حين كانت أوروبا وثنية ـ في عهد اليونانيين ـ كانت ميسورة الحال ، وحين دخلها دين بولس ( شاؤول ) المسمى بالنصرانية اليوم رَتَعَتْ في مستنقع الجهل والفقر اﻵسن وخيَّم عليها ظﻼمٌ بهيم ، وحين تخلَّت عن دين بولس ـ النصرانية المحرفة اليوم ـ وعادت إلى شِرْكها ثانية فيما يعرف بالعِلمانية ( الﻼدينية ) تحسنت أحوالها المادية ، فارتبط في ذهن اﻷوربيين أن الدين والتخلف قرينان .
أضف إلى ذلك أن اﻷوربيين أصحاب عنجهية وكِبر واستعﻼء يتضح ذلك من تسميتهم ـ قديما ـ لغيرهم من الشعوب بالبربر ، وحديثا بما يعرف بحضارة الرجل اﻷبيض ، وما ارتكبوه في حق الزنوج وغيرهم من شعوب العالم .*
وحين اصطدمت أوروبا باﻹسﻼم على يد العثمانيين وجدَ اﻷوربيون مقاتلين ولم يجدوا دعاة ، وجدوا غزاة ولم يجدوا فاتحين .
فاجتمع عند اﻷوربيين عقدة ارتباط الدين بالتخلف ، والعنصرية ، وبغض اﻹسﻼم خاصة .*
وﻻ ينبغي أن تغيب عن الصورة يهود فقد كانت هناك توقد جمرة الحقد والغضب في صدور هؤﻻء .*
وصار اﻷمر بين مدٍّ وجزر حتى غلبَ الرومُ العثمانيين وصار الحال إلى ما نحن عليه اليوم . وهذه المقدمة تفسر بعضا مما يحدث من القوم في الدينمارك ومن يساندهم .*
أقول كفي الله نبيه المستهزئين ، واستبشر الصحابة والتابعون بالفتح حين سمعوا سبَّ النبي ـ صل الله عليه من الحصون .*
واليوم أصبح سب النبي ـ صل الله عليه وسلم ـ هو ديدن الكفر كله ،ومنهجهم في الدعاية إلى دينهم المحرف ، فهي بشائر نصر إذا . ونرجو من الله أن نكون من أهله .*
ويزيد من البشرى أنه أتى من الدينمارك والنرويج ... دول الشرق اﻷوروبي .
يقول صاحبي ـ بعد أن خالط الدينماركيين حينا من الزمن ــ : ( إن الدينمارك أرضٌ خصبة .. وأين من يزرع ) . وهي قََوْلة معبرة جدا ، فلك أن تتخيل شعوب تعيش كالبهائم ، مطلبها المأكل والمشرب والشهوة حين تتعرف على خالقها الرحيم الرحمن الكبير المتعال كيف سكون حالها ؟
ستفر حتما من جحيم الشهوة وظﻼم التشتت اﻷسري وعبادة الدرهم إلى ربها ، حين تذوق لذة المناجاة بالسحر والذكر آناء الليل وأطراف النهار . . .سيهتفوا بهتاف السَّحرة يوم الزينة ( لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض ) .*
فربما قدر الله السخرية من هذه البقعة من اﻷرض ليسمعوا عن اﻹسﻼم ونبي اﻹسﻼم فيدخل عوامهم في دين الله أفواجا . فرارا من ظﻼم الشهوة والمادية التي يعيشونها .*
ويزيد من البشرى أن السخرية واﻻستهزاء جاءوا من أهل الشرق . . . شرق أوروبا ، فمن يقرأ التاريخ يجد أن الفتوحات اﻹسﻼمية كانت تسير وراء قيصر الروم تريد القسطنطينية ثم بني اﻷصفر جميعهم في أوروبا ، ويكاد يجمع المؤرخون على أن فتح المغرب العربي كان إحدى أهم أسبابه فتح أوروبا من البحر المتوسط بعد أن استعصت من جهة القسطنطينية ، ولكن لم يستطع المسلمون أن يدخلوا أوربا بمشاعل النور اﻹسﻼمية من جهة البحر المتوسط .*
وحين جاءوها من الغرب اصطدموا بجبال البارينيه في جنوب فرنسا فحجبت نور اﻹسﻼم عن أوروبا . ولم يستطع المسلمون التوغل في أوروبا إﻻ من جهة الشرق .*
والتاريخ يعيد نفسه ، وقولة عمر قائمة يصدقها التاريخ هنا وهناك : ( لن تعود إﻻ كما بدأت ) . وهكذا بدأت .*
فرحت نفسي حين عاودا السب ، وقلت مصرون على اﻻستخفاف والنزال ؟!
فالله ناصر دينه ، والله كاف عبده . وهي سوقٌ عقدت ، وعما قليل ستطير الطيور بأرزاقها .*
وعجول الدينمارك غبية ﻻ تعرف أين تضع قدميها ، وتسير على غير هدى تماما كثيران البقر والجاموس الشاردة . . تسير مندفعة بكل طاقته ترفس وتنطح الهواء وتضع قدميها حيث ﻻ تدري .
وقد جاءوا بعد أن رمى الكفر بكل سهامه ولم تغن عنه شيء . جاءوا وقد شبت صحوتنا واشتدت ، جاءوا وراية الجهاد في اﻷفغان والشيشان والعراق جهة الشرق الميمون ، جاءوا على أعز من عندنا . . على حبيبنا ـ صل الله عليه وسلم ــ .*
وحتى ﻻ يتكرر الخطأ التاريخي يجب أن نكون دعاة . . . فاتحين قبل أن نكون غزاة محاربين .*
وعلينا أن نسبق بخطاب إسﻼمي يتحدث عن الحبيب ـ صل الله عليه وسلم ـ وعن رسالته التي جاء بها للدينمارك وأخواتها كما جاء بها ﻷم القرى ومن حولها ، ليهلك من هلك عن بينه ويحيى من حي عن بينه .*
والخطاب المتزن العاقل أقل نتائجه أن يولد هزيمة نفسية في صدر المخالف ، ويفصل القاعدة من العامة والعقﻼء المنصفين من الخاصة عن المﻸ الظالمين الذين يسعون في اﻷرض فسادا .
كما ينبغي أن ينظر الدعاة والعلماء لﻸمر بعين الدعاية الذي ﻻ همَّ له إﻻ دعوة الناس لصراط الله المستقيم المنجي من عذاب الجحيم والمفضي إلى جنات النعيم .ﻻ بعين السياسي الذي يسعى لتهدئة اﻷمور وكبح زمام اﻷزمة .*
*
فتح أوروبا سيبدأ من الدينمارك
محمدجلال القصاص