagion and Infection from the Greeks to the Renaissance, Medical History, 1983.
13. Twigg, G., The Black Death: A Biological Reappraisal, New York: Schocken Books, 1985.