د. محمد صالح المسفر أستاذ العلوم السياسية في جامعة قطر

أدار الحوار الزميل رئيس التحرير المسؤول الزميل محمد حسن التل

أكّد الدكتور محمد المسفر أستاذ العلوم السياسية في جامعة قطر ضرورة الحرص على النُّظم السياسية الوراثية، لتجذرها بالتجربة، ولا غنى للشعوب عنها، باعتبارها الضامن لاستقرار دولها وشعوبها، ولتاريخها الطويل في الحكم المستمر مئات السنين.
وقال في حوار مع أسرة «الدستور» في منتداها للفكر والحوار إن للبيت الهاشمي آلاف السنين وليس المئات، «فبنو هاشم كانوا يحكمون قريش، وتوارثوا الحكم، وهو تسلسل مبني على وجهة نظر مستمدّة من أعماق التاريخ بأن لا يكون هناك طغيان ولا ظلم».
واعتبر الديمقراطية في بعض المجتمعات العربية ليست هي الحل، «لأن الديمقراطية لمن يدفع أكثر، أي ادفع مالا تحصل على أصوات»، وهي مسألة يراها المسفر لا تستوي في ظل وجود نسب عالية من الفقر.
ويرى الأكاديمي القطري الدكتور المسفر الذي يزور الأردن حالياً: أن هناك ثلاثة عوامل تحول بيننا والنظم الديمقراطية تتمثّل بالجهل والفقر وإسرائيل، على أن الحل من وجهة نظره تكمن بصدق التعامل بين صانعي الأفكار (الإعلام) وصنّاع القرار والمتلقين (الجماهير).
واعتبر الطائفية أخطر الأمراض السياسية في صفوف الأمة، محملا مسؤولية تفاقم هذا المرض السرطاني لأصحاب الأقلام الذين يروّجون له.
وقال إن تنظيم «داعش» الإرهابي لا يمثّل الإسلام، «وإذا قضي على «داعش» سيظهر لنا ما هو أدعش منه»، مشيرا إلى أن داعش اختُرقت من إسرائيل، وكل مخابرات الدنيا اشتركت في خلقها», وفيما يلي نصّ الحوار:

* الدستور: جو الأمَّة العاصف الملتهب الذي تلفحه الهزيمة من كل الجهات، وهذا القتل والدم ومشاريع التقسيم التي نراها دون أن نلمسها، هل تعتقد أن هذا النفق الأسود المظلم الضيق، سيشع منه ضوء في آخره؟ وهل هو قريب أم ما زال بعيداً؟
- د. المسفر: بسم الله الرحمن الرحيم..
فيما يتعلق بالنفق المظلم، أنا لست من أنصار الأنفاق المظلمة على الإطلاق، وأقول إن هناك ضوءا بعيدا ولكنه ضوء مشع، وفيه آمال قوية لعودة الوعي الوطني والقومي، والوعي بأهمية بناء الدولة.
الأمر الثاني هيبة الحاكم، طاغية وديكتاتورا سقطت ولم يعد له هيبة كما كنا معتادين عليها على الإطلاق، أصبحت الآن في حكم التاريخ، وأصبح الناس يصارحون الحاكم أو صانع القرار بما يجب أن يفعله وبما يجب أن يتخذ من قرارات.
الأمر الآخر يجب أن نفرق بين نوعين من الأنظمة، الاول النظام السياسي الوراثي، وكلنا يجب أن نحرص على بقاء هذه النظم الوراثية لأنها تجذرت في التجربة، وتجذرت في التعامل مع الشعب بجميع أطيافه، ولا غنى للشعوب عنها، وأقصد بذلك الشعوب التي تخضع لأنظمة وراثية، تبدأ من الخليج بكل مكونات الدول الست، مروراً بالأردن، وصولا إلى المغرب، هذه الأنظمة التي يجب الارتكاز اليها لأنها الضامن الحقيقي، فلها تاريخ ليس وليد الساعة وإنما مئات السنين.
لا أقول إن الأردن له مئات السنين ولكن البيت الهاشمي له آلاف السنين، فبنو هاشم كانوا يحكمون قريش، وتوارثوا هذا الحكم، وهذا التسلسل يبني على وجهة نظر يستمدها من هناك، بألا يكون هناك طغيان ولا ظلم، ولا أعتقد أنه كان في الأردن على سبيل المثال طغيان ضد المواطن.
فالأمل في هذه الأمة كبير جداً، ولكن المعوق الحقيقي لهذه الأمة في تقديري هو طبقة المثقفين، فهم الذين يزينون للحاكم سوء أعماله، مدحاً وترويجاً بأنه هو صانع الكون ومن حوله، فعندما يسمع بأنه لا غبار عليه ولا غبار على سلوكه، يقتنع بأنه أفضل خلق الله، وبالتالي يصبح هناك ردة فعل نبدأ نتعامل معها، إذاً المسؤولية الأكبر تقع على المثقف العربي، على حامل القلم بما في ذلك الصحفيون والكتّاب المشهورون المعروفون، وبما في ذلك الطبقة التي تلي هذه الطبقة وهي طبقة السلطة التنفيذية وهي الوزراء وأيضاً مجلس النواب، فهؤلاء قد أوتمنوا على أن يقوموا بالواجب، وليس مهمة هذا الوزير أو الكاتب أو الصحفي المدح دائماً بأن فلانا عمل، فالحاكم يجب أن يعمل، كما هو مطلوب مني الولاء والطاعة فأيضاً هو مفروض عليه أن يقدم الولاء والانتماء للوطن وبالتالي يقدم له خدمات، فاذا اكتملت هذه الصورة فإني أستطيع القول إن هناك ضوءا في آخر الطريق ينبئ بتقدم الأمة والخروج من المأزق الذي نعيشه هذه الأيام.
* الدستور: تفضلت وتحدثت عن رحيل الديكتاتورية، هل كانت مشكلة الدول العربية وجود ديكتاتوريين، أم في أوضاعها خاصة وجود كيان سرطاني وهو إسرائيل، وهل ما زال هناك وطن عربي كبير كما كنا نؤمن ولا يزال بعضنا يؤمن بذلك، فنحن الآن لا نرى وطنا عربيا كبيرا بل دولا عربية مفككة وهذا من النتائج السلبية لما سمي بالربيع العربي،ونريد أن تحدثنا عن وجهة نظرك في الربيع العربي، هل هي الديمقراطية أم الناحية القومية ووجود إسرائيل بطرق مختلفة وأغراض مختلفة؟
- د. المسفر: إسرائيل بالطبع مؤثر، ولكنها ليست العامل الأول، من صنع الديكتاتور؟ بالطبع نحن..المثقف والكاتب وحامل القلم بمدحه كل يوم إلى أن صدق الديكتاتور أنه المخلّص، إذن نحن من صنعنا الديكتاتور، صنعنا حسني مبارك وأنور السادات وبشار الأسد وعلي عبدالله صالح، لم يصنع ديكتاتور كما صنع ديكتاتوريون في الوطن العربي في التاريخ، فنحن صناع الديكتاتور، هو لم يصنع نفسه ولم يأت ديكتاتورا، بل نحن نفخنا فيه روح الديكتاتورية فأصبح ديكتاتورا.
إسرائيل لا شك أنها معوِّق ومؤثر لكن ليس التأثير الكامل، لأن إسرائيل قابلة للذوبان والانتهاء، وأنا أذكر في العام 1973 إسرائيل كادت أن تسقط لو لم يتدخل الديكتاتور بإيقافها، وأذكر هنا موقف أنور السادات عندما أوقف الحرب رغم أن كل نصائح الاتحاد السوفيتي في ذلك الوقت أن الممرات مفتوحة أمامه إلى أن يصل إلى الجليل الأعلى، ولكنه لم يستمع إلى النصيحة لأن في عقله شيئا، وكان يقال إنه بطل العبور..الخ، لكنه ليس بطل العبور وانما الجندي الذي أعطي الإمكانيات لكي يعبر هو بطل العبور، فالديكتاتور لم يكن هو البطل، فالبطل كان ذلك الجندي وذلك الإنسان وذلك الكاتب الذي هتف بحياة الجندي، لكن مع الأسف الشديد هؤلاء الكتاب مرة أخرى لم يجيروا هذا النصر للجندي المصري على الإطلاق،،
المقاومة عندما انتصرت في غزة، قامت بعمل لم يسبق للقضية الفلسطينية أن قامت به منذ العام 1948 إلى اليوم، لكن الذي دمر هذا النصر هو الكاتب الفلسطيني وصانع القرار الفلسطيني والديكتاتور الفلسطيني.
الديمقراطية في تقديري في المجتمعات ليس هي الحل، لأن الديمقراطية لمن دفع أكثر، أي ادفع مالا تحصل على صوت، إذن هذه الديمقراطية ليست هي الحل في نظمنا خاصة في بعض انظمتنا،....عندما يكون الفقر نسبته عالية والحاجة عالية لا قيمة لهذه الأصوات على الإطلاق ولن تجدي حتى لو وصلت إلى مجلس النواب لأنها تبحث عن ربح فيما بعد مجلس النواب، وبالتالي هذا ليس هو الحل المطلوب.
الحل المطلوب في نظري، أن يكون هناك صدق وأن تكون هناك علاقة بين من يصنع الأفكار ومن يلصقها على وسائل الإعلام وبين المتلقى وبين صانع القرار، ثلاثة عوامل في تقديري هي الأهم في عملية الوصول إلى ما هو أفضل لهذا العمل، لا يمكن أن نقول إن إسرائيل هي المعوق الوحيد في هذا على الإطلاق، بل هي أحد المعوقات الأساسية، العامل الثاني الجهل، والثالث الفقر للوصول إلى النظم الديمقراطية.
* الدستور: أنت تُحمِّل المثقفين والكتاب والإعلاميين مسؤولية صنع القرار في الأمة العربية، ولكن هذا ليس صحيحاً فهم قد يساهمون بصنع رأي عام، لكن من يصنع القرار هي الأنظمة،أليس كذلك؟
- د. المسفر:، هذا هو الواقع، فأنا لم أقل إن الكاتب هو من يصنع القرار،، الكاتب يضع أفكارا، لكن مطلوب منه ألا يزين عمل باطل يقوم به صانع القرار. وسائل الإعلام في كثير من الدول العربية تزيّن الباطل، فتعين صانع القرار بأنه هو البطل المنقذ، فعندما يخرج مانشيت بأن الرئيس الفلاني أنقذ أمته من الهاوية، فهنا يصبح الانطباع بأن الزعيم هو المنقذ الحقيقي للأمة !! لكنه لو انتقد الحاكم بطريقة أخلاقية وقام بإرشاده إلى الطرق الصحيحة التي من الممكن أن يبني بها مجداً لكانت النتيجة مختلفة... أعتقد أن هذا هو دور الكاتب والمثقف ووسائل الإعلام الحرة وليس الرسمية.
مرة أخرى أقول إنني لم أقل إن الكاتب هو الذي عليه صناعة القرار لكن الكاتب هو الذي يصنع الديكتاتور.
* الدستور: أين تصنف نفسك ؟، هل ما زلت بالإطار القومي أم أن هناك ردة فعل عندك؟ وكيف ترى الشق الطائفي السائد في المنطقة الآن وإلى أين نسير؟
- د. المسفر: أعتقد أننا جميعنا ننتمي إلى الأمة العربية، والأمة العربية قومية، وكلنا ننتمي إلى هذه القومية،ومع الأسف هناك الكثير من الناس يدقون معول الهدم في القومية العربية، لكن ما الذي فعلناه للقومية العربية وليس ما الذي فعلته هي لنا، فنحن ننتمي إليها، فالملك عبدالله الثاني ينتمي إلى بني هاشم، وبنو هاشم تاريخهم قبل الإسلام وبعد الإسلام وفي التاريخ الحي الآن، هل هو مسؤول عن هذا كله؟ هل يستطيع أن يتنكر لقوميته؟ بالطبع لا يستطيع، لكن هذا الحاكم يقول أنا قومي عربي أعتز بانتمائي لهذه الأمة ولا أستطيع أن أفصل نفسي عن قوميتي ولغتي وديني وقبلتي، فالإسلام عربي قبل أن يكون آخر، صحيح أنه بعث لكل الأمم لكنه نزل عندنا، وكُلِّفنا عن طريق سيدنا محمد -عليه الصلاة والسلام-، ابن العم الذي هو من قريش بتبليغ الرسالة، ونحن نحملها معه، فنحن قوميون إسلاميون عرب..الخ، فالقبلة عندنا والقرآن من عندنا والنبي -عليه الصلاة والسلام- من عندنا وحتى انبياء اليهودية والمسيحية من عندنا، إذاً كلهم في الأساس عرب، فلماذا أخجل من أن أنتمي للقومية العربية؟! ولماذا كل واحد فينا الآن بدأ يدق في هذه القومية ويقول إنها لم تقدم لنا شيئا، لكن ماذا قدمنا نحن للقومية؟ أسلافنا قدموا، والدولة الأموية قومية إلى أن وصلت إلى مرحلة الضعف، وبقيت قومية إلى أن انهزمت، والدولة العباسية نشأت قومية ووصلت إلى مراحلها النهائية،، ويحاسبوننا على مفهوم القومية بينما لا يحتج أحد على القومية الفارسية، فـ»الدستور» الإيراني ينص على أن الحاكم يجب أن يكون إيرانياً أي فارسياً، ومذهبه جعفري، لكن دساتيرنا نحن لا تنطق بهذا، بل تنطق بأن دين الدولة الإسلام ولغتها العربية، فلم يقل نحن قومية، أنا أؤمن بقوميتي ولن أتغير أبداً.
أما الطائفية، فأعتقد أنها أخطر الأمراض السياسية التي تدب في صفوفنا، وهذا الخطر الكبير نحن نروج له، وأصحاب القلم مسؤولون عن هذا، ويجب فضح هذا المرض السرطاني المسمَّى بالطائفية. أضرب مثلا في هذه الطائفية، وأنا لست طائفياً، كم حزبا إسلاميا سنيا لدينا، فهناك حزب إسلامي في مصر وفي الأردن وفي المغرب وفي تونس..الخ، فلدينا 21 حزبا إسلاميا، هل جميع هؤلاء ينتمون إلى الإرهاب؟ هل كلهم مصنفون أنهم إرهابيون؟ هل أهل العراق في الأنبار الذين هم من نينوا في الشمال ومن الموصل إلى جنوب العراق هل أهل السنة هؤلاء جميعهم إرهابيون؟ لماذا نصنف دائماً نحن ونخجل أن نتحدث عن طائفتنا السنية أو عن أمتنا مصدر الإسلام فالإسلام السُّني هو المصدر وليس الشيعي لأن المذهب الشيعي نتوء سياسي جاء مع الدولة الصوفية في مواجهة الدولة العثمانية بتآمر مع الإنجليز في ذلك الزمان، وقبل الحروب التي تمت ونعرف مصدرها.
وبالنسبة للاحزاب الشيعية، -للأسف الشديد-، حيث لم يتحدث عن هذا أحد، فهناك 18 حزبا ميليشيا مقاتلة شيعية مسلحة مدعمة بطيران ودبابات وصواريخ وبأموال ولا أحد يقول عنها كلمة واحدة، داعش نحن نرى أنها إرهابية ونرفضها وحزب النصرة نرفضه وحزب التوحيد نرفضه، والجبهة الإسلامية التي تتكون من خمس جبهات في سوريا نرفضها، فأنا معكم نرفضها جميعها.. نرفض أي حزب ديني يحمل السلاح، لكن يجب أن تساويني بالأحزاب الأخرى والتي تقتلني كل يوم ولا أحد يتحدث عنها، وتكون الحجة بألا نتحدث بهذا لأن ذلك يثير النعرة الطائفية! هنا أقول إننا لسنا طائفيين، مصدر الإسلام هو المصدر السني، مصدره القرآن والسنة النبوية،، وبالتالي أعتقد أن النموذج السياسي الآن الذي يظهر بشكل موضة الطائفية هو تمزيق للأمة وأمعان بتمزيقها، وعلينا أن ننتبه ونحذر من مخاطرها، فهو مرض سرطاني يجتاح الوطن العربي بكل ثقله.
* الدستور: تحدثت عن إنجاز الحرب في غزة، وأنه تمت الإطاحة بهذا الإنجاز من قبل حامل القلم والديكتاتور الفلسطينيين، ألا يوجد هناك شركاء عرب من الذين موَّلوا والذين دفعوا أنهم لا يريدون أن يروا هذا الإنجاز حتى لا يتم تعميمه على بقية الدول العربية؟
ويبدو أننا بحاجة إلى ديكتاتور نتمسك به ونتلمس به كل يوم حتى أننا وجدنا أن العراق تنهار إذا غاب صدام حسين من 2003 وانتهى العراق الآن، وهو الذي كان يمسك العراق كلها بقبضته، ولم نكن نعلم أن هناك في العراق سنة وشيعة وكردستان ويزيديين وغيرها، والحوثيون الذين كانوا قلة فجأة يستولون على اليمن بكل بلاغته وحكمته، وكأننا نريد أن نعود لنصنع علي عبدالله صالح جديدا، أيضاً ديكتاتور، وهذا الأمر ينطبق على بشار الأسد وسوريا حيث أن هناك ائتلافات معارضة كثيرة، وأيضاً هذا يستمر في التمثيل على بقية الدول العربية، كذلك ننظر إلى فقاعة داعش التي ظهرت فجأة وكأنها اصبحت تمثل الإسلام السني الذي يتمسك بكل ثوابت الأمة الإسلامية، وثوابت الإسلام الحقيقي وهذا النموذج يبدو أنه غير مرغوب أن يكون على الساحة.
- د. المسفر: مرة أخرى، لا يريد الغرب والشرق وكثير من الأنظمة العربية لأي منظمة إسلامية أن تنجح، وتصل إلى الحكم وغير مسموح لها بالنجاح، وغير مسموح لها بالانتصار، وحتى لو انتصرت يكون انتصارها هزيمة، ولا شك أن بعض الأنظمة العربية تآمرت على غزة في حربها، وكلهم هزموا غزة، وإسرائيل لم تهزم غزة رغم التدمير، ورغم الدمار الشامل الذي أوقعته فيها لم تهزمها، بل هُزمت من أطراف عربية مع الأسف الشديد، وحصار الاشفاء قتلها، فلم يستطع الإنسان أن يأكل أو يشرب، وقتل الكرامة وكبرياء الإنسان والعزة، وكبرياء المرأة دُمر في غزة بحكم الحصار، كما دمر الحصار ذلك في العراق لمدة 13 عاما،
وفيما يتعلق بالتيارات الإسلامية، غزة حققت انتصارا. لقد قيل إن لديهم 38 مليارديرا من الأنفاق، لكن هؤلاء عملوا جبهة مسلحة واستطاعوا أن يصمدوا 55 يوما ضد إسرائيل، ويكفي أنهم أدخلوا الجيش الإسرائيلي ومجلس الوزراء الإسرائيلي في اجتماعاتهم اليومية تحت الأنفاق، أليس ذلك انتصارا؟، بالنسبة لـ«داعش» لا تمثل الإسلام،، « وإذا قضي على «داعش» سيظهر لنا ما هو أدعش من داعش، وما هو أشرس من داعش، الإسلام، وداعش اختُرقت من اسرائيل، وكل مخابرات الدنيا اشتركت في خلق داعش..... الآن نجد أن الجميع يضرب داعش في عين العرب أو في عين العالم بالصواريخ والطيران والمدفعية ومحاصرة من كل مكان لمدة 90 يوما ولم يستطيعوا أن يدخلوا المدينة، ما معنى ذلك؟!
أمريكا في حربها في أفغانستان، خلال 75 يوما، في الفترة من 7 أكتوبر إلى 23 سبتمبر العام 2001، قامت بـ6500 غارة جوية خلالها قذفت على أفغانستان 17500 قوة تدميرية نارية. في شن الحرب على داعش وخلال 76 يوماً ومن خلال 632 غارة جوية، أسقطت عليها في العراق وسوريا 1700 قوة نارية تدميرية.
بالنسبة لبشار الأسد، فلو كان لديه العقل الحاكم ويريد أن يدخل التاريخ فعندما رأى العواصف تحوم حوله كان عليه أن يدعو إلى اجتماع لمجلس قيادة الثورة أو مجلس القيادة الرسمية ويطلب إعادة صياغة الدولة ويكوّن حكومة انتقالية لمدة ثلاثة أشهر تتكون من جميع القوى الوطنية السورية، حيث أن المعارضة في تلك الأيام كانت سلمية، فخلال ستة أشهر لم يتم إطلاق أي طلقة واحدة، جميعهم كانوا يطالبون بالإصلاح وليس بإسقاط النظام، وبعد أن بدأ اطلاق الرصاص أصبحوا يطالبون بإسقاط النظام، ولو كان عاقلاً وزعيماً بمفهوم الزعامة لفعل غير ذلك، لكن -مع الأسف- الكتّاب الموجودين في حزب البعث في سوريا نفخوا فيه الزعامة وأنه لا بد من تدمير هؤلاء العملاء لأنهم دولة الصمود والمقاومة والمواجهة..الخ، ودخلت المصالح هنا لإيران في نهاية المطاف وليس لسوريا، وتدمرت سوريا وفشل بشار الأسد، ولن يبقى بشار الأسد وإذا بقي يبقى صورة، وبالتالي خسر سوريا وخسر المجتمع العربي معه ودمر البلد تدميراً كاملاً بالبراميل المتفجرة وأصبح اللاجئون أكثر من عدد سكان سوريا، إذاً ليس هناك زعيم ليقال عنه ذلك، ولو فعل ذلك خلال الأشهر الستة ما كان يجب ان يفعله وأقدم على عملية الإصلاح الجذري في النظام السياسي واحتوى الأزمة لكان أصبح بطلاً قومياً لا ينازع، لكن مع الأسف ظل الطريق وأصبحنا جميعنا في مأزق سواءً في الأردن أو في الخليج أو المغرب أو أي مكان آخر فنحن نواجه أزمة سوريا ونعاني منها.
* الدستور: عودة للربيع العربي، بماذا تسمي الربيع العربي، هل هو انتفاضة شعوب، أم هي صنيعة مخطط عالمي، كما قالت كونداليزا رايس الفوضى الخلاقة، وأصبح هناك ردة على الربيع العربي، هل للدولة العميقة أثر في ذلك؟ وثانياً، كتبت في أحد مقالاتك لا تضيعوا الأردن خليجياً، ماذا على دول الخليج أن تقدم للأردن؟
- د. المسفر: برغم كل ما يقال عن الربيع العربي، إلا أنه قدم إنجازا كبيرا لهذه الأمة لا نحلم به. فعلى سبيل المثال هناك دول لم يكن أحد من الشعب يستطيع أن ينتقد النظام، اليوم نرى على اليوتيوب يخرج مواطن ويعرّف عن اسمه كاملاً وعنوانه وينتقد النظام في هذه الدولة او تلك ويطالب بإسقاط النظام، ويخرج غيره لينتقد أيضاً، وهكذا بدون أي خوف، في حين لم يتجرأ أي إنسان فيما مضى على أن يقول مثل هذا الكلام إلا بعد الربيع العربي، فمعنى ذلك ان الربيع العربي قدّم إسقاط هيبة الحاكم، لكن لا نقول بأن هيبة الحاكم سقطت في كل الدول العربية، في بعض الأنظمة العربية اهتزت هيبة الحاكم،.
بالنسبة للأردن، أقول أن الأردن لديه سلبيات، لا شك أن الخليج ظالم في التعامل مع الأردن فأقر بذلك وقلته بأعلى صوتي في عقر دار أهل الخليج، وما زلت أكتبه، لكن أيضاً أنتم قصرتم في حق أنفسكم.
* الدستور: ثمة جدلية الأمن والديمقراطية الآن سائدة، وهي جدلية مقلقة، وكأن الديمقراطية لا تصلح للوطن العربي الذي يضيع الأمن إذا جاءت الديمقراطية، هذه جدلية بحاجة لقراءة من متخصصين. في جدلية أننا تجمعات بشرية على غرار القبيلة والعشيرة ولسنا مجتمعات، وبالتالي هذه المجتمعات كيف يمكن أن تصل إلى كسر هذه التجمعات القبلية والعشائرية للوصول إلى مجتمعات عربية، حتى تصبح الديمقراطية قادرة.
هل يمكن للديكتاتور السياسي أن يمارس ديكتاتوريته ما دام قادراً على الانفاق وبالتالي السؤال المالي أخطر من السؤال الكرامي الذي تحدثت عنه؟ كما نود الحديث عن دور قطر السياسي في الاقليم.
-د. المسفر: الأمن والديمقراطية هذا عمل فلسفي لن أدخل فيه، وهي بحاجة إلى حديث طويل لأنها جدل فكري. لكن أيضاً أريد أن أعرج عليها سريعاً، فمن وجهة نظري المتواضعة أنه إذا تحقق الأمن، ليس عن طريق العنف، يتحقق الأمن الإنساني بل عن طريق الرضا بين الحاكم والمحكوم، سيطمئن الحاكم وسيطمئن المحكوم، وبالتالي سيكون هناك مجال لعملية تطبيق المشاركة السياسية في معادلة المشاركة في صناعة القرار، إما عن طريق برلمان وإما عن طريق مجالس شورية، وإما عن طريق مؤسسات المجتمع المدني للوصول إلى حلول، فهذا موضوع جدلي طويل.
بالنسبة للقبلية والعشائرية، فهذه تركيبتك، لا تستطيع التخلص منها، فالقبائلية والعشائرية في كل مكان، والطبقية في كل مكان، لكن كيف يمكن إذابتها، هنا دورنا جميعاً، دور المثقف والوزير والبرلمان وكل شيء. وبالنسبة للحماية السياسية فالحاكم يستمدها من قوة الشارع، إذا كان الشارع لديه فاعلاً ومؤثراً.
وبالنسبة للدور القطري،..، أسألكم هنا، قطر دولة صغيرة ولديها المال ولديها إمكانيات إعلامية رهيبة، والهند تعداد سكانها مليار و100 مليون نسمة، فهي دولة كبيرة ومساحة واسعة ولديها قوة، وبمقارنة مع الولايات المتحدة، الدولة الصغيرة أمام الهند من حيث المساحة والموارد والإمكانيات والشعب، وأيضاً الصين دولة كبيرة عظيمة، في مواجهة دولة مثل بريطانيا ولديها صواريخ وأقمار صناعية وغير ذلك، وهي دولة قوية، لكنها لا تلعب أي دور،هناك دول لا تريد ان تلعب دورا وهي قادرة على ذلك، فهل محرم على دولة تريد أن تلعب دورا لصالح هذه الأمة أن تتهم بصغر سنها وحجمها وقصر قامتها بأنها غير مؤهلة وبالتالي ليس لها الحق بأن تفعل شيئاً، فمن الناحية الوطنية قدمت قطر مصالحة في لبنان وحاولت أن تقدم مصالحة مع بشار الأسد في بادئ الأمر، ذهبت الوفودالى دمشق أكثر من عشر مرات من كبار المسؤولين في الدولة ليخرجوا من الأزمة وتم إعطاؤهم الحلول والعون، لكن أصروا بأن لا يستقبلوهم فيما بعد. عملت قطر في السودان واليمن بشكل اجابي... ما الذي يمنع من ذلك؟!
قطر ليست دولة إسلامية بالمدلول الذي يشيعون له، وليست مناصرة لأي تيار إسلامي على الإطلاق، والتهمة لقطر بأنها دولة ممولة للإسلام بعد الثورة المصرية،غير صحيح لانها كانت ايضا مع حسني مبارك وقدمت له مساعدات، فالباخرة التي غرقت في البحر الأحمر دفعت قطر لمصر تعويضات واشتروا لهم باخرة، وأيضاً القطار الذي دمر في مصر قامت قطر بالطلب من السفارة بإعادة بناء خط السكة الحديدية وشراء قطارين جديدين، كما اشترت بعشرين مليون دولار حراثات زراعية للمجمعات الزراعية، وبعد ذلك جاء المجلس العسكري وقدمت قطر لهم كل الإمكانيات، ثم جاء مرسي وساعدوه نفس المساعدات بالعجز المالي في الميزانية ووضع رصيد في البنك المركزي كوديعة..الخ.
بالنسبة لعلاقات قطر بإسرائيل، فقطر أغلقت مكتب إسرائيل في الدوحة عام 2006، وبدلاً من ذلك هناك مكتبان لإسرائيل في دولة خليجية، وهناك طائرات تخرج من هذه الدولة وتصل إلى تل أبيب مرتين أو ثلاث مرات في الأسبوع ولا أحد ينتقد هذه الدولة، لماذا نحن متهمون دائماً، فأرجو أن تستبينوا النصح..
هناك من يقول بأنني قُطْري، لكن بحياتي لم أكن قُطْريا، فالقطرية أنا متمرد عليها، فأنا من أصول سعودية، وحصلت على جنسية الإمارات واشتغلت فيها ومثلتهم في الأمم المتحدة وفي الباكستان وفي لبنان وفي كل مكان، لدي هوية جزائرية، وهوية يمنية، وهوية مصرية، لكن لا أستعملها، إذاً أنا وطني ولست قُطْرياً، فلماذا أحب أنا الأردن، الأردن دولة فقيرة، وليس لي أطماع شخصية، لكن رغم ذلك أدافع عن الأردن، وهذا إثبات على عدم قُطْريتي، فأنا لست قطرياً.
* «الدستور: العلاقة بين محاصرة الإسلام السياسي التي حصلت في أكثر من دولة عربية خصوصاً في مصر، وتنامي الحركات المتطرفة، كيف ترى العلاقة بينهم.
وأخيراً مبادرة المصالحة السعودية بين مصر وقطر التي عرضت مؤخراً ويقال بأن الأمور تسير بهذا الاتجاه.
- د. المسفر: قطر لا يوجد لديها مشكلة مع مصر على الإطلاق، لا سياسية ولا مالية، قطر وقفت مع كل الأجيال التي مرت بها، وفقط المصريون مصرون على إسكات الجزيرة، وهذا مطلب كثير من الدول العربية، لكن مصر احتدت، حيث فتحت 21 محطة تلفزيون ومكاتب علاقات عامة في أوروبا، فتلفزيون من تلفزيونات مصر على سبيل المثال يقوم بتشويه صور بعض المسؤولين، لكن بالمقابل الجزيرة لا تفعل ذلك، بل تقوم بعمل مهني، أيضاً البرامج التي تدار من الجزيرة كل الضيوف والذين يعملون فيها يديرها مصريون ولا يوجد أي قطري فيها، ولم يكتب قطري قط وحتى أنا إلا ما ندر في الانتقاد لمصر، لكنه انتقاد مؤدب، إذاً من ناحية مصر لا يوجد لدينا مشكلة معها، لكن مشكلة مصر معنا هي الجزيرة والإخوان المسلمين الموجودون في قطر، تريد أن نخرجهم ونسلمهم لمصر لعرضهم على العدالة، لكن هذا لا يمكن، فقطر قالت بأن هذه خطوط حمراء، ولم تقبل بتسليم أحد،، فشعارنا هو قطر دولة كل مظلوم كما هو الحال في الأردن، لكن المصريين لا يريدون ذلك،
السعوديون مشكورين شعروا بالأزمة، والملك عبدالله قال لا بد من المصالحة ما بين قطر ومصر، لكن هل سيتنازل المصريون عن طلباتهم هذه، فلغاية الآن لا نعلم، وننتظر لمعرفة ما سيحدث.
* الدستور: تحدثت عن الظلم والاستبداد، وهذه فيها وجهة نظر هي أشبه بالفقهية، لأن الظلم والاستبداد والديكتاتورية هي موروث عربي، ولربما التخلص منها وتفكيكها مسألة بحاجة إلى ثورة ومشروع ناهض داخل الأمة، وكان هناك إرهاصات عبر مراحل النهضة، ولكن للأسف جميعها جمّدت أو فشّلت أو عطّلت.
ما بعد سايكس بيكو، وهذا الحديث طرح سياسياً وإعلامياً، وهناك من يتحدث بتشاؤم عن أن الدولة القُطرية أيضاً معرضة للتفكيك وما نراه في سوريا والعراق هذا المشهد المتحرك طائفياً وعرقياً وربما تولد دول جديدة في المنطقة، وخاصة بأنك تتحدث بإيجابية عن داعش ومتفائل بها سياسياً، وإن كانت هذه الحالة ليست إلا حرباً طائفية، فهو جهاد أسود.
- د. المسفر: الظلم والاستبداد يطول الحديث عنهما، ولن أتحدث بهما، لكن لدينا ظلم واستبداد خلق مشكلة، بين الناس والحاكم والظالم فجوة ولا بد أن تملأ إما بثورة أو عدم استقرار وطني يربك الدولة والشعب والمصالح.
كثر الحديث عن سايكس بيكو وانه بعد مائة سنة يعود الأوروبيون الآن لتقسيم العالم العربي، وأقول بكل أمانة «ما جاءكم من شر فمن أنفسكم»، نحن أصحاب التقسيم ونحن رواده، ونحن مساهمون فيه، وأصحاب القلم أكثر الناس مساهمة في ذلك!!!

وأضاف المسفر في حديث خاص لـ "قدس برس" اليوم الأربعاء، "أشعر بغرابة شديدة إزاء ما أسمعه من أخبار غير دقيقة حول المواقف القطرية".

واستغرب الأكاديمي والمحلل السياسي القطري، من "مغزى" استهداف المواقع الالكترونية الرسمية بدولة قطر، مؤكدًا أن ما حدث: "عملية قرصنة لا تخدم أحدًا من دول الخليج ولا دول المنطقة".

وحذر المسفر من خطورة ما يجري من حملة إعلامية منظمة تجاه قطر، مستدركًا: "دول الخليج تمر بمرحلة دقيقة للغاية، وأي اهتزاز في علاقاتها يمكنه أن يؤثر على جميع دول المنطقة".

وأكد المسفر أن الأوضاع في قطر "مستقرة تمامًا"، وأن مواقف الدوحة "لم يطرأ عليها أي تغيير يستحق كل هذه الحملة، ومشاركة قطر في قمة الرياض كانت منسجمة مع مواقف دول مجلس التعاون".

ونفى أستاذ العلوم السياسية في جامعة قطر، أن تكون الدوحة أو وزارة الخارجية القطرية قد طلبت من اي سفير خليجي أو أجنبي مغادرة البلاد.

وكانت وسائل إعلام عربية ودولية، قد زعمت أن أزمة دبلوماسية قد بدأت بين الدوحة ودول الخليج العربي، عقب تصريحات "ملفقة" لأمير قطر ووزير خارجيتها.

وتضاربت الأنباء حول حقيقة ما شهدت العلاقات الخليجية؛ وخاصة بين قطر وسائر دول الخليج بعد القمة العربية الإسلامية الأمريكية في الرياض، على إثر تداول تصريحات من الدوحة منتقدة للسياسات الخليجية، قالت الأخيرة إنها مفبركة.

وكان اختراق لوكالة "قنا" الرسمية، قد نشر تصريحات منسوبة للأمير تميم بن حمد خلال حفل تخريج الدفعة الثامنة من مجندي الخدمة العسكرية، جاء فيه تصريحات انتقدت اتهام قطر بدعم جماعات إرهابية، كما رفض تصنيف الإخوان المسلمين ضمن الجماعات الإرهابية، وكذلك دافع عن أدوار حزب الله وحركة حماس وإيران والعلاقة معها.

ونشر الـ "هاكرز" تصريحات منسوبة لوزير الخارجية القطري، تُشير إلى التوجه لسحب سفراء قطر من دول الخليج وطرد سفراء تلك الدول من الدوحة.

ومؤخرًا، أعلنت مصادر قطرية رسمية، بأن قراصنة إنترنت "اخترقوا" فجر الأربعاء، الموقع الرسمي لوكالة الأنباء القطرية الرسمية (قنا)، وقاموا بـ "فبركة" ونشر تصريحات "مزعومة" لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ووزير الخارجية، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.

وصرّح الرئيس التنفيذي للمؤسسة القطرية للإعلام، الشيخ عبد الرحمن بن حمد، بأن موقع وكالة "قنا" مخترق، وأن ما تم تداوله زعمًا أنه صادر عن الشيخ تميم بن حمد آل "غير صحيح".