منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 من حقائق التاريخ العصر المملوكي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69984
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

من حقائق التاريخ  العصر  المملوكي Empty
مُساهمةموضوع: من حقائق التاريخ العصر المملوكي   من حقائق التاريخ  العصر  المملوكي Emptyالأربعاء 27 يوليو 2022, 9:14 am

-------------------------------------------------------
حكم المماليك مصر لمدة تزيد عن قرنين ونصف من الزمان كدولة رسمية قوية مستقلة قبل أن يحكموها كولاة أو بكوات وموظفين يتبعون حكم العثمانيين ما يزيد عن ثلاثة قرون أخرى ؛ آخرها  في عصر محمد علي وأبنائه ..

 و قد حققوا في تلك الفترة  الأولى إنجازات عسكرية مهمة مقابل الكثير من الإخفاقات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وخلفوا من ورائهم كثيرا من الآثار شاهدة على تقدم فنون البناء والعمارة والزخرفة في عصرهم، وعلى كم البذخ المادى والفساد الذي أطاح بدولتهم في نهاية الأمر.

 و يحسب لهم العديد من الإنجازات المشرقة في تاريخ أمة الإسلام منها : وقوفهم سدًا منيعًا لصد قوتين من قوى الشر التي حاولت هدم صرح الإسلام، وهما التتار والصليبيين، وكان للمماليك جهاد مستمر ضد هاتين القوتين، وعلى مراحل مختلفة، وظلت دولة المماليك تحمل راية الإسلام في الأرض قرابة ثلاثة قرون.    (*1)

يمكن أن يسمي عصر المماليك بحق : "العصر المظلم" لأنه أغمض عصر في تاريخ مصر ، ولأنه من جهة أخرى كان مظلما بالحجب التي حالت بين المؤرخين والوصول إلى حقيقته ، ولكنه بالرغم مما يوصف به كان عصرا قائما بنفسه له مظاهر وتعاليم وفلسفة ونظم اجتماعية وأخلاقية خاصة به .

ولهذا العصر تأثير شديد في مجرى الحوادث في تاريخ مصر في العصور التي تلته لأن النير (العبء) الذي ألقاه المماليك على رقاب المصريين كان أثقل من أن تتخلص منه مصر في  ثلاثة قرون ؛ إذ امتد حضور المماليك بقوة بعد سقوط دولتهم على يد العثمانيين إلى حملة نابليون و عصر محمد علي ؛ بل   و لا يزال كثير من العادات الباقية من عصر المماليك فاشية في ارياف مصر وخصوصا في الصعيد، حتى الآن .

ولذا يمكننا أن نقول أن مدنية عصر المماليك كثيرة المتناقضات ، ولذلك وصفت بالظلام ، أو عصر الفوضى أو العصور المظلمة ؛  ووصفها آخرون بأنها عصر النظم المحلية وحكم الاقطاع ؛  أو عصر الفروسية والشجاعة وغير ذلك من.المظاهر المختلفة التي جعلت تاريخ هذا العصر أمتع جزء في تاريخ مصر  ..

وفي هذا العصر عاشت مصر نفس الحياة التي عاشتها أوربا في القرون الوسطى في عصر الفرسان والاقطاع . (*2)
---------------
لقد آل تراث الأيوبيين بعد انقراض ملكهم  إلى المماليك البحرية سنة 1250م . ولم يحدث في التاريخ مثل ما حدث في مصر !  إذ المعتاد أن العبيد والأرقاء في ثوراتهم إذا تغلبوا فإنهم يسودون مواليهم سيادة مؤقتة ؛ لا تلبث أن تنقشع سحبها و تذهب ريحهم و يعود الوضع لما كان عليه قبلها. 

لكن ماحدث في مصر أن طائفة من الأرقاء المشترين بالأموال من اسواق آسيا كثر عددهم وعلا شأنهم و استجلبوا أرقاء مثلهم ثم حكموا  قطرا غنيا كمصر ، ووضعوا أيديهم على بلاد أخرى خارج هذا القطر ، وصار مملوك اليوم منهم حاكم الغد !!!

وقد كان نهوض هذه الطائفة هو اتباع للسنة التي جرى عليها العباسيون وهي بيع الألوف من العبيد من قبائل التركمان والمغول واستخدامهم حرسا لهم ومصدرا لجيشهم ليناهضوا بهم الجنود العربية فاستفحل أمرهم وقتئذ وأصبحوا سداة الجيش ولحمته فكانوا يأتون عبيدا فلا يلبثون أن يصبحوا
ذوي الأمر والنهي في بيت الملك ، يشعلون نيران الفتن والقلاقل حتى عجلوا أجل الخلافة ...

 وسلك نفس سبيل العباسيين : خلفاء الفاطميين فأصابهم مثل ما أصاب من سبقهم من الخلفاء العباسيين !! 

و نحت دولة الأيوبيين بعدهم هذا النحو إذ كانوا غرباء في البلاد فاحتاجوا إلى الإعتزاز بأمثال هؤلاء لكن في هذه المرة توصل المماليك لحكم مصر قرونا طويلة ؛ ثم لم يتركوه إلى عصر محمد على .

إن القبائل المقهورة في أواسط آسيا كانت لا ترى غضاضة في بيع أفلاذ أكبادها للنخاسين الذين كانوا يعدونهم بالحظ المبهر في المستقبل وبالسعادة التي ستغمرهم في الغرب ؛ وقد سهل عمل النخاسين ما كان يذاع عن ثروة مصر الكبيرة التي يمكن الحصول عليها بأقل جهد . 

لذلك لم يقتصر الأمر على سبايا الحروب وأسراها بل كان يتدفق على البلاد الغربية سيل من أبناء القبائل الشرقية لتهافت السلاطين والأمراء على شرائهم أحيانا بأثمان باهظة

ولما كانت هذه الفئة تنشأ نشأة حربية كان أسعدهم حظا واعظمهم مقدرة من تفك رقبته بأمر السلطان فيصبح أميرا على عشرة أو خمسين أو مائة . وقد يثب أحدهم وثبة واحدة تجعله أميرا على ألف ؛ وأخذ عددهم يتضاعف بشراء مماليك جدد كانوا ينالون ما نال أمراؤهم من الحرية والثراء . 

وقد كان السلاطين بطبيعة الحال أكثر الناس انكبابا على شراء المماليك ؛ ولذلك استخدموا موارد الحكومة في إحاطة أنفسهم بجمع عظیم من هؤلاء المماليك ؛ وقد علمنا أن أحد السلاطين اشترى منهم نحو ستة آلاف ..

وبينما كان السواد الأعظم من الأمة يعيش عيشة الفقر غارقا في حمأة الجهالة كان المماليك المقربون لدى الأمراء ولا سيما حاشية الملك يتعلمون علوم السلم والحرب ، وكان الواحد منهم ينهض من درجة حاجب ويتابع تدريجيا حتى يصل إلى مرتبة سيده ، فمملوك اليوم هو قائد الغد ؛  بل ليس بعزيز عليه أن يصبح سلطانا..

وقد قص المقريزي في كتابه عن تاريخ مصر رواية عن المماليك؛  وإن كانت من القصص التي لا يعتمد عليها ، إلا أنها تعطينا فكرة صادقة عن الآمال والأماني التي كانت تدور في نفس المملوك وهو قادم في طريقه إلى مصر ...

" روى الإسحاقي عن عبد الملك الأشرف قايتباي المحمودي ، أنه لما جلبه (الخواجا) ! محمود إلى مصر وكان معه رفيقه أحد المماليك الذي جلب معه مع الجمال الذي يحملهما إلى مصر ؛ - وفي طريقهم تحدثوا بليلة مقمرة -  فقالا لعل هذه الليلة هي ليلة القدر التي يستجاب فيها الدعاء ، فليدع كل منا بما يحبه ... 

فأما قايتباي فقال أطلب من الله تعالی سلطنة مصر !!
وقال الثاني وأنا أطلب من الله أن أكون أميرا كبيرا !!
 أما الجمال فقال أما أنا فأطلب حسن الخاتمة ...

فصار قايتباي سلطانا وصاحبه أميرا ، فكانا إذا اجتمعا
يقولان فاز الجمال من بيننا ... " 

فانظر كيف كانت تطمع نفس المملوك إلى السلطنة وهو لا يزال في الطريق إلى مصر  .

ورغم أن العباسيين  هم أول من استجلبوا المماليك و صاروا يمكنون لهم ؛ إلا أن مماليك العباسيين ذابوا و انصهروا في سكان بغداد و مدن الخلافة و بعد حين لم يعد لهم جنس واضح ...  أما الحالة في مصر فكانت على نقيض ذلك تماما ، وهذا هو موضع العجب ،.فمماليك مصر لم يختلطوا بأهلها بل ظلوا بمعزل عنهم محتفظين بجنسيتهم وعاداتهم ...

فكانت حكومتهم على رأسها الأمير أو السلطان في حين أن باقي المماليك كان لهم سلطان نافذ لا ينازعهم فيه أحد ..

وإذا علمنا كل ذلك وعلمنا مبلغ السلطة الهائلة التي لا حد لها ؛ التي تمتع بها المماليك في مصر عرفنا السبب الذي من أجله أقدم كثيرون من الناس على بيع أولادهم وبناتهم ليكونوا في حاشية سلطان مصر !.. 

لا بل لعلمنا السبب الذي كان يدعو كثيرين من الجراکسة والتركمان أن يفدوا إلى مصر أرض الآمال بالنسبة لهم .(*3)
----------------‐--------------------------‐---------------------
🔹️ تعرف دولة المماليك بأنها الفترة الزمنية من عام 1250 إلى عام 1517 والتي كانت فيها مصر تحت حكم المماليك.

خلال عصر الدولة المملوكية، الذي استمر من عام (1250م-1517م)، حكمها نحو 55 سلطانًا انتهى حكم أكثر من 35 منهم بانقلابات مسلحة ، وانتهت حياة أكثر من 20 منهم بين القتل اغتيالًا أو إعدامًا أو بميتة شابتها شبهة اغتيال. (*4)

و يمكن تقسيم هذه الفترة الزمنية الممتدة على مدى 270 عام تقريبا إلى فترتين شهدت كل واحدة منها قيام دولة للمماليك : 
▪︎الفترة الأولى والتي امتدت من عام (1250-1382 م) و حكمها المماليك البحرية وهم من مماليك الشرق .

▪︎ أما الفترة الثانية فيميزها عن الأولى انتقال الحكم من مماليك الشرق التركمان إلى المماليك الجراكسة أو البرجية (1387 - 1517م)

بينما يرى آخرون تقسيمها الى أربع فترات : 

١- المماليك البحرية 1250 - 1387م
٢- المماليك البرجية 1381- 1517م
٣- المماليك البكوات 1517 - 1811 م
٤. مماليك الأسرة العلوية ( أسرة محمد علي )

ويعلل د. "أنور زقلمة" ذلك فيقول : 

ونرى في كتاب فتح مصر الحديث أن حافظ بك عوض قد قسم المماليك إلى طبقتين كبيرتين :

▪︎الطبقة الأولى من 1250 إلى الفتح العثماني 1517 .
▪︎الطبقة الثانية من 1517إلى مذبحة القلعة الشهيرة أو إلى استقلال محمد علي بمصر..

 وذلك لأنه  لا عبرة لقولهم أن القسم الأول من المماليك البحرية كان من جنس غير جنس المماليك الشراكسة لأن المماليك في أول أمرهم وفي أواخر الدولة العباسية إلى مذبحة القلعة ، ثم في ايام محمد علي واسماعيل وتوفيق لم يكونوا من جنس خاص ، ولا من أمة معلومة ، ...

بل كانوا دائما خليطا ممن يباع ويشترى من الفتيان الحسان الأقوياء ، سواء أكانوا من شواطيء بحر قزوين وأواسط آسيا أو من تتار و مغول وشركس ، أم كانوا من بحر إيجة من الأروام وجزر البحر الأبيض المتوسط  ..

وهذا هو السلطان (الظاهر حوش)  قدم من مماليك الطبقة الأولى ، يلقب بالرومي لأنه يوناني الأصل ، ويلقب بالناصري مع إسلامه ، وكان له ولع عظيم بالعلوم والآداب اليونانية القديمة . وربما كان فيهم من أجناس مختلفة من الشعوب القائمة حول الأدرياتيك أو من جزائر إيطاليا والبحر الأبيض
على الإجمال .

ولأنه يرى أيضا أن الفتح العثماني لم يقض على سلطة المماليك بل زادها عنوة وتجبرا وعلى ذلك يمكننا أن نقول أن المماليك حكموا مصر . من عام 1250 م إلى حوالي 1811م
باستثناء مدة الحملة الفرنسية واول ظهور سلطة محمد علي  ، فأما أنا نأميل إلى تقسيمهم إلى أربعة أقسام ..

ثم ذكر التقسيم الذي وضحناه و عدد أسبابه . (*5) 
----------------‐--------------------------‐---------------------
🚩 دولة المماليك البحرية (1250-1382)

يرجع تاريخ دولة المماليك البحرية إلى مؤسسها السلطان نجم الدين أيوب الذي أتى بالمماليك وبنى لهم قلعة بجزيرة الروضة عام 638 هـ، ..

وتنقسم دولة المماليك البحرية إلى أسرتين وهما : 

▪︎أسرة الظاهر بيبرس البندقداري الذي حكم مصر مدة 17عاما ويعتبر هو المؤسس الحقيقي لدولتهم، حيث قام بالعديد من التعديلات الإدارية ومنها إعادة إحياء الخلافة العباسية ونقل مقرها إلى القاهرة عام 658هـ، 

▪︎وأسرة المنصور قلاوون حيث يعتبر حكم الناصر محمد بن قلاوون الذي قارب على نصف قرن من الحكم أزهى عصور المماليك البحرية وقد تعاقب على حكم مصر بعد الناصر محمد العديد من الحكام وكانوا غالبيتهم صغار السن فيتحكم بهم قادة الجيش (الأتابكة) وظل الحال كذلك إلى أن ظهر الأمير برقوق مؤسس دولة المماليك الجراكسة ( البرجية).(*6)

🚩  دولة المماليك البرجية (1382-1517)
         ( أو دولة المماليك الثانية )

تأسست دولة المماليك البرجية (أو الجركسية ) على يد سيف الدين برقوق. وتعود جذورهم إلى عهد المنصور قلاوون، الذي استعان بهم كثيرا في جيشه. وكانت هذه الفرقة مواليه له عندما أصبح جنرال عسكري، أصبح أحد هؤلاء المماليك الشركسيين (وهو برقوق) أحد أهم وأقوى رجال الدولة. ويمثل وصوله إلى الحكم بداية السلالة المملوكية البرجية . 

وقد شهدت مصر تقدماً معمارياً وفنياً خلال هذا العصر على الرغم من أنها كانت فترة غير مستقرة. حكمت دولة المماليك البرجية مصر لمدة 135 سنة تقريباً من خلال 23 من السلاطين بالتناوب. وانتهت مملكتهم بهزيمة السلطان طومان باي أمام السلطان العثماني  سليم ياووز الأول  . (*7)
---------‐-------‐-------------------------------------------------
🔹️ كيفية تربية المماليك و أسلوب تعليمهم 

كان أمراء الدولة الأيوبية بوجه خاص يعتمدون على المماليك الذين يمتلكونهم في تدعيم قوتهم، ويستخدمونهم في حروبهم، لكن كانت أعدادهم محدودة إلى حد ما، ..

 وفي عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب الذي يعد أفضل سلاطين الأيوبيين بعد صلاح الدين و يعتبر أيضا آخر ملوكهم في مصر ، و في عهده حدثت فتنة خروج الخُوارِزمية المرتزقة من جيشه، فاضطر إلى الإكثار من المماليك، حتى يُقوي جيشه ويعتمد عليهم، وبذلك تزايدت أعداد المماليك جدًّا، وخاصة في مصر .

كان الصالح أيوب -ومن تبعه من الأمراء- لا يتعاملون مع المماليك كرقيق.. بل على العكس من ذلك تمامًا.. فقد كانوا يقربونهم منهم جدًّا لدرجة تكاد تقترب من درجة أبنائهم..

 ولم تكن الرابطة التي تربط بين المالك والمملوك هي رابطة السيد والعبد قط، بل رابطة المعلم والتلميذ، أو رابطة الأب والابن، أو رابطة كبير العائلة وأبناء عائلته.. 

وهذه كلها روابط تعتمد على الحب في الأساس، لا على القهر أو المادة.. حتى إنهم كانوا يطلقون على السيد الذي يشتريهم لقب «الأستاذ» وليس لقب «السيد».

ويشرح لنا المقريزي : كيف كان يتربى المملوك الصغير الذي يُشترى وهو ما زال في طفولته المبكرة، فيقول:

«إن أول المراحل في حياة المملوك هي أن يتعلم اللغة العربية قراءة وكتابة، ثم بعد ذلك يُدفع إلي من يعلمه القرآن الكريم، ثم يبدأ في تعلم مبادئ الفقه الإسلامي، وآداب الشريعة الإسلامية .. ويُهتم جدًّا بتدريبه على الصلاة، وكذلك على الأذكار النبوية، ويُراقب المملوك مراقبة شديدة من مؤدبيه ومعلميه، فإذا ارتكب خطأً يمس الآداب الإسلامية نُبه إلى ذلك، ثم عوقب» (*Cool.

لهذه التربية المتميزة كان أطفال المماليك ينشأون عادة وهم يعظمون أمر الدين الإسلامي جدًّا، وتتكون لديهم خلفية واسعة جدًّا عن الفقه الإسلامي، وتظل مكانة العلم والعلماء عالية جدًّا عند المماليك طيلة حياتهم، ..

و لعل هذا ما يفسر النهضة العلمية الراقية التي حدثت في زمان المماليك، وكيف كانوا يقدرون العلماء حتى ولو خالفوهم في الرأي..

 ولذلك ظهر في زمان دولة المماليك الكثير من علماء المسلمين الأفذاذ من أمثال العز بن عبد السلام والنووي وابن تيمية وابن القيم الجوزية وابن حجر العسقلاني وابن كثير والمقريزي وابن جماعة وابن قدامة المقدسي رحمهم الله جميعًا، وظهرت -أيضًا- غيرهم أعداد كثيرة من العلماء يصعب جدًّا حصرهم.

ثم إذا وصل المملوك بعد ذلك إلى سن البلوغ جاء معلمو الفروسية ومدربو القتال فيعلمونهم فنون الحرب والقتال وركوب الخيل والرمي بالسهام والضرب بالسيوف، حتى يصلوا إلى مستويات عالية جدًّا في المهارة القتالية، والقوَّة البدنية، والقدرة على تحمل المشاق والصعاب (*9).

ثم يتدربون بعد ذلك على أمور القيادة والإدارة ووضع الخطط الحربية، وحل المشكلات العسكرية، والتصرف في الأمور الصعبة، فينشأ المملوك وهو متفوق تمامًا في المجال العسكري والإداري (*10)،

 وذلك بالإضافة إلى حمية دينية كبيرة، وغيرة إسلامية واضحة.. وهذا كله -بلا شكٍّ- كان يثبت أقدام المماليك تمامًا في أرض القتال.

وكل ما سبق يشير إلى دور من أعظم أدوار المربين والآباء والدعاة، وهو الاهتمام الدقيق بالنشء الصغير، فهو عادة ما يكون سهل التشكيل، ليس في عقله أفكار منحرفة، ولا عقائد فاسدة، كما أنه يتمتع بالحمية والقوَّة والنشاط، وكل ذلك يؤهله لتأدية الواجبات الصعبة والمهام الضخمة على أفضل ما يكون الأداء.

وفي كل هذه المراحل من التربية كان السيد الذي اشتراهم يتابع كل هذه الخطوات بدقة، بل أحيانًا كان السلطان الصالح أيوب يطمئن بنفسه على طعامهم وشرابهم وراحتهم، وكان كثيرًا ما يجلس للأكل معهم، ويكثر من التبسط إليهم، وكان المماليك يحبونه حبًا كبيرًا حقيقيًا، ويدينون له بالولاء التام (*11).

وهكذا دائمًا.. إذا كان القائد يخالط شعبه، ويشعر بهم، ويفرح لفرحهم، ويحزن لحزنهم، ويتألم لألمهم، فإنهم -ولاشك- يحبونه ويعظمونه، ولا شك -أيضًا- أنهم يثقون به، وإذا أمرهم بجهاد استجابوا سريعًا، وإذا كلفهم أمرًا تسابقوا لتنفيذه، وبذلوا أرواحهم لتحقيقه..

 أما إذا كان القائد في حالة انفصال عن شعبه، وكان يعيش حياته المترفة بعيدًا عن رعيته.. يتمتع بكل ملذات الحياة وهم في كدحهم يعانون ويتألمون، فإنهم لا يشعرون ناحيته بأي انتماء.. بل إنهم قد يفقدون الانتماء إلى أوطانهم نفسها.. ويصبح الإصلاح والبناء في هذه الحالة ضربًا من المستحيل.

وكان المملوك إذا أظهر نبوغًا عسكريًا ودينيًا فإنه يترقى في المناصب من رتبة إلى رتبة، فيصبح هو قائدًا لغيره من المماليك، ثم إذا نبغ أكثر أُعطي بعض الإقطاعات في الدولة فيمتلكها، فتدر عليه أرباحًا وفيرة، وقد يُعطى إقطاعات كبيرة، بل قد يصل إلى درجة أمير، وهم أمراء الأقاليم المختلفة، وأمراء الفرق في الجيش وهكذا.

وكان المماليك في الاسم ينتسبون عادة إلى السيد الذي اشتراهم.. فالمماليك الذين اشتراهم الملك الصالح يعرفون بالصالحية، والذين اشتراهم الملك الكامل يعرفون بالكاملية وهكذا.

وقد زاد عدد المماليك الصالحية، وقوي نفوذهم وشأنهم في عهد الملك الصالح أيوب، حتى بنى لنفسه قصرًا على النيل، وبنى للمماليك قلعة إلى جواره تمامًا.. وكان القصر والقلعة في منطقة الروضة بالقاهرة، وكان النيل يعرف بالبحر، ولذلك اشتهرت تسمية المماليك الصالحية «بالمماليك البحرية» (لأنهم يسكنون بجوار البحر وكان يسمون النيل في مصر بحر النيل ).

وهكذا وطد الملك الصالح أيوب ملكه بالاستعانة بالمماليك الذين وصلوا إلى أرقى المناصب في جيشه وفي دولته، وتولى قيادة الجيش في عهده أحد المماليك البارزين اسمه «فارس الدين أقطاي»، وكان الذي يليه في الدرجة هو «ركن الدين بيبرس»، فهما بذلك من المماليك البحرية. (*12)
* هذا المقال خاص بصفحة (التاريخ ) إذا رأيته على صفحة أخرى يرجى الإبلاغ عنه أو إبلاغنا بسرقته #المماليك_جواهر
--------------‐----------------------------------------------------
☆استجابة لطلبكم المتكرر أنشأنا هذه السلسلة .. و هذه الفقرة مقدمة عامة سنخوض بعدها في التفاصيل ان شاء الله نحرص على أن نجمع لكم أفضل ماكتب فيها من مراجع عديدة .. فنرجو التفاعل معنا بقوة .. و من يرى منشوراتنا تسرق عليه ابلاغنا مشكورا .
(*1) "قصة الإسلام"التمهيد لدولة المماليك / د. راغب السرجاني
(*2) المماليك في مصر .. أنور زقلمة  ص 18. ط 1995 مكتبة مدبولي القاهرة .
(*3) انظر المصدر السابق ص 21 - 24
(*4) "تاريخ الغدر في زمن المماليك مقال اليوم السابع 18/1/2020 ؛ وانظر موقع قصة الأسلام التمهيد لدولة المماليك السرجاني  .
(*5) المماليك في مصر أنور زقلمة السابق ص24 - 25
(*6) يمكن الرجوع الى" دراسات في تاريخ المماليك البحرية" د.علي ابراهيم حسن .
(*7) يمكن الرجوع إلى العصر المملوكي د. مفيد الزيدي موسوعة التاريخ الإسلامي/  المماليك الجراكسة 
(*Cool المقريزي: الخطط 3/346.
(*9)ابراهيم علي شعوط: مصر في عهد بناة القاهرة ص169.
(*10)إبراهيم علي شعوط: المرجع السابق ص 340.
(*11) سمير فراج دولة المماليك ص32.
(*12) قصة الإسلام/نشأة المماليك /السرجاني 22/6/2016

من حقائق التاريخ  العصر  المملوكي Img?id=95309
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69984
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

من حقائق التاريخ  العصر  المملوكي Empty
مُساهمةموضوع: رد: من حقائق التاريخ العصر المملوكي   من حقائق التاريخ  العصر  المملوكي Emptyالأربعاء 27 يوليو 2022, 9:19 am

🔹️ملخص الفقرة السابقة :
يمكن تقسيم فترة حكم المماليك كسلاطين لدولة مستقلةإلى فترتين : 
▪︎الفترة الأولى والتي امتدت من عام (1250-1382 م) و حكمها المماليك البحرية وهم من مماليك الشرق .

▪︎ أما الفترة الثانية وحكمها المماليك الجراكسة أو البرجية (1387 - 1517م)

بينما يرى آخرون تقسيم العصر المملوكي الى أربع فترات : 

١- المماليك البحرية 1250 - 1387م
٢- المماليك البرجية 1381- 1517م
٣- المماليك البكوات في العصر العثماني 1517 - 1811 م
٤- مماليك الأسرة العلوية ( أسرة محمد علي )

كان المماليك يربون تربية دينية و عسكرية خشنة و يدربون على فنون القتال و الفروسية ؛ و يعلمون كل أنواع العلم التي كانت متاحة في زمانهم ؛ فينشأون بذلك لديهم حمية لدينهم و حب شديد للجهاد ؛.. 

 و كان السيد الذي يملكهم يعاملهم كأبنائه يعلمهم و يجالسهم و يؤاكلهم و يتلطف معهم ؛ فيكون لديهم ولاء شديد لهذا السيد أو المعلم كما كانوا يسمونه ؛ وكانت أسماؤهم  تنسب عادة إلى السيد الذي اشتراهم؛ فالمماليك الذين اشتراهم الملك الصالح يعرفون بالصالحية، والذين اشتراهم الملك الكامل يعرفون بالكاملية وهكذا.

وكان المملوك إذا أظهر نبوغًا عسكريًا ودينيًا فإنه يترقى في المناصب من رتبة إلى رتبة، وقد يصل إلى درجة أمير يحكم فرقة عسكرية أو إقليم ، أو يصل إلى حكم السلطنة ذاته ..

وشهدت فترة حكم المماليك حركة علمية كبيرة وكان للعلماء مكانة مرموقة فيها ؛ كما تميزت الفترة الأولى بالكثير من حروب التتار و الفرنجة ؛ و ترك المماليك الكثير من الآثار التي تدل على تقدم العمران و الفنون في زمانهم . 

كما تميز حكم المماليك بكثرة الإنقلابات على الحكم و قتل السلاطين في أحيان كثيرة ؛ و تميز بالإسراف و الفشل الأقتصادي ؛ و عزلة أو عدم اندماج جنس المماليك في الشعوب التي حكموها .  (☆1)
---------------‐----------------------------------------------------
 🔸️ المماليك من النشأة حتى عصر صلاح الدين

إذا ما تفحصنا أحداث التاريخ في مصر وبلاد الشام في الفترة منذ النصف الثاني من القرن الثالث عشر الميلادي حتى مطلع العصور الحديثة ، نلاحظ أنها تأثرت بالدور الذي أداه المماليك الذين قدموا إليها نتيجة السبي في الحروب أو بالشراء .

وظل توافد هؤلاء إلى مصر، بشكل خاص لا ينقطع، منذ العصور العباسية المتأخرة ؛ وقد أتاحت لهم التطورات نوعا من الهيمنة العسكرية والسياسية، حيث كان من العسير عليهم ألا يتدخلوا في شؤون الإمارات الإسلامية، ليخطوا لهم
طريقة ونهجا خاصا في الحكم، ويتركوا بصمات واضحة في تاريخ منطقة الشرق الأدني بشكل عام وتاريخ مصر وبلاد الشام بشكل خاص .

إتخذت تسمية المماليك مدلولا اصطلاحيا خاصا في التاريخ الإسلامي، منذ عهد الخليفة العباسي المأمون (198 - 218 ه/ 813 - 833 م)، ثم المعتصم (218 -227 ه/ 833 - 842 م) حيث اقتصرت هذه التسمية على فئة من الرقيق الأبيض، كان الخلفاء وكبار القادة والولاة في دولة الخلافة العباسية، يشترونهم من أسواق النخاسة البيضاء لاستخدامهم كفرق عسكرية خاصة، بهدف الاعتماد عليهم في تدعيم نفوذهم .

وقد أضحى المماليك، مع مرور الوقت، الأداة العسكرية الوحيدة في بعض الدول الإسلامية مثل دولة المماليك التي قامت في مصر والشام. 

وكان مصدرهم، آنذاك ، بلاد ما وراء النهر. واشتهرت مدن سمرقند، وفرغانة، وأشروسنة، والشاش، وخوارزم، بأنها المصادر الرئيسية لتصدير الرقيق الأبيض ذوي الأصول
التركية، وتم ذلك بإحدى الطرق الثلاث :
١. الشراء .
۲ - الأسر في الحروب .
٣- الهدايا التي كان يؤديها ولاة أقاليم بلاد ما وراء النهر على شكل رقيق إلى الخليفة .

وأضحت بلاد ما وراء النهر مصدرا هاما للمماليك الترك في العالم الإسلامي حتى آخر العهد الفاطمي..

ويبدو أن الخليفة العباسي المعتصم هو أول خليفة اعتمد، بشكل أساسي، على العنصر التركي، نظرا لمقدرتهم القتالية المميزة، حتى أضحى الحرس التركي يمثل دعامة من دعائم الخلافة أيام حكمه، فاقتناهم منذ أن كان أميرا ؛ فكان يرسل
سنويا من يشتري له منهم، حتى اجتمع له في أيام المأمون زهاء ثلاثة آلاف .. (*1)

ثم تولى الخلافة في ظل ظروف من الصراع العنيف بين العرب من ناحية والفرس من ناحية أخرى بالإضافة إلى اختلال في التوازنات بين العناصر التي تكونت منها دولة الخلافة العباسية .

فقد ساءت العلاقات بين العباسيين والخراسانيين منذ انتقال المأمون من مرو إلى بغداد، واستحال التوفيق بين مصالح الطرفين، فبدأت ثقة المعتصم تضعف في العنصر الفارسي
ومن جهة أخرى، لم يركن المعتصم إلى العنصر العربي، ولم يثق بالعرب، نظرا لكثرة تقلبهم، واضطرابهم، وقيامهم ضد الخلفاء، بالإضافة إلى أن هؤلاء فقدوا كثيرا من مقومات قوتهم السياسية والعسكرية في ذلك الوقت، فأضحوا أقل
خطورة وأضعف شانا .

وقد حملت هذه المعطيات، الخليفة المعتصم على أن يوكل أمر سلامته الشخصية إلى فرقة من العنصر التركي، وقد توافقت طباعه النفسية، وصفاته الجسدية، من حيث القوة والشجاعة، ومتانة الجسم ؛ مع صفات الأتراك كأمة بربرية محاربة شديدة البأس. 

وأضحى لهذا العنصر أثر كبير في الحياة السياسية والاجتماعية بالرغم من أن الأتراك لم يكونوا أهل حضارة عريقة .

ومهما يكن من أمر، فقد استكثر المعتصم من شراء الأتراك بهدف الحد من النفوذين العربي والفارسي، مدركا في الوقت نفسه أهميتهم في التواجد إلى جانبه، حتى بلغت عدتهم ثمانية آلاف مملوك، وقيل ثمانية عشر ألفا. (*2)

و قد خصهم بالنفوذ، وقلدهم قيادة الجيوش، ومنهم في الأرض، وجعل لهم مرکزا متفوقا في مجال السياسة .

وجاء الأتراك إلى بغداد حاملين معهم صفاتهم البدوية، من خشونة في الطبع، وبداوة في الحياة، وقوة في البدن، ومرانا على الفروسية والقتال ؛  وقد تجلى هذا في معاملتهم للناس، حتى آذوا أهل بغداد وضايقوهم ، فكرههم الناس، وقتلوا بعضا منهم ...

 ثم بلغ ضيق أهل بغداد بهم  حدا تجاوز الاحتمال، فشكوهم
إلى المعصتم، وتهددوه بالدعاء عليه في صلاتهم فتحرج(*3) واضطر إلى إخراجهم من بغداد، وبنى لهم مدينة سامراء وأسكنهم فيها.(*4)

وسرعان ما نمت قوتهم، فأخذوا يتدخلون في شؤون الخلافة، حتى أمست دولة الخلافة العباسية في أيديهم ، يفعلون ما يريدون، يعزلون خليفة ويولون آخر، حتى إن بعض الخلفاء قتلوا نتيجة مؤامراتهم .(*5)

ومع مرور الوقت، بدأ هؤلاء الأتراك يتجهون إلى تكوين كیان خاص بهم سواء في كنف الخلافة أو منفصلا عنها، كما طمع بعضهم في الاستئثار بشؤون الحكم في العاصمة حين أدركوا أن الخلافة لا يمكنها الاستغناء عن خدماتهم.

ونذكر من بين الشخصيات التركية التي برزت في الحياة السياسية والعسكرية :
▪︎ الأفشين، ▪︎أشناس، ▪︎إيتاخ، ▪︎وصيف ، ▪︎بغا الكبير ؛▪︎سيما الدمشقي ، وغيرهم ...

 وقد خدموا دولة الخلافة العباسية، وساندوها في حروبها الداخلية، ضد الحركات المناهضة التي نشبت في أجزائها المختلفة، وفي حروبها الخارجية ضد الأمبراطورية البيزنطية .

ونتيجة شعورهم بأهميتهم، أخذوا يزيدون من تدخلهم في شؤون الخلافة، حتى تمكنوا من تثبيت أقدامهم في الحكم. 

ويصف ابن طباطبا وضع دولة الخلافة العباسية في عهد تسلط الأتراك منذ مقتل المتوكل (232 - 247 ھ/ 847 - 861 م) بقوله: «واستضعفوا الخلفاء، فكان الخليفة في أيديهم كالأسير، إن شاؤوا أبقوه ،.وإن شاؤوا خلعوه، وإن شاؤوا قتلوه » (*6).

والواقع أن استخدام العنصر التركي في الوظائف الكبرى في دولة الخلافة.العباسية يرجع إلى ما قبل عهد المعتصم. ففي أوائل عهد الدولة استخدم الخليفة العباسي المهدي (158 - 169 ه/ 755 - 785 م) یحیی بن داود الخرسي على إمارة
مصر في عام (192 ھ/ 778م) وهو مملوك تركي . (*7)

 ويذكر الطبري أن طرسوس عمرت على يد أبي سليم فرج الخادم التركي في عام (170 ھ/ 789 م) (*Cool .

وأضحى العنصر التركي رکنا هاما في المجتمع الإسلامي منذ العصر العباسي.الثاني (232 - 334 ھ/ 847 - 946م)، فقامت الدويلات المستقلة ذات الأصول التركية والفارسية في كنف دولة الخلافة العباسية بعد أن دب فيها الضعف، وغدا الأتراك وسيلة الخلفاء للقضاء على هذه الحركات الاستقلالية، خاصة عمال الأطراف الذين استقلوا بولاياتهم.

واستخدم الصفاريون، الذين أسسوا دولة مستقلة لهم في المشرق الإسلامي (254 - 298 ھ/  868 -911م)(*9)، خاصة عمرو بن الليث الصفاري، العنصر التركي، وقد اشترى هذا الأمير الصغار من الترك فدربهم وأنشأ منهم فرقة خاصة لحرسه، كما أهدى كثيرا منهم لقادته وولاته ، بهدف اتخاذهم عيونا له يمدونه سرا بالمعلومات والأخبار عن تصرفهم في حكم الولايات الخاضعة له . (*10)

وعكف السامانيون ذوو الأصول الفارسية (*11) ، على استخدام الأتراك في جيوشهم منذ عام (۳۰۰ ھ/ ۹۱۲م)، فأكثروا من شرائهم، وبالغوا في الاعتماد عليهم في الجيش والإدارة. وقد برز من بينهم الأمير ألب تكين الذي أسس دولة تركية خاصة به في عام (۳۸۹ھ/ 994م) هي الدولة الغزنوية .

ويبدو أن أحمد بن طولون كان ذا نزعات استقلالية، وحتى يحقق رغبته بالاستقلال في حكم مصر؛ رأى أن يدعم سلطته بجيش مملوكي من الأتراك من بني جنسه بالإضافة إلى العنصر الديلمي وقد بلغ تعداد هذا الجيش ما يزيد على أربعة وعشرين ألف غلام تركي ومنذ ذلك الوقت، أضحى جند مصر وولاتها من المماليك الأتراك .

والجدير بالذكر أن كثيرا ممن دخل في الجيش الطولوني من هؤلاء قد تحرروا فيما بعد  إذ عمد ابن طولون إلى تحرير أعداد كثيرة من جنوده لينشئ منهم جيشا خاصا وأضحت هذه العادة سنة متبعة في عهود خلفائه .

 وقد برز من بينهم الأمير ألب تكين الذي أسس دولة تركية خاصة به في عام (384 ھ/ 994م) هي الدولة الغزنوية . (*12)

أما في مصر ، فقد استخدم الطولونيون، المماليك الأتراك بشكل واسع،.واعتمدوا عليهم في قيام دولتهم واستمرارها (254 - 292 ھ/  868 - 905م) . 

فقد طمع أحمد بن طولون، التركي الأصل (*13) بالاستقلال في حكم مصر، بعد أن عينه الخليفة المعتمد (256 - 279 ھ/ 870 - 892م) في عام (263 ھ/ 877 م) واليا عليها، وأضحت أعمالها الإدارية والقضائية والعسكرية والمالية بيده . (*14)

ويبدو أن أحمد بن طولون كان ذا نزعات استقلالية، وحتى يحقق رغبته بالاستقلال في حكم مصر؛ رأى أن يدعم سلطته بجيش مملوكي من الأتراك من بني جنسه بالإضافة إلى العنصر الديلمي (*15) وقد بلغ تعداد هذا الجيش ما يزيد على أربعة وعشرين ألف غلام تركي (*16) 

 👌 ومنذ ذلك الوقت، أضحى جند مصر وولاتها من المماليك الأتراك.

والجدير بالذكر أن كثيرا ممن دخل في الجيش الطولوني من هؤلاء قد تحرروا فيما بعد  إذ عمد ابن طولون إلى تحرير أعداد كثيرة من جنوده لينشئ منهم جيشا خاصا وأضحت هذه العادة سنة متبعة في عهود خلفائه . (*17)

وقد نهجت الدولة الأخشيدية (323 - 358 ھ/ 939 - 969م)، التي خلفت الدولة الطولونية ، نفس نهج الأولى في الاعتماد على المماليك. وقد بلغ تعداد مماليك محمد بن طغج الأخشيدي، مؤسس الدولة الأخشيدية، نحو ثمانية آلاف مملوك من الأتراك والديلم، وأنه كان ينام بحراسة ألف مملوك . (*18)

ولما استولى الفاطميون على مصر في عام (358 ھ/ 969م) بعد قيام دولتهم في شمالي أفريقيا، اعتمد خلفاؤهم الأوائل، منذ أيام المعز (341 - 365 ھ/ 952 - 975م) على عدة عناصر تركية وسودانية وبربرية وصقالبية (*19) .

واستخدم الخليفة الفاطمي العزيز (365 - 386 ھ/ 975 - 996 م) الأتراك في الوظائف العامة والقيادية في الدولة، وفضلهم على غيرهم من العناصر الأخرى .

فولی مملو که منجوتكين التركي قيادة الجيش، كما ولاه الشام(20)، مما أثار عوامل الحسد والبغضاء بينهم وبين العناصر الأخرى، وظهر أثر ذلك واضحا في عهد الخليفة الحاكم بأمر الله (386 - 411 ھ/ 9 - 1020م) الذي استكثر من شراء السودان للحد من نفوذ الفريقين.

ثم نشط العنصر التركي مرة أخرى في عهد الخليفة الظاهر (411 - 427 ھ /1020 - 1036م) لميله إلى الأتراك، حتى أضحت قيادة الجيوش في يد المملوك التركي الأصل منصور أنوشتكين وقد ولاه الظاهر دمشق في عام (419 ھ/
1028م) .. (*21) 

واعتمد الفاطميون، منذ عهد المستنصر (427 - 487 ھ/ 1036 - 1094م) على عناصر مختلفة ، وقد استكثر هذا الخليفة من شراء العبيد السود لأن أمه كانت أمة سوداء (*22). 

وظل هذا العنصر عماد الدولة الفاطمية حتى زوالها.(*23)

واهتم الفاطميون بتربية صغار مماليكهم وفق نظام خاص، وهم أول من وضع.نظاما منهجيا في تربية المماليك في مصر (*24)
--------------------------------------------------------------------
🔹️  تمكن المماليك الأتراك في مصر

قامت الدولة الأيوبية في مصر في عام (567 ھ/ 1171م) على أنقاض الدولة الفاطمية لتفتح صفحة جديدة في تاريخ الشرق الأدنى والمماليك معا .

والجدير بالذكر أن هذه الدولة كردية الأصل، لكنها نمت في أحضان الدولة السلجوقية التركية ومماليكها ونقلت عنها الكثير من عاداتها وأنظمتها التركية المشرقية (*25)

والمعروف أن السلاجقة اعتمدوا منذ نشأتهم المبكرة على المماليك من الترك، وتربى هؤلاء في البلاط السلجوقي على مقربة من السلاطين السلاجقةوأمرائهم (*26) فكانوا يجلبون صغار السن من بلاد القبجاق(*27)، ثم يربون على أساس النظام المملوكي - الساماني الذي وضعه الوزير السلجوقي نظام الملك.وفصله في كتابه "سياسة نامة"(*28) ، ثم يتم إدخالهم في خدمة القصور السلطانية، والدوائر الحكومية .

والواقع أن نظام الملك هو أول من أقطع الإقطاعات للمماليك الأتراك بهدف الحفاظ على استمرارية الدولة نتيجة اعتناء المقطعين بإقطاعاتهم، وحذا السلاطين حذوه ، فمنحوا قادتهم من المماليك القلاع والمدن مقابل تقدیم الخدمات العسكرية وقت الحرب وتولي شؤون تربية أبنائهم وتأديبهم. وقد دعي هؤلاء الأمراء بالأتابكة (*29).

وسرعان ما اشتد نفوذ الأتابكة، وقوي ساعدهم، فانتهزوا فرصة ضعف السلاجقة واستقلوا بإقطاعاتهم مشكلين ظاهرة قيام دول منفصلة على حسابهم، دارت في فلك دولة الخلافة العباسية، وعرفت بالدول الأتابكية، أشهرها أتابكيات : كيفا وماردین ودمشق ودانشمند والموصل والجزيرة وأذربيجان .

واشتهر الأتابك عماد الدين زنكي، مؤسس أتابكيات الموصل وحلب ودیار ربيعة ومضر، في أوائل القرن الثاني عشر الميلادي، وهو ابن قسيم الدولة آق سنقر الحاجب الذي بدأ حياته مملوكا للسلطان السلجوقي ملكشاه . (*30) 

ثم برز صلاح الدين الأيوبي ، عن طريق نور الدين محمود ابن عماد الدين زنكي، بعد أن ارتبط تاريخ أسرته بأسرة الزنكيين نتيجة تولي والده نجم الدين أيوب حاکمية بعلبك من قبل عماد الدين زنكي والجدير بالذكر أن أفراد هذه الأسرة الأيوبية كانوا أحرارا، ولم يجر على أحد منهم رق . (*31)

وعندما قرر نور الدين محمود بن زنكي أن يرسل حملة إلى مصر، في عام (559 ھ/ 1164م) ، للحؤول دون احتلالها من قبل مملكة بيت المقدس الصليبية اختار القائد الأيوبي أسد الدین شیرکوه لقيادتها، وقد اصطحب معه ابن أخيه صلاح الدين .

والواقع أن الجيش الذي قاده أسد الدين إلى مصر، تألف في غالبيته من المماليك والأمراء النورية بالإضافة إلى فرقة من المماليك الأسدية (المماليك الأسدية نسبة إلى أسد الدین شیرکوه ).(*32) .

استفاد صلاح الدين من التجربة العسكرية التي اكتسبها من
وساعدته الظروف السياسية التي استجدت بعد فشل الصليبيين في الاستيلاء على مصر (*33) ، ووفاة عمه أسد الدين، في عام (564 ه/ 1169م)، ليتولى وزارة مصر من قبل الخليفة الفاطمي العاضد (555 - 567 ھ/ 1160 - 1171م) بمساعدة المماليك الأسدية (*34) .

* و أخذ صلاح الدين ، يعمل على إسقاط الدولة الفاطمية ومحو آثار معالمها الشيعية تمهيدا لتوحيد مصر والشام في دولة سنية واحدة لمواجهة الخطر المغولي و كانت تلك الخطوة حلما لنور الدين و بدأت بموافقته و دعمه ..

خاصة وأن دولة الفاطميين باتت تعيش أواخر أيامها بعد أن دب الضعف في أوصالها بفعل تنازع الأمراء على منصب الوزارة . فقضى على الفرق العسكرية الفاطمية من العبيد والأرمن ،وأنشأ لنفسه جيشا خاصا عماده المماليك الأسدية والأحرار الأكراد، الذين كانوا في خدمته، بالإضافة إلى المماليك الأتراك الذين اشتراهم لنفسه وسماهم الصلاحية أو الناصرية.(*35)

ثم حدث أن توفي الخليفة الفاطمي العاضد في شهر محرم عام 567 ه/ شهر أيلول عام 1171م)، وزالت بوفاته دولة الخلافة الفاطمية. 

وكان صلاح الدين قد قطع الخطبة له قبل ثلاثة أيام من وفاته بناء على إلحاح نور الدين، وخطب للخليفة العباسي المستضيء (*36)

 وشاءت الأقدار أن يموت كل من نور الدين محمود الذي كان على جفاء مع صلاح الدين بفعل نظرة كل منهما إلى الواقع السياسي تجاه الصليبيين والدولة الفاطمية ، وعموري ملك بيت المقدس الطامع في مصر، في العام نفسه (569 ه/
1174م)، مما منحه فرصة لحرية التحرك. 

فقد ترك نور الدين وراءه في الحكم طفلا في الحادية عشرة من عمره هو الملك الصالح إسماعيل، فخشي صلاح الدين من أن تؤول الأمور إلى الوصي عليه، وأعتبر نفسه أحق بالوصاية ، كما دبت بنفس الوقت الخلافات الداخلية بين الصليبيين بشأن وراثة عرش مملكة بيت المقدس .(*37)

وكان باستطاعة صلاح الدين، بفضل الإمكانيات التي توفرت له في مصر، أن يبقى فيها ويحارب الصليبيين، لكنه فضل تحقیق وحدة الصف الإسلامي قبل مواجهتهم، لذلك توجه إلى بلاد الشام لضمها فعلية إلى مصر .

ونجح صلاح الدين، بعد خمسة عشر عاما من العمل المتواصل، أن يوحد المسلمين، ويجمع شمل الأجزاء المتفرقة، ويكون جبهة إسلامية متحدة، أتاحت له أن يصطدم بالصليبيين ويتغلب عليهم، ويسترجع منهم بيت المقدس وبعض.المدن الساحلية .

ووقد اشتركت فئات المماليك الأسدية والصلاحية والعادلية (*38) في مختلف المعارك التي خاضها ضد الأمراء المسلمين بهدف تحقيق الوحدة الإسلامية وضد الصليبيين بهدف طردهم من المناطق الإسلامية  ..

والواقع أن المماليك بلغوا في هذه المرحلة مبلغا من القوة، مما دفع صلاح الدين إلى استشارتهم والنزول عند إرادتهم في كثير من الأحيان. 

وازداد عددهم في مصر وبلاد الشام بعد وفاة صلاح الدين في عام (589ه/ 1193م) بشكل ملفت، وبرزوا على أثر اشتداد التنافس والصراع بين ورثته من أبنائه وإخوته وأبناء إخوته الذين اقتسموا فيما بينهم الإرث الأيوبي .(*39)

والواقع أن أحداث الخلافات والمنازعات الداخلية بين أبناء البيت الأيوبي؛ تملأ معظم تاريخ الدولة الأيوبية بعد وفاة صلاح الدين حيث قامت الحروب بينهم

وفي ظل هذه النزاعات، والفوضى التي عمت العلاقات بين مختلف المناطق الإسلامية كان لا بد لكل أمير من أن ينشئ لنفسه قوة خاصة يعتمد عليها في للاحتفاظ بإمارته، أو لتحقيق طموحاته ومطامعه، على حساب الأمراء الآخرين،
ولم تكن هذه القوة سوى المماليك، فأكثر هؤلاء الأمراء من شرائهم وأنشؤوهم تنشئة عسكرية خاصة، ليكونوا سندا 

وهكذا شهدت فترة السنوات الأخيرة من القرن الثاني عشر الميلادي ، والسنوات الأولى من القرن الثالث عشر الميلادي ازدیاد نفوذ المماليك في مختلف الإمارات الإسلامية في الشرق الأدنى، ومنها مصر، وسرعان ما أضحى لهم من النفوذ ما كان له تأثير قوي في مجرى الأحداث التي تعرضت لها المنطقة .

إذ لم تمض سنوات ذات عدد حتى دب الخلاف بين أبناء صلاح الدين، فاستغل عمهم العادل هذه الفرصة ليعيد توحيد الدولة الأيوبية. وعندما حاول ضم مصر إلى أملاكه خشي المماليك الأسدية والصالحية من سطوته، فتدخلوا حتى يحولوا بينه وبين ما يبتغي، فناصروا العزيز ابن صلاح الدين، ملك مصر، کما ساندوا ابنه المنصور الذي خلفه في عام (595 ه/ 1195م) وكان صغيرا، ثم استدعوا الملك الأفضل من حوران وسلموه مقاليد الأمور (*40)....   .(☆ 2)

I love you معلومات مهمة للطلبة في الهامش #جواهر_الأدب_والتاريخ
--------------‐-----------------------------------------------------
(☆1) انظر الفقرة السابقة أو الرجوع إلى: المماليك في مصر .. أنور زقلمة  ص 18- 32. ط 1995 مكتبة مدبولي القاهرة .
(☆2) د. محمد سهيل طقوش : تاريخ المماليك في مصر وبلاد الشام ط 1 دار النفائس 1997م ص 15-23
-------
(*1) اليعقوبي : کتاب البلدان، ص۲۳.
(*2) ابن تغري بردي: النجوم الزاهرة، ج۲، ص۲۳۳.
(*3) المصدر نفسه.
(*4) المسعودي : مروج الذهب ومعادن الجوهر، ج۳، ص466 - 467.
(*5) قتل الأتراك عددا من الخلفاء العباسيين نذكر منهم: المتوكل (247ھ/ 861 م)، والمنتصر (248 ه/ 862 م)، والمستعین (252 ه/ 866م) .
(*6) الفخري : في الآداب السلطانية والدول الإسلامية، ص۲۲۰
(*7) الطبري : تاريخ الرسل والملوك، ج۸، ص۱۹۳ ؛ وابن تغري بردي: ج ۲، ص 44.
(*Cool الطبري : المصدر نفسه ، ص ۲۳۹.
(*9) راجع فيما يتعلق بالدولة الصفارية : إقبال، عباس: تاریخ ایران بعد الإسلام، ص۹۷ - ۱۳۲.
(*10) أبن الأثير: الكامل في التاریخ، ج1، ص16.
(*11) راجع فيما يتعلق بالدولة السامانية : إقبال عباس  ص۱۳۳ - ۱۹۷.
(*12) لقد عهد عبد الملك بن نوح الساماني في عام (349 ھ/ 960م) إلى مملوكه ألب تكین حكم ولاية خراسان فذهب إليها في جيش من ممالیکه الأتراك يبلغ تعدادهم الألفين والسبعمائة تقريبا، وفيهم مملوکه سبکتکین والد السلطان محمود الغزنوي، الذي يعتبر المؤسس الحقيقي للدولة الغزنوية . راجع فيما يتعلق بتاريخ الغزنويين: إقبال، مرجع سابق، ص168- 208.
(*13) كان طولون، والد أحمد، أحد الأتراك الذين كان يرسلهم الولاة من بلاد ما وراء النهر إلى الخلفاء العباسيين، وقد أهدي إلى الخليفة العباسي المأمون .
(*14) ابن الأثير: ج5، ص339.
(*15) الديلم: هو الجزء الجبلي من جيلان، وتسكنه قبيلة تعرف أيضا بالديلم. يحده من الشمال جيلان نفسها، ومن الشرق طبرستان و مازندران، ومن الغرب أذربيجان وبلاد الران، ومن الجنوب نواحي قزوين وطرم وجزء من الري. وينتسب ملوك الديلم إلى أسرة جستان. وكانوا وثنيين قبل أن يدخلوا في الإسلام، وكانوا يملون الخلفاء العباسيين بالجنود المرتزقة. راجع دائرة المعارف الإسلامية : ج9، ص367 .
(*16) المقريزي : الخطط، ج1، ص168. وابن إياس: بدائع الزهور في وقائع الدهور: ج1، قسم 1، ص 162.
(*17) العبادي: مرجع سابق، ص67 .
(*18) ابن تغري بردي: ج3، ص 256.
(*19) كلمة صقلب فرنسية قديمة، ومعناها عبد أو رقيق. وهي التسمية التي أطلقها الجغرافيون العرب في العصور الوسطى على الشعوب السلافية عامة، لأن الجرمان دأبوا على سبي تلك الشعوب السلافية ، رجالها ونسائها وأطفالها إلى عرب إسبانيا، لذا أطلق العرب عليهم اسم الصقالبة ، راجع العبادي، ص 35 ؛ وراجع فيما يتعلق بترتيب الجند في عهد الخليفة المستنصر: ناصر خسرو : سفر نامة ص 94.
(*20) ابن تغري بردي : ج4 ، ص 117.
(*21) ابن تغري بردي: ج5 ص17 - 19.
(*22) المصدر نفسه .
(*23) العبادي: مرجع سابق، ص69.
(*24) المرجع نفسه : ص 70.
(*25) لان بول : صلاح الدين Lane - pool: Salah El Din: p15
(*26) العبادي : ص 73 .
(*27) بلاد القفجاق أو القبجاق أو القبشاك، إقليم في حوض نهر الفولغا في الجنوب الشرقي من بلاد روسيا، السابقة، وشمالي البحر الأسود والقوقاز، وسكانها من أصل تركي، اشتهروا بالبداوة والفروسية، وتعتبر بلادهم مرکزة مهمة لتجارة الرقيق الأبيض من الترك. راجع القلقشندي، أبو العباس احمد:الأعشى في صناعة الإنشا، ج4، ص458.
(*28) العبادي، ص 74 .
(*29) الأتابك : كلمة تركية مؤلفة من كلمتين أتا بمعنى الأب وبك بمعنى الأمير، ومعناها مربي الأمير . وكان السلاطين السلاجقة يعهدون بتربية أبنائهم إلى المقربين منهم من المماليك الأتراك الذين ترعرعوا في كنفهم. وإذا عين السلطان أحد أبنائه على مدينة من المدن أو ولاية من الولايات،
أرسل معه هذا التركي المربي ليعاونه في شؤون الحكم، ويسدي إليه النصح، ثم جاء الوقت الذي سيطر فيه الأتابك على الأمير السلجوقي وتحكم في ولايته .
(*30) أبو شامة : كتاب الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية، ج1، ص24 - 27
(*31) ابن تغري بردي: ج 6، ص3 - 4 .
(*32) أبو شامة : ج1، ص 155 . 
(*33) تكررت محاولات الصليبيين، بقيادة عموري الأول ملك بيت المقدس، للاستيلاء على مصر : ثلاث مرات: (559 ھ/ 1164م)، (563/ 1168م)؛ (564 ھ/ 1169م)،
(*34) ابن الأثير: ج9 ، ص 102 .
(*35) المماليك الصلاحية نسبة إلى اسمه، والمماليك الناصرية نسبة إلى اللقب الذي منحه إياه الخليفة الفاطمي العاضد حين تولى الوزارة. راجع أبو شامة : ج2، ص229
(*36) ابن واصل : مفرج الكروب في أخبار بني أيوب، ج1, ص200.
(*37) المصدر نفسه: ج 2، ص 7، 18.
(*38) المماليك العادلية نسبة إلى الملك العادل، شقيق صلاح الدين .
(*39) كان صلاح الدين قد قسم المناطق التي يسيطر عليها على الشكل التالي: يتولى ابنه العزيز عثمان حكم مصر، وابنه الأفضل نور الدين حكم دمشق، وابنه الظاهر غازي حكم حلب. أما بقية الأمراء فقد حصلوا على إقطاعات صغيرة كانت تابعة لسلطة هؤلاء الأبناء. فتولى أخو صلاح الدين الأصغر، العادل سیف الدین، حکم الشوبك والكرك والبلقاء وبعض جهات مصر، وحكم أخوه الثاني طغتكين بلاد اليمن. أما أبناء إخوة صلاح الدين، فقد حكم المظفر تقي الدين عمر . حماة ، ثم تولاها بعد وفاته في عام (۵۸۷ه/ ۹۹۱م) ابنه المنصور تقي الدين، وتولى الأمجد بن تورانشاه حكم بعلبك؛ وتولى ابن مجاهد بن ناصر الدين شير كوه حكم  حمص .
(*40) المقريزي : السلوك، ج 1، ص146 - 147، أبو شامة : ج2، ص235.المماليك٢

من حقائق التاريخ  العصر  المملوكي Img?id=95310
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69984
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

من حقائق التاريخ  العصر  المملوكي Empty
مُساهمةموضوع: رد: من حقائق التاريخ العصر المملوكي   من حقائق التاريخ  العصر  المملوكي Emptyالأربعاء 27 يوليو 2022, 9:20 am

🔹️ملخص الفقرة السابقة :
بدأ ظهور المماليك و عرفوا بهذا المصطلح في العصر العباسي و كان استخدامهم من قبل الخلفاء في الجيش لمقاومة النفوذ الفارسي و النفوذ العربي ..

و قد تمكنوا بصورة ملحوظة في عهد الخلفاء المأمون (198 - 218 ه/ 813 - 833 م)، ثم المعتصم (218 -227 ه/ 833 - 842 م)  إلى أن اغتالوا المتوكل (232 -247 ھ/847 -861 م) و سيطروا كلية على دولة الخلافة منذ ذلك الحين إلى أن سيطر البويهيون الشيعة عليها ثم سيطر السلاجقة و قد أعادوا استخدام المماليك التركمان بشكل أوسع وكانوا يجلبون صغار السن من بلاد القبجاق أيضا .

وكانت بلاد ما وراء النهر مصدرا هاما للمماليك الترك في العالم الإسلامي حتى آخر العهد الفاطمي..

سار الطولنيون على نهج العباسيين و من بعدهم الإخشيد ؛ و لما استولى الفاطميون على مصر و باقي دولة الإخشيد خارجها ؛ ساروا أيضا على نفس المنوال في استقدام المماليك و تقوية جيوشهم بها إلا أنهم نوعوا من أجناسهم فاستجلبوا من السودان و جنوب شرق أوربا .

قامت الدولة الأيوبية في مصر في عام (567 ھ/ 1171م) على أنقاض الدولة الفاطمية لتفتح صفحة جديدة في تاريخ الشرق الأدنى والمماليك معا .

وعندما قرر نور الدين محمود بن زنكي أن يرسل حملة إلى مصر، في عام (559 ھ/ 1164م) ، للحؤول دون احتلالها من قبل مملكة بيت المقدس الصليبية اختار القائد الأيوبي أسد الدین شیرکوه لقيادتها، وقد اصطحب معه ابن أخيه صلاح الدين .

والواقع أن الجيش الذي قاده أسد الدين إلى مصر، تألف في غالبيته من المماليك والأمراء النورية بالإضافة إلى فرقة من المماليك الأسدية (المماليك الأسدية نسبة إلى أسد الدین شیرکوه )..

و بعد اسقاطه الدولة الفاطمية نجح صلاح الدين، بعد خمسة عشر عاما من العمل المتواصل، أن يوحد المسلمين، ويجمع شمل الأجزاء المتفرقة، ويكون جبهة إسلامية متحدة، أتاحت له أن يصطدم بالصليبيين ويتغلب عليهم، ويسترجع منهم بيت المقدس وبعض.المدن الساحلية .

ووقد اشتركت فئات المماليك الأسدية والصلاحية والعادلية  في مختلف المعارك التي خاضها ضد الأمراء المسلمين بهدف تحقيق الوحدة الإسلامية وضد الصليبيين بهدف طردهم من المناطق الإسلامية  ..
(المماليك الأسدية و الصلاحية نسبة إلى كل من أسد الدين شيركوه العم وصلاح الدين ابن أخيه .)

والواقع أن المماليك بلغوا في هذه المرحلة مبلغا من القوة، 
وازداد عددهم في مصر وبلاد الشام بعد وفاة صلاح الدين في عام (589ه/ 1193م) بشكل ملفت، وبرزوا على أثر اشتداد التنافس والصراع بين ورثته من أبنائه وإخوته وأبناء إخوته الذين اقتسموا فيما بينهم الإرث الأيوبي . (*1)
--------------‐-----------------------------------------------------
في أواخر أيام صلاح الدين ، جعل  گل اعتماده على أخيه "الملك العادل سيف الدين"  في تدبير شئون مصر عند خروجه من القاهرة بجيشه سنة (578 ه/  1183م)، وهي السنة التي لم يعد صلاح الدين بعدها إلى مصر . 

ثم حدث أن ولي العادل أمر حلب سنة (579ه / 1184م ) وعهد صلاح الدين بأمر مصر إلي تقي الدين عمر ابن أخيه ..

غير ان العادل ما لبث ان عاد الى مصر صحبة العزيز عثمان بن صلاح الدين سنة ( 584 ه/ 1189م ) بعد أن تبين فشل تقي الدين عمر في تدبير أحوالها . 

وأعاد صلاح الدین أولاده ليتولوا الحكم بعده ، فتولی أکبرهم وهو الملك الأفضل حكم دمشق ، وحكم العزیز مصر ، و بقيت حلب نصيب ابنه الظاهر غازی 

وتولى أبناء عمومتهم حكم حماه وحمص وبعلبك ، وولي اليمن عم لهم هو طغتكين بن أیوب ؛ أما الجزيرة وديار بكر فظلت  على حالها إقطاعا للعادل أخو صلاح الدين . (*2)

{ كان صلاح الدين قد قسم المناطق التي يسيطر عليها على الشكل التالي:
▪︎ يتولى ابنه العزيز عثمان حكم مصر، ▪︎وابنه الأفضل نور الدين حكم دمشق، ▪︎وابنه الظاهر غازي حكم حلب،..

أما بقية الأمراء فقد حصلوا على إقطاعات صغيرة كانت تابعة لسلطة هؤلاء الأبناء, 

▪︎فتولى أخو صلاح الدين الأصغر، "الملك العادل سيف الدين"، حكم الشوبك والكرك والبلغاء وبعض جهات مصر، ▪︎وحكم أخوه الثاني طغتكين بلاد اليمن. 

أما أبناء إخوة صلاح الدين، فقد تولى : 
▪︎ المظفر تقي الدين عمر  حكم حماة ثم تولاها بعد وفاته في عام (587 ه/ 1191م) إبنه المنصور تقي الدين، 
▪︎وتولى الأمجد بن تورانشاه حكم بعلبك ؛ 
▪︎وتولى مجاهد بن ناصر الدين شيركوه حكم حمص  } (*3)

                       -----‐-----------------------
ومن الواضح أن مصر غدت أعظم الدول أهمية حتى أن نقود دمشق بعد وفاة صلاح الدين ضربت باسم العزیز صاحب مصر ، سنة( 591 ه/ 1193م)، مع العلم بأن دمشق لم تكن تحت حكمه  .

ثم لم تمض سنة واحدة على وفاة صلاح الدين حتى دب الشقاق بين اولاده وسائر أفراد أسرته فحاصر العزیز دمشق ، وتدخل العادل والظاهر صاحب حلب في وقف النزاع بين الأخوين ، غير أن الحرب.قامت بينهما من جديد ، وطارد الأفضل أخاه العزيز داخل الأراضي المصرية حتى بلبيس . 

واتنهز العادل -أخو صلاح الدين- الفرصة للعمل على توحيد كل أقاليم الدولة الأيوبية تحت زعامته لمصلحته ، بعد أن فشلت مساعيه في التوفيق بين أولاد أخيه فضلا عن أهمية مصر في مناوأة الصليبين .

وأدرك العادل الفرق الكبير بين كل من الأفضل والعزيز، اذ أغرق الأول في شرب الخمر والميل إلى اللهو والإنغماس في المباذل والحرص على امتلاك مصر، على حين إشتهر الثاني بالسجايا العملية كالمروءة والسخاء مما يسر للعادل ان يتخذ منه أداة لتحقيق أغراضه ، فزين أولا للعزیز اتنزاع دمشق من يد الأفضل ، حتى إذا تم له ذلك حكمها نيابة عنه سنة (593 ه/ 1196م) .....

ولما  قوي مركزه بعد أن اصبح واليا على الشام ، سار العادل قاصدا جهات الجزيرة(الفراتية) حيث إقطاعه القديم لتوطيد
سلطانه وحماية الجزيرة مما عساه يقوم به خصمه القديم أتابك ارسلان شاه صاحب الموصل ، فأعاد الى ربوعها الأمن والسلام 

وظلت هذه الجهات بيد أبناء العادل إلى أن أغار عليها المغول .

على أن العادل رجع مسرعا الى مصر بسبب :
▪︎ وفاة الملك العزيز بن صلاح الدين سنة (595ه/ 1198م) ▪︎قدوم أخيه الأفضل إلى القاهرة وصيا على ابن العزيز ، ▪︎واستغلال الأفضل الفرصة لإعادة سلطانه في دمشق ، حيث خرج من القاهرة للاستيلاء عليها وتقدم الظاهر صاحب حلب لمساعدته في ذلك ،..

ولكن العادل استطاع أن يسبقهما في الوصول إلى دمشق ، فرجع الأفضل الى القاهرة خائبا ، واعقب ذلك اضطرار الأفضل كذلك الى مغادرة مصر نهائيا (595 ه/ 1198م) ، فغدا العادل سيدا على إمبراطورية صلاح الدين جميعها سنة (596 ه/ 1199م) ...

وذلك فيما عدا بلاد الغرب وأعالي الشام حيث حکمت فروع من البيت الايوبي في حلب وحمص وحماه ، واحتفظت هذه الدويلات الشامية باستقلالها مقابل الاعتراف بزعامة العادل ، والتعهد بتقديم المعونة الحربية اليه كلما طلب ذلك .  

ثم خلع العادل المنصور بن العزيز من حكم مصر، واقام نفسه سلطانا، وجعل أبناءه نوابا عنه في حكم الجهات الخاضعة له، فتولى العامل إدارة مصر، وحكم المستلم دمشق ، أما
الأوحد والفائز والأشرف والحافظ فباشروا أمور الجهات الواقعة على دجلة والفرات ، وهي التي تسميها المراجع البلاد الفراتية والمشرق  ۰

على أن دولة العادل لم تسلم من تهديد الصليين ، فضلا عما أصاب مصر من انخفاض النيل سنة (595 ه/ 1198م) وما نجم عنه من الأوبئة والمجاعات وهجرة السكان .

غير ان العادل إستفاد من اختلاف الصليبين على أنفسهم فعقد مع أملريك ملك بيت القدس سنة (601 ه/1204م) هدنة مقابل التنازل عن يافا والرملة وصيدا، كما عقد هدنة مع امير طرابلس سنة (604  ه/ 1207م) .

غير أنه لم يمض زمن طويل حتى أعد جان دي بربين ملك بيت المقدس حملة صليبية وجهها الى مصر سنة (615 ه/
1218م) بعد أن غدت مصر مركزا للمقاومة الاسلامية مرة أخرى ؛ فاستولت الحملة على دمیاط ، ومات العادل في هذه السنة ، وترك لابنه السلطان الكامل معالجة الموقف . 

وما زال الكامل يجاهدهم حتى حمل الصليبيين على طلب الصلح وجلوا عن دمياط سنة (618 ه/ 1221م)  وعقد معهم هدنة لمدة ثماني سنوات  •

وفي أثناء وجود الصليبيين بالأراضي المصرية ضاق الكامل
بمؤامرات البيت الايوبي ضده ، فعمل على تأمين مصر وحماية ممتلكاته بالشام ، بان عقد مع الامبراطور فردريك الثاني معاهدة سنة (626 ه/1228 م) كفلت له تحقيق غرضه  . 

وإمعانا في تحقيق هذه السياسة استولى الكامل على آمد من يد الأرتقیین  سنة  (629 ه/1231م)، بعدان ظلت في أيديهم نحو 130 سنة ، وحارب کیقباد سلطان سلاجقة الروم في آسيا الصغرى ، ونزع الرها من يده  .

وعمل الكامل على تقوية أسرته بان زوج أميري حلب وحماه من إبنتيه ، ومع هذا لم يسلم الكامل من حقد اقاربه بسبب ما قام به من أعمال في سبيل الإبقاء على الإمبراطورية الأيوبية ..

فقداضطر إلى ضم دمشق الى ممتلكاته سنة (635 ه/1237م) بعد وفاة اخيه  الاشرف ، على حين أخذ اخوه الصالح اسماعیل بعلبك ومدنا اخرى .

ومات الكامل بدمشق نفس السنة (635 ه) بعد ان حكم مصر اربعين عاما منها عشرون نائبا عن ابيه العادل وعشرون سلطانا .

ولم يمكث العادل الصغير بعد ابيه الكامل في السلطنة سوى
عامين كلها مجون ولهو ، فخلعه الجند وتولى السلطنة اخوه الملك الصالح أيوب سنة (638 ه/1240م ) 

و الصالح أيوب هو الذي استدعی الخوارزمية الفارين من وجه جنكيز خان فاستولى بمساعدتهم على بيت المقدس سنة (641 ه / 1244م)

كما استولى الصالح أيوب على دمشق سنة  (643 ه/1245م) وعسقلان سنة (645 ه/ 1247م) من عمه الصالح اسماعیل صديق الصليبيين ، وبذا بلغت دولة الصالح ایوب ما كانت عليه من قوة وسلطان في عهد أبيه وجده .

ثم نزل لويس التاسع ملك فرنسا بجيوشه على دمیاط سنة 648 ه/1249) في حملة صليبية ضخمة  ؛ ومات الصالح في الوقت الذي زحف فيه الفرنسيون من دمياط نحو الجنوب سنة (648 /1250م)،

 وقد قامت زوجته شجر الدر بتسيير دفة الحرب وشئون البلاد حتى قدم ابنه توران شاه من حصن کیفا بدیار بکر سنة (648 ھ/1250م) فأجلاهم عن البلاد بمساعدة المماليك  . (*4)
-------------------------------------------------------------------
🔹️ دور المماليك في هذا الصراع

في ظل هذه النزاعات، والفوضى التي عمت العلاقات بين مختلف المناطق الإسلامية كان لا بد لكل أمير من أن ينشئ لنفسه قوة خاصة يعتمد عليها في الاحتفاظ بإمارته ، أو لتحقيق طموحاته ومطامعه، على حساب الأمراء الآخرين .

ولم تكن هذه القوة سوى المماليك، فأكثر هؤلاء الأمراء من شرائهم وأنشؤوهم تنشئة عسكرية خاصة، ليكونوا سندا لهم .
وهكذا شهدت فترة السنوات الأخيرة من القرن الثاني عشر الميلادي ، والسنوات الأولى من القرن الثالث عشر الميلادي ازدياد نفوذ المماليك في مختلف الإمارات الإسلامية في الشرق الأدنى، ومنها مصر، وسرعان ما أضحى لهم من
النفوذ ما كان له تأثير قوي في مجرى الأحداث التي تعرضت لها المنطقة ...

إذ لم تمض سنوات ذات عدد حتى دب الخلاف بين أبناء صلاح الدين، فاستغل عمهم العادل هذه الفرصة ليعيد توحيد الدولة الأيوبية . 

وعندما حاول ضم مصر إلى أملاکه خشي المماليك الأسدية والصالحية من سطوته، فتدخلوا حتى يحولوا بينه وبين ما يبتغي ، فناصروا العزيز ابن صلاح الدين، ملك مصر كما 
ساندوا ابنه المنصور الذي خلفه في عام (595 ه/ 1198م) وكان صغيرا، ثم استدعوا الملك الأفضل من حوران و سلموه مقاليد الأمور .

لكن العادل استغل ما بين الطائفتين المملوكيتين من تنافس، واستطاع بالدهاء أن يستميل الأسدية إلى جانبه، باستثناء الأمير بهاء الدين قراقوش الأسدي الذي ظل مخلصا لملك مصر العزيز و ابنه ".

وظل الخلاف بينهما مستمرا، باستمرار النزاع بين الملوك الأيوبيين، حتى انتصر الملك العادل في عام (597 ه/1200م) وأصبح سلطانا على مصر فضلا عن احتفاظه بإمارة دمشق وأملاكه بأعمال الجزيرة .

وهكذا أعاد العادل توحيد مصر والشام، وأضحى جميع الأمراء الأيوبيين خاضعين لسلطانه. وانتصرت طائفة المماليك الأسدية ، أما طائفة المماليك الصلاحية فقد أصابها الضعف، خاصة بعد وفاة بعض زعمائها الأقوياء .

كان من الطبيعي أن تزداد أعداد المماليك طيلة فترة الصراع على السلطة بين أبناء صلاح الدين وعمهم العادل ، وأن يستمر الملوك الأيوبيون في شرائهم من بلاد ما وراء النهر وبلاد القبجاق، لتنمية قوتهم ، وانتسبت كل طائفة منهم إلى
الملك الذي اشتراها ..

ومع تنامي قوتهم أخذوا يتدخلون في خلع الملوك الأيوبيين وفي تنصيبهم، فعندما توفي الملك العادل في عام (615 ه/ 1218م)، كرهت العادلية تولية إبنه الكامل، وأرادت تنصيب أخيه المعلم عيسي، لكن الكامل تمكن من السيطرة على الحكم، فطاردهم و قبض كثيرا منهم، وصادر أموالهم.

وبعد وفاة الملك الكامل في عام (635 ه 1238م)، عارض المماليك الكاملية ما جرى من تنصيب إبنه الأصغر العادل الثاني، فتحالفوا مع المماليك الأشرفية بزعامة عز الدين أبيك، وتآمروا على خلع العادل الثاني في عام (637 ه/ 1240م )، وهزموا من ناصره من الأكراد .

ويبدو أن الخلاف قد دب بين الطائفتين بشأن تعيين خلف للملك المخلوع فمال الأشرفية إلى تعيين السلطان إسماعيل، ابن العادل الأول، صاحب دمشق، وعم الصالح أيوب، في حين مال الكاملية، وكانوا أقوى  ، إلى تنصيب الصالح أيوب الذي كان يحكم الجزيرة الفراتية .

وفعلا فرض هؤلاء رأيهم بشأن هذه القضية، واستدعي الصالح أيوب من حصن کیفا لتولي السلطة في مصر، فدخلها في عام (638 ه/ 1240م) .

والواقع أن الصالح أيوب، الذي اشتهر بالحنكة السياسية، لم يكن بعيدا عن.هذه المؤامرات التي حيكت بعلمه وتحت إشرافه ، لكن تأثير العنصر المملوكي التركي في التحكم بأمور السياسة في مصر، قد بدا واضحا.

ومهما يكن من أمر، فقد أضحى المماليك من القوة في الدولة الأيوبية ما جعلهم يعزلون سلطانا ویولون آخر، غير أن أهم من هذا كله ،هو أن العنصر المملوكي قام لأول مرة في تاريخ مصر، بدور سياسي ضاغط، وأضحى المماليك الأداة الطيعة للملوك الأيوبيين للاحتفاظ بسلطانهم وتفوقهم، مما أدى إلى تضخم نفوذهم السياسي، وازدادوا شعورا بأهميتهم.

وأضحى السلطان الصالح نجم الدين أيوب (638 - 647 ه/ 1240 ۔ 1249م)، بفضل المماليك، حاكما على مصر، وقد ساندوه في توطيد سلطانه ، فأدرك عندئذ مدى أهميتهم للاستمرار في الحكم مما دفعه إلى الإكثار من شرائهم إلى درجة لم يبلغها غيره من أهل بيته، حتى أضحى معظم جيشه منهم. 

و قد اعتنى الصالح أيوب بتربيتهم تربية خاصة ثم جعلهم بطانته وحرسه الخاص. ومع مرور الوقت أخذ نفوذهم يتضخم بشكل ملفت .

ويبدو أن الصالح أيوب كان مدفوعا بعدة عوامل سیاسية، حين أقدم على هذه الخطوة لعل أهمها :

1▪︎ظل عنصر الأكراد الأحرار عماد الدولة الأيوبية منذ نشأتها .

۲▪︎ خشيته من انقلاب الكاملية والأشرفية عليه إذا رجحت كفة أعدائه ، وهم الذين انقلبوا من قبل على أخيه العادل الثاني .

٣▪︎خشيته من اتفاق الملوك الأيوبيين، بزعامة عمه إسماعيل، ضده واجتياحهم لمصر .

٤▪︎إحاطة نفسه بطائفة من المماليك الأتراك الموالين له.
استغل المماليك الصالحية سطوتهم في مضايقة الناس والعبث بممتلكاتهم وأرزاقهم، حتى ضج الشعب من عبثهم واعتداءاتهم فرأى الصالح أيوب أن يبعدهم عن العاصمة، خاصة وأنه خشي الإقامة في القاهرة حتى لا يصبح تحت سيطرة المماليك الأتراك الذين انقلبوا على أخيه العادل الثاني. 

فاختار جزيرة الروضة في نهر النيل لتكون مقرا له، فشيد فيها قصرا أحاطه بسور ثم سكن فيه مع حريمه في عام (638 ه/ 1241م)، كما بنى قلعة خاصة لمماليكه في العام التالي وأسكنهم بها، ومن أجل ذلك عرف هؤلاء المماليك الجدد باسم المماليك البحرية الصالحية » 

👌 و هؤلاء سيشكلون، فيما بعد، الدولة المملوكية الأولى .

هذا وقد تعددت التفسيرات لإسم المماليك البحرية الذي ألصق بمماليك الصالح أيوب وبدولة المماليك الأولى.

فقد تحدث المؤرخون الإسلاميون المتأخرون، مثل
المقريزي وابن تغري بردي، بأن هذه الطائفة سميت بالبحرية نسبة إلى بحر النيل الذي أحاط بثكناتهم في جزيرة الروضة .

في حين لم يشر المؤرخون المعاصرون للصالح أيوب، مثل ابن واصل وأبي شامة ، إلى بحر النيل كأصل الكلمة بحرية .
وهناك رأي آخر ذهب مفسروه بعيدا حين نسبوا هذه التسمية إلى الطريق البحري الذي سلكه المماليك من أسواق النخاسة في بلادهم بالقوفاز وآسيا الصغرى وشواطئ البحر الأسود، إلى مصر حتى الإسكندرية ودمياط .

إن لفظة «المماليك البحرية» لم ترد لأول مرة في التاريخ الإسلامي والمصادر الإسلامية في عهد الصالح أيوب. فقد كان للفاطميين من قبل طائفة من الجند تعرف ب «الغز البحرية»، كذلك كان للسلطان العادل الأول فرقة خاصة من المماليك
أسماها «البحرية العادلية» كما كان لسلطان اليمن نور الدين عمر، الذي كان.معاصرا للصالح أيوب، مماليكه البحرية، وهذا يدل على أن الصالح أيوب لم يكن أول من أطلق هذه الصفة  .

👌 ومهما يكن من أمر، فسرعان ما أثبت هؤلاء المماليك كفاءتهم العسكرية ، وتجلت مقدرتهم القتالية آنذاك في التصدي لخطر الصليبيين الذي تمثل بحملة.لويس التاسع ملك فرنسا ضد دمياط ....(*5)

 فكيف تعامل المماليك مع الصليبيين الفرنسيين؟ هذا ما سنعرفه في الفقرة القادمة بإذن الله فإلى لقاء .  

الهامش لم يكتمل بعد نرجو من الناسخين اللاصقين عدم النسخ و تعريض صفحاتهم للسخرية أو البلاغات من طرفنا
#جواهر_الأدب_والتاريخ
--------------‐-----------------------------------------------------
(*1) انظر الفقرة السابقة أو  د. محمد سهيل طقوش : تاريخ المماليك في مصر وبلاد الشام ط 1 دار النفائس 1997م ص 15-23
-------
(*2) المماليك د. السيد الباز العريني .. استاذ تاريخ العصور الوسطى جامعة القاهرة وبيروت /ط دار النهضةبيروت ١٩٦٧/ ص 34- 35
(*3) محمد سهيل طقوش السابق هامش ص24
(*4) المماليك د. السيد الباز العريني ص 35-39
(*5) د.محمد سهيل المرجع السابق ص24-27

من حقائق التاريخ  العصر  المملوكي Img?id=95311
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69984
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

من حقائق التاريخ  العصر  المملوكي Empty
مُساهمةموضوع: رد: من حقائق التاريخ العصر المملوكي   من حقائق التاريخ  العصر  المملوكي Emptyالأربعاء 27 يوليو 2022, 9:22 am

توقفنا في الفقرة السابقة عند الملك الصالح أيوب ؛ وتعرفنا على دور المماليك في الدولة الأيوبية سواء في صراعاتها الدخلية أو صراعاتها مع الصليبيين و القوى المجاورة ..

وكنا تكلمنا عن المصادر والوسائل التي كانت تمد السلاطين والأمراء بهذه الأعداد الكبيرة من الغلمان المماليك؛ فماذا كان أكبر سبب أدى لزيادة تلك الموارد و سهل الحصول عليهم؟ 

وتطرقنا إلى مصطلح مر سريعا لم نوضحه هو الجند الخوارزمية فماذا كانت قصتهم ؟ 

وتوقفنا أيضا عند مقدم الحملة الصليبية السابعة إلى دمياط بقيادة ملك فرنسا لويس التاسع في أواخر عهد الصالح أيوب ؛
فماذا كانت أسباب تلك الحملة ؟ وماذا كان دور المماليك في دحرها ؟ وماعلاقتهم بشجر الدر و توران شاه ؛ وكيف انتهى عصر الدولة الأيوبية ذلك الوقت في مصر؟ 

👌هذا ما سنعرفه في هذه الفقرة المهمة فإلى التفاصيل ... 
--------------‐-----------------------------------------------------
🔹️  قصة الجند الخوارزمية 

 في نهاية القرن السادس الهجري التي تزامنت مع بداية القرن الثالث عشر الميلادي ؛ نشطت حركة المغول بزعامة جنكيز خان وبدأ زحفهم نحو الاراضي الاسلامية سنة (599 ه/1202م)  ، فاستولوا على بخاري وسمرقند وقتلوا اهلهما وسبوهم وحاصروا خوارزم شاه ، فانضم اليهم الخطائيون من جنده وصاروا تبعا لهم (*1)  

واخلي خوارزم شاه البلاد قبل مقدمهم فلم يجدوا أحدا يردهم ، ووصلوا سنة (615 ه /1217م) الى الري وقزوین و همدان وقتلوا أهلها واحرقوا مساجدها ، وفعلوا بأذربيجان ما فعلوه بغيرها من المدن (*2) . 

وحاول خوارزم شاه الاستنجاد وقتذاك بالسلطان العادل أیوب وهو مرابط بمرج الصفر ، فبعث العادل بالجواب متأخرا بعد أن اندفع خوارزم شاه بين يدي الخطا والتتار شریدا مخذولا من عسكره الخوارزمية (*3) .

وانبسطت يد جنكيز خان واشتد ساعده وخلت البلاد من المقاومة فبعث سنة (618 ھ / 1220م) بأولاده واحفاده الى الآفاق ، فتوجه باطو بن دوش بن جنكيز خان الى البلاد الشمالية ، وبلغت جموعه الدربند على بحر الخزر ( قزوین ) ، وحدثت بينهم وبين القبجاق والروس وقعة كبيرة سنة (620/ 1222م)، انتهت بهزيمة القبجاق والروس و تشريدهم في الافاق على غير هدى (*4) ، 

واستولی باطو على ما بتلك الجهات من طوائف الترك وقبائل القبجاق والعلان واللان والادلاق والجرکس والروس وتمكنوا منهم قتلا وسبيا ونهبا ، وجلبت سبايا هذه الاجناس إلى البلاد الشامية والمصرية ، فمنهم المماليك العادلية والكاملية والأشرفية والمعظمية والناصرية والعزيزية ، وحسنت آثارهم في الممالك الاسلامية (*5) 

ثم رجعت جموع التتار جنوبا حتى هبطت على الري فوضعوا السيف في أهلها ، وأنزلوا بها الدمار والخراب، وفعلوا مثل ذلك  بمدن قم وقاشان وهمدان ، وكلها تابعة للدولة الخوارزمية .

ثم تعقبوا الجيوش الخوارزمية إلى أذربيجان فكسروهم وقتلوا منهم خلقا كثيرا ، وأعقب ذلك هزيمة سلطانهم جلال الدین خوارزم شاه في أصفهان سنة( 623 ه/ 1226م)(*6) ، 

وغلب على حروب جنگیزخان الاكتساح والتخريب والتدمير کي تصبح البلاد المفتوحة مراعي كافية للجموع المغولية (*7) 

ولم تغير وفاة جنكيز خان سنة(624 ه/ 1227م) شيئا في الحركة الذاتية الدافعة للمغول ، إذ أسهم أولاده واحفاده أثناء حياته في مواصلة هذه الحركة 

قسم جنكيز خان بين أبنائه الممالك فجعل لأكبر أولاده دوش خان مملكة تمتد من اطراف خوارزم إلى أقصى بلاد ساقسين وبلغار المتاخمة لاطراف الامبراطورية البيزنطية ، ويقع في سلطانها الترك والقبجاق وطوائف من الجركس والروس والاص ، وبينها وبين أذربيجان باب الحديد والدربند ، وعاصمتها صراى على نهر الفولجا (*Cool

 وهذه هي المملكة التي صارت معروفة فيما بعد باسم القبيلة.الذهبية نسبة الى اللون الغالب على خيام معسكراتهم (*9) 

 أما جغتاي ابن جنكيز خان فحكم بلاد أویغور وما وراء النهر من سمرقند و بخاری وعاصمتها قراقورم . وشملت مملكة تولي خراسان و ولايات المجم والعراق وهي التي اضيفت اليها فيما بعد اذربيجان والروم والجزيرة وعاصمتها تبریز (*10) ، وصارت معروفة بالايلخانية الفارسية (*11) .

وصفوة القول أن التتار استمروا في زحفهم في الأراضي الإسلامية.بعد وفاة جنكيز خان ، فأوغل باطو بن دوش خان في أذربيجان حتى أزال الدولة الخوارزمية ، وغدا جلال الدین خوارزم شاه شریدا في البلاد حتى وقع في أيدي المغول فقتلوه سنة (628 ه/1230م) في قرية من اعمال
میافارقين (*12) 

 فتفرق جنده من الخوارزمية وساءت أحوالهم ، وقصد فريق منهم بلاد سلاجقة الروم فاستخدمهم السلطان علاء الدین کیقباد السلجوقي إلى أن مات سنة (634 ه/ 1236م) (*13) 

ولم يعرف الناس ما سوف يحدث بعد ذلك فدخل جماعة مثلا على الملك الأشرف موسی صاحب دمشق فهنأوه بموت
عدوه خوارزم شاه فقال : "والله لتكونن هذه الكسرة سببا لدخول التتار الى بلاد الاسلام " ؛ أي أن إنهيار المقاومة الخوارزمية العنيدة ماهي إلا إیذان بقرب الخطر المغولي على جوف البلاد الاسلامية (*14) .

 وقد استولی باطو بن دوش خان على بلاد العجم كلها سنة (629 ه/1231م) ، وباتت دويلات الأيوبيين في الجزيرة وحران قاب قوسين من الخطر المغولي ، فخرج الكامل سلطان مصر من دمشق إلى ديار بكر بعد أن اجتمع باخیه الأشرف واتفق معه على دفع التتار (*15) 

 وفي سنة (633 ه/1235م) جاء الخبر إلى الكامل بأن فرقة من التتار قطعت دجلة في مائة كتيبة کل كتيبة خمسمائة فارس ، ووصلت الى سنجار فخرج إليها إبن مهاجر أمیر سنجار فقتلوه (*16) ، 

واستنجد بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل بالكامل ، فاوقف الحرب مع السلاجقة الروم ،وعاد إلى دمشق وأرسل إبنه الصالح ایوب لدفع التيار المغولي الداهم ، فسار بجماعته وأهله وأولاده بعد أن عينه أبوه واليا على بلاد الشرق ، وجعله ولي عهده في سلطنته ..

 فتسلم الصالح سنة (634 ه/ 1236م) حصن کیفا ودخل في حكمه حران والرها و سروج والرقة ورأس العين وآمد .

 واستخدم  الجند الخوارزمية في هذه السنة وعددهم
إثنا عشر ألف مارس بعد أن ساءت معاملة السلطان غیاث الدین کیخسرو السلجوقي لهم ، وهربوا من بلاده ونهبوا ما قدروا عليه وعبروا الفرات ، وكتب الصالح الى والده الملك الكامل يستأذنه في استخدامهم عنده ، فإذن له في ذلك ، وتقوى بهم ، وأقطعهم مواضع بالبلاد الجزرية (الفراتية) (*17) 

 غير أن الجند الخوارزمية طمعوا في الصالح ومالوا إلى
نهب البلاد التي صارت إقطاعا لهم ، وخرجوا على طاعته وهموا بالقبض عليه فهرب إلى سنجار ، ولم يكتفوا بذلك بل هاجموا بدر الدين بن لؤلؤ صاحب الموصل، ولم ينجه من الوقوع في أيديهم إلا الهرب من وجههم (*18).

على أن الصالح أیوب إستطاع استمالتهم فيما بعد ، وأقطعهم سنجار وحران والرها فقاموا في خدمة إبنه الملك المغيث ، وساروا معه إلى سنجار واستخلصوها من جند لؤلؤ صاحب الموصل ، کما زحفوا الى آمد فطردوا السلاجقة عنها (*19) ۰ 

ثم أصهر الصالح إليهم فزوج مقدمهم حسام الدين بركة خان من أخت الصالح من أمه (*20) ،

لكن الخوارزمية عادوا إلى نهب البلاد شمال الشام ، وأخذوا يعلنون لأهل حلب وحمص ودمشق أنهم يفعلون ما يفعلون لخدمة صاحب مصر ، وذلك لأن ملوك هذه البلاد اعداء له . 

ومع أن صاحب حمص إستطاع هزيمتهم ومطاردتهم لم يكف الخوارزمية عن النهب والسلب حتى هجموا سنة(642 ه/ 1244 م) على مدينة بيت المقدس واخذوها من الصليين وواصلوا سيرهم نحو غزة في طريقهم إلى مصر ..

 و في غزة ارسل الخوارزمية إلى السلطان يطلبون اليه الاذن في دخول الأراضي المصرية ، فامرهم بالاقامة في غزة ووعدهم بلاد الشام فضلا عما بيدهم من البلاد الفراتية، وأرسل إليهم الخلع والخيل والأموال في سبيل إيقافهم خارج أطراف مصر (*21) 

 ثم جهز السلطان الصالح ایوب عسکرا بقيادة بيبرس لمحاربتهم وهو أحد ممالیکه الأخصاء ، فانحاز اليهم عند غزة .

 ولم يجد السلطان بدا من التحالف مع صاحب حمص سنة (644 ه/ 1246م) . واستطاع أن يهزم الخوارزمية ويقتل مقدمهم ، فانحاز بعضهم الى التتار ، ووقع مملوکه القديم بيبرس في يده فأمر بحبسه (*22) 

 واثناء هذه الاضطرابات بالممتلكات الأيوبية بالشام نفذ التتار الى بلاد سلاجقة الروم ، فصالحهم الملك غیاث الدین بن علاء الدين بن كیقباد على أن يدفع إليهم جزية وانتهى الأمر بإقامة حامية من التتار في بلاده بعد وفاته سنة (ه 634 ه/ 1237م) (*23) 

ثم مات السلطان الصالح ایوب سنة (647 ه/ 1249م)قبل أن يتمكن من طرد الفرنسيين الذين استولوا على دمیاش، فقام بتدبير الجيش كبار قواده من المماليك بمشورة زوجه شجر الدر ، حتى وصل ابنه توران شاه من حصن کیفا  بديار بكر ؛ واستطاع تحقيق النصر على الصليبيين بمساعدة المماليك ..
--------------‐-----------------------------------------------------
🔹️ دور المماليك البحرية في التصدي للصليبيين 

في عام (647 ه/ 1249م) استهدفت مصر في منتصف القرن الثالث عشر الميلادي لخطر هجوم صليبي كبير بقيادة لويس التاسع ملك فرنسا، الذي اشتهر بالتقوى والورع، ولم تكن هذه
الحملة التي تستحق لقب حملة دينية منذ أيام جودفري (*24)
 أولى المحاولات الصليبية التي هاجمت مصر بهدف السيطرة عليها، إنما وقعت عدة محاولات متوالية لغزوها منذ أواسط القرن الثاني عشر الميلادي ..

والجدير بالذكر أن الشرق الأدنى الإسلامي تعرض ابتداء من أواخر القرن الحادي عشر لخطر هجوم أوروبي غربي واسع عرف بالحروب الصليبية، وقد انتهت بنهاية القرن الثالث عشر، في حين استمرت ذيولها حتى القرن الخامس عشر

هذا ويحدد المؤرخون عدد الحملات الصليبية التي خرجت من الغرب إلى الشرق، في المدة الواقعة بين نهاية القرن الحادي عشر ونهاية القرن الثالث عشر ، بثماني حملات اتجهت أربع منها نحو بلاد الشام وهي الأولى والثانية والثالثة والسادسة، واثنتان ضد مصر هما الخامسة والسابعة، وواحدة ضد القسطنطينية هي الرابعة، وأخرى نزلت في شمالي أفريقيا وهي الثامنة ...

وكانت البواعث الظاهرية لهذا الهجوم الأوروبي الواسع على الشرق الإسلامي، انتزاع الأراضي المقدسة المسيحية من أيدي المسلمين، في حين تعددت البواعث الحقيقية من اقتصادية وسياسية واجتماعية ونفسية وغيرها.

ومنذ أوائل القرن الثالث عشر الميلادي طرأ تطور هام في مسار الحركة الصليبية نتيجة تنامي القوة الإسلامية في مصر بشكل خاص. 

فبعد أن كانت بيت المقدس هي الهدف الأساسي للحملات الصليبية، فقد اتجهت الحملة الصليبية الخامسة (615 ه/ 1218م)، بزعامة حنا دي برين (1210م - 1225م) - صاحب عكا، والملك الإسمي لبيت المقدس - اتجهت إلى مصر، التي تعتبر مفتاح بیت المقدس، بهدف الاستيلاء عليها. 

إذ ظن حنا أن الاستيلاء على مصر يعتبر خطوة تمهيدية
وضرورية لاستعادة بیت المقدس وسائر بلاد الشام ؛ وكان ريتشارد قلب الأسد، أحد قادة الحملة الصليبية الثالثة من سنة (585 ه/ 1189م) إلى سنة (588 ه/1192 م) كان قد أوصى  بمهاجمة مصر، إذ اعتبرها النقطة الضعيفة في العالم الإسلامي وهي مفتاح بلاد الشام .

 كما أن مجمع اللاتران، الذي عقد برئاسة البابا أنوسنت الثالث في عام (612 ه/ 1215م)، أشار إلى ضرورة مهاجمة مصر، لأن الصليبيين إذا تمكنوا من الاستيلاء عليها، فإن المسلمين سوف يفقدون إقليما إستراتيجيا وغنيا، مما سيؤثر سلبا على قدراتهم العسكرية، فلا يستطيعون المحافظة على أسطولهم في شرقي البحر الأبيض المتوسط، ولن يستطيعوا البقاء في بيت المقدس بعد أن تقع قواتهم بين القوات الصليبية في عكا ومصر . 

و قد تقرر  في هذا المجمع أن تكون دمياط هي الهدف الأساسي ؛ وعلى ضوء ذلك يمكن أن نفسر التحول الجديد في مسار الحملات الصليبية واتجاهات الصليبيين وتوجههم نحو مصر منذ أوائل القرن الثالث عشر ..(*25)

لكن الحملة الصليبية الخامسة فشلت في تحقيق غايتها واضطر أفرادها إلى مغادرة مصر في عام (618 ه/ 1212 م).

ولم تمض ثلاثون سنة على انتهاء هذه الحملة، حتى توجهت الحملة الصليبية السابعة(*26) ، بقيادة لويس التاسع ملك فرنسا، إلى مصر بهدف الاستيلاء عليها وتحقيق الحلم الصليبي القديم وهو استعادة بيت المقدس وأراضي بلاد الشام، وتدعيم الكيان الصليبي المتداعي . 

لقد تعددت وتشعبت أسباب هذه الحملة ؛ فمنها أسباب رئيسية تنطوي على الدوافع الحقيقية لقيامها، كما أن هناك عوامل ثانوية ساعدت على التنفيذ (*27) .

ولعل أهم الدوافع الحقيقية التي أثارت شعور الملك الفرنسي بصورة خاصة والغرب الأوروبي بصورة عامة، وحفزت الجميع للثأر ، هي :
▪︎1- تعرض الصليبيين في الشرق إلى مضايقات خلال النصف الأول من القرن الثالث عشر الميلادي ، على يد الخوارزمية بشكل خاص .
▪︎2- ضیاع بیت المقدس منهم، حيث استعادها الملك الصالح أيوب بمساعدة الجند الخوارمية ،الذين نگلوا بسكانها النصارى، ونهبوا دورهم وأموالهم، حتى أضحى وضعهم مقلقا من وجهة النظر الصليبية .

3- لقد أنزل المسلمون ضربات قاسية بباقي الممتلكات الصليبية في بلاد الشام، تمثل بعضها باستعادة الصالح أيوب طبرية وعسقلان في عام (645 ه/1247م) حتى أضحت باقي ممتلكاتهم ومعاقلهم مهددة بالخطر والضياع .

أما فيما يتعلق بالأسباب الثانوية فلعل أهمها:

1- لقد حدث أن مرض لويس التاسع حتى أشرف على الموت. ولما أفاق من شدة المرض نذر إن من الله عليه بالشفاء، أن يحمل الصليب ويذهب لغزو الأراضي المقدسة .

2 - يرى بعض المؤرخين أن الملك الفرنسي حمل الصليب، وتعهد القيام بحرب مقدسة لإنقاذ صليبيي الشرق، إثر رؤيا ظهرت له أثناء مرضه، فحواها أنه رأي فيما يرى النائم شخصين يتقاتلان، أحدهما مسلم والآخر مسيحي، وقد انتصر الأول على الثاني، ففسر هذه الرؤيا بحاجة صليبيي الشرق إلى المساعدة، وأن الله أناط به هذه المهمة .

3- كان للآثار والذخائر الدينية المقدسة التي حصل عليها لويس التاسع من حنا دي برين، الملك الإسمي لبيت المقدس، وبلدوين الثاني، أمبراطور القسطنطينية اللاتيني(فترة الإحتلال النورمندي للقسطنطينية)، أثر غير مباشر دفعه للقيام بحملته على مصر من أجل استعادة بيت المقدس .

4 - نتيجة لوقوع الكوارث بالصليبيين في الشرق، فقد أرسل هؤلاء الرسل إلى الغرب الأوروبي يستنجدون به، وأنذروا الأوروبيين باحتمال ضياع ما تبقى من ممتلكاتهم إذا لم يلبوا نداء الاستغاثة .

5 - ساند البابا أنوسنت الثالث مشروع لويس التاسع، فدعا إلى الاشتراك في الحملة الصليبية السابعة، خشية من أن يطغى نفوذ الملك الفرنسي، الذي اشتهر بالورع والتقوى، و عرف بمواقفه الحازمة حيال الكنيسة ورجال الدين، على نفوذه کرجل دين ورئيس أعلى للكنيسة اللاتينية .

والواقع أن حملة لويس التاسع شكلت تهدیدا فعليا لمصر فاق الأخطار  التي تعرضت لها في الحملات السابقة، ولعل أسباب ذلك تعود إلى :

1- أن الحملة اتسمت بدقة التنظيم ووفرة الإعداد والتجهيز .
2- لقد ترأس الحملة ملك من أعظم ملوك أوروبا آنذاك وأشدهم تدينا وتحمسا للفكرة الصليبية .

3- إن ظروف الشرق الإسلامي، ساعدت على إضفاء الخطورة الشديدة على مصر، نظرا لأوضاعها الداخلية الصعبة، ذلك أن الحملة وصلت إلى هذا البلد في الوقت الذي كان فيه السلطان الصالح نجم الدين أيوب يعاني آلام المرض، فلم يتمكن من قيادة مماليكه، (*28) 

فعهد إلى وزيره فخر الدين يوسف بقيادة الجيش، وطلب إليه الإسراع إلى دمياط، التي كانت هدف الحملة، للتصدي للصليبيين ومنعهم من النزول إلى البر، كما زود المدينة بمقادير وافرة من المؤن (*29) .

وبالرغم من التدابير الدفاعية المتخذة، فقد تمكن الجيش الصليبي من النزول إلى دمياط واستولى عليها في (شهر ربيع الأول عام 647 ه شهر حزيران عام 1248م) ، وانسحب فخر الدين مع جنوده منها (*30) .

ارتاع المسلمون لسقوط دمياط، وحزن الصالح أيوب حزنا شديدة لوقوعها في قبضة الصليبيين، وعنف مماليكه ووبخهم لإهمالهم في الدفاع عنها، وشنق ما يزيد عن خمسين أميرا من رجال بني كنانة الذين تركوا مواقعهم الدفاعية، وهربوا(*31)

ويبدو أن المماليك تخوفوا، عندئذ، من نوايا الصالح أيوب تجاههم، ودخل الشك إلى قلوبهم، ففكروا في التخلص منه، لكن حال بينه وبينهم الوزير فخر الدين الذي أقنعهم بالصبر بفعل اشتداد مرضه بعد أن.بئس الأطباء من شفائه. 

وفعلا لم يلبث الصالح أيوب أن قضى نحبه في (2 شعبان عام 647ه / 23 تشرين الثاني عام 1249م) والحرب لم تضع أوزارها بعد بین المسلمين والصليبيين ..(*32) 

جاءت وفاة الصالح أيوب، في تلك الظروف الحرجة، خسارة كبرى، لعدم وجود من يحل محله بسرعة في حكم البلاد وفي مواجهة الصليبيين. لكن ظهرت فجأة زوجته شجرة الدر، بعد أن قدرت خطورة الموقف. فأخفت موت زوجها خشية تضعضع أوضاع المسلمين، وأرسلت في الوقت نفسه تدعو ابنه الوحيد الباقي على قيد الحياة، المعظم تورانشاه من حصن کیفا، للقدوم إلى مصر على عجل ليتولى الحكم (*33) 

وقامت شجرة الدر بإدارة الشؤون العامة، في هذه الفترة الانتقالية بالاشتراك مع الوزير فخر الدين يوسف ..

وعلى الرغم من كافة الاحتياطات التي اتخذتها لإخفاء وفاة زوجها، فقد علم الصليبيون بخبر وفاته، فانتهزوها فرصة لتوجيه ضربة قاضية للمسلمين قبل أن يفيقوا من أثر الصدمة
ويستكملوا استعداداتهم ؛ فتركوا دمياط وزحفوا نحو المنصورة ، وتمكنوا من دخولها بعد اصطدامات حامية مع الجيش الإسلامي (*34)

 و برز في هذه الحرب المماليك البحرية الذين أخذوا على عاتقهم إنقاذ الموقف، وقد تولى قيادتهم فارس الدين أقطاي الصالحي .

وصل، في هذه الأثناء، المعظم توران شاه إلى مصر، فأعلنت عندئذ وفاة ، الصالح أيوب، وسلمته شجرة الدر مقاليد الأمور، وأعد خطة عسكرية كفلت له النصر النهائي على الصليبيين، واضطر الصليبيون إلى التراجع تحت ضغط معركة فارسكور، فطاردهم المماليك، ووقع لويس التاسع نفسه في الأسر  .(*35)

وعلى هذا الشكل، انتهت الحملة الصليبية، بفضل جهود المماليك .

🔹️ نهاية الدولة الأيوبية

يبدو أن السلطان الجديد توران شاه لم يكن رجل الساعة المطلوب، واشتهر بأنه شخصية عابثة. فقد اتصف بسوء الخلق والتصرف، والجهل بشؤون الحكم والسياسة، فبدت منه منذ وصوله من حصن کیفا أمور نفرت القلوب : إنه ازداد
غرورة بالنصر الذي حققه، وتناسي ما أبلاه مماليك أبيه من صد الصليبيين، فلم يقدر ثمن هذا النصر، كما لم يقدر جهودهم في الحفاظ على نظام الحكم كي يؤمنوا الملك له.

ويبدو أن تورانشاه فقد ثقته بهم، بعد انتصاره على الصليبيين، عندما شعر بأن له من القوة ما يكفي لأن يملأ الوظائف الحكومية بممالیکه الذين اصطحبهم معه من معه من إقليم الجزيرة، ولما احتج عليه هؤلاء رد عليهم بالتهديد والوعيد، ثم أعرض عنهم، وأبعدهم عن المناصب الكبرى، وجردهم من مظاهر السلطة وأخيرا أمر باعتقالهم.

كما تنكر لشجرة الدر التي حفظت له ملکه، فاتهمها بأنها أخفت ثروة أبيه ، وطالبها بهذا المال، وهددها، حتى داخلها منه خوف شديد (*36) مما حملها على بث شكواها إلى المماليك البحرية الذين يخلصون لها باعتبارها زوجة أستاذهم" (*37) 

و بعد فإن  تورانشاه، بالإضافة إلى ضعف شخصيته، وسلوكه السيء، قد تأثر بآراء ممالیکه الذين قدموا معه من الحصن، وقد أثاروا ضغينته على البحرية وشجرة الدر، وحثوه على التخلص منهم حتى يتفردوا بمشاركته في الحكم وإدارة شؤون الدولة (*38) .

نتيجة لهذه السياسة الحمقاء، حنق المماليك البحرية عليه، وتخوفوا من نواياه، واستقر رأيهم على قتله قبل أن يبطش بهم وساندتهم شجرة الدر التي باتت تخشى على نفسها من غدره .

وتزعم المؤامرة مجموعة من الأمراء البحرية منهم فارس الدين أقطاي وبيبرس البندقداري وقلاوون الصالحي وأيبك التركماني.

 وتم تنفيذ المؤامرة في صباح يوم الاثنين (28 من شهر محرم عام 648 ه/ 2 أيار عام 1250م)، وكان السلطان آنذاك بفارسكور يحتفل بانتصاره ويتهيأ لاستعادة دمياط، فاقتحم بيبرس البندقداري خيمته، وتقدم نحوه وضربه بسيفه.

 تلقي السلطان الضربة بيده فقطعت بعض أصابعه، ثم التجأ إلى البرج الخشبي الذي كان قد أقامه على النيل ليمضي
فيه بعض وقته ؛ حتى يحتمي به، فتعقبه بيبرس وأقطاي وغيرهما من زعماء البحرية، فأحاطوا بالبرج وأضرموا فيه النار. وفزع تورانشاه، وألقى بنفسه من البرج في النيل وقد اشتعلت النار بثيابه، وهو يصيح مستنجدا، إلا أن أحدا لم يغثه ،

 ثم راح يسبح طلبا للنجاة، لكن المماليك لاحقوه بالنشاب من كل ناحية، فأخذ يتوسل إليهم ؛وقد وقف في مياه النهر ملتمسا الرحمة وعرض عليهم التنازل عن العرش والعودة إلى إقليم الجزيرة فلم يستجب أحد لندائه .

 ولما لم تنجح الرماية بالسهام في قتله، وثب عليه بيبرس من الشاطئ إلى النهر وأجهز عليه بسيفه، فمات جريحا، غريقا،
محترقا، وظلت جثته في العراء مدة ثلاثة أيام بعد انتشالها من الماء دون أن يجرؤ أحد على دفنها، حتى شفع فيه رسول الخليفة العباسي، فحملت الجثة إلى الجانب الآخر من النهر ودفنت هناك  (*39).

وبمتقل توران شاه ينتهي حكم الأيوبيين في مصر .
--------------‐-----------------------------------------------------
 نرجو من الناسخين اللاصقين عدم النسخ و تعريض صفحاتهم للسخرية أو البلاغات من طرفنا #جواهر_الأدب_والتاريخ
--------------‐-----------------------------------------------------
(☆1) المماليك د. السيد الباز العريني .. استاذ تاريخ العصور الوسطى جامعة القاهرة وبيروت /ط دار النهضةبيروت ١٩٦٧/ ص ٤٠-٤٦
(☆2)   د. محمد سهيل طقوش : تاريخ المماليك في مصر وبلاد الشام ط 1 دار النفائس 1997م ص 28- 34
--------------
(*1) ابن تغری بردی : النجوم الزاهرة (ق) ج 6 ص ۲۱۹ - ۲۲۰
(*2)ابن تغری بردی : النجوم الزاهرة (ق) ج6 ص 348
(*3)ابن تغری بردی : النجوم الزاهرة (ق) ج 233
(*4)ابن تغری بردی : النجوم الزاهرة (ق) ج 6 ص 428
(*5)العيني : عقد الجمان مجلد 53 ص 423
(*6) ابن تغری بردی : النجوم الزاهرة (ق) ج 6 ص 258
 وانظر ؛ العيني : عقد الجمان مجلد 53 ص 430
(*7) انظر Grussat. Le Empair De Steppes ص. 305
(*Cool القلقشندي: صبح الاعشی ج 4 ص 474
ابن تغری بردی : المنهل الصافي ج 1ص 335 ؛العيني : عقد الجمان مجلد 53 ص 343
(*9)جروست  Grousset - مرجع سابق. 279
(*10) انظر ابن تغری بردی : المنهل الصافي ج 1 ص ، 136، ص 149
(*11) زامباور : معجم الأنساب والأسرات الحاكمة (الترجمة العربية) ج۲ ص 356 •
(*12) ابن تغری بردی : النجوم الزاهرة (ق) ج 6 ص 275
(*13) ابن واصل : تاريخ الواصليين ص 305  أ ، ب ؛ العيني : عقد الجمان مجلد 53 ص179 ؛ المقريزي : السلوك لمعرفة دول الملوك ج 1 ص 255
(*14) ابن تغری بردی : النجوم الزاهرة (ق) ج 6 ص 277
العيني : عقد الجمان مجلد 53 ص 158
(*15)  إبن تغری بردی : النجوم الزاهرة (ق) ج 6 ص 278
(*16) إبن تغری بردی : النجوم الزاهرة (ق) ج 6 ص 297
(*17) المقريزي : السلوك لمعرفة دول الملوك ج 1 ص 255
؛ العيني : عقد الجمان مجلد 53 ص 179؛ابن واصل : تاريخ الواصليين  ص 305 أ ، ب
(*18) المقريزى : السلوك لمعرفة دول الملوك ج۱ ص270-271
العيني : عقد الجمان مجلد 3، ص 207 - 208
(*19) المقريزي : السلوك لمعرفة دول الملوك ج1 ص271 -272
(*20) المقريزي : السلوك لمعرفة دول الملوك ج 1 ص 280
(*21) المقريزي : السلوك المعرفة دول الملوك ج 1 ص 316
(*22) المقريزي : السلوك لمعرفة دول الملوك ج1 ص 326
(*23)ابن تغری بردی : النجوم الزاهرة (ق) ج 6 ص 347
؛ العيني : عقد الجمان مجلد  54 ص 258
--------------------
(*24) جود فري دي بوايون أول حاكم صليبي لبيت المقدس بعد أن استولى الصليبيون عليها في عام1099م. اشتهر بالتقوى، ورفض أن يتخذ لقب ملك وغرف باسم حامي القبر المقدس.
(*25) كان من المقرر أن تتجه الحملة الصليبية الرابعة إلى مصر في عام 1204م، إلا أنها غيرت اتجاهها نحو القسطنطينية بتحريض من البنادقة .
(*26) لقد توجهت الحملة الصليبية السادسة بقيادة فريدريك الثاني، الأمبراطور الألماني، في عام
(625 ه/ 1228م) إلى عكا بهدف استعادة بيت المقدس من المسلمين.
(*27) راجع حول هذه الأسباب: نسیم، جوزف: العدوان الصليبي على مصر، هزيمة لويس التاسع في المنصورة وفارسكور، ص 47 - 56.
(*28) القاضي ابن عبد الظاهر، محيي الدين : الروض الزاهر في سيرة الملك الظاهر، ص48- 50 ؛ النويري: نهاية الأرب في فنون الأدب : ج۲۹، ص360-361. العيني : عقد الجمان في تاريخ اهل الزمان، ج1 ص26-27؛ ابن تغري بردي: ج6 ص371 - 372.
(*29) ابن تغري بردي: ج6، ص328.
 حصن کیفا: بلدة وقلعة کبیرة مشرفة على دجلة بین آمد وجزيرة ابن عمر من ديار بكر، الحموي، ياقوت : معجم البلدان : ج2، ص590.
(*30) المقريزي: ج1، ص349. ابن تغري بردي: ج6 ص360.
(*31) ابن تغري بردي: ج6، ص362- 364
(*32) المقريزي : السلوك، ج۱، ص۳۳۳.
(*33) المصدر نفسه .
(*34) ابن تغري بردي: ج۱، ص۳۳۰.
(*35) كان الصالح ایوب قد عهد إلى عرب من كنانة بالدفاع عن دمياط .
(*36) المقريزي: السلوك ج۱، ص346
(*37) ابن تغري بردي: ج6، ص371.
(*37) كانت علاقة المملوك بسيده أو أستاذه تسمى في المصطلح الرسمي المملوكي بالأستاذية، بينما كانت رابطة الزمالة التي تربط المملوك بزميله المملوك في الخدمة تسمى الخوشداشية، وكانت هاتان العلاقتان الأستاذية والخوشداشية من أقوى الروابط التي قامت عليها دولة المماليك. (راجع العبادي، أحمد مختار وسالم السيد عبد العزيز : تاريخ البحرية الإسلامية في مصر والشام، ص 294 هامش رقم 2.
(*39) العريني ، السيد الباز: الشرق الأدني في العصور الوسطى، الأيوبيون، ص 152.-

من حقائق التاريخ  العصر  المملوكي Img?id=95312
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69984
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

من حقائق التاريخ  العصر  المملوكي Empty
مُساهمةموضوع: رد: من حقائق التاريخ العصر المملوكي   من حقائق التاريخ  العصر  المملوكي Emptyالأربعاء 27 يوليو 2022, 9:28 am

توقفنا في الفقرة السابقة عند مقتل توران شاه إبن الملك الصالح نجم الدين أيوب على يد المماليك بدافع ذاتي منهم ؛ و بإيعاز من شجر الدر أرملة أبيه ؛  في صباح يوم 27 من المحرم سنة( 648هـ /2 مايو 1250م) و كان ذلك بعد معركة المنصورة و هزيمة حملة لويس التاسع و أسره ..

كان السلطان توران شاه يتناول طعام الإفطار في خيمته السلطانية فهجم عليه مجموعة من المماليك بعد شكوكهم بنواياه تجاههم، ومنهم بيبرس البندقداري وقلاوون الصالحي وأقطاي الجمدار وضربوه بالسيوف فهرب منهم لكشك خشبي فأحرقوه عليه فهرب منه ورمى نفسه بالنيل، فضربوه بالسهام والنبال فلم يفلح الرمي فنزل إليه بيبرس و أجهز عليه بسيفه في المياه ..  فقتل جريحًا غريقًا حريقًا .

وبمقتل توران شاه بن الملك الصالح نجم الدين الأيوبي رحمه الله انتهى حكم الأيوبيين تماماً من مصر، وبذلك أغلقت صفحة مهمة من صفحات التاريخ الإسلامي.
-------------------------------------------------------------------
    🔹️ تفاصيل معارك دمياط و المنصورة و فارسكور 

 كان لويس يعدد للحملة منذ العام 1245م وفي 24 جمادى الأولى 646 هـ/25 أغسطس 1248م أبحر لويس التاسع من مرفأ إيجو-مورت (Aigues-Mortes) وفي صحبته زوجته "مرجريت دو بروفنس" (Marguerite de Provence)، وأخويه شارل أنجو و"روبرت دي أرتوا" (Robert d'Artois)، ونبلاء من أقاربه ممن شاركوا في حملات صليبية سابقة،

 وتبعته سفن أخرى من نفس المرفأ ومن مرسيليا. كان الأسطول الصليبي ضخماُ ويتكون من نحو 1800 سفينة محملة بنحو 80 ألف مقاتل بعتادهم وسلاحهم وخيولهم .

قامت الحملة بوقفة تعبوية في جزيرة قبرص لتجميع كل السفن والمقاتلين قبل التوجه إلى مصر بناء على نصيحة مستشاري لويس ، حيث انضم إليه عدد كبير من بارونات سوريا وقوات من فرسان المعبد (الداوية) والاسبتارية قدمت من عكا تحت قيادة مقدميها . 

وفي قبرص استقبل لويس وفداً من المغول يحمل رسالة ودية من خانهم يعرض فيها مساعدته على لويس.

في مايو عام 1249م ابحر لويس نحو مصر على متن سفينته الملكية "لو مونتجوي" ، وتبعته سفن الحملة من ميناء ليماسول القبرصي. 

وبسبب شدة الرياح جنحت إلى عكا وسواحل الشام نحو 700 سفينة تحمل حوالي 2100 فارس صليبي، فتوقف لويس في جزيرة المورة اليونانية حيث انضم إليه قريبه "هيو دو بورجوندي" (Hugh de Burgundy)الذي شارك من قبل في حملات صليية آخرى ثم أبحرت السفن إلى مصر .

وأرسل لويس رسالة إلى السلطان الصالح أيوب يطالبه فيها بالاستسلام فرد عليه الصالح برسالة يحذره فيها من مغبة مهاجمته لمصر وينبئه بأن بغيه سيصرعه.

 وفي فجر السبت 22 صفر 647 هـ/5 يونيو 1249 نزل جنود وفرسان الحملة على بر دمياط . 

وفي 24 أكتوبر، وصل إلى دمياط من فرنسا "ألفونس دى بواتي" (Alphonse de Poitiers) الشقيق الثالث للملك لويس ومعه إمدادات وقوات إضافية،

 فتشجع الصليبيون وقرروا التحرك إلى الأسكندرية أو القاهرة. واختار لويس القاهرة بنصيحة من أخيه "روبرت دو ارتوا" الذي قال له : "إذا أردت قتل الأفعى فاضربها على رأسها" أى توجه إلى القاهرة !!

في 20 نوفمبر 1249م، بعد نحو ستة أشهر من احتلال دمياط ، خرج الصليبيون من دمياط ومعهم سفنهم توازيهم في النيل،

 وبعد بضعة معارك مع المسلمين وصلوا في 21 ديسمبر  إلى ضفة بحر أشموم (يعرف اليوم بالبحر الصغير)، فأصبحت مياه بحر أشموم تفصل بينهم وبين المسلمين  فأقاموا معسكرهم وأحاطوه بالأسوار والخنادق ونصبوا المجانيق، ووقفت سفنهم بإزائهم في بحر النيل، 

ووقفت شواني(سفن) المسلمين بإزاء المنصورة. حاول الصليبيون بناء جسر ليعبروا عليه إلى ضفة المسلمين، ولكن المسلمون أمطروهم بالقذائف النارية وافسدوا خطتهم بكافة الوسائل .

في تلك الأثناء توفى السلطان الصالح أيوب في 15 شعبان 647 هـ/23 نوفمبر 1249م  فأصبحت مصر بلا سلطان، فأخفت أرملته شجر الدر خبر وفاته وأرسلت مقدم المماليك البحرية فارس الدين أقطاي الجمدار إلى حصن كيفا بتركيا لاستدعاء ابنه توران شاه لقيادة البلاد .

بطريقة أو بآخرى علم الصليبيون أن السلطان الصالح أيوب قد توفى فتشجعوا. وفي 8 فبراير 1250م دل بعض نصارى مصر  الصليبيين على مخائض في بحر أشموم 😐❗

 فتمكنت فرقة يقودها أخو الملك "روبرت دى أرتوا " سوياٌ مع فرسان المعبد (الداوية)، وفرقة إنجليزية يقودها "وليم أوف ساليزبري" (William of Salisbury) من العبور بخيولهم وأسلحتهم إلى ضفة المسلمين .

 فوجئ المسلمون بهجوم صليبي كاسح على معسكرهم في "جديلة" على نحو ثلاثة كيلومترات من مدينة المنصورة. 

في هذا الهجوم المباغت قتل فخر الدين يوسف أتابك الجيش المصري وتشتت أجناد المسلمين وتقهقروا مذعورين إلى المنصورة .

 وبعد أن احتل الصليبيون معسكر جديلة تقدموا خلف "روبرت دو أرتوا" نحو المنصورة على أمل القضاء على الجيش المصري برمته .

☆ معركة المنصورة 

أمسك المماليك بزمام الأمور بقيادة فارس الدين أقطاي الجمدار، الذي أصبح القائد العام للجيش المصري  وتمكن المماليك من تنظيم القوات المنسحبة، ووافقت شجرة الدر -الحاكم الفعلي للبلاد- على خطة الأمير بيبرس البندقداري باستدراج القوات الصليبية ومحاصرتها في كمين محكم داخل مدينة المنصورة. 

وأمر بيبرس بتأهب الجنود والعوام داخل المدينة مع الالتزام بالسكون التام. وأقتحمت القوات الصليبية المنصورة بعد أن ظن فرسانها أنها خاوية من الجنود والسكان، واندفعوا نحو قصر السلطان للاستيلاء عليه، فخرج عليهم بغتة المماليك البحرية والجمدارية وهم يصيحون كالرعد القاصف .

 وأخذوهم بالسيوف من كل جانب  ومعهم العربان والعوام والفلاحين يرمونهم بالرماح والمقاليع والحجارة، وقد وضع العوام على رؤوسهم طاسات نحاس بيض عوضاً عن خوذ الأجناد  وسد المسلمون طرق العودة بالخشب والمتاريس فصعب على الصليبيين الفرار، وراح بعضهم يلقون بأنفسهم في النيل للنجاة فابتلعتهم المياه.

قتل عدد كبير من القوات الصليبيية المهاجمة  من فرسان المعبد وفرسان الإسباتريه لم ينج سوى ثلاثة مقاتلين، وفنيت الفرقة الإنجليزية تقريباً عن أخرها  واضطر أخو الملك لويس "روبرت دي أرتوا" إلى الاختباء في أحد الدور ثم قتل هو و"وليم أوف ساليزبري" قائد الفرقة الإنجليزية .

أثناء المعركة حاول الفرنج على الضفة المقابلة لبحر أشموم بناء جسر يمكنهم من العبور لمساعدة فرسانهم، ولكن لما وردتهم أنباء سحق الفرسان، عن طريق " بيتر أوف بريتني " الذي فر إليهم بوجه مشجوج من ضربة سيف، وشاهدوا بقايا فرسانهم مدبرين والمسلمين في أعقابهم، أخذوا يلقون بأنفسهم في مياه النيل بغية العودة إلى معسكراتهم وكاد لويس ذاته أن يسقط في الماء .

استمر هجوم المسلمين على الصليبيين طوال اليوم، وظن فارس الدين أقطاي أن لويس قد قتل في المعركة فأمر بشن هجوم كبير على معسكر الصليبيين في فجر اليوم التالي ألحق بهم خسائر فادحة. وأرسل الحمام ببشائر النصر إلى القاهرة ففرح الناس فرحة عارمة وأقيمت الزينات .

تحصن الصليبيون داخل معسكرهم ثمانية أسابيع آملين في انهيار القيادة المصرية لكن بدلاً من ذلك وصل السلطان الجديد توران شاه إلى المنصورة في 28 فبراير 1250 لقيادة الجيش . وتنفست شجر الدر الصعداء بعد أن تحملت عبء الدفاع عن البلاد، وأعلنت رسمياً نبأ وفاة زوجها الصالح أيوب .

نقل المصريون الشواني( السفن) مفككة على ظهور الجمال وبعد أن ركبوها وضعوها في مياه النيل خلف القوات الصليبية (كما فعل الملك الكامل حجد توران شاه أثناء الحملة الصليبية الخامسة) وبذلك حوصر الصليبيون في مصيدة وهم جوعى ومرضى ويعانون شدة الخوف. 

وعرض لويس على المسلمين تسليم مدينة دمياط في في مقابل تسليمه بيت المقدس وأجزاء من ساحل الشام ، ولكن المسلمون رفضوا العرض .و لم يعد أمام لويس التاسع إلا أن يحاول الفرار إلى دمياط لإنقاذ نفسه وجنوده .

في 5 أبريل 1250، في ظلام الليل، بدأت القوات الصليبية رحلة الهروب إلى دمياط  لكن المسلمون عبروا فوق جسر من الصنوبر كان الصليبيون قد أقاموه فوق قناة أشموم ولكنهم من عجلتهم وارتباكهم نسوا أن يدمروه وهم ينسحبون، 

وطاردوهم وهم يعملون فيهم السيوف والرماح من كل جانب حتى وصلوا إلى فارسكور، وهناك تم سحقهم بالكامل، ووقع الملك لويس وأمراؤه ونبلاؤه في الأسر في 6 أبريل 1250 .

وهكذا تحققت نبؤة الصالح أيوب بأن بغي لويس التاسع سيصرعه وإلى البلاء سيقلبه. استناداً إلى المصادر الإسلامية قتل في حملة لويس التاسع ما بين 10 آلاف و30 آلف من الجنود الصليبيين . 

أسر لويس التاسع في "منية عبد الله" (ميت الخولي عبد الله الآن) ، بعد أن استسلم مع نبلائه للطواشي " جمال الدين محسن الصالحي " ، وأودع مغللاً في بيت القاضي إبراهيم بن لقمان، كاتب الإنشاء، تحت حراسة طواشي يدعى صبيح المعظمي .

 كما أسر أخواه "شارل دانجو" و"ألفونس دو بويتي" وعدد كبير من أمرائه ونبلائه وقد سجن معظمهم معه في دار ابن لقمان. أما الجنود العاديون الذين أسروا فقد أقيم لهم معتقل خاص خارج المدينة.

سُمح للويس التاسع بمغادرة مصر مقابل تسليم دمياط للمصريين، والتعهد بعدم العودة إلى مصر مرة أخرى، بالإضافة إلى دفعه دية قدرها 400 ألف دينار تعويضاً عن الأضرار التي ألحقها بمصر.

 (دفع نصف المبلغ بعد أن جمعته زوجته في دمياط، ووعد بدفع الباقي بعد وصوله إلى عكا، وهو مالم يفعله بعد أن تهرب من الدفع فيما بعد) .

ويصف المؤرخ الصليبي "ماثيو باريس" (Matthew Paris) (توفي 1258م) مدى الألم الذي شعر به الصليبيون بعد هزيمتهم في مصر بقوله : 

"كل الجيش المسيحي تمزق إرباً في مصر، وا أسفاه، كان يتكون من نبلاء فرنسا، وفرسان الداوية والاسبتارية وتيوتون القديسة ماري وفرسان القديس لازاروس".
--------------------------------------------------------------------
  🔹 ️قيام دولة المماليك البحرية (648 ه/ 1250م)
                أ- الفترة الانتقالية لشجرة الدر

أضحى المماليك، بعد مقتل تورانشاه، أصحاب الحل والعقد. وكان من.الطبيعي أن يطمع كل أمير منهم في تبوء عرش السلطنة الشاغر ....

 كما وجد على الساحة السياسية الملوك الأيوبيون خارج مصر والراجح أنهم استاءوا من إقدام المماليك على قتل أحد ملوكهم واستئثارهم بالسلطة، ومن الطبيعي أن يرى كل
منهم في نفسه الشرعية لأن يلي السلطنة بعد تورانشاه .

وأخيرا قرر المماليك حل المشكلة الناجمة عن شغور العرش، فاختاروا شجرة الدر، أم خلیل بن الصالح أيوب، لتولي السلطنة .

ويبدو أن عدة عوامل فرضت نفسها على الساحة السياسية في مصر، حتى تم هذا الاختيار لعل أهمها :

١▪︎ تنافس أمراء المماليك على الزعامة .
۲▪︎ تطلع الملوك الأيوبيين في بلاد الشام إلى حكم مصر .
۳▪︎ رجاحة عقل شجرة الدر ، واطلاعها على الأمور الهامة في الدولة، حيث كانت تشارك زوجها الراحل في إدارة أمور السلطنة .

كانت شجرة الدر جارية من أصل أرمني أو تركي، اشتراها الصالح أيوب، وحظيت عنده، فأعتقها وتزوجها. لذلك فهي من ناحية الأصل والنشأة أقرب إلى المماليك، واعتبرها المقريزي أولی سلاطین دولة المماليك الأولى (*2)

والواقع أنه توجد ثلاثة آراء تتعلق بنهاية الدولة الأيوبية في مصر وبداية دولة المماليك البحرية :

▪︎الأول : يرى أصحاب هذا الرأي أن المعظم تورانشاه هو آخر الملوك الأيوبيين في مصر، وأن السلطانة شجرة الدر هي أولى السلاطين المماليك. (*3)

▪︎الثاني: أن هناك فئة من المؤرخين ترى أن شجرة الدر هي آخر السلاطين الأيوبيين في مصر باعتبارها زوجة الصالح أيوب، وقد زالت الدولة الأيوبية في البلد المذكور عندما تنازلت للمعز أيبك الذي أضحى أول من ملك من الأتراك في
الديار المصرية (*4)

▪︎الثالث: يرى فريق ثالث من المؤرخين أن الملك "الأشرف موسى"  (*5)  الذي نصبه المعز أيبك سلطانا، هو آخر الملوك الأيوبيين في مصر وكان في العاشرة من عمره ثم حجبه الملك المعز واستقل بالملك فانقرضت الدولة الأيوبية من الديار المصرية (*6) .

ويبدو أن الصلة السياسية التي ربطت شجرة الدر بالصالح أيوب قد انتهت بموت هذا الأخير وتولية ابنه تورانشاه من بعده، وأنها أصبحت حاكمة لمصر باعتبارها من فئة المماليك، وليس كفرد من أفراد البيت الأيوبي بدليل أن الملوك الأيوبيين في بلاد الشام أبدوا معارضة قوية لحكمها وأنه لا عبرة بولاية الأشرف موسی، أثناء حكم المعز أيبك، باعتباره كان صبية، وأداة طيعة في يد هذا الأخير ، وفي يد غيره من زعماء المماليك". (*7)

 لكن الواقع أن الفترة التي حكمت خلالها شجرة الدر مصر ، تعتبر فترة انتقالية مهدت لقيام دولة المماليك البحرية .

ومهما يكن من أمر، فقد بویعت السلطانة الجديدة في الثاني من شهر صفر عام 648ه/ السادس من شهر أيار عام 1250م)(*Cool

وحلفت لها العساكر باعتبارها سلطانة، كما عهد المماليك إلى عزالدين أيبك، وهو أحد الأمراء الصالحية، بأتابكية العسكر ، فكان لها بمثابة الشريك.(*9)
                        ------------------------
     🔹️ أهم الأحداث السياسية في عهد شجرة الدر

☆1 - تصفية الموقف مع الصليبيين

قبضت شجرة الدر على زمام الأمور في مصر بقوة، واشتهرت بحسن السياسة . فلما استقرت في الحكم أنعمت على الأمراء بالوظائف السنية، وأقطعت المماليك البحرية الإقطاعات الكبيرة، وأغدقت الأموال على الجند، حتى أرضت الكبير والصغير منهم .(*10)

كانت فاتحة أعمال السلطانة الجديدة ، إنهاء المفاوضات التي
بدأت مع الصليبيين على عهد تورانشاه، الذين ما زالوا يحتلون دمياط، والإشراف على رحيلهم ..

حقيقة، إن الملك الفرنسي لويس التاسع كان أسيرا في يد المسلمين في المنصورة، لكن دمياط ظلت قاعدة بحرية في قبضة الصليبيين الفرنسيين مما يشكل تهدیدا مباشرا لمصر والمماليك معا خاصة إذا ما تحرك الغرب الأوروبي وأرسل
حملة صليبية أخرى إليها .

لذلك أخذت تسعى لحل هذه المعضلة، بعد أن استقرت الأمور لها في الداخل .

 وهكذا استؤنفت المفاوضات بين الجانبين، وكان يمثل السلطانة والأمراء البحرية، الأمير حسام الدين محمد بن علي الهذباني، وقد اختاروه نظرا لرجاحة عقله، وحسن تقديره للأمور، واعتماد مولاهم الملك الصالح عليه من قبل .(*11)

 في حين انتدب لويس التاسع، وليم أمير الأراضي الواطئة، وجان كونت سواسون، و بلدوين دبلين و أخيه جاي دبلين. (*12) 

وبعد مفاوضات مضنية، حيث كان الصليبيون في وضع حرج لا يسمح لهم بالمناورة، فرض المماليك شروطهم التي اتسمت بالقسوة البالغة وتم الإتفاق على أن :

1▪︎ يعيد الملك الفرنسي لويس التاسع مدينة دمياط إلى المصريين .
2▪︎ يطلق سراح الأسرى المسلمين لديه.
3▪︎لا يهاجم السواحل الإسلامية مرة أخرى .

4▪︎ يدفع مبلغ خمسمائة ألف دينار مقابل إخلاء سبيله وسبيل الأسرى المسيحيين منذ عهد الملك العادل الأيوبي من جهة، وتعويضة عما أحدثه الصليبيون في دمياط من النهب خلال إقامتهم بها من جهة أخرى.

5▪︎ يدفع الملك الفرنسي نصف المبلغ المتفق عليه فورا وقبل إطلاق.سراحه، ويدفع النصف الآخر بعد مغادرته مصر ووصوله إلى عكا.

6▪︎ يتعهد المسلمون، من جانبهم، برعاية مرضى الصليبيين في دمياط، والمحافظة على معدات الصليبيين إلى أن تحين الفرصة لأخذها .

7▪︎ تحدد مدة المعاهدة بعشر سنوات .  (*13) 

 وبعد أن تم الإتفاق بين الجانبين على البنود الواردة أعلاه، قامت ملكة فرنسا مارجريت دي بروفانس، التي كانت ترافق زوجها، بجمع نصف الفدية المتفق عليها ثم أبحرت إلى عكا. 

وفي صباح (3 صفر عام 648 ه/ 7 أيار عام 1250م) أرسل لويس التاسع جوفروا دي ساجين إلى دمياط لتسليمها إلى المسلمين. وفعلا دخلت العساكر الإسلامية إلى المدينة .

ويبدو أن بعض الجنود قاموا بأعمال السلب والنهب في المعسكر الصليبي ، مما حمل لويس التاسع على الاحتجاج، وأرسل، لهذه الغاية ، رسولا إلى الأمير أقطاي الذي نصحه بألا يبدي أي تذمر، ما دام الملك في أيدي المسلمين .

والراجح أنه حدثت خلافات داخلية بين المماليك بشأن الإفراج عن الملك الفرنسي أو الاحتفاظ به ؛ إذ بعد أن وضع المسلمون يدهم على دمياط، أخذوا يتداولون في مسألة الإبقاء عليه وعلى الأسرى الصليبيين ...

وقد انقسموا إلى فريقين :
▪︎ فريق رأي تنفيذ بنود الاتفاقية المعقودة مع الصليبيين، وعدم نكث العهود، و كان على رأسه السلطانة شجرة الدر والأتابك عزالدين أيبك، وساندهما بعض المماليك الصالحية. 

▪︎وفريق رأي ، منذ البداية، أن من مصلحة المسلمين الاحتفاظ بالملك الفرنسي، وعدم إطلاق سراحه، نظرا :
لاطلاعه على عورات المسلمين حيث شاهد أمراءهم يقتلون سلطانهم ؛ ولمركزه الديني الكبير في أوروبا ؛ ولأن دمياط أضحت فعلا في أيدي المسلمين ...

وقد ترأس هذا الفريق الأمير أقطاي والأمير حسام الدين محمد بن علي الهذياني .. 

ويبدو أن وجهة نظر الفريق الأول انتصرت في النهاية، وتمكنت شجرة الدر والأمير أيبك من إقناع الأمراء المعارضين بوجهة نظرهم.

وهكذا أخلي سبيل الملك الفرنسي لويس التاسع وأمرائه وعدد كبير من بارونات الصليبيين، وكبار فرسانهم ، بعد دفع نصف الفدية . أما بقية الأسرى فقد ظلوا في الأسر حتى يتم دفع كامل المبلغ المتفق عليه ..(*14)

 ثم حدث أن أبحر الملك لويس التاسع وأتباعه إلى عكا في الرابع من شهر صفر عام 648ه/ الثامن من شهر أيار عام 1250م)، وبذلك انتهت الحملة الصليبية السابعة التي رافقت أحداثها نهاية الدولة الأيوبية والفترة الممهدة لقيام دولة المماليك البحرية. 

ونجحت شجرة الدر في رد ذلك الخطر الذي تعرضت له مصر
في أواخر أيام زوجها الصالح نجم الدين أيوب ؛ وضربت البشائر، وأقيمت الأفراح في كافة أرجاء مصر، وفي كل إقليم
إسلامي، ابتهاجا بهذا النصر الذي أحرزه الجيش المملوكي على الصليبيين ؛ وعادت العساكر المملوكية إلى القاهرة يوم (۹ صفر عام 648 ه / 13 أيار عام 1250 م) (*15).

--------------‐-----------------------------------------------------
 الهامش لم يستكمل بعد و تصحيح أخطاء النسخ و الأرقام فنرجو من الناسخين اللاصقين عدم النسخ و تعريض صفحاتهم للسخرية أو البلاغات من طرفنا #جواهر_الأدب_والتاريخ
--------------‐-----------------------------------------------------
(*1) انظر التتار...للصلابي ؛ و قصة التتار للسرجاني ؛ و انظر الحملة الصليبية السابعة بقيادة لويس التاسع الويكيبيديا .
Joinville's Chronicle ; Runciman  ومجموعة مؤلفين
(☆1)   د. محمد سهيل طقوش : تاريخ المماليك في مصر 
وبلاد الشام ط 1 دار النفائس 1997م ص 35 - 39
--------------
(*2) المقريزي: السلوك، ج۱، ص
(*3) المقريزي: ج۱، ص۳٦١. يرى النويري أن الملك المعظم تورانشاه هو آخر الملوك الأيوبيين المستقلين في مصر. نهاية الأرب: ج۲۹، ص۳٦٢.
(*4) المنصوري: التحفة الملوكية في الدولة التركية، ص۲۷. العيني: ج۱، ص۳۹. ابن تغري بردي : ج۷، ص ۳. ابن إياس: جا قسم ۱ ص۲۸۹ - ۲۸۸. 
(*5) الأشرف موسی بن يوسف بن مسعود بن الكامل. عاش والده في كنف الصالح أيوب، حتى توفي عن هذا الطفل الصغير موسی. راجع المقريزي، ج، ص۳٦٩.
(*6) القرماني، أحمد: أخبار الدول وآثار الأول، ص65.
(*7) نسیم، جوزيف: العدوان الصليبي على مصر. هزيمة لويس التاسع في المنصورة وفارسكور، هامش رقم 4، ص۲۲۸ - ۰۲۲۹
(*Cool ابن إياس : ج١ ، قسم ۱، ص۲٦٨
(*9) المنصوري : ۲۹.
(*10) ابن إياس: ج ١، قسم ۱، ص۲۸۹.
(*11)  المقريزي : السلوك، مصدر سابق، ص ۱۳۹۲
(*12) تاريخ سانت لويس، من ناتالي دي أ بوك.  السير دي Joyville . ص194
(*12) المقريزي: ج۱، ص۳۶۳، ابن تغري بردي : النجوم الزاهرة، مصدر سابق: ج۱، ص۳۹۸
(*13)رنسیمان، ستيفن : تاريخ الحروب الصليبية ، ج3، ص467 . الذي يذكر أن المبلغ الذي كان لزاما على الملك أن يؤديه قدره خمسمائة ألف ليرة تورنادية ، أي ما يقابل مليون بیزنتة.
(*14) ابن تغري بردي: ج۱، ص۳۹۸-۳۹۹
(*15) العيني : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان. عصر سلاطين المماليك : ج۱، ص۳۱.

من حقائق التاريخ  العصر  المملوكي Img?id=95313
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69984
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

من حقائق التاريخ  العصر  المملوكي Empty
مُساهمةموضوع: رد: من حقائق التاريخ العصر المملوكي   من حقائق التاريخ  العصر  المملوكي Emptyالأربعاء 27 يوليو 2022, 9:30 am

توقفنا في الفقرة السابقة عندما فرض المماليك بقيادة شجرة الدر شروطهم على الصليبيين مقابل إطلاق سراح لويس و أقربائه الأسرى ؛ وهي شروط  اتسمت بالقسوة البالغة لكن الصليبيين لم يكونوا في وضع  يسمح لهم بالمناورة في المفاوضات مما اضطرهم لقبولها وهي :

1▪︎ يعيد الملك الفرنسي لويس التاسع مدينة دمياط إلى المصريين .
2▪︎ يطلق سراح الأسرى المسلمين لديه.
3▪︎لا يهاجم السواحل الإسلامية مرة أخرى .
4▪︎ يدفع مبلغ خمسمائة ألف دينار مقابل إخلاء سبيله وسبيل الأسرى المسيحيين منذ عهد الملك العادل الأيوبي من جهة، وتعويضة عما أحدثه الصليبيون في دمياط من النهب خلال إقامتهم بها من جهة أخرى.

5▪︎ يدفع الملك الفرنسي نصف المبلغ المتفق عليه فورا وقبل إطلاق.سراحه، ويدفع النصف الآخر بعد مغادرته مصر ووصوله إلى عكا.
6▪︎ يتعهد المسلمون، من جانبهم، برعاية مرضى الصليبيين في دمياط، والمحافظة على معدات الصليبيين إلى أن تحين الفرصة لأخذها .
7▪︎ تحدد مدة المعاهدة بعشر سنوات .

وقد حدثت خلافات داخلية بين المماليك بشأن الإفراج عن الملك الفرنسي أو الاحتفاظ به ؛ إذ بعد أن وضع المسلمون يدهم على دمياط، أخذوا يتداولون في مسألة الإبقاء عليه وعلى الأسرى الصليبيين .. لكن بالنهاية اتفقوا على اطلاقهم .

وبذلك نجحت شجرة الدر في رد ذلك الخطر الذي تعرضت له مصر، وأقيمت الأفراح في مصر، وفي كل إقليم إسلامي، احتفالا بهذا النصر وعادت العساكر المملوكية إلى القاهرة يوم (9 صفر عام 648 ه / 13 أيار عام 1250 م) .

--------------‐-----------------------------------------------------
بعد أن نجحت شجرة الدر في تصفية الحملة الصليبية السابعة، واستعادت دمياط عملت على تدعيم مركزها الداخلي ، فأخذت تتقرب من الخاصة والعامة، وتعمل على إرضائهم بشتى الوسائل، فخلعت على الأمراء والعساکر وأرباب الدولة، وأنفقت عليهم الهبات والأموال، وأنعمت عليهم بالرتب والمناصب العالية ومنحتهم الإقطاعات الواسعة، تقديرا لما أبدوه من ضروب الشجاعة في طرد الصليبيين، كما خففت الضرائب عن الرعية لتستميل قلوبهم .(*1)

فهل أدت هذه الأعمال إلى تدعيم مركزها الداخلي؟ أسارع إلى الإجابة.بالنفي، ذلك أن المصريين عموما لم يتقبلوا وجود امرأة في السلطة، والمسلمون لم يعتادوا في تاريخهم أن يسلموا زمام أمورهم لامرأة .

ويبدو أن السلطانة شعرت بهذا الحرج، فحرصت على ألا تبرز إسمها مكشوفا في المناشير . فكانت توقع بأسماء وتعابير تمت لها بالصلة، مثل  "والدة خليل"  .

وجعلت صيغة الدعاء على المنابر "احفظ اللهم الجهة الصالحية ملكة المسلمين، عصمة الدنيا والدين، أم خليل، المستعصمية* صاحبة الملك الصالح " 

*{ يروي لين بول في كتابه " تاريخ مصر في العصور الوسطى" ، أن كلمة المستعصمية تدل على أن شجرة الدر بدأت حياتها كجارية للخليفة العباسي المستعصم قبل أن يشتريها الصالح أيوب . غير أن صمت المصادر العربية عن هذه المسألة يحمل على الاعتقاد أن شجرة الدر ربما اقزت هذه التسمية في خطبتها وسكنها ترضية للخليفة العباسي كي يعترف بشرعية حكمها. } (*2)

ونقشت إسمها على السكة(العملة) في صيغة : 
"المستعصمية الصالحية ملكة المسلمين والدة خليل أمير المؤمنین "  .

اما الخطباء، فكانوا يدعون لها، في دعاء يوم الجمعة على المنابر بصيغة : "اللهم احفظ وأدم سلطان الست الرفيع، والحجاب المنيع، ملكة المسلمين والدة الملك خليل "

أو وبعبارة احفظ اللهم الجهة الصالحية ملكة المسلمين عصمة الدنيا والدين أم خليل المستعصمية صاحبة الملك الصالح (*3). 

وقد هدفت أن تضفي الصفة الشرعية على حكمها، لذلك كانت تتقرب من الخلافة العباسية حينا وتتمسك بلقب المستعصمية إشارة إلى صلتها بالخليفة العباسي المستعصم ، وأحيانا تتمسك بلقب "أم خلیل صاحبة الملك الصالح" في إشارة إلى صلتها بالبيت الأيوبي والملك الصالح نجم الدين أيوب بوجه خاص  .(*4) 

وقامت المظاهرات في القاهرة، وحدثت اضطرابات عديدة مناهضة لحكمها، بعد أن اتهمها المعارضون بالتساهل مع الصليبيين، وحملوها مسؤولية إطلاق سراح الملك الفرنسي لويس التاسع الذي ما أن أطلق سراحه حتى ذهب إلى
عكا ليواصل نشاطه الصليبي في بلاد الشام. 

وعمد القيمون على الدولة إلى غلق أبواب مدينة القاهرة للحؤول دون تسرب أنباء الاضطرابات إلى الخارج.

ويبدو أن رجال الدين كانوا وراء هذه الحركة المعارضة، بدليل أن الشيخ عزالدين بن عبد السلام، وهو أكبر زعيم ديني، في ذلك الوقت، كتب كتابة حول ما قد يصيب المسلمين نتيجة توليتهم إمرأة .  (*5)

وكان من الطبيعي أن يقف الملوك والأمراء الأيوبيون في بلاد الشام، موقف العداء لهذا لنظام الجديد . إذ أن ما حدث في مصر من ثورة المماليك لم تلق القبول في بلاد الشام. 

وقد جرت العادة منذ أيام صلاح الدين أن يكون سلطان مصر
مسيطرا على بقية الأمراء الأيوبيين في هذه البلاد، لذلك أرسلت شجرة الدر ، عقب مبايعتها بالحكم ، أرسلت الخطيب أصيل الدین محمد لأخذ البيعة لها من أمراء الشام.

والواقع أن الأمراء الأيوبيين الذين ظلوا يعتقدون أنهم أصحاب الحق الشرعي في حكم مصر وبلاد الشام باعتبارهم من سلالة صلاح الدين، وأن ما جرى يعتبر خروجا للسلطنة في مصر على البيت الأيوبي، رفضوا حلف اليمين للسلطانة
الجديدة .(*6)

 وشاركهم بعض الأمراء المماليك في بلاد الشام . فقد رفض الممالك القيمرية"(*7) في دمشق أن يحلفوا يمين الولاء والطاعة للسلطانة الجديدة، ولم يعترفوا بما جرى في مصر من تغيير في نظام الحكم.

فكتبوا إلى الملك الناصر يوسف الأيوبي صاحب حلب يعلمونه بموقفهم الرافض الحكم شجرة الدر، ويستدعونه للقدوم إليهم ليسلموا له دمشق . (*Cool

 ويبدو أن الأمير جمال الدين بن يغمور، نائب السلطنة في دمشق الذي كان المعظم تورانشاه قد عينه نائبا للسلطنة وهو في طريقه من حصن کیفا إلى مصر. (*9) وقف على الحياد بانتظار جلاء الموقف، وسانده المماليك الصالحية النجمية، لكن ساءه إقدام المماليك القيمرية على استدعاء الناصر يوسف، وحصل جفاء بين الطرفين . ... (*10) 

وخرج الملك السعيد حسن بن العزيز عثمان الأيوبي، صاحب قلعة الصبية ، من الديار المصرية احتجاجا، فهاجم غزة وأخذها واستقر في القلعة المذكورة .(*11)

وثار الطواشي بدر الدين الصوابي الصالحي، نائب الملك الصالح بالكرك والشوبك، وسلم الحصنين إلى الملك المغيث عمر الأيوبي، بعد الأيوبي، بعد أن أخرجه من السجن. (*12)

و خضعت باقي مدن بلاد الشام لملوك من البيت الأيوبي .(*13)

وهكذا تضعضعت الأوضاع في بلاد الشام، ولم يلبث أن التهب الموقف، وبدا واضحا أن الملوك الأيوبيين سيتخذون موقفا متصلبا من هذه التطورات الجديدة في مصر .

وانتهز الملك الناصر يوسف هذه الفرصة واستجاب لدعوة المماليك القيمرية ، فزحف بجيوشه نحو دمشق ودخلها دون قتال، في يوم السبت في الثامن من شهر  ربيع الآخر عام 648 ه/ العاشر من شهر تموز عام 1250م) . (*14)

 وخلع على الأمير جمال الدين بن يغمور بعد أن عفا عنه، وعلى الأمراء القيمرية، وعلى جماعة من الأمراء المصريين من مماليك الصالح أيوب .(*15) 

وبذلك خرجت بلاد الشام من قبضة شجرة الدر ، وانقسمت الجبهة الإسلامية، التي وځدها كل من صلاح الدين  ثم أخيه العادل مرة أخرى، فأضحت مصر في يد المماليك وبلاد الشام تحت سيطرة الأيوبيين، وتجددت المنافسة المريرة بين القاهرة ودمشق.

وخشي المماليك على نظامهم الجديد من منافسة الأيوبيين، واضطربت أوضاعهم، فتنادوا إلى اجتماع يعقد في قلعة الجبل، حيث جدد الأمراء والأجناد الولاء والطاعة للسلطانة شجرة الدر وللأمير عزالدين أيبك أتابكا وقائدا للجيش،
وقرروا الخروج من القاهرة للتصدي للأيوبيين وإبعاد الملك الناصر عن دمشق إلا أنهم أحجموا عن ذلك عندما بلغهم انضمام كافة أمراء نيابات الشام إلى الصف الأيوبي واستعداد الملك الناصر يوسف للزحف نحو مصر (*16) 

وفي المقابل شهدت القاهرة إجراءات قمعية بحق الموالين للأيوبيين، حيث قبض على كل شخص عرف بموالاته لهم.

واتجه المماليك نحو بغداد لإنقاذ حكمهم المهدد، وإضفاء الضفة الشرعية على النظام الجديد. فكتبوا إلى الخليفة العباسي المستعصم يطلبون منه تأیید سلطنة شجرة الدر، لكن خاب أملهم عندما عاب عليهم الخليفة تنصيب امرأة في الحكم، وقال قولته المشهورة : إن كان الرجال قد عدمت عندكم فأخبرونا حتى نسير إليكم رجلا  (*17)

ولما وصل جواب الخليفة إلى القاهرة، وجدت شجرة الدر نفسها في موقف حرج، بعد أن أحاطت بها مظاهر العداء في الداخل والخارج. 

وأدرك المماليك، من جهتهم أيضا ، مدى ما وقعوا فيه من خطأ عندما ولوا عليهم أمرأة ، واقتنعوا بضرورة تغيير رأس السلطة ؛ ورأوا للخروج من هذا المأزق أن تتزوج شجرة الدر من الأمير عز الدين أيبك وتتنازل له عن العرش .

استجابت السلطانة لمطلب الأمراء، فخلعت نفسها من السلطنة في (شهر ربيع الآخر  648 ه / شهر تموز عام 1250م)، وتزوجت الأمير عزالدين أيبك ، وكان قد دام حكمها ثلاثة أشهر  .(*18)

والواقع أن سلطنة شجرة الدر، وهي المرأة التي برهنت خلال فترة حكمها عن مهارة نادرة، وكفاءة عالية من حسن السيرة والتدبير، وغزارة العقل ؛ كانت وليدة ظروف خاصة أحاطت بمصر في ذلك الوقت ، ونتيجة لموافقة المماليك البحرية ، وقد زالت الظروف الآن وأضحى وجود رجل على رأس السلطة أمرا اقتضته الظروف المستجدة ؛ وبذلك انتهى عهد السلطانة شجرة الدر .

👌 وباعتلاء عزالدين أيبك عرش السلطنة قامت دولة المماليك البحرية .  ☆1
--------------------------------------------------------------‐-----
         🔹 ️فئات الجيش المملوكي ووصفه

 تألف الجيش المملوکی بمصر من أربع فئات هي : 

1▪︎ المماليك السلطانية (الجلبان والسيفية) 
ويشملون مماليك السلاطين المتقدمين وهم القرانية ، 
ومماليك السلاطين الذين في دست الحكم ، وهم المشتروات ويطلق عليهم في كثير من الأحيان الجلبان أو الأجلاب (*19) 

ويضاف الى هؤلاء جماعات المماليك الذين ينتقلون الى خدمة السلطان بسبب وفاة سادتهم من الأمراء ، او لسبب عزل بعض الأمراء او مصادرة (ممتلكاتهم) ويطلق على هذه
الجماعات الاميرية اسم السيفية .

2▪︎المماليك الأميرية
اما الفئة الثانية فتشمل مماليك الأمراء أصحاب الاقطاعات و أرباب الدولة والوظائف ، ويعرفون باسم أجناد الأمراء . 

3▪︎ مماليك الحلفة و المتعممين
ويطلق على الفئة الثالثة اجناد الحلفة وهم الذين يجنون من عناصر مختلفة من أصناف المماليك الذين تقدمت الاشارة اليهم فضلا عن بعض المتعممين .(*20) 

4▪︎أولاد الناس 
وثمة فئة أخرى تضم مماليك ابناء الامراء ، واشتهر اولئك الابناء باسم اولاد الناس ، كما اشتهر مماليكهم باسم مماليك اولاد الناس  . (*21) 

وجاءت عناصر الجيش المملوكی من أجناس مختلفة وأولها جنس الترك ، على أن لفظ الترك يشمل معان كثيرة ، فهو تسمية خاطئة لدولة المماليك الأولى في مصر ، وهو اسم جنس للماليك الذين جاءوا من بلاد قبجاق، وهم أصحاب السيادة في العصر المملوكي الأول ، وموطنهم منذ أوائل العصور الوسطى حوض نهر أرتش .

 ثم اتجهت فئة منهم جنوبا نحو حوض نهر سرداریا سیحون في القرن الثاني عشر الميلادي (القرن السادس الهجري) ، بينما اتجهت فئة أخري إلي شرق أوربا حوالي ذلك الزمن (*22) 

 و دخل هؤلاء وأولئك جميعا في حوزة التتار وجنكيز خان، ولاسيما بعد أن توجه باطو خان بن دوش بن جنكيز خان نحو البلاد الشمالية ، وأخضع لسلطانه سكانها من القبجاق والعلاق واللان والأدلاق والجركس فضلا عن الروس . 

وغدت مملكة باطوخان، ومقرها صراي على نهر الفولجا تمتد من خوارزم إلى أطراف القسطنطينية ، ومن بلاد الروس إلى القوقاز ، وبذلك امتزج التتار والمغول بالترك في هذه البلاد (*23)

و نشطت حركة جلب الرقيق من العناصر التي خضعت للتتار على يد تجار مختلفين ، وأقبل أبناء الملوك من الأيوبيين على اقتناء اعداد كثيرة من ذلك الرقيق لإنشاء الجيوش الكافية لحروبهم الداخلية ولاسيما الصالح أیوب بن السلطان الكامل الذي اكثر في شراء المماليك بعد أن تبين له فساد الخوارزمية واقتنع بعدم الاعتماد عليهم ، تمکینا لنفسه في ولاية العهد وجعلهم بطانته والمحيطين بدهلیزه وسماهم البحرية (*24) 
وهي تسمية سابقة على عصره (*) .

ولذا فان معظم سلاطين المماليك في  العصر المملوكي الأول هم من بلاد القبجاق .

فالسلطان ايبك تركي الأصل والجنس فعرف بين البحرية بالتركماني (*) 

وقطز من المغول برغم دعواه بأنه ابن اخت خوارزم شاه (*) اما بیبرس فمولده بارض القبجاق وجاء الى القاهرة من سوق الرقيق بسيواس (*)، وقلاوون من جنس القبجاق كذلك (*) . 

ومن الطبيعي أن يعتمد كل سلاطين المماليك على مثل
ما نشأوا فيه من جيوش مملوكية معظمها من جنسهم . فلم يكتف السلطان الظاهر بيبرس بما كان يجلب إليه من المماليك من بلاد القبجاق وما يقع (في الرق)اثناء الحروب مع التتار والسلاجقة الروم (*) ، بل بعث التجار ليشتروا له المماليك من من بلاد التتار (*) 

وسار قلاون على نهجه في استجلاب المماليك من الترك والتتار (*)، ومعظمهم من الآص والجركس الذين جعلهم  في أبراج القلعة ، وسماهم البرجية (*) . 

وكان لاستمرار الحرب بين ملوك التتار في الشرق اثر كبير في كثرة السبي من النساء والصبيان الذين جيء بهم إلى مختلف الأسواق في مصر والشام (*) ، ولا سيما زمن السلطان الناصر محمد بن قلاون (*) .

 ووجد الجنوية(من جنوة ايطاليا) وغيرهم من التجار في السلطان مغنما ، فأمعنوا في الاستيلاء على أولاد التتار وجلبهم الى ثغر کفا بالقرم ، وضاق طقطا خان ملك القبجاق بهذه التجارة فارسل جیشا الى مدينة كفا وضرب أوکار تجار الرقيق بها ، غير أن ذلك لم يمنع تجارة الرقيق أو يقلل من نشاطها (*) .

على أن الحروب الناشبة بين ملوك التتار لم ينجم عنها ازدیاد
تجارة الرقيق فحسب ، بل ترتب عليها كذلك هجرة طوائف وأقوام من الأجناس التي غدت خاضعة للتتار ، ومنها طوائف تترية ؛ وهؤلاء التحقوا كذلك بالجيش المملوكي في مراتب أعلى مما كان فيه طوائف العرب والكرد والتركمان ، وإنما تقل عن مكانة المماليك السلطانية الذين اشتروا بالمال وقضوا مدة الرق في التعليم الحربي والديني ثم عتقوا واصبحوا جنودا مؤهلين (*)   

ويطلق على من قدم من هذه الطوائف التترية إلى مصر في خلال العصر المملوكي الأول اسم الوافدية والمستأمنين أو المستأمنة (*). 

ودخل هؤلاء الوافدية دولة المماليك وهم أحرار وظلوا كذلك ، وارتبط كثير منهم بالمماليك بالمصاهرة (*) 

 ولحق عدد قليل منهم بفرق المماليك السلطانية والخاصكية (*) ،ودخل عدد كبير منهم في خدمة الأمراء المماليك (*) ، 

غير أن الترقية في سلك الجيش خضعت لقيود شديدة ،
فلم يصل زعیم من زعماء اولئك الأحرار إلى ما وصل اليه نظائرهم من المماليك السلطانية (*) •

ويرجع السبب في بطء ترقية الوافدية في سلك الجيش المملوكي التركي إلى تعصب المماليك السلطانية ضد جميع العناصر الدخيلة على تربيتهم و نظام تنشئتهم ، لأن المماليك السلطانية في نظرهم وفي نظر المعاصرين كذلك ، هم أرباب الفروسية المملوكية دون غيرهم من فئات الجيش المملوکی ، وهم كذلك أشد ما يكونون حرصا على أن يجيء السلطان من
صفوفهم . 

ومن الأدلة على امتياز المماليك السلطانية على غيرهم من
الطوائف العسكرية ، أنهم استطاعوا منذ أواخر ايام السلطان الصالح أیوب أن يبعدوا الخوارزمية من الجيش النظامي في القاهرة ، فصاروا مكلفين بحماية الأعمال الساحلية بالشام ، وهي أقل مرتبة مما تقوم به فئات المماليك السلطانية (*) 

ثم إن كثرة أعداد الوافدية الى مصر وخشية هذه الكثرة على العصبية المملوكية السلطانية جعلت من السياسة ألا يصل الوافدي الى وظيفة كبيرة إلا قليلا . 

ومن الأدلة على ذلك أيضا أن عددا كبيرا من الخاملين من المماليك السلطانية إرتقوا الى المناصب العالية على حين لم ينجح في الوصول الى هذه المناصب او شبهها الا أفراد قلائل من الوافدية أمثال السلطان كتبغا وسلار (*)، 

ولعل أوضح الأدلة على ذلك كله قول أمیر مملوكي للأمير سلار من باب التعزير والاحتقار (أنت واحد منفي وافدي ، وليس باستطاعتك أن تجعل نفسك مثل مماليك السلطان) (*) ، فضلا عن محاباة السلطان كتبغا لهم ومحاولته مساواتهم بهم مما أثار حنق المماليك السلطانية (*) .☆2
--------------‐-----------------------------------------------------
 الهامش لم يستكمل بعد و تصحيح أخطاء النسخ و الأرقام فنرجو من الناسخين عدم النسخ و تعريض صفحاتهم للسخرية أو البلاغات من طرفنا #جواهر_الأدب_والتاريخ
--------------‐-----------------------------------------------------
(☆1) انظر د. محمد سهيل طقوش : تاريخ المماليك في مصر 
وبلاد الشام ط 1 دار النفائس 1997م ص 39 - 
--------------
(☆2) المماليك  د.السيد الباز العريني ص٥٤ - ٥٩
---------
(*1) ابن إياس : ج ١، قسم ۱، ص۲۸٦ .
(*2) راجع : تاريخ مصر في العصور الوسطى. لان بول
Lane-Poole: Egypt in middle ages   P255
العبادي : قيام دولة المماليك الأولى، ص۱۱۹.
(*3) النويري: ج۲۹، ص۷٦٣ . العيني : ج ١ ص ۲۷، ابن إياس : ج١ قسم ۱، ص۲۸٦
(*4) عاشور، سعيد عبد الفتاح : مصر والشام في عصر الأيوبيين والمماليك، ص۱۷۲.
(*5) السيوطي . حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة ص٣٤
(*6) المنصوري : ص۲۷. العيني: ج۱، ص۰۳۱
(*7) القيمرية : نسبة إلى قيمر، وهي قلعة بين الموصل وخلاط، وكان سكانها زمن ياقوت الحموي من الأكراد. یاقوت الحموي: معجم البلدان، ج٤، ص٤٢٤ .
(*Cool النويري: ج ۲، ص۳۹۷.
(*9)  المصدر نفسه، ص۳٥٣.
(*10) المصدر نفسه، ص۳۹۷.
(*11) العيني: ج۱، ص۳۲. قلعة الصبية هي قلعة بانياس من أرض دمشق .
(*12) المصدر نفسه .
(*13) راجع حول هذا الموضوع : النويري: ج۲۹، ص٣٦٨
(*14) العيني: ج۱، ص۳٣.
(*15) النويري: ج۲۹، ص۳٦٧.
(*16) العيني: ج۱، ص۳۳.
(*17) المقريزي: ج۱، ص۳۹۸-۳۹۹
(*18) النويري: ج ۲٩، ص ۳٦٣ - ٣٦٤
---------
(*19)الظاهري : زبدة كشف الممالك ص ۱۱۹
(*20)الظاهري : زبدة کشف الممالك ص ۱۱۹
ابن تغری بردی : النجوم الزاهرة ج۱ ص ۲۸٦ - ٢٨٧
(*21) إبن تغري بردي : المنهل الصافي ج ۲ ص ۱٣٥
النجوم الزاهرة ج ٥  ص ۱٥٣ ، ۱٥٦ ؛ ١٦٠
منتخبات من حوادث الدهور ص ۱۷٤ ؛ ١٧٥
ابن إياس : بدائع الزهور ج۲ ص٩٣ ؛ ص ١٠١--١٠٤ ؛ ص١٢٧
(*22) انظر En Ist Turks C 6 
(*23) القلقشندي صبح الأعشى ج٤ ص ٤٧٤؛ ج٦ ص ٤٥٨
والمقريزي : الخطط (بولاق) ج۱ ص ۹۰ ؛ وانظر العيني : عقد الجمان مجلد ٥ ص ٤٢٢
(*24) ابن تغری بردی : النجوم الزاهرة (ق) ج ٦ ص۳۳۰-٣٣١
. والمقريزي : السلوك لمعرفة دول الملوك ج۱ ص ۳۳۹.

من حقائق التاريخ  العصر  المملوكي Img?id=95314
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69984
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

من حقائق التاريخ  العصر  المملوكي Empty
مُساهمةموضوع: رد: من حقائق التاريخ العصر المملوكي   من حقائق التاريخ  العصر  المملوكي Emptyالأربعاء 27 يوليو 2022, 9:33 am

🔸 عز الدين أيبك و ️قيام دولة المماليك البحرية 
------------------------------------------------------------
بعد نجاحها في طرد الصليبيين  واستعادة دمياط عملت شجرة الدر على تدعيم مركزها الداخلي لتحتفظ بالسلطة ، فأخذت تتقرب من الخاصة والعامة، وتعمل على إرضائهم بشتى الوسائل ؛ لكن المصريين لم يتقبلوا أن تحكمهم امرأة ، وقد شعرت بهذا الحرج، فحرصت على ألا تبرز إسمها مكشوفا في المناشير . فكانت توقع بأسماء وتعابير تشير إليها مثل  "والدة السلطان خليل" طفلها من نجم الدين أيوب ؛ كما حاولت الإنتساب للخلافة العباسية ؛ فجعلت صيغة الدعاء على المنابر : "احفظ اللهم الجهة الصالحية ملكة المسلمين، عصمة الدنيا والدين، أم خليل، المستعصمية - نسبة إلى الخليفة المستعصم العباسي - صاحبة الملك الصالح "

وقد قامت المظاهرات في القاهرة، وحدثت اضطرابات عديدة مناهضة لحكمها، وكان من الطبيعي أن يقف الملوك والأمراء الأيوبيون في بلاد الشام، موقف العداء لهذا لنظام الجديد لانهم يعتبرون أنفسهم ورثة الصالح أيوب بالضرورة . 

وخشي المماليك على نظامهم الجديد من منافسة الأيوبيين، واضطربت أوضاعهم، فتنادوا إلى اجتماع يعقد في قلعة الجبل، وقرروا الخروج  للتصدي للأيوبيين إلا أنهم أحجموا عن ذلك ؛ واتجهوا نحو خليفة بغداد لإنقاذ حكمهم ، وإضفاء الشرعية عليه لكن خاب أملهم عندما عاب عليهم الخليفة تنصيب امرأة في الحكم، وقال قولته المشهورة : إن كان الرجال قد عدمت عندكم فأخبرونا حتى نسير إليكم رجلا .

ولما وصل جواب الخليفة إلى القاهرة، وجدت شجرة الدر نفسها في موقف حرج، وأدرك المماليك، من جهتهم أيضا ، مدى ما وقعوا فيه من خطأ عندما ولوا عليهم أمرأة ، واقتنعوا بضرورة تغيير رأس السلطة ؛ ورأوا للخروج من هذا المأزق أن تتزوج شجرة الدر من الأمير عز الدين أيبك وتتنازل له عن العرش .

استجابت السلطانة لمطلب الأمراء، فخلعت نفسها من السلطنة في (شهر ربيع الآخر  648 ه / شهر تموز عام 1250م)، وتزوجت الأمير عزالدين أيبك ، وكان قد دام حكمها ثلاثة أشهر  .
👌 وباعتلاء عزالدين أيبك عرش السلطنة قامت دولة المماليك البحرية .  [☆1]
--------------------------------------------------------------‐-----
             🚩 الملك المعز - عز الدين أيبك
                ( ٦٤٨ - ٦٥٥ ه/ ۱۲٥٠ - ۱۲٥٧م )

تولى عزالدين أيبك عرش مصر بعد تنازل شجرة الدر عن الحكم، وتلقب باللقب السلطاني «المعز أيبك» .

كان أيبك أحد المماليك الصالحية، لكنه لم يكن من طائفة المماليك البحرية، ولا أكبرهم سنا أو أقدمهم خدمة أو أقواهم نفوذا، لكنه اشتهر بین المماليك بدين وكرم وجودة رأي (*1) 

ترقي في خدمة السلطان الصالح أيوب حتى أصبح من الأمراء، وتولى وظيفة الجاشنكير في البلاط السلطاني . (*2)

ويبدو أن دافع الأمراء المماليك لاختياره من بينهم، يعود إلى وجود عدة أمراء أقوياء مثل أقطاي وبيبرس وقلاوون، وكان هؤلاء يخشون بعضهم بعضا، بالإضافة إلى ذلك يعتبر أيبك من أواسط الأمراء مكانة وليس من أعيانهم، حتى إذا بدا أن مصلحتهم تقتضي عزله، استطاعوا ذلك في يسر لضعف شأنه وضآلة نفوذه  (*3)  ☆ سهيل طقوش

{ والواقع أن هذه القفزة لأيبك كانت حالة إستثنائية عن عرف التدرج لدى المماليك جعلت بعض المؤرخين مثل أبي المحاسن ابن تغري بردي - في كلامه السابق - ، يتهم أيبك بضعف النفوذ والشوكة ، وان الأمراء لم ينتخبوه الا لكي يتمكنوا من عزله متى شاءوا ..

 غير أن الحوادث دلت على أن أيبك رجل يمتاز بصفات
السياسة والحزم والشجاعة ، ولم يكن ضعيف الشخصية كما يصوره بعض المؤرخين ، ويبدو أن أبا المحاسن نفسه قد شعر بالخطأ الذي وقع فيه حينما وصف أيبك بالضعف في كتابه النجوم الزاهرة ، اذ أنه عاد واستدرك ذلك في كتابه الآخر : « المنهل الصافي »، فمدح أيبك فيه ، ووصفه بالديانة والصيانة والعقل والسياسة ، وأنه انقذ دولة المماليك من خطر محقق (*4). } ☆ أحمد العبادي 
 
 تولى المعز أيبك السلطنة المملوكية البحرية ليجد نفسه أمام أربعة أخطار جسيمة، ثلاثة أخطار داخلية ، وخطر خارجي.

تمثل الخطر الداخلي الأول، بالانتفاضة الشعبية ضد الحكم المملوكي بشكل عام، وتمثل الثاني بمؤامرات بعض زعماء المماليك ضد حكم أيبك، في حين تمثل الثالث بالخطر الذي شكلته شجرة الدر، بينما تمثل الخطر الخارجي بإصرار
الأيوبيين على الزحف نحو مصر لاستخلاصها من أيدي المماليك. فكيف واجه المعز أيبك هذه الأخطار؟ ☆طقوش
---------------
🔹أولا ️الخطر الأيوبي والصليبي 

كان الخطر الأيوبي ممثلا في الأمراء الأيوبيين بالشام وعلى رأسهم الملك الناصر یوسف صاحب حلب ودمشق ؛ وحاول أيبك هدم هذه المعارضة الأيوبية باقامة أمير من ذرية بني أيوب الى جانبه ، واستقر الرأي على تولية المدعو الأشرف موسی (*5) ، وهو طفل في نحو السادسة ، ليكون شريكا لأيبك في السلطنة ، فصار يخطب باسمهما على منابر مصر وأعمالها ، وضربت لهما السكة على الدنانير والدراهم .(*6)

ولكن هذه الحيلة لم تدخل على الأيوبيين لأنهم يعلمون تماما أن الأشرف موسى لم يكن له غير الاسم ، على حين كانت الأمور جميعها بيد أيبك (*7).

عندئذ أعلن أيبك ان البلاد تحت سلطة الخلافة العباسية صاحبة السلطان القديم عليها ، وأنه نائب الخليفة المستعصم بها (*Cool .

 وبهذه الحيلة الثانية حاول أيبك هدم المقاومة الأيوبية ، غير أنه لم يكتف بذلك ؛  ولأنه يعلم أن الناصر يوسف لن يرجع عن عزمه بسهولة ، فأخذ يستعد لمحاربته .

أما الملك الناصر يوسف ، فإنه رأي لكي يضمن النجاح لحملته على مصر ، ان يضم الى جانبه الملك لويس التاسع المقيم في عكا منذ إطلاق سراحه من محبسه في المنصورة ، وعرض عليه مقابل ذلك تسليمه بیت المقدس الذي كان تحت امرة الأيوبيين في ذلك الوقت (منذ حرره الصالح نجم الدين أيوب)

وعلم أيبك بأنباء هذه المفاوضات ، فأرسل إلى الملك لويس تهديدا بقتل أسرى الصليبيين المقيمين بمصر إن قام بأي عمل عدائي ضده . وفي الوقت نفسه أبدى له استعداده لتعديل معاهدة دمياط ، والتنازل له عن نصف الفدية المقررة ، إن تحالف معه ضد الناصر يوسف . 

غير أن الملك لويس التاسع فضل أن يقف بين الفريقين موقف الحياد ، وان يستغل نزاعهما لصالحه .

ولما يئس الناصر يوسف من مساعدة لويس التاسع ، زحف بجيوشه نحو مصر ، وسارع أيبك للقائه ، ولكنه خشى في الوقت نفسه أن يقوم الصليبيون بهجوم مفاجيء على مصر ، فأمر بهدم مدينة دمياط هدفهم المفضل دائما ..

فوقع الهدم في أسوارها يوم الاثنين ١٨ شعبان سنة ٦٤٨ ه ( اواخر سنة ۱۲٥٠ م) حتى خربت كلها ولم يبق منها سوى الجامع وأخصاص من القش على شاطىء النيل يسكنها جماعة الصيادين من وضعفاء الناس وسموها المنشية (*9) 

واستمرت دمياط على هذه الحال حتى عمرها السلطان بيبرس البندقداري من جديد سنة (۱۲۷۱ م)

ثم التقى المماليك بالأيوبيين في معركة عامة عند بلدة العباسية بين مدينتي بلبيس والصالحية ، في ٣ فبراير سنة ( ۱۲٥١ م)، انتصر فيها الملك الناصر أول الأمر ، ولكن فرقة من مماليكه ، وهم العزيزية (*10) ، خذلوه وانضموا إلى المماليك البحرية لعلة الجنسية على قول المراجع المعاصرة (*11)

ففر الناصر ومن معه من أبناء البيت الايوبي إلى الشام منهزمين ، بعد أن فقدوا عددا كبيرا من القتلى والأسرى . وقرر أيبك أن يواصل زحفه نحو الشام للقضاء على مراكز المقاومة الأيوبية ، ولكي يضمن النجاح لمشروعه ، حاول أن يضم لويس التاسع الى جانبه ، ووعده بیت المقدس بمجرد استيلائه عليه من الملك الناصر يوسف الأيوبي . 

 وفضل لويس التاسع ، بعد أن رأى انتصار الجانب المصري ان يستجيب لعروض أيبك ويترك سياسة الحياد .

وفي أوائل مایو سنة (۱۲٥٢ م) اتفق أيبك ولويس التاسع على القيام بحملة مشتركة لطرد الناصر يوسف من الشام . وكانت الخطة المتفق عليها هی أن يستولي لويس التاسع على يافا ، بينما يحتل أيبك غزة ، ومن هناك يتم الاتصال بين الجيشين في منتصف مايو سنة( ۱۲٥٢م)  للقيام بهجوم عام مشترك على ولايات الأيوبيين (*12). 

وتنفيذا لهذه الخطة، إحتل الملك لويس مدينة يافا دون مقاومة ، بينما تقدم المماليك بقيادة أقطای نحو غزة ، غير أن الملك الناصر يوسف ، الذي علم بأخبار هذا التحالف ، سبقهم الى احتلالها بقوة حربية كبيرة ، فاستطاع بهذا العمل الجريء أن يحول دون اتصال المماليك بحلفائهم الصليبيين ، ويفسد عليهم خطتهم المشتركة .

واستمرت جيوش المماليك في الصالحية ، وجيوش الأيوبيين في غزة كل منهما تتحفز بالاخرى ، إلى أن أنقذ الموقف أخيرا الخليفة العباسي المستعصم عندما توسط لدى الفريقين ، وتمكن رسوله نجم الدين البادرانی(*13) من عقد صلح بينهما في أبريل سنة( ۱۲٥٣م / ٦٥١ ه ) على ان يكون للمماليك مصر وجنوب فلسطين بما في ذلك غزة وبيت القدس ؛ بينما تظل البلاد الشامية في يد أصحابها من أبناء البيت الأيوبي .

وهكذا فشل لويس التاسع في تحقيق آماله بامتلاك بیت المقدس(مرة أخرى) ، ولم يستطع بعد ذلك البقاء في الشام خصوصا بعد وفاة والدته الملكة بلانش( القشتالية ) التي كانت تحكم فرنسا في غيابه کوصية على العرش ، فاضطر لويس التاسع الي الرجوع الى بلاده سنة ۱۲٥٤ م •

على أنه ينبغي أن نلاحظ هنا أن تدخل الخليفة العباسي في ذلك الوقت ، لم يكن هدفه ايقاف التغلغل الصليبي في شئون الشرق العربي فحسب ، بل كان غرضه أيضا توحيد الجهود لتكوين جبهة اسلامية أمام خطر جديد أشد من الخطر الصليبي ، وهو الخطر المغولي الذي كانت جحافله قد اجتاحت الحدود الاسلامية الشرقية بقيادة جنكيزخان وقضت على الدولة الخوارزمية التي كانت بمثابة الترس المانع الحامي لجميع الدول الإسلامية في غرب آسيا والشرق الأدنى من هجمات المغول وغيرهم من الآسيويين . 

وهكذا انتهت العقبة الأولى في تأسيس الدولة المملوكية
الناشئة وهي النزاع بين المماليك وملوك البيت الايوبي .
☆ أحمد م العبادي 
 -------------------------------‐------------------------------------
🔹ثانيا️ ثورة العرب ضد حكم المماليك( ٦٥١ ه/ ۱٢٥٣ م )
الواقع أن العرب من سكان مصر، الذين استوطنوا هذا البلد منذ الفتح الإسلامي، قد تحولوا تدريجيا إلى مزارعين مستقرين ، خاصة في أقاليم الصعيد والشرقية، وأطلق عليهم العرب المزارعة .(*14)

ويبدو أن هؤلاء العرب احتقروا المماليك، ورفضوا أن يخضعوا لحكمهم بسبب أصلهم غير الحر ، واعتبروا أنهم أحق بالملك منهم، وقد اتخذ رفضهم شكل ثورة مسلحة تزعمها الشريف حصن الدين بن ثعلب . (*15) 

{ من المعروف أن القبائل العربية التي استوطنت مصر بعد الفتح الإسلامي ، وأخذت تتحول تدريجيا الى شعب زراعی ، وأطلق عليهم اسم العرب المزارعة . وكان هؤلاء العرب يقومون بفلاحة الأرض على مقربة من القرى القديمة الآهلة
بالفلاحين من أهالي البلاد ، ...

غير أنه يلاحظ أن هؤلاء العرب کانوا يتمتعون بمركز اجتماعی اعلى مرتبة من الفلاحين بسبب المساعدات الحربية التي كانوا يؤدونها للدولة في وقت الحرب ولا سيما إبان الحروب الصليبية ...

وكان مشايخ العرب تقع عليهم تبعة حفظ النظام في القرى والارياف ، كذلك كانت مساهمتهم في الانتاج الزراعي ودفع الخراج كبيرة نسبيا؛ وكان تعسف امراء المماليك في تحديد أثمان المنتجات الزراعية واحتكارها والتلاعب في أسعارها أحيانا ، من الأسباب التي دفعت بهؤلاء المزارعين العرب الى القيام بثورات متعددة طوال العصر المملوکی } . ☆ العبادي

والواضح أن أسباب الثورة تعود إلى دافعين رئيسيين: 
دافع سياسي و آخر إقتصادي ؛ ويلاحظ أن ثورة العرب هدفت إلى القضاء على حكم المماليك وإعادة مصر إلى حظيرة الحكم العربي الحر .

أما من حيث الدافع الاقتصادي، فإن المماليك تعسفوا في تحديد أثمان المنتجات الزراعية، وتلاعبوا بأسعارها، مما انعكس سلبا على أوضاع المزارعين الإقتصادية، وقد أدى ذلك إلى هجرة عدد كبير منهم إلى المدن الكبرى حيث اشتركوا في النزاعات الداخلية التي كانت تدور بين الأمراء المماليك - كما بالغ المماليك في الإستهتار و زيادة الضرائب .(*16)

ويبدو أن الحركة الثورية لم تقتصر على المزارعين العرب وحدهم، بل انتشرت بين العامة الذين التفوا حول الشريف حصن الدين ، ورفض المصريون أن يحكمهم سلطان جرى عليه رق، فكانوا يهاجمون أيبك ويوجهون إليه النقد ويسمعونه ما يكره ، من ذلك قولهم : «لا نريد إلا سلطانا رئيسا مولودا على الفطرة »(*17).

وأقام "الشريف حصن الدين" دولة عربية مستقلة في مصر الوسطى وفي منطقة الشرقية بالوجه البحري قاعدتها «ذروة سريام» أو «ذروة الشريف» نسبة إليه .(*18)

وحتى يقوي سلطة دولته الناشئة، اتصل الشريف بالملك الناصر يوسف ، صاحب الشام، وطلب مساعدته في محاربة المماليك(*19). 

لكن الملك الأيوبي الذي كان يجري، آنذاك ، مفاوضات مع أيبك بشأن عقد صلح بينهما، لم يكن بوسعه أن يقدم أية مساعدة .

أثارت هذه الحركة الثورية مخاوف المماليك، فخشوا على مستقبل دولتهم الوليدة مما دفعهم إلى اتباع سياسة العنف والقوة في قمعها ، فأرسل أيبك حملة عسكرية بقيادة أقطاي للقضاء على هذه الثورة، وتمكن من التغلب على المقاومة العربية في بلبيس ، وظل حصن الدين طليقا يحكم مصر الوسطى حتى قبض عليه الظاهر بيبرس عندما تولى الحكم وشنقه (*20) .

 كان أيبك قد استعان بالمماليك البحرية في التغلب على ثورة العرب التي واجهته ، فازداد نفوذهم وارتفعت مكانة زعيمهم فارس الدين أقطاي. وكان أيبك يتوجس خيفة من تصاعد نفوذ أقطاي وطائفته البحرية عقب الإنتصارات التي حققتها هذه الطائفة على الصليبيين، والناصر يوسف .

 وجاء انتصار أقطاي على العرب ليزيد من مكانته، حتى أضحى وقوع الصدام بينهما حتميا ، وليس مستبعدا أن يكون تكليف هذا الأخير بإخضاع الثورة المشار إليها وسيلة للتخلص منه .

والواقع أن أقطاي عمد بعد انتصاره على العرب إلى إقطاع ثغر الإسكندرية لنفسه، ولم يتمكن أيبك من معارضته، في الوقت الذي اشتط فيه المماليك البحرية في طلب الإقطاعات و المنح ، وراحوا يحيكون المؤامرات لخلع أيبك .

وقد ذكرنا، أن المماليك وافقوا على سلطنة أيبك لاعتقادهم بأنه شخصية ضعيفة، وأنه من الممكن إسقاطه عن الحكم بسهولة، لكن التطورات السياسية أثبتت غير ذلك. فبعد تركزه في الحكم، أخذ يعمل على تقوية مركزه، وتحرك على ثلاثة محاور :

1▪︎ فقد أنشأ لنفسه فرقة من المماليك عرفوا بالمعزية نسبة إلى لقبه الملك المعز.
2▪︎ إنه عین مملوکه قطز نائبا للسلطنة .
3▪︎أنه أخرج المماليك البحرية من ثكناتهم في جزيرة الروضة، وكان قد عزل شريكه الصغير في الحكم الطفل الأشرف موسی وانفرد بالسلطنة، فبدا في صورة السلطان القوي .

ويبدو أن هذه الإنتصارات التي حققها، وتلك الإجراءات الشكلية التي أحاط نفسه بها، لم تحمه من خطر أقطاي، ولم تحد من نفوذه وطموحه، حتى أفاق أيبك أخيرا ليجد نفسه أمام منافس قوي بلغ درجة عالية من السطوة والنفوذ فاقت
سطوة الملك ونفوذه، محاطا بالفرسان المسلحين، وقد اعتدوا بأنفسهم وبقوتهم (21)

وذهب أقطاي بعيدأ حين راح يهاجم أيبك، ويبالغ في تحقيره في مجلسه ولا يسميه إلا أيبكة»، وينتحل لنفسه في مواكبه ومجالسه بعض الشعارات السلطانية، ثم تطلع نحو السلطنة، وسانده أتباعه البحرية لتحقيق أمنيته، فلقبوه بالملك الجواد (*22).

وازداد أقطاي عتوا حين خطب لنفسه إحدى أميرات البيت الأيوبي، وهي ابنة المظفر تقي الدين محمود صاحب حماة ، فأضحى له سند شرعي في الحكم، ثم طلب من المعز ايبك أن يسكن قلعة الجبل، باعتبار زوجته من بنات الملوك .

عندئذ أدرك أيبك ما يجول في فكر أقطاي، لأن قلعة الجبل كانت في ذلك الوقت المقر الرسمي للحكم وكان معنی طلبه ذلك أنه تطلع نحو السلطنة (*23) 

فلم يبق لدى أيبك ، بعد ذلك، أدنى شك في نواياه السلطوية وأضحى التخلص منه ضرورة ملحة، وصمم على قتله. فاستدرجه صباح يوم الاثنين في (۱۱ من شهر شعبان عام ٦٥٢ ه/ ۲۷ من شهر أيلول عام ۱۲٥٤ م) إلى القلعة بحجة استشارته في أمر مهم ...  وكان قد اتفق مع مماليكه المعزية على اغتياله .

وفعلا حضر أقطاي إلى قلعة الجبل مع بعض ممالیکه، فما كاد يدخل باب القلعة المؤدي إلى القاعة الكبرى حتى أغلق خلفه، ومنع ممالیکه من الدخول، ثم هاجمه المماليك المعزية، ومنهم الأمير قطز ، وانقضوا عليه وقتلوه بسيوفهم .(*24)

وسرعان ما أشيع خبر مقتل أقطاي في القاهرة، فهرع سبعمائة من ممالیکه لإنقاذه ظنا منهم أنه لم يقتل بعد وأنه ما يزال حيا، وكان من بينهم الأمراء، بيبرس البندقداري وقلاوون الألفي وسنقر الأشقر ، وعسكروا تحت أسوار القلعة. 

لكن أيبك ألقى إليهم برأس زعيمهم، فأدركوا عندئذ أنهم أمام رجل قوي وأنه لا مقام لهم في مصر خشية أن يبطش بهم فهرب منهم من استطاع الفرار إلى بلاد الشام، ليحتموا بظل الملوك الأيوبيين مثل الناصر یوسف صاحب حلب ودمشق، والمغيث ملك الكرك، كما التجأ مائة وثلاثون منهم إلى سلطنة سلاجقة الروم في آسيا الصغرى ..(*25) 

*وكان يحكم سلطنة سلاجقة الروم في عام ( ٦٥٢ ه) عندما التجا إليها المماليك البحرية ثلاثة أخوة معا  هم : عز الدين كيكاوس بن كيخسرو وهو كيكاوس الثاني ؛  وقلج أرسلان بن كيخسرو، و هو قلج أرسلان الرابع، وعلاء الدین کیقباد بن کیخسرو، وهو كيقباد الثاني .
(راجع ابن بيبي الذي عاش هذه الأحداث، ص۲٦٣ - ٢٦٨)
☆  م سهيل طقوش
--------------‐-----------------------------------------------------
 الهامش لم يستكمل بعد فنرجو عدم النسخ و تعريض صفحاتكم للبلاغات من طرفنا #جواهر_الأدب_والتاريخ
--------------‐-----------------------------------------------------
[☆1] انظر د. محمد سهيل طقوش : تاريخ المماليك في مصر 
وبلاد الشام ط 1 دار النفائس 1997م ص 39 - 50
[☆2]  د.  أحمد مختار العبادي ، قيام دولة المماليك الأولى طبعة دار النهضة ١٩٨٦ القاهرة ، ص ١٢٤-١٢٨  
------------‐
(*1) ابن تغري بردي : ج۷، ص٤.
(*2) الجاشنكير:  يقوم متولي هذه الوظيفة بذوق الطعام والشراب قبل السلطان خوفا من أن يدس عليه فيه سم أو نحوه، راجع القلقشندي، صبح الأعشى في صناعة الإنشا: ج٤ ، ص۲۱ وج ٥ ، ص٤٦٠ .
(*3) ابن تغري بردي: ج۷، ص٤.
(*4)ابن تغري بردي المنهل الصافي والمستوفي بعد الوافي ج1 لوحة ۲ مخطوط بدار الكتب المصرية )
---------
(*5) هو الأشرف موسی بن يوسف بن المسعود بن الكامل ، وكان جده المسعود صاحب اليمن المعروف بأقسیس المتوفي سنة ۱۲۲۸ م، وعاش ابوه في كنف الصالح أیوب حتى توفي عن هذا الطفل الصغير موسی . (المقريزي : السلوك ج۱ ص ۳٦٩)
(*6) ابن ایاس : بدائع الزهور ج١ ص ۹۰، المقريزي : الخطط ج2 ص۲۳۷
(*7) ابن تغري بردي: النجوم الزاهرة ج۷ ص ٦، المقريزي : السلوك ج١ ص ۳۹۹
(*Cool ابو الفداء : المختصر في أخبار البشر ج۳ ص۱۹۲ ، المقريزي : السلوك ج۱ ص ۳۷۰
(*9) المقريزي : السلوك ج۱ ص ۰۳۷۲ 
(۱۹۹ ه ) راجع ( ابن ایاس : المرجع ج۱ ص ۸۷، ۱۱۱)
(*10) العزيزية نسبة الى العزيز محمد والد الناصر يوسف، وقد انتقلوا الى خدمته بعد وفاة ابيه سنة ۱۲۳۹ م.
(*11) ابن واصل : مفرج الكروب ج۲ ص ۳۸۲ - ۳۸۳، المقريزي :
السلوك ج۱ ص ۳۷۳ - ۳۷۰ ، ابو المحاسن : النجوم الزاهرة ج٧ ص ۸
(*12) راجع (251-250 : The Knights Hospitallers P)
(*13) البادراني نسبة إلى قرية بادران بأصبهان .
----------
(*14) العبادي: المرجع السابق، ص ۱۲۸.
(*15) القلقشندي: ج٤، ص۹۸.
(*16) المقريزي: ج۱، ص۳۸۰. ابن تغري بردي : ج۷، ص۲۳.
(*17) ابن تغري بردي: ج۷، ص۱۳.
(*18) ابن فضل الله العمري شهاب الدين : التعريف بالمصطلح الشريف، ص۱۸۸.
(*19) المقريزي: ج۱، ص٣٨٩
(*20) النويري: ج۲۹، ص٤۲۹.
(*21) النويري: ج۲۹، ص ٤٣.
(*22) ابن تغري بردي : ج۷، ص۱۱.
(*23) المقريزي: ج۱، ص ٣٨٩
(*24) المنصوري : ص۳٥. النويري: ج۲۹، ص۹۳۰ - ۳۱.
(*25) المنصوري : المصدر نفسه. المقريزي: ج۱، ص۳۹۳

من حقائق التاريخ  العصر  المملوكي Img?id=95315
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69984
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

من حقائق التاريخ  العصر  المملوكي Empty
مُساهمةموضوع: رد: من حقائق التاريخ العصر المملوكي   من حقائق التاريخ  العصر  المملوكي Emptyالأربعاء 27 يوليو 2022, 9:34 am

🔹️ ملخص ماسبق 
كان أيبك أحد المماليك الصالحية، لكنه لم يكن من طائفة المماليك البحرية، ولا أكبرهم سنا أو أقدمهم خدمة أو أقواهم نفوذا، لكنه اشتهر بین المماليك بدين وكرم وجودة رأي.

وقد دلت الحوادث دلت على أن أيبك رجل يمتاز بصفات
السياسة والحزم والشجاعة ، ولم يكن ضعيف الشخصية كما يصوره بعض المؤرخين.

تولى المعز أيبك السلطنة المملوكية البحرية ليجد نفسه أمام أربعة أخطار جسيمة .

الخطر الأول الخارجي  كان الخطر الأيوبي ممثلا في الأمراء الأيوبيين بالشام وعلى رأسهم الملك الناصر یوسف صاحب حلب ودمشق ؛ وإصرارهم على الزحف نحو مصر لاستخلاصها من أيدي المماليك

والخطر الثاني الخارجي تمثل في الصليبيين الطامعين في مصر . 

وتمثل الخطر الداخلي الأول، بالانتفاضة الشعبية ضد الحكم المملوكي بشكل عام .

وأما الخطر الداخلي الثاني فقد شكلته شجرة الدر بشكل أساسي ؛ والمماليك البحرية على رأسهم فارس الدين أقطاي .

اتصل  الناصر يوسف  بالملك لويس التاسع المقيم في عكا منذ إطلاق سراحه من محبسه في المنصورة ، وعرض عليه مقابل مقابل مساعدته في غزو مصر ؛ تسليمه بیت المقدس.

أرسل أيبك إلى الملك لويس تهديدا بقتل أسرى الصليبيين  بمصر إن قام بأي عمل عدائي ضده . وفي أبدى له استعداده للتنازل له عن نصف الفدية المقررة في دمياط، إن تحالف معه ضد الناصر يوسف ؛ غير أن الملك لويس التاسع فضل أن يقف بين الفريقين موقف الحياد ، وان يستغل نزاعهما لصالحه .

ولما يئس الناصر يوسف من مساعدة لويس التاسع ، زحف بجيوشه نحو مصر ، وسارع أيبك للقائه ، ولكنه خشى في الوقت نفسه أن يقوم الصليبيون بهجوم مفاجيء على مصر ، فأمر بهدم مدينة دمياط هدفهم المفضل دائما ..

التقى المماليك بالأيوبيين عند بلدة العباسية بين مدينتي بلبيس والصالحية ، في ٣ فبراير سنة ( ۱۲٥١ م)، انتصر فيها الملك الناصر أول الأمر ، ولكن فرقة من مماليكه ، وهم العزيزية ، خذلوه وانضموا إلى المماليك البحرية ففر الناصر ومن معه من أبناء البيت الايوبي إلى الشام منهزمين.

فضل لويس التاسع ، بعد أن رأى انتصار الجانب المصري ان يستجيب لعروض أيبك ويترك سياسة الحياد وفي  مایو سنة (۱۲٥٢ م) اتفق أيبك ولويس التاسع على القيام بحملة مشتركة لطرد الناصر يوسف من الشام.

إحتل لويس مدينة يافا ، بينما تقدم المماليك بقيادة أقطای نحو غزة ، غير أن الملك الناصر يوسف ، الذي علم بأخبار هذا التحالف ، سبقهم الى احتلالها بقوة حربية كبيرة ، فاستطاع  أن يحول دون اتصال المماليك بحلفائهم الصليبيين ، ويفسد عليهم خطتهم المشتركة .

توسطالخليفة العباسي المستعصم ، وتمكن رسوله نجم الدين البادرانی من عقد صلح بينهما في أبريل سنة( ۱۲٥٣م / ٦٥١ ه ) على ان يكون للمماليك مصر وجنوب فلسطين بما في ذلك غزة وبيت القدس ؛ بينما تظل البلاد الشامية في يد أصحابها من أبناء البيت الأيوبي .

ويبدو أن العرب احتقروا المماليك، ورفضوا أن يخضعوا لحكمهم بسبب أصلهم غير الحر ، واعتبروا أنهم أحق بالملك منهم، وقد اتخذ رفضهم شكل ثورة مسلحة تزعمها الشريف حصن الدين بن ثعلب .

وأقام "الشريف حصن الدين" دولة عربية مستقلة في مصر الوسطى وفي منطقة الشرقية بالوجه البحري؛ واتصل بالملك الناصر يوسف ، وطلب مساعدته في محاربة المماليك لكن الأخير كان منشغلا .

 استعان ليبك بالمماليك البحرية في التغلب على ثورة العرب، فازداد نفوذهم وارتفعت مكانة زعيمهم فارس الدين أقطاي.  .
وبعد إنتصارهم السابق على الأيوبيين ؛ فجاء انتصار أقطاي على العرب ليزيد من مكانته،  حتى أضحى وقوع الصدام بينهما حتميا .

ولتوجس أيبك من المماليك البحرية و أقطاي اتخذ عددا من الخطوات : 

1▪︎ فقد أنشأ لنفسه فرقة من المماليك عرفوا بالمعزية نسبة إلى لقبه الملك المعز.
2▪︎ إنه عین مملوکه قطز نائبا للسلطنة .
3▪︎أنه أخرج المماليك البحرية من ثكناتهم في جزيرة الروضة، وكان قد عزل شريكه الصغير في الحكم الطفل الأشرف موسی وانفرد بالسلطنة، فبدا في صورة السلطان القوي .

ذهب أقطاي بعيدأ حين راح يهاجم أيبك، ويبالغ في تحقيره في مجلسه ولا يسميه إلا "أيبكة"، وانتحل لنفسه في مواكبه ومجالسه بعض الشعارات السلطانية، ثم تطلع نحو السلطنة، وسانده أتباعه البحرية لتحقيق أمنيته، فلقبوه بالملك الجواد.

وخطب أقطاي إحدى أميرات البيت الأيوبي، وهي ابنة المظفر تقي الدين محمود صاحب حماة ، فأضحى له سند شرعي في الحكم .

استدرج أيبك أقطاي صباح يوم الاثنين في (۱۱ من شهر شعبان عام ٦٥٢ ه/ ۲۷ من شهر أيلول عام ۱۲٥٤ م) إلى القلعة بحجة استشارته في أمر مهم ...  وكان قد اتفق مع مماليكه المعزية على اغتياله .

فما كاد يدخل باب القلعة حت هاجمه المماليك المعزية، ومنهم الأمير قطز ، وانقضوا عليه وقتلوه بسيوفهم؛ فهرع سبعمائة من ممالیکه لإنقاذه ظنا منهم أنه لم يقتل بعد ، لكن أيبك ألقى إليهم برأس زعيمهم، فأدركوا عندئذ أنهم أمام رجل قوي وأنه لا مقام لهم في مصر .

ولخشية أن يبطش بهم أيبك هرب منهم من استطاع الفرار إلى بلاد الشام، لدى الأيوبيين ، كما التجأ مائة وثلاثون منهم إلى سلطنة سلاجقة الروم في آسيا الصغرى .
-------------------------------‐------------------------------------
🔸️ لقد بدت هذه الحركة، التي نفذها أيبك ضد المماليك البحرية وعلى رأسهم زعيمهم أقطاي، وكأنها خطوة نحو إعادة توحيد القوى من مشكلة الحكم، لكن الحقيقة كانت غير ذلك لثلاثة أسباب :
▪︎الأول :
 قسم مقتل أقطاي المماليك إلى قسمين يتربص كل منهما بالآخر، هما المماليك البحرية والمماليك المعزية. وقد عانت البلاد من فوضى التقسيم هذا في الوقت الذي بدت فيه أخطار المغول تقترب من البلاد الشامية ومصر .

الثاني :
▪︎ لقد تعرض أيبك لمن تبقى من البحرية في مصر، فقتل بعضهم وسجن البعض الآخر، كما صادر أموالهم ونساءهم وأتباعهم، وهدد كل من يخفي أحدا منهم .(*1)

▪︎الثالث : 
لقد ظل المماليك، الذين فروا إلى بلاد الشام، يسببون المتاعب
لأيبك بفعل أنهم حثوا الزعماء الأيوبيين وعلى رأسهم الناصر يوسف على مهاجمة مصر (*2)

و قد رحب الأخير صاحب دمشق وحلب بالفارين عسى أن يستغل قضيتهم لصالحه، لاستعادة ما استقطع منه من المناطق الفلسطينية مثل بيت المقدس وساحل فلسطين وفقاً لاتفاقية عام (651هـ/ 1253م) المعقودة بينه وبين السلطان المملوكي أيبك ، بالإضافة إلى ذلك فإنه أمل في تعميق الهوة بينهم وبين أيبك .

وطلب الناصر يوسف من أيبك إعادة المناطق التي أخذها منه وفقاً للاتفاقية المذكورة لإعطائها للمماليك البحرية كإقطاع باعتبارها كانت بحوزتهم في الماضي، وبذلك يكون قد أرضاهم، وأبعدهم عن مصر .

ويبدو أن أيبك ظن أن الناصر يوسف يخدعه بهدف اتخاذهم ذريعة لمهاجمة مصر، مرة أخرى، لذلك رأى أن يتصرف على محورين :

▪︎الأول : 
أنه أعاد فعلا البلاد المذكورة إلى الملك الناصر الذي منحها
للمماليك البحرية الذين استقروا في خدمته (*3) .

▪︎الثاني : 
إنه تهيا للخروج من القاهرة إلى الحدود المصرية للتصدي للتحالف الجديد إذا ما هاجم أفراده الأراضي المصرية، وعسكر بالقرب من بلدة العباسة .

وفعلا، كان ظن أيبك في محله، فقد خرج الناصر يوسف والمماليك البحرية من دمشق باتجاه مصر، وعسكروا في تل العجول قرب غزة، لكن الأمر انتهى بتدخل الخليفة العباسي مجدداً، فأرسل نجم الدين البادرائي للتوسط بين الطرفين، ونجح في تجديد معاهدة الصلح على أن :

▪︎- يستعيد أيبك ساحل بلاد الشام .
▪︎ـ ألا يؤوي الملك الناصر أحداً من المماليك البحرية(*4) .

ويبدو أن المماليك البحرية علموا مبكراً بأمر هذا الاتفاق فغادروا إلى الكرك للاحتماء بالملك الأيوبي مغيث الدين عمر
(*5)

ومن جهة أخرى، كتب أيبك إلى سلاطين سلاجقة الروم يحذرهم من البحرية وتذبذبهم (*6) ، فخشي أهل الحكم عاقبة الأمر، فاستدعوهم ليطلعوا منهم على حقيقة الوضع. ودار بين الطرفين حوار مثمر تمكن بنهايته الأمير علم الدين سنجر، المتحدث باسمهم، من تبديد مخاوف سلاجقة الروم، وسمح لهم هؤلاء باستمرار الإقامة في بلاد الروم واستخدموهم عندهم .(*7)

والراجح أن أيبك لم يخش تضامن الفارين مع سلاجقة الروم نظراً لبعد.المسافة بينه وبينهم، لكن مخاوفه كان مبعثها من إقدام المغيث عمر على غزو مصر مقتدياً بالناصر يوسف . وحتى يدعم موقفه ذلك ، كتب إلى الخليفة المستعصم يطلب
منه التقليد والخلع السلطانية أسوة بمن تقدمه من ملوك مصر
(*Cool ، وسعى في نفس الوقت في تعطيل خلعة الملك الناصر يوسف صاحب حلب ودمشق (*9) ، رغم ما بينهما من حلف ، اذ خشى ان تتحرك اطماع الناصر من جديد بعد وصول الخلعة الخليفية اليه .

🔹️ أيبك و شجرة الدر

الواقع أن شجرة الدر عندما قررت الزواج من عزالدين أيبك، إنما أرادت أن تتظاهر بالتخلي عن السلطنة لترضي شعور المسلمين، لكنها صممت منذ اللحظة الأولى على الاحتفاظ بسلطانها والتحكم في زوجها وفي شؤون الدولة .

وفعلا أحكمت هذه السلطانة سيطرتها على زوجها وأرغمته على هجر زوجته.الأولى أم ولده علي، ومنعته من زيارتهما (*10) .

ولم يلبث المعز أن سئم الحياة مع زوجته، وخشي على نفسه من غدرها وتفاقمت الخلافات بينهما بمرور الوقت خاصة عندما علمت أن زوجها عزم على الزواج من ابنة الأتابك بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل ، فشكلت هذه القضيةبداية النهاية لعهد أيبك . (*11)

ويظهر أن أيبك أخذ يشعر بما بين زوجته شجر الدر والمماليك البحرية بالكرك من مراسلات و اتفاقات ، فعزم على الزواج من غيرها ، فأرسل سنة 1256م الى بدر الدين لؤلؤ (*12) الأتابكى صاحب الموصل يطلب اليه حلفا زواجيا لم يعلم عنه إلا ما تداولته المراجع من خطبة أيبك لإبنة بدر الدين (*13)

وليس من المعقول ان تكون الخطبة قاصرة على مجرد الرغبة في الزواج اذ ربما أراد من وراء ذلك الحلف معرفة تحركات المغول عن طريق صاحب الموصل ..

وكيفما كان الأمر فقد كانت هذه المسألة بداية الخاتمة لعهد أيبك ، لأن مضارة امرأة مثل شجر الدر ، وهي التي دلت على مهارة وقوة شخصية ايام الصليبيين، كان اسوأ من اللعب بالنار ...(*14)

ذلك أنه لما علمت شجر الدر بما بيته لها أخذت هي تتزعم حركة المعارضة الداخلية والخارجية لسلطنته، فقام بعض من بقى في مصر من البحرية بمعارضة مشروع الزواج، فقبض أيبك على عدد كبير ؛ منهم أيدكين الصالحي، وسيرهم لقلعة الجبل لسجنهم في الجب ...

فلما وصلوا الى قرب نافذة القصر السلطاني حيث سكنت شجرة الدر ، احنى الأمير أيدكين رأسه احتراما وقال بالتركية « والله ياخوند (*15) ما عملنا ذنبا وجب مسكنا ولكنه لما سير يخطب بنت صاحب الموصل ، ما هان علينا لأجلك ، فإنا تربية نعمتك ونعمة الشهيد المرحوم ( الصالـح أیوب ) ، فلما عاتبناه تغير علينا وفعل بنا ما ترين » .

 فأومأت إليه شجر الدر بمنديلها بما معناه « قد سمعت كلامك » . وعندما نزلوا بهم الى الجب ، قال ايدكين « ان كان قد حبسنا فقد قتلناه » (*16). 

ومعنى هذا أن شجر الدر كانت قد بيتت هي الأخرى لأيبك جزاءا وفاقا ، وأن قبضه على أولئك لم يكن لمجرد معارضتهم في الزواج ، بل لأنه علم بمؤامرتهم ، فأراد أن يقضي على الحركة كلها بالفصل بين أمراء المماليك وزعيمتهم •

 غير أن شجرة الدر كانت قد دبرت ما لم يكن في الحسبان إذ أرسلت سرا أحد المماليك العزيزية إلى الملك الناصر يوسف بهدية ورسالة تخبره فيها أنها عزمت على قتل أيبك والتزوج منه وتمليكه عرش مصر ، ولكن الناصر أعرض عنها خوفا أن يكون في الأمر خدعة ، ولم يجبها بشيء (*17) 

وعلم بدر الدين لؤلؤ بأخبار هذه المفاوضات السرية ، فبعث إلى أيبك ينصحه أن يأخذ حذره (*18) ، وخاف أيبك على حياته فترك القلعة وأقام بمناظر اللوق و صمم على قتل زوجته شجر الدر قبل ان تقضي عليه . 

 ويقال في هذا الصدد أن منجما أخبر أيبك بأنه سوف يموت قتيلا على يد امرأة (*19) ، ولا شك أن المنجم كان عليما ببعض ما يجرى من وراء ستـار ، إذ المعروف أن الزوجان أخذا يتسابقان في نسج المؤامرات بعد القبض على المماليك البحرية في القاهرة ...

 وانتهى السباق بانتصار المرأة في ميدانها ، اذ أرسلت شجر الدر إلى أيك رسالة رقيقة تتلطف به وتدعوه بالحضور إليها بالقلعة ، فاستجاب لدعوتها وصعد إلى القصر السلطاني بالقلعة حيث أعدت له شجر الدر خمسة من الغلمان الأشداء لاغتياله، منهم محسن الجوجري ونصر العزيزي، وسنجر ، وكان آخرهم من مماليك اقطای (*20) . 

وقد قام هؤلاء العلمان بما أمروا به وقتلوه في الحمام في ابريل سنة 1257م ( 650 هـ ) (*21) •

وأرادت شجر الدر أن تتفادي عواقب هذه الجريمة بأن تولى السلطنة أميرا يقبض على زمام الموقف وتختفى هي خلفه في الحكم ، فعرضت السلطنة على جمال الدين بن أيدغدى العزيزي وعز الدين أيبك الحلبي ولكنهما لم يجسرا على ذلك وامتنعا (*22) . 

وفي اليوم التالي ذاع الخبر في المدينة فأسرع المماليك إلى القلعة ، وقبضوا على الخدم والحريم ، وبتعذيبهـم إعترفوا بحقيقة ما حدث .

 وعندئذ حاول المماليك المعزية قتل شجر الدر ، ولكن المماليك الصالحية حالوابينهم وبينها وسعوا الى إنقاذها باعتقالها في البرج الأحمر بالقلعة (*23) ، فاحاط المماليك المعزية بالقلعة وأخذوا يتحينون الفرص لقتلها (*24) 

 وكان من المحتمل إنقاذ شجر الدر من الموت في ذلك
الوقت نظرا لحماية البحرية لها ، ولخدماتها الجليلة التي لم تنس بعد ، لولا أنها جلبت على نفسها حقد امرأة المعز الأولى وأم ولده علي" التي أخذت تتحرق شوقا للإنتقام من شجر الدر التي منعت زوجها من زيارتها وأرغمته على طلاقها ...

 فأخذت هي وابنها يلحان في تحريض المعزية (*25) على
قتلها الى أن ضعفت معارضة الصالحية في النهاية وحملت شجر الدر إليها فأمرت جواريها بقتلها ...

 وهنا يقول المقريزي : « فضربهـا الجواري بالقباقيب الى ان ماتت ، والقوها من سور القلعة إلى الخندق ، وليس عليها سوى سروال وقميص ، فبقيت في الخندق أياما ، وأخذ بعض أراذل العامة تكة سراويلها ، ثم دفنت بعد أيام وقد نتنت وحملت في قفة بتربتها قريب المشهد النفيسي »(*26)

ولقد تعصب المماليك المعزية لإبن سيدهم المدعو نور الدين على فأقاموه سلطانا في الأول سنة 655 هـ ( ١٢٥٧ م ) ولقبوه بالملـك المنصور وكان عمره وقتئذ خمسة عشر سنة (*27) . 

واعترض المماليك الصالحية على سلطنته ، واتفقوا على سلطنة أتابك العسكر الأمير علم الدین سنجر الحلبي وحلفوا له (*28) 

ولكن سرعان ما قبض عليه المماليك المعزية وسجنوه في الجب بالقلعة . عندئذ اضطرب خشداشيته من الصالحية ،
وخافوا أن تدور الدائرة عليهم ، فأمعنوا في الهرب الى الشام ، وخرج المماليك المعزية في أثرهم، وقبض على عدد كبير منهم (*29) 

 وأثار مسلك مماليك المعزية إستياء بعض الطوائف المملوكية الأخرى مثل الأشرفية،حتى أشيع أنهم اتفقوا على إزالة نفوذ المعزية من الدولة ، فما كان من المعزية الا ان قبضوا عـلى
الاشرفية ونهبوا دورهم (*30)  

ولجأت الطوائف المملوكية من بحرية وغير بحرية ، التي سئمت الوضع في القاهرة إلى ملوك الأيوبيين بالشام ولا
سيما المغيث عمر صحب الكرك ، حيث أخذوا يحرضونه على أخذ مصر ملك آبائه وأجداده حتى استجاب لدعوتهم ، وسعى بمعونتهم في الاستيلاء على مصر ، وحاول ذلك مرتين ـ في سنة ١٢٥٧ م ( ذي القعدة سنة 650 هـ ) (*31) ، وفي سنة ١٢٥٨ م ( ربيع الاول سنة 656 هـ ) (*32) 

 ولكنه رد في كلتيهما خائبا مهزوما بفضل شجاعة نائب السلطنة الأمير سيف الدين قطز المعزي •

👌 وهكذا ، بدت الدولة وسلطانهـا صبى وهى لم تزل في دور
التكوين ، ولم تكن بحاجة الى ما يترتب على قيام الصغار من منافسات.ومؤامرات داخلية ، فضلا عما خفى وقتذاك من عوامل الخطر الخارجي مما كان أدهى و أعظم ، وهو الخطر المغولى •
--------------‐-----------------------------------------------------
 الهامش لم يستكمل بعد فنرجو عدم النسخ و تعريض صفحاتكم للبلاغات من طرفنا #جواهر_الأدب_والتاريخ
--------------‐-----------------------------------------------------
[☆1] انظر د. محمد سهيل طقوش : تاريخ المماليك في مصر 
وبلاد الشام ط 1 دار النفائس 1997م ص 49 - 51
[☆2]  د.  أحمد مختار العبادي ، قيام دولة المماليك الأولى طبعة دار النهضة ١٩٨٦ القاهرة ، ص 136 - 141 
------------‐
(*1) المنصوري : ص٣٥. [ كتاب التحفة المملوكية فى الدولة التركية : تاريخ دولة المماليك البحرية فى الفترة من 648 -711 هجرية / تأليف بيبرس المنصورى ؛ نشره و قدم له و وضع فهارسه عبد الحميد صالح حمدان...بيبرس المنصوري، ت. 725 هـ ]
(*2) ابن عبد الظاهر : ص ٥٥.
(*3) النويري: ج۲۹، ص٤٣٤.
(*4) ابن عبد الظاهر : ص55 ـ 56. العيني: ج۱، ص۸۸.
 المقريزي , السلوك : ج۱، ص۳۹۸.
(*5) النويري : ج۲۹، ص٤٣٤.
(*6) المقريزي: ج۱، ص۳۹۳.
(*7) المصدر نفسه، ص۳۹۸.
(*Cool المصدر السابق نفسه .
(*9) ابو الفداء ـ المختصر في اخبار البشر ، ج ۳ ، ص ۲۰۰ نقلا عن العبادي ص١٣٦-١٣٧
(*10) عاشور : العصر المماليكي، ص۲۱
(*11) بدر الدين لؤلؤ  هو لؤلؤ بن عبدالله النوري الملك الرحيم بدر الدين ابو الفضائل الأرمني الأتابكي صاحب الموصل كان في الاصل مملوكا لنور الدین ارسلان
شاه زنگی ، وترقى عنده حتى صار استاداره والحاكم في دولته ، وبعد.موت نور الدين سنة 607 هـ استقر في الملك بعده ولده القاهر مسعود ، وقام بدر الدين بتدبير ملكه . وبعد موت القاهرة ثم ولديه الصغيرين استقل بدر الدين بالملك سنة 631 ھ رسمی نفسه بالملك الرحيم واخذ يتقرب للخليفة الناصر لدين الله حتى بعث له الخلع والتقليد بالسلطنة . وقد رآه ابن واصل نفسه فوصفه قائلا ورايت من تجمله وعنايته بالرسل والواردين عليه ما لا رأيته عند ملك من المملوك » . ولم يزل بدر الدين مالكا للموصل وبلادها الى ان ملك التتر بغداد واستولوا على العراق والجزيرة سنة ١٢٥٨ م ( 656 هـ ) فتوجه بدر الدين الى هولاكو ملك التتر فاقره على ولايته ثم رجع الى الموصل فمات بها سنة ١٢٥٩ م ( ٦٥٧ هـ ) ـ
راجع ـ ( ابن واصل ـ مـفـرج الكروب ج ١ ، ص 166
و ٢١٤ ، ج ۲ ص ۸۹ ۲ و ۳۸۷ ) وراجع كذلك ( Ency. of lalam, Art. Loulou ) وكذلك( 163-162 .Lanc-Poole : Muham,) نقلا عن العبادي ص ١٣٧
(*12) المنصوري : ص39. النويري: ج۲۹، ص٤٥٦. العيني: جا ، ص١٤٠ - ١٤١.
(*13)المقريزي - السلوك ، ج1 ، ص 401 .
(*14) العبادي ص ١٣٧
(*15)الخوند لفظ ترکی او فارسي واصله خداوند بضم الخاء ومعناه السيد او الامير ويخاطب به الذكور او الاناث . انظر: ( المقريزي - السلوك، ج ١ ، ص ٢٢٤ حاشية رقم ٢ ) .
(*16) المقريزي - السلوك ، ج1 ص ٤٠١ – ٤٠٢ .
(*17 ؛ *18)  المقريزي : السلوك ، ج1 ، ص ٤٠٢ ٠
(*19) المقريزي : السلوك ، جا ، ص ٤٠١
(*20) ابو المحاسن ابن تغري بردي ـ النجوم الزاهرة ، ج6 ، ص 376
(*21) هناك روايات عديدة مختلفة تصف الطريقة التي قتل بها السلطان أيبك وهي على كل حال روايات مثيرة تزيد من فظاعة الجريمة وقسوتها -راجع ( ابو المحاسن ـ النجوم الزاهرة ، ج6 ، ص 375 – 376 ) ،( ابن اياس - بدائع الزهور ، ج1 ، ص ۹۱ – ۹۲ ) ، و ( المقريزي - السلوك ، جا ، ص ٤٠٣ ) .
(*22) ابو المحاسن ـ نفس المرجع ، ج 6 ، ص 375
(*23) كان بالقلعة عدة ابراج منها البرج الاحمر الذي بناه الملك الكامل ويعرف اليوم باسم برج المقطم في الجهة الجنوبية من القلعة . راجـع( القلقشندی.صبح الاعشى ، ج ۳ ، ص ۳۷۳ ) ، ( النجوم الزاهرة ، ج6 ، ص 377 حاشية ) .
(*24) ابو المحاسن ـ النجو الزاهرة ، ج1 ، ص ۳۷۷ ، المقريزي -السلوك ، ج1 ، ص ٤٠٣
(*25) ابو المحاسن ـ النجوم الزاهرة ، ج 6 ، ص ۳۸۸ ۰
(*26) المقريزي - السلوك ، ج1 ص ٤٠٤
(*27 ; *28) أبو المحاسن - النجوم الزاهرة ، ج 6 ، ص 376
(*29) أبو المحاسن ـ النجوم الزاهرة ، ج۷ ، ص ٤٢ .
(*30) ابو المحاسن ـ النجوم الزاهرة ، ج۷ ، ص ٤٣ .
(*31) ابو المحاسن - النجوم الزاهرة ، ج۷ ، ص ٤٤ ، المقريزي -السلوك ، ۱۰ ، ص ٣٠٦ .
(*32) ابو المحاسن .. النجوم الزاهرة ، ج۷ ، ص 45 ، المقريزي -السلوك ، ج ١ ، ص ٤١١ .

من حقائق التاريخ  العصر  المملوكي Img?id=95316
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69984
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

من حقائق التاريخ  العصر  المملوكي Empty
مُساهمةموضوع: رد: من حقائق التاريخ العصر المملوكي   من حقائق التاريخ  العصر  المملوكي Emptyالأربعاء 27 يوليو 2022, 9:36 am

🔹️ ملخص ماسبق 
▪︎قسم مقتل أقطاي المماليك إلى قسمين يتربص كل منهما بالآخر، هما المماليك البحرية والمماليك المعزية ؛ وظل المماليك، الذين فروا إلى بلاد الشام، يسببون المتاعب لأيبك فأخذوا يحثون الزعماء الأيوبيين على مهاجمة مصر  .

وبالفعل خرج الناصر يوسف والمماليك البحرية من دمشق للهجوم على مصر ، وعسكروا قرب غزة، لكن الأمر انتهى بتدخل الخليفة العباسي مجدداً، فأرسل البادرائي للوساطة بين الطرفين، ونجح في تجديد معاهدة الصلح على أن  يستعيد أيبك ساحل بلاد الشام ؛ وألا يؤوي الملك الناصر أحداً من المماليك البحرية .

▪︎بعد تظاهرها بالتخلي عن السلطة بزواجها من أيبك ؛ أحكمت شجرة الدر سيطرتها على زوجها وأرغمته على هجر زوجته الأولى أم ولده علي، ومنعته من زيارتهما .

ولم يلبث أيبك أن سئم الحياة معها وخشي على نفسه من غدرها ؛ وتفاقمت الخلافات بينهما عندما علمت أن زوجها عزم على الزواج من ابنة الأتابك بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل  .

وعلم أيبك بما بين زوجته شجر الدر والمماليك البحرية بالكرك من مراسلات و اتفاقات ؛ وأنها  تتزعم حركة المعارضة الداخلية والخارجية لسلطته .

هجر أيبك شجرة الدر و أقام بمناظر اللوق ؛ و صار كل منهما يتربص بالآخر ؛ وأبلغ بدر الدين لؤلؤ أيبك بما اتصله من أن شجرة الدر أرسلت سرا  إلى الملك الناصر يوسف في دمشق بهدية ورسالة تخبره فيها أنها عزمت على قتل أيبك والتزوج منه وتمليكه عرش مصر ، إلا أنه ظنها خدعة فلم يجبها .

▪︎أرسلت شجر الدر إلى أيبك رسالة رقيقة تتلطف به وتدعوه بالحضور إليها بالقلعة ، فاستجاب لدعوتها وهناك قتله غلمانها في الحمام ؛ و ادعت أنه سقط عن ظهر حصانه ؛ وأسرع المماليك إلى القلعة ، وقبضوا على الخدم والحريم ، وبتعذيبهـم إعترفوا بحقيقة ما حدث .

واعتقلت شجرة الدر في البرج الأحمر بالقلعة حماية لها إلا أن مماليك أيبك المعزية أخرجوها و أرسلوها إلى ضرتها أم على زوجة أيبك الأولى فأمرت جواريها بضربها بالقباقيب الى ان ماتت ، والقوها من سور القلعة إلى الخندق . 

ونصب المماليك المعزية الصبي "علي" إبن سيدهم أيبك سلطانا مكان أبيه ولقبوه بالمنصور ؛ واعترض المماليك الصالحية على سلطنته ، واتفقوا على سلطنة أتابك العسكر الأمير علم الدین سنجر الحلبي وحلفوا له ؛ ولكن سرعان ما قبض عليه المماليك المعزية وسجنوه في الجب بالقلعة . 

وحاول أنصاره الصالحية الفرار للشام فلحق بهم المعزية و قبضوا على عدد كبير منهم ؛ مما أدى إلى  إستياء الطوائف المملوكية الأخرى مثل الأشرفية،حتى أشيع أنهم اتفقوا على إزالة نفوذ المعزية من الدولة ، فما كان من المعزية الا ان قبضوا عـلى الأشرفية ونهبوا دورهم .

وهكذا بدت مصر وسلطانهـا صبى بما يترتب على ذلك من مؤامرات داخلية وفتن ، فضلا عن الخطر الخارجي الأدهى و الأعظم ، وهم المغول الذين اقتحموا بغداد و ساروا إلى الشام و خطوتهم التالية هي مصر •
-------------------------------‐------------------------------------
🔸️ كان إجلاس السلطان الصبي على العرش مسألة قصد بها كسب الوقت حتى يتمكن واحد من كبار المماليك الطامعين في عرش السلطنة أن يحسم الصراع لصالحه ..

إن المماليك لم يؤمنوا بنظام وراثة العرش، إذ طبيعتهم العسكرية من ناحية، وشعورهم بأنهم جميعاً سواء من ناحية أخرى، جعل كبار أمرائهم يعتقدون أنهم جميعاً يستحقون العرش والذي سيفوز به لاشك هو اقواهم، واقدرهم على الإيقاع بالآخرين ...

 وكان هذا مشهداً تكرر كثيراً طوال عصر سلاطين المماليك، بل إننا لا نبالغ إذا قلنا إن هذه كانت ممارسة سياسية حظيت بإعتراف الجميع طوال ذلك العصر 😐

ولم يشأ (سيف الدين قطز) أن يتعجل الأمور ويواجه المتنافسين، وأمسك بيده زمام السلطة الفعلية تاركاً للسلطان الصبي شعار السلطنة ولقبها.. ولا شيء أكثر من ذلك ، وبات قطز من عرش مصر قاب قوسين أو أدنى . 
----------------
كان سيف الدين قطز مشغولاً بترتيب الأوضاع السياسية الداخلية لصالحه ، على حين كانت الإشاعات تملأ سماء القاهرة بأن السلطان الصبي يريد خلع قطز مملوك أبيه وصاحب اليد البيضاء في توليه عرش البلاد 😐

وإجتمع الأمراء في بيت أحد كبارهم، وتكلموا إلى أن نجحوا في إصلاح الأمور بين الملك المنصور علي وبين مملوك أبيه الأمير قطز ،.. 

فخلع المنصور على قطز الخلع  وطيب قلبه وهكذا توطدت مكانة سيف الدين قطز في الدولة .

وفي الوقت نفسه كانت الأحوال متردية تماماً بسبب الفتن التي أثارتها طوائف المماليك في القاهرة .. وعلا  في هذه الأوضاع المضطربة، نجم الأمير سيف الدين قطز، نائب السلطنة كأقوى أمير مملوكي، فأخذ على عاتقه توحيد صفوف المماليك من مشكلة الحكم ؛

 وعاشت البلاد خلال ذلك فترة قلق، واضطراب، وعدم استقرار، وهي المظاهر التي نشأت  عن قيام صبي قاصر في السلطنة، ومجموعة من الأمراء المتنافسين حول كرسي الحكم .

ونتج عن هذا التنافس بين الأمراء و مشكلة الحكم، والفوضى التي عمت البلاد، أن تعرضت مصر لضغط أيوبي متزايد .  
كما كان خطر محاولات الغزو الفاشلة التي قام بها المغيث عمر في ذي القعدة ٦٥٥هـ/١٢٥٧م وفي ربيع الأول سنة ٦٥٦هـ/١٢٥٨م يقلق بال قطز  ..

 ذلك أن المماليك البحرية الصالحية الذين التجأوا إلى الكرك، بعد أن ساءت العلاقات بينهم وبين الناصر یوسف صاحب دمشق وحلب، حرضوا المغيث عمر الأيوبي على غزو مصر ملك آبائه وأجداده، وقد تزعم هذه المجموعة من المماليك "بيبرس البندقداري"

استجاب صاحب الكرك  "المغيث عمر"  لدعوتهم، وأمدهم بالسلاح والمال، وسعى بمساعدتهم إلى الاستيلاء على مصر  وخرجت مجموعة من المماليك تبلغ ألف فارس باتجاه الحدود المصرية لغزوها والسيطرة على الحكم .

 ويبدو أن قطز كان الأسرع إلى التحرك، إذ عندما علم بأنباء الزحف المملوكي الصالحي خرج من القاهرة على رأس قوة عسكرية لصد خطرهم،...

 وتمكن من أن ينزل بهم الهزيمة عند الصالحية في شهر (ذي القعدة، عام 655 ه/ شهر تشرين الثاني عام ۱۲٥٧م)، وأسر عددا كبير منهم مثل قلاوون الألفي وبلبان الرشيدي، إلا أنه أطلق سراح معظهم بعد ذلك  أملا في استقطابهم ، لكن بعضهم عاد إلى الكرك .

ويبدو أن التحالف المملوكي الصالحي - الأيوبي لم يكف عن محاولة الاستيلاء على مصر، فجدد عملية غزو هذا البلد مستفيدا من الظروف السياسية القلقة التي عمت بلاد الشام ومصر ، نتيجة الأخبار المتواترة عن اقتراب خطرالمغول، وحثوا المغيث على الخروج معهم هذه المرة لأخذ مصر .

وفعلا خرج المغيث عمر على رأس الحملة العسكرية. وتعيد الكرة نفسها ، حيث خرج الأمير قطز وتصدى للمهاجمين عند الصالحية وأنزل بهم هزيمة قاسية ..

وكان ذلك في شهر (ربيع الآخر عام ٦٥٦ ه / أواخر شهر نيسان عام ۱۲٥۸م)، و فر المغيث عمر إلى الكرك في حين اتجه المماليك البحرية إلى الطور حيث اتصلوا بالأكراد الفارين من وجه المغول .

 كانت هذه هي الظروف التي واجهت دولة المماليك الناشئة وهي لم تزل في دور التكوين، في الوقت الذي اشتد فيه الخطر المغولي بزعامة هولاكو بعد أن وصل إلى بلاد الشام عقب إسقاطه الخلافة العباسية، فعم الاضطراب والقلق أرجاء مصر.

وقد خلقت هذه الظروف الخارجية وضعا حرجا يتطلب وجود رجل قوي على رأس السلطنة، فوجد قطز الفرصة سانحة ليتبوأ عرش مصر، فعزل المنصور نور الدين علي في شهر ذي القعدة عام ٦٥٧ ه/ شهر تشرين الثاني عام ۱۲٥۹م) بمساعدة الأعيان والأمراء المعزية، ثم قبض عليه وعلى أخيه قاآن وأمهما وسجنهم في برج السلسلة بثغر دمياط .

🔹️ بيد أنه كان على قطز أن يواصل ترتيب أمور المملكة في الداخل وبعد أن واجه الخطر الخارجي، فقد قبض على جماعة من الأمراء لميلهم إلى (لملك المغيث عمر) في هذا الشهر نفسه، وهم: 
▪الأمير (عز الدين آيبك الرومي الصالحي)، 
▪والأمير (سيف بلبان الكافوري الصالحي الأشرفي)، ▪والأمير (بدر الدين بكتوت الأشرفي)، 
▪والأمير (بدر الدين بلغان الأشرفي) وغيرهم، 

وضرب أعناقهم في السادس والعشرين من ربيع الأول واستولى على أموالهم كلها ، وبذلك إزدادت القامة السياسية لسيف الدين قظز طولاً..

 ولكن الدولة التي يحكمها سلطان في سن الصبى بدت واهنة ضعيفة وغير قادرة على تحمل مؤامرات الصغار ولعبهم بأقدار البلاد والعباد 😐
-------------------
🔹️ ثم بدأ صدى طبول الحرب التترية يتردد على حدود السلطنة الوليدة بمصر ، ولم يكن بوسع السلطان الصبي (نور الدين علي) أن يفعل شيئاً إزاء هذا الخطر الداهم، فقد كان يقضي وقته في ركوب الحمير والتنزه في القلعة.. ويلعب بالحمام مع الخدم  ❗

ومع كل خبر جديد عن وحشية التتار كانت الأحوال تزداد إضطراباً والقلق يفترس نفوس الناس . 

وتعين على الأمير سيف الدين قطز نائب السلطنة أن يخطو الخطوة الأخيرة نحو العرش من ناحية وتدعيم نفوذه السياسي الداخلي من ناحية أخرى والاستعداد لمواجهة التتار، من ناحية ثالثة .

 ومع اقتراب جحافل التتار من الشام أرسل الملك الناصر يوسف من دمشق الى مصر المؤرخ والفقيه المعروف كمال بن العديم  يستنجد بعساكرها...

👌 وهكذا بدأت الحرب تطل بوجها المرعب، على الساحة السياسية في مصر، وكان النجم الساطع في تلك الساحة هو الأمير (سيف الدين قطز) .

 ولما قدم ابن العديم إلى القاهرة، عقد مجلس بالقلعة حضره السلطان الصبي الملك المنصور نور الدين علي، وحضره كبار أهل الرأي من الفقهاء والقضاة، مثل: 
☆ قاضي القضاة بدر الدين حسن السنجاري، 
☆والشيخ عز الدين بن عبد السلام،
☆ وكان سيف الدين قطز بين الحاضرين، 

وسألهم الحاضرون عن أخذ الأموال من الناس لإنفاقها على الجنود فأفتى الشيخ عز الدين بفتواه المشهورة التي يأتي تفصيلها عند الحديث عن عين جالوت بإذن الله تعالى👍

وكان هذا الاجتماع من الأدوات السياسية التي أحسن سيف الدين قطز استغلالها للوصول إلى هدفه النهائي، عرش مصر وقتال التتار  👍

وكان ذلك الاجتماع الذي عقد بحضور السلطان الصبي آخر خطوات قطز صوب عرش مصر وقتال التتار . 
--------------------------

 وبينما كان هولاكو يجتاح أقاليم العالم الإسلامي الشرقية كان نجم سيف الدين قطز يزداد سطوعاً وتزداد قامته السياسية طولاً، وكأنه على موعد مع التاريخ لكي ينجز مهمته الكبرى في هزيمة الجحافل التترية الظالمة 

👌لقد استغل قطز إجتماع القلعة لخلع السلطان الصبي، وأخذ يتحدث عن مساوئ المنصور علي، وقال: لا بد من سلطان قاهر يقاتل هذا العدو، والملك الصبي صغير لا يعرف تدبير الملك 

 وساعده على الوصول لهدفه أن مفاسد الملك المنصور علي كانت قد زادت حتى انفض الجميع من حوله واستهتر في اللعب وتحكمت أمه فاضطربت الأمور ...

وجاءت الفرصة تسعى إلى سيف الدين قطز عندما خرج أمراء المماليك المعزية والبحرية إلى الصيد في منطقة العباسية بالشرقية وفي غزة، وعلى رأسهم سيف الدين بهادر والأمير علم الدين سنجر الغتمي، في يوم السبت 24 ذو القعدة سنة 657هـ/1259م ...

وقبض قطز على الملك المنصور وعلى أخيه قاقان وأمهما وإعتقلهم في أحد أبراج القلعة، فكانت مدة حكم المنصور سنتين وثمانية أشهر وثلاثة أيام . 

وهكذا اكتملت رحلة المملوك قطز صوب العرش، وصار سلطاناً على الديار المصرية، وجلس على سرير الملك بقلعة الجبل في نفس اليوم ، واتفق الحاضرون على توليته، لأنه كبير البيت ونائب الملك وزعيم الجيش، وهو معروف بالشجاعة والفروسية، ورضى به الأمراء الكبار والخوشداشية وأجلسوه على سرير الملك ولقبوه بالملك المظفر 👍
---------------------------------------------------------------------
🔸 ترتيب سيف الدين قطز للأمور الداخلية

 لم يكن جلوس قطز على عرش السلطنة نهاية لرحلة المملوك إلى عرش السلطان، إذ كان على السلطان المظفر سيف الدين قطز أن يوطد دعائم حكمه في الداخل قبل أن يتوجه للقاء عدوه في الخارج، ...

فبدأ بتغيير الوزير ابن بنت الأعز، وولى بدلاً منه زين الدين يعقوب عبد الرفيع بن يزيد بن الزبير، ...

ثم كان عليه أن يواجه معارضة كبار الأمراء الذين قدموا إلى قلعة الجبل، وأنكروا ما كان من قبض قطز على الملك المنصور، ووثوبه على الملك، فخافهم واعتذر إليهم بحركة التتار إلى جهة مصر  والشام، وقال سيف الدين قطز في سياق تبريره لما حدث :
" وإني ما قصدت إلا أن نجتمع على قتال التتار، ولا يتأتى ذلك بغير ملك، فإذا خرجنا وكسرنا هذا العدو، فالأمر لكم، أقيموا في السلطنة من شئتم "👍

وأخذ يرضي أمراء المماليك حتى تمكن على حد تعبير المقريزي 👍

وما أن شعر أن سلطته قد رسخت حتى أخذ يتخلص من كل من يشكل تهديداً على عرشه،...

 فأرسل المنصور علي وأخاه وأمه إلى دمياط، واعتقلهم في برج بناه هناك وأطلق عليه أسم برج السلسلة، ثم نفاهم جميعاً إلى القسطنطنية،

 بعد ذلك قبض السلطان سيف الدين قطز على :
▪الأمير علم الدين سنجر الغتمي، 
▪والأمير عز الدين أيدمر النجيبـي الصغير، 
▪والأمير شرف الدين قيران المعزي،
▪ والأمير سيف الدين بهادر، 
▪والأمير شمس الدين قراسنقر، 
▪والأمير عز الدين أيبك النجمي الصغير، 
▪والأمير سيف الدين الدود خال الملك المنصور علي
▪والطواشي شبل الدولة كافور لالة  
▪والطواشي حسام الدين بلال المغيثي الجمدار، 

واعتقلهم، وهكذا تمكن من التخلص من رؤوس المعارضة، 

ومن ناحية أخرى، بدأ السلطان المظفر سيف الدين قطز يختار أركان دولته ويوطد دعائم حكمه، فحلف الأمراء والعسكر لنفسه، ..

واستوزر الصاحب زين الدين يعقوب بن عبد الرفيع، وأقر الأمير فارس الدين أقطاي الصغير الصالحي المعروف بالمستغرب أتابكاً وفوض إليه وإلى الصاحب زين الدين تدبير العساكر واستخدام الأجناد، وسائر أمور الجهاد والاستعداد للحرب ضد التتار،

👌 لقد ضمن سيف الدين قطز هدوء الأحوال داخل دولته، بيد أنه كان ما يزال متوجساً من ملوك الأيوبيين في بلاد الشام، خاصة الناصر يوسف الأيوبي صاحب دمشق وحلب، 

وعندما علم بخبر قدوم نجدة من عند هولاكو إلى الملك الناصر بدمشق، خاف من عاقبة ذلك وكتب إليه خطاباً رقيقاً يحاول فيه تجنب المواجهة وأقسم قطز بالإيمان أنه لا ينازع الملك الناصر في الملك ولا يقاومه، 

وأكد له أنه نائب عنه بديار مصر، ومتى حل بها أقعده على الكرسي وقال قطز أيضا ً: … 

" وإن أخترتني خدمتك، وإن إخترت قدمت ومن معي من العسكر نجدة لك على القادم عليك، فإن كنت لا تأمن حضوري سيرت لك العساكر صحبة من تختاره "

👌وهكذا ظهرت من قطز معاني من التضحية والتواضع والحرص على وحدة الصف ساعدته للتصدي للمشروع المغولي وكسره في عين جالوت يأتي الحديث عنه مفصلاً بإذن الله في الفقرات القادمة.
---------------------------------------------------------------------
🔸 نعود إلى الوضع في الشام في تلك الفترة 

دمشق  : بعد سقوط حلب أرسل هولاكو رسلاً من قبله إلى دمشق دخلوها ليلة الإثنين السابع عشر من صفر سنة 658هـ/ فبراير 1260م وهم يحملون فرماناً منه تأمين المدينة وأهلها مقابل تسليمها، وقرئ هذا المرسوم على الناس بدمشق بعد صلاة الظهر .

💧 موقف بيبرس البندقداري :

 وفي هذا الموقف الحرج أشار بعض كبار أهل دمشق وعلى راسهم الأمير زين الدين الحافظي، بمداراة المغول والدخول في طاعة هولاكو، لتجنيب دمشق وأهلها ما حل بحلب من الهلاك والدمار والخراب،

 ولكن ذلك الرأي لم يجد التأييد الكامل من أهل دمشق، حيث رفضه البعض وعلى رأسهم ركن الدين بيبرس، وصاح في وجه زين الدين قائلا ً: أنتم سبب هلاك المسلمين،وكان بيبرس قد ترك مصر ولحق بخدمة الناصر بدمشق إثر مقتل قائده فارس الدين أقطاي على يد أيبك السلطان .

ويبدو أن الملك الناصر يوسف كان على رأي زين الدين الحافظي، فحاول بعض أتباع بيبرس من طائفة المماليك البحرية، قتل الملك الناصر، وتولية حاكم آخر عالي الهمة، نافذ الرأي، يستطيع جمع الناس للجهاد في سبيل الله وقيادتهم في ميدان القتال لصد العدوان المغولي والدفاع عن الإسلام وأهله،

 إلا أن بيبرس تخلى عن دمشق وذهب مع جماعة من المماليك البحرية إلى غزة، حيث استقبله أميرها أحسن إستقبال، وفيها سير بيبرس رسولاً من قبله إلى السلطان المظفر قطز ليحلفه على إعطائه الأمان ونجح في المصالحة مع قطز الذي وعده الوعود الجميلة، 

 عظم قطز من شأنه جداً وأنزله دار الوزارة وعرف له قدره وقيمته وأقطعه (قليوب) وما حولها من القرى، وعامله كأمير من الأمراء المقدمين وجعله على مقدمة جيوشه فيما بعد،

 و نلاحظ من ذلك صفات قطز القيادية وهي العفو عند المقدرة وإنزال الناس منازلهم، والفقه السياسي الحكيم، والحرص على الوحدة، 

وقد إستطاع سيف الدين قطز أن يستفيد من طاقات المماليك البحرية وإمكانياتهم وتقوية الجيش بهم . 

وفتح كذلك أبواب مصر أمام فلول الممالك الإسلامية في الشرق الإسلامي التي تعرضت للغزو المغولي، فدخل جموع الخوارزمية الفارة من وجه المغول لمصر، ورحب بهم سيف الدين قطز، وكذلك جموع الشام، ومعهم الملك المنصور صاحب حماه  وغيرهم.👍

وهكذا أصبح بيبرس من أكبر أعوان قطز الذين ساهموا للتخطيط لمعركة عين جالوت وقيادة الجيوش الإسلامية وتحيق ذلك النصر المؤزر الذي بدد أحلام المغول بكاملها .
------------‐-----------------------------------------------------
 الهامش لم يستكمل بعد فنرجو عدم النسخ و تعريض صفحاتكم للبلاغات من طرفنا #جواهر_الأدب_والتاريخ
--------------‐-----------------------------------------------------
[☆1] انظر د. محمد سهيل طقوش : تاريخ المماليك في مصر 
وبلاد الشام ط 1 دار النفائس 1997م ص 59 - 64
[☆2]  د.  أحمد مختار العبادي ، قيام دولة المماليك الأولى طبعة دار النهضة ١٩٨٦ القاهرة ، ص 145 - 155
[☆3] د.علي محمد الصلابي ، السلطان سيف الدين قطز ص 
49 -57
[☆4] التتار من البداية إلى عين جالوت - السرجانى ص134 وما بعدها .
-----------
إضافات
-المنصوري: التحفة المملوكية في الدولة التركية ص۳۹ ؛ص٤٠
- ابن عبد الظاهر : تشريف الأيام والعصور في سيرة الملك المنصور :  ص٥٧ ؛ ص٥۸ - ٥۹.
- العيني عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان: ج۱، ص۱٥۷ ؛ص۱۸۱
-المقريزي السلوك لمعرفة دول الملوك : ج ١، ص٤٦.
- ابن تغري بردي النجوم الزاهرة : ج١، ص ٤٤. ص ٤٦
-النويري نهاية الأرب : ج ۲٩، ص٤٩٨.

من حقائق التاريخ  العصر  المملوكي Img?id=95317
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
من حقائق التاريخ العصر المملوكي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: التاريخ :: عبر التاريخ-
انتقل الى: