بعث الله عز وجّل إلى البشرية عبر التاريخ سلسلة من المربين– وهم رسله الذين بعثهم كمظاهر إلهية بين البشر – قدّمت تعاليمهم الأساس لتقدم الحضارة البشرية. من بين هؤلاء الرسل إبراهيم وكريشنا وزرادشت وموسى وبوذا وعيسى ومحمد عليهم السلام. أوضح حضرة بهاءالله وهو الأحدث بين سلسلة الرسل، بأن الأديان تأتي من المصدر الإلهي ذاته، وهي بمثابة فصولٍ متتابعة لدين واحد مصدره الخالق العظيم. يؤمن البهائيون بأن البشرية في حاجة ماسة إلى رؤية موحدة تجاه مستقبل المجتمع البشري، وطبيعة الحياة والهدف منها. وبأن هذه الرؤية تتكشف في الآيات والآثار الكتابية التي جاء بها حضرة بهاء الله. "إن أيام ظهور المظاهر المقدسة ربيعٌ إلهي ... يتجدد فيها عالم الوجود" نشأة الدين البهائي كانت من خلال رسالة أوكلها الله إلى مبعوثين إلهيين هما حضرة الباب وحضرة بهاءالله؛ والوحدة التي تميز اليوم الدين الذي قاما بتأسيسه تنبع من توجيهات واضحة وصريحة وضعها حضرة بهاءالله لضمان استمرارية الهداية والارشاد بعد صعوده إلى الرفيق الأعلى. هذه السلسلة المتعاقبة والتي يشار إليها بالعهد والميثاق انتقلت من حضرة بهاء الله إلى ابنه حضرة عبدالبهاء، ومنه إلى حفيده حضرة شوقي أفندي وبيت العدل الأعظم المنصوص عليه من قبل حضرة بهاء الله. والبهائي يؤمن بالمكانة المقدسة الإلهية لحضرة الباب وحضرة بهاءالله والمعينين من بعدهما. حضرة الباب حضرة الباب هو المبشر بالدين البهائي. ففي أواسط القرن التاسع عشر أعلن حضرته بأنه حاملٌ لرسالة مقدّر لها أن تُحدث تحولا في حياة البشر الروحانية. وكانت مهمته تمهيد السبيل لمجيء رسول إلهي آخر أعظم منه، يظهر ليهدي البشر في عصر السلام والعدل. حضرة بهاء الله حضرة بهاءالله هو الموعود الذي بشر به حضرة الباب وكافة المرسلين من قبل. حمل حضرة بهاءالله رسالة جديدة من عند الله إلى البشر. فمن خلال آلاف من الآيات والرسائل والكتب التي نزلت من يراعه المباركة؛ وضع حضرته الخطوط الرئيسة لإطار عمل يهدف إلى تطور الحضارة العالمية ويأخذ بعين الاعتبار البعدين الروحاني والمادي لحياة الانسان؛ ومن أجل ذلك تحمل السجن والتعذيب والنفي طيلة أربعين عاما. حضرة عبدالبهاء في وصيته عين حضرة بهاءالله ابنه الأرشد حضرة عبدالبهاء مبينا ومفسرا لتعاليمه راعيا لدينه. اشتهر حضرة عبدالبهاء على امتداد الشرق والغرب بكونه سفيرا للسلام ومثلا أعلى في الإنسانية يحتذى به ورائدا فذا لدين جديد. حضرة شوقي أفندي حضرة شوقي أفندي ولي أمر الله المعين من قِبل حضرة عبدالبهاء وحفيده الأكبر، أمضى36 عاما في عمل منهجي لرعاية تطور المجتمع البهائي وتعميق مفاهيمه وتعزيز وحدته. مجتمع أخذ ينمو بشكل متزايد ليعكس في تكوينه تنوع الجنس البشري بأكمله. بيت العدل الأعظم إن تطور ونمو الدين البهائي حول العالم اليوم يتم بفضل هداية بيت العدل الأعظم وتوجيهاته. فقد أوصى حضرة بهاءالله في كتاب أحكامه بيت العدل الأعظم ببذل الجهد لإحداث تأثير حقيقي لصالح الجنس البشري، ونشر التعليم، والسلام والرخاء العالمي، وصون كرامة الانسان ومكانة الدين. هناك مفهوم محوري في التعاليم البهائية وهو أن تهذيب الذات و خدمة الإنسانية وجهان لا يتجزءان من أوجه الحياة. فقد بيّن حضرة شوقي أفندي في رسالة كتبت نيابة عنه: "لا يمكننا عزل قلب الانسان عن البيئية المحيطة بنا وادعاء أن مجرد اصلاح أحدهما كفيل بإصلاح كل شيء. الانسان في ارتباط عضوي مع العالم. فذاته الداخلية تبلورُ وتُشَكِلُ محيطه، وهي أيضاً تتأثر به بشكل عميق. كل منهما يؤثر على الآخر، وأي تغيير دائم في حياة الانسان نتاج هذا التفاعل المتبادل". في ضوء ذلك، يدرك البهائيون أن عمل الهدف المزدوج ذي الأهمية الجوهرية في حياتهم يكمن في: الاعتناء بنموّهم الروحي والفكري، والمساهمة في تحوّل المجتمع . يساعد هذا الهدف المزدوج على تَشَكُّل مساعي البهائيين في جميع المجالات. وبالتالي لا يتوقع منهم على سبيل المثال الاكتفاء ب الصلاة والتأمل في حياتهم الشخصية اليومية فقط، بل بذل الجهود لبث روح التعبّد في محيطهم؛ وهم مطالبون بأن لا يكتفوا بتعميق معرفتهم بدينهم فحسب، بل مشاركة الآخرين بتعاليم حضرة بهاء الله ؛ ولا يتم حثّهم على تعلّم كيفية مقاومة الأنانية في حياتهم الشخصية فحسب، بل السعي الحثيث بشجاعة وتواضع، على إِبطال نزعات الثقافة التي تمجد الإشباع الذاتي وتهدم أسس التضامن، بل وعلى عكس اتجاهاتها.