منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 تاريخ الوهابية ومؤسسها محمد بن عبد الوهاب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 68936
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

تاريخ الوهابية ومؤسسها محمد بن عبد الوهاب Empty
مُساهمةموضوع: تاريخ الوهابية ومؤسسها محمد بن عبد الوهاب   تاريخ الوهابية ومؤسسها محمد بن عبد الوهاب Emptyالإثنين 12 أغسطس 2013, 4:18 am




 


تاريخ الوهابية ومؤسسها محمد بن عبد الوهاب











ارهاب محمد بن عبد الوهاب امام الوهابية







هكذا نشأت الوهابية السعودية فديو خطير و مدهش








عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في السبت 23 نوفمبر 2013, 11:13 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 68936
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

تاريخ الوهابية ومؤسسها محمد بن عبد الوهاب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ الوهابية ومؤسسها محمد بن عبد الوهاب   تاريخ الوهابية ومؤسسها محمد بن عبد الوهاب Emptyالإثنين 12 أغسطس 2013, 4:19 am



الشعراوى يبين جهل الوهابية ويثبت نجاة والدى النبى





طارق السويدان الوهابية ليست من المذاهب السنية







الشيخ الذي فضح الوهابية والسلفية






الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 68936
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

تاريخ الوهابية ومؤسسها محمد بن عبد الوهاب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ الوهابية ومؤسسها محمد بن عبد الوهاب   تاريخ الوهابية ومؤسسها محمد بن عبد الوهاب Emptyالسبت 05 أبريل 2014, 7:11 am

بحث حول الشيخ محمد بن عبدالوهاب وحركته المجدده 
المقدمة
الحمدلله الذي نصر عبده واعز جنده وهزم الأحزاب وحده وصلى الله على محمد وأله وصحبه, أما بعد
فإن الحديث عن المصلحين وأئمة الدين لا يبلى مهما تعدد , ولا يمل مهما تردد , لأن الحديث عنهم معين ثري , يستطيبه الكاتب والمتحدث , كما يولع به المتقى والسامع .
وإمامنا محمد بن عبدالوهاب اجزل الله له الثواب تعددت الكتابات عنه ولكنها سير في أثر , والتجدد فيها فكر ولفظا لم يتح , ولهذا بقيت الأجيال محتاجة , إلى تجديد وتقريب وتواقة .
ودعوة الإمام ( التى هي دعوة الإسلام , دعوة السلف الصالح )
يمكن أن يتحدث عنها المؤرخ فيسهب , والأديب فيطنب , والعالم فيؤسس , والمربي فيقرب , وغيرهم
صالح بن عبدالعزيز بن محمد أل الشيخ 
الرياض 26/10/1419

حاولت جاهدا جمع سيرة الشيخ المجدد محمد بن عبدالوهاب وأن آتي بجديد واجمع ما توفر لي من مواد في مصادر أو مذكرات أو مواقع على صفحات الإنترنت .
وقد حاولت عرض الموضوع بطريقة جديدة أتمنى أن تكون ميسره وسهله للباحث والدارس في هذا الموضوع وقد أرفقت مع البحث بعض ما توفر لي من صور لمدينة الشيخ ومسجده ونبذة عن المواقع التى زارها ومدى التأثير الذي أحدثه وأقوال بعض الكتاب والعلماء والمؤرخين عنه .
دون التطرق قدر الإمكان للادعاءات التى أثيرت حول الشيخ ودعوته , والظاهر لي ولكثير غيري أن الشيخ محمد رحمه الله لم يأتي بجديد بل حاول نزع الشوائب والخرافات والشركيات عن الدين الإسلامي وإعادته لسابق عهده على منهج كتاب الله عز وجل وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام وأقوال السلف الصالح .
وهناك عدت أسماء لقبت بها دعوة الشيخ من قبل خصومه ومن أمثلتها ( الوهابية أو الموحدون) وغيرهم الكثير

حالة العالم الإسلامي الدينية بشكل عام ونجد بشكل خاص عند ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب
ساد في العالم الاسلامي قبيل ظهور حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب أنواع وبدع و شركيات كثيرة وانحرف الناس عن كثير من أصول الدين والعقيدة وسنذكر بعضها :
مجال العقيدة :
نشأ الشرك وغلب على الناس تصورات كثيرة أبرزها الدعاء و طلب الحاجات من غير الله ومنها عبادة الأضرحة والقباب والتوسل بالمشايخ والصالحين أحياء وأموات , وانتشرت البدع و العادات والتقاليد التى حرمها الإسلام وغلبت الطرق الصوفية التي أصبحت المرجع الأساسي عن هؤلاء الناس في أمور الدين .
يصور الشيخ سليمان بن سحمان هذه الحالة في نجد بقوله تاريخ الوهابية ومؤسسها محمد بن عبد الوهاب Frown(قد خلع الناس ربقة التوحيد والدين , وجدوا واجتهدوا في الاستغاثة والتعلق بغير الله تعالى من الأولياء والصالحين والأصنام والأوثان والشياطين))
و((كثير منهم يعتقد النفع في الأحجار والجمادات , ويتبركون بالأشجار , ويرجون منها القبول في جميع الأوقات(1) .
ففي مصر: بلد الأزهر رفع الناس لواء العبادات الوثنية والدعاوى الفرعونية وقامت دولة الأدعياء الدراويش .(2)
وفي الحجاز : أصبح الدعاء عند القبور من الأمور المألوفة عند الكثير من الناس. فيما يفعل عند قبر خديجة في المعلاة وعند قبة أبي طالب ومن استغاثة وطلب شفاعة شيء تهول له النفوس , وفي اليمن يوجد قبور يتبرك بها العوام وفي الحديدة وحضر موت ويافع.. وفي الشام توجد قبور في دمشق وحلب وأقصى الشام يتبرك بها.وفي العراق قبر أبي حنيفة , ومعروف الكرخي, وكذلك ما يفعله الناس عند مشهد قبر على ابن أبي طالب رضى الله عنه وفي النجف ومشهد قبر الحسين والكاضم في كربلاء. وهذه القبور وغيرها يأتيها الناس فيستغيثون بها ويسألونها قضاء حاجاتهم وتفريج كرباتهم . (3)
ويصور الحالة التي وصل لها المسلمين إبان ظهور دعوة الشيخ الكاتب الأمريكي (لوتروب ستودارد ) بقوله : (( في القرن الثامن عشر كان العالم الإسلامي قد بلغ من التضعضع أعظم مبلغ , ومن التدني والانحطاط أعمق درك , فأربد جوه وطبعت الظلمة كل صقع من أصقاعه ورجا من أرجائه وانتشر فيه فساد الأخلاق والآداب , وتلاشى ما كان باقيا من أثار التهذيب العربي واستغرقت الأمم الإسلامية في اتباع الأهواء والشهوات وماتت الفضيلة في الناس , وساد الجهل , وانقلبت الحكومات الإسلامية إلى مطايا استبداد وفوضى واغتيال)) (4)
(( وأما الدين فقد غشيته غاشية سوداء , فألبست الوحدانية التي علمها صاحب الرسالة الناس سجفا من الخرافات وقشور الصوفية , دخلت المساجد من أرباب الصلوات وكثر عدد الأدعياء والجهلاء وطوائف الفقراء والمساكين يخرجون من مكان إلى مكان يحملون في أعناقهم التمام والتعاويذ والسبحات , ويهمون الناس بالباطل والشبهات ويرغبونهم في الحج إلى قبور الأولياء , ويزينون للناس التماس الشفاعة من دفناء القبور , وغابت عن الناس فضائل القرآن – فصار شرب الخمر والأفيون في كل مكان وانتشرت الرذائل وهتكت ستر الحرمات على غير خشية ولا استحياء , ونال مكة المكرمة والمدينة المنورة ما نال غيرهما من سائر مدن الإسلام , وعلى الجملة بدل المسلمون غير المسلمين وهبطوا مهبطا بعيد القرار فلو عاد صاحب الرسالة إلى الأرض في ذلك العصر ورأى ما كان يدعى الإسلام لغضب)) (5) 
ويصور لنا ابن غنام الحالة التي وصلت إليها نجد قبل دعوة الشيخ محمد بقولة : ((فقد كان في بلدان نجد من ذلك أمر عظيم وهول مقيم , كان الناس يقصدون قبر زيد بن الخطاب في الجبيلة ويدعونه لتفريج الكرب , وكشف النوب , وقضاء الحاجان , وكانوا يزعمون أن في قرية في الدرعية قبور بعض الصحابة فعكقوا على عبادتها وصار أهلها أعظم في صدورهم من الله خوفا , ورهبة فتقربوا إليهم , وهم يعنون أنهم أسرع إلى تلبية حوائجهم من الله ......) . وكانوا يأتون إلى شعيب غبيرا من المنكر ما لا يعهد مثله يزعمون أن فيه قبر ضرار بن الأزور . وفي بلدة ( العفرا ) ذكر النخل المعروف ( بالفحال) يهذب إليه الرجال والنساء ويفعلون عنده المنكرات ما ينكره الدين , فالرجل الفقير يذهب إلى الفحال ليوسع له رزقه , والمريض يذهب إليه ليشفيه من المرض .
والمرأة التي لم يتقدم لها خاطب تتوسل إليه في خضوع وتقول له : يا فحل الفحول ارزقني زوجا قبل الحول .
وكان هناك شجر تدعى شجرة الذئب يأمها النساء آلاتي يرزقن بمواليد ذكور ويعلقن عليها الخرق البالية لعل أولادهن يسلمون من الموت والحسد . 
وكان في الخرج رجل يدعى ( تاج ) نهج الناس فيه سبيل الطواغيت فانهالت عليه النذر واعتقدوا فيه النفع والضرر وكانوا يذهرون للحج إليه أفواجا وينسجون حوله كثيرا من الأساطير والخرافات....)) (6)
ويلخص لنا الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن حال العصر الذي ظهر فيه الشيخ محمد بقوله : (( كان اهل عصره ومصره في تلك الأزمان قد اشتدت غربة الإسلام بينهم وعفت آثار الدين لديهم , وانهدمت قواعد الملة الحنيفية , وغلب على الأكثرين ما كان عليه آهل الجاهلية وانطمست أعلام الشريعة في ذلك الزمان , وغلب الجهل والتقليد والإعراض عن السنة و القرآن وشبه الصغير لا يعرف من الدين إلا ما كان عليه آهل تلك البلدان , وهرم الكبير على ما تلقاه من الأباء والأجداد , و أعلام الشريعة مطموسة , ونصوص التنزيل وأصول السنة فيما بينهم مدروسة , وطريق الأباء و الأسلاف مرفوعة الأعلام وأحاديث الكهان والطواغيت مقبول غير مردود ولا مدفوعة قد خلوا ربقة التوحيد والدين ودوا واجتهدوا في الاستغاثة والتعلق بغير الله من الأولياء والصالحين والأوثان والأصنام والشياطين , وعلمائهم ورؤساؤهم على ذلك مقبلون وببحر الأجاج شاربون به قد أغشتهم العوائد والمألوفات وحبستهم الشهوات والإيرادات عن الارتفاع إلى قلب الهدى من النصوص المحكمات والآيات البينات)) (7)

هذه نبذة موجزة عن الحالة الدينية في العالم الإسلامي بشكل عام ونجد بشكل خاص عند ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب أوردتها كمدخل للحديث عن حياة الشيخ ودعوته التي سنتناولها بإذن الله تعالى .

نشأة الشيخ محمد بن عبد الوهاب
نسبه :
ولد الشيخ محمد بن عبدالوهاب بن سليمان بن على بن محمد بن أحمد بن راشد بن بريد بن مشرف التميمي سنة 1115 هجري (1703م )
فأصله ينحدر إلى قبيلة تميم تلك القبيلة التى حافظت على موطنها في إقليم نجد واستقرت واستوطنت وتركت حياة البدو واشتغلت بأوجه النشاط الأخرى من زراعة وتجارة .
تعلمه :
ولد في عام 1115 هجرية على صاحبها أفضل الصلاة وأكمل التحية . 
وتعلم على أبيه في بلدة العيينة وهذه البلدة هي مسقط رأسه رحمة الله عليه ، وهي قرية معلومة في اليمامة في نجد شمال غرب مدينة الرياض بينها وبين الرياض مسيرة سبعين كيلو مترا تقريبا ، أو ما يقارب ذلك من جهة الغرب . ولد فيها رحمة الله عليه ونشأ نشأة صالحة . وقرأ القرآن مبكرا . 
واجتهد في الدراسة ، والتفقه على أبيه الشيخ عبد الوهاب بن سليمان - وكان فقيها كبيرا وعالما قديرا ، وكان قاضيا في بلدة العيينة - ثم بعد بلوغ الحلم حج وقصد بيت الله الحرام وأخذ عن بعض علماء الحرم الشريف . 
ثم توجه إلى المدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ، فاجتمع بعلمائها ، وأقام فيها مدة ، وأخذ من عالمين كبيرين مشهورين في المدينة ذلك الوقت ، وهما : الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سيف النجدي ، أصله من المجمعة ، وهو والد الشيخ إبراهيم بن عبد الله صاحب العذب الفائض في علم الفرائض ، وأخذ أيضا عن الشيخ الكبير محمد حياة السندي بالمدينة . هذان العالمان ممن اشتهر أخذ الشيخ عنهما بالمدينة . ولعله أخذ عن غيرهما ممن لا نعرف . 
ورحل الشيخ لطلب العلم إلى العراق فقصد البصرة واجتمع بعلمائها ، وأخذ عنهم ما شاء الله من العلم ، وأظهر الدعوة هناك إلى توحيد الله ودعا الناس إلى السنة ، وأظهر للناس أن الواجب على جميع المسلمين أن يأخذوا دينهم عن كتاب الله وسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام ، وناقش وذاكر في ذلك ، وناظر هنالك من العلماء ، واشتهر من مشايخه ، هناك شخص يقال له الشيخ محمد المجموعي ، وقد ثار عليه بعض علماء السوء بالبصرة وحصل عليه وعلى شيخه المذكور بعض الأذى ، فخرج من أجل ذلك وكان من نيته أن يقصد الشام فلم يقدر على ذلك لعدم وجود النفقة الكافية ، فخرج من البصرة إلى الزبير وتوجه من الزبير إلى الإحساء واجتمع بعلمائها وذاكرهم في أشياء من أصول الدين ثم توجه إلى بلاد حريملاء وذلك ( والله أعلم ) في العقد الخامس من القرن الثاني عشر لأن أباه كان قاضيا في العيينة وصار بينه وبين أميرها نزاع فانتقل عنها إلى حريملاء سنة 1139 هجرية فقدم الشيخ محمد على أبيه في حريملاء بعد انتقاله إليها سنة 1139 هجرية ، فيكون قدومه حريملاء في عام 1140 هـ أو بعدها ، واستقر هناك ولم يزل مشتغلا بالعلم والتعليم والدعوة في حريملاء حتى مات والده في عام 1153 هجرية فحصل من بعض أهل حريملاء شر عليه ، وهم بعض السفلة بها أن يفتك به . وقيل : إن بعضهم تسور عليه الجدار فعلم بهم بعض الناس فهربوا 
إستقرارة في العيينة 
بعد هذه الحادثة خرج الشيخ للعيينة واستقر بها ، وأسباب غضب هؤلاء السفلة عليه أنه كان آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر ، وكان يحث الأمراء على تعزير المجرمين الذين يعتدون على الناس بالسلب والنهب والإيذاء ، ومن جملتهم هؤلاء السفلة الذين يقال لهم : العبيد هناك ، ولما عرفوا من الشيخ أنه ضدهم وأنه لا يرضى بأفعالهم ، وأنه يحرض الأمراء على عقوباتهم ، والحد من شرهم غضبوا وهموا أن يفتكوا به ، فصانه الله وحماه ، ثم انتقل إلى بلدة العيينة وأميرها إذ ذاك عثمان بن محمد بن معمر ، فنزل عليه ورحب به الأمير ، وقال : قم بالدعوة إلى الله ونحن معك وناصروك وأظهر له الخير ، والمحبة والموافقة على ما هو عليه ، فاشتغل الشيخ بالتعليم والإرشاد والدعوة إلى الله عز وجل ، وتوجيه الناس إلى الخير ، والمحبة في الله ، رجالهم ونسائهم ، واشتهر أمره في العيينة وعظم صيته وجاء إليها الناس من القرى المجاورة . 
وفي يوم من الأيام قال الشيخ للأمير عثمان : دعنا نهدم قبة زيد بن الخطاب رضي الله عنه فإنها أسست على غير هدى ، وأن الله جل وعلا لا يرضى بهذا العمل ، والرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن البناء على القبور ، واتخاذ المساجد عليها ، وهذه القبة فتنت الناس وغيرت العقائد ، وحصل بها الشرك فيجب هدمها ، فقال الأمير عثمان لا مانع من ذلك ، فقال الشيخ : إني أخشى أن يثور لها أهل الجبيلة ، والجبيلة قرية هناك قريبة من القبر ، فخرج عثمان ومعه جيش يبلغون 600 مقاتل لهدم القبة ، ومعهم الشيخ رحمة الله عليه فلما قربوا من القبة خرج أهل الجبيلة لما سمعوا بذلك لينصروها ويحموها . 
فلما رأوا الأمير عثمان ومن معه كفوا ورجعوا عن ذلك ، فباشر الشيخ هدمها لإزالتها فأزالها الله عز وجل على يديه رحمة الله عليه . فقال الشيخ للأمير عثمان بن معمر : لا بد من هدم هذه القبة على قبر زيد - وزيد بن الخطاب رضي الله عنه هو أخو عمر بن الخطاب أمير المؤمنين رضي الله تعالى عن الجميع ، وكان من جملة الشهداء في قتال مسيلمة الكذاب في عام 12 من الهجرة النبوية ، فكان ممن قتل هناك وبني على قبره قبة فيما يذكرون ، وقد يكون قبر غيره ، لكنه فيما يذكرون أنه قبره - فوافقه عثمان كما تقدم ، وهدمت القبة بحمد الله وزال أثرها إلى اليوم ولله الحمد والمنة ، أماتها جل وعلا لما هدمت عن نية صالحة ، وقصد مستقيم ونصر للحق ، وهناك قبور أخرى منها قبر يقال : إنه قبر ضرار بن الأوزر كانت عليه قبة هدمت أيضا ، وهناك مشاهد أخرى أزالها الله عز وجل ، وكانت هناك غيران وأشجار تعبد من دون الله جل وعلا فأزيلت وقضى عليها وحذر الناس عنها . والمقصود أن الشيخ استمر رحمة الله عليه على الدعوة قولا وعملا كما تقدم ، ثم إن الشيخ أتته امرأة واعترفت عنده بالزنا عدة مرات ، وسأل عن عقلها فقيل : إنها عاقلة ولا بأس بها ، فلما صممت على الاعتراف ، ولم ترجع عن اعترافها ، ولم تدع إكراها ولا شبهة وكانت محصنة ، أمر الشيخ رحمة الله عليه بأن ترجم فرجمت بأمره حالة كونه قاضيا بالعيينة ، فاشتهر أمره بعد ذلك بهدم القبة وبرجم المرأة وبالدعوة العظيمة إلى الله وهجرة المهاجرين إلى العيينة .
طرد الشيخ بن عبدالوهاب من العيينة :
وبلغ أمير الإحساء وتوابعها من بني خالد سليمان بن عريعر الخالدي أمر الشيخ وأنه يدعو إلى الله وأنه يهدم القباب ، وأنه يقيم الحدود فعظم على هذا البدوي أمر الشيخ ، لأن من عادة البادية إلا من هدى الله ، الإقدام على الظلم ، وسفك الدماء ، ونهب الأموال ، وانتهاك الحرمات ، فخاف أن هذا الشيخ يعظم أمره ويزيل سلطان الأمير البدوي ، فكتب إلى عثمان يتوعده ويأمره أن يقتل هذا المطوع الذي عنده في العيينة ، وقال : إن المطوع الذي عندكم بلغنا عنه كذا ، وكذا!! فإما أن تقتله ، وإما أن نقطع عنك خراجك الذي عندنا!! وكان عنده للأمير عثمان خراج من الذهب ، فعظم على عثمان أمر هذا الأمير ، وخاف إن عصاه أن يقطع عنه خراجه أو يحاربه ، فقال للشيخ : إن هذا الأمير كتب إلينا كذا وكذا ، وأنه لا يحسن منا أن نقتلك وأنا نخاف هذا الأمير ولا نستطيع محاربته ، فإذا رأيت أن تخرج عنا فعلت ، فقال له الشيخ : إن الذي أدعو إليه هو دين الله وتحقيق كلمة لا إله إلا الله ، وتحقيق شهادة أن محمدا رسول الله ، فمن تمسك بهذا الدين ونصره وصدق في ذلك نصره الله وأيده وولاه على بلاد أعدائه ، فإن صبرت واستقمت وقبلت هذا الخبر فأبشر فسينصرك الله ويحميك من هذا البدوي وغيره ، وسوف يوليك الله بلاده وعشيرته ، فقال : أيها الشيخ أنا لا نستطيع محاربته ، ولا صبر لنا على مخالفته.
دخول الشيخ محمد إلى الدرعية :
فخرج الشيخ عند ذلك وتحول من العيينة إلى بلاد الدرعية ، جاء إليها ماشيا فيما ذكروا حتى وصل إليها في آخر النهار ، وقد خرج من العيينة في أول النهار ماشيا على الأقدام لم يرحله عثمان ، فدخل على شخص من خيارها في أعلى البلد يقال له : محمد بن سويلم العريني فنزل عليه ، ويقال : إن هذا الرجل خاف من نزوله عليه وضاقت به الأرض بما رحبت ، وخاف من أمير الدرعية محمد بن سعود فطمأنه الشيخ وقال له : أبشر بخير ، وهذا الذي أدعو الناس إليه دين الله ، وسوف يظهره الله ، فبلغ محمد بن سعود خبر الشيخ محمد ، ويقال :
أخبره به زوجته جاء إليها بعض الصالحين وقال لها : أخبري محمدا بهذا الرجل ، وشجعيه على قبول دعوته وحرضيه على مؤازرته ومساعدته وكانت امرأة صالحة طيبة ، فلما دخل عليها محمد بن سعود أمير الدرعية وملحقاتها قالت له : أبشر بهذه الغنيمة العظيمة! هذه غنيمة ساقها الله إليك ، رجل داعية يدعو إلى دين الله ، ويدعو إلى كتاب الله ، يدعو إلى سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام يا لها من غنيمة! بادر بقبوله وبادر بنصرته ، ولا تقف في ذلك أبدا ، فقبل الأمير مشورتها ، ثم تردد هل يذهب إليه أو يدعوه إليه؟! فأشير عليه ويقال : إن المرأة أيضا هي التي أشارت عليه مع جماعة من الصالحين وقالوا له : لا ينبغي أن تدعوه إليك ، بل ينبغي أن تقصده في منزله ، وأن تقصده أنت وأن تعظم العلم والداعي إلى الخير ، فأجاب إلى ذلك لما كتب الله له من السعادة والخير رحمة الله عليه وأكرم الله مثواه
لقاء الشيخ بن عبدالوهاب ببن سعود والعد بينهم :
فذهب إلى الشيخ في بيت محمد بن سويلم ، وقصده وسلم عليه وتحدث معه ، وقال له يا شيخ محمد أبشر بالنصرة وأبشر بالأمن وأبشر بالمساعدة ، فقال له الشيخ : وأنت أبشر بالنصرة أيضا والتمكين والعاقبة الحميدة ، هذا دين الله من نصره نصره الله ، ومن أيده أيده الله وسوف تجد آثار ذلك سريعا ، فقال : يا شيخ سأبايعك على دين الله ورسوله وعلى الجهاد في سبيل الله ، ولكنني أخشى إذا أيدناك ونصرناك وأظهرك الله على 
أعداء الإسلام ، أن تبتغي غير أرضنا ، وأن تنتقل عنا إلى أرض أخرى فقال : لا أبايعك على هذا . . . أبايعك على أن الدم بالدم والهدم بالهدم لا أخرج عن بلادك أبدا ، فبايعه على النصرة وعلى البقاء في البلد وأنه يبقى عند الأمير يساعده ، ويجاهد معه في سبيل الله حتى يظهر دين الله ، وتمت البيعة على ذلك . 
أعمال الشيخ بالدرعية :
توافد الناس إلى الدرعية من كل مكان ، من العيينة ، وعرقة ، ومنفوحة ، والرياض وغير ذلك ، من البلدان المجاورة ، ولم تزل الدرعية موضع هجرة يهاجر إليها الناس من كل مكان ، وتسامع الناس بأخبار الشيخ ، ودروسه في الدرعية ودعوته إلى الله وإرشاده إليه ، فأتوا زرافات ووحدانا . 
فأقام الشيخ بالدرعية معظما مؤيدا محبوبا منصورا ورتب الدروس في الدرعية في العقائد ، وفي القرآن الكريم ، وفي التفسير ، وفي الفقه ، وأصوله ، والحديث ، ومصطلحة ، والعلوم العربية ، والتاريخية ، وغير ذلك من العلوم النافعة ، وتوافد الناس عليه من كل مكان ، وتعلم الناس علمه في الدرعية الشباب وغيرهم ، ورتب للناس دروسا كثيرة للعامة ، والخاصة ، ونشر العلم في الدرعية واستمر على الدعوة . 
بدأ بالجهاد وكاتب الناس إلى الدخول في هذا الميدان وإزالة الشرك الذي في بلادهم ، وبدأ بأهل نجد ، وكاتب أمراءها وعلماؤها . كاتب علماء الرياض وأميرها دهام بن دواس ، كاتب علماء الخرج وأمراءها ، وعلماء بلاد الجنوب والقصيم وحائل والوشم ، وسدير وغير ذلك ، ولم يزل يكاتبهم ويكاتب علماءهم وأمراءهم . 
وهكذا علماء الإحساء وعلماء الحرمين الشريفين ، وهكذا علماء الخارج في مصر ، والشام ، والعراق ، والهند ، واليمن ، وغير ذلك ، ولم يزل يكاتب الناس ويقيم الحجج ويذكر الناس ما وقع فيه أكثر الخلق من الشرك والبدع ، وليس معنى هذا أنه ليس هناك أنصار للدين بل هناك أنصار والله جل وعلا قد ضمن لهذا الدين أن لا بد له من ناصر ولا تزال طائفة في هذه الأمة على الحق منصورة كما قال النبي عليه الصلاة والسلام ، فهناك أنصار للحق في أقطار كثيرة . 
ولكن الحديث الآن عن نجد ، فكان فيها من الشر والفساد والشرك والخرافات ما لا يحصيه إلا الله عز وجل . مع أن فيها علماء فيهم خير ، ولكن لم يقدر لهم أن ينشطوا في الدعوة وأن يقوموا بها كما ينبغي ، وهناك أيضا في اليمن وغير اليمن دعاة إلى الحق وأنصار قد عرفوا هذا الشرك وهذه الخرافات ، ولكن لم يقدر الله لدعوتهم النجاح ما قدر لدعوة الشيخ محمد لأسباب كثيرة ، 
منها : عدم تيسر الناصر المساعد لهم . 
ومنها : عدم الصبر لكثير من الدعاة وتحمل الأذى في سبيل الله ، 
ومنها : قلة علوم بعض الدعاة التي يستطيع بها أن يوجه الناس بالأساليب المناسبة ، والعبارات اللائقة ، والحكمة والموعظة الحسنة . 
ومنها : أسباب أخرى غير هذه الأسباب ، وبسبب هذه المكاتبات الكثيرة والرسائل والجهاد اشتهر أمر الشيخ ، وظهر أمر الدعوة ، واتصلت رسائله بالعلماء في داخل الجزيرة ، وفي خارجها . وتأثر بدعوته جمع غفير من الناس في الهند وفي أندونيسيا ، وفي أفغانستان ، وفي أفريقيا وفي المغرب ، وهكذا في مصر ، والشام ، والعراق ، وكان هناك دعاة كثيرون عندهم معرفة بالحق والدعوة إليه فلما بلغتهم دعوة الشيخ زاد نشاطهم ، وزادت قوتهم واشتهروا بالدعوة ولم تزل دعوة الشيخ تشتهر وتظهر بين العالم الإسلامي وغيره ، ثم في هذا العصر الأخير طبعت كتبه ، ورسائله ، وكتب أبنائه ، وأحفاده ، وأنصاره ، وأعوانه من علماء المسلمين في الجزيرة وخارجها ، وكذلك طبعت الكتب في دعوته ، وترجمته ، وأحواله ، وأحوال أنصاره ، حتى اشتهرت بين الناس في غالب الأقطار والأمصار ، ومن المعلوم أن لكل نعمة حاسدا وأن لكل داعي أعداء كثيرين قال الله تعالى : وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ 
فلما اشتهر الشيخ بالدعوة وكتب الكتابات الكثيرة ، وألف المؤلفات القيمة ، ونشرها في الناس ، وكاتبه العلماء ، ظهر جماعة كثيرون من حساده ، ومن مخالفيه ، وظهر أيضا أعداء آخرون ، وصار أعداؤه وخصومه قسمين : 
قسم عادوه باسم العلم والدين ، وقسم : عادوه باسم السياسة ولكن تستروا بالعلم ، وتستروا باسم الدين ، واستغلوا عداوة من عاداه من العلماء الذين أظهروا عداوته وقالوا : إنه على غير الحق ، وإنه كيت وكيت . 
والشيخ رحمة الله عليه مستمر في الدعوة يزيل الشبه ، ويوضح الدليل ، ويرشد الناس إلى الحقائق على ما هي علي من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام ، وطورا . يقولون : إنه من الخوارج ، وتارة يقولون : يخرق الإجماع ، ويدعي الاجتهاد المطلق ولا يبالي بمن قبله من العلماء والفقهاء وتارة يرمونه بأشياء أخرى وما ذاك إلا من قلة العلم من طائفة منه وطائفة أخرى قلدت غيرها واعتمدت عليها ، وطائفة أخرى خافت على مراكزها فعادته سياسة وتستتر باسم الإسلام والدين واعتمدت على أقوال المخرفين والمضللين .
والخصوم في الحقيقة ثلاثة أقسام : 
علماء مخرفون يرون الحق باطلا والباطل حقا ، ويعتقدون أن البناء على القبور ، واتخاذ المساجد عليها ،ودعاءها من دون الله والاستغاثة بها وما أشبه ذلك دين وهدى ، ويعتقدون أن من أنكر ذلك فقد أبغض الصالحين ، وأبغض الأولياء ، وهو عدو يجب جهاده . 
وقسم آخر : من المنسوبين للعلم جهلوا حقيقة هذا الرجل ، ولم يعرفوا عنه الحق الذي دعا إليه بل قلدوا غيرهم وصدقوا ما قيل فيه من الخرافيين المضللين ، وظنوا أنهم على هدى فيما نسبوه إليه من بغض الأولياء والأنبياء ، ومن معاداتهم ، وإنكار كراماتهم ، فذموا الشيخ ، وعابوا ونفروا عنه . 
وقسم آخر : خافوا على المناصب والمراتب فعادوه لئلا تمتد أيدي أنصار الدعوة الإسلامية إليهم فتنزلهم عن مراكزهم ، وتستولي على بلادهم ، واستمرت الحرب الكلامية . والمجادلات والمساجلات بين الشيخ وخصومه ، يكاتبهم ويكاتبونه ، ويجادلهم ويرد عليهم ، ويردون عليه ، وهكذا جرى بين أبنائه وأحفاده وأنصاره وبين خصوم الدعوة . حتى اجتمع من ذلك رسائل كثيرة ، وردود جمة ، وقد جمعت هذه الرسائل والفتاوى والردود فبلغت مجلدات ، وقد طبع أكثرها والحمد لله ، واستمر الشيخ في الدعوة والجهاد وساعده الأمير محمد بن سعود أمير الدرعية ، وجد الأسرة السعودية على ذلك ، ورفعت راية الجهاد وبدأ الجهاد من عام 1158 هـ . 

بدايت الجهاد بالسيف :
بدأ الجهاد بالسيف ، وبالكلام والبيان ، والحجة ، والبرهان ، ثم استمرت الدعوة مع الجهاد بالسيف ، ومعلوم أن الداعي إلى الله عز وجل إذا لم يكن لديه قوة تنصر الحق وتنفذه فسرعان ما تخبو دعوته وتنطفي شهرته ، ثم يقل أنصاره . 
ومعلوم ما للسلاح والقوة من الأثر العظيم في نشر الدعوة ، وقمع المعارضين ونصر الحق ، وقمع الباطل ولقد صدق الله العظيم في قوله عز وجل وهو الصادق سبحانه في كل ما يقول : لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ فبين سبحانه وتعالى أنه أرسل الرسل بالبينات ، وهي الحجج والبراهين الساطعة التي يوضح الله بها الحق ، ويدفع بها الباطل ، وأنزل مع الرسل الكتاب الذي فيه البيان ، والهدى والإيضاح ، وأنزل معهم الميزان ، وهو العدل الذي ينصف به المظلوم من الظالم ، ويقام به الحق وينشر به الهدى ويعامل الناس على ضوئه بالحق والقسط ، وأنزل الحديد فيه بأس شديد ، فيه قوة وردع وزجر لمن خالف الحق ، فالحديد لمن لم تنفع فيه الحجة وتؤثر فيه البينة ، فهو الملزم بالحق ، وهو القامع للباطل ، ولقد أحسن من قال في مثل هذا : 
وما هو إلا الوحي أوحد مرهف *** تزيل ظباه اخدعي كل مائل 
فهذا دواء الداء من كل جاهل ** وهذا دواء الداء من كل عادل
فالعاقل ذو الفطرة السليمة ، ينتفع بالبينة ، ويقبل الحق بدليله ، أما الظالم التابع لهواه فلا يردعه إلا السيف ، فجد الشيخ رحمه الله في الدعوة والجهاد ، وساعده أنصاره من آل سعود ، طيب الله ثراهم على ذلك ، واستمروا في الجهاد والدعوة من عام 1158هـ إلى أن توفي الشيخ في عام 1206هـ فاستمر الجهاد والدعوة قريبا من خمسين عاما . جهاد ، ودعوة ، ونضال ، وجدال في الحق ، وإيضاح لما قاله الله ورسوله ، ودعوة إلى دين الله ، وإرشاد إلى ما شرعه رسول الله عليه الصلاة والسلام . 
حتى التزم الناس بالطاعة ، ودخلوا في دين الله ، وهدموا ما عندهم من القباب ، وأزالوا ما لديهم من المساجد المبنية على القبور ، وحكموا الشريعة ، ودانوا بها ، وتركوا ما كانوا عليه من تحكيم سوالف الآباء والأجداد ، وقوانينهم ، ورجعوا إلى الحق . 
وعمرت المساجد بالصلوات ، وحلقات العلم ، وأديت الزكوات ، وصام الناس رمضان ، كما شرع الله عز وجل ، وأمر بالمعروف ، ونهي عن المنكر ، وساد الأمن في الأمصار ، والقرى ، والطرق ، والبوادي ، ووقف البادية عند حدهم ، ودخلوا في دين الله وقبلوا الحق ، ونشر الشيخ فيهم الدعوة . 
وأرسل الشيخ إليهم المرشدين ، والدعاة في الصحراء والبوادي ، كما أرسل المعلمين ، والمرشدين ، والقضاة إلى البلدان والقرى ، وعم هذا الخير العظيم والهدى المستبين نجدا كلها وانتشر فيها الحق ، وظهر فيها دين الله عز وجل . 
عمل أبناء الشيخ بعده :
ثم بعد وفاة الشيخ رحمة الله عليه استمر أبناؤه ، وأحفاده ، وتلاميذه ، وأنصاره في الدعوة والجهاد ، وعلى رأس أبنائه الشيخ الإمام عبد الله بن محمد ، والشيخ حسين بن محمد ، والشيخ علي بن محمد ، والشيخ إبراهيم بن محمد ، ومن أحفاده الشيخ عبد الرحمن بن حسن ، والشيخ علي بن حسين ، والشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد وجماعة آخرون ومن تلاميذه أيضا الشيخ حمد بن ناصر بن معمر ، وجمع غفير من علماء الدرعية ، وغيرهم استمروا في الدعوة والجهاد ونشر دين الله تعالى وكتابة الرسائل وتأليفات المؤلفات ، وجهاد أعداء الدين ، وليس بين هؤلاء الدعاة وخصومهم شيء إلا أن هؤلاء دعوا إلى توحيد الله وإخلاص العبادة لله عز وجل ، والاستقامة على ذلك ، وهدم المساجد والقباب التي على القبور ، ودعوا إلى تحكيم الشريعة والاستقامة عليها ودعوا إلى الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وإقامة الحدود الشرعية . هذه أسباب النزاع بينهم وبين الناس . 
والخلاصة : أنهم أرشدوا الناس إلى توحيد الله ، وأمروهم بذلك وحذروا الناس من الشرك بالله ومن وسائله وذرائعه ، وألزموا الناس بالشريعة الإسلامية ، ومن أبى واستمر على الشرك بعد الدعوة والبيان ، والإيضاح والحجة ، جاهدوه في الله عز وجل وقصدوه في بلاده حتى يخضع للحق ، وينيب إليه ويلزموه به بالقوة والسيف ، حتى يخضع هو وأهل بلده إلى ذلك . 
وكذلك حذروا الناس من البدع والخرافات ، التي ما أنزل الله بها من سلطان ، كالبناء على القبور ، واتخاذ القباب عليها والتحاكم إلى الطواغيت ، وسؤال السحرة والكهنة ، وتصديقهم وغير ذلك ، فأزال الله ذلك على يدي الشيخ وأنصاره رحمة الله عليهم جميعا . وعمرت المساجد بتدريس الكتاب العظيم والسنة المطهرة ، والتاريخ الإسلامي ، والعلوم العربية النافعة ، وصار الناس في مذاكرة ، وعلم ، وهدى ، ودعوة ، وإرشاد ، وآخرون منهم فيما يتعلق بدنياهم من الزراعة والصناعة وغير ذلك ، علم وعمل ، ودعوة وإرشاد ، ودنيا ودين ، فهو يتعلم ويذاكر ، ومع ذلك يعمل في حقله الزراعي ، أو في صناعته أو تجارته وغير ذلك . فتارة لدينه ، وتارة لدنياه دعاة إلى الله وموجهون 
إلى سبيله ، ومع ذلك يشتغلون بأنواع الصناعة الرائجة في بلادهم ، ويحصلون من ذلك على ما يغنيهم عن خارج بلادهم ، وبعد فراغ الدعاة وآل سعود من نجد امتدت دعوتهم إلى الحرمين ، وجنوب الجزيرة.
دخول الحرمين :
كاتبوا علماء الحرمين سابقا ، ولاحقا فلما لم تجد الدعوة واستمر أهل الحرمين على ما هم عليه من تعظيم القباب ، واتخاذها على القبور ، ووجود الشرك عندها ، والسؤال لأربابها ، سار الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد بعد وفاة الشيخ بإحدى عشرة سنة توجه إلى الحجاز ، ونازل أهل الطائف ثم قصد أهل مكة وكان أهل الطائف قد توجه إليهم قبل سعود الأمير عثمان بن عبد الرحمن المضايفي ، ونازلهم بقوة أرسلها إليها الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد أمير الدرعية بقوة عظيمة من أهل نجد وغيرهم ، ساعدوه حتى استولى على الطائف ، وأخرج منها أمراء الشريف ، وأظهر فيه الدعوة إلى الله ، وأرشد إلى الحق ، ونهى فيها عن الشرك ، وعبادة ابن عباس ، وغيره مما كان يعبده هناك الجهال ، والسفهاء من أهل الطائف ، ثم توجه الأمير سعود عن أمر أبيه عبد العزيز إلى جهة الحجاز ، وجمعت الجيوش حول مكة . 
فلما عرف شريفها أنه لا بد من التسليم أو الفرار فر إلى جدة . ودخل سعود ومن معه من المسلمين البلاد من غير قتال واستولوا على مكة في فجر 1 من شهر محرم من عام 1218هـ وأظهروا فيها الدعوة إلى دين الله ، وهدموا ما فيها 
من القباب التي بنيت علي قبر خديجة وغيره ، فأزالوا القباب كلها ، وأظهروا فيها الدعوة إلى توحيد الله عز وجل ، وعينوا فيها العلماء والمدرسين ، والموجهين والمرشدين ، والقضاة الحاكمين بالشريعة 
ثم بعد مدة وجيزة فتحت المدينة ، واستولى آل سعود على المدينة في عام 1220هـ بعد مكة بنحو سنتين ، واستمر الحرمان في ولاية آل سعود ، وعينوا فيها الموجهين والمرشدين ، وأظهروا في البلاد العدل وتحكيم الشريعة ، والإحسان إلى أهلها ولا سيما فقرائهم ومحاويجهم فأحسنوا إليهم بالأموال ، وواسوهم ، وعلموهم كتاب الله ، وأرشدوهم إلى الخير ، وعظموا العلماء ، وشجعوهم على التعليم ، والإرشاد ولم ينزل الحرمان الشريفان تحت ولاية آل سعود إلى عام 1226هـ ثم بدأت الجيوش المصرية والتركية تتوجه إلى الحجاز لقتال آل سعود وإخراجهم من الحرمين ، لأسباب كثيرة تقدم بعضها ، وهذه الأسباب كما تقدم هي أن أعداءهم ، وحسادهم ، والمخرفين الذين ليس لهم بصيرة ، وبعض السياسيين الذين أرادوا إخماد هذه الدعوة وخافوا منها أن تزيل مراكزهم ، وأن تقضي على أطماعهم ، كذبوا على الشيخ ، وأتباعه ، وأنصاره ، وقالوا إنهم يبغضون الرسول عليه الصلاة والسلام ، لأنهم يبغضون الأولياء ، وينكرون كراماتهم ، وقالوا 
إنهم أيضا يقولون كيت وكيت مما يزعمون أنهم ينتقصون به الرسل عليهم الصلاة والسلام ، وصدق هذا بعض الجهال ، وبعض المغرضين ، وجعلوه سلما للنيل منهم والقتال لهم ، وتشجيع الأتراك والمصريين على حربهم ، فجرى ما جرى من الفتن والقتال - وصار القتال بين الجنود المصرية والتركية ومن معهم وبين آل سعود في نجد ، والحجاز ، سجالا مدة طويلة من عام 1226 هـ إلى عام 1233 هـ سبع سنين كلها قتال ونضال بين قوى الحق وقوى الباطل . 
والخلاصة : أن هذا الإمام الذي هو الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه إنما قام لإظهار دين الله ، وإرشاد الناس إلى توحيد الله ، وإنكار ما أدخل الناس فيه من البدع والخرافات ، وقام أيضا لإلزام الناس بالحق ، وزجرهم عن الباطل ، وأمرهم بالمعروف ، ونهيهم عن المنكر . 
هذه خلاصة دعوته رحمة الله تعالى عليه ، وهو في العقيدة على طريقة السلف الصالح يؤمن بالله وبأسمائه ، وصفاته ، ويؤمن بملائكته ، ورسله وكتبه ، وباليوم الآخر ، وبالقدر خيره وشره ، وهو على طريقة أئمة الإسلام في توحيد الله ، وإخلاص العبادة له جل وعلا . وفي الإيمان بأسماء الله وصفاته على الوجه اللائق بالله سبحانه ، لا يعطل صفات الله ، ولا يشبه الله بخلقه . وفي الإيمان بالبعث ، والنشور ، والجزاء والحساب ، والجنة والنار ، وغير ذلك . 

خلاصة فكر الشيخ محمد بن عبدالوهاب :
يقول في الإيمان ما قاله السلف أنه قول وعمل يزيد وينقص . يزيد بالطاعة ، وينقص بالمعصية ، كل هذا من عقيدته رحمه الله ، فهو على طريقتهم وعلى عقيدتهم قولا وعملا ، لم يخرج عن طريقتهم البتة ، وليس له في ذلك مذهب خاص ، ولا طريقة خاصة ، بل هو على طريق السلف الصالح من الصحابة وأتباعهم بإحسان . رضي الله عن الجميع . وإنما أظهر ذلك في نجد ، وما حولها ودعا إلى ذلك ثم جاهد عليه من أباه ، وعانده ، وقاتلهم ، حتى ظهر دين الله وانتصر الحق ، وكذلك هو على ما عليه المسلمون من الدعوة إلى الله ، وإنكار الباطل ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ولكن الشيخ وأنصاره يدعون الناس إلى الحق ، ويلزمونهم به ، وينهونهم عن الباطل ، وينكرونه عليهم ، ويزجرونهم عنه حتى يتركوه . 
وكذلك جد في إنكار البدع والخرافات حتى أزالها الله سبحانه بسبب دعوته . فالأسباب الثلاثة المتقدمة آنفا هي أسباب العداوة ، والنزل بينه وبين الناس . وهي : 
أولا : إنكار الشرك والدعوة إلى التوحيد الخالص . 
ثانيا : إنكار البدع ، والخرافات ، كالبناء على القبور واتخاذها مساجد ونحو ذلك كالموالد والطرق التي أحدثتها طوائف المتصوفة . 
ثالثا : أنه يأمر الناس بالمعروف ، ويلزمهم به بالقوة فمن أبى المعروف الذي أوجبه الله عليه ، ألزم به وعزر عليه إذا تركه وينهى الناس عن المنكرات ، ويزجرهم عنها ، ويقيم حدودها ، ويلزم الناس الحق ، ويزجرهم عن الباطل ، وبذلك ظهر الحق ، وانتشر ، وكبت الباطل ، وانقمع ، وسار الناس في سيرة حسنة ، ومنهج قويم في أسواقهم ، وفي مساجدهم ، وفي سائر أحوالهم . 
لا تعرف البدع بينهم ولا يوجد في بلادهم الشرك ، ولا تظهر المنكرات بينهم . بل من شاهد بلادهم وشاهد أحوالهم وما هم عليه ذكر حال السلف الصالح وما كانوا عليه زمن النبي عليه الصلاة والسلام ، وزمن أصحابه ، وزمن أتباعه بإحسان في القرون المفضلة رحمة الله عليهم . 
فالقوم ساروا سيرتهم ، ونهجوا منهجهم ، وصبروا على ذلك ، وجدوا فيه ، وجاهدوا عليه ، فلما حصل بعض التغيير في آخر الزمان بعد وفاة الشيخ محمد بمدة طويلة ووفاة كثير من أبنائه رحمة الله عليهم وكثير من أنصاره حصل بعض التغيير جاء الابتلاء وجاء الامتحان بالدولة التركية ، والدولة المصرية ، مصداق قوله عز وجل : إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ 
نسأل الله عز وجل أن يجعل ما أصابهم تكفيرا وتمحيصا من الذنوب ، رفعة وشهادة لمن قتل منهم رضي الله عنهم ورحمهم 

انتشار دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب
انتشرت دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب خارج نجد عندما استولت الدولة السعودية على مكة المكرمة سنة 1219 هجري واصبح حجاج البلاد المسلمة يفدون إلى مكة المكرمة ويشاهدون علماء هذه الدعوة الحقا , ويسمعون خطبهم وإرشاداتهم , كما شاهدوا سيرة الدولة إن ذاك , وما هي علية من الاعتصام بكتاب الله والسنة , فتأثر بعض الحجاج بالدعوة وأخذوا ينشرون مبادئ الدعوة ويحاربون الخرافات والبدع في بلادهم .
وكان لانتشار الدعوة في العالم الاسلامي عدة آثار من أهمها :
1- قيام يقظة فكرية إسلامية كان العالم الاسلامي والمسلمين في اشد الحاجة لها .
2- كانت الدعوة عاملا مهما من عوامل نمو الوعي الوطني في كثير من البلاد الإسلامية التى ابتليت بالاستعمار .
3- كان من أثر الدعوة السلفية في كثير من الدول الإسلامية تجميد وإضعاف كل الأفكار المعادية لهذه الدعوة المباركة .
4- تأييد شامل لهذه الدعوة الإصلاحية من العلماء المسلمين الغيورين على دينهم وعقيدتهم في البلاد الاسلامية , والمنبع الذي اعتمد عليه كثير من رجال الإصلاح المسلمين .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 68936
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

تاريخ الوهابية ومؤسسها محمد بن عبد الوهاب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ الوهابية ومؤسسها محمد بن عبد الوهاب   تاريخ الوهابية ومؤسسها محمد بن عبد الوهاب Emptyالسبت 05 أبريل 2014, 7:12 am

تعليقات بعض الكتاب والمؤرخين على انتشار دعوة الشيخ
محمد بن عبدالوهاب ببعض البلدان
العقاد :
يقول العقاد (( ولم تذهب صيحة ابن عبدالوهاب عبثا في الجزيرة العربية ولا في أرجاء العالم الإسلامي من مشرقة إلى مغربه , فقد تبعه كثير من الحجاج وزوار الحجاز , وسرت تعاليمه إلى الهند والعراق والسودان وغيرها من الأقطار النائية ,و أدرك المسلمين أن علة الهزائم التى تعاقبت عليهم إنما هي في ترك الدين لا في الدين نفسه . وأنهم خلفاء أن يستردوا ما فاتهم من القوة والمنعة باجتناب البدع , والعودة إلى دين السلف الصالح في جوهره ولبابه )) (Cool
ويقول العقاد أيضا :
(( سرعان ما ظهرت دعوة ابن عبدالوهاب بجزيرة العرب حتى تردد صداها في البنغال سنة 1804 م واتبعها طائفة الفرائضية بنصوصها الحرفية , فاعتبرت الهند دار حرب إلى أن تدين بحكم الشريعة , ثم تردد صدى الدعوة الوهابية بعد ذلك بزعامة السيد أحمد الباريلي في البنجاب , وأوجب على اتباعه حمل السلاح لمحاربة السيخين وتقدمهم في القتال حتى الموت .)) (9)
أرنولد :
يقول في كتابه ( الدعوة إلى الإسلام) 
(( وفي القرن العشرين نشطت حركة الدعوة إلى الإسلام في البنغال نشاطا ملحوظا , و أرسلت طوائف كثيرة ينتمي أهلها إلى تأثير الحركة الوهابية الإصلاحية , دعاتهم يتنقلون في هذه المناطق , ويطهرون البلاد من بقايا العقائد الهندوكية بين الكفار (10)

في اليمن :
ظهر في اليمن الشيخ على الشوكاني المتوفي سنة 1250 هجري , ودعا بما يشب دعوة الشيخ بن الوهاب وتقلد ببن تيمية وألف كتاب (نبيل الأوطان ) لشرح كتاب شيخ الإسلام ( منتقى الأخبار ) (11)
في العراق :
نجد أسرة (الألوسي ) التي بذلت حياتهم لتعميق التربية الإسلامية في العراق وقد كتبوا عن الشيخ ودعوته ونافحوا عنها ز (12)
في الجزائر :
إن من أول من حمل راية الدعوة السلفية هو المؤرخ الجزائري
( أبو رواس الناصري ) الذي قدر له أن يجتمع بتلاميذ الشيخ محمد بن عبدالوهاب في الحج . و ذاكرهم في أمور إلى أن انتهى به الأمر بالاقتناع , وكان ذلك بحضور وفد حجيج كان يرأسه ولي عهد المغرب آنذاك . (13)
1كذلك تأسست ( جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ) الوجه السلفي بزعامة عبدالحميد بن باديس (1305-1359) الذي أطلع على مبادئ الدعوة السلفية عندما ذهب للحج في مكة المكرمة . و دعا إلى إصلاح عقائد الجزائريين من البدع والخرافات , ودعا إلى الاجتهاد ومحاربة التقليد الأعمى والجمود الفكري وذلك بالتعمق بدراسة القرآن الكريم والسنة النبوية . (14)
السودان :
يقول السير أرنولد : (( وحول نهاية القرن الثامن عشر ظهر من بين جماعة الفلبي رجل معروف يدعى الشيخ عثمان دانفودو , عرف انه مصلح ديني وداع ومحارب , وقد ذهب من السودان إلى مكة لأداء فريضة الحج , فعاد من هناك مليئا بالحماس والغيرة من أجل الإصلاح والدعوة للإسلام,
وتأثر بالوهابية الذين كانت قوتهم أخذة في النماء , فأنكر الصلاة على روح الميت , تعظيم من مات من الأولياء , وأستنكر من بالغ في تمجيد محمد نفسه , وهاجم شرب الخمر وفساد الأخلاق اللتين كانتا منتشرتين ))(15)
مصر :
نجد الشيخ محمد عبده ومحمد رشيد رضا تبنيا مبادئ دعوة محمد بن عبدالوهاب , ودافعا عنها في مؤلفاتهم , وكذلك عبدالرحمن الجبرتي مؤرخ مصر , وهو من اشد المتأثرين بدعوة بن عبدالوهاب , وكان يرى أن الأتراك قد ارتكبوا خطأ كبير عندما حاربوا دعوة الشيخ و أنصارها مما دفع محمد علي باشا لقتله . (16)
المغرب :
تأثر بها (سيدي محمد بن عبدالله ) الذي حارب الصوفية متأثر بكتب وأراء الشيخ محمد بن عبد الوهاب وكذلك (مولاي سليمان ) الذي قام ضد الزوايا ودعا إلى التوحيد . (17)
1ومما سبق نلاحظ أن انتشار الدعوة السلفية الإصلاحية المباركة في العالم الإسلامي تنتشر بشدة وتقوم بالمجتمعات التى تصلها حركات إصلاحية هدفها نشر الإسلام وتطهيره من البدع والشوائب والخرافات 
وتصحيح أوضاع الحياة الفاسدة , ثم محاولة تأسيس دولة إسلامية وتكوين حكومة إسلامية صالحة . (18)

أقوال بعض المنصفين عن دعوة الشيخ
محمد بن عبدالوهاب
أحمد القطان :
(( استطاعت حركة الموحدين نشر العلم والمعرفة بين طبقات الشعب المختلفة , واستطاعت تكوين طبقة ممتازة من علماء الدين ورجال المعرفة فنشرت الحركة في الناس علوم الشريعة المطهرة وألاتها , من التفسير والحديث , والتوحيد والفقه , والسيرة والتاريخ , وغير ذلك وأصبحت الدرعية قبلة العلوم والمعارف يفد إليها الطلاب من سائر النواحي والأرجاء , و انتشر العلم في جميع الطبقات. )) (19)
محمد كرد:
كتب علامة الشام محمد كرد علي بحثا بعنوان ( اصل الوهابية 
اختتمه بقوله (( وما ابن عبدالوهاب إلا داعية هداهم من الضلال وساقهم إلى الدين السمح , وإذا بدت من بعضهم فهي ناشئة من نشأة البادية , وقلما رأينا شعبا من أهل الإسلام يغلب عليه التدين والصدق والإخلاص مثل هؤلاء القوم , وقد اختبرنا عامتهم وخاصتهم سنين طويلة فلم نرهم حادوا عن الإسلام قيد غلوة ...إلخ ))(20)
طه حسين:
قال يصف دعوة محمد بن عبدالوهاب (( قلت أن هذا مذهب جديد قديم معا , والواقع أنه ليس بجديد بالنسبة للمعاصرين , ولكنه قديم في حقيقة الامر , لأنه ليس إلا الدعوة القوية إلى الإسلام الخالص النقي المطهر من شوائب الشرك والوثنية , وهو دعوة إلى الإسلام كما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم خالصا له , ملغيا كل واسطة بين الله وبين الناس ))(21) 
حافظ وهبة 
قال في كتابه (جزيرة العرب ) عن الشيخ محمد بن عبدالوهاب (( مصلح مجدد , داع إلى الرجوع إلى الدين الحق , فليس للشيخ محمد تعاليم خاصة , ولا أراء خاصة , وكل ما يطبق في نجد , هو طبق مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمة الله وأما في العقائد , فهم يتبعون السلف الصالح , ويخالفون من عداهم ))
الزركلي :
قال في كتابه ( الأعلام الجزء السابع ) عن الشيخ محمد بن عبدالوهاب (( وكانت دعوته , الشعلة الأولى للنهضة الحديثة في العلم الإسلامي كله , تأثر بها رجال الإصلاح , في الهند ومصر , والعراق , والشام وغيرها ))
محمد رشيد رضى :
قال السيد محمد رشيد رضا عن محمد بن عبدالوهاب (( قام يدعو إلى تجريد التوحيد , وإخلاص العبادة لله وحده , بما شرع الله في كتابه , وعلى لسان رسوله خاتم النبيين عليه الصلاة والسلام , وترك البدع والمعاصي وإقامة شعائر الإسلام المتروكة وتعظيم حرماته المنتهكة ))
رأي العقاد :
تناول الأستاذ عباس العقاد في كتابه (( الإسلام في القرن العشرين ))
دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب فقال (( ظاهر من سيرة الشيخ محمد ابن عبدالوهاب الوهابية أنه لقي في رسالته عنتا , فاشتد كما يشتد من يدعو غير سميع ومن العنت أطباق الناس على الجهل والتوسل بما لا يضر ولا ينفع والتماس المصالح بغير أسبابها وآتيان الممالك من غير أبوابها وقد غبر البادية زمان كانوا يتكلمون فيه على التعاويذ والتمائم وأضاليل المشعوذين والمنجمين ويدعون السعي من وجوهه توسلا بأباطيل السحرة والدجالين حتى الاستشفاء ودفع الوباء فكان حقا على الدعاة أن يصرفهم عن هذه الجهالة وكان من أثر هذه الدعوة أنها صرفتهم عن ألوان البدع والخرافات )) 

وكما تناول الدعوة مفكرين عرب تناولها بعض المستشرقين
لوثروب ستودارد :
يقول في كتابه (حاضر العالم الإسلامي ) (بلغ العالم الإسلامي في القرن الثاني عشر الهجري , أعظم مبلغ من التضعضع و الانحطاط , فأربد جوه ,وطبقت الظلمة كل صعق من أصقاعه , ..... وبينما العالم الإسلامي مستغرق في هجعته , ومترنح في ظلمته , إذا بصوت يدوي في قلب الصحراء في شبه الجزيرة العربية , مهد الإسلام , فيوقظ المؤمنين ويدعوهم إلى الإصلاح والرجوع إلى سواء السبيل , والصراط المستقيم , فكان الصراخ بهذا الصوت إنما هو المصلح المشهور محمد بن عبدالوهاب الذي أشعل نار الوهابية واتقدت ثم أخذت هذا الداعي يحض المسلمين على إصلاح النفوس واستعادة المجد الإسلامي القديم )) (22)
المستشرق بروكلمان :
(( فلما أب محمد بن عبدالوهاب إلى بلده الأول سعى إلى أن يعيد العقيدة والحياة الإسلامية صفاءها الأصلي )) (23)
ويلفرد كانتول :
(( سمعت – من أساتذة جامعة مكييل بكندا ))
كان محمد بن عبدالوهاب يقول قبل كل شيء , يحب أن تعيشوا حسب الشرع الإسلامي وهذا معنى أن تكونوا مسلمين , لا ذاك الرغاء العاطفي النقي الحرارة التى يقدمها الصوفيون , فأساس الإسلام هو الشرع . وإذا كنتم تريدون أن تكونوا مسلمين فيجب أن تعيشوا حسب أوامر الشرع . (24)
برنارد لويس :
(( وباسم الإسلام الخالي من الشوائب الذي ساد في القرن الأول نادى محمد بن عبدالوهاب بالابتعاد عن جميع ما أضيف للعقيدة والعبادات 
من زيادات باعتبارها بدعا خرافية غريبة عن الإسلام )) (25)

الخاتمة
الحمدلله الذي وفقنا وهدانا لهذا وما كنا مهتدين لولا هدانا الله
أما بعد:
فقد تطرقنا في موضوع بحثنا هذا إلى شخصية من أهم الشخصيات في العلم الاسلامي الحديث والمعاصر وحركة الشيخ محمد بن عبدالوهاب السلفية ليست حركة جديده أو مذهب جديد دعي للقيام به بل هو تجديد لما عليه ديننا الإسلامي الحنيف خالي من الشوائب والبدع والشركيات التى انتشرت على طول التاريخ الإسلامي القديم والحديث وما زال الكثير منها مستمر حتى يومنا هذا وقد شرحنا بشكل موجز عن الشيخ محمد بن عبدالوهاب التميمي ونسبه وتعلمه وفكره وتحالفه مع أل سعود وكيفية قيام الدولة السعودية الأولى وانتهائها بالتعاون العثماني المصري البريطاني وهي الأصل والأم للدولة السعودية الثانية ثم الدولة السعودية الحديثة التى أسسها حفيد محمد , عبدالعزيز وما زالت دولتهم مستمرة إلى الآن تحاول أن تسير على نهج كتاب الله والسنة والسلف وتبذل الجهد لذلك وما زالت أسرة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وأحفاده يتولون القضاء على حد علمي وما زالت هناك الكثير من الفرق التى تحارب الحركة السلفية وأبرز هذه الفرق هم الصوفية والاشعرية والحبشية والأباضية وغيرها الكثير من فرق المسلمين , بالإضافة للنصارى واليهود والهندوز وغيرهم الكثير .
أما تسمية الدعوة المجددة للشيخ محمد بن عبدالوهاب فهي على الأغلب جاءت من خصومهم حيث سماهم البعض بالحركة الوهابية او حركة الموحدون او السلفية وانتشر الاسم ومازال يلقب به كل من سار على خطئ الشيخ المجدد محمد بن عبدالوهاب ونبذ الشرك والدعاء من غير الله بكافة صورة .
وقد تطرقنا في موضوعنا لبعض الأقوال لكتاب مسلمين ومستشرقين تكلموا عن الحركة السلفية وانتشارها ورأيهم فيها .
كذلك أحب أن أذكر إن الدعوة السلفية مازالت قائمة إلى يومنا هذا ومستمرة ومن أبرز أعلامها في عهدنا المعاصر المشايخ ابن باز والعثيمين والألباني رحمهم الله والكثير غيرهم 
هذا أتمنى أن لا يحرمنا الله الأجر والثواب على هذا البحث وارجوا من الله أن يكون مفيد لكي من يطلع عليه ويزيد رصيد معلوماته بهذا الموضوع 
والحمدلله والمنة على التوفيق .

المصادر
1- حياة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وحقيقة دعوته , تأليف الأستاذ الدكتور سليمان بن عبدالرحمن الحقيل ,الطبعة الأولى , 1999م
2- محمد بن عبدالوهاب مصلح مظلوم ومفترى عليه , الأستاذ مسعود الندوي , ترجمة وتعليق عبدالعليم عبدالعظيم البستوي , مراجعة الدكتور محمد تقي الدين الهلالي , 1420 هجري
3- تاريخ العرب الحديث والمعاصر , دكتور عبدالرحيم عبدالحمن عبدالرحيم , الطبعة الخامسة 1990م 
4- دراسات في تاريخ الخليج العربي الحديث والمعاصر , الدكتور بدر الدين عباس الخصوصي ,الجزء الأول , الطبعة الثانية 1984م 
5- مذكرة تاريخ العرب الحديث , الدكتور فيصل المسلم 
مواقع بالإنترنت 
6- موقع الشيخ بن باز رحمة الله على الانترنيت , http://www.binbaz.org.sa/ 
7- http://www.arriyadh.com/tourism/historical_places.htm 
8- موقع حريملاء والدعوة السلفية , http://www.huraymela.net/daeoh.htm 
9- موقع المغرب و عبدالوهاب 
10- موقع مدينة الدرعية التاريخية ,
11- موقع البحرين ومحمد بن عبدالوهاب 
12- بعض مواقع الإنترنت من خلال موقع البحث http://www.raddadi.com/
=========
الهوامش :
1- الشيخ سليمان بن سحمان, الضياء الشارق,القاهرة,مطبعة المنار, 1344ه,ص7.
2- جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية , بحوث أسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب (الشبهات التي أثيرت حول دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب والرد عليها , إعداد عبد الكريم الخطيب,ج2,ص204.
3- حسين بن غنام , روضة الأفكار والافهام المرتاد حال الإمام وتعدد غزوات ذوي الإسلام , ج1, القاهرة , 1368ه , ص5-ص6.
4- لوتروب ستودارد, حاضر العالم الإسلامي , ترجمة عجاج نويهض, وتعليق شكيب أرسلان , ج1,ص295.
5- المرجع السابق , ص 259.
6- حسين بن غنام , تاريخ نجد, ص 11-ص12 بتصرف.
7- عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن أل شيخ,
مجموعة الرسائل والمسائل النجدية . ج3 , ص 381 – ص 382
8- عباس محمود العقاد , الإسلام في القرن العشرين , ص 86
9- نفس المرجع صفحة 69
10- توماس أرنولد , الدعوة إلى الإسلام , ص 239
11- دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وأثرها في العالم الإسلامي 
12- المصدر السابق , ص 83
13- عبد الحليم عويس , أثر الإمام محمد بن عبدالوهاب في الفكر الإسلامي الإصلاحي بالجزائر , مصر , 1
دار الصحوة , 1305 هجري , ص 13
14- محمد السلمان , دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب , ص 95
15- محمد بن عبدالوهاب , أحمد عبد الغفور العطار , ص 213
16- للمزيد من المعلومات , انظر : بحوث الشيخ محمد بن عبدالوهاب ,ج2 , ص320-ص337
17- حيات الشيخ محمد بن عبدالوهاب وحقيقة دعوته , الاستاذ الدكتور سليمان بن عبدالرحمن الحقيل , الطبعة الأولى 1999م , ص208
18- للمزيد من المعلومات عن انتشار دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب , انظر مقال الدكتور عبدالله بن يوسف الشبل , العدد الرابع , مجلة الدارة , عام 1399 , ص 32- ص 24
19- عبدالله بن يوسف الشبل , الشيخ محمد بن عبدالوهاب , ص 64
20- القديم والحديث , محمد كرد علي , ص 120
21- حيات الشيخ محمد بن عبدالوهاب وحقيقة دعوته , الأستاذ الدكتور سليمان بن عبدالرحمن الحقيل , الطبعة الأولى 1999م , ص 210
22- حاضر العالم الإسلامي , ج1
23- تاريخ الشعوب الإسلامية . ترجمة الدكتور نبيه أمين ومنير البعلبكي
24- الإسلام في نظر الغرب لجماعة من المستشرقين نقله للعربية إسحاق الحسيني .
25- العرب في التاريخ , ترجمة نبيه أمين ومحمد سيف زائد.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 68936
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

تاريخ الوهابية ومؤسسها محمد بن عبد الوهاب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ الوهابية ومؤسسها محمد بن عبد الوهاب   تاريخ الوهابية ومؤسسها محمد بن عبد الوهاب Emptyالسبت 05 أبريل 2014, 7:12 am

حوار مفتوح عن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب




بسم الله الرحمن الرحيم
لا يخفى ما لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله -
من أثر في واقع الأمة وقد اختلف عليها الناس مابين قادح ومادح بسبب ضعف العلم بواقعها تارة وتعصبا تارة أخرى
ومن هنا فقد عقدنا العزيمة لفتح حوار مفتوح
تفتح فيه القلوب والعقول ملتزمين أدب الحوار وحسن السؤال
مع
باحث في هذه الدعوة ومتخصص في تأريخها
وهو الشيخ الدكتور / عبد العزيز بن محمد آل عبد اللطيف
الأستاذ المشارك في قسم العقيدة و المذاهب المعاصرة بجامعة الإمام في الرياض
الذي قدم أطروحة بعنوان : دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب - عرض ونقض – 




1. ما هو واقع الأمة قبل دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - ؟ بمعنى آخر ماهي مبررات قيام الشيخ بهذه الدعوة 
جــ 1 /
 كان واقع الأمة الإسلامية - قبل الدعوة الإصلاحية للشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - - حافلاً بالانحرافات العقدية والسلوكية , إذ قد استفحل الشرك والخرافات , وظهرت المحدثات والمنكرات , وغابت الفضائل , و اندرست أصول الدين , و انمحت معالم التوحيد , و تمزّقت الأمة شيعاً و أحزاباً , و استولى الخوف و الهلع , و غلب الضعف الاقتصادي , و الفقر الحضاري - كما هو مبسوط في موضعه - .
و قد كشف الشيخ الإمام عن هذا الواقع القاتم - في نجد – و حكى – مثلاً - أن بادية نجد يكذبون بالبعث , و ينكرون الشرائع , و يفضّلون حكم الطاغوت على حكم الله - تعالى - , كما أورد - رحمه الله - أمثلة ظاهرة وأحداثاً واقعة في بلاد نجد على ذلك الانحراف , مثل اتخاذ القبور مساجد , و التعلق بالأشجار , و التبرك بالأحجار , و الغلو في أدعياء الولاية .
فجاءت هذه الدعوة التجديدية لإحياء ما اندرس من دين الله , ودعوة الناس إلى الإسلام و السنة , و بيان التوحيد بكل صفاء و نقاء , بعيداً عن شكوك المتكلمين , و شطحات المتصوفة , و التحذير من الشرك و مجانبته و سد الذرائع المفضية إليه .
و قد سطّر الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب خلاصة دعوته في رسالته إلى عبد الرحمن السويدي - أحد علماء العراق - قائلاً : " أخبرك أني و لله الحمد متبع , و لست بمبتدع , عقيدتي و ديني الذي أدين الله به مذهب أهل السنة و الجماعة الذي عليه أئمة المسلمين , مثل الأئمة الأربعة , وأتباعهم إلى يوم القيامة , لكني بيّنت للناس إخلاص الدين لله , و نهيتهم عن دعوة الأحياء و الأموات , و عن إشراكهم فيما يعبد الله به , من الذبح و النذر و التوكل و السجود و غير ذلك مما هو حق لله لا يشركه فيه ملك مقرّب , لا نبي مرسل , وهو الذي دعت إليه الرسل أوّلهم إلى آخرهم , وهو الذي عليه أهل السنة والجماعة " ( مجموعة مؤلفات الشيخ 5/36 ) .

2. ما هو موقف الشيخ محمد بن عبد الوهاب من آل البيت - رضي الله عنهم - ؟
جــ 2 /
 من المعلوم بالضرورة أن الشيخ الإمام على طريقة أهل السنة و الجماعة , هو يحبّ أهل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , و يحفظ فيهم وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث قال : " أذكّركم الله في أهل بيتي ( ثلاثاً ) " ( أخرجه مسلم ) .
كما أنه وسائر أهل السنة والجماعة وسط تجاه آل البيت بين جفاء النواصب , و غلو الروافض .
و لما أنكر بعض أتباع دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب تقبيل يد أحد الأشراف – في الأحساء – و لبسه الأخضر , فعاتبهم الشيخ الإمام على هذا الإنكار و بيّن طرفاً من حقوق الآل فقال : " و أما تقبيل اليد فلا يجوز إنكار مثله , و هي مسألة فيها اختلاف بين أهل العلم , و قد قبّل زيد بن ثابت يد ابن عباس و قال : هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا , و على كل حال فلا يجوز لهم إنكار كل مسألة لا يعرفون حكم الله فيها , و أما لبس الأخضر فإنها أحدثت قديماً تمييزاً لأهل البيت لئلا يظلمهم أحد , أو يقصّر في حقهم من لا يعرفهم , و قد أوجب الله لأهل بيت رسول الله على الناس حقوقاً , فلا يجوز لمسلم أن يسقط حقهم , و يظن أنه من التوحيد , بل هو من الغلو , و نحن ما أنكرنا إلا إكرامهم لأجل ادّعاء الألوهية فيهم , أو إكرام المدّعي لذلك " ( مجموعة مؤلفات الشيخ 5/284 ) .
وقد سمّى الشيخ الإمام أكبر أبنائه عليّاً , وكذا سمّى حسيناً وفاطمة - رحمهم الله - .

3. ما هو سبب النفرة الشديد من قبل البعض من دعوة الشيخ محمد - رحمه الله - ؟ 
جــ 3 /
 يحتمل أن هذه النفرة باعثها معلومات مكذوبة و أقاويل مغلوطة عن هذه الدعوة المباركة , فقد ألصق بهذه الدعوة الكثير من الأكاذيب و المفتريات , كما أن جملة من الاعتراضات و الشبهات التي أثيرت حول هذه الدعوة الإصلاحية لأجل ألفاظ مجملة محتملة , و أسماء لا تخلو من اشتراك و إيهام , مثل إطلاق التكفير , و تحريم التوسل.. و لو أنصف القوم , و نظروا في تراث هذه الدعوة , لاستبان الأمر , و زال الاشتباه و الأشكال , و من أسباب هذه النفرة و المكايدة لهذا الدعوة ما سطّره أهل الأهواء ضد هذه الدعوة - لاسيما الصوفية و الرافضة - حيث سوّدوا الصحائف و الرسائل في الكيد لهذه الدعوة و التحذير منها , فإن هذه الدعوة السلفية تناهض بل و تحارب مظاهر الشرك والوثنية و الغلو في الأئمة و الأولياء .
و التصوف الغالي و التشيع يقومان على عمارة المشاهد و الأضرحة , و تأليه البشر .
إضافة إلى العداء السياسي , و الحروب التي قامت في جزيرة العرب بين آل سعود و خصومهم - مع بداية الدولة السعودية الثالثة - إذ لا يزال بعضهم يجتر تلك الأحداث و الحروب , و يحمّل الدعوة السلفية ما لا تحمله , كما أن السياسات المعاصرة قد تقلب الحقائق , و تتلاعب بالوقائع , و تستعين بأرباب العقول المعيشية في تزويق الباطل و الوثنية , و تشويه الحق و التوحيد .
وأيضاً فإن بعض متسننة هذا العصر قد غشيتهم الانهزامية , و اعتراهم الخور و الهوان تجاه الكفرة و المبتدعة , فصار مقصودهم و هجيراهم : التعايشي السلمي , و هاموا في أحلام الإنسانية , و استروحوا التودد و المداهنة للأعداء , و النكوص عن ميادين المدافعة و الاحتساب , و من ثم فقد شرقوا بهذه الدعوة و ما تقرّره من مسائل التكفير والقتال , و الولاء و البراء , و ربما عمدوا إلى " تهذيب " , دعوة الشيخ الإمام وتطويعها بما يتفق مع عجزهم و خورهم .
و المقصود أن هذه النفرة و الانقباض سرعان ما يزول أو يقلّ عند مطالعة تراث هذه الدعوة مع تحري العدل و الإنصاف , و التحرر من المواقف المتحاملة , و المقررات السابقة .

4. هل تعتبر الوهابية مذهبا منفرداً كالمذاهب الأربعة ؟
جــ 4 / 
يقول الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - " لست ولله الحمد أدعو إلى مذهب صوفي أو فقيه , أو متكلم أو إمام من الأئمة الذين أعظمهم مثل ابن القيّم و الذهبي و ابن كثير و غيرهم , بل أدعو إلى الله وحده لا شريك له , و أدعو إلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي أوصى بها أول أمته و آخرهم... " ( مؤلفات الشيخ 5/252 ) .
و قال في رسالة أخرى : " و أخبرك أني و لله الحمد متبع , و لست بمبتدع , عقيدتي و ديني الذي أدين الله به مذهب أهل السنة و الجماعة الذي عليه أئمة المسلمين , مثل الأئمة الأربعة و أتباعهم إلى يوم القيامة . " ( مؤلفات الشيخ 5/36 ) 
و قال في رسالة ثالثة : " و أما مذهبنا فمذهب الإمام أحمد بن حنبل إمام أهل السنة , و لا ننكر على أهل المذاهب الأربعة إذ لم يخالف نصّ الكتاب و السنة و إجماع الأمة و قول جمهورها . " ( مؤلفات الشيخ 5/107 ) 
و المقصود أن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب هي امتداد لمذهب السلف الصالح في المسائل و الدلائل , فليست مذهباً جديداً كما يدّعي بعضهم , و خص الشيخُ الإمامَ أحمدَ , لأنه أظهر السنة و صبر على المحنة.. و كان كثيراً ما يتمثل هذه الأبيات : 
" بأي لسان أشكر الله إنه --- لذو نعمة قد أعجزت كل شاكر
حباني بالإسلام فضلاً و نعمة --- علي و بالقرآن نور البصائر
وبالنعمة العظمى اعتقاد ابن حنبـل --- عليها اعتقادي يوم كشف السرائر "
( تاريخ ابن بشر 1/91 ) .

5. هل هناك علاقة بين الوهابية والتكفير حيث قرأت الكثير يزعم أن الوهابية مكفرة ؟
جــ 5 /
 يقرر علماء هذه الدعوة مسائل التكفير وفق منهج أهل السنة و الجماعة , و أن التكفير حق الله – تعالى - , فلا يكفّرون إلا من كفّره الله و رسوله - صلى الله عليه وسلم - , فإن الشيخ الإمام يكفّر من أشرك بالله في عبادته بعد ما تبيّن له الحجة على بطلان الشرك , و أما دعوى أن الشيخ الإمام يكفّر عموم المسلمين , فهذا من الكذب و الافتراء الذي يصدون به الناس عن دين الله – تعالى - , و نقول كما قال الشيخ الإمام عن هذه الفرية : سبحانك هذا بهتان عظيم .
يوضح الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ تورّع جدّه - الشيخ الإمام - عن التكفير فيقول : " والشيخ محمد - رحمه الله - من أعظم الناس توقفاً و إحجاما عن إطلاق الكفر , حتى أنه لم يجزم بتكفير الجاهل الذي يدعو غير الله من أهل القبور , أو غيرهم , إذا لم يتيسّر له من ينصحه و يبلغه الحجة التي يكفر مرتكبها . " ( منهاج التأسيس صـ 65 ) 
و المقصود أن علماء الدعوة السلفية متبعون لأصول أهل السنة و الجماعة في باب التكفير و سائر أصول الدين و فروعه , و تكفيرهم مبني على علم و عدل , و أهلية و اجتهاد و ديانة , و إن كان ثمة خطأ فهو في تنزيل تلك الأحكام على الوقائع و الأعيان , و هذا من تحقيق المناط الذي تتفاوت فيه الاجتهادات .
قال ابن القيّم : " إن الرجل إذا نسب المسلم إلى النفاق و الكفر متأوّلاً , و غضباً لله ورسوله و دينه لا لهواه و حظه , فإنه لا يكفر بذلك , بل لا يأثم به , بل يثاب على نيته و قصده , و هذا بخلاف أهل الأهواء و البدع , فإنهم يكفِّرون و يبدعون لمخالفة أهوائهم ونحلهم . " ( زاد المعاد 3/423 )

6. لماذا التمسك بآراء الشيخ تحديداً ؛ بحيث نهمل الآراء الأخرى ؛ خاصة و المنهج : الرجوع إلى فهم السلف ؛ فلماذا لا نطرح أفكارنا باسم النص و من قال به من المتقدمين ؟
7. لماذا الإصرار على رأي الشيخ في المسائل المختلف فيها على الصعيد الدعوي لا الاختيار الفردي ؟ ( سبق الإجابة عليه في سؤال 6 )
جــ 6 /
 سبحان الله ! وهل للشيخ الإمام آراء تفرّد بها على سائر السلف الصالح , فلا موجب للتشغيب بما يوهم مفارقة الشيخ الإمام لفهم السلف الصالح , و الذين يظنون المفارقة بين منهج الشيخ الإمام و منهج السلف الصالح , هم في الحقيقة و الواقع لم يعرفوا منهج ومذهب السلف , و لا منهج الشيخ الإمام !
و لو فُرض أن أقواماً قد قبلوا منهج السلف الصالح في التلقي و الاستدلال , و في المسائل و الدلائل , لكنهم تحاشوا قبول شخصية الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب لأجل هذا العداء الحانق , و المكر الكبّار لهذا الإمام الرباني.. لو كان الأمر كذلك لهان الخطب , لكن الواقع يثبت أن التحامل على دعوة الشيخ الإمام هو الدهليز للطعن في المنهج السلفي في العقيدة و الشريعة .
لقد ابتلي أتباع هذه الدعوة المباركة بنزق المبتدعة و بغيهم , و فجورهم في الخصومة , كما ابتلوا ببعض المنتسبين للسنة , ممن استحكم عليهم الضعف و الجبن , و الانحدار مع الضغوط و المتغيرات , فصاروا يتطاولون على هذه الدعوة متدثرين بالموضوعية و روح النقد , و صدق الله القائل { بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ } القيامة 14
و أخيراً فإن الشيخ الإمام من أبعد الناس عن الاحتفاء بآرائه الشخصية و اجتهاداته , و كان يقول : لا تأخذوا بكلامي و اضربوا بكلامي بعرض الحائط.. و يقول أيضاً : " يا عباد الله لا تطيعوني , و اسألوا أهل العلم من كل مذهب عمّا قال الله ورسوله " ( مؤلفات الشيخ 5/55 )

8. التعميم في موقف الشيخ من الآخر : ألا يعد خطأ منهجياً ؟ بمعنى : لماذا مهاجمة الصوفية و التصوف و المذهبية و التمذهب والأشعرية و الماتريدية عامة ، و نحن نعلم أن منهم من أجمعت الأمة على فضله و إمامته ؟
جــ 8 /
 ما كان الشيخ الإمام ذا تعميم في مواقفه كما ظنه السائل , بل كان يتحرى العدل و الإنصاف مع مخالفيه , و ينزّل الناس منازلهم , و يخاطبهم بما يعرفون , بل كان - رحمه الله - يدرك ما قد يعتري النفوس البشرية من استعلاء واستكبار عن قبول الحق الذي جاء من شخص لا ترغبه تلك النفوس , فكان يخاطب تلك النفوس ويوجهها إلى التضرع إلى الله – تعالى - , وسؤاله الهداية , ومرة يخاطبها بالرجوع إلى كتب أهل العلم دون الرجوع إليه , ومرة ثالثة يرشدها إلى تدبر آيات القرآن الكريم .
لقد كان الشيخ الإمام حريصاً على هداية خصومه- فضلاً عن غيرهم – و يبذل الأسباب الكفيلة بقبولهم الحق و الدليل , يظهر التلطف و الإشفاق عليهم , كما في رسالته لشيخه عبد الله بن محمد ابن عبد اللطيف الشافعي - أحد علماء الأحساء - حيث خاطبه قائلاً : " فإني أحبّك وقد دعوتُ لك في صلاتي , وأتمنى من قبل هذه المكاتيب أن يهديك الله لدينه القيّم , وما أحسنك لو تكون في آخر هذا الزمان فاروقاً لدين الله " ( الدرر السنية 1/32 )

9. لماذا يغلب على المتكلمين باسم دعوة الشيخ المسارعة إلى الألفاظ العقدية السلبية في موقفهم من الآخر ، فكلمة " شرك " و " كفر " و " بدعة " و " زندقة " من أكثر الكلمات التي ترد على الأسنة : فلماذا ؟ و خاصة في القضايا الخلافية - كما نوهنا سابقاً - ؟


10. لماذا يغلب العنف اللفظي على المتكلمين باسم دعوة الشيخ ؟ فانظر إلى المناظرات هنا أو في أي موقع ، فستجد الأوصاف - التي لا أظن أن الإسلام يبيحها لنا - المتبادلة و كأننا نخاطب جاهلية قريش أو طغيان بني صهيون ... بل ما وجدنا أنها استعملت حتى مع هؤلاء ؟ ( نفس إجاية السؤال رقم 9 )
جــ 9 /
 إن أهل السنة و الجماعة يعلمون الحق ويرحمون الخلق , و العبرة و الميزان هو ما عليه منهج السلف الصالح – و منها دعوة الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب - من جهة التنظير و التأصيل , فلا عبرة بما يقع من أفراد السلف الصالح قديماً و حديثاً من تجاوزات و أخطاء , كما أن إطلاق هذه الأسماء الشرعية مثل الكفر و الشرك متحقق في الأشخاص و الأعيان بعد اجتماع الشروط و انتفاء الموانع , فهي أسماء شرعية دينية تلحق من اتصف بها , بعد قيام الحجة , و ليست ألفاظاً سلبية على حدّ تعبير السائل . يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب : " ومسألة تكفير المعين مسألة معروفة , إذا قال قولاً يكون القول به كفراً , فيقال من قال بهذا القول فهو كافر , و لكن الشخص المعيّن إذا قال ذلك , لا يحكم بكفره حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها " . ( الدرر السنية 8/244 )
و لا يسوغ أن تتخذ المواقف الرخوة , فتغيّب هذه الأسماء الشرعية لأجل شناعات المخالفين و أراجيفهم , و بالجملة فأهل السنة – و منهم أتباع الدعوة الوهابية - هم أهل العلم و الفقه , و كلما زاد الشخص علماً و فقهاً , كلما زاد رحمة و رأفة و إعذاراً , و أنت ترى أهل الأهواء و البدع قد كثف جهلهم , و قلّ علمهم , و من ثم زَعِر سلوكهم و قست قلوبهم .

11. لماذا نسحب القضايا الفقهية الفرعية إلى الساحة العقدية الأصولية ؟
جــ 11 /
 نعم لا يسوغ أن يُسوّى بين المسائل الاجتهادية التي يسع فيها الخلاف , و التي لم يتبيّن فيها الصواب , و بين ما كان أمراً معلوماً من الدين بالضرورة , فلا يسوغ مخالفته مطلقاً , و قد أشار الشيخ الإمام لهذا التفريق بقول : " و استدل العلماء على وجوب إخلاص الدعوة لله , و النهي عما اشتهر في زمنهم من دعاء الأموات بأدلة كثيرة , و بعضهم يحكي الإجماع على ذلك , فإن كانت المسألة إجماعاً فلا كلام , و إن كانت مسألة اجتهاد فمعلوم أنه لا إنكار في مسائل الاجتهاد , فمن عمل بمذهبه في محل ولايته لا ينكر عليه " ( مؤلفات الشيخ 5/41 = بتصرف يسير , انظر الدرر السنية 4/4, 5 )
وقال أيضاً : " بالجملة فمتى رأيت الاختلاف فردّه إلى الله و الرسول , فإذا تبين لك الحق فاتبعه , فإن لم يتبين و احتجت إلى العمل , فقلّد من تثق بعلمه ودينه " ( مؤلفات الشيخ 3/33 )
و كان الشيخ الإمام يفرّق بين من دعا الله مخلصاً له الدين , لكن يقول في دعائه أسألك بنبيك , أو بعبادك الصالحين , وبين من استغاث بمخلوق , و طلب منه تفريج الكربات , و دفع المضرات مما هو الشرك الصراح . ( ينظر مؤلفات الشيخ 5/68 )

12. دعوة الشيخ : هل هي دعوة تعريفية بالإسلام ؟ أم هي حركية تهدف إلى تطبيق - أو : حمل الناس - على العمل بالإسلام ؟
جــ 12 /
 بل هي دعوة إصلاحية تجديدية , تهدف إلى تصحيح واقع المسلمين , و بيان التوحيد الخالص , و وجوب إفراد الله – تعالى - بالعبادة , و التحذير من الشرك و ذرائعه , و التكفير و القتال لمن حارب التوحيد و أبغضه , حتى لا تكون فتنة , و يكون الدين كله لله – تعالى - . ( ينظر : مؤلفات الشيخ 5/24, 25 )
فهي دعوة تهدف إلى تغيير جذري لواقع المسلمين , كما أنها حركة ذات برنامج عملي يتمثل في إقامة دين الله – تعالى – و تبليغه , و إحياء شعيرة الجهاد في سبيل الله – تعالى - .

13. ما هي علاقة الوهابية بالمخابرات الانقليزية في بداية ثورتها ؟

14. السؤال الأول : أورد الصوفي القبوري الحضرمي علوي الحداد في كتابة ( مصباح الأنام وجلاء الظلام في رد شبه البدعي النجدي الذي أضل بها العوام ) حديث يرويه عن النبي للطعن بالشيخ محمد بن عبدالوهاب وهذا نص الحديث (( عن العباس بن عبدالمطلب - رضى الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - سيخرج في ثاني عشر قرناً في وادي حنيفه رجل كهيئة الثور لايزال يلعق براطمه في قوياء يكثر في زمانه الهرج والمرج يستحلون أموال المسلمين ويتخذونها بينهم متجراً ، ويستحلون دماء المسلمين ويتخذونها بينهم مفخراً وهي فتنة يعتز فيها الأرذلون والسفل تتجارى بهم الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه إلى أخر الحديث ، وهو طويل وله شواهد توقي معناه وان لم يعرف نخرجه وأصرح من ذلك أن هذا المغرور محمد بن عبدالوهاب من تميم ويحتمل أنه من عقب ذي الخويصرة التميمي )) ونقل هذا الحديث عن الحداد الصوفي أحمد زيني دحلان في كتابة خلاصة الكلام في أمراء البلد الحرام للتشنيع على الشيخ محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - .
سؤالي : هل هذا الحديث ورد في كتب أهل السنة ، أم أن هؤلاء يفترون الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم للطعن بالشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله ؟؟ 

( سبق الإجابة عليه في سؤال 13)

15. ما هو تعليقكم على حادثة المحاكمة التي تمت للشيخ محمد بن عبد الوهاب في مصر وكان القضاة من المذاهب الأربعة وحكموا بالإجماع بعدم الأخذ بما قاله ويقوله الشيخ محمد بن عبد الوهاب آنذاك ؟ 

( نفس إجاية السؤال رقم 13)

16.السؤال الثاني : نشر أهل الشرك والخرافة من المتصوفة في مواقعهم خبر بأن الشيخ محمد بن عبد الوهاب كان ينتقص من النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنبر فأصابه الله بألم في بطنة وذهب للحمام ومات في الحمام ويقولون هذه سوء خاتمة لهذا النجدي ولو كان به خير لما ختم له بهذا المكان النجس ، ما هو تعليقكم حفظكم الله حول هذه الفرية ؟؟ .

( نفس إجاية السؤال رقم 13)

17. السؤال الثالث : يفتري عباد القبور ومرضى القلوب من المتصوفة وغيرهم من أهل البدع بأن الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - كان يقول ( إن عصاي خير من محمد - صلى الله عليه وسلم - ، لأن عصاي انتفع بها بخلاف محمد رسول الله ، فإنه قد مات ) . هل هذا صحيح عنه أم افتراء عليه .. نرجو التوضيح ؟ ( نفس إجاية السؤال رقم 13)

جــ 13/
 الأسئلة رقم 13 و 14 و 15 و 16 و 17 يجمعها جواب واحد :
أنها من الإفك العظيم , البهتان المبين , فهي كذبات صلعاء مكشوفة .
فأما فرية أن هذه الدعوة السلفية ذات صلة بالإنجليز , فإن الإنجليز يكذِّبون ذلك ! فهم من أوائل المهنئين للطاغية إبراهيم باشا ( رسول حضارة الغرب ) لما قضى على أتباع الدعوة , فأسقط الدولة السعودية الأولى , وهدم الدرعية , حيث أرسل الإنجليز( سادلير ) ليهنئ إبراهيم باشا على النجاح الذي حققه ضد الوهابين , و رغبة الإنجليز في اتفاق مع إبراهيم باشا بهدف سحق نفوذ الوهابيين بشكل كامل ( ينظر : رحلة عبر الجزيرة العربية لسادلير صـ 7 ’ 156 ) بل إن الإنجليز رموا كل من عارضهم في بلاد الهند , و رأوه خطراً على كيانهم بالوهابية ! ( ينظر : دعايات مكثفة ضد الشيخ محمد بن عبد الوهاب للنعماني صـ 105 ) .
و أما هذا الحديث الملفق المكذوب فأين إسناده ؟! ومن أخرجه ؟
وصدق النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ يقول : " من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار " 
وأما ما دعوى أن الشيخ الإمام كان ينتقص الرسول - صلى الله عليه وسلم - , ويقول : إن عصاي خير من محمد - صلى الله عليه وسلم -.. و أن الشيخ الإمام ساءت خاتمته فمات في الحمام.. !!
فهذا كله من أرذل الكذب و الفجور و قول الزور , و الاشتغال بمدافعة الإفك الرخيص , و الباطل المحض هو تضييع للزمان , و إتعاب للحيوان .
فهذا الإمام الرباني أفنى حياته في نصرة سنة سيد المرسلين , ودعا الناس إلى لزوم الدليل , وجاهد في ذات الله لأجل نشر السنة والقيام بحقوقه المصطفى - صلى الله عليه وسلم - من التصديق والتوقير , والمحبة والإجلال , والإتباع والإذعان . " لقد قرر - رحمه الله - على شهادة أن محمداً رسول الله من بيان ما تستلزمه هذه الشهادة وتستدعيه وتقتضيه من تجريد المتابعة , والقيام بالحقوق النبوية من الحبّ والتوقير , والنصرة والمتابعة والطاعة , وتقديم سنته - صلى لله عليه وسلم - على كل سنة وقول , والوقوف معها حيث ما وقفت , والانتهاء حيث انتهت في أصول الدين وفروعه , ما ظهر به فضله وتأكد علمه ونبله ". (منهاج التأسيس , لعبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ صـ 41)
يقول الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - :
" وأما ما يكذب علينا ستراً للحق , و تلبيساً على الخلق , بأنا نضع من رتبة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - بقولنا : النبي رمّة في قبره , و عصا أحدنا أنفع له منه.. وجوابنا عن ذلك : سبحانك هذا بهتان عظيم , فمن روى عنا شيئاً من ذلك أو نسبه إلينا فقد كذب علينا و افترى , و من شاهد حالنا , و حضر مجالسنا , و تحقق معنا علم قطعاً أن جميع ذلك و ضعه و افتراه علينا أعداء الدين , و إخوان الشياطين " ( الدرر السنية 1/127 )
و لقد مات الشيخ الإمام على خاتمة حسنة , على الإسلام و السنة , مات - رحمه الله - , بعد أن أظهر التوحيد , و حارب الشرك , و نشر السنة , و قمع البدعة , و لم يخلّف حين و فاته ديناراً و لا درهماً , فلم يوزع بين ورثته مال و لم يقسم , إذ كان لا يرد سائلاً و لا محروماً , و كان يوم جنازته مشهوداً , إذ تزاحم الناس , و خرج الصغير و الكبير . فاللهم اغفر للشيخ الإمام و ارفع درجته في المهديين .
و أما فرية المحاكمة التي تمّت للشيخ الإمام في مصر , فإن الشيخ الإمام أصلاً لم يذهب إلى بلاد مصر قط !
زعم الزاعم في بلدتنا جمل في كوّة البيت دخل
قلت لا أعلم ما بلدتكم هذه الكوّة فادخل يا جمل
ثم أن الشيخ الإمام صاحب حجة قوية , و برهان دافع , و كان يقول : " أنا أخاصم الحنفي بكلام المتأخرين من الحنفية , و المالكي و الشافعي و الحنبلي كلٌّ أخاصمه بكتب المتأخرين من علمائهم الذين يعتمدون عليهم " ( مؤلفات الشيخ 5/38 )

18. قام مجموعة من العلماء بالرد على بعض أفكار محمد بن عبد الوهاب و بينوا نقائصها و منهم أحد أشقائه و هو أبو القاسم بن عبد الوهاب فهل عدل محمد بن عبد الوهاب من أفكاره و قام بمراجعة بعض مواقفه و آرائه إذا تبين له ضعف رأيه في بعض الأمور ؟
جــ 18 /
 كتب سليمان بن عبد الوهاب رسالةً في الردّ على أخيه الشيخ الإمام بعنوان " فصل الخطاب في الرد على محمد بن عبد الوهاب " وطبعت بغير هذا العنوان , وادّعى سليمان أن مسألة الذبح لغير الله , و النذر لغير الله , و نحوهما من الشرك الأصغر , و زعم أن ابن تيمية وابن القيم على هذه الرأي ! و هذه الرسالة تكشف عن جهل سليمان , و سوء فهمه , إذ الذبح و النذر من العبادات التي يجب صرفها لله وحده , فمن ذبح لله وحده أو نذر لله وحده فهذا إخلاص و توحيد , و من ذبح أو نذر لغير الله فهذا شرك أكبر وتنديد .
قال ابن تيمية : " إن عبادة الله بالصلاة له و النسك له أعظم من الاستعانة باسمه في فواتح الأمور , فإن العبادة لغير الله أعظم كفراً من الاستعانة بغير الله.. " ( اقتضاء الصراط المستقيم 2/563 )
و قال أيضاً : " ولا يجوز أن ينذر أحد إلا طاعة , ولا يجوز أن ينذرها إلا الله , فمن نذر لغير الله فهو مشرك , كمن صام لغير الله , وسجد لغير الله , و من حجّ إلى قبر من القبور فهو مشرك " ( منهاج السنة 2/440 )
و المقصود أن الذبح لغير الله , وكذا النذر لغير الله هو شرك أكبر مخرج من ملة الإسلام , و هذا أمر معلوم من الدين بالضرورة , و قد قرره المحققون من العلماء في سائر المذاهب الأربعة .
ويقال إن سليمان بن عبد الوهاب قد تاب في آخر حياته , و تخلّى عن تلك المزالق , و استجاب لهذه الدعوة الإصلاحية .

19. هل تعد محاربة الخلافة العثمانية خروجاً على الحكام ؟
جــ 19 /
 لم يحارب الإمام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - الدولة العثمانية , و لم يخرج عليها , إذ أن نجداً لم تكن تحت نفوذ العثمانيين , فلم يكن في نجد إمارة للأتراك , و الشيخ الإمام - رحمه الله - على طريقة أهل السنة والجماعة من وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين , برّهم و فاجرهم , ما لم يأمروا بمعصية الله , وقد جاء في رسالته لفاضل آل مزيد رئيس بادية الشام قوله – رحمه الله - : " إن هذا الذي أنكروا عليّ , و أبغضوني , و عادوني من أجله إذا سألوا عنه كل عالم في الشام أو اليمن أو غيرهم , يقول : هذه هو الحق وهو دين الله و رسوله , و لكن ما أقدر أن أظهره في مكاني لأجل أن الدولة ما يرضون , و ابن عبد الوهاب أظهره , لأنه الحاكم في بلده ما أنكره , بل لما عرف الحق اتبعه " ( مؤلفات الشيخ 5/32 )
ففي هذا النص دلالة ظاهرة على أن الشيخ الإمام لا يجد شكاً بأن محل دعوته ليست خاضعة لدولة الخلافة العثمانية .

20. هل يصح أن تنسب الدعوة التي أمر الله - تعالى - بها نبينا - صلى الله عليه وسلم - إلى غيره ؟ على أن نقول على سبيل المثال " دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله رحمة واسعة - " أو دعوة فلان و فلان ولا نقول دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - .

جــ 20 / الدعوة مصدر يضاف إلى الفاعل و المفعول , فإذا أضيف إلى الرسول أو العالم فلأنه الداعي المبلّغ , البشير و النذير , و العلماء ورثة الأنبياء.. , و إذا أضيف إلى الله – تعالى - , فهو باعتبار أن الله - عز وجل - هو المدعو المقصود.. , فالدعوة تنسب إلى الله – تعالى - , كما في قوله تعالى : { لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ } الرعد 14 , باعتبار أن الله – تعالى - هو الحق , فمن دعاه دعا الحقَ - تعالى - , فهو - عز وجل - المدعو المطلوب المراد , و تنسب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باعتباره المبلّغ لهذا الوحي , والقدوة للناس جميعاً , فيجب اتباعه و تصديقه و طاعته بإطلاق , و تنسب إلى العلماء و نحوهم باعتباره أنهم على طريقة النبي - صلى الله عليه وسلم - , فيدعون إلى الله على علم وبصيرة , ويجددون ما اندرس من هذا الدين , قال الله تعالى : { قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي } يوسف 108 .

21. بعض الناس يهاجمون دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ، و ليس لدي سوى علم قليل فهل أدافع عن دعوة الشيخ بما أملك من قلة علم .

جــ 21 / نعم عليك أن تذبّ عن الحق و الصواب على قدر علمك , فلا تحقر جهدك و سعيك , فالحق أبلج , و رحم الله من أعان على نصرة الإسلام و السنة و لو بشطر كلمة .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 68936
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

تاريخ الوهابية ومؤسسها محمد بن عبد الوهاب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ الوهابية ومؤسسها محمد بن عبد الوهاب   تاريخ الوهابية ومؤسسها محمد بن عبد الوهاب Emptyالسبت 05 أبريل 2014, 7:13 am

ملاخظة : ارجو عدم تكفيري بعد نقلي للمقال التالي لمحمد الحلواني 
أحوال ثقافية .
( 5).
..................................

فتاوى ضد البشرية .
... 
ظهور ثروة طبيعية في منطقة ما هو دائما مصادفة سعيدة ، و نوع من رحمة الأقدار و ابتسامة الزمن بعد عبوس ، و لكن انفجار الثروة البترولية في السعودية جاء نقمة سماوية على المنطقة العربية كلها ، فهذا السائل الثمين أصبح الممول الرئيسي لكافة صور التعصب و الإرهاب في المنطقة ، بل و في العالم كله كما يؤكد الكثيرون في الغرب و الشرق على السواء ، وربما تكون الوهابية بكل تراثها المتحجر و شيوخها المتعصبين ، هي أكثر صور التخلف التي يمولها البترول ، هناك بالفعل عدد كبير من شيوخ الوهابية يحظون بسمعة عالمية ، ليس كنماذج متحضرة أو حتى أخلاقية بسيطة ، بل كنماذج للتعصب الديني و التبلد العقلي و النفس الإجرامية ، و لا يمكن حصر الفتاوى المعادية للإنسانية التي يطلقها الفقهاء السعوديون و توابغهم من السلفيين المصريين ، بل و معظم الفقهاء المسلمين السنة و الشيعة على السواء ، و حتى لو راعينا الاكتساح الساحق للبلاهة السنية الأصولية ، سنجد أن هذه الفتاوى تربو على المئات ، فهي في معظمها عورة في مسار العقل الإنساني ، هذه الفتاوى تتراوح من إرضاع الكبير و التداوي ببول الإبل و أكل الجراد و الطب النبوي ، مرورا بالزواج بأربع نساء ، و زواجي المتعة و المسيار و نكاح الأطفال و حتى الرضع ، و تكفير المخالف منكر معلوم الدين في زعمهم ، و السحر و الشعوذة و الحسد ، و رفض التطور البيولوجي ، و تكفير القائل بكروية الأرض ، دوران الشمس حول الأرض ، و نهر النيل الذي ينبع من الجنة ، و القناديل المعلقة في قبة السماء المصنوعة من دخان ، و القائمة تطول و هناك العديد من الموضوعات التي تناولت هذه الفتاوى المعادية للبشرية و التي يكفرون منكرها ، و من أسخف فتاوى الوهابية .
أ . الفتوى التي أطلقها الشيخ صالح اللحيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى في السعودية ، يجيز فيها قتل أصحاب الفضائيات ، لأنهم مفسدون في الأرض باعتبار تلك الفضائيات تدعو إلى الإنحلال الأخلاقي ، وهو في ذلك يطبق عليهم ما يعرف فقهيا بحد الحرابة ، و هذا الحد جاء نصا في القرآن " إنما جزاء الذين يحاربون الله و رسوله و يسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أياديهم و أرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ، ذلك لهم خزي في الدنيا ، و لهم في الآخرة عذاب عظيم " ، و الآية أطلقها النبي محمد في حق قاطعي الطريق عقب حادث شهير ، و هي قيام ما يعرف بالعرنيين الذين قتلوا راعي النبي على إبل الصدقة و سرقوها بعد أن مثلوا به ، فاجتهد الشيخ الجليل و سحب هذا الحكم على أصحاب الفضائيات ، لسبب مقنع لأمثاله وهو " إن كل من يدعوا إلى الفن إذا قدر على منعه و لم يمتنع يحل قتله ، لأن دعاة الفساد في الاعتقاد أو في العمل إذا لم يندفع شرهم بعقوبات دون القتل جاز قتلهم قضاء " !، 
ب . هذه الفتوى شجعت شيخا آخر هو صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء بالسعودية ، على اصدار فتوى تنادي بقتل سحرة الفضائيات بحد السيف !. 
ج . زواج الوناسة هو ارتباط رجل طاعن في السن بزوجة صغيرة ، بشرط أن تتنازل عن حقها الطبيعي في ممارسة الجنس ،و بالتالي تحرم من حق لا يسلب حتى من الحيوانات ، حق الإرتواء الجنسي و الأمومة ، هذا النوع من الزواج يلجأ اليه الكثير من الرجال في السعودية و غيرها من المجتمعات الخليجية ، وهو زواج يراه د . عبد المحسن العبيكان عضو مجلس الشورى السعودي و المستشار في وزارة العدل ، زواجا مكتملا و صحيحا ، لأنه غير مؤقت أي ليس زواجا للمتعة !، 
و يمكننا أن نلاحظ أن هذه الفتاوى ليست دعوة لقتل أصحاب الفضائيات أو لقتل من يحترف أعمال الحواة و خفة اليد وحدهم ، ولكنها دعوة لقتل الناس جميعا من فنانين و موسيقيين و تشكليين و من يستمعون للغناء ، كما أن المبدأ الفقهي الذي يستند إليه يجوز قتل دعاة الإفساد في الاعتقاد ، وهؤلاء بالطبع أصحاب الفكر المستنير ، الذين يراهم هو و أمثاله من المتخلفين عقليا مجرد كفرة يجب قتلهم و ركوب نسائهم ، و بعبارة أخرى يجب قتل كل المخالفين ، و من لا يروقون لهذا الرجل و نظرائه من الوهابيين ، هكذا يصبح قتل البشر أهون من قتل الدجاج ، فهل الإجرام و الإرهاب غير ذلك .

و ما أهمية او خطورة مثل تلك الفتاوى ؟ ، بالطبع لا أهمية لها لو ظلت داخل الماريستان الوهابي ،و لكنها تنتشر بقوة المال السعودية و قوة الفقر المصري إلى كل مكان حتى مناهج التعليم في الأزهر ، و هكذا لا يحتاج الأمر فراسة استثنائية حتى نلاحظ مظاهر التدهور الثقافي في المجتمعات العربية ، حتى بين المتعلمين و حملة الدكتوراة ، و على سبيل المثال هناك شرائح كبيرة من النخب في المجتمعات العربية تلجأ إلى السحر ، و الأعمال لحل مشاكلها ، وهي تفسر ما يمر بها من أحداث بالحسد و السحر و تدخل الجان ، هذه الظاهرة لا يمكن عزلها عن منظومة التعليم ، و التي تقوم على الحفظ و التلقين دون التفكير ، لأن التفكير يمكن أن يقود الطالب إلى الشك و العياذ بالله !، من جانب آخر ففي غياب المعايير الموضوعية للتفوق و التوظف في المستويات العليا ، و ارتباط الثروات بالعشوائية و ضربات الحظ ، صارت العرافة و قراءة الفنجان وسيلة طبيعية لدراسة المستقبل و استشراف المصير ، و هكذا فقد العقل العربي الأصولي القدرة على التفكير المنهجي الخلاق ، و أصبح يعتمد في تفكيره على الآخرين ، خاصة رجال الدين المتخلفين معرفيا أساسا ، هذه الغيبوبة الفكرية أدت إلى شيوع الأفكار الدينية السلفية الممزوجة بالخرافات ، و من يتابع الفتاوى الدينبة سيجد أن المصري مثلا يستفتي رجال الدين في كل شيء ، و حتى أخص خصوصياته كما لو كان يعتبر نفسه ريبوتا ينتظر إشارات الريموت كونترول ، و نظرا لأهمية الفتاوى و حتى تكون كالماء و الهواء أنشئت مراكز خاصة للفتوى بواسطة الهاتف على مدار الساعة ، هذه المراكز توظف رجال الدين للرد على أسئلة المؤمين الورعين ، الذي يريد أن يعرف هل يظرط في وجود ضيف من الجان أم يمسك عليه ريحه ؟.
أشراط الساعة .
أبلد ما في الكون ماكان أصوليا مصريا تموله الوهابية السعودية ، هكذا عرف العالم تنظيم القاعدة و حركة الإخوان المسلمين و د. فاروق الدسوقي ، فمن هو فاروق هذا ؟، فاروق الدسوقي (فيلسوف) مصري حاصل على إجازة الدكتوراة من قسم الفلسفة بكلية دار العلوم جامعة القاهرة !، هو أيضا أستاذ العقيدة السابق بجامعتي الملك سعود و أم القرى ،وهو حائز جائزة الملك فيصل العالمية للدراسات الإسلامية عام 1985 ( نوبل الإسلام الوهابي ) ! ، منذ 15 عام يتفرغ هذا الفيلسوف الجليل في معتزله بالقاهرة لتحرير موسوعة علمية كبرى من عدة أجزاء نشر بعضها و تكاد تكتمل الآن ، هل تدري ما هو موضوعها ؟، دراسات فلسفية عالمية .. دراسات في العقيدة الإسلامية .. علم الأديان المقارن ؟, لا .. ليس فاروق الدسوقي رائد اليقظة الإسلامية الكبير من يشغل نفسه بالتفاهات ، الموضوع الذي شغل فيلسوفنا الكبير كل هذه الأعوام الطويلة هو ( أشراط الساعة ) وهي ليست ساعة جامعة القاهرة أو ساعة رولكس ذهبية ،و لكنها ساعة القيامة الرهيبة و نهاية العالم ، هناك بلهاء عديدون يكتبون في هذه التخاريف و لكنهم ليسوا فلاسفة كعالمنا الكبير ، ولأنه باحث و فيلسوف فهو يكتب كل شيء بالتفصيل و بالتحليل الدقيق ، بناء على دراسات عميقة في كل الكتب السماوية تقدم الموسوعة وصفا تفصيليلا للأحداث و الشخصيات من حرب الخليج حتى آخر الزمان و نزول المسيح ، كما توصل الدسوقي إلى تحديد شخصية السفياني الشهير الذي سيحرر بيت المقدس و يحرق نصف إسرائيل و أنه ( صدام حسين ) لا سواه الذي سيقود الجيش البابلي و يدمر الروم ، و أن صدام سيحرر القدس كي يظهر المهدي المنتظر ثم يعقبه المسيح و تقوم القيامة .. دقي يا مزيكة !. ، عندما غزا صدام الكويت و خرج منها على يد قوات التحالف لم يفقد العالم الجليل ثقته في صدق دراساته ، و لكنه أعلن أن هزيمة صدام دليل على صدق نبوءته ،و أن صدام سيعود و يهزم الروم ( أمريكا ) في قلب الحزيرة ، ما حدث بعد ذلك معروف ،و لكن عالمنا الجليل أصر على صدق النبوءة و أن صدام سيخرج من المعتقل بمعجزة ربانية و سيهزم الروم ، لم يكن شنق الرئيس العراقي كافيا كي يراجع الفيلسوف نفسه ، فهو ببساطة ينكر أن يكون صدام قد شنق ،و لكنه يؤكد أن المشنوق هو شبيه صدام الذي ضحى بنفسه من أجل تحرير القدس ،أما صدام فهو و ولديه فهم أحرار طقاء و أنهم يعدون الخيول و السلاح لمعركة نهائية ضد الروم !، ليس هذا الرجل العبيط وحده من يردد تلك الخزعبلات ، فمن أكثر الكتب رواجا في أحد معارض القاهرة للكتاب ، كتاب لكاتب مغمور هو أنيس الدغيدي بعنوان ( صدام لم يعدم و عدي و قصي ولداه لم يقتلا ..) و يستعرض داخل الكتاب ما يدعي أنها وثائقا تؤكد كلامه ( هذيانه ) . بقى أن أذكر أن كل البيانات الخاصة بفاروق الدسوقي وموسوعته كان مصدرها مقال لكاتب إسلامي معروف هو حسام تمام من محرري موقع إسلام او لاين ،وهو بالطبع من المتعاطفين مع الدسوقي و غيره من منظومة الغيبوبة الكبرى .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 68936
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

تاريخ الوهابية ومؤسسها محمد بن عبد الوهاب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ الوهابية ومؤسسها محمد بن عبد الوهاب   تاريخ الوهابية ومؤسسها محمد بن عبد الوهاب Emptyالسبت 05 أبريل 2014, 7:14 am

- التكفير والقتال – عرض ثم رد وبيان
عبدالعزيز بن محمد العبداللطيف
إن من أشد الشبهات التي أثيرت على دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – شبهة: التكفير والقتال، وحتى يأخذ هذا الفصل حقّه بشيء من الاستيفاء، فإنه من المناسب أن نورد هذه الشبهة بنوع من الإطناب والتفصيل – كما جاءت مسطورة في كتاب المناوئين لهذه الدعوة السلفية – ثم نتبعها بالرد والبيان. 
وهناك دوافع وأسباب كثيرة لزيادة العناية بهذا الفصل، والاهتمام به - أكثر من غيره من فصول هذه الرسالة-، نذكر من هذه الأسباب ما يلي: 
أولاً: إن مسألة التكفير والقتال من أهم المسائل وأكثرها خطورة في أبواب العقائد، فلابد من إعطاء تصور تام، وفهم شامل لهذه المسألة؛ لأن التصور الناقص والفهم القاصر لهذه المسألة يؤدي إلى الوقوع في طرفي نقيض، فإما غلو في التكفير كحال الخوارج، أو تمييع وتذويب لمسألة التكفير كما هو حال المرجئة ،كما تظهر أهمية هذه المسألة، لما يترتب عليها من النتائج والآثار الخطيرة في كلا الدارين: الدنيا والآخرة كاستباحة الدماء، وحل الأموال، وغيرها – مما جاء مفصلاً في كتب الفقه، في باب حكم المرتد _. 
ثانياً: إن الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – وكذا أتباعه من بعده وأنصار دعوته، قد اعتنوا بهذه المسألة عناية فائقة، ووضحوا ما أشكل فيها وبيَّنوها، وفصَّلوها تفصيلاً شافياً كافياً. 
(كان الشيخ يحذر من نواقص الإيمان ومبطلاته، ويبينها، ويبعدها عن المسلمين، ويبعد المسلمين عنها، بكل ما استطاع. 
ولقد اهتم بذلك أيما اهتمام، حتى كاد أن يستأثر هذا الجانب بكل همته كما كاد أن يستأثر بالواقع في بداية الإصلاح؛ لأن مشكلة العالم الإسلامي تكمن في هذه الناحية، وكيد الشيطان يتركز في هذا الجانب) (1). 
ثالثاً: احتاجت مسألة التكفير والقتال هذا الاهتمام، نظراً لكثرة من رمى هذه الدعوة السلفية بشبهة (التكفير والقتال)، فما أكثر من أثار هذه الشبهة على دعوة الشيخ، وسيتضح ذلك جلياً عند نقل أقوال المناوئين في ذلك.
لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تجاوزه إلى أن بعض العلماء المحققين ممن عرف عنهم سلامة المعتقد، قد تأثروا بتلك الشبهة وصدقوا تلك الدعوى – بكل ما فيها من حق أو باطل _. 
كما هو واضح من حال الإمام محمد بن علي الشوكاني، حيث يقول الشوكاني – عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأتباعه _. 
(ولكنهم يرون أن من لم يكن داخلاً تحت دولة صاحب نجد، وممتثلاً لأوامره خارج عن الإسلام) (2).
كما أن الشيخ محمد بن ناصر الحازمي قد تأثر بتلك الدعاوى.. فذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وأثنى عليه خيراً، ومدحه بحسن الاتباع …، ولكن أنكر عليه خصلتان , الأولى: تكفير أهل الأرض بمجرد تلفيقات لا دليل عليها..، والأخرى: التجاري في سفك الدم المعصوم بلا حجة ولا برهان.(1) 
وكذا الشيخ محمد صديق حسن، صدّق هذه الشبهات، فأعلن في كتابه. (ترجمان الوهابية) براءة أهل الحديث من الوهابيين، لأن الوهابيين – كما يذكر محمد صديق حسن - يعرفون بإراقـة الدماء، وينص محمد صديق – عفا الله عنه – أن مصدره في هذه المعلومات هي كتب العلماء المسيحيين !. (2)
وممن تأثر وصدّق هذه الدعاوى، الشيخ أنور شاه كشميري، فزعم – عفا الله عنه – أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – يتسارع إلى الحكم بالتكفير (3).
رابعاً: إن هذه المسألـة تميزّت عن غيرها، أن الكثير من المخالفــين من عهد الشـيخ محمد بن عبد الوهـاب - رحمه الله - يوافقونه فيما دعا إليه من بيان التوحيد وتقريره، والنهي عن الشرك والتحذير منه، وسد ذرائعه، دون أن يوافقوه في مسألة التكفير والقتال. 
ومما يدل على ذلك ما قاله الشيخ بنفسه رحمه الله حاكياً حال خصومه: (وإذا كانوا أكثر من عشرين سنة يقرون ليلاً ونهاراً، سراً وجهاراً، أن التوحيد الذي أظهره هذا الرجل هو دين الله ورسوله، لكن الناس لا يطيعوننا، وأن الذي أنكره هو الشرك، وهو صادق في إنكاره، ولكن لو يسلم من التكفير والقتال كان على حق … هذا كلامهم على رؤوس الأشهاد)(4). 
ويقول الشيخ – في موضع آخر – مبيناً وجه مخالفة خصومه: 
(فلما أشتهر عنى هؤلاء الأربع _ (5)، صدقني من يدعي أنه من العلماء في جميع البلدان، في التوحيد، وفي نفس الشرك، وردوا على التكفير والقتال) (1).
ويذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – لإخوانه تلك الشبهة والجواب عليها: 
(ولكنهم يجادلونكم اليوم، بشبهة واحدة، فاصغوا لجوابها، وذلك أنهم يقولون كل هذا حق، نشهد أنه دين الله ورسوله، إلا التكفير والقتال، والعجب ممن يخفى عليه جواب هذا، إذا أقروا أن هذا دين الله ورسوله، كيف لا يكفر من أنكره (2)، وقتل من أمر به (3) وحسبهم … إلى آخر جوابه رحمه الله) (4). 
فهذه بعض الدوافع التي أدت إلى التوسع والإطالة – نوعاً ما – في هذا الفصل، ونظراً لطول هذا الفصل وتعدد قضاياه، فقد قسمته إلى سبعة مباحث على الترتيب الآتي: 

المبحث الأول : مفتريات الخصوم وأكاذيبهم على الشيخ محمد بن عبد الوهاب في مسألة التكفير مع الرد والدحض لها. 
المبحث الثاني : فرية أن الوهابيين خوارج، وأن نجد اليمامة قرن الشيطان مع الرد والدحض. 
المبحث الثالث : شبهة أن الوهابيين أدخلوا في المكفرات ما ليس منها عرض ثم رد. 
المبحث الرابع : شبهة مخالفة الشيخ محمد بن عبد الوهاب لابن تيمية وابن القيم في هذه المسألة – عرض ثم رد. 
المبحث الخامس : شبهة عدم طروء الشرط على هذه الأمة - عرض ثم رد. 
المبحث السادس : شبهة تنزيل آيات في المشركين على المسلمين - عرض ثم رد. 
المبحث السابع : شبهة خروج الشيخ على دولة الخلافة – عرض ثم رد. 


المبحث الأول 
مفتريات الخصوم وأكاذيبهم على الشيخ
محمد بن عبد الوهاب في مسألة التكفير – مع الرد والدحض لها
إن كتب ورسائل الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وكذا رسائل ومؤلفات أئمة وعلماء الدعوة، وأنصارها، قد بينت مسألة التكفير والقتال، وأعطت المسألة حقها من البيان الوافي، والتفصيل التام. 
ومع كل هذا البيان والتفصيل، نجد أن هؤلاء الخصوم يفترون على دعوة الشيخ، الكذب والبهتان، ويختلقون من عند أنفسهم الإفك وإلصاق التهم قاتلهم الله أنّى يؤفكون، فليس عندهم نقل صحيح، ولا يملكون دعوى بدليل. 
لقد بينت هذه الدعوة السلفية، في باديء الأمر، عقيدة التوحيد، وقرر علماؤها عقيدة التوحيد بأقوى الأدلة وأوضح البراهين، وألفوا في بيان التوحيد وتقريره، الكثير من الكتب والرسائل. 
لقد اهتم علماء الدعوة بتقرير التوحيد أولاً؛ لأنه أول واجب على المكلف، - كما هو معلوم -؛ ولأن من تصور حقيقة التوحيد تصوراً تاماً، فإنه لزاماً أن يتصور حقيقة ما يناقض التوحيد.. 
ويوضح هذا ما كتبه الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن في (منهاج التأسيس): 
(أعلم أن من تصور حقيقة أي شيء على ما هو عليه في الخارج، وعرف ماهيته بأوصافها الخاصة، عرف ضرورة ما يناقضه ويضاده، وإنما الخفا بلبس إحدى الحقيقتين، أو بجهل كلا الماهيتين، ومع انتفاء ذلك، وحصول التصور التام لهما، لا يخفى ولا يلتبس أحدهما بالآخر، وكم هلك بسبب قصور العلم، وعدم معرفة الحدود، والحقائق من أمة، وكم وقع بذلك من غلط وريب وغمَّه، ومثال ذلك أن الإسلام والشرك نقيضان لا يجتمعان، ولا يرتفعان، والجهل بالحقيقتين، أو أحدهما أوقع كثيراً من الناس في الشرك، وعبادة الصالحين، لعدم معرفة الحقائق وتصورها، وإن ساعد الجهل وقصور العلم عوائد مألوفة، استحكمت البليَّة وتمكنت الرزيَّة..)(1). 
ولم يقصر علماء الدعوة جهدهم على تقرير عقيدة التوحيد فحسب، بل تجاوزوا ذلك.. إلى أن حذروا من الشرك.. فذكروا نواقض الإسلام، وأوردوا أنواع الشرك والكفر وأقسامه، تحذيراً للأمة وكشفاً للغمة، كما سدّوا وسائل الشرك وذرائعه، فرحمهم الله جميعاً. 
وإن نظرة سريعة إلى آثارها العلمية ومواقفهم العملية – في هذا المجال – لتعطي الجواب الوافي، والبيان الشافي لمسألة التكفير والقتال ولكن أكثر الناس لا يعلمون. 
وسنورد الآن مفتريات الخصوم وأكاذيبهم على دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في مسألة التكفير والقتال – كما جاءت مدونة في مؤلفاتهم أو منقولة عنهم من غيرهم. 
ثم نأتي بالردَّ والدحض، وذلك من خلال ما كتبه بعض أئمة هذه الدعوة السلفية. 
من أوائل الكذّابين، ممن تولوا كبر هذا البهتان، ابن عفالق فقد افترى على الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ورماه بتكفير المسلمين، فقال ابن عفالق عن هذا الإمام المجدد في جوابه على رد ابن معمر: 
(وهذا الرجل كفَّر الأمة، بل والله وكذّب الرسل، وحكم عليهم وعلى أممهم بالشرك). (1)
ويقول ابن عفالق – مخاطباً عثمان ابن معمر: 
(فجعلتم تكفير العترة النبوية، وسبّهم، ولعنهم، أصلاً من أصول دينكم)(2).
ويستمر ابن عفالق – في إفكه – منفراً ابن معمر عن الانتصار لهذه الدعوة السلفية، فيصف ابن عفالق الشيخ الإمام بأنه: 
(حلف يميناً بالله فاجرة أن اليهود والمشركين أحسن حالاً من هذه الأمة)(3).
ويخاطب ابن عفالق الشيخ الإمام في رسالة سمّاها (تهكم المقلدين في مدعي تجديد الدين)، ويصفه بأنه قد ضلل وشتم هذه الأمة، وحكم عليها بالزيغ – حتى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم -، فقال الأفاك الأثيم: 
(وقفت على القواعد التي بنيت عليها مذهبك.. فوجدتك قد ارتقيت فيها مرتقاً صعباً … شتمت فيه الأئمة، وسببت به أعلام الأمة، وهدمت به قواعد الملَّة المحمدية، وثلبت به جميع الأئمة المحمدية، حتى ارتقيت فيه إلى الجزم بزيغ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والأئمة الأربعة..) (4). 
وينعق القباني بفرية التكفير والقتال، فيزعم أن الشيخ: 
(كفّر هذه الأمة بأسرها، وكفّر كل من لم يقل بضلالتها وكفرها..) (5).
ويتهكم – القباني – بالشيخ المجدد وأتباعه، ويصور حالهم يوم القيامة فيقول مستهزئاً: 
(.. وجاء كل واحد من الأنبياء والمرسلون ومعه الألوف من أمته، وجاء النبي الكريم وليس معه من أمته إلا النفر اليسير من أهل العيينة(6)، وأما الباقون فكلهم مخلدون في النار مع الكفار، مع ما لهم من كثرة الطاعات وأنواع العبادات) (7). 
ويقول ابن سحيم – الخصم العنيد – في رسالته التي بعثها إلى علماء الأمصار محرضاً على الشيخ الإمام، ومنفراً عن دعوته، فيذكر تلك الفرية: 
(ومنها أنه ثبت أنه يقول: الناس من ستمائة سنة ليسوا على شيء) (Cool
ثم يزيد ابن سحيم في إفكه وكذبه وهو يقول: 
(ومن أعظمها أنه من لم يوافقه في كل ما قاله، ويشهد أن ذلك حق، يقطع بكفره، ومن وافقه، ونحى نحوه، وصدّقه في كلَّ ما قال، قال: أنت موحَّد، ولو كان فاسقاً محضاً أو ما شاء..) (9). 
ويخاطب المدعو محمد بن محمد القادري الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود – لما بلغته رسالة هذا الإمام -، فكان من خطابه هذا الإفك: 
(فإنك لو تدبرت فيه بعين بصيرتك واعتبرت بها، لما كنت تحكم على الأمة المحمدية بالشرك الأكبر، من غير برهان، وليس هذا إلا شقاوة وخسران وحرمان) (1). 
ويذكر - هذا القادري - بعد اطلاعه على رسالة الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود ما نصه - في وصف الإمام عبد العزيز (بأنه حكم على عوام المؤمنين والعلماء العاملين من أمة سيد الأنبياء والمرسلين بالشرك الأكبر..)(2). 
ويخترع (الحداد) لفرية التكفير والقتال أوجهاً جديدة، فكان من إفكه – على الشيخ الإمام – ما نصّه: 
(إذا أراد رجل أن يدخل في دينه، يقول له اشهد على نفسك أنك كنت كافراً، واشهد على والديك أنهما ماتا كافرين، واشهد على العالم الفلاني والفلاني أنهم كفّار وهكذا، فإن شهد بذلك قبله، وإلا قتله..)(3). 
ويخاطب الحداد الشيخ الإمام بهذا الكذب، فيقول: 
(أيها النجدي كيف لا ترضى بالأحياء أن تجعلهم مشركين حتى تعديت أيها النجدي على أموات المسلمين من سنين عديدة تقول ضالين مضلين، حتى عينت أناساً من أكابر العلماء المحققين وأئمة مقتدى بهم صالحين..)(4).
ثم يدعو – هذا الحداد – إلى الشرك عن طريق الاستغاثة بالأموات، لمجرد مخالفة هذا النجدي، فيقول: 
(وينبغي اليوم في هذا الوقت من الحوادث التي حدثت في الثلم في الدين باعتقاد العامة قول البدعي أن الاستغاثةشرك، فالعالم والمقتدى به ينبغي له أن يظهر الاستغاثة(5) ليقتدى به …)(6). 
ويزعم حسن بن عمر الشطي في تذييله الذي كتبه في نهاية (رسالة إثبات الصفات) هذا الإفك، حيث يذكر من صفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب: 
(تكفير المسلمين واعتقاده حل دمائهم وأموالهم وسبي ذراريهم) (7).
ويورد الشطي في تذييله – الآخر – الذي كتبه في خاتمة (رسالة في مشاجرة بين أهل مكة وأهل نجد) أن هذه الرسالة – كما يزعم – (مدارها على تكفير المسلمين وحل دمائهم وأموالهم) (Cool
ومن أكاذيب الرافضي عبد الرؤوف على الشيخ محمد بن عبد الوهاب، كذبه بأن الشيخ سفك دماء آلاف المسلمين، يقول عبد الرؤوف: 
(فكيف حال رجل قتل آلاف من المسلمين القائلة لا إله إلا الله محمد رسول الله المتصدقين الصائمين الحاجين بيت الله الحرام، بل قتل الذريَّة والنسوان من غير بغي منهم، ولا عدوان زعماً منه أنه من أهل التوحيد فقط، والمسلمون كلهم مرتدون) (1). 
ويكشف اللكنهوري عن إفكه حين افترى على الشيخ الإمام أنه يكفّر المسلمين ويستبيح دماءهم، فكان من إفكه ما نصّه: 
(اعلم أن عقيدته هو أن جميع المسلمين سوى أهل نحلته كفّار مشركون، يحل أموالهم ودمائهم، ويجوز اتخاذهم عبيداً، ويستدل على ذلك بتلفيقات ما أنزل الله بها من سلطان) (2). 
ورمى عثمان بن منصور الشيخ الإمام بهذا الفرية، فكان من إفكه أنه قال: (قد ابتلى الله أهل نجد بل جزيرة العرب، بمن خرج عليهم، وسعى بالتكفير للأمة خاصها وعامها، وقاتلها على ذلك جملة، إلا من وافقه على قوله، لما وجد من يعينه على ذلك..) (3).
ويصف عثمان الشيخ الإمام بكذب بحت فيقول: 
(ولكن هذا الرجل جعل طاعته ركناً سادساً للأركان الخمسة …) (4).
ويتحدث شيخ الكذب دحلان عن فرية التكفير والقتال للمسلمين..، فمن أكاذيبه ومفترياته – ما ننقله بنصّه حيث يقول: 
(فلا يعتقدون موحداً إلا من تبعهم فيما يقولون، فصار الموحدون على زعمهم أقل من كل قليل. 
وقال له أخوه سليمان يوماً: كم أركان الإسلام يا محمد بن عبد الوهاب فقال: خمسة، فقال: أنت جعلتها ستة، السادس من لم يتبعك فليس بمسلم، هذا عندك ركن سادس للإسلام (5). 
ومن كذب دحلان قوله: 
(وكانوا يصرحون بتكفير الأمة منذ ستمائة سنة، وأول من صرح بذلك محمد بن عبد الوهاب، فتبعوه على ذلك، وإذا دخل إنسان في دينه، وكان قد حج حجة الإسلام قبل ذلك، يقولون له حج ثانياً فإن حجتك الأولى فعلتها وأنت مشرك، فلا تسقط عنك الحج) (6). 
ويزيد دحلان في قبح كذبه، وشناعة إفكه، حيث يقول: 
(وكان يقول لهم: إني أدعوكم إلى الدين، وجميع ما هو تحت السبع الطباق مشرك على الإطلاق، ومن قتل مشركاً فله الجنة، فتابعوه، وصارت نفوسهم بهذا القول مطمئنة..) (7) .
ويسود الزهاوي – كعادته في مؤلفاته – الصحائف بأكاذيبه، وأباطيله فيرمي الشيخ الإمام بفرية تكفير المسلمين وقتالهم، يقول الزهاوي: 
(ثم إنه صنف لابن سعود رسالة سماها (كشف الشبهات عن خالق الأرض والسموات)(1) كفّر فيها جميع المسلمين، وزعم أن الناس كفار منذ ستمائة سنة) (2). 
ويكذب الزهاوي – مرة أخرى – حيث يقول: 
(فمما تمذهبت به الفرقة المارقة الوهابية من الأباطيل: تكفيرهم لكل من خالفهم من المسلمين)(3). 
ويكذب الزهاوي – ثالثة – فيقول: 
(لو سأل سائل عما تمذهبت به الوهابية ما هو وعن غايته ما هي، فقلنا في جواب كلا السؤالين هو تكفير كافة المسلمين، لكان جواباً على اختصاره تعريفاً كافياً لمذهبها)(4). 
ويورد أحد كذابي الرافضة فرية تكفير المسلمين وحل دمائهم، فيقول – بأسلوب المخادع :- 
(أراد الله أن يجعلهم فيما بينهم إخواناً وعلى العدو أعواناً.. فنقض ابن عبد الوهاب تلك القاعدة الأساسية، وعكس الآية، فصار يكفر المسلمين، ويضرب بعضهم ببعض، وما انجلت تلك الفترة إلا وهم بأيدي الأعداء ينقضون دعائم الدين.. الخ) (5). 
ويدعي المبتدع أحمد رضا خان هذه الفرية، فيقول – حاكياً حال الشيخ الإمام ـ: (الذي يسعده أن يكفر أجداده ومشائخه، وهو لا يكتفي بهذا، بل يكفر سائر المسلمين ومن بينهم الأئمة والمشائخ … إن ابن عبد الوهاب قد أعلن عقب ظهور دينه الجديد أن الأمة الإسلامية منذ ستمائة سنة تتخبط في ظلام الشرك، وقد ردد الوهابيون قول زعيمهم فيما بعد) (6). 
ثم يأتي محمد بن نجيب سوقية، فيسبق أقرانه إلى حضيض الكذب وقاع الإفك حيث يقول: 
(إن مذهبهم تكفير الأموات، ورمي الأحياء بالشرك من الموحدين.. ولقائل أن يقول ممن عرفت إسناد الكفر والشرك لعامة الموحدين من طرف الوهابية، فالجواب أن ذلك مصرح في رسائلهم وكتبهم …). (7)
ومن أفراخ الخصوم في زماننا الحاضر، نورد أقوال ثلاثة منهم، ممن بهت الشيخ الإمام – رحمه الله وكذا أتباعه – من بعده - وأنصار دعوته بفرية تكفير المسلمين واستحلال دمائهم.. 
يذكر الشيعي محمد جواد مغنية تلك الفرية مقتدياً بأسلافه – الرافضة – في الكذب والبهتان، فيقول: 
(وليس من شك أنهم يريدون بالموحدين الوهابية أنفسهم، وبالمشركين جميع المسلمين بدون استثناء). (Cool
ويورد حسين بن حلمي ايشيق تلك الفرية، فيقول في تعليقه على كتاب (الإيمان والإسلام) لخالد البغدادي، أثناء كذبه على الوهابيين: 
(ولا يحسبون غير أنفسهم مسلمين، ويكفرون ما عداهم، ويقولون أن أموالهم وأنفسهم مباحة للوهابيين) (9). 
ويورد ثالثهم وهو المدعو مالك بن داود – أحد أدعياء التصوف – في كتابه الذي سماه (الحقائق الإسلامية) هذه الفرية، فكان من بهتانه: 
(وبعض العلماء يسمون الدعوة الوهابية بـ (الدعوة الدموية)). (1)
ويزعم أن الوهابيين (مصممون على أن من لم يكن وهابياً فهو مشرك، يجب هجرانه ولا يجوز التعامل معه فيما يخص الدين، أو الدنيا). (2)
ويكذب عليهم حين يقول: 
(الغاية التي يسعون إلى تحقيقها هي إثبات السنية لهم خاصة، وتكفير جماعة المسلمين من غيرهم). (3)
وبعد أن أوردنا بعض هذا الغث والركام لهؤلاء الخصوم، حين قذفوا دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – بتكفير المسلمين، ننتقل إلى سياق بعض ردود علماء هذه الدعوة السلفية على تلك الفرية، وبيانهم للحقيقة – كما هي -، وسيتضح – يقيناً – تهافت هذه الفرية وينكشف زيفها، وإن كثر قائلوها، فلا تعجبك كثرة الخبيث، فالزبد يذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.
لقد بلغت هذه الفرية الخاطئة الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله -، فتعددت ردوده وأجوبته عليها، ولأن فرية تكفير المسلمين واستباحة دمائهم قد شاعت وذاعت في غالب بلاد المسلمين، وانتشرت انتشار النار في الهشيم، فقد حرص الشيخ – رحمه الله – على تأكيد هذه الردود, وإعلان براءته مما ألحق به..، فأرسل هذه الردود إلى مختلف البلاد. 
فعلى النطاق المحلي في منطقة نجد، نلاحظ أن الشيخ قد بعث رسالة لأهل الرياض ومنفوحه، ينفي تلك الفرية، يقول الشيخ الإمام رحمه الله: 
(وقولكم إننا نكفر المسلمين، كيف تفعلون كذا، كيف تفعلون كذا. فإنا لم نكفر المسلمين، بل ما كفرنا إلا المشركين). (4)
ويبعث رسالة لمحمد بن عيد أحد مطاوعة ثرمداء، يقول فيها: 
(وأما ما ذكره الأعداء عني أني أكفر بالظن، والموالاة، أو أكفر الجاهل الذي لم تقم عليه الحجة، فهذا بهتان عظيم، يريدون به تنفير الناس عن دين الله ورسوله). (1)
وفي رسالته لأهل القصيم، يشير رحمه الله إلى مفتريات الخصم العنيد ابن سحيم ويبريء نفسه من فرية تكفير المسلمين وقتلهم، يقول الشيخ الإمام: 
(والله يعلم أن الرجل افترى عليّ أموراً لم أقلها، ولم يأت أكثرها على بالي، فمنها قوله: أني أقول أن الناس من ستمائة سنة ليسوا على شيء، وأني أكفر من توسل بالصالحين، وأني أكفر البوصيري، وأني أكفر من حلف بغير الله.. جوابي عن هذه المسائل أن أقول سبحانك هذا بهتان عظيم. (2)
ويؤكد الشيخ محمد بن عبد الوهاب بطلان تلك الفرية، ويدحضها فيقول - في رسالته لحمد التويجري -: 
(وكذلك تمويهه على الطغام بأن ابن عبد الوهاب يقول: الذي ما يدخل تحت طاعتي كافر، ونقول: سبحانك هذا بهتان عظيم، بل نشهد الله على ما يعلمه من قلوبنا بأن من عمل بالتوحيد، وتبرأ من الشرك وأهله، فهو المسلم في أي زمان وأي مكان، وإنما نكفر من أشرك بالله في إلهيته بعد ما تبيّن له الحجة على بطلان الشرك…).(3) 
ويؤكد الشيخ الإمام - مرة أخرى - بطلان تلك الدعوى، وأنها دعوى كذب وبهتان، فيقول جواباً على سؤال الشريف.. (4)
(وأما الكذب والبهتان، فمثل قولهم: أنا نكفر بالعموم، ونوجب الهجرة إلينا على من قدر على إظهار دينه، وإنا نكفر من لم يكفر ومن لم يقاتل، ومثل هذا وأضعاف أضعافه، فكل هذا من الكذب والبهتان الذي يصدون به الناس عن دين الله ورسوله..). (5)
ويبعث الشيخ رسالة لأحد علماء المدينة لدحض فرية تكفير الناس عموما، يقول الشيخ: 
(فإن قال قائلهم أنهم يكفرون بالعموم فنقول: سبحانك هذا بهتان عظيم، الذي نكفر الذي يشهد أن التوحيد دين الله ودين رسوله، وأن دعوة غير الله باطلة ثم بعد هذا يكفّر أهل التوحيد). (6)
ويكتب الشيخ الإمام إلى إسماعيل الجراعي صاحب اليمن تكذيباً لهذه الفرية قال الشيخ: 
(وأما القول بأنّا نكفر بالعموم فذلك من بهتان الأعداء الذين يصدون به عن هذا الدين، ونقول سبحانك هذا بهتان عظيم).(7) 
ولما أرسل أحد علماء العراق وهو الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله السويدي كتاباً للشيخ الإمام يسأله عما يقوله الناس فيه … من تكفير الناس إلا من تبعه … فأجابه الشيخ بجواب ذكر فيه كيد الأعداء ثم أعقبه برد فرية الخصوم: 
(وأجبلوا علينا بخيل الشيطان ورجله، منها: إشاعة البهتان بما يستحي العاقل أن يحكيه، فضلاً عن أن يفتريه، ومنها ما ذكرتم أني أكفر جميع الناس إلا من تبعني، وأزعم أن أنكحتهم غير صحيحة، ويا عجبا كيف يدخل هذا في عقل عاقل، هل يقول هذا مسلم أو كافر أو عارف أو مجنون..) (1). 
وينفي الشيخ حسين بن غنام فرية تكفير المسلمين عن الشيخ الإمام، ويؤكد أن الخصوم هم الذين كفّروا الشيخ واستحلوا دمه، يقول رحمه الله – في وصف الشيخ ـ: 
(إنه رحمه الله لما تظاهر ذلك الأمر والشأن، في تلك الأوقات والأزمان، والناس قد أشربت منهم القلوب بمحبة المعاصي والذنوب، وتولعوا بما كانوا عليه من العصيان، وقبائح الأهواء على كل إنسان، لم يسرع لها لسان، ولم يصمم منه لب أو جنان على تكفير هؤلاء العربان، بل توقف تورعاً عن الإقدام في ذلك الميدان، حتى نهض عليه جميع العدوان، وصاحوا وباحوا بتكفيره وجماعته في جميع البلدان، ولم يثبتوا فيما جاءوا به من الإفك والبهتان، بل كان لهم على شنيع ذلك المقال إقدام وإسراع وإقبال، ولم يأمر رحمه الله بسفك دم ولا قتال على أكثر الأهواء والضلال).(2)
ويفند الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب تلك الفرية، فيقول: 
(وأما ما يكذب علينا ستراً للحق، وتلبيساً على الخلق، بأننا نكفر الناس على الإطلاق، أهل زماننا، ومن بعد الستمائة، إلا من هو على ما نحن فيه، ومن فروع ذلك أن لا نقبل بيعة أحد إلا بعد التقرر عليه بأنه كان مشركاً، وأن أبويه ماتا على الشرك بالله … فلا وجه لذلك فجميع هذه الخرافات وأشباهها لما استفهمنا عنها من ذكر أولاً، كان جوابنا في كل مسألة من ذلك (سبحانك هذا بهتان عظيم)، فمن روى عنا شيئاً من ذلك أو نسبه إلينا، فقد كذب وافترى، ومن شاهد حالنا، وحضر مجالسنا، وتحقق ما عندنا علم قطعياً أن جميع ذلك وضعه علينا وافتراه أعداء الدين وإخوان الشياطين، تنفيراً للناس عن الإذعان بإخلاص التوحيد لله تعالى بالعبادة وترك أنواع الشرك الذي نص عليه بأن الله لا يغفره، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، فإنا نعتقد أن من فعل أنواعاً من الكبائر كقتل المسلم بغير حق، والزنا، والربا وشرب الخمر، وتكرر منه ذلك، أنه لا يخرج بفعله ذلك من دائرة الإسلام ولا يخلد به في دار الانتقام، إذا مات موحداً بجميع أنواع العبادة). (3)
ويدل على براءتهم - أيضاً – من تلك الفرية ما يقوله الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب – في موضع آخر: 
(إن صاحب البردة وغيره ممن يوجد الشرك في كلامه والغلو في الدين، وماتوا لا يحكم بكفرهم، وإنما الواجب إنكار هذا الكلام، وبيان من اعتقد هذا على الظاهر فهو مشرك كافر، وأما القائل فيرد أمره إلى الله سبحانه وتعالى، ولا ينبغي التعرض للأموات، لأنه لا يعلم هل تاب أم لا..). (4)
ولما سئل الشيخ عبد العزيز بن حمد سبط الشيخ محمد بن عبد الوهاب عن تلك الفرية، كان جوابه رحمه الله – بعد أن ساق السؤال _: 
(وأما السؤال الثاني وهو قولكم: من لم تشمله دائرة إمامتكم ويتسم بسمة دولتكم، وهل داره دار كفر وحرب على العموم الخ. 
فنقول وبالله التوفيق: الذي نعتقده وندين الله به، أن من دان بالإسلام وأطاع ربه فيما أمر، وانتهى عما عنه نهى وزجر، فهو المسلم حرام المال والدم كما يدل عليه الكتاب والسنة وإجماع الأمة. ولم نكفر أحداً دان بالإسلام لكونه لم يدخل في دائرتنا، ولم يتسم بسمة دولتنا، بل لا نكفر إلا من كفره الله ورسوله، ومن زعم أنا نكفر الناس بالعموم، أو نوجب الهجرة إلينا على من قدر على إظهار دينه ببلده فقد كذب وافترى). (1)
ومن الحجج الدامغة التي سطرها الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن، وأزهق بها فرية عثمان بن منصور حين قذف الشيخ الإمام بتكفير المسلمين وقتلهم، يقول الشيخ عبد اللطيف في (مصباح الظلام) دحضاً لذلك: 
(هذه العبارة تدل على تهور في الكذب، ووقاحة تامة، وفي الحديث: (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت). (2)
وصريح هذه العبارة أن الشيخ كفر جميع الأمة من المبعث النبوي إلى قيام الساعة إلا من وافقه على قوله الذي اختص به، وهل يتصور هذا عاقل عرف حال الشيخ وما جاء به ودعا إليه، بل أهل البدع كالقدرية والجهمية والرافضة والخوارج لا يكفرون جميع من خالفهم، بل لهم أقوال وتفاصيل يعرفها أهل العلم، والشيخ رحمه الله لا يعرف له قول انفرد به عن سائر الأمة، ولا عن أهل السنة والجماعة منهم، وجميع أقواله في هذا الباب – أعني ما دعا إليه من توحيد الأسماء والصفات وتوحيد العمل والعبادات – مجمع عليه المسلمين لا يخالف فيه إلا من خرج عن سبيلهم وعدل عن مناهجهم). (3)
كما يوضح الشيخ عبد اللطيف تورع جده – الشيخ الإمام – عن التكفير فيقول: (والشيخ محمد رحمه الله من أعظم الناس توقفاً وإحجاماً عن إطلاق الكفر، حتى أنه لم يجزم بتكفير الجاهل الذي يدعو غير الله من أهل القبور، أو غيرهم إذا لم يتيسر له من ينصحه ويبلغه الحجة التي يكفر مرتكبها). (4)
ويورد الشيخ عبد اللطيف – في إحدى رسائله – معتقد الشيخ الإمام في مسألة التكفير فيقول: 
(فإنه لا يكفر إلا بما أجمع المسلمون على تكفير فاعله من الشرك الأكبر، والكفر بآيات الله ورسله، أو بشيء منها بعد قيام الحجة وبلوغها المعتبر كتكفير من عبد الصالحين ودعاهم مع الله، وجعلهم أنداداً فيما يستحقه على خلقه من العبادات والإلهية) (5). 
ويؤكد الشيخ عبد اللطيف أن من عرف سيرة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، أدرك براءته من تلك الفرية الكاذبة فيقول – رحمه الله -: 
(كل عاقل يعرف سيرة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، يعلم أنه من أعظم الناس إجلالاً للعلم والعلماء، ومن أشد الناس نهياً عن تكفيرهم وتنقصهم وأذيتهم، بل هو ممن يدينون بتوقيرهم وإكرامهم والذب عنهم، والأمر بسلوك سبيلهم، والشيخ رحمه الله لم يكفر إلا من كفره الله ورسوله وأجمعت الأمة على كفره كمن اتخذ الآلهة والأنداد لرب العالمين)(1). 
وتضمنت مناظرة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن لداود بن جرجيس، تفنيداً لفرية تكفير الناس فيقول الشيخ عبد اللطيف: 
(وأما القول بأنا نكفر الناس عموماً ونوجب الهجرة إلينا على من قدر على إظهار دينه، وأنا نكفر من لم يكفر ولم يقاتل، ومثل هذا وأضعاف أضعافه، فكل هذا من الكذب والبهتان الذي يصدون به الناس عن دين الله ورسوله، سبحانك هذا بهتان عظيم)(2). 
ويدحض الشيخ صالح بن محمد الشتري كذبهم، فيقول: 
(وأما ما ادعاه أعداءه المعاصرون له أنه كفر بالعموم، أو يكفر بالذنوب أو يقاتل من لا يستحق قتلاً، أو يستحل دمه وماله، فالجواب أن نقول سبحانك هذا بهتان عظيم، ورسائل الشيخ محمد بن عبد الوهاب تبرأ فيهن مما نسب إليه أعداؤه وأن مذهبه مذهب السلف الصالح..) (3). 
ويجمل السهسواني الجواب على مفتريات شيخ الكذب دحلان في اتهام الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب فيقول: 
(هذا كله افتراء بلا ريب على الشيخ، يعرفه من له رائحة من الإيمان والعلم والعقل).(4) 
ويقول أيضاً - بعد ذكر مفتريات أخرى لدحلان في قذف الشيخ الإمام بتكفير الناس -: 
(الجواب على هذه الأقوال كلها أنها على طولها وكثرتها كاذبة خبيثة فلا تعجبك كثرة الخبيث). (5)
وينفي السهسواني مزاعم دحلان التي رمى بها دعوة الشيخ في مسألة التكفير..، فيقول: 
(أن الشيخ وأتباعه لم يكفروا أحداً من المسلمين، ولم يعتقدوا أنهم هم المسلمون، وأن من خالفهم هم مشركون، ولم يستبيحوا قتل أهل السنة وسبي نسائهم … ولقد لقيت غير واحد من أهل العلم من اتباع الشيخ، وطالعت كثيراً من كتبهم، فما وجدت لهذه الأمور أصلاً وأثراً، بل كل هذا بهتان وافتراء).(6) 
ومما قاله محمد رشيد رضا معلقاً - على الكلام السابق -: 
(بل في هذه الكتب خلاف ما ذكر وضده، ففيها أنهم لا يكفرون إلا من أتى بما هو كفر بإجماع المسلمين) (7). 
ويورد الشيخ سليمان بن سحمان الدفاع عن الشيخ الإمام، ويبرأه من هذا البهتان فيقول رحمه الله – حاكياً حال الشيخ: 
(فإنه رحمه الله كان على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وسلف الأمة وأئمتها.. فلا يكفر إلا من كفره الله ورسوله وأجمع على تكفيره الأمة، ويوالي كافة أهل الإسلام وعلمائهم.. ويؤمن بما نطق به الكتاب، وصحت به الأخبار، وجاء الوعيد عليه من تحريم دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم، ولا يبيح من ذلك إلا ما أباحه الشرع، وأهدره الرسول، ومن نسب إليه خلاف ما عليه أهل السنة والجماعة من سلف الأمة وأئمتها فقد كذب وافترى، وقال ما ليس له به علم …). (1)
وكتب أحمد الكتلاني في (الصيب الهطال) – دفاعا عن الشيخ في هذا المقام – قريباً مما كتبه ابن سحمان (2). 
وأجاب أحد علماء نجد على تلك الفرية، حيث تلقفها صاحب جريدة القبلة وزعم أن الوهابيين يلزمون الناس بتكفير آباءهم وأجدادهم. 
فكان جواب هذا العالم: 
(وهذا من نمط ما قبله من الكذب والبهتان، والذي نقوله في ذلك أن من مات من أهل الشرك قبل بلوغ هذه الدعوة إليه، فالذي يحكم عليه إذا كان معروفاً بفعل الشرك ويدين به، ومات على ذلك، فظاهره أنه مات على الكفر فلا يدعى له، ولا يضحى له، ولا يتصدق عنه. وأما حقيقة أمره فإلى الله تعالى فإن كانت قد قامت عليه الحجة في حياته وعاند فهذا كافر في الظاهر والباطن، وإن كان لم تقم عليه الحجة فأمره إلى الله. وأما من لا نعلم حاله في حال حياته، ولا ندري ما مات عليه، فإنا لا نحكم بكفره، وأمره إلى الله فمن نسب إلينا غير هذا فقد كذب علينا وافترى وحسبنا الله ونعم الوكيل)(3). 
ويكذّب الشيخ محمد بن عثمان الشاوي هذا البهتان، فيقول في رسالته (القول الأسد): 
(فإنا لم نكفر بالعموم، ولا نكفر إلا من قام الدليل القاطع على كفره، بصرفه حق الله لغيره، ودعائه، والتجاءه إلى ما لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً فضلا عن غيره …).(4)
ويهاجم القصيمي في كتابه (الصراع) خصوم الشيخ – من الرافضة – مؤكداً براءة الشيخ من فرية التكفير، وأن هؤلاء الرافضة أحق وأجدر بهذا الوصف فيقول:
(إن من عجائب الأيام وفكاهاتها المضحكة قوماً، المبكية قوماً آخرين، أن تذهب الشيعة تتهم أهل السنة من أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب بإكفار المسلمين وإحلال دمائهم وأموالهم، في حين أن الشيعة تعلن على رؤوس الملأ ومسامع العالمين إكفار خيار الأمة، وإكفار كبراء الصحابة، ومن تولاهم من فرق المسلمين، والذي يكفر خيار الصحابة كالصديق وعمر وعثمان وعائشة ومعاوية وغيرهم .. كيف لا يمنعه الحياء من أن يتهم أحدا بإكفار المسلمين..). (5)
من خلال هذه النقول المتعددة تظهر براءة الشيخ الإمام، وكذا أتباعه وأنصار دعوته من مفتريات وأكاذيب الخصوم في مسألة التكفير، ومن طالع كتبهم وقرأ رسائلهم تبين له صحة معتقدهم وسلامة فهمهم لمسألة التكفير، وإن اعتقادهم فيها هو عين اعتقاد السلف الصالح.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 68936
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

تاريخ الوهابية ومؤسسها محمد بن عبد الوهاب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ الوهابية ومؤسسها محمد بن عبد الوهاب   تاريخ الوهابية ومؤسسها محمد بن عبد الوهاب Emptyالسبت 05 أبريل 2014, 7:15 am

المبحث الثاني :
فرية أن الوهابيين خوارج،
وأن نجد اليمامة قرن الشيطان مع الرد والدحض لها
هذا المبحث يرتبط – كثيراً – بالمبحث السابق، ففي المبحث السابق تحدثنا عن فرية تكفير الوهابية للمسلمين، وفي هذا المبحث نتحدث عن فرية أن الوهابيين خوارج، فهناك تداخل بين المبحثين، وذلك لأن الخوارج قد عرف عنهم التكفير لأصحاب المعاصي من المسلمين، فجعل الخصوم الوهابيين كالخوارج في هذه المسألة، ولهذا فلن نتحدث عن هذا الجانب تفصيلاً ففي المبحث السابق كفاية وغنية عن التكرار، وإنما سنتحدث عن فرية الخصوم في رميهم للوهابيين بهذا الوصف – أي الخوارج -، وذمهم والطعن فيهم لأنهم خوارج سيماهم التحليق (1)، ولأن بلادهم ومحل ظهورهم هو نجد التي هي قرن الشيطان.. بلاد مسيلمة الكذّاب.. إلى آخر تلك الدعاوى الباطلة، ثم نتبعها بالرد والدحض. 
لقد تعددت مزاعم الخصوم بهذه الفرية الخاطئة، وتنوعت أباطيلهم، فمرة يتهمون الشيخ بأنه من الخوارج، وأن سيماهم التحليق.. ومرة يطعنون في الشيخ الإمام وفي دعوته بحجة أن موطنه نجد اليمامة، ونجد هي قرن الشيطان كما في الحديث، وهي موطن الزلازل والفتن، وثالثة يزعمون أنه من نسل ذي الخويصرة التميمي.. إلى آخر هذه الترهات والأباطيل. 
ونلاحظ أن بن عفالق من أوائل المفترون في ذلك، حيث ينعى على الوهابيين بأن موطنهم هو نجد –قرن الشيطان – وأنهم من بقايا فتنة مسيلمة الكذاب، يقول ابن عفالق في رسالته لابن معمر: 
(وفي فضل أهل الشام واليمن والحرمين وفارس ما يعرفه من له أدنى معرفة بالأحاديث وأما أنتم يا أهل اليمامة ففي الحديث الصحيح عندكم يطلع قرن الشيطان، وأنتم لا تزالون في شر من كذّابكم إلى يوم القيامة. إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار). (2)
ويقول: (فبماذا يجاوبون من هذه حالته ودعواه، أيدينون بالرجعة ويقولون هذا مسيلمة قد ظهر بوادي حنيفة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث المشهور أنهم لا يزالون في فتنة من كذّابهم إلى يوم القيامة..). (3)
ويذكر سليمان بن عبد الوهاب الدليل على بطلان دعوة أخيه الشيخ الإمام، وهو أن موطنه بلاد المشرق، بلاد مسيلمة الكذّاب، فيقول: 
(ومما يدل على بطلان مذهبكم ما في (الصحيحين) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (رأس الكفر نحو المشرق) …. فلو علم أن بلاد المشرق خصوصاً نجد بلاد مسيلمة أنها تصير دار الإيمان، وأن الطائفة المنصورة تكون بها.. وأن الحرمين الشريفين واليمن تكون بلاد كفر تعبد فيها الأوثان، وتجب الهجرة منها، لأخبر بذلك، ولدعى لأهل المشرق خصوصاً نجد، ولدعى على الحرمين واليمن وتبرأ منهم، إذ لم يكن إلا ضد ذلك، فإنه صلى الله عليه وسلم عمَّ المشرق، وخصَّ نجد بأن منها يطلع قرن الشيطان). (1)
ويسوق (الحداد) بعض تلك الفرية، فيزعم أن الشيخ الإمام هو قرن الشيطان يقول الحداد في كتابه (مصباح الأنام): 
(وقد استنبط العلماء من مفهوم قول النبي صلى الله عليه وسلم (يطلع منها – أي نجد – قرن الشيطان) من معجزاته، لأنه أتى بالياء للاستقبال؛ لأن مسيلمة لعنه الله، في حياته عليه السلام طلع، وادعى النبوة، وهلك في خلافة الصديق..، ولم يطلع قرن الشيطان إلا بعد الألف والمائة والخمسين، وهو محمد بن عبد الوهاب رأس هذه البدعة وأسّها).(2) 
ويورد (الحداد) بعضاً من علامات الخوارج، ليدعي - زوراً - وجودها عند الوهابيين فيقول كاذباً: 
(وأهم من ذلك كله ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث الكثيرة المبينة لعلامات الخوارج، مما يبين أن ابن عبد الوهاب وأتباعه منهم، ككونهم من نجد، وكونهم من المشرق، ومعلوم أن نجدا شرقي المدينة، وكون سيماهم التحليق، مع كونهم من المشرق). (3)
ويقول الحداد: 
(قال السيد العلامة المنعمي في مطلع قصيدة له في الرد على النجدي لما قتل عدة لم يحلقوا رؤوسهم قال: 
أفي حلق رأسي بالسكاكين والحد حديث صحيح بالأسانيد عن جدي) (4)
ويأتي أفاك آخر، وهو المدعو عبد الرؤوف، حيث ساق حديث (اللهم بارك لنا في شامنا)، وما ورد في شأن الخوارج من الأحاديث.. ثم قال: 
(المراد به أصحاب ابن عبد الوهاب فإن شعارهم تحليق شعر رؤوسهم أجمع، وعدم اتخاذ القنازع كما هو الأعراب قديماً وحديثاً، وإذا دخل الرجل في دينهم، أول ما يأمرونه به حلق شعر رأسه أجمع، وبهذا تعرف الوهابية عن سائر الأعراب كما هو معروف، فالحديث نص على رد الوهابية) (5). 
ويدعي الصاوي – كذباً وتلفيقاً - أن علماء الدعوة وأتباعها خوارج (وأنهم يحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون..). (6)
ويؤكد ابن عابدين – في حاشيته – هذا الإفك، فيزعم أن أتباع الشيخ الإمام يدخلون في مسمى الخوارج.(1) 
ويفتري محسن بن عبد الكريم على أتباع هذه الدعوة السلفية بأنهم خوارج، ويصفهم بأنهم مارقة…(2)، ويتحدث عن فرية التحليق، فيقول: 
(والتحليق الذي صار شعارهم فلا يقبلون من أحد الدخول فيما هم فيه حتى يحلق رأسه، حتى قال المولى عبد الله بن عيسى في كتابه (السيف الهندي): إنه بلغني أنه حلق ناس من أهل تهامة رؤوسهم على ضوء السراج نحو ستمائة رجل في ليلة واحدة فكيف بالنهار..). (3)
ويقذع الرافضي اللكنهوري في السب والشتم، فيجعل الخوارج هم سلف الوهابيين، فكان من إفكه أنه قال: 
(وإن لهم أسوة في من سلف من الخوارج الحرورية، لعنهم الله، حيث كفروا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، وجميع المسلمين من أصحابه وأنصاره بتلفيقات تشبهها أقوال هؤلاء الوهابية واستحلوا بذلك دماءهم وأموالهم. 
ولو تأملت بصائب النظر في تاريخهم لوجدت الوهابية ممن يحذو حذوهم في العقائد.. ثم إنك لو أمعنت النظر لوجدت شيوخ أولئك الخوارج من أهل نجد) (4). 
ويزعم عثمان بن منصور أن نجد اليمامة هي قرن الشيطان، فيقول: (وقد امتنع الرسول صلى الله عليه وسلم عن الدعاء لها لما دعا للشام ولليمن والمدينة، لما علم بعلم الله ما يحدث فيها ومنها، وقال فيها (أولئك منها الزلازل والفتن، ومنها ما يظهر قرن الشيطان). (5)
ويورد شيخ الكذب والبهتان أحمد دحلان، اتهامه لأنصار هذه الدعوة السلفية بفرية التحليق فيقول: 
(وكانوا يأمرون من اتبعهم أن يحلق رأسه، ولا يتركونه يفارق مجلسهم إذا تبعهم، حتى يحلقوا رأسه، ولم يقع مثل ذلك قط من أحد من الفرق الضالة التي مضت قبلهم، فالحديث صريح فيهم، وكان السيد عبد الرحمن الأهدل مفتي زبيد يقول: لا يحتاج أن يؤلف أحد تأليفاً للرد على ابن بعد الوهاب، بل يكفي من الرد عليه قوله صلى الله عليه وسلم. (سيماهم التحليق) فإنه لم يفعله أحد من المبتدعة غيرهم). (6)
ويتهم الرافضي محمد حسن الموسوي الوهابيين بأنهم على نهج الخوارج. ثم يقول كاذباً (أن الوهابية أصحاب الزلازل والفتن بنص رسول الله صلى الله عليه وسلم). (7)
ويدعي النبهاني أن نجد اليمامة هي قرن الشيطان، وأنها من بلاد المشرق التي ذمها الرسول صلى الله عليه وسلم يقول النبهاني في رائيته الصغرى: 
أشار رسول الله للشرق ذمّه وهم أهله لا غرو أن أطلع الشـرا 
به يطلع الشيطان ينطح قرنه رؤوس الهدى والله يكسره كسرا) (1)
وقد حشد الدجوي في مجلته (الأزهر) إحدى عشرة صفة من صفات الخوارج، وحملها - ظلماً وبغياً - على أنصار وأتباع دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله.(2)
كما زعم الأفاك الأثيم، والكذاب اللئيم الرافضي (العاملي) أن الوهابيين يشبهون الخوارج من ثلاث عشرة جهة.(3)
ويورد العاملي الأحاديث التي في ذم المشرق، وذم نجد، ليحملها على نجد اليمامة (4). ثم يدافع عن موطنه – العراق -، فيقول نافياً أن تكون العراق هي نجد قرن الشيطان-. 
(وما يحكي عن بعض الوهابيين من أن المراد من نجد هو العراق؛ لأنها أعلى من الحجاز والنجد في اللغة ما أشرق من الأرض، معلوم الفساد، فإن نجداً حيثما يطلق بلا قيد يراد به بلادهم التي لا تسمى عرفاً إلا بهذا الاسم قديماً وحديثاً..) (5).
ويأتي العاملي بزور آخر، حيث يدعي أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب من عشيرة ذي الخويصرة التميمي، وذلك لأن كلاهما من بني تميم، يقول العاملي: 
(ومن الأخبار المرجح ورودها في الوهابية قوله صلى الله عليه وسلم في ذي الخويصرة التميمي أن من ضئضيء هذا قوماً يقرأون القرآن ولا يجاوز حناجرهم.. فيكون المراد من ضئضئه أي من أصله وعشيرته، لا من نسله وعقبه؛ لأن عشيرة الرجل هي أصله ومعدنه، وذو الخويصرة وابن عبد الوهاب من أصل واحد، من عشيرة واحدة فكلاهما تميمي.(6)
ويدعي الزهاوي أن من أعلام نبوة محمد صلى الله عليه وسلم إخباره عن هؤلاء الخوارج، يقصد أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -. (1)
ويزعم أحمد بن محمد الغماري أن دعوة الشيخ الإمام هي قرن الشيطان، فيقول: (ولما طلع قرن الشيطان بنجد في أواخر القرن الحادي عشر، وانتشرت فتنته، كانوا يحملون الأحاديث عليه وعلى أصحابه). (2)
ويردد أبو زهرة تلك الفرية - دون تورع أو تثبت - فيقول عن أتباع هذه الدعوة بأنهم: 
(كانوا يشبهون الخوارج الذين كانوا يكفرون مرتكب الذنب)(3). 
كما أن الشيعي محمد جواد مغنية يزعم أن الوهابية لا تختلف عن الخوارج في مسألة التكفير …. (4).
إن هذا الركام – من تلك الأكاذيب – الذي افتراه خصوم الدعوة السلفية ما يلبث أن يتلاشى ويزول، فيكون كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف، وذلك عندما نسوق ما سطّره بعض أتباع هذه الدعوة السلفية من الحجج الواضحة والأدلة الدامغة في دحض ذلك البهتان. 
لقد كذب الخصوم على الشيخ الإمام حين زعموا أنه يكفّر المسلمين بالذنوب فإن الشيخ قد أوضح في هذه المسألة، فقال في رسالته لأهل القصيم: 
(ولا أكفّر أحداً من المسلمين بذنب، ولا أخرجه عن دائرة الإسلام) (5).
ومع أن الإمام الشوكاني – رحمه الله – في باديء الأمر لم تبلغه معلومات موثقة عن هذه الدعوة السلفية، إلا أنه لم يصدق تلك الدعاوى الكاذبة، فقال: 
(وبعض الناس يزعم أنه يعتقد اعتقاد الخوارج، وما أظن ذلك صحيحاً) (6). 
(سئل الشيخ حمد بن ناصر بن معمر – رحمه الله -، فقال السائل: إنكم تكفرون بالمعاصي. 
فأجاب: ليس هذا قولنا، بل هذا قول الخوارج الذين يكفرون بالذنوب، ولم نكفّر أحداً بعمل المعاصي، بل نكفّر من فعل المكفرات كالشرك بالله بأن يعبد معه غيره، فيدعوا غير الله، أو يذبح له، أو ينذر له، أو يخافه، أو يرجوه، أو يتوكل عليه، فإن هذه الأمور كلها عبادة لله بنص القرآن … إلى آخر جوابه رحمه الله)(7). 
ويفند الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب فرية (التحليق) فيقول: 
(وأما البحث عن حلق شعر الرأس، وأن بعض البوادي الذين دخلوا في ديننا قاتلوا من لم يحلق رأسه، وقتلوا بسبب الحلق خاصة، وأن من لم يحلق رأسه صار مرتداً، والردة لا تكون إلا بإنكار ما علم بالضرورة من دين الإسلام، وأنواع الكفر والردة من الأقوال والأفعال معلومة عند أهل العلم، وليس عدم الحلق منها، بل ولم نقل إن الحلق مسنون فضلاً عن أن يكون واجباً، فضلاً عن أن يكون تركه ردة عن الإسلام. 
ونحن لم نأمر أحداً من الأمراء بقتال من لم يحلق رأسه بل نأمرهم بقتال من أشرك بالله، وأبى عن توحيد الله) (1).
ويوضح الشيخ عبد العزيز بن حمد – سبط الشيخ الإمام – في جواب له، بعضاً من أحكام حلق شعر الرأس، ويذكر السبب في حلقه عندهم في بلاد نجد، فقال رحمه الله: 
(فالذي تدل على الأحاديث، النهي عن حلق بعض وترك بعض، فإما تركه كله فلا بأس به، إذا أكرمه الإنسان كما دلت عليه السنة النبوية. وأما حديث كليب (2) فهو يدل على الأمر بالحلق عند دخوله في الإسلام إن صح الحديث، ولا يدل على أن استمرار حلقه سنة، وأما تعزير من لم يحلق وأخذ ماله فلا يجوز وينهى فاعله عن ذلك؛ لأن ترك الحلق ليس منهياً عنه، وإنما نهى عنه ولي الأمر؛ لأن الحلق هو العادة عندنا، ولا يتركه إلا السفهاء عندنا، فنهى عن ذلك نهي تنزيه لا نهي تحريم سداً للذريعة؛ ولأن كفار زماننا لا يحلقون فصار في عدم الحلق تشبهاً بهم).(3)
ويؤكد الشيخ عبد الرحمن بن حسن في رد شافي – على من احتج بحديث نجد قرن الشيطان – أن الذم والمدح يقع على الحال لا على المحل، كما يذكر المراد بنجد قرن الشيطان، فقال رحمه الله: 
(.. الذم إنما يقع في الحقيقة على الحال لا على المحل، والأحاديث التي وردت في ذم نجد كقوله صلى الله عليه وسلم: (اللهم بارك لنا في يمننا. اللهم بارك لنا في شامنا) الحديث.. قيل إنه أراد نجد العراق؛ لأن في بعض ألفاظه: ذكر المشرق , والعراق شرقي المدينة، والواقع يشهد له، لا نجد الحجاز، ذكره العلماء في شرح هذا الحديث، فقد جرى على العراق من الملاحم والفتن، ما لم يجر في نجد الحجاز، يعرف ذلك من له اطلاع على السير والتاريخ، كخروج الخوارج بها، وكمقتل الحسين، وفتنة ابن الأشعث، وفتنة المختار وقد ادعى النبوة … وما جرى في ولاية الحجاج بن يوسف من القتال، وسفك الدماء وغير ذلك مما يطول عده. 
وعلى كل حال فالذم إنما يكون في حال دون حال، ووقت دون وقت، بحسب حال الساكن؛ لأن الذم إنما يكون الحال دون المحل، وإن كانت الأماكن تتفاضل. وقد تقع المداولة فيها، فإن الله يداول بين خلقه، حتى في البقاع، فمحل المعصية في زمن قد يكون محل طاعة في زمن آخر، وبالعكس) (4). 
ثم قال رحمه الله: (فلو ذم نجد بمسيلمة بعد زواله، وزوال من يصدقه، لذم اليمن بخروج الأسود العنسي ودعواه النبوة …، وما ضرَّ المدينة سكنى اليهود بها، وقد صارت مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ومعقل الإسلام , ما ذمت مكة بتكذيب أهلها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وشدة عدواتهم له، بل هي أحب أرض الله إليه..).(5)
ويذكر الشيخ عبد الرحمن بن حسن في الرد على عثمان بن منصور، الذي وصف أهل هذه الدعوة بأنهم خوارج، ونزل الأحاديث التي وردت في شأن الخوارج عليهم – في رده – أن أهل هذه الدعوة من أبعد الناس عن مشابهة الخوارج، يقول: 
(وأما أهل هذه الدعوة الإسلامية التي أظهرها الله بنجد، وانتشرت واعترف بصحتها كثير من العلماء والعقلاء، وأدحض الله حجة من نازعهم بالشهادة، فهم بحمد الله، يدعون إلى ما بعث الله به رسله من إخلاص العبادة لله وحده لا شريك له..) (1). 
كما يبيّن الشيخ عبد الرحمن بن حسن - في موضع آخر - أن رأي أهل هذه الدعوة في الخوارج هو رأي الصحابة رضي الله عنهم. (2)
ويقرر الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن المراد بالمشرق ونجد الذي ورد ذمه في الحديث فقال: 
(إن المراد بالمشرق ونجد في هذا الحديث وأمثاله هو العراق؛ لأنه يحاذي المدينة من جهة الشرق، يوضحه أن في بعض طرق هذا الحديث: وأشار إلى العراق)، قال الخطابي: نجد من جهة المشرق، ومن كان بالمدينة، كان نجده بادية الشام ونواحيها فهي مشرق أهل المدينة، وأصل نجد ما ارتفع من الأرض، وهو خلاف الغور فإنه ما انخفض منها، وقال الداوودي: أن نجداً من ناحية العراق، ذكر هذا الحافظ ابن حجر، ويشهد له ما في مسلم عن ابن عمر قال: يا أهل العراق ما أسئلكم عن الصغيرة وأركبكم للكبيرة، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أن الفتنة تجيء من هاهنا، وأومأ بيده إلى المشرق، فظهر أن هذا الحديث خاص لأهل العراق؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فسَّر المراد بالإشارة الحسيّة، وقد جاء صريحاً في (المعجم الكبير) للطبراني النص على أنها العراق. وقول ابن عمر وأهل اللغة وشهادة الحال كل هذا يعين المراد..)(3). 
ويشير الشيخ عبد اللطيف إلى فضل بني تميم فيقول: 
(وقد جاء في فضل أهل نجد كتميم، ما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: أحب تميماً لثلاث سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله لما جاءت صدقاتهم هذه صدقات قومي، وقوله في الجارية التميمية: اعتقها فإنها من ولد إسماعيل، وقوله: هم أشد أمتي على الدجال.. هذا في المناقب الخاصة، وأما العامة للعرب، فلا شك في عمومها لأهل نجد؛ لأنهم من صميم العرب، وما ورد في تفضيل القبائل والشعوب أدل وأصرح في الفضيلة مما ورد في البقاع والأماكن في الدلالة على فضل الساكن والقاطن. 
ومعلوم أن رؤساء عبّاد القبور الداعين إلى دعائهم وعبادتها لهم حظ وافر مما يأتي به الدجال، وقد تصدى رجال من تميم، وأهل نجد للرد على دجاجلة عبّاد القبور الدعاة إلى تعظيمها مع الله، وهذا من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم، إن قلنا إن (ال) في الدجال للجنس لا للعهد، وإن قلنا أنها للعهد كما هو الظاهر، فالرد على جنس الدجال توطئة وتمهيد لجهاده، ورد باطله فتأمله فإنه نفيس جداً). (1)
ويجيب الشيخ عبد اللطيف على من عاب الشيخ الإمام بدار مسيلمة، فيقول: 
(ولا يعيب شيخنا بدار مسيلمة إلا من عاب أئمة الهدى ومصابيح الدجى بما سبق في بلادهم من الشرك والكفر المبين، وطرد هذا القول جرأة على النبيين وأكابر المؤمنين، وهذا المعترض (2) كعنز السوء يبحث عن حتفه بظلفه ولا يدري. 
وقد قال بعض الأزهريين(3): مسيلمة الكذّاب من خير نجدكم. فقلت وفرعون اللعين رأس مصركم، فبهت، وأين كفر فرعون من كفر مسيلمة لو كانوا يعلمون). (4)
ويرد الشيخ عبد اللطيف على ابن منصور حين طعن في نجد اليمامة؛ لأنها – على حد زعمه – بلد نجدة الحروري والقرمطي، فيقول رحمه الله: 
(ثم كون الحروري والقرمطي من هذه البلاد، كلام كذب وزور على عادته، فإن نجدة ابتلي ببدعته ومروقه بالعراق، وبها استقر وهي وطنه، وأيضا فقد ثبت أنه تاب لما ناظره ابن عباس. والقرمطي بلاده القطيف والخط، وليس من حدود اليمامة، بل ولا من حدود نجد. ثم لو فرض أنه من نجد، ومن اليمامة ومن بلدة الشيخ أي ضرر في ذلك ؟ 
وهل عاب الله ورسوله أحداً من المسلمين أو غيرهم ببلده ووطنه، وكونه فارسياً أو زنجياً أو مصرياً من بلاد فرعون، ومحل كفره وسلطته ؟ وعكرمة بن أبي جهل من أفاضل الصحابة، وأبوه فرعون هذه الأمة)(5). 
وقد تتبع الشيخ السهسواني في (صيانة الإنسان) الروايات في شأن نجد قرن الشيطان، وساق أقوال العلماء في ذلك، ومرادهم بنجد هاهنا(6)، ثم قال: 
(ولا يخفى عليك أن لفظاً من ألفاظ هذا الحديث، لا يقتضي أن كل من يولد في المشرق يكون مصداقاً لهذا الحديث..
ومجرد وقوع الفتنة لا يستلزم ذم كل من يسكنه، بدليل ما رواه الشيخان عن أسامة بن زيد قال: أشرف النبي صلى الله عليه وسلم على أطم من آطام المدينة، فقال: هل ترون ما أرى ؟ قالوا: لا قال: فإني لأرى الفتن تقع من خلال بيتكم كوقع المطر). (7)
وذكر المؤلف أحاديث أخرى، ثم قال: 
(وهذه الأحاديث وغيرها مما ورد في هذا الباب دالة على وقوع الفتن في المدينة النبوية، فلو كان وقوع الفتن في موضع مستلزماً لذم ساكنيه لزم ذم سكان المدينة كلهم أجمعين، وهذا لا يقول به أحد، على أن مكة والمدينة كانتا في زمن موضع الشرك والكفر، وأي فتنة أكبر منهما، بل وما من بلدٍ أو قريةٍ إلا وقد كانت في زمن أو ستصير في زمان موضع الفتنة، فكيف يجتريء مؤمن على ذم جميع مسلمي الدنيا؟ وإنما مناط ذم شخص معين كونه مصدراً للفتن من الكفر والشرك والبدع). (1)
كما ساق السهسواني الروايات التي تثبت أن العراق هو المراد في أحاديث الفتن في نجد، وأنه المشرق بالنسبة للمدينة المنورة. (2)
ويقول السهسواني عن دعوى التحليق: 
(وهذا كذب صريح وبهتان قبيح). (3)
ويقول علامة العراق محمود شكري الآلوسي عن بلده العراق – والتي هي في الحقيقة نجد قرن الشيطان ـ: 
(ولا بدع فبلاد العراق معدن كل محنة وبليّة، ولم يزل أهل الإسلام منها في رزية بعد رزية، فأهل حروراء وما جرى منهم على الإسلام لا يخفى، وفتنة الجهمية الذين أخرجهم كثير من السلف من الإسلام إنما خرجت ونبغت بالعراق، والمعتزلة وما قالوه للحسن البصري وتواتر النقل به … إنما نبغوا وظهروا بالبصرة، ثم الرافضة والشيعة وما حصل فيهم من الغلو في أهل البيت، والقول الشنيع في الإمام علي، وسائر الأئمة ومسبّة أكابر الصحابة..، كل هذا معروف مستفيض). (4)
ويعلن الشيخ ابن سحمان براءتهم من الخوارج، فينشد هذه الأبيات: 
ونبرأ من دين الخوارج إذ غــلوا بتكفيرهم بالذنب كل موحـد 
وظنوه ديناً من سفاهة رأيهـــم وتشديدهم في الدين أي تشدد 
ومن كل دين خالف الحق والهدى وليس على نهج النبي محـمد (5)
ويرد ابن سحمان إفك الحداد حين وصف أهل نجد بأنهم من ذرية مسيلمة الكذّاب، ويؤكد أن العراق موطن الفتن؛ لأنها مشرق المدينة وليست اليمامة، يقول ابن سحمان: 
(.. وآباء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلافهم كانوا على جاهلية، وشرك، وعبادة للأصنام والأحجار وغيرها. ولا يتوجه عيب أحد منهم بأسلافه وقد يخرج الله من أصلاب المشركين، والكفّار من هو خواص أوليائه وأصفيائه …). (6)
ويقول: (قد كان بلد الشيخ اليمامة، ولم تكن اليمامة مشرق المدينة، بل مشرق المدينة العراق ونواحيه، فاليمامة، ليست مشرق المدينة، ولا هي وسط المشرق بين المدينة والعراق، بل اليمامة شرق مكة المشرفة..). (1)
ويبيّن عبد الكريم بن فخر الدين الهندي تحريف دحلان، ويرد عليه، ثم يذكر جواباً على دعوى التحليق، فيقول – حين ذكر دحلان أن نجد جزيرة العرب هي قرن الشيطان ـ: 
(انظر كيف صنيعه وتحريفه كلام الرسول وتضييعه، مع أن شرّاح الحديث يذكرون في ذيله قتل عثمان رضي الله عنه، وواقعة الجمل وصفين، وظهور الخوارج.. ونحو ذلك، ولم يعينوا مورده كما عين، مع أن حدوث الشيخ محمد بن عبد الوهاب خارج عن الموارد المذكورة فيما هنالك). (2)
ويقول عبد الكريم أيضاً: 
(وأما ما ورد في الخوارج سيماهم التحليق، فلا ينطبق على ما ادعاه فإن ترك الشعر واللّمة سنة عند محمد بن عبد الوهاب وأتباعه، فإن كان صحيحاً يحمل أمره ذلك، فيمن كان جديد الإسلام كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألق عنك شعر الكفر) (3)) (4). 
ويبيّن ناصر الدين الحجازي في (النفخة) المراد بالشرق وحده – أثناء رده على إفك الأسكندراني – فيقول: 
(إن الشرق اسم عام نهايته مطلع الشمس، وقد ظهر منه فتن كثيرة كفتنة جنكيزخان، وهولاكو ومن بعده من التتار، واستطال الأمر، وقتلت الألوف المؤلفة من المسلمين فما الذي حملت على أن تخصمه بأولئك المساكين الذين يضربون في الأرض، ليحصلوا قوتهم من حلال ….). (5)
ويجيب الحجازي عن فرية التحليق فيقول – رحمه الله ـ: 
(وأما ما ذكرته عن التحليق فذاك) كلام خرافة يا أم عمرو). (6)
وألف الشيخ حكيم محمد أشرف سندهو – رحمه الله – رسالة مستقلة بعنوان (أكمل البيان في شرح حديث نجد قرن الشيطان(7))، جمع فيها روايات هذا الحديث، وذكر أقوال شرّاح الحديث في بيان معناه، وكذا أقوال علماء اللغة، والجغرافيين، وأثبت – على ضوئها – أن المراد بنجد قرن الشيطان هي العراق، ونوجز بعض ما أورده وهو يقول – بعد أن ساق مرويات هذا الحديث ـ: 
(مقصود الأحاديث أن البلاد الواقعة في جهة المشرق من المدينة المنورة، هي مبدأ الفتنة والفساد ومركز الكفر والإلحاد، ومصدر الابتداع والضلال، فانظروا في خريطة العرب بنظر الإمعان، يظهر لكم أن الأرض الواقعة في شرق المدينة إنما هي أرض العراق فقط موضع الكوفة والبصرة وبغداد). (7)
ويقول - في موضع آخر -: 
(واتفقت كلمة شرّاح الحديث وأئمة اللغة ومهرة جغرافية العراب أن النجد ليس اسماً لبلد مخصوص، ولا اسماً لبلدة بعينها، بل يقال لكل قطعة من الأرض مرتفعة عما حواليها نجد …). (1)
وقد رد الشيخ حمود التويجري في كتابه (إيضاح المحجة) على فرية الغماري فكان من رده: 
(أن الروايات الواردة في طلوع قرن الشيطان من المشرق كلها عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وقد صرح في بعضها أن المراد بالمشرق أرض العراق فبطل بذلك كل ما يتعلق به الملاحدة على أهل الجزيرة العربية).(2) 
ولما زعم الغماري أن المراد بطلوع قرن الشيطان بنجد هو ظهور الشيخ أعقبه التويجري برد قال فيه: 
(وهذا من البهتان والإثم المبين، لكونه وصفهم بصفة ذميمة لم ترد فيهم، وإنما وردت في غيرهم، وقد قال الله تعالى: (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً) (3). وقد شهد علماء الدين للشيخ بأنه أظهر توحيد الله، وجدد دينه، ودعا إليه، واعترفوا بعلمه وفضله وهدايته، وأثنوا عليه نظماً ونثراً) (4). 
ويقول العلامة ناصر الدين الألباني – معلقاً على حديث (اللهم بارك لنا في شامنا..) بعد أن ساق طرقه ومروياته: 
(فيستفاد من مجموع طرق الحديث أن المراد من نجد في رواية البخاري ليس هو الإقليم المعروف اليوم بهذا الاسم، وإنما هو العراق، وبذلك فسره الإمام الخطابي والحافظ ابن حجر العسقلاني … وقد تحقق ما أنبأ به عليه السلام، فإن كثيراً من الفتن الكبرى كان مصدرها العراق كالقتال بين سيدنا علي ومعاوية، وبين علي والخوارج، وبين علي وعائشة وغيرها مما هو مذكور في كتب التاريخ. فالحديث من معجزاته صلى الله عليه وسلم وأعلام نبوته..) (5). 
وينفي د. عبد الباري عبد الباقي أن يكون الوهابيين خوارج، فيقول:
(فعلى عكس الخوارج، لم يتبرأ الوهابيون من عثمان وعلي رضي الله عنهما). (6)
ويدحض القصيمي فرية التحليق – شعار الخوارج كما يقولون.. ـ، وينفي أن تكون منطبقة على الوهابيين، فيقول: 
(وهذا قول فاسد مردود، وبيان ذلك أن حجته في هذا القول، هي أن النجديين فيهم من يحلقون رؤوسهم، وفاتهم أن معنى سيمى القوم، أي علامتهم التي بها يتميزون عن غيرهم، وما به يعرفون ويختصون، وإذا كان الأمر مشتركاً بين الناس مشاعاً بين أصنافهم، فليس سيمى الطائفة ولا علامة، وكذلك التحليق لا يمكن أن يكون سيمى لأحد اليوم؛ لأن التحليق أمر تفعله أمم كثيرة في أقطار كثيرة من الأقطار الإسلامية، فلا يمكن أن يكون سيمى النجديين يقيناً..). (1)
ويبطل القصيمي – دعوى الرافضي العاملي – أن الوهابيين خوارج فيقول: (إن الوهابيين يشهدون بحق وصدق أن هؤلاء الذين أكفرهم الخوارج كعلي وعثمان ومعاوية ومن وافق هؤلاء الصحابة من الصحابة والتابعين من أفضل البشر، وأصدقهم ديناً، وإيماناً وسيرة وسريرة..)(2).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 68936
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

تاريخ الوهابية ومؤسسها محمد بن عبد الوهاب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ الوهابية ومؤسسها محمد بن عبد الوهاب   تاريخ الوهابية ومؤسسها محمد بن عبد الوهاب Emptyالسبت 05 أبريل 2014, 7:16 am

المبحث الثالث 
شبهة أن الوهابيين
أدخلوا في المكفرات ما ليس فيها
نورد في هذا المبحث ما كتبه بعض الخصوم من مخالفات واعتراضات لما قرره علماء الدعوة السلفية، فلقد خالف هؤلاء الخصوم، وادعوا أن الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب وأنصار دعوته قد أدخلوا في نواقض الإسلام ما ليس منها، وادعوا - أيضاً - أن تلك المكفرات التي يؤكد الشيخ محمد بن عبد الوهاب أنها تخرج عن دائرة الإسلام أنها ليست – في الحقيقة عندهم – مكفرات، بل هي دون ذلك … 
ولو تتبعنا أقوال الخصوم في هذا المقام، لطال بنا الحديث وامتد دون حد أو حصر.. ولكن – ومن خلال التأمل في تلك الأقوال والنقول عنهم – لاحظت أن السبب الرئيس لهذا الخلاف، هو الاختلاف في حد الكفر المخرج عن دين الإسلام بين أئمة الدعوة السلفية، وبين هؤلاء الخصوم، فقد قرر أئمة الدعوة نواقض الإسلام وبينوا وميزوا حد الكفر الأكبر من الأصغر، كما جاء هذا التقرير والبيان في نصوص القرآن ونصوص السنة النبوية، وآثار السلف الصالح، أما أولئك المخالفين – من الخصوم – فقد خالفوا سبيل المؤمنين، فلم يدركوا حد الكفر..، ولم يعرفوا معنى الكفر المخرج من الملة، لذا فإنهم قد حصروا الكفر في حدود ضيقة جداً، فأخرجوا كثيراً من المكفرات – مما جاءت الأدلة والبراهين على إثبات أنها من المكفرات ـ، وجعلوها غير داخلة في نواقض الإسلام. 
ولقد وقع الخصوم في اللبس والقصور لحقيقة الكفر، بسبب جهلهم بحقيقة التوحيد، فلما لم يتصوروا حقيقة التوحيد تصوراً تاماً، ولم يفهموا حقيقة التوحيد فهماً سليماً، وجهلوا بعض خصائص التوحيد، أدى بهم ذلك إلى التصور المبتور، والجهل بمعرفة ما يناقض حقيقة التوحيد – إضافة إلى أثر العوائد المألوفة والتقليد الأعمى ـ، ومن ثم جهلوا بعض أوصاف الكفر، فوقعوا – أي الخصوم – في بعض المكفرات، وأوقعوا العامة في أدران الشرك ونجاساته(1)، ثم أنكر الخصوم على من أدرك الحق في ذلك، وخالف هؤلاء الأدعياء في تصور حقيقة التوحيد، وحقيقة ما يناقضه. 
إن التصور الناقض المبتور لحقيقة التوحيد – عند الخصوم – هو أنهم يعتقدون أن التوحيد - الذي يجب على كل مكلَّف - هو توحيد الربوبية فقط، فمن أقر بأن الله هو الخالق الرازق المدبر المحيي المميت.. ونحوها من صفات الربوبية، فهو الموحَّد، وتصوروا – جهلاً وتقليداً – أن معنى شهادة لا إله إلا الله هو إثبات أن الله هو الخالق والقادر على الاختراع، وجهلوا - أو تجاهلوا - أن معنى (الإله) بإجماع أهل اللغة وعلماء التفسير والفقهاء هو المعبود، فيكون المراد بكلمة الشهادة: لا معبود بحق إلا الله، أي صرف جميع أنواع العبادات لله وحده، وإثباتها له وحده – سبحانه، ونفيها عما سواه عز وجل. (2)
وكأن هؤلاء الأدعياء لا يعلمون أن المصطفى صلى الله عليه وسلم قد قاتل مشركي العرب مع إقرارهم بتوحيد الربوبية؛ لأنهم قد أنكروا توحيد العبادة ولم يعترفوا، ولم يقروا بأن الله وحده هو المستحق للعبادة بجميع أنواعها فلا تصرف لمعبوداتهم من الأحجار والأوثان والطواغيت. 
ومما يدل على أن المشركين الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا مقرَّين بأن الله هو الخالق الرازق المحيي المميت المدبر.. ونحوها من أفعال الرب سبحانه، ولم يدخلهم ذلك في دين الإسلام قوله تعالى: 
(قل من يرزقكم من السماء والأرض، أم من يملك السمع والأبصار، ومن يخرج الحي من الميت، ويخرج الميت من الحي، ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون). (1)
وهذا التوحيد الذي أقر به مشركوا العرب ولم يدخلهم في الإسلام هو الغاية عند هؤلاء الخصوم. 
وسنورد نماذج من أقوالهم – من كتبهم – توضح ما ذكرناه آنفاً، وتبين أن توحيد الربوبية هو مقصودهم، وأن مخالفة ومناقضة هذا التوحيد هي الكفر – فقط -، ولو وقع أحدهم في بعض أنواع المكفرات – المخرجة عن دين الإسلام – كمن ذبح لغير الله أو نذر لغير الله أو استغاث ودعا المخلوقين – فيما لا يقدر عليه إلا الله -، فإنه لا يعتبر بفعلها مرتداً، ما دام أنه يعتقد أن المؤثر في هذا الكون هو الله وحده … 
ثم نورد نماذج أخرى من أقوالهم في تجويز تلك المكفرات – أو جعلها معاصي دون الكفر المخرج عن الملّة – مثل الذبح لغير الله والنذر لغير الله والدعاء والاستغاثة بغير الله، وإنكارهم على أئمة الدعوة خلاف ذلك، وعقب ذلك، نذكر الرد والبيان من كلام الأئمة الأعلام أتباع هذه الدعوة السلفية على تلك الدعاوى.
يقرر ابن عفالق معنى التوحيد – عنهم – فيقول: 
(التوحيد إفراد القديم من المحدث، وإفراده بالربوبية والوحدانية، ومبيانته تعالى لجميع مخلوقاته …). (2)
وينكر القباني إقرار المشركين الأولين بتوحيد الربوبية، لكي يدافع عن مشركي زمانه ممن يستغيث بغير الله – فيما لا يقدر عليه إلا الله – فيقول: 
(فهل سمعت عن أحد من المستغيثين أنه يعتقد في الرسول صلى الله عليه وسلم، أو في الولي المستغاث به أنه إله مع الله تعالى يضر وينفع، ويشفع بذاته كما يعتقد المشركون فيمن عبدوه..). (3)
ويدعي محمد بن عبد المجيد نفس الدعوى السابقة، وأن مشركي العرب لم يقروا بربوبية الله، فيقول: 
(إنما كفر أهل الجاهلية بعبادة الأصنام لتضمنها اعتقادهم ثبوت شيء من صفات الربوبية لها … - ثم يقول – ومن هذه الحيثية شركهم وكفرهم؛ لأن صفاته تعالى تجب لها الوحدانية بمعنى عدم وجود نظير لها إلا قائم بذاته تعالى ولا بذات أخرى). (4)
فإذا كان مشركو العرب منكرين لشيء من صفات الربوبية – على حد زعمه – (فأين هذا ممن يستغيث من المسلمين بنبي أو ولي معتقداً أنه لا يملك نفعاً ولا ضراً). (5)
ويدافع (الحداد) عن أتباعه – من عبّاد القبور – فيقول: 
(.. هؤلاء مهما عظموا الأنبياء والأولياء فإنهم لا يعتقدون فيهم ما يعتقدون في جناب الحق تبارك وتعالى من الخلق الحقيقي التام العام، وإنما يعتقدون الوجاهة لهم عند الله في أمر جزئي، وينسبونه لهم مجازاً، ويعتقدون أن الأصل والفعل لله سبحانه). (1)
ويقرر (دحلان) أن الشرك هو اعتقاد التأثير لغير الله، وليس هناك مسلم يعتقد التأثير لغير الله، يقول: 
(فالذي يوقع في الإشراك هو اعتقاد ألوهية غير الله سبحانه، أو اعتقاد التأثير لغير الله). (2)
ثم يقول: (ولا يعتقد أحد من المسلمين ألوهية غير الله تعالى، ولا تأثير أحد سوى الله تعالى..). (3)
ويؤكد (الزهاوي) أن المشركين الأولين كانوا يعتقدون لأصنامهم أنها تنفع وتضر بذواتها فيقول: (إن المشركين إنما كفروا بسبب اعتقادهم في الملائكة والأنبياء والأولياء أنهم آلهة مع الله يضرون وينفعون بذواتهم). (4)
ويحاول (العاملي) أن يثبت – بلا دليل – أن مشركي العرب ينكرون ربوبية الله، وأن يرد على ما قرره الشيخ الإمام – بالأدلة والبراهين في رسالتيه: (كشف الشبهات)، و (أربع قواعد) – بأن مشركي العرب معترفون بربوبية الله، فيقول – في دفاع هزيل عن أتباعه المشاركين لهؤلاء المشركين في الإقرار بتوحيد الربوبية فقط -: (لا شيء يدلنا على أنهم – أي مشركي العرب – لا يعتقدون في الأصنام والأوثان ومعبوداتهم. أنه لا تأثير لها في الكون، وأن التأثير وحده لله تعالى وهي شافعة فقط، إذ يجوز أن يعتقدوا أن لها تأثير بنفسها بغير ما في الآيات المستشهد بها، فتشفي المرض وتكشف الضر..).(5) 
ويقرر الشطي أن الشرك الأكبر هو – فقط -: (عبادة الأوثان والأصنام) (6)، ويذكر حكاية لجده، فقال: 
(ومرة دخل جدي جامع بني أمية في الشام، فسمع عجوزاً تقول: 
يا سيدي يحيى عاف لي بنتي، فوجد هذا اللفظ بظاهره مشكلاً، وغير لائق بالأدب الإلهي، فأمرها بالمعروف، وقال لها: يا أختي قولي بجاه سيدي يحيى عاف لي بنتي، فقالت له: أعرف أعرف، ولكن هو أقرب مني إلى الله تعالى، فأفصحت عن صحة عقيدتها من أن الفعال هو الله تعالى، وإنما صدر هذا القول منها على وجه التوسل والتوسط إلى الله تعالى، بحصول مطلوبها منه..) (7).
ويبرّأ الرافضي محمد حسين طائفته الرافضة، ومن سار على نهج ضلالهم من عبّاد القبور، ويعلن براءتهم من شرك الربوبية فيقول: 
فهل تحس أن أحداً من زوّار القبور يقصد أن القبر الذي يطوف حوله، أو صاحب الملحود فيه هو صانعه وخالقه، أو أنه يقول للغير أو لمن فيه، يا خالقي ويا رازقي ويا معبودي.. كلاَّ ثم كلاَّ.. ما أحسب أن أحداً يخطر على باله شيء من تلك المعاني..). (1)
ويسد محمد الطاهر باب الردة، ويلغي نواقض الإسلام حين يهذي فيقول: 
(إذا وجد في كلام المسلمين إسناد شيء لغير الله يجب حمله على المجاز العقلي، ولا سبيل لتكفير أحد من المسلمين.. فإذا قال العامي من المسلمين: نفعني النبي صلى الله عليه وسلم أو الصحابي أو الولي، فإنما هو يريد الإسناد المجازي، والقرينة على ذلك أنه مسلم موحَّد لا يعتقد التأثير إلا لله وحده لا لغيره). (2)
بناءً – على النقول السابقة لهؤلاء الخصوم – فليس الذبح لغير الله شركاً، وليس النذر لغير الله شركاً، وليست الاستغاثة بالأموات شركاً، كل ذلك ليس شركاً يخرج عن دائرة الإسلام، ما دام أن مرتكبها يعتقد أن الله هو الفاعل وأنه المؤثر وحده.. هكذا فهم هؤلاء البشر وإليك أقوالهم – من كتبهم – التي تثبت ذلك، وتستنكر – وبشدة – على من خالفهم في ضلالاتهم وانحرافاتهم. 
يقول ابن عفالق – نافياً أن يكون الذبح والنذر لغير الله شركاً -: 
(فاجتمعت الأمة على أن الذبح والنذر لغير الله حرام، ومن فعلها فهو عاص لله ورسوله.. والذي منع العلماء من تكفيرهم أنهم لم يفعلوا ذلك باعتقاد أنها أنداد لله..). (3)
ويشنع ابن سحيم على الشيخ الإمام، لأنه كفّر من ذبح لغير الله، يقول ابن سحيم: 
(ومنها أنه يقطع بكفر الذي يذبح الذبيحة ويسمي عليها، ويجعلها لله، لكن يدخل مع ذلك دفع شر الجن ويقول ذلك كفر واللحم حرام..).(4) 
ويستنكر سليمان بن عبد الوهاب تكفير من ذبح أو نذر لغير الله، ويستغرب من تكفير من دعا غير الله فيقول: 
(من أين لكم أن المسلم الذي يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله إذا دعا غائباً أو ميتاً أو نذر له، أو ذبح لغير الله، أن هذا هو الشرك الأكبر الذي من فعله حبط عمله وحل ماله ودمه). (5)
ويقول سليمان: (لم يقل أهل العلم من طلب من غير الله فهو مرتد ولم يقولوا من ذبح لغير الله فهو مرتد..)(6). 
ويجوّز محمد بن محمد القادري الاستغاثة بغير الله ما دام أن المستغيث بغير الله، لا يعتقد أن غير الله هو الموجد، وأنه لا تأثير إلا لله وحده يقول القادري: 
(وقول يا سيدي أحمد أو شيخ فلان ليس من الإشراك؛ لأن القصد التوسل والاستغاثة.. ولا يشك في مسلم أن يعتقد في سيدي أحمد أو غيره من الأولياء أن له إيجاد شيء من قضاء مصلحة أو غيرها إلا بإرادة الله وقدرته..) (1). 
ويعتبر الحداد أن منع النذر للأولياء من مفتريات الشيخ، فيقول الحداد: 
(وأما نص النجدي بمنع النذر مطلقاً للأكابر، فمن افترائه على كتب الشريعة وجهله المركب). (2)
ويقول محسن بن عبد الكريم في (لفحات الوجد) أثناء مدحه لأحد خصوم الشيخ: 
(وألزمهم بعد ذلك أن الشرك في الدعاء ليس بشرك أكبر، فلا يخرج به فاعله من دائرة الإسلام بعد تحقيق دخوله فيه). (3)
وألف عبد الله بن حسين بلفقيه العلوي رسالة في الرد على أئمة الدعوة … في هذه المسألة، لكي يثبت أن دعاء غير الله ليس شركاً أكبر. (4)
كما أن داود بن جرجيس يزعم أن دعاء الأموات والغائبين والذبح والنذر لغير الله ليس بشرك. (5)
ويحتج جعفر النجفي على جواز الذبح لغير الله بأن (أهل الإسلام من قديم الأيام يذبحون للأنبياء والأولياء..). (6)
ويدعي الرافضي العاملي جواز الاستغاثة بغير الله، فيقول: 
(لو قال في دعائه واستغاثته بغير الله: اقض ديني، أو اشف مريضي أو انصرني على عدوي، فليس منه مانع ولا محذور، فضلاً عما يوجب الإشراك والتكفير، للعلم بحال المسلم الموحَّد المعتقد أن من عدا الله تعالى لا يملك لنفسه أو لغيره نفعاً ولا ضراً). (7)
ويستنكر الشطي أن تكون الاستغاثة بغير الله شركاً – كما هو عليه أئمة الدعوة السلفية -، فيقول حاكياً معتقد الوهابيين في ذلك: 
(فإنهم يصرحون بأن من يستغيث بالرسول عليه السلام، أو غيره، في حاجة من حوائجه، أو يطلب منه أو يناديه في مطالبه ومقاصده، ولو بيا رسول الله، أو اعتقد على نبي أو ولي ميت وجعله واسطة بينه وبين الله في حوائجه فهو مشرك حلال الدم والمال …). (Cool
ويأتي محمد بن علوي المالكي – في ذيل تلك القافلة المتعثرة – فيدعي: (أنه لا يكفر المستغيث إلا إذا اعتقد الخلق والإيجاد لغير الله). (9)
لكي نجيب على تلك الشبهة، ونزيل اعتراض الخصوم، فإننا نذكَّر ابتداءً – بما قررناه من قبل – أن الخصوم قصرت تصوراتهم عن إدراك حقيقة التوحيد فجعلوا توحيد الربوبية هو غاية التوحيد، وأنه الواجب على المكلَّف.. ومن ثم قصرت تصوراتهم لحقيقة الشرك – الذي يناقض التوحيد – فحصروا الشرك في الربوبية كمن يعتقد أن الخلق والإيجاد لغير الله، أو النفع والضر لغيره سبحانه … 
أما علماء هذه الدعوة وأتباعها فقد تصوروا تصورا ًتاماً وفهموا فهماً شاملاً لكل من حقيقة التوحيد وحقيقة الشرك. 
ومن المناسب – إذن – أن نذكر حد الشرك الأكبر وتفسيره الذي يجمع أنواعه وأفراده – كما قرره بعض علماء الدعوة.. – وهو: 
(أن يصرف العبد نوعاً أو فرداً من أفراد العبادة لغير الله.. فكل اعتقاد أو قول أو عمل ثبت أنه مأمور به من الشارع، فصرفه لله وحده توحيد وإيمان وإخلاص، وصرفه لغيره شرك وكفر). (1)
فمثلا أمر الله بالذبح له، وإخلاص ذلك لوجهه، كما هي صريحة بذلك النصوص القرآنية في الصلاة، فقد قرن الله الذبح بالصلاة في عدة مواضع من كتابه، وإذا ثبت أن الذبح لله من أجل العبادات وأكبر الطاعات، فالذبح لغير الله شرك أكبر مخرج عن دائرة الإسلام. (2)
وكذلك النذر عبادة، مدح الله الموفين به، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالوفاء بنذر الطاعة، وأمر سبحانه بالاستغاثة به في كل شدة ومشقة، فهذه إخلاصها لإيمان وتوحيد وصرفها لغير الله شرك وتنديد. (3)
وأما دعوى الخصوم أن مشركي العرب يعتقدون النفع والضر لأصنامهم، فنصوص القرآن الكريم ترد تلك الدعوى الخاطئة – كما ذكرنا بعضها من قبل – ويكفي من ذلك قوله تعالى: (قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون، سيقولون لله قل أفلا تذكرون. قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم. سيقولون لله قل أفلا تتقون. قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل فأنى تسحرون).(4) 
فهؤلاء الذين قاتلهم الرسول صلى الله عليه وسلم مقرون بأنه لا ينفع ولا يضر إلا الله وحده ومقرون أن معبوداتهم – سواء كان أصناماً أو أولياء – لا تدبر ولا تخلق شيئاً، وأن النفع والضر من عند الله.. 
وبهذا يتضح بطلان اعتقاد هؤلاء الجهال – من عباد القبور – ممن يذبح للأولياء أو ينذر لهم القرابين أو يستغيث بالموتى، ويظن أنه مسلم بمجرد اعتقاده أن الله هو المؤثر المتصرف، فإن هذه طريقة مشركي العرب – سواء بسواء.(5)
ولبيان أن دعاء غير الله والاستغاثة بالأولياء ونحوهم، وكذا الذبح لغير الله، والنذر لغيره عز وجل.. أن هذه – كلها – من أنواع الشرك الأكبر الذي يخرج عن دائرة الإسلام، فإننا نذكر بعض ما كتبه أئمة الدعوة في هذا الشأن رداً على شبهة أولئك الخصوم. 
يورد الشيخ محمد بن عبد الوهاب الجواب الشافي على شبهة ابن سحيم حين ظن أن النذر لغير الله حرام ليس بشرك، فقال الشيخ مجيباً على ذلك ومخاطباً ابن سحيم:
(فدليلك قولهم أن النذر لغير الله حرام بالإجماع فاستدللت بقولهم حرام على أنه ليس بشرك، فإن كان هذا قدر عقلك فكيف تدعي المعرفة ؟ يا ويلك ما تصنع بقول الله تعالى: { قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً } (1). فهذا يدل على أن الشرك حرام ليس بكفر يا هذا الجاهل الجهل المركب، ما تصنع بقول الله تعالى: { قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن } (2). إلى قوله: { وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً } (3). هل يدل هذا التحريم على أنه لا يكفر صاحبه ؟ يا ويلك في أي كتاب وجدته إذا قيل لك هذا حرام، أنه ليس بكفر، فقولك أن ظاهر كلامهم أنه ليس بكفر، كذب وافتراء على أهل العلم، بل يقال ذكر أنه حرام، وأما كونه كفر فيحتاج إلى دليل آخر، والدليل عليه أنه مصرح في (الإقناع) أن النذر عبادة، ومعلوم أن لا إله إلا الله معناها لا يعبد إلا الله، فإذا كان النذر عبادة وجعلتها لغيره كيف لا يكون شركاً) (4). 
ويورد الشيخ الإمام قاعدة مهمة أثناء جوابه على من ادعى أن الذبح للجن منهي عنه فهو معصية وليس ردة.. يقول الشيخ: 
(قوله: الذبح للجن منهي عنه، فاعرف قاعدة أهملها أهل زمانك، وهي أن لفظ (التحريم) و (الكراهة) وقوله (لا ينبغي) ألفاظ عامة تستعمل في المكفّرات، والمحرّمات التي هي دون الكفر، وفي كراهة التنزيه التي هي دون الحرام، مثل استعمالها في المفكرات: قولهم لا إله إلا الذي لا تنبغي العبادة إلا له. وقوله (وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولداً)(5) ولفظ التحريم مثل قوله تعالى: (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئاً)(6)، وكلام العلماء لا ينحصر في قولهم (يحرم كذا) لما صرحوا في مواضع أخر أنه كفر، وقولهم (يكره) كقوله تعالى (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه) (6) إلى قوله (كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها)(7) وأما كلام الإمام أحمد في قوله: (أكره كذا) فهو عند أصحابه على التحريم، إذا فهمت هذا، فهم صرحوا أن الذبح للجن ردة تخرج وقالوا: الذبيحة حرام ولو سمى عليها..). (Cool
ويقرر الشيخ حمد بن ناصر بن معمر حكم الاستغاثة بغير الله فيقول: 
(ونحن نعلم بالضرورة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرع لأمته أن يدعوا أحداً من الأموات لا الأنبياء ولا الصالحين ولا غيرهم، لا بلفظ الاستغاثة، ولا بغيرها، بل نعلم أنه نهى عن كل هذه الأمور، وأن ذلك من الشرك الأكبر الذي حرمه الله ورسوله قال الله تعالى: (وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً) (9). (فلا تدع مع الله إلهاً آخر فتكون من المعذبين(6)..) (6) . 
ثم يقول: (فكل من دعا ميتاً من الأنبياء والصالحين أو دعا الملائكة أو الجن، فقد دعا من لا يغيثه، ولا يملك كشف الضر عنه، ولا تحويله) (6). 
ويبين الشيخ حمد بن ناصر بن معمر – رحمه الله – نوعي دعاء غير الله، ثم يرد على بعض الاعتراضات التي أوردها بعض الخصوم، لكي يجيزوا دعاء غير الله ويحسبون أنه ليس بكفر، فكان مما قاله: 
(اعلم أن دعاء غير الله وسؤاله نوعان، أحدهما: سؤال الحي الحاضر ما يقدر عليه مثل سؤاله أن يدعو له، أو ينصره، أو يعينه، فهذا جائز كما كان الصحابة يستشفعون بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته، فيشفع لهم، ويسألونه الدعاء فيدعو لهم. 
النوع الثاني: سؤال الميت والغائب وغيرهما ما لا يقدر عليه إلا الله مثل سؤال قضاء الحاجات وتفريج الكربات، فهذا من المحرمات المنكرة باتفاق أئمة المسلمين.. وهذا مما يعلم بالاضطرار أنه ليس من دين الإسلام) (6). 
وقال أيضاً: 
(فقول القائل: أن إطلاق الكفر بدعاء غير الله غير مسلَّم لوجوه: الوجه الأول: عدم النص الصريح على ذلك بخصوصه. كلام باطل بل النصوص صريحة في كفر من دعا غير الله، وجعل لله نداً من خلقه يدعوه كما يدعو الله ويرجوه كما يرجو الله، ويتوكل عليه في أموره كلها. 
قال الله تعالى: { ثم الذين كفروا بربهم يعدلون( )}( ). 
ويقول – في موضع آخر -: 
(وأيضاً فإن كثيراً من المسائل التي ذكرها العلماء في مسائل الردة والكفر وانعقد عليها الإجماع، لم يرد فيها نصوص صريحة بتسميتها كفراً، وإنما يستنبطها العلماء من عمومات النصوص..) ( ). 
ثم يقول الشيخ حمد بن ناصر بن معمر – في رد اعتراض آخر -: 
(وأما قوله الثاني إن نظر فيه من حيثية القول فهو كالحلف بغير الله وقد ورد أنه شرك وكفر ثم أوّلوه بالأصغر … 
فنقول: هذا كلام باطل، وليس يخفى ما بينهما من الفرق، فأي مشابهة بين من وحد الله وعبده، ولم يشرك معه أحداً من خلقه، وأنزل حاجاته كلها بالله واستغاث به في تفريج كربته، لكنه حلف بغير الله يميناً مجردة لم يقصد بها تعظيمه على ربه، ولم يسأله ولم يستغث به، وبين من استغاث بغير الله وسأله جلب الفوائد وكشف الشدائد، فإن هذا صرف مخ العبادة الذي هو لبها وخالصها لغير الله …) ( ). 
ويوضح صاحب (التوضيح) الإشكال عند الخصوم، ويزيل اللبس عندهم في مسألة النذر لغير الله … فيفصّل الفرق بين نذر فعل المعصية، والنذر لأجل غير الله..، ويبين تحقق الشرك وحصوله في النذر لغير الله.. يقول صاحب (التوضيح): (والنذر غير الجائز قسمان: 
أحدهما: نذر فعل معصية كشرب الخمر، وقتل معصوم، وصوم يوم عيد فيحرم الوفاء به؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من نذر أن يعصي الله فلا يعصه)( )، ولأن معصية الله تبارك وتعالى لا تباح في حال من الأحوال … 
الثاني: النذر لغير الله كالنذر لإبراهيم الخليل أو محمد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم، أو ابن عباس، أو عبد القادر، أو الخضر .. فلا خلاف بين من يعتد به من علماء المسلمين أنه من الشرك الاعتقادي؛ لأن الناذر لم ينذر هذا النذر الذي لغير الله إلا لاعتقاده في المنذور له أنه يضر وينفع ويعطي ويمنع إما بطبعه، وإما بقوة سببيه فيه، ويجلب الخير والبركة، ويدفع الشر والعسرة، والدليل على اعتقاد هؤلاء الناذرين وشركهم حكيهم وقولهم أنهم قد وقعوا في شدائد عظيمة، فنذروا نذرا لفلان وفلان أصحاب القبور من الأنبياء والمشايخ، وللغار الفلاني، والشجرة الفلانية فانكشفت شدائدهم، واستراحت خواطرهم، فقد قام في نفوسهم أن هذه النذور هي السبب في حصول مطلوبهم ودفع مرهوبهم، ومن تأمل القرآن وسنة المبعوث به صلى الله عليه وسلم، ونظر أحوال السلف الصالح علم أن هذا النذر نظير ما جعلته المشركون لآلهتهم في قوله تعالى: (هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا( )..) ( ). 
ويرد الشيخ عبد الله أبو بطين شبهة القبوريين حين ظنوا أن دعاءهم الأموات مجاز، وأن الله عز وجل هو المسئول حقيقة، فيقول :
(وأما قول القائل أن دعاء الأموات وسؤالهم قضاء الحاجات مجاز، والله سبحانه هو المسئول حقيقة، فهذا حقيقة قول المشركين {هؤلاء شفعاؤنا عند الله }( )، { ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى }( ). فهم يسألون الوسائط زاعمين أنهم يشفعون لهم عند الله في قضاء حوائجهم، قال شيخ الإسلام تقي الدين رحمه الله: فمن جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويتوكل عليهم، ويسألهم كفر إجماعاً( ). 
ويؤكد الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن أن صرف بعض أنواع العبادة لغير الله شرك.. كما قرره الأئمة الأعلام..، وعلى تقريرهم سار علماء هذه الدعوة فيقول الشيخ عبد اللطيف: 
(وأما تكفير من أجاز دعاء غير الله، والتوكل على سواه، واتخاذ الوسائط بين العباد وبين الله في قضاء حاجاتهم، وتفريج كرباتهم، وإغاثة لهفاتهم، وغير ذلك من أنواع عباداتهم، فكلامهم – أي العلماء – فيه، وفي تكفير من فعله أكثر من أن يحاط به ويحصر، وقد حكى الإجماع عليه غير واحد ممن يقتدى به، ويرجع إليه من مشايخ الإسلام، والأئمة الكرام. ونحن قد جرينا على سنتهم في ذلك وسلكنا منهاجهم فيما هنالك، لم نكفر أحداً إلا من كفره الله ورسوله، وتواترت نصوص أهل العلم على تكفيره ممن أشرك بالله، وعدل به سواه، أو عطل صفات كماله، ونعوت جلاله، أو زعم أن لأرواح المشايخ والصالحين تصرفاً وتدبيراً مع الله. تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً) ( ). 
ويتحدث محمود شكري الآلوسي عن حال الناذرين في نذورهم لمن يعتقدون فيه الصلاح، ويذكر أنهم يعتقدون فيمن نذروا له من الأولياء أنه ينفع ويضر، ويعطي ويمنع، ويذكر الآلوسي الدليل على ذلك، فيقول: 
(والدليل على اعتقادهم هذا، قولهم: وقعنا في شدة فنذرنا لفلان فانكشفت شدتنا، ويقول بعضهم: هاجت علينا الأمواج، فندبت الشيخ فلان، ونذرت له الشيء الفلاني فسلمت سفينتنا، وتراهم إذا هم لم يفوا، وحصلت لهم بعض الآلام، قيل للناذر أوفي بنذرك، وإلا يفعل بك الشيخ كذا وكذا، فيسارع بالوفاء، ولو أنه يستدين في ذمته، ولو كان مديوناً أو مضطراً، وربما يموت وهو مديون، كل ذلك خوفاً من المنذور له، وطلباً لرضاه. وهل هذا إلا من سوء اعتقاده، وقلة دينه وكساده، وغاية جوابه إذا عذلته أن يقول لك: مقصودي يشفعون لي. والله لا تخطر الشفاعة على قلبه، ولا يعرف إلا أن ذلك المنذور له هو القاضي لحاجته والمهيء لبغيته) ( ). 
وسرد الآلوسي أقوال العلماء التي تؤكد وتثبت أن الذبح لغير الله يعتبر شركاً أكبر يخرج من الملة، ثم قال: 
(فقد تبين لك من هذه النقول كلها أن من يقرب لغير الله تقرباً إلى ذلك الغير ليدفع عنه ضيراً، أو يجلب له خيراً تعظيماً له من الكفر الاعتقادي والشرك الذي كان عليه الأولون) ( ). 
ومما تضمنه (البيان المفيد) ما نصه: 
(ونعتقد أن عبادة غير الله شرك أكبر، وأن دعاء غير الله من الأموات والغائبين وحبه كحب الله، وخوفه ورجائه، ونحو ذلك شرك أكبر، وسواء دعاه عبادة، أو دعاه دعاء استعانة في شدة أو رخاء، فإن الدعاء مخ العبادة، وأن اعتقاد أن لشيء من الأشياء سلطاناً على ما خرج عن قدرة المخلوقين شرك أكبر، وأن من عظّم غير الله مستعيناً به فيما لا يقدر عليه إلا الله كالاستنصار في الحروب بغير قوة الجيوش.. والاستعانة على السعادة الأخروية أو الدنيوية بغير الطرق والسنن التي شرعها الله لنا، يكون مشركاً شركاً أكبر) ( ). 
ونذكّر – في خاتمة هذا المبحث – أن ما قرره أئمة الدعوة السلفية وأنصارها في مسألة نواقض الإسلام، وأنواع المكفرات التي توجب على مرتكبها الخروج والانسلاخ عن دين الإسلام، أن هذا التقرير ليس بدعاً من عند أنفسهم، وإنما كان ذلك اتباعاً لنصوص القرآن الكريم، ونصوص السنّة النبوية الصحيحة، والتزاماً بأقوال الصحابة والتابعين وعلماء الأمة المعتبرين من المذاهب الأربعة( ).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 68936
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

تاريخ الوهابية ومؤسسها محمد بن عبد الوهاب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ الوهابية ومؤسسها محمد بن عبد الوهاب   تاريخ الوهابية ومؤسسها محمد بن عبد الوهاب Emptyالسبت 05 أبريل 2014, 7:16 am

المبحث الرابع
شبهة مخالفة الشيخ محمد بن عبد الوهاب
لابن تيمية وابن القيم في هذه المسألة
عرض ثم رد
يظن بعض الخصوم لهذه الدعوة السلفية أن ما قرره أئمتها من المكفرات، وعدوه من أنواع الشرك الأكبر، كالذبح لغير الله، والنذر لغير الله، والاستغاثة بغير الله .. وغيره من صرف بعض أنواع العبادة لغير الله، أنهم خالفوا بذلك ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – وتلميذه ابن القيم – رحمه الله -، فادعى هؤلاء الخصوم أن هذين الشيخين لم يدخلا الذبح لغير الله والنذر لغير الله والاستغاثة بالأموات ضمن الشرك الأكبر المخرج من الملة. 
وحاول هؤلاء الخصوم التشبث بكل نص أو قول ينسب لابن تيمية أو لابن القيم يفهمون منه بناءً على تصورهم الفاسد، وإدراكهم الخاطيء مخالفة الشيخ الإمام لابن تيمية، وابن القيم في مسألة التكفير، وذلك لكي يقنعوا أنفسهم – ومن تبعهم من سواد الناس – أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب مخالف لسائر الأمة وعلمائها، حتى أنه خالف ابن تيمية وابن القيم، اللذين يكثر – ابن عبد الوهاب – من إيراد أقوالهما والنقل من كتبهما، ولقد أدت بهم هذه المحاولة الفاشلة إلى تحريف النصوص، وتبديلها، وسوء فهمها – كما سيأتي موضحاً -. 
وسنورد أقوال هؤلاء الخصوم، وما نقلوه من نصوص للشيخين، محتجين بهما على مخالفة الشيخ محمد بن عبد الوهاب لهما، ونقتصر على بعض الأمثلة التي أوردوها، ثم نتبعها بالرد والدحض.
يسوق ابن عفالق جواباً لابن تيمية في الاستغاثة بالرسول صلى الله عليه وسلم … فكان مما قاله ابن تيمية – بناءً على نقله -: 
(فإن كان الاستغاثة بمعنى أن يطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم ما هو اللايق لا ينازع فيها مسلم، ومن نازع في هذا المعنى فهو كافر إن أنكر ما يكفر، وإما مخطيء ضال) ( ). 
ثم قال ابن عفالق: (فانظر هذا الكلام النفيس، وتأمل قوله: فإن كان الاستغاثة.. إلخ فهذا حال المنكر للتوسل به صلى الله عليه وسلم يدور بين الكفر والضلال، فكيف بمن أنكرها، وقال من قال يا رسول الله فهو كافر، ومن لم يكفره فهو كافر …) ( ). 
ثم يقال ابن عفالق – منفراً عن دعوة الشيخ -: (والذي أوقع هذا الرجل في هذه الورطة العظيمة أنه ينظر في كتب ابن القيم فيأخذ منها ما وافق هواه، ويترك ما خالفه، ويأخذ من أول الفصل ويترك آخره …) ( ). 
ويقول ابن عفالق – أيضاً -: 
(عده – أي الإمام – قول البوصيري: 
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به *** سواك عند حلول الحادث العمم 
نوع من الشرك الأكبر، وهو كذب صراح إن كان ينقله عن العلماء، وإلا فهو افتراء منه وبهت، فإن ابن القيم مع تعصبه وخلافه لجميع الأمة في مثل هذا الباب عدّ هذا من الشرك الأصغر … انظروا كتبه كـ (شرح المنازل) في باب الشرك الأصغر، و(إغاثة اللهفان) ( ). 
ونلاحظ أن سليمان بن عبد الوهاب في غالب رسالته في الرد على أخيه الشيخ الإمام، أراد أن يفصح عن مخالفة الشيخ الإمام لما كتبه ابن تيمية وابن القيم، فإن جلّ رسالته في سرد الأقوال والنقول للشيخين...، ثم يعقب تلك النقول بما يفهمه منها ويتوصل إليه تفكيره، بأن الشيخين لم يكفرا من ذبح أو نذر أو استغاث بغير الله.. 
يقول سليمان بن عبد الوهاب: 
(قال تقي الدين: النـذر للقبور، ولأهل القبور، كالنذر لإبراهيم الخليل عليه السلام، أو الشيخ فلان نذر معصية لا يجوز الوفاء به وإن تصـدق بما نذر من ذلك على من يستحقه من الفقراء أو الصالحين كان خيراً له عند الله وأنفع. ا.هـ. 
فلوا كان الناذر كافراً عنده لم يأمره بالصدقة؛ لأن الصدقة لا تقبل من كافر، بل يأمره بتجديد إسلامه، ويقول له خرجت من الإسلام بالنذر لغير الله. قال الشيخ أيضاً: من نذر اسراج بئر أو مقبرة أو جبل أو شجرة أو نذر له أو لسكانه لم يجز، ولا يجوز الوفاء به، ويصرف في المصالح ما لم يعرف ربه. ا.هـ .
فلو كان الناذر كافراً لم يأمره برد نذره إليه، بل أمر بقتله، وقال الشيخ أيضاً: من نذر قنديل نقد للنبي صلى الله عليه وسلم صرف لجيران النبي صلى الله عليه وسلم. ا.هـ. 
فانظر كلامه هذا، وتأمله، هل كفّر فاعل هذا، أو كفّر من لم يكفره، أو عد هذا في المكفرات هو أو غيره من أهل العلم كما قلتم أنتم. 
كذلك ابن القيم ذكر النذر لغير الله في فصل الشرك الأصغر من (المدارج)، واستدل بالحديث الذي رواه أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم: (النذر حلفة)( )، وذكر غيره من جميع من تسمونه شركاً وتكفرون به في فصل الشرك الأصغر، وأما الذبح لغير الله، فقد ذكره في المحرمات ولم يذكره في المكفرات، إلا أن ذبح للأصنام، أو لما عبد من دون الله كالشمس والكواكب، وعدّه الشيخ تقي الدين في المحرمات الملعون صاحبها كمن غيّر منار الأرض، وقال الشيخ تقي الدين: كما يفعله الجاهلون بمكة شرفها الله تعالى وغيرها من بلاد المسلمين من الذبح للجن، ولذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذبائح للجن. ا.هـ. 
ولم يقل الشيخ من فعل هذا فهو كافر، ومن لم يكفره فهو كافر كما قلتم أنتم) ( ).
ثم جاء داود بن جرجيس، فحّرف في كلام الشيخين، وبدّل وغيّر؛ من أجل أن يجيز بعض أنواع الشرك بالله … وقد جمع تلك النقول المتعددة المختلفة وجعلها في كتاب سماه (صلح الإخوان من أهل الإيمان وبيان الدين القيم في تبرئة ابن تيمية وابن القيم). 
وسنورد بعض نقوله لكلام الشيخين محتجاً به على جواز دعاء الموتى، والاستغاثة بهم … فمن هذه النقول الكثيرة.. ما نقله داود: 
(النقل الثالث عشر: قال – أي ابن تيمية – رحمه الله في كتاب (الفرقان) ونجد كثيرا من هؤلاء عمدتهم في اعتقاد كونه ولياً لله أنه صدر منه مكاشفة، أو بعض التصرفات الخارقة للعادة، أو أن بعضهم استغاث به وهو غائب أو ميت فرآه قد جاء، فقضى حاجته، أو يخبر الناس بما سرق لهم، أو بحال غائب لهم أو مريض، وليس شيء من هذه الأمور يدل على أن صاحبها ولي الله، بل اتفق أولياء الله على أن الرجل لو طار في الهواء، ومشى على الماء لم يغتر به، حتى ينظر متابعته لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وموافقته لأمره ونهيه، وكرامات أولياء الله أعظم من هذه الأمور. ا.هـ نقله. 
ثم قال: فانظر إلى كلامه ولا سيما قوله: وإن بعضهم استغاث به وهو غائب أو ميت فرآه قد جاء فقضى حاجته، فإنه تسليم منه بأن هذا الأمر يقع على وجه الكرامة، ويستدل به على ولاية صاحبه، لكن بشرط أن يكون المستغاث به متابعاً لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وموافقاً له ولنهيه، قال العراقي: فحينئذٍ تبين أن النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه والتابعين ومن بعدهم من أولياء يجوز أن يعتقد فيهم الدلالة بسبب الاستغاثة بهم سواء كانوا غائبين أو ميتين، وأن هذا يقع على وجه الكرامة، وأن كرامات الأولياء يجب اعتقادها كما ذكره الشيخ في (التحفة العراقية)..، ومعلوم أن الكرامة لا تنشأ عن فعل محرم فلو كانت الاستغاثة محرمة لما عدّها الشيخ وغيره كرامة، بل حينئذٍ تكون استدراجاً) ( ). 
ويورد العراقي نقولا لابن القيم يحتج بها لضلاله، منها ما كتبه ابن القيم – رحمه الله – في كتابه (الكبائر)( )، حيث ذكر حكاية خلاصتها: أن أحد الرافضة رفض أن يبيع دقيقاً على رجل من أهل السنة، حتى يلعن الصدّيق والفاروق – رضي الله عنهما -، وراجعه الرافضي مرات، حتى قال السني: لعن الله من يلعنهما، فلطم الرافضي عينه حتى سالت على خده، فانطلق هذا السنّي مع صاحب له إلى الحجرة النبوية في المسجد النبوي، وقال: السلام عليك يا رسول الله، قد جئناك مظلومين فخذ بثأرنا. فما جاء صباح الغد إلا وعينه صحيحة. 
ثم قال العراقي: فانظر إلى نقل هذه الحكاية من مثل ابن القيم، ذكرها في مقام الافتخار، والزجر عن الرفض. يدل على أن الاستغاثة برسول الله صلى الله عليه وسلم مما لا بأس بها، وأنها غير مذكورة...) ( ). 
وقد ذكر الآلوسي في كتابه (فتح المنان) نقولاً أخرى لداود، منها ما ذكره ابن تيمية في (الكلم الطيب) وابن القيم في (الوابل الصيب) عن ابن عمر وابن عباس – رضي الله عنهم – أن الإنسان إذا خدرت رجله، فليناد: يا محمد. فإن الخدر يذهب عنه، ثم قال داود: (وهذا ذكره في مقام تعليم المسلم الأذكار، فلو كان نداء الغائب شركاً لكان الشيخان وغيرهما بل وأصحابه صلى الله عليه وسلم يعلمان الناس الشرك والعياذ بالله..) ( ). 
ويأتي عثمان بن منصور فيقتدي بداود بن جرجيس في تحريف الكلم عن مواضعه على حسب ما تمليه الأهواء والضلالات، يقول عثمان بن منصور: 
(قال ابن تيمية بعد كلام سبق من ذكر أنواع العبادة التي لله تعالى، ثم قال: ولكن لغلبة الجهل، وقلة العلم بآثار الرسالة في كثير من المتأخرين لم يمكن تكفيرهم حتى يتبين لهم ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم مما يخالف. فهذا صريح قوله. 
قال عثمان: وهم جعلوا مجرد تعريفهم حجة فكفروا به، فلابد أن يتبين للمعرف الحجة، ويتضح له الصواب في نفس الأمر..) ( ). 
وبعد إيراد هذه النقول التي اختارها هؤلاء القوم، وفهموا منها أن الذبح والنذر لغير الله وأن الاستغاثة بالأموات.. ليست من نواقض الإسلام، كما فهموا منها عدم تكفير المعين..، فإننا - بعد ذلك - نتبعها بالإيضاح والبيان، وإزالة اللبس والإشكال بشيء من الإيجاز، بناءً على ما سجله بعض أئمة الدعوة وأنصارها جواباً على هذه الشبهة. 
يورد الشيخ الإمام نصاً لابن تيمية، يتبين فيه أنه يقرر أن الذبح لغير الله شرك أكبر يخرج عن دين الإسلام، كما يتضح منه أنه يكفر المعين إذا ذبح لغير الله..فيقول رحمه الله: 
(قال أبو العباس رحمه الله تعالى في كتابه (اقتضاء الصراط المستقيم) في الكلام على قوله تعالى: {وما أهل لغير الله به}( ) ظاهره أنه ما ذبح لغير الله سواء لفظ به أو لم يلفظ، وتحريم هذا أظهر من تحريم ما ذبحه النصراني للحم، وقال فيه بسم الله ونحوه، كما أن ما ذبحناه نحن متقربين به إلى الله سبحانه وتعالى كان أزكى مما ذبحناه للحم وقلنا عليه بسم الله، فإن عبادة الله سبحانه بالصلاة له والنسك له، أعظم من الاستغاثة باسمه في فواتح الأمور، والعبادة لغير الله أعظم كفراً من الاستعانة بغير الله فلو ذبح لغير الله متقرباً به إليه لحرم، وإن قال فيه بسم الله كما قد يفعله طائفة من منافقي هذه الأمة، وإن كان هؤلاء مرتدين لا تباح ذبائحهم بحال، ولكن يجتمع في الذبيحة مانعان. ومن هذا ما يفعل بمكة وغيرها من الذبح للجن. أ.هـ كلام ابن تيمية. 
وهو الذي ينسب إليه بعض أعداء الدين أنه لا يكفر المعين، فانظر أرشدك الله إلى تكفيره من ذبح لغير الله من هذه الأمة، وتصريحه أن المنافقين يصير مرتداً بذلك، وهذا في المعين، إذ لا يتصور أن تحرم إلا ذبيحة المعين) ( ). 
ثم يقول الشيخ الإمام: (قال ابن تيمية: أنا من أعظم الناس نهياً عن أن ينسب معين إلى تكفير أو تفسيق أو معصية، إلا إذا علم أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية التي من خالفها كان كافراً تارة وفاسقاً أخرى. أ.هـ كلامه. 
وهذه صفة كلامه في المسألة في كل موضع وقفنا عليه من كلامه، لا يذكر عدم تكفير الميت إلا ويصله بما يزيل الإشكال، أن المراد بالتوقف عن تكفيره قبل أن تبلغه الحجة، وإذا بلغته حكم عليه بما تقتضيه تلك المسألة من تكفير أو تفسيق أو معصية. 
وصرح رضي الله عنه أيضا ً أن كلامه في غير المسائل الظاهرة، فقال في الرد على المتكلمين لما ذكر أن بعض أئمتهم توجد منه الردة عن الإسلام كثيرا، فقال: هذا إن كان في المقالات الخفية، فقد يقال أنه فيها مخطيء ضال لم تقم على الحجة، التي يكفر تاركها، لكن هذا يصدر عنهم في أمور يعلم الخاصة والعامة من المسلمين أن رسول صلى الله عليه وسلم بعث بها وكفر من خالفها، مثل أمره بعبادة الله وحده لا شريك له، ونهيه عن عبادة أحد سواه، فإن هذا أظهر شعائر الإسلام … ثم تجد كثيراً من رؤوسهم وقعوا فيها فكانوا مرتدين، وأبلغ من ذلك منهم من صنف في دين المشركين كما فعل أبو عبد الله الرازي.. – يعنى الفخر الرازي – قال ردة صريحة باتفاق المسلمين. أ.هـ كلامه. 
فتأمل هذا، وتأمل ما فيه من تفصيل الشبهة التي يذكرها أعداء الله، لكن من يرد الله فتنته، فلن تملك له من الله شيئا) ( ). 
ويورد الشيخ الإمام نصاً لابن القيم – رحمه الله – يؤكد عليه أن النذر للموتى، ودعاءهم شرك أكبر مخرج عن دين الإسلام. وليس كما ظنه الخصوم من أمثال سليمان بن عبد الوهاب وغيره أنه من الشرك الأصغر، وشبهتهم في ذلك أن ابن القيم رحمه الله ذكر في (شرح منازل السائرين) الشرك الأكبر، ثم ذكر الشرك الأصغر، وقال بعدها: (ومن أنواع هذا الشرك سجود المريد للشيخ، ومن أنواعه التوبة للشيخ فإنها شرك عظيم ومن أنواعه النذر لغير الله … وطلب الحوائج من الموتى والاستغاثة بهم …) ( ) فنسب هؤلاء الخصوم إلى الشيخ ابن القيم أن ما سبق هو من الشرك الأصغر؛ لأن ابن القيم بعد ما ذكر الشرك الأكبر ثم الأصغر، قال ومن أنواع الشرك، فظنه هؤلاء الجهلة أنه يقصد الشرك الأصغر، ولكن كما قال الشيخ الإمام: 
(وأنت رحمك الله تجد الكلام من أوله إلى آخره في الفصل الأول، والثاني صريحاً لا يحتمل التأويل..) ( ) 
وحتى تكتمل صورة هذا الرد، فإننا نسوق كلام ابن القيم – كما نقله الشيخ الإمام مختصراً. 
(ومن أنواع هذا الشرك سجود المريد للشيخ، ومن أنواعه التوبة للشيخ فإنها شرك عظيم، ومن أنواعه النذر لغير الله، والتوكل على غير الله، والعمل لغير الله والإنابة، والخضوع، والذل لغير الله، وابتغاء الرزق من عند غيره … ومن أنواعه طلب الحوائج من الموتى والاستغاثة بهم، والتوجه إليهم. وهذا أصل شرك العالم. فإن الميت فد انقطع عمله، وهو لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً فضلاً لمن استغاث به. بل الميت محتاج إلى من يدعو له كما أوصانا النبي صلى الله عليه وسلم إذا زرنا قبور المسلمين أن نترحم عليهم ونسأل الله لهم العافية والمغفرة. فعكس المشركون هذا، وزاروهم زيارة العبادة وجعلوا قبورهم أوثانا تعبد، فجمعوا بين الشرك بالمعبود، وتغيير دينه ومعاداة أهل التوحيد ونسبتهم إلى تنقص الأموات، وهم تنقصوا الخالق بالشرك، وأوليائه المؤمنين بذمهم ومعاداتهم. وتنقصوا من أشركوا به غاية التنقص إذ ظنوا أنهم راضون منهم بهذا … 
وما نجا من شرك هذا الشرك الأكبر إلا من جرد التوحيد لله وعادى المشركين في الله وتقرب بمقتهم إلى الله..) ( ) 
ويورد الشيخ الإمام نصاً آخر لابن القيم مستدلاً به على تكفير المعيّن: 
(وقال ابن القيم في (إغاثة اللهــفان) في إنكار تعظيم القبور: (وقد آل الأمر بهؤلاء المشركين إلى أن صنف بعض غلاتهم في ذلك كتاباً سماه (مناسك المشاهد) ولا يخفى أن هذا مفارقة لدين الإسلام ودخول في دين عباد الأصنام) أ.هـ وهذا الذي ذكره ابن القيم رجل من المصنفين يقال له: ابن المفيد: فقد رأيت ما قال فيه بعينه، فكيف ينكر تكفير المعين) ( ). 
ويرد الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين على تلبيس وخلط داود العراقي، فيقول رحمه الله: 
(وقد أورد بعضهم أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ذكر كلاماً وحكايات تدل على أن دعاء الأموات ليس بشرك، كما ذكر أنه روى أن رجلاً جاء إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فشكى إليه الجدب عام الرمادة. فرآه وهو يأمره أن يأتي إلى عمر بن الخطاب فيأمره أن يستسقي بالناس، وغير ذلك من الحكايات). 
قال أبو بطين: (هذا تلبيس من الناقل، وكذب على الشيخ رحمه الله؛ لأنه إنما قال ذلك في سياق الكلام في بعض البدع، كتحري دعاء الله عند قبر النبي أو غيره) ( ). 
ويكشف محمد بن ناصر التهامي تلاعب ابن جرجيس بنصوص الشيخين: ابن تيمية وابن القيم، فيقول رحمه الله: 
(ذكر صاحب الرسالة – أي داود – أن الشيخ تقي الدين وتلميذه ابن القيم رحمهما الله لا يطلقون الكفر، والشرك على من اعتقد في القبور، واستغاث بالأموات، وأنهم قائلون بأن ذلك من باب كفر دون كفر، وقد أورد من كلامهما ما بتره من الأبحاث بنقل بعض ما في مؤلفاتهما مما هو فيه له مستند، ولا يستكمل البحث …)( ). 
ثم أورد التهامي نقولا للشيخين من كتبهم، منها ما ذكره ابن القيم في (شرح منازل السائرين) في نوعي الشرك: الأكبر والأصغر، ثم ذكر – بعده – قول ابن تيمية في رسالته السنية: (إن كل من غلا في نبي، أو رجل صالح، وجعل فيه نوعاً من الإلهية، مثل أن يقول: يا سيدي فلان أغثني، أو انصرني، أو ارزقني، أو اجبرني، أو أنا في حسبك ونحو هذه الأقوال. فكل هذا شرك وضلال يستتاب صاحبه فإن تاب وإلا قتل. فإن الله تعالى إنما أرسل الرسل وأنزل الكتب ليعبد وحده ولا يجعل معه إلهاً آخر..) ( ). 
ثم قال التهامي - بعد إيراد تلك النصوص - : 
(فهذه نصوص ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله قاضية بكفر من اعتقد النفع والضر في مخلوق ونذر له، أو دعا له، أو استغاث به، وهو صريح في ذلك كفر أكبر يحل الدم والمال، إذا عرفت هذا فقد انتفض على صاحب الرسالة ما طول به، وبذل فيه مجهوده أن أفعال هؤلاء من الشرك الأصغر، زاعماً أن ذلك صريح قول ابن القيم وشيخه ابن تيمية الذين قصد الذب عنهم بما هم فيه مصرحون بأنه شرك أكبر، والأدلة القرآنية قاضية بما صرحا به، ولو أراد إنسان أن يجمع ما ورد في هذا المعنى من الكتاب والسنة لكان مجلداً ضخماً …) ( ). 
ويزيل الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن اللبس الذي افتعله داود، وادعى من خلال سياقه لنصوص الشيخين أنها تدل على ما يهواه من الغلو في الأولياء وصـرف بعـض أنواع العبادات – التي يجب أن تكون لله وحده – للموتى. 
فيقول الشيخ عبد اللطيف جواباً على ما نقل داود عن ابن تيمية من كتاب (الفرقان)( ): 
(والجواب أن يقال: سياق الكلام ومقتضى التقرير في كلام الشيخ الذي نقله العراقي نفي الولاية بهذه المذكورات، ونفي الاستدلال عليها بالمكاشفة، وخوارق العادة، ورؤية المستغاث به من الغائبين والأموات، والإخبار بما سرق وبحال الغائب والمريض، وقرر أن هذا أو نحوه لا يدل على الولاية أصلاً، وأن أولياء الله متفقون على أن الرجل لو طار في الهواء ومشى على الماء لم يغتر به حتى يتقيد بمتابعة الرسول وموافقته لأمره ونهيه. وهذا تصريح من الشيخ بنفي الاستدلال بهذا على الولاية وإبطاله، وليس فيه تسليم مجيء المستغاث به الميت أو الغائب إلى المستغيث، وأنه يقضي حاجته وأنه يستدل به على الولاية كما زعم العراقي … 
والعراقي صرف العبارة عن مدلولها وصدف عنها، ونسب إلى الشيخ ما لا يحتمله كلامه بوجه من الوجوه فبعداً لقوم لا يؤمنون. قال رحمه الله: والطلب من النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته، وفي مغيبه ليس مشروعاً قط، ولكن كثير من الناس يدعون الموتى، والغائبين من الشيوخ وغيرهم فتمثل لهم الشياطين تقضي بعض مآربهم لتضلهم عن سبيل الله، كما تفعل الشيطان بعبّاد الأصنام، وعبّاد الشمس والقمر وتخاطبهم وتتراءى لهم، وهذا كثير يوجد في زماننا وغير زماننا) ( ). 
ومما قاله الشيخ عبد اللطيف: (واعتقاد الولاية لا يسوغ ولا يجوز بسبب الاستغاثة ودعاء غير الله، وصريح كلام الشيخ، وصريح الكتاب والسنة وإجماع الأمة على أن الولاية لا تثبت بسبب من هذه الأسباب التي أنكرها الشيخ، وألزمه إياها العراقي جهلاً وظلماً، وإنما تثبت بالإيمان بالله واليوم الآخر والكتب والنبيين والقيام بالواجبات الدينية..، ولو كانت الاستغاثة بغير الله سبباً للولاية، ودليلاً عليها، للزم القول بولاية كل معبود مع الله من الفاسقين والكهّان والشياطين بل والأصنام؛ لأن عبادها قد تقضي حوائجهم، ويخاطبون منها كما ذكره الشيخ وغيره …) ( ). 
ويجيب الشيخ عبد اللطيف على ما نقله داود عن ابن القيم حين ذكر حكاية ( ).. فهم منها داود بغير فكر ولا رؤية، أنها تدل على جواز الاستغاثة بالرسول.. فكان من جواب الشيخ عبد اللطيف: 
(والجواب أن يقال ليس في الحكاية جواز الاستغاثة بالرسول صلى الله عليه وسلم، وفاعل ذلك لا يحتج بفعله بإجماع المسلمين، وإنما سيقت العبارة لتقرير نصر الله لأوليائه، وإثابة من نصرهم، ووالاهم، لا لأجل الاستغاثة، وأنها تجوز بغير الله، وأن ذلك صواب. والاستدلال بالحكاية خروج عن موضوعها، وموضوع الكتاب الذي سيقت فيه، وابن القيم نص في غير موضع أن دعاء الموتى هو أصل شرك العالم وأنه من الشرك الأكبر.. إلى آخر ما قاله – رحمه الله -) ( ). 
وأما جواب الشيخ محمود شكري الآلوسي علامة العراق على ما نقله داود عن الشيخين ابن تيمية وابن القيم، ثم زعم ابن جرجيس أنهما يجوزان (الاستغاثة بالأموات) وسماها داود – تلبيساً وتمويهاً – نداء الغائبين. 
(والجواب أن يقال: هذا أيضاً ليس مما نحن فيه، فإنه ليس نداء بما لا يقدر عليه إلا الله غاية ما فيه ذكر المحبوب لا طلب شيء منه، ولا استغاثته، وإلا لزم أن كل من ذكر محبوبه فقد استغاث به، وبطلانه ظاهر، ولفظ الشفاء: أن ابن عمر خدرت رجله، فقيل له: اذكر أحب الناس إليك فصاح يا محمداه فانتشرت رجله( ). وهذا يقتضي صحة ما جربه الناس فإن من أصابه الخدر منهم إذا ذكر محبوبه زال بسهولة، لأنه بمسرته تنتعش الحرارة الغريزية، فيندفع الخدر) ( ). 
(و أقول إن هذا كان من مذاهب العرب في الجاهلية، فكان الرجل منهم إذا خدرت رجله، ذكر من يحب أو دعاه فيذهب خدرها – ثم ذكر الآلوسي بعض أشعار العرب التي تدل على ما قاله -) ( ) 
ثم قال الآلوسي: (أفيقال: أن هؤلاء الشعراء لما خدرت أرجلهم استغاثوا بمن يحبونه من امرأة أو غلام. لا أرى من يقول بذلك إلا من خدر عقله، وتركب جهله) ( ). 
وأما ما أورده ابن منصور من نقل عن ابن تيمية، فقد أظهر الشيخ عبد اللطيف رحمه الله، تحريف ابن منصور لهذا النص، وكثافة جهله فقال: 
(والجواب أن يقال: قد تصرفت في كلام الشيخ، وأسقطت أوله الذي يستبين به مقصوده، وقد تقدم أن هذه حرفة يهودية صار هذا المعترض على نصيب وافر منها.. 
وقبل هذا النقل قرر شيخ الإسلام في هذه الرسالة التي يشير إليها المعترض أن دعا الصالحين مع الله، وطلب ما لا يقدر عليه إلا الله كمغفرة الذنوب، وهداية القلوب وطلب الرزق من غير جهة معينة … ونحو ذلك مما يصدر ممن يعبد الأموات ويدعو الصالحين، ويستغيث بهم كفر صريح، وشرك ظاهر يستتاب فاعله فإن تاب وإلا قتل. 
وبعد تقرير هذا قال: ولكن لغلبة الجهل … - إلى آخر العبارة التي أوردها المعترض. 
ومراد ابن تيمية بهذا الاستدراك أن الحجة إنما تقوم على المكلفين، ويترتب حكمها بعد بلوغ ما جاءت به الرسل من الهدى ودين الحق … فمن بلغته دعوة الرسل إلى توحيد الله ووجوب الإسلام له، وفقه أن الرسل جاءت بهذا لم يكن له عذر في مخالفتهم، وترك عبادة الله. وهذا هو الذي يجزم بتكفيره إذا عبد غير الله، وجعل معه الأنداد والآلهة. والشيخ وغيره من المسلمين لا يتوقفون في هذا، وشيخنا رحمه الله قد قدر هذا وبينه وفاقاً لعلماء الأمة واقتداء بهم. ولم يكفر إلا بعد قيام الحجة وظهور الدليل، حتى أنه رحمه الله توقف في تكفير الجاهل من عبّاد القبور إذا لم يتيسر له من ينبهه. 
ثم يقول الشيخ عبد اللطيف: 
(وإذا تبين له ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وأصر وعاند فهو غير مستجيب، والحجة قائمة عليه، سواء كان إصراره لشبهة مثل النصارى، أو كان ذلك عن عناد واستكبار مثل فرعون وقومه، فالصنفان يحكم بكفرهم إذا قامت الحجة التي يجب اتباعها، و لا يلزم أن يعرف الحق في نفس الأمر كما عرفته اليهود وأمثالهم، بل يكفي في التكفير رد الحجة وعدم قبول ما جاءت به الرسل …)( ). 
وبإيجاز فإن من قرأ ما كتبه الشيخان ابن تيمية وابن القيم – رحمهما الله – في مسألة نواقض الإسلام، فسيجدهما يتفقان مع ما كتبه الشيخ الإمام في تلك المسألة، وأما دعوى المخالفة فلا تكون إلا ممن قصر فهمه، وساء قصده كحال أولئك الخصوم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 68936
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

تاريخ الوهابية ومؤسسها محمد بن عبد الوهاب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ الوهابية ومؤسسها محمد بن عبد الوهاب   تاريخ الوهابية ومؤسسها محمد بن عبد الوهاب Emptyالسبت 05 أبريل 2014, 7:17 am

المبحث الخامس :
شبهة عدم طروء الشرك على هذه الأمة
عرض ثم رد
أراد المناوئون بشبهة عدم طروء الشرك على هذه الأمة، أن ينفوا وقوع الشرك في هذه الأمة المحمدية، وأن ينفوا طروء الشرك على المسلمين، لأنها أمة معصومة من ذلك، ونورد أقوالهم في ذلك – من كتبهم أو ممن نقل عنهم – ثم نتبعها بالرد والبيان. 
فنجد – أولاً – ابن عفالق يشنع على الشيخ الإمام في ذلك فيقول: 
(وتنقيصه للأمة المعصومة من الضلالة المحفوظة من الغواية، فيكتم محاسنهم الجميلة ويرميهم بالشرك الأعظم، ويجعل عبادتهم كلها لله عنده هباءً منثوراً..) ( ). 
ويقول ابن عفالق أيضاً: 
(وقد ثبت بالأدلة والبراهين القاطعة عصمة الأمة، ومن نفي العصمة عنهم إلى الكفر أقرب) ( ). 
ويورد سليمان بن عبد الوهاب الأدلة على عصمة هذه الأمة، فيقول: 
(ومما يدل على بطلان قولكم في تكفير من كفرتموه ما روى البخاري في صحيحه عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين، وإنما قاسم والله يعطي، ولا يزال أمر هذه الأمة مستقيماً حتى تقوم الساعة، أو يأتي أمر الله تعالى..). 
وجه الدليل منه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن أمر هذه الأمة لا يزال مستقيماً إلى آخر الدهر، ومعلوم أن هذه الأمور.. التي تكفرون بها، مازالت قديماً ظاهرة ملأت البلاد فلو كانت هي الأصنام الكبرى، ومن فعل شيئاً من تلك الأفاعيل عابد للأوثان، لم يكن أمر هذه الأمة مستقيماً، بل منعكساً..) ( ). 
(ومما يدل على بطلان مذهبكم ما في (الصحيحين) عن عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد المنبر فقال: (إني لست أخشى عليكم أن تشركوا بعدي ولكن أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوا فيها.. الحديث)، وجه الدلالة منه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بجميع ما يقع على أمته.. ومما أخبر به في هذا الحديث الصحيح أنه أمن أن أمته تعبد الأوثان، ولم يخافه، وأخبرهم بذلك..) ( ). 
ويتابع سليمان أدلته فيقول: 
(ومما يدل على بطلان مذهبكم ما روى مسلم في (صحيحه) عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم) وروى الحاكم وصححه أبو يعلى والبيهقي عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الشيطان قد يئس أن تعبد الأصنام بأرض العرب، ولكن رضي منهم بما دون ذلك بالمحقرات وهي الموبقات). 
أقول وجه الدلالة: 
أن الرسول أخبر أن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، وفي حديث ابن مسعود أيس الشيطان أن تعبد الأصنام بأرض العرب، وهذا بخلاف مذهبكم فإن البصرة وما حولها والعراق من دون الدجلة الموضع الذي فيه قبر علي وقبر الحسين رضي الله عنهما، وكذلك اليمن كلها والحجاز كل ذلك من أرض العرب، ومذهبكم أن هذه المواضع كلها عبد الشيطان فيها، وعبدت الأصنام، وكلهم كفار … وهذه الأحاديث ترد مذهبكم) ( ). 
يقول القباني: 
(نقول أن الأمة قد اجتمعت على تكفير من ضلل هذه الأمة، وممن نقل الإجماع علماء الحنابلة..) ( ). 
ويقول عبد الرؤوف بن محمد بعد أن ذكر حديث افتراق الأمة: 
(وليس الافتراق مخرجاً عن ملته – أي الملة المحمدية -.. وما حكي خلف عن سلف أن أحدا من الصحابة والتابعين منع أحدا من فرق الإسلام من إتيان المسجد الحرام، ولو كانوا قائلين بكفرهم لمنعوهم من الحج..) ( ) 
وقد أشار الشيخ عبد الرحمن بن حسن إلى بعض الخصوم الآخرين ممن أورد هذه الشبهة، واعترض بها على الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب، يقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله: 
(وممن أورد هذه الشبهة عليه عبد الله المويس راعي حرمة، وابن إسماعيل في الوشم وسليمان بن عبد الوهاب في العارض وزعموا أن الأمة لا يقع فيها شرك..) ( ). 
وأورد هذه الشبهة رجل من الإحساء – زمن الشيخ عبد الرحمن بن حسن – قائلا: (يا أيها الرجل الجاهل المعجب بنفسه لقد غويت وجهلت باعتقادك في هذه الأمة المحمدية التي قال الله فيها (كنتم خير أمة أخرجت للناس) ( ) وقال تعالى (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً) ( ) أي عدلاً خيارا ً) ( ). 
كما زعم داود بن جرجيس استحالة وقوع الشرك في الأمة المحمدية( ) وردد عثمان بن منصور تلك الدعوى، فهو يرى أن هذه الأمة ليس فيها من يعمل الكفر، وأنها أمة صالحة - كلها – من أولها إلى آخرها، ليس فيها شرك( ). 
وإذا انتقلنا إلى مقام الرد والبيان، فإننا نلاحظ أن الشيح الإمام قد تصدى لتلك الشبهة، فأزال اللبس، وأبان وجه الحق في ذلك، وحشد الأدلة والبراهين التي تثبت وتدل على وقوع الشرك في هذه الأمة، فبوب في كتابه النفيس (كتاب التوحيد)، هذا الباب: (باب ما جاء أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان). 
يقول الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب – في مقدمة شرح هذا الباب -: 
(أراد المصنف بهذه الترجمة، الرد على عباد القبور، الذين يفعلون الشرك ويقولون: أنه لا يقع في هذه الأمة المحمدية وهم يقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله، فبين في هذا الباب من كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، ما يدل على تنوع الشرك في هذه الأمة، ورجوع كثير منها إلى عبادة الأوثان، وإن كانت طائفة منها لا تزال على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى) ( ). 
وليس المقام – هاهنا – مقام تفصيل وإسهاب، حتى نذكر ما سطره الشيخ الإمام في هذا الباب، من الأدلة والحجج في إبطال تلك الشبهة، لذا فإننا نقتصر على دليل واحد مما ذكره الشيخ الإمام في شرحه لحفيده الشيخ سليمان بن عبد الله رحمهم الله، يقول الشيخ الإمام: 
(قوله صلى الله عليه وسلم - فيما زاده البرقاني في صحيحه – وإنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين، وإذا وقع عليهم السيف لم يرفع إلى يوم القيامة، ولا تقوم الساعة حتى يلحق حي من أمتى بالمشركين، وحتى تعبد فئام من أمتي الأوثان..) ( ) الحديث)( ). 
يقول الشيخ سليمان – شارحاً له -: (وفي رواية لأبي داود: (وحتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان) ومعناه ظاهر، وهذا هو شاهد الترجمة، ففيه الرد على من قال بخلافه من عبّاد القبور الذين ينكرون وقوع الشرك، وعبادة الأوثان في هذه الأمة، وفي معنى هذا ما في (الصحيحين) عن أبي هريرة مرفوعاً: (لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس على ذي الخلصة...) إلى آخر ما قاله رحمه الله)( ). 
ويرد الشيخ عبد الرحمن بن حسن – رحمه الله – على استدلال صاحب الإحساء بالآيتين السابقتين … فيقول: 
(قلت: فترك من الآيتين ما هو دليل عليه، وذلك أن الله وصف خير أمة أخرجت للناس بثلاث صفات وهي لأهل الإيمان خاصة، وليس لأهل الكفر والشرك، والنفاق والبدع والفسوق فيها نصيب فقال: (تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله، فليس المشركون والمنافقون من خير أمة .. بل هم شرار الأمة)..)( ).
ويقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله: 
(وكل أهل الملل من اليهود والنصارى والمجوس والصابئة من أمته الذين أرسل إليهم، وكلهم من أمة محمد، وهم أمة الدعوة … ومن لم يؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم ولم يتبعه من هذه الملل الخمسة فهو في النار، كما قال تعالى: (إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية)( ) فأخبر تعالى أنهم في النار مع كونهم من هذه الأمة. 
وأما استدلاله بقوله تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً) .. فالخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهم المعنيون بهذه الآية، ومن كان مثلهم من أهل الإيمان لحق بهم، وأما الكفار والمشركون والمنافقون فهم أعداء الأمة الوسط في كل زمان ومكان، ولا يمكن لأحد أن يزعم أنهم من الأمة الوسط إلا مثل هذا الجاهل الذي يقول ليس في الأمة كافر ولا مشرك …)( ). 
ويبين الشيخ عبد الرحمن بن حسن جانباً من البدع والشرك والضلال الذي وقع في هذه الأمة … مثل المرتدين في عهد الصديق، والخوارج زمن علي بن أبي طالب والقدرية، والجهمية الجبرية، ودولة القرامطة، الذين وصفهم شيخ الإسلام بأنهم أشد الناس كفراً والبويهيين، والعبيديين وغيرهم ( ). 
وأما استدلال الشيخ سليمان بن عبد الوهاب بحديث (إن الشيطان يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب) على عدم وقوع الشرك في جزيرة العرب فقد أجاب على ذلك الاستدلال الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبو بطين فكان مما قاله رحمه الله: 
(قال ابن رجب على الحديث: أنه يئس أن يجتمعوا كلهم على الكفر الأكبر، وأشار ابن كثير إلى هذا المعنى عند تفسير قوله تعالى: (اليوم يئس الذين كفروا من دينكم) ( ) قال ابن عباس رضي الله عنه: يعني يئسوا أن تراجعوا دينكم. 
وأيضاً ففي الحديث نسبة اليأس إلى الشيطان مبيناً للفاعل لم يقل أيس بالبناء للمفعول، ولو قدر أنه يئس من عبادته في أرض العرب إياساً مستمراً فإنما ذلك ظن منه وتخمين، لا عن علم؛ لأنه لا يعلم الغيب، وهذا غيب لا يعلمه إلا الله..، كما أن أكثر العرب ارتدوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فكثير منهم رجعوا إلى الكفر وعبادة الأوثان، وكثير صدقوا مسيلمة في دعواه الكاذبة للنبوة، ومن أطاع الشيطان في نوع من أنواع الكفر فقد عبده، لا تختص عبادة الشيطان بنوع من الشرك، كما أن المصطفى صلى الله عليه وسلم أخبر أن هذه الأمة تفعل كما فعلت الأمم قبلها: اليهود والنصارى وفارس والروم..) ( ). 
وكان من جواب علامة العراق محمود شكري الآلوسي على الاستدلال بهذا الحديث أنه قال: 
(.. الحديث لا يدل على عدم وقوع الكفر في جزيرة العرب وانتفاء الإلحاد فيها، فإن الدلالة على ذلك مما لا يحتاج في إبطالها إلى دليل .. فقد ارتد عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بعض قبائل العرب الساكنين في صميم الجزيرة العربية، حتى قاتلهم الصديق رضي الله عنه، بعد أن حكم هو والصحابة بكفرهم. ولا يبعد أن يقال مراد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (إن الشيطان..) أن الشيطان لا يطمع أن يعبده المؤمنون في جزيرة العرب، وهم المصدقون بما جاء به الرسول من عند ربه المذعنون له، المتمثلون لأوامره، ولا شك أن من كان على هذه الصفة فهو على بصيرة ونور من ربه، فلا يطمع الشيطان أن يعبده … 
فوجود مثل هذا في جزيرة العرب لا ينافي الحديث الصحيح، كما لا يخفى على من له قلب سليم وعقل رجيح، وإطلاق لفظ المصلين على المؤمنين كثير في كلام العارفين. 
ويحتمل أن يراد بالمصلين أناس معلومون بناء على أن تكون (أل) للعهد وأن يراد بهم الكاملون فيها … وهم خير المقرون، يؤيد ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم - في آخر الحديث -: (ولكن في الترحيش بينهم).. يقول الطيـبي: لعل المصطفى صلى الله عليه وسلم أخبر بما يكون بعده من التحريش الواقع بين صحبه رضوان الله عليهم أجمعين. أي أيس أن يعبد فيها، ولكن يطمع في التحريش. 
- إلى أن قال الآلوسي – وأنت تعلم أن الدليل متى طرقه الاحتمال بطل به الاستدلال) ( ). 
وكما أن المصطفى صلى الله عليه وسلم قد أخبر بوقوع الشرك وحدوثه في هذه الأمة، ووقع وحصل هذا الإخبار بما هو مشاهد عياناً، فإنه – أيضاً – أخبر بأن الله تكفل لهذه الأمة بحفظها دينها، فقال صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله) ( ).
وأما دعوى ابن منصور في منع وقوع الشرك في هذه الأمة، فقد أبان الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن تلبيس ابن منصور في ذلك، فكان مما قاله: 
(وبالجملة فهذا المعترض مموه بلفظ الأمة ملبس. قال تعالى في ذم هذا الصنف من الناس (ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون) ( ) وهذا من أعظم اللبس والخلط والتمويه، والأمة تطلق ويراد بها عموم أهل الدعوة ويدخل فيها من لم يستجب لله ورسوله. وتطلق أيضاً ويراد بها أهل الاستجابة المنقادين لما جاءت به الرسل، ومن لم يفصل ويضع النصوص مواضعها فهو من الجاهلين الملبسين) ( ). 
ويكشف الشيخ عبد اللطيف عن أصل هذه الشبهة عند ابن منصور، وسبب حدوثها فيقول: (واعلم أن هذا المعترض لم يتصور حقيقة الإسلام والتوحيد، بل ظن أنه مجرد قول بلا معرفة ولا اعتقاد، وإلا فالتصريح بالشهادتين والإتيان بهما ظاهر هو نفس التصريح بالعداوة، ولأجل عدم تصوره أنكر هذا، ورد إلحاق المشركين في هذه الأزمان بالمشركين الأولين، ومنع إعطاء النظير حكم نظيره، وإجراء الحكم مع علته، واعتقد أن من عبد الصالحين، ودعاهم، وتوكل عليهم وقرب لهم القرابين مسلم من هذه الأمة، لأنه يشهد أن لا إله إلا الله) ( ) ويظهر جهل ابن منصور حين لم يفرق بين أمة الإجابة، وأمة الدعوة، وقد رد الشيخ عبد اللطيف ذلك الاشتباه، فقال: 
(ليس كل من وصف بأنه من الأمة يكون من أهل الإجابة والقبلة، وفي الحديث (ما من أحد من هذه الأمة يهودي أو نصراني يسمع بي ثم لا يؤمن بي إلا كان من أهل النار) رواه ابن ماجة( ). وقال تعالى: (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً. يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوي بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا) ( ) فدلت هذه الآية على أن هؤلاء الكافرين من الأمة التي يشهد عليهم صلى الله عليه وسلم … والأمة في مقام المدح والوعد يراد بها أهل القبلة وأهل الإجابة، وتطلق في مقام التفرق والذم بها غيرهم. فلكل مقامٍ مقال) ( ). 
وأما المنع من تكفير هذه الفرق.. فليس لأنهم من الأمة، ولكن – كما يقول الشيخ عبد اللطيف رحمه الله -: (بل لأن التفرق قد يبقى معه أصل الإيمان والتوحيد المانع من الكفر المخرج من الملة. ولذلك وقع النزاع في كثير من هذه الطوائف، فمن كفّر بعضهم فهو يحتج بالنصوص المكفرة لهم من الكتاب والسنة، ومن لم يكفر فحجته أن أصل الإسلام الثابت لا يحكم بزواله إلا لحصول مناف لحقيقته..) ( ). 
ونختم هذا المبحث بما ذكره العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي توضيحاً لمقصد الشيخ الإمام من إيراد باب (ما جاء أن بعض هذه الأمة تعبد الأوثان) ضمن (كتاب التوحيد). 
يقول السعدي رحمه الله: 
(مقصود هذه الترجمة الحذر من الشرك والخوف منه، وأنه أمر واقع في هذه الأمة لا محالة، و الرد على من زعم أن من قال: لا إله إلا الله وتسمى بالإسلام أنه يبقى على إسلامه ولو فعل ما ينافيه من الاستغاثة بالقبور ودعائهم. 
فإن الوثن اسم جامع لكل ما عبد من دون الله، لا فرق بين الأشجار والأحجار والأبنية، ولا بين الأنبياء والصالحين والطالحين في هذا الموضع، وهو العبادة فإنها حق الله وحده فمن دعا غير الله، أو عبده، فقد اتخذه وثناً وخرج بذلك عن الدين، ولم ينفعه انتسابه إلى الإسلام، فكم انتسب إلى الإسلام من مشرك وملحد، وكافر، ومنافق.
والعبرة بروح الدين وحقيقته لا بمجرد الأسامي والألفاظ التي لا حقيقة لها) ( ).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 68936
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

تاريخ الوهابية ومؤسسها محمد بن عبد الوهاب Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ الوهابية ومؤسسها محمد بن عبد الوهاب   تاريخ الوهابية ومؤسسها محمد بن عبد الوهاب Emptyالسبت 05 أبريل 2014, 7:18 am

المبحث السابع 
شبهة خروج الشيخ على دولة الخلافة
ادعى بعض خصوم الدعوة السلفية أن الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب قد خرج على دولة الخلافة العثمانية، ففارق بذلك الجماعة، وشق عصا السمع والطاعة. 
فيصف ابن عفالق التوحيد الذي عليه أتباع الدعوة السلفية، فيقول: (وأما توحيدكم الذي مضمونه الخروج على المسلمين … فهذا إلحاد لا توحيد)( ) وينعتهم عمر المحجوب مخاطباً لهم: (ووقعتم في شق العصا)( ) ونلاحظ أن ابن عابدين في حاشيته - كما سبق ذكره - قد وصف أتباع هذه الدعوة بأنهم خوارج، وذلك ضمن باب البغاة، وهم الخارجون عن طاعة الإمام بلا حق( ). 
ويدعي دحلان أن أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب (فارقوا الجماعة والسواد الأعظم) ( )، كما يدعي الزهاوي أنهم عرفوا (بالمروق عن طاعة أمير المؤمنين)( )، وإن كثيراً من الخصوم قد وصفوا الشيخ الإمام وأتباعه بأنهم خوارج؛ لأن من صفات الخوارج الخروج على إمام المسلمين، وشق عصا الطاعة بمجرد وقوعه في المعاصي التي دون الكفر الأكبر … 
ونوضح ذلك بما ادعاه العاملي حيث يقول: 
(الخوارج استحلوا قتال ملوك المسلمين والخروج عليهم.. وكذلك الوهابيون) ( ). 
ويذكر صاحب كتاب (خلاصة تاريخ العرب)، مبحثاً لعنوان: 
(المبحث السادس: في خروج الوهابية عن الطاعة) ( ).
ويدعي عبد القيوم زلوم أن الوهابيين بظهور دعوتهم قد كانوا سبباً في سقوط دولة الخلافة. 
يقول: 
(وكان قد وجد الوهابيون كيان داخل الدولة الإسلامية بزعامة محمد بن سعود ثم ابنه عبد العزيز، فأمدتهم انجلترا بالسلاح والمال، واندفعوا على أساس مذهبي للاستيلاء على البلاد الإسلامية الخاضعة لسلطان الخلافة أي رفعوا السيف في وجه الخليفة، وقاتلوا الجيش الإسلامي جيش أمير المؤمنين بتحريض من الإنجليز وإمداد منهم) ( ). 
وقبل أن نورد الجواب على شبهة خروج الشيخ محمد بن عبد الوهاب على دولة الخلافة، فإنه من المناسب أن نذكر ما كان عليه الشيخ الإمام من اعتقاد وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين برّهم وفاجرهم، ما لم يأمروا بمعصية الله، لأن الطاعة إنما تكون في المعروف. 
يقول الشيخ الإمام في رسالته لأهل القصيم: 
(وأرى وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين برّهم وفاجرهم ما لم يأمروا بمعصية الله، ومن ولي الخلافة واجتمع عليه الناس ورضوا به، وغلبهم بسيفه حتى صار خليفة وجبت طاعته، وحرم الخروج عليه) ( ). 
ويقول أيضاً: 
(الأصل الثالث: أن من تمام الاجتماع السمع والطاعة لمن تأمّر علينا، ولو كان عبداً حبشياً فبين له هذا بياناً شائعاً كافياً بوجوه من أنواع البيان شرعاً وقدراً. ثم صار هذا الأصل لا يعرف عند كثير من يدعي العلم، فكيف العمل به)( ). 
وصرح الشيخ محمد بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن رحمه الله باعتقادهم في هذه المسألة فقال: 
(ونرى وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين برّهم وفاجرهم ما لم يأمروا بمعصية) ( ). 
وبعد هذا التقرير الموجز الذي أبان ما كان عليه الشيخ من وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين برّهم وفاجرهم ما لم يأمروا بمعصية الله. 
فإننا نشير إلى مسألة مهمة جواباً عن تلك الشبهة، فهناك سؤال مهم هو: هل كانت نجد موطن هذه الدعوة ومحل نشأتها تحت سيطرة دولة الخلافة العثمانية ؟ يجيب الدكتور صالح العبود على هذا السؤال فيقول: 
(لم تشهد نجد على العموم نفوذاً للدولة العثمانية، فما امتد إليها سلطانها، ولا أتى إليها ولاة عثمانيون، ولا جابت خلال ديارها حامية تركية في الزمان، الذي سبق ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، ومما يدل على هذه الحقيقة التاريخية استقراء تقسيمات الدولة العثمانية الإدارية، فمن خلال رسالة تركية عنوانها (قوانين آل عثمان مضامين دفتر الديوان) يعني قوانين آل عثمان في ما يتضمنه دفتر (الديوان) ألفها – يمين علي أفندي – الذي كان أميناً للدفاتر الخاقاني سنة 1018هـ الموافقة 1609م من خلال هذه الرسالة يتبين أنه منذ أوائل القرن الحادي عشر الهجري، كانت دولة آل عثمان تنقسم إلى اثنتين وثلاثون إيالة، منها أربع عشرة إيالة عربية، وبلاد نجد ليست معها ما عدا الإحساء إن اعتبرناه من نجد..) ( ). 
ويقول الدكتور عبد الله العثيمين: 
(ومهما يكن فإن نجداً لم تشهد نفوذاً مباشراً للعثمانيين عليها قبل ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، كما أنها لم تشهد نفوذاً قوياً بفرض وجوده على سير الحوادث داخلها لأية جهة كانت، فلا نفوذ بني جبر، أو بني خالد في بعض جهاتها، ولا نفوذ الأشراف في بعض جهاتها الأخرى أحدث نوعاً من الاستقرار السياسي، فالحروب بين البلدان النجدية ظلت قائمة، والصراع بين قبائلها المختلفة استمر حاداً عنيفاً)( ). 
يقول الدكتور عجيل النشمي: 
(إن نجداً وما جاورها لم تعرها دولة الخلافة أهمية تذكر، وربما كانت سياستها هذه تجاه بلاد نجد لسعة أراضيها، وترامي أطرافها، هذا من جانب، ولتمكن التوزيع القبلي والعشائري من جانب آخر..) ( ) 
ويقول أمين سعيد في هذا الشأن: 
(ولقد حاولنا كثيراً في خلال دراستنا لتاريخ الدولتين الأموية والعباسية، وتاريخ الأيوبيين، والمماليك في مصر، ثم تاريخ العثمانيين الذين جاءوا بعدهم وورثوهم، أن نعثر على اسم وال، أو حاكم أرسله هؤلاء، أو أولئك أو أحدهم إلى نجد أو إحدى مقاطعتها الوسطى، أو الشمالية أو الغربية أو الجنوبية، فلم نقع على شيء، مما يدل على مزيد من الإهمال تحمل تبعته هذه الدول.. 
على أن الذي استنتجناه في النهاية هو أنهم تركوا أمر مقاطعات نجد الوسطى والغربية إلى الأشراف الهاشميين حكام الحجاز الذين جروا على أن يشرفوا على قبائلها إشرافاً جزئياً) ( ). 
ويقول أيضا: 
(وكان كل شيخ أو أمير في نجد مستقل استقلالاً تاماً في إدارة بلاده وما كان يعرف الترك، ولا الترك يعرفونه)( ). 
ويبين حسين خزعل حال نجد زمن العصر العثماني فيقول: 
(ولما حلت سنة 923هـ، وظهرت الدولة العثمانية على المسرح السياسي في جزيرة العرب، - وإن كانت الجزيرة العربية لن تشتمل بالحكم العثماني المركزي المباشر، بل اكتفت الدولة العثمانية بالسلطة الأسمية عليها -، كان كل قطر من أقطار الجزيرة العربية مستقلا بذاته، ولا سيما نجد، فقد كانت العصبيات فيها قائمة على قدم وساق، لكل عشيرة دولة، ولكل حاكم من أولئك الحكام حوزته الخاصة يحكمها حكماً مطلقاً ( ). 
ويقول جاكلين بيرين في ذلك: 
(ولكن شبه الجزيرة العربية ظلت ممتنعة على الفتح التركي بفضل صحرائها التي هلكت فيها عطشاً الجيوش التي وجهها السلطان سليمان سنة 1550 م) ( ). 
فإذا كانت نجد - محل ظهور وانطلاق هذه الدعوة - ليست تحت سيطرة العثمانيين، فكيف ترد هذه الشبهة ويظن أن الشيخ قد خرج على دولة الخلافة ؟. 
واستكمالاً لهذا المبحث نذكر بعض جواب سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز على ذلك الاعتراض، يقول الشيخ عبد العزيز: 
(لم يخرج الشيخ محمد بن عبد الوهاب على دولة الخلافة العثمانية - فيما أعلم وأعتقد -، فلم يكن في نجد رئاسة ولا إمارة للأتراك بل كانت نجد إمارات صغيرة وقرى متناثرة، وعلى كل بلدة أو قرية - مهما صغرت - أمير مستقل … وهي إمارات بينها قتال وحروب ومشاجرات، والشيخ محمد بن عبد الوهاب لم يخرج على دولة الخلافة، وإنما خرج على أوضاع فاسدة في بلده، فجاهد في الله حق جهاده وصابر وثابر حتى امتد نور هذه الدعوة إلى البلاد الأخرى …) ( ). 
ويجيب الشيخ محمد نسيب الرفاعي على من ادعى أن هذه الدعوة حركة انقلابية المراد منها خلع الخليفة العثماني، وإعادة الخلافة إلى العرب، فكان مما قاله: 
(لم يكن ليخطر على بال الشيخ محمد بن عبد الوهاب أن ينقلب على خليفة المسلمين ولا مرّ بخاطره ذلك.. ولكن الملتفين حول الخليفة إذ ذاك من الطرقيين المتصوفة قلبوا له الأخبار، وشوهوها، ليوغروا صدر الخليفة عليهم، وحرضوه عليهم بحجة أنهم أهل حركة انقلابية على الخليفة نفسه، تقصد إرجاع الخلافة إلى العرب.. مع أن من صميم عقيدة الشيخ رحمه الله التي هي العقيدة الإسلامية الحقة أنه لا تنقض الأيدي من طاعة الخليفة القائم إلا أن يروا فيه كفراً بواحاً صراحاً، ولم ير الشيخ شيئاً من هذا حتى يدعو الناس إلى خلع الخليفة، حتى ولو كان الخليفة فاسقاً في ذاته، إن لم يصل فسقه إلى درجة الكفر البواح الصراح، فلا يجوز الانقلاب عليه، ولا الانتقاض على حكمه، وأن الشرع يخالف القيام على السلطان إلا في حالات الكفر البواح الصراح، حتى وإن الحركة – من أولها إلى آخرها – لم يكن للخليفة والخلافة أي علاقة في الدعوة ألبتة، حتى ولما استتب لهم الأمر في نجد والحجاز، أنهم انتقضوا على الخليفة، ولم يكن للخليفة ذكر قط في مراحل الدعوة..) ( ). 
يتبين – من خلال النصّيْن السابقين – جانب من موقف الشيخ من دولة الخلافة فليس هناك عداء أو خصومة لدولة الخلافة. 
ولذا يقول الدكتور عجيل النشمي: 
(نستطيع القول باطمئنان أن كتابات الشيخ محمد بن عبد الوهاب ليس فيها تصريح بموقف عدائي ضد دولة الخلافة. 
- يقول أيضا: ولم نعثر على أي فتوى له تكفر الدولة العثمانية بل حصر افتاءاته في البوادي القريبة منه التي كان على علم بأنها على شرك..) ( ). 
بل – كما يقول النشمي – أن موقفه من دولة الخلافة هو موقف الناصح الآمر بالمعروف، المنكر لما يخالف الشرع دون أن يتعداه إلى الصدام المسلح، بل كان يتجنبه ويتحاشاه، كما هو واضح في موقفه من الأشراف الذين يحكمون الحجاز باسم دولة الخلافة. ويذكر النشمي بعض الأحداث التاريخية – في زمن الشيخ – التي تثبت ما كان عليه الشيخ الإمام من نبل الموقف، وتقدير العثمانية وإجلالها( ). 
ونورد خلاصة ما كتبه النشمي في هذا الموضوع، حيث يقول: 
(فكانت سياسة الشيخ وموقفه تجاه الحجاز أنه لم يؤثر عنه طوال حياته تحريض أو استعداء أو دعوة لحربها، أو الاستيلاء عليها لشعوره أن ذلك الفعل قد يسفر على أنه خروج على دولة الخلافة. 
لم تحرك دولة الخلافة ساكناً، ولم تبدر منها أية مبادرة امتعاض، أو خلاف يذكر رغم توالي أربعة من سلاطين آل عثمان في حياة الشيخ..) ( ). 
إذا كان - ما سبق - يعكس تصور الشيخ لدولة الخلافة، فكيف كانت صورة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب لدى دولة الخلافة ؟ 
يقول د. عجيل النشمي مجيباً على هذا السؤال: 
(لقد كانت صورة حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب لدى دولة الخلافة صورة قد بلغت من التشويه والتشويش مداه، فلم تطلع دولة الخلافة إلا على الوجه المعادي لحركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، سواء عن طريق التقارير التي يرسلها ولاتها في الحجاز، أو بغداد، أو غيرهما .. أو عن طريق بعض الأفراد الذين يصلون إلى الآستانة يحملون الأخبار)( ). 
وساق النشمي بعضاً من الأمثلة التي تظهر مدى التشويه وقلب الحقائق الذي ضمته تلك التقارير، أو نقله بعض الأفراد. 
ولا زالت آثار هذا التشويش، وتبديل الحقائق وتزويرها ظاهراً جلياً فيما كتب عن تاريخ العثمانيين، ونورد مثالاً على ذلك: 
يقول المؤرخ التركي سليمان بن خليل العزي: 
(إن المراسلات التي وصلت إلى القسطنطينية من الشريف مسعود بن سعيد شريف مكة تبين أن ملحداً لا دينياً باسم محمد بن عبد الوهاب، قد ظهر من الشرق، قام بضرب وإجبار سكان تلك المنطقة لإخضاعهم لنفسه عن طريق اجتهاد زائف..) ( ) .
وأما دعوى (زلوم) أن دعوة الشيخ أحد أسباب سقوط الخلافة، وأن الانكليز ساعدوا الوهابيين على إسقاطها. 
فيقول محمود مهدي الاستانبولي جواباً على هذه الدعوى العريضة: 
(قد كان من واجب هذا الكاتب أن يدعم رأيه بأدلة وإثباتات، وقديماً قال الشاعر: 
وإذا الدعاوى لم تقم بدليلها بالنص، فهي على السفاه دليل 
مع العلم أن التاريخ يذكر أن هؤلاء الانكليز وقفوا ضد هذه الدعوة، منذ قيامها خشية يقظة العالم الإسلامي) ( ). 
ويقول الاستانبولي: 
(والغريب المضحك والمبكي معاً أن يتهم هذا الأستاذ حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب بأنها من عوامل هدم الخلافة العثمانية، مع العلم أن هذه الحركة قامت حوالي عام 1811م، والخلافة هدمت حوالي 1922م) ( ). 
ومما يدل على أن الانكليز ضد الحركة الوهابية، أنهم أرسلوا الكابتن فورستر سادلير ليهنيء إبراهيم باشا على النجاح الذي حققه ضد الوهابيين – إبان حرب إبراهيم باشا للدرعية -، وليؤكد له أيضاً مدى ميله إلى التعاون مع الحركة البريطانية لتخفيض – ما أسموه بأعمال القرصنة الوهابية في الخليج العربي( ). 
بل صرحت هذه الرسالة بالرغبة في إقامة الاتفاق بين الحكومة البريطانية، وبين إبراهيم باشا، بهدف سحق نفوذ الوهابيين بشكل كامل( ). 
يقول الشيخ محمد بن منظور النعماني: 
(لقد استغل الانجليز الوضع المعاكس في الهند للشيخ محمد بن عبد الوهاب، ورموا كل من عارضهم ووقف في طريقهم، ورأوه خطراً على كيانهم بالوهابية، ودعوهم وهابيين …، وكذلك دعا الإنجليز علماء ديوبند – في الهند – بالوهابيين من أجل معارضتهم السافرة للانجليز، وتضييقهم الخناق عليهم..) ( ). 
وبهذه النقول المتنوعة ينكشف زيف هذه الشبهة، وتهافتها أمام البراهين العلمية الواضحة من رسائل الشيخ الإمام ومؤلفاته، كما يظهر زيف الشبهة أمام الحقائق التاريخية التي كتبها المنصفون. 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
تاريخ الوهابية ومؤسسها محمد بن عبد الوهاب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تاريخ الجزيرة العربية في عصر الشيخ محمد بن عبد الوهاب
» محمد بن سلمان: نشرنا الوهابية بطلب من الغرب
» لمحة عن تاريخ اليهود بعد عصر النبي محمد صل الله عليه و سلم
» موجز تاريخ العالم بالسنوات و الاحداث - محمد غريب جوده
» موسوعة اليهود واليهودية و الصهيونية للدكتور عبد الوهاب المسيري

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: فيديوات :: ديني-
انتقل الى: