منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 وحـدَهُ في الزوبعـة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 68936
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

وحـدَهُ في الزوبعـة Empty
مُساهمةموضوع: وحـدَهُ في الزوبعـة   وحـدَهُ في الزوبعـة Emptyالخميس 16 مارس 2017, 8:30 pm

[size=32] وحـدَهُ في الزوبعـة[/size]
·  قصة: نايف النوايسة
منذ رأيته وأنا اقرأ في وجهه احتمالات مبكرة.. عيناه ترمشان بسرعة لافتة.. فمه المختبئ تحت أنفه الطويل المدبب وذقنه الممطوط ينثر كلاما كاللهب، وبدا لي انه من ذاك الفصيل الذي لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب.. لم تترك سنوات عمره المتراكمة بصماتها المفزعة عليه.. جبينه أبيض لم يتغضن، ووجنتاه متوردتان وكأن وجهه لفتى في الرابعة عشرة من عمره. كنت حريصاً على مراقبته من الوهلة الأولى، ولم يغب عن عيني إلاّ حين توقفت الحافلة واندلع منها الركاب للتخفف من أعباء الرحلة.. استراحة صحراوية تتلقف الجميع .. بحثت عنه فلم أجده.. عيناي تمسحان المنطقة شرقا وغربا وتمضغان أطراف الاستراحة، وأنا أتساءل: أين اختفى؟

كان الناس يتباعدون عن وهج الشمس التي انقذفت من الشرق، ويلوذون وراء كل ذي ظل إلاّ ذاك المخلوق.. خمنت أنه معتوهٌ، مريضٌ أو ربما ميتٌ، فقد انزرع في وسط الشارع، والشمس بكل قواها تصب أشعتها الحارقة عليه.. كان متمدداً على فراش غير وثير، وتدثر بغطاء بسيط وغطّى رأسه غير آبه بمن أحاطوه بعيونهم..

اقتربت منه ورفعت الغطاء.. ضحكت وحزنت.. غضبت.. قال له أحد الناس: أنت في وسط الشارع، أنت في خطر، أنت ستُدعس، ستموت.. كان يلوّح بيده رافضاً وغير مكترث..

***

هدوء مسيطر على الساحة..

قفز شاب من رصيف آخر.. دنا من الختيار الذي كان يشخّر.. مرت سيارات مسرعة من حوله.. شاحنة هادرة تتحاشاه.. حاول الشاب منعه.. طرده وأحكم الغطاء فوق رأسه وهو ينثر شتائمه على الجميع..ابتعد الشاب وهو يشوّح بيديه..

***


شاحنة طويلة تخضّ الشارع خضّاً تقترب من المكان.. منبهاتها تفجّر في الآذان كل ينابيع الخطر..

سائق الشاحنة المتوثبة يعاين من بعيد هذا المُلقى في الساحة ويظنه كيساً حملته الريح من مكان سحيق.. وكلما دنا السائق يكبر هذا الشيء الملقى.. فيُرسل منبهات شاحنته لكن دون فائدة.. داس الكوابح بقوة وأثارت عجلاتها زوبعة من الغبار المشوب برائحة الكاوتشوك المحترق.. اللحظة تشبه حلماً مزعجاً.. الختيار بين العجلات الأمامية.. كان مطمئناً وربما كان يحلم ويبتسم في أثناء الحلم.. قفز إليه الشاب فوجده يتثاءب وكأنه أفاق من نوم عميق.. انتهر الشاب: ماذا يحصل؟ ما هذه الضجة التي أحدثتموها حولي؟ ابعدوا عني هذه الخردة التي أحطتموني بها.. السائق يستغرب والناس المتجمهرون يشفقون على الختيار، وهو ينسل من تحت الشاحنة مثل فراشة تغادر شرنقتها..

***


وقف الختيار.. كانت الشاحنة ترمقه بكل جسمها الكبير.. اكتشف انه كان قاب رمشة وأختها من فم الموت.. انتفض فزعاً ثم ابتسم فنفض فراشه وعاد الى الحافلة وكأن شيئا لم يكن..

***


أحاطت به عيوننا المندهشة.. لم يبالِ.. صعد الى الحافلة واندس في كرسيه وراح في غفوة مداهمة وكأنه لا يرى أحداً..

***


قليلون هم الذين استقرت في أذهانهم حروف تلك اللحظة.. ركاب الحافلة يتثاءبون.. نام معظمهم.. الختيار يشخّر.. هو غير معنيٍ بأحد كالأساطير التي ترتحل معنا من آلاف السنين..

المزار الجنوبي: 11ـ1ـ2012
وحـدَهُ في الزوبعـة Zawobah
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
وحـدَهُ في الزوبعـة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: كتب وروابات مشاهير شخصيات صنعت لها .... :: روايات-
انتقل الى: