منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 أدفنوا سري معي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69619
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

أدفنوا سري معي Empty
مُساهمةموضوع: أدفنوا سري معي   أدفنوا سري معي Emptyالسبت 19 أبريل 2014, 12:10 pm



أدفنوا سري معي


- مدخل : (هناك حدا أن تجاوزته , فلا عودة! فإلى أي مدى ستذهب , أن وضعت رهانا على نفسك)!

ونحن نعيش في القرن مابعد العشرين والتطور والتكنلوجيا وعصر الأنترنت وتداخل الحضارات والثقافات فيما بينهما والأنفتاح والعولمة بين كل اقطاب الأرض ومن عليها وتعدى ذلك حتى وصلوا القمر ومابعده . وبالرغم من ذلك كانت هناك قرية منعزلة مدفونة عن العالم كله إذ لاوجود لها حتى على خرائط بلادها وكأنها قرية نسيها الزمن وعافا عليها الدهر وشرب , أهلها محافظين على عاداتهم وتقاليدهم التي ورثوها عن أبائهم وأجدادهم كصلة الرحم القوية جدا فيما بينهم والتعصب لتراثهم واساطيرهم التي تناقلوها جيلا تلو الآخر , لايزوجون أبناءهم سوى من فتيات القرية وفي سن مبكرة وعدى ذاك لن يقبل من شاب أن يرتبط بأخرى من خارج ديارهم سيطرد ويذل ويهان كما المغضوب عليهم .

يعملون في الزراعة المهنة التي يتقنونها بكل أحترافية نظرا لطبيعة قريتهم الخضراء كواحة من عجائب الدنيا , يفرضون على ابناءهم ويجرونهم لتلك الحرفة حتى لو كانت لديهم أحلام وأية أحلام مهندسين أو أطباء أو حتى حلما بسيطا رأوه في منامهم كالمكره أخاك لابطل , شاء أم أبا سيضرب من كبار القرية وسادتها بأوامر شخصية من والده فكل من يعيش فيها يسير طبقا لتلك القوانين الصارمة والمتمثلة في أحترام الأكبر سنا والتذلل وطأطأة الرؤؤس كالمسير لا المخير , رغم عزلتهم وتوحدهم بين اسوار قريتهم وعدم الخروج منها ورؤية ماخلفها وماخلق الله من عجائبه في هذا الكون , تلك قيمهم الأجتماعية وماتربوا عليه فمن يلومهم على ذلك , ومن يتجرأ ولو بمجرد تفكير بأنه سيغادر أو يخرج أو أقله يختلط بآخرين حتى عن طريق الصدفة فلن يقبل منه . 

شبابهم ونسائهم وأطفالهم وكل من سكن على تلك الأرض لم يفكروا ولو للحظة على مخالفة تلك المبادئ التي تعلموها وتلقنوها في أحضان أمهاتهم وفي مجالس كبارهم , بل أحبوها وعشقوها وأصبحت كمجرى الدم في عروقهم يتباهون بأنفسهم وتاريخهم الذي لم ينجس وزيجاتهم المتفق عليها مسبقا قبل ولادتهم ووظائفهم الزراعية التي لن يتفوق احدا عليهم فيها كبرياء يعيشونه في قريتهم التي لا يعرفها أحد . 

(لؤي) ذو ال 28 ربيعا أحد أبناء هذه القرية يعيش منعزلا في كوخه الذي بناه بيديه مبتعدا عن الجميع وتقاليدهم مخالفا لمبادئهم مذ كان مراهقا حيث يعيش صراعات ومشاكل مع والده وباقي السكان , وكأنه فضل العزلة على الأختلاط بهم فضل السجن على حريتهم فضل الهدوء والحلم على تراثهم وأساطيرهم .

يكرهه الجميع وينبذونه فلقد كان يتصرف كما يحلو له يفعل مايشاء ويشتهي , منذ طفولته يسمونه (الفتى المعقد) أو (المريض النفسي) لتصرفاته واحلامه التي لايصدقها مجنون قبل عاقل , مدمنا على تدخين (الحشيش) وتعاطي المنبهات والمسهرات وتناول أنواع كثيرة من الحبوب المخدرة , دائما ماكان يستهزء على القرية واهلها صغيرها وكبيرها قوانينها وقيمها , مما سبب القطيعة بينه وبين الجميع وأولهم عائلته مماجعله يقتات على فضائل الطعام وشرب المياه القذرة , فقرا وجوعا قطع أوصاله لايجد من يزكيه بشيء عدى قريبه (فاروق) الذي ظل محافظا على عادات القرية وتقاليدها لكنه يذهب لزيارة (لؤي) في صمت الليل وسكونه وستاره خشية ان يراه أحدا ويفتعل له المشاكل , كان يشعر براحة كبيرة حين ينعزل معه في كوخه فما كان يجمعهما دما وطفولة وبرآءة ودموعا وأبتسامات , يختبئ معه تاركا خلفه قريته وتشددها وتشدقها بعاداتها وينسى كل ذلك الأحتقان والأحتكار وماذاقه طوال سنينه وكأنه وجد خلاصه هو الآخر في كوخ (لؤي) . 

بالرغم من وحشة الوحدة وحلكة ظلمتها ألا أن (لؤي) كان يحبها بشكل جنوني وهوس فهو من أختار (أنعزاليته) ولم تجبر عليه , يقضي معظم أوقاته في تعاطي المخدرات وعالمها المجهول كخيطا رفيع بين قصرا ومقبرة , يشاهد التلفزيون ويتصفح الشبكة العنكبوتية ويزور في مواقع الأنترنت كل الأماكن التي حلم أن يذهب إليها ويتعرف على العالم بكل طبيعته وغرائبه , تمر ليال ثلاث واربع دون أن يجفى عينيه النوم لكثرة تعاطيه المنبهات وكأنه بذلك يريد أن ينتقم من السنون التي تصرمت من عمره داخل القرية .

شيئا فشيئا وفي ذروة سهره وهلاوسه بدأ يكتب ويكتب , تارة يكتب شعرا واخرى قصة ورواية ومرة خواطر ونثر وفي أحيان يكتب طرفة وينشرها في مدونته أو شبكات التواصل الأجتماعي أو في المنتديات , كانت كتاباته دائما ماتنال أستحسان الآخرين وأشاداتهم وخصوصا فن القصة والرواية ومايملك من فكر وطريقة كتابة وأسلوب يجبر حتى (الأمي) على قراءتها .

كان (لؤي) سعيد جدا بما تحققه كتاباته وأعجاب الآخرين بها ومدى شهرته التي حققها على صعيد مواقع الأنترنت , يشعر وكأنها مكافأة له على ماعاناه وأحس به منذ طفولته حتى أختباءه داخل كوخه , فاصبح تعاطي المنبهات والسهر ليال عدة وكتابة القصص والروايات كالأدمان بداخله أكثر من أدمانه على باقي الممنوعات , يشعر بثورة تحيط عالمه حين يندمج ويتلبس الشخصيات في كل قصة يكتبها ويحس بما تحس به ويتالم مثلما يتالمون يضحك معهم وأخرى يتفنن في تعذيبهم بابشع الأساليب القذرة , وكأن تلك الشخصيات التي خلقها ورسمها وصور أحداث حياتها بنفسه يشعر بها واقعا يتلذذ فيه ويكمل النقص الذي أراد أن يكمله في أهل قريته وقبلهم أسرته .

ظل على روتينه ذاك سهرا وكتابة وهوسا وشخصيات وتلبس , وقريبه (فاروق) يزروه في الليل وقليلا في ضحى يعلم بخبر (لؤي) وجنونه في الكتابة الذي وقع فيه كأنه سيناريو مرتب كقصة كان يكتبها لنفسه , بل أصبح أحد الذين يقيمون قصص (لؤي) ويفيده بآراءه ويشيد بما يخط قلمه وطريقة كتابته للقصة (حيث تجعل من يقراءها وكأنه يشاهدها أمامه كواقع أو فيلما في شاشة سينما) , حتى أشار عليه بأن يقدم كتاباته إلى دور النشر عل وعسى يفتح له باب الشهرة والكتابة والوصول إلى العالم بأسره وكأنها أحدى قصص النجاحات التي سجلت في التاريخ وأصبحت مضربا للمثل .

أعجب (لؤي) بتلك الفكرة التي قدمت له على طبقا من ذهب , راح يرسل كتبه وأعماله إلى دور النشر أما في مواقعهم أو بريدهم الألكتروني ويشترك في المسابقات التي تنظم عن طريق الأنترنت وهو يأمل ويحلم ويمني النفس أن تتحقق أمنيته ليرفع رأسه بكبرياء وشموخ فوق أهل قريته ووالده الذين ظلموه وأتهموه بالمرض والعقدة والجنون , وحطموا أبسط أحلامه وأحلام كل شابا وفتاة في تلك القرية لمجرد أنهم حلموا فقط . 

وبالرغم من موهبته في الكتابة وتفننه في الأوراق وعزفه أروع الكلمات بقلمه التي كانت ظاهرة للأعمى قبل البصير ولكل من قراء له لو كلمة واحدة لقوة مايخط من حبر بين تلك الصفحات , ألا أن ذلك لم ينفعه فلا دار نشر أعطته خبرا ولا مسابقة بجوائزها العينية تغلب فيها على أحد , (فالتوفيق والحظ) يأتي في المقدمة قبل الموهبة والعبقرية فهناك من يكتب السخافات وتربع على قمة العالم وهناك من يكتب العجب ويتلوى في الحضيض .

غضب (لؤي) من ذلك لكنه لم يترك جنونه وهوسه بل أزداد عن ذي قبل وراح يتعاطى المنبهات بشراهة كمن تاه وسط صحراء لأيام بلا ماء وفجأة وجد البئر , يكتب ويكتب وينشر في الشبكة العنكبوتية التي باتت أمل (الميئوسيين والحالمين وأصحاب المواهب المتلبدة) , يكتب أشياء يقارع بها فطاحلة العلم والفلاسفة والمؤرخين على مدار التاريخ حتى وصف البعض كتاباته بأنها ليست من خط يد الأنسان . 

الأيام مرت و(فاروق) تزوج وأنجب طفلا وأنشغل بحياته مما أثر ذلك على (لؤي) وجعله يشعر بفراغا كبير فأنكب على الصفحات كالشلال والكلمات تخرج من بين يديه تقطع الأوراق لقوتها وفخامة لفظها , منزويا في كوخه منعزلا عن كل (أحد) عدى من قلما يمسكه وشخصيات يخاطبها ويصنعها ويتلاعب في قدرها وحياتها , لايفكر في عملا أو مالا أو بنون إذ أن كتاباته باتت كل حياته ومايعيش من أجله .

(فاروق) لم تعجبه تصرفات (لؤي) وكيف يهدر أيامه هكذا فالعمر يمضي ولن يوقفه أحد , راح ينصحه ليلتفت إلى نفسه قليلا ويترك كل ذلك الجنون والكتابة جانبا فلن تغنيه أو تسمن جوعه , وبأنها كانت فترة طيش وسد فراغ وآن أن تصبح ذكرى جميلة وإليمة في ذات الوقت . 

ألا أن (لؤي) لم يلتفت إليه وإلى مايقول بل راح يتشاجر معه ويعيره ويهينه بأنه كأهل القرية شخصا متحجر القلب والعقل ليس له طموحا عدى الزراعة ومحصوداتها , وأتهمه بأنه خائنا للعشرة والصحبة ويقف في وجه أحلامه وعشقه وكتاباته التي يحبها , إلى أن تفاقمت المشاكل بينهما في لحظة طيشا من (لؤي) الذي كان دائما تحت تأثير المنبهات والسهر ليال طوال تتعدى الخمسة والستة ولم يكن في كامل قواه العقلية (فالسهر والأندماج والأنغماس في عالم الكتابة) تحتاج قلبا يحتمل كل مايكتب على الورق , فأفترقا ولم يعودا يطيقان بعضهما وتحولت المحبة والمودة بينهما إلى كراهية وبغضاء بعد أن كانوا مثلا يحتذى به في الوفاء ولكن! (مابين غمضة وأنتباهتها يبدل الله من حال إلى حال). 

كان (فاروق) يحترق غيظا وغضبا لما بدر من (لؤي) وكيف عامله بهذه الطريقة , كل لحظة تمر عليه تزداد كراهية بداخله فقام بفضح أسراره وكشف عيوبه وخباياه عند أهل القرية وفي كبرى مجالسهم وأجتمعاتهم وهم الذين كانوا ينتظرون هذا اليوم الذي يتشمتون على (لؤي) أكثر من ذي قبل , بينما (فاروق) الذي نزع كل خيوط الوفاء وصيانة العشرة وكتم أسرار الأصدقاء حتى بعدما يتحولون إلى ألد الأعداء قال وقال حتى لم يبقى شيئا لم يقله , وصفه بأنه (مجنونا غبي! مصابا بأنفصام! يتوهم الشخصيات في قصصه أناسا حقيقين! وبأنه مدمنا للمخدرات لايعرف ماذا يقول وكيف يتصرف! لديه عقدة من الأختلاط بالآخرين! وبه مرضا يمنعه من الزواج!) . 

جعل من (لؤي) أضحوكة القرية ومرفهها حتى الأطفال أصبحوا يخيفون بعضهم البعض بأسمه , وكأنهم ينتقمون منه بسبب مخالفته قوانينهم وقيمهم وكيف تجرأ عليهم وفعل مالم يفعله أحدا من قبل أنس كان أو جان , جعله عريانا امام الجميع برغم معرفتهم بذلك ولكن خيانة الأصدقاء دائما تكون أشد قسوة ومرارة لأنه يعرف كل تفاصيل حياة رفيقه , أسقطه من أعينهم حتى من أعين عائلته كان كلامه القشة التي قصمت ظهر البعير .

لم يكن (لؤي) يعرف بذلك فهو لايخرج من كوخه عدى لحظات لاتكاد تذكر ولايختلط بأحدا من أهل القرية , ولكن صادف ذات ليلة أن ذهب إلى محل البقالة ليشتري بعض المواد الغذائية ولاحظ حال مروره أمام الجميع بأنهم يتكلمون عنه ويسخرون منه ويتهربون ظنا منهم بأنه فقد عقله , حتى سمع بعضهم يتهامسون ويتناقلون كلاما عنه على لسان (فاروق)! علم حينها بالحكاية والخيانة وغدر الأحبة , تأثر بشدة كما لم يتأثر في أقسى حكاية كتبها وألفها وعذب من بها .

لم يفكر كثيرا فهو في حالة صدمة وذهول من تصرف من ظن يوما بأنه مملكة لأسراره وصندوقه الأسود المحكم , ذهب مباشرة إلى مجلس كان يجتمع فيه معظم أهل القرية وكبارها ووالده معهم و(فاروق)! ودخل عليهم آن كانوا يسخرون منه ويضحكون! خيم صمتا رهيب فور دخوله وكأنهم يرون شيطانا سيرجمهم , بينما هو ظل متوقفا في الوسط (متعبا مرهقا ومصدوم)! ينظر إليهم في حيرة وغبط لايعرف ماذا يقول وكأن المثل يصدق هنا بأن : (الكاتب يعرف كيف يكتب أجمل العبارات وأقساها وأكثرها ألما! لكنه لايستطيع التكلم وماذا يقول أمام الآخرين)! 

بين مشاعره المختلطة تلك التي لايعرفها أحدا حتى هو نفسه يلتفت عليهم يمينا وتارة يسارا , لحظات قال بعدها : مابالكم أيها القوم ؟ مالي ومالكم ؟ أتطالبونني بدما سفكته منكم ؟ أو دينا أخذته من جيوبكم ؟ ألا تستحون ياأولي الألباب أو تخجلون ؟ قريتكم الغبية! قريتكم الوقحة! قريتكم المريضة! قريتكم قريتكم! قرية الشؤم لعن الله كهلها وفتاها! قريتكم أهلكت من وطأة المرض! مرض الجهل مرض العادات والتقاليد الجاهلية مرض الكبرياء المزيف! مزيف إلى أن (ألهكم التكاثر , حتى زرتم المقابر)! تقولون بأنني مريض ولما ؟ لأنني لم أخرج وأفتعل مشاكل مع الآخرين ؟ تقولون بأنني شخصا معقد ولما ؟ لأنني لم أتحرش بنساءكم أو أضرب صغاركم ؟ تقولون بأنني أخشى الأختلاط بكم ولما ؟ لأنني أنعزلت بنفسي عن عاركم وأخترت الكلمات والورق على أفواهكم التي أمتلأت رمادا ؟ آذيتموني صغيرا ولم أسلم من شركم كبيرا , لم أوذي أحدا بحياتي عدى نفسي وتريدون أن تعاقبوني على ذلك! أرجوكم فليخبرني أحدكم شيئا وشيئا وأشياء سببتها لكم ؟ صدقوني لاأعرف ماذا أقول (ليتني أمتلك ورقة وقلم الآن كي أعرف ماذا أكتب فيكم)!

لحظات صمتا قليلة لم ينبس أحدا ببنت شفه و(لؤي) يمسح رأسه بيده وكأنه يزيل غبار الماضي , نظر إلى والده وقال : والدي! أنظر في عيني , كل أشقائي سببوا لك مشاكل مع القانون والجيران وأهل قريتك المزعومة وأعطيتهم كل شيء , لكنني لم أفتعل لك مشكلة واحدة ولو صغيرة , ومع ذاك كنت تضربني وتصفعني بكل مالديك! لما ياوالدي ؟ أنني أبنك ؟ هل أنجبتني لتضربني! أخبرني هيا! ماهي النتيجة الآن ؟ الجميع يقولون عني شخصا مجنونا ومريض! ضربتني وضربتني حتى بكائي لم تسمعه! ولم تشفق علي أو ترحم صغر سني ؟ هل أستفدت من ضربك لي! عدى حقدا بداخلي وقلبا أمتلأ ضيما وقهر! ضربتني لأصلي (ولم أصلي)! ضربتني لأكمل دراستي (كرهتها وخرجت منها)! ضربتني لأكون وفيا لأهل القرية وماذا كانت النتيجة!(أعيش في كوخا لوحدي أنبذ حظي الذي رماني عليكم وجعلني أحدكم)!

ظل (لؤي) مختنقا في عبرته وعبراته التي رآها في كل شيء (عائلته وقريته وكتاباته وعالمه) , نظر منكسرا إلى (فاروق) وقال بصوتا أتعبه السهر والتفكير والصمت : لما يا(فاروق) لما ؟ أعتبرتك أخا وصديقا وحبيب! أهكذا تكافأني؟ ظننتها من الجميع عداك ؟ لما يا(فاروق) ؟ عندما يقولون الناس أشياء عني فلأنهم لايعرفوني ؟ لكنك أنت , أنت! أكثر شخصا مقربا إلي ويعرفني تفعل بي هذا ؟ حتى اللقيط يحترم يا(فاروق) ولكنني من لحمك ودمك! طفولة عشتها معك! بكينا معا! وضحكنا معا! تألمنا وجرحنا وتشاجرنا! أهكذا ننتهي! تخليت عني وأنت تعرف ظروفي وحالتي! وليتك أكتفيت! أخبرت الناس بأشياء عني أستحي من قولها لنفسي! لما يا(فاروق) لما!

لم يتمالك (فاروق) دموعه التي أنهارت فور رأيته (لؤي) منكسرا محدودب الظهر أخذ يتمتم في ذاته (أحقا! أهذا مافعلته بصديقي! لاأريد العيش بعد هذا! فلتنشق الأرض لتبتلعني) , ظل (لؤي) ينظر إليه ولم يتمالك نفسه هو أيضا ذهب إلى (فاروق) باكيا مثقلا بخطواته وأحتضنه , ثم همس في أذنه قائلا : هكذا ندفن أحقادنا يارفيق دربي , أتذكر! لحظات هم (لؤي) بعدها بالمغادرة وقبل أن يصل إلى الباب توقف وهو في ثورة تألمه وبكاءه لموقفه مع (رفيق دربه) , ثم أستدار عليهم جميعا وقال بدموعا بريئة كالأطفال : أريد أن أسألكم شيئا ؟ هل كان الثمن يستحق مافعلتموه بي ؟ هل كان يستحق ؟ أجيبوني ؟ هل كان يستحق ؟ (حسبنا الله ونعم الوكيل , فوضت أمري لله , وهو حسبي)! ثم خرج بعدها يلعن المجلس وقريته وكل من عرفه في عالمه وعاد إلى كوخه وملجأه والمكان الوحيد الذي يشعر بصدقه .



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
أدفنوا سري معي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: كتب وروابات مشاهير شخصيات صنعت لها .... :: روايات-
انتقل الى: