منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 قسنطينة.. عش النسر الذي قهر الغزاة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69962
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

قسنطينة.. عش النسر الذي قهر الغزاة Empty
مُساهمةموضوع: قسنطينة.. عش النسر الذي قهر الغزاة   قسنطينة.. عش النسر الذي قهر الغزاة Emptyالخميس 08 فبراير 2024, 11:15 pm

قسنطينة.. عش النسر الذي قهر الغزاة %D9%82%D8%B3%D9%86%D8%B7%D9%8A%D9%86%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%88%D9%85





قُسنطينة أو سيرتا مدينة الصخر العتيق، تظهر بجسورها المعلقة بشكل متفرد وكأنها إحدى المدن الأسطورية، التي يحميها حرزها من الغزاة والمعتدين.
يصفها شاعرها محمد بن محمد العيد آل خليفة، فيقول:
بلد الهواء دعوك أم بلد الهوى
إني أراك لذا وذاك مجالا

قد ضمك الطود الأشم بصدره
وتعطف الوادي عليك ومالا

وجرى بجنبك ماؤه فكأنه
عافٍ يريد بجنبك استظلالا

وازدان سفحك واستطال كأنما
هو ذيل طاووس مشى مختالا

وعلت جسورك في الهواء فأوثقت
ما بين عدوتيك وصالا

بنيت المدينة على صخور عملاقة شاهقة الارتفاع جعلتها قلعة حصينة، وبسبب ارتفاعها بنيت فيها ثمانية جسور معلقة كل واحد منها يعود إلى حقبة زمنية من تاريخها، وهي مدينة العلم التي خرج من رحمها كثير من العلماء والشعراء والأدباء، وعلى أبوابها السبعة وقف رجالها يذودون عنها.
وفي الأسطورة، قسنطينة تملك حرزا يحميها، واحتضن ثراها حضارات وثقافات متعددة وبقيت على مدى العصور منارة علم يقصدها المريدون.





 سماها الفرنسيون عش النسر، لأن موقعها ووادي الرمال الذي يحيط بها من جميع الجهات جعلها عصية على الغزاة، تقول الحفريات إن المدينة تحوي طبقات حضارية من الفترة النوميدية وحتى الإسلام.
يطوف بنا هذا الفيلم الذي تبثه الجزيرة الوثائقية ليؤرخ لمدينة قسنطينة، عابرا في تاريخها أجمعه منذ تأسيسها العائد إلى ما قبل الميلاد، وصولا إلى حال المدينة اليوم، ويوثق للحضارات التي تعاقبت عليها من الرومان والفتح الإسلامي الذي انتهى بإمارة الدولة العثمانية.
كما يعرّفنا على أهم الشخصيات التي أخرجتها المدينة من علماء وفقهاء، وما كان من شأنها في العصر الحديث، ووقوفها في وجه الاستعمار الفرنسي إلى جانب الثوار لينتهي الأمر بقسنطينة والجزائر أجمع إلى الاستقلال.

عاصمة النوميديين.. 34 قرنا من الحضارة

تقع المدينة في الشمال الشرقي للجزائر على حافة الصحراء، وكانت تقع في طريق القوافل والرحلات العلمية والدينية، مما جعلها تتفرد منذ فجر التاريخ الإنساني، ويرجح العلماء أن تاريخ نشأتها يعود لعام 1450 قبل الميلاد، غير أن تاريخها الأول حين عرفت باسم سيرتا وهي عاصمة الدولة النوميدية.
قسنطينة.. عش النسر الذي قهر الغزاة %D9%82%D8%B3%D9%86%D8%B7%D9%8A%D9%86%D8%A9-قسنطينة.. مدينة استعصت على الغزاة إلا بعد مقتلة عظيمة بسبب تضاريسها الجبلية الوعرة
يقول المؤرخ د. عبد الحميد فيلالي إنها مدينة أزلية عريقة، وهي عاصمة الدولة النوميدية الممتدة من الحدود الغربية للجزائر وحتى خليج سرت في ليبيا.
وقد حملت الحضارة إليها من قبل القوافل، وكثيرة تلك الآثار التي دلت على تعاقب الحضارات عليها من النوميدين مرورا بالرومان والمسلمين وحتى الاستعمار الفرنسي، وكان للحقبة الرومانية الأثر البالغ في المدينة، وامتد تاريخهم فيها خمسة عشر قرنا، لكنهم دخلوا في حروب طاحنة فيما بينهم عام 313 ميلادي، فدمرت المدينة على إثره، وعندما جاء قسطنطين العظيم أعاد بناءها وسميت باسمه، وبقي تمثاله حاضرا فيها.
يقول المؤرخ علاوي عمارة: قسنطينة عبارة عن طبقات أثرية، فباب القنطرة على سبيل المثال يحوي آثارا نوميدية ورومانية وإسلامية وفرنسية وجزائرية معاصرة، ولما دخلها جيش عقبة بن نافع فاتحا غدت دولة مسلمة وارتقت وازدهرت، وكانت مركز إشعاع حضاري، ثم عرفت بعدها بمدينة العلم والعلماء، وفي أوقات الحج كانت البعثات القادمة من الأندلس وفاس وتلمسان تمر بها، وتبقى في المدينة لفترات زمنية، وربما استقر بعض من فيها مثل ابن خلدون الذي قدم إليها وتزوج ومكث فيه زمنا.

جامعة الأمير عبد القادر.. متحف قسنطينة العلمي

من الآثار الإسلامية الدالة على تلك المرحلة آلاف الكتب الموجودة في جامعة الأمير عبد القادر، وهي الترجمة الحقيقية للعصر الإسلامي في قسنطينة، وفيها عشرات المكتبات لعلماء المدينة الذين أوقفوا مكتباتهم وهي سنة معروفة في المدينة، وفيها عدد هائل من المخطوطات التاريخية التي تناولت مواضيع علمية متنوعة مكتوبة باللغة العربية، وقد طغت عليها كتب الفقه المالكي والمصاحف تليها الكتب العلمية بدرجات متفاوتة.
قسنطينة.. عش النسر الذي قهر الغزاة %D9%82%D8%B3%D9%86%D8%B7%D9%8A%D9%86%D8%A9-%D8%B3%D9%8A%D8%B1%D8%AA%D8%A7-%D8%B9%D9%84%D9%88%D9%85سيرتا.. هي مدينة العلوم والثقاقة والمكتبات والمخطوطات وفيها مهرجان “سيرتا علوم” السنوي
تقول المؤرخة فاطمة الزهراء قشي: كانت المدينة تُشد إلى شيوخها الرحال، وبقيت لهم آثار قيمة فيها، فابن الشيخ عبد الكريم الفكون ترك مجموعة من النوازل تضاهي 500 صفحة جمعت من ثمانين فقيها وعالما.
وفي الحقبة الإسلامية تدافع الباحثون من كل حدب وصوب قاصدين قسنطينة للنهل من العلوم، وهذا ما يفسر كثرة المدارس الشرعية فيها كما أن الكثير من عائلاتها عرفت بالعلم وتوارثته جيلا بعد جيل، وهناك أسر كثيرة عريقة في الوظيفة والمال والجاه والعلم فيها. ومن هذه العائلات عائلات قسنطينية اشتهرت بالعلم، وتوارثت المناصب الفقهية والقضائية منذ القرن السابع الهجري، وعائلة فقون التي كان منها الحسن بن فقون صاحب الرحلة والشعر، وكذلك عائلة ابن باديس وعائلة ابن القنفذ وبني عبد المؤمن، وقد ساهمت هذه العائلات في إيجاد فضاء علمي خرج العديد من الشخصيات العلمية.
كما تتحدث كتب الطبقات عن فئات العلماء والشعراء والقضاة الذين أسهموا في بناء حضارة قسنطينة والمغرب الأقصى وتونس، وقد ذهب بعضهم إلى الأندلس والبعض الآخر إلى الشرق والعراق والشام، ومنهم من استقر ومنهم من عاد وطبعت المدينة بالعلم والعلماء.
على مقربة من قسنطينة كان الأندلسيون على الأبواب، فدخلت سحب الأندلس بكامل ألَقها في قسنطينة ببيوتها وفن عمارتها وحضارتها وحلقات علمها، فأصبحت وريثة أندلس إلى يومنا هذا.
وفيها يُعقد كل سنة مهرجان علوم يسمى “سيرتا علوم” باسم المدينة القديم، وهو مهرجان مخصص لطلبة المدارس وفيه مسابقات كثيرة يسافر طلابه الفائزون إلى أنحاء العالم لزيارة معلم أو لقاء علماء.

عاصمة المالوف.. إرث الموشحات الأندلسية

يبرز هنا فن المالوف غذاء الروح، وهو أحد أهم الفنون في قسنطينة، ويأتي امتدادا للموشحات بشكلها الإشبيلي، إذ يجمع  بين الشعر المنظوم وموشحات الأندلس، وقد استحدث القسنطييون هذا الفن وتناقلوه مشافهة لتصبح المدينة عاصمة المالوف في المغرب العربي.
قسنطينة.. عش النسر الذي قهر الغزاة %D9%82%D8%B3%D9%86%D8%B7%D9%8A%D9%86%D8%A9-%D9%85%D9%88%D8%B4%D8%AD%D8%A7%D8%AA“المالوف” فن قسنطيني أندلسي عتيق يعرف بفن التواشيح
يقول رئيس فرقة المالوف كمال بودا: هذا الفن العتيق تأتي تسميته من كلمة ألف تأليفا وهو فن التواشيح المعروف في قسنطينة، وحافظ عليه أهلها كموروث وكنز وفن عربي إسلامي أصيل.
ويرى الفنان سعيد مولود أن المالوف يُغنى في جميع مناسبات الأفراح، لأن مضامينه الشعرية تسكن النفس وتجعل المتلقي مستمتعا بالكلمات والألحان، وقد عاش ما يقرب من 500 عام، وهو فن متجدد بذاته لا يحتاج لأي مجهود ليتطور.

قسنطينة العثمانية

دخلت قسنطينة الدولة العثمانية في بدايات القرن السادس عشر طواعية ودون مقاومة، وسلمت مفاتيح المدينة للقائد العثماني وأصبحت عاصمة لما كان يعرف ببيلك الشرق أي المقاطعات الشرقية، في أول تقسيم إداري عرفته الجزائر.
قسنطينة.. عش النسر الذي قهر الغزاة %D9%82%D8%B3%D9%86%D8%B7%D9%8A%D9%86%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AB%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9على الرغم من امتداد العهد العثماني في قسنطينة، لم يغير الناس لغتهم إلى العثمانية كما فعلت فرنسا
وبقيت الدولة العثمانية فيها من عام 1535 إلى 1837 عندما احتلتها فرنسا أي أنها كانت ثلاثة قرون متتالية تدين للجزائر العثمانية، وخلال تلك الفترات لبست المدينة ثوبا عثمانيا، وتحولت لمركز تجاري وصناعي، وهناك العديد من الآثار العثمانية في قسنطينة، ومنها أكثر من 100 مسجد وزاوية، كما انتشرت المدارس والأسواق وشُقت الطرق ورفعت الجسور.
وشهد عهد صالح باي وهو أحد أهم الحكام العثمانيين فيها أوج الحضارة، وعاشت قسنطينة أيام ازدهارها في عهده وكان يشجع الحركات العلمية والمشاريع العمرانية، ومن أهم ما بُني فترة حكمه المدرسة الكتانية، وهي صرح علمي عظيم، وقد دفن صالح باي في ساحة المدرسة الخلفية وقد حزن أهل المدينة لفقده.
عند مسجد صالح باي فتحت الأسواق العثمانية، وبقيت حتى يومنا هذا منها سوق الجمعة أو سوق العصر، وقد أمر صالح باي بإصلاح جسر القنطرة الذي تعطل خمسة قرون وقام ببنائه 100 عامل استخدموا الحجارة الرومانية الموجودة، وهذا الجسر لوحة فنية أسطورية الجمال وكأنه مشهد في حكاية.

بيلك الشرق.. فرنسا على الأبواب

كانت المدينة مطمعا للغزاة والمحتلين، وخاصة فرنسا التي كانت تريدها بأي ثمن حالها حال الجزائر العاصمة التي سقطت في يد المستعمر عام 1830، فقد زحف الجيش الفرنسي باتجاه بيلك الشرق التي كانت للمحتل بالمرصاد فتهاوى على أعتابها وتمكن أهلها من الذود عنها بقيادة أحمد باي وهو آخر البايات العثمانيين، وعرف كقائد ومقاوم وكان بمستوى المصاعب التي واجهته كرجل دولة.
قسنطينة.. عش النسر الذي قهر الغزاة %D9%82%D8%B3%D9%86%D8%B7%D9%8A%D9%86%D8%A9-%D9%81%D8%B1%D9%86%D8%B3%D8%A7%D9%86تحت قيادة أحمد باي العثماني، تهاوت على أعتاب قسنطينة القوات الفرنسية الغازية
ففي عهده خفف الضرائب وجعلها في زكاة العُشر فقط، وأعاد تنظيم الجيش وأدخل الجيش المحلي بدل الإنكشاري، وبدأ عهده يحدث نقلة نوعية لولا الاحتلال الفرنسي، وما يزال قصره حاضرا كتحفة معمارية نادرة  في أرض قسنطينة.
استمرت اقتحامات المدينة من قبل فرنسا سبعة أعوام متتالية، وفي عام 1837 هوت قسنطينة واحتلها المستعمرون وحلّ الموت في أرجائها فكأنما كانوا هم المغول يدخلون بغداد.
يقول الدكتور عبد الحميد فيلالي عن المقاومة: أسميتها ملحمة في كتابي، كانت المقاومة في كل بيت، وقد شارك في الاقتحام الجنرال الفرنسي “سانت آرنو” بنفسه، وهو الذي قال: “لم أجد مقاومة عسكرية مثل مقاومة أهل قسنطينة” حتى أصبحت أجسام الناس بلاطا يمشي الفرنسيون عليه في الشوارع.

هدم الجامع الكبير.. زعزعة النسيج العمراني

كان الاحتلال الفرنسي قاسيا وثقيلا على الجزائر ومنها قسنطينة، فقد قامت فرنسا وبطريقة ممنهجة بمسح الحضارة العربية والإسلامية فيها، وهدمت الكثير من مساجدها وزواياها ومدارسها وبيوتها التي لم تعد موجودة إلا في كتب التاريخ والمخطوطات.
قسنطينة.. عش النسر الذي قهر الغزاة %D9%82%D8%B3%D9%86%D8%B7%D9%8A%D9%86%D8%A9-1837المحتل الفرنسي حاول أن يجعل قسنطينة بلدا لا يمت للدين واللغة بصلة لكنه فشل
ومع الوقت حولت المدينة  لطابع أوروبي بعيدا عن هويتها العربية الإسلامية، يقول الدكتور علاوي عمارة: لم يبق من الجامع الكبير إلا قسم من قاعة الصلاة، وهدمت المأذنة وأزيل الصحن، وقد شقّت فرنسا مكانه الشارع الوطني أو ما يعرف بالطريق الجديد، وبقي الجامع فقط بالصور الفوتوغرافية وكان يشبه جامع الزيتونة والقيروان في النمط المعماري المغربي الممزوج بتأثيرات بيزنطية محلية، كما هو الحال في قبة الصخرة والجامع الأموي.
كما أنهم هدموا المنشآت التابعة للبايات مثل ثكنة الجيش الإنكشاري ودار الباي، وزعزعت النسيج العمراني، فضلا عن المساجد والدور والتي هدمت لغرض توسيع المدينة وإخضاعها للمخطط الجديد الذي سُنّ في عام 1844.

“جئنا لننقذ الجزائريين من إلههم”.. ثورة ابن باديس

بدأت المقاومة السياسية والثقافية في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، لأن فرنسا لم تكتفِ باحتلال الأرض، بل صادرت المساجد وحولتها لإسطبلات خيول ومحلات ومستشفيات ومساكن، وهذا يندرج على الزوايا والكتاتيب وطردت الجزائريين نحو الجبال والصحراء وغدا أهل قسنطينة غرباء في أرضهم، وقد حملت إليها بعثات تبشيريه شرسة فحاولت إحياء كنيسة أفريقيا الرومانية لتخلع عن قسنطينة قلبها فلا الإسلام دينها ولا العربية لغتها.
قسنطينة.. عش النسر الذي قهر الغزاة %D9%82%D8%B3%D9%86%D8%B7%D9%8A%D9%86%D8%A9-%D8%A8%D9%86-%D8%A8%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%B3ابن باديس.. ابن قسنطينة هو مجدد الدين ومربي الأجيال وأحد أبطال الثورة الجزائرية
يقول  المؤرخ عبد الكريم صفصاف: بدأت فرنسا باقتلاع جذور الثقافة العربية، وقضت على كل مقوماتها، ومنعت التعليم باللغة العربية في المدارس والجامعات، وركزت على قسنطينة لأنها منبع الحضارة العربية الإسلامية.
حوربت مدينة العلم والعلماء في دينها ولغتها فازداد إسلامها متانة ولغتها فصاحة، وظهر الشيخ عبد الحميد بن باديس في وجه فرنسا، وهو ابنها وسليل عائلة عريقة كان مجدد وباعث نهضة في الجزائر، فقد قام بتأسيس جمعية العلماء المسلمين.
يقول عبد الحميد ونيسي أحد طلابه: كان بن باديس شهما ومثقفا، أكمل دراسته في الزيتونة وزار القاهرة وذهب إلى مكة وأراد أن يستقر، لكنه عاد وبدأ مسيرته عام 1913، وقام بدور طلائعي ونفض الغبار عن الحضارة الإسلامية. وقد أُسست جمعية علماء المسلمين على أساس أنها جمعية دينية لإقامة الشعائر وكان ظاهرها جمعية خيرية، لكنها في الحقيقة سياسية نهضوية، فقد قاموا ببناء المدارس في كل أرجاء الجزائر، وكانت قوية في تعليم كل العلوم، وكان شعارهم الإسلام ديننا والعربية لغتنا والجزائر وطننا.
كان بن باديس رمزا للجزائريين في المقاومة والتصدي لانتشال البلاد من يد المغتصب من خلال إنشاء جيل مؤمن بعروبته ودينه، جيل سيشعل ثورة تعم الجزائر، وخلال ربع قرن من النضال استطاعت قسنطينة استرجاع حضارتها بفضل حركة العلماء وباعث نهضتها بن باديس.
قال الفرنسيون “جئنا لننقذ الجزائريين من إلههم ومن محمد وندخلهم في الديانة المسيحية”، لكن بن باديس كان لهم بالمرصاد، وعمل على إنقاذ الجزائر من خلال تعليم اللغة والدين ووضع خطة طويلة المدى لتغيير المجتمع استغرقت عشر سنوات وهو يدرّس ويعظ ويلقي المحاضرات ويتفقد المجتمع الجزائري، وهكذا استطاع إحياء اللغة والدين في المجتمع وتوعيته سياسيا.

“إن الثورة فاتحة الحياة”

اندلعت ثورة نوفمبر المجيدة عام 1945 وكانت قسنطينة في ركب الثورة وبؤرة المقاومة، لكن فرنسا كانت عنيفة ودموية وقتلت ما يزيد عن مليون، وسجنت الكثير لكنها رحلت في نهاية عام 1962 بفضل شجاعة أبناء الجزائر.
قسنطينة.. عش النسر الذي قهر الغزاة %D9%82%D8%B3%D9%86%D8%B7%D9%8A%D9%86%D8%A9-%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%83-%D8%A8%D9%86-%D9%86%D8%A8%D9%8A-1خلدت قسنطينة ذكر أبطالها من مفكرين وشعراء ومجاهدين أمثال مالك بن نبي ومالك حداد
من بين المثقفين والأدباء إبان الثورة برز العديد من أبناء قسنطينة منهم الأديب كاتب ياسين الذي قاوم الاستعمار بطريقته، فهو ثوري وأديب وشاعر ومسرحي كان ملهما للثوار.
ومن الأعلام أيضا الشاعر مالك حداد الذي قال “لا حياة بلا حرية وإن الثورة فاتحة الحياة”.  كذلك ظهر مالك بن نبي وهو أحد أعلام الفكر الإسلامي في القرن العشرين ومن رواد النهضة الفكرية.
تلك هي عبقرية المكان وقد يكون للمكان وقعه في توجهات الناس ومسارات حياتهم، وهناك فضاءات تتفتق فيها الذهنيات وتسمح للإبداع أن ينمو ويزدهر كذلك هو حال قسنطينة مدينة العلم والعلماء، وهي محج ومشكاة التنوير في الغرب الإسلامي، على جسورها وقف راحلون لا يرحلون، وعلى أبوابها سُطرت حكايات من مجد وعز.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69962
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

قسنطينة.. عش النسر الذي قهر الغزاة Empty
مُساهمةموضوع: رد: قسنطينة.. عش النسر الذي قهر الغزاة   قسنطينة.. عش النسر الذي قهر الغزاة Emptyالخميس 08 فبراير 2024, 11:21 pm

قسنطينة.. “لالة زبيدة” تعود من جديد
تستقر في قسنطينة مدينة ”الجسور المعلقة” الكثير من القصص والحكايات، ومنها تنسج تفاصيل الأفلام وتكتب الروايات، فيتسع المجال ومعه الخيال للمخرج والأديب والفنان حتى يختار من يوميات سكانها ومواطنيها ما يشاء.

قسنطينة.. عش النسر الذي قهر الغزاة Lmkhrj_wlmntj_yhy_mzhmالمخرج والمنتج يحيى مزاحم

هنا اختار المخرج “يحي مزاحم” قصة “لالة زبيدة” التي عاش آلامها وكبرياءها كامرأة وحاول من خلال تصوير مطول للقطات، واقتراب بل تركيز أكثر على ملامح وتعابير الشخصيات، أن يزج بالمشاهد في تفاصيل الوقائع ويقحمه في ذلك الصراع النفسي الذي تعيشه بطلته الرئيسة الممثلة التونسية “سوسن معالج” التي بدت جزائرية اللسان وقسنطينية اللهجة وكانت طرفا هاما في المعادلة والفيلم ككل، بلغة وتعبير جسدي راق وأداء مقنع وانسجام تام مع تفاصيل القصة والقضية، مع أن المشاهد المغاربي بشكل خاص تعود عليها في الكوميديا أكثر.
في قالب اجتماعي درامي قدم المخرج “يحي مزاحم” والسيناريست “حفيزة مرمش” قصة حقيقة وقعت في فترة ما بعد الاستقلال (1962) بمدينة قسنطينة الواقعة في الشرق الجزائري، لسيدة تدعى “لالة زبيدة” تتجه في إحدى الليالي لارتكاب جريمتها لتنقض زواجها واستقرار بيتها، ولكنها تسيء التقدير، فتصيب شقيقة ضرتها وتصبح القاتل المجهول، ومن هنا يبدأ الصراع النفسي والندم إلى أن تقدم على الانتحار بعدما تلاشت قوتها من فعلتها وانتهت سلطتها على أهلها وجيرانها المستأجرين في بيتها، وبدأت تلمس الشك في ملامح الجميع وازداد حينها تأنيب الضمير، وقتها لم يكن لديها خيار غير وضع حد لحياتها ونهاية لقصتها.

قسنطينة.. عش النسر الذي قهر الغزاة Lqt_mn_fylm_ll_zbydلقطة من فيلم لالة زبيدة

وهنا اتجه المخرج ومدير التصوير “فريديريك دوريان” بالكاميرا إلى جسور المدينة لتصوير مشهد الانتحار الذي كان خارجيا عكس أغلب لقطات الفيلم التي تمت وفق تصوير داخلي، وبالمقابل يتوقف العمل عند تركيبة وطبيعة المجتمع الجزائري الذي يعطي للذكر حظوظا وأعذارا وحقوقا أكثر من الأنثى، ويرى في الزوجة الثانية إلى الرابعة خلاصه للظفر بأبناء وأحفاد، وهذا ما تجلى في قصة ابن “لالة زبيدة” التي ترفض أن تكون لزوجها امرأة ثانية بينما ترغم ابنها على ذلك، فسمة العمل تكمن في جمعه بين بساطة القصة، وتناقض أبناء الأسرة والمجتمع الواحد وقوة الألم الموجود في بيئة محافظة لواحدة من أعرق مدن الجزائر.
دافع “مزاحم” عن اختياره لهذه القصة وتقديمها بإيقاع بطيء يتلاءم والتطور السيكولوجي للشخصية وما تحدثه من تطورات في تفاصيل عرضه السينمائي، بالاعتماد على إضاءة وديكور وتفاعل مناسب بين الكاميرا والممثل مما ساعد على خلق حرب نفسية داخل الشخصيات ونقلها للمتلقي في نفس الوقت، ومن الرهانات التي عرف بها وكسبها المخرج “يحي مزاحم” هو الوجوه الجديدة التي يقترحها في كل مرة للمشاهد، فان لم يقدم مشروع ممثل (ة) فانه يظهر لك فنان بوجه آخر وأداء متميز غير المتعود عليه، وهنا يكمن ذكاء المخرج الذي وُفق أيضا حينما صنع الاستثناء وتفادى عرض الزخم الثقافي خاصة موسيقى المالوف التي تعرف بها المنطقة في فيلمه، مثلما يفعل كثيرون لتغطية ضعف الحوار والسيناريو والإخراج، وهو اختيار موفق منه ومدير التصوير الذي أظهر جمال المدينة وجسورها وأزياءها التقليدية وكذا تصاميم البيوت الشعبية بشكل ذكي ولافت يسر المشاهد ولا يفقده تركيزه وتتبعه لخيوط الجريمة وآلام المرأة المتجلية في “لالة زبيدة” وأخريات، فالقصص اختلفت ولكن الألم كان مجتمع في نساء ذلك البيت العتيق
قسنطينة.. عش النسر الذي قهر الغزاة 077_constantine_pont_de_sidi_rached

يستعين الكثير من المخرجين الجزائريين اليوم بممثلين من جنسيات متعددة، فعلى خطى بلقاسم حجاج في فيلم “لالة فاطمة نسومر” سار المخرج “يحي مزاحم” الذي منح دور البطولة إلى التونسيتين “سوسن معالج” و “لبنى سديري”، في حين اكتفت الفنانات الجزائريات على غرار “رانية سيروتي” و”نجية لعراف” وأخريات -بأدوار ثانوية-، وقد يكون هذا اختيار من المخرج وقناعة منه بقوة وأداء الممثلات التونسيات أمام الكاميرا، أو للثغرة الموجودة في الوسط الفني الجزائري اليوم، فالكثير من المخرجين يشتكون صعوبة الوصول إلى الشخصية والممثلة المناسبة والمقنعة للأدوار المقترحة في مشاريعهم السينمائية.

قسنطينة.. عش النسر الذي قهر الغزاة 2016-06-14-13-56-lmmthl_ltwnsy_swsn_mljالممثلة التونسية "سوسن معالج"

وفي سياق آخر يلاحظ المتابع للمشهد السينمائي الجزائري أن المرأة كموضوع لم تعط حقها، فنادرا ما يلتفت إليها المخرجون، وقليلا ما يتذكر كتاب السيناريو قصصها ويطرحون معاناتها ويستعرضون تضحياتها التي لا حدود لها لأجل الأسرة والوطن، فكل عمل يقدم اليوم ليخلد قصة أو حكاية لسيدة من سيدات الجزائر يحسب لصاحبه، ويجب الإشادة به مهما كانت قيمته وجودته، فالتقصير لا يزال قائما في حق شهيدات الوطن مثلا، باستثناء بعض المخرجين الذين التفوا حول المرأة وأنجزوا أفلاما عنها ك “عز الدين مدور” في “جبل باية”، “بلقاسم حجاج ب “فاطمة نسومر”، والمخرجة “نسيمة قسوم” في وثائقي “10949 امرأة”، و “ما وراء المرأة” ل”نادية شرابي”، واليوم “يحي مزاحم” الذي أثرى المشهد السينمائي بعمل وموضوع جديد عنها بعيدا عن مواضيع الثورة التحريرية والعشرية السوداء، فالاقتراب من المرأة يجعلك تفتح دفاتر الماضي لتفهم الكثير عن المجتمعات، وتزيل عن قصصها كل أشكال النسيان.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
قسنطينة.. عش النسر الذي قهر الغزاة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» النسر
» تدمير الحضارة سنة الغزاة
» "مطمع الغزاة عبر القرون".. لِمَ تُعد غزة مهمة إلى هذا الحد؟
» أكبر طائر حجمآ يطيـر في العالم - النسر كوندور الأنديز
» رسالة للزوج الذي يهين زوجته رسالة للزوج الذي يعامل زوجته معاملة سيئة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: التاريخ :: عبر التاريخ-
انتقل الى: