منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

  الاقتصاد السياسي للتوجه شرقاً

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69433
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 الاقتصاد السياسي للتوجه شرقاً  Empty
مُساهمةموضوع: الاقتصاد السياسي للتوجه شرقاً     الاقتصاد السياسي للتوجه شرقاً  Emptyالسبت 27 يناير 2018, 9:52 am

الاقتصاد السياسي للتوجه شرقاً 


حميدي العبدالله

مقدمة: يدور في أوساط عديدة حوار حول التوجه شرقاً في ضوء مجموعة من العوامل والتحولات الاقتصادية والسياسية التي شهدتها منطقة الشرق, أو ما يعرف بالأوراسيا, حيث بدأت تنشأ تكتلات اقتصادية تأخذ منحى سياسي مثل «منظمة شنغهاي». كما أن انتقال ثقل التجارة الدولية إلى منطقة الشرق, وتحديداً الصين والهند وجنوب شرق آسيا, ساهم بدورة في إذكاء النقاش حول هذه المسألة في ضوء حقيقة أن حصة دول الشرق في التجارة العالمية وصل إلى معدلات مهمة دفعت بكثير من المفكرين والمخططين في الدول الغربية, ولاسيما في الولايات المتحدة، إلى لفت الانتباه إلى هذا التحول, ومطالبة المسؤولين الغربيين بأخذه على محمل الجد, ووضع السياسات المناسبة.

قوة هذا التحول نحو الشرق, الذي بات مسلماً به لدى النخب المتنورة في الغرب, يؤكد أن جاذبية الشرق ليست جاذبية سياسية وحسب. بمعنى آخر ليس تقارب دول فاعلة في الشرق سياسياً في مواجهة سياسة الهيمنة الغربية وحده الذي يدفع دول هذه المنطقة إلى التعاون, بل أن المصالح التجارية والاقتصادية المشتركة, ولاسيما خطوط نقل النفط والغاز, هي عوامل رئيسية تعزز فعل العوامل السياسية، وتفسر التقارب بين دول منطقة الشرق.

على أية حال التوجه شرقاً, وهو شعار رفعه الرئيس بشار الأسد, في ضوء تجارب سورية المريرة مع الغرب الذي يسعى إلى الهيمنة والسيطرة، ويرفض إقامة علاقات تعاون ندية، يطرح سؤالاً عن القاطرة التي ستقود إلى ولادة هذا التكتل الدولي الكبير التي بدأت ملامحه بالتكون من خلال ثلاثة مؤشرات رئيسية:

المؤشر الأول, ولادة «منظمة شنغهاي» التي كانت في البداية مجرد تكتل للتعاون حول بعض القضايا ذات البعد الجيوسياسي, مثل مكافحة الإرهاب, والجريمة المنظمة, وتهريب المخدرات, وتحولت لاحقاً إلى منظمة اقتصادية سياسية, تزمع إقامة بنك استثمار مشترك, وتصدر بيانات تشبه البيانات التي تصدر سياسياً في أعقاب اجتماعات الدول السبع الغربية بزعامة الولايات المتحدة.
المؤشر الثاني, بدء دول منطقة الشرق بإقامة شبكة من خطوط نقل الطاقة, سواء بين دول المنطقة أو من المنطقة إلى المنافذ البحرية للوصول إلى مناطق أبعد.
المؤشر الثالث, نمو العلاقات التجارية والاقتصادية بين دول المنطقة بمعدلات أسرع مما كانت عليه في أوقات سابقة, وبديهي أن نمو هذه العلاقات التجارية والاقتصادية يسرع في خلق الأطر اللازمة لمواكبة عملية النمو هذه, ولعل ولادة «منظمة شنغهاي»كان نتيجة حتمية، لمثل هذا التحول غير المسبوق منذ أكثر من (300) عام بين دول المنطقة.
تشكل المؤشرات الثلاث قاطرة تؤدي إلى تشكل منطقة الشرق، في موازاة الغرب، والتحالف الدولي والتكتل الاقتصادي على ضفتي الأطلسي الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية بقيادة الولايات المتحدة.

واضح إذن أن فكرة الشرق كقوة جاذبة, أو قوة منافسة للكتلة الغربية بقيادة الولايات المتحدة، ليست خياراً يعبر عن حلم أو طموح سياسي لا يرتكز إلى أي أساس، بل هي تعبير عن وقائع آخذة بالتشكل، يمثل الاقتصاد القوة الحافزة الرئيسية والمحرك الأساسي لهذه العملية. وكما كان للدور الاقتصادي, متمثلاً بالمصالح الاقتصادية للرأسمالية الناشئة (السوق الواسعة) في الغرب, دوراً هاماً في تشكل الدولة القومية، وتجاوز الدويلات والتقسيمات الإدارية الإقطاعية، وكما كان للعامل الاقتصادي والحاجة إلى النمو والرفاه دوره في نشوء «الاتحاد الأوروبي», بدءاً من اتفاقية التعاون حول الصلب والحديد في نهاية عقد الخمسينات من القرن الماضي وصولاً إلى العملة الموحدة، فإن للعوامل التجارية والاقتصادية الأخرى دورها الكبير في ولادة التكتل الشرقي الذي يجري التعبير عنه في تقارب سياسي بين غالبية دوله، وولادة أطر تعاون لم تكن موجودة حتى وقت قريب



العوامل الاقتصادية

نجاح أي مشروع، أو توجه، أو سياسات، يتوقف دائماً على توفر شروط ملائمة، وقوة دفع أو قاطرة لتحقيق هذا المشروع، أولاً اقتصادياً، وثانياً سياسياً، وثالثاً أرجحية العوامل الدافعة الإيجابية على العوامل النابذة والمعيقة السلبية.

أولاً، حول توفر الشروط الاقتصادية، ومدى قوة الدفع الذي تمثله بالنسبة للتوجه شرقاً:

واضح أن ثمة شروط ودوافع قوية على المستوى الاقتصادي هي التي تدفع باتجاه ولادة تكتلات خاصة في مناطق الشرق، ومن بين هذه الشروط: شرط أول، يكمن في حقيقة أن النمو الاقتصادي للدول الواقعة في الشرق، وخاصةً الدول الكبرى مثل الصين والهند وروسيا وإيران وباكستان وتركيا، مرهون بالحصول على فرصة متكافئة في الوصول إلى الأسواق العالمية، سواء من أجل تصدير البضائع والمنتجات من البلدان الواقعة في الشرق، أو حق الاستثمار والحصول على المزايا ذاتها التي يحصل عليها الغرب.

لكن من الواضح أن الغرب، ولاسيما الولايات المتحدة ترفض منح هذه الفرصة للدول الواقعة في الشرق، وثمة وقائع كثيرة تبرز عرقلة الولايات المتحدة الاستثمارات الصينية أو الهندية، وحتى عرقلة استثمارات دول حليفة للولايات المتحدة مثلما فعلت واشنطن عندما عرقلت تملك شركات إماراتية إدارة مرافئ بحرية في الولايات المتحدة، ومن الطبيعي أن تدافع الدول الواقعة في الشرق عن حقها في الحصول على فرص متكافئة في الأسواق الدولية، ولعل هذا هو أحد عوامل ولادة مجموعة البريكس التي تمثل الأسواق الناشئة على امتداد العالم، فهذا التكتل ولد في مواجهة إصرار الغرب على الاستئثار بالأسواق وعدم السماح للأسواق الناشئة بالحصول على حصة متكافئة خلافاً لما نصت عليه اتفاقات منظمة التجارة الدولية، كما أن ولادة «منظمة شنغهاي» يأتي في سياق الأسباب والدوافع ذاتها.

يتوفر شرط ثاني على المستوى الاقتصادي يشكل دافعاً لولادة تكتل دولي في منطقة الشرق ليذود عن مصالحه في مواجهة الغرب، ويشكل قوة دافعة لسياسة التوجه شرقاً ويمنح هذه السياسة واقعية كاملة، يتمثل هذا الشرط في أن النمو الاقتصادي السريع في دول الشرق، ولاسيما في الصين والهند مرتبط أشد الارتباط باستمرار تدفق مصادر الطاقة التي تحتاجها الآلة الصناعية العظيمة، ولكن الغرب يسعى للتحكم بمصادر الطاقة وتوظيفها كسلاح لإبقاء العلاقات غير المتكافئة بين الغرب والشرق، والحفاظ على علاقات التبعية التي كانت قائمة منذ حوالي أكثر من قرنين، ولكن دول الشرق في غالبيتها الساحقة تسعى للحصول على موارد الطاقة بشكل آمن، وهذا يقود إلى تصادمها مع السياسات الغربية، ويدفع دول الشرق للتعاون فيما بينها في مواجهة محاولات الغرب لإخضاعها، ويشكل هذا عاملاً آخر يدفع باتجاه تعزيز التكتل والتنسيق والتعاون بين دول الشرق، وتشكيل منظومات تعاون شبيهة بمنظومات التعاون التي تنظم علاقات دول الغرب فيما بينها.

الشرط الثالث الإيجابي الذي يشكل دافعاً مهماً لتكتل وتعاون دول الشرق، وتجعل سياسة التوجه شرقاً سياسة واقعية ومجدية، يتمثل في أن مصادر الطاقة تتوفر في بعض بلدان هذا الشرق مثل روسيا وإيران، وخطوط نقل الطاقة، سواء بين دول الشرق ذاتها، أو بينها وبين الدول الغربية تمر في بلدان الشرق، وهذا ما يفسر جزءاً كبيراً من الصراع الدائر في المنطقة والتنافس الشديد بين الدول الكبرى حول الظفر بالاستثمار في خطوط النقل لما يترتب على ذلك من عوامل جيوسياسة وجيواستراتيجية، إضافةً إلى العامل الاقتصادي. فمن يتحكم بخطوط نقل الطاقة يستطيع أن يفرض إرادته السياسية، ولهذا تسعى دول الشرق للتعاون فيما بينها وخلق قوة قادرة على حماية هذا الامتياز بما يعزز مصالحها واستقلالية قرارها السياسي.

شرط رابع يلعب دور القاطرة في ولادة التكتل الشرقي، ويرفع من جدية الرهان على التوجه شرقاً، يكمن هذا الشرط في حقيقة أن الدول المركزية في منطقة الشرق، مثل الصين والهند وروسيا وإيران وحتى باكستان وتركيا، هذه الدول جميعها تسعى للاستقلال الكامل ورفض سياسة الإملاء والتبعية التي تصر عليها الدول الغربية، ولاسيما الولايات المتحدة.

هذه الشروط الأربعة الرئيسية تجعل العامل الاقتصادي عاملاً دافعاً ومسرعاً لسياسة التكتل والتنسيق والتعاون بين دول الشرق، وولادة كتلة تشبه الكتلة الأطلسية.


العوامل السياسية

لا تكفي العوامل الاقتصادية وحدها لإنجاح أي مشروع أو توجه لدولة أو تكتل دولي، إذا لم تكن العوامل السياسية متوفرة، بل إن توفر العوامل السياسية هو الذي يخلق الإطار الضروري لفعل العوامل الاقتصادية، وفي ظل غياب العوامل السياسية لن تفعل العوامل الاقتصادية فعلها.

مثلاً، الدول العربية لها مصلحة من الناحية الاقتصادية في التوحد فيما بينها، وتتوفر لها شروط إضافية أخرى تندرج في إطار ما يعرف بعوامل الوحدة القومية، وهي العوامل التي كانت وراء نشوء الدولة القومية في أوروبا وكانت مقدمة ضرورية لولادة الاتحاد الأوروبي. لكن الدول العربية فشلت في تحقيق الاتحاد فيما بينها في إطار دولة قومية واحدة رغم توفر الظروف والعوامل الاقتصادية، وكان ذلك بفعل غياب العوامل السياسية، أي التدخل الأجنبي والوصاية الغربية على غالبية الحكومات العربية. ومعروف أسباب فشل أول تجربة وحدة بين مصر وسورية، ومعروف أيضاً أن من أسقط الجمهورية العربية المتحدة التي قامت بين أعوام 1958 و1961 هي الدول الغربية وتحديداً الولايات المتحدة بالتعاون مع بعض حكومات المنطقة المرتبطة بالغرب. ومثلما أن غياب العوامل السياسية يعطل فعل العوامل الاقتصادية في نجاح أي مشروع أو توجه، فإن توفرها يسهل نجاح المشروع والتوجه، فهل تتوفر للتوجه شرقاً عوامل سياسية إيجابية تساعد على نجاحه مثل العوامل الاقتصادية؟

لا شك أن هذه العوامل السياسية متوفرة بقوة توازي قوة العوامل الاقتصادية، ولهذا يتم الرهان على نجاح التوجه شرقاً، ومن أبرز هذه العوامل:

•          العامل الأول، إصرار الغرب على الهيمنة والوصاية، ورفض التعامل بندية في مواجهة الدول الفاعلة في الشرق، وتحديداً روسيا والصين اللتان تتبوءان مركز العضو الدائم في مجلس الأمن. من المعروف أن موسكو وبكين تطالبان بإقامة نظام دولي متعدد الأقطاب، وتطالبان بعلاقات ندية بينهم وبين الدول الغربية، وتطالبان بفرصة للوصول إلى الأسواق وإقامة علاقات مع كل دول العام توازي تلك الفرص التي تربط الدول الغربية مع غالبية دول العالم. لكن من المعروف أن الحكومات الغربية وتحديداً حكومة الولايات المتحدة، ترفض التعامل مع روسيا والصين بناءً على هذا المنظور، وتصر هذه الحكومات على إبقاء هاتين الدولتين في إطار علاقة هي أقرب إلى التبعية أو شركاء من الدرجة الثانية، وهذا ما ترفضه كل من روسيا والصين، بل أكثر من ذلك إن الحكومات الغربية تزدري الصين وروسيا وتجلى ذلك في ثلاثة مؤشرات، تؤكد هذه المؤشرات الثلاثة وجود العوامل السياسية التي تساعد على ولادة التكتل الشرقي على غرار الكتلة الأطلسية. المؤشر الأول العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا والصين على خلفية قضايا ذات طابع سياسي، مثل علاقات الصين مع إيران وكوريا الشمالية، علماً أن العقوبات المفروضة على روسيا والصين، لاسيما من قبل الولايات المتحدة لم تنص عليها أي قرارات أممية، أي أنها غير صادرة عن الأمم المتحدة لتكون لها قوة الشرعية التي تلزم موسكو وبكين بها. جميع هذه العقوبات، سواء المتعلقة بالموقف من إيران وكوريا الشمالية وأوكرانيا جاءت على خلفية رفض روسيا والصين الامتثال للإرادة الأميركية والغربية، واعتمادهما سياسة مستقلة تعبر عن رؤيتهما الخاصة ومصالحهما التي قد لا تتطابق مع المصالح الأميركية والغربية. المؤشر الثاني، قيود الدول الغربية على القطاعات الاقتصادية التي تمتلك فيها دول الشرق ميزة تنافسية، وعدم إعطاء فرصة متكافئة على هذا الصعيد توازي الفرص التي منحت للحكومات الغربية.

المؤشر الثالث، سعي الحكومات الغربية للسيطرة على مناطق واقعة في مجال النفوذ الحيوي لكل من روسيا والصين، مثل توسع الناتو شرقاً، وتقييد حركة الصين في بحر الصين ومنطقة الأوراسيا.

•          العامل الثاني، أن جميع دول الشرق المهيأة لتشكيل التكتل الشرقي هي دول مهمة ومركزية، إن لجهة عدد سكانها، أو اتساع أسواقها، أو كونها تاريخياً كانت دولاً وكيانات مستقلة، بل لعبت دوراً هاماً على المستوى الدولي، على الصعيدين السياسي والاقتصادي، وبالتالي هذه الدول متمثلة بروسيا والصين وإيران والهند، وحتى تركيا وباكستان رغم علاقاتهما التقليدية الجيدة مع الغرب، إلا أن لديهما مصالح جيوسياسية وجيواقتصادية تعزز ارتباطهما بالكتلة الشرقية من دون أن يعني ذلك الانفصال الكامل عن الكتلة الغربية. وبالتالي فإن هذه الدول التي تشكل نواة الكتلة الشرقية لن تقبل معاملة الحكومات الغربية لها.

هذه العوامل السياسية تتكامل مع فعل العوامل الاقتصادية لتدفع باتجاهين:

•          الاتجاه الأول، التصادم مع الغرب طالما أصر الغرب على سياسته القائمة على الهيمنة والوصاية.

•          الاتجاه الثاني، حاجة هذه الدول تحت تأثير تقارب مصالحها السياسية والاقتصادية للتعاون فيما بينها لمواجهة وصد محاولات تحدي مصالحها الوطنية.

هذه هي العوامل التي تجعل سياسة التوجه شرقاً تستند إلى الواقعية السياسية بالنسبة لجميع الدول والحكومات التي ترفض الرضوخ للهيمنة والوصاية الغربية، والتي تريد الانضمام إلى الكتلة الدولية الناشئة التي تعارض الهيمنة الغربية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69433
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 الاقتصاد السياسي للتوجه شرقاً  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاقتصاد السياسي للتوجه شرقاً     الاقتصاد السياسي للتوجه شرقاً  Emptyالأربعاء 31 يناير 2018, 7:33 pm

الاقتصاد السياسي للتوجه شرقاً (2)


العوامل الاقتصادية


حميدي العبدالله


نجاح أي مشروع، أو توجه، أو سياسات، يتوقف دائماً على توفر شروط ملائمة، وقوة دفع أو قاطرة لتحقيق هذا المشروع، أولاً اقتصادياً، وثانياً سياسياً، وثالثاً أرجحية العوامل الدافعة الإيجابية على العوامل النابذة والمعيقة السلبية.




أولاً، حول توفر الشروط الاقتصادية، ومدى قوة الدفع الذي تمثله بالنسبة للتوجه شرقاً:


واضح أن ثمة شروط ودوافع قوية على المستوى الاقتصادي هي التي تدفع باتجاه ولادة تكتلات خاصة في مناطق الشرق، ومن بين هذه الشروط: شرط أول، يكمن في حقيقة أن النمو الاقتصادي للدول الواقعة في الشرق، وخاصةً الدول الكبرى مثل الصين والهند وروسيا وإيران وباكستان وتركيا، مرهون بالحصول على فرصة متكافئة في الوصول إلى الأسواق العالمية، سواء من أجل تصدير البضائع والمنتجات من البلدان الواقعة في الشرق، أو حق الاستثمار والحصول على المزايا ذاتها التي يحصل عليها الغرب.


لكن من الواضح أن الغرب، ولاسيما الولايات المتحدة ترفض منح هذه الفرصة للدول الواقعة في الشرق، وثمة وقائع كثيرة تبرز عرقلة الولايات المتحدة الاستثمارات الصينية أو الهندية، وحتى عرقلة استثمارات دول حليفة للولايات المتحدة مثلما فعلت واشنطن عندما عرقلت تملك شركات إماراتية إدارة مرافئ بحرية في الولايات المتحدة، ومن الطبيعي أن تدافع الدول الواقعة في الشرق عن حقها في الحصول على فرص متكافئة في الأسواق الدولية، ولعل هذا هو أحد عوامل ولادة مجموعة البريكس التي تمثل الأسواق الناشئة على امتداد العالم، فهذا التكتل ولد في مواجهة إصرار الغرب على الاستئثار بالأسواق وعدم السماح للأسواق الناشئة بالحصول على حصة متكافئة خلافاً لما نصت عليه اتفاقات منظمة التجارة الدولية، كما أن ولادة «منظمة شنغهاي» يأتي في سياق الأسباب والدوافع ذاتها.


يتوفر شرط ثاني على المستوى الاقتصادي يشكل دافعاً لولادة تكتل دولي في منطقة الشرق ليذود عن مصالحه في مواجهة الغرب، ويشكل قوة دافعة لسياسة التوجه شرقاً ويمنح هذه السياسة واقعية كاملة، يتمثل هذا الشرط في أن النمو الاقتصادي السريع في دول الشرق، ولاسيما في الصين والهند مرتبط أشد الارتباط باستمرار تدفق مصادر الطاقة التي تحتاجها الآلة الصناعية العظيمة، ولكن الغرب يسعى للتحكم بمصادر الطاقة وتوظيفها كسلاح لإبقاء العلاقات غير المتكافئة بين الغرب والشرق، والحفاظ على علاقات التبعية التي كانت قائمة منذ حوالي أكثر من قرنين، ولكن دول الشرق في غالبيتها الساحقة تسعى للحصول على موارد الطاقة بشكل آمن، وهذا يقود إلى تصادمها مع السياسات الغربية، ويدفع دول الشرق للتعاون فيما بينها في مواجهة محاولات الغرب لإخضاعها، ويشكل هذا عاملاً آخر يدفع باتجاه تعزيز التكتل والتنسيق والتعاون بين دول الشرق، وتشكيل منظومات تعاون شبيهة بمنظومات التعاون التي تنظم علاقات دول الغرب فيما بينها.


الشرط الثالث الإيجابي الذي يشكل دافعاً مهماً لتكتل وتعاون دول الشرق، وتجعل سياسة التوجه شرقاً سياسة واقعية ومجدية، يتمثل في أن مصادر الطاقة تتوفر في بعض بلدان هذا الشرق مثل روسيا وإيران، وخطوط نقل الطاقة، سواء بين دول الشرق ذاتها، أو بينها وبين الدول الغربية تمر في بلدان الشرق، وهذا ما يفسر جزءاً كبيراً من الصراع الدائر في المنطقة والتنافس الشديد بين الدول الكبرى حول الظفر بالاستثمار في خطوط النقل لما يترتب على ذلك من عوامل جيوسياسة وجيواستراتيجية، إضافةً إلى العامل الاقتصادي. فمن يتحكم بخطوط نقل الطاقة يستطيع أن يفرض إرادته السياسية، ولهذا تسعى دول الشرق للتعاون فيما بينها وخلق قوة قادرة على حماية هذا الامتياز بما يعزز مصالحها واستقلالية قرارها السياسي.


شرط رابع يلعب دور القاطرة في ولادة التكتل الشرقي، ويرفع من جدية الرهان على التوجه شرقاً، يكمن هذا الشرط في حقيقة أن الدول المركزية في منطقة الشرق، مثل الصين والهند وروسيا وإيران وحتى باكستان وتركيا، هذه الدول جميعها تسعى للاستقلال الكامل ورفض سياسة الإملاء والتبعية التي تصر عليها الدول الغربية، ولاسيما الولايات المتحدة.


هذه الشروط الأربعة الرئيسية تجعل العامل الاقتصادي عاملاً دافعاً ومسرعاً لسياسة التكتل والتنسيق والتعاون بين دول الشرق، وولادة كتلة تشبه الكتلة الأطلسية.








الاقتصاد السياسي للتوجه شرقاً (3)


حميدي العبدالله


العوامل السياسية


لا تكفي العوامل الاقتصادية وحدها لإنجاح أي مشروع أو توجه لدولة أو تكتل دولي، إذا لم تكن العوامل السياسية متوفرة، بل إن توفر العوامل السياسية هو الذي يخلق الإطار الضروري لفعل العوامل الاقتصادية، وفي ظل غياب العوامل السياسية لن تفعل العوامل الاقتصادية فعلها.


مثلاً، الدول العربية لها مصلحة من الناحية الاقتصادية في التوحد فيما بينها، وتتوفر لها شروط إضافية أخرى تندرج في إطار ما يعرف بعوامل الوحدة القومية، وهي العوامل التي كانت وراء نشوء الدولة القومية في أوروبا وكانت مقدمة ضرورية لولادة الاتحاد الأوروبي. لكن الدول العربية فشلت في تحقيق الاتحاد فيما بينها في إطار دولة قومية واحدة رغم توفر الظروف والعوامل الاقتصادية، وكان ذلك بفعل غياب العوامل السياسية، أي التدخل الأجنبي والوصاية الغربية على غالبية الحكومات العربية. ومعروف أسباب فشل أول تجربة وحدة بين مصر وسورية، ومعروف أيضاً أن من أسقط الجمهورية العربية المتحدة التي قامت بين أعوام 1958 و1961 هي الدول الغربية وتحديداً الولايات المتحدة بالتعاون مع بعض حكومات المنطقة المرتبطة بالغرب. ومثلما أن غياب العوامل السياسية يعطل فعل العوامل الاقتصادية في نجاح أي مشروع أو توجه، فإن توفرها يسهل نجاح المشروع والتوجه، فهل تتوفر للتوجه شرقاً عوامل سياسية إيجابية تساعد على نجاحه مثل العوامل الاقتصادية؟


لا شك أن هذه العوامل السياسية متوفرة بقوة توازي قوة العوامل الاقتصادية، ولهذا يتم الرهان على نجاح التوجه شرقاً، ومن أبرز هذه العوامل:


•          العامل الأول، إصرار الغرب على الهيمنة والوصاية، ورفض التعامل بندية في مواجهة الدول الفاعلة في الشرق، وتحديداً روسيا والصين اللتان تتبوءان مركز العضو الدائم في مجلس الأمن. من المعروف أن موسكو وبكين تطالبان بإقامة نظام دولي متعدد الأقطاب، وتطالبان بعلاقات ندية بينهم وبين الدول الغربية، وتطالبان بفرصة للوصول إلى الأسواق وإقامة علاقات مع كل دول العام توازي تلك الفرص التي تربط الدول الغربية مع غالبية دول العالم. لكن من المعروف أن الحكومات الغربية وتحديداً حكومة الولايات المتحدة، ترفض التعامل مع روسيا والصين بناءً على هذا المنظور، وتصر هذه الحكومات على إبقاء هاتين الدولتين في إطار علاقة هي أقرب إلى التبعية أو شركاء من الدرجة الثانية، وهذا ما ترفضه كل من روسيا والصين، بل أكثر من ذلك إن الحكومات الغربية تزدري الصين وروسيا وتجلى ذلك في ثلاثة مؤشرات، تؤكد هذه المؤشرات الثلاثة وجود العوامل السياسية التي تساعد على ولادة التكتل الشرقي على غرار الكتلة الأطلسية. المؤشر الأول العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا والصين على خلفية قضايا ذات طابع سياسي، مثل علاقات الصين مع إيران وكوريا الشمالية، علماً أن العقوبات المفروضة على روسيا والصين، لاسيما من قبل الولايات المتحدة لم تنص عليها أي قرارات أممية، أي أنها غير صادرة عن الأمم المتحدة لتكون لها قوة الشرعية التي تلزم موسكو وبكين بها. جميع هذه العقوبات، سواء المتعلقة بالموقف من إيران وكوريا الشمالية وأوكرانيا جاءت على خلفية رفض روسيا والصين الامتثال للإرادة الأميركية والغربية، واعتمادهما سياسة مستقلة تعبر عن رؤيتهما الخاصة ومصالحهما التي قد لا تتطابق مع المصالح الأميركية والغربية. المؤشر الثاني، قيود الدول الغربية على القطاعات الاقتصادية التي تمتلك فيها دول الشرق ميزة تنافسية، وعدم إعطاء فرصة متكافئة على هذا الصعيد توازي الفرص التي منحت للحكومات الغربية.


المؤشر الثالث، سعي الحكومات الغربية للسيطرة على مناطق واقعة في مجال النفوذ الحيوي لكل من روسيا والصين، مثل توسع الناتو شرقاً، وتقييد حركة الصين في بحر الصين ومنطقة الأوراسيا.


•          العامل الثاني، أن جميع دول الشرق المهيأة لتشكيل التكتل الشرقي هي دول مهمة ومركزية، إن لجهة عدد سكانها، أو اتساع أسواقها، أو كونها تاريخياً كانت دولاً وكيانات مستقلة، بل لعبت دوراً هاماً على المستوى الدولي، على الصعيدين السياسي والاقتصادي، وبالتالي هذه الدول متمثلة بروسيا والصين وإيران والهند، وحتى تركيا وباكستان رغم علاقاتهما التقليدية الجيدة مع الغرب، إلا أن لديهما مصالح جيوسياسية وجيواقتصادية تعزز ارتباطهما بالكتلة الشرقية من دون أن يعني ذلك الانفصال الكامل عن الكتلة الغربية. وبالتالي فإن هذه الدول التي تشكل نواة الكتلة الشرقية لن تقبل معاملة الحكومات الغربية لها.


هذه العوامل السياسية تتكامل مع فعل العوامل الاقتصادية لتدفع باتجاهين:




•          الاتجاه الأول، التصادم مع الغرب طالما أصر الغرب على سياسته القائمة على الهيمنة والوصاية.


•          الاتجاه الثاني، حاجة هذه الدول تحت تأثير تقارب مصالحها السياسية والاقتصادية للتعاون فيما بينها لمواجهة وصد محاولات تحدي مصالحها الوطنية.


هذه هي العوامل التي تجعل سياسة التوجه شرقاً تستند إلى الواقعية السياسية بالنسبة لجميع الدول والحكومات التي ترفض الرضوخ للهيمنة والوصاية الغربية، والتي تريد الانضمام إلى الكتلة الدولية الناشئة التي تعارض الهيمنة الغربية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69433
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 الاقتصاد السياسي للتوجه شرقاً  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاقتصاد السياسي للتوجه شرقاً     الاقتصاد السياسي للتوجه شرقاً  Emptyالسبت 03 فبراير 2018, 8:42 am

الاقتصاد السياسي للتوجه شرقاً (4)
حميدي العبدالله

المعيقات والعراقيل

قيام تكتل شرقي, انطلاقاً من العوامل الاقتصادية, والعوامل السياسية، التي تعمل في صالح ولادة هذا التكتل, بل تجعل احتمال قيامه أمراً مرجحاً, لا يعني أن ولادة كتلة شرقية تشبه الكتلة الغربية لا تواجهها أية معيقات وعراقيل. ومثلما أن كثير من العراقيل والمعيقات أخرت ولادة الاتحاد الأوروبي حوالي ربع قرن، فإن فعل بعض المعيقات سوف يؤثر على وتيرة وسرعة العمل لولادة التكتل الشرقي.

واحدة من أبرز المعيقات والعراقيل تكمن في حجم التبادل التجاري, لاسيما بين الصين والولايات المتحدة. أظهرت المعطيات الإحصائية المنشورة عام 2016 أن تبادل السلع بين الولايات المتحدة والصين كان كبيراً للغاية, وسجلت الولايات المتحدة أكبر عجز لها في هذا العام تجاه الصين, إذ بلغ 347 مليار دولار. يعني ذلك أن الصين صدرت سلع إلى الولايات المتحدة تفوق قيمة هذا المبلغ لأن المبلغ يشير إلى العجز التجاري, أي أن الصين تصدر سلع أكثر مما تستورد من الولايات المتحدة بهذا القدر, وهذا يعني أن الصين لا تمتلك القدرة على الاستغناء عن الأسواق الأميركية, فالولايات المتحدة هي الشريك الأكبر والأول تجارياً للصين, فمنذ عام 2015 أصبحت الصين اكبر شريك تجاري للولايات المتحدة, وبلغ حجم التبادل التجاري بينهما 519.6 مليار دولار.

وبديهي أن هذه الشراكة تخلق شكل من أشكال التبعية المتبادلة, والمقصود بالتبعية المتبادلة, أن الولايات المتحدة لا تستطيع الاستغناء عن الصين كسوق لتصريف بضائعها وكساحة لتوظيف استثماراتها والحصول على أرباح مرتفعة كعائد على هذه الاستثمارات، وهذا هو الذي يفسر أسباب تراجع الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن وعوده الانتخابية بشأن الصين, حيث كان قد وعد بتقييد الاستيراد من الصين لحماية مصالح الشركات الأميركية من منافسة البضائع الصينية في السوق الأميركي, بعد أن تبين له أن الإقدام على مثل هذا العمل سيدفع الصين للرد والمعاملة بالمثل, وبالتالي ستكون خسارة الشركات الأميركية توازي الخسائر التي سيلحقها أي إجراء موجه لتقييد الاستيراد من الصين. وأيضاً الصين لا تستطيع الاستغناء عن الولايات المتحدة، لأن من شأن ذلك فرض قيود على وصول السلع الصينية إلى السواق الأميركية وهذا يعني أكبر خسارة تحل بالاقتصاد الصيني, وسيقود ذلك إلى اندلاع أزمة اقتصادية حادة في الصين ويؤثر على معدلات النمو, وربما يترك كل ذلك تداعيات تهدد الاستقرار في هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه مليار و400 مليون نسمة. الشراكة مثلاً بين الصين ودول البريكس, أو دول التكتل الشرقي لم تصل بعد إلى معدلات عالية تقترب من معدل الشراكة بين الصين والولايات المتحدة, مثلاً التبادل التجاري بين الصين والهند لا يزال عند حدود (71) مليار دولار, حسب إحصاءات عام 2015, في حين أن حجم التبادل التجاري بين روسيا والصين بلغ عام 2017, (84) مليار دولار.

معروف أن الهند والصين وروسيا تشكل نواة التكتل الشرقي, ولكن التجارة البينية بين الدول الثلاث لم تصل بمجموعها إلى نصف حجم التبادل التجاري بين الصين والولايات المتحدة, وإذا ما أخذ بعين الاعتبار حجم التجارة بين الصين والكتلة الغربية بقيادة الولايات المتحدة يصبح الاختلال أكثر قوة وأكثر حدة باتجاه تكريس التبعية المتبادلة بين الصين ودول البريكس والاقتصادات الغربية, وهذا يؤثر بكل تأكيد على وتيرة وسرعة ولادة التكتل الشرقي.

هناك عامل آخر يعيق ولادة التكتل الشرقي ويؤثر على سرعته, يتمثل بحجم الاكتتاب الصيني بسندات الخزينة الأميركية, فحسب أول إعلان رسمي صدر عن الخزينة الأميركية في أيار 2017 تبين أن الصين ما تزال تحتل المركز الأول على مستوى العالم في الاكتتاب بسندات الخزينة الأميركية, إذ بلغت استثماراتها بنهاية شهر آذار 2017 حوالي 1.244 تريليون دولار. ومما لا شك فيه أن الاكتتاب الكبير في سندات الخزينة من قبل الصين يعزز فعل التبعية المتبادلة, فليس من مصلحة الولايات المتحدة خسارة اكتتاب الصين في سندات الخزينة, وليس من مصلحة الصين الوصول في علاقاتها مع الولايات المتحدة إلى حد القطيعة، الأمر الذي يشكل خطراً على استثمارها في سندات الخزينة وربما خسارتها لهذا المبلغ الضخم.

هذه التبعية المتبادلة تجارياً, والاستثمار في سندات الخزينة يدفع الصين وكذلك الولايات المتحدة إلى احتواء أي صراع أو خلاف ينشب بينهما, وهذا من شأنه أن يؤثر على وتيرة وسرعة ولادة التكتل الشرقي, كما يحد من إمكانية حصول مواجهة قوية وحادة بين هذا التكتل والكتلة الغربية بقيادة الولايات المتحدة.

هناك عامل ثالث يعيق ويؤثر على سرعة ولادة التكتل الشرقي، وهو هيمنة الولايات المتحدة على النظام المالي العالمي، لا تزال مؤسسات «بروتون وودز» التي ولدت في أعقاب الحرب العالمية الثانية والتي تهيمن عليها الولايات المتحدة تتحكم بالنظام المالي العالمي، وهذا التحكم يؤثر على العلاقات الاقتصادية والتجارية ليس في مجموعة البريكس وحدها، بل على مستوى الاقتصاد العالمي, ولا يلوح في الأفق إمكانية للتغلب على هذه الهيمنة من قبل الدول المرشحة لتكوين التكتل الشرقي، إما لأسباب تتعلق بالتبعية التجارية مع الكتلة الغربية، أو لأسباب تتعلق بالقدرة على إيجاد نظام مالي بديل يحوز على شمولية التأثير على التجارة الدولية يوازي تأثير النظام المالي الحالي الذي تتحكم فيه الولايات المتحدة والدول الغربية. لاشك أن روسيا والصين تعملان على الإفلات من أسار النظام المالي العالمي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة وقد رصدت صحيفة «واشنطن بوست» ودورية             «بلومبيرغ نيوزسرفيس» هذه المحاولات حيث أكدتا أن ثمة «مخاوف تتصاعد من محاولات روسيا والصين ودول أخرى ابتداع وتبني هندسة مالية موازية يمكنها أن تتجاوز العمل بالنظام العالمي القائم الآن الذي يسمح للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي معرفة مصادر تحويل الأموال وأماكن تحويلها والجهات التي ستستلمها». مثل «ابتداع روسيا في عام 2015 بديلها الخاص لنظام منصة سويفت».

وبكل تأكيد من شأن كل ذلك إلغاء فاعلية نظام العقوبات الاقتصادية الذي تعتمده الولايات المتحدة, ولكن للوصول إلى هذه الغاية تحتاج روسيا والصين لوقت طويل, في هذا الوقت سوف تظل موسكو وبكين حريصتان على عدم الذهاب بالمواجهة إلى النهاية مع الغرب ومع الولايات المتحدة, في هذا السياق تنقل «واشنطن يبوست» و«بليومبيرغ» إنه على الرغم من صعود «مؤشر القلق من زيادة المخاطر على الدور الذي تلعبه العقوبات الاقتصادية في إبراز الولايات المتحدة لعضلاتها السياسية في العالم», إلا أن «خبراء.... يرون أنه في الوقت الذي قد يتم فيه استخدام البيتكوين (العملة الافتراضية لتهميش النظام المالي الحالي) فإنها لا تمتلك إلا قدرة ضعيفة عل تجاوز العقوبات», ولم تتجاوز «قيمة عملة البيتكوين السوقية (200) مليار دولار».

هذه العوامل الثلاث مجتمعة ستؤخر ولادة كتلة شرقية فاعلة ومستقلة عن الكتلة الغربية، ويؤثر على جاذبية الكتلة الشرقية بالمقارنة مع الكتلة الغربية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69433
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 الاقتصاد السياسي للتوجه شرقاً  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاقتصاد السياسي للتوجه شرقاً     الاقتصاد السياسي للتوجه شرقاً  Emptyالسبت 10 فبراير 2018, 1:16 pm

الاقتصاد السياسي للتوجه شرقاً (5)

حميدي العبدالله

ماهية سياسة التوجه شرقاً

ما المقصود بالتوجه شرقاً وما هي طبيعة هذا المشروع؟ بالنسبة للكثيرين الذين يسمعون بهذا الشعار، لا يعرفون معنى سياسة التوجه شرقاً، وربما يصاب البعض بخيبة أمل إذا كان التقدير أن سياسة التوجه شرقاً تعني قيام كيان سياسي واقتصادي موحد بشكل كامل بين دوله على غرار الدول الاتحادية مثل الولايات المتحدة، أو على غرار ما كان يحلم به الكثير من العرب، ولا يزالون يحلمون به، وهو قيام دولة عربية واحدة تذوب في إطارها كل الدول القطرية التي تشكل الكيانات العربية الحالية.

لا شك أن سياسة التوجه شرقاً والمشروع المطروح على هذا الصعيد لا يضع في حساباته تحقيق مثل هذه الغاية غير الممكنة وغير الطبيعية، فهذه الدول على الرغم مما يجمع بينها، إلا أنها منطقة مترامية الأطراف، ومتعددة الثقافات والأديان إلى درجة يصعب معها تصور أن يقوم كيان واحد يضم دولها بقومياتها المختلفة وأديانها المتعددة، وثقافاتها المتنوعة، فحتى ما تحقق للاتحاد الأوروبي لا يتحقق للدول التي يمكن أن تكون جزءاً من مشروع التوجه شرقاً، فإذا كانت أوروبا متعددة القوميات فهي لا تنطوي على التنوع الديني والثقافي الذي تحتويه المناطق المرشحة للدخول في مشروع التوجه شرقاً.

لا يمكن على الإطلاق استبعاد تأثير تعدد الأديان والثقافات التي تميز المساحة الجغرافية التي ستكون الإطار الجغرافي لمشروع التوجه شرقاً، لأن هذا التنوع يؤثر تأثيراً كبيراً ويرسم حدود التعاون والاندماج بين الدول الواقعة في هذه المنطقة.

في المقابل هناك ثلاثة نماذج قد يستلهم مشروع التوجه شرقاً جزءاً من كل أنموذج، ليشكل خاصيته التي تعكس مستوى التحول التاريخي، وما حمله هذا التحول من عناصر تساهم في خلق وضع فريد عند وضع مشروع التوجه شرقاً موضع التطبيق.

الأنموذج الأول، كتلة «الحياد الإيجابي» التي نهضت في منتصف خمسينات القرن الماضي وضمت دولاً في آسيا وأوروبا وإفريقيا، وكان من أبرز روادها الرؤساء جمال عبد الناصر في مصر، وأحمد سكارنو في أندونيسيا، وشون لاي في الصين، ونهرو في الهند وجوزيف بروز تيتو في يوغسلافيا. هذه الكتلة الدولية التي جمعت دولاً من آسيا وإفريقيا وأوروبا حتمت قيامها سياسة الاستقلال عن الكتلتين الدوليتين الكبيرتين آنذاك، الكتلة الشرقية بقيادة الاتحاد السوفيتي، والكتلة الغربية بقيادة الولايات المتحدة.

لا شك أن ولادة هذه الكتلة كان العامل الأساسي فيها هو الموقف السياسي المشترك القائم على مبدأ الاستقلالية عن الاستقطاب بين الكتلتين الشرقية والغربية. ولكن لم يكن للعوامل الاقتصادية دور فاعل في ولادة هذه الكتلة، ولذلك ظلت هذه الكتلة أقرب إلى التحالف السياسي منها إلى أي شيء آخر، ولم تنشأ روابط اقتصادية متينة بين هذه الدول تعزز فعل الجوامع السياسية بينها. تختلف هذه الكتلة عن مشروع التوجه شرقاً في أن مشروع التوجه شرقاً يحوز على عوامل دافعة أكثر قوة، وتتكامل فيها العوامل السياسية مع العوامل الاقتصادية وعند ولادة الكتلة الشرقية، أو التكتل الشرقي، سيكون ذلك أمتن بكثير من كتلة الحياد الإيجابي.

الأنموذج الثاني، الاتحاد الأوروبي. لا شك أن التوجه شرقاً يحوز على بعض الشروط التي توفرت للاتحاد الأوروبي وساعدت على قيامه، ومن بين هذه الشروط التقارب السياسي والمصالح الاقتصادية المشتركة، ومعروف أن نجاح سياسة التوجه شرقاً مرتبطة بهذين العاملين، ولكن الاتحاد الأوروبي يختلف عن مشروع التوجه شرقاً في عامل التنوع الثقافي والتعدد الديني، والأرجح أن هذا العامل سيؤثر على مستوى الاندماج في مشروع التوجه شرقاً ويجعله أدنى من الاتحاد الأوروبي.

الأنموذج الثالث، هو الكتلة الغربية التي تضم الدول الغربية، من أستراليا مروراً باليابان وأوروبا وانتهاءً بالولايات المتحدة وكندا. الكتلة الغربية، أو الشراكة الأطلسية التي انبثق عنها حلف الناتو، تشكل أنموذجاً ثالثاً قد يحمل بعض السمات التي يمكن أن يحتويها مشروع التوجه شرقاً، والأرجح أن التوجه شرقاً سيكون أقرب كأنموذج إلى الكتلة الأطلسية منه إلى الاتحاد الأوروبي أو مجموعة الحياد الإيجابي، لأنه ينطوي على عناصر تدفع باتجاه تعاون وتكامل وتنسيق اقتصادي وسياسي أعلى من كتلة الحياد الإيجابي، وأدنى من العوامل التي جمعت دول الاتحاد الأوروبي، ولكنها تقترب إلى حد التطابق من العوامل التي جمعت دول الكتلة الغربية.

إذن مشروع التوجه شرقاً، عندما يذلل كل العقد والعقبات والعراقيل، سيكون شكلاً من أشكال التعاون السياسي والاقتصادي بين دوله، وستنشأ الكثير من الأطر والمؤسسات المشتركة التي تسهر على رعاية العلاقة بين دوله، ولكنه لن يكون شكلاً من أشكال الاتحاد أو الدولة الواحدة حتى وإن كان مستوى الترابط بين أقاليمها أقرب إلى الترابط الكونفدرالي. لكنه قد يكون أكثر قوة وحرارة من روابط الكتلة الغربية لأنه يقوم على مصالح متكافئة بين دوله، وبعيداً عن هيمنة الدولة الأقوى والأكبر، كما هو الحال في الكتلة الغربية، حيث الهيمنة للولايات المتحدة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69433
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 الاقتصاد السياسي للتوجه شرقاً  Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاقتصاد السياسي للتوجه شرقاً     الاقتصاد السياسي للتوجه شرقاً  Emptyالسبت 17 فبراير 2018, 9:15 am

الاقتصاد السياسي للتوجه شرقاً (6)

حميدي العبدالله

خاتمة

إذا ما وضع بعين الاعتبار عوامل الدفع الاقتصادية والسياسة التي تجعل سياسة التوجه شرقاً وقيام كتلة شرقية تشبه الكتلة الغربية أمراً أكيداً، وإذا ما أخذ بعين الاعتبار العوامل التي تعيق ولادة هذه الكتلة وتؤثر على سرعة ولادتها، يمكن الاستنتاج أنه في نهاية المطاف ستولد هذه الكتلة، ليس فقط بفعل العوامل الموضوعية الناجمة عن التحول العميق والمتصاعد الذي تشهده التجارة الدولية، وتزايد حصة دول الشرق من الناتج الإجمالي الدولي، وانتقال ثقل التجارة الدولية إلى الشرق، بل بسبب تركز العملية الإنتاجية للغرب ذاته في دول الشرق، مثل الصين والهند، وحتى أندونيسيا وكوريا الجنوبية، وإنما أيضاً إضافةً إلى ذلك، من واقع أن الصراع على الموارد والمواد الأولية، والأسواق، وخطوط نقل الطاقة التي تغذي الآلة الاقتصادية، وتحافظ على مستوى التقدم الحضاري عادت بقوة من جديد، ولكن هذه المرة في إطار صراع مركب: صراع وتنافس بين الدول الغربية على غرار ما كان قائماً على امتداد القرنين التاسع عشر والعشرين. وصراع وتنافس بين الشرق والغرب، وهنا مفهوم الشرق والغرب بات مرادفاً لمفهوم الشمال الغني والجنوب الفقير، ولكن هذه المرة الغرب المتقهقر اقتصادياً، وحتى سياسياً، والشرق النامي والصاعد اقتصادياً وسياسياً، ومن هنا أطلقت تسمية البريكس على نواة الكتلة الشرقية وهي عبارة عن اختصار لعبارة «الأسواق البازغة»، وثمة الكثير من الوقائع والأدلة التي تحفل بها وسائل الإعلام الغربية وتصريحات المسؤولين في الغرب التي تلحظ وتشدد على هذه الصيرورة المستقبلية.

أحدث ما كشف عن هذا الواقع التاريخي الجديد ما جاء في العقيدة، أو استراتيجية الأمن القومي الأميركي الجديدة التي نشرت في شهر كانون الثاني عام 2018، حيث ورد حرفياً على لسان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عند تقديم هذه الاستراتيجية «نواجه أنظمة تهدد أميركا، وجماعات إرهابية، وشبكات إجرامية، وقوى مثل روسيا والصين». وزير الدفاع الأميركي قال بدوره أثناء تقديم استراتيجية الأمن القومي الأميركي حرفياً «نحن نواجه تهديدات متزايدة من قبل مختلف الدول الضالة مثل الصين وروسيا، التي تسعى لبناء عالم يتوافق مع نماذجها الاستبدادية، وتسعى لفرض الفيتو على القرارات الاقتصادية والدبلوماسية والأمنية لدول أخرى». ليس هناك أوضح من ذلك لجهة تأكيد الولايات المتحدة على أولوية التصدي للصين وروسيا بوصفهما خطراً سياسياً واقتصادياً على الهيمنة الأميركية، إذ يقول وزير الدفاع الأميركي «إن المنافسة الاستراتيجية الطويلة الأمد مع الصين وروسيا تعتبر الأولوية الرئيسية لوزارة الدفاع». والحقيقة أن وزير الدفاع الأميركي أكد بوضوح ما بعده وضوح تأثير العوامل الاقتصادية على العلاقة بين الشرق والغرب، وبالتالي حتمية ولادة الكتلة الشرقية في تأكيده على المنافسة، أي أن الصين وروسيا تريدان أن يكون لهما مكانة متكافئة مع الولايات المتحدة والدول الغربية في الحصول على الموارد، والوصول إلى الأسواق، ولكن الولايات المتحدة ترفض ذلك ولا تقبل التسليم به بذريعة سعي موسكو وبكين «لبناء عالم يتوافق مع نماذجها الاستبدادية»، أو بعبارة أخرى وردت في متن وثيقة «استراتيجية الأمن القومي» تؤكد أن «الصين وروسيا تريدان صوغ عالم يمثل نقيض القيم والمصالح الأميركية»، وهنا المهم هو المصالح الأميركية. وتذهب الوثيقة إلى أبعد من ذلك فتؤكد أن الصين وروسيا «تتحديان القوة والنفوذ والمصالح الأميركية»، هذا يعني أن الصراع، سياسياً واقتصادياً، بين الصين وروسيا وهما نواة أي كتلة شرقية، والولايات المتحدة يسير باتجاه تصاعدي وتحفزه مصالح يصعب التوفيق بينها، لهذا تدعو استراتيجية الأمن القومي الجديدة إلى «إعادة النظر في سياسة العقدين الماضيين، القائمة على افتراض أن المشاركة مع منافسيها وإدراجهم في المؤسسات الدولية والتجارة العالمية ستحولهم إلى جهات فاعلة حميدة وشركاء جديرين بالثقة».

وتلخّص «استراتيجية الأمن القومي» الأميركي كل هذه المسألة بعبارة لها الكثير من الدلالات والأبعاد وسيترتب عليها نتائج كثيرة، وتؤكد تصاعد الصراع بين الشرق والغرب، أو على الأقل بين دول الشرق والولايات المتحدة، هذه العبارة جاء فيها حرفياً «الأمن الاقتصادي الأميركي، هو الأمن القومي»، وهذا يعني أن على دول العالم أن تظل مجرد أسواق لتصريف البضائع الأميركية، ومصدراً للمواد الأولية، وأي دولة تخرج عن ذلك تهدد الأمن القومي الأميركي لأنها تتحدى الهيمنة الاقتصادية الأميركية وتطلق تنافساً في مواجهتها.

بتاريخ 14/1/2018 سلط مقالٌ نشر في صحيفة «واشنطن بوست» و«بلومبيرغ نيوز سيرفيس»، الضوء على أسباب الصراع أو التنافس بين الولايات المتحدة والصين على وجه الخصوص، يقول كاتب المقال «تستهدف الصين رفع ناتجها الإجمالي بحيث يتجاوز نظيره الأميركي قبل نهاية العقد المقبل» وتسعى الصين لتحقيق هذا الهدف من خلال إجراءات متنوعة وعديدة بينها «مبادرة حزام واحد، طريق واحد، التي تهدف لتطوير البنى التحتية على طول وعرض منطقة الأوراسيا، والتي تهدف من ورائها إلى تكريس دور بكين كقوة تجارية رائدة في العالم الآسيوي». يقيناً أن هذا هو الذي يقود إلى ولادة الكتلة الشرقية بين عوامل أخرى، ويقيناً أيضاً أن هذا ما لا تريده الولايات المتحدة وتعتبره تهديداً لمصالحها، لهذا تخلص «واشنطن بوست» نقلاً عن «إيد وونج» الرئيس السابق لمكتب بكين في صحيفة «نيويورك تايمز» مفسّراً صعود الصين اقتصادياً وسياسياً وتبعات هذا الصعود «يمكن لهذا النفوذ (النفوذ الصيني في الأوراسيا) أن يتسع أكثر من ذلك، إذ بدأت الصين في الوقت الحالي استخدام قوتها العسكرية بجس نبض القوى الغربية والآسيوية». وتختم «واشنطن بوست» قائلةً «مع تثبيت الصين لنفوذها الاقتصادي في بلدان منطقة آسيا والهادئ الواسعة، فإن تلك البلدان تشعر بأن الولايات المتحدة تعاني حالة من العزلة الاقتصادية في آسيا».

من الصعب استعراض كل الوقائع التي تؤكد حتمية ولادة الكتلة الشرقية، ودخولها بمواجهة متعددة الأشكال مع الكتلة الغربية، لأن ذلك يحتاج إلى مساحات أكثر، ولكن الوقائع التي مرّ ذكرها تؤكد هذه الحقيقة، وتؤكد أن ما يجري هو ميل تاريخي تحفزه عوامل موضوعية كثيرة يصعب معاندتها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
الاقتصاد السياسي للتوجه شرقاً
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب أطلس معلومات العالم العربى المجتمع والجغرافيا السياسية pdf 
» كتاب مبادئ الاقتصاد السياسي الجزء الاول والثاني
» الفرق بين الثقافة السياسية والفهم السياسي والعقل السياسي
»  الإسلام السياسي والكفر السياسي
» الفساد السياسي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث اقتصادية-
انتقل الى: