منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 اولآد الآفــــــــــــــــــــــــآعي ..

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 68936
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

اولآد الآفــــــــــــــــــــــــآعي .. Empty
مُساهمةموضوع: اولآد الآفــــــــــــــــــــــــآعي ..   اولآد الآفــــــــــــــــــــــــآعي .. Emptyالسبت 29 مارس 2014, 5:52 am

( 1 )


برغم معارضة أبي وأميّ على سفري إلى الولايات المتحدة إلا أنني بذلت مجهودات خارقة لإقناعهما ، وقد تضرعتُ إلى الله أن يقذف في قلبيهما الموافقة على هذه الأمنية والتي كنتُ أترقبها بشغف منذ سنة كاملة ..



أنا حاصل على درجة البكالوريوس في علم الأحياء وقد عزمتُ على إتمام دراساتي العليا هناك في أمريكا


كانت والدتي تبكي كثيراً عند إلحاحي عليها بطلبي المستمر أما والدي فيظلّ يفتل شنبه الكثّ وبصوته المهيب يقذف على مسمعي كلمة ( لا ) فتغوص بداخلي ولها حدّ السيف فتظلّ تمزّق جوفي جيئة وذهاباً وأنا أتقطع حسرة وأتجرع غصص حزن مرير


لا أدري لِمَ يصران هذا الإصرار العجيب على الرفض ؟! لكن في اعتقادي بأنها عاطفة الأبوّة والتي لا أعرف كنهها حدّ هذه اللحظة !


في مساء يوم جميل اجتمعت أسرتنا عند جدي مؤيد والد أبي .. لم يكن أحد يجرؤ منّا نحن الأحفاد على التحدث في حضرته حتى يستأذن وإن أُذن له فتصيبنا رعدة ورعشة وهيبة لا نكاد ننفك منها حتى تعود إلينا مجدداً


هل جربتم الحديث في حضرة كسرى أنوشروان ؟!!


إنني أشعر وقتها بأشدّ من ذلك ! هكذا أتخيل


جدّي مؤيد لا يرد له طلب ولا يفكر أحد في معارضته أبداً أو كسر كلمته


خطرت في ذهني مغامرة لا أدري أهي سذاجة منّي أم شجاعة ؟!


وبدون مقدمات فتحتُ فمي ثم زمجرتُ عالياً وأنا أتحاشى النظر إلى وجه جدي مباشرة وقلتُ :


- جدي هل تسمح لي بالتحدث ؟


سكت الجميع ورمقني والدي بنظرة تمنيت بأنّ الأرض انشقت وابتلعتني فهو يعرف ما يدور بذهني وأظنه قد كشف خططي .. لكني تماسكت


قال جدي : نعم يا فارس ماذا تريد ؟


- أشكرك يا جدي .. عندي طلب بسيط أتمنى أن تكرمني به


تحفّز والدي من مكانه وبدأت نظراته أشد شراسة ..!


- أريد منك يا جدي الحبيب أن تقنع والدي بسفري لإكمال دراستي في أمريكا


- ابتسم جدي وقال : قد توقعتُ أنّ هذا هو طلبك فأنا سمعت بعزمك على ذلك


- شعرت بالخزي حينها واصطنعت على شفتي ابتسامة بلهاء لا معنى لها


سكت جدي وسكتُّ أنا ووأدتُ تلك الابتسامة والتي ماتت في مهدها ونظرتُ إلى أبي فإذا هو يفرك يديه مستشرفاً لما سوف يقوله جدي


* كانت لحظات مصيرية فلو قال جدي ليذهب فارس إلى أمريكا فقد تحققت أمنيتي ، وإن قال لا فهي ( لا الحسرة ) التي سوف تحطم كلّ أحلامي وطموحاتي .. رفع جدي رأسه وأشار بإصبعه السبابة لوالدي – وقد كانت هذه طريقته لإلقاء الأوامر –


كتمتُ أنفاسي للاستماع للمرسوم المؤيدي الذي سوف يصدره كبير العائلة


- لماذا يا أبا فارس لا تسمح لابنك بالذهاب لأمريكا ، إنه شاب ذكي وخلوق ويعرف جيداً كيف يحافظ على نفسه !


أصابتني رعشة محببة عندما سمعتُ هذا الإطراء المبجّل وممن ؟


من جدي الصارم !


تلعثم والدي قليلاً ثم قال : ولكن يا أبي


- كم أكره كلمة لكن هذه .. قالها جدي بشيء من الغضب ثم تابع قائلاً : توكل على الله يا رجل واسمح له بالسفر


صمت أبي قليلاً وأنا أترقب هذا الانتصار الذي بدأت تباشير فجره بالانبلاج


- هاه ما تقول يا أبا فارس


- وماذا أقول ؟ سمعاً وطاعة يا والدي فأنا لا أستطيع أن أردّ لك أي طلب


الحقيقة وبرغم الموقف المحرج الذي أوقعتُ فيه والدي إلا أنني كدتُ أطير من الفرحة لسماع موافقته .. قفزتُ سريعاً وابتدرتُ رأس جدي ثم أهويت على رأس والدي ويديه وقبلتهما


شعور بالزهوّ بدأ يساورني ليس لأنني استطعتُ إقناع والدي عن طريق جدي لكن لأنني أنا الشاب الوحيد من عائلتي الذي سوف يسافر لأمريكا لإكمال دراسته والعودة بإذن الله وشهادة الدكتوراه ترفرف بأجنحتها فوق رأسي تظللني بدالها المعظمة


لم أستطع أن أنم تلك الليلة من كثرة التفكير .. أخذتْ تتقاذفني مخيلتي بأمواجها وأنا أركب زورقاً صغيراً وسط هذه الجبال من الأفكار .. وبدأتُ ألوم نفسي على هذا التهور والطيش وأعذلها على تسرعها وأقول :


لقد تمّت الآن الموافقة فهل أنا فعلاً متهيأ لخوض هذه التجربة الشاقة ؟! بمعنى آخر هل أستطيع أن أواجه الغربة لوحدي وقد ترعرعتُ وسط أهلي وبين إخوتي وأخواتي ؟ حتى دراستي الجامعية لم أستطع أن أكملها خارج منطقتي بل عدت سريعاً قبل انتهاء الفصل الأول والتحقتُ بجامعة مدينتي


آه كم أنا أحمق ! ليتني خرستُ قبل أن أطلب من جدي ذلك الطلب


ليته لم يوافق ... ولكم وددت أن يرفض أبي !


الآن لا أستطيع أن أتراجع .. ماذا سيقول أبناء عمومتي وأقربائي الآخرين ؟


ألا يكفي ما سمعته منهم من استهزاء عندما تركت دراستي الجامعية وعدت إلى هنا ؟!


هل أعلن عن تراجعي كما فعلتها بالأمس ؟ّ!


ويحي ... يا لنفسي المتقلبة .. أشعر بالحماس يتفجر داخلي لأمر من الأمور ثم لا ألبث حتى أنطفي ويعود حماسي كنقطة ضوء بعثرتها مجاميع الظلام !


أهكذا هي روحي ؟ متذبذبة متقلبة لا تقرّ على قرار ولا ترسو على رأي ؟!


أطنان من الخزي تجثم على صدري


هل أعلنها لهم بأني جبان رعديد ؟ وليقولوا ما يشاؤون


أليس ذلك أهون من السفر إلى تلك الديار البعيدة ؟


آه يا أميّ !! كم أحبكِ .. ليتكِ بجانبي الآن لأدفن وجهي بصدركِ الحنون ، برغم عدم رضاكِ إلا أنكِ كفكفتِ دموعكِ وغمرتِ وجهي بيدك الحانية ودعوتِ لي بأن يوفقني الله ..!


لو تعلمين ما يدور بخاطري الآن لأقسمتِ عليّ بعدم الذهاب


كانت الدقائق تمرّ بطيئة وأنا أسبح في بحور همومي القاتلة .. الليلة ماطرة وعصف الرياح يكاد يقتلع نوافذ حجرتي وصوت الرعد يزيدني هيبة وقشعريرة .. اجتمع عليّ رعد السماء ورعود سحائب نفسي المظلمة التي لم تزل تقصفني قصفاً موجعاً


ذهلتُ عن نفسي لا أدري كم مضى من وقت ؟! هل نمتُ ؟ لا أعتقد ذلك


قطرة من ماء أيقظتني من غفوتي يبدو بأنّ ماء المطر قد اجتمع في سطح منزلنا وبدأ سقف الغرفة يصبّ


دونما شعور مني قفزتُ على سريري وأخذت كأساً صغيراً عندي ووضعته تحت المكان الذي بدأ بالتقطير


أحسستُ بالبهجة قليلاً وأنا أراقب القطرات تنساب من الأعلى وتقطر في الكأس ... بدأتُ بمراقبتها وكأنني في كهف مليء بالخفافيش وقطرات سقفه تقطر رويداً رويداً


الحقيقة لم تكن تلك الخفافيش إلا خفافيش خواطري المزعجة


امتلأت الكأس نصفها .. تذكرتُ حينها الحكمة المشهورة :


( المتفائلون ينظرون إلى النصف الممتلئ فيقولون هذه نصفها مليء بالماء


وأما المتشائمون فينظرون إلى نصفها الفارغة ويقولون هذه نصفها فارغة )


تسلل شعور لطيف داخل نفسي وبدأت تتلاشى تلك الغمامات السوداء من داخلي


وتساءلت : لماذا لا أجعل هذه الرحلة بمثابة المغامرة الممتعة لي ؟


الحياة تجارب فلتكن سفرتي هذه من أعظم التجارب


أنا ذكي ومتفوق في دراستي فلماذا لا أجعلها فرصتي للإبداع وكسب المزيد من المعرفة


ولو لم أكسب سوى التعرف على ثقافات الآخرين لكانت كافية لأكون متفائلاً مسروراً


رفعتُ طرفي مرة أخرى أتأمل قطرات الماء وهي تتساقط من الأعلى والكأس يكاد يمتلئ


إذن فالنجاح خطوة بخطوة ومهما كانت ضآلة تلك الخطوات وبطء حركتها إلا أنها سوف تحقق هدفها وتصل في يوم من الأيام إلى مرادها


أمنيتي أن أحقق حلمي بنيل الدكتوراه .. حتماً سأنجح في تحقيقه بعون الله المهم الثقة بالنفس وعدم اليأس


نسائم الإيمان بدأت تغمر فؤادي وشقشقات العصافير أخذت تتسلل إلى مسمعي مؤذنة بيوم جديد يتفتق بالأمل ، وانسلخ مع تلك الليلة القاسية كل خور وضعف كنت أشعر به .. نظرتُ لكأس الماء وقد بدأ يتدفق وخاطبته وكأنه صديق حميم : كم أنت رائع أيها الكأس ! وكم أنتِ رائعة أيتها القطرات لقد بددتما كلّ الأسى والانخذال من روحي ونفثتما في نفسي أمل جديد .!!




( 2 )


في ظرف أسبوعين كنتُ قد أعددت كلّ شيء لرحلتي المرتقبة إلى الولايات المتحدة ... وفي صالة المطار كان جميع الأهل والأقرباء والأصدقاء في وداعي .. لحظات لا أستطيع وصفها إلا أنها مهولة وقاسية خاصة عندما عانقتُ أبي وأمي ، فكرت حينها بالاستسلام وإعلان العودة لكني كتمتُ مشاعري ورسمت على وجهي ابتسامة باهتة وأنا أعالج في نفسي آلاف الآهات والزفرات لكنني فعلتُ ذلك من أجل والديّ


نداءات الرحلة المتكررة طرقت مسامعنا حملت حقيبتي الشخصية ثم أدرتُ ظهري ولم ألتفت أبداً إلى حيث يقف الجميع


توجهتُ مباشرة صوب الصالة الداخلية ومنها إلى الطائرة ..


بحثتُ عن مكاني وكان إلى جناح الطائرة بجانب إحدى نوافذها ارتميت على المقعد وسبحتُ في عالم آخر كله حزن ولوعة مريرة أطلقتُ سراح دموعي بعد أن حبستها طويلاً .. مضت ساعات وأنا على تلك الحال ...


استفقتُ بعدها وأنا أشعر براحة جزئية جعلتني أتصرف كأيّ مسافر هنا على متن الطائرة


... تناولت كأس عصير مثلج وأخذتُ أتصفح جريدة أمامي ... حاولتُ ألا أفكر في الماضي فأنا هنا لأسير إلى الأمام ... هكذا قررت وقتها .


بعد طيراننا لحوالي سبع ساعات هبطت الطائرة في مطار لندن وكان هذا هو خط سيرها ..


شعرتُ بالضيق من طول مكوثنا فقد توقفنا لمدة ساعتين تقريباً فضلّت البقاء في مقعدي والتفرج على المناظر الخارجية ثم أمسكت برواية كانت معي وبدأت بقراءتها ..


فأنا أحبّ قراءة الروايات وخاصة تلك التي تنمي حاسة الذكاء والتفكير المنطقي لديّ ..



أقلعت الطائرة بعد أن تزودت بالوقود ونزول بعض المسافرين الراغبين في الإقامة بلندن وقد صعد ركّاب آخرون يقصدون التوجه للولايات المتحدة كان من ضمنهم رجلاً جلس إلى المقعد الذي بجواري


... رجل في الأربعين من عمره أبيض الوجه وتعلوه بعض الصفرة ... ألقى إليّ التحية بالانجليزية قائلاً مساء الخير سيدي


ابتسمت إليه وأجبته مساء الخير .. مرحباً بك



ثم ربط حزامه وتناول الجريدة التي أمامه وبدأ بقراءتها ..


بعد وصول الطائرة إلى الارتفاع المقرر لها بدأ مضيفوها بتوزيع الوجبات على المسافرين .. اكتفيت بكأس عصير ناولنيه الرجل وهو يبتسم : تفضل يا سيّد فارس !!!


كاد الكأس أن يسقط من يدي


أحسست بمفاجأة صدمتني ... كيف عرف هذا الرجل اسمي ؟ هل لمح بطاقة الصعود ؟ لكنني متأكد بأنه لم يرها أبداً ..


عصرتُ ذاكرتي لعلي أتذكره فلربما قابلته في يوم من الأيام خاصة وأنا أعرف أجانب كثيرين بحكم عمل والدي في إحدى الشركات الأجنبية فقد كان يزوره الكثير من زملائه ومن بينهم أمريكيين وبريطانيين ويابانيين وكان لاحتكاكي بهم إضافة إلى الكثير من الكورسات الفضل بعد الله في إتقاني الكبير للغة الانجليزية


.. لكنني متأكد تماماً بأنني لم أقابله قبل اليوم ...!


التفتُّ إليه وقلت عفواً يا سيد ...


قال وهو يرتشف من عصيره ... اسمي جورج


معذرة يا سيد جورج .. هل تقابلنا من قبل ؟


ضحك وقال : أرح نفسك يا سيد فارس فنحن لأول مرة نتقابل


- لكن كيف عرفتني ؟


- سوف تعرف عن قريب فلا تستعجل !


إنها مفاجأة سارة يا عزيزي ولن أسمح لنفسي بقطع متعتها عليك


- تساءلت : عفواً يا سيدي عن أيّ متعة تتحدث فأنا لا أفهم شيئاً ؟


نظر إليّ وقال : ينبغي أحياناً ألا نستبق الأحداث قبل وقوعها ليس من صالحك أن تتعرف عليّ الآن !


ولماذا ؟


ربما سوف تضرك معرفتي !


بدأت أتوجس من هذا الرجل فثمة غموض يحيط بشخصيته خاصة وأنه بدأ يتخبط بكلماته فكيف تجتمع متعة وضرر في نفس الوقت ؟!


لكنني حاولتُ أن أتجاهله وعدت لإكمال روايتي ..


بعد قليل مرّت إحدى المضيفات إلى جوار جورج ... رأيتُ وجهه يتهلل فرحاً .. توقفت المضيفة إلى جواره بشكل متعمد وبابتسامة ناعمة ربتت على كتفه وقالت : سعدتُ بلقائك عزيزي جورج إنها مصادفة ممتعة حقاً


ضحك جورج وهو يبدي تعجبه لرؤيتها ثم علّق على كلامها : بحق إنها مفاجأة سارة


تحدثا قليلاً ثم استأذنت بالانصراف عند نداء أحد الركاب لها


نظر إليّ جورج وقال إنها فتاة لطيفة أليس كذلك ؟


لم أجبه على سؤاله وعدتُ مجدداً لقراءة الرواية التي بين يديّ


بعد قليل بدأ جورج بالتثاؤب ثم أرخى رأسه على كرسيه وراح في نوم عميق ...


الحقيقة وبرغم محاولتي تناسيه إلا أنني لم أستطع التركيز أثناء قراءتي فقد كانت هناك أسئلة عديدة تغزو مخيلتي .. يا ترى من هذا الرجل ؟


وكيف عرف اسمي ؟ ولماذا لا يتكلم ويريحني ؟!


بدأت وساوس عديدة تنتابني وتقلقني ... فأنا لم أتعرض في حياتي لموقف مماثل أبداً ! لا بدّ من إجباره على الحديث ! لن أتركه حتى يخبرني كيف تعرّف على اسمي ..


بحركة متعمدة أسقطتُ الكتاب الذي بيدي على رأسه انتبه من نومه..



أوه آسف يا سيدي لم أكن أقصد ذلك قلتها وأنا أبتسم ابتسامة اعتذار ! رماني بنظرة غضبى .. فجددت اعتذاري وتأسفت مرة ثانية


مدّ يديه إلى الأمام وإلى الخلف ثم هدأ وقال :


لا عليك لقد أيقظتني فحسب .. لكن كم بقي عن وصولنا ؟


أجبته أعتقد حوالي أربعين دقيقة


أردف قائلاً أظنّ أنه يجب عليّ أن أتناول فنجالاً من القهوة ... هل أطلب لك فنجالاً لكي تنتعش قليلاً ؟


شكرته على لطفه


نادى على إحدى المضيفات لكنها لم تسمعه ثم رأته صاحبته الأولى فأتت إليه وقالت : تفضل يا سيد جورج ما هو طلبك ؟


قبل أن يطلب طلبه قال : نسيت أن أعرفكِ يا عزيزتي على صديقنا الجديد فارس ..


نظرتْ إليّ المضيفة مبتسمة .. وبنبرة دافئة قالت : تشرفنا برؤيتك يا سيد فارس


بدت عليّ علامات الخجل والارتباك وقلت بكلمات متقطعة : شكراً يا آنسة سعدت بلقائك


بعد أن أحضرتْ فنجال القهوة وناولته جورج انحنت عليه وهمست في أذنه عدة كلمات ثم قهقهت عالياً وانصرفت


وضع جورج الفنجال أمامه ثم علت وجهه موجة سوداء وبدأ يتصبب بالعرق رغم برودة الطائرة ثم أخذ يهذي ببعض الكلمات لم أفهم منها سوى قوله عليك اللعنة يا وليم ... عليك اللعنة


لا أدري ما الذي يحدث أمامي ؟ قبل قليل كان يضحك ويغنّي والآن أصبح مربدّ الوجه . لا أكاد أفهم منه كلمة واحدة


كنتُ أراقبه وأنا أحسب بأني في كابوس مزعج أو أشاهد فلماً خيالياً


يا ترى ما الذي قالته تلك المضيفة له حتى أصابه كل هذا التخبط والخوف المفزع


فضلّتُ الصمت وسط هذه الطلاسم التي تحدث أمامي وتمنيت أن نصل بأسرع وقت ممكن


مرّت دقائق لم أنزل نظري عن جورج وهو يقرض أظافره بأسنانه ثم يفرك يديه بشدة ثم يبدأ بقرض أظافره من جديد .. توقعتُ بأنه جنّ أو أصابه انهيار عصبي


بدّدتُ هذا الصمت وانحنيت إلى جهته سألته معذرة سيد جورج : هل هناك أمر مزعج وقع لك ؟


- نظر إليّ وعيناه تقدحان بالشرر ... لا .. لا شئ على الإطلاق


- لكن لماذا أنت بهذه الحالة المحزنة ؟!



- قلت لك لا شئ ...


صمتُّ مجدداً ... بعد لحظات أمال رأسه إلى يمينه وتفحص الممر لينظر هل هناك أحد قادم ، ثم اقتطع قصاصة صغيرة من الجريدة التي أمامه وكتب فيها بعض الكلمات ثم رماها تحت قدميّ وأشار إليّ بالتقاطها سريعاً


أخذتها ونظرت فيها فإذا هو قد كتب : ( احذر يا فارس من وليم 666- fff )


نظرتُ إليه باستغراب وتساءلت ماذا تعني هذه الكلمات والرموز يا سيد جورج ؟


أشار إليّ بالصمت وقال هامساً : لا تتكلم فنحن مراقبان


- مراقبان !! وممن ؟


- لم يجبني ! إنما قام مباشرة وذهب إلى مقدمة الطائرة !!


بدأت أتأمل القصاصة .. من يكون وليم الذي حذرني منه ؟!


* هل يقصد به صديقي الدكتور وليم هاف أستاذ الأحياء الدقيقة في جامعتي والذي درسني قبل سنوات فإنني لا أعرف شخصاً غيره بهذا الاسم لكن لماذا يحذرني منه ؟ فالدكتور وليم شخص مثالي وخلوق وصاحب أيادي بيضاء عليّ فهو الذي شجعني على إتمام دراستي ورتّب إجراءات قبولي في الجامعة التي ينتسب لها هناك في واشنطن .. شئ محيّر بالفعل ؟ ماذا يحدث هنا ؟ وما هي هذه الرموز الغريبة التي كتبها ؟ وهل حقاً نحن مراقبان ؟


وماذا فعلت حتى أراقب ؟


آه رأسي يكاد ينفجر من كثرة التفكير منذ أن صعدت الطائرة وأنا في دوامة مستمرة ، بداية كنتُ أفكر في أهلي وأصدقائي والآن أشغلني هذا الرجل الغريب بتصرفاته


لكن لماذا أنا بالذات ؟ فهناك مئات الأشخاص يقبعون هنا في هذه الطائرة فلماذا لم يحذرهم ؟ هل الأمر فعلاً كما يقول يتعلق بالدكتور وليم ؟


مرّت عشر دقائق ولم يرجع جورج مما زاد قلقي ، خاصة وأنه قد أضيئت إشارة ربط الأحزمة استعداداً للهبوط ، بعد قليل مرّ إلى جواري أحد مضيفي الطائرة سألني أين الشخص الذي يقعد إلى جوارك ؟!


أخبرته بأنه قد ذهب إلى الأمام منذ ربع ساعة تقريباً ولم يرجع حتى الآن .. هزّ رأسه دلالة على أنه سوف يبحث عنه لكن سرعان ما بدأت الطائرة تستعد للهبوط فاضطر أن يجلس على مقعده المخصص وعندما هبطنا على المدرج ذهب سريعاً ليبحث عن جورج


يا ترى هل يكون قد جلس في مقعد من المقاعد الأمامية ؟ لكني لا أعتقد ذلك فكل المقاعد كما يتضح ممتلئة بالكامل ؟ إذن هل هو في دورة المياه ؟ ربما يكون ذلك


بعد وقوف الطائرة بدأ الركاب بمغادرتها


قررت الجلوس في مقعدي أنتظر المضيف لأعرف ماذا حدث لجورج ؟


غادر جميع الركاب ولم يبق غيري .. أخذت حقيبتي ثم توجهت إلى بوابة الطائرة وأنا أتلفت بحثاً عن جورج لكن المقاعد كلها خالية ، وعند سلم الطائرة رأيت ذلك المضيف فطلب مني أن أتعجل في النزول بسرعة لكنني توقفت وسألته عن جورج ، أشار بيده إلى خارج الطائرة وقال : إنه ذلك الرجل الذي يحمله المسعفون ... انصدمت لرؤية ذلك



كانت سيارة الإسعاف واقفة بينما يُحمل جورج وقد وضع على فمه كمامة أكسجين


التفتُّ إلى المضيف وسألته :


- ماذا حدث له ؟


- لا أدري فقد وجدناه فاقداً للوعي في دورة المياه !


- كيف حدث ذلك لقد كان في كامل وعيه ؟


- لا أعرف حقيقة لكن وجدنا عنده جرعة كبيرة من أقراص تستخدم في علاج ضغط الدم .. يبدو بأنها محاولة انتحار


انتحار !! لكن لماذا ؟


بدا الضجر على وجه المضيف وقال بصوت غاضب : معذرة يا سيدي فإنني لا أعرف أي تفصيلات أخرى وأرجو أن تنزل سريعاً فالعربة التي ستقلكم إلى صالة القدوم قد تأخرت كثيراً بسببك


نزلت من السلم وعندما صعدت إلى العربة كان الجميع ينظر إليّ بغضب على تأخيري إياهم لم يكن بوسعي أن أعتذر فقد آثرتُ الصمت وطأطأت رأسي مسافة الطريق .!


عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في السبت 29 مارس 2014, 6:16 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 68936
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

اولآد الآفــــــــــــــــــــــــآعي .. Empty
مُساهمةموضوع: رد: اولآد الآفــــــــــــــــــــــــآعي ..   اولآد الآفــــــــــــــــــــــــآعي .. Emptyالسبت 29 مارس 2014, 5:56 am

( 3 )

عند المكان المخصص للأمتعة التقطتُ أغراضي سريعاً ثم توجهتُ للصالة الداخلية ووقفتُ خارجاً بانتظار الدكتور وليم هاف ... إنه العقل المدبر لرحلتي وبرغم كل الثقة التي كنتُ أمنحه إياها إلا أنني بدأت بالتوجس منه خاصة بعد تلك القصاصة التي كتبها لي جورج ، لقد أوقعني ذلك الرجل في حيرة كبيرة وجعل الوساوس تتلاعب بعقلي ... 

كيف عرف اسمي ؟ ولماذا حذرني من وليم ؟

أسئلة عديدة لا أجد لها أية إجابات !

هل كان ذلك الرجل تحت تأثير المخدرات فتصرفاته تنبي بأنه لم يكن في حالة طبيعية ؟!

انتظرتُ بضع دقائق لعلّ الدكتور وليم يحضر لكن لم يحدث ذلك !

رجعتُ إلى الصالة مرة أخرى فقد كانت الأجواء باردة جداً ولم أكن أتوقع هذا الأمر !

كانت آخر رسالة بيني وبين الدكتور وليم بالأمس عندما أكد لي بأنّ كل الأمور تسير بشكل ممتاز ولم يتبق إلا حضوري .. بعثتُ له بوقت مغادرتي والوقت المتوقع للوصول 

لكن لماذا تأخر الآن ؟

أخذتُ أراقب أفواج القادمين .. كانت الصالة تكتظ بالناس وقد بدت على وجوههم أمارات البشر والفرح لوصولهم سالمين وكذلك للقيا أهلهم وأصدقائهم ... سبحت بخيالاتي بعيداً تذكرت اللحظات التي غادرت فيها وطني ... يا لها من مشاعر مؤلمة ... متى سوف أعود كما عاد هؤلاء إلى أوطانهم ؟!

شيء رائع أن تجد من يودعك ولكن من المؤسف ألا تجد أحداً في استقبالك 

كانت ساعة المطار تزحف نحو التاسعة ليلاً بتوقيت واشنطن 

وبينما كنتُ أتأمل طفلة صغيرة تلعب أمامي إذا برجل يتفحص وجوه الناس وكأنه يبحث عن شخص يعرفه وعندما رآني اتجه نحوي وهو يشير بيده توقعتُ في بادئ الأمر بأنه يقصد شخصاً آخر لكني كنتُ مستنداً على الجدار ولا يوجد أحد بقربي إلا تلك الفتاة الصغيرة

توقف عندي ورمقني بنظرة هادئة وابتسم وقال : 

- مساء الخير يا سيدي 

- مساء الخير 

- إن لم تخب توقعاتي فأنت السيد فارس ؟

فغرت فمي على مصراعيه وعرفت بأنني وقعت في حيرة أخرى مجدداً 

تأملته فقد كنت أخشى أن يكون هو جورج وقد بدأ بملاحقتي من جديد 

كان شاباً طويلاً في الثلاثينات من عمره له شارب كثّ وذو بشرة بيضاء وعينين عسليتين وشعره مجعّد 

ألقى سؤاله مرة أخرى ... معذرة هل أنت السيد فارس ؟

بصوت ضعيف متهدج أجبته : نعم أنا فارس 

مدّ إليّ يده مصافحاً وقال بحرارة : مرحباً بك سيدي أتمنى بأنْ قضيت طيراناً ممتعاً ؟

مددت يدي إليه وأنا أحاول جاهداً أن أرسم ابتسامة على وجهي وأبادله التحية 

لم يتركني كثيراً رهين حيرتي حيث قال :أنا بيل السائق الخاص بالدكتور وليم 

غمرني ارتياح مبهج عندما سمعته يقول ذلك لقد شعرتُ بشيء من الطمأنينة عند ذكره اسم الدكتور وليم وبرغم الصورة القاتمة التي أعتقد بأنني كونتها عنه إلا أنني ما زلت أأمل بعدم صحة ما كتبه جورج 

تساءلت .. عفواً يا سيد بيل لكن أين الدكتور وليم لقد أخبرني بأنه سيكون في استقبالي ؟

احمرّ وجه بيل وقال - ونحن نتوجه إلى خارج الصالة - : هذا لطف منك يا سيدي أن تناديني بالسيد فأنا مجرد سائق بسيط ليس غير ثم انحنى على أغراضي وأخذها مني وابتسم قائلاً : سوف أجيبك عن سؤالك داخل السيارة فالجوّ هنا شديد البرودة 

صعدنا إلى السيارة بعد أن وضع بيل أغراضي في الخلف

كانت السيارة فخمة من نوع تلك السيارات التي يركبها الوزراء ويقتنيها الباشاوات الكبار 

عندها قال بيل : إنّ الدكتور وليم يبلغك تحياته ويقدم اعتذاره عن عدم استقبالك فقد حدث له أمر طارئ منعه من الحضور 

- أتمنى أن يكون بخير 

- هو بخير سيدي .. لكن لن يستطيع مقابلتك هذه الليلة وطلب مني استقبالك وفي الغد سوف يتناول معك طعام الغداء ؟

- حسناً .. وإلى أين سنتوجه الآن يا بيل ؟

- إلى أحد الفنادق وسط العاصمة فقد أمرني الدكتور وليم بحجز أحد الأجنحة الخاصة لك ؟

- فندق !! ولماذا ؟ أعتقد أنّ الدكتور وليم قد تدبر أمر سكني 

- عفواً سيدي لا أعلم عن ذلك .. إنما هكذا أمرني الدكتور 

- حسناً لا بأس .. لكن كم من الوقت سنأخذ للوصول إلى الفندق ؟

- ربما حوالي ساعة يا سيدي 

- ساعة ! وقت طويل أليس كذلك ؟

- آسف يا سيدي لكن سوف تستمتع بمشاهدة المناظر من حولك ؟

* كانت شوارع مدينة واشنطن - ورغم البرد القارص – مزدحمة بالسيارات غير أنها تسير بشكل مرن وسلس وكأنه ينظمها خيط طويل 

في الحقيقة أنا معجب كثيراً بهذه الدولة الساحرة ومدنها الخلابة ...

لكن لا يجب أن أحكم لمجرد صور رأيتها وأحاديث من أناس زاروها 

قطعتُ على بيل تصفيره وترنمه وقلت :

- عفواً يا بيل 

- نعم تفضل سيدي 

- أظنك تعرف بأنني أحد طلاب الدكتور وليم

- حقاً ... هذا رائع جداً

- ألم يخبرك بذلك ؟

- في الحقيقة لا .. إنما قال لي بأنّ هناك ضيف عزيز عليه سوف يقدم 

- بالمناسبة يا بيل .. كيف عرفتني من بين كل أولئك المسافرين ؟

- ضحك وهو يرمقني من المرآة الأمامية وقال : لقد أراني الدكتور وليم صورتك 

ثم أخرج صورة صغيرة معه وقال : أليست خاصة بك ؟

أخذت الصورة أوه صحيح لقد طلبها مني الدكتور وليم قبل أن ينهي عقده من جامعتي وأعتقد أنه احتفظ بها للذكرى كم هو رجل وفيّ !

- هل ما زال الدكتور أستاذاً في الجامعة ؟

- لا .. فقد استقال قبل عدة أشهر 

- غريب لم يعلمني بذلك ! وماذا يعمل الآن ؟

- أعمال حرة 

- رجل أعمال إذن 

- نعم تستطيع أن تقول ذلك 

- معذرة بيل على تطفلي هل تعمل لدى الدكتور وليم منذ فترة طويلة 

- لا .. فأنا معه منذ سنة فقط .. لكن لماذا السؤال ؟!

- ابتسمت وقلت : هو مجرد سؤال عزيزي .. ربما بسبب الملل من الطريق الطويل 

ضحك كلانا ... وساد بيننا بعدها صمت مطبق .. يبدو بأنّ بيل من أولئك الأشخاص الذين يتحسسون من الأسئلة الشخصية 

فتشتُ في جيب المقعدة التي أمامي لعلني أجد شيئاً أقرأه أو أتلهى به وقد وجدت مجموعة من النشرات أخذتُ واحدة منها وهي عبارة عن خريطة تفصيلية لمدينة واشنطن 

حقاً إنه شيء ممتع فأمامنا أربعون دقيقة لنصل إلى الفندق وسوف أتسلى بالاطلاع عليها 

بعد خمس دقائق بدأت السماء تهطل بغزارة مما جعل بيل يبطئ بسرعة السيارة إلى خمسين كيلاً في الساعة فقط !! 

كنت أحاول النظر إلى الخارج لكن البخار المتكون على زجاج السيارة يمنعني من ذلك 

أخذت برودة الجوّ بالازدياد وأحسست بلسعات البرد تعصف بقدميّ ، لم أتجرأ أن أطلب من بيل الوقوف لأخذ معطفي من حقيبتي في شنطة السيارة ... إنها مغامرة خطرة أن تتوقف في ظلّ هذه الأجواء الماطرة والرؤية المتدنية 

التفتُّ لعلي أجد شيئاً أضعه على رجليّ لأخفف من تجمدهما ،كان هناك معطفاً أسوداً على طرف المقعدة 

تساءلت .. 

- بيل ... هل بإمكاني استخدام هذا المعطف فأنا أكاد أتجمد ؟

- نعم سيدي ... إن شئت ذلك 

- هل هو من خاصتك ؟

- لا ، هو للدكتور وليم 

- أوه هذا جيد فهو لن يمانع أبداً 

- بالتأكيد 

وضعت المعطف على ركبتيّ ثم أسدلته على رجليّ وبدأت أشعر بالدفء قليلاً ومن ثمّ عدت لمطالعة الخريطة مجدداً 

هبّت نسمة باردة لا أدري من أين دخلت ؟! نظرت إلى الأمام فعرفت أنّ بيل قد أنزل زجاج السيارة قليلاً لرمي سيجارته خارجاً 

عند إرادتي العودة للقراءة وقعت عيناي على شيء مذهل 

يا للهول رقم 666 منقوش بشكل واضح بخيوط بيضاء في أسفل المعطف الأسود ، سقطت الخريطة من يدي

وتذكرت حينها القصاصة التي كتبها لي جورج خاصة تلك الرموز والأرقام الغريبة 

هل هذه مصادفة ؟ أشكّ في ذلك !!

هل جورج يقع تحت تأثير المخدرات كما حدثت نفسي ؟ أم أنه يخفي أشياء لم أعرف مدلولاتها حدّ اللحظة !

أحسست بارتعاب حقيقي بدأ يسري في عروقي 

إذن فالدكتور وليم صاحب هذا المعطف هو نفسه الذي قصده جورج !

بناء عليه فصديقي وليم هو المقصود من الإشارات التحذيرية التي كتبها لي ذلك الرجل المحيّر 

بدأت ضربات قلبي بالازدياد وأخذت أتعرق وسط هذه البرودة الطاغية 

طوّفتُ بعيداً هناك حيث الوطن حيث أمي وأبي .. آه ليتني سمعت كلامكما يا والديّ .. كم أنا عنيد !

هذه نتائج عقوقي قد بدأت آثارها بالظهور .. مسلسل من الرعب وطلاسم غريبة تحدث لي من الساعات الأولى لرحلتي 

وغصت في عوالم بعيدة من الذكريات والخيالات والأحداث .. لم أشعر بنفسي ولا أدري كم مضى من وقت 

سمعت صوتاً يناديني 

سيد فارس ... سيد فارس

وبصوت عالٍ صرخ بيل ... سيد فارس ألا تسمعني ؟!

تكهرب جسمي وارتعشتُ بقوة 

- نعم ... نعم .. معذرة بيل 

- يبدو أنك متعمق في التفكير قالها بيل بشيء من الشفقة

- صحيح .. هاه .. ربما 

- المهم ها قد وصلنا وبإمكانك النزول الآن 

- هل وصلنا حقاً ؟! لقد مضت الساعة سريعاً

- أظنك قد غفوت 

- غفوت .. ربما فأنا متعب كثيراً 

- حسناً سيدي لا بدّ أن ترتاح من عناء السفر 

الآن عليك الصعود فجناحك يقع في الدور السادس رقم الجناح 66 

- ماذا ؟ ماذا تقول ؟ أرجوك يا بيل أعدني إلى المطار أتوسل إليك !

- عفواً سيدي .. هل هناك ما يزعجك ؟

- يزعجني هاه لا أدري !!

- أعتقد بأنك بحاجة إلى فترة راحة عميقة 

- صحيح أنا أحتاج لذلك فلم أنم منذ يوم كامل 

- عليك الآن بالصعود وأنا سوف أنزل أغراضك وأحملها معك إلى جناحك 

- هذا لطف منك لكن لماذا لا تدع نادل الفندق يحملها عنك ؟

- لا فأنا الذي سوف يوصلها 

أمام إصرار بيل لم يكن أمامي إلا التسليم ، شكرته كثيراً على حسن أخلاقه وجميل تعامله

لم تزل الأمطار تهطل ودرجة الحرارة تهوي إلى الأسفل مؤذنة بليلة شديدة البرودة وما أشدّ أن تجتمع عليك برودة مهلكة وخوف قاتل !!

دلفنا سريعاً إلى بهو الفندق كان فندقاً على مستوى طاغٍ من الأناقة والأبهة 

ويبدو بأنّ أسعاره مكلفة جداً 

أبرزت لموظف الاستقبال بطاقتي .. رحّب بي بحرارة وبعد إجراءات روتينية أعطاني مفتاح الجناح الخاص بي نظرت إلى المفتاح فإذا ممهور عليه الرقم 66

رنّ في أذني صوت بيل من ورائي وهو يقول : إنه رقم مميز بلا شكّ الطابق 6 الجناح 66

ضحكت وأنا ألتفت إليه حقاً إنه رقم مميز 

اتجهنا مباشرة إلى الأعلى عن طريق المصعد وقصدنا الجناح مباشرة 

أخذ بيل مني المفتاح وسبقني ومعه الأغراض ، فتح الباب وأشعل الأنوار وقال تفضل سيدي كل شيء مهيأ لاستقبالك ثم وضع الأغراض جانباً 

سألني هل من خدمة أخرى أستطيع تقديمها لك سيدي ؟

شكرته على كريم أخلاقه ثم قال : 

- سوف يكون عندك في تمام الواحدة غداً 

- تساءلت ومن هو ؟

- ما أسرع أن نسيت !! إنه صديقك الدكتور وليم !

- أوه .. حسناً أنا في انتظاره ومن المؤكد بأنني بحاجة لراحة إجبارية 

- لابدّ من ذلك سيدي وأعتقد بأنها لن تكون إجبارية بقدر كونها طبيعية ، أجزم بأنك ستنام بملابس السفر 

- تبسمت من تعليق بيل وداخلني إحساس جميل تجاهه 

- تفضل هذا رقم هاتفي النقال إن احتجت إلى أي خدمة ما عليك إلا أن تتصل وسوف أكون رهن إشارتك على الفور قالها بيل وهو يناولني رقمه

- ممتنّ لك كثيراً بيل 

- تصبح على خير سيدي 

- تصبح على خير عزيزي بيل 


عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في السبت 29 مارس 2014, 6:20 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 68936
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

اولآد الآفــــــــــــــــــــــــآعي .. Empty
مُساهمةموضوع: رد: اولآد الآفــــــــــــــــــــــــآعي ..   اولآد الآفــــــــــــــــــــــــآعي .. Emptyالسبت 29 مارس 2014, 6:03 am

رغم الإعياء الشديد الذي أضحى يتملكني بقوة إلا أنني لم أتمالك نفسي إلا القيام بعمل جولة سريعة على هذا الجناح المبهر .. كانت هناك ثلاث غرف 



واحدة للنوم وأخرى للاستقبال والثالثة بها طاولة طعام وطاولة صغيرة أخرى إلى جوارها لشخصين أعتقد أنها لتناول الشاي والقهوة فقد وضعت إلى جوار شرفة صغيرة تطل على الشارع بالإضافة إلى ذلك فهناك صالون يقع في وسط هذه الحجرات ومطبخ صغير في زاويته إلى جانب دورة مياه 



لقد تكلف كثيراً وليم لاكتراء هذا الجناح !



لكن لماذا ؟



هل أنا مهم لهذه الدرجة حتى يكرمني هذا الإكرام ؟!!



ضربتُ رأسي بيدي وقلت بصوت مسموع كفى .. كفى أرجوك يا عقلي توقف عن التفكير في هذه الأمور الآن

فأنا بحاجة لنوم عميق أزيل فيه عني كل تلك المصاعب الجسدية والنفسية التي مررت بها هذا اليوم 

أخذت حماماً دافئاً ثم تأكدت من مزلاج الباب وأغلقته بإحكام 



حاولتُ أن أكون طبيعياً ثم تمددت على سريري



سمعت صوت الرعد بينما بدأت زخات المطر تتساقط على نافذتي 



تنفست بعمق وشددت لحافي على رأسي وأغمضت عيني ثم رحت في نوم عميق 






( 4 )





كانت عقارب الساعة تشير إلى العاشرة صباحاً عندما استيقظت ، أشعة الشمس الدافئة أخذت بالتسلل إلى غرفتي .. 



شعرت حينها بالدفء والنشاط ، وبرغم كل تلك الكوابيس المزعجة التي رأيتها في ليلة البارحة إلا إنني حصلت على قسط وافر من الراحة .. فتحت النافذة واستنشقت هواء رطباً منعشاً 



بعد دقائق كان الهاتف يرن ، إنه نادل الفندق يتساءل متى يجب عليه إحضار إفطاري طلبت منه فوراً إحضاره فأنا لم آكل شيئاً منذ أكثر من خمسة عشر ساعة 



أثناء تناولي للإفطار بدأت أسترجع الأحداث الغريبة التي وقعت لي ليلة البارحة ابتداء من مقابلتي لجورج حتى سكني هنا 



يتوقف تفكير أعظم العباقرة عن حل هذه الألغاز المتشابكة ، لكن من المؤكد بأنّ الأيام ستفسر كل شيء ... ويبدو أنّ قلبي ارتاح كثيراً لعبارتي الأخيرة 



بعد انتهائي من تناول الإفطار ارتديت ملابسي ثم تلفعت بأحد المعاطف التي جلبتها معي ثم نزلت إلى خارج الفندق فالتجول في شوارع العاصمة أمر مبهر كما يقولون



سيكون برنامجي كالتالي سوف أقوم بصرف بعض الدولارات ثم أنا بحاجة لشراء بعض الحاجيات وبعدها سأتمشى قليلاً ثم أستعد لاستقبال الدكتور وليم عند الواحدة ظهراً 



الناس هنا كآلات تتحرك تبدو على قسمات وجوههم الجدّية الصارمة وفي نفس الوقت يبادلونك بتحية رقيقة إن فعلت أنت ذلك 



حقاً إنها حياة دينامكية ذات إيقاع سريع ... 



يا ترى هل أستطيع العيش مع هؤلاء البشر الغرباء ؟! إنني أتوقع الصعوبات في ذلك لكن لن أستعجل في إصدار الأحكام حتى أتعامل معهم عن قرب 



بعد تسوقي ظللت أتمشى لمدة ساعة ثم عدت إلى الفندق سألت الموظف هل أتى أحد للسؤال عني ؟ أو اتصل بي أي شخص ؟



- نعم سيدي فقد اتصل بك أحدهم ويقول بأنه الدكتور وليم 

أحسست برعشة سرت في جسمي عند سماع ذلك 

- حسناً وهل ترك أية رسالة 

- نعم هو يبلغك تحياته ويقول إنه في طريقه إليك 

شكرت الرجل ثم صعدت سريعاً إلى جناحي لأتجهز لاستقباله 



الحقيقة وبرغم معرفتي للدكتور وليم إلا إنني أصبحت أرتعب عند ذكر اسمه



هل هو رجل شرير كما فهمت من تحذيرات جورج ؟ أم هو حقاً يقدم خدماته من أجلي فقط ومن أجل الصداقة الحميمة التي تربطنا كما يقول ؟!



قلبي غير مطمئن لكن ومهما حدث يجب عليّ التظاهر بالترحيب به ولن أتفوه بأية كلمة عن ما وقع لي بالأمس !



* عند الواحدة تماماً سمعت طرقات خفيفة على الباب ثم أتبعت بقرع الجرس قطعتُ أفكاري فمن المؤكد بأنه هو ، هكذا هي دقته حتى عندما كان يحاضرنا في الجامعة فهو صارم بمواعيد بدء محاضراته وانتهائها ولا يسمح لأحد أن يضيع دقيقة واحدة 



توجهتُ نحو الباب ونبضات قلبي تتسارع بشكل عجيب



فتحت الباب فإذا هو بنفسه صاحب النظرات الصارمة والوجه الطويل والأنف المعقوف والشارب الهتلري المحدد 

بابتسامة عريضة هتفت : الدكتور وليم مرحباً بك 



سيد فارس سعدت بلقائك 



كان عناقاً حاراً من جانبه .. كلماته دافئة وترحيباته صادقة ومبهجة 



أخذته إلى حجرة الاستقبال وبرغم كونه قد تجاوز الخمسين من عمره إلا أنه ما زال يتمتع بحيوية الشباب وأريحيتهم 

بعد تبادل التحيات والترحيب .. قال لي :



- كيف كانت رحلتك يا سيد فارس ؟ أتمنى بأنك قد قضيت وقتاً ممتعاً 



- ابتسمت ... وقلت بلا شكّ كانت ممتعة للغاية لكن المسافة طويلة ومضنية 



- من المؤكد ذلك عزيزي فمهتك التي أتيت من أجلها ليست يسيرة أيضاً قالها الدكتور وليم وهو يرمقني بعينيه وقد بدت عليهما الجدية 



- من المؤكد ذلك فأمامي مشوار حافل بالتحصيل والجدّ والاجتهاد 



- لقد قمت بتقديم طلبك الذي بعثته إلى الجامعة التي اخترتها وهنا أحبّ إخبارك بأنني قد استقلت قبل عدة أشهر 



- حقاً إنه خبر مؤسف لقد أخبرني بيل بذلك 



- لقد كبرنا يا بنيّ ونريد أن نرتاح قليلاً 



- لا ... فما زلت يا دكتور تتمتع بروح الشباب ..



شكرني وليم على هذه المجاملة 



- قلت له الحقيقة أنا في غاية الإحراج من لطفك معي وكرمك الباذخ الذي منحتني إياه 



- سيد فارس دعني من هذه الإطراءات فمن غير المعقول أن يكون بين الأب وابنه أية إحراجات .. إنني أعتبرك مثل أحد أبنائي 



- شكراً لك دكتوري العزيز



- أتمنى أن قضيت ليلة ممتعة هنا 



- بالفعل فهو جناح مبهر وبرغم برودة الجو لكنني نمت نوماً عميقاً لم أذقه منذ ساعات طويلة 



- أوه لقد نسيت أن أعتذر لك عن عدم استقبالك ليلة البارحة فقد كنت في اجتماع هام 



- لا بأس دكتور ، فقد كان بيل خير ممثل لشخصك الكريم .. إنه شاب لطيف ومهذب 



- بيل يعمل عندي منذ سنة واحدة فقط لكنه حاز على ثقتي المطلقة فهو مثال للشاب المخلص والمؤدب 

- صحيح فقد لاحظت ذلك من خلال تعامله الراقي 



أخذنا أنا والدكتور وليم نتجاذب أطراف الحديث فقد كان حديثه ممتعاً وساحراً يأسرني بأسلوبه الأخّاذ 

عند الثانية كان الغداء جاهزاً تناولناه وما زلنا نكمل أحاديثنا المختلفة ، كان يسألني عن أعضاء هيئة التدريس من رفاقه الذين عاصرهم في جامعتي وعن بعض الطلاب المميزين الذين كان يتذكرهم وقد امتدّ بنا اللقاء إلى الثالثة بعد الظهر 



بعدها ودعني وتمنى لي أمسية طيبة وقد كان موعدنا في العاشرة وخمسة وأربعين دقيقة ليلاً فقد دعاني للعشاء خارجاً في أحد المطاعم الشهيرة 



* لقد كان لقاء رائعاً بحق أزال عن نفسي الكثير من التخوفات التي كانت تنتابني تجاهه وشعرت حينها بالأمان كوني قابلت أحداً أعرفه هنا في هذه المدينة العجيبة 



حاولت أن أتناسى ما حدث فمن غير المعقول أن أظلّ متوتراً طوال الوقت وأيضاً ليس من المعقول أن يكون الدكتور وليم هذا الرجل الطيب هو ذلك الذي نسجتُ في مخيلتي عنه خرافات لم يكن لها مستند إلا كلمة واحدة من رجل مخمور !!



* عند العاشرة وأربعين دقيقة كنت واقفاً على الرصيف المجاور للفندق مترقباً حضور الدكتور وليم 



وفي الوقت المحدد وقفت السيارة التي أقلتني البارحة كان بيل ومعه الدكتور وليم ... 



رحبّا بي وصعدت إلى السيارة وانطلقنا إلى أطراف المدينة .. كنت مستمتعاً جداً بأحاديث الدكتور وهو يشرح لي المعالم البارزة في مدينة واشنطن والتي نمر بها .. معلوماته التاريخية دقيقة وتفصيلاته مذهلة ورائعة 

لم يعجز عن إجابتي عن أيّ سؤال أسأله ، كم أنا شغوف بمعرفة كل جديد ومثير وخاصة بما يتعلق بالآثار والأماكن التاريخية 



بعد حوالي الخمسين دقيقة توقف بيل بسيارته عند إحدى القصور الفخمة ، نظرت من خلف زجاج السيارة لأستطلع اسم المطعم لكنني لم أرَ أية لوحة !!



تساءلت :



- معذرة يا دكتور وليم هل هذا هو المكان الذي سوف نتناول فيه العشاء



- نعم سيد فارس 



- لكنه ليس بمطعم 

وبضحكة مجلجلة .. أوه يا فارس نسيت أن أقول لك فقد أصرّ أحد أصدقائي بحضورنا إليه وتناول طعام العشاء عنده إنه رجل كريم وصديق حبيب إلى قلبي وسوف تبهر بأخلاقه الدمثة 



ضحكت من بساطة الدكتور وليم وتقبلت الأمر بكل عفوية



عند باب القصر استقبلنا صاحبه كان في عمر الدكتور وليم تقريباً ذو سحنة أوروبية .. رحّب بنا ثم عرفنا الدكتور إلى بعضنا 



هذا هو السيد فارس أحد طلابي النجباء وهذا هو السيد ستيف صديقي الحميم 



- اقترب مني السيد ستيف وقال ووجهه يفيض بالبشر : أهلاً بك سيد فارس سعدنا بزيارتك كثيراً 



- قلت مبتسماً : شكراً لك سيدي هذا لطف منك 



أخذنا إلى داخل قصره كانت الشموع تضئ المكان بشكل خافت وهناك العديد من الطاولات والتي يجلس عليها مجموعة من الرجال والنساء 



توجه بنا إلى إحدى الطاولات والتي تجلس عليها سيدة لم أتبين وجهها بعد 



مرحباً آنستي قالها الدكتور مبتسماً وهو يرفع قبعته 



كان عليّ أن أفعل مثله بابتسامة خجلى رحبت بها ثم جلست ، لم أنظر إليها وقتها من شدة ارتباكي ... حينما جلست حانت مني التفاتة إلى وجهها وهنا صدمت ... يا إلهي إنها ذات المضيفة التي رأيتها في الطائرة 



ابتسمت الآنسة وقالت : أهلاً بك سيد فارس سعدت بلقائك مرة أخرى 



ضحك الدكتور وليم وقال : يبدو بأنكما تعرفان بعضكما من قبل 



هنا تدخلت الآنسة وقالت : نعم فقد قابلني السيد فارس في الطائرة عند حضوره هنا 



ضحكت بدوري وقلت : إنها مصادفة عجيبة حقاً



تبسم كلاهما وقالا : فعلاً إنها مصادفة عجيبة 



بدأت الآن أفك الشفرة هذه الآنسة تعرف الدكتور وليم من قبل فهما يتحدثان بشكل أريحي وبعمق 

الحقيقة أصبحت أشعر بكره تجاهها ... قطع عليّ تفكيري صوت السيد ستيف وهو يربت على كتفي 

- السيد فارس أرجو لك وقتاً ممتعاً تقضيه معنا

- شكرته على حسن استقباله وكريم أخلاقه 



** بعد قليل بدأت الفرقة الموسيقية بالعزف ومعها تقاطر الحاضرون إلى المنصة وأخذوا بالرقص وسط النغمات الصاخبة التي تخلع القلوب من شدة إيقاعاتها ..



أحسست بالتوتر قليلاً لكني قد توقعت مثل هذه الأمور ولن أعدم من متعة أشاهدها هنا ، كان وليم والآنسة لودي – هكذا كان اسمها – يتهامسان ويتبادلان الضحكات وأظنّ أني قد لمحتهما وأنا أنظر إلى المنصة يرمقاني بنظراتهما ثم يعودان للضحك مجدداً ..



توقعت حينها بأنها تخبره عن الموقف الذي حدث لي بالطائرة مع جورج 



لكن هل حقاً هذا ما تحدثه به ؟ الحقيقة لا أدري !



أديرت بعد لحظات كؤوس غريبة ... لم أشكّ بأنها خمور 



تناول وليم كأساً وكذلك لودي بينما شكرت الخادمة قائلاً : عفواً إنني لا أتعاطاها ثم تراجعت إلى الوراء وأخذت أحدق إلى من يتراقصون أمامي 



لمحت وليم وآنسته يقربان قدحيهما ثم طرقاه طرقاً خفيفاً عرفت بأنها إشارة بدء العربدة ثم أخذا يتجرعانه وكأنه عصير طازج 



بدأت أشعر بشعور خفي يسري في قلبي ... أضواء خافتة وكلمات هامسة ومغريات أمامي وكؤوس تدار بلا قيود ..



فجأة رأيت الدكتور وليم يضع يده في يد لودي برفق ثم يجذبها جذباً خفيفاً وسط تمنعها ثم قاما وهما يترنحان حتى صعدا المنصة وبدآ بالرقص الماجن والفاضح وسط صرخات الحاضرين وتصفيقهم الحار 



مشاهد لأول مرة أشاهدها على الطبيعة لم أكن أتوقع أن أكون في يوم من الأيام هنا .. لقد كانت مشاهد مثيرة بحق تسمرت على كرسيّ وأنا أشاهد هذه المناظر المغرية 



صكّ أذني نداء داخلي ... لماذا لا تفعل مثلهم يا فارس ؟!!



ما الذي ينقصك عن فعل ما يقوم به هذا العجوز الهرم ؟!!



صحيح ، قلتها في نفسي ثم إنني غريب هنا ولا يعرفني أحد وسط هؤلاء المخمورين !!



سأجرب لمرة واحدة تذوق هذا الكأس وأنا قادر على السيطرة على نفسي في أية لحظة ولن أتمادى في تعاطيها ... هي مرة واحدة ثم كأن لم يكن 



أخذت نبضات قلبي بالازدياد وأحسست برعشة في جسمي وأنا أمد يدي لأتناول الكأس فقد تركته الخادمة بشكل متعمد على الطاولة ولم تأخذه حينما رفضته يا لها من ماكرة ، عليها اللعنة !!



مسكته بيد مرتعشة وأخذ يتدفق وأنا أقربه من فمي رويداً رويداً ... 



نظرت إلى الحاضرين فقد أصبحوا ككتلة لحم واحدة .. زاد ارتعاش يدي وتحركت نزعات نفسي الحقيرة وكبلت ما بقي من عقلي داخل جمجمتي أغمضت عينيّ وازدردتها دفعة واحدة ثم جلست على كرسيّ وأخذت أنظر إليهم ثم وقفت فجأة واتجهت هناك نحو فتاة واقفة على سلم المنصة تشير إليّ بالقدوم رأيت السيد ستيف يعترض طريقي وهو يضحك وقال : فارس أقدّم لك ابنتي اندريلا فهي ترغب بالرقص معك 



فرحت كثيراً وأخذت بيد الفتاة ثم صعدنا المنصة ... 



بعد لحظات من الرقص أحسست بأنّ الأرض تموج بي , دارت القاعة وأصبحت أراهم في الأعلى وأنا أهوي إلى الأسفل ، ظلام دامس أخذ يغزوني من كل جهة ، بدأت أترنح وأترنح ثم هويت إلى الأرض 





حانت مني التفاتة إلى الأعلى رأيت وجه وليم ولودي وصاحب القصر وابنته اندريلا وهم يحملقون في وجهي وأنا أرى غشاوة بيني وبينهم وقد قرأتُ في نظراتهم خبث لا أدري ما سببه ؟ 



وكأنني سمعت ستيف يقول : مسكين !! يبدو بأنها المرة الأولى له يجرّب الشراب والرقص ؟ أجابته لودي : سيتعود بلا شكّ بعد ذلك 







ضحك الجميع ثم لا أدري ما حدث بعدها فقد غبت عن وعي تماماً !
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 68936
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

اولآد الآفــــــــــــــــــــــــآعي .. Empty
مُساهمةموضوع: رد: اولآد الآفــــــــــــــــــــــــآعي ..   اولآد الآفــــــــــــــــــــــــآعي .. Emptyالسبت 29 مارس 2014, 6:08 am

( 5 )


الخامسة فجراً حينما استفقت ، نظرت حولي لأتعرف على المكان رأيت أشياء متداخلة لكني ركزت رؤيتي فعرفت بأنني في جناحي في الفندق الذي أقيم فيه

هناك شخص ما في الغرفة المجاورة فصوت التلفاز مرتفعاً

تحاملت على نفسي ونزلت من على سريري أزحت الستار الخفيف بين الغرفتين .. أوه إنه الدكتور وليم كان مستلقياً على إحدى الكنبات ويبدو بأنه نائم اقتربت منه فانتبه وهبّ سريعاً حينما رآني وقال - وهو يعانقني - حمداً لله على سلامتك سيد فارس لقد قلقت عليك كثيراً

شكرته على لطفه ثم تساءلت لكن كيف جئتُ إلى هنا ؟

- لقد حملتك أنا وبيل وساعدنا عاملين في الفندق وجئنا بك إلى هنا ، هل تشعر بتحسن الآن ؟

- نعم .. أنا بخير فأنا أستحق ذلك فما كان يجب عليّ أن أتناول تلك الكأس !

- لا عليك يا صديقي سوف تتعود على هذه الأمور ولن تتخلى عنها أبداً

- أتعوّد .. لا .. لا أريد

- حسناً أنت حر يا عزيزي ! والآن هل من خدمة أقدمها لك قبل انصرافي فأنا مجهد للغاية وأريد أن أخلد للنوم

- معذرة يا دكتور لكن إلى متى سأظلّ هنا في هذا الفندق ؟ أليس هناك سكن دائم لإقامتي ؟!

- نعم هناك سكن ، لكنه بحاجة لصيانة بسيطة وأعتقد بأنه في خلال ثلاثة أيام سيكون جاهزاً لإقامتك !

- أشكرك يا دكتور فقد أتعبتك كثيراً

- لا عليك يا فارس ، لكن هل أنت بصحة جيدة الآن ؟

- حمداً لله أشعر بتحسن كبير وبإمكانك الانصراف وأنت مطمئن

تمنى لي يوماً سعيداً ثم انصرف

عدت إلى غرفتي وارتميت على سريري

* ندم شديد بدأ ينتابني ... كم أنا حقير ! لماذا شربت تلك الكأس ؟

إنها محرمة ! كيف فقدت عقلي في تلك اللحظات الفاجرة ؟

ربّاه ... لم أكن أعلم بأني ضعيف لهذا الحد !

عاد إليّ النداء الشيطاني مرة أخرى !

- فارس ومهما حدث فقد كانت لحظات ممتعة ودقائق لذيذة ؟

- صحيح فهي لحظات مثيرة بحق ! خاصة على منصة الرقص ، ولكن ؟؟

- لكن ماذا يا رجل ؟! أنت هنا حر في تصرفاتك لا تعقد الأمور فأنت في بلد الحرية المطلقة

- حرية ؟!!

- نعم حرية ... لقد كانت تجربة رائعة وأنت الآن بصحة جيدة فلماذا لا تستمر ؟! أتريد أن تحرم نفسك من هذه المتع ؟ ثم إنك قادر على التحكم بنفسك فإذا لم تعجبك فبإمكانك التوقف عن تعاطيها مباشرة

- صحيح ، فأنا قادر على أن أتحكم بنفسي فتلك الكأس قد شربتها بمحض إرادتي ولم يستطيعوا أن يرغموني على شربها ولو أردت لم أتذوقها أبداً

- أرأيت لن يستطيع أحد أن يجبرك على شيء ! يجب عليك أن تأخذ الأمور ببساطة فلماذا تضخم الأمور ؟

- أعتقد بأنني وقعت في المصيدة !

- أية مصيدة ؟! لا تهوّل الأمور يا رجل .. كلها أشياء بسيطة وأنت ولله الحمد مازلت مسلماً وتصلي

- نعم - ولله الحمد - فأنا أؤدي كل الصلوات في جميع أوقاتها

- أرأيت ؟ أنت إنسان مستقيم فلا تحرم نفسك من التمتع قليلاً

- بالتأكيد ، فأنا إنسان خلوق وإيماني قوي ولن تضرني حفنات من شراب أتجرعها

بعد أن أديت صلاة الفجر طلبت إفطاري وعندما أحضره النادل سألته بصوت منخفض ... عفواً هل لديكم كحول أو مشروبات من هذا القبيل ؟

ابتسم النادل ابتسامة ماكرة وقال : نعم يا سيدي ... لقد أمرنا صاحبك بوضع بعضها هناك في ثلاجتك وقد دفع ثمنها

أوه يا صديقي وليم ... كم أنت كريم يا رجل ! قلتها بنشوة وفرح

توجهت إلى الثلاجة وقد أخذتني موجة ضحك هستيرية إنه لشيء جميل ! كم أنا ممتن لك حبيبي وليم

أخذت قارورة واحدة فتجرعتها قبل الإفطار وبعد أن تناولت إفطاري أتبعتها بثانية

سبحت في عوالم بعيدة وغبت عن وجودي

لا أدري كم مضى عليّ من وقت ؟!

أفقت ثم أخذت أجرجر قدميّ ثملاً واستلقيت على سريري وأنا في وضع غير طبيعي !

مرّت الثلاثة أيام عليّ سريعاً وقد قضيتها في متعة خرافية في كل ليلة يصحبني فيها الدكتور وليم إلى إحدى دور الرقص أو دور عرض السينما أو إلى أحد أصدقائه ...

غصت من خلالها في ألوان شتى من المتع والشهوات جعلتني أنسى كل شيء حتى هدفي الذي جئت من أجله

لقد نجح الدكتور وليم أن يكسب ثقتي فهو بحق صديق رائع

ومما زادني محبة له تضحياته الكبيرة من أجلي فهو لم يزل يتابع إجراءات قبولي في الجامعة بعد أن تعقدت قليلاً حتى أتت الموافقة أخيراً على انضمامي

وبرغم فرحتي بهذا الأمر إلا إنني لا أشعر بذلك الحماس الذي يدفعني لبدء الدراسة وإجراء الاختبارات وعمل البحوث

** لقد أعجبتني حياتي الجديدة ولا أريد أن يقطع عليّ أحد لذتي التي أعيشها بانغماس شديد
ومما زادني سروراً رسالة وصلتني على بريدي الالكتروني من والدي ووالدتي وإخوتي فهم يخبرونني بأنهم بخير حال ويسألون عن أخباري

رددت عليهم وذكرت لهم بأنني بصحة جيدة وقد تيسرت إجراءات قبولي وسوف أبدأ الدراسة عن قريب


* في بداية الأسبوع الثالث من قدومي دعاني الدكتور وليم لتناول طعام العشاء في منزله لكي يعرفني على زوجته وأبنائه

كان بيته أنيقاً وبسيطاً في ذات اللحظة وقد استقبلني هو وزوجته وأولاده استقبالاً رائعاً

قدمني الدكتور إلى زوجته السيدة ليندا كانت امرأة حديدية في منتصف عقدها الرابع تلمع خصلات بيضاء من شعرها الفاحم السواد

صافحتني بحرارة وهي ترحّب بي بتواضع ظاهر وتخبرني بأنها في شوق منذ زمن للقائي

انتابتني موجة حرج واضحة وقلت متلعثماً تشرفت بمقابلتكِ سيدتي

بعدها أخذ الدكتور يعرفني على أبنائه

هذه يا صديقي فارس جيانا وهي في الثامنة عشرة من عمرها وهي في سنتها الأخيرة من الثانوية ( فتاة لاتشبههم بل عليها ملامح عربية .... ووجهها يشع منه حزن دفين

انحنت جيانا مرحبة بي ... بادلتها بالترحيب وأنا أستمع للدكتور يكمل تعريفه وهذا هو ابني جيمس في الثانية عشرة من عمره وما زال في المرحلة الابتدائية

تبسمت إليه وقلت كيف حالك عزيزي جيمس ؟

أجابني وهو يبتسم : بخير سيدي لقد سررنا بزيارتك
وبحركة مفاجأة أخذ الدكتور يركض وسط ضحكات أبنائه ليمسك بالصغيرة فقد هربت حالما رأتني أقترب منها ... حملها والدها وأتى بها وهو يضحك إنها موفي في الثالثة من عمرها وهي تخشى الغرباء ثم تدارك وهو ينظر إليّ بحرج لكن السيد فارس يا صغيرتي ليس غريباً أبداً فهو صديق والدكِ الحميم !!

أخذني الدكتوروليم إلى صالون الاستقبال حيث تبادلنا الأحاديث الودية وقد تباسطت كثيراً مع جيمس فقد أخبرني بأنه يحب رياضة ركوب الخيل ومما زاده سروراً بأنني أبديت عشقي لهذه الهواية أيضاً ، بعد لحظات قفز جيمس وسط استغراب الجميع وراح يركض وهو يقول لقد نسيت أن ألقي على فرسي تحية المساء ضحكنا من تصرفه وقالت والدته : يا له من فتى مشاكس دائماً يحرجنا بحركاته الكثيرة أمام الضيوف !

هوّنت عليها الأمر وقلت هؤلاء هم الأطفال لا يتنبؤ أحد بتصرفاتهم الفجائية

أثناء ذلك استدعى أحد الخدم الدكتور وليم لورود اتصال هاتفي إليه بينما استأذنت السيدة ليندا لتلقي نظرة على طاولة الطعام لتتأكد من جاهزيتها

لم يكن في الصالون إلا أنا وجيانا هنا سألتها عن هواياتها فقالت : إنها تعشق قراءة القصص البوليسية بل ولها محاولات جادة في كتابة بعض القصص

تكلمنا بعدها عن فن القصة والرواية وأشهر الروائيين العالميين وقد أبدت إعجابها كثيراً عندما أبديت عدة ملاحظات على بعضهم ونقدت طرق كتاباتهم

تساءلت جيانا وقالت : يبدو بأنّ لك باعاً طويلاً في نقد الروايات يا سيد فارس ؟

شكرتها على إطرائها وقلت : ليس لديّ خبرة كبيرة لكن من كثرة اطلاعي ومتابعتي للكثير من الروايات أضحت لديّ ملكة بسيطة في النقد وتمييز العمل الجيد من غيره

هنا قامت جيانا بشكل مفاجئ وصعدت إلى الأعلى وما هي إلا لحظات حتى أتت بأوراق مطبوعة على شكل ملزمة وقدمتها لي وقالت : هذه آخر رواياتي التي كتبتها وأرجو منك قراءتها وإبداء ملاحظاتك عليها
شكرتها على ثقتها ووعدتها بفعل ذلك وقلت لها باسماً : لا شك بأنني سأستمتع كثيراً بقراءتها ...

نظرت إلى عنوانها كان عنواناً حزيناً ومبهماً في نفس الوقت أظنه يعكس ما أراه من نظرات جيانا الشاردة وصمتها الطويل في حضرة والديها وبرغم كل رغد العيش الذي تحياه هنا إلا أنني شعرت بأنها ليست سعيدة من داخلها !

لا أدري أحسست وقتها بهذا الأمر !

طرأ عليّ سؤال مفاجئ - كعادتي - ألقيته على جيانا دونما تفكير

عفواً جيانا ... هل أنتِ سعيدة وراضية بحياتكِ ؟

رمقتني بنظرة متعجبة وكأنها لم تتوقع سؤالاً كهذا !!

سكتت لبضع لحظات ثم قالت : لكن ما مناسبة هذا السؤال يا سيد فارس ؟

تلعثمتُ قليلاً وندمتُ على تهوري فلست أملك إجابة حاضرة لكنني تذكرت عنوان روايتها وتذرعت به سبباً لسؤالي فقلت :

إنّ عنوان روايتكِ فيه نوع من الحزن والقلق في ذات اللحظة ..

( المعذبون بصمت ) أليس عنواناً حزيناً عزيزتي ؟!!

صمتت هنيهة ثم نظرتْ إليّ نظرة طويلة تلاقت نظراتنا ولمحت بعينيها آلاف المعاني المبهمة والتي لا أجد لها تفسيراً !!

عندما أرادت التحدث إذا بصوت والدها وهو يقول : هيّا يا سيد فارس تفضل إلى العشاء ... مرحباً بك


انزعجت كثيراً لعدم سماعي لما تريد أن تقوله جيانا فأنا لا أعرف هل أجد فرصة أخرى للالتقاء بها أم لا ؟

بعد انتهائنا من تناول طعام العشاء - وقد كان عشاء لذيذاً بحق -

دعاني وليم وزوجته لاحتساء الشاي خارجاً في حديقة منزلهم فقد كانت حديقة كبيرة فيها العديد من الأشجار والحقول المتناثرة بالإضافة إلى اصطبل صغير فيه ثلاثة خيول كلها تخص جيمس الولد المدلل

ولم يفت الفتى أن يستعرض قليلاً أمامنا بفرسه الجميلة والتي كان يحبها كثيراً ... كنت أستغرق في الضحك أنا ووالديه من بعض حركاته البهلوانية وعندما حانت منّي التفاتة إلى جيانا رأيتها مطرقة برأسها إلى الأسفل وهي تعبث بخصلات شعرها الذهبية وتنكث بعود صغير معها الأرض

تمنيت حينها بأنني لم أقذف بذلك السؤال الغبي عليها لكني اكتشفت في ذات الوقت بأنّ سؤالي قد نبش جرحاً غائراً في صدرها .. لم أزل أتساءل عن قصته ؟!!
بعد تناولنا الشاي ... تمنيت لهم ليلة طيبة وشكرتهم على حسن ضيافتهم ولوّحت بورقات رواية جيانا من بعيد وقلت لها : سوف أبعث لكِ بملاحظاتي أيتها الكاتبة العظيمة حالما أنهي قراءتها ... ابتسمت جيانا ففرحت لذلك بعدما أحزنتها

وقبل أن أخرج من باب المنزل لحقتني الصغيرة موفي وبخطوات متثاقلة نزلتْ الدرجات الثلاث السفلية وهي تشير إلى كراس صغير في يدها

لم أفهم ما تريد .. أنقذ حيرتي صوت السيدة ليندا وهي تضحك وتقول : إنها تريد أن تخبرك بأنها تستطيع تهجي بعض الحروف الأبجدية

علّق الدكتور وليم : يبدو بأنها غارت من أخيها فأنت لم تعطها أي اهتمام !

انحنيت إليها وحملتها على كتفي وقلت : أوه يا صغيرتي أنا آسف جداً

هيّا أسمعيني ما تحفظينه ؟

قالت والدتها هي لا تحفظ جميع الحروف إنما فقط الأحرف الستة الأولى ففي كل يوم نعطيها حرفين تحفظهما وتتعلم على كتابتهما

نظرت إلى الصغيرة وهي تبتسم بخجل وقلت : حقاً إنه لشيء جميل

أردفت والدتها : ما هو الحرف الأول يا حبيبتي ؟
قالت الصغيرة : إنه a
وما هو الحرف الثاني ؟
إنه b
قالت جيانا وهي تبتسم : وما هو الحرف الثالث عزيزتي ؟
قالت موفي : إنه c
قفز جيمس واختبأ خلفي والصغيرة تبحث عنه .... أنا هنا موفي ... ما هو الحرف الرابع يا شقية ؟

أجابت موفي : إنه d

نظر إليّ الجميع وهم يبتسمون يبدو بأنه دوري في السؤال

التفتُّ إلى الصغيرة – ولم أزل أحملها – وما هو الحرف الخامس يا حلوة ؟

أجابت : إنه e

تحولت الأنظار إلى والدها لم يتبق إلا هو لم يسأل ضحك عالياً وبصوته الجهوري قال :

وما هو الحرف السادس أميرتي ؟

قالت موفي : إنه f يا بابا

أعادها مرة أخرى الحرف السادس ما هو ؟

إنه f

قوليها بصوت عالٍ حلوتي ؟
إنه f

تبسمت الأم وقالت : لقد أنهى والدكِ اللعبة

هيا عزيزتي انزلي فقد أتعبتِ السيد فارس

أنزلتُ الصغيرة وسط تمنعها ثم ودعتهم وانصرفت

كانت المسافة بين سكني الجديد وبين منزل الدكتور وليم حوالي عشر دقائق سيراً على الأقدام فرفضت أن يوصلني بيل بعد أن وجدته ينتظرني خارجاً وفضلت التمشي على قدميّ وفي ذهني يتردد سؤال وليم لابنته الصغيرة

وما هو الحرف السادس يا أميرتي ؟

إنه f يا بابا


كم أنا غبي للتوّ اكتشفت بأنّ الحرف السادس في الأبجدية الانجليزية هو حرف f ، لقد اتضحت الرموز !

الأرقام 666 تقابلها الحروف f f f

لكن ماذا يعني ذلك ؟ مجرد حروف وأرقام ليس لها أية معنى ؟!!

أحياناً يتوقع الإنسان بأنه اقترب من فهم الحقيقة فيظنها لا تبعد عنه سوى عدة خطوات بينما هو في الواقع يسير في الاتجاه المعاكس مئات الخطوات

إنها فكرة مؤلمة !!

لكن لماذا أنا أشغل نفسي وأقلق خاطري بهذه الترهات ؟

لم أفق من تخبطاتي إلا بعد أن تجاوزت سكني بعدة أمتار ...

كان سكني الجديد متواضعاً بعض الشيء لكنّ ترتيبه مريح وهادئ

هناك غرفتان ودورة مياه ومطبخ صغير

ويقع في الطابق الثالث في إحدى العمارات المبنية على الطراز الأمريكي القديم وقد قدّم الدكتور وليم اعتذاره لعدم توفر سكن آخر يكون قريباً منه ويكون مناسباً أكثر

الحقيقة فكرة القرب من منزل الدكتور وليم فكرة جيدة لأنني أحتاج إليه كثيراً خاصة عند رغبتي الذهاب إلى مكان بعيد فما عليّ إلا أن أتصل على بيل فيأتي سريعاً دونما تردد ، فقد نشأت بيني وبينه صداقة من نوع خاص فكان يزورني كثيراً ونخرج مع بعضنا البعض للتنزه في المدينة

حاولت أن أتعرف على حياة الدكتور وليم بطرح أسئلة على بيل لكنه يجيب إجابات مقتضبة ومختصرة وكأنّ الدكتور قد أوصاه بذلك !


*** لقد كنت إلى حد هذه اللحظة أحرص على عدم ترك الصلاة مهما كان لكنّ الشيطان بدأ يغويني بتأخيرها والتهاون بأدائها .. بدأت أشعر بكآبة مقيتة عند فرشي لسجادتي لكي أصلي

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
اولآد الآفــــــــــــــــــــــــآعي ..
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: كتب وروابات مشاهير شخصيات صنعت لها .... :: روايات-
انتقل الى: