منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 سوريا.. من الدكتاتورية إلى الثورة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 68936
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

سوريا.. من الدكتاتورية إلى الثورة Empty
مُساهمةموضوع: سوريا.. من الدكتاتورية إلى الثورة   سوريا.. من الدكتاتورية إلى الثورة Emptyالسبت 09 ديسمبر 2017, 1:55 am

سوريا.. من الدكتاتورية إلى الثورة


عمر كوش
كاتب وباحث سوري


عاش السوريون في تاريخهم الحديث أحداثا عنيفة لعدد من الصراعات السياسية، خاصة خلال فترة 


حكم النظام الأسدي، بنسختيه الأب والابن، حيث تمكن حافظ الأسد -الذي كان ضابطا في القوى 


الجوية- شيئا فشيئا من الوصول إلى قمة السلطة، مضحيا برفاق دربه وأصدقائه، وراح يبني جهاز 


حكم مطلق ومستبد، حتى تمكن من الإمساك بكل خيوط السلطة ومفاصلها، وحوّل الدولة إلى مجرد 


جهاز يخدم سلطته العنيفة والمتماسكة.


نظام حافظ الأسد
تعود بدايات صعود حافظ الأسد إلى فترة الوحدة السورية المصرية، التي بدأت في 1958، ثمّ 


انفرطت في 1961، حيث اجتمع خمسة ضباط سوريين، وقرروا تشكيل لجنة عسكرية سريّة في عام 


1960غايتها الاستيلاء على السلطة في سوريا. 


كان أحد هؤلاء الضباط حافظ الأسد. وبينما كنا نعيش عودة صعبة إلى النظام البرلماني الديمقراطي، 


قام ضباط اللجنة العسكرية بالإطاحة به، عبر انقلاب عسكري دموي، أتى بحزب البعث إلى السلطة 


في الثامن من مارس/آذار عام 1963، فجثم على صدورنا حتى قيام الثورة.
"تعود بدايات صعود حافظ الأسد إلى فترة الوحدة السورية المصرية، حيث اجتمع خمسة ضباط 


سوريين وقرروا تشكيل لجنة عسكرية سريّة في عام 1960غايتها الاستيلاء على السلطة في سوريا"
كان البلاغ الثاني الذي أصدره الانقلابيون البعثيون هو إعلان حالة الطوارئ، التي استمرت طيلة 


حكم حافظ الأسد، ومن بعده بشار الأسد، إلى أن اضطر الأخير إلى إلغائها في الثاني من مايو/أيار 


2011، تحت ضغط الثورة السورية. 


وتطبيق حالة الطوارئ يعني إيقاف الحياة السياسية لجميع الأحزاب والمنظمات التي تعارض النظام 


الأسدي، وزاد من سطوته تطبيق الأحكام العرفية خارج المحاكم المدنية والقانون.


واستمرت الصراعات على السلطة إلى حين قيام حافظ الأسد بانقلابه، الذي سماه "حركة تصحيحية" 


عام 1970، وأطاح بجميع رفاقه في اللجنة العسكرية، وأدخلهم في سجن طويل إلى أن ماتوا فيه، أو 


صفاهم خارجه، وراح يؤسس نظاما ظاهره قومي عربي، وباطنه نظام ديكتاتوري، طائفي، يميز بين 


السوريين، بناء على اعتبارات الطائفة والحزب والولاء للسلطة. 


ويعرف السوريون جيدا هيكل السلطة الذي صنعه الأسد الأب، وما زال مستمرا حتى الآن، وهو 


مؤلف من الرئيس الذي كان حافظ الأسد، ثم وريثه بشار الأسد، وعائلة الأسد والأقرباء، وقسم من 


الطائفة العلوية يسيطر على الجيش والأجهزة الأمنية، ثم أخيرا الأجهزة الأمنية، التي يبلغ تعدادها 


نحو 15 جهازا، وتسيطر على كل مناحي الإدارة، بما فيها الحزب، والحكومة، والقضاء، ومجلس 


الشعب، وجميع النقابات والجمعيات، وكل وسائل الإعلام، والاقتصاد، وغيرها. 


ويعي السوريون أن كل جهاز من أجهزة السلطة، سواء كانت مدنية، أم عسكرية، أم أمنية، مكون من 


إدارة أو هيئة أو مجلس، يرأسه الأسد بشكل مباشر أو غير مباشر، وبحسب ما ينص عليه الدستور 


الذي وضع بإشرافه، حيث يعرف القاصي والداني أن جميع خيوط الأجهزة ومواقع السلطة يتحكم بها 


الرئيس وحده، ويمكنه أن يحركها وفق ما يريد، وإن أراد أن يصدمها ببعضها البعض يمكنه ذلك، أو 


يتركها تتنافس في ما بينها، وقد حدثت العديد من الصدامات بين الأجهزة الأمنية، لكن بحدود معينة 


ومدروسة.


كان الخوف يسكننا في سوريا عند الاحتكاك بأي جهاز من أجهزة الدولة، المسيرة والممسوكة من 


قبل السلطة، حيث إن كلا من الحزب والنقابات والاقتصاد تسير من قبل الدولة، مشكلة سلطة ناعمة، 


في حين أن الأجهزة الأمنية العديدة وقوات النخبة -خاصة الحرس الجمهوري- والفرقة الرابعة، 


تعتبر الأذرع العنيفة، مشكلة سلطة عنيفة.


والويل كل الويل لمن يقع بين يدي أي منها، لأن عقابا شديدا ينتظره، ويتدرج من إهانته وإذلاله، 


وقطع رزقه، عبر سلبه أو تجريده من عمله، مرورا بالاعتقال والسجن لسنوات طويلة، وصولا إلى 


التعذيب والموت.


في المقابل، كان يتقاضى الخانعون والموالون مكافآت بطرق مختلفة، كلا حسب موقعه، وتتركز 


حول استفادتهم من الفساد، الذي جرى تعميمه ونشره في جميع مفاصل الدولة.


كان السوريون يراقبون بصمت الكيفية التي كان يشكل بها نظام الأسد الأب جمهورية الخوف 


والرعب، ويعلمون أن العنف كان مستترا في السجون وأقبية المخابرات، لكن إشاعته كانت تتم 


بترتيب من الأجهزة الأمنية، إضافة إلى ما يتردد من أخبار عنه على ألسنة الناس، الأمر الذي يزيد 


الخوف، وينشر ثقافته بين أفراد المجتمع. وأحيانا كان العنف المستتر يظهر بشكل واسع حين تريد 


السلطة تعميمه ونشره.


ولعل أول حالة جرى فيها تعميم العنف كانت في سنوات المواجهة ما بين مجموعة منشقة عن جماعة 


الإخوان المسلمين، تسمى "الطليعة المقاتلة"، وبين أجهزة النظام الأمنية في سنوات 1980- 


1982، التي انتهت بتصفية وقتل أفراد الطليعة المقاتلة، ومعهم كل أعضاء الإخوان المسلمين ومن 


يناصرهم.


وأحس الأسد أنه انتصر، فقام بتضييق الخناق على المجتمع، وإطلاق العنان للأجهزة الأمنية، تعتقل 


وتقتل من تشاء، دون أية محاسبة أو محاكمة في دولة يسودها الخوف والرعب. 


حكم بشار الأسد
كان حافظ الأسد يفكر مبكرا -نتيجة أمراضه ووساوسه- بتحضير وتهيئة أحد أبنائه من أجل أن يورثه 


سلطة الحكم، وراهن على ابنه الأكبر باسل لخلافته، فراح يلمع صورته، محاولا جعله مثالا 


ومشهورا، لكنه قتل في حادث سير عام 1994، حسب الرواية الرسمية، فلم يجد الأسد الأب مناصا 


من استدعاء ابنه الثاني بشار الذي كان يدرس الطب في بريطانيا.
"كانت أول حالة جرى فيها تعميم العنف في سنوات المواجهة بين مجموعة منشقة من جماعة 


الإخوان المسلمين، تسمى "الطليعة المقاتلة"، وبين أجهزة النظام الأمنية في سنوات 1980-1982، 


وقد انتهت بتصفية وقتل أفراد الطليعة وأعضاء الإخوان المسلمين "
والسوريون الذي يعرفون بشار يتحدثون عن أنه شخصية غامضة، منزوية، تكره الثقافة والمثقفين، 


ويتحدث زملاؤه في الدراسة عن محاولاته إظهار التهذيب والدماثة أمام الآخرين. 


وكانت شخصية باسل تطغى على شخصيته، لذلك كان بعيدا عن الأضواء قبل وفاة أخيه، لكن بعدها 


بدأت عمليات تلميعه وإعداده لوراثة السلطة، الأمر الذي حدث بالفعل حين مات حافظ الأسد، حيث 


جرت عملية توريثه بتغيير الدستور السوري في خمس دقائق، كي ينطبق على مقاس عمره في ذلك 


الوقت، وهو 34 سنة.


وبقدرة قادر بات بشار الأسد ليس فقط رئيسا للجمهورية العربية السورية، بل أصبح القائد العام 


للجيش والقوات المسلحة السورية، ورئيسا لجميع الأجهزة الأمنية، ورئيسا لحزب البعث الحاكم، 


والمنظر الوحيد له، ورئيسا للجبهة الوطنية التقدمية، المؤلفة من أحزاب بدون قيمة أو فاعلية، لكنها 


اسميا تشارك في السلطة. 


وأصبح أيضا رئيسا لمجلس القضاء الأعلى، وله الحق في أن يحل مجلس الشعب، وتعيين رئيس 


مجلس الوزراء والوزراء، وأن يقيلهم متى شاء. لقد أصبح القائد المتحكم بالبلاد والعباد.


وفي مراسم توريثه، تحدث بشار الأسد في خطاب القسم بتاريخ 17/7/2000، عن الرأي والرأي 


الآخر، وعن التحديث والتطوير، وحاول أن يظهر بمظهر الشاب المتواضع، الذي يرتدي "البنطال 


الجينز وبيجاما رياضية"، ويذهب مع ضيوفه إلى المطاعم دون تكلف، لكن حين انتشرت منتديات 


حوارية سياسية وثقافية عام 2001 و2002، في فترة عرفت باسم "ربيع دمشق"، بناء على ما أوحى 


به في خطابه، لم يتحمل الحاكم الجديد انتشار الظاهرة، فأطلق العنان للأجهزة الأمنية كي تغلق 


المنتديات وتعتقل الناشطين، وترميهم في السجن.


غير أن حراك الناشطين السياسيين استمر بصمت -في غالب الأحيان- إلى لحظة قيام الثورة التونسية 


في 17 ديسمبر/كانون أول 2010، ثم الثورة المصرية في 25 يناير/كانون الثاني 2011، حيث لم 


يتأخر السوريون في بدء ثورتهم. وكان السؤال هو: متى يأتي الوقت الذي تندلع فيه الثورة السورية؟


ولم ننتظر طويلا، حيث انطلقت أول مظاهرة عفوية بتاريخ 17 فبراير/شباط 2011، في سوق 


الحريقة -القلب التجاري للعاصمة دمشق- للمرة الأولى منذ أربعة عقود، وصل فيها عدد المتظاهرين 


إلى ما يقارب ألفي شخص، احتجاجا على إهانة أحد رجال الأمن لابن أحد التجار، ردد خلالها 


المتظاهرون شعار "الشعب السوري ما بينذل" لأول مرة. وخوفا من امتداد المظاهرة حضر وزير 


الداخلية لامتصاص غضب المتظاهرين. 


ثم انطلقت يوم الثلاثاء 15 مارس/آذار 2011 مظاهرة احتجاجية في سوق الحميدية والجامع الأموي، 


طالبت بالحرية، وشارك فيها العشرات، واعتقلت قوات الأمن ستة من المحتجين. 


وفي مدينة درعا، قام بعض الصبية بكتابة شعارات الثورة المصرية على جدران مدرستهم، فقامت 


الأجهزة الأمنية باعتقال 15 صبيا منهم، وعذبتهم بقسوة شديدة، وعندما علم أهل المدينة بما جرى، 


ذهبوا إلى العميد عاطف نجيب (ابن خالة الرئيس، رئيس فرع المخابرات العسكرية) الذي اعتقل 


الصبية، وطالبوه بإطلاق سراح أبنائهم، لكنه أهانهم وطالبهم بأن ينسوا أولادهم، وأن ينجبوا غيرهم، 


فانتفضوا غضبا، وخرجوا إلى الشوارع احتجاجا، لكن قوى الأمن أطلقت النار عليهم، وقتلت أربعة 


مدنيين.


رد فعل النظام
ظهر أول رد رسمي للنظام الأسدي بعد مجزرة درعا على لسان بثينة شعبان، التي عقدت مؤتمرا 


صحفيا تحدثت فيه عن مؤامرة تتعرض لها سوريا، وأن الدولة ستقوم بزيادة الرواتب، فرد 


المتظاهرون عليها في اليوم التالي هاتفين: "يا بثينة ويا شعبان.. الشعب السوري مو جوعان".


وتوالت المظاهرات الاحتجاجية السلمية، ولم يفعل بشار الأسد وأجهزته الإعلامية إلا نعت 


المتظاهرين بالمندسين والمتآمرين والجراثيم، وأنهم مجرد أدوات ينفذون مؤامرة خارجية على حكمه 


ودولته.


واستمر المتظاهرون في الأشهر الأولى للثورة السورية بشكل سلمي، وكانوا يتظاهرون احتجاجا 


على العنف، الذي يمارس ضدهم، وضد قتل بعضهم، ليسقط من جديد قتلى آخرون، ليتواصل التظاهر 


في اليوم التالي احتجاجا على قتلهم زملاءهم. وبدأت سلسلة لا متناهية من القتل ثم الاحتجاج، يتبعه 


قتل فتتبعه احتجاجات، وهكذا. 


وعندما توسعت المظاهرات، وأصبحت تطالب بإسقاط النظام، كان رد بشار الأسد هو إنزال الجيش 


إلى الشوارع والساحات لمواجهة المتظاهرين، وإطلاق النار عليهم، فحدثت الانشقاقات بين صفوف 


العسكريين في الجيش السوري شيئا فشيئا، وتحولت الثورة مع تعامل النظام الأسدي إلى أزمة وطنية 


عامة، عالجها النظام بحرب شاملة ضد المحتجين الثائرين، وضد حاضنتهم الاجتماعية.
"لا فرق جوهريا بين تعامل الأسد الأب مع أزمة الثمانينيات، وتعامل الأسد الابن مع الثورة السورية، 


حيث قام كل منهما بإعطاء الأوامر للجيش بحصار وتدمير بعض المدن والبلدات"
وفي أول خطاب ألقاه بشار الأسد أمام مجلس الشعب السوري بعد اندلاع الثورة لم يعترف بالثورة 


الشعبية، بل ظهر وكأنه يعيش في كوكب آخر، فراح يتحدث عن "مؤامرة كبيرة"، وعد بإحباطها، ثم 


تحدث عما أسماه "محاولة إثارة فتنة"، ليخلص إلى أن "مدبري المؤامرة خلطوا بين ثلاثة عناصر: 


الفتنة، والإصلاح، والحاجات اليومية". 


لقد بدا -بالفعل- منفصلا عن الواقع، ولم يجد سوى الاستناد إلى "نظرية المؤامرة"، وتبني نهج 


الإنكار الذي اعتاد عليه النظام الأسدي عقودا عديدة. 


وبعد مرور ثلاث سنوات، لم نلمس في سوريا فرقا جوهريا بين تعامل الأسد الأب مع أزمة 


الثمانينيات من القرن المنصرم، وتعامل الأسد الابن مع الثورة السورية، حيث قام كل منهما بإعطاء 


الأوامر للجيش بحصار بعض المدن والبلدات والقرى وتدميرها بالكامل، باستخدام مختلف أصناف 


القصف المدفعي والطيران الحربي والصواريخ.


غير أن ما تميز به الأسد الابن هو ضرب غوطتي دمشق ومناطق أخرى بالأسلحة الكيميائية، أمام 


مرأى العالم، الذي لم تفعل قواه العظمى شيئا سوى الدخول مع النظام المجرم في صفقة، يتم فيها 


تسليم النظام لسلاحه الكيميائي، مقابل ترك النظام يواصل إجرامه ضد أغلبية السوريين.


كان السوريون ولأشهر عديدة يخرجون عراة الصدور إلى الساحات والشوارع، ولم يرفعوا في 


مظاهراتهم أي شعارات إسلامية، ولم يظهر فيها أيضا سوى العلم السوري في زمن الاستقلال، وكان 


بعض المتظاهرين يوزع التمر والماء على الجنود، بينما كان متظاهرون كثيرون يرفعون أيضا 


الورود، وكانت الحناجر تردد كلمات الأغاني ضد الابن والأب. 


وقد ركزت أجهزة أمن الأسد الابن على تصفية القادة والرواد الأوائل للثورة السورية، مثل غياث 


مطر ويحيى الشربجي، واعتقالهم وتعذيبهم حتى الموت، أو تهجيرهم وملاحقتهم، لتتحول الثورة إلى 


حركة عصيان مسلحة ذات طابع إسلامي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 68936
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

سوريا.. من الدكتاتورية إلى الثورة Empty
مُساهمةموضوع: رد: سوريا.. من الدكتاتورية إلى الثورة   سوريا.. من الدكتاتورية إلى الثورة Emptyالسبت 09 ديسمبر 2017, 1:56 am

حصار آل الأسد.. من تل الزعتر إلى اليرموك


مرح البقاعي
شاعرة وإعلامية وأكاديمية سوريّ


"وصلنا إلى مرحلة قمنا فيها بنقل الدم بشكل مباشر من مريض إلى مريض، دون فحص لدم الشخص 


الذي تم سحبه منه، تجنبا للتخثر في غياب أكياس الدم اللازمة للحفظ، وذلك عن طريق إبر كبيرة (


سرنغات) قياس 60". 


هذا ما دوّنه مركز توثيق الانتهاكات في سوريا على لسان الناشط الإغاثي بشار (الممرض المسعف 


في مخيم اليرموك) مخيم الموت، حيث لم يبق سوى مشفى واحد قادر على استقبال المرضى 


والجرحى هو مشفى فلسطين، وفيه طبيب واحد هو طالب في كلية الطب لم ينه دراسته الجامعية بعد. 


فقد قامت قوات النظام السوري بقصف مشافي ومستوصفات المخيم كافة، بينما تعرّض معظم الأطباء 


للاعتقال أو الاستهداف المباشر بسبب تقديمهم العلاج والرعاية الطبية للثوار ومقاتلي المعارضة.
"حصار اليرموك هو حصار لمخيم للاجئين الفلسطينيين تعهّدت سوريا بحمايتهم ورعايتهم، وهي 


رعاية ملزمة تحت طائلة المسؤولية والعقوبات المترتبة بالقانون الدولي وضمن الأعراف الأممية"
الحصار الذي أطبقه النظام السوري على مخيم اليرموك، بعد قصف مدنييه ومنشآته الحيوية 


بصواريخ مقاتلات الميغ، وإمطار أحيائه بالبراميل المتفجرة من طائراته العمودية، ومنع المواد 


الغذائية من الدخول إليه لعام كامل، يصل إلى موقع جرائم الحرب التي تقع بحق المدنيين الآمنين في 


مناطق سكناهم. 


فكيف بنا إذا كنا نتحدّث عن مخيم للاجئين الفلسطينيين تعهّدت الحكومة السورية بحمايتهم ورعايتهم 


على أراضيها، وهذه الرعاية ملزمة تحت طائلة المسؤولية والعقوبات المترتبة في القانون الدولي 


وضمن أعراف وكالة غوث اللاجئين في الأمم المتحدة.
هدنة جنيف
منذ انعقاد مؤتمر جنيف الأول وصدور بيانه المتضمن بنودا ستة، في مقدّمتها بند يطالب النظام بفك 


الحصار عن المدنيين بشكل عاجل وفتح ممرات آمنة لإيصال المواد الإغاثية لهم، لم نجد ضغطا دوليا 


حقيقيا يمارَس على النظام من أجل تطبيق هذا البند الملحّ الذي يقع تحت عنوان مبدأ "مسؤولية حماية 


المدنيين" وهو المبدأ الدولي الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1995. 


ولم يستطع سفراء مكلفون من الأمم المتحدة والجامعة العربية تنفيذ هذه المهمة التي بقيت حبرا على 


ورق، ابتداء بمبادرة كوفي أنان، ووصولا إلى جنيف2 مع الأخضر الإبراهيمي.
انعقد مؤتمر جنيف2، تحت ضغوط دولية عظمى مورست على المعارضة السورية من أجل حضوره، 


لاعتقادٍ من الولايات المتحدة، وعدد من الدول الأوروبية، بأنه في الإمكان دفع النظام لتنفيذ مقررات 


جنيف الأول التي لم يمتثل لها بعد أن وافق على مضامينها. 


وكان في مقدمة البنود التي وضعتها المعارضة على الطاولة، مشروع عاجل لفتح ممر إنساني إلى 


مناطق تسيطر عليها قوات المعارضة في حمص، وسط توقعات للمراقبين أن يكون فتح ممرات 


المساعدات أحد أهم إنجازات جولات المفاوضات في جنيف2. 


واقترح الإبراهيمي مشروع "الهدنة" الإنسانية من أجل الوصول إلى المحاصرين في مناطق النزاع 


في حمص القديمة، وتقديم ما يحتاجون له من غذاء ولباس وطبابة بعد أن مضى أكثر من عام على 


حصارهم وتجويعهم.


التقط النظام الفكرة بسرعة ورأى فيها منفذا دوليا له يستطيع من خلاله أن يتعامل مباشرة مع الأمم 


المتحدة لتطبيق نموذج للهدنة في حمص، وعزل المعارضة عن الاتفاق الجانبي الذي أجراه مع 


الأونروا.
فصّل النظام الاتفاق على مقاسه وتلبية لأغراضه، بمعنى أنه كان يُخرِج المحاصرين من مواقع 


حصارهم ليزجّهم في معتقلات للتحقيق معهم، ولم يوصل المعونات الغذائية والطبية إلى داخل النقاط 


الساخنة كما وعد، بل كان اصطفائيا في توصيل المعونات، بل قام بإطلاق النار بشكل متقطع حين 


خروج المحاصرين لإرهابهم وإبعاد موظفي الأمم المتحدة عن المشهد فيتمكّن، منفردا، من أن يعيث 


فسادا ويستقوي على المدنيين الذين لا حول لهم ولا قوة.
"نظام الأسد "راعي المقاومة والمقاومين" يحظر على الفلسطيني حمل أي نوع من أنواع الأسلحة 


الفردية على الأراضي السورية، حتى سكّين المطبخ محددة بقياس معيّن بحيث لا تتحول إلى سلاح 


بيده!"
وهكذا أراد النظام أن يقصي قرار المعارضة في العملية الإغاثية المرافقة للهدن وأن يتفرّد بالعمل 


حسب ما تقتضيه حاجته الأمنية، وقياسا إلى مصالحه السياسية، في كل منطقة على حدة.
اليرموك بين فكي كماشة
تحت سطوة هذا الفرز الانتقامي جاء فك الحصار عن مخيم اليرموك ليسجل كاستمرار لمشروع "


الهدن" المناطقية التي يديرها النظام ومليشياته بشكل انتقائي عنصري، مرفوقا بالعنف والتنكيل بمن 


يخرجون من حصارهم، وزج معظمهم مباشرة في معتقلات للتحقيق معهم في ظروف مذلّة لا تمت 


لحقوق الإنسان بعامة، وحقوق المدنيين في حالة الحروب، بصلة. 


وقامت قوات النظام مدعومة من مليشيات فلسطينية للقيادة العامة وفتح الانتفاضة، بمقايضة جوع 


ومرض المدنيين المحاصرين بحالة أمن مؤقتة، تمكن النظام خلالها من إعادة نشر قواته في المناطق 


التي كانت خارج سيطرته قبل الهدنة، ونقض شروط الهدنة بمنع إيصال المواد الغذائية والطبية 


للمحاصرين في المخيم، واعتقال العشرات منهم أثناء خروجهم، وإطلاق يد المليشيات الفلسطينية 


المسلّحة من أزلامه لينتشروا بين المدنيين ممن بقوا في المخيم إثر موجات النزوح المتكرّر منذ 


اندلاع المعارك في محيط مدينة دمشق وريفها، مدجِّجا أفراد تلك المليشيات بالسلاح الثقيل بصورة 


استثنائية أدهشت المراقبين! 


فهذا النظام "راعي المقاومة والمقاومين" يحظر على الفلسطيني حمل أي نوع من أنواع الأسلحة 


الفردية على الأراضي السورية بشكل قاطع ومانع، حتى أن سكّين المطبخ كانت مفروضة عليه 


بقياس معيّن بحيث لا تتحول إلى سلاح بيده!
تركة الأب الضليل
هذا النهج الانتهازي العنصري ليس وليد منظومات بشار الأسد الأمنية وحسب، بل هو إرث ثقيل من 


عرّاب القتل على الهوية وراعي سلسلة العقوبات الجماعية، حافظ الأسد. 


فحصار مخيم اليرموك اليوم هو إعادة كتابة تاريخ حصار مخيم تل الزعتر في بيروت حين كانت 


قوات الردع السورية تسيطر على لبنان بشقّيه: الرسمي الحكومي والمليشيوي الحزبي. 


ففي أواخر شهر يونيو/حزيران للعام 1976، ضرب الجيش النظامي السوري (الردع)، إلى جانب 


المليشيات المتطرفة من الأحزاب المسيحية الموالية له في ذلك الوقت، حصارا مرعبا على مخيم تل 


الزعتر الفلسطيني. 


دام الحصار ما ينيف على شهرين من عمليات التنكيل والعقاب الجماعي في حق سكان المخيم الذي 


كان يقطنه عشرون ألف فلسطيني و15 ألف لبناني، تمّ خلالها قطع الماء والكهرباء ومنع الطعام 


لفترات طويلة، وتعرض خلالها الأهالي لقصف عنيف سقطت جراءه أكثر من 5500 قذيفة على 


رؤوس المدنيين، ومنع الصليب الأحمر منعا باتا من دخوله. 


وفي ليل 14 أغسطس/آب 1976 اقتحمت المليشيات الموالية لحافظ الأسد المخيم الذي أنهكه الجوع 


والرعب والقصف المركّز، ونفّذت مذبحة مروّعة فيه راح ضحيتها أكثر من ثلاثة آلاف فلسطيني 


سقطوا شهداء عمليات قتل انتقامية ممنهجة.
"في 1976 اقتحمت المليشيات الموالية لحافظ الأسد مخيم تل الزعتر الذي أنهكه الجوع والرعب 


والقصف المركّز، ونفّذت مذبحة مروّعة فيه راح ضحيتها أكثر من ثلاثة آلاف فلسطيني سقطوا 


شهداء عمليات قتل انتقامية ممنهجة"
ومارس مسلحو تلك المليشيات، تحت غطاء نظامي سوري، أشكال الترويع والجريمة كافة، من بقر 


لبطون الحوامل، وذبحٍ للأطفال والنساء والشيوخ إلى جانب الاعتداء الجنسي وهدم البيوت وسلب 


الأموال. 


وسقط بنفس الدرجة من العنف مخيما جسر الباشا والكارانتينا، وساد جلال الموت وصمته على 


المدينة في ذلك اليوم قبل أن يفجع العالم في اليوم الثاني بصور المذبحة الصادمة التي تناقلها وسائل 


الإعلام العالمي على أنها جريمة حرب مكتملة وقعت على مشهد وبغطاء سياسي ولوجستي من حافظ 


الأسد الذي كان "يحتل" لبنان في ذلك الوقت.
هذا ووثّق المراقبون الدوليون، منهم المؤرخ، إسرائيل شاحاك، الذي عرف عنه نقده اللاذع لحكومة 


إسرائيل ما جعل المتشددين منها يتهمونه بـ "اللاسامية"، بأن المليشيات التي نفّذت مذبحة تل الزعتر 


خلال الحصار حظيت بدعم كامل من إسرائيل، وبغض الطرف من الولايات المتحدة الأميركية.


على حاجز الموت
في 3 مارس/آذار 2014، بثت قناة الجزيرة الفضائية في نشرتها الإخبارية الصباحية تقريرا إخباريا 


من مخيم اليرموك المحاصر لمشهد هو من أكثر المشاهد الصادمة على الشاشة: رجل مسنّ يقف 


حسيرا على حاجز نظامي مستنجدا بإسرائيل من رمضاء الأسد، ويقول بصوت راجف "مريض 


لازمني دوا.. خدونا لعند اليهود"!
الابن الضال في سوريا يعيد سيرة أبيه الضلّيل.. هذا ما يقوله درس التاريخ، إلا أن للمستقبل قولا 


آخر وحده الشعب السوري العظيم، منزّها عن نزعات العنف والتطرّف والغلو يملك مفردات خلطة 


إكسيره السريّة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 68936
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

سوريا.. من الدكتاتورية إلى الثورة Empty
مُساهمةموضوع: رد: سوريا.. من الدكتاتورية إلى الثورة   سوريا.. من الدكتاتورية إلى الثورة Emptyالسبت 09 ديسمبر 2017, 1:56 am

بشار الولد


عارف حجاوي


إن استهجنت عنوان المقالة، أو ظننت السجعة جلبته، فاقرأ إلى المنتصف تقريباً تر أنني لم آت 


بالعنوان عبثاً.
ظاهرة "الدكتاتور" تضم في جوفها عدة ظواهر، والدكتاتوريون أنواع.
والدكتاتور الذي نعنيه هنا بشار الأسد.. وقبله كان صدام دكتاتوراً، وقبلهما أتاتورك. فهل نرفع القبعة 


لأتاتورك لمجرد أنه نجح في الموت على سريره؟ أم الدكتاتور دكتاتور وكفى؟
وعبد الناصر كان دكتاتوراً أيضاً، وهتلر والقذافي.. وحافظ الأسد.
واضح من هذه الأسماء أن كل دكتاتور يختلف عن الآخر. الدكتاتور قد يكون مصاباً بجنون العظمة، 


وقد يكون ضعيف الشخصية فيعوض عن ذلك بالتوحش، وقد يكون قوي الشخصية وجاهلاً حقيقة 


الوضع في بلده وفي العالم بسبب قصوره المعرفي وبسبب شرنقة المصفقين التي تحيط به.
"توهم الرئيس السوري بشار الأسد أنه محبوب من شعبه حباً جارفاً... وعندما اكتشف بعد درعا -


وربما بعد درعا وحمص وحماة، لأنه بطيء- أن الناس لا يحبونه فعل بهم فعل الصبي بالعصفور"
بشار الأسد ضعيف الشخصية، وقاصر معرفياً. وهذا القصور المعرفي راسخ من سني الطفولة، إذ 


نشأ في بيت رئاسة، ولم يعرف قسوة الشارع والعراك مع الأقران الخشنين. وقد بدأ حكمه مثالياً ككل 


ولد مدلل.. ورأيناه في القمة العربية التي عقدت بعد نحو سنة من توليه الحكم يلقي دروساً على 


الزعماء العرب، ورأيناهم يهزون رؤوسهم مشفقين عليه.
وبسرعة تحلق حوله كبار الساسة من أنصار والده وحجبوا عنه الرؤية.. وحتى لو لم يحجبوها فقد 


برهن بشار الأسد على امتلاكه قدرة على تسطيح الأمور وحذف ما لا يقدر على استيعابه من عناصر 


المعادلة السياسية.  
قد يكون الدكتاتور ضعيف شخصية، ولكن هذا لا يمنعه من السيطرة على أعوان أذكى منه وأقوى 


شخصية منه. فبمجرد ترسيمه دكتاتوراً تذل له الرقاب، ويصبح الحاكم بأمره.      
كان يمكن لآصف شوكت أن يكون دكتاتوراً أنجح، لكن بشار الأسد ملأ خانة الدكتاتور وانتهى الأمر.
وكأن كل ما في الأسد من قصور لم يكن كافياً.. فجاءت ظاهرة "منحبك" ضغثاً على إبَّالة. توهم 


الرئيس السوري أنه محبوب من شعبه حباً جارفاً. ولئن لم نشك في أن كثيرين أحبوه، وفي أن كثيرين 


تعايشوا مع وجوده مثلما يتعايش المرء مع جار يراه كل يوم فينشأ الود بطول العشرة، فإن السوريين 


(بمن فيهم أفراد المخابرات) كانوا يعيشون حالة خوف دائمة من المخابرات. كان كل سوري مهدداً 


بالاعتقال والإهانة. وكان النظام بوليسياً.    
وعندما اكتشف بشار الأسد بعد درعا -وربما بعد درعا وحمص وحماة، لأنه بطيء- أن الناس لا 


يحبونه حباً جارفاً، فعل بهم فعل الصبي بالعصفور.
فالعصفور يفضل أن يكون في كف رجل على أن يكون في كف ولد. فالرجل قد يحبس العصفور في 


قفص وقد يطلقه، وأما الولد فسوف يكون حنوناً عليه بشكل مؤذ، فإذا تململ العصفور خنقه الولد 


وقتله بشراسة.. لأنه ولد.
"انعدم في سوريا الأسد تكافؤ الفرص، وسيطر الحزب الواحد، واستبد أعمام الرئيس وأخواله بالمال 


وبالمناصب وبالنفوذ. فأين كان الرئيس العلماني عندئذ؟ لقد سمح لأقاربه بتحويل البلد إلى مزرعة 


لهم "
لقد فشل بشار الأسد في التنمية، وفشل في تحرير البلاد من النظام البوليسي (ولا نشك في أنه أراد 


صادقاً ذات يوم أن تكون سوريا بلداً ديمقراطياً، غير أنه لم يكن مستعداً لدفع الثمن فاعتقل الناس 


الذين دعاهم للحوار في ربيع دمشق، فجاءه الربيع العربي بما لا يحب)، وفشل في إقناع الناس بأن 


هدفه الإستراتيجي تحرير الجولان. غير أنه نجح في عقد تحالف مع إيران وروسيا.
فهل يدرأ عنه نجاحه في عقد هذا التحالف شرور إخفاقاته الداخلية؟
لا يبدو أن موقف إيران المؤيد للأسد راسخ، وقد كشفت قمة عدم الانحياز أن إيران حريصة فقط 


على رقبتها إذ تقف أمام الغرب في الشأن النووي، ولا يبدو أن روسيا ستقف معه إلى النهاية.
لكن، في الوقت نفسه، لا يبدو أن أميركا وأوروبا حريصتان كل الحرص على طرد روسيا من 


موطيء قدمها على البحر الأبيض المتوسط، كما أن الغرب يرى في استمرار الأزمة السورية 


استنزافاً للموارد الإيرانية، واستمراراً لإحراج إيران أخلاقياً. فلماذا تتعجل واشنطن نجاح الثورة 


السورية؟ ألحماية المدنيين؟ منذ متى تحرص أميركا على أرواح المدنيين.. الآخرين؟ الوضع في 


سوريا الآن مريح للجميع، إلا للسوريين ولحلفاء النظام.
ودول الخليج المؤيدة للثورة السورية مالياً وإعلامياً تجد في هذه الثورة ما يشغل إيران عن التدخل 


في الضفة الأخرى للخليج. من الصعب أن يصمد دكتاتور قصف طوابير الأطفال أمام المخابز. من 


الصعب أن يصمد نظام فئوي يستند إلى طائفة ضيقة.
الأسد نفسه ليس طائفياً، فقد تزوج سيدة من غير طائفته، وهو على رأس حزب قومي علماني، ولديه 


ترسانة من الحجج يواجه بها كل من يرميه بالطائفية. لكن فهم الرئيس السوري للطائفية سطحي.
فالطائفيون في لبنان مثلاً -وهم كثر- ليسوا من المتدينين أيضاً. لكنهم طائفيون سياسياً. لقد انعدم في 


سوريا الأسد تكافؤ الفرص، وانعدمت الديمقراطية، وسيطر الحزب الواحد، واستبد أعمام الرئيس 


وأخواله بالمال وبالمناصب وبالنفوذ. فأين كان الرئيس العلماني عندئذ؟ لقد سمح لأقاربه بتحويل البلد 


إلى مزرعة لهم، وسمح أقاربه لأقاربهم بنهب البلد. 
"لم يكتشف الأسد الإبن أن الهبة الحالية تشمل كل سوريا، وأنها هبة تحتية لا فوقية.. قادها الشعب 


الفقير عفوياً ومن تحت، ثم تسابق الإخوان المسلمون والعلمانيون على تأطيرها من فوق، وما زالوا 


يحاولون"
وأدى هذا التفقيس القائم على العشيرة إلى أن تنال الطائفة فوق نصيبها من الفرص: من الوظائف 


ومن المقاعد الجامعية في التخصصات المرغوب فيها، ومن الاحتكارات والوكالات التجارية 


السمينة. ولأن الطائفة صغيرة نسبياً (نحو 15%) فقد استلحقت من الطوائف الأخرى من يشاركها 


في هذا الفساد العارم. ولكن هذه الطائفة الصغيرة سيطرت وحدها على (قيادة) الجيش والمخابرات، 


ولم ترم بعض الفتات للآخرين.  
ليقل بشار الأسد إنه ليس طائفياً، ولنسلم له بهذا جدلاً. على أنه سمح بنشوء نظام أوليغاركي (نظام 


أقلية مستبدة) يؤول بالضرورة إلى الطائفية.
وأما أعداء الأسد فهم فقراء الريف، الذين منحوه فرصة ستة أشهر كانوا يخرجون في كل يوم من 


أيامها لكي ينقتلوا، طمعاً في أن يفهم الرئيس شيئاً. وكان عند النظام السوري -كما يقول ديفيد لش، 


الذي نشر ستة كتب عن سوريا آخرها قبل شهر بعنوان "سقوط سلالة الأسد" - وصفة جاهزة 


ومجربة: كلما رفع أحدهم رأسه يجب قمعه فوراً وبكل قسوة. وهذه الوصفة تعود بالطبع إلى يوم 


حماة المشهور عام 1982، عندما نجح الأسد الأب في إخماد كل معارضة بتدمير حماة واستئصال 


شأفة معارضيه.
ولم يكتشف الأسد الابن -حتى بعد مرور ستة الأشهر من الاحتجاجات السلمية- أن الهبة الحالية 


تشمل كل سوريا، وأنها هبة تحتية لا فوقية.. قادها الشعب الفقير عفوياً ومن تحت، ثم تسابق الإخوان 


المسلمون والعلمانيون على تأطيرها من فوق، وما زالوا يحاولون.
عندما نكون بإزاء دكتاتور لا نملك ترف الانغماس في حساب القوى، لأنه هو لا يفهم هذا الحساب.
لضعف بشار الأسد ولسطحيته السياسية والمعرفية أمضى المحللون بضعة أشهر في بدايات الثورة 


السورية وهم شبه متأكدين من أنه مجرد واجهة، وأن أشخاصاً آخرين يملكون القرار. والآن غدا شبه 


مؤكد العكس، أي أنه دكتاتور يملك القرار. وهذا أسوأ بكثير. فلو كان القرار بيد أشخاص أقوياء 


وشريرين يتقنون حساب موازين القوى لما قصفوا الأحياء السكنية بالطائرات.
أما وقد أصبح شبه يقيني أن القرار بيد شخص ضعيف وقليل المعرفة، وشبه منعدم الحصافة، ومستند 


إلى وصفة جاهزة (حماة 82) يعالج بها كل علة، فقد وجدنا تفسيراً للغز "المجازر التي لا لزوم 


لها". ثمة ولد يمسك بيده عصفوراً.
نرثي لحال سوريا، فهي معذبة بيد من لا يعرف كيف يرحم، ويتفرج عليها خبثاء مستفيدون من 


عذاباتها. ونرثي لحال بشار الأسد، فسوريا كبيرة عليه. ونخشى -ورغم كل المجازر- أن يواجه 


مصير القذافي، فهو أولاً ابن ناس و"مش خرج بهدلة"، وهو ثانياً "سليم دواعي الصدر" وفيه غفلة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 68936
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

سوريا.. من الدكتاتورية إلى الثورة Empty
مُساهمةموضوع: رد: سوريا.. من الدكتاتورية إلى الثورة   سوريا.. من الدكتاتورية إلى الثورة Emptyالسبت 09 ديسمبر 2017, 1:57 am

بشار.. المقاوم للإرهاب!


ياسر الزعاترة


في آخر حواراته الصحفية، وغالبا لوسائل إعلام أجنبية، بدا بشار الأسد أكثر وضوحا وحسما في 


الدور الذي يعرضه على الغرب، وفي مقدمته الولايات المتحدة خلال المرحلة المقبلة، وقد شجّعه 


على تقديم العرض، ذلك الفيض من شهادات حسن السلوك التي حصل عليها من جون كيري، ومن 


الأمم المتحدة فيما يخص تعاونه "السريع" مع جهود تدمير أسلحته الكيميائية.


والحال أن بشار لم يعد قلقا على مصيره في المدى القريب، وبالطبع بعد مرحلة توتر امتدت لأسابيع 


على خلفية قرار الرئيس الأميركي باراك أوباما بتوجيه ضربة عسكرية لنظامه إثر استخدامه 


الكيميائي في الغوطة الشرقية، فقد أدرك أن أحدا لن يهدده لعام مقبل على الأقل، وربما أكثر، وهي 


الفترة التي تحتاجها تل أبيب للتأكد من التخلص من الأسلحة الكيميائية، مع أن الأمر قد يستمر لفترة 


أطول، لاسيما أنه سيكون بوسعه إحالة التعطيل لجماعات المعارضة المسلحة.


ويأتي ذلك في ظل قناعة الجميع بأن سقوطه قبل استكمال المهمة سيعني وقوع تلك الأسلحة بيد 


جماعات لا يمكن السيطرة عليها. 


وإذا كانت التجربة قد بدت مخيفة لهم عقب سقوط القذافي الذي توزعت أسلحته على عناوين شتى 


من بينها قطاع غزة، فإن الأمر سيكون أكثر خطورة بكثير بالنسبة للسلاح الكيميائي، لاسيما أن في 


سوريا جماعات لن تتردد كثيرا في استخدامه في حال حصلت عليه ضد الكيان الصهيوني الذي 


يعيّرها كثيرون بأنها لا تهدد أمنه، مع أن الأمر لا يتعلق بقرار، بل بصعوبة ذلك، بل ربما باستحالته 


في ظل الوضع الأمني المعقد، داخليا، وفي المحيط.
"لم يعد الأسد قلقا على مصيره في المدى القريب، فقد أدرك أن أحدا لن يهدده لعام مقبل وربما 


أكثر، وهي الفترة التي تحتاجها تل أبيب للتأكد من التخلص من الأسلحة الكيميائية، مع أن الأمر قد 


يستمر لفترة أطول، لاسيما أنه سيكون بوسعه إحالة التعطيل لجماعات المعارضة المسلحة"
ليس هذا فقط ما يمنح بشار الأسد قدرا من الطمأنينة لبقائه في السلطة خلال المرحلة المقبلة، لاسيما 


أن حكاية الانتخابات لن تكون ممكنة في ظل تهجير الملايين من الشعب السوري، وفي ظل الوضع 


الأمني الصعب، وحيث يسيطر الثوار على حوالي 60% من التراب السوري. وعموما، فإن 


انتخابات تديرها أجهزته ستعني فوزه دون أدنى شك في حال إجرائها.


ما يمنح بشار قدرا آخر من الطمأنينة أيضا، يتمثل في الصفقة التي تعرضها طهران على الغرب، 


والتي تتمثل في التخلي عن الشق العسكري من المشروع النووي مقابل رفع العقوبات والإبقاء عليه 


(بشار).


لاسيما أنها (إيران) تدرك أن بقاءه هو الضامن الوحيد لمكتسباتها في العراق ولبنان، بل الضامن 


لعدم ضياع جهود عقود بُذلت فيها الكثير من الأموال والجهود، ومن العبث التضحية بها من أجل 


سلاح نووي لن يجدي كثيرا، وهو أصلا مخصص لمشروع التمدد في المنطقة في مواجهة الجيران 


الآخرين، وليس في مواجهة الكيان الصهيوني الذي يملك من الرؤوس النووية ما يمكنه تدمير إيران 


لو أراد ذلك، هذا بفرض تفكيرها في الأمر في ظل الوضع الدولي الراهن، وفي ظل حرص أقرب 


المحاور الدولية إليها (روسيا) على أمن الكيان الصهيوني بما لا يقل أبدا عن حرص الولايات 


المتحدة. 


في المقابل لا تجد تل أبيب في خيار الإبقاء على بشار في السلطة ثمنا تدفعه، بقدر ما يشكل مكافأة 


لها تجنبها سيطرة جماعات خطيرة على البلد، وهو ما بدأت تدركه الولايات المتحدة أيضا بحسب ما 


صرح أحد مسؤوليها لصحيفة لوس أنجلوس تايمز.


فقد تحدث هذا المسؤول عن إمكانية أن تغدو سوريا مثل منطقة القبائل الأفغانية التي تستقطب 


الجهاديين من كل أنحاء العالم، مع فارق الأهمية الجيوإسترتيجية لسوريا، وحيث يمكن أن تشكل 


تهديدا للكيان الصهيوني بشكل خاص، ولعموم حلفاء أميركا في المنطقة بشكل عام، فضلا عما 


ينطوي عليه ذلك من ملامح تصدير للعنف نحو الخارج أيضا، كما حصل في العمليات التي خططت 


وانطلقت من أفغانستان أيام وجود أسامة بن لادن فيها إبان حكم حركة طالبان.


بشار الضعيف المنهك، والذي يدير بلدا مدمرا تأكله الانقسامات هو أفضل ألف مرة من أي بديل 


آخر، مع أن الحصول على نظام بمقاس عربي "معتدل" يسيطر على البلد يُعد جيدا أيضا، وهنا تحديدا 


تبدأ مخاوف بشار.


وردا على تلك المخاوف يعرض بشار على الغرب وعلى الكيان الصهيوني، مهمة جديدة بالغة 


الأهمية قد تمنحه وصفة بقاء طويلة المدى. 


وتتمثل هذه المهمة في دخوله معركة استئصال للجهاديين الذين ينتشرون في سوريا ويهددون العراق، 


بل ويهددون حلفاء آخرين من أنظمة المنطقة، وربما يهددون في محطات قادمة الغرب نفسه، فضلا 


عن الكيان الصهيوني كما يردد بشار.


إنه يعرض نفسه بمثابة رأس حربة في المواجهة مع هذه القوى، وهو عرض سيجد على الأرجح آذانا 


صاغية من قبل الغربيين والإسرائيليين، فيما تمنحه بعض الممارسات "المتطرفة" فرصة القبول أكثر 


فأكثر، لاسيما تلك التي تصر على بناء إمارات هنا وهناك، بدل الانشغال بقتال النظام وإسقاطه، ما 


يعزز الفكرة التي ذكرتها الصحيفة الأميركية وأشرنا إليها آنفا.
"بشار الضعيف المنهك، والذي يدير بلدا مدمرا تأكله الانقسامات هو أفضل ألف مرة من أي بديل 


آخر، مع أن الحصول على نظام بمقاس عربي "معتدل" يسيطر على البلد يُعد جيدا أيضا، وهنا تحديدا 


تبدأ مخاوف بشار"
يُشار في هذا السياق إلى أن نظام بشار له سجل في التعاون مع أميركا فيما خصّ الجهاديين، وهو 


تعاون معهم إبان المواجهة مع الاحتلال الأميركي للعراق، ثم ما لبث أن انقلب عليهم وقدم معلومات 


كثيرة عنهم للأميركيين، وللنظام العراقي أيضا، فيما اعتقل آخرين، ما لبث أن أفرج عن بعضهم لكي 


يتحركوا ويستثمرهم في القول إنه يواجه موجة إرهاب، وليس ثورة شعبية.


هذه المعادلة الجديدة ستعني بكل وضوح أن جنيف2 لن يكون برسم النجاح، هذا في حال عقده أصلا، 


وتعني أيضا أن لعبة الاستنزاف ستطول أكثر، وربما تغدو أكثر سخونة، في ذات الوقت الذي تفرض 


فيه وضعا صعبا على داعمي الثورة الذين يريدون انتصارها فعلا.


وفي المقدمة من هؤلاء تركيا التي هددها بشار بنبرة طائفية واضحة، والتي تميل اليوم إلى مقاربة 


جديدة (فتح مسار جديد مع إيران وحلفائها) ترد من خلالها على انحياز السعودية وبعض دول الخليج 


ضدها، بل التآمر عليها في بعض الأحيان.


معادلة استنزاف من الصعب الجزم بمداها، وربما من الصعب الجزم بتفاصيلها النهائية أيضا، لكن 


المؤكد أن عودة الوضع إلى ما كان عليه من حيث سيطرة طائفة صغيرة على سوريا لن تكون واردة 


بأي حال مهما كان الثمن، ومهما طال أمد الحرب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 68936
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

سوريا.. من الدكتاتورية إلى الثورة Empty
مُساهمةموضوع: رد: سوريا.. من الدكتاتورية إلى الثورة   سوريا.. من الدكتاتورية إلى الثورة Emptyالسبت 09 ديسمبر 2017, 1:57 am

عن المرحلة الأخيرة لبشار وما بعد سقوطه


ياسر الزعاترة


لم يعد ثمة كثير شك في أن بشار الأسد لم يعد برسم البقاء في السلطة في سوريا، سواء سقط بعد أيام 


أم أسابيع أم أشهر، لكن الجدل بشأن احتمالات البقاء، وتبعا لذلك سيناريوهات السقوط، ثم الوضع 


التالي ستبقى تتردد في الأروقة السياسية والعسكرية، وهي ستبقى الأسئلة الأكثر أهمية في سياق 


الملف السوري.
"التقارير الصحفية التي تتحدث عن قرب سقوط النظام كثيرة، ومعها تصريحات لدبلوماسيين كبار 


في الأروقة الدولية، لكن ذلك لا ينفي أيضا وجود تقارير صحيفة أخرى تشير إلى أن النظام لا يزال 


قادرا على الصمود لفترة طويلة"
المعضلة الكبرى التي تواجه المحلل السياسي تتعلق ابتداء بقراءة الوضع العسكري الذي يختصم فيه 


الخبراء، وتتناقض حوله المعلومات المتداولة والمسربة من هذا الطرف أو ذاك. وقد تصاعدت الآمال 


بسقوط النظام إثر تصريحات نائب وزير الخارجية الروسي "بوغدانوف"، وقبل ذلك حديث وزير 


الخارجية نفسه "لافروف" عن عدم اشتراط بقاء الأسد في السلطة لإنجاز تسوية، وهما التصريحان 


اللذان جاهدت الدبلوماسية الروسية لتوضيحهما كي لا يتخذا مؤشرا على اقتراب سقوط النظام.
لم يكن ذلك هو كل شيء في السياق، فالتقارير الصحفية التي تتحدث عن قرب سقوط النظام كثيرة، 


ومعها تصريحات لدبلوماسيين كبار في الأروقة الدولية، فضلا عن سحب الاتحاد الأوروبي والأمم 


المتحدة للجزء الأكبر من موظفيهما في العاصمة دمشق، وكذلك حال الأنباء التي تحدثت عن إرسال 


سفن حربية روسية إلى ميناء طرطوس تحسبا لاضطرار روسيا إلى سحب رعاياها من سوريا.
لكن ذلك لا ينفي أيضا وجود تقارير صحفية أخرى تشير إلى أن النظام لا يزال قادرا على الصمود 


لفترة طويلة، لا سيما أن مشهد الصراع صار في صالحه من حيث احتماؤه بالعاصمة مقابل 


محاولات الثوار التقدم نحوها دون سلاح نوعي، وبالطبع مع تفوق للنظام في ميدان الجو رغم توفر 


بعض المضادات بين يدي الثوار.
وإذا أضفنا إلى ذلك كله الإصرار الروسي والأهم الإيراني على مد النظام بأسباب البقاء على مختلف 


الأصعدة، فسيكون المشهد أكثر تعقيدا، لا سيما أنه إصرار لا يزال قويا طمعا في حل سياسي (إيران 


كي لا تكون الهزيمة واضحة وتؤثر على منجزاتها في العراق ولبنان، وروسيا كي لا تؤثر على 


مصالحها في سوريا، والأهم على هيبتها الدولية)، إذا أضفنا ذلك فسيغدو حسم السؤال حول توقيت 


السقوط أو المدى الزمني لصمود النظام صعبا إلى حد كبير.
كل ذلك لا ينفي ما أشرنا إليه حول يأس مختلف أنصار النظام من إمكانية صموده بالكامل، وإن بقي 


الأمل لديهم قائما في إنقاذ ما يمكن إنقاذه منه، ربما الجيش والمؤسسات الأمنية، وربما مؤسسات 


الدولة العليا إذا بالغوا في الطموح.
ما يمكن رصده في الداخل السوري هو أن القرار السياسي والعسكري في سوريا لم يعد بيد بشار 


الأسد، بل بيد القيادة العليا للجيش والأجهزة الأمنية، التي تتشكل من حوالي 27 ضابطا علويا، مع 


عدد محدود من الضباط السنة لا يتعدى، حسب دوائر المعارضة، 1400 ضابط يبدو أن أسبابا معينة 


قد حالت دون انشقاقهم، وربما غاب أكثرهم عن دائرة صنع القرار والإشراف على القتال.
بشار إذا أصبح رهينة بيد النخبة العسكرية، ولو فكر بترك البلد فسيقتلونه كما ذهب محلل روسي، أو 


يمنعونه في أقل تقدير، لأن فراره سيسرع سقوط النظام، وسيترك الأقلية العلوية رهينة وضع غامض 


يصعب التنبؤ به، ويبدو أن النخبة إياها قد ارتبطت بالكامل بالدوائر الإيرانية.
لو جئنا نتحدث عن السيناريو الأفضل للوضع في سوريا، فلا شك أنه يتمثل في قيام النخبة العسكرية 


العلوية إياها بانقلاب على بشار الأسد، ثم تعرض على المعارضة تسليم السلطة لحكومة انتقالية 


مقابل ترتيبات أو ضمانات معينة، والأرجح أن توافق المعارضة على العرض، وإن أصرت على 


محاكمة المجرمين، وربما ملاحقة الأسد ومن حوله، لا سيما لصوص ثروات السوريين، لأنه من غير 


المنطق أن ينجو هؤلاء بسرقاتهم ولا يحاكموا على جرائمهم، وإن حصل شيء كهذا فإن قيام بعض 


أهالي الشهداء بالثأر من أناس في الطائفة العلوية لن يكون مستبعدا بطبيعة الحال.
في سياق التعاطي الإيراني مع هذه المعادلة الصعبة، قامت إيران وحلفاؤها بعدة خطوات خلال أيام 


قليلة. إذ خطب حسن نصر الله قائلا إن من يعتقد أن النظام سيسقط "مخطئ جدا جدا"، ثم تحدث 


نائب وزير خارجية إيران قائلا إن "الجيش السوري وجهاز الدولة يعملان بسلاسة". في محاولة لبث 


الطمأنينة في أوصال أركان النظام، وخشية تفكير نخبته العسكرية (العلوية) بالانقلاب على بشار. 
"المبادرة الإيرانية ذات النقاط الست لم تقدم شيئا يمكن أن تقبله المعارضة كونها تشترط الهدوء قبل 


اتخاذ أي خطوات سياسية، لكنها انطوت على تراجع سياسي يوحي بيأس طهران من إمكانية بقاء 


الأسد"
ثم جرى ترتيب حوار صحفي أجراه رئيس تحرير صحيفة الأخبار اللبنانية المحسوبة على حزب الله 


مع فاروق الشرع، وكانت رسالة الحوار الأساسية هي عدم وجود أفق لإسقاط النظام عسكريا، وإن 


أقرّ في المقابل بأن قدرة النظام على الحسم العسكري معدومة أيضا، كما تضمن رسالة أخرى غير 


مباشرة تتعلق بأن سوريا أكبر من أي نظام وأي فرد، ما يعني ضرورة التفكير في رحيل الأسد كحل 


للمعضلة، ولكن عبر حل سياسي وحوار بعد وقف العنف.
ثم جاءت المبادرة الإيرانية ذات النقاط الست، والتي لم تقدم شيئا يمكن أن تقبله المعارضة كونها 


تشترط الهدوء قبل اتخاذ أي خطوات سياسية، لكنها انطوت على تراجع سياسي يوحي بيأس طهران 


من إمكانية بقاء الأسد.
ما لا يكن استبعاده في السياق وتحدثت عنه دوائر غربية هو لجوء بشار ونخبته العلوية إلى مناطق 


العلويين في الساحل في حال اقتربت دمشق من السقوط، وتحدثت ذات الدوائر عن نقل أسلحة إلى 


تلك المناطق وفرق من المغاوير أيضا، بل وصواريخ محملة برؤوس كيماوية أيضا. لكن تقارير 


أخرى ذهبت نحو استحالة ذلك تبعا لسيطرة الثوار على أجزاء من تلك المناطق، ونظرا لوجود سنة 


ومسيحيين فيها، ما يستدعي تطهيرا عرقيا لإتمام المخطط، أقله للسنّة.
هو خيار انتحاري دون شك، ومن الصعب صموده، لكنه يبقى جزءا من المساومة التالية أيضا، هذا 


إذا لم يكن هناك من يقتنع إيرانيا وداخل النخبة إياها بإمكانية صمود تلك الدويلة مستفيدين من تلك 


الصرخات التي تأتي من الغرب وتتحدث عن الخوف من مجزرة بحق العلويين بعد سقوط النظام.
وفي حين كانت هناك مبادرة تركية أيضا، سيبقى سباق السياسة مع الحل العسكري قائما حتى النهاية 


بسبب مخاوف الأطراف المعنية من تداعيات السقوط، من دون أن يكون بوسع أحد استبعاد نجاحها 


في التوصل إلى حل ما.
يدخلنا هذا البعد إلى سؤال اليوم التالي، وما يمكن أن يحدث في حال سقط النظام من دون ترتيبات 


سياسية، وهو سؤال سيبقى مطروحا في حال رحيله ضمن اتفاق معين لا يمكن أن يحظى بموافقة 


جميع الأطراف.
هنا يمكن القول إن رحيل النظام وفق ترتيبات سياسية تتضمن حكومة انتقالية لا يعني أن اليوم التالي 


سيكون مستقرا إلى حد كبير، ذلك أن عدد الكتائب وتعدد المرجعيات السياسية والعسكرية يطرح 


أسئلة أكبر بشأن قبول هؤلاء باللعبة السياسية، سوءا فعلوا ذلك تبعا لاشتراطهم الحصول على 


حصص مبالغ فيها، أم بسبب رفضهم المبدأي للعملية السياسية التي يرتبها الخارج، قياسا على رفض 


العملية السياسية واستهداف أركانها من قبل نظرائهم في العراق.
ونعني هنا جبهة النصرة كعنصر أساسي في هذا السياق، وهي جبهة باتت عنوان القوة الأول (


كفصيل) في الساحة السورية، بل ربما زادها موقف واشنطن بوضعها على لائحة الإرهاب شعبية بين 


الناس، والأهم بين المقاتلين الذين صاروا ينتقلون إليها من المجموعات الأخرى، مع أن أحدا لا 


يختلف حول أن الغالبية من المقاتلين ليسوا ضمن إطار الجبهة التي تضم بين صفوفها نسبة لا تتعدى 


الربع من المقاتلين العرب والمسلمين.
"إذا لم تكن هناك تفاهمات وتهميش لروحية الشخصنة في سلوك رموز الثورة، فسنكون إزاء سيناريو 


من الفوضى لا يمكن التنبؤ بمداه، ولا بما سيتسبب فيه من خسائر "
إن حجم التناقض في الساحة السياسية والعسكرية يستدعي عملا دؤوبا للملمة الوضع وتشكيل حكومة 


انتقالية تحظى بإجماع الجزء الأكبر من الفاعلين على الأرض، بما في ذلك جبهة النصرة التي لا بد 


من التفاهم مع رموزها والجهات الداعمة لها كي تقبل المشاركة في الحكومة الانتقالية، وتقتنع بأن 


هذه ثورة حرية وتعددية وليست انقلابا عسكريا، وأن الناس هم الذي سيختارون مصيرهم وممثليهم 


بعد ذلك عبر الصناديق، وأن الإصرار على فرض غير ذلك على الناس سيعزل الجبهة شعبيا كما 


عزل دولة العراق الإسلامية من قبل (نسبيا على الأقل)، ولا حاجة لتكرار التجربة، وليتذكر قادة 


الجبهة أن الإعجاب بها وبعناصرها كمقاتلين يثخنون في عدو مجرم لا يستدعي بالضرورة موافقتهم 


على نهجهم كسياسيين يريدون فرض ما يريدون على الناس بسطوة القوة، ولا يجب الشك هنا في 


انحياز الشعب السوري إلى هويته وثقافته، أو التشكيك في عموم ممثليه حتى لو توفرت ملاحظات 


على بعضهم.
إذا لم تكن هناك تفاهمات من هذا النوع، وتهميش لروحية الشخصنة في سلوك رموز الثورة، فسنكون 


إزاء سيناريو من الفوضى لا يمكن التنبؤ بمداه، ولا بما سيتسبب فيه من خسائر بشرية ومادية، ولذلك 


ليس لنا إلا أن ندعو الله أن يهدي قادة السوريين سبيل رشد يجعل من انتصارهم على الطاغية محطة 


خير وبركة، وليس محطة تأخذهم نحو مزيد من الفوضى والاقتتال.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 68936
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

سوريا.. من الدكتاتورية إلى الثورة Empty
مُساهمةموضوع: رد: سوريا.. من الدكتاتورية إلى الثورة   سوريا.. من الدكتاتورية إلى الثورة Emptyالسبت 09 ديسمبر 2017, 1:58 am

الوضع الراهن والآفاق المستقبلية للثورة السورية


فايز الدويري
خبير عسكري وإستراتيجي


في نهاية عام 2012 كان الحديث يدور عن موعد سقوط الأسد، حيث أجمعت معظم الدول على 


وجوب رحيله بسبب جرائم الحرب التي ارتكبها في سوريا، والتي أكدت منظمات حقوقية وقوعها 


ومسؤوليته عنها.


وأدى ذلك إلى فقدان النظام الشرعية الشعبية والأخلاقية، وبالتوازي مع ذلك كان الحديث يدور نهاية 


عام 2013 حول أمرين محددين هما: التخلص من السلاح السوري الكيميائي، والتحضير لعقد مؤتمر 


جنيف2.


وقد شهد عام 2013 تطورات مهمة في البعدين السياسي والعسكري للثورة السورية، فظهر ائتلاف 


قوى الثورة والمعارضة وهيئة الأركان، اعتبر الأول ممثلا شرعيا للشعب السوري، فيما اعتبر 


الآخر المظلة الجامعة لأطياف المعارضة المسلحة، بالتزامن مع تطورات محلية وتصعيد إقليمي، 


وفتح جزئي للحدود التركية والأردنية، ومساع بريطانية فرنسية لرفع الحظر الأوروبي عن تزويد 


السلاح للجيش الحر، والموافقة الأميركية على تقديم معدات غير قاتلة.


كل ذلك جعل الكثير من المحللين الإستراتيجيين يتوقعون قرب سقوط النظام السوري، وعزز هذا 


التوقع النجاحات التي حققتها المعارضة المسلحة بسيطرتها على مناطق واسعة من الجغرافيا 


السورية، وإطلاق معركة المطارات، وظهور أسلحة نوعية حديثة بيد الثوار رغم محدوديتها.


في ظل هذه التغيرات الإيجابية المؤثرة على مسار الثورة السورية كانت بعض الظلال السوداء 


تغطي خلفية المشهد السوري، ومنها:
"شهد عام 2013 ظهور ائتلاف قوى الثورة وهيئة الأركان،  بالتزامن مع تصعيد إقليمي، وفتح 


جزئي للحدود التركية والأردنية ومساع بريطانية فرنسية لرفع الحظر عن تزويد الجيش الحر 


بالسلاح، وموافقة أميركية على تقديم معدات غير قاتلة"
- تزايد الدعم الروسي للنظام السوري في أبعاده السياسية والعسكرية والاقتصادية والاستخباراتية.


- تحول الدعم الإيراني من دعم محدود مغلف بدبلوماسية هادئة إلى دعم مباشر ومكشوف عبر فتح 


خط ائتماني مع الحكومة السورية بمليارات الدولارات، وإنشاء جسر جوي لإيصال المساعدات 


العسكرية، فيما عزز فيلق القدس من تواجده العسكري بإرساله عناصر من الحرس الثوري الإيراني 


وقوات الباسيج والعديد من الخبراء العسكريين الذي تولوا مسؤولية التدريب والتخطيط الإستراتيجي 


والعملياتي والتعبوي وتولي مهام قيادية لبعض العمليات العسكرية النوعية، إضافة إلى تجميع 


وتدريب المقاتلين الشيعة وإرسالهم إلى سوريا.


- تدخل حزب الله المتصاعد في الأزمة السورية، والذي عبر عنه بتعابير مختلفة حسب المقتضيات 


الظرفية، فبدأ تدخله بحجة حماية البلدات الشيعية الحدودية، ثم حماية المزارات الشيعية، وانتهاء 


بحماية ظهر المقاومة وعدم السماح بسقوط محور الممانعة. 


جاء تدخل حزب الله في الوقت المناسب، فاحتل مدينة القصير التي شكّل سقوطها نقطة تحول في 


الصراع السوري حيث استعادت قوات النظام المبادأة على المستويات العسكرية الثلاثة (


الإستراتيجي والعملياتي والتعبوي)، فيما أصيبت قوات المعارضة المسلحة بانتكاسة كبيرة أفقدتها 


توازنها بعض الوقت، وأسهم حزب الله لاحقا بفاعلية في معارك ريف دمشق والغوطة الشرقية 


والغربية والقلمون وريف حلب.


- ظهور الجماعات الإسلامية المتشددة (جبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق والشام)، حيث تم 


تشكيل جبهة النصرة أواخر عام 2011، وسرعان ما نمت قدراتها لتصبح في غضون أشهر من أبرز 


قوى الثورة السورية، فيما بدأت الدولة الإسلامية نشاطها على الأراضي السورية معتمدة أسلوب 


الانتشار البطيء والقضم المتدرج للمناطق المحررة، حيث بدأت بإنشاء مقار دعوية سمحت لها 


بالتقرب من البيئة الاجتماعية من خلال تقديم المساعدات العينية، ولكنها حولتها لمقار أمنية 


استخدمت في فرض الأمن وملاحقة العصابات الإجرامية والقضاء عليها بقسوة مفرطة مما أثار 


الرعب في قلوب الجميع.
كان من أهم النتائج السلبية لسقوط مدينة القصير حدوث موجة استنكار عمت الكتائب المسلحة، 


وأدت لاحقا إلى عمليات انشقاق واسعة، فشهد يوم 22 نوفمبر/تشرين الثاني ميلاد الجبهة الإسلامية 


التي ضمت أقوى الفصائل المسلحة على الأرض (جيش الإسلام، وأحرار الشام، وصقور الشام، 


ولواء التوحيد، إلخ).


تلا ذلك تأسيس جيش المجاهدين، وتشكل من: "الفرقة 19، وتجمُّع "فاستقم كما أمرت"، وكتائب نور 


الدين زنكي، وحركة النور الإسلامية"، وحرصت مصادر جيش المجاهدين على التأكيد أن تشكيلهم 


ليس متشددا وأنه قريب من منهج الجيش الحر.
"شكل سقوط القصير نقطة تحول فاستعادت قوات النظام المبادأة على المستوى العسكري، فيما 


أصيبت قوات المعارضة المسلحة بانتكاسة كبيرة أفقدتها توازنها بعض الوقت"
انتقلت العدوى لباقي فصائل المقاومة، فأُعلن عن تأسيس جبهة ثوار سوريا، كما أعلن 49 فصيلا في 


جنوب سوريا عن توحدهم في جسم عسكري واحد أطلقوا عليه اسم الجبهة الجنوبية. لقد جاءت ولادة 


هذه التنظيمات على حساب الجيش الحر الذي لم يستطع أن يحقق على مدار عام كامل أي إنجازات 


مهمة سواء على المستوى القيادي أو التنظيمي أو العملياتي أو الإداري.
الوضع الراهن
تراجعت أميركا عن توجيه ضربة للنظام السوري، واكتفت بقبول المبادرة الروسية التي نصت على 


انضمام سوريا لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة الكيميائية وتسليم سلاحها الكيميائي. 


فهم النظام السوري التراجع الغربي بطريقته الخاصة (أن الغرب غير جاد في تهديداته العسكرية)، 


مما شجعه على تصعيد عملياته العسكرية، فعزز من حصاره الغوطتين والأحياء الجنوبية من مدينة 


دمشق، معتمدا إستراتيجية القتل بالتجويع، كما صعّد عملياته العسكرية في القلمون وريف حلب 


الجنوبي، وأفرط في استخدام قواته الجوية فألقت المئات من البراميل المتفجرة على المدن والبلدات 


السورية عامة ومدينتي حلب ودرعا خاصة.


تزامن ذلك مع تبدل في مواقف دول الجوار، وحسب تطور المعارك في الداخل السوري وتأثير ذلك 


على مصالحها الوطنية، حيث بدأت بفتح الحدود حينا وإغلاقها حينا آخر، مما أثر سلبا على وصول 


السلاح النوعي لقوات المعارضة المسلحة. 


كما شهدت الفترة الزمنية نفسها تبادلا في الأدوار السعودية القطرية، حيث ارتفعت حدة الخطاب 


السعودي فيما تراجع الخطاب القطري الرسمي الداعم للثورة، كما بدأ الإعلام الداعم للثورة -وفي 


مقدمته فضائيتا الجزيرة والعربية- يخصص مساحات أوسع للملفين المصري والعراقي على حساب 


الثورة السورية، فيما انشغلت تركيا بأحداثها الداخلية وتقاربها مع إيران.
ازداد المشهد السوري تعقيدا وضبابية بعد اندلاع الاقتتال بين فصائل المعارضة المسلحة السورية، 


إثر قتل الدولة الإسلامية في العراق والشام العقيد الطبيب حسين السليمان لترد كتائب الأتارب 


بمهاجمة مقر الدولة الإسلامية وقتل قائدها وأسر العشرات من عناصرها.


انتقلت العمليات العسكرية إلى محافظات حلب وإدلب ودير الزور والحسكة بعد إعلان كل من جيش 


المجاهدين وجبهة النصرة والجبهة الإسلامية وجبهة ثوار سوريا الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية.


تمكنت الجبهة الإسلامية والتنظيمات الداعمة لها من فرض سيطرتها على محافظات إدلب ودير 


الزور والحسكة ومدينة حلب، فيما لا يزال تنظيم الدولة يسيطر على محافظة الرقة والعديد من 


البلدات المهمة في محافظة حلب (منبج والباب وتل أبيض وعلى أجزاء مهمة من الشريط الحدودي 


مع تركيا).


وقد أجبرت هذه المواجهات تشكيلات المعارضة المسلحة على إخلاء العديد من مواقعها العسكرية 


المواجهة لقوات النظام السوري أو تخفيف القوات المدافعة عنها مما سمح لقوات النظام أن تعيد 


تموضعها الدفاعي وتغيير خططها العملياتية، فسيطرت على مدينة النقارين شرق حلب وبعض 


البلدات المحيطة بها، كما ضيقت الخناق على الأحياء الشرقية من مدينة حلب مما جعل قوات 


المعارضة المسلحة المدافعة في موقف عسكري غير ملائم، وعليها أن تجري تقدير موقف عسكري 


دقيق لمواجهة المخاطر المحدقة بها، وإلا فإن قوات النظام ستحقق إنجازات عسكرية كبيرة.
"إذا تمكنت قوات المعارضة من تطوير عملياتها في محافظة درعا باتجاه العاصمة والاحتفاظ بمنطقة 


القلمون فأمامها فرصة ثمينة لإجراء مناورة مزدوجة (فكي كماشة)، ستجعل من الصعب على النظام 


الدفاع عن دمشق"
على الطرف الآخر من الجغرافيا السورية، تشتد المعارك بين المعارضة المسلحة وقوات النظام 


حيث تشهد بلدات محافظتي درعا والقنيطرة معارك رئيسية حاسمة، نجحت قوات المعارضة في 


السيطرة على العديد من الحواجز والمواقع العسكرية، مما يمكنها إذا توفرت لديها الخطط العملياتية 


الجريئة أن تطور عملياتها العسكرية باتجاه العاصمة دمشق فتساعد على فك الحصار عن الغوطتين 


والأحياء الجنوبية وتهدد مركز الثقل السياسي والعسكري للنظام السوري.
وقد حاول النظام السوري استغلال انعقاد الجلسة الثانية من مؤتمر جنيف2، فصعّد عملياته العسكرية 


في منطقة القلمون، وهي منطقة إستراتيجية تسيطر على الطريق الدولي الواصل بين مدينتي دمشق 


وحمص كما تسيطر على عشرات الممرات المؤدية إلى عرسال اللبنانية.


وكانت قوات النظام قد استعادت السيطرة على بلدات قارة والنبك ودير عطية في معارك سابقة، مما 


أجبر قوات المعارضة على إعادة انتشارها في مدينة يبرود والبلدات الصغيرة المنتشرة في مرتفعات 


القلمون. 


بسبب جغرافية المنطقة، والتي تحد من استخدام الوحدات المدرعة لجأت قوات النظام إلى استخدام 


عناصر قوات النخبة الراجلة لتطويق وعزل بعض البلدات مثل الفليطة وجريجير ورأس المعرة، 


وبإسناد ناري كثيف من سلاح الجو والقصف المدفعي والصاروخي من أجل عزل وتطويق مدينة 


يبرود تمهيدا لاقتحامها.


تعتمد التطورات الميدانية لمعركة القلمون على قدرة القوات المدافعة على الصمود والاستفادة من 


خصائص المنطقة الجغرافية والتي تمنح المدافع ميزات كبرى إذا ما أحسن استغلالها، من خلال 


التمسك بالمناطق الحاسمة ونشر الكمائن، بالإضافة إلى موجوداتها من أسلحة مقاومة للدبابات 


وإمكانية تعزيز هذه القوات من الخارج. 


إن نجاح قوات المعارضة في الاحتفاظ بمنطقة القلمون يحرم قوات النظام من تحقيق التواصل 


الجغرافي بين دمشق وحمص، كما يبقي على المعابر المؤدية إلى عرسال مفتوحة، التي تعتبر بمثابة 


الرئة التي تتنفس منها قوات المعارضة، وتساعد في فرض حصار فاعل على مدينة دمشق، وفي حال 


سيطرة قوات النظام عليها فإنها تحقق التواصل الجغرافي من دمشق وحتى اللاذقية.
إذا تمكنت قوات المعارضة المسلحة من تطوير عملياتها في محافظة درعا باتجاه العاصمة والاحتفاظ 


بمنطقة القلمون فأمامها فرصة ثمينة لإجراء مناورة مزدوجة (فكي كماشة)، ستجعل من الصعب 


على قوات النظام الدفاع عن دمشق، وفي الحد الأدنى فإنها ستحقق مكاسب ميدانية ستضعف الموقف 


التفاوضي لوفد النظام وستعزز الموقف التفاوضي لوفد الائتلاف المعارض.


ولكن هذا النوع المعقد من العمليات العسكرية يحتاج إلى وحدة القيادة وتوحيد الجهد ومركزية 


التخطيط ولامركزية التنفيذ، وهذا لا يتوفر للمعارضة المسلحة، حيث نجد رئاسة الأركان انقسمت 


بعد إقالة اللواء سليم إدريس إلى جناحين هما جناح اللواء سليم إدريس وجناح العميد عبدالإله 


النعيمي.


وتؤكد هذه الردود أن بعض رجالات الثورة السورية من مدنيين وعسكريين -رغم وطنيتهم- مصابون 


بأمراض رجالات النظام، ومنها تقديم المصالح الشخصية على مصلحة الوطن، كما يعانون من غياب 


القدرة على التخطيط الإستراتيجي وتحديد الأهداف الرئيسية للثورة وبيان أولوياتها ووسائل 


وإمكانيات تحقيقها.
"لا يمكن تحقيق إنجاز على الأرض إلا بتوحيد جهود المقاتلين وتسليحهم بالأسلحة النوعية من خلال 


إنشاء قيادة جديدة لجيش وطني سوري، وإدماج الفصائل الإسلامية المعتدلة، ووضع إستراتيجية 


عسكرية محكمة"
وفي الختام، نجد أنه بعد مرور ما يقارب ثلاث سنوات على انطلاق الثورة السورية فإنها لا تزال 


تدور في حلقة مفرغة ومخاضها عسير، خاصة أن الحسم العسكري ليس بمتناول أي من أطراف 


الصراع، مما يعني استمرار هذا الصراع لسنوات قادمة وقد يؤدي إلى تدمير الدولة السورية 


وتحولها لدولة فاشلة يسيطر عليها أمراء الحرب، وما يحمله ذلك من خطر داهم على الشعب 


السوري ودول الجوار والإقليم والعالم أجمع.


لذا، فإن المخرج الوحيد هو الحل السياسي الذي يؤمن الحد الأدنى من التوافق الوطني، وهو ما قدمه 


بيان جنيف1، ومنه تشكيل هيئة انتقالية بصلاحيات كاملة شاملة السيطرة على الجيش والأجهزة 


الأمنية، وتعد دستورا جديدا يضمن حق المواطنة لكافة مكونات الشعب السوري، ويحقق العدالة 


الانتقالية. 


بيد أن تشرذم المعارضة بجناحيها السياسي والعسكري وسيطرة قادة الأجهزة الأمنية للنظام السوري 


على القرارين السياسي والعسكري، والمواقف الروسية والإيرانية الداعمة لنظام الأسد، وتردد الدول 


الغربية في ممارسة ضغوط حقيقية على النظام السوري وحلفائه، جميعها تحول دون التوافق على 


حل يرضي كافة الفرقاء.


وذلك ما يعيد إلى الأذهان أهمية الإنجازات الميدانية للواجهة، والتي لا يمكن تحقيقها إلا بتوحيد جهود 


المقاتلين على الأرض وتسليحهم بالأسلحة النوعية من خلال إنشاء قيادة جديدة لجيش وطني سوري، 


يسمح تنظيمها بإدماج الفصائل الإسلامية المعتدلة، وتقوم بوضع إستراتيجية عسكرية وإستراتيجية 


عمليات تحدد الأهداف والوسائل والإمكانات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
سوريا.. من الدكتاتورية إلى الثورة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  الثورة العربية - الثورة التي وقعت عام 1916
» قصة علم فلسطين.. من الثورة العربية إلى الثورة الفلسطينية
» شاهد معنى الدكتاتورية الحقيقي
» الدكتاتورية الأسوأ.. والتي لم تسمع بها أبدا
» الثورة الفرنسية...

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: التاريخ :: عبر التاريخ :: خط الزمن-
انتقل الى: