منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 جذور الصراعات في الشرق الأوسط‮ .. ‬ومساراتها‬‬‬

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 68936
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

جذور الصراعات في الشرق الأوسط‮ .. ‬ومساراتها‬‬‬ Empty
مُساهمةموضوع: جذور الصراعات في الشرق الأوسط‮ .. ‬ومساراتها‬‬‬   جذور الصراعات في الشرق الأوسط‮ .. ‬ومساراتها‬‬‬ Emptyالأحد 01 مايو 2016, 11:27 pm

جذور الصراعات في الشرق الأوسط‮ .. ‬ومساراتها‬‬‬

جذور الصراعات في الشرق الأوسط‮ .. ‬ومساراتها‬‬‬ 1452606992


يعود البعض إلي انتهاء الحرب الباردة مع مطلع عقد التسعينيات من القرن المنصرم، ليؤرخ لمرحلة جديدة من تاريخ منطقة الشرق الأوسط، أيا كان التعريف الذي نتبناه لهذا التعبير، وأيا كانت الحدود التي نضعها للمنطقة المشمولة به. إلا أن البعض الآخر يرجع إلي تواريخ أخري، سواء ما هو سابق علي انتهاء الحرب الباردة، مثل هزيمة دول خط المواجهة العربية أمام إسرائيل في حرب يونيو 1967، أو اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية في منتصف عقد السبعينيات من القرن العشرين، أو الغزو السوفيتي لأفغانستان في نهايات 1978، وحادث اقتحام الحرم المكي في توقيت شبه متزامن من جانب جماعة دينية إسلامية متطرفة، وما أعقب ذلك مباشرة من انتصار الثورة الإيرانية في فبراير 1979، أو اغتيال الرئيس المصري الراحل أنور السادات علي يد جماعة دينية إسلامية متطرفة أخري في أكتوبر 1981، أو الغزو الإسرائيلي للبنان في يونيو من عام 1982، أو الغزو العراقي للكويت في أغسطس 1990، وهو تاريخ قريب نسبيا من الناحية الزمنية، وإن كان بعيدا من الناحية المكانية من تاريخ انتهاء الحرب الباردة.
بل إن هناك من يذهب بعيدًا في أعماق القرن العشرين ليؤرخ للصراعات في الشرق الأوسط بمرحلة الحرب العالمية الأولي، وما تخللها من اتفاق سايكس - بيكو الاستعماري علي تقسيم الشرق الأوسط بين الدول الاستعمارية الرئيسية آنذاك، وكذلك وعد بلفور البريطاني الخاص بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين. وهناك علي الجانب الآخر من يؤرخ لتلك الصراعات ارتباطًا بإنشاء دولة إسرائيل في مايو 1948، أو بتأميم الزعيم الإيراني الراحل الدكتور محمد مصدق لصناعة النفط في بلاده، أو تأميم الزعيم المصري الراحل جمال عبدالناصر لقناة السويس في خمسينيات القرن العشرين، أو اتصالاً بما يسمي تاريخيا بـ "الحرب الباردة العربية"، فيما بين المعسكرين "التقدمي" و"المحافظ" فيما بين الدول العربية والتي دارت رحاها بين عامي 1956 و.1967
إلا أنه من جهة أخري، فهناك من يؤرخ للصراعات في الشرق الأوسط بتواريخ تالية لانتهاء الحرب الباردة عالميا، وأعني هنا القياس علي أحداث مست بشكل مباشر المنطقة، وفي مقدمتها أحداث 11 سبتمبر 2001، وما أعقبها من غزو أمريكي لأفغانستان في العام ذاته، وللعراق في عام 2003. وأخيرا، هناك من تكون مرجعية المقارنة لديه ما يعرف بـ "الربيع العربي" بثوراته، أو انتفاضاته، وتفاعلاته، وتطوراته.
ولكن في أي الأحوال، فإن كافة التواريخ والأحداث التي يختلف فيما بينها علي التأريخ لتطور الصراعات والتحول النوعي في مساراتها في منطقة الشرق الأوسط كان لها جميعا تأثيرها الواضح، وانعكاساتها المؤكدة، ولو بدرجات متفاوتة وأوزان متباينة، في نشأة، أو تطور، أو تحول مسارات بعض أو كل الصراعات الموجودة في المنطقة.
إلا أن هناك العديد من الملاحظات التي يتعين طرحها في هذه المرحلة بشأن صراعات الشرق الأوسط، سواء من منظور تاريخي، أو من حيث دلالات التاريخ للحالة الراهنة لهذه الصراعات، وسنوردها فيما يأتي علي النحو الآتي:
أولي هذه الملاحظات، فهي أن هذه الصراعات كانت دائما، سواء في نشأتها، أو تطورها، أو محاولات معالجتها، أو التعامل معها، محصلة لتفاعل عوامل محلية، وأخري إقليمية، وثالثة دولية، وإن تفاوت وزن كل من هذه المستويات، أو العوامل التي شملها كل مستوي من حالة كل صراع إلي الآخر. ونوضح أننا عندما نتحدث هنا عن العامل الإقليمي، لا نقصر ذلك التوصيف علي الدول العربية وحدها، بل نشمل بالتأكيد الأطراف الإقليمية الرئيسية الأخري، مثل إيران، وتركيا، وأفغانستان، وكذلك إسرائيل. كما أننا في هذه التسمية أيضا نتحدث بشكل متزايد عن أطراف لم تتوافر لها بعد صفة الدولة، ولكنها كانت ولا تزال مؤثرة، سواء بفعلها، أو بكونها معنية مباشرة بالصراعات المحيطة، ومسارات تطورها، وما يتصل بها من تفاعلات. وأقصد هنا علي وجه الخصوص حالة الشعب الفلسطيني، سواء داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، أو كلاجئين في دول أخري في المنطقة، أو خارجها، وكذلك حالة الأكراد، سواء في العراق، أو تركيا، أو إيران، أو سوريا، أو خارج تلك الدول الأربع، سواء في المنطقة أو خارجها. ويتعين إبداء ملاحظة مماثلة علي الصعيد الدولي، ولكنها مختلفة بعض الشيء عن الملاحظة التي أبديناها بالنسبة للصعيد الإقليمي، وهي أن الحديث عن أطراف دولية لا يقتصر فقط علي دول، ولكن علي أطراف يتم تصنيفها بحسبانها منظمات دولية، سواء تلك التي تتمتع بعضوية دولية، مثل الأمم المتحدة، سواء عبر أجهزتها الحكومية أو عبر أدوار أمنائها العامين، أو منظمات دولية ذات توجه يجمع بعض الدول، وهي التي تكتسب عضويتها، مثل حالة حلف شمال الأطلسي (الناتو).
أما الملاحظة الثانية، فتتصل بدور مباشر أو غير مباشر لأطراف غير حكومية كلية، غالبًا ما يتم، وللأسف، تجاهل دورها، أو افتراض أنها خاضعة لتأثير الدول والحكومات، أو الأخذ مسلمًا بشكل مسبق بأن الحكومات توظفها بدرجة 100٪ لخدمة مصالحها. وهي كلها افتراضات لا ندفع بعدم صحتها كلية، ولكننا أيضا ندفع بالمقابل بنقض فكرة تبعيتها الكاملة للدول، أو خضوعها غير المشروط لإراداتها، بل وجود حالة تفاعل تتصف بالطابع الجدلي بين الطرفين، وتكون نتائجهًا ليست دائمًا بالضرورة معروفة مسبقًا، أو يمكن التنبؤ بها علي سبيل التيقن مقدمًا.
ومن المؤكد أن تأثير هذه الأطراف الفاعلة، علي الأصعدة المحلية، والإقليمية، والدولية، تضاعف علي وجه الخصوص علي مدي العقدين الماضيين. ونعني هنا أشكالاً وصورًا متنوعة ومختلفة لهؤلاء اللاعبين، وبما يتضمن -علي سبيل المثال لا الحصر- كلا من المنظمات غير الحكومية، أو ما يطلق عليه في بعض الأدبيات منظمات المجتمع المدني، مثل تلك المعنية بموضوعات حقوق الإنسان، وقضايا حقوق المرأة والطفل، وموضوعات الحفاظ علي البيئة، وكذلك الموضوعات الخاصة بالدعوة إلي نزع السلاح، خاصة أسلحة الدمار الشامل. كذلك، تشمل هذه الفئة المؤسسات عبر الوطنية العاملة في المجالات الاقتصادية، والتجارية، والاستثمارية المتعددة، خاصة تلك المعنية بمسائل تخص منطقة الشرق الأوسط بشكل مباشر بما تدره عليها من أرباح، مثل شركات إنتاج السلاح، بأنواعه المختلفة، وتلك التي تتركز أنشطتها في قطاع الطاقة، خاصة النفط والغاز الطبيعي.
وننتقل هنا إلي الملاحظة الثالثة، وهي بدورها مرتبطة بصورة عضوية بالملاحظتين السابقتين، وتتمثل في أن صراعات المنطقة لم تعد مقصورة فقط علي صراعات حول أراض، أو علي تصفية الاستعمار، كما تجسده بشكل أساسي حالة القضية الفلسطينية، بالإضافة إلي قضايا أخري فرعية أقل أهمية تتصل بأراض متنازع عليها بين دول. كما أن هذه الصراعات بدورها ليست مقصورة علي صراعات علي موارد، سواء كانت مصادر مياه عذبة وطبيعية، بأنواعها المختلفة، أو كانت مصادر طاقة تقليدية أو متجددة، أو أراضي زراعية، أو قابلة للاستزراع أو الاستصلاح. كما أنها لا تقتصر أيضا علي نزاعات تتعلق بالاستحواذ علي أسلحة دمار شامل، وفي مقدمتها السلاح النووي، أو للتخلص من وجود هذه الأسلحة كلية من المنطقة. بل إن صراعات المنطقة شهدت أبعادًا يمكن وصفها، بدرجة أو أخري من الدقة، بالأيديولوجية في عقدي الخمسينيات والستينيات من القرن المنصرم، في ظل أجواء الحرب الباردة من جهة، والتنافس علي زعامة المنطقة من جهة ثانية، والتباين التقدمي - المحافظ، أو شبه العلماني - الديني فيما بين دول المنطقة من جهة ثالثة.
ولكن تمت إضافة -علاوة علي كل ما تقدم بشكل واضح علي مدي العقود الأربعة الماضية- بعد "طائفي"، وتحديدًا منذ الحرب الأهلية اللبنانية، وهو ما يعد مستجدًا نسبيًا بشكله الراهن وبدرجة كثافته الحالية علي المنطقة في تاريخها الحديث والمعاصر. إلا أن هذا البعد تضاعف في تأثيره ودلالاته ومخاطره علي المنطقة، خاصة علي قلبها العربي، في السنوات الأخيرة علي وجه الخصوص، بحيث صار يشمل حالة أكثر من دولة عربية، بل وصار يهدد سيادة ووحدة أراض، ويلوح بتقسيم وتجزئة العديد من هذه الدول. ونستخدم هنا تعبير "طائفي" لنجمع بين دفتيه العديد من الصور المتنوعة، التي نراها بشكل خاص في العديد من الأقاليم الفرعية المكونة للوطن العربي والممتدة من المحيط إلي الخليج، وذلك بما يشمل "الديني"، و"المذهبي"، و"الجهوي"، و"القبائلي"، ضمن عوامل كثيرة باتت تتعرض للتوظيف لإيجاد الفرقة، سواء كانت فاعلة ومؤثرة داخل أو فيما بين دول المنطقة العربية، وهي قد تمتد لدول أخري في المنطقة.
وتتعلق الملاحظة الرابعة بنفي ما يراه البعض وكأنه "حكمة سائدة أو متفق عليها"، يفترضها ويسلم بها هؤلاء، وهي مقولة إن النمط السائد لصراعات المنطقة علي الصعيد الإقليمي هو كونها تقع بين الدول العربية والأطراف غير العربية، وهو طرح يبتعد كثيرًا عن الدقة من المنظور التاريخي. ويمكننا هنا طرح العديد من الأمثلة علي ذلك في حقب تاريخية متتالية. فالمصاهرة الملكية بين الأسرتين الحاكمتين في مصر وإيران، عبر زواج الأميرة فوزية، شقيقة الملك فاروق الأول، ملك مصر والسودان آنذاك، وولي العهد الإيراني آنذاك، محمد رضا بهلوي، في عام 1939، عكست رغبة في بناء حلف مصري - إيراني، وإن كان قصر عمر ذلك الزواج حال دون تحقق ذلك الهدف. ثم شهدنا تحالف الدول العربية المحافظة مع كل من تركيا، عضو حلف شمال الأطلسي، وإيران، تحت حكم أسرة بهلوي، في مواجهة تحالف الدول العربية التقدمية بقيادة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في سنوات الستينيات السابقة علي حرب 1967، وذلك علي خلفية تناقض أيديولوجي من جهة، وانعكاسات الحرب الباردة بين المعسكرين الغربي والسوفيتي علي منطقة الشرق الأوسط من جهة أخري. ثم نجد مشهدًا مختلفًا تمامًا من الجهة النوعية في السنوات الأولي من سبعينيات القرن نفسه، عندما جري تحالف دام سنوات بين الدول العربية المحافظة، وكل من مصر، وسوريا مع إيران، تحت حكم أسرة بهلوي، حتي مع احتفاظ الأخيرة بعلاقات قوية مع إسرائيل.
ولا ننسي تحالف عدد من الدول العربية، وهي ما كان يطلق عليها الدول العربية التقدمية، خاصة ليبيا القذافي، واليمن الجنوبية، مع إثيوبيا في عهد منجستو في حرب الأوجادين ضد الصومال، الدولة العضو في جامعة الدول العربية، في عام 1977، وذلك مرة أخري علي خلفية الانحيازات الأيديولوجية لكل طرف، وكنتيجة مباشرة لانعكاسات الحرب الباردة. ثم جاء انتصار ثورة فبراير 1979 في إيران ليوجد واقعًا جديدًا، حيث برز تحالف إيراني - سوري، برغم التباين الأيديولوجي بين نظام ذي مرجعية عقائدية دينية ومذهبية في طهران، وآخر يرفع شعارات قومية عربية، وشبه علمانية وتقدمية، وإن وحدت بينهما حالة العداء للولايات المتحدة الأمريكية إلي درجة وقوف سوريا مع إيران في مواجهة العراق، خلال حرب السنوات الثماني (1980 - 1988)، واستمرار هذا التحالف لعقود دون انقطاع أو تراجع، حتي عندما كلف ذلك سوريا الدخول في عداءات مع دول عربية أخري، خاصة دولا في منطقة الخليج.
ولا ننسي هنا أن دولاً عربية في منطقة الخليج وخارجها اصطفت ضمن تحالف دولي شاركت فيه الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وغيرهما من الدول الغربية والأوروبية، ودول من أمريكا اللاتينية، وذلك في مواجهة الغزو العراقي للكويت، وبغرض تحرير الكويت. كما أن دولاً عربية وأطرافاً إقليمية غير عربية إما أيدت صراحة أو ضمنيًا، أو قدمت تسهيلات للغزو الأمريكي للعراق في عام .2003
وإذا تناولنا الملاحظة الخامسة في سياق موضوع هذا المقال، فهي تتلخص في إقرار بالواقع، وهو أن نهاية الحرب الباردة علي الصعيد العالمي لم تؤد، وكما كان يتوقع أو يدفع البعض خلال الحرب الباردة أو بعد انتهائها مباشرة، إلي انتهاء الصراعات في منطقة الشرق الأوسط، أو إيجاد الحلول، أو المعالجات المناسبة لها، ولا حتي إلي تهدئة وتيرتها. بل نذهب خطوة أبعد من ذلك لنقول إن حقبة ما بعد انتهاء الحرب الباردة شهدت تضاعفا، وبشكل غير مسبوق، للصراعات والنزاعات في المنطقة، وارتفاعا حادا في درجة استخدام العنف في تلك الصراعات. ولا يعني ما تقدم أن كل أسباب صراعات المنطقة محلية أو إقليمية فقط، وليس لها أسباب دولية. وبالمقابل، لا يعني ذلك بالدرجة نفسها أن صراعات المنطقة أسبابها الوحيدة دولية.
لكن الخلاصة المستفادة هي أن الإشكالية لا تكمن في الصراع الأيديولوجي بين المعسكرين الغربي والسوفيتي، بل في صراع المصالح، الذي انعكس في شكل صراع إرادات بين الدول الكبري. بل إن انتهاء الحرب الباردة منح الفرصة لإظهار التناقض في المصالح، سواء الجيو استراتيجية، أو الأمنية، أو السياسية، أو الاقتصادية، بين الدول الكبري المختلفة، في ظل تحررها من الالتزام الصارم بضرورة الاصطفاف داخل المعسكر الأيديولوجي نفسه، خلال عقود الحرب الباردة، ومن ثم وجدنا تناقضات، أو علي الأقل تباينات في المواقف، تظهر بين الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، وبريطانيا، وألمانيا، واليابان، وكندا في بعض الحالات. كما شهدنا روسيا في مرحلة ما بعد الشيوعية تقف مواقف متشابهة مع مواقف تبنتها، خلال عقود الحرب الباردة، وذلك لسبب بسيط، هو أن هذه المواقف كانت أصلا تعبر عن مصالح فعلية ملموسة، وليس عن مثاليات أيديولوجية مجردة. كذلك، أدت نهاية الحرب الباردة إلي ظهور قوي للمارد الأصفر، الصين الشعبية، بتمدده الاقتصادي والاستراتيجي في آن واحد، ليس فقط في محيطه الجغرافي المباشر في آسيا، بل وصولا إلي الشرق الأوسط وإفريقيا، بما في ذلك تأمين مصادر الطاقة الضرورية لضمان الحفاظ علي مواصلة المعدلات المرتفعة -رغم تراجعها النسبي أخيرًا- للنمو الاقتصادي. بل إن دول الاقتصادات البازغة، خاصة الهند، ولكن أيضا، وإن بدرجات أقل، البرازيل وجنوب إفريقيا، بالإضافة إلي بعض دول النمور الآسيوية، مثل كوريا الجنوبية وماليزيا، صار لها مصالح لها وزنها وأهميتها في منطقة الشرق الأوسط، تسعي لحمايتها، وتعزيزها، والترويج لها، وتوسيع نطاقها، مثلها مثل الصين، والدول الغربية، واليابان، وروسيا، سواء في مجال تأمين مصادر الطاقة، أو في مجال فتح أسواق لمنتجاتها، أو في مجال إيجاد مجالات خصبة وذات معدلات ربحية مرتفعة لاستثماراتها، أو لضمان وضع متميز لمواطنيها المقيمين في دول المنطقة.
ولا ينفي ما تقدم أن الالتزام داخل المعسكر الواحد استمر في بعض حالات صراعات الشرق الأوسط علي ما كان عليه، خلال الحرب الباردة. ومن الأمثلة المحددة لذلك، الموقف الموحد لدول حلف شمال الأطلسي تجاه كل من الصراع في ليبيا وفي سوريا منذ عام 2011، في إطار فعاليات ما بات يعرف بـ "الربيع العربي"، وذلك ضد النظامين الحاكمين في البلدين، وهو تدخل كان حاسما في الحالة الليبية، وأدي إلي سقوط النظام القائم، وأوجد فراغا، ومنح الفرصة لاحتضان جماعات تمارس العنف باسم الدين، ولكنه لم يحقق أهدافه بعد في الحالة السورية، حيث يراهن البعض علي إمكانية تفكك الموقف المتماسك لدول الحلف، في ضوء طول مدة الصراع، وحسابات كل دولة من الدول الأعضاء الرئيسية في الحلف لمصالحها الوطنية، وتقديراتها لاتجاه الأحداث ومسارات تطورها.
أما الملاحظة السادسة، فتتصل بحقيقة أنه بينما استفادت الأطراف غير العربية، وإن بدرجات متفاوتة، ومراحل متتالية أو متقطعة، من صراعات المنطقة، فإن الدول العربية بالمقابل كانت في نهاية المطاف، وبالرغم من صعود هنا، وهبوط هناك، الأطراف التي في المجمل والمتوسط يمكن وصفها بالخاسرة علي المدي الطويل، جراء تلك الصراعات.
إن نظرة سريعة وتعقبا موجزا لتاريخ صراعات المنطقة يؤكدان تلك الملاحظة بلا أدني شك أو أي تصور لاحتمال وجود اتجاه عكسي. فعلي صعيد ما يجمع العرب علي وصفه بالقضية المركزية، ألا وهي القضية الفلسطينية، نجد أن المنحني في مجمله حقق مصالح لإسرائيل بشكل فاق بكثير أي خسائر أو هزائم عانتها، في وقت كانت فيه المحصلة النهائية للعرب، بالإضافة إلي استمرار وجود أراض عربية تحت الاحتلال، هو الانكفاء علي الذات، والانشغال بقضايا الداخل العربي، بل والضلوع في حروب مباشرة، أو بالوكالة فيما بين أطراف عربية، وعلي أراض عربية، لم تؤد سوي إلي تعزيز أمن إسرائيل، وتهميش القضية الفلسطينية، وتراجعها علي سلم الأولويات الدولية، بل والعربية، وإضعاف العرب ككل.
وتنطبق الملاحظة نفسها علي الأطراف غير العربية الأخري في المنطقة، ربما باستثناء أفغانستان. فإذا نظرنا إلي إيران، لوجدنا أنها، بالرغم من تحولات متذبذبة من التقدم والتراجع منذ انتصار ثورتها في فبراير 1979، تعد في المجمل طرفًا مستفيدًا من صراعات المنطقة. فقد اكتسبت شعبية لسنوات بين قطاعات من الشعوب العربية نظير خطابها العدائي تجاه إسرائيل، بالرغم من عدم دخولها أي مواجهة عسكرية مباشرة معها. كما أنها وظفت العديد من الأوراق في المنطقة لمصلحتها، سواء الرهان علي دور حزب الله في لبنان وعلي أطراف فلسطينية، في المواجهة مع إسرائيل، أو في أدوار محلية وإقليمية أخري، أو التحالف الاستراتيجي مع الحكومة في دمشق، كما أشرنا من قبل. كما أنها بالتأكيد كانت المستفيد الإقليمي الأكبر من الغزو الأمريكي لأفغانستان عام 2001، والإطاحة بحكم حركة طالبان التي مثلت التشدد السني المناهض للشيعة، أو من الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، والإطاحة بخصم طهران اللدود وعدوها في حرب السنوات الثماني، الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.
كما أنه حتي اللحظة، وأخذاً في الحسبان الاتفاق النووي بين إيران والدول الغربية، فإن القيادة الإيرانية تبدو وقد أجادت إدارة الملف النووي الإيراني لتعظيم مكاسبها الوطنية، وذلك دون استباق تطور الأحداث في اليمن والبحرين، وعدم معرفة إن كانت ستصب في مصلحة إيران، أم خلاف ذلك. لكن المؤكد هو تعاظم دور إيران واتساعه، وتصاعد فرص مشاركتها في صياغة مستقبل المنطقة، وذلك دون القفز المبكر جدًا إلي افتراض البعض بأن الاتفاق النووي قد يكون مقدمة تدريجية لبناء تحالف غربي - إيراني لإعادة رسم خريطة المنطقة علي حساب العرب.
وإذا انتقلنا إلي تركيا، فلا نجد أن الوضع يختلف كثيرًا. فعلي مدي سنوات، عززت تركيا قوتها الاقتصادية، التي صارت مصدر جذب لإعجاب قطاعات من الشعوب العربية، بينما احتفظت بعضويتها الفاعلة في حلف شمال الأطلسي، وقامت بتسويق نفسها كممثل الحلف في العالم الإسلامي، بما في ذلك الوطن العربي. وعندما جاء حزب ذو توجهات ترفع لواء الانتماء إلي تيار الإسلام السياسي إلي الحكم عام 2002، اتجه بشكل أكبر تجاه الوطن العربي، ربما سعيا لإحياء أدوار تاريخية سابقة من جهة، وربما أيضا لتسويق تركيا أكثر أمام الغرب بحسبانها قادرة علي لعب دور قيادي في العالم الإسلامي، خاصة السني من جهة أخري، ونجحت لفترة من الوقت في توظيف فعاليات ما جري علي وصفه بـ "الربيع العربي" لمصلحة تعزيز الدور التركي، خاصة في سياق لعبها دورا قياديا في تدخل "الناتو" في ليبيا، وكذلك السعي لتبديل السياسات، في ضوء رد الفعل السلبي الداخلي والخارجي، والسعي للانضمام للحرب ضد تنظيم "داعش"، واستغلال المرحلة الجديدة من الحرب ضد الإرهاب لتوفير مظلة من "المشروعية" لحرب متجددة ضد حزب العمال الكردستاني. إلا أن التطورات في مصر، وأيضا في سوريا، بالإضافة إلي تصاعد الوعي الوطني الكردي، الذي يؤثر مباشرة في الداخل التركي المتغير أصلا، كلها عوامل تطرح علامات استفهام عن مدي إمكانية استمرار تركيا في حصد المكاسب.
وأخيرًا، نري الطرف الكردي يستفيد من صراعات المنطقة، خاصة في العراق، سواء في حرب تحرير الكويت 1991/1990، أو جراء الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، وأخيرًا من التطورات في سوريا، ويتجه نحو تعزيز الحكم الذاتي، بل والاستقلال الفعلي في كردستان العراق، والتحرك نحو تعزيز السيطرة علي المناطق الكردية في سوريا، مع أسئلة مفتوحة حول آفاق أكراد تركيا، دون افتراض أن القيادات الكردية في تلك البلدان، بالإضافة إلي أكراد إيران، موحدة في حركتها، وأهدافها، واستراتيجيتها.
وأخيرًا وليس آخرًا، تأتي الملاحظة السابعة والأخيرة، والأكثر إيجازاً هنا، وهي أن أيا من صراعات المنطقة لم يتم حله أو حتي التحرك بشكل إيجابي وفعال تجاه حله، أو معالجة أسبابه، وذلك علي مدي المراحل المتعاقبة، وأحيانا المتباينة، من تاريخ المنطقة في التاريخ الحديث والمعاصر، سواء ما قبل الحرب الباردة، أو خلالها، أو بعدها. بل إن صراعات المنطقة من الناحية النوعية شهدت زيادة في درجة تعقدها. ومن الناحية الكمية، تضاعف عددها، وتفرع بعضها إلي صراعات رئيسية، وأخري فرعية مرتبطة بها. كما أن درجة الارتباط فيما بين هذه الصراعات، وبعضها بعضا تتشابك وتبدو عصية علي فهم الجذور، والأسباب، والدوافع في بعض الأحيان، وعلي التفكيك بهدف تسوية كل صراع بمعزل عن الصراعات الأخري المرتبطة به قدر الإمكان في الكثير من الأحيان.
وفي الختام، يتعين توضيح أن الملاحظات السابقة المذكورة في هذا المقال ليست حصرية أو نهائية، ولا تغطي كل ما يمكن أن يقال من رؤية وتحليل وتفسير لأنماط نشأة وتطور صراعات المنطقة، ومساراتها، وتحولاتها. إلا أنها الملاحظات التي يمكن أن تساعد، من وجهة نظر الكاتب، علي النظر بقدرة علي الفهم العميق للحالة الراهنة لصراعات المنطقة بشكل عام، وعلي تداعيات الاتفاق النووي الإيراني - الغربي الأخير البالغة التأثير، وانعكاساته البارزة علي وضعية، وظروف، ومحددات مسار كل صراع من صراعات المنطقة، سواء كان هذا التأثير مباشرا أو غير مباشر، وسواء تعاظم مثل هذا التأثير أو تضاءل، وسواء كان هذا التأثير، بالإيجاب أو بالسلب في فرص تسوية كل صراع، وسواء جاء ناتج مثل هذا التأثير، الفعلي أو المحتمل، لمصلحة إيران، أو الدول الغربية بشكل عام، أو الولايات المتحدة الأمريكية علي وجه الخصوص، أو لمصلحة أطراف ثالثة، سواء كانت هذه الأطراف عربية أو غير عربية، إقليمية أو دولية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 
* كاتب ومفكر مصري
المصدر: مجلة "السياسة الدولية" الصادرة عن مؤسسة "الأهرام" مصر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
جذور الصراعات في الشرق الأوسط‮ .. ‬ومساراتها‬‬‬
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب صحوة الشيعة الصراعات داخل الإسلام وكيف سترسم مستقبل الشرق الأوسط
» ما بعد الشرق الأوسط
»  ترتيب جيوش الشرق الأوسط..
» شتاء حار في الشرق الأوسط الكبير
» الصراع في الشرق الأوسط..للكبار فقط

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: الجغرافيا-
انتقل الى: