منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 القواعد الأربع لإثبات العقائد والأحكام الشرعية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69984
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

القواعد الأربع لإثبات العقائد والأحكام الشرعية Empty
مُساهمةموضوع: القواعد الأربع لإثبات العقائد والأحكام الشرعية   القواعد الأربع لإثبات العقائد والأحكام الشرعية Emptyالسبت 24 أبريل 2021, 12:07 pm

القواعد الأربع لإثبات العقائد والأحكام الشرعية
عقيل حامد

القواعد الأربع لإثبات العقائد والأحكام الشرعية

قال الله -تعالى-: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ [الحشر: 7]، وقال الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-: ((مَن أحدَث في أمرِنا هذا ما ليس منه، فهو ردٌّ))؛ متفق عليه، وقال: ((مَن عمل عملاً ليس عليه أمرنا، فهو ردٌّ))؛ رواه مسلم، وقال الإمام مالك - إمام دار الهجرة -: "ما من أحدٍ إلا ورادٌّ ومردود عليه، إلا صاحب هذا القبر"، وأشار إلى قبر النبي -صل الله عليه وسلم- وقال: "ما لم يك يومئذٍ دِينًا فلا يكون اليوم دِينًا".

 

ومن خلال الآية الكريمة والحديث الشريف وكلام الإمام مالك يتبيَّن لنا منهجُ الحق في إثبات هذا الدين، وطريقة السلف في تلقِّي نصوص الوحي الشريف من غير إفراط ولا تفريط، ولا غلو ولا جفاء، فطريقة السلف هي الاتِّباع لا الابتداع، ومَن خالفهم فهو من أهل الزيغِ والبدع والضلال؛ ولهذا أحببتُ أن أُبيِّن طريقةَ السلف في إثبات مسائل الدين العلمية والعملية في قواعد أربعة أصَّلها الشرع الحنيف، اتَّضَحت بالسَّبْر والتقسيم للعلماء، وذكرها الجهابذة المحققون النبلاء، وركزوا عليها في شروحهم ومؤلفاتهم، وتلقَّاها الخلف عن السلف بالقبول والانقياد، قواعد أربعة، نورٌ لمن استضاء بها، وعلامات هدى ونجاة لمن استدلَّ بها في دجى الليل المظلم، أسال الله -تعالى- أن يرزقنا فهمَها وحفظها، ثم العمل بها؛ لنسلك بها طريق النبي -صل الله عليه وسلم- وأصحابه، وتكون نجاةً لنا في هذه الدنيا من البدع والضلالة.

•  • •  •

 

القواعد الأربع: التي يجب تطبيقها لإثبات أي مسألة من الدين:

1- لا بد من إثباتِ وجود نص من القرآن والسنة للمسألة المراد إثباتها.

2- لا بد من جمع جميع النصوص الواردة في المسألة الواحدة المراد إثباتها.

3- لا بد من إثبات صحة ثبوت النص أو النصوص الواردة في المسألة المراد إثباتها.

4- لا بد من إثبات صحة دلالة النص أو النصوص على المسألة المراد إثباتها.

 

أدلة القواعد الأربع:

1- دليل القاعدة الأولى: قال -تعالى-: ﴿ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [البقرة: 111].

 

2- دليل القاعدة الثانية: فعلُ النبي -صل الله عليه وسلم- في قصة تشريع الأذان، وفعلُ عليٍّ - رضي الله عنه - في إثبات أقلِّ مدَّة للحمل، فجمع بين قوله -تعالى-: ﴿ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ﴾ [الأحقاف: 15]، وقوله -تعالى-: ﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ﴾ [البقرة: 233]، فالآية الأولى بيَّنت أن مدَّة الحمل والرضاعة ثلاثون شهرًا، والآية الثانية بيَّنت أن الرضاعة التامَّة أربعة وعشرون شهرًا، فتكون أقل مدة للحمل ستة أشهر.

 

3- دليل القاعدة الثالثة: قال -تعالى-: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾ [الحجرات: 6]، وفي قراءة: (فتثبَّتوا).

 

4- دليل القاعدة الرابعة: قصة يوسف - عليه السلام - مع امرأة العزيز؛ قال -تعالى-: ﴿ قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ * فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ﴾ [يوسف: 26 - 28].

 

أمثلة على تطبيق القواعد الأربع:

أ- إثبات المسائل العقائدية؛ مثل مراتب الدين وأركان كل منهما، نطبق القواعد الأربع ونبدأ بها بالتسلسل من الأولى إلى الرابعة.

 

مثلاً إذا قلنا: الدين ثلاث مراتب؛ هي من الأدنى إلى الأعلى: (الإسلام، والإيمان، والإحسان).

 

وأركان الإسلام خمسة: (الشهادتان، والصلاة، والصوم، والزكاة، والحج).

 

وأركان الإيمان ستة: (الإيمان بالله -تعالى- وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره من الله).

 

وركن الإحسان واحد: (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فهو يراك)، ولإثبات صحة هذا القول:

1- نطبق القاعدة الأولى: يجبُ علينا أن نأتي بنصٍّ يُبيِّن ما قلنا، فنجد الحديث المشهور عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: "بَيْنا نحن عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يومٍ؛ إذ طلع علينا رجلٌ شديد بياضِ الثياب، شديد سواد الشعر، لا يُرَى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي -صل الله عليه وسلم- فأسند ركبتَيْه إلى ركبتيه، ووضع كفَّيه على فخِذَيْه، وقال: يا محمد، أخبرني عن الإسلام، قال: ((الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً))، قال: صدقتَ، فعجِبْنا له يسألُه ويصدِّقه.

 

قال: فأخبرني عن الإيمان، قال: ((أن تُؤمِنَ بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره))، قال صدقتَ.

 

قال: فأخبرني عن الإحسان، قال: ((أن تعبُدَ الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك)).

 

قال: فأخبِرْني عن الساعة، قال: ((ما المسؤول عنها بأعلمَ من السائل)).

 

قال: فأخبِرْني عن أماراتِها، قال: ((أن تلِدَ الأَمَةُ ربَّتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاءَ الشاءِ يتطاوَلون في البنيان)).

 

قال: ثم انطلق فلبثتُ مليًَّا، ثم قال لي: ((يا عمر، أتدري مَن السائل؟))، قلتُ: الله ورسوله أعلم، قال: ((فإنه جبريل أتاكم يُعلِّمُكم دينَكم))، وبهذا طبَّقنا القاعدة الأولى.

 

2- نطبق القاعدة الثانية: نجمعُ جميع النصوص المتعلِّقة بالإسلام والإيمان والإحسان، وأركان كل منهما، فنجد قولَه -تعالى-: ﴿ قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحجرات: 14]، وحديثَ أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي -صل الله عليه وسلم- قال: ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربُها وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة ذاتَ شرفٍ يرفع الناس إليه أبصارهم فيها حين ينتهبُها وهو مؤمن، ولا يغُلُّ أحدُكم حين يغُلُّ وهو مؤمن، فإياكم إياكم))، وهناك نصوص أخرى لم أذكرها خوفًا من الإطالة.

 

3- نطبق القاعدة الثالثة: نُثبِتُ صحَّة ثبوت النصوص التي نستدل بها (التي ذكرناها سابقًا)، فنجد أن الآية ثابتة في القرآن الكريم، في سورة الحجرات آية (14)، وحديث جبريل في صحيح مسلم، وحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - متفق عليه، إذًا جميعُ النصوص التي ذكرناها سابقًا هي ثابتةٌ قطعًا في القرآن والسنة الصحيحة عن النبي - صل الله عليه وسلم.

 

4- نطبق القاعدة الرابعة: نثبت صحة دلالة تلك النصوص على قولنا: إن الدين ثلاثُ مراتب، هي من الأدنى إلى الأعلى: (الإسلام، والإيمان، والإحسان)، ونثبت أيضًا أن أركان الإسلام خمسة، وأركان الإيمان ستة، وركن الإحسان واحد، وهي التي ذُكِرَت في حديث جبريل، فنقول: الآية ثابتةٌ ومحكَمة وغير منسوخة، وفرَّقت بين الإسلام والإيمان، وردَّت على الأعراب الذين ادَّعوا أنهم مؤمنون، وبيَّنت أنهم مسلمون وليسوا مؤمنين؛ (أي إن الإيمان الواجب غير كامل عندهم؛ فهم مسلمون وإيمانهم ناقص)، وحديث جبريل صحيح صريح في التفريق بين الإسلام والإيمان والإحسان، وقد ذكر أركان كلٍّ منهما، والحديث ثابت وغير منسوخ ولم يأتِ ما يخالفه، وحديثُ أبي هريرة نفى الإيمان عن الزاني (نفى كمال الإيمان ولم ينفِ كلَّ الإيمان)؛ أي إن الزاني يبقى مسلمًا، ولا يخرج عن الإسلام بفعله المشؤوم، وهذا واضح جدًّا؛ لأن القرآن والسنة بيَّنا حكم الزاني المُحصَن، وهو الرجم حتى الموت، والزاني غير المحصن الجلد مائة جلدة، والشرع عامَل الزاني معاملة المسلم؛ حيث ثبت في الحديث الصحيح أن رجلاً مُحصَنًا زنى على عهدِ النبي -صلى الله عليه وسلم- فأمر النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- الصحابة برجمِه بالحجارة حتى الموت، ثم أمر الصحابة بالصلاة عليه، ودُفِن في مقابر المسلمين، فلو كان كافرًا لَمَا أمر النبيُّ -صل الله عليه وسلم- الصحابةَ بالصلاة عليه، ولَمَا دُفِن في مقابر المسلمين، ومن هنا يتبيَّن لنا أن العبد أوَّل ما يُسلِم يدخُلُ في دائرة الإسلام، ثم إذا تمكَّن الإيمان من قلبه واستقرَّ فيه، وفعل كل الواجبات، وترك كل المحرمات، دخل دائرة الإيمان الواجب، وأصبح مؤمنًا، ثم إذا واصل فعل الطاعات والقربات بفعل الواجبات والمستحبات، وترك المحرمات والمكروهات والشبهات، دخل في دائرة الإحسان، وهي أعلى مرتبة في هذا الدين، وهذا واضح جدًّا، ولولا خوفي من الإطالة، لذكرت نصوصًا أخرى، ونقلت كلامًا أوسعَ للعلماء.

 

ب - إثبات الأحكام الفقهية:

مثلاً إذا قُلنا: إن المطلَّقة ثلاثًا لا يجوز لها أن ترجع إلى زوجها الأول حتى تنكِحَ زوجًا غيره، ويشترط هنا أن يدخُلَ بها زوجُها الثاني، فإذا طلقها قبل أن يدخل بها، فلا يجوز لها أن ترجع إلى زوجها الأول، ولإثبات صحَّة قولنا نطبق القواعد الأربع، وكما يلي:

1- نطبق القاعدة الأولى: نُثبِتُ وجودَ نصٍّ في مسألتنا، فنجدُ حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: "جاءتِ امرأةُ رفاعة القرظي إلى رسول الله -صل الله عليه وسلم- فقالت: إني كنتُ عند رفاعةَ فطلَّقني فبَتَّ طلاقي، فتزوَّجت بعده عبدالرحمن بن الزبير وما معه إلا مثل هُدْبَة الثوب، فقال: ((أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟))، قالت: نعم، قال: ((لا، حتى تذوقي عُسَيلتَه ويذوق عُسَيلتكِ)).

 

2- نطبق القاعدة الثانية: نجمعُ كل النصوص الواردة في المسألة؛ كحديث: "قال - عليه الصلاة والسلام - لامرأة رفاعة لما أرادت أن ترجع إليه بعد أن طلقها ثلاثًا وتزوَّجت بعبدالرحمن بن الزبير: ((لا، حتى تذوقي عُسَيلته ويذوق عُسَيلتك))؛ رواه الجماعة، وحديث ابن عمر: سئل النبي -صل الله عليه وسلم- عن الرجل يُطلِّقُ امرأته ثلاثًا فيتزوَّجها آخر، فيُغلِقُ الباب ويرخي الستر، ثم يُطلِّقها قبل أن يدخل بها: هل تحلُّ للأول؟ قال: ((حتى تذوقَ العُسيلة))؛ رواه أحمد والنسائي، وقال: ((حتى يجامعها الآخر)).

 

3- نطبق القاعدة الثالثة: نُثبِتُ صحَّة ثبوت النصوص التي نستدلُّ بها، وهي التي ذكرناها سابقًا، فنجد أن حديث عائشة - رضي الله عنها - متفق عليه، والحديث: "قال - عليه الصلاة والسلام - لامرأة رفاعة لما أرادت أن ترجع إليه بعد أن طلقها ثلاثًا وتزوَّجت بعبدالرحمن بن الزبير: ((لا حتى تذوقي عُسَيلته ويذوق عُسَيلتك))؛ رواه الجماعة، وقد ورد عن جماعةٍ من الصحابةِ؛ منهم: عائشة، وعبدالله بن عمر، وأنس بن مالك، وعبدالله بن عباس، وعبدالرحمن بن الزبير، كما بيَّن ذلك العلامة الألباني، وقال عنه: حديث صحيح، وحديث ابن عمر ضعيف الإسناد، وعلته الجهالة، كما بيَّن ذلك الألباني، إذًا الحديثان الأول والثاني ثابتان صحيحان، والحديث الثالث ضعيف، ولا يصلُح للاحتجاج به.

 

4- نطبق القاعدة الرابعة: نُثبِتُ صحة دلالة النصَّينِ الصحيحين السابقين على ما قلنا سابقًا، ونقول: الحديثان صحيحان وصريحان في الدلالة على أن المطلقة ثلاثًا لا يجوز لها أن ترجِعَ إلى زوجِها الأول حتى تنكح زوجًا غيره، ويشترط أن يدخل بها الثاني، كما بيَّن لنا ذلك رسول الله -صل الله عليه وسلم- والحديثان غيرُ منسوخين، ولم يأتِ ما يخالفهما ويعارضهما.

 

تنبيه هام:

لا يجوز لأحدٍ أن يتزوَّج المرأةَ المطلقة ثلاثًا ليُرجِعَها إلى زوجها الأول، ومَن فعل ذلك فهو ملعونٌ، وفعله حرام؛ قال رسول الله -صل الله عليه وسلم-: ((ألا أُخبِرُكم بالتَّيس المستعار؟))، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((هو المُحلِّل، لعن الله المُحلِّل، والمُحلَّل له))؛ إرواء الغليل.

 

تنبيه هام جدًّا:

لا يوجد، بل لا يمكن أن يحدثَ تعارضٌ بين النصوص الشرعية، وإذا ثبت تعارض بين نصين صحيحين، فسببه إما سوء فهم منا لتلك النصوص، أو أن أحدهما ناسخ للآخر، أو أحدهما عامٌّ والآخر خاص، أو أحدهما مُطلَق والآخر مُقيَّد، ولا مجال لبيان ذلك هنا، ومَن أراد المزيد فليراجع التعارض في أصول الفقه.

 

وأختم بحثي بأبيات شعرٍ لإمام المحنة إمام أهل السنة، الإمام أحمد - رحمه الله تعالى -:

دينُ النبيِّ محمدٍ أخبارُ 
نِعْمَ المطيَّةُ للفتى آثارُ 
لا ترغبنَّ عن الحديثِ وأهلِهِ 
فالرأي ليلٌ، والحديث نهارُ 
ولربما جهِل الفتى أثرَ الهدى 
والشمس بازغةٌ لها أنوارُ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69984
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

القواعد الأربع لإثبات العقائد والأحكام الشرعية Empty
مُساهمةموضوع: رد: القواعد الأربع لإثبات العقائد والأحكام الشرعية   القواعد الأربع لإثبات العقائد والأحكام الشرعية Emptyالسبت 24 أبريل 2021, 12:11 pm

الأحكام الشرعية ( التكليفية )
الأحكام التكليفية
أبو البراء محمد بن عبدالمنعم آل عِلاوة

الأحكام الشرعية (التكليفية)
الفوائد الثرية في مختصر الأصول الفقهية (4)


الأحكام:

جمع حُكْم، معناها لغةً: القضاء؛ لذا يُسمى الحاكمُ بين الناس قاضيًا.

 

اصطلاحًا هو: "ما اقتَضاه خطاب الشرع المتعلِّق بأفعال المكلَّفين من طلب أو تخيير أو وضع"[1].

 

يَنقسِم الحكم الشرعيُّ إلى قسمَين:

الأول: الحكم التكليفي، الثاني: الحكم الوضعي.

 

الأحكام التكليفية:

أي ما وضعه الشارع على وجه التعبُّد، وكان مَقصودًا لذاته، وفي مقدور العبد الإتيان بها، مثل عقد البيع وانتقال الملكية.

 

الأحكام التكليفية تَنقسِم إلى خمسة أقسام، وهي:

"الواجب، الحرام، المُباح، المندوب، والمكروه"؛ قال صاحب نظم الورقات:

فالواجب المحكوم بالثوابِ 
في فعله، والترك بالعقابِ 
والندب ما في فعله الثوابُ 
ولم يكن في تركه عقابُ 
وليس في المُباح من ثوابِ 
فعلاً وتَركًا بل ولا عِقابِ 
وضابط المَكروه عكسُ ما نُدبِ 
كذلك الحرام عَكسُ ما يَجبِ 
 

أولاً: الواجب:

لغةً: الساقط واللازم، ويُسمَّى الفرض والواجب والحَتم واللازم.

 

اصطلاحًا هو: "ما أمَرَ به الشارع على وجه الإلزام"؛ مثل الصلوات الخمس.

 


حكم الواجب:

يلزم الإتيان به، ويُثاب فاعله، ويُعاقَب تاركه، زاد بعض العلماء امتثالاً.

 

أقسام الواجب:

يَنقسِم الواجب إلى عدَّة أقسام باعتبار بعض الأشياء؛ مثل:

1 - باعتبار ذاته: يَنقسِم إلى قسمَين:

أ - واجب مُعيَّن، وهو الذي كلَّفه الشارع للعبد دون تخيير؛ كالصلاة والصوم.

 

ب - واجب مُبهَم، وهو الذي كلَّفه الشارع على التخيير مثل كَفارة اليمين.

 

2 - باعتبار فاعله: ينقسِم إلى قسمَين:

أ - واجب عَينيٌّ: وهو الذي يجب على كل مكلَّف أن يأتي به؛ كالصلاة والصيام، وهو ما طلَب الشارع فعله من كل المكلَّفين ولا يَسقُط عنه بفعل البعض.

 

ب - واجب كفائي: وهو ما طلب تخصيصه من مجموع المكلَّفين؛ مثل الجنائز (من تغسيل وتكفين والصلاة على الميت ودفنه)؛ أي: إذا فعله مَن تُسدُّ بهم الحاجة سقط عن الجميع.

 

3 - باعتبار وقت أدائه ينقسِم إلى قسمين:

أ - واجب مُطلَق أو موسَّع، وهو: "ما أمر الشارع بفعله دون تقييد بزمن محدَّد"، مثل كفارة اليمين والنفقة على الزوجة.

 

ب - واجب مضيَّق أو مقيد: وهو: "ما حدَّد الشارع وقتًا محددًا لفعله"؛ مثل وقت الصلاة، وصيام رمضان، والوقوف بعرفة.

 

4 - باعتبار تقديره: يَنقسِم إلى قسمَين:

أ - واجب مقدَّر، وهو: "ما حدَّده الشارع بقدر محدَّد"؛ مثل: عدد ركعات الصلاة، ومثل أيام صيام رمضان.

 

ب - واجب غير محدَّد، وهو: "ما أمر به الشارع ولم يحدِّد له قدرًا معينًا"؛ مثل: النفقة على الزوجة، والإحسان إلى الناس.

 


مسائل تتعلق بالواجب:

المسألة الأولى: إذا أخَّر المكلَّف الواجب الموسَّع فمات قبل أدائه، مثل: من مات قبل أن يُصلي الظهر في أول وقته، هل يكون عاصيًا؟

إذا كان في نيته أن يُصليه في الوقت المحدَّد قبل خروج وقت الظهر لا يكون عاصيًا، أما إذا غلَب على ظنه أنه سيموت قبل خروج الوقت وأخَّرها يكون عاصيًا، مثل من حكم عليه بالإعدام في الساعة الثالثة عصرًا مثلاً فأخَّر الظُّهر إلى وقت التنفيذ، يكون عاصيًا.

 

المسألة الثانية: الواجب الكفائي قد يتعيَّن في بعض الأحيان:

نعم: مثل الجهاد فرض كفاية، ولكن إذا دخَل المعركة تعيَّن عليه أن يُتمَّ القتال، كذلك إذا غزا العدو البلد، وكمَن حضر شخصًا يَغرق ولا يوجد أحد يُنقِذه إلا هو، وجب عليه أن يُنقِذه.

 

المسألة الثالثة: ذهب جمهور العلماء إلى أن الفرض والواجب بمعنى واحد، بخلاف الأحناف، فهم يُفرِّقون.

 

المسألة الرابعة: ما لم يتمَّ الواجب إلا به فهو واجب:

مثاله: إحضار الماء من أجل الطهارة حتى لو كان بثمن.

 

الأشياء التي يتمُّ بها الواجب تَنقسِم إلى:

أ- لا يَدخُل تحت قدرة العبد، مثل غروب الشمس.

 

ب- ما كان تحت قدرة العبد؛ لكنه غير مطالَب بتحصيله، مثل النصاب للزكاة.

 

ج- ما كان تحت قدرة العبد وهو مأمور بتحصيله؛ كالطهارة للصلاة، والسعي للجُمعة.

 

المسألة الخامسة: ما لا يتمُّ ترك الحرام إلا بتركه، فتركُه واجب:

إذا اختلط الحلال بالحرام، ولا يُمكن تمييزه، فتركه واجب، مثاله: سؤال الصحابة عن اصطياد الكِلاب المعلَّمة صيدًا، ووُجد كلبٌ آخَر بجوار الصيد.

 

المسألة السادسة: الفِعل النبوي إذا كان تفسيرًا لمجمَل، هل يكون الفعل واجبًا؛ مثل: "أقيموا الصلاة..."، فهل كل أفعال النبي - صل الله عليه وسلم - في الصلاة واجبة؟

 

لا تَكون كل أفعاله - صل الله عليه وسلم - دليلاً على الوجوب، ولكن يُعرَف الوجوب وغيره من أدلة أخرى.

 

ثانيًا: المندوب:

لغةً: المدعو.

اصطلاحًا: "ما أمَر به الشارع لا على وجه الإلزام"؛ كالسُّنَن الرواتب.

 


حكم المندوب:

يُثاب فاعله امتثالاً، ولا يُعاقَب تارِكه.

 

ويُسمَّى: سُنَّة، ومسنونًا، ومستحبًّا، ونَفلاً، وقربة، ومرغوبًا فيه، وإحسانًا.

 

مسائل تتعلَّق بالمندوب:

المسألة الأولى: فضيلة المندوب:

أ- يُرفَع العبد إلى درجة عالية عند الله، والدليل قول الله - تعالى - في الحديث القدسي: ((وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيء أحبَّ إليَّ مما افترضتُ عليه، وما يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أُحبَّه........))[2].

 

ب- أن يُكمِل التقصير الحاصل للواجب، والدليل حديث النبي - صل الله عليه وسلم - أنه قال: ((إن أول ما يُحاسَب به العبد يوم القيامة صلاته، فإن وجدت تامَّةً كُتبَت تامَّةً، وإن كان انتقص منها شيء، قال: انظُروا هل تَجدون له مِن تطوُّع يُكمِل له ما ضيع من فريضة من تطوعه، ثم سائر الأعمال تجري على حسب ذلك))[3].

 

المسألة الثانية: هل يجب إتمام النفل إذا شرَع فيه؟

اختلف العلماء في ذلك على قولين:

القول الأول: لا يجب الإتمام؛ لأن النفل شُرِع على هذا الوجه: يثاب فاعله ولا يعاقَب تاركه، سواء كان ترك أصلاً أو ترك أثناء الفعل، والدليل قول النبيِّ - صل الله عليه وسلم -Sad(الصائم المُتطوِّع أمير نفسه؛ إن شاء صام، وإن شاء أفطر))[4].

 

القول الثاني: قالوا: يَجب الإتمام إذا شرع فيه، وهو مذهب أبي حنيفة، وأدلتُهم:

• قول الله - تعالى -: ﴿ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ﴾ [محمد: 33].



قالوا: إن الله نَهاهُم عن إبطال العمل.

 

• قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للرجل الذي جاءه، قال وهو يسأل عن الصلاة قال: هل عليَّ غيرها؟ قال النبي - صل الله عليه وسلم -: ((لا إلا أن تتطوَّع))[5].

 

ففهموا من الحديث أن الاستثناء متَّصل؛ أي: إنه فُرضت عليك النافلة إن شرعتَ فيها.

 

• من حيث النظر إن النفل يَصير فرضًا بالنذر، قالوا: كذلك شَرعُه في النافلة كأنه نذرَها، وكان النذر بفعلِه لا بقوله.

 

والراجح: هو قول الجمهور، وأما أدلة الأحناف فأجابوا عنها، قالوا:

• أن الآية لا تدلُّ على إتمام النفل؛ إنما تدلُّ على عدم إبطال الحسنات؛ كقوله - تعالى -: ﴿ لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى ﴾ [البقرة: 264].

 

• أما الحديث فصحيح؛ ولكن الاستِثناء منقطع، وليس متَّصلاً؛ أي المعنى: لكن لك أن تتطوَّع.

 

• أما القياس: فقياس مع الفارق؛ لأن النذر لا يَثبُت إلا باللفظ، ويُعارِضه قول النبي - صل الله عليه وسلم -: ((الصائم المُتطوِّع أمير نفسه؛ إن شاء صام، وإن شاء أفطر))[6].

 

المسألة الثالثة: المستحَبُّ وإن كان تاركه لا يعاقب في تركه جزءًا، فإنه قد يعاقب إذا تركه جملة:

مثاله: من واظَبَ على تركِ الوتر، فلا يُتصوَّر في مؤمن يَترُك كل المستحبات، قال الشاطبي وقَعَّدَ بذلك قاعدة وهي: "أن الفعل إذا كان مندوبًا بالجزء، فهو واجب بالكل"، وعلى هذا يُحمَل كلام الإمام أحمد وهو: "مَن ترَك الوتر، فهو رجلٌ سُوءٌ، ولا تُقبَل شهادته".

 

المسألة الرابعة: المستحب مُتفاوِت الرتبة:

فأعلاه ما واظب عليه النبي - صل الله عليه وسلم - ولم يتركه إلا نادرًا، كالسُّنَن الرواتب.

والثانية: ما فعله النبيُّ - صل الله عليه وسلم - أحيانًا وترَكَه أحيانًا؛ كصلاة الضُّحى.

والثالثة: ما كان فيه الاقتداء بالنبي - صل الله عليه وسلم - من المشروبات والملابس، وتُسمى بالسُّنَن الزوائد.

 

المسألة الخامسة: المُستحَبُّ مقدِّمة للواجب:

لأن من حافظ على المستحبات، فهو للواجِبات أحفَظ، ومن ضيع المُستحَبات يوشِك أن يَتهاون في الواجبات.

 

المسألة السادسة: السنَّة في لسان الشارع أعمُّ من السنَّة في لسان الاصطلاح؛ لأن السنَّة في الشرع بمعنى الطريقة والمنهج، فتشمَل الواجب والسنَّة، وفي ذلك قول النبي - صل الله عليه وسلم -: ((من سنَّ في الإسلام سُنةً حسنةً، فله أجرُها وأجرُ مَن عَمِل بها بعده، من غير أن يَنقص من أجورهم شيء، ومَن سنَّ في الإسلام سُنةً سيئةً، كان عليه وزرُها ووزرُ مَن عمل بها من بعده، من غير أن يَنقُص من أوزارهم شيء))[7]، وقول ابن عباس عندما صلى الجنازة وجهَر بالفاتحة قال: إنها السنَّة.

 

المسألة السابعة: فرَّق بعض الفقهاء بين المسنون والمُستحَبِّ، فذكَروا أن المسنون ما ثبَت بدليل من الشرع، والمستحَب ما ثبَت باجتهاد الفقهاء، والراجح ما عليه الجمهور في عدم التفريق.

 

ثالثًا: الحرام:

لغة: الممنوع.

 

اصطلاحًا: ما نَهى عنه الشارع على وجه الإلزام بالترك؛ كعقوق الوالدَين.

 

حُكمه: يُثاب تاركه امتثالاً، ويَستحِقُّ العقابَ فاعلُه.

 

ويُسمى محظورًا، أو ممنوعًا، أو معصيًة، أو ذَنْبًا.

 

ألفاظ التحريم:

قال ابن القيم: "ويُستفاد التحريم من: النهي، والتصريح بالتحريم، والحظر، والوعيد على الفعل، وذم الفاعل، وإيجاب الكفارة بالفعل، ولفظة ما كان لهم كذا، ولم يكن لهم، وترتيب الحد على الفعل، ولفظة لا يحل، ولا يصلح، ووصف الفعل بأنه فساد، وأنه من تزيين الشيطان وعمله، وأن الله لا يحبه، وأنه لا يرضاه لعباده، ولا يُزكي فاعله، ولا يكلمه، ولا ينظر إليه، ونحو ذلك"[8].

 

أقسام الحرام: يَنقسِم إلى قسمين:

الأول: حرام لذاته:

وهو ما حكَم الشارع بتحريمِه ابتداءً.

إذا فعل المكلَّفُ الحرامَ لذاته، لا يترتَّب عليه آثاره الشرعية، فمَن زنا لا يترتَّب عليه حكم النكاح، ولا يثبت الولد بالزنا، ولا يَثبُت الإرثُ ولا النفقة.

 

الثاني: الحرام لغيره:

وهو ما كان مَشروعًا في الأصل، واقترن به عارض أو قرينة أو محرم فأدى إلى تحريمه؛ كالنظر للمرأة الأجنبية حرام؛ لأنه قد يؤدي إلى الزنا، وكالبيع والشراء فهو حلال، ولكنه إذا كان عند نداء الجمعة أصبح حرامًا، ومثل بَيع النجش، واختلف العُلماء هل يثبت آثارها أم لا؟

 

قال البعض بعدم ثُبوت الأثر، وذهَب الآخَرون إلى ثُبوت الأثر مع الإثم ومع الخيار إذا كان مُتعلِّقًا بحق العبد.

 

مسألة: تتعلق بالحرام:

فرَّق الأحناف إذا كان الحرام ثبَت من نهي قطعي، مثل القرآن والسنَّة المُتواتِرة فهو حرام، وأما إذا ثبت بنهي ظنِّيٍّ فيكون هذا مكروهًا، أما الجمهور فلا يُفرِّقون.

 

رابعًا: المكروه:

لغة: المُبغَض.

اصطِلاحًا: ما نهى عنه الشارع لا على وجه الإلزام بالتركِ، كأكل البصل والأكل مُتكئًا، والنوم قبل العِشاء والحديث بعدها.

 

حكم المَكروه: يُثاب تاركه امتثالاً، ولا يُعاقب فاعله.

 

مسائل تتعلق بالمَكروه:

المسألة الأولى: قد يأتي لفظ المكروه ولم يُقصَد به إثابة تاركه امتثالاً، فقد يأتي بمعنى الحرام؛ كما في قوله - تعالى -: ﴿ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ﴾ [الحجرات: 7]، وكقوله - تعالى -: ﴿ كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا ﴾ [الإسراء: 38].

 

المسألة الثانية: قسَّم الأحنافُ المَكروه إلى:

1 - المَكروه كراهة تنزيهيَّة.

2 - المكروه كراهة تحريميَّة.

 

لأن عندهم المكروه بالدليل القطعي هو التحريم، وبالدليل الظني هو التنزيه.

 

المسألة الثالثة: المكروه مُتفاوت في الدرجات:

فمنه ما هو أدنى درجات الكراهة، وما هو في أعلى درجات الكراهة، ويتعيَّن ذلك بالقرائن، فأعلى درجات الكراهة المُتشابهات؛ لقول النبي - صل الله عليه وسلم - في حديث النعمان بن بَشير عند مسلمSad(إن الحلال بيِّنٌ، وإن الحرام بين، وبينهما مشتبهات لا يعلمهنَّ كثير من الناس، فمَن اتقى الشبهات استبرأ لدِينه وعِرْضه، ومَن وقع في الشبُهات وقع في الحرام؛ كالراعي يَرعى حول الحمى يوشِك أن يرتعَ فيه، ألا وإن لكل ملك حمًى، ألا وإن حمى الله محارمُه، ألا وإن في الجسد مضغةً إذا صلَحت صلَح الجسد كله،وإذا فسَدت فسَد الجسد كله، ألا وهي القلب))[9].

 

فهي أعلى درجات الكراهة؛ لأنها حاجز بين الحلال والحرام.

 

المسألة الرابعة: المَكروه بالجزء يَحرُم بالكل، وليس للعبد أن يَتهاون بالمكروهات، فالإصرار على الصغيرة قد يَسير كبيرة.

 

المسألة الخامسة: كما أن المستحَب مقدِّمة للواجب، فإن المَكروه مقدمة للحرام؛ لأن من اعتاد المكروه هان عليه فعل الحرام.

 

خامسًا: المباح:

لغة: المُعلَن والمأذون فيه.

 

اصطلاحًا: ما خُيِّر المُكلَّف بين فعله وتركه، أو ما لا يتعلق به أمر ولا نهي لذاته، كالأكل في رمضان ليلاً.

 

حكمه: ما دام على وصف الإباحة، فإنه لا يترتَّب عليه ثواب ولا عقاب.

 

ويُسمى: حلالاً وجائزًا.

 

تستفاد ألفاظ الإباحة من لفظ: الإحلال، ورفع الجُناح، والإذن، والعفو، والتخيير.

 

مسائل تتعلق بالمُباح:

المسألة الأولى: اختلف العلماء هل المباح له تَعلُّق بالأحكام التكليفية أم لا؟

حيث إنه لا يظهر فيه الأمر، فذكَر بعضهم أنه ذكر من باب المسامحة ولتكميل القِسمة، وذلك بناءً على أن التكليف هو: (الخطاب بأمر أو نهي)، ويرى بعضهم أن المُباح يُراد به التكليف، وهو وجوب اعتِقاد إباحته.

 

المسألة الثانية: المباح بالجزء مُستحَبٌّ بالكل:

كالتمتُّع بالطيبات، وقد يكون المباح بالكل واجبًا بالجزء، مثل ترك الطعام بالكل وإن كان مباحًا، ولكنه يجب عليه أن يأكل إذا كاد أن يهلِكَ.

 

المسألة الثالثة: المباح قد يكون وسيلة للمنهي عنه أو المأمور به:

وهو ما قال عنها الفقهاء: الوسائل لها حكم المقاصد، مثل شراء السلاح فهو مباح، أما إن كان هناك فتنة بين المسلمين أصبح حرامًا، وإن كان للجهاد ضد العدو فهو واجب، وهكذا.

 

المسألة الرابعة: تنقسم الإباحة إلى قسمَين:

1 - إباحة شرعية: هي التي عُرفت عن طريق الشرك؛ كقوله - تعالى -: ﴿ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ ﴾ [البقرة: 187].

 

2 - إباحة عقلية: وهي تُسمى الإباحة الأصلية؛ كقول الفقهاء: الأصل في الأشياء الإباحة، كقول الله - تعالى -: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ﴾ [البقرة: 29].

 

• الفرق بينهما أن رفع الإباحة الشرعية يُسمى نَسخًا؛ لأنها حُكم شرعي، أما رفع الإباحة العقلية لا يُعدُّ نَسخًا.


[1] انظر: الأصول من علم الأصول (24).

[2] البخاري (6502).

[3] أبو داود (864)، والترمذي (413)، والنسائي (465)، ابن ماجه (1425)، وصحَّحه الألباني.

[4] الترمذي (723)، وقال: حديث حسن، وأحمد (26893)، وهو مذهب الشافعي وأحمد.

[5] جزء من حديث عند البخاري (6)، والسائل هو ضمام بن ثَعلبة.

[6] وقالوا في الحج والعمرة: يجب إجماعًا؛ لقوله - تعالى -: ﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ﴾ [البقرة: 196]، وبعضُهم يُفرِّق بين الصيام والصلاة؛ لأن النص ورد في الصيام، فقالوا: الصلاة يجب إتمامها، أما الصيام فلا.

تنبيه: هذا في العمل المرتبِط أوله بآخره، كصلاة والصيام، أما العمل غير المرتبط أوله بآخره، فلا يجب إتمامه؛ كقراءة القرآن والذِّكر.

[7] مسلم (2398).

[8] بدائع الفوائد (4: 3 - 4).

[9] مسلم (4178).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69984
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

القواعد الأربع لإثبات العقائد والأحكام الشرعية Empty
مُساهمةموضوع: رد: القواعد الأربع لإثبات العقائد والأحكام الشرعية   القواعد الأربع لإثبات العقائد والأحكام الشرعية Emptyالسبت 24 أبريل 2021, 12:13 pm

الأحكام الشرعية ( الوضعية )
أبو البراء محمد بن عبدالمنعم آل عِلاوة

الأحكام الشرعية ( الوضعية )
الفوائد الثرية في مختصر الأصول الفقهية (5)


الأحكام:

جمع حُكْم، معناها لغةً: القضاء؛ لذا يُسمى الحاكمُ بين الناس قاضيًا.

 

اصطلاحًا هو: "ما اقتَضاه خطاب الشرع المتعلِّق بأفعال المكلَّفين من طلب أو تخيير أو وضع"[1].

 

يَنقسِم الحكم الشرعيُّ إلى قسمَين:

الأول: الحكم التكليفي، الثاني: الحكم الوضعي.

 

الأحكام الوضعية:

تعريف الحكم الوضعي:

هو: خِطاب الله المتعلِّق بأفعال المُكلَّفين بالوضع.

 

أي ما وضعه الشارع من أمارات لثُبوت أو انتِفاء أو نفوذ أو إلغاء.

 

الفرق بين الحكم التكليفي والحكم الوضعي:

يتَّضح الفرق بينهم من وجهين:

1- أن الحكم التكليفي فيه التكليف، وقدرته على الفعل؛ كالصلاة والصوم، أما الحكم الوضعي: فلا يُشترَط فيه شروط التكليف، مثاله: الصبي يضمن ما أتلفه، وإن لم يكن مكلَّفًا؛ لأن الضمان حكم وضع لسببِه، وهو الإتلاف.

 

2- أن الحكم التكليفي أمر وطلَب؛ كالأمر بالصلاة، بخلاف الحكم الوضعي، فإنه إخبار.

 

أقسام الحكم الوضعي:

خمسة، وهي: "الصحيح، والفساد، والسبب، والشرط، والمانع".

 

أولاً: الصحيح:

لغة: السليم من المرض.

 

اصطِلاحًا: ما ترتَّب آثار فعله عليه؛ عبادةً كان أم مُعامَلةً.

 

فالصحيح من المعاملات ما ترتَّبت آثارها على وجودها، كترتُّب الملكِ على عقد البيع، فكل بيع أباح التصرُّف في المبيع وحقَّق كمال الانتفاع به، فهو صحيح.

 

والصحيح من العبادات ما بَرأت به الذمة، وسقَط به الطلب؛ أي لا يحتاج إلى فعل العبادة مرة ثانية.

 

ثانيًا: الفاسد:

لغة: الذاهب ضياعًا وخسرًا.

 

اصطلاحًا: ما لا تترتَّب آثار فعله عليه؛ عبادةً كان أم مُعاملةً.

 

فالفاسد من العبادات ما لا تَبرأ به الذمة، ولا يَسقُط به الطلب؛ كالصلاة قبل وقتها.

 

أما الفاسد من المعاملات فما لا تترتَّب آثاره عليه، كبَيع المجهول.

 

ثالثًا: السبب:

لغة: هو الذي يُتوصَّل به إلى غيره؛ كقوله - تعالى -: ﴿ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ ﴾ [الحج: 15].

 

واصطِلاحًا: ما جعله الشارع علامةً على وجود الحكم عنده، سواء كان مُناسبًا للحكم أو لا، مثل هلال رمضان علامة على وجود صيام رمضان.

 

وعرفه بعض العلماء بأنه: "ما يلزم من وجوده الوجود، ومِن عدمِه العدم".

 

رابعًا: الشرط:

لغة: العلامة، ومنها قوله - تعالى -: ﴿ فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا ﴾ [محمد: 18].

 

واصطلاحًا: "ما ينتفي بعدمه، ولا يوجد بوجوده".

 

وعرَّفه بعض العلماء:

"ما يلزم من وجوده الوجود، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم"؛ كالطَّهارة للصلاة، فيلزم وجود الطهارة لصحة الصلاة، ومع ذلك لا يَلزم من وجود الطهارة وجود الصلاة، ولا عدمها.

 

الشرط يَنقسِم إلى قسمَين:

1- شرط صحَّة: أي يتوقَّف صحة العمل عليه؛ كالوضوء للصلاة.

 

2- شرط وجوب: أي يتوقَّف وجوب العمل عليه؛ كالزوال لصلاة الظهر.

 

• الفرق بينهما أن شرط الصحة من خطاب التكليف، أما شرط الوجوب من خطاب الوضع.

 

خامسًا: المانع:

لغة: الحاجز والحائل، ومنه قوله - تعالى -: ﴿ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ﴾ [الماعون: 7].

 

اصطلاحًا: "ما ينتفي بوجوده، ولا يوجد بعدمه".

 

وعرَّفه بعض العلماء:

"ما يلزم من وجوده العدم، ولا يلزم من عدمه وجودٌ ولا عدَم".

 

مثاله:

وجود دم الحيض مانع لصحة الصلاة، ومع ذلك لو لم يوجد دم الحيض لا يلزم وجود الصلاة أو عدمها.

 

فائدة:

لا بد في وجود الحكم الشرعي من توافر الأسباب والشروط وانتفاء الموانع؛ فمثلاً الزكاة، لا بد لوجوبها من توفُّر سببها؛ وهو النصاب، ومن توفُّر شرطِها؛ وهو حوَلان الحول، ومن انتِفاء المانع، وهو الدَّين.

 

فإذا وجد النصاب والحول وانتفى الدَّين، وجب أداء الزكاة، ولا تجب الزكاة إذا لم يوجد النِّصاب، أو لم يَحُل الحول، أو وجد الدَّين.


[1] انظر: الأصول من علم الأصول (24).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
القواعد الأربع لإثبات العقائد والأحكام الشرعية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  الحروب الأربع ضد غزة.. كيف بدأت وكيف انتهت؟
» نتنياهو وزيارة «الساعات الأربع».. لموسكو!
»  الحروب الأربع ضد غزة.. كيف بدأت وكيف انتهت؟
» قواعد التعليم الأربع.. رسالة مفتوحة إلى كل المعلمين
» اكتشفي الاستعمالات الغريبة الأربع التي تجهلينها عن المايكرويف!

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث دينيه-
انتقل الى: