ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 69754 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 77 الموقع : الاردن
| موضوع: الأزمة الأمنية في فلسطين وسيكولوجية الفلتان الأمني الأربعاء 09 ديسمبر 2020, 4:45 am | |
| [size=30]“الأزمة الأمنية في فلسطين وسيكولوجية[/size]1 الأزمة الأمنية في فلسطين وسيكولوجية الفلتان الأمني الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الخلق والمرسلين، وبعـــــــــد … ملخص البحث: يتناول هذا البحث بين طياته موضوعاً هاماً وخطيراً يشكل تحدياً حقيقياً على أمن وسلامة المجتمع الفلسطيني. ويهدف هذا البحث إلى الولوج في عمق الأزمة الأمنية المتمثلة في عملية الفلتان الأمني في فلسطين، خاصة في عمقها النفسي الذي يمثل أهم مكوناتها. وأهمية هذا البحث تكمن في كونه يلقي الضوء على العوامل المؤثرة على تشكيل هذه الأزمة، وخاصة العامل النفسي الذي أثر بشكل بالغ على هذه الأزمة. وقد تبين بأن أفضل الطرق وأصوبها للوصول إلى الحلول المناسبة هو التقصي السيكولوجي لهذه الظاهرة التي لا يمكن أن تتجرد عنها. The security crisis and psychological the security unrest in Palestine Abstract This research studies one of most important and critical subject, which demonstrates real challenges on the security and safety of the Palestinian society. The goal of this research is the intromission in the security crisis in depth, which represented in the security unrest phenomenon in Palestine. It is concentrated on the psychological depth in particular which is considered as one of the main components affected the crisis. The importance of this research derives from the highlighting on the main effective factors of the constituents of this crises, in particular, the psychology one which have overdo impact on the crisis. The researcher have proposed the psychological investigation as the best method that could control the appropriate solutions, and it could not be denied or neglected. المبحث الأول: خلفية الدراسة المقدمة إن حاجة الإنسان إلى الأمن، مرتبطة بدوافعه الطبيعية، وبناءه النفسي، وبحكم هذه الطبيعة البشرية بشقيها النفسي والجسمي، يمثل الأمن للإنسان ضرورة من أهم ضرورات الحياة. “وإذا تقطعت الروابط الأولية التي تمنح الإنسان الأمن، فإنه يبحث عن بدائل ثانوية “تمنحه الشعور بالأمن وترد إليه الإحساس بالهوية، وترفع عنه عبئ الشعور الذي لا يطاق بالوحدة والعجز واللاجدوى بالاندماج في شيء يعطيه الإحساس بالقوة والأمان” (1) فالأمن هو الحياة, والحياة لا تستقيم في ظل غياب الأمن, وما أدراك لو أن الحياة ذاتها هي الممارسة الأمنية, أو العمل الأمني كوظيفة, فان الأمن بذلك ينحي منحا أكثر ضرورة وأهمية, بل لا تستقيم الحياة بمعزل عن هذا العمل. وبالتالي فان “المشكلة المحورية للوجود الإنساني هي فقدان الأمن اللازم للإنسان، والذي يعايشه الإنسان في جميع مراحل حياته من الطفولة حتى الشيخوخة”(2) وقد يشكل الإنسان المصدر الأكثر خطورة لأخيه الإنسان في الحياة، فيشكل عامل تعاسة، أو عامل سعادة له، كما وقد يشكل له عامل فقدان للتوازن الداخلي، بما يحمل من بواعث الشر في سلوكه، وبما يعكس ذلك السلوك من تأثير على حركة المجتمع، بحيث أن أي مجتمع لا يخلو من المشاكل والمعضلات التي تواجهه، فحركة الحياة بما فيها حركة المجتمع لا يمكن أن تخلو من المشكلات. لذا فقد رافقت الكوارث والأزمات الإنسان منذ أن وجد على هذه الأرض وتعامل معها وفق إمكاناته المتاحة للحد من آثارها أو مارس دور المتفرج فقط إن تجاوزت الأزمة قدراته وإمكاناته المحدودة إن جوهر وحقيقة حركة الفرد والمجتمع، السعي نحو هدف، قد ينجح أحيانا في حل ما يتعرض له من مشكلات أثناء السعي نحو ذلك الهدف، وقد يفشل أحيانا أخرى في الحل ، لكن في المحصلة النهائية لا تتوقف الحياة ولا تنتهي بوجود المشكلات. وبالتالي فإن المشكلة ليست في وجود المشكلة بحد ذاتها، وإنما في تأزمها ووصولها لحد يصعب فيه الوصول لحل لهذه المشكلة.. حيث أن تأزم أي مشكلة ينشأ في الغالب من طبيعة التعامل والتفاعل معها، وفي طريقة حلها، أو في عمق المؤثرات الطبيعية أو المادية أو الاجتماعية التي تعيق التقدم نحو الحل لها. أي أن الأزمة بشكل عام هي تعقد المشكلة، بحيث يستعصى حلها بشكل دائم أو مؤقت. وهي كذلك مجموع السلوكيات غير المنضبطة، أو الموزونة بميزان علمي صحيح ، غالبا ما تتغلغل فيها العديد من العوامل والاعتبارات التي تعمل على تضخيمها وتعميمها بشكل تصاعدي يؤدي لرفع مستواها لدرجه تصبح شكلا من أشكال الفوضى العارمة، أو شكلا من أشكال الفوضى الممنهجة والمبرمجة، وكلا الحالتين خطر، وإن كانت الحالة الثانية أشد خطورة وأعمق انحرافا كونها أزمة موجهة تسعى لتحقيق أهداف مبرمجة. والأزمات بشكل عام والأزمة الأمنية بشكل خاص، تنشأ في كل مجتمع نتيجة لوجود مشكلة معينة تواجه هذا المجتمع في مجال من المجالات، أو عدة مجالات في آن واحد، تؤدي لخلل يؤثر تأثيرا ماديا ومعنوياً على النظام والمجتمع كله، ويهدد الدعائم الرئيسية التي يقوم عليها هذا النظام. والأزمات بشكل عام والأزمة الأمنية بشكل خاص، تنشأ في كل مجتمع نتيجة لوجود مشكلة معينة تواجه هذا المجتمع في مجال من المجالات، أو عدة مجالات في آن واحد، تؤدي لخلل يؤثر تأثيرا ماديا ومعنوياً على النظام والمجتمع كله، ويهدد الدعائم الرئيسية التي يقوم عليها هذا النظام. والأزمة الأمنية نتاج لمشكلة أمنية تراكمت مع مر الزمن، وهي تعبير عن تلك الحالة التي يستفحل فيها الحدث الأمني وتتصاعد فيها الأعمال المكونة لها إلى مستوى التأزم الذي تتشابك فيه الأمور ويتعقد فيه الوضع إلى الحد الذي يتطلب معه ضرورة تكاتف جهود العديد من الجهات الأمنية وغيرها لمواجهتها بحكمة وقدرة على احتواء ما يترتب عليه من أضرار والحيلولة دون استفحالها. والمشاكل الأمنية تعتبر أحد أهم المشاكل التي تواجه المجتمعات اليوم، هذه المشاكل التي تشكل تحديا لجوهر وكينونة الفرد والمجتمع على حد سواء، مما يتطلب الإسراع في التصدي لها ومجابهتها بالحل، وعدم تركها تتراكم لتتحول إلى أزمة، حيث أنه في حال تحولها إلى أزمة قد تمس وتؤثر على جميع مناحي الحياة، كون العامل الأمني يتغلغل في كل جنبات المجتمع برمته، وهذا ما يجعل الأزمة الأمنية أكثر حساسية لدى الفرد والمجتمع عن غيرها من الأزمات الأخرى. والأزمة الأمنية تتميز بسمات خاصة بسبب طبيعة الأمن وخطورة المساس به سواء على صعيد الفرد أم على صعيد المجتمع, الأمر الذي يضاعف من حجم الإحساس بجسامة أي محاولة للنيل منه، و خطورة أي إجراء غير مناسب للعمق السيكولوجى لها مما يوجب ولذا يجب أن تلاحق الأزمة الأمنية ومظهرها السائد في فلسطين المسمى (بالفلتان الأمني)، أول ما تلاحق في عمقها السيكولوجي الذي يؤثر على جميع أبعادها، كونه يؤطر للمشكلة، ويضع لها رأسا للبروز، فتستفحل في المجتمع وتتشعب لتشمل جميع مناحي الحياة الأخرى، وبالتالي تتأثر بها حركة الفرد والمجتمع بشكل سلبي. دواعي اختيار البحث (مشكلة البحث) عمد الباحث لتناول هذا الموضوع الحساس والخطير على المجتمع الفلسطيني، بارتكازه على تحدي خطير للأمن بما يمثله في الواقع المعاش من ضغط لتحطيم الروح المعنوية، مما أثار التساؤل التالي: ما هي معالم الأزمه الأمنيه في فلسطين ممثلة في العمق النفسي لظاهرة الفلتان الامني؟. أهداف البحث: يهدف البحث إلى التعرف على دراسة الأزمة الأمنية المتمثلة في فلسطين بطورها المتقدم (الفلتان الأمني) الذي يشكل موضوعاً هاماً وملحاً في نفس الوقت حيث يتعرض النسيج الوطني الفلسطيني جراء ذلك إلى تمزق وتأكل يقود إلى تفسخ الحياة برمتها لذا يتعين ضرورة الإلمام بهذه الظاهرة التي باتت جد خطيرة على الساحة الفلسطينية والتي إن لم يتم تداركها فقد تفتك بمظاهر الحياة في جميع مجالاتها. أهمية البحث: من أهمية دراسة الأزمة الأمنية في فلسطين(الفلتان الأمني) في أن هذه الأزمة لم تعد حدثاً امنياً محصوراً في مجال ضيق بل غدت امتداد للتهديد الأمني الذي يشمل الحياة برمتها. وقد كان تأثيرها بالغاً علي الفرد والمجتمع، وعلي جميع مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، وعلي ثقافة وفكر الناس وسلوكهم وممارساتهم ، مما يؤكد علي إلحاحية الحل لهذه الأزمة. كما تكمن أهمية دراسة عملية الفلتان الأمني في طبيعته الموضوع الذي يتناوله، مما يجعله ذو أهميه بالغه بالنسبة لما يحتله ذلك من موضوع حساس وهام له علاقة بحياة الناس في المجتمع الفلسطيني. كما تكمن أهمية هذه الدراسة في كونها تركز على العمق النفسي الذي يشكل مع مجموعة من العوامل الأخرى مكونات هذه الأزمة التي كادت تعصف بالمجتمع الفلسطينية برمته. وكذلك تنبع أهميته من خلال الفترة الزمنية محل البحث، وهي فترة انتفاضة الأقصى، وما لوحظ فيها من تزايد لعمليات الفلتان الأمني في الأراضي الفلسطينية . كما تنبع أهميته من خلال استفادة رجال العلم والدعوة، على مستوى العمل الشعبي والتنظيمي، في التركيز من خلاله على تنمية الروح المعنوية، والصمود والمقاومة وعدم القنوط واليأس، وفي الاستفادة منه على مستوى الدراسات والبحوث الأكاديمية وغيرها. كما تنبع أهميته في إمكانية استفادة رجال الأمن في عدم التأثر بما تبثه وسائل الإعلام الصهيوني، وخاصة الحرب النفسية من كذب وافتراء لتزيد من حالة التدهور الأمني. منهج البحث: سوف يحاول الباحث الإجابة عن مشكلة البحث، وفق المنهج الوصفي التحليلي، الذي يدرس الظاهرة كما هي في الواقع، ويفسرها ويحللها في ضوء معطياته، ثم يقدم المقترحات والحلول والتوصيات المناسبة للتعامل معها بشكل يفيد في التخفيف من آثارها الآنية واللاحقة. صعوبات البحث في هذا الموضوع: إن من أبرز الصعوبات في الكتابة في المجال الأمني إنه يمثل كياناً منغلقاً تلفه السرية والخصوصية, يجعل من الصعب أن يتدخل أحداً في شئونها الداخلية ليطلع على خباياها، مما يكون له أثر بالغ في قلة الاستفادة من المعلومات التي تشكل الظاهرة، مما يشكل صعوبة للباحث منشأها الندرة المعلوماتية. تعريف المصطلحات: الأزمة في اللغة: أزمة الشدة والقحط. ويقال أصابتنا أزمة، أي شدة.(3) ” الأزمة، والآزمة: جمع إزم وأزم وأزمات وأوزام: الشدة والضيقة. نقول أزمة اقتصادية، وأزمة سياسية..الخ. (4) الأزمة في الاصطلاح: هي حالة وصول الحل لمشكلة ما إلى طريق مسدود يعيق التقدم تجاه حلها. الأمن في اللغة: أمن: الأمان والأمانة بمعنىً, وقد أمِنتُ فأنا أمِنٌ, وآمنت غيري من الأمن والأمان. والأمن: ضد الخوف. والأمانة ضد الخيانة. والإيمان : ضد الكفر, فأما آمنتُهُ المُتَعَدي فهو ضد أخفته. وفي التنزيل: ” آمنهم من خوف”. قال ابن سيده: الأمن نقيض الخوف, أمن فلانٌ يأمَنُ أمناًً وأمَناًً (حكى هذه الزَجاج), وأمنةً وأمنا فهو أَمِن. والأمَنَةَ: الأَمن, ومنه: ” أَمنةً نعاساً ” و” إذ يغشاكم النُعاسُ أَمَنَةَ منه”. في أمانة, وقد أمّنه وآمَنَهُ والمأْمَنُ: موضع الأمن. (5) أمن(الأمانُ) و(الأمانة) بمعنى ًوقد (أمِن) من باب فهم وسَلم و(أماناً) و(أمَنة) بفتحتين فهو (آمِن) و (آمَنه) غيره من (الآمن) و( الأَمَان) و(الأيمان) التصديق والله تعالى (المؤمن) لأنه (آمنَ) عباده من أن يظلمهم. و(الأمْنُ) ضِد الخوف و(الأمِنة) الأَمن كما مَرَّ ومنه قوله تعالى ” أمَنَةٌّ نُعاساً”. و(استأمَنَ) إليه دَخلَ في أمَانه. وقوله تعالى” وهذا البلد الأمين” الأمن.(6) أمِنَ: أمناً وأماناً وأَمنة: اطمأن فهو أَمِن وأمين وآمن والأسد ومنه: سَلِم, استأمنه: طلب منه الأمان. الأمان: الطمأنينة والعهد والحماية والذّمة. الأمَنة: الاطمئنان وسكون القلب. الأَمُون: المطيَّة المأمونُة العثار. المأمن: موضع الأمن. أَمن- أمناً: وثق به وأركن إليه فهو آمِن. آمن ايمانا به: صدّقه ووثق به. الأمانة: من يثق بكل احد. الأُمنة: الموثوق به الأمين. (7) الأمن اصطلاحاً: هو مفهوم يشير إلى مجتمع شعر أفراده بحاجاتهم إلى الأمن فقاموا بإجراء استعادوا به أمنهم) ( ويعرف بالأمن العام” ويقصد به كل ما يطمئن الفرد على نفسه وماله”(9) ويعرف بأنه “عبارة عن المحافظة علي المعلومات والأسرار التي تسبب عن إفشائها بدون مبرر وضرورة، خطر يمس بمصالح الدولة ويعرضها للخطر الفادح ” (10) وهو مصطلح “يشتمل إجراءات الأمن الدفاعية التي تتم اتخاذها من قبل كافه القيادات والإدارات المعينة والتي تهدف إلي حماية المعلومات من البحث العلني والبحث السري والمنشئات من التخريب والأفراد من الأنشطة والإجراءات الايجابية التي تتخذها أجهزة الأمن”(11) وقد عرفه عبيد بأنه “ثمرة الجهود المبذولة المشتركة من قبل الدولة وأفراد المجتمع خلال مجموعة من الأنشطة والفعاليات في شتى مجالات الحياة للحفاظ على حالة التوازن الاجتماعي بالمجتمع”(12) وعرفه نافع بأنه “الشعور الذي يسود الفرد أو الجماعة بإشباع الدوافع العضوية والنفسية، واطمئنان الجميع بزوال ما يهددهم من مخاطر” (13) واعتبره قدورة “بأن حاجة الإنسان الغريزية إلى الأمن تدفعه إلى الدأب في السعي إلى استكشاف البيئة المحيطة به سواء كانت بيئة مادية، أو اجتماعية للتعرف عليها، والتفريق بين النافع والضار فيها، بحيث يشبع حاجته إلى الأمن” (14) وتعتبر الموسوعة السياسية بأن الأمن هو “التنمية… والتي بدونها لا يمكن أن يوجد أمن، والدول النامية التي لا تنمو في الواقع لا يمكن أن تظل آمنة” (15) ويقول روبرت ماكنمارا: وزير الدفاع الأميركي في كتابه جوهر الأمن (1968) “الأمن هو القضاء على الجوع و الفقر” (16) وعرفه المشاط بأنه “حالة يوجد بها الإنسان لتستثار فيها دوافعه الغريزية للدفاع أو الهرب أو العدوان، وهذه الحالة كما توجد في الأفراد توجد في الجماعة” (17) ويعرفه وولتر ليبمان عام 1943 بقوله “أن الدولة تكون آمنة حينما لا تضطر إلى التضحية بمصالحها المشروعة لتجنب الحرب” (18) تعريف الأزمة الأمنية: هي “عملية اختلال في التوازن الذاتي الداخلي، أو البيئي للفرد أو المجتمع”. أو هي” تلك الحالة التي يستفحل فيها الحدث الأمني وتتصاعد فيه الأعمال المكونة لمستوى التأزم الذي تتشابك فيه الأمور ويتعقد الوضع إلى الحد الذي يتطلب معه ضرورة تكاتف الجهود من الجهات الأمنية وغيرها، لإحتواء بحكمه وخبرة ما يترتب عليها من أضرار والحيلولة دون استفحالها”. الفلتان في اللغة: ” جمع فلتان.. سريع..رجل فلتان: نشيط جريء، حديد الفؤاد، متسرع إلى الشر. والفالت: الشاب السائر على هواه، الفلتى الذي لا يصون نفسه عن ارتكاب المعاصي. (19) “والفلتان: المتفلت الى الشر، وقيل: الكثير اللحم. والفلتان: السريع، والجمع فلتان. والفلتان والصلتان، من التفلت والانفلات.(20) الفلتان الأمني اصطلاحاً: هي حالة متقدمة من حالات الأزمة الأمنية تصل الأمور فيها لحد فقدان الأمن والأمان النسبي أو الكلي للوطن والمواطن. تعريف سيكولوجية الفلتان الأمني هي” البنية النفسيه الأكثر عمقا في تكوين المشكلة والتي تؤثر على جميع أبعادها بشكل كبير كونها تؤطر لها وتتشعب بها لتشمل جميع مناحي الحياة الأخرى. محددات الدراسة: المحدد الزماني: يتناول البحث الحقبة الزمنية الممتدة من بداية انتفاضة الأقصى حتى إعداد البحث. المحدد المكاني: يتناول البحث المساحة المكانية المتمثلة في أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية. المحدد الأكاديمي: يتناول البحث موضوعاً يشغل بال كل الحريصين على وحدة المجتمع الفلسطيني. خطة البحث: سوف قسم البحث لأربع مباحث هي: المبحث الأول: ويشمل خلفية الدراسة وهي: المقدمة، وأسباب المشكلة، وأهدافها، وأهميتها، والمنهج المتبع فيها، والصعوبات التي واجهت الباحث، والمصطلحات، ومحددات الدراسة، ثم خطة الدراسة. المبحث الثاني: ويشمل: أولاً: سمات الأزمة الأمنية. وثانياً: عوامل بروز الأزمة الأمنية. المبحث الثالث: ويشمل: أولاً: مراحل الأزمة الأمنية. وثانياً: آثار نتائج الأزمة الأمنية. المبحث الرابع: ويشمل: أولاً: العوامل المساعدة في حل الأزمة. وثانياً: أساليب وطرق حل الأزمة الأمنية. ثم تعقيب عام على الدراسة، وخاتمة تشمل: ملخص للبحث، وأهم النتائج، والتوصيات. المبحث الثاني: سمات وعوامل الأزمة الأمنية أولاً: معالم وسمات الأزمة الأمنية: ويمكن رصد عدد من السمات التي تحدد طبيعة هذه الأزمة الأمنية والتي تسمى في فلسطين بعملية (الفلتان الأمني) والتي منها سمة: التشعب والتمدد: تمتاز الأزمة الأمنية التي تنغرس اليوم في جسم الشعب الفلسطيني بكونها ذات طبيعة تمدديه تتشعب في جميع مجالات الحياة. حيث لا تقتصر فقط على الحياة الأمنية ومجالاتها المتعددة، بل لقد امتدت اليوم في الواقع الفلسطيني لعصب الحياة برمتها سواء النفسية أو الاقتصادية أو السياسيه أو الفكرية أوالاجتماعية وغيرها، وهذا التشابك والتمدد قد طفا على جميع مجالات الحياة، بحيث يصعب الفصل فيه على سبيل المثال بين العامل النفسي وغيرة من العوامل الأخرى. الترويع الأمني: ومن ابرز سمات وخصائص الأزمة الأمنية في فلسطين (الفلتان الأمني) هو تخويف وترويع أمن المواطن، ومما يزيد الطين بله أنه سرعان ما يمتد هذا الترويع ليشمل الوطن برمته. حيث امتدت الأزمة الأمنية لتشمل جميع الأنشطة والقطاعات المدنية والأمنية، ولم يقتصر الأمر بالاعتداء على الأجهزة الأمنية، بل امتد وتشعب لكافة الأجهزة المدنية، ابتداء من المعابر كمعبر رفح البري بسبب الإغلاق، وما يحدث من عمليات اعتداء على ممتلكات المعبر من قبل بعض العابثين، إلى الاعتداء على الوزارات كما حدث في العمليات المتكررة على وزارة الصحة والتعليم، وكذلك الاعتداء على البلديات والمحافظات. وكانت ذروته قتل الأطفال من عائلة بعلوشة فأصبح الأهل غير آمنين على أبنائهم في خروجهم وانتقالهم إلى مدارسهم ورياضهم خوفا من هذا الانزلاق الأمني الخطير وعمليات القتل المتكررة التي لم يتم التعرف على كثير من مرتكبيها حتى الآن. صعوبة السيطرة: إن صعوبة السيطرة على الأزمة الأمنية تشكل كذلك ابرز السمات والصفات التي تميز حالة الفلتان الأمني في فلسطين وانعدام السيطرة تعنى عدم قدرة المؤسسة الأمنية بشكل خاص والمؤسسة الحاكمة بشكل عام على تطويق الأزمة وإيقافها ثم السيطرة عليها والقضاء عليها بشكل تام وصعوبة السيطرة على الأزمة تؤدى إلى تجرؤ عناصر مسلحة منظمة أو غير منظمة الاستهانة والاستهتار بالأجهزة الأمنية، بل قد يتعدى الأمر إلى استفزاز هذه الأجهزة وجرها إلى معارك جانبية لا تخدم المصلحة العامة للوطن. التسويف والمماطلة: إن من خصائص وسمات الأزمة الأمنية في فلسطين كذلك التسويف والمماطلة لكي يستمر عمرها أطول وقت ممكن. لأن التسويف والمماطلة عملية خداعية يهدف من ورائها كسب الوقت هروبا من مواجه الأزمة ذاتها وعدم حلها مما يزيد التعقيد للازمة والتشابك فيما بينها. وهذا ما لمسناه في عملية الهروب المقصودة من مواجهة الأزمات التي كان تتعرض لها الساحة الفلسطينية. فمثلاً عندما كانت تندلع أحداث جانبية بسيطة بين بعض العائلات كانت تحتاج لبعض الحزم والقوة لإخمادها تتريث السلطة ولا تحرك ساكناً حفاظاً على بعض المصالح الآنية والمؤقتة، مما يزيد من تفاقم هذه المشكلة وتطورها بشكل يصعب أو حتى يستعصي الحل لها، وبالتالي ينقلها من مرحلة المشكلة لمرحلة الأزمة وربما يتطور الأمر لتصل لمرحلة الاستعصاء أو الفلتان الأمني الذي يقود الوطن برمته لحالة من الفوضى لا تحمد عقباها. التخريب غير المبرر: ومن أهم سمات الأزمة الأمنية في فلسطين كذلك استخدامها لوسائل عنيفة وأكثر دموية تسعى إلى تخريب وتدمير البنية التحتية للمجتمع. وهذا التخريب يشل الساعين ونشاطهم لعلاج هذا التأزم ويهدف بكل وضوح إلى بث الرعب في نفوس المواطنين ويحد من القدرة على العلاج بشكل مناسب. ومن عمليات التخريب الاستيلاء على المؤسسات العامة والخاصة، من قبل بعض العناصر المدعومة والمنتفعة، وكذلك التخريب المتعمد للمؤسسات الأمنية وتدمير محتوياتها والاعتداء على عناصرها، بالإضافة على عمليات الاعتداء على الجامعات والمعاهد العلمية خاصة في قطاع غزة مرات عديدة، وذلك باستخدام أدوات كالمتفجرات والعبوات الناسفة والصواريخ المحلية الصنع، كما حدث في جامعة القدس والجامعة الإسلامية وجامعة الأزهر. وغير ذلك من الشواهد التي كثرت في الآونة الأخيرة، والتي توجد مئات الأمثلة والشواهد التي تؤكد هذه الظاهرة. الانتشار و(الاستطراق الأمني): إن الإعمال والممارسات التي تحدث نتيجة لعملية الفلتان الأمني، قد تنتقل بسهولة من مجال إلى مجال، ومن موقع لآخر، وهذا يؤدى إلى استطراق الجريمة أي انتقالها من مركز بدايتها لتعم وتشمل جميع المناطق في الوطن، وكذلك لتشمل جميع مجالات الحياة فيه. حيث بدأت على سبيل المثال المناوشات والاشتباكات المسلحة وعمليات الخطف المتبادل بين حركتي فتح وحماس، وامتدت لتشمل جميع أنحاء قطاع غزة، وثم امتدت إلى الضفة الغربية خلال الشهور الأخيره قبل توقيع اتفاق مكة الشهر الماضي. ثانياً: عوامل بروز الأزمة الأمنية: تعتبر الأزمة الأمنية أكثر الأزمات خطورة باعتبار أن الأمن بمثابة ملح الطعام لجميع مناحي الحياة، لتداخل عوامل كثيرة ومتشابكة في خلق تلك الأزمة، لكون الأمن يشكل عصب نماء وتطور الحياة. ويقصد بالعوامل ” مجموعة المعطيات التي تتكاثف فيما بينها لتساهم في إنشاء الأزمة أو تطويرها “. (21) وقد تتنوع وتتعدد تلك العوامل التي قد تكون عوامل ذاتية أو موضوعية شخصية أو جماعة سياسية أو فكرية اجتماعية أو مؤسساتية أو عوامل نفسية أو عقلية أو وجدانية إلى غير ذلك. كما أن سمات وخصائص هذه العوامل التي تميزها عن كونها مشكلة أمنية تتشابك وتتداخل بشكل يصعب فيه التمييز والتفريق بين بعضها البعض.. لذا يجب أن يحاول الأخصائيون في علم النفس فصل هذه العناصر عن بعضها، مما يتطلب دراية جيدة بأبعاد الأزمة الأمنية، وبالعوامل السيكولوجية التي تؤثر فيها، حيث أن العامل النفسي يعمل على تنمية الأزمة ونقلها من طور إلى طور، وذلك بعملية التفاعل التي تمتد لتشمل مساحة واسعة أكبر من ذي قبل. ومهما حاولنا الابتعاد عن هذه العوامل الخارجية والداخلية المؤثرة في وجود الأزمة الأمنية أو التي تزيد من تناميها واستمرارها فلا يمكن أن نقفز عن دور تلك العوامل في التأثير على الأزمة. أما الأزمة الأمنية في فلسطين والتي تسمى (الفلتان الامنى) فهي محصلة وحصيلة تشابك وترابط مجموعة من العوامل والدوافع، أدت بالوضع القائم بشكل أو بأخر إلى الحالة المتردية التي تخيم على سماء الوطن. وبالتالي لا يجوز بأي حال من الأحوال النظر إلى مكونات ومسببات الأزمة بمنطق أحادي السبب أو العامل، قد يزيد من تعمق الوضع الأمني سوءاً . لذا لابد من سبر غور أهم هذه العوامل لكي نتمكن من الوصول إلى مستوى متقدم باتجاه الحل لها لان تداخل هذه العوامل العديدة يزيد من تعقيد المشكلة، ويزيد من صعوبة حلها. خاصة أن هذه الأزمة قد وصلت لحد الفلتان الأمني، الذي أدى إلى بروز عصابات الحرب التي غدت تقتات على تجارة السوق السوداء من السلاح وغيره، والتي حولت كثير من الشباب جراء منطقها الفئوي إلى مجرد طلاب بحث عن العمل كمرتزقة مع هذه العصابات، التي تجاوزت حد العمل المنظم من خلال الفصائل والتنظيمات. أ) عوامل بروز الأزمة الأمنية على المستوى النفسي الفردي: ومنها: ضعف التعبئة النفسية: إن دور التعبئة النفسية هو غرس عقيدة التضحية، وزرع ثقافة البذل والولاء في إعداد الفرد في المجتمع، من خلال تعريف الفرد بأهمية عمله الديني والوطني، وتأدية المهام الموكلة إليه، وانتماءه الخالص لوطنه. وهذا ما يفتقر إليه كثير ممن عملوا في المؤسسة الأمنية. “فالعقيدة والثقافة التي يحملها الإنسان تساهم في خلق الأفكار والتصورات التي تصنع الموقف وفي الميل إليه واتخاذ قرار الفعل فنجد أن نوع الثقافة والفكر الذي يحمله الإنسان يؤثر في سلوكه، وعلى رجل الأمن أن يكون على قدر عال من الثقافة والمعرفة وان يتابع الأمور وتطوراتها وملاحقتها حتى يكون على بينة من أمره وأمر الآخرين لأنه بذلك يحمي شخصيته وسلوكه من الوقوع في الخطأ.(22) حيث لاحظ الكثير من المراقبين للحالة الفلسطينية على مدى العقد السابق عدم قيام الأجهزة المعنية على الصعيدين الأمني والمدني بعملية التعبئة النفسية السليمة، حيث نجد أن العلاقات العامة التي يفترض بها أن تقوم بهذا الدور قد قصرت تقصيرا واضحا فلم تمنح عنايتها لهذا الأمر بشكل كاف، ولعل الأمر يرجع إلى عدم تحديد الصلاحيات، أو أن القائمين على الأمر لم يكونوا بالكفاءة العلمية والعملية، ليؤدوها هذا الدور المهم بالشكل والطريقة المناسبة لتدعيم العقيدة ورفع الروح المعنوية وترسيخ القيم والمبادئ والأخلاق في مختلف أجهزة السلطة الفلسطينية. تدني احترام الذات: إن من أخطر ما يواجه رجل الأمن في حياته سواء داخل المؤسسة الأمنية، أو في الحياة المدنية، هو فقدانه لذاته، أي أن يغيب وتغيب معه معانيه الذاتية الإنسانية في العمل الامني، وهذا الخطأ المسئول الأول والأخير عنه المؤسسة الأمنية نفسها التي تحاول تطبيق قواعد عسكرية صارمة على رجل الأمن، الذي من المفترض -حسب وجهة نظرنا من خلال تجربتنا الشخصية- أنه لا يجوز سحب الحياة العسكرية الميدانية المحضة على رجل الأمن، لأن حياة رجل الأمن تتراوح بين المدنية والعسكرية، وبالتالي فإن المنهج والقواعد التي يجب أن يخضع لها تكون من المرونة التي تقارب العمل المدني، ومن الحزم الذي يقارب العمل العسكري، ولكنها لا هذه ولا تلك. وهنا يتوجب على القائمين على هذه المؤسسة أن يأخذوا ما يناسب رجل الأمن من الحياة في المؤسسة الأمنية، وما يناسبه من الحياة في المجتمع المدني، ويشكلوا خليطاً يتلاءم مع هذا الوضع لرجل الأمن. التعامل بفوقية: إن العمل في المجال الأمني هو سلاح ذو حدين، إما هو نقمة أو نعمة، أو هو رصيد إيجابي أو رصيد سلبي لرجل الأمن. ومن يحاول أن يستغل الموقع الذي هو فيه من رجال الأمن. ويوصد أبوابه أمام الآخرين، ويعاملهم بشيء من الفوقية، فإنه حتما سوف يفقد كل حب واحترام وتقدير منهم، وأما إذا تعامل مع الناس بشكل مؤدب وأعطى كل ذي حق حقه واستأنسوا به فإنه سوف يلقى بكل تأكيد ودعم وعطف ومحبة من قبلهم.(23) تفشي سيكولوجية الكرسي: كثير من القيادات يعتبر أن التواصل النفسي بينه وبين القاعدة, قد يمس من مكانته التي يحاول بمجرد أن يتسلم مهمة قيادية, أن ينشئ الحواجز ويقيم السدود, ويدشن السواتر بينه وبين القاعدة لديه، ويتخذ من الموقع القيادي أسلوباً للاستعلاء والتكبر, ناهيك عن التسلط والتأمر. وبهذه النفسية المرضية يدخل الكرسي في شخصيته, ويصبح جزءاً لا يتجزأ من هذا الكرسي, فلا يستطيع أن يفارقه أو يبتعد عنه, فيبدأ يؤهل ذاته نفسياً لأنه والكرسي توأمان لا ينفصلان. والحياة الأمنية في فلسطين قد أفرزت قيادات تخوض غمار العمل الأمني لا تمتلك مؤهلات قيادية, وتفقد القدرة على التطوير الذاتي, بل الفشل حليفها الوحيد في خلق تواصل بينها وبين من ابتلي بها. تعميم مبدأ التقاعس: كثير من الناس ما يملأ الدنيا ضجيجا وصراخا، ليجعل من نفسه محط أنظار للآخرين، لا يعجبه رأي، ولا يقنعه موقف. ويترفع عن كل سلوك، ونشاط، وعمل، تحت مظلة التبرم والتذمر. انه شخص متقاعس بكل ما تحوي هذه الكلمة من سلبية. والحقيقة النفسية لهذا الشخص غاية في الخوف والجبن، الخوف من الفشل، والجبن من العمل.. إنها شخصية هشة لا تمتلك مقومات العمل والممارسة. وهذه الشخصية تشارك بتقاعسها وانطوائيتها وشخصانيتها في تفاقم الأزمة الأمنية والفلتان الأمني. لأن المتقاعسين يغطون عجزهم هذا بكثرة النقد، واللوم للآخرين، وإذا طلب منهم القيام بأي عمل فإنهم أعجز من تنفيذه، أو حتى تحقيق أدنى النجاح فيه. الحالة الشخصية لرجل الأمن: يعتبر رجل الأمن هو”الشخص المكلف بالمحافظة على الأمن في جميع الأماكن المحيطة بأمن المواطن وممتلكاته وتنفيذ أوامر السلطة وتطبيق أنظمتها دون المساس بأموال الناس وأعراضهم وحرياتهم الشخصية (24) لذا لا بد أن يكون رجل الأمن على قدر كبير من الشجاعة والثقة بالنفس وتحمل الأعباء والمسؤوليات في كافة الأحوال فهو لا يحمي نفسه فقط بل انه مسئول عن شعب بأكمله، وعليه أن يشعر كل من حوله بالأمان وينشر الطمأنينة والعدل بين الناس، فرجل الأمن أكثر إنسان عرضة للمسؤولية لطبيعة عمله الأمني، وللحالة الشخصية له حيث “أن من أخطر العوامل السيكولوجية التي تؤثر في المشكلة الأمنية هي الحالة الشخصية للعاملين في المؤسسة الأمنية، والصفات والسمات التي يمتلكونها، والتي قد تكون أحد أبرز جوانب المشكلة. فليست قدرات الإنسان الجسدية ولياقته البدنية هي أساس قوته، وإنما قدراته العقلية وذكائه، ولا بد لرجل الأمن أن يتمتع بقدر من الذكاء والفراسة، بحيث يكون قادر على فهم العلاقات بين الأشخاص والأشياء والأحداث والوصول إلى النتائج الإيجابية”.(25) وقد رأينا للأسف الشديد في فلسطين كثير ممن تصدروا العمل الأمني، وخاصة بعض مسئولي ومنتسبي الأجهزة الأمنية، لا يحملون من الخصائص والصفات التي تؤهلهم لهذا العمل، ناهيك عن بعض المظاهر السيكولوجية المرضية التي كانت تحكم البعض منهم، مما شكل أحد عناصر وجود الأزمة الأمنية، بالإضافة لعدم وضوح الرؤية للعاملين في العمل الأمني لكيفية التصدي للازمة وحلها على المستوى النظري والتطبيقي، بسبب قلة الكفاءة والخبرة. شدة الضغوط المتعددة: يتم افتعال بعض الأزمات باستغلال بعض الأحداث لخلق أزمة قد تؤثر في نفسية الخصم تستفيد منها الدولة العدو التي تستخدم هذا الأسلوب. فتستخدم إسرائيل مثلاً هذا الأسلوب بشكل مكثف بالتحدث عن قوتها العسكرية، واستخدامها في الواقع وجعل الشعب الفلسطيني دوماً في حالة تأهب وترقب لهجوم ما. وقد استهدفت عمليات الضغط خلق نوع من الاضطراب الانفعالي والتفكك العقلي، وذلك بممارسة الضغوط الجسمية والنفسية، ومن ذلك التجويع أو نصف التجويع، وكذلك استخدام العزلة. ويختلف الناس في رد فعلهم لهذه الممارسات وفقاً لبناء شخصيتهم(26). التقمص والتوحد مع المهنة: في عملية التوحد مع المهنة يتصرف رجل الأمن في حياته المدنية بنفس المستوى والطريقة التي يتصرف فيها في عمله في المؤسسة الأمنية، حيث يمارس التصرف التسلطي في العلاقة مع الآخرين في المجتمع، مما يخلق حالة من النفور بينه وبين أفراد المجتمع، ويفرض عليه حالة من العزلة والانطواء تؤثر عليه بالسلب في هذه العلاقة. ولهذا فإن بعض رجال الأمن غير المؤهلين وفق مقاييس ومعايير علم النفس الحديث، أي لم يتعلموا أو يُعلموا، قد تقودهم بعض أمراضهم النفسية التي قد اكتسبوها من حياتهم السابقة، إلى عملية التعويض، كأن يبرز لديهم رغبة جامحة في عملية التعويض عما كان يمارس بحقهم من اضطهاد أو عنف، فيجد في هذا الموقع متنفسة الذي يعوض من خلاله عمليات رد الجميل المعكوس لهذا الواقع الذي عاشه، فنراه يجمع كل قواه لكي يصب جام غضبه وحنقه ضد كل ما يواجهه من أبناء مجتمعه. ب) عوامل بروز الأزمة الأمنية على مستوى المجتمع: ومنها: ضعف التقيد بالقيم الأخلاقية: إن العمل الأمني يفتح لدى كثير من ضعاف النفوس، تحاملا على القيم والمعايير الأخلاقية، لأن بعض رجال الأمن يشعرون بأنهم في حصانة من القانون. وكأن العمل الأمني يمنحهم رخصه لفعل ما يريدون، وهذا في حد ذاته أحد أمراض المؤسسة الأمنية. وهذا المرض ليس مسئول عنه الشخص ذاته فقط، بل مسئول عنه المؤسسة الأمنية، التي ترعى كل سوء ورذيلة تقترف بحق المواطن، من قبل هؤلاء الأدعياء بأنهم ضباط أو رجال أمن، الذين يهددون أمن المواطن أكثر من توفير الأمن والأمان له، باعتبار أن حقيقة الأمن تكمن في توفير الاطمئنان للمواطن، فكيف بهؤلاء يجعلون من أنفسهم مصدرا للخوف والرعب وعدم الأمن والأمان للمواطن. حيث كثير من بعض قادة الأجهزة الأمنية قد استغلوا مراكزهم القيادية في تطبيق أجندة خاصة بهم تحقق مصالحهم الذاتية بعيداً عن القيم والأخلاق، فظهرت جراء ذلك جرائم خطيرة، فإنتشرت الرشوة والمحسوبية، وسادت الشللية، وتبلورت العصابات التي تجاوزت جميعاً القانون بل تجرأت عليه بأن قامت بإستغلاله أسوء استخدام. الخلل في مفهوم المواطنة : الخلل في مفهوم المواطنة يتطلب أن تقوم السلطة الفلسطينية والمؤسسات المجتمعية بحملة توعية شاملة لتعليم الأبجديات التي تساعد في ترسيخ مفهوم المواطنة، والتعريف بالمفاهيم التي تساعده بذلك والتي أدى طول غيابها للسقوط في براثن الضعف والوهن على الصعيدين الاجتماعي والنفسي، هذا الضعف الذي جعله يشعر أن ليس هناك من يستطيع أن يحقق له طموحه. ولم تقم للأسف الأجهزة الأمنية بدورها في التوعية بهذا المفهوم بسبب معوقات جوهرية كانتشار مفاهيم بديلة كمفوم الحزبية والعائلية والتنظيمية والشللية وغير ذلك من المفاهيم التي كانت على مدى العقد الأخير لا تمارس دورها بشكل فاعل، والتي أعاقت ترسيخ مفهوم المواطنة لدي رجل الأمن ورسخت مفاهيم بعيدة عن مفهوم المواطنة. انتشار الفساد والمحسوبية: لقد انشغلت شريحة بذاتها فأهملت هموم المواطن واحتياجاته، فرغم الحديث المتواصل عن الأمن والإصلاح، سادت المحسوبيات ووزع البلد بين الفئات والأحزاب وهذه الممارسات أضعفت حس المشاركة الأمنية عند المواطن، وكيف يستطيع المواطن أن يحافظ على أمن جهة يشعر بأنها تحاول إقصاءه. ومما زاد من تعميق الأزمة الأمنية الفساد الإداري والأمني والمالي للسلطة، والذي أثر بشكل بالغ في الوضع الراهن. المفهوم السلبي للأمن: لقد ولد الإهمال والتدهور الأمني المقصود على مدى السنين نوعاً من النفور إزاء أي قانون، ترسب في اللاوعي للفرد الفلسطيني. مما يفسر لنا سلبية المواطن، وهو يتعامل مع مفهوم الأمن، حيث أن المواطن هو وسيلة الأمن وغايته. لذا لا يمكننا تخيل قوة مهما تعمقت بإمكانها الحفاظ على الأمن بخلاف رغبة المواطن ذاته، وإحساسه بحاجته لهذا الأمن. ولكن مفهوم الأمن يبقى نسبياً ومن الممكن أن يختلف فيه الكثيرون، ففي الوقت الذي ينظر فيه البعض إلى الأمن على أنه الحفاظ على كيان المواطن وممتلكاته الشخصية وأسباب ديمومة حياته، ينظر له البعض الآخر بشكل أشمل من هذا الفهم فيعني له أنه هو أمن الوطن بأكمله. ولعل مرجع ذلك لحداثة السلطة وقلة خبرتها وللفهم الخاطئ لدى البعض لمفهوم الحرية والديمقراطية من جهة، ومن جهة أخرى لدور الاحتلال وترسيخه لمفهوم الأمن حسب الرؤية الإسرائيلية في العقلية الأمنية الفلسطينية، والتي جعلت جل اهتمام الأجهزة الأمنية المتخصصة التركيز بشكل واضح على إيقاف العمليات التي تؤثر على الاتفاقيات المنعقدة بين الجانب الإسرائيلي والفلسطيني وبالتالي تبني مفهوم الأمن الإسرائيلي ولو بشكل غير مباشر. كراهية الناس لتطبيق القانون: هناك عوامل كامنة في المجتمع تتمثل في كره الناس لتطبيق القانون، فالقانون بحذافيره مكروه عند الأغلبية، فمثلا التجاوز في الشوارع وعلى المرافق العامة، والاستهتار بالتعامل مع الأملاك العامة، تدلل على أن هناك كرهاً للقانون، وهذا ينبع من الإرث التاريخي الطويل من الاحتلال والاضطهاد، والعقاب القاسي جراء المساهمة في الحياة السياسية والعمل على تقرير مصير الوطن، مما أنتج بالتالي الكرة للسلطة والقانون والتمرد عليه، وأنتج كذلك الكثير من الاضطرابات النفسية والانحرافات السلوكية في الواقع. وبالتالي يجب أن تعمل مؤسسة الأمن العام على احترام القانون لتبني الثقة مع الجمهور ويتعزز التعاون المجتمعي. مما يساهم في حل النزاعات والشكاوى بالطرق السلمية. (27) وهذه الكراهية قد انبعث من خلال الخبرة السابقة المختزنة في ذاكرة المواطن الفلسطيني التي رسخت نتيجة ممارسات الاحتلال من ثقل القوانين العسكرية والإدارية التي مارسها الاحتلال ضده، وخاصة تلك التي شملت عمليات الاعتقال، والتعذيب، وهدم البيوت، ومصادرة الممتلكات، وتقييد الحريات، التي أوجدت لدى المواطن الفلسطيني في مكنونات نفسه كراهية لهذه القوانين، ثم انسحبت هذه الكراهية على كل قانون ونظام طغيان الحزبية الضيقة : إن وجود الحزبية الضيقة عند بعض قيادات الفصائل والأحزاب مثلت نقطة انطلاق آمنة لمصالحها، أفرغت الوطنية من محتواها وساعدت على إضعاف الحس الأمني عند الكثير، وأنتجت سلوكيات شاذة وجدت ملجأ وملاذاً عن المتابعة والمحاسبة. وإن الانتماءات الحزبية المتطرفة التي سادت في المجتمع، قد أضعفت الشعور الوطني، وأصبح التفكير الوطني في ظل وجودها ثانوياً، وهذا خلق انفصام بين المواطن والشعور بالمسؤولية تجاه المجتمع، حيث وجد المواطن نفسه في فراغ كبير بسبب الانهيار الكامل للأجهزة الأمنية، فإرتكس ثانية باتجاه العائلة، التي أسست على هذه التركة الثقيلة من الانهيارات. وهذا الإخفاق جعل الممارسة تبقى في إطار الأمنيات، حيث لا يمكن تفعيل دور المواطن تجاه الأمن ما لم يشعر ذلك المواطن بالانتماء للوطن. حالة الفوضى والشغب: من الصعب الفصل بين افتعال الأزمات وإثارة الفوضى، لأن افتعال الأزمات لا بد أن يؤدي لإثارة الفوضى تحسباً لما يمكن أن يترتب على الأزمات التي أثيرت. كما يمكن استغلال القلق لشعب من الشعوب في افتعال أزمة معينة لأن الناس في مثل هذه الحالات ربما يصدقون بعض الافتراءات أو الشائعات. (28) تركة الاحتلال: إن المواطن الفلسطيني قد عانى من أزمة ثقة في كل شيء وفي كل شيء، والسبب هو تركة الاحتلال، لأن وجود الاحتلال الإسرائيلي يشكل بحد ذاته أكبر عامل تهديد للفرد، بسبب فقدان الجانب الأمني، فينشأ النقص النفسي الذي يدفع بالفرد لضرورة إشباعه باتجاه حمايته الذاتية، لأنه حين يحس الفرد أن أمن المجتمع يتعرض للانهيار يدفعه ذلك للجوء إلى الخيارات البديلة لحماية نفسه” (29) وقد أعتقد البعض من ضعاف النفوس بأن الالتصاق بالاحتلال (التعامل) هو أحد أسباب توفير الأمن والمساعدة للمحتل من أجل حماية نفسه من الخوف على رزقه أو حاجته أو مصلحته، أو لشعوره بالضعف. (30) التضليل الإعلامي الأمني: “أن معظم المحاولات التي أجريت لتغيير الاتجاهات استخدمت الأساليب الإقناعية, إلا أن هناك محاولات أخرى استخدمت أسلوب إثارة الخوف. وذلك بإخبار المستمعين مثلا أن الفشل في إتباع التعليمات سوف يؤدي إلي نتائج خطيرة, مثل الفشل في إتباع الأساليب الوقائية أو التدريبات السليمة يؤدي إلى الضرر أو المرض وأحيانا الموت “(31) ج) عوامل الأزمة الأمنية على مستوى العمل الأمني، والأجهزة الأمنية: ومنها: ضعف الحس الأمني: كثير من العاملين في مجال الأمن لا يتمتع بملكة الحس الأمني المناسب، والذي يعني “الشعور أو الإحساس المتولد داخل النفس والمعتمد على أسباب أو عوامل موضوعية، تؤدي إلى توقع الجريمة بقصد منعها أو ضبط مرتكبيها بقصد العقاب عليها” “والحس الأمني عملية مزدوجة يجمع بين نوعين من العناصر ذات الطبيعة الذاتية والموضوعية في آن واحد. وتنعكس تلك الطبيعة على الحس الأمني فتظهره تارة بمظهر الميل الوجداني القائم على الشعور والإحساس، بينما قد يظهر تارة أخرى بمظهر التوقع العقلاني على الفكر والاستنباط (32) عدم الثقة بالأجهزة الأمنية: إن الأمن لا يمكن أن يتحقق ما لم تتعزز الثقة بالأجهزة الأمنية، وفي ظل الأوضاع الحالية للأجهزة الأمنية لا يجد المواطن عوناً حقيقياً من هذه الأجهزة تدعم عوامل الثقة، لأن هذه الأجهزة ما زالت ضعيفة بسبب محدودية إمكاناتها، وبسبب عدم التكاتف الحقيقي بين أبناء هذه الأجهزة التي تعيش حالة من التشرذم والأنانية من جهة. ومن جهة أخرى فهم بحاجة إلى قوة كبيرة تحركهم لأن الخلل والإحباط وصل إلى العمق السيكولوجي لهم، وأصبح لديهم عدم مبالاة عالية لا يستطيعون بها مواجهه مشاكلهم بأنفسهم، ويبحثون في حلها عن كبش فداء لهم. الخلل في العلاقة بين الأجهزة الأمنية والمجتمع: إن أحد أهداف الوجود الإنساني هو إقامة العلاقات فيما بين الناس من أجل التعارف الذي ينشأ عن تطور الحياة البشرية واستمراريتها ونماءها وبناءها، فلولا التعاون والتعارف والتفاهم بين الناس لما سارت الحياة بشكلها الطبيعي، ولما استطاع الإنسان بمفرده أن يستمر بالحياة، ناهيك عن تطورها.. حيث لا يعقل أن تقوم الحياة وتتطور وتتقدم بدون أن تنعقد جسورا للتعارف والتفاهم والتآلف فيما بينهم. والشرطة أو (جهاز الأمن) في حاجة إلى الحصول على ثقة الشعب وعليها أن تسعى لكسب هذه الثقة ومتى وثق الشعب فيها مد لها يد العون، وظفرت بتأييده في كل ما تتخذه من إجراءات)(33) الفشل في حل الأزمة الأمنية: إن الأجهزة الأمنية التي تتبنى في سياستها عملية التراكم الكمي للعناصر والكوادر، دون اعتماد منطق التوزيع والتخصص، هي أعجز عن مواجهة الأزمة الأمنية، ففاقد الشيء لا يعطيه، فالجهاز الأمني هو في الحقيقة مجموع للأنشطة العملية للكوادر الأمنية، فإذا كان أفراد الجهاز يفرض عليهم سياسة التجهيل المتعمد أو غير المتعمد، فإن أدائهم أعجز من مواجهة الأزمات الأمنية العفوية، ناهيك عن الأزمات المخططة أو المبرمجة من قبل الآخرين.
...... يتبع
|
|
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 69754 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 77 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: الأزمة الأمنية في فلسطين وسيكولوجية الفلتان الأمني الأربعاء 09 ديسمبر 2020, 4:49 am | |
| ..... تابع الأزمة الأمنية في فلسطين وسيكولوجية الفلتان الأمني المبحث الثالث: مراحل الأزمة الأمنية ونتائجها أولاً: مراحل الأزمة الأمنية: إن التطور المتلاحق، ودخول المشكلة الأمنية الداخلية، في فلسطين لمرحلة الأزمة، ينبع أولا وأخيرا من التراكم النفسي والاجتماعي الممتد من عقود متواصلة من التدهور الأمني، وليس وليد مرحلة معينة، أو مؤقتة، حيث عاشت فلسطين على مدار هذا القرن تهديدا أمنيا بفعل عوامل داخلية وخارجية في آن واحد.. وغذاها هذا الواقع اللاأمني المتراكم والمتزايد بمرور الزمن، حتى أصبح التهديد الأمني النفسي جزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية للفرد والمجتمع الفلسطيني. وقد تصل الأزمة الأمنية إلى مرحلة من الاستفحال، حيث تتعمق الأزمة وتستفحل لتصل حداً يصعب التصدي له أو مواجهته، وعملية الاستفحال هي وصول الأزمة لمرحلة متقدمه تغطي المشكلة فيها كل المساحات المحيطة بها نتيجة للتداخل العميق بين أسبابها. بحيث تتجسد مظاهر تلك الحالة في انفراط عقد المجتمع، ووصول حالة الفوضى الأمنية فيه إلى الحد الذي يوضح وجود إفلاس في الأجهزة الأمنية في مواجهة أعراضها بشكل يجعل لبعض الأفراد أو الجماعات أو التنظيمات سلطة أمنية تفرض سيطرتها على بعض المناطق بكل ما فيها من موارد وأفراد. وقد تتجاوز الأزمة الأمنية بعد عملية استفحالها أن تتعدى مجالها فتنتقل لمجالات أخرى قريبة منها لها تأثير عليها، حيث قد تنتقل مثلا إلى الحالة الاقتصادية، وبالتالي تشتد خطورتها مما قد يقود إلى انعدام القدرة على السيطرة عليها، بحيث يفقد المتصدين لها أي قدرة على التحكم فيها وعلاجها، لأنها تنتقل لمرحلة أكثر صعوبة، لسرعة الانتشار والتمدد في جميع الاتجاهات. ولعل الخطورة الحقيقية في تلك المرحلة تكمن في أن أي قدر من الإفلاس الأمني المتمثل في الإخفاق في الحل يعتبر بحد بذاته من أهم عوامل زيادة درجة التصاعد والاستفحال لتلك الأزمة بسبب ما يعنيه من مضاعفة درجة التجرؤ على الأفراد والجماعات القائمة على التخطيط للأزمة والعمل على تنفيذها، وانتقالها إلى الطور الأخطر فيها وهو مرحلة أو عملية الفلتان الأمني. ففي حالة أزمة أمنية، كالفلتان الأمني في فلسطين مثلاً.. الذي تحول من مرحلة المشكلة لمرحلة الأزمة وامتد على مساحة مكانية وزمانيه أكبر من كونه مشكلة، حولته لأزمة وليست مجرد مشكلة، حيث لم يجابه منذ البداية بأدوات ووسائل وأساليب ناجحة، وإنما تم التعامل مع هذه المشكلة بسطحية مطلقة، ولم يدخل إلى أعماقها السيكولوجية، مما أدى لتفاقمها وزيادة وتيرتها، ونماءها بشكل تراكمي. وقد انقسمت مراحل تطور الأزمة الأمنية في فلسطين (الفلتان الأمني) لعدة مراحل هي:- 1- مرحلة اختلال التوازن الأمني (حدث أمني سلبي): وهي الحالة الأمنية التي يبدأ فيها الانزلاق السلبي في شكل حدث امني منحرف عن الحالة الطبيعية للاستقرار الطبيعي داخل المجتمع والدولة. وهذا يتطلب الشعور بالاختلال (الجسمي- الحسي- العقلي- العاطفي) بمدخل واحد، أو أكثر. والمعرفة والعلم بطبيعة الاختلالتواتر المعلومات اللازمة عن المشكلة وطبيعتها أسبابها ومسبباتها) إن الحياة تسير بوتيرة تراتبية قد تكون كسمفونية متناغمة الإيقاع متوازنة الأنغام، و قد يخرج صوت نشاز من هنا أو هناك لا يؤثر علي الإيقاع العام لهذه السمفونية لكن من تكرار هذا النشاز قد يخلق حال من اختلال التوازن في هذه المنظومة المتناسقة المتناغمة . والحدث الأمني عندما يتكرر سلباً ويؤدي إلي إحداث حالة من عدم التوازن الأمني يكون ذلك بداية التشكل لحالة لاحقة لها تكون أكثر صعوبة منها وهي عملية الدخول في طور المشكلة. 2- مرحلة المشكلة الأمنية: هي مرحلة دخول حالة اختلال التوازن المبدئي للمجال الأمني وتحول هذا الحدث السلبي لحالة من استمرار هذا الحدث الأمني لمدة أطول يجعل المجتمع يتأثر بها بشكل واضح وجلي، وتتبلور مرحلة المشكلة من عملية تراكبية لأحداث أمنية لا تجد لها اهتمام أو تلقي إهمال. والمشكلة الأمنية قد تتعمق وتمتد جذورها لتضرب إطنابها في ارض الوطن فتشكل عامل استنفاذ لطاقات وقدرات تمتد لتشمل العديد من جينات الحياة الاجتماعية مما قد ينقلها لطور التأزم . 3- مرحلة التأزم الأمني: وهي المرحلة التي تدخل فيها المشكلة الأمنية لحالة من الانتشار والاستفحال التي يفشل المجتمع في السيطرة عليها، وقد تتخذ المشكلة الأمنية شكلاً جديدا نتيجة لتطورها السلبي وتحولها من طور المشكلة إلى طور الأزمة، لتتشابك بشكل يتعزز معه التأزم حداً يصعب القضاء عليه، ولكن يتوقف السيطرة على المشكلة الأمنية وعدم منعها من الانتقال إلى طور الأزمة، هو تدخل العديد من العوامل الذاتية والموضوعية التي تساعد في الوصول لحل للمشكلة وعدم وصولها لحالة الفلتان الأمني كما هو الحال اليوم في فلسطين. ويعتبر الباحث من خلال تخصصه في مجال علم النفس، ومهنته في المجال الأمني، أن لعملية الأزمة الأمنية الواقعة اليوم في فلسطين، والتي يطلق عليها(الفلتان الأمني) عوامل ذات جذور أعمق من الشكل الظاهر لها، والتي قد تخدع الكثير ممن يحاولون التصدي لهذه العملية بالوقاية أو العلاج، أن ينخدعوا بحلول قشريه تعالج المظهر ولا تدخل إلى عمق الأزمة والتي يمثلها البعد السيكولوجي. ثانياً: آثار نتائج الأزمة الأمنية: أ) آثار الأزمة الأمنية على المستوى النفسي للفرد: الاضطراب النفسي الناجم عن فقدان التوازن: من المعلوم أن منشأ الاضطرابات والأمراض النفسية، هي عملية الصراع الداخلي لدى الإنسان الناجم عن اختلال التوازن النفسي لديه، ذلك التوازن الذي يحدث نتيجة للتكيف والتوافق الداخلي بين الإنسان وذاته، التي تمثلها حالة الرضى عن الذات، والتي تنتج الأمن والسكينة والاطمئنان، والتي تترجم السعادة في الحياة، والتي تعني بالصحة النفسية لديه. ولا يظن الإنسان أن تحقيق التوازن الداخلي لديه يتم بمعزل عن المحيط، الذي يشكل الهواء الذي يستمد به استمرار بقاءه النفسي في الحياة، فالإنسان مرتبط بالضرورة، وليس بالاختيار، بنوعين من الضرورات أو بعالمين عالم الغيب والشهادة الضرورة المادية والضرورة غير المادية. وفي هذه العوالم يجب أن يحدث التوازن بينه وبين هذه العوالم، وأي خلل في إحداث هذا التوازن، يؤدي بالسلب على حياته النفسية، أي يفقده قدر معين من صحته النفسية، وهذه العوالم قد تشكل عليه ضغوطات نفسية، تؤدي إذا لم يستطع حلها إلى اضطراب، وربما لأعراض نفسية بعد ذلك. ويعاني بعض الأفراد العاملين في المجال الأمني جراء تدهور الوضع الأمني وازدياد الفجوة بين رجل الأمن، وبين رجل الشارع، من ضغوطات نفسية حادة تقود إلى حالة من الإحباط الشديد، قد يؤدي إلى انهيار دفاعاته الداخلية، فتنشأ الأمراض النفسية العصابية. الشك والأزمة الأمنية: عملية الشك “إننا نجد أن الشك بالمعنى السيكولوجي يرتبط بأحاسيس المرء وما يدور بخلده من مشاعر وعواطف وانفعالات. ولعل الحكم الذي يصدر في هذه الحالة إنما يتعلق بالمعقول والعادي من الشك وكذا الشك منه”. (34) وبالنسبة لرجل الأمن لا يمكن له أن يزاول عمله إذا وصل الشك لديه إلى حاله مرضية، وعلى رجل الأمن أن يتغلب على ذلك بمواجهة هذا الشك والتعامل معه كأنه غير موجود. بل أن شجاعته وثقته بنفسه وقدرته على ضبط نفسه وقناعته التامة بتنفيذ المهمة الموكلة إليه بدون تردد أو وفق حسابات شخصية، ستساعده على التخلص من هذا الشعور ومواجهته بكل سهولة. ومن هنا تظهر أهمية دور الجهات الأمنية المسؤلة في توظيف كوادرها وترسيخ قاعدة عدم الشعور بالشك لدى العاملين لديها ليكونوا قادرين على أداء عملهم بنجاح . الميل للعدوانية (نظرية التطهير): تتمحور نظرية التطهير في ” أن الفرد خلال مسيرة الحياة اليومية يواجه بإحباط تقوده بالتدرج للمشاركة في أعمال عدوانية، والتطهير هو إراحة النفس من مثل هذه الإحباطات من خلال مساهمة بديلة في عدوانية على الآخرين”.(35) ومن أخطر الأمراض النفسية السلوكية التي قد ينحرف إليها رجل الأمن باعتباره رجلاً مسلحاً الميل للعدوانية وربما للانتقام من الآخرين هذا بالإضافة إلى التكبر والغرور والاستعلاء على الآخرين, لأن السلاح قد يتطاول في يد بعض الأفراد الأمنيين الذين لا يحترمون السلاح في أيديهم . مرض الاكتئاب: “الاكتئاب هو خبرة وجدانية ذاتية أعراضها الحزن، والتشاؤم، والإحباط، والضيق، وفقدان الاهتمام، والشعور بالفشل وعدم الجدوى من إنجاز أي شيء، وضياع الإحساس بالرضا، والرغبة في إيذاء الذات، والتردد في اتخاذ أي قرار مهما كان تافها، وترك الأمور معلقة دون حسمها، والإرهاق دون مجهود يذكر، وفقدان الشهية للطعام، ومشاعر الذنب واحتقار الذات، وتأخر الاستجابة للمثيرات المحيطة وعدم القدرة أو عدم الرغبة في بذل أي جهد”.(36) عدم الإحساس بالهوية:”إذا تقطعت الروابط الأولية التي تمنح الإنسان الأمن، فإنه يبحث عن بدائل ثانوية “تمنحه الشعور بالأمن وترد إليه الإحساس بالهوية، وترفع عنه عبئ الشعور التي لا يطاق بالوحدة والعجز واللاجدوى بالاندماج في شيء يعطيه الإحساس بالقوة والأمان، وهذه القوة قد تكون شخصا أو مؤسسة أو إلها أو أمة أو ضميرا أو قهرا نفسيا”.(37) انتشار سيكولوجية الخوف: الخوف من الطبائع التي فطر عليها الإنسان فهو موروث من جانب ولا أمل في اقتلاعه من جانب آخر وإنما يراعى فيه حسن التوجيه، وللبيت والمجتمع والخبرات الفردية أثرها في التخفيف من عبء هذه الفطرة أو زيادتها. “فالخوف غريزة كامنة في النفس الإنسانية وللخبرات التي يراكمها الإنسان منذ طفولته دورا هاما في كسب المعرفة بالأسباب التي تثير هذه الغريزة وتوقظها” (38) والخوف “شعور غير مريح ينشأ كردة فعل طبيعي لخطر حقيقي وواقعي وهو عبارة عن عاطفة تنتج من استقبالنا أو شعورنا بوجود خطر واضح أو أحيانا عند الشعور بخطر كامن”. (39) كما أن شعور رجل الأمن بالخوف يتنافى تماما مع الصفات التي يجب أن يتحلى بها ومتطلبات العمل الأمني فرجل الأمن هو: “الشخص المكلف بالمحافظة على الأمن في جميع الأماكن المحيطة بأمن المواطن وممتلكاته وتنفيذ أوامر الدولة وتطبيق أنظمتها دون المساس بأموال الناس وأعراضهم وحرياتهم الشخصية”. (40) يتعرض رجال الأمن لمواقف وأحداث مخيفة بسبب طبيعة عملهم الأمني، وبالتالي قد نجد أحيانا أننا غير قادرين السيطرة على الأشياء أو الأحداث التي نمر بها أو تحدث لنا لكننا نستطيع التعلم السيطرة على عقولنا وردود أفعالنا وتصرفاتنا وبهذه الطريقة نتخلص من الخوف. “فليس من الممكن التحكم بالأحداث الخارجية لكننا ببساطة إذا سيطرنا على عقولنا فما الحاجة للسيطرة على الأشياء الأخرى المحيطة.”(41) ومهما يكن مصدر الخوف فان الإنسان يحاول طلب النجاة لنفسه والبحث عن ملاذ يلوذ به ويبعد عنه “وإذا ما عرفنا أن حياة الكائن الحي هي عبارة عن سلسلة متصلة الحلقات من المخاوف عندها تكون الحاجة للأمن من أهم متطلبات الإنسان في حياته، من هنا تنشأ العلاقة الوثيقة بين الأمن والخوف ويكونان معا قطبي الحياة الإنسانية، فإذا كان الخوف قطبها السالب فان الأمن قطبها الموجب” (42) وتقليل “الحساسية من الخوف يكون من خلال ممارسة أي عمل ممتع عند الشعور بالخوف وبذلك تقلل من الحساسية بالخوف وتشغل العقل بعمل ممتع تقوم به”.(43 ) ب) آثار الأزمة الأمنية على مستوى المجتمع: التصدع المجتمعي: إن من اخطر النتائج التي يخلفها الفلتان الأمني ضخامة الآثار السلبية لتلك التبعات التي تلحقها وذلك بسبب مساسها بالعديد من المصالح الجوهرية بالمجتمع وذلك بما تمتلكه من قدرة علي تفتيت اللحمه الداخلية وتحطيم الوحدة الوطنية القائم عليها عملية الفلتان الأمني وقد تتجاوز النتائج والتبعات والآثار مجال العمل الأمني الذي أفرزته الأحداث لتمتد علي مساحة اعم واكبر واشمل في كافة أنحاء الوطن، وفي كافة المستويات، وفي جميع الاتجاهات. إن المجتمع الذي يتعرض في حياته بشكل كبير ومتواصل لعمليات القمع الأمني قد يجد في الصدامات مع الآخرين منفذا أو وسيلة للتصريف والتفريغ الانفعالي، مما يؤدي لتفاقم الوضع سوءاً على المستوى الأمني الواقعي وعلى المستوى الأمني الفردي، فينشأ نوعاً من التصدع المجتمعي، مما جعل التصدع هو عنوان المرحلة، لذا يجب العمل لرأب هذا التصدع، باتخاذ إجراءات محسوسة من خلال ترسيخ مفهوم أمني شعبي، والتأكيد على ضرورة إيجاد علاقة تفاعلية بين المواطن والأمن، ووفق هذا يمكن إشراك المواطن في العملية الأمنية، بحيث يعاد بناء المجتمع ليس وفق المحسوبيات والعلاقات الحزبية والشخصية، لأن ذلك يعني الدوران في حلقة مفرغة تجعل مطالبة المواطن بالمشاركة في تعزيز الأمن، قضية بائسة بلا معنى. أو يقود أحيانا الوضع اللامستقر وغير الأمن الذي يتعرض له المجتمع من حالات عصاب ما بعد الصدمة، وفي هذه الحالة يشعر رجل الأمن بنزيف نفسي داخلي متواصل يؤدي به لفقد كم كبير من طاقته النفسية التي تقوده إلى حالة من التعب والإرهاق الشديد، يشبه ما يصاب به الجندي بعد خوض معركة قاسية. قال الرسول صل الله عليه وسلم (إذا ظننتم فلا تحققوا) الظن أحيانا الذي هو بعبارة أخرى شكلا من أشكال الوسواس الشرير الذي يغزو الفرد. أي هو كما يقول البعض (حديث النفس) والخواطر التي ترد على الإنسان وتجعله يظن الشر في فلان أوعلان. سيادة القلق في المجتمع الفلسطيني: القلق في جوهره موجه للمستقبل.. فهو توقع حصول شيء مكروه أو غير محبوب للنفس، أو فقدان لشيء عزيز أو محبوب للنفس. ينتج عن هذا التوقع شعور نفسي سلبي (خوف) يؤثر على النشاط النفسي والجسمي. وثمة إتفاق بين المشتغلين بعلم النفس، والطب النفسي في أن القلق يمثل عصب الحياة النفسية، ويعتبر المدخل الجوهري لدراسة الصحة النفسية للإنسان، وأن “القلق خبرة انفعالية كامنة ومتأصلة في وجود الإنسان، قديمة قدم الإنسان نفسه، وأن درجة الشعور بالقلق ومستواه تختلف باختلاف الظروف المهيئة للقلق، والعوامل والأسباب التي تساعد على نشوئه، بالإضافة إلى المكونات النفسية للأفراد، والتي من شأنها أن تجعل البعض من الأفراد يشعرون بمستوى مرتفع من القلق، في حين تكون درجة معينة من القلق، أمرا لا مناص منه لمن أراد أن يطور حياته وينجز عمله”. (44) وأحيانا ما يقود الخوف جراء تردي حالة الأمن الداخلي إلى حالة من القلق الشديد، الذي قد لا يعرف له سبب. ومن أخطر ما ينمي القلق ويطوره، إذا امتلك الشخص شخصية تضخيمية أي تضخم المواقف بشكل أكبر من حجمها الطبيعي، وأحيانا تحميل هذه المواقف لما لا تحتمل. “والأمة التي تحوز الأمن التام في الدنيا والآخرة، هي أمة التوحيد والطاعة لرسول الله صل الله عليه وسلم، وأنها إذا سعت للحصول على الأمن في الدنيا، أو في الآخرة، أو فيهما معا، بغير ذلك، فسعيها ضرب من اللعب واللهو”. (45) المبحث الرابع: أساليب وطرق حل الأزمة الأمنية أولاً: العوامل المساعدة لحل الأزمة الأمنية (الفلتان الأمني): إن هناك بعض العوامل لو حسن استغلالها لأدت إلى المساعدة في حل هذه الأزمة الأمنية ومنها: التعاطي الصحيح مع الأزمة : لقد أخطأ كل من حاول التصدي لحل الأزمة عندما جردها من التراث السيكولوجي لها، وعمد إلى التعاطي مع الحل من خلال الواقع القشري والسطحي لها.. وهذا هو جزء مهم من تفاقم الأزمة، اضافه إلى أن من تصدى لحلها أناس إما كانوا ضعفاء في الجانب الأمني، أو كانوا يفتقرون إلى العلم النفسي للتعاطي مع المشكلة، كطريقة التشخيص والحل والمتابعة. والأمر الأكثر حساسية على الفرد والمجتمع، ليس وجود الأزمة بحد ذاتها، حتى لو تعقدت إنما الأخطر من ذلك أن يكون الإنسان نفسه هو الضحية لحل هذه الأزمة.. أو بمعنى آخر أن تنتهج وسائل لا أخلاقية ولا إنسانية لحل هذه الأزمة على حساب الإنسان. وهذا بحد ذاته يعتبر حلا لمظاهر المشكلة والأزمة, ولكنه في الحقيقة ينقلها من مرحلة التوقد لمرحلة الكمون، حيث يعتقد البعض ممن يتصدى للحل أنه قد أفلح في إذابة هذه الأزمة، ولكن في الحقيقة ما قام به هو مجرد إطفاء اللهيب، وإبقاء الجمر على توهج وتوقد، سرعان ما يعود تحت أي رياح بسيطة. وهذا مجرد نقل من الجانب الشعوري للجانب اللاشعوري الأخطر، الذي قد يريح الفرد نوعا ما، ولكنه قد يشكل وبالاً عليه في المستقبل، لأنه لم يحل الأزمة، إنما قام بعمل إحالة لا شعورية لها، قد تتفجر في أي حين بشكل أكثر عمقاً، وأشد عنفاً من ذي قبل. وكثيرا ما يلجأ الأفراد للترحيل عبر التبريرات الخاطئة، وذلك لعدم القدرة أو الرغبة على مواجهة التجربة العنيفة التي تفقد الإنسان تماسكه الداخلي، وتؤدي إلى موته بالمعنى النفسي وليس بالمعنى المادي، وهذا قد يعود إلى أن من تصدى لحل الأزمة لم يكن على علم أو دراية بأن لكل مشكلة ولكل أزمة بعدا نفسيا، أو أن يعمل على تأجيل هذا البعد في التعاطي مع الحل، أو في عملية إدارة الأزمة أثناء الحل. عدم تقزيم المشكلة : إن من أكبر عوامل فشل مواجهة الأزمة الأمنية يكمن في عملية تقزيمها وتهوينها، أو ترحيلها، أو تجاهلها. وظاهرة التهوين الأمني (تقزيم المشكلة).. هي تلك الممارسة التي تسيطر على فكر بعض الكوادر الأمنية وتصورها بشكل يجعلها تكابر دائما ولا تسلم بوصول الحالة الأمنية إلى حد التأزم القلق، ومن ثم تلجأ لأسباب عدة إلى التقليل من حجم الحالة الأمنية بصفة عامة إلى الحد الذي يجعلها وكأنها حالة عادية . عدم الإسراف في الثقة : إن حالة العجز كسلوك إجرائي، لا بد أن يسبقه شلل فكري ونفسي، يصل بالفرد إلى حالة من العجز، لا يستطيع الحراك فيه في أي اتجاه.. حيث ينتظر مصيره المحتوم.. وهو شبه مخدر لا يفكر حتى بالذود عن كيانه الذاتي الداخلي وعملية الاسراف فى الثقه تبدأ أحيانا من عملية الغرور الأمني على المستوى النفسي، حيث يعتبر الإسراف في الثقة والإفراط في استشعارها وتصديرها للعاملين فيها من اخطر المعوقات التي تحول دون إمكان غرس الإيمان الحقيقي بضرورة التدريب على إدارة الأزمات في نفوس الأفراد. سوء إدارة حل لازمه الأمنية : إن المتتبع لكثير من الأزمات الأمنية، يرى بوضوح أن المنطق العقيم الذي يستخدم في مواجهتها هو السبب الأساس في تعقدها وتأزمها، حيث أن سوء إدارة الأزمة.. قد ينبع منذ البداية من عملية التصدي المجزوء لها، والأخطر من ذلك علاجها عبر عوامل مادية بمعزل عن العوامل النفسية التي قد يكون لها الأثر الأكبر والأبلغ في تطورها. لذلك لا بد من التأكيد على أهمية مشاركة علم النفس في التصدي للعوامل السيكولوجية المؤثرة في الأزمة الأمنية وتفاقمها بالحل والعلاج. حيث أن تصدي البعض لذلك دون مؤهل نفسي علمي، قد يؤدي إلى تشخيص أو علاج خاطئ لعوامل الأزمة، أو قد يقود إلى علاج سطحي قشري، سرعان ما يقود الأزمة إلى سابقتها بشكل أخطر. لذلك ننصح بالتعرف على طبيعته ومكونات كل مشكلة على حدة، ثم بيان مدى عمق الترابط والتأثير والتأثر كل مشكلة بأخرى ثم نتناول الحل للمشكلتين بشكل متوازٍ وليس بشكل متتابع مع عدم التأجيل. وفرق كبير بين تأجيل المجابهة لتحضير أدوات المواجهة، وبين تأجيل التعامل مع الأزمة، تحت شعار عدم القدرة، عبر إحالة حلها لعامل الزمن-وكأن الزمن نظام يعمل لحساب الكسالى والجبناء- لأن الإحالة تنم عن إبقاء الوضع على ما هو عليه. عدم إزاحة المشاكل بإزاحة الأشخاص : إن كثير من الناس ما يفرض على نفسه مواقف هو في غنى معها، وذلك بتحميل ذاته مواقف وآراء بإمكانه أن يقفز عنها، أو يتعارض عنها، وذلك بتكبيل اليدين، بأنه يجب عمل كذا، وإلا التوقف. إن هذا المنطق يعود بالضرر على عملية التفكير لديه وعلى أسلوب العمل والممارسة. فيرى خطأ بأن إزاحة فلان من طريقه هو الأسلوب الأنجع للتعامل مع الآخرين. لكن إذا اقتنع بأن هذا الموقف سيئ، فيجب أن يمارس معه أسلوب التغيير.. الذي ينطلق من مساعدة الشخص ذاته على ممارسة الصواب، والبعد عن الخطأ.. لا أن يصادقه أو يوافقه لكي يستمر بل يدافع عن الخطأ، وكأنه يدافع عن ذاته. عدم ترحيل المشاكل للمستقبل : إن سيكولوجية عدم مواجهة الذات بحقيقتها وبمشاكلها، وترحيل هذه المشاكل للمستقبل هو في الحقيقة يزيد ويفاقم من الأزمة، لأن ترحيل الأخطاء، هو تأجيل مواجهة الذات (الأنا) بأخطائها، وهو أخطر من عدم الاعتراف، لأن عدم الاعتراف بالخطأ في الغالب يكون حالة شعورية للهروب من الخطأ، أما تأجيل المواجهة للخطأ فيكون إرادي شعوري في الغالب. وهذا خطر كبير لأن إحالة حل المشكلة التي تواجه الفرد أو الجماعة للمستقبل، وعدم مواجهتها آنياً، هو ضخ دم جديد ومتواصل في تغذية المشكلة، وأما البحث عن حلول، أفضل من ترحيلها للمستقبل. عدم ترحيل المشاكل باسم الأولويات : يحاول البعض ترحيل المشاكل، تحت اسم (الأولويات) أو ما يطلق عليه البعض من الفقهاء (فقه الأولويات) الذي فهمه البعض بأنه فقه ترحيل المشاكل، وهذا خطأ، فهناك فرق كبير بين عملية ترحيل المشاكل ومواجهتها، وعملية فقه الأولويات. ففقه الأولويات يعني أن تبرمج حياتك وفق سلم من الحاجات تنطلق من الأهم فالمهم وهكذا أو تنطلق من مواجهة الحياة بمشاكلها بعملية عقلية منتظمة تبدأ بحل المشكلة الأكثر أهمية، وهذه يحددها نفس الشخص، ولا تعرض عليه من الخارج. لأن (فقه الأولويات) ينطلق من فلسفة (فقه الواقع)، أي ما نحتاج له نقوم بتنظيمه وبرمجته، وفق سلم متسلسل نسعى طوال الحياة لتحقيقه. عدم الاعتراف بالخطأ : إن جزء مهم من حل أي مشكلة هو الإعتراف بفشل حلها، أي الاعتراف بالخطأ، وعملية الاعتراف بالخطأ سهلة في حد ذاتها، ولكنها تحتاج لقرار عقلي، والقرار يحتاج لقناعة، والقناعة تحتاج لموقف تحليلي لما حدث، والموقف التحليلي يحتاج لمعلومات عقلية لتفسير هذا الحدث، كما يحتاج أحياناً للمساعدة من الآخرين لإدراك هذا الخطأ. فعندما يعاني شخص من مشكله أو موقف نفسي أو عاطفي ولا يطلب المساعدة من أحد، لا أحد يهب لمساعدته وهذه المشكلة قد تقتله. أي إنه بعدم طلب المساعدة لا يساعده الآخرون، ولا يشعرون بأنه يعاني من مشكلة، لذلك عليه أن يشعر الآخرين بمشكلته، لا أن يلعنهم لأنهم لم يساعدوه، أو لأن هؤلاء الناس غارقون في مشاكلهم الذاتية، التي قد يرى الشخص أنهم لا يعانون منها، لكن في الحقيقة المشاكل تملأ كيانهم، لذلك فهم مشغولون بأنفسهم عنه، وبالتالي لا يستطيعون حل مشاكله، لأنهم لا يستطيعون حل مشاكل أنفسهم. ثانياً: طرق وأساليب حل الأزمة الأمنية (الفلتان الأمني): تحجيم الأزمة الأمنية : و تتم عملية التحجيم من خلال التعرف على أسباب وعوامل الأزمة الأمنية، وكذلك التعرف على حجم نشاطها وأخطارها، وبالتالي لا يمكن تحييد الأزمة أو تحجيمها بشكل منقطع عن نشأة وتتطور تلك الأزمة وعواملها، بحيث تسعى عملية التحييد إلى عزل تلك الأزمة عن عواملها ثم توفير عوامل أخرى تعيد الحالة النشاز إلى وضعها الطبيعي. و(يقصد بتحجيم الأزمة الأمنية مجموعة الأعمال التي تبذل من جانب الأجهزة المختصة لتحديد نطاق تلك الأزمة وتحييد العوامل المؤثرة فيها بهدف حصر أضرارها والسيطرة على أخطارها). وعملية التحجيم تهدف إلى انحصار الأزمة في نطاقها الذاتي دون التصاعد لكي لاتصل حداًً لا يمكن معه السيطرة على الوضع، ولكي يعود الوضع تدريجياًً إلى ما كان عليه قبل ابتداء أو انطلاق تلك الأزمة، لا بد أن يتم تقليص أو تحجيم خطر الأزمة وذلك بتحديد نطاق الأزمة بشكل دقيق وواضح، وبقطع روافد تغذية هذه الأزمة التي تزيد من وتيرة إشعالها. و لضمان عملية التحجيم للأزمة يجب أن يختار الوقت المناسب لها بدون تقاعس أو تأخير، لأن إطالة أمد الأزمة يطيل من عمرها ويزيد من تعقيدها ويصاعدها بوتيرة أكبر. إحتواء الأزمة الأمنية : ومن أبرز عوامل المواجهة للأزمة الأمنية (تحجيمها) أي احتواءها… وهذه العملية تأتي كرد مباشر لوجود أزمة حقيقية في الواقع، يجب أولا أن نحس ونشعر بها ونسلم بوجودها، ومن ثم نحاول أن نضرب حولها طوقا مناسبا يوقف تمددها، ويحجز أطرافها في نطاقها، لكي نحول دون استفحالها، واستعصاء حلها… أي السعي ليس إلى البحث عن حل مباشر لها إنما لقطع إمدادات التغذية والنماء التي تمد بها روافده. تجفيف منابعها: ثم نبدأ بعمل عدة إجراءات تنفيذية فاعلة لقطع روافدها، أي تجفيف منابع تلك الأزمة بطريق إلتفافي بدون مواجهه أو مجابهة.. وهذا لا يتأتي إلا بوضع اليد على عوامل بقائها ووجودها الحقيقي، وذلك بالتعرف على المتغيرات الأساسية التي لها علاقة بالمشكلة التي أنتجت الأزمة، وفي نفس الوقت التعرف على المتغيرات الثانوية التي تشكل عاملا مساعدا لوجودها. التدرج في الحل: من الخطأ الجسيم أن نسعى مباشرة إلى مجابهة الأزمة لمحوها أو القضاء عليها، حيث نستسهل هذه الأزمة، فنوجه قدر غير مناسب للتعامل معها، مما يستفزها ويثيرها ويزيدها، وربما يخرجها عن طريقها ومسارها. لذا فإن التدرج في الحل لأي مشكلة يساعد في تحجيم المشكلة. وللتدرج في الحل لا بد من توافر عدة عوامل وهى: – العامل الأول: توافر المعلومات وقاعدة بيانات دقيقة وحقيقة عن كل ما يتعلق بجذور تلك الأزمة سواء على مستوى الأشخاص أو الأهداف أو الدوافع أو العوامل بحيث تكون تلك المعلومات صادقة ومؤكدة والعامل الثاني: يتمثل في سرعة التعاطي مع هذه المعطيات ميدانياًً وعدم تراكمها والمبادرة بشكل مخطط لوأدها وإيقافها. العامل الثالث: يتمثل في القضاء على عوامل تغذية الأزمة ومدها بكل روافد التأزم لأن عملية تطور الأزمة لا يتم إلا بقطع دابر العوامل التي تغذي هذه الأزمة التي تؤجج لهيبها. أساليب إدارة حل الأزمة الأمنية في فلسطين: إن البداية الأكثر صوابية في حل الأزمة الأمنية يكمن في كيفية إدارة هذه الأزمة منذ البداية من حيث حسن توظيف كافة المعارف والقدرات في المجال الأمنى بالوصول إلى اختيار أفضل البدائل المتاحة والقادرة على حل المشكلة الأمنية المعقدة، ولذا فإن إدارة الأزمة لا بد أن تعتمد على جوانب هي: 1- الاستعداد والقدرة والإرادة (الذاتية- والموضوعية) أي توافر شروط نية الإصلاح والتغيير لدى المعنيين بالتغيير وذلك من خلال اتخاذ إجراءات التغيير والمواجهة والمجابهة والتنظيم لذلك يحتاج إلى خطة تتمثل في المنهج- القيادة- التنظيم 2- تقييم إعادة التوازن للفرد أو المجتمع: أ- نسبة الخسارة بعد مرحلة المواجهة، وتتم هذه العملية بحساب نسبة المتبقي من التوازن ليكون الناتج الخسارة، ومن ثم معرفة نسبة الفاقد لتعويضه. ب- ترميم وإصلاح ما فقد من التوازن أثناء الأزمة إلى حالته الصحية، أو إلى ما كان عليه في الوضع في السابق (وإذا كان حاصل فقدان التوازن أكبر، فإن الأمر ينتقل من الإصلاح لحالة التغيير) ففي الحالات المادية يتم (الهدم ثم إعادة البناء) وفي الحالات العقلية يتم (غسيل الدماغ) وفي الحالات الانفعالية يتم (تغيير المشاعر السلبية إلى إيجابية). ج- التقييم النهائي واستخلاص العبر للمستقبل في عملية التنبؤ أو الوقاية أو العلاج. د- وضع قواعد ضبط وتحكم لبقاء حالة التوازن على حالها الطبيعي، وإعطاءها مصل من أجل التحمل عبر أساليب ( امتصاص الصدمة، وتشتيت الصدمة، وتفتيت الصدمة ). كما تتم عملية أدارة الأزمة بالعديد من الأمور الفنية والتي تتمثل في مراعاة عدة جوانب هى:- -الجانب المعلوماتي: وهو عملية الإلمام بالمعلومات الضرورية اللازمة لمواجهة الأزمة الأمنية ويتوفر هذا الجانب عن طريق توفير قاعدة بيانية جيدة من المعلومات. -الجانب التنظيمي: وهو كل ما يمكن أن يكون من تخطيط وتنظيم وتوجيه وإعداد وبناء ولما كل ما يمكن أن يعتبر عمل منظم يؤدى إلى تحديد للأهداف والمرامي. -الجانب الفني: وهو الجانب الذي يتمثل في التدريب على ما يمكن أن يحققه من وسائل ووسائط إجرائية فنية لذلك. -الجانب الاقتصادي: وهو عملية حساب للتكلفة الكاملة لما سوف يحققه العمل الأمني لمواجهة الأزمة الأمنية. -الجانب الاجتماعي: وهو عملية التعرف على إحساس الجماهير ومدى تقبلها للخطة الأمنية ومواجهتها. -الجانب السياسي: وهو عملية الاستعداد التام من قبل القيادة السياسية على تحمل تبعات هذا القرار لمواجهة الأزمة وصناعها . العملية الإجرائية لتطويق الأزمة الأمنية في فلسطين ( مقترح ): 1- الانتشار الأمني النفسي: وهذه العملية تمثل أول عمليات التحجيم أو التطويق الأمني للأزمة القائمة حيث يتطلب نشر أعداد كبيرة من القوى الأمنية بشكل استعراضي عرضي وغير مباشر بهدف نشر الرعب والخوف لدى عناصر الفلتان الأمني وخلق نوع من الاطمئنان والسكينة في نفوس الشعب. وذلك من أجل خلق حالة من الإعياء تصيب أصحاب الأزمة، وتقلل من حالة إحباط أفراد الشعب بشكل عام لكي تنحصر أعمال المستفيدين من هذه الأزمة وتتوقف أمانيهم من تحقيق مآربهم. 2- التطويق للأزمة: وتتم عملية تطويق الأزمة من خلال التعرف عل العوامل التي سببت وجودها، وكذلك العوامل التي تغذيها وتنفخ في إذكائها وانتشارها، وأيضاً تحليل المعلومات التي تم الحصول عليها من خلال البحث المستمر من جراءها. 3- المعالجة العملية: وتتم عملية هذه المعالجة عملياتياً من خلال وضع خطه عملية جيدة ومتواصلة. وهذه الخطة يجب أن تكون مباشرة على الأرض، تندفع فيها قوة كافية من القوة الشرعية (الشرطة) مسنودة بجميع أطياف البلد. تعقيب عام: إن الأزمة الأمنية التي يتعرض لها المجتمع الفلسطيني اليوم، يجب أن يراعي فيها البعد السيكولوجي، في أثناء دراسة الأزمة، وأثناء التصدي لحلها، وأثناء المتابعة لهذا الحل. وهذا ما يجهله كثير ممن يحاول التعامل مع الأزمة، بحيث يجردها من العوامل المؤثرة فيها, وخاصة العامل النفسي.. باعتبار أن المشكلة والأزمة تتعامل وتتفاعل مع الإنسان بمكوناته الأساسية (الجسمية، والنفسية) التي يجب أن تراعي إلى أبعد حدود. وإن سيكولوجية الأزمة الأمنية، تتطلب من كل من يحاول التصدي لها دراسة المكونات السيكولوجية لهذه الأزمة، والنفاذ لها بحسب نفاذها للعمق النفسي للفرد أو الأمة. إن الفشل في التعاطي مع الأزمة الأمنية في فلسطين والممثلة في الفلتان الأمني منذ البداية، كان فشلا نابعا من طبيعة التعامل مع نفسية الفرد الفلسطيني، وعدم دراية جيدة بهذه النفسية، وفي نفس الوقت تجريد المشكلة الأمنية في طورها الأول من عواملها ومكوناتها الأساسية، وخاصة المكون السيكولوجي لها. باعتبار أن الأزمة الأمنية تنبع من عوامل داخلية وخارجية (نفسية- اجتماعية) ومن خلال التفاعل بين هذه العوامل تنمو وتتطور وتتصاعد هذه الأزمة. ومما ساعد أيضاً على تنامي هذه الأزمة (رغم التصدي لها للمعالجة والحل) أن أغلب المتصدين للحل لا يحاولون التعرض للعوامل الداخلية لها، التي قد يصعب التدقيق فيها أو التعامل معها، خاصة أنها في الأغلب عوامل ذات طابع شخصي سيكولوجي وإنما يبحثون عن العوامل الخارجية. أي أن الأزمة الأمنية إذا لم تواجه منذ البداية، في مراحلها الأولى بشكل عميق ينفذ للجانب النفسي فيها ويحلها من جذورها، تنفذ لمرحلة أشد تعقيد وأكثر خطورة. إن حالات التدهور الأمني التي تتعرض لها المجتمعات (جراء عوامل داخلية أو خارجية، أو بسبب انهيار النظام السياسي، أو عمليات التهجير القصري، أو بانتشار الفساد، أو بالعصابات المنظمة.. إلخ) لها مردود سلبي على مواطني هذه المجتمعات، خاصة أن الأمن يشكل للإنسان المطلب الثاني من ضروريات وجوده في الحياة. وبالتالي فإن من اخطر ما يتعرض له الكيان النفسي لدى الفرد، هو استمرار عملية التدهور (الفلتان الأمني)، حيث يفرض على نفسه التأقلم مع الوضع اللاأمني القائم في البلد، أو المحيط الذي يعيش فيه، وهذا الأمر بما أنه ينافي الطبيعة الوجودية للإنسان، ويهمش حاجياته، فإنه بالتالي يفرض وضعا نفسيا غير مستقر يغلي به كيانه النفسي الداخلي فيحاول أن يوهم نفسه بالقدرة على العيش مع هذا الوضع غير المقبول لكيانه وكينونته الداخلية، وبالتالي تصبح ذاته النفسية عرضة للأمراض النفسية، وكذلك عرضة للاضطرابات السلوكية، التي في حقيقتها تفريغ الشحنات من الغضب الداخلي المخزون الذي يبحث عن متنفس بأي شكل وأي ثمن. إن من يقود عوامل التهديد الأمني (داخليا وخارجيا) يسعي إلى تدمير مقومات ودفاعات النفس لدي كل مواطن ليتسنى له فرض واقع امني يخدم مصالحه, ويدمر أو يعطل مصالح المجتمع, وذلك باستغلال عوامل نفسية ذاتية, وتقوية هذه العوامل الشخصية الذاتية, علي حساب المجموع, فتنطلق حفنه (قام المحتل أو المعتدي بعمل غسيل دماغ فردي أو جمعي لها) بنشر عوامل التخريب الأمني, والانسياب والفلتان الأمني علي حساب المجموع. إن تعرض الفرد، أو المجتمع، لهذه الحالة من التدهور الأمني قد يسوق البعض إلى الانحراف بالواقع بشكل قهري مما قد يعكس هذا القهر في نفسه منظومة من التناقضات قد لا يقوى على حلها، فيلجأ إلى الإحالة (إحالتها للزمن)، وهذه الإحالة هي أول عمليات القضم النفسي، أو بعبارة أخرى التآكل للذات، أو يندفع لعمليات تفريغ لهذه الشحنات النفسية المكبوتة، بقدر غير متطابق أو مساوي لما يتعرض له من مواقف، فيعبر بها على شكل عدواني على الآخرين. إن الأزمة الأمنية في فلسطين التي يطلق عليها (الفلتان الامنى) قد وصلت اليوم إلى الذروة التي إما أن تبدأ في الانحدار والهبوط شيئا فشيئا حتى تذوب وتنتهي وإما أن تنهار المؤسسة الوطنية بما فيها المؤسسة الأمنية وتحدث حالة الفوضى العارمة التي تعطل سير عجلة الحياة بشكل عام . وحسب روايتنا فإن الأسباب التي تعيق التقدم في حل الأزمة الأمنية في فلسطين اليوم هي ذاتها الأسباب التي قد تساهم في حلها وانهيارها. وهذا ما يميز الأزمة الأمنية في فلسطين عن غيرها من الأزمات الأمنية التي تحدث في كثير من مناطق العالم. إن الفلتان الأمني الذي أصبح جزءاًً من الحياة في فلسطين وشكل أزمة أمنية متواصلة، لا بد أن نجابهه بشكل فوري وسريع ضمن خطة علمية عملية تنتهج وسائل وأساليب حاسمة ومنطقية للوصول إلى حالة إعادة التوازن الأمني الذي أحدث هذا الفلتان وهذا يتطلب إعادة التوازن من أصحاب القرار وذوي النفوذ على مستوى الوطن وأن يسارعوا إلى وضع خطة شاملة ومتكاملة لذلك. ورجل الأمن الفلسطيني كجزء من المجتمع، ولكونه إنسان أولا وأخيرا، لا بد أن يكون على قدر كبير من تحمل الأعباء والمسؤوليات في كافة الأحوال فهو لا يحمي نفسه فقط بل انه مسئول عن شعب بأكمله وعليه أن يشعر كل من حوله بالأمان وان ينشر الطمأنينة والعدل بين الناس. وهو الأجدر بان يكون قادرا على التحكم بمشاعره، باعتباره أكثر المؤثرين والمتأثرين بالأزمة الأمنية، لكونه يعمل في المؤسسة الأمنية، كان الضحية الأولى لهذا الفشل في حل الأزمة الأمنية، إذ كان هو أحد أركانها، وأحد عوامل تفاعلها بشكل سلبي، وبالتالي جني أول الثمار لها، جراء التعاطي السلبي مع هذه الأزمة في الواقع الحياتي. وأصبح العاملين في الأجهزة الأمنية على الساحة الفلسطينية، هم أكثر الناس اليوم الذين تنعكس عليهم تلك الأساليب الخاطئة التي تم التعاطي فيها في إدارة الأزمة الأمنية الداخلية، بل كانوا هم الضحية مرتين، مرة عندما أوكل إليهم حل الأزمة الأمنية بأساليب ووسائل وطرق غير صحيحة ولا تقوم على أسس سيكولوجية معمقة، ومرة عندما فرض عليهم الآخرين مسئولية هذه الأزمة، وباتوا هم وحدهم من يجنون التفريغ النفسي ضدهم. وباتوا معزولين ومنعزلين عن الحشد السيكولوجي الجماهيري الذي توهموا يوما منا أنهم محاطين به من كل جانب. وإعادة التوازن في الواقع الفلسطيني بما يمثله من خصوصية تحتاج لأكثر من عامل مترابط للخروج من حالة الأزمة والعودة بها لبر الأمان. ومن أهم هذه العوامل توحيد الجهود الداخلية للقوى السياسية على الساحة الفلسطينية، من خارج وداخل المؤسسة الحاكمة، والالتفاف على موقف وطني داخلي موحد باعتبار الأمر الداخلي يجب أن يكون له الأولوية في المرحلة القادمة. ثم التقدم بمشروع وطني أو وثيقة وطنية تدعمها وتباركها وتلتزم بها جميع القوى العاملة على الساحة الفلسطينية. وقد تولد قناعة للباحث من خلال تخصصه في مجال علم النفس، ومهنته في المجال الأمني، أن لعملية الأزمة الأمنية الواقعة اليوم في فلسطين، والتي يطلق عليها (الفلتان الأمني) عوامل ذات جذور أعمق من الشكل الظاهر لها، والتي قد تخدع الكثير ممن يحاولون التصدي لهذه العملية بالوقاية أو العلاج، أن ينخدعوا بحلول قشريه تعالج المظهر ولا تدخل إلى عمق الأزمة والتي يمثلها البعد النفسي. لذا عمد الباحث إلى تناول هذا البعد بشكل معمق غير متجاهلاً الأبعاد الأخرى التي تؤثر على هذه العملية، باعتبار أن السلوك الانسانى انعكاس لما يختزنه الفرد من خبرات سابقه، قد حفرها الزمن في ذاته لتشكل مجمل أفكاره وعواطفه ونشاطه. وبالتالي أي سلوك هو نتاج للإنسان ذاته، ومن هنا لابد من التعمق في هذه الذات لوضع حد لما يمثله السلوك الشاذ في الواقع .. وهذا لا يتأتى إلا من خلال التعرف على العمق النفسي المؤثر بشكل كبير على النشاط السلوكي، ثم العمل على علاج هذا السلوك ليس عبر أساليب تعالج ظاهر السلوك، إنما عبر وقاية تنفذ لداخل النفس، وتعالج النفس التي استمرأت الانحراف وانجرفت في تيار السلوك الخاطيء والذي يعنى خروج على عادات وقيم المجتمع. .... يتبع
|
|
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 69754 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 77 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: الأزمة الأمنية في فلسطين وسيكولوجية الفلتان الأمني الأربعاء 09 ديسمبر 2020, 4:50 am | |
| .... تابع الأزمة الأمنية في فلسطين وسيكولوجية الفلتان الأمني الخاتمة ملخص البحث: لقد استهل البحث بخلفية تشمل المبحث الأول والذي تناول: المقدمة، وأسباب المشكلة، وأهدافها، وأهميتها، والمنهج المتبع فيها، والصعوبات التي واجهت الباحث، والمصطلحات، ومحددات الدراسة. ثم منهج البحث. والمبحث الثاني يشمل: أولاً: معالم وسمات الأزمة الأمنية التي تناول فيها الباحث عدد من السمات التي تحدد طبيعة الأزمة عن غيرها من المشاكل، كالتشعب، وحال الترويع، والصعوبة، والتسويف، والتخريب وسرعة الانتشار. وثانياً: عوامل بروز الأزمة الأمنية، سواء على مستوى الفرد، أو تلك العوامل التي تكون على مستوى المجتمع، أو على مستوى المؤسسة الأمنية ذاتها. كالحالة الفردية للفرد سواء النفسية أو الانفعالية أو حتى الجسدية. أو حالة الفوضى وسيطرة حالة الشغب، وعدم احترام الناس للقانون، وما إلى ذلك. ووضع الفرد والمؤسسة الأمنية يؤثر تأثيراً بالغاً على عملية الفلتان الأمني. والمبحث الثالث يشمل: أولاً: مراحل الأزمة الأمنية، والتعرف على المراحل وأطوارها التي تمر بها .. بحيث تسلم مرحله لأخرى، حيث تشكل هذه الأزمة مراحل متعاقبة ومتداخلة، كمرحلة اختلال التوازن الأمني، ومرحلة المشكلة الأمنية ، ومرحلة التأزم والفلتان الأمني. وثانياً: آثار نتائج الأزمة الأمنية على المستوى السيكولوجي للفرد من حيث الاضطراب النفسي، وحالة الشك، والإحباطات، والاكتئاب، وعدم الإحساس بالهوية، وانتشار الخوف. ثم آثار الأزمة على مستوى المجتمع، والتي من أبرزها التصدع المجتمعي، وسيادة حالة القلق المجتمعي. والمبحث الرابع: يشمل: العوامل المساعدة في حل الأزمة، والتي من أبرزها التعاطي الصحيح للازمه، وعدم تقزيم المشكلة، بالإضافة إلى عدم في الثقة، وسوء الإدارة للأزمة، وكذلك الحل المناسب لها. وثانياً: طرق وأساليب حل الأزمة الأمنية، والعمل أولا على تحجيم وتطويق الأزمة، ثم القيام بعملية احتواء هذه الأزمة وتجفيف منابعها، ثم التدرج فى عملية ممارسة الحل ثم طرق وأساليب إدارة حل الأزمة الأمنية. ثم تعقيب عام على الدراسة، وخاتمة وتشمل: ملخص للبحث، وأهم النتائج، ثم التوصيات. أهم نتائج البحث: – لقد تبين للباحث من خلال هذا البحث بان الأزمة الأمنية في فلسطين، والمسماة بالفلتان الأمني ذات عمق سيكولوجي يجب أن لا يغفل عنه في دراسة هذه الظاهرة التي تشكل تحدياً للذات الفلسطيني قبل أن تشكل تحدياً للمجموع. وأن العامل السيكولوجي الذي يغفل عنه الكثيرون في التعاطي مع الأزمة الأمنية، لابد أن يؤخذ بعين الاعتبار في أثناء عملية تشخيص وعلاج هذه الأزمة. – كما تبين للباحث بان البنية النفسية التي تربى عليها قطاع غزة أكثر تعقيداً من غيرها من المناطق، لما يكتنز هذه المنطقة من نفسية ذات مخزون هائل من الألم والمعاناة جراء الممارسات الهمجية من قبل قوات الاحتلال. – كما اظهر البحث بان الأزمة الأمنية التي يتعرض لها المجتمع الفلسطيني ليست نتيجة عامل واحد فقط، إنما هي محصله لجملة من العوامل المتشابكة والمترابطة التي تتضافر فيما بينها لتشكل تجمعاً ضاغطاً باتجاه خلق الأزمة وتواصلها، وهذه العوامل لا يمكن فصلها أو تجريدها عن بعضها البعض. – كما تبين للباحث بان الأزمة الأمنية في فلسطين .. هي أزمة ذات طابع شمولي لا تبقى في نطاق أو مجال الأمن، إنما تمتد لتشمل جميع جوانب الحياة في المجتمع .. سواء الاقتصادي منها أو الاجتماعي أو السياسي أو الأخلاقي …..الخ – كما تبين للباحث بأن المعالجة الصحيحة والعميقة لحل هذه الأزمة يكمن في تعميق مبدأ التخلية والتحلية، حيث يجب أن تتخلى من النفوس كل ما يشوبها من بغضاء وضغائن، وتحليها بكل ما ينشر فيها من معاني الحب والوئام – كما تبين للباحث بان الأزمة الأمنية في فلسطين لا تنفصل عن العمق الزمني الممثل في البعد التاريخي للصراع العربي الصهيوني، الذي افرز واقعاً يمثل العنف جزءاً فاعلاً من حياته اليومية. حيث أصل العنف الذي كان موجهاً للعدو الصهيوني أصلاً، لنفسيه ممتدة تاريخياً لممارسة العنف. – كما قد تبين للباحث أن هناك علاقة بين عملية الفلتان الأمني وبين العمق المكاني المتمثل في البعد الجغرافي الذي يدور عليه رحى الصراع الواقع على وجه الخصوص في قطاع غزة .. دون الضفة الغربية مما ركز عملياً ممارسة العنف في هذه البقعة دون غيرها. – كما اظهر البحث بان عملية الفلتان الامنى قد أصبحت عمليه معقده يجب التعامل أثناء حلها إلى اخذ جميع الاحتياطات اللازمة للحل، وخاصة لا يجوز أن يتصدى للحل من لا يملك الخبرة والقدرة. – كما اظهر البحث أن من اكبر عوامل تنامي الأزمة هو تجاهلها أو الهروب منها، أو تقزيمها، مما يتطلب من أهل الحل والعقد الجرأة في الحل دون الالتفات إلى كثير من المبررات الغير مقبولة، فالإسراع في الحل يشكل جزءا مهماً من الحل. – كما اظهر البحث بان رجل الأمن المخول بضبط الأمن والتصدي لحالة الفلتان الأمني هو أول من يجنى ثمار انتشار الأزمة لأنه أول من يكتوي بنارها. توصيات: – إنشاء بنك معلومات لرصد جميع الأزمات الأمنية السابقة سواء التي حدثت على المستوى المحلى أو على المستوى العالمي وذلك بهدف التعرف على طرق وأساليب ووسائل حل الأزمات . – إعداد برامج وخطط جاهزة لازمات أمنية افتراضية ووضع حلول وبدائل للتعاطي مع الأزمة والسيطرة عليها . – إعادة النظر في المكون البشرى لعنصر رجل الأمن بحيث يكون عنصراً صالحاً لخلق مناخ أمنى وليس عنصراً مشاركاً في خلق الأزمة وتناميها. – العمل على إنشاء إدارات عامة ضمن الأجهزة الأمنية تقوم بتدريب وتأهيل أفراد يتخصصون في التعامل مع الأزمات. – تعميق التعاون والمساعدة بين المؤسسة الأمنية وغيرها وخاصة فيما يتعلق بتبادل المعلومات والخبرات ومن ثم التنسيق لمكافحة هذه الظاهرة الأمنية السلبية. التوثيق (1) محمد إبراهيم عيد، الهوية والقلق والإبداع، دار القاهرة، ص34 (2) منيب البلبيسي،2002م، “الأمن النفسي وعلاقته ببعض المتغيرات الشخصية، والديمغرافيه لطلبة الصف الحادي عشر بمدارس محافظات غزة”، جامعة عين شمس، والأقصى بغزة، ص25. (3) ابن منظور، لسان العرب، دار المعارف، لبنان، ج24- ص74 (4) الياس، المنجد، بيروت ، ص10 (5) محمد بن ابي بكر بن عبد القادر الرازي، “مختار الصحاح”، ص26-27، دار الفيحاء، بيروت (6) ابن منظور، مصدر سابق، ج24 ص76 (7) المنجد، مصدر سابق، ص 18 ( محمد عبد الكريم نافع‘ “أمن الدولة العصرية”، ط2-1992، كلية الشرطة-مصر، ص30 (9) محمد مدحت المراسى، “تنظيم إدارة الشرطة”، السنة الأولى، أكاديمية الشرطة- مصر، 1994، ص 135 (10) مركز أفق للدراسات والتدريب، كراسة الأمن، 1998 م، ص6 (11) جامعه مؤتة، كلية العلوم العسكرية “محاضرات في مادة الأمن الوقائي”،1995-1996، ص20 (12) حسن إسماعيل عبيد، “سسيولوجيا الجريمة”، الناشر ميد لايت– لندن، 1993، ص 18. (13) عبد الكريم نافع ” الأمن القومي ” مطبوعات الشعب، 1975 م ، ص 29 (14) عمر قدوره، شكل الدولة، مدلولي، القاهرة.1997 م، ص 12 (15) الموسوعة السياسية، مؤسسة الأهرام، القاهرة، ب-ت، ص 50 (16) مكنارا روبرت، جوهر الأمن، دار الطليعة، بيروت، 1989م، ص33 (17) عبد المنعم المشاط ” نظرية الأمن القومي العربي المعاصر” دار الموقف العربي، 1987، ص 16 (18) ليبمان وولتر، مؤسسة الأهرام الدولي، القاهرة، 1984، ص25 (19) المنجد، مصدر سابق، ص 529 (20) ابن منظور، مصدر سابق، ص 3454 (21) الأزمة الأمنية، ب-ت، ص 35 (22) موقع البلاغ، العوامل المؤثرة في سلوك الفرد”، 7/8/2003 :19 http://www.balagh.com) (23) علي الرفاعي”العلاقات العامة في الشرطة” روز اليوسف، أكاديمية الشرطة، ص51 (24) شرطة جدة، 19/7/2003 :1 www,jeddahpolice.gov (25) حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، المسلكية الثورية، ص 45 . (26) عبد الرحمن محمد العيسوي، علم النفس العسكري”، دار الراتب الجامعية،1999م، ص143 (27) السلطة الوطنية-الأمن العام ” مناهج تدريب القيادة والاداره ” 1999 ، ص 417 (28) معتز عبد الله “الحرب النفسية والشائعات”، دار غريب للطباعة والنشر-القاهرة1997، ص85. (29) محمد البيومي،”ظاهرة تصفية العملاء” الطبعة الأولى، غزه، 1994، ص 71. (30) خضر عباس، ” دراسة لبعض المتغيرات المرتبطة بظاهرة التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي” رسالة الماجستير،2000م، ص145 (31) سفيان أبو نجيلة، “مدخل علم الاجتماع النفسي، غزه، جامعة الأزهر، 2001 ، ص66 . (32) أحمد خليل “الحس الأمني وأثره في تحقيق المواجهة الجنائية، السنة الرابعة، أكاديمية الشرطة، ص24. (33) نصار نصار، أحمد أبو السعيد، العلاقات العامة ب – ت ، ص36. (34) نبيل راغب “سيكولوجية الشك” ب-ت، ص22 (35) عبد الرحيم نور الدين،”طرق الكتابة التلفزيونية”، أكاديمية نايف‘ 1998، ص9. (36) نبيل راغب ” اخطر مشكلات الشباب، دار الغريب، القاهرة، ص 223 . (37) محمد إبراهيم عيد 213- الهوية والقلق – دار القاهرة، ص 213 (38) محمد أبو رحيم “4/9/2003 : 3، http://www.saaid.ne ) (39) جريدة الرياض-العدد 12642، 31/1/2003 : 1، http://www.alriyadh.com.sa (40) رجل الأمن” شرطة جدة، 19/7/2003: 1 www,jeddahpolice.gov (41), 1/10/2003 http://www.dealingwith fear.org (42) عبد العزيز الناصري، مجلة النبأ العدد 61، أيلول 2001 : 2- http://www.annabaa.org 3 (43) مصطفى أبو سعد، “خطوات التربية الإيجابية” الفرقان العدد244، 24/5/2003: 1-2، http://www.forqan.com (44) محمد إبراهيم عيد،”أزمات الشباب النفسية، الناشر زهراء الشرق دار الغريب، القاهرة، ص79 (45) 29/أكتوبر/2001 : 2، من 288 http://www.islah.org) المراجع مراجع الكتب: – أحمد ضياء الدين خليل، “الحس الأمني وأثره في تحقيق المواجهة الجنائية”، السنة الرابعة، أكاديمية الشرطة، ب-ت. – ابن منظور، ” لسان العرب” دار المعارف– لبنان، 1119م – كرم الياس، المنجد، بيروت ، ب-ت – الأزمة الأمنية، مركز افق ب-ت، – حسن إسماعيل “عبيد سوسيولوجيا الجريمة”، الناشر ميدلايت-لندن، 1993م – حركة التحرر فتح، “قواعد المسلكية الثورية”، ب-ت – خضر عباس، “دراسة لبعض المتغيرات المرتبطة بظاهرة التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي” رسالة الماجستير، غير منشورة، الجامعة الإسلامية-غزة، مكتبة المنار، 2000م – دوسيه دورات في الأمن، دورة التخطيط والقيادة، ب-ت . – سفيان أبو نجيله، “مدخل إلى علم الاجتماع النفس” 2001م، جامعة الأزهر- بغزة. – السلطة الوطنية الفلسطينية- الأمن العام، “منهاج تدريب القيادة والإدارة” ، 1999م – عبد الكريم نافع، “الأمن القومي”، مطبوعات الشعب، 1975 م . – عبد الرحمن محمد العيسوي، “علم النفس العسكري” دار الراتب الجامعية،1999م – عبد العزيز المحمد السلمان، “الكواشف الجلية في معاني الواسطية” الطبعة العاشرة، شركة الراجي للصرافة ولتجارة 1401هـ 1981م الرياض- السعودية. – عبد الرحيم نور الدين، “طرق الكتابة التلفزيونية والأخبار والبرامج التلفزيونية ومعالجتها للقضايا الأمنية، 1419هـ- 1998، أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية- السعودية. – عبد المنعم المشاط، “نظرية الأمن القومي العربي المعاصر”، دار الموقف العربي، 1987م – علي الرفاعي، “العلاقات العامة في الشرطة” مطابع روز اليوسف الجديدة، وزارة الداخلية- أكاديمية الشرطة- كلية الشرطة، ب-ت. – عمر قدوره، “شكل الدولة وأثره في الأمن”، مكتبة مدلولي، القاهرة، 1997 م – كلية العلوم العسكرية- جامعه مؤتة، “محاضرات في مادة الأمن الوقائي”، 1995-1996م – مركز أفق للدراسات والتدريب، كراسة الأمن، 1998م – ليبيمان ولتر، مؤسسة الأهرام الدولي، القاهرة، 1984م. – محمد إبراهيم عيد، “أزمات الشباب النفسية” كلية التربية- جامعة عين شمس، الناشر زهراء الشرق- القاهرة – محمد إبراهيم عيد، الهوية والقلق والإبداع- دار القاهرة. – محمد عبد الكريم نافع‘ “أمن الدولة العصرية”، ط2-1992، كلية الشرطة-مصر، ص30 – عبد الرحمن محمد العيسوي، “علم النفس العسكري” دار الراتب الجامعية،1999م – دوسيه دورات في الأمن، دورة التخطيط والقيادة،ب-ت . – محمد مدحت المراسي، “تنظيم إدارة الشرطة”، السنة الأولى، وزارة الداخلية، أكاديمية الشرطة-مصر، 1993-1994 – محمد البيومي، ظاهرة تصفية العملاء ” الطبعة الأولى،غزة،1994م – معتز السيد عبد الله الحرب النفسية والشائعات دار غريب للطباعة والنشر -القاهرة. 1997م. – منيب البلبيسي،الأمن النفسي وعلاقته ببعض المتغيرات الشخصية والمتغيرات الديمغرافية لدي طلبة الصف الحادي عشر بمدارس محافظات غزة” جامعة عين شمس والأقصى،2002م، ص25. – مكنارا روبرت، جوهر الأمن، دار الطليعة، بيروت، 1989م. – الموسوعة السياسية، مؤسسة الأهرام، القاهرة،ب-ت. – نبيل راغب، “أخطر مشكلات الشباب”، دار الغريب- القاهرة،ب-ت . – نبيل راغب “سيكولوجية الشك” ب-ت، ص22 – نصار نصار، أحمد أبو السعيد “العلاقات العامة والتوعية الجماهيرية” ب-ت – هشام الطالب، “دليل التدريب القيادي المعهد العالمي للفكر الإسلامي”، 1995م . مراجع الانترنت: – موقع الفرقان، مصطفى أبو سعد، “خطوات التربية الإيجابية” الفرقان العدد244، 24/5/2003 : 1-2، http://www.forqan.com – موقع سيد، محمد أبو رحيم، “كيف تطرد الخوف من الموت والمرض”4/9/2003: 1،www.saaid.net ) – موقع نجمي، أصول إدارة الأفراد(Najemy Elias, the causes of fear, 1/10/2003 : 1-2 ص125 – موقع البلاغ، العوامل المؤثرة في سلوك الفرد”-اثر الثقافة والمعتقد الذي يؤمن به الشباب، 7/8/2003 :19 http://www.balagh.com) – موقع نشرة الإصلاح، “الأمن الوطني إرهاب فكري” 29/أكتوبر/2001: 2، العدد 288 http://www.islah.org) – موقع شرطة جدة، “تعريف رجل الأمن”، 19/7/2003 www,jeddahpolice.gov) – موقع سبرايت سنتر -types of fear, 1/10/2003 http://www.freespiritcentre-info – جريدة الرياض -العدد 12642، 31/1/2003 ،www.alriyadh.com.sa ) – موقع الطريق عدد 1/10/2003 : 1-2 http://www.dealingwith fear.org) – مجلة النبأ، عبد العزيز الناصري، مجلة النبأ العدد 61، أيلول 2001 : 2-3 http://www.annabaa.org) |
|