منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 بيان حزب الاستقلال العربي سنة 1931

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

بيان حزب الاستقلال العربي سنة 1931 Empty
مُساهمةموضوع: بيان حزب الاستقلال العربي سنة 1931   بيان حزب الاستقلال العربي سنة 1931 Emptyالأحد 30 أكتوبر 2016, 9:50 pm

بيان حزب الاستقلال العربي سنة 1931
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الإرشاد القومي، ج 1، ص 539 - 540"

بيان حزب الاستقلال العربي
سنة 1931

        "لم يبق أحد لم يشعر بما طرأ على الحكومة الوطنية الاستقلالية في هذه البلاد من ضعف وفتور، وما وقعت فيه من اضطراب وانحلال وفوضى وما تسلط عليها من أهواء ونزعات زعزعت أساسها وبدلت أغراضها ومراميها. فبعد أن كانت قضية استقلالية تحمل خواص القضية العربية الكبرى وتحتفظ بمزاياها الشريفة وتكافح الاستعمار وجها لوجه، أصبحت قضية محلية تتأئر بالنزعات الشخصية والأهواء العائلية والقوى الإنتاجية إلى حد كبير. وإذا كانت الحركة الوطنية قد وقفت في أدوارها الأخيرة موقف الكفاح فلم يكن ذلك منها في الأعم الأغلب موقفا صريحا لا مواربة فيه، وإنما كان موقف عجز ومسكنة، محصورا بمقاومة القضية المصطنعة التي نكبنا بها الاستعمار ليلهينا عن أغراضنا المقدسة العليا، بل لقد أصبحنا وليس لنا في هذه البلاد قضية استقلالية نكافح دونها ونرد الأطماع الاستعمارية عنها، وصرنا إلى حالة نستسيغ معها وطأة المستعمر ونستمرئ أساليبه ونتهافت على نيل رضاه بالتقرب والزلفى ونتبادل به ليغلب فريق منا فريقا سعى وراء قضايا الأشخاص والأهواء".

        ولما كان من الجريمة الوطنية أن تصبح قضيتنا الاستقلالية التي أسس بنيانها على هامات شهداء العرب في جميع الأقطار العربية ورفعت قواعدها على مناكب المجاهدين الأبرار رهن القضايا الشخصية - وفريسة تلك النزعات والحزبيات المحلية، وألا يكون لفريق الاستقلاليين الذي عمل مع الجماعات العربية في ميدان القضية العربية الاستقلالية الكبرى ولمن يجري على مبادئهم وينحو نحو غاياتهم كيان مستقل ينضمون تحت لوائه لاستئناف الجهاد الوطني وفقا للمبادئ التي اعتنقت وبشر بها تبشيرا خالصا لوجه الله والأمة والوطن فإن موقعي هذا البيان اعتقدوا أنه آن الأوان لإقامة مثل هذا الكيان والقيام بحركة وطنية خالصة على يد حزب سياسي استقلالي يكافح الاستعمار وما جره من نكبات كفاحا شريفا بلا مداورة ولا مواربة، ويعمل على نيل حقوق الأمة الاستقلالية وإنهاضها حاذيا حذو الأحزاب الوطنية التي تعتز بالمبادئ الشريفة وتستمد منها الرشد والهدى. وسيكون الأساس الذي يبني عليه هذا الكيان الحزبي الاستقلالي، التجانس في المبادئ الصحيحة والإخلاص الشريف وحب العمل النزيه والابتعاد كل الابتعاد عن الجري في طريق السياسات المحلية والشخصية والعائلية، وجعل المصلحة العامة فوق كل مصلحة، وعدم الاهتمام البتة لفكرة أكثرية أو أقلية وما يتبعها من سياسات انتخابية لا يراد بها وجه الله والوطن - وعدم الموالاة أو المعاداة لأي كان إلا بما يكون له من موقف أو عمل يتسق أو يتعارض مع مبادئ


الحزب وغاياته وخططه وقد أجمع القائمون أمرهم ووضعوا قانون حزبهم الذي ينشرونه مع هذا البيان واثقين كل الثقة أن في البلاد فريقا كبيرا من الأحرار المخلصين، يشعرون بالحاجة التي شعر بها القائمون بهذا الحزب، ويألمون مثل ألمهم، فيمدون إليهم يد المؤازرة والتأييد في هذه الحركة التي يرجون من ورائها الخير والخدمة الخالصة المنزهة عن كل شائبة وشين سائلين الله عز وجل أن يثبت أقدامهم ويهديهم السبيل الأقوم لخدمة القضية الوطنية الاستقلالية وللخروج بها من هذه الدوائر الضيقة التي حصرت فيها وتخليصها من تلك الأهواء والنزعات التي ذهبت بنضارتها وقللت من كرامتها، والله ولي التوفيق" (1).

    (1) محمد عزة دروزة، "حول الحركة العربية" الجزء الثالث. ص 99 - 101   


                   





رد اللجنة التنفيذية العربية
على بلاغ المندوب السامي (*)

         كل هذه الحقائق لم يكن أحد من العرب يتوقع إغفالها في منشور صادر على عجل وسابق لأوانه، وتعلمون فخامتكم أن عرب فلسطين قد تكبدوا أكثر من ذلك. وكانت الجنود البريطانية تجدهم عزلا من السلاح عند أية ضربة تنزل بهم. فإذا لم يزل ثمة عدالة يحق للعرب أن يطلبوا نصيبهم منها فهم يلحون بطلب إجراء تحقيق نزيه، من أشخاص من خارج فلسطين لا يتأثرون أثناء قيامهم بواجبهم نحو العدالة بالنفوذ الصهيوني.

         وإن التحقيقين اللذين أجريا في فلسطين في ظروف مماثلة سابقة من قبل لجان بريطانية، قد أظهرا مطالب العرب الحقة ومقاصدهم القومية النبيلة كما أظهرا مصائبهم السياسية

         إن العرب يعتقدون كل الاعتقاد أن تحقيقات نزيهة كتلك ستروي للعالم حكاية حالهم الآن في هذه الاضطرابات الحاضرة رواية أكثر صدقا مما صورتموه للعالم في منشوركم الصادر قبل إعطاء العرب فرصة ليسمع صوته فلو كان ذلك لرأى العالم أن اليهود الذين تجاوزوا التعديات السياسية إلى الدينية، والذين أصبحت تعدياتهم في المدة الأخيرة لا تحتمل كما صرحت بهذا الحكومة، والذين كانت أعمالهم الفظيعة في هذه الاضطرابات ينطبق عليها كلام فخامتكم في منشوركم بحق العرب، كانوا هم المسئولون أولا عن الاضطرابات الحالية، وكانت السياسة التي تؤيدهم ثانيا.

         وإن مثل هذا المنشور كان ينبغى إصداره بعد إجراء التحقيقات التي ينشدها العرب وليس قبل إجرائها.

          (=) نقلا عن كتاب "مشكلة فلسطين والاتجاهات الدولية" الدكتور جلال يحيى.






بيان حزب الاستقلال العربي
في 2 نوفمبر سنة 1931

       "لقد سلخت هذه البلاد أربعة عشر عاما وهي تحت سلطة الاستعمار الإنجليزي تتدهور عاما بعد عام من حضيض إلى حضيض وتبتعد يوما بعد يوم عن الغاية المقدسة العليا التي رمى إليها العرب حينما اشتركوا وقاسوا أنواع المظالم والإرهاق: وهي الاستقلال والوحدة العربية، التي أخذت الأقطار الأخرى تقترب منها يوما بعد يوم، محطمة في سبيل الوصول إليها القيود واحدا بعد آخر. وأنه على الرغم من الصرخات الداوية التي بعثتها الأمة ولا تزال تبعثها استنكارا للسياسة الغاشمة المسلطة عليها واحتجاجا على الظلم الفادح النازل بها بحرمانها من حقها الصريح في الحرية والاستقلال وباستهدافها للأخطار القومية والاجتماعية والاقتصادية المنبعثة عن سياستها الاستعمارية والغزوة الصهيونية لإرهاق البلاد، تحت عبء هذه السياسة ونتائجها الفظيعة ظل الإنجليز يستمرون في سياستهم دون رادع من عهد أو شرف أو ضمير.

        وإذا أردنا أن نستعرض نتائج هذه السياسة وأخطارها رأينا منظرا من أفظع المناظر وشهدنا رواية من أشد الروايات هولا تمثل في هذه البلاد ضد مصالح أصحابها العرب وقوميتهم وكيانهم لم يشهد التاريخ أشد فظاعة وهولا منها:

1 -
   

إن الموازنة المالية في هذه البلاد جعلت لتشكيلات واسعة لا تتحملها طبيعة البلاد بوجه، والمبالغ التي تنفق على هذه الموازنة هي أضعاف ما ينفق على مثيلاتها من البلاد العربية الأخرى، والموظفون الإنجليز ثم الموظفون الغرباء ثم الموظفون اليهود يبتلعون جزءا كبيرا من هذه الميزانية على غير ما حاجة فنية أو علمية، وثلث هذه الميزانية تقريبا ينفق على الحراب التي تحمي المشروع الصهيوني. الذي يعتبر بحق أفظع مشروع سجله التاريخ في أعظم حوادثه وظروفه

2 -
   

وعلى الرغم من أن الخبراء الإنجليز قد أثبتوا بالأرقام التي تدحض أن الأراضي العربية لا تكفي الآن أهل البلاد العرب لمعيشتهم وحاجاتهم وعلى الرغم من زيادة التناسل العظيمة زيادة جعلت تتحول إلى مشكلة خطيرة هائلة في المستقبل القريب بسبب عدم كفاية الأرض للعرب وعلى الرغم من تعالي الصرخات بوجوب وضع تشريع يمنع انتقال أراضي العرب لليهود، حماية للكيان العربي من الانهدام والفناء لا تزال السلطة الإنجليزية لاهية عن ملاقاة هذا الخطر ولا يزال اليهود يغتنمون فرصة الإملاق الذي أصيب به العرب، من جراء سياسة الاستعمار فيقتطعون المساحات الواسعة من الأراضي العربية حتى أحدق الخطر الهائل بكيان العرب إحداقا شديدا.

3 -
   

وإنه فوق البطالة الضاربة أطنابها في البلاد وانسداد الرزق أمام آلاف العرب الراحلين لا تزال السلطة الإنجليزية فاتحة باب الهجرة على مصراعيه لدخول شذاذ الآفاق اليهود، مما أدى إلى استفحال أمر البطالة ودفع العرب إلى كسب قوتهم، هذا إلى ما تسرب إلى هذه البلاد من المبادئ الاجتماعية الخطيرة كالشيوعية والإباحية والإلحاد مما يحمله أولئك الشذاذ وبدت آثاره وظهرت شروره.

4 -
   

ولقد كان من جراء هذه السياسة الاستعمارية أن أرهق الأهلون، بالضرائب الفادحة، فأصبح يصيب النفس ضعف ما يصيب أختها في البلاد العربية الأخرى أو أضعافه. ولقد كان قانون الويركو أسوأ مثل قدمته هذه السياسة. بتطبيقه على ما قبله، ولجعل الضريبة خمسة عشر بالمائة. وقد كانت ضرائب العشر وضرائب المواد الغذائية والحاجات الضرورية من أكبر الضربات التي رفعت أسعار المعيشة وجعلت الأهالي على حافة الإفلاس، وكانت عاملا من عوامل الإضرار للخروج على الأراضي لليهود، هذا إلى الأزمات الاقتصادية الخانقة، التي لم تتقدم هذه السلطات إلى معالجتها وتفريجها بوسيلة من الوسائل الناجحة.

5 -
   

وها هي البلاد تقاسي اليوم أزمة شديدة في التعليم، وها هم أبناؤها يتسكعون في الأزقة محرومين من دور العلم، بينما إدارة المعارف وغيرها مكتظة بذوي الرواتب الكبيرة الذين ليس للبلاد من حاجة إليهم إلا رغبتهم في استدرار الوظائف والمرتبات من الإنجليز ومحسوبيهم، وذلك من عرق جبين الأهالي البائسين. وقد كان من جراء هذا الإهمال أن حرم خمسة أسداس الأولاد الذين هم في سن الدراسة من المدارس، الأمر الذي يسجل به أكبر عار على السلطة الإنجليزية القائمة في البلاد.

6 -
   

وقد عمدت هذه السلطة إلى وضع مشروع لقانون المعارف تريد به أن يتشرب أبناء الأمة روح الولاء لسلطة صبت على بلادهم أنواع العذاب وحكمتهم بالحديد والنار وهيأت لهم أسباب الفناء والدمار.

7 -
   

وكذلك وضعت مشروع قانون للمطبوعات أرادت به كم الأفواه وتحطيم الأقلام والتهديد بالجزاء الصارم لكل من تحدث له نفسه أن يرفع الصوت بالدفاع عن حقوق الأمة والبلاد عن طريق الصحافة .

8 -
   

وقد سيطر على التشريع والإدارة في هذه البلاد أناس غرباء عنها لا يفهمون روحها ولا احتياجاتها وتقاليدها فأمعنوا في سن القوانين الغريبة المتناقضة مع مصلحة الأمة واحتياجاتها وروحها.

        كل ذلك وهناك من أبناء الأمة من لا يزال يتطوع لتوطئة مناكبها للاستعمار وترويضها على الأساليب الاستعمارية وبث روح الاستخذاء للسلطة واعتبارها ذات الصفة الشرعية في البلاد، وهناك أيضا من لا يزال يتزلف إلى السلطات الاستعمارية فيشترك في لجانها ويتنعم بحفلاتها ومآدبها ويساعد على الحفاوة بممثليها وهذا إلى أولئك الأبناء العاقين الآخرين الذين هم حرب على أمتهم وبلادهم باجترامهم جرائم السمسرة والجاسوسية ومساعدة السياسة الاستعمارية والغزوة الصهيونية على بلوغ الوطن والتضييق على خناق الأمة والقضاء الأخير عليها.

        إن حزب الاستقلال العربي الذي يرى كله هذا بعين تقطر دما وقلب يتقطع أسى يبتغى أن تجدد الأمة أملها وألا تستسلم إلى القنوط، لأنه يعتقد بقوة روح هذه

الأمة الجبارة وعقيدتها الاستقلالية ومقتها للأساليب الاستعمارية وأعوانها. وأنه استمدادا من هذه الروح القروية الفياضة يعلن أن البلاد لم تعد تطيق هذه السياسة الاستعمارية الناشئة التي فشلت فشلا شائنا وأفلست إفلاسا يسجل به أكبر الإثم والعار على القائمين بها وإن من حق هذه الأمة العربية أن تتمتع بحريتها واستقلالها في بلادها وأنها لن ترضى عن ذلك بديلا.

       وأنه وهو مؤمن كل الإيمان بهذا الحق ويعتقد كل الاعتقاد في اعتصام الأمة بعقيدتها الاستقلالية يدعو كل عربي في هذه البلاد إلى تجديد العهد للكفاح ضد الاستعمار وأساليبه وضد الصهيونية وغزوها وضد الخائنين من أبنائها بكل قوة وثبات وعزم وإيمان. ويدعو كل عربي ليعلن معه أن هذه البلاد لن تطمئن على حياتها وكيانها إلا إذا منع بيع الأراضي لليهود منعا باتا واقفل باب الهجرة اليهودية أقفالا تاما واستلم أبناء البلاد الحكم ونالت استقلالها التام، متحدة مع البلاد العربية الأخرى. يا أهل فلسطين لقد جد الجد وسارت الركبان. فأين أنتم من إخوانكم أبناء البلاد العربية كنتم في المقدمة فما بالكم تأخرتم؟ أين قضيتكم من قضاياها؟ ارجعوا بها على الأعقاب فابدءوها قضية فلسطينية استقلالية لا لين فيها ولا هوادة. الوطن وطنكم وشرف الأمة العربية بين أيديكم. فاحفظوا الأمانة وصونوا الكرامة وليستشر كل عربي قلبه وليعمل واجبه. أما الوطن فباق وأما الأفراد فزائلون فلنتعاهد على الجهاد في سبيل الحرية والوحدة العربية. يوم 2 نوفمبر عار أبدي. ويجب على كل عربي أن يجاهد ليمحوه من سجل التاريخ والسنين. ولتحيى سوريا الجنوبية عربية حرة مستقلة".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

بيان حزب الاستقلال العربي سنة 1931 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بيان حزب الاستقلال العربي سنة 1931   بيان حزب الاستقلال العربي سنة 1931 Emptyالأحد 30 أكتوبر 2016, 9:51 pm

منشور حزب الاستقلال العربي
سنة 1932

         نداء إلى كل عربي كريم وكل هيئة عربية وكل صحيفة عربية في أنحاء الأرض.

         يبعث حزب الاستقلال العربي في فلسطين نداءه هذا وحالة العرب في فلسطين قد انتهت إلى ما تهلع له القلوب وتضطرب النفوس وتهتز المشاعر إذ أخذ المستقبل المشئوم يبدو كالحا مظلما، والخطر الملاشي لكيان العرب يتجسم يوما فيوما، ويحدق بهم إحداقا مفزعا، منبعثا من ناحيتين كبيرتين هما ناحية بيع الأراضي والهجرة اليهودية خاصة وناحية الحكم الاستعماري المباشر عامة. وكلتا الناحيتين تؤديان إلى تلاشي العرب وانهيار بنيانهم القومي وانسلاخهم عن أرض آبائهم وأجدادهم بفعل السياسة البريطانية الصهيونية.

         ومشكلة الأرض بلغت حدها الأكبر من الخطر إذ نشط اليهود في المدة الأخيرة لابتياع الأراضي نشاطا عظيما وهي الأراضي العربية القليلة التي بقيت بأيدي العرب والتي إذا تسنى لليهود ابتياعها، وأكثرها واقع في السهول الساحلية ذات القيمة الزراعية الجيدة، أصبح اليهود يملكون معظم الجهات الساحلية الخصبة في البلاد سلسلة متصلة الحلقات. وظاهر ما في هذا من خطر ينذر البلاد بسوء المصير. يضاف إلى هذا الخطر الآخر الذي - يماشيه جنبا إلى جنب - وهو الهجرة الصهيونية وإغراق فلسطين بسيل عرم من المهاجرين اليهود يدخلون بجوازات سفر وبطرق غير مشروعة كل هذا نتيجة استقتال اليهود لبناء المملكة اليهودية في فلسطين على أنقاض الكيان العربي المتداعي إلى السقوط والانهدام.

         ولقد أصبح أكثر من ستة وثمانين عائلة عربية لا أرض لها وبدون مأوى ولا كسب، وثبت هذا بشهادات التقارير الرسمية التي وضعها الخبراء الانجليز الذين كلفوا درس الحالة درسا دقيقا. وكانت النتيجة الواقعة حتى اليوم إن انتقلت أجود الأراضي إلى اليهود وانزوى العرب في المناطق الجبلية القاحلة وباتت فلسطين تشهد كل يوم مآسي انهدام كيانها بذهاب قرية بعد أخرى والأراضي قطعة بعد قطعة، وتشرد المزارعين وهيامهم على وجوههم إلى حيث الفناء والدمار، هم وعيالهم وأولادهم.

         يجري كل هذا جريا مطرد سنة فسنة والسلطات الانجليزية في فلسطين ممعنة في حكم البلاد حكما استعماريا مباشرا، ثقيل الوطأة مسلحا بأقصى ما عرفه البشر من ضروب التقنين والتشريع والأنظمة، مما تدأب السلطات البريطانية في وضعه وتكبيل البلاد به وتمهيدها لإنشاء الوطن القومي اليهودي، وقد بلغت الحال خلال الخمس عشرة سنة السابقة من الويل والإرهاب مبلغا يعز وصفه ويصعب تصويره، فأصبح


العرب وليس لهم من أمر بلادهم ووسائل حمايتهم شيء، ولم تلتفت السلطات البريطانية إلى شيء من أنين الشعب العربي وتظلمه وشكايته ، طالباً وضع حد لهذه الغزوة الصهيونية المجتاحة وسن قانون عاجل يمنع بيع الأرض من العرب إلى اليهود منعا باتا ويغلق باب الهجرة الصهيونية، وطالبا أن يتسلم مقاليد حكم نفسه بنفسه، حفظا لكيانه وهو العلاج الطبيعي الوحيد الذي بغيره تظل فلسطين تتردى في الهوة السحيقة حيث الفناء المنتظر، فتمثل فاجعة الأندلس ثانية دون أن يغني فيها ندب أو عويل.

        ويسار بالوطن القومي اليهودي في قلب البلاد العربية وعلى كنف الجزء الشمالي من جزيرة العرب والأقطار العربية المجاورة التي لم تقم بعمل بعد تشعر منه السياسة البريطانية بتضافر العرب على دفع الكارثة ودرء هذا الخطر الذي إذا استفحلت غزوته فسيشمل غير فلسطين لا محالة، كما أخذت الدلائل في شرق الأردن تدل عليه في هذه الفترة الأخيرة.

        فحزب الاستقلال العربي في فلسطين وهو يرى كل هذا حافزا ويقيس على الواقع المصير المتوقع مستقبلا، يناشد كل عربي كريم وكل هيئة عربية وكل صحيفة عربية في أنحاء الأرض، ويناشد أهل البلاد العربية الشقيقة إلى التضافر والتآزر مع إخوانهم عرب فلسطين في رد هذه النكبة التي كادت تأتي عليهم، وإلى الوقوف في وجه السياسة الإنجليزية موقف المدافع عن حياته وبقائه وكيانه، ابتغاء وضع حد لهذه الحال المروعة التي كادت تفتك بقطر عربي وتذهب به فريسة المطامع الاستعمارية والصهيونية.





منشور حزب الاستقلال العربي
في ديسمبر سنة 1932

       أيها العرب:

       اعتاد الإنجليز أن يقيموا في مثل هذا اليوم من كل سنة احتفالا بذكرى احتلالهم القدس، تأييدا لفكرة الفتح والاستعمار التي ستروها وأخفوها طول الحرب الكبرى، وأعلنوا ما يناقضها للعالم أجمع.

       وحزب الاستقلال العربي رأى من واجبه أن يقيم في هذا اليوم وفي مثله من كل سنة مقبلة اجتماعا وطنيا يندد فيه بفكرة الفتح والاستعمار التي يقيم المستعمرون في هذه البلاد حفلاتهم بإحدى ذكرياتها، وهو يجدد العهد على مكافحة الاستعمار بأصله وفرعه واستنكار أساليبه الفاحشة وخططه المنافية لمصلحة العرب، والمطالبة بحق العرب الطبيعي في الحرية والاستقلال والاتحاد مع الأقطار العربية الأخرى. ويعلن الحزب للملأ أجمع أن الإنجليز قد نقضوا ما قطعوه للعرب من عهود ومواثيق وخالفوا ما نشروه في بلاد العرب من مناشير وبيانات وأنزلوا بالعرب الضربات الموجعات التي تهدم كيانهم القومي وتجعلهم لقمة سائغة لاستعمار الإنجليز والذئب الصهيوني الذي سلطوه عليهم.

       وهاهي بين أيديكم بعض هذه العهود والمواثيق والمناشير والبيانات لتذكروا إلى أي حد وصل الاستهتار عند الإنجليز بعهودهم ومواثيقهم وإلى أي درجة بلغوا في نقضها وخرقها. وكيف أنهم يحكمونكم حكما استعماريا مباشرا، ويحاولون وضعكم تحت نير اليهود، وكيف أنهم يسنون لكم القوانين الصارمة لإخفات أصواتكم باستنكار الظلم الواقع عليكم بالتندد بهذا الاستعمار الفظيع ونكباته القاتلة، وكيف أنهم يرهقونكم بالضرائب الفادحة ليحملوا بأموالكم المشروع الصهيوني. يفعلون كل هذا بعد أن وعدوكم بالاستقلال والحرية والوحدة. مما كان سببا في النتائج لفاصلة المنصورة التي أحرزوها في الحرب الكبرى. وقد أذاعوا أنهم لا يقصدون فتحا ولا استعمارا وإنما يرمون إلى تحريركم ومساعدتكم في استقلالكم وحكم أنفسكم بأنفسكم وفق رغباتكم ومطلق اختياركم. إن حزب الاستقلال العربي يطلب من كل عربي أن يذكر هذا ولا ينساه. ويهيب به إلى مواصلة الكفاح ضد الاستعمار والصهيونية والتوسل بكل وسيلة إلى الخلاص منهما حتى ينخذل الباطل أمام الحق وتحق الكلمة على الظالمين.

       أيها العرب:

       إن الميدان واضح أمامكم والمجال رحب للعمل لأخذ حقوقكم فادخلوها بقلوب

ملؤها الإيمان والإباء ولا تهنوا ولا تحزنوا واصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون.

         أيها الإنجليز:

         ليس مما يشرفكم أن تحتفلوا بذكرى الفتح والاستعمار. هذه عهودكم ومواثيقكم وبياناتكم ومنشوراتكم فاقرأوها. إنا لن نطمع في رجوعكم إذا قرأتموها عن أساليبكم المبيدة للعرب الهادمة لكيانهم القومي ولا عن المؤامرة التي بيتموها مع الصهيونيين فقد انكشف عن نياتكم الستار وعرفكم العرب حق المعرفة. فلن يطمئنوا إليكم ولن ينخدعوا بكم وأنتم الذين نكثوا عهودهم وخانوا وعودهم، لم يردعهم عن اجتراح ما اجترحتوه ضمير يحس ووجدان يتألم.

         إلا أن هذا يوم يقسم العرب فيه جهد أيمانهم أن لا يغفلوا عنكم، وأن يناوئوكم ويساجلوكم الخصومة بالمشروع من السيل والواضح من الأساليب حتى تخرجوا من ديارهم وتنزحوا عن أوطانهم، وتعود إليهم حريتهم ويخفق علمهم ويعلو لواؤهم وتتحقق وحدتهم والله بالنصر المبين كفيل.




       



الميثاق المقدس

الذي أصدره المؤتمر الإسلامي العام
في ديسمبر سنة 1931 بمدينة القدس (*)

المادة الأولى:

          إن البلاد العربية وحدة تامة لا تتجزأ وكل ما طرأ عليها من أنواع التجزئة لا تقره الأمة ولا تعترف به.

المادة الثانية:

          توجه الجهود في كل قطر من الأقطار العربية إلى وجهة واحدة هي استقلالها التام كاملة وموحدة ومقاومة كل فكرة ترمي إلى الاقتصار على العمل للسياسات المحلية الإقليمية.

المادة الثالثة:

          لما كان الاستعمار بجميع أشكاله وصيغه يتنافى كل التنافي مع كرامة. الأمة العربية وغاياتها العظمى فإن الأمة العربية ترفضه وتقاومه بكل قواها

          وقد رأى المجتمعون ضرورة عقد مؤتمر عربي عام في إحدى العواصم العربية للبحث في الوسائل القومية إلى نشر الميثاق ورعايته والخطط التي ينبغي السير عليها لتحقيقه.

          (=) نقلا عن كتاب "مشكلة فلسطين والاتجاهات الدولية" الدكتور جلال يحيى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

بيان حزب الاستقلال العربي سنة 1931 Empty
مُساهمةموضوع: رد: بيان حزب الاستقلال العربي سنة 1931   بيان حزب الاستقلال العربي سنة 1931 Emptyالأحد 30 أكتوبر 2016, 9:52 pm

رد حزب الاستقلال العربي
على بيان المندوب السامي
الذي ألقاه أمام لجنة الانتداب في جنيف (*)
عام 1933

واجب الحزب في نشر هذا الرد:

         اطلع حزب الاستقلال العربي على البيان الذي ألقاه المندوب السامي في فلسطين أمام لجنة الانتدابات في جنيف بتاريخ  10/ 11/ 1932 عن السياسة والأعمال التفصيلية الجارية في هذا القطر العربي.

         إن حزب الاستقلال وإن كان من مبادئه رفض الانتداب ووعد بلفور واعتبار الوضع الحاضر في فلسطين غير متفق مع آمال العرب وحقوقهم وضارا بمصالحهم وكيانهم فإنه يرى من واجبه وقد تضمن بيان المندوب أمورا عديدة جديرة بالرد والتفنيد أن ينشر هذا البيان ويعلق فيه على تلك البيانات بما يراه ضروريا وتصحيحا للوقائع والحقائق من وجهة النظر العربية مع تأييد رفضه للانتداب ووعد بلفور واعتبارهما وضعين غير مستندين إلى حق شرعي.

إصابة المندوب في قوله إنه في حاجة إلى تفهم مسائل كثيرة:

1 -
   

ذكر المندوب السامي اهتمامه منذ وصوله إلى فلسطين للتجول في البلاد ومقابلة ممثلي الطبقات المختلفة ولقد أصاب في قوله أنه لا يزال في حاجة إلى تفهم كثير من مسائل فلسطين لأن بيانه الذي ألقاه يدل على أنه قد أغفل أمورا جوهرية عن حالة فلسطين ومطالب سكانها ومشاكلها.

المهمات الثلاث التي تتناولها مهمته:

2 - ذكر المندوب السامي أن مهمته تتناول ثلاثة أمور مهمة:

 
   

(أ)
   

حفظ الأمن العام.

 
   

(ب)
   

تشجيع شعور حسن النية بين مختلف طبقات السكان ومساعدتهم للتقدم الاقتصادي.

 
   

(جـ)
   

تقوية شعور الثقة المتبادلة بين الشعب والحكومة.

          * الجامعة العربية - القدس 15 / 1 / 1933 ص 2 -، 16 / 1 / 1933 ص 2 - 18 / 1 / 1933 ص 4 - 19 / 1 / 1933 ص 4.


مهمة الأمن العام في فلسطين:

3 - ذكر فيما يختص بالمهمة الأولى أن السلطات في فلسطين تنفق ثلث الميزانية على قوة البوليس والدفاع وأن أعمال الحكومة ونشاطها معرقلة شر عرقلة بسبب ذلك وأنه يؤسفه جد الأسف أن لا يستطيع توصية إنقاص قوة الدفاع والبوليس لا هذه السنة ولا في المستقبل القريب.

ثلث الميزانية أي ينفق على الأمن الداخلي وهل لهذا مبرر شرعي

        ويستولى على المرء دهشة حينما يرى أن ثلث الميزانية يبلغ نحو ثمانماية ألف جنيه وأن هذا المبلغ جميعه ينفق على تأمين الأمن العام في بلاد سكانها نحو مليون نفس ومساحتها نحو تسعة آلاف ميل مربع ويزداد المرء دهشة حينما يذكر أن فلسطين ليست مهددة بعدوان خارجي كما يقول المندوب نفسه ويظهر له جليا أن هذه النفقات الباهظة إنما تنفق على تأمين الأمن الداخلي فيها. وإذا ذكرنا ضيق مساحة فلسطين وقلة سكانها وما كانوا عليه من هدوء وسكينة في عهد الحكم العثماني بما لا يشبههم فيه أي قطر آخر وما كان فيها من قوة قليلة لتأمين الأمن العام الداخلي ثبت لنا ثبوتا قاطعا أن عوامل القلق والاضطراب التي تساور السلطات البريطانية في هذه البلاد من اختلال الأمن العام فيها راجعة بالدرجة الأولى إلى طبيعة السياسة الممقوتة التي تسير عليها والتي تحتوي على كل عوامل الاستفزاز والدفاع عن النفس والكيان وهي سياسة حكم البلاد حكما استعماريا مباشرا من قبل أناس لا يفهمون روحها ولا يشعرون بحاجاتها وعواطفها أولا ومحاولة إقامة بنيان قومي غريب فيها على أنقاض أهلها العرب ثانيا. في حين أن العرب كانوا ولا يزالون يرون أن لهم كل الحق في الاستقلال والحكم الوطني استنادا إلى حقهم الطبيعي والدماء التي أراقوها في الثورة العربية الاستقلالية.

موقف العرب واليهود أمام بعضهما:

        ولقد كان من نتائج هذه السياسة الممقوتة أن أصبح في فلسطين شعبان لهما آمال متناقضة ورغبات متباينة وجهود متعاكسة. أحدهما وهو الشعب العربي صاحب البلاد الشرعي الذي يرى نفسه أمام مؤامرة فظيعة ترمي إلى اكتساح أراضيه وامتلاء بلاده بشذاذ الآفاق ومتشردي اليهود ومزاحمتهم له في معاشه وكيانه وإلى حرمانه من حياته القومية الاستقلالية وثانيهما الشعب اليهودي الذي تثير عواطفه الخيالات القومية وتمد حركته الأموال والدعايات والتنظيمات المستندة إلى المطامع الانجليزية الاستعمارية وقوتهم الحربية وتجعله يرى لنفسه الحق في أن يمتلك فلسطين وأن يسود فيها وأن يدحر شعبها العربي عنها.

        فالسلطات البريطانية والحالة هذه تنفق هذا المبلغ العظيم على تأمين الأمن في بلاد تقف في مثل هذا الموقف الدقيق الحرج. ومعنى ذلك أنها تنفقه على تنفيذ هذه السياسة الشاذة الممقوتة التي لا مثيل لها في تاريخ البشر.

أموال العرب تنفق على مشروع اليهود:

        وبما أن أكثرية السكان الساحقة هي عرب فإن القسم الأكبر من هذا المبلغ العظيم يخرج من جيوب العرب. ومثل ذلك مثل من يحكم على امرئ بالموت

ظلما وغدرا ثم تصادر أمواله بالقوة لينفقها على قتله ودفنه وفي هذا من موجبات الاشمئزاز ومغايرات كل عاطفة إنسانية ما يجعل كل إنسان مهما كانت جنسيته ومركزه أن يستنكر هذه السياسة الفظيعة.

       وقد كان على الإنجليز أن يشعروا بذلك وهم يتبجحون بالمدنية والعدل. إذ ليس من ريب في أن إنفاق ثلث ميزانية البلاد على الأمن الداخلي يعد أعجب حادث في سياسة الدول وميزانياتها ويسجل على السلطات البريطانية بمزيد الدهشة والاستنكار ويكفي وحده ليعرف العالم ما هي المصائب الفادحة والغرائب المفجعة التي يقاسيها أهل هذا الجزء من البلاد العربية من السلطات البريطانية الاستعمارية.

القصد من تأمين الأمن هو تأمين مشروع اليهود فقط

       وإذا أضفت إلى هذا ما ذكره المندوب السامي في مكان آخر من خطابه من أن 119 حادثة قتل وقعت في فلسطين خلال سنة واحدة ظهرت لك قيمة هذا الأمن العام الذي تنفق عليه هذه النفقات وظهر لك إن كل ما يهم السلطات منه هو دعم اليهود وتنفيذ مشروعهم بالقوة.

اعتراف صريح بإفلاس السلطات في المشاريع الحيوية للبلاد

       أما ما ذكره من الأسف لأن إنفاق هذا المبلغ العظيم يعرقل أعمال الحكومة الأخرى شر عرقلة فهو بمثابة اعتراف صريح بإفلاس السلطات القائمة في البلاد في مشاريع العمران والتعليم وترقية مصالح السكان الأخرى وبإفلاس سياسة الانتداب التي أريد بها مساعدة السكان وترقية مشاريع البلاد العمرانية والعلمية والاجتماعية والاقتصادية وهو ما يسجل على هذه السياسة والقائمين بها العار والفشل.

المندوب السامي بين أقواله وبين عهده:

       ولقد أشار المندوب السامي إلى هذه المهمة في الخطاب الرسمي الذي ألقاه في دار الحكومة يوم وصوله لفلسطين في السنة الفائتة إذ أنه ذكر حينئذ أن هذه المهمة ستكون مهمته الأولى في هذه البلاد. وقد خشي العرب أن يكون فخامته قد فكر أن يقوم بهذه المهمة على المنوال الذي قام به السير هربرت صموئيل واللورد بلومر والسير تشانسلور في هذه البلاد فراجعوه في الأمر وحذروه من أن يكون اعتماده سبيل هذه الغاية على قوة الجند والبوليس فقط. وقد أفهموه بصراحة أن هذه القوة مهما كانت كبيرة لا تقدر وحدها على منع تكرر الاضطرابات الأليمة السابقة وأنه عليه إذا كان حقا يعتبر أن مهمته الأولى في هذه البلاد المقدسة هي تأمين الأمن أن يقوم قبل كل شيء بأعمال من شأنها أن تزيل ما يساور الناس هنا من خوف وقلق على مستقبل هذا الجزء من البلاد العربية من جراء السياسة الاستعمارية الإنجليزية والصهيونية ويأسف حزب الاستقلال أن يصرح هنا أن فخامته الذي مضى على حكمه في فلسطين اثنا عشر شهرا ونيف لم يقم بأي عمل كان في مصلحة العرب، وأن سياسته في هذه البلاد لم تختلف في شيء عن سياسة أسلافه فيها اللهم إلا أن ظاهر الحال يدل على أن السياسة الصهيونية قد نشطت في زمانه أكثر من كل وقت آخر فيما يتعلق بالهجرة اليهودية وشراء الأراضي القليلة الباقية للعرب.


الإنجليز منتدبون ومنتدب عليهم

        والموظفون الإنجليز هم الذين يكونون ما يسمى حكومة فلسطين فعلا لأن رؤساء جميع الدوائر المركزية وغير المركزية منهم وهم الذين يتألف منهم المجلس التنفيذي والمجلس الاستشاري ومنهم حكام الألوية ومساعدوهم وهنا تبدو الغرابة التامة في وضع فلسطين الشاذ لا توجد في فلسطين دولة إنجليزية منتدبة وحكومة محلية منتدبة عليها فالإنجليز هم المنتدبون والإنجليز هم المنتدب عليهم. وليست حكومة فلسطين إلا اسم بلا مسمى.

        وهذا الوضع مخالف كل المخالفة للأوضاع التي يشيرون إليها في أبحاثهم وصكوكهم وبياناتهم عدا عن كونه فاقدا لمعنى الإرشاد والتدريب والترقية والتعليم كل الفقدان. والغريب أن لجنة الانتدابات التي تعرف ذلك ولا ريب لا تحرك ساكنا تجاهه كأنما هو أمر عادي في حين أنه من الغرابة والتناقض ما يستفز الاندهاش والاستنكار.

توجد حكومة في فلسطين من الوجهة القانونية:

        فالسلطة التي تلقب بحكومة فلسطين هي في الحقيقة سلطة إنجليزية بحتة ليس لها من الوجهة الحقوقية الصرفة صبغة فلسطينية وأن كل ما في الأمر أن الحكومة البريطانية قد أرسلت لهذه البلاد مندوبين بريطانيين يحكمونها مباشرة وأنه لمن الغلط القول بأن في فلسطين حكومة وأن الحكومة البريطانية منتدبة على هذه الحكومة إذ أنه لا يعقل أن يتصور المرء وصيا دون أن يكون هنالك شخص موصى عليه. فأين هي إذن الحكومة الفلسطينية التي يرغب المندوب السامي في أن يوجد الثقة بين أهالي فلسطين وبينها؟ إن هذه الحكومة لم توجد بعد.

        وإذا كان يعني المندوب السامي فيما قاله في هذا الشأن إيجاد الثقة بين الأهالي وبين بعض البريطانيين الذين أرسلتهم الحكومة البريطانية ليحكموا فلسطين بالنيابة عنها فحزب الاستقلال يستطيع أن يصرح هنا بأن فخامته لم يوفق حتى الآن في هذه المهمة.

شذوذ وضعية فلسطين بالنسبة للأقطار العربية الأخرى:

        ويزداد اعتقادنا في الظلم الذي يحتوي عليه هذا الوضع الشاذ الغريب حينما نقايس بينه وبين الأقطار العربية الأخرى وبنوع خاص سوريا التي لم تكن فلسطين إلا جزءا طبيعيا منها. فسوريا الداخلية هي أوسع مساحة وأكثر سكانا من فلسطين بمرتين ومع ذلك فليس في حكومتها من الموظفين الفرنسيين إلا نحو مائة موظف لا تزيد رواتبهم السنوية عن ما معدله (50000) ج. ف. وسوريا الساحلية المسماة بلبنان الكبير التي هي مثل فلسطين مساحة وسكانا ليس في دوائر حكومتها إلا نحو خمسين موظفا فرنسيا لا تزيد رواتبهم السنوية عن ما معدله (30000) ج. ف.

        هذا عدا عن سعة التشكيلات وضخامة المرتبات الأخرى التي هي في فلسطين أضعاف ما هي في سوريا.

ضخامة التشكيلات في فلسطين

        فالسلطات الإنجليزية في فلسطين ترهق الشعب إرهاقا شديدا جدا في تحميله

عبء هذه التشكيلات الواسعة والمرتبات الضخمة ثم عبء هذا العدد العظيم من موظفي الإنجليز وما تحتاج إليه طبيعة وجودهم من تراجمة ومساعدين وكتبة من عرب ويهود لم يكونوا لولاهم.

        ويظهر لك العبء بصورة واضحة أكثر إذا عرفت أن ميزانية نفقات سوريا الساحلية التي هي مثل فلسطين لا تزيد عن ما معدله مليون جنيه فلسطيني. ونفقات سوريا الداخلية التي هي ضعف فلسطين لا تزيد عن ما معدله مليون وثمانماية ألف جنيه فلسطيني في حين أن ميزانية نفقات فلسطين هي دائما في حدود المليونين ونصف المليون من الجنيهات.

تنزيلات الضرائب وعدم جديتها

4 -
   

لقد أشار المندوب السامي إلى التنزيلات الكبيرة التي أجريت على ضريبة الإعشار وإنها بلغت نحو 170.000 ج. ف. ويقول المندوب السامي إنه على الرغم من هذه التنزيلات ظل دخل الحكومة محتفظا بمستوى السنة السابقة وأرجع السبب في ذلك إلى زيادة كبرى في رسوم الواردات. ومن المؤسف أن المندوب السامي لم يذكر الزيادة الفاحشة التي أضيفت إلى ضريبة الأملاك. فبينما كانت الضريبة 9 بالماية رفعت إلى 15 بالماية.

الشذوذ القانوني في ضريبة الأملاك

        ومن أغرب الشذوذ القانوني الذي ارتكب في سياق هذه الزيادة أنها جبيت عن ستة أشهر سابقة لصدور القانون بها. وقد كانت هذه الزيادة غريبة جدا ووقعت في وقت اشتدت فيه الأزمة إلى حد أن إيجارات الأملاك كانت هابطة إلى مستوى الثلثين والنصف وأقل من النصف في بعض الأنحاء فجاءت صدمة شديدة جدا شعرت بها أكثر الطبقات وحملتهم على عقد المؤتمرات ورفع الاحتجاجات والاستنكارات فالتنزيلات التي يذكرها المندوب دليلا على رحمة السلطات الإنجليزية للأهالي قد عوضت من الأهالي أنفسهم وبصورة أشد ظلما وأبعد عن المنطق القانوني والحالة الاقتصادية.

سوء حالة فلسطين الاقتصادية:

        أما زيادة رسوم الواردات فليس فيها ما يصح أن يتفاءل به المندوب السامي على ما نعتقد. إذ أنها تنذر بسوء الحالة الاقتصادية العامة في البلاد وفي الحقيقة أن واردات البلاد لإنزال تتراوح سنويا بين ستة وسبعة ملايين جنيه في حين أن صادراتها تنقص دائما عن مليوني جنيه فهذا الفرق العظيم دليل شؤم وباعث خوف كبير وما يقاسيه العرب فلاحهم ومدنيهم من البؤس والأزمة إنما هو راجع في سببه الأكبر إلى كثرة استهلاكه وقلة إنتاجه. وهو الأمر الذي أوقع العرب فلاحهم ومدنيهم على السواء تحت عبء ثقيل جدا من الديون. وقل أن توجد قرية عربية في فلسطين من الألف قرية لم تكن مدينة ببضعة آلاف من الجنيهات ومن القرى العربية ما هو مدين بعشرات الآلاف من الجنيهات. والضيق على الطبقات العربية الوسطى في المدن مشتد اشتدادا كبيرا حتى أن منهم من لا يكسب قوت يومه إلا بشق النفس ومنهم من لا يعيش إلا بالدين. وهو في كل لحظة تحت خطر الإفلاس.

        وكم يستغرب العرب الذين يعانون ما يعانون من البؤس والشدة والديون

وشظف العيش حينما يسمعون أن المندوب السامي يقول إن الحالة الاقتصادية في فلسطين لا تزال مرضية. ولا شك أنه يعني بهذا القول اليهود الذين لا يعيشون في مشروعهم الصهيوني على مواردهم المحلية كما هو معروف ولأجل هذا فإن التفاؤل الذي تفاءل به المندوب السامي لم يكن قائما على أساس ولم يكن مطابقا للوقائع والحقائق الراهنة.

سوء حالة الفلاح العربي وبؤسه:

5 -
   

ذكر المندوب السامي بتوجع حالة الفلاح العربي وبؤسه وأن متوسط دخل العائلة العربية هو عشرون جنيها في السنة. والعائلة تتألف عادة من خمسة أشخاص فيكون الشخص الواحد مضطرا إلى أن يعيش في السنة بأربعة جنيهات أو بعبارة ثانية بنحو أحد عشر ملا في اليوم. والجنيه هو ألف مل. ويدخل في ذلك طعامه وشرابه وكسوته وعلاجه.

هذا عدا ما عليه من أثقال الديون والضرائب المتنوعة

والحقيقة أنه جدير بكل توجع وعطف.

          ولكن المندوب السامي لم يذكر مع الأسف العلاجات الحقيقية التي داوى أو ينوي أن يداوي بها هذه الحالة التى تنذر بكل ويل وشر.

معالجات غير شافية:

          نعم لقد ذكر أنه قدم للفلاحين قرض بنحو 33 ألف جنيه. وأننا نسأله عما إذا كان درس طرق توزيع هذا المبلغ التافه وكيف أن بعض الفلاحين لم يصبه ما يصح أن يسمى قرضا بل ما يصح أن يكون أجرة نقل بذار وأن الإدارة في بعض الأنحاء أعطت القرض باليمين ثم أخذته بالشمال وفاء لضرائبها المتأخرة على المستقرض ونحن على يقين أنه لو درس ذلك لما كان رأى أنه يصح أن يذكر هذا المبلغ التافه كعلاج من علاجات تفريج أزمة الفلاح ولعرف ما وقع فيها من الشذوذ والتناقض. والصحف المحلية مملوءة بأخبار ذلك وحوادثه دون أن تكذب الأمر الذي يدل على صحة وقوعها. ولقد ذكر كذلك أن السلطات وزعت بعض الأطنان من البذار وبعض الآلاف من البيض وبعض الآلاف القليلة من الفسائل. ولكننا لا نستطيع أن نهنئ السلطات على ذكر مثل هذه المجهودات الضئيلة في سبيل مساعدة الفلاح الذي يقول المندوب السامي أن حاله وفقره قد أثرا فيه تأثيرا سيئا.

          وهل استطاع المندوب السامي أن يذكر ما فعله في سبيل تخليصه من أعباء الدين وقد كلت الألسنة والأقلام بطلب إعادة البنك الزراعي الذي استولت السلطات البريطانية على أمواله وجبت بقاياها من الفلاح بالقوة والإرهاق.؟

          الحقيقة أن السلطات البريطانية القائمة في البلاد منذ خمسة عشر عاما قد أهملت الفلاح إهمالا فظيعا جعله في هذه الحالة السيئة جدا أما الوعود التي جرت على لسان المندوب السامي بمساعدته فلا نستطيع أن نعدها إلا من قبيل الوعود الكثيرة التي تكتب في التقارير وتعلن في البيانات والتي أهمل تطبيقها كل الإهمال.


حالة المعارف العربية وإهمالها الشديد:

6 -
   

يعترف المندوب السامي أن الأماكن المعينة في المدارس الابتدائية تنقص كثيرا عن المطلوب. وذكر أنه عين لجنة تحقيق لدرس الحاجة وطرق سدها.

         ان السلطات البريطانية فى هذه البلاد منذ خمسة عشر سنة ولكنها الى الآن لم تفكر مع الاسف الشديد فى وضع برنامج انشائى للتعليم ، ويكفى أن نذكر فى هذا الصدد :

(أ)
   

أنه يوجد في فلسطين نحو ألف قرية عربية في حين أنه لا يوجد مدارس إلا في نحو ثلاثماية منها.

(ب)
   

إن عدد الأولاد العرب الذين هم في سن الدراسة صبيانا وبنات يبلغ نحو ماية وخمسين ألفا على أقل تقدير في حين أنه لا يوجد في المدارس منهم إلا نحو ثلاثين ألفا. وأن أكثر من ماية ألف صبي وبنت محرومون من نعمة التعليم بسبب عدم وجود مدارس على شدة التنبيه والرغبة الظاهرة في البلاد للتعليم.

(جـ)
   

وأنه يتقدم سنويا آلاف الأطفال في المدن فلا يجد منهم مقاعد إلا عدد قليل لا يكاد يبلغ العشر ويرد الباقي خائبا.

(د)
   

وأنه لم توجد إلى الآن مدرسة صناعية واحدة ولم توجد إلا مدرسة ثانوية واحدة كاملة الصفوف وأنه لولا هبة قادروي اليهودي لما وجدت مدرسة طول كرم الزراعية التي فتحت منذ سنتين والتي يذكرها المندوب السامي كأنها عمل من أعمال السلطات البريطانية التي يحق لها أن تفخر بها.

(هـ)
   

وأن إدارة المعارف التي تشرف على مدارس العرب تدار من قبل موظفين إنجليز هم الذين يضعون المناهج والأنظمة.

(و)
   

وإن إدارة المدارس هي إدارة شديدة الوطأة إرهابية المسلك تكاد تحرم أي تعليم قومي وأي روح وطني وأنها تراقب المعلمين العرب في ذلك مراقبة شديدة وتطلب منهم أن يكونوا رقباء على بعضهم.

(ز)
   

وأن رئيس هذه الإدارة الذي هو مدير المعارف هو في ذات الوقت رئيس جمعية أجنبية ذات صبغة تبشيرية.

         يكفي أن نذكر هذا ولو موجزا للدلالة على درجة الإهمال العظيم الذي أهملته هذه الناحية الخطيرة من نواحي حياة العرب التهذيبية ويزيد في ألم العرب من هذا الإهمال الشديد رؤيتهم ما عند اليهود من حركة تهذيبية عظيمة.

        فمدارسهم حرة في إدارتها وبرامجها ونظمها ولهم فيها مجال واسع للتهذيب القومي وجميع أولادهم صبيانا وبنات الذين هم في سن الدراسة في المدارس. ففي مدارسهم نحو ثلاثين ألف تلميذ وهو سدس مجموع عددهم وبمعنى آخر هو العدد الطبيعي للذين هم في سن الدراسة.

        ولديهم مدارس عديدة ثانوية كاملة وفنية وصناعية. وإدارتهم تستوفي نصيبها من ميزانية المعارف حسب نسبة اليهود العددية في البلاد.


سياسة المحاباة:

        ففي سيطرة الانجليز على مدارس العرب فقط وإعطاء اليهود حصتهم من ميزانية المعارف نقدا - حسب نسبتهم العددية وجعلهم مطلقي الحرية - والإدارة في تنشئة ناشئتهم ووضع سياسة التعليم والتهذيب القومي وفق آمالهم ورغباتهم أكبر برهان على سياسة المحاباة التي تسير عليها السلطات الانجليزية في فلسطين بالنسبة لليهود وعلى رغبتها في الضغط على العرب في التهذيب والثقافة القومية والوطنية.

سياسة التخدير ولجنة المعارف:

        أما ما أشار إليه المندوب من تعيين لجنة تحقيق للمعارف فيأسف الحزب أن يقول إن العرب قد قابلوا هذا التعيين بكل جمود وفتور، وأن الأعضاء العرب الذين انتدبوا لعضوية هذه اللجنة قد استقالوا واحدا إثر واحد لأن سياسة السلطات الانجليزية في اللجان وأعمالها ونتائجها أفقدت كل ثقة وطمأنينة من نفوس العرب وجعلتهم يعتبرونها أسلوبا من أساليب التخدير والعبث.

        على أن مما يؤسف له جد الأسف أن تكون السلطات الانجليزية مسيطرة على البلاد منذ خمس عشرة سنة ثم لا يكون عندها بحوث وافية عن حاجة البلاد ولا مشاريع جاهزة عن كيفية سد هذه الحاجة ولا سياسة تعليمية واضحة للسير عليها وأن تعمد الآن فقط وبعد أن تكررت ضجة الأهالي واحتجاجاتهم إلى تعيين لجنة الدرس المشروع وهذا ما يؤكد عدم ثقة العرب بسياسة اللجان وأعمالها.

        وللعرب كل الحق بعد هذا أن يطلبوا بإلحاح أن يعطوا نصيبهم في ميزانية المعارف بنسبتهم العددية وأن يتولوا هم أنفسهم إدارة مدارسهم وسياسة تهذيب ناشئتهم.

المشروع الانشائي وأسسه الباطلة:

7 -
   

أشار المندوب السامي إلى المشروع الانشائي وتقرير فرنش عنه والخطوات التي تمت في سبيل درسه وتحقيقه. ومن الواجب أن نذكر هنا تعليقا على هذه الإشارة أن المشروع الانشائي هذا لن يكون العلاج لمشكلة معقدة كمشكلة الأراضي في فلسطين وأن اللجنة التنفيذية العربية قد رفضته رفضا باتا لأنها لم تر فيه حلا لهذه المشكلة بسبب كونه قائما على أساسين: (أ) تحديد حاجة العرب (ب) إيجاد السبل لتيسير الأراضي لإسكان اليهود. ثم بسبب كون الذي أريد من تحديد حاجة العرب هو تعيين العدد الذي أصبح بدون أرض ولا عمل بسبب انتقال الأراضي لليهود وجعل الوكالة اليهودية ذات رأي في هذا التعيين أيضا.

        وهو أسلوب لا يدفع قطعيا الخطر الذي يهدد العرب من جراء انتقال الأراضي التي في يده لليهود.

مسألة الأراضي الخطيرة:

        إن مساحة الأراضي الزراعية في فلسطين محدودة جدا والتحقيقات التي أجراها

خبراء الإنجليز الرسميون أثبتت أن الأرض التي بقيت في يد العرب تنقص عن حاجتهم كمجموع نقصا كبيرا. وأن ستة وثمانين ألف عائلة عربية هي اليوم بدون أرض وأن ما بقي من الأرض في يد العرب لا يؤمن لهم معيشة الكفاف وأن الفلاح من جراء ذلك هو في ضنك وبؤس شديدين. وهذه الحاجة هي بقطع النظر عن الازدياد التناسلي المستمر في العرب. ومعنى ذلك أن هذا النقص في كفاية الأراضي وهذا العدد من العرب الذين هم بدون أرض سيزداد سنة بعد سنة وإذا لاحظنا أن الزيادة التي ظهرت خلال السنوات العشرة الأخيرة التي مرت بين الإحصاءين الرسميين قد بلغت نحو 20 في الماية ظهر لنا هذا ظهورا واضحا وحق لنا أن نتساءل عما تكون وضعية العرب عليه إزاء مشكلة الأراضي بعد عشر سنين ثم بعد عشرين ثم بعد ثلاثين سنة.

       وليس من ريب أن الجواب على هذا السؤال سيتضمن خطرا شديدا ومستقبلا قريبا مظلما للعرب في هذه البلاد. ومن هنا يثبت بصورة قاطعة أن حاجة العرب لا يمكن تحديدها قط وأن أية محاولة في ذلك إنما هي محاولة نظرية للوهم فيها الأثر الأكبر. وإذا اعتبرنا أن اليهود ليسوا أصحاب حاجة وأنهم يملكون اليوم نيفا وأربعين ألف دونم زيادة عن حاجاتهم ظهر لنا مقدار الظلم والتناقض في معنى تحديد حاجة العرب لتيسير أراض جديدة لليهود.

       وإذا سلمنا جدلا أن السلطات أمام حاجتين: حاجة العرب الذين هم في البلاد وحاجة اليهود الذين خارجها فإن البداهة تملي على هذه السلطات أن حاجة الذين هم في البلاد هي التي يجب عليها أن تضمنها وأنه إذا تعارضت الحاجتان فإن الذي يجب إسقاطه منهما هي حاجة الذين هم في الخارج حتما.

       أضف إلى هذا أن المشروع الإنشائي المزعوم الذي يتوقف تطبيقه على ملايين الجنيهات سيحمل البلاد أعباء مالية عظيمة وبما أن الأكثرية الساحقة في البلاد هي من العرب فإن النصيب الأكبر من هذه الأعباء سيقع عليهم في حين أن فوائد هذا المشروع سيجنيها اليهود في الدرجة الأولى وسيخسر العرب من جرائها أراضيهم.

       هذا هو سر نظر العرب إلى هذا المشروع بنظر الأحجام وهذه هي بعض الأسباب التي من أجلها نفض العرب أيديهم منه ورفضوه رفضا باتا.

       إن مشكلة الأراضي في فلسطين هي من أشد مشاكلها تعقيدا والعرب كأمة ينظرون إليها كأشأم مشاكلهم حالا ومستقبلا لأنها تحمل بين طياتها عوامل الاندحار والانهدام للكيان العربي بصورة عملية. وهم يرون أن سكوت السلطات البريطانية عن معالجة هذه المشكلة معالجة حاسمة حتى الآن لا يتفق وتعهد الحكومة البريطانية بالمحافظة على كيان العرب ووضعيتهم في البلاد الأمر الذي أخذ يستولي من جرائه ذعر وهلع شديدان على العرب.

وجوب وضع تشريع لمنع بيع الأراضي من العرب إلى اليهود:

       والعلاج الحاسم لهذه المشكلة الخطيرة لن يكون إلا بوضع تشريع سريع يمنع انتقال الأراضي من العرب إلى اليهود منعا باتا. وبهذه الصورة يضمن للعرب عدم انهدامهم كأمة. لأن الضائقة المالية وإغراء المال اليهودي يؤثران بطبيعتهما في الأفراد

فيستمرون على بيع أراضيهم من اليهود في حين أن هذه الأراضي يزرعها العرب أما البائعون أنفسهم وإما العرب الذين لا أراض لهم. ولن يستطيع العرب أن يحموا أنفسهم كأمة ضد هذه البيوعات الفردية أو أن يدبروا الأموال لمشتري الأراضي التي يعرضها أصحابها للبيع فهم في حاجة ماسة لحماية قانونية وإذا كانت القوانين توضع للحاجة ولحماية طبقات الناس وحقوقهم وأمنهم فإن وضع تشريع لمنع انتقال أراضي العرب لليهود هو أشد ما تتطلبه الحاجة إلى حماية الشعب العربي برمته من الاكتساح والتهديم هذا الشعب الذي لا يستطيع أن يحمي نفسه أمام قوى اليهود المالية الهائلة وفي ظروف وصل فيها صاحب الأرض العربي إلى أدنى دركات الفقر والبؤس والباهظ من الديون والضرائب. وما لم يوضع هذا التشريع تبقى مشكلة الأراضي في تعقيدها وخطرها ويبقى اليهود ممعنين في اكتساح أراضي العرب وتحطيم بنيانهم. وليس في هذا إلا العار والظلم يسجلهما التاريخ على السلطات الإنجليزية في سبيل إرضاء المطامع اليهودية وإشباع شهواتها.

مسألة الهجرة اليهودية الخطيرة:

        8 - قد أشار المندوب السامي في بيانه إلى عدد المهاجرين الذين سمح بدخولهم. في الستة الأشهر الأخيرة وهو 3000 رجل و1500 امرأة وقال إنه سمح بهذا العدد بناء على الحالة الاقتصادية المرضية في البلاد. ولا يسع الحزب إلا أن يقابل هذا القول بالدهشة الشديدة. إذا أنه يرى تناقضا عجيبا. فبينما يشكو المندوب السامي في مكان آخر من خطابه من الأزمة المالية وفقر الأهالي وبؤسهم يقول هنا إن الحالة الاقتصادية مرضية. فإذا كان يعنى بهذه الحالة الاقتصادية المرضية حالة اليهود. العالمية فإن هذه الحالة لا يصح أن تكون مقياسا قط. لسنا ندري ما هي الأساليب التي سارت عليها السلطات على حذر في السماح للمهاجرين الجدد وأن تتأكد في أول الأمر عدم وجود عمال عاطلين من العرب واليهود على السواء. ونظرة واحدة إلى القرى والمدن العربية تكفي لمعرفة العدد الكبير العاطل من العرب الذين يتضورون جوعا والذين لا يجدون عملا يقتاتون منه. ثم نظرة ثانية إلى ما يقع من حين لآخر من مزاحمات ومشاجرات بين عمال اليهود وعمال العرب على العمل ومن مطالبة نقابات عمال اليهود من السلطات الإنجليزية تهيئة عمل لعمالها العاطلين تكفي للمعرفة أن في البلاد عمالا كثيرين عاطلين عن العمل عربا ويهودا فسماح المندوب السامي والحالة هذه بمثل هذا العدد العظيم في مدى ستة أشهر لا يمكن أن يفسر إلا بأن الدوائر التي تقدر ظروف العمل والحاجة إلى عمال يهود لا تجري في أعمالها على ما تتحمله حالة البلاد الاقتصادية وإنما تجري على رغبة الدوائر اليهودية التي ترغب دائما وبإلحاح عنيف في فتح باب البلاد على مصراعيه لمهاجرة ضخمة تغرق البلاد بقطع النظر عما تؤدي إليه من أضرار ومزاحمات اقتصادية وويلات أيضا. ومن حق العرب الذين يعتبرون مسألة الهجرة كمسألة الأراضي من الأخطار التي تهدد كيانهم القومي والاقتصادي أن يعتقدوا بحق أن السلطات الإنجليزية القائمة في البلاد هي راضخة في مسألة الهجرة لشهوات اليهود ورغباتهم وأنها لا تعبأ ولا تهتم لحماية كيان العرب ومصالحهم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
بيان حزب الاستقلال العربي سنة 1931
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ملحق خاص بمناسبة عيد الاستقلال
»  الثروة التلقائية 6 خطوات نحو الاستقلال المالي
» عيد الاستقلال السبعون: حلم أجدادنا تحقق بوجود دولة
» الأسرة الأردنية تحتفل غداً بعيد الاستقلال الـ 68
» خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني بمناسبة عيد الاستقلال الـ 76

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: فلسطين الحبيبة :: بلادنا فلسطين :: خرائط ووثائق فلسطين-
انتقل الى: