نشحذ كل شيء!
طارق مصاروة
الريعية، والاعتمادية، وانتظار الفرج من الخارج، حالة أردنية عجيبة تتجاوز الحكومات وسياساتها إلى المتبطلين الحزبيين، إلى المنتجين في الأغوار والبادية!!.
آخر ما سمعناه أن المزارعين الأردنيين صرّحوا للصحافة أنّ نتائج اجتماعات العراقية – الأردنية ستساهم في انقاذ الموسم الزراعي. وسمعنا قبلاً، أن انقاذ الخضار والفواكه من الكساد لا يتم إلا بمرور تجارتها مع أوروبا من العراق.
لأنّ سوريا لم تعد مؤهلة لحماية قوافل الترانزيت من الوصول إلى تركيا فأوروبا.
والحقيقة أن الزراعة الأردنية لا تنتظر المعجزات من الخارج، وإنما هي تخاف معجزات تنظيم العمالة المصرية.. التي تقوم بالجهد الزراعي، وتحمّل الحكومة مسؤولية توفير المياه، ومسؤوليات «دعم» أسعار الأعلاف والأسمدة!!.
لا يفكر أحد في السيطرة على الانتاج الزراعي، فالمزارع يستمر في زراعة البندورة، ويطالب بأسواق والدولة لا تشجع الصناعات الزراعية. فمعاصر البندورة لا توفر تعويضاً عادلاً للمزارع، ولا يوجد عند الحكومة دائرة تتولى تسويق المنتج أو حمايته، أو تنويعه.
في دمشق مثلاً، انشأ الصناعيون أكبر صناعات غذائية ونجحوا في تسويقها: إنتاج المشمش الذي صار قمر الدين، وحلويات، ومربيات وكذلك التفاح والعنب.. وكل خضار نعرفه , عبر النهر تشكل الصناعات الغذائية الإسرائيلية أهم الصناعات وتسبق صناعة التسليح.
ننصح حكومتنا بالعودة إلى رعاية التعاونيات التي اثبتت، في الفترة الذهبية، أنها الأقدر على توفير وسائل الانتاج الزراعي، وتسويقه داخل الوطن وخارجه. فلماذا لا تتم برمجة الزراعة في الأغوار بنسق زراعي مدروس، ونسيطر على أسعاره سلفاً في مراكز توزيع الإنتاج وفي التصدير سواء بسواء؟
ولماذا لا تكون هناك جمعيات تعاونية للزراعة في البادية، وتربية الأغنام والأبقار، وتوفير الأعلاف لها من الحفائر، ومياه الآبار. فزراعة البرسيم هي زراعة منتجة ومربحة. وزراعة الشعير على سدود الرويشد وحفائر الجنوب منتجة أيضاً ومربحة.
كل ما يلزمنا الاعتماد على النفس وعدم استعمال كلمة الدعم وعدم الاستماع الى التهديد بالاعتصام والتظاهر، فآخر ما يمكن قبوله عقلياً تظاهر طلاب للتشدد في منع غش امتحانات التوجيهي، وكأن المطلوب السماح للبلطجة باقتحام قاعات الامتحان، والاعتداء على جهد الطلبة المجتهدين، وسرقة مقاعدهم في الجامعات!!
لم نعد نعتمد على أنفسنا في خبزنا اليومي، وتأمين موازنة الدولة ومن المعيب أن نشحذ كل شيء ونرفع أصواتنا أكثر فأكثر!!.
الرئيسية 
البوابة 
