العلويون (النصيرية) نظرة عن كثب
التاريخ:15/8/2016 - الوقت: 1:19م
سعد الناصر
تعتبر "النصيرية" من غلاة الشيعة الذين ألّهوا عليا بن أبي طالب رضي الله عنه. وهم من الفرق الباطنية وذكر أصحاب التاريخ أن الذين وضعوا أساس دين الباطنية كانوا من أولاد المجوس وكانوا مائلين إلى دين أسلافهم ولم يجسروا على إظهاره خوفا من المسلمين، فوضعوا أساسا في تفسير الإسلام ليتوافق مع أديان المجوس، وتأولوا آيات القرآن وسنن النبي عليه السلام على موافقة أساسهم كما يقول عبد القاهر بن طاهر بن محمد البغدادي في كتابه الفَرق بين الفِرق.
وقيل ترجع تسميتهم بالنصيرية إلى كونهم أتباع "نُصَير" غلام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ويرد اسمه في بعض المصادر هكذا "ابن نصير".
ولكن يقول العلوي حسين محمد المظلوم أن أصل تسميتهم بالعلويين نسبة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهو الاسم الأصلي لهم، وأما تسميتهم بالنصيرية فنسبة إلى أبو شعيب محمّد بن نصير العبدي البكريّ النميّري وهو أحد أصحاب الإمامين علي الهادي والحسن العسكري وهو يقول أننا حينما نقول العلوية نقصد الذات المعصومة التي لها الولاية ونقصد مولانا علي عليه السلام.
بعض عقائد العلويين
قال الإمام تاج الدين عبد الكريم بن أبي بكر أحمد الشهرستاني وهو من علماء أهل السنة في كتابه الملل والنحل "النصيرية والإسحاقية هي من جملة غلاة الشيعة ولهم جماعة ينصرون مذهبهم ويذبون عن أصحاب مقالاتهم وبينهم خلاف في كيفية إطلاق اسم الإلهية على الأئمة من أهل البيت، قالوا: ظهور الروحاني بالجسد الجسماني أمر لا ينكره عاقل: إما في جانب الخير كظهور جبريل عليه السلام ببعض الأشخاص والتصور بصورة أعرابي والتمثل بصورة البشر، وإما في جانب الشر كظهور الشيطان بصورة إنسان حتى يعمل الشر بصورته، وظهور الجن بصورة بشر حتى يتكلم بلسانه فكذلك نقول: إن الله تعالى ظهر بصورة أشخاص.
ويضيف الإمام الشهرستاني أنهم يقولون "ولما لم يكن بعد رسول الله شخص أفضل من علي رضي الله عنه، وبعده أولاده المخصوصون وهم خير البرية، فظهر الحق بصورتهم ونطق بلسانهم وأخذ بأيديهم فمن هذا أطلقنا اسم الإلهية عليهم، وإنما أثبتنا هذا الاختصاص لعلي رضي الله عنه دون غيره لأنه كان مخصوصا بتأييد إلهي من عند الله تعالى فيما يتعلق بباطن الأسرار، قال النبي صلى الله عليه وسلم
أنا أحكم بالظاهر والله يتولى السرائر) وعن هذا كان قتال المشركين إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقتال المنافقين إلى علي رضي الله عنه، وعن هذا شبهه بعيسى ابن مريم عليه السلام فقال النبي صل الله عليه وسلملولا أن يقول الناس فيك ما قالوا في عيسى ابن مريم عليه السلام لقلت فيك مقالا)، وربما أثبتوا له شركة في الرسالة إذ قال النبي عليه الصلاة والسلامفيكم من يقاتل على تأويله كما قاتلت على تنزيله ألا وهو خاصف النعل)". ويتابع عنهم "فعلم التأويل وقتال المنافقين ومكالمة الجن وقلع باب خيبر لا بقوة جسدانية أولوا الدليل على أن فيه جزءا إلهيا وقوة ربانية ويكون هو الذي ظهر الإله بصورته وخلق بيده وأمر بلسانه، وعن هذا قالوا: كان موجودا قبل خلق السموات والأرض، قال: كنا أظلة عن يمين العرش فسبّحنا فسبحت الملائكة بتسبيحنا فتلك الظلال وتلك الصور التي تنبئ عن الظلال هي حقيقته وهي مشرقة بنور الرب تعالى إشراقا لا ينفصل عنها سواء كانت في هذا العالم أو في ذلك العالم، وعن هذا قال علي رضي الله عنه: أنا من أحمد كالضوء من الضوء، يعني لا فرق بين النورين إلا أن أحدهما سابق والثاني لاحق به تال له، قالوا: وهذا يدل على نوع الشركة".
الفرق بين العلويين والزيدية والإسماعيلية
من ناحية الإمامة يقول العلوي حسين محمد المظلوم إن الزيدية لا تؤمن بالأئمة الاثني عشر، وإنما تؤمن بأربعة منهم واعتقدت أن الإمام الخامس هو زيد بن علي الذي لم يدّعِ الإمامة لنفسه، وأما الإسماعيلية فقد آمنت بستة من الأئمة واعتقدت أن السابع هو إسماعيل المبارك بن جعفر الصادق الذي توفي في حياة أبيه.
ولم يبين هذا العلوي ما هو الفرق الحقيقي في الاعتقاد بين هذه الفرق التي انبثقت من الشيعة وتفرعت عنهم ثم استقلت بعقائد تخالف كل واحدة منها الأخرى.
ويقول حسن المظلوم لا يجوز تصنيف العلويين ضمن مدرستي الشيعة الإمامية الإخبارية والأصولية، فالعلويون يلتقون معهما ويفترقون عنهما في بعض الفروع والأصول، والعلويون يرجعون إلى مذهب الفقهاء وهو الأخذ عن الأئمة الاثني عشر وما نقل عنهم من روايات.
إذن فالعلويون يأخذون من المدرستين الإخبارية والأصولية لدى الشيعة الإثني عشر ويلفقون مذهبهم، ولهم أصولهم الخاصة بهم التي ينفردون بها عن الشيعة الإثنا عشرية، والعلويون لا يقولون بولاية الفقيه ولا يتسمّون بآية الله العظمى والكبرى وروح الله وغيرها من الأسماء لأنها لم تثبت عندهم.
ولم يذكر حسين المظلوم ما هي عقائد العلويين التي تخالف الشيعة الاثني عشر، ولكنه قال إن العقائد لا يمكن تفسيرها وتوضيحها من قبل الرجال لأنه سوف يشوبها التحريف ويعتريها التزييف، فلا تؤخذ إلا عن الأئمة المعصومين ومن هنا نلاحظ خطر المعتقدات الباطنية على الدين الإسلامي والتي لا يمكن توضيحها.
ويقول الدكتور الفيلسوف عبد الرحمن بدوي إنه يمكن إيجاز عقائد العلويين الرئيسية بالتالي:
[list defaultattr=]
[*]
علي بن أبي طالب إله، أو حلت فيه الألوهية، وهو يسكن السحاب، والرعد صوته والبرق ضحكه، وهم لهذا يعظمون السحاب، والنصيرية قسمان الأول الشمالية وهم الذين يسكنون السواحل في لواء اللاذقية وهم يقولون أن عليا حالٌّ في القمر، والثاني الكلازية ويقولون أن عليا حالٌّ في الشمس.[*]
وهم يخفون مقالاتهم (عقائدهم) ومن أذاعها فقد أخطأ عندهم، ويرون أنهم على حق وأن مقالتهم مقالة أهل التحقيق.[*]
وهم يحبون ابن ملجم قاتل علي رضي الله عنه، ويقولون أنه خلص اللاهوت من الناسوت ويخطئون من يلعن ابن ملجم.[*]
تناسخ الأرواح وذلك أن المؤمن ــــ أي الذي يعبد علي ــــ يتحول سبع مرات قبل أن يأخذ مكانه بين النجوم، فإن الإنسان إذا مات شريرا يولد من جديد حتى يكفّر عن سيئاته ويتطهر منها، أما من لا يؤمن بعلي فيولد من جديد على شكل كلب أو إبل أو بغال أو حمير أو غنم. [/list]
وغير ذلك من الاعتقادات مثل تعظيم سلمان الفارسي وأنه باب علي رضي الله عنهم، وتعظيم الخمر وأنها من أصل نوراني وتعظيم أصلها وهو شجرة العنب.
وأهم عقائدهم تأليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه
ففي كتاب المجموع ويسمى أيضا كتاب الدستور لسليمان الأذني أو الأدني، الذي قال إن :"علي بن أبي طالب يوصف بأنه أَحدٌ، ومن نوره تسطع الكواكب، وهو نور الأنوار تجرد عن الصفات، يشق الصخور ويسجر البحور، ويدبر الأمور، ويخرب الدول خفي الجوهر وهو معنى".
ويضيف أن "الشهادة عندهم هي أشهد أن لا إله إلا علي بن أبي طالب، وعليٌ هو الذي خلق محمد وسماه، ومحمد حجاب علي ومسكنه، ومحمد خلق سلمان الفارسي من نور نوره وجعله بابا له والمكلف بنشر دعوته، ومحمد خلق الأيتام الخمسة، وهؤلاء الأيتام (يتيم: أي لا نظير له) هم الصدورات الخمسة الإلهية الذين توجه إليهم الصلوات الخمس اليومية. والأيتام الخمسة هم: المقداد بن الأسود، وأبو ذر الغفاري، وعبد الله بن رواحة, وعثمان بن مضعون، وقنبر بن كدان الدوسي".
طوائف النصيرية
[list defaultattr=]
[*]
الحيدرية نسبة إلى حيدر لقب لعلي رضي الله عنه.[*]
الشمالية وهم يقولون إن عليا هو السماء ويسكن في الشمس، والشمس هي محمـد صلـى الله عليه وسلم ويذهبون بعيدا في تأليه محمـد صلـى الله عليه وسلم ويلقبون أيضا بالشمسية.[*]
الكلازية أو القمرية ويعتقدون أن عليا يقيم في القمر، ويرون أن الإنسان إذا شرب الخمر الصافية يقترب من القمر وينتسبون إلى الشيخ محمـد بن كلازي.[*]
الغيبيبة ويقولون إن الله تجلى ثم اختفى والزمان الحالي هو زمان الغيبة ويقررون أن الغائب هو الله الذي هو علي وهم يجردون الله عن الصفات كالإسماعيلية.[/list]
قال الشهرستاني "فالنصيرية أميل إلى تقرير الجزء الإلهي، وقد نجزت الفرق الإسلامية وما بقيت إلا فرقة الباطنية وقد أوردهم أصحاب التصانيف في كتب المقالات (العقائد) إما خارجة عن الفرق وإما داخلة فيها وبالجملة هم قوم يخالفون الاثنين والسبعين فرقة".
ولذلك لم يذكرهم الإمام أبو الحسن الأشعري في كتابه مقالات الإسلاميين، ولا الإمام ابو بكر محمد بن الحسن بن فورك في مجرد مقالات الأشعري ولا عبد القاهر البغدادي في الفَرق بين الفِرق، ويدل ذلك مع ما فهمناه من كلام الشهرستاني أن النصيرية ليست عند أهل السنة من الفرق المنسبة إلى الإسلام بل هي خارجة عن فرق الإسلاميين كافرة بالقول بإلهية علي رضي الله عنه.
(البوصلة)
الرئيسية 
البوابة 
