الانحرافات والممارسات السلبية للتكنولوجيا الحديثة
قال ربنا في محكم التنزيل : "(فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ) ."
وقال الله تبارك وتعالى : ( الَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ )
التكنولوجيا الحديثة احدثت خرقا كبيرا في عالم السرعة والعلوم ، وقدمت خدمات جليلة للبشرية وادخلت العالم الواسع في غرفة صغيرة لا تتعدا مساحتها الامتار القليلة .
لكن وبكل اسف استغلت هذه التقنيات من قبل المستخدمين لها او المزودين فيها باتجاهات معاكسة لما اسست له ، فالتكنولوجيا جعلت لخدمة الناس ورفاهيتهم وعلمهم لكن هناك شرائح حولت هذه المنتجات عن توجهها الى الانحرافات والممارسات التي تسيء للبشرية وتعيق تطورها الخلقي والاجتماعي والفكري ،
والاستهداف يكون لأمرين لا ثالث لهما :
الاول وهو الهدف المادي الربحي ، فهناك جهات لا حدود ولا ضوابط لكيفية جلب المال لديها وهو ما تعززه الرأس مالية القبيحة وما تحمله من جشع وحب الذات وازدراء الاخر .
اما الثاني فهو الهدف الاكثر سوءا والاخطر وهو التوجيه الفكري والسيطرة الدماغية فيكون استعمارا ثقافيا بامتياز بعيد عن هدير الدبابات والطائرات وازيز الرصاص ، دخلوا على بيوتنا وغرف نومنا بتقنياتهم الحديثة حتى باتوا على اطلاع كامل عن ما يحوم حولنا .
والمشكلة الاكبر في نظري ان الناس يعتقدون أن التكنولوجيا ان جنّبت جانب الانحرافات الاخلاقية كفيت شرا كبيرا ، لذلك تتسابق الدول او الافراد في منع المواقع الاباحية على انها الخطر الاكبر التي تلف المجتمعات ، وغاب عنهم السموم الفكرية التي يكون وقعها مدويا اكبر الاف المرات من تلك المواقع الاباحية الساقطة ، ووجهة نظري بنيت على التالي :
أولا : ان مرتكب الامور المخلة اخلاقيا يكون مقتنعا بشكل تام انه يفعل الامر الخطأ ومن السهل علاجه في هذه الحالة اما بالوعظ والاشغال في امور هامة فاغلبية من يتوجهون لهذه المواقع لفراغ الوقت الذي يسيطر على يومهم ، ولو وجد ما يشغله لما فكر بالامر حتى، لكن في الانحرافات الفكرية يكون مرتكب تلك الانحرافات على قناعة تامة بانه يفعل الصواب وبالتالي فان علاج هذه الحالة سيكون معقدا وصعبا ، وليس كل المحيطين بممارس هذه الامور سيكون قادرا على ردعه او اقناعه وربما يحدث العكس اي ان مرتكب تلك الممارسات الفكرية المنحرفة سيؤثر على محيطة ويصبح داعيا لفكره المنحرف الجديد .
ثانيا : سرعان ما يكون نهاية طريق الانحراف الخلقي بانتهاء الشهوة ثم الشعور بالندم وان تكرر هذا الحال فان مدة ووقت الانحراف بائن نهايته محتومة متوقعه ، يمكن استدراكها وعلاجها .وعلى النقيض تماما فان المنحرف فكريا لن ينتهي ذلك الانحراف بوقت قصير بل سيكون ملازما لذلك الشخص وسيعكسه على حياته وتصرفاته اليومية والمستقبلية ان لم يعالج .
ثالثا : ان الممارس للانحرافات اللااخلاقية كلما تعمق اكثر فيها كرهها ووسيصل الى الملل منها وسيسعى بنفسه من هذا اباب للتخلص منها بطريقة او بأخرى ،وهذا ما لا ينطبق على المنحرف فكريا فكلما تعمق اكثر بهذا الفكر ازداد قناعة وتشبثا به ودفاعا عنه ، مما سيؤدب الى تعقيد المشكلة
واخيرا ، اني لست بمقام التخفيف من احدى الممارسات لكن لا يجب علينا صب اهتمامنا بمحاربة الممارسات الاخلاقية ونهمل الاهمل بل علينا السير بخطين متوازيين ، خط التوعية الفكرية لتحديد الصواب من الخطأ لابنائنا وخط اشغال الابناء عن ما يحرفهم اخلاقيا ...
ولا نغفل عن الاستعانة بالله :"(قَالَ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ )
الرئيسية 
البوابة 
