حصاد 2021 آداب وفنون
ذاكرة
مؤيد الدين الطغرائي (1061–1121)
السنة الـ900 على رحيل مؤيد الدين أبو إسماعيل الحسين بن علي الشهير بالطغرائي أحد كبار علماء الكيمياء المسلمين، والأديب والخطاط والوزير في بلاط السلاجقة، سليل أبي الأسود الدؤلي، الذي لم تمنعه اهتماماته العلمية من الشعر لأنه صاحب ديوان شعري طافح بالحكمة والتأمل والغنائية، وقصيدته الأشهر هي لامية العجم، وفيها البيت الشهير الذي تردد على الألسنة مع اختلاف الأزمنة والدهور: «أعلّل النفس بالآمال أرقبها/ ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل».
ولد في ضواحي أصبهان، وترعرع وعمل في إربيل، وتولى وظائف عديدة أكسبته لقب «الأستاذ»، وتطلع إلى الالتحاق بالدولة الأيوبية، وتألق في ميادين الاكتشافات الكيميائية وخاصة تحويل الفلزات الرخيصة مثل النحاس والرصاص إلى معادن ثمينة مثل الذهب والفضة. كما ترك عدداً من المؤلفات في العلوم والآداب، بينها «جامع الأسرار»، و» مصابيح الحكمة ومفاتيح الرحمة»، و»تراكيب الأنوار»، و»ذات الفوائد»، و»حقائق الاستشهادات»، و»الردّ على ابن سينا في إبطال الكيمياء». لطنّ صعود الطغرائي المضطرد ونجاحاته المتتابعة كان مثار حسد الكثيرين من حوله، ممّن أوغروا صدر السلطان السلجوقي محمود واستغلوا ولاء الطغرائي للسلطان مسعود، فأمر أن تُلفّق له تهمة الإلحاد وأن يُنشر هذا بين العامّة بما يسهّل قتل عالِم وأديب شهير، وهذا ما كان بالفعل.
ولامية العجم كُتبت سنة 1111 م، وتتألف من 69 بيتاً، وقد حظيت باهتمام العديد من الشرّاح والنقاد والمستشرقين على مرّ العصور، وبين أشهر دارسيها أبو البقاء العكبري في كتابه «شرح لامية العجم»؛ وقد سارت على نهج معارضة لامية العرب، قصيدة ثابت بن أوس الأزدي (الشنفرى) الشهيرة التي يسير مطلعها هكذا: «أقيموا بني أمّي صدورَ مطيّكمْ/ فإني إلى قوم سواكم لأميلُ».
هنا أبيات من مطلع لامية العجم:
أصالة الرأي صانتْني عن الخَطَل/ وحِلية الفضل زانتني لدى العَطل
مجدي أخيراً ومجدي أوّلاً شَرَعٌ/ والشمس رأْدَ الضُحَى كالشمس في الطَفَل
فيمَ الإقامة بالزوراء لا سَكَني/ بها ولا ناقتي فيها ولا جَملي
نَاءٍ عن الأهل صِفْرُ الكفّ منفردٌ/ كالسيف عُرِّي متناهُ من الخَلل.
فيودور دوستويفسكي: (1821ـ 1881)
الذكرى الـ200 لميلاد الروائي الروسي الشهير فيودور ميخائيلوفتش دوستويفسكي، مؤلف أعمال شهيرة طبقت الآفاق، مثل «الجريمة والعقاب» و»الأخوة كارامازوف» و»مذلون مهانون» و»الأبله» وّبيت الموتى»؛ ومعظمها تُرجم إلى عشرات اللغات، وحظيت باهتمام الثقافات الإنسانية على امتداد العقود والقرون بالنظر إلى أنها نجحت في اختراق أغوار النفس البشرية ومعالجة مسائل الخير والشرّ والبؤس وانعدام العدل الاجتماعي، فضلاً عن اختلالات الروح واعتلال الجسد واغتراب الهوية الروسية. وتدين اللغة العربية للأديب والدبلوماسي والمترجم السوري سامي الدروبي (1921 – 1976) بفضل نقل غالبية أعمال دستويفسكي (18 مجلداً) إلى لغة الضاد.
ولد دوستويفسكي في موسكو، وكانت دراسته الأولى قد قادته إلى الهندسة العسكرية ولكنها لم تمنعه من الانشغال بالأدب والترجمة، إلى أن أصدر روايته الأولى «المساكين» في سنة 1846، وكانت وراء انتباه الأوساط الأدبية الروسية إلى موهبة شابة لافتة. بعد ثلاث سنوات فقط ألقت السلطات القبض عليه بتهمة الانتماء إلى المنظمة السرّية «رابطة بيتراشيفسكي» التي تدعو إلى مناهضة القيصر وتغيير النظام القائم، وقد حُكم عليه بالإعدام، إلا أنّ الأقدار شاءت أن تتدخل في الوقت الحاسم فجرى تخفيف الحكم إلى الأشغال الشاقة والخدمة العسكرية الإلزامية في سيبيريا.
السنوات التي أعقبت عودته إلى روسيا شهدت زواجَين، وتعقيدات مالية وصحية، ولكنها أثمرت العديد من الأعمال الخالدة التي بلغت 11 رواية طويلة، وثلاث روايات قصيرة، و17 قصة قصيرة، كما تعمّقت لديه نزوعات فلسفية وجودية وروحية تبلورت حول محاور عديدة؛ لعلّ أبرزها كان المفهوم الروسي/ الأرثوذكسي للمعاناة والألم والبؤس، في مقابل مناهضة التوصيفات الاشتراكية للشقاء الإنساني، والانحياز إلى الفكرة الدينية عن العذاب النفسي. فعلى ألسنة شخصيات أعماله، يقول في ّالجريمة والعقاب»: «الألم والعذاب محتّمان دائماً عند عقل كبير وقلب عميق. الرجال العظماء حقاً يعانون من الحزن الأكبر على الأرض»؛ وفي «الأخوة كارامازوف»: «أحبُّ الإنسانية، ولكن لدهشتي أرى أنني كلما أحببت الإنسانية ككلّ، أحببت أقلّ الإنسان بصفة خاصة».
وفي خاتمة تقديم المجلد الأوّل من أعماله، الذي ضمّ «الفقراء»، «المثل» و»قلب ضعيف»، كتب الدروبي: « إنّ نعشه يسير نحو اللحد تحت غابة كثيفة من الرايات. أمراء ورهبان وعمال وضباط ومتسولون، يحيطون بالنعش المهيب عابرين به المدينة. وأمام القبر المفتوح يتناوب الكلامَ كتّابٌ صالحت بينهم الفجيعة، فإذا هم يتحدثون عن دستويفسكي حديثهم عن شهيد، وينفضّ المشيّعون فتعود المقبرة التي يغطيها الثلج إلى الصمت، وتبدأ في تلك اللحظة حياة دستويفسكي الجديدة، لا بجسمه على الأرض بل بمؤلفاته الخالدة، فوق الزمان وفوق المكان، في قلوب الذين يقرأونه فيغوص بهم إلى أعماق النفس، بل إلى أعماق الوجود».
شارل بودلير (1821 – 1846):
الذكرى الـ200 لميلاد شاعر الحداثة الفرنسي الأبرز وأحد كبار روّاد قصيدة النثر الذي امتدّ تأثيره إلى نطاق واسع أوروبي وأمريكي وعالمي. وإلى جانب موقعه الحداثي، اشتُهر بودلير بمحاكمة شغلت الرأي العام الفرنسي، وذلك بعد أن نشرت صحيفة «لو فيغارو» مقالة تتهم الشاعر ومجموعته «أزهار الشر» بانتهاك الأخلاق العامة والأخلاق الدينية؛ مما دفع إدارة الأمن العام (وزارة الداخلية آنذاك) إلى رفع دعوى ضدّ الكتاب، تولاها المدعي العام أمام القضاء. وانتهت المحاكمة إلى إسقاط تهمة انتهاك الأخلاق الدينية، وإدانة بودلير وناشريه بالتهمة الأولى، وتغريمه مبلغ 300 فرنك، وحذف 6 قصائد من المجموعة (هي «الجزيرة»، «النساء الرجيمات»، «إلى المنتشية للغاية»، «الحليّ»، «و»مصاصة الدماء»). فكتور هيغو، أبرز الأدباء من قادة التنوير ومعارضة نظام نابليون الثالث، سارع إلى التضامن مع بودلير وكتب إليه قائلاً: «أزهار الشرّ الخاصة بك تتألق وتضيء مثل نجوم». محكمة النقض أعادت النظر في القضية وخلصت، ولكن في سنة 1949، إلى رفع الحظر عن القصائد المحذوفة؛ وفي سنة 2013 عقدت محكمة الاستئناف جلسة خاصة، رمزية وقضائية في آن معاً، شهدت قيام المحامي السويسري مارك بونان بالدفاع عن بودلير و»أزهار الشرّ».
والشاعر مترجم إلى اللغة العربية بمقدار واسع ومبكر، يبدأ من إبراهيم ناجي في سنة 1954، وثمّ لاحقاً عند حنا الطيار وبشير السباعي ومصطفى السحرتي وآدم فتحي ومحمد أحمد حمد ورفعت سلاّم الذي نقل الأعمال الكاملة. وفي تقديمه يتحدث سلام عن تنظير بودلير لمفهوم الحداثة في مقالته «رسام الحياة الحديثة» حيث استخدم مصطلح الحداثة لأول مرّة في الكتابات النقدية، وأشار إلى ما يميز الفنان الحديث: «هكذا يمضي، يجري، يبحث. فعمّ يبحث؟ بالتأكيد، هذا الرجل، كما وصفتُه، هذا المنعزل الموهوب خيالاً نشطاً، الرحّال دائماً عبر صحراء البشر العظيمة، إلى غاية أكثر سموّاً من غاية متسكع خالص، غاية أكثر عمومية، غاية غير المتعة العابرة للمناسبة. إنه يبحث عن ذلك الشيء الذي سنسمح لأنفسنا بتسميته الحداثة؛ لأنه لا تتوفر كلمة أفضل للتعبير عن الفكرة الحالية. وهو ما يعني ــ بالنسبة له ــ أن يستخلص من الحالة، الشعري من التاريخي، وأن يستمد الأبدي من الانتقالي».
عبد الرحمن الشرقاوي: (1921 ـ 1987)
الذكرى المئوية لولادة المسرحي والروائي المصري الأشهر في معالجة قضايا الريف الاجتماعية والطبقية وحياة الفلاح وما يتعرض له من اشكال الاضطهاد، وذلك في روايته «الأرض» التي صدرت سنة 1954، وخُلّدت أكثر في الفيلم الشهير الذي أخرجه يوسف شاهين سنة 1970 وحمل الاسم ذاته. ولد الشرقاوي في قرى محافظة المنوفية وابتدأ تعليمه من كتّاب القرية وصولاً إلى كلية الحقوق في جامعة فؤاد الأول. عمل أوّلاً في الصحافة، بعد أن هجر مهنة المحاماة، في منابر عديدة بينها «الطليعة» و»الفجر» و»الشعب» و»الجمهورية» و»الأهرام»، كما تولى رئاسة تحرير مجلة «روز اليوسف» الشهيرة. وفي الرواية، إلى جانب «الأرض»، أصدر الشرقاوي «قلوب خالية»، و»الشوارع الخلفية»، و»الفلاح»؛ وله في المسرح: «الحسين ثائراً»، و»الحسين شهيداً»، و»مأساة جميلة» عن المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد، و»الفتى مهران»، و»النسر الأحمر»، و»أحمد عرابي». كذلك أصدر الشرقاوي عدداً من السِيَر الإسلامية، بينها «محمد رسول الحرية» و»علي إمام المتقين»، و»الفاروق عمر» و»ابن تيمية الفقيه المعذّب».
وفي السطور الاستهلالية من رواية «الأرض» أوحى الشرقاوي ببعض أبرز خياراته في الكتابة: «لست أحتال على القارئ لأسرق اهتمامه ويقظته، فأؤكد له أن الأبطال الذين يضطربون عبر هذه الفصول لم يعيشوا أبداً إلا في الخيال. لن أخدع القارئ إلى هذا الحدّ، فخيالاتنا في النهاية لا تستطيع أن تخلق الكائنات التي تمضي مع الحياة مثقلة بالحياة: تحلم وتتعذب وتعرف المتاعب واليأس والهوى والدموع والضحكات والأمل الغامض وتصنع المستقبل في إصرار حزين. وما أنا بزاعم أني عرفت قصة الذين أتحدث عنهم، فنحن في مصر لا نكاد نعرف قصة كاملة لإنسان، وقصة الإنسان في مصر تظهر فجأة وتمضي فاترة رتيبة يخالجها الاحتدام والغليان لبعض الوقت، ثمّ تهمد وتغيض: تغيض شيئاً فشيئاً كمياه منسابة على الرمال».
https://www.alquds.co.uk/wp-content/uploads/2021/12/Dostovsky-150x150.jpghttps://www.alquds.co.uk/wp-content/uploads/2021/12/%D8%A8%D9%88%D8%AF%D9%84%D9%8A%D8%B1-150x150.jpg
رحيل
سعدي يوسف: (1934 ـ 2021)
https://www.alquds.co.uk/wp-content/uploads/2021/12/%D8%B3%D8%B9%D8%AF%D9%8A-%D9%8A%D9%88%D8%B3%D9%81.jpgالشاعر العراقي الكبير وأحد ثلاثة (مع أدونيس ومحمود درويش) تسيدوا العقود الأخيرة من حركة الحداثة الشعرية العربية، كلٌّ في خياراته الشكلية وموضوعاته ونطاق تأثيراته على الأجيال الشعرية اللاحقة؛ وتستوي في هذه السيرورة قصيدة التفعيلة أو قصيدة النثر أو أنماط الكتابة الشعرية الأخرى. وفي موقعه الخاص على الإنترنت كان يوسف قد اختصر سيرته الذاتية في عدد من المحطات الفاصلة، بينها ولادته في أبو الخصيب من أعمال البصرة، وحصوله على الإجازة في آداب اللغة العربية، وعمله في التدريس والصحافة الثقافية، وتنقّله بين بلدان شتّى عربية وغربية، ومعاناته من السجن والمنفى. وقد حصل على جوائز عربية وعالمية عديدة، بينها جائزة سلطان العويس والجائزة الإيطالية العالمية، وجائزة كافافي من الجمعية الهلّينية، وجائزة فيرونيا الإيطالية لأفضل مؤلف أجنبي. ومنذ العام 1999 وحتى تاريخ رحيله، استقرّ يوسف في بريطانيا.
كانت مجموعة «القرصان»، 1952، أوّل إصداراته الشعرية، أعقبتها 42 مجموعة ومختارات؛ بين أشهرها: «الأخضر بن يوسف ومشاغله»، «تحت جدارية فائق حسن»، «خذْ وردة الثلج، خذ القيراونية»، «جنّة المنسيات»، «حفيد امرئ القيس»، و»في البراري حيث البرق». كذلك جمع يوسف العديد من مقالاته المتفرقة ويومياته، وله في القصة القصيرة «نافذة في المنزل المغربي»، وفي الرواية «مثلث الدائرة»، وفي المسرح «عندما في الأعالي»؛ كما نقل إلى العربية قصائد عدد من كبار شعراء العالم، بينهم والت ويتمان، قسطنطين كافافي، يانيس ريتسوس، فدريكو غارثيا لوركا، وجوزيبي أونغاريتي. وفي الرواية ترجم يوسف لأمثال نغوجي واثيونغو، عثمان سمبين، هنري ميللر، وولي سيونكا، نور الدين فراح، ودافيد معلوف.
هنا مطلع قصيدة «حفيد امرئ القيس»:
أ هْوَ ذَنْبُكَ أنكَ يوماً وُلِدتَ بتلكَ الـبـلاد؟
ثلاثةَ أرباعِ قَرنٍ
وما زِلتَ تدْفَعُ من دمِكَ الـنَّزْرِ تلك الضريبةَ:
(أنكَ يوماً وُلِدتَ بتلك البلاد)
وما تلكَ؟
إنكَ تعرفُ أغوارَها والشِّعابَ
تواريخَها الكذِبَ
الـمُدُنَ الفاقِداتِ المدينةَ
تلكَ القرى حيثُ لا شيءَ
ذاكَ الظلامَ العميمَ
وتعرفُ أن البلادَ التي قد وُلِدتَ بها لم تكنْ تتنفّسُ مَـعـنَـى البلادِ …
ميكيس ثيودوراكيس: ( 1925ـ 2021)
https://www.alquds.co.uk/wp-content/uploads/2021/12/%D8%AB%D9%8A%D9%88%D8%AF%D9%88%D8%B1%D8%A7%D9%83%D9%8A%D8%B3.jpgرغم أنه كان كلاسيكي التكوين، وأعماله الأوبرالية والسيمفونية والكورالية تُعزف في أشهر صالات العالم، فإنّ الموسيقار والملحن اليوناني الكبير ميكيس ثيودوراكيس اشتهر أكثر في اثنين على الأقلّ من الألحان التي وضعها للسينما: «زوربا اليوناني»، 1964، لمواطنه المخرج ميكائيل كاكويانيس؛ و»Z» للفرنسي كوستا غافراس. ولا مفارقة كبيرة في هذا لأنّ اشتغال ثيودوراكيس على تسخير الطاقات الهائلة في آلة البوزوكي، وتطوير الإيقاعات العالية الداخلية في موسيقى الرقصات الشعبية اليونانية، أتاحا له اجتذاب أسماع العالم بأسره على اختلاف الأذواق والحساسيات. كذلك أبدع ثيودوراكيس في استثمار الروح التراجيدية الكامنة عميقاً في المراثي وترانيم الحزن والموسيقى الكنسية، وتجلى ذلك في الألحان التي وضعها لأفلام مثل «فيدرا»، 1961؛ و»إلكترا»، 1962؛ و»إفغينيا»، 1967. لكنّ حظّ الشعر من موسيقى ثيودوراكيس لم يكن أقلّ من السينما، خاصة في تلحين قصيدة «شاهدة قبر» لشاعر اليونان الكبير يانيس ريتسوس، التي استثمرت بدورها الكثير من أشكال الشعر الشعبي الغنائي، ولم يكن ينقصها سوى ألحان الموسيقار الكبير كي تنقلب إلى مزيج فريد من نصّ/ موسيقى حرّك شرارة ثورة ثقافية عارمة في اليونان مطلع الستينيات. قصيدة Axion Esti لشاعر اليونان الكبير الثاني أوديسيوس إيليتيس، استحثت ثيودوراكيس على اقتباسها في تأليف العديد من المقطوعات الموسيقية، والأغنيات المؤداة على أنغام البوزوكي، والترانيم البيزنطية، وإيقاعات الرقص الفولكلوري؛ وقد لقيت نجاحاً هائلاً جعل أكاديمية نوبل تختارها للعزف خلال حفل تسليم جائزة الأدب إلى إيليتيس سنة 1979. وإلى جانب هذين الشاعرين، اشتغل ثيودوراكيس على تلحين العديد من قصائد لوركا، سيفيريس، كامبانيليس، وسواهم.
وهذه السمة السياسية والنضالية، أو المقاوِمة على وجه التحديد، اقترنت بشخص ثيودوراكيس لإنه كان هكذا على نحو عملي؛ فقد قاوم الاحتلال النازي لليونان، والانقلاب العسكري، وانخرط في العمل السياسي المباشر فانتُخب نائباً وعُيّن وزيراً، كما ذاق عذابات السجن والتعذيب والنفي القسري والمنفى الإرادي. وإلى جانب الانحياز إلى شعبه اليوناني، لم يتأخر ثيودوراكيس عن تأييد الكثير من القضايا العالمية العادلة فكانت القضية الفلسطينية على رأسها، إلى درجة أنه وضع لحناً خاصاً أهداه إلى الشعب الفلسطيني كنشيد وطني، كما اعتاد الظهور في المسارح والمناسبات العامة مرتدياً الكوفية الفلسطينية.
نوال السعداوي: (1931ـ 2021)
https://www.alquds.co.uk/wp-content/uploads/2021/12/cccf231f76cdf849059b5d1725bf5dee_400x400.jpgالطبيبة والروائية والمفكرة، غير بعيدة عن أن تكون النسوية المصرية والعربية الأبرز خلال العقود الأخيرة من القرن العشرين، وصاحبة المواقف الجسورة في مسائل حريات المرأة والحياة الجنسية والختان والدين، فضلاً عن الحقوق المدنية إجمالاً والمشكلات الشرعية المقترنة بالحياة الزوجية.
ولدت لأسرة تقليدية في محافظة القليوبية، لكنّ آراء والدها التحررية وانخراطه في ثورة 1919 أتاحت لها أن تتابع دراستها حتى نالت شهادة الطبّ والجراحة، وخلال عملها في مستشفى القصر العيني راقبت عن كثب هموم النساء المختلفة، وكانت تجاربها بمثابة موادّ مستقبلية لعشرات المؤلفات التي ستصدرها لاحقاً. والمواقف المختلفة التي أعلنتها من زاوية التمرّد على التقاليد والأعراف البالية جلبت عليها سخط الأوساط التقليدية والدينية، وقسطاً غير قليل من سوء الفهم أو التأويلات السطحية. وكان كتابها «المرأة والجنس»، 1972، بمثابة إعلان حرب على أشكال العنف الجسدي والنفسي التي يفرضها المجتمع على المرأة، خاصة طقوس الختان، مما أسفر عن صرفها من عملها في وزارة الصحة أيام مصر أنور السادات، وإعفائها من رئاسة تحرير مجلة «الصحة»، ومن الأمانة المساعدة لنقابة الأطباء. وفي خريف 1981 حُكم عليها بالسجن، لكن اغتيال السادات أعقبه إطلاق سراحها قبل أن تكمل العام في الحبس.
بين أعمالها في الرواية: «كانت هي الأضعف»، «امرأة عند نقطة الصفر»، «الغائب»، «الأغنية الدائرية»، «امرأتان في امرأة»، «سقوط الإمام»، «موت الرجل الوحيد على الأرض»، و»زينة». وفي نطاق الأعمال الطبية والفكرية نشرت السعداوي «مذكرات طبيبة» في سنة 1960، «الرجل والجنس»، «المرأة والصراع النفسى»، «الوجه العاري للمرأة العربية»، و»مذكراتي في سجن النساء» وسواها.
وفي عملها الشهير «الأنثى هي الأصل»، 1971، كتبت: «المتعمق في أي بحث عن المرأة والمتحرر من النظرة المحدودة إلى المرأة كوعاء للإنجاب، يدرك أنّ أي بحث عن المرأة إنما هو بحث يمسّ جوانب الحياة جميعاً، هو أحد القضايا العامة الهامة، هو بحث سياسي بالدرجة الأولى، لا يفترق في قليل أو كثير عن قضية البحث عن الحرية أو البحث عن الحقيقة. إن هدف أي بحث علمي (عن المرأة أو الرجل أو أي شيء آخر) هو البحث عن الحقيقة، والبحث العلمي الذي لا يهدف — أوَّلاً وأخيراً — إلى البحث عن الحقيقة يصبح بحثاً غير علمي، أو بحثاً أجوف، يستوفي جميع شروط البحث العلمي من ناحية الشكل فحسب، أمَّا المضمون فهو فارغ أجوف».
جوائز
https://www.alquds.co.uk/wp-content/uploads/2021/12/%D8%AC%D8%A7%D8%A6%D8%B2%D8%A9.jpg
نوبل للآداب ـ الروائي التنزاني عبد الرزاق غرنة
هو ينتمي في أصوله إلى اليمن وزنجبار، ولكنه ابن القارة الأفريقية بصفة عامة، وأدبه جعل منه سليل اللاجئين والمهاجرين والمغتربين على امتداد العالم. الأكاديمية السويدية، في بيانها الذي أعلن فوز غرنة بجائزة الآداب لهذا العام، شدّدت على أنّ غرنة «كتب بلا تنازلات وبتعمّق متعاطف عن آثار الاستعمار ومصائر اللاجئين في اللجّة بين الثقافات والقارات». وفي محاضرة نوبل، التي ألقاها يوم 7 كانون الأول (ديسمبر) 2021، قال غرنة: «الكتابة لا يمكن أن تقتصر على خوض المعارك والسجالات، مهما كان ذلك مريحاً وتنشيطياً. الكتابة ليست حول شيء واحد، وليست حول هذه القضية أو تلك، أو هذا الاهتمام أو ذاك، ولأنّ اهتمامها هو الحياة الإنسانية بطريقة أو أخرى، فإنّ موضوعها، مهما قصر الزمان أو طال، سوف يكون القسوة والحبّ والضعف».
ولد غرنة سنة 1948 في سلطنة زنجبار، التي باتت اليوم جزءاً من تنزانيا، وغادر الجزيرة في سنّ 18 إلى إنكلترا كلاجئ، حيث درس في لندن ثمّ حصل على الدكتوراه من جامعة كنت، التي درّس فيها نظريات ما بعد الاستعمار. معظم رواياته تتناول التجربة الاستعمارية ومعضلات اللجوء والهجرة؛ وبين أشهرها: «ذاكرة الرحيل»، «درب الحجّاج»، «فردوس»، «الإعجاب بالصمت»، «قرب البحر»، و»الهبة الأخيرة». وله أيضاً سبع مجموعات قصصية، ودراسات نقدية متفرقة، وأشرف على تحرير كتابَين، «مقالات حول الكتابة الأفريقية»، و»دليل إلى سلمان رشدي».
جائزة «الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي»
الترجمة من الإنكليزية إلى العربية:
معين رومية، عن ترجمة كتاب معجم العلوم الاجتماعية تحريركريغ كالهون.
جمال إبراهيم شرف، عن ترجمة كتاب البراغماتيون الأمريكيون لـ شيريل ميساك.
الترجمة من العربية إلى الإنكليزية:
عويمر نجم، عن ترجمة عن ترجمة مدارج السالكين لـ ابن قيّم الجوزية
الترجمة من الصينية إلى العربية:
يارا إبراهيم عبد العزيز المصري، عن ترجمة رواية الحب في القرن ال?