منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 اثنـــان...

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69619
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

اثنـــان... Empty
مُساهمةموضوع: اثنـــان...   اثنـــان... Emptyالخميس 16 مارس 2017, 8:01 pm

[size=32] [/size]اثنـــان...
• نايف النوايسة
بعد الفجر...
   بعد كل فجر يعمد إلى فكّ تُرس الزمن من سجن وقاره وحبال شيبه، ويتحرر من حضرة النُّور ليهيم على وجهه دون حساب.
   يغشاه الصباح وهو يقلّب بين جفنيه المرتعشين أشعة الشمس كمن يريش سهامه لاقتحام برّيّة المدينة بحثاً عن شيء ما..
   لا توقفه عن مبتغاه التسبيحات التي أودعها المحراب، ولا الشيب الذي غزا فوديه وكلل لمته بالوضاءة من أن يحرك عينيه في كل اتجاه مثل ضفدع يبحث عن أنثاه..
   ما بعد الفجر، مسرح من الدنيا كالضحى من النهار، يزدحم بكل زينة، ورغبة متفلتة.. يتخلص من أربطة مسجد الحي وينحدر الى قاع المدينة.. يوقف سيارته في زقاق آمن ألفه من عشر سنوات.
   وقاره ما زال يلاحقه وكأن أثراً من روح المسجد عالقٌ به.. يحرص كل الحرص على هندامه، ويُعدّل شماغه وعقاله ليبدو دائماً أكثر شباباً.. بدأ يتابع خطوات الناس من حوله.. ينزلق إلى الأرض من سيارته وعينه على الشارع.. ازدحام وضجيج.. يقف مُلطياً بإحدى الزوايا زمناً..
    عيناه تمسحان الشارع بعناية ويدقق في كل ما يدرج عليه من بشر وسيارات.. يألف المكان ويعشقه ولا يحس بدفء الحياة إلاّ حين يعانقه.. حرارة لذيذة تتسلل إلى عينيه وتجتاح باقي جسمه، ومثل أفعى تغشاها الشمس يبدأ باللهاث خلف أقفية النساء ويتوغل ما بين عيونهن وصدورهن.. يتعوذ من الشيطان الرجيم ويلوم نفسه على هذه الفعلة المشينة.. أيعود إلى سيارته ويهرب من المكان؟؟!! زينت له نفسه أن يتمهل قليلا، دقائق فقط.. بعد أن تمر تلك المرأة سأمضي.. خجل من هذا الخاطر المؤذي.. لا، لا، سأصلي الظهر ثم أغادر..
   دنا من المسجد الكبير.. صدّ رغبات عاصفة لملاحقة أرداف النساء.. ينشغل بالهاتف حيناً ويستغفر الله أحياناً أخرى، لم يفده هذا العناء حينما أحدق به عطر امرأة مرت بجواره.. يخرج من لجّة الحيرة فغشّى نفسه ما غشّاها.. اختلس نظرة وأختها وأتبعها بأخواتها الأخرى.. مؤخرتها تمسك بعينيه وتجره خلفها.. تمعّر وجهه مستنكراً، ولعق شفتيه الناشفتين وشتم الشيطان بضراوة..
   سؤال مباغت يسيطر عليه: يا تُرى أتجوز صلاتي بوضوئي السابق، أم أتوضأ من جديد؟! احتار في الأمر.. قرعت ذهنه فكرة جريئة وهي الذهاب لشيخ المسجد، واستفتاؤه في هذه المسألة.. لكن المحير هنا هو كيف  يسأله، أيقول له: أنا ألاحق النساء وأعشقهن، وأسرح في مفاتنهن.. أم يعلّق السؤال على لسان رجل سأله ولم يستطع إجابته.. لا، لا، أنا رجل مسن وأكبر من الشيخ بعشر سنين.. ولا يكون بوسعي فعل مثل ذلك.. هذه فضيحة كبرى.. خجل من نفسه حين نظر إلى السماء، وذهب مسرعاً إلى مكان الوضوء ليقطع الشك باليقين.
   الماء الذي يتخلل شعر ساعديه ورأسه لذيذٌ ومنعش.. حوار نسائي ينقذف إليه من الخارج فيشدّه إلى الشارع.. لا يدري أين صار من الوضوء.. الشيطان يتقاذفه بلؤم.. تعوّذ منه مرات عديدة حتى تأكد من أنه أتمّ وضوءه.. خرج والماء يتناقط منه، وكان أسلم له لو دخل المسجد من الباب الداخلي الذي يربطه مع مكان الوضوء، إلاّ أنه وجد نفسه في الشارع عند الباب الخارجي للمسجد..
   لم تفاجئْه الغجرية الشابة.. كانت له بالمرصاد.. جنية تخرج من الشقوق والزوايا.. حاول تجنبها لكن الخبيثة اختارت زاوية حادة صعّبت عليه تجاوزها دون أن يدقم بها.. عيناها الزرقاوان تلمعان بوميض وحشي وقوامها الاهيف يهتز بإغراء شيطاني..  
   النداء للصلاة.. تقترب منه الغجرية وبين شفتيها بسمة خبيثة فيها إغواء واستدراج.. تدقمه بكوعها.. يتملص منها وهو يرمقها بنظرة مستنكرة.. هي بنت حلوة وجريئة، يتعوذ من الشيطان الرجيم مئات المرات.. صوتها واثق: انتظرك بعد الصلاة.. تتعثر خطاه، ويداري صرخة من أعماق روحه: أنا شيخ كبير يا رب، ما هذه البلوى، عفوك...!!!
   يتدافع مع المصلين.. الإمام يقرأ فاتحة الكتاب.. يهرب إلى يدي الله وتشده السماء بكل حروف القرآن إلى الطمأنينة.. تصطدم إحدى عينيه بنافذة مفتوحة من نوافذ المسجد.. العين تميز المرأة من الرجل بسهولة.. يطاطيء رأسه ويغلق جفنيه ويعيده الإمام الى الصلاة.. سطح نفسه الأملس يزحلقه إلى النافذة.. الغجرية شيطانة مغناج يرى خيالها مع كل المارة.. يطردها مراراً.. أخيراً يسلّم الإمام ويتنفس المسكين الصعداء.. تتحرر نفسه من مكابدة العذاب.. يحاول مقاومة رغبته بالخروج.. يظل في المسجد مدة أطول، ويتساءل: وإلى متى يطول به هذا الفرار؟! علي أن أخرج.. يحشر جسمه بين المصلين ويلتقط حذاءه.. عينه على الباب الخارجي.. الغجرية ملتصقة بالباب.. عيناها ملقط حاد يمتد إليه..
   استدار إلى الخلف وأسرع صوب الباب الداخلي الذي يفتح على مكان الوضوء.. يخرج منه.. يتنفس مرتاحاً لأنه دحر من نفسه شبح الغجرية وتخلص من مصيدتها.. سعال نسائي متواصل يستقر بإذنه.. يلتفت.. إنها هي تتبعه مثل ظله..تغمزه بجرأة.. تسبقه إلى السيارة.. يهرب منها إلى زقاق آخر وينتظر فيه طويلاً، وبحذر شديد يتسلل إلى حيث أركن سيارته.. كانت الغجرية تتكئ على مؤخرة السيارة وتنتظر.. قوامها جميل وإذا استدارت يرتج ردفاها فيهتز معهما كل جزء في جسمها..
   تذكّر ابنته الكبرى وأولادها.. تنثال عليه صور بناته وآخرهن التي تزوجت قبل شهر.. يخجل من نفسه.. يتصبب عرقاً.. يصرخ: يا رب، يا رب أستغفرك يا الله! تقدم من سيارته.. حاولت الإمساك به.. دفعها بشدة وهو يستقر وراء مقود السيارة..  يغادر بسرعة دون أن يلتفت الى الخلف..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
اثنـــان...
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: كتب وروابات مشاهير شخصيات صنعت لها .... :: روايات-
انتقل الى: