سرحان بشارة سرحان
د. موسـى الكـيـلاني
سرحان بشارة سرحان من أبناء القدس,ومن ناشطي الكنيسة الأرثوذكسية في باب العمود, ويقضي حالياً عقوبته في سجن امريكي, لأنه اغتال روبرت كينيدي, النائب العام في وزارة العدل , وهو شقيق الرئيس السابق جون كينيدي الذي تم اغتياله أيضاً في مؤامرة لم يعلن احد حقيقة تفاصيلها, بالرغم من إلقاء القبض على القاتل لي هارفي اوسوولد الذي قتلته رصاصات مشبوهة وهو في داخل قاعة المحكمة.
ويـُشَـكل سرحان ظاهرةً فلسطينيةً بامتياز , فقد استشهد المحققون معه باوراق يومياته التي كان يدونها, وقال فيها أنه من مؤيدي روبرت كينيدى سياسياً, وكان يرى فيه الأمل لإنصاف الشعب الفلسطيني بسبب ليبراليتيه الفكرية, وتوجهاته السياسية, ولكن جاءت صدمته النفسية والفكرية عندما استمع الى خطاب عام ألقاه روبرت كينيدى بمناسبة الحملات الإنتخابية الرئاسية آنذاك, وقال فيه أنه يؤيد تزويد أسرائيل بخمسين طائرة فانتوم مقاتلة. فضاقت به الأرض بما وسعت بعد ذلك الخبر الصاعق, وحمله اكتئآبه الى الانعزال عن المجتمع لعدة أيام, وكتب في يومياته, يجب ان اقتل روبرت كينيدى, ويجب أن يذهب.
كان سرحان في الثالثة والعشرين آنذاك, وقد استقر في كاليفورنيا عام 1957 بعد ان ساعده احد القساوسة في القدس بالحصول على تاشيرة هجرة له ولعائلته, والاستقرار في بلاد الثروة والوفرة والهناء.
كانت المغريات حوله كثيرة ومتعددة وقادرة على إلهائه عن وطنه الأُم, وشعبه الأسير, ولكنها لم تقتلع ألمه الداخلي المـُمـِض عندما يرى في الصحافة الامريكية صور جنود الإحتلال الإسرائيلي يدوسون كرامة مواطنيه ومقدساتهم وشعائرهم الدينية والوطنية. وقد كرر في يومياته ما دوَّنه أكثر من مرةٍ, يجب التخلص من روبرت كينيدى.
وفي 5/ 6/ 1968 , وفي الذكرى السنوية الاولى لسقوط القدس بيد جيش الاحتلال الاسرائيلي, توجه سرحان لتنفيذ مهمةٍ اعتبرها الهية قبل ان تكون وطنية, الا وهي التخلص من الرجل الذي يريد تزويد اسرائيل بخمسين طائرة فانتوم مقاتلة لتقتل المزيد من أبناء شعبه, ولتكون أقوى من الدول العربية مجتمعةً.
ويقول شقيقه منير ان المحققين الامريكيين استفسروا منه ومن العائلة كيف يستطيع شاب في العشرينات من عمره ان ينبذ بعيداً لذائذ الحياة الامريكية, ومغريات المجتمع هناك, ويرفض ان يعيش مندمجاً مع محيطه الجديد, تماماً كما حصل لعشرات الالاف من ابناء العروبة الذين جذبتهم مغريات هوليوود.
ولكن القدس تقمصت روحه منذ ان سقطت بيد الصهاينة, وسيطرت فلسطين على كيانه منذ ان تخلى عنها المليونيرية من ابنائها, فسعى الى المنتديات الاجتماعية والكنائسية والاكاديمية هناك, ليحاضر عن العدالة والانسانية والقيم العليا, انتصاراً لشعب طيب صادق يحب الحياة.
ولكن من المفروض على جميع المنظمات المقدسية, والتجمعات الطلابية, والمنتديات العربية في الولايات المتحدة الامريكية ان تحافظ على اسم سرحان بشارة سرحان في الذاكرة الحية للاجيال الجديدة القادمة الذين لم يعرفوا ان خطيئته الكبرى لم تكن إلا حبه الجارف للقدس وشعبها ومصلياتها.
وبالمقابل استطاعت التنظيمات الصهيونية في أمريكا ان تحافظ على اسم جوناثان بولارد حيا في الذاكرة الامريكية من خلال تسعين ندوة جامعية, وثلاثمئة وتسع عشرة مقالة في الصحف الرئيسية تركز جميعها على النواحي الانساني التي تستوجب الافراج.
يقول منير ان الوضع الانساني لشقيقه يستوجب تعبئة جهود المنظمات العربية والفلسطينية في الولايات المتحدة لخلق رأي عام ضاغط على المسؤولين الامريكيين للرأفة بشقيقه, خاصة وان الموعد الرسمي لمقابلته والنظر في الحكم الصادر عليه قد اوشك على الاقتراب بعد مرور 48 عاما على سجنه.
الرئيسية 
البوابة 
