منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 سرية الدعوة بين التاريخ والواقع

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69433
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

سرية الدعوة بين التاريخ والواقع Empty
مُساهمةموضوع: سرية الدعوة بين التاريخ والواقع   سرية الدعوة بين التاريخ والواقع Emptyالجمعة 26 يوليو 2013, 11:27 pm




 
سرية الدعوة بين التاريخ والواقع


لا ريب أن رسول الله سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 يريد أن يصل بدعوته لكل إنسان بادئًا بمكة بلده، ولم يكن من السهل أن يقف النبي سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20مجاهرًا بدعوته وسط الكعبة، فقد كان اختياره لأتباعه محاطًا بكل وسائل الحيطة والحذر، ولم يعلن لعموم الناس أمره، فلماذا لم يعلن الرسول سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 أمره ليسلم أكبر عدد من الناس في أقل وقت ممكن؟ لم يفعل ذلك النبي سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20؛ لعلمه أن دعوة الإسلام -وإن كانت مقنعة للناس- ستلقى حربًا ليس من قريش فقط، بل من العالم أجمع.
قواعد اختيار المدعوِّين
كيف كان يتم هذا الاختيار؟ ما القواعد التي كان المسلمون يختارون على أساسها رجلاً دون الآخر؟ ولماذا يذهب المسلمون مثلاً لدعوة عثمان بن عفان، ولا يذهبون بالدعوة إلى الوليد بن المغيرة أو أبي جهل أو أمية بن خلف؟
بالنظر في حال السابقين الذين تم اختيارهم نجد قاعدتين مهمتين للاختيار كان يعتمد عليهما رسول الله سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 ومن معه، والمخالفة لهاتين القاعدتين كانت قليلة جدًّا.
القاعدة الأولى: خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا
كان الاختيار يقع على أصحاب الأخلاق الحسنة والخلال الحميدة، الذين يعظمون الصدق والكرم، والشجاعة والعدل، ومكارم الأخلاق بصفة عامة، بهؤلاء بدأ رسول الله سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20، وهناك قطاع عريض من الناس غير ملتزمين بالإسلام، لكن أخلاقهم طيبة، ولو التزموا لكانوا سندًا قويًّا للدعوة، فبهؤلاء بدأ النبي سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20.
القاعدة الثانية: الاهتمام بالشباب
الدعوة موجهة لكل الأعمار، ولكن الاهتمام بالشباب في الفترة الأولى كان واضحًا، ولماذا الشباب بالذات؟
أولاً: هم لم يطل عليهم الأمد في تقاليد معينة، لم يألفوا عبادة الأصنام في سنوات طويلة، لم يقتنعوا بها، ولم يتمسكوا بالدفاع عنها، تخيل نفسك تدعو إنسانًا ظل أربعين أو خمسين سنة يدافع عن قضية باطلة ويجاهد من أجلها، ثم تأتي وتقول إن دفاعك وجهادك السنوات الطوال كان كله في باطل، هذا ولا شك صعب، بينما دعوة الشباب أيسر بكثير، فهم لم تتلوث عقولهم بأفكار خاطئة، ومن ثَمَّ يستطيعون تقبل الفكرة الإسلامية بسهولة.
ثانيًا: الشباب بصفة عامة مولعون بالجديد، أي جديد، لذلك تجد أحيانًا أن الشباب يقلدون التقاليد الجديدة وإن كانت سيئة أو مضرة أو لا توافق هواهم، ولكن فقط لأنها شيء جديد، فإذا وجد الشباب شيئًا صالحًا جديدًا، فهم يكونون أقرب إليه من الشيوخ.
ثالثًا: عند الشباب حماسة وحمية عالية جدًّا، فورة ونشاط، لا يعترفون بالصعب، بل لا يعترفون بالمستحيل، وحمل الإسلام أمر صعب وشاق، ويحتاج إلى عزيمة الشباب ومن لا تعوقه الصعاب.
وليس معنى ذلك إبعاد الشيوخ عن الإسلام، ولكن فرصة إيمان الشباب، وفرصة حركة الشباب للدعوة بعد الإيمان، وفرصة ثبات الشباب على الحق، وتحديه للصعاب، والمشاكل أكبر من فرصة الشيوخ.
لكن من المؤكد أن الدعوة تحتاج إلى حكمة الشيوخ بجانب حماسة الشباب؛ لذلك كان التركيز في الدعوة على الشباب حسن السيرة، على الشباب طيب الخلق، أولئك هم عماد الدعوة فعلاً، سواء في زمن رسول الله سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 أو في الأزمان اللاحقة وإلى يوم القيامة، هذه سنة من سنن الله سرية الدعوة بين التاريخ والواقع U1_20 في التغيير.
وفي اليوم الثاني من الدعوة بدأ رسول الله سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 والمؤمنون الأوائل يتحركون من جديد بالدعوة لانتقاء عناصر جديدة، لم تكن الدعوة عند أبي بكر الصّدّيق مجرد تكاليف من الرسول سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20، ولكنه الحب للإسلام الذي ملأ قلبه سرية الدعوة بين التاريخ والواقع T_20، وهو ما كان سببًا في استجلاب أكبر عدد من الصحابة الذين أذعنوا للدعوة، ولبّوا نداءها، وكانوا عاملاً مهمًّا في نجاحها وخروجها للعالم. ولا شك أن أبا بكر الصديق سرية الدعوة بين التاريخ والواقع T_20 كان من الرجال الحقيقيين في هذه الدعوة المباركة، وكان عاملاً من عوامل جذب كثير من الصحابة لهذه الدعوة؛ فقد كان سهلاً لينًا محببًا مُوَطَّأ الأكناف، وسيرته سرية الدعوة بين التاريخ والواقع T_20 تجعلنا نفكر أكثر من مرة في كيفية الاقتداء به، والسير على نهجه في استجلاب الجنود لدين الله، وفي البذل بالمال والنفس.
الفقه في سرية الدعوة
إن من فقه المرحلة السرية للدعوة أن النبي سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 اتخذ منهج الحيطة والحذر؛ لأن الدعوة في بدايتها تحتاج للرجال وهم قليلون؛ فإن فُقِد الرجالُ ضاعت الدعوة، وهذا ما يوضحه موقف النبي سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 مع عمرو بن عَبَسَة الأسلمي رغم إسلامه. وكذا من دواعي الحيطة التي مر بها النبي سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 وأصحابه أن اجتماعاتهم السرية كانت في دار الأرقم بن أبي الأرقم، ذلك الغلام صاحب الست عشرة سنة، البعيد عن قريش والعدو لبني هاشم؛ لأنه من قبيلة مخزوم المتنازعة دائمًا مع بني هاشم.
وقد اتخذت تربية النبي سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 لأصحابه في هذه الدار الجانبين النظري والعملي، من تثبيت العقيدة والأخلاق والتربية بالتاريخ، والاهتمام بالصلاة وقيام الليل والصوم؛ مما كان دافعًا قويًّا في السير قُدُمًا في مجال الدعوة إلى الله، وتربية رجال صدقوا عهدهم.
ما لا شك فيه أن الرسول سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 يريد أن يصل بدعوته لكل إنسان في مكة، بل لكل إنسان على ظهر الأرض، ويتخيل البعض أنه كان من السهل على الرسول سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 أن يقف وسط الكعبة من أول يوم أُمِر فيه بالإبلاغ ويعلن للناس جميعًا أمر الإسلام، لكنه لم يفعل، بل كان يختار من يدعوهم آخذًا بكل أسباب الحيطة والحذر، فيذهب إلى الرجل فيسر له في أذنه بأمر الإسلام، ويدعوه سرًّا، ولم يعلن لعموم الناس أمره.
والدعوة السريّة لم تستمر يومًا أو اثنين، بل استمرت فترة طويلة بالنسبة لعمر الدعوة الإسلامية فكانت حوالي ثلاث سنوات.
وبعض الناس يعتقدون أن الرسول سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 عندما وقف على الصفا وقال للناس: "أَرَأَيْتُكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلاً بِالْوَادِي تُرِيدُ أَنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ، أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟".
يعتقدون أن هذه المقولة كانت في بدء الدعوة وبعد نزول أمر الرسالة مباشرة، والواقع غير ذلك، لقد كانت هذه الكلمة بعد ثلاث سنوات كاملة من نزول الوحي.
سرية الدعوة بين التاريخ والواقع
سرية الدعوة بين التاريخ والواقع 11667_image003
لقد ظلت الدعوة سرية تمامًا ثلاث سنوات كاملة، ظلت الدعوة تقوم على أمر الاصطفاء والانتقاء ثلاث سنوات كاملة. لماذا؟

لماذا لم يعلن الرسول سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 أمره ليسلم أكبر عدد من الناس في أقل وقت ممكن؟
لم يفعل ذلك النبي سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20؛ لأنه يعلم أن دعوة الإسلام وإن كانت مقنعة للناس إلا أنها ستلقى حربًا ليس من قريش فقط بل من كل العالم.
أكان رسول الله سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 يخشى على نفسه من قريش؟
هذا مستحيل، فهو لا شك يعلم أن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، بل كانت هذه هي الحكمة في الدعوة.
ومن الممكن أن تقول: إن السرية في الدعوة في هذه المرحلة لم تكن اختيارًا نبويًّا، بل كانت أمرًا إلهيًّا، فالله سرية الدعوة بين التاريخ والواقع U1_20 ُيعلِّم نبيه سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 ويعلم أمته منهج التغيير في مثل هذه الظروف، وكيف تغير الأجيال القادمة من حالها في غياب رسول، وكيف التغيير إذا توافقت الظروف مع ظروف النبي سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 في مثل هذه المرحلة.
إن الله سرية الدعوة بين التاريخ والواقع U1_20 قادر على حماية رسوله، فلا يصل إليه أذًى من أحد من قريش، ومع ذلك فهو يريد منه أن يرسم الطريق الصحيح للمسلمين لإقامة هذا الدين مهما اختلفت الظروف ومهما كثرت المعوقات.
ولذلك تجد أن الله سرية الدعوة بين التاريخ والواقع U1_20 قد وضع رسوله سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 في كل الظروف التي من الممكن أن تمر بأمته بعد ذلك، وعلم رسوله سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20كيف يتعامل مع كل ظرف، وكيف يصل بدعوته إلى الناس في وجود المعوقات المختلفة.
وبذلك حُدِّد للمسلمين منهجٌ واضح لا غموض فيه.
الإسلام والاتحاد السوفيتي
قد تكون سرية الدعوة تمامًا كما في السنوات الثلاث الأولى من الإسلام. قد يحتاج المسلمون إلى هذا الأسلوب السري في الدعوة إذا توافقت ظروفهم مع ظروف الرسول سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 في هذه المرحلة.
على سبيل المثال المسلمون في الاتحاد السوفيتي قبل سقوطه كان يعيشون فترة مثل هذه الفترة، الإلحاد في كل مكان، حمل المصحف أو الاحتفاظ بالمصحف في البيت جريمة يعاقب عليها القانون، من اكْتُشف أنه يصلي أو يصوم يعاقب ويعذب وقد يقتل، فكان لا بد من السرية التامة في الإسلام، ولو لم يفعلوا ذلك لاختفى الإسلام من هذه البلاد، ولكنهم كانوا يتعلمون في ديار كدار الأرقم بن أبي الأرقم سرية الدعوة بين التاريخ والواقع T_20، وكانوا يحفظون القرآن في سراديب وفي خنادق وفي كهوف بالجبال، والحمد لله بقي الدين، وبقي المسلمون، ورفعت الغمة، والذي حفظهم هو فقه المرحلة.
إن الله هو الحافظ وهو المعين، لكن هناك أخذ بالأسباب، والأسباب الصحيحة هي التي أخذ بها النبي سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 في نفس المرحلة التي عاشها المسلمون.
لو أعلن كل واحد من المسلمين إسلامه في الاتحاد السوفيتي، وفتح صدره لنيران الشيوعية، لاختفى ذكر الإسلام من بقاع كثيرة، ولكن فقه المرحلة كان مهمًّا جدًّا، ووجود المثال النبوي الحكيم في إخفاء إسلامه في أول أمر الرسالة كان معلمًا لهم ومؤيدًا لمنهجهم.
اختلاف المنهج باختلاف الظروف
وستختلف الظروف بعد ذلك في حياة الرسول سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20، وبالتبعية سيختلف منهجه سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 في إيصال دعوته للناس وفي تربيته للمؤمنين.
سيأتي زمان يعلن فيه البعض إسلامهم ويكتم المعظم، كما سيحدث بعد الثلاث سنوات الأولى من الدعوة.
وسيأتي زمان يعلن فيه المعظم ويكتم البعض، وإن كانت التربية ستكون سرًّا، كما سيحدث بعد إسلام عمر بن الخطاب وحمزة بن عبد المطلب رضي الله عنهما.
وسيأتي زمان يعلن فيه الجميع وتكون التربية علنًا بعد الهجرة إلى المدينة.
وسيأتي زمان سيدعو فيه الرسول سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 زعماء العالم جميعًا إلى الإسلام وذلك بعد صلح الحديبية.
هذا الكلام في غاية الأهمية فلا يستشهد بفعل من أفعال الرسول سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 والظروف مختلفة، وإلاَّ فلماذا كان هذا التنوع في سيرة النبي سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20، هذا التنوع ما هو إلا ليتعلم المسلمون الحكمة.
وأعني بالحكمة القدرة على تقليد النبي سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 في أقواله وأفعاله عند تشابه الظروف.
الرسول هو الرسول سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 لم يتغير، الإسلام هو الإسلام لم يتغير أيضًا، ولكن اختلاف الظروف يستلزم تغييرًا في طريقة إيصال الدعوة للناس، يستلزم فقهًا للمرحلة.
قواعد للدعاة
إذن نخرج بقاعدة مهمة من موقف رسول الله سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 عند بدء الدعوة، وهي أن الدعاة مطالبون بالحفاظ على أنفسهم وعلى حياتهم، لا لخوفهم من الموت، فالموت في سبيل الله في حد ذاته غاية ومطلب وهدف، ولكن حفاظًا على الدين وعلى الإسلام وعلى استمرار المسيرة.
ونفهم من هذا الكلام الحكم الفقهيّ المشهور وهو أنه يجوز للجيش المسلم أن يفر من مثليه، ويوجد في كتب الفقه باب جواز الفرار من المثلين كما يقول الحق تبارك وتعالى: {الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 66].
فلو كان عدد الأعداء أكثر من الضعف يجوز القتال ويجوز الفرار، حسب ما يرى القائد كما قال بذلك الفقهاء.
لأن احتمال الهلكة كبير، إلا إذا غلب على ظن القائد أنهم سينتصرون فيجوز له القتال، بل إن الإمام مالك رحمه الله قال: إنه يجوز الفرار من المثل، وليس من المثلين إذا كان العدو أعتق جوادًا وأجود سلاحًا وأشد قوة وغلب على الظن الهلكة.
ويوضح العز بن عبد السلام هذا الأمر بصورة أكبر فيقول: إذا لم تحصل النكاية في العدو وجب الانهزام، لما في الثبوت من فوات النفس مع شفاء صدور الكافرين. سيموت المؤمن ولن يحدث أثرًا في الكافرين، بل سيزيد الكفر. بل إنه يقول: وقد صار الثبوت هنا مفسدة محضة ليس في طيها مصلحة.
يعني يأثم المسلم بإظهار نفسه إذا كان الاختفاء هو الألزم للمرحلة، ويأثم المسلم إذا ثبت إذا كان الانسحاب هو الألزم للمرحلة.
بين الحكمة في الحفاظ على الدعوة والجبن
فقه ووعي وإدراك لسلوك الرسول سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20، وأسلوبه في التعامل مع كل ظرف، ولكن هنا لا بد من ملاحظتين مهمتين:
الملاحظة الأولى: هي أن الفارق بين الحكمة في الحفاظ على النفس، وبين الجبن شعرة، وقد يدعي الإنسان أنه يحافظ على نفسه؛ لأن المرحلة تتطلب ذلك، فلا يتكلم الحق، ولا يجاهد، ولا يدعو إلى الله، ولا يقوم بعمل في سبيل الله، بينما الدافع الحقيقي من هذا الركون هو الخوف من مواجهة الباطل، فالفرق بين الحكيم الذي يتبع الرسول سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 والجبان الذي لا يريد حمل الدعوة هو سيرة الرسول سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20.
فنرجع في ذلك إلى دليل شرعي من سيرة النبي سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20، يدل على أن هذا الموقف يشبه موقف الرسول سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 لما أخذ النبي سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 بمبدأ السرية.
ونرجع في ذلك أيضًا إلى ورع وإيمان وتقوى الفرد العامل، والله مطلع على القلوب، وفي النهاية أنت تتعامل مع الله سرية الدعوة بين التاريخ والواقع U1_20.
وأهم من ذلك أيضًا الرأي المشار إليه من قبل القائد والجماعة والشورى.
فالقائد في هذه المرحلة هو النبي سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 أو من ينوب مكانه، والشورى كذلك في غاية الأهمية، ومن الممكن بعد ذلك أن يخرج عامل الهوى، ونستطيع أن نفرق بين الحكيم والجبان.
الملاحظة الثانية: الذي يراعى في ذلك هو مصلحة المسلمين والإسلام عمومًا، وليس مصلحة الفرد، بمعنى أن هلاك الفرد قد يكون محققًا، ولكن هذا في مصلحة المجموع، فهنا لا يلتفت إلى الحفاظ عليه في نظير الحفاظ على الدين عمومًا، أو على الأمة بصفة عامة، أو المصلحة بصفة عامة.
كما سيأتي بعد ذلك عند إعلان الرسول الدعوة بعد ثلاث سنوات، ووجود خطورة حقيقية على النبي سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20، لكن المصلحة العامة للدعوة أن يعلن الدعوة، وكما سيرسل مصعب بن عمير سرية الدعوة بين التاريخ والواقع T_20 إلى المدينة؛ لتعليم أهلها الإسلام رغم المخاطر التي تحيط به في المدينة، واحتمال قتله لأن المسلمين قلة، ويوجد بالمدينة يهود ومشركون، ولكن المصلحة المتحققة أعلى، وهذا من الممكن أن يقال في العمليات الاستشهادية التي نراها في فلسطين وفي غيرها؛ لأن هلاك الفرد فيها محقق، ولكن المصلحة أعلى، والمرجعية في كل ذلك كما ذكرنا لرأي القائد والشورى وليس لرأي الفرد لئلاَّ يدخل الهوى، مع العلم أن الهوى أحيانًا يكون في الهلكة، بأن ييئس الإنسان من ظلم الظالمين أو غلبة الكافرين، فيسارع بقتالهم أو إظهار نفسه في مكان ووقت لا يسمحان بذلك، قد يكون ذلك هوى في قلب الإنسان بينما تأمر الشورى بالحفاظ على النفس، فالرجوع إلى الشورى أو إلى قائد المسلمين أمر في غاية الأهمية.
إذن الرسول سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 والمسلمون في الثلاث السنوات الأولى كانوا لا يتحدثون بالإسلام إلى الناس إلا سرًّا، يختارون رجلاً من الناس يتحدثون إليه بأمر هذا الدين.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69433
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

سرية الدعوة بين التاريخ والواقع Empty
مُساهمةموضوع: رد: سرية الدعوة بين التاريخ والواقع   سرية الدعوة بين التاريخ والواقع Emptyالجمعة 26 يوليو 2013, 11:29 pm




الدعوة الجهرية في مكة
بعد ثلاث سنوات كاملة من الدعوة السرية كان عدد المسلمين نحو الستين من الرجال والنساء، وقد بات من المتعذر على أهل مكة أن يستأصلوا الإسلام بكامله، خاصةً إذا كان هؤلاء المسلمون من قبائل مختلفة، وأن معظمهم من الأشراف، هنا أَذِن الله سرية الدعوة بين التاريخ والواقع U1_20 لرسوله الكريم سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 أن يجهر بالدعوة.
كانت الدعوة الجهرية مرحلة جديدة من مراحل بدايات الدعوة الإسلامية، وفي بداية هذه المرحلة أعلن رسول الله سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20دعوته، بينما ظل المسلمون على سرّيتهم ما استطاعوا، فكان هذا تدرجًا واضحًا في طريق الدعوة.
وكما أُمر الرسول سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 بالبلاغ، فقد أُمر أن يبدأ بأقربائه بالتحديد دونَ بقية الناس، وهذا نوع من التدرج في إيصال الدعوة للعالمين، إذ نزل قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214]، وقد أمره الله سرية الدعوة بين التاريخ والواقع U1_20 بدعوة الأقربين.
جاءت الأوامر من الله سرية الدعوة بين التاريخ والواقع U1_20 أن يوسّع الرسول سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 دائرة الدعوة، ويقوم بصيحة أعلى لدعوة قبيلته الكبيرة قريش بكل بطونها، فما كان من الرسول سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 إلاَّ أن صعد جبل الصفا فجعل ينادي: "يَا بَنِي فِهْرٍ، يَا بَنِي عَدِيٍّ، يَا بَنِي هَاشِمٍ". كل بطون قريش حتى اجتمعوا، فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولاً لينظر ما الأمر، فجاء - كما يقول ابن عباس في رواية البخاري - أبو لهب وقريش، ومع كونهم يعلمون سلفًا أن النبيَّ سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 صادقٌ أمين إلا أنهم تراجعوا عن دعوته بل وحاربوها.
لا ريب أن أهل مكة حاربوا الدعوة، ولم يؤمنوا بها للعيوب الأخلاقية والاجتماعية التي كانت فيهم، وأن أنفسهم لم تطِب لتصديق النبي سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20؛ بسبب تقاليدهم وجبنهم والقبلية المتعصبة التي كانت فيهم، ذلك التعصب وتلك القبلية أو القومية هي من صفات الجاهلية، وكما كان الكِبر كان الخوف على المصالح والزعامة والرياسة سببًا من الأسباب الرئيسية لعدم دخولهم الإسلام، فالإسلام يعدل بين الناس ويسوي بينهم، وهو ما أرَّق بعضهم؛ فالعنجهة القرشية القديمة التي تمتّع بها القرشيون بين القبائل ستسحب منهم، ويتحول ذلك السيد صاحب الصوت الجهوري إلى مواطن عادي يضارع أخيه الذي يصغره مقامًا أو فقرًا، وكذا خوفهم على مصالحهم المالية خوفًا من الضياع والتبدد والهلاك؛ فهم مستفيدون من وضع مكة الحالي المنغمس في الشهوات والمفاسد، والإسلام يدعو للتقيد بأحكامه حتى لا تكون حرية عاهرة، فالحرية في الإسلام هي التقيد بأحكامه؛ فمَنَعهم عن الإسلام غباؤهم في استيعاب قضية التوحيد والبعث والحاكمية.
لماذا الدعوة للأقربين أولاً؟
كانت الدعوة الجهرية مرحلة جديدة من مراحل بدايات الدعوة الإسلامية، وفي بداية هذه المرحلة أعلن رسول الله سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20دعوته بينما ظل بقية المسلمين على سرّيتهم ما استطاعوا، وكان هذا تدرجًا واضحًا في طريق الدعوة.
وكما أُمر الرسول سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 بالبلاغ، فقد أُمر أن يبدأ بأقربائه بالتحديد ودون بقية الناس، وكان هذا أيضًا نوعًا من التدرج في إيصال الدعوة للعالمين، حيث كان قد نزل قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214].
ولماذا الأقربون بالذات؟!
أولاً: لأن هناك حبًّا فطريًّا لشخص الداعية من الأقربين، وبهذا فإن الأقربين سيكونون أقرب للإجابة، فالقريب ليس بينه وبين الداعية حواجز قبلية أو حواجز عنصرية، أو غير ذلك من الحواجز.
ثانيًا: لأنه بذلك سيكون في حمية قبلية تدافع عنه، وإن هذا ليعطي قوة كبيرة للداعية، خاصة إذا كان له عائلة كبيرة وضخمة، كما أنه لو آمنت هذه العائلة بما يقول الداعي لأصبحت عضدًا له في دعوته.
ثالثًا: أن دعوة الأقارب مسئولية أُولى على الداعية، حديث رسول الله سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20: "كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ". ومن هنا جاءت أهمية صلة الرحم، وأهمية دعوة الأقربين.
ولنتخيل لو أن الداعية كان يُحارب في عقر داره، يُحارب من داخل بيته أو عشيرته أو قبيلته، نتخيل لو أن زوجته أو ابنه أو أباه أو غيرهم ممن هم من أهله وعشيرته كان يعوق مسيرته، فإنه -ولا شك- سيواجه الكثير من الصعاب في طريق الدعوة، ومن هنا نؤكد على نقطة بنائية مهمة، ألا وهي: دعوة الأقربين أهم بكثير من دعوة الناس عامة.
وفي توضيح أكثر وتدليل على ما سبق ما كان من أمر لوط سرية الدعوة بين التاريخ والواقع U2_20 حينما جاءه قومه يراودونه عن ضيفه، فقد رد عليهم متأسفًا: {قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آَوِي إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ} [هود: 80].
إذ لم يكن لسيدنا لوط سرية الدعوة بين التاريخ والواقع U2_20 عائلة قوية تحميه وتقف من ورائه، فكان يودّ لو أن له عائلة قوية لوقف أمام القوم يدافع عن ضيفه، وهنا قال رسول الله سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 معلقًا على موقفه هذا: "رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى لُوطٍ؛ لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ (يعني الله سرية الدعوة بين التاريخ والواقع U1_20)، فَمَا بَعَثَ اللَّهُ بَعْدَهُ مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ فِي ثَرْوَةٍ مِنْ قَوْمِهِ".
وعلى النقيض من هذا كان موقف شعيب سرية الدعوة بين التاريخ والواقع U2_20، وذلك حين جاء إليه قومه يعترضون عليه فقالوا: {وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ} [هود: 91]. ومن هنا فقد كانت دعوة الأقربين ذات أهمية بالغة في بناء الأمم.
لذلك حين نزل قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] تحرك رسول الله سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 ودعا الأقربين إلى طعام وكان عددهم خمسة وأربعين من أهله وعشيرته، حيث إن الدعوة على الطعام مما ترقق القلوب، وتبعث على المودة والألفة.
موقف أبي لهب من الدعوة
وفي هذا الاجتماع وقبل أن يتكلم رسول الله سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 ويجهر ويصرح لهم بأمر دعوته حدث أمر غريب، فقد وقف أبو لهب وقال: هؤلاء هم عمومتك وبنو عمك، فتكلم ودع الصباة، واعلم أنه ليس لقومك بالعرب قاطبة طاقة.
وهذا يعني أن أبا لهب كان يعلم بأمر الدعوة وأمر الإسلام، ولكنه ما اعترض عليه من قبل، ولم يعترض أحد من قريش قبل ذلك مع اكتشافهم أمر بعض المسلمين، ولقد كان ذلك لأن المسلمين كانوا يكتفون بعبادات فردية، كانوا يعبدون الله سرية الدعوة بين التاريخ والواقع U1_20 في بيوتهم، وقد ظن أهل قريش أن هذا لا يعدو أن يكون مثل أفعال بعض السابقين الذين تنصروا أو اتخذوا الحنيفية دينًا.
فالأمر الطبيعي أن أهل الباطل لا يمانعون أن تعبد ما تشاء في بيتك، طالما أن ذلك دونما تدخلٍ منك في أمر المجتمع، أما أن يجمع محمد سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 الناس ويبدأ في دعوتهم إلى ما هو عليه، ثم يسفّه ما يعبدون من دون الله، ثم يُحكّم الله الذي يعبده في أمورهم، فهذا ما يرفضه أهل الباطل من قريش.
ومن ثم كانت هذه مبادرة أبي لهب، وقد أتبعها بكلام شديد حيث قال: "فما رأيت أحدًا جاء على بني أبيه بشرٍّ مما جئت به".
وهنا وفي حنكة وحكمة بالغة سكت رسول الله سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 ولم يقم بما كانت من أجله هذه الدعوة وذاك الاجتماع، فلم يدعُ الناس، ولم يدخل في جدل مع أبي لهب، حيث الظرف غير موات، فالجو مشحون، والخلاف قريب، وليس من الحكمة تبليغ الدعوة في مثل هذه الأحوال، وخاصة أن أبا لهب هذا هو عمه وله أيضًا أتباع وأنصار.
إذن فليجمع الرسول سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 الناس في موعد آخر، يبادر هو فيه الكلام ويسبق أبا لهب وغيره.
موقف أبي طالب من الدعوة
في جولة ثانية، وفي اجتماع ثانٍ، وفي أمر إن دل على شيء فإنما يدل على أن طريق الدعوة شاق وطويل، وأن الدعوة مكلفة ولها ثمن وأثمان، وأن الداعية يعطي لا يأخذ، وأنه يساعد لا يطلب المساعدة، وأنه يخدم لا يطلب الخدمة، جمع الرسول الله سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 أهله وعشيرته مرة ثانية على الطعام، وفي هذا الموعد الثاني بادر الرسول سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 بالحديث فقال: "الْحَمْدُ لِلَّهِ، أَحْمَدُهُ وَأَسْتَعِينُهُ، وَأُؤْمِنُ بِهِ وَأَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ". إنها كلمات خطيرة جدًّا في مكة في ذلك الوقت.
ثم قال: "إِنَّ الرَّائِدَ لاَ يَكْذِبُ أَهْلَهُ، وَاللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ خَاصَّةً، وَإِلَى النَّاسِ عَامَّةً، وَاللَّهِ لَتَمُوتُنَّ كَمَا تَنَامُونَ، وَلَتُبْعَثُنَّ كَمَا تَسْتَيْقِظُونَ، وَلَتُحَاسَبُنَّ بِمَا تَعْمَلُونَ، وَإِنَّهَا الْجَنَّةُ أَبَدًا أَوِ النَّارُ أَبَدًا".
ورغم أنه خطاب قصير جدًّا، إلا أن الرسول سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 جمع فيه الكليات الأساسية للعقيدة، ووضح فيه مغزى الرسالة، كما أنه -تقريبًا- أعلن الحرب على آلهة قريش وعلى من يقفون وراءها.
وإزاء هذا الخطاب القصير والبسيط في ظاهره، العميق الدلالة في جوهره، كان لأقارب رسول الله سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 موقفان متباينان.
موقفان متباينان
الموقف الأول
هو موقف أبي طالب، عم رسول الله سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20، الذي أحبه حبًّا يفوق حب أولاده، وهو الذي كان قد تكفل به بعد وفاة جده عبد المطلب، والذي يعدّ موقفه هذا من أكبر علامات الاستفهام في التاريخ.
فقد وقف إلى جواره يشجعه بكل طاقاته، لكنه ما دخل في دينه أبدا، لقد تحمّل أبو طالب الكثير من تبعات الدين الشاقة ولكنه لم يستمتع بأجمل ما فيه، تضحية وبذل وجهاد وعطاء، ولا إيمان {إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالمُهْتَدِينَ} [القصص: 56]، قام أبو طالب فقال: "ما أحب إلينا معاونتك، وأقبلنا لنصيحتك، وأشد تصديقنا لحديثك، وهؤلاء بنو أبيك مجتمعون، وإنما أنا أحدهم غير أني أسرعهم إلى ما تحب (يقصد النصرة)، فامضِ لما أُمرت به (وهذا يعني أنه كان يعلم أن الله أمره بذلك، ولم يأت به من عنده)، فوالله لا أزال أحوطك وأمنعك، غير أن نفسي لا تطاوعني على فراق دين عبد المطلب".
تناقض بشع في ذات المقالة، فقد وقفت التقاليد حاجزًا وحائلاً بين أبي طالب وبين الإيمان، ووقف تقديس رأي الآباء والأجداد حتى وإن كان مخالفًا للحق دون دعوة الحق.
لكن ما يهمنا هو أن أبا طالب كان واضحًا وصريحًا في دفاعه عن رسول الله سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 من أول يوم جهر فيه بالدعوة لأقاربه.
الموقف الآخر
هو موقف أبي لهب فما زال مصرًّا على عدائه فقد قال: هذه والله السوءة، خذوا على يده قبل أن يأخذ غيركم. فقال أبو طالب: "والله لنمنعه ما بقينا".
الدعوة لقريش عامة
جاءت الأوامر من الله سرية الدعوة بين التاريخ والواقع U1_20 أن يوسع الرسول سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 دائرة الدعوة، ويقوم بصيحة أعلى لدعوة قبيلته الكبيرة قريش بكل بطونها، فما كان من الرسول سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 إلا أن صعد جبل الصفا فجعل ينادي: "يَا بَنِي فِهْرٍ، يَا بَنِي عَدِيٍّ، يَا بَنِي هَاشِمٍ"ٍ. كل بطون قريش حتى اجتمعوا، فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولاً لينظر ما الأمر، فجاء -كما يقول ابن عباس في رواية البخاري- أبو لهب وقريش (يذكر أبا لهب خاصة لموقفه في هذا الحدث).
فقال سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20:"أَرَأَيْتُكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلاً بِالْوَادِي تُرِيدُ أَنْ تُغْيرَ عَلَيْكُمْ، أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟" ومع أن هذا أمر غاية في الخطورة ويحتاج إلى رويّةٍ وتثبُّت، إلا أنهم قالوا: نَعَمْ؛ مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إِلاَّ صِدْقًا. فقال سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20: "فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ".
أي: إذا كنتم تصدقون إنذاري لكم بخيلٍ وأعداء، فيجب أن تصدقوا إنذاري لكم بعذاب شديد إذا بقيتم على ما أنتم عليه من عبادة الأوثان، وتحكيمها في حياتكم.
وكان موقف أبي لهب هو أن قال: تَبًّا لَكَ سَائِرَ الْيَوْمِ، أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا؟ فنزل قوله تعالى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد: 1].
كانت التقاليد وأعراف المجتمع هي التي منعت أبا طالب من الإيمان، وكان الذي منع أبا لهب من الإيمان هو الجبن، والجبن الشديد، فهو الذي قال: "ليس لنا بالعرب من طاقة". ليس لنا قدرة على تغيير المألوف، ولا يمتنع أبو لهب أن يقف بجوار القوي وإن كان مخالفًا للحق، كما أنه لا يمتنع عن خذلان ابن أخيه والتكذيب بالحق الذي جاء به طالما هو في موقف الضعيف كما يتراءى له، وإن كان من أقاربه ومن عشيرته، وهذا هو الذي أرداه فجعله من الأخسرين.
وهكذا نرى التدرج الواضح في أمر الدعوة والذي قام به رسول الله سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20، فقد دعا الأقارب أولاً، ثم قريشًا، ثم عامة الناس.
ومع الأمر الإلهي: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ المُشْرِكِينَ} [الحجر: 94] يكون قد وضح أمران من المفترض أنهما سيظلان متلازمين في هذه المرحلة، التي تسمى مرحلة جهرية الدعوة، وهما:
الأمر الأول: إعلان الدعوة للناس عامة، مع خطورة هذا الأمر.
الأمر الثاني: الإعراض عن المشركين، بمعنى عدم قتالهم، وهذا يحمل في طياته أن المشركين سيحاولون قدر استطاعتهم أن يوقفوا مد هذه الدعوة، وعلى الرسول سرية الدعوة بين التاريخ والواقع R_20 في هذه الفترة أن يتجنب الصدام مع الكفر، حتى ولو حدث كيد وحدث تعذيب، بل لو حدث قتل، فهذه ظروف مرحلة معينة دقيقة جدًّا تمر بها الدعوة.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
سرية الدعوة بين التاريخ والواقع
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» دونية المرأة عند الفلاسفة بين التاريخ والواقع
» التاريخ الشفوي الفلسطيني، بين الحقيقة الغائبة والواقع المزيف
» الهجرة من الدعوة إلى الدولة
»  الدعوة الإسلامية؟ وما حقيقتها؟
» احلامنا بين الفرح والفزع والواقع

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث دينيه-
انتقل الى: