لانتخابات الرئاسية التركية…

حراك مبكر للمرشحين المتوقعين للانتخابات الرئاسية التركية… هل هناك منافس حقيقي لأردوغان؟


إسطنبول ـ «القدس العربي»: في وقت مبكر جداً، وبسبب حدة الاحتقان السياسي في البلاد، بدأ الحراك والتكهنات والتحالفات حول المرشحين المتوقعين للانتخابات الرئاسية المقبلة في تركيا والتي سيكون الفائز فيها أول رئيس يستخدم الصلاحيات التي تم إقراراها في الاستفتاء على التعديلات الدستورية الجديدة التي حولت نظام الحكم في البلاد من «برلماني» إلى «رئاسي».
وبينما يعتبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المرشح المؤكد والأوحد لحزب العدالة والتنمية الحاكم في الانتخابات المقرر أن تجري نهاية عام 2019، ما زالت المعارضة تتخبط في رؤيتها للانتخابات المقبلة ولا يظهر في الأفق مرشح قوي لهذه المنافسة الصعبة، وذلك في الوقت الذي يخشى فيه الحزب الحاكم من النوايا غير المعلنة حتى الآن للرئيس السابق عبد الله غُل.
ومنذ الاستفتاء الذي جرى في السادس عشر من الشهر الماضي على تغيير نظام الحكم في البلاد وتمكن أردوغان من حسمه بأغلبية طفيفة 51.4٪، بدأ الرجل الأقوى في تركيا خطوات سريعة لتهيئة النظام السياسي في البلاد ومكانته داخل الحزب الحاكم تحضيراً للانتخابات الرئاسية المقبلة.
فالثلاثاء الماضي عاد أردوغان لأول مرة من 33 شهراً إلى مقر حزب العدالة والتنمية الحاكم وقدم طلباً للعودة إلى صفوف الحزب، وذلك تحضيراً لإعادة انتخابه على رأس قيادته في المؤتمر العام الاستثنائي في الواحد والعشرين من الشهر الحالي ليدمج بذلك لأول مرة بين منصبه في رئاسة الدولة والحزب، وهو ما أتيح له بفعل التعديلات الدستورية الأخيرة.
وعلى الرغم من «الفوز الضعيف» الذي حققه أردوغان في الاستفتاء الأخير، وخسارته للمدن الكبرى وعلى رأسها اسطنبول والعاصمة أنقرة، إلا أن طبيعة الاستفتاء تختلف عن الانتخابات الرئاسية، ولا يبدو في الأفق أي ظهور لأي شخصية يمكن أن تصل لمرحلة المنافسة الحقيقية لأردوغان في الانتخابات الرئاسية، كونه ما زال يتمتع بدعم وتأييد شريحة واسعة من المحافظين الأتراك ويعتبر بالنسبة لهم بمثابة «القائد التاريخي» الذي يتوجب عليهم دعمه لإتمام مسيرته حتى عام 2023 كما يروج له الحزب الحاكم.
لكن ذلك لا يعني أن المعارضة التي تعززت آمالها بتوسع قاعدة المعارضة لأردوغان لن تقدم مرشحاً لها في الانتخابات المقبلة، وهو ما فتح الباب مبكراً أمام الجدل داخل حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة المتوقع أن يقدم مرشحه لمنافسة أردوغان.
وفي تصريح مفاجئ، الأربعاء، قال كمال كليتشدار أوغلو زعيم المعارضة إنه لا ينوي الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، معتبراً أنه «لا ينبغي على زعيم أي حزب سياسي أن يترشح للرئاسة التركية»، وذلك رداً على طلب زعيم الحزب السابق دينيز بايكال من كليتشدار أوغلو تحديد موقفه من الترشح للانتخابات.
وكان بايكال القيادي المعارض البارز والذي ما زال يطمح بالعودة لزعامة المعارضة دعا كليتشدار أوغلو إلى التنحي في حال عدم رغبته بالترشح، في المقابل قال كليتشدار أوغلو إنه «سيتم اختيار المرشح للرئاسة عام 2019 من خلال الجلوس على طاولة من قبل أعضاء الحزب، وأنه لن يقرر الأمر لوحده».
وأكد على ضرورة بدء الأعمال اللازمة من قبل الحزب للحفاظ على نسبة 49 التي صوتت بـ«لا» في الاستفتاء، مضيفاً: «إذا لا ينوي كليتشدار أوغلو الترشح فعليه أن يترك زعامة الحزب، ليتم عقد مؤتمر استثنائي لاختيار زعيم جديد للحزب، يُبرز كمرشح رئاسي في الانتخابات المقبلة»، وتابع: «من الضروري البدء وبشكل فوري بمحاولات إقناع المجتمع لاختياره رئيساً».
والأربعاء، قرر حزب الشعب الجهوري التحضير للمؤتمر العام العادي للحزب في خطوة أكدت تمكن زعيم الحزب من إفشال محاولات أعضاء بارزين فيه من الدفع نحو إجراء مؤتمر عام استثنائي في محاولة منهم للإطاحة بكليتشدار أوغلو من رئاسة الحزب الذي يأخذ عليه خسارة الحزب 7 مواجهات انتخابية أمام حزب العدالة والتنمية الحاكم.
وفي بداية مبكرة للحملة الانتخابية، حاول أردوغان اللعب على وتر الخلافات الداخلية في الحزب، وقال في تصريحات صحافية على متن الطائرة التي عاد فيها من روسيا إلى تركيا، أمس الخميس، إن كليتشدار أوغلو من خلاله الإصرار بالبقاء على رأس الحزب يدمر المعارضة الرئيسية في تركيا.
وبشكل متكرر يدعوا أردوغان منافسه كليتشدار أوغلو إلى الاستقالة من قيادة الحزب، واصفاً إياه بـ»الديكتاتور» الذي يواصل زعامة الحزب رغم خساراته المتتالية.
وتنحصر خيارات حزب الشعب الجمهوري بتقديم مرشح بشكل مستقل، أو بالتحالف مع حزب الحركة القومية كما حصل في الانتخابات الرئاسية السابقة، لكن حزب الحركة القومية الذي دعم أردوغان في الاستفتاء، يبدو أقرب بكثير للحزب الحاكم، لكن ذلك لا يعني أيضاً احتمالية دعمه لمرشح العدالة والتنمية.
وعلى الرغم من أن تحالف بين حزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديمقراطي الكردي يمكن أن يشكل تهديداً على فرص أردوغان في حال تصويت أنصارهم لمرشح توافقي، إلا أن فرص التوافق بينهم تبدو صعبة في ظل حساسية المسألة الكردية للقومين الأتراك.
لكن المزعج أكثر لأردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم هي التسريبات المتتالية عن توجهات الرئيس السابق عبد الله غُل التي تقول وسائل إعلام تركية إنه يسعى للعب دور أكبر في الحياة السياسية التركية خلال الفترة المقبلة في ظل ابتعاده المتواصل عن العدالة والتنمية عقب خلافات مع أردوغان.
وفي خطوة تهدف لفهم توجهاته بشكل أوضح وتلافي المفاجآت، طالب مصطفى أليطاش رئيس الكتلة البرلمانية للعدالة والتنمية من عبد الله غُل بضرورة الخروج إلى الإعلام والرد على جميع التسريبات والإشاعات الموجودة في الإعلام حوله وإلا فإن صمته سيفسر على أن هذه الأنباء صحيحة.