منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 قصة إسماعيلَ عليه السلام وأمَّه هاجر وبناء البيت العتيق الكعبة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

قصة إسماعيلَ عليه السلام  وأمَّه هاجر  وبناء البيت العتيق الكعبة Empty
مُساهمةموضوع: قصة إسماعيلَ عليه السلام وأمَّه هاجر وبناء البيت العتيق الكعبة   قصة إسماعيلَ عليه السلام  وأمَّه هاجر  وبناء البيت العتيق الكعبة Emptyالأحد 01 سبتمبر 2019, 11:33 pm

قصة إسماعيلَ عليه السلام
وأمَّه هاجر المصرية القبطية رضي الله تعالى عنها
وبناء البيت العتيق الكعبة

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسلَه بالحقِّ بشيرًا ونذيرًا بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فإنه لا يضرُّ إلا نفسَه، ولا يضرُّ اللهَ شيئا. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].  ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71] اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على نبينا محمد وآله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، أما بعد.

أيها الإخوةُ الكرام! إنا نستنشق في هذه الأيام، عَبَق الاستعدادِ لأداء مناسكِ الحجِّ لبيت الله الحرام، فبعد يوم يتوجه وفدُ الله إلى منى، محرمين ملبين، متوكلين على الرحمن، يحدوهم الإخلاصُ والإيمان، مستجيبين لنداءِ إبراهيمَ خليلِ الرحمن، الذي نادى قبلَ آلاف الأعوام، فأسمعَ من في الأصلاب والأرحام، قال سبحانه: ﴿ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ﴾ [الحج: 27]، [نَادِ فِي النَّاسِ دَاعِيًا لَهُمُ إِلَى الْحَجِّ إِلَى هَذَا الْبَيْتِ، الَّذِي أَمَرْنَاكَ بِبِنَائِهِ. فَذُكر أَنَّهُ قَالَ: (يَا رَبِّ! وَكَيْفَ أُبْلِغُ النَّاسَ وَصَوْتِي لَا يَنْفُذُهُمْ؟) فَقِيلَ: (نَادِ وَعَلَيْنَا الْبَلَاغُ).

فَقَامَ عَلَى مَقَامِهِ،... وَقَالَ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ! إِنْ رَبَّكُمْ قَدِ اتَّخَذَ بَيْتًا فَحُجُّوهُ)، فَيُقَالُ: إِنَّ الْجِبَالَ تَوَاضَعَتْ حَتَّى بَلَغَ الصَّوْتُ أَرْجَاءَ الْأَرْضِ، وأسمَعَ مَن فِي الْأَرْحَامِ وَالْأَصْلَابِ، وَأَجَابَهُ كُلُّ شَيْءٍ سَمِعَهُ مِنْ حَجَر ومَدَر وَشَجَرٍ، وَمَنْ كَتَبَ اللَّهُ أَنَّهُ يَحُجُّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ: "لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ"]. تفسير ابن كثير ت سلامة (5/ 414).

وأولُ هذا الأمر أنّ إبراهيمَ الخليلَ عليه السلام كبُر سنه واشتعل بالشيب رأسه، ولم يولد له من زوجته سارّة ولد، فتزوج بهاجر المصريةِ القبطيةِ أمِّ العرب.

فأنجبت له إسماعيلَ عليه السلام، ولأسباب أرادها الله جلَّ جلاله، جعل الغيرة تدبُّ في صدر سارَّةَ رضي الله تعالى عنها المحرومةِ من الولد، فصارت تلاحقُ هاجرَ رضي الله تعالى عنها وتضيّق عليها، وخروجا من المشاكل، وتنفيذا لقدر الله جل جلاله، رحل إبراهيم عليه السلام بهاجرَ وابنِها إسماعيل إلى بلاد الله المقدسة، إلى مكة المكرمة، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَوَّلَ مَا اتَّخَذَ النِّسَاءُ المِنْطَقَ -هو الحزام- مِنْ قِبَلِ أُمِّ إِسْمَاعِيلَ، اتَّخَذَتْ مِنْطَقًا لِتُعَفِّيَ أَثَرَهَا عَلَى سَارَةَ، ثُمَّ جَاءَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ وَبِابْنِهَا إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُرْضِعُهُ، حَتَّى وَضَعَهُمَا عِنْدَ البَيْتِ عِنْدَ دَوْحَةٍ، -أي شجرة عظيمة- فَوْقَ زَمْزَمَ فِي أَعْلَى المَسْجِدِ، وَلَيْسَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ، وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ، فَوَضَعَهُمَا هُنَالِكَ، وَوَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَابًا فِيهِ تَمْرٌ، وَسِقَاءً فِيهِ مَاءٌ.

ثُمَّ قَفَّى -أي رجع- إِبْرَاهِيمُ مُنْطَلِقًا، فَتَبِعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ، فَقَالَتْ: (يَا إِبْرَاهِيمُ! أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الوَادِي، الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إِنْسٌ وَلاَ شَيْءٌ؟) فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَارًا، وَجَعَلَ لاَ يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ لَهُ: (آللَّهُ الَّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا؟! قَالَ (نَعَمْ!) قَالَتْ: (إِذَنْ لاَ يُضَيِّعُنَا)، ثُمَّ رَجَعَتْ، فَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ حَيْثُ لاَ يَرَوْنَهُ، اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ البَيْتَ، ثُمَّ دَعَا بِهَؤُلاَءِ الكَلِمَاتِ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: رَبِّ ﴿ ... إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ﴾ [إبراهيم: 37].

وَجَعَلَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ تُرْضِعُ إِسْمَاعِيلَ، وَتَشْرَبُ مِنْ ذَلِكَ المَاءِ، حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا فِي السِّقَاءِ عَطِشَتْ وَعَطِشَ ابْنُهَا، وَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتَلَوَّى، أَوْ قَالَ: يَتَلَبَّطُ.

فَانْطَلَقَتْ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَوَجَدَتِ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ فِي الأَرْضِ يَلِيهَا، فَقَامَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَتِ الوَادِيَ تَنْظُرُ؛ هَلْ تَرَى أَحَدًا؟ فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَهَبَطَتْ مِنَ الصَّفَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الوَادِيَ رَفَعَتْ طَرَفَ دِرْعِهَا، -أي ثوبها- ثُمَّ سَعَتْ سَعْيَ الإِنْسَانِ المَجْهُودِ -المتعب- حَتَّى جَاوَزَتِ الوَادِيَ، ثُمَّ أَتَتِ المَرْوَةَ فَقَامَتْ عَلَيْهَا وَنَظَرَتْ؛ هَلْ تَرَى أَحَدًا؟ فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فَذَلِكَ سَعْيُ النَّاسِ بَيْنَهُمَا». فَلَمَّا أَشْرَفَتْ عَلَى المَرْوَةِ سَمِعَتْ صَوْتًا، فَقَالَتْ (صَهٍ) -تُرِيدُ نَفْسَهَا-، ثُمَّ تَسَمَّعَتْ، فَسَمِعَتْ أَيْضًا، فَقَالَتْ: (قَدْ أَسْمَعْتَ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ غِوَاثٌ).

فَإِذَا هِيَ بِالْمَلَكِ عِنْدَ مَوْضِعِ زَمْزَمَ، فَبَحَثَ بِعَقِبِهِ، أَوْ قَالَ: بِجَنَاحِهِ، حَتَّى ظَهَرَ المَاءُ، فَجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ وَتَقُولُ بِيَدِهَا هَكَذَا، وَجَعَلَتْ تَغْرِفُ مِنَ المَاءِ فِي سِقَائِهَا، وَهُوَ يَفُورُ بَعْدَ مَا تَغْرِفُ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "يَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ، لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ" -أَوْ قَالَ: "لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنَ المَاءِ-، لَكَانَتْ زَمْزَمُ عَيْنًا مَعِينًا".

قَالَ: فَشَرِبَتْ وَأَرْضَعَتْ وَلَدَهَا، فَقَالَ لَهَا المَلَكُ: (لاَ تَخَافُوا الضَّيْعَةَ، فَإِنَّ هَا هُنَا بَيْتَ اللَّهِ، يَبْنِي هَذَا الغُلاَمُ وَأَبُوهُ، وَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَهْلَهُ). -فانظروا واعتبروا يا عباد الله! هذه المرأة ورضيعها، ولا يوجد أحد من الناس غيرهما في ذلك المكان، والملَك الذي يحدثها وسينطلق عنهما ويتركهما بمفردهما، وانظروا وتفكروا في هذه الأيام كيف هذا المكان يغصُّ بالزائرين والملبِّين، والطائفين والمكبِّرين، والراكعين والساجدين، تذكروا ذلك البيت في تلك الأيام-، وَكَانَ البَيْتُ -أي مكانه- مُرْتَفِعًا مِنَ الأَرْضِ كَالرَّابِيَةِ، تَأْتِيهِ السُّيُولُ، فَتَأْخُذُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ، فَكَانَتْ كَذَلِكَ حَتَّى مَرَّتْ بِهِمْ رُفْقَةٌ مِنْ -قبيلة- جُرْهُمَ، -العربية- أَوْ أَهْلُ بَيْتٍ مِنْ جُرْهُمَ، مُقْبِلِينَ مِنْ طَرِيقِ كَدَاءٍ، فَنَزَلُوا فِي أَسْفَلِ مَكَّةَ، فَرَأَوْا طَائِرًا عَائِفًا. -وهو الطائر الذي يرتاد الماء ويحوم حوله.

فَقَالُوا: (إِنَّ هَذَا الطَّائِرَ لَيَدُورُ عَلَى مَاءٍ، لَعَهْدُنَا بِهَذَا الوَادِي وَمَا فِيهِ مَاءٌ)، فَأَرْسَلُوا جَرِيًّا أَوْ جَرِيَّيْنِ، فَإِذَا هُمْ بِالْمَاءِ، فَرَجَعُوا فَأَخْبَرُوهُمْ بِالْمَاءِ فَأَقْبَلُوا.

قَالَ: وَأُمُّ إِسْمَاعِيلَ عِنْدَ المَاءِ، فَقَالُوا: (أَتَأْذَنِينَ لَنَا أَنْ نَنْزِلَ عِنْدَكِ؟) فَقَالَتْ: (نَعَمْ! وَلَكِنْ لاَ حَقَّ لَكُمْ فِي المَاءِ)، قَالُوا: (نَعَمْ!) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فَأَلْفَى ذَلِكَ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُحِبُّ الإِنْسَ». فَنَزَلُوا وَأَرْسَلُوا إِلَى أَهْلِيهِمْ فَنَزَلُوا مَعَهُمْ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِهَا أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْهُمْ، وَشَبَّ الغُلاَمُ وَتَعَلَّمَ العَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ، وَأَنْفَسَهُمْ وَأَعْجَبَهُمْ حِينَ شَبَّ.

فَلَمَّا أَدْرَكَ زَوَّجُوهُ امْرَأَةً مِنْهُمْ، وَمَاتَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ، فَجَاءَ إِبْرَاهِيمُ بَعْدَمَا تَزَوَّجَ إِسْمَاعِيلُ يُطَالِعُ تَرِكَتَهُ، فَلَمْ يَجِدْ إِسْمَاعِيلَ، فَسَأَلَ امْرَأَتَهُ عَنْهُ؟ فَقَالَتْ: (خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا)، ثُمَّ سَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ، فَقَالَتْ: (نَحْنُ بِشَرٍّ، نَحْنُ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ)، فَشَكَتْ إِلَيْهِ، قَالَ: (فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلاَمَ، وَقُولِي لَهُ يُغَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِهِ).

فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ كَأَنَّهُ آنَسَ شَيْئًا، فَقَالَ: (هَلْ جَاءَكُمْ مِنْ أَحَدٍ؟) قَالَتْ: (نَعَمْ! جَاءَنَا شَيْخٌ كَذَا وَكَذَا، فَسَأَلَنَا عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ، وَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا، فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا فِي جَهْدٍ وَشِدَّةٍ)، قَالَ: (فَهَلْ أَوْصَاكِ بِشَيْءٍ؟) قَالَتْ: (نَعَمْ! أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ السَّلاَمَ، وَيَقُولُ غَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِكَ)، قَالَ: (ذَاكِ أَبِي، وَقَدْ أَمَرَنِي أَنْ أُفَارِقَكِ، الحَقِي بِأَهْلِكِ). فَطَلَّقَهَا.

وَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ أُخْرَى، فَلَبِثَ عَنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَتَاهُمْ بَعْدُ فَلَمْ يَجِدْهُ، فَدَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ فَسَأَلَهَا عَنْهُ، فَقَالَتْ: (خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا)، قَالَ: (كَيْفَ أَنْتُمْ؟) وَسَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ، فَقَالَتْ: (نَحْنُ بِخَيْرٍ وَسَعَةٍ)، وَأَثْنَتْ عَلَى اللَّهِ، فَقَالَ: (مَا طَعَامُكُمْ؟) قَالَتِ: (اللَّحْمُ)، قَالَ: (فَمَا شَرَابُكُمْ؟) قَالَتِ: (المَاءُ). قَالَ: (اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي اللَّحْمِ وَالمَاءِ)، قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ حَبٌّ، وَلَوْ كَانَ لَهُمْ دَعَا لَهُمْ فِيهِ». قَالَ: فَهُمَا لاَ يَخْلُو عَلَيْهِمَا أَحَدٌ بِغَيْرِ مَكَّةَ إِلَّا لَمْ يُوَافِقَاهُ، -(لم يوافقاه) أي لا يوافقان مزاجه، ويشتكي من بطنه، ونحو ذلك، وأما في مكة؛ فإن المداومة على أكلها لا تحدث شيئا، وهذا من بركة دعاء إبراهيم عليه السلام-. قَالَ: (فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلاَمَ، وَمُرِيهِ يُثْبِتُ عَتَبَةَ بَابِهِ)، فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ قَالَ: (هَلْ أَتَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ؟) قَالَتْ: (نَعَمْ،! أَتَانَا شَيْخٌ حَسَنُ الهَيْئَةِ)، وَأَثْنَتْ عَلَيْهِ، (فَسَأَلَنِي عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا بِخَيْرٍ)، قَالَ: (فَأَوْصَاكِ بِشَيْءٍ!) قَالَتْ: (نَعَمْ! هُوَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلاَمَ، وَيَأْمُرُكَ أَنْ تُثْبِتَ عَتَبَةَ بَابِكَ)، قَالَ: (ذَاكِ أَبِي وَأَنْتِ العَتَبَةُ، أَمَرَنِي أَنْ أُمْسِكَكِ).

ثُمَّ لَبِثَ عَنْهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِسْمَاعِيلُ يَبْرِي نَبْلًا لَهُ، تَحْتَ دَوْحَةٍ قَرِيبًا مِنْ زَمْزَمَ، فَلَمَّا رَآهُ قَامَ إِلَيْهِ، فَصَنَعَا كَمَا يَصْنَعُ الوَالِدُ بِالوَلَدِ، وَالوَلَدُ بِالوَالِدِ، ثُمَّ قَالَ: (يَا إِسْمَاعِيلُ! إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِأَمْرٍ)، قَالَ: (فَاصْنَعْ مَا أَمَرَكَ رَبُّكَ)، قَالَ: (وَتُعِينُنِي؟) قَالَ: (وَأُعِينُكَ)، قَالَ: (فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ هَا هُنَا بَيْتًا)، وَأَشَارَ إِلَى أَكَمَةٍ مُرْتَفِعَةٍ عَلَى مَا حَوْلَهَا.

قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ رَفَعَا القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ، فَجَعَلَ إِسْمَاعِيلُ يَأْتِي بِالحِجَارَةِ وَإِبْرَاهِيمُ يَبْنِي، حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَ البِنَاءُ، جَاءَ بِهَذَا الحَجَرِ فَوَضَعَهُ لَهُ فَقَامَ عَلَيْهِ، وَهُوَ يَبْنِي وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الحِجَارَةَ، وَهُمَا يَقُولاَنِ: ﴿ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ ﴾ [البقرة: 127]، قَالَ: فَجَعَلاَ يَبْنِيَانِ حَتَّى يَدُورَا حَوْلَ البَيْتِ وَهُمَا يَقُولاَنِ: ﴿ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ ﴾ [البقرة: 127]. البخاري (3364)، نعم ﴿ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ ﴾، وتوبوا إلى الله واستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين وبعد؛ فإن إبراهيم الخليل عليه السلام لاقى الشدائدَ والصعابَ في دعوةِ قومه المعاندين في شركهم، والمشاكسين في كفرهم، [﴿ وَ ﴾ لما فعلوا فيه هذا الفعل، وأقام عليهم الحجة، وأعذر منهم، ﴿ قال إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي ﴾ [الصافات: 99].. مهاجر إليه، -من العراق- قاصدٌ إلى الأرضِ المباركة؛ أرضِ الشام. ﴿ سَيَهْدِينِ ﴾ ويدلني إلى ما فيه الخيرُ لي، من أمرِ ديني ودنياي، وقال في الآية الأخرى: ﴿ وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا ﴾ [مريم: 48].

﴿ رَبِّ هَبْ لِي ﴾ ولدا يكون ﴿ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ وذلك عند ما أيس من قومه، ولم يرَ فيهم خيرا، دعا الله أن يهبَ له غلاماً صالحاً، ينفع الله به في حياته، وبعد مماته، فاستجاب الله له وقال: ﴿ فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ ﴾ وهذا إسماعيل عليه السلام بلا شكٍّ،... ووصف اللهُ إسماعيل، عليه السلام بالحلم، وهو يتضمن الصبرَ، وحسنَ الخلق، وسعةَ الصدرِ والعفوَ عمن جنى.

﴿ فَلَمَّا بَلَغَ ﴾ الغلام -إسماعيل- ﴿ مَعَهُ السَّعْيَ ﴾ أي: أدرك أن يسعى معه، وبلغ سنًّا يكون في الغالب، أحبَّ ما يكونُ لوالديه، قد ذهبت مشقَّته، وأقبلت منفعتُه، فقال له إبراهيم عليه السلام: ﴿ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ ﴾ أي: قد رأيت في النوم، والرؤيا؛ أن الله يأمرني بذبحك، ورؤيا الأنبياء وحيٌ ﴿ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى ﴾ فإنَّ أمْرَ الله تعالى لا بد من تنفيذه، ﴿ قَالَ ﴾ إسماعيلُ صابرا محتسبا، مرضيا لربِّه، وبارًّا بوالده: ﴿ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ﴾ أي: امض لما أمرك الله، ﴿ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾ أخبرَ أباهُ أنه موطنٌ نفسَه على الصبر، وقرنَ ذلك بمشيئةِ الله تعالى، لأنه لا يكونُ شيءٌ بدون مشيئة الله تعالى.

﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا ﴾ أي: إبراهيم وابنه إسماعيل، جازما بذبح ابنه، وثمرةِ فؤاده، امتثالا لأمر ربه، وخوفا من عقابه، والابنُ قد وطَّن نفسَه على الصبر، وهانت عليه في طاعة ربِّه، ورضا والده، ﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ أي: تلَّ إبراهيمُ إسماعيلَ على جبينه، ليضجعه فيذبحه، وقد انكب لوجهه، لئلا ينظر وقت الذبح إلى وجهه.

﴿ وَنَادَيْنَاهُ ﴾ في تلك الحال المزعجة، والأمر المدهش: ﴿ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيا ﴾ أي: قد فعلت ما أُمِرْت به، فإنك وطَّنت نفسك على ذلك، وفعلتَ كلَّ سببٍ، ولم يبقَ إلا إمرارُ السكين على حلقه ﴿ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ في عبادتنا، المقدِّمِين رضانا على شهوات أنفسهم.

﴿ إِنَّ هَذَا ﴾ الذي امتَحَنَّا به إبراهيمَ عليه السلام ﴿ لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ ﴾ أي: الواضح، الذي تبيَّن به صفاءُ إبراهيم، وكمالُ محبتِه لربِّه وخُلَّتِه، فإن إسماعيل عليه السلام لما وهبه الله لإبراهيم، أحبَّه حبًّا شديدا، وهو خليلُ الرحمن، والخُلَّة أعلى أنواعِ المحبة، وهو مَنصِبٌ لا يقبلُ المشاركةَ، ويقتضي أن تكون جميعُ أجزاءِ القلبِ متعلقةً بالمحبوب، فلما تعلَّقت شعبةٌ من شُعبِ قلبِه بابنه إسماعيل، أراد تعالى أن يصفي وُدَّه، ويختبرُ خُلته، فأمرهُ أن يذبحَ من زاحمَ حبُّه حبَّ ربِّه، فلما قدّم حبَّ الله، وآثره على هواه، وعزم على ذبحه، وزالَ ما في القلبِ من المزاحم، بقي الذبح لا فائدة فيه، فلهذا قال: ﴿ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ أي: صار بدلُه ذِبْحٌ من الغنم عظيم، ذبَحهُ إبراهيم، فكانَ عظيمًا من جهة أنه كان فداءً لإسماعيل، ومن جهةِ أنه من جملة العبادات الجليلة، ومن جهة أنه كان قربانا وسنة إلى يوم القيامة. -يذبحه المسلمون يوم الأضحى، والحجاج في حجهم، في بلد الله الحرام.

﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾ أي: وأبقينا عليه ثناء صادقا في الآخرين، كما كان في الأولين، فكل وقت بعد إبراهيم عليه السلام، فإنه فيه محبوب معظم مثنَى عليه.

﴿ سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾ أي: تحيته عليه كقوله: ﴿ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى ﴾ ﴿ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ في عبادة الله، ومعاملة خلقه، أن نفرِّجَ عنهم الشدائد، ونجعلَ لهم العاقبةَ، والثناءَ الحسن.

﴿ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ﴾ بما أمر الله بالإيمان به، الذين بلغ بهم الإيمان إلى درجة اليقين، كما قال تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ﴾. ﴿ وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ هذه البشارة الثانية بإسحاق، الذي من ورائه يعقوب، فبشر بوجوده وبقائه، ووجود ذريته، وكونه نبيا من الصالحين، فهي بشارات متعددة]. بتصرف يسير من تفسير السعدي (ص: 706، 706).

ولا ننسى عباد الله! ذكر الله تعالى في هذه الأيام العشر، وهو الذكر المطلق، أما الذكر المقيد فيبدأ من فجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

وكذلك لا ننسى أنه من الأعمال الصالحة في هذه الأيام الصيام، خصوصا يوم عرفة فقد أتى رَجُلٌ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: (كَيْفَ تَصُومُ؟) فَغَضِبَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، غَضَبَهُ، قَالَ: (رَضِينَا بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ غَضَبِ اللهِ وَغَضَبِ رَسُولِهِ)، فَجَعَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يُرَدِّدُ هَذَا الْكَلَامَ حَتَّى سَكَنَ غَضَبُهُ، فَقَالَ عُمَرُ: (يَا رَسُولَ اللهِ! كَيْفَ بِمَنْ يَصُومُ الدَّهْرَ كُلَّهُ؟) قَالَ: «لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ». -أَوْ قَالَ:- «لَمْ يَصُمْ وَلَمْ يُفْطِرْ». قَالَ: (كَيْفَ مَنْ يَصُومُ يَوْمَيْنِ وَيُفْطِرُ يَوْمًا؟) قَالَ: «وَيُطِيقُ ذَلِكَ أَحَدٌ؟» قَالَ: (كَيْفَ مَنْ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا؟) قَالَ: «ذَاكَ صَوْمُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام». قَالَ: (كَيْفَ مَنْ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمَيْنِ؟) قَالَ: «وَدِدْتُ أَنِّي طُوِّقْتُ ذَلِكَ». ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ثَلَاثٌ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، فَهَذَا صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ، صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ، وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ». مسلم (1162). ولا تنسوا أن تتفقدوا أضاحيكم، وخلوها من العيوب المانعة من التضحية بها، ولا تذبحوها إلا بعد صلاة العيد، وثلاثة أيام بعده. وستكون صلاة عيد الأضحى هذا العام في نفس مكان صلاة عيد الفطر شرقي هذا المسجد إن شاء الله تعالى، هذا إن لم يكن هناك برد شديد أو أمطار، وعليه فأحضروا معكم شيئا من المال تتصدقون به، وشيئا تصلون عليه أو تصلون على التراب.

أيها المسلمون ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56] اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك على نبينا محمد، وآله وخلفائه وأصحابه، وأنصاره والمهاجرين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا، وَارْحَمْنَا وَارْضَ عَنَّا، وَتَقَبَّلْ مِنَّا، وَأَدْخِلْنَا الْجَنَّةَ، وَنَجِّنَا مِنَ النَّارِ، وَأَصْلِحْ لَنَا شَأْنَنَا كُلَّهُ» اللهم إنا نسألك الثبات في الأمر، والعزيمة في الرشد، ونسألك شكر نعمتك، وحسن عبادتك، ونسألك قلوباً خاشعةً سليمةً، وأخلاقاً مستقيمةً، وألسنةً صادقةً، وأعمالاً متقبلةً، ونسألك من خير ما تعلم، ونعوذ بك من شر ما تعلم، ونستغفرك لما تعلم؛ فإنك تعلم ولا نعلم، وأنت علام الغيوب، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لنا مَا قَدَّمْنا وَمَا أَخَّرْنا، وَمَا أَسْرَرْنا وَمَا أَعْلَنْا، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ به منا، فإنك أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ، وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شيء قدير، وعلى كل غيب شهيد. ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

قصة إسماعيلَ عليه السلام  وأمَّه هاجر  وبناء البيت العتيق الكعبة Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة إسماعيلَ عليه السلام وأمَّه هاجر وبناء البيت العتيق الكعبة   قصة إسماعيلَ عليه السلام  وأمَّه هاجر  وبناء البيت العتيق الكعبة Emptyالأحد 01 سبتمبر 2019, 11:33 pm

قصة فداء إسماعيل عليه السلام
قيم تربوية ودروس عملية
 
سجلَ القرآن الكريم مواقفَ بعض أبناء الأنبياء وزوجاتهم، وخلَّد ذكرهم؛ سواء أكان ذلك على صعيد المدح والثناء، أو على سبيل الذم والإنكار لأخذ العظات والعبر، فالمؤمن كما يفيد من النماذج الإيجابية المضيئة المشرقة اقتداءً، فإنه يفيد أيضًا من النماذج السلبية المظلمة المعاندة ابتعادًا واتقاءً.

وإذا كان القرآن قد سجل موقف ابن نبي الله نوح نموذجًا للعقوق والجحود؛ فقال: ﴿ قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ﴾ [هود: 46]، لبيان أن الاستقامة والتزام منهج الله هي الأَولى بالانتساب والأجدر بالانتماء، فإنه قد سجل موقف إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام نموذجًا يُقتدى به في الطاعة والامتثال لأمر الله عز وجل.

والمتأمل في قصة إبراهيم وإسماعيل "عليهما السلام" في القرآن الكريم، يجد أنها تحمل كثيرًا من القيم التربوية النبيلة والعظات البليغة، فإبراهيم قد كبرت سِنُّه وبلغ مبلغ الشيخوخة، ثم يتزوج ويستجيب الله دعاءً لطالما لهج به لسانُه، وتأتيه البشرى بالغلام، ولكنه غلام ليس كأي غلام، إنه غلام حليم: ﴿ فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ ﴾ [الصافات: 101]، فعطاء الله على قدره سبحانه، ويشاء الله أن يكون "إسماعيل" مِن "هاجر"، ثم يهاجر إلى الحجاز، وبعد ذلك يُوْدع إبراهيم زوجته ووحيدَه بوادٍ غير ذي زرع من بلاد الحجاز، ولكنه أبدًا لم ينسَ سلاحه الأمضى: دعاءه، ذلك السلاح الذي إن أحسنه المؤمن كان له حرزًا وفرحًا ونصرًا: ﴿ رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ﴾ [إبراهيم: 37].

وتمر الأيام والسنون ويشب الابن عن الطوق، ويرى الأب في المنام أنه يذبحه - ورؤيا الأنبياء صدق - فيخبره مناديًا إياه نداءَ الرفق والمودة: (يا بُني..)، ثم يشركه معه في أخذ قرار حاسم، ولا غرو فهو طرفٌ فيه رئيس: ﴿ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى ﴾ [الصافات: 102]، وهنا تتجلى عظمة الأب والابن معًا؛ فالأب يستشير ابنه من باب الإشراك وتحمل المسؤولية لا من باب الأخذ والرد، إنه واثق من برِّ ابنه واستسلامه وانقياده لأمر الله عز وجل، فإبراهيم قد ربى وأحسن التربية، ويعلم علم اليقين مردودَ هذه التربية الصالحة والنشأة المستقيمة السوية، ولكنه أراد أن يشركه معه لذةَ الامتثال لأمر الله، وحلاوة الرضا بقضائه وقدره وجزاء احتساب العمل (الذبح) لله عز وجل؛ جاء في تفسير الطبري: (فانظر ماذا ترى): اختلفت القراء في قراءة قوله: (ماذا ترى؟)، فقرأته عامة قُراء أهل المدينة والبصرة، وبعض قُراء أهل الكوفة: "فانظر ماذا تَرى" بفتح التاء، بمعنى: أي شيء تأمر، أو فانظر ما الذي تأمر، وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة (ماذا تُرى) بضم التاء، بمعنى: ماذا تشير، وماذا ترى من صبرك أو جزعك من الذبح؟"، فإن قلت: لِمَ شاوره في أمر هو حتم من الله؟ قلت: لم يشاوره ليرجع إلى رأيه ومشورته، ولكن ليعلم ما عنده فيما نزل به من بلاء الله، فيُثبت قدمه ويُصبره إن جزع، ويأمن عليه الزلل إن صبر وسلَّم، وليعلمه حتى يراجع نفسه فيوطِّنها ويهوِّن عليها، ويَلْقى البلاء وهو كالمستأنس به، ويكتسب المثوبة بالانقياد لأمر الله قبل نزوله".

وعلى كل حال، فإن الابن لم يخيِّب ظن أبيه في أصعب قرار وأشد ابتلاء، بل كان في الموعد المحدد، وعلى قدر هذه الأمانة وذاك الحمل الثقيل، فأجاب أباه بملء فيه جواب الواثق الثابت: ﴿ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الصافات: 102]، إنه على غضاضة سِنه وتقلُّبه في حد الطفولة، كان فيه من رصانة الحلم وفسحة الصدر ما جسره على احتمال تلك البلية العظيمة.

إن في الآية دروسًا بليغة في البر وطاعة الوالدين ولو كان الثمن غاليًا، لقد أجاب الابن أباه برفق وتودُّد: (يا أبتِ) ردًّا على خطاب الأب الرفيق له من قبل (يا بُني)، لتتوقف أنفاس الكون، لتصغي آذانه وتشخص أبصاره أمام روعة هذا المشهد التربوي الفريد، وكيف لا والأب نبي والابن نبي؟! ﴿ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ﴾ [الأنعام: 124]، إنها رسالة لكل ابن يريد أن يعرف كيف يكون البر بالأب، ودرس لكل أب في أسلوب التربية وكيفية توجيه الأمر.

وينقاد الأب ويستسلم الابن لإرادة الله ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا ﴾ [الصافات: 103] طواعيةً ورضًا واختيارًا، ﴿ وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ [الصافات: 103]؛ أي: صرع الأب ابنه، فلذة كبده وألقاه على الأرض، أو أسقطه على التل "تَلَّه"؛ كما نقول: تربه؛ أي: (أسقطه على التراب)؛ انظر المفردات للراغب ص167.

وعندما يقترب المشهد من إسدال الستار على هذه القصة التي يُتوقع بنهايتها أن تنتهي حياة ابن طال انتظار أبيه له، يأتي الفرج حاملًا البشرى بالنجاة من الذبح والنجاح في الاختبار: ﴿ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ ﴾ [الصافات: 104 - 106].

وعلى جنبات الصورة ظلال ذُكرت في كتب التفسير نورد بعضها؛ منها ما جاء في تفسير "الجامع لأحكام القرآن"؛ يقول القرطبي: وفي الخبر: أن الذبيح قال لإبراهيم عليه السلام حين أراد ذبحه: يا أبت، اشدُد رباطي حتى لا أضطرب، واكفُف ثيابك؛ لئلا ينتضح عليها شيء من دمي، فتراه أمي فتحزن، وأسرع مَرَّ السكين على حلقي؛ ليكون الموت أهونَ عليَّ، واقذفني للوجه، لئلا تنظر إلى وجهي فترحمني، ولئلا أنظر إلى الشفرة فأجزَع، وإذا أتيتَ إلى أمي فأقرئها مني السلام..."، على أن ما تجب الإشارة إليه أن يكون اهتمامنا وتركيزنا على الثابت يقينًا في السنة الصحيحة من ثبوت قصة الذبح، ومن استعداد إبراهيم وعزمه عليه، ومن صبر إسماعيل وطاعته لله عز وجل ثم لأبيه خليل الرحمن.

وفي ختام مشهد الذبح يأتي الفداء؛ ليؤكد نجاح إبراهيم وابنه إسماعيل في أشد اختبار وأقسى ابتلاء؛ ذلك الذي عبر الله سبحانه عنه بالتوكيد بـ"إن" و"اللام"، وبوصف هذا البلاء بأنه مبين، فقال سبحانه: ﴿ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ ﴾ [الصافات: 106]، ثم يأتي التعليل، لتعليل ما خوَّلهما من الفرج بعد الشدة، والظفر بالبغية بعد اليأس: ﴿ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الصافات: 105].

إن الله عز وجل غنيٌّ عن عباداتنا وطاعاتنا، لكنه يختبر ليمحص، ويبتلي ليغفر ويمتحن ليرفع الدرجات، فإذا رأى سبحانه الصدق من عبده رحمه واستجاب له، ثم قربه واصطفاه، لقد استجاب الله دعوة إبراهيم فرزقه بدلًا من الابن ابنين "إسماعيل وإسحاق"، ورحم ضَعفه، فعفا عن الذبيح ونجَّا إسماعيل لأبيه، ثم اصطفى هذا الذبيح؛ ليكون نبيًّا فتقر به عينُ أُمه الصابرة المضحية، ويخلد ذكرُها مع ذِكر نبيين كريمين، ولتُصبح تلك الأماكن منسكًا يتعبَّد الحجاج والمعتمرون به إلى يوم القيامة.

إننا بحاجة للوقوف مع آي القرآن الكريم بحثًا ودراسة، وفهمًا ومعايشة، ومع قصصه تدبرًا واستخلاصًا للعبر والعظات لنحياها واقعًا، فنفيد منها في حياتنا، ونعلمها النشء؛ ليشبوا وقد تشبَّعت قلوبهم بمعاني الإيمان، ويكبروا وقد روتْ مياه اليقين نفوسَهم، فلا نخشى عليهم تقلبات الزمان، ولا عوادي الفتن؛ لأنهم قد تحصَّنوا بأشد الحصون، ولاذوا بركنٍ من الإيمان ركين، نسأل الله فهمًا من غير عِوَج، وعملًا من غير نفاق، ووَحدة للمسلمين من غير فرقة، اللهم آمين يا رب العالمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

قصة إسماعيلَ عليه السلام  وأمَّه هاجر  وبناء البيت العتيق الكعبة Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة إسماعيلَ عليه السلام وأمَّه هاجر وبناء البيت العتيق الكعبة   قصة إسماعيلَ عليه السلام  وأمَّه هاجر  وبناء البيت العتيق الكعبة Emptyالأحد 01 سبتمبر 2019, 11:35 pm

آيات عن إسماعيل عليه السلام
 

♦ ﴿ وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ * وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ * وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ * تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ * فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ * قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ * أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [البقرة: 125 - 140].

♦ ﴿ قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 84].

♦ ﴿ إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا ﴾ [النساء: 163].

♦ ﴿ وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ * وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 83 - 90].

♦ ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ * رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ ﴾ [إبراهيم: 35 - 39].

♦ ﴿ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ * وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [الأنبياء: 85، 86].

♦ ﴿ وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ * رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ * فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ * فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ [الصافات: 99 - 107].



تأملات قرآنية (2)
لماذا جعل الله نجاة سيدنا إسماعيل عليه السلام عيدًا؟
 
تتوالَى التَّكبيراتُ لدُخول العشرِ من ذي الحجة، يَتسابَقُ فيها المتسابقونَ لفِعْلِ الخيراتِ، وتتوجُ أيامهم العشرُ بيومِ العيدِ الذي خصَّ الله به المسلمينَ ليكونَ عيدهم الثاني في السنة، وميَّزَ هذا العيد بذبح الأضاحي.

كثُرت الأقوالُ والآراءُ في الحكمة مِن الأضحية، فمِن الأسبابِ الرئيسةِ: إطعام الفقراء؛ كي لا يقضوا عيدهم دون لحمٍ، ومنها إحياءُ سُنَّة سيدنا إبراهيم عليه السلام في ذبح الكبش، وغيرها مِن الأسباب.

لكن السبب الأهم مِن بين الأسباب هو: أنَّ الله سبحانه وتعالى أرى العالم كلَّه مشهدَ تحضير سيدنا إسماعيل عليه السلام للذبح، وصوَّر كلَّ ذلك في القرآن تصويرًا فائقَ الرَّوْعة في سورة الصافات بقوله: ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ [الصافات: 102 - 107].

وبعدَ كلِّ هذا العناء والحزن والقلق مِن جهةٍ، والإذعان لأمر الله وطاعته دون مراءٍ مِن جهة أخرى - أتى الأمرُ الربانيُّ بنجاة ِسيدنا إسماعيل عليه السلام.

فما الداعي لهذا الابتلاء العظيم الذي وصفَه الله تبارك وتعالى بقوله: ﴿ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ ﴾ [الصافات: 106]، وبقوله: ﴿ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ﴾ [البقرة: 124]؟ هل أن الله سبحانه وتعالى كان بحاجةٍ لاختبار إيمان سيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل عليهما السلام؟

لا بالطبع؛ فهذا الابتلاءُ لِأَمْرٍ أعظم بكثيرٍ مِن مجرد كونه ابتلاءً، فالحكمةُ مِن كل هذا هي: أنَّ الله تعالى يريد أن يُعطيَ للبشرية التي كان يسود فيها آنذاك - وحتى يومنا هذا في بعض البلدان الكافرة - التضحيةُ بالبَشَرِ للآلهة درسًا؛ فالإلهُ الأوحدُ للبشرية أخبَرَنَا أنه ليس بحاجةٍ لقربان يُقَدَّمُ له مِن البَشَر، وعلَّمَنا أنَّ القربان لا يكون إلا بالحيوان، يُذبح لله، ويكون نفعُه للبشر.

بذلك أنهى فصلًا مُؤلمًا، حزينًا، دمويًّا مِن قَتْل البَشَر للبَشَر باسم القُربان للآلهة، ولم يكتفِ اللهُ تبارك وتعالى بهذا التحريم، بل جَعَل يوم التحريم تاريخًا يُعاد كل سنة، كأنه يُذَكِّرنا بهذا القرار الصارم الذي لا رجعةَ فيه، بل جعل الأمر أكبرَ مِن هذا بكثير، فقد جَعَلَهُ عيدًا يحتفل به المسلمون في كل أنحاء الأرض، اليوم الذي نَجَتْ فيه البشريةُ مِن حُكمٍ لأعراف دمويَّةٍ كانتْ سائدةً لقرون طويلة.

فقَتْلُ الإنسان دون سببٍ حرامٌ في ديننا، ولا ذبحَ للإنسان مطلقًا تحت أي عذرٍ أو لأيِّ سبب غير شرعيٍّ كالقصاص مثلًا، أمَّا ما يفعله البعضُ باسم الديانات الإبراهيمية الثلاث، أو باسم الديانات الزائفة؛ فهو مخالفٌ للدين، وسيكون الله خصمهم يوم القيامة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

قصة إسماعيلَ عليه السلام  وأمَّه هاجر  وبناء البيت العتيق الكعبة Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة إسماعيلَ عليه السلام وأمَّه هاجر وبناء البيت العتيق الكعبة   قصة إسماعيلَ عليه السلام  وأمَّه هاجر  وبناء البيت العتيق الكعبة Emptyالأحد 01 سبتمبر 2019, 11:36 pm

حكم مكة في عهد إسماعيل عليه السلام وبنيه

حينما وضع إبراهيم ابنه إسماعيل عليهما السلام وأمه هاجر[1] - كما أمره الله تعالى - في ردهاء جبال فاران، وهي الجبال التي حول مكة وليس معها من الزاد والماء إلا القليل، متوكلًا على الله تعالى، ومفوضًا أمره وأمرهم إليه وحده، قال الله تعالى في كتابه الكريم على لسان إبراهيم: ﴿ رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ﴾ [إبراهيم: 37].

فأحاطهما الله -جل وعلا- بعنايته وكفايته، فهو نعم الحسيب والوكيل، فأفاض الله عليها بنعمه وآلائه ما لا حصر له... فانفجرت زمزم بين قدمي إسماعيل عليه السلام وذلك حينما انتهى ما معها من ماء، واشتد عطش الصبي وظمأه فبكى وأخذت أمه هاجر تهرول بين الجبلين الصفا والمروة، تدعو الله تعالى وتستغيثه لابنها إسماعيل عليه السلام فبعث الله تعالى جبريل عليه السلام فهمز بعقبه في الأرض فظهر الماء، وسمعت الأم أصوات السباع فخافت عليه، فجاءت تشتد نحوه، فوجدته يفحص عن الماء بيده من تحت خده ويشرب، فجعلته حسيا - أي حفيرة صغيرة - أي زمتها بالتراب لئلا يأخذ الماء يمينًا وشمالًا، بل يظل في مكانه محصورًا في العين[2].

وهكذا جعل الله تعالى زمزم عينًا ومعينًا لهما حتى جاءت قبيلة جرهم العربية، وهم من العماليق، قافلين من الشام، فاستأذنوا هاجر أن يبقوا بجوارهما وتستأنس بهم فرضيت على أن تكون زمزم ملكها، ثم لما كبر إسماعيل تعلم منهم العربية، ثم تزوج من بناتهم فتاة تدعى: عمارة بنت سعيد بن أسامة، وهي التي استقبلت نبي الله إبراهيم عليه السلام بفظاظة وغلظة، فأوصاها عليه السلام أن تبلغ زوجها إسماعيل أن يغيِّر عتبة بابه، وقد ذكر الإمام السهيلي أنه يقال اسمها: جداء بنت سعد، فطلقها إسماعيل عليه السلام وتزوج من امرأة أخرى من جرهم أيضًا، استقبلت إبراهيم عليه السلام بالترحاب وأحسنت استضافته فأوصاها أن تبلغ إسماعيل عليه السلام أن يثبت عتبة بيته، ثم أنجب منها أولاده؛ وهم العرب المستعربة.

وقال السهيلي أيضًا أن اسمها سامة بنت مهلهل، كذلك ذكر المسعودي اسمها[3].

هذا، وقد أثنى الله تعالى على إسماعيل ووصفه بالحلم والصبر، وصدق الوعد، والمحافظة على الصلاة، وأمر أهله بها ليقيهم العذاب، مع ما كان يدعو إليه من عبادة الله وحده لا شريك له.

قال تعالى: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا ﴾ [مريم: 54، 55].

أما عن سر تسمية (إسماعيل) فقيل: إنما سمي إسماعيل لأن الله سمع دعاء هاجر ورحمها حين هربت من سيدتها سارة أم إسحاق، وقيل: إن الله سمع دعاء إبراهيم، ذكر ذلك المسعودي.

وقد قام إسماعيل عليه السلام ببناء الكعبة المشرفة؛ أي رفع قواعدها، مع أبيه إبراهيم أبي الأنبياء عليه السلام وذلك بعد أن اختبر الله تعالى قوة إيمان كل منهما بأمره لإبراهيم بذبح ابنه الوحيد الذي أنجبه بعد أن بلغ من الكبر عتياً يدعو الله ليلًا ونهارًا بأن يهبه ذرية طيبة قال تعالى: ﴿ رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ * فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ ﴾ [الصافات: 100، 101].

فلما وهبه الله الولد الصالح، وبلغ معه مبلغ الصبا وبدأ السعي مع أبيه أمره الله جل وعلا بذبحه؛ قال تعالى: ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ * كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الصافات: 102 - 111].

وبذلك فدى إسماعيل بذبح عظيم، ثم قام إبراهيم برفع القواعد لبناء الكعبة المشرفة بالمعاونة مع ابنه إسماعيل، وبإرشاد من رسول الله جبريل - عليه السلام -.

هذا، وقد ذكر ابن الجوزي[4] عن أبي جهم بن حذيفة بن غانم، قال: أوحى الله إلى إبراهيم أن يبني البيت وهو يومئذ ابن مائة سنة، وإسماعيل يومئذ ابن ثلاثين سنة فبناه معه.

أما حدود الحرم: فأول من وضعها الخليل إبراهيم عليه السلام وكان جبريل يأمر به، ثم لم يتحرك عن هذه الحدود، حتى جاء قصي بن كلاب فجددها، فقلعتها قريش في زمن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فاشتد ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء جبريل عليه السلام فقال: إنهم سيعيدونها، فرأى رجال منهم في المنام قائلًا يقول: حرم أعزكم الله به نزعتم أنصابه، الآن يتخطفكم العرب، فأعادوها. فقال جبريل للهادي البشير محمد صل الله عليه وسلم: يا محمد أعادوها، فقال: فأصابوا؟ قال: ما وضعوا منها نصبًا إلا بيد ملك.

ثم بعث الهادي البشير محمد صل الله عليه وسلم في عام الفتح تميم بن راشد فجددها، ثم جددها عمر بن الخطاب، ثم جددها معاوية بن أبي سفيان، ثم عبدالملك بن مروان[5].

أما عن رفع القواعد لبناء الكعبة فقد سجله الله تعالى في قرآنه الكريم قال تعالى: ﴿ وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ * وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ * ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ * ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ﴾  [الحج: 26 - 30].

وهو البيت العظيم الذي جعله الله تعالى مثابة للناس وأمنًا قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [الحج: 25].

وقال تعالى: ﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [البقرة: 127 - 129].

ومن دعاء إبراهيم لمكة أيضًا قال تعالى في كتابه الكريم: ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيم ﴾ [إبراهيم: 35، 36].

هذا، وقد جعل الله تعالى البيت الحرام مثابة للناس وأمنا، ثم أمر الله تعالى أن يكون مقام إبراهيم مصلى، وأمر إبراهيم وإسماعيل بتطهير البيت لمن يأتي إليه حاجًا ومعتمرًا ومقيمًا، قال تعالى:﴿ وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ * وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾  [البقرة: 125، 126].
 
وقد استعان إبراهيم وابنه إسماعيل في بناء البيت بأبناء جرهم بن عابر بن سبأ بن يقطن، فعملوا معهما، وكانت منازل جرهم بمكة وما حولها[6].


أما عن أولاد إسماعيل عليه السلام فهم:

نابت، وقيدر، وأذبل، وميشى، ومسمع، وماشى، ودوصا، وأرر، ويطور، وبنش، وطيما، وقيذما، هذا ما ذكره ابن كثير[7].

أما ابن هشام[8] فقد ذكر أسماؤهم عن ابن إسحاق -وهم اثنا عشر رجلًا- فقال: نابتا (وكان أكبرهم)، وقيذر، وأذبل، ومبشا، ومسمعا، وماشي، ودمَّا، وأذر، وطيما، ويطور، وبنش، وقيذما، وأمهم رعله بنت مضاض الجرهمي.

أما المسعودي[9] فيقول: وولد لإِسماعيل اثنا عشر ولداً ذكراً، هم: نابت، وقيدار، وأدبيل، ومبسم، ومشمع، ودوما، ودوام، ومسا، وحداد، وثيما، ويطور، ونامش. وكل هؤلاء قد أنْسَلَ.

والمعروف أن إسماعيل هو أبو العرب المستعربة؛ أي الذين اكتسبوا العربية من أخوالهم قبيلة جرهم، فقد ذكر البلاذري أن أول من تكلم العربية من ولد إبراهيم إسماعيل حين أتى مكة وله أقل من عشرين سنة، ونزل بجرهم فأنطقه الله بكلامهم وكان كلامهم العربية.

وكان إسماعيل فارسًا راميًا حتى أنه روي عن الهادي البشير محمد صل الله عليه وسلم أنه قال لقوم من أسلم في رواية عن ابن سعد عن الواقدي: "ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميًا"[10].

وقد كان إسماعيل عليه السلام نبيًا مرسلًا أرسله الله تعالى إلى أخواله من جرهم وإلى العماليق الذين كانوا بأرض الحجاز فمنهم من آمن ومنهم من كفر، وقد سُمي إسماعيل "ذا المطابخ" لأنه حين ملك أقام بكل بلدة من بلدان العرب دار ضيافة[11]، كما سمي إبراهيم "جامع الشمل" لأنه أمّن في ملكه كل خائف وردّ كل طريد واستصلح الناس[12]، كذلك سمت العرب إسماعيل "عرق الثرى" فيقصدون بذلك: أنه راسخ، ممتد.. وقال قوم سمي بذلك لأن أباه لم تضره النار، كما لا تضر الثرى[13].

وقد ظل إسماعيل عليه السلام بمكة ينظم أمورها ويدعو أهلها إلى تعاليم الإسلام الذي نادى بها أبوه إبراهيم عليه السلام حتى توفي عليه السلام وعمره -كما يذكر- يناهز مائة وثلاثين سنة، ودفن في الحجر مع أمه هاجر رحمة الله عليهم جميعًا[14].

وبعد وفاة إسماعيل قام بأمر البيت قيذر (قيدار) بن إسماعيل، وأمه جرهمية، ثم نابت بن قيذر، ثم تيمن بن نابت، ثم نابت بن السميدع بن تيمن بن نابت، فلما توفي نابت غلبت جرهم عليهم وعلى البيت فكانوا ولاته وقوّامه ما شاء الله، هذا ما ذكره البلاذري[15] أما ابن هشام[16] فقد ذكر عن الذي تولى أمر البيت بعد إسماعيل ابنه نابت بن إسماعيل ما شاء الله أن يليه، ثم ولي البيت مضاض بن عمرو الجرهمي، بينما ذكر الطبري[17] أن النبت هو قيذر.

ثم نشر الله ولد إسماعيل بمكة، وأخوالهم من جرهم، ولاة البيت والحكام بمكة لا ينازعهم ولد إسماعيل في ذلك لخئولتهم وقرابتهم وإعظامًا للحرمة أن يكون بها بغي أو قتال -وقد سبق أن تقاتل بنو قطراء وزعيمهم السميدع، وبنو جرهم وزعيمهم مضاض بن عمرو: وهم بنو عمومة، وانتصر مضاض بن عمرو على السميدع بعد قتال مرير في مكة، ثم تداعوا إلى الصلح- فلما ضاقت مكة على ولد إسماعيل انتشروا في البلاد، فلا يناوئون قومًا إلا أظهرهم الله عليهم بدينهم فوطئوهم[18].

وقال البلاذري[19]: فلما مات نابت، غلبت جرهم على البيت فكانوا ولاته وقوامه ما شاء الله، وتفرق ولد إسماعيل من العرب بتهامة، وفي البوادي والنواحي إلا من قام حول مكة من ولد نزار، تبركًا بالبيت.

[1] هاجر: هي أم إسماعيل، من أم العرب، قرية كانت أمام الفرما من مصر (السيرة ج1 ص6-7 طبعة بيروت، دار المعرفة) ويذكر الإمام السهيلي أن هاجر كانت قبل ذلك لملك الأردن، واسمه صادق، ودفعها إلى سارة حين أخذها من إبراهيم عجبًا منه بجمالها، فصرع مكانه، فقال: ادعي الله أن يطلقني.. الحديث، وهو مشهور في الصحاح، فأرسلها وأخدمها هاجر، وكانت هاجر قبل ذلك الملك بنت ملك من ملوك القبط بمصر. وقال الطبري: وكانت من أهل منف، والملك فيها، كما ذكر الطبري أن فرعون من فراعنة مصر الأولى هو الذي أراد أن يتناول سارة فيبست يده إلى صدره، فأكبرها وأعظمها وطلب منها أن تدعو الله تعالى أن يطلق يده، ويعفو عنها ويطلقها، وتكرر ذلك منه ثلاث مرات، ثم وهبها هاجر، فعادت بها إلى إبراهيم -عليه السلام- وهو يصلي، فلما انتهى من صلاته قال: كفى الله كيد الفاجر الكافر وأخدم هاجر. (السهيلي الروض الأنف ج1 ص90-91، تحقيق عبدالرحمن الوكيل - القاهرة، مكتبة ابن تميمة، الطبعة الأولى 1414هـ/1993م، وأيضًا الطبري: تاريخ الطبري، تاريخ الأمم والملوك ج1 ص245، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم (روائع التراث العربي)، بيروت، (د.ت، د.ن).

هذا، وعن كون هاجر ابنة ملك من ملوك القبط بمصر يقول الإمام السهيلي عن الطبري: إنّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ حِينَما حَاصَرَ مِصْرَ، قَالَ لِأَهْلِهَا: إنّ نَبِيّنَا -عَلَيْهِ السّلَامُ- قَدْ وَعَدَنَا بِفَتْحِهَا، وَقَدْ أَمَرَنَا أَنْ نَسْتَوْصِيَ بِأَهْلِهَا خَيْرًا، فَإِنّ لَهُمْ نَسَبًا وَصِهْرًا، فَقَالُوا لَهُ: هَذَا نَسَبٌ لَا يَحْفَظُ حَقّهُ إلّا نَبِيّه، لِأَنّهُ نَسَبٌ بَعِيدٌ. وَصَدَقَ كَانَتْ أُمّكُمْ امْرَأَةً لِمَلِكِ مِنْ مُلُوكِنَا، فَحَارَبْنَا أَهْلَ عَيْنِ شَمْسٍ، فَكَانَتْ لَهُمْ عَلَيْنَا دَوْلَةٌ، فَقَتَلُوا الْمَلِكَ وَاحْتَمَلُوهَا، فَمِنْ هُنَاكَ تَصَيّرَتْ إلَى أَبِيكُمْ إبْرَاهِيمَ - أَوْ كَمَا قَالُوا .. [انظر: الطبري ج4 ص229، والروض الأنف ج1 ص90، 91].

وهاجر أول امرأة ثقبت أذناها، وأول من خفض من النساء، وأول من جرت ذيلها، وذلك أن سارة غضبت عليها، فحلفت أن تقطع ثلاثة أعضاء من أعضائها، فأمرها إبراهيم أن تبر قسمها بثقب أذنيها وخفاضها، فصارت سنة في النساء.

هذا، ومن المعروف أن الهادي البشير محمد صلى الله عليه وسلم تسرر فيهم، لذا ورد حديث عن عمر مولى غرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الله الله في أهل الذمة، أهل المدرة السوداء السُّحم الجعاد، فإن لهم نسبًا وصهرًا" قال عمر مولى غُرة: نسبهم أن أم إسماعيل النبي صلى الله عليه وسلم منهم وصهرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تسرر فيهم، فأم إسماعيل هاجر من (أم العرب) قرية كانت أمام الفرما من مصر، وأم إبراهيم: مارية سُرِّية النبي صل الله عليه وسلم التي أهداها له المقوقس من حفنه، من كورة أنصنا .

وفي حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلم ما ذكره ابن إسحاق عن محمد بن مسلم الزهري عن كعب بن مالك الأنصاري أن الهادي البشير، قال: "إذا افتتحتم مصر، فاستوصوا بأهلها خيرا؛ فإن لهم ذمة ورحما"، فقلت لمحمد بن مسلم الزهري، "ما الرحم التي ذكر رسول الله صل الله عليه وسلم لهم؟ فقال: كانت هاجر أم إسماعيل منهم". (انظر: السيرة لابن هشام ج1 ص6، 7 طبعة بيروت، دار المعرفة، تحقيق مصطفى السقا وآخرين، والروض الأنف للسهيلي ج1 ص89، 92).

[2] السيرة لابن هشام ج1 ص111، طبعة دار المعرفة، البداية والنهاية لابن كثير ج1 ص212.

[3] أخبار مكة للأزرقي ج1 ص57، تحقيق رشدي الصالح ط4، مكة المكرمة، مطابع دار الثقافة، 1403هـ/ 1983م، الروض الأنف للسهيلي ج1 ص92-93، الكامل لابن الأثير ج1 ص93، مروج الذهب للمسعودي ج2 ص46 وما بعدها، تحقيق محيي الدين عبدالحميد، بيروت، المكتبة العصرية، البداية والنهاية لابن كثير ج1 ص173.

[4] المنتظم في تاريخ الملوك والأمم لأبي الفرج عبدالرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي (ت 597هـ) دراسة وتحقيق محمد عبدالقادر عطا، ومصطفى عبدالقادر عطا، مراجعة وتصحيح نعيم زرزور، بيروت، دار الكتب العلمية، الطبعة الثانية ج1 ص270 وأيضًا مروج الذهب للمسعودي ج2 ص49.

[5] المصدر السابق لابن الجوزي ص270 -271.

[6] جمل من أنساب الأشراف للبلاذري ج1 ص12، 13.

[7] البداية والنهاية ج1 ص214، طبعة بيروت، دار المعرفة، الطبعة الثانية، 1417هـ/ 1997م.

[8] السيرة ج1 ص4، 5، طبعة بيروت، دار المعرفة، وانظر أيضًا: تاريخ الطبري ج1 ص314، 315، الكامل لابن الأثير ج1 ص112.

[9] مروج الذهب ج2 ص49.

[10] جمل من أنساب الأشراف للبلاذري ج1 ص9، 10.

[11] الروض الأنف للسهيلي ج1 ص91، تحقيق عبدالرحمن الوكيل، القاهرة، مكتبة ابن تيمية، الطبعة الأولى 1414هـ/1993م.

[12] الطبري ج2 ص273 تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم (من روائع التراث العربي).

[13] جمل من أنساب الأشراف للبلاذري ج1 ص10.

[14] السيرة ج1 ص5.

[15] جمل من أنساب الأشراف ج1 ص13.

[16] السيرة ج1 ص111.

[17] تاريخ الطبري ج2 ص276.

[18] السيرة لابن هشام ج1 ص111- 113.

[19] جمل من أنساب الأشراف ج1 ص13.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

قصة إسماعيلَ عليه السلام  وأمَّه هاجر  وبناء البيت العتيق الكعبة Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة إسماعيلَ عليه السلام وأمَّه هاجر وبناء البيت العتيق الكعبة   قصة إسماعيلَ عليه السلام  وأمَّه هاجر  وبناء البيت العتيق الكعبة Emptyالثلاثاء 03 سبتمبر 2019, 6:20 pm

قصة سيدنا إبراهيم مع الشيطان , الحكمة من رمي الجمرات , كيفية رمي الجمرات , وقت رمي الجمرات , عدد رمي الجمرات في الحج , أحكام رمي الجمرات , شروط صحة الرمي.

الحج هو المشعر الأعظم وأحد اركان الاسلام ، ومناسك الحج أغلبها لها أسباب جعلتها سنة متبعة، ومن ضمن مناسك الحج رمي الجمرات، والذي يتم على امتداد أيام العيد الثلاثة الأولى في مشعر منى ويكون على ثلاث جمرات الوسطى، الكبرى، الصغرى، ولهذا الركن قصة عجيبة ذكرتها كتب السنة النبوية في أحاديث نبوية مشرفة، تلك القصة التي حدثت بين سيدنا إبراهيم عليه السلام وبين الشيطان.

قصة سيدنا إبراهيم مع الشيطان
ذكر تلك القصة الإمام الحاكم في المستدرك والإمام إبن خزيمة في صحيحه عن سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما قال رسول الله صلّ الله عليه وسلم ” لما أتى إبراهيم خليل الله صلوات الله عليه وسلامه المناسك عرض له الشيطان عند جمرة العقبة، فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض، ثم عرض له عند الجمرة الثانية، فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض، ثم عرض له عند الجمرة الثالثة، فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض”.



وقال بن عباس رضي الله عنهما “الشيطان ترجمون، وملة أبيكم إبراهيم تتبعون”، وروى الأئمة أصحاب كتب السنن الأربعة ما يدلل على ذلك، عن عمرو بن عبد الله بن صفوان أن يزيد بن شيبان قال: “كنا وقوفا بعرفة مكانا بعيدا من الموقف فأتانا ابن مِرْبَع الأنصاري فقال: إني رسول رسول الله صلّ الله عليه واله وسلم إليكم يقول كونوا على مشاعركم فإنكم على إرث من إرث أبيكم إبراهيم عليه السلام”.

الحكمة من رمي الجمرات
تتمثل الحكمة من رمي الجمرات في الحج الاقتداء بالنبي محمد صلّ الله عليه وسلم وإتباع أوامره وترغيم الشيطان وإغاظته، بالإضافة إلى تذكر مع حدث مع إبراهيم وابنه اسماعيل، حين وسوس له الشيطان واعترضه فرمان إبراهيم بسبع حصيات، كما ذكر ابن باز أن الحكمة من رمي الجمرات هي طاعة أوامر الله سبحانه وتعالى، فكل ما أمر به الله أو نهى عنه لا يكون إلا لحكمة معينة، ولذلك فأن على المسلم إتباع ما أمر به الله سبحانه وتعالى والرسول الكريم.

كيفية رمي الجمرات
هناك طريقة محددة لرمي الجمرات، حيث ترمى جمرة العقبة يوم العيد، والجمار الثلاث الأولى والوسطى وجمرة العقبة هي الأخيرة في اليوم الحادي عشر، وكل جمرة بسبع حصيات، مع التكبير عند كل حصاة، وفي اليوم الثاني عشر يفعل مثل ما فعل في اليوم الحادي عشر، مع التوجه إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء مع مراعاة استقبال القبلة والإطالة في الدعاء.

وقت رمي الجمرات
يبدأ رمي جمرة العقبة بعد منتصف الليل، أما رمي الجمرات في أيام التشريق فيبدأ وقته بعد زوال الشمس، وأوضح جمهور أهل العلم أنه إذا خاف الحاج من الزحام أو المشقة أو كان مقيدًا بالسفر فلا إثم عليه في الرمي قبل الزوال عن اليوم التالي، ولكن الأفضل أن يرمي الحاج في اليوم الثاني والثالث بعد الزوال، أما أن يرمي في منتصف الليل عن اليوم التالي، ولم يرد في ذلك قول معتمد عن أهل الفقه.

على المسلم أن يقوم برمي الجمرات بنفسه إذا كان قادرًا على ذلك، لأنه لما أحرم بالحج توجب عليه أن يكمله حتى لو كان متطوعًا، وأوضح بن عثيمين عدم جواز توكيل شخص آخر بالرمي، لأن الرمي من أفعال الحج، وفي حالة عجز الحاج عن الرمي لعذر ما أو كبر السن أو ضعف أو في حالة خافت المرأة على جنينها جاز في ذلك التوكيل للغير برمي الجمرات للضرورة.

عدد رمي الجمرات في الحج
اتفق الفقهاء أن عدد رمي الجمرات التي يرميها الحاج سبعون حصاة، وتكون يوم النحر وأيام التشريق الثلاثة، فيكون لكل جمرة في الأيام الثلاثة إحدى وعشرون حصاة، ويجوز للمسلم أن يرمي يومين فقط، وهو ما يسمى بالتعجل لقول الله سبحانه وتعالى ” فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه “.

يُسنّ في رمي الجمرات أن يقف الحاج عند الأولى والثانية ويطيل المقام، ويدعو الله عندها، أما الجمرة الثالثة فلا يقف عندها، ويكون الرمي بعد الزوال، واختلف الفقهاء فيمن رمى بعد الزوال، فذهب جمهور الفقهاء إلى أن من رمي قبل الزوال عليه الإعادة بعد الزوال.

أحكام رمي الجمرات
ـ لابد أن يكون الرمي بحصى، فلا يصح أن يكون بطين أو إسمنت أو حجر كبير أو غير ذلك.

ـ لا يجوز توكيل الرمي للغير إن كان الموكل قادرًا على الرمي بنفسه.

ـ يشترط لما وكل إليه الرمي أن يرمي لنفسه أولًا ثم يرمي لغيره.

شروط صحة الرمي
ـ وجود حصى في المرمى.

ـ قصد فعل الرمي، أي أن يرمي الحاج الحصى وفي نيته رمي الجمرة، فلو رمى الحصى في الهواء دون قصد منه في رمي الجمرة لم يجزه ذلك، ولو وصلت الحصاة إلى المرمى بدون قصد لم تجزة.

ـ وقوع الحصى في مجمع الحصى الموجود في الحوض في المرمى، حيث أن بعض الحجاج يظنون أن الحصى وقعت في المرمى.

ـ تفرق الرميات، حيث أن اعتبار رمي الحصيات كلها دفعة واحدة كأنها رمية واحدة لا يجوز.


ـ الترتيب، جمرة العقبة أولًا ثم رمي الوسطى ثم الصغرى    .




كيفية رمي الجمرات يبدأ نسك رمي الجمرات من يوم النحر الذي هو أول أيام عيد الأضحى؛ حيث يرمي الحجاج في ذلك اليوم جمرة العقبة اقتداءً بالنبي صل الله عليه وسلم حيث ثبت أنّه لمّا حجَّ رمى الجمرات يوم العيد في ذلك الموضع بسبعِ حصيات، وقد رمى جمرة في أوّل يومٍ من أيام العيد الذي هو يوم النحر جمرة العقبة فقط، وتلك الجمرة تقع بعد مكّة مباشرةً؛ حيث يتمُّ رمي تلك الجمرة بسبع حصيّات، يكبِّر الرامي مع كل حصاةٍ يرميها قائلاً: (الله أكبر)، ثم بعد ذلك يرمي الحاج في كل يومٍ من أيام التشريق الثلاثة التي هي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من شهر ذي الحجة سبع حصياتٍ أخرى في مواضع الرمي المُخصّصة لذلك؛ حيث يبدأ الرمي بعد الزوال إلى غروب شمس كلّ يومٍ من تلك الأيام، وإن لحق الحاج عجزٌ، أو مرضٌ، أو كانت به علّةٌ، أو حبسه شيءٌ عن الرمي في وقت الرمي الذي هو بين الزوال والغروب جاز له الرمي في الليل حتى بعد منتصف الليل.[١]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
قصة إسماعيلَ عليه السلام وأمَّه هاجر وبناء البيت العتيق الكعبة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قصة أول مسلم هاجر إلى الولايات المتحدة
» رمز السلام.. وأشهر رموز السلام في التاريخ بالصور
» البابور في الناصرة… تاريخ عريق ومخزن للتراث العتيق
» رمضان وبناء الأمة .,.!
» السيرة النبوية وبناء أمة الإسلام

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: الدين والحياة :: السيرة النبوية الشريفة :: انبياء الله-
انتقل الى: