منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 نساءٌ رائدات

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69948
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

نساءٌ رائدات Empty
مُساهمةموضوع: نساءٌ رائدات   نساءٌ رائدات Emptyالثلاثاء 06 أكتوبر 2015, 7:06 am

[size=40]نساءٌ رائدات[/size]


أسماء بنت عميسأسماء بنت أبي بكر
أروى بنت عبد المطلبأم المنذر سلمى بنت قيسأم الدرداء الصغرى
صفية بنت عبد المطلبأم حرام بنت ملحانأم أيمن بركة الحبشيّة
أم عطيّة الأنصاريّةأم رومان بنت عامرأم خالد بنت خالد
أم كلثوم بنت علي بن أبي طالبأم كلثوم بنت عتبة بن معيطأم عمارة
أم ورقة الأنصاريّةأم هانئ بنت أبي طالبأم معبد الخزاعيّة
أميمة بنت صبيحأميمة بنت خلفأمامة بنت أبي العاص
حليمة السعديّةجميلة بنت سعد بن الربيعبنت الشاطئ
ريحانة بنت زيدرابعة العدويّةخولة بنت حكيم
صفيِّة عمة الرسولr  سيدة القصورسمية بنت الخيّاط
عاتكة بنت زيدعائشة بنت طلحة بن عبيد اللهعائشة التيموريّة
كبشة بنت رافعفاطمة بنت أسد القرشيّة الهاشميّةعاتكة بنت عبد المطلب
نسيبة القرن العشرينموضى بنت أبي رطبانمعاذة بنت عبد الله
الخيزران بنت عطاءزرقاء اليمامةهند بنت عتبة
زبيدة بنت جعفر زوجة هارون الرشيدزنوبيا ملكة تدمرفاطمة بنت عبد الملك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69948
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

نساءٌ رائدات Empty
مُساهمةموضوع: رد: نساءٌ رائدات   نساءٌ رائدات Emptyالثلاثاء 06 أكتوبر 2015, 7:07 am

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69948
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

نساءٌ رائدات Empty
مُساهمةموضوع: رد: نساءٌ رائدات   نساءٌ رائدات Emptyالإثنين 26 أكتوبر 2015, 9:03 am

الربيع بنت معوذ

أبوها معوّذ بن عفراء ، من كبار أهل بدر .
وزوجها هو إياس بن البكير الليثي ، أحد كبار المهاجرين .
حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم زواجها ، تقول عن زواجها : دخل عليّ رسول الله صل الله عليه وسلم في يوم عرسي ، فقعد على موضع فراشي هذا ، وعندنا جاريتان تضربان بدف ، وتندبان آبائي الذين قتلوا يوم بدر ، وقالتا فيما تقولان : وفينا نبي يعلم ما في غد ، فقل : ( أما هذا فلا تقولا ) .
عن محمد بن عمار بن ياسر قال : قلت للربيع بنت معوذ : صفي لي رسول الله صل الله عليه وسلم : فقال : يابني لو رأيته لرأيته الشمس طالعة .
قالت : كنا نغزو مع رسول الله صل الله عليه وسلم نسقي القوم ونخدمهم ، ونرد القتلى والجرحى إلى المدينة .
كانت ممن بايع رسول الله صل الله عليه وسلم بيعة الرضوان تحت الشجرة .
كان عدد من الصحابة يأتونها ويسألونها عما تعرفه من أحكام دينها ، ومن ذلك ما روي في الصحيحين عنها قالت : أرسل النبي صل الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار : ( من أصبح مفطراً فليتم بقية يومه ، ومن أصبح صائماً فليصم ) ، قالت : فكنا نصومه ونصوم صبياننا ، ونجعل لهم اللعبة من العهن – الصوف – فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك حتى يكون عند الإفطار .

توفيت الربيع بنت معوذ في خلافة عبد الملك بن مروان سنة بضع وسبعين .




الشيماء بنت الحارث السعدية

الشيماء بنت الحارث السعدية ، امرأة بدوية من بني سعد .

وهي ابنة حليمة السعدية التي كانت من بين مراضع بني سعد حين انطلقن إلى مكة يلتمسن الأطفال لإرضاعهم ، فلم يطل مكثها بمكة حتى عادت تحمل معها طفلاً ، ولم يكن هذا الطفل الرضيع سوى محمد بن عبد الله صل الله عليه وسلم الذي أرضعته حليمة ، وطرحت البركة في كل ما عندها .

وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحراء سنتين ترضعه حليمة ، وتحضنه ابنتها الشيماء بنت الحارث بن عبدا لعزى بن رفاعة السعدية أخت الرسول صل الله عليه وسلم من الرضاعة.

وقد كان عليه الصلاة والسلام يخرج مع أولاد حليمة إلى المراعي ، وأخته الشيماء تحضنه وتراعيه ، فتحمله أحياناً إذا اشتد الحر ، وطال الطريق ، وتتركه أحياناً يدرج هنا وهناك ، ثم تدركه فتأخذه بين ذراعيها وتضمه إلى صدرها ، وأحياناً تجلس في الظل ، فتلعبه وتقول :
يا ربنــــا أبق لنا محمداً حتى أراه يافـــعاً وأمـــردا
ثم أراه سيداً مســـــوداً واكبت أعاديه معـاً والحســـدا

قال محمد بن المعلى الأزدي : وكان أبو عروة الأزدي إذا أنشد هذا يقول : ما أحسن ما أجاب الله دعاءها.

وأقام النبي صل الله عليه وسلم في بني سعد إلى الخامسة من عمره ينهل من جو البادية الطلق الصحة والنماء ، ويتعلم من بني سعد اللغة المصفاة الفصيحة. وقد تركت هذه السنوات الخمس في نفسه الكريمة أجمل الأثر وأبقاه ، وبقيت الشيماء وأهلها وقومها موضع محبته وإكرامه طوال حياته – عليه الصلاة والسلام.
ذكر الإمام ابن حجر في الإصابة أن الشيماء لما كان يوم هوازن ظفر المسلمون بهم ، وأخذوا الشيماء فيمن أخذوا من السبي ، فلما انتهت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : يا رسول الله ، إني لأختك من الرضاعة. قال : وما علامة ذلك ، قالت : عضة عضضتها في ظهري ، وأنا متوركتك ، فعرف رسول الله صل الله عليه وسلم العلامة ، فبسط لها رداءه ، ثم قال لها : ههنا ، فأجلسها عليه ، وخيّرها ، فقال : إن أحببت فأقيمي عندي محببة مكرمة ، وإن أحببت أن أمتعك فارجعي إلى قومك ، فقالت : بل تمتعني وتردني إلى قومي ، فمتعها وردها إلى قومها.

ولم يتوقف إكرام النبي صل الله عليه وسلم للشيماء عند هذا فحسب ، بل شمل ذلك بني سعد جميعهم ، ومعلوم أن بني سعد من هوازن ، وذلك أنه لما انتصر عليهم يوم حنين وغنم أموالهم ونسائهم وذراريهم ، عند ذلك جاءه وفد هوازن بالجعرانة وقد أسلموا، فقالوا : يا رسول الله ، إنا أصل وعشيرة ، وقد أصابنا من البلاء ما لم يخف عليك فامنن علينا من الله عليك. وقام خطيبهم زهير بن صرد أبو صرد فقال: يا رسول الله ، إنما في الحظائر من السبايا خالاتك وحواضنك اللاتي كن يكفلنك ، ولو أنك ملحنا لابن أبي شمر أو النعمان بن المنذر، ثم أصابنا منها مثل الذي أصابنا منك، رجونا عائدتهما وعطفهما وأنت رسول الله خير المكفولين ، ثم أنشأ يقول :
امنن علينا رسول الله في كرم فإنك المرء نرجوه وننتظــر
امنن على بيضة قد عاقها قدر ممزق شملها في دهرها غيـر
أبقت لنا الدهر هتافاً على حزن على قلوبهم الغمّاء والغمــر
يا خير طفل ومولود ومنتجـب في العالمين إذا ماحصل البشر
إن لم تدراكها نعماء تنشرهـا يا أرجح الناس حلماً حين يختبر
منن على نسوة قد كنت ترضعها إذ فوك تملؤه من مخضها الدرر
امنن على نسوة قد كنت ترضعها وإذ يزينك ما تأتي وما تــذر
لا تجعلنا كمن شالت نعامتــه واستبق منا فإنا معشر زهــر
إنا لنشكر آلاء وإن كفــ،رت وعندنا بعد هذا اليوم مدخــر

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (نساؤكم وأبناؤكم أحب إليكم أم أموالكم) ؟ فقالوا: يا رسول الله ، خيرتنا بين أحسابنا وأموالنا ، بل أبناؤنا ونساؤنا أحب إلينا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أما ما كان ولي ولبني عبد المطلب فهو لكم ، وإذا أنا صليت بالناس فقوموا فقولوا : إنا نستشفع برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسلمين ، وبالمسلمين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أبنائنا ونسائنا ، فإني سأعطيكم عند ذلك ، وأسأل لكم)، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس الظهر قاموا فقالوا ما أمرهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : (إما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم ) ، فقال المهاجرون : وما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقالت الأنصار : وما كان لنا فهو لرسول الله صل الله عليه وسلم.





أم الفضل زوج العباس بن عبد المطلب

لبابة بنت الحارث ، هي زوج العباس بن عبد المطلب ، عم النبي صل الله عليه وسلم ، وأم أولاده الرجال الستة النجباء الذين لم تلد امرأة مثلهم وهم : الفضل ، وعبد الله ، وعبيد الله ، ومعبد ، وقثم ، وعبد الرحمن.

وفيها قال عبد الله بن يزيد الهلالي :
ما ولدت نجيبة من فحـــل بجبل نعلمه وسهـــل
كسته من بطن أم الفضـــل أكرم بها من كهلة وكهل
عم النبي المصطفي ذي الفضل وخاتم الرسل وخير الرسل

أسلمت أم الفضل قبل الهجرة ، وهي أول امرأة أسلمت بعد خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها ، وكان ابنها عبد الله يقول : كنت أنا وأمي من المستضعفين من النساء والولدان.
كانت أم الفضل رضي الله عنها شجاعة في الحق لا تخشى لومة لائم ، والموقف الآتي يصور لنا ذلك : قال أبو رافع مولى رسول الله صل الله عليه وسلم : كنت غلاماً للعباس ، وكان الإسلام فأسلم العباس سراً ، وأسلمت أم الفضل ، وأسلمت ، وكان العباس يهاب قومه.
وكان أبو لهب قد تخلف عن بدر، فبعث مكانه العاص بن هشام بن المغيرة، وكذلك كانوا صنعوا، لم يتخلف منهم رجل إلا بعث مكانه رجلاً.
فلما جاء الخبر من مصاب أصحاب بدر من قريش كبته الله وأخزاه، فوجدنا في أنفسنا قوة وعزاً قال: وكنت رجلاً ضعيفاً، أعمل الأقداح أنحتها في حجرة زمزم، فوالله إني لجالس وعندي أم الفضل جالسة، وقد سرنا ما جاءنا من الخير، إذ أقبل أبو لهب يجر رجليه بشر حتى جلس. فبينما هو جالس إذ قال الناس: هذا أبو سفيان بن الحارث قد قدم. فقال أبو لهب: هلم إلي، فعندك لعمري الخبر، فجلس إليه والناس قيام عليه، فقال: يا ابن أخي، أخبرني كيف أمر الناس ؟ فقال أبو سفيان : والله ما هو إلا أن لقينا القوم حتى منحناهم أكتافنا يقتلوننا كيف شاؤوا، ويأسروننا كيف شاؤوا ، وأيم الله مع ذلك ما لمت الناس ، لقينا رجالاً بيضاً على خيل بلق بين الناس ، والأرض والله لا يقوم لها شيء.
قال أبو رافع: فرفعت طنب الحجرة بيدي، ثم قلت: تلك والله الملائكة ! فرفع أبو لهب يده فضرب بها في وجهي ضربة شديدة، وكنت رجلاً ضعيفاً، فقامت أم الفضل إلى عمود من عمد الحجرة، فأخذته فضربته به ضربة فلقت في رأسه شجة منكرة، وقالت: استضعفته أن غاب عنه سيده !! فقام أبو لهب مولياً ذليلاً، فوالله ما عاش إلا سبع ليال حتى رماه الله بالعدسة – وهي بثرة تخرج بالبدن فتقتل وهي تشبه الطاعون - فقتلته.
ومن أخبار أم الفضل رضي الله عنها ما رواه ابن سعد في طبقاته والترمذي في سننه أن أم الفضل رضي الله عنها رأت في منامها حلماً عجيباً فذهبت لتوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت: يا رسول الله، رأيت فيما يرى النائم كأن عضواً من أعضائك في بيتي !! فقال رسول الله صل الله عليه وسلم Sadخيراً رأيت ، تلد فاطمة غلاماً وترضعينه بلبان ابنك قثم).
وخرجت أم الفضل بهذه البشرى الكريمة، وما هي إلا فترة وجيزة حتى ولدت فاطمة الحسين بن علي رضي الله عنهما فكفلته أم الفضل. قالت أم الفضل: فأتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو ينزيه ويقبله، إذ بال على رسول الله صل الله عليه وسلم فقال: (يا أم الفضل أمسكي ابني فقد بال علي).
قالت: فأخذته، فقرصته قرصة بكى منها، وقلت: آذيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، بلت عليه، فلما بكى الصبي قال رسول الله صل الله عليه وسلم: (يا أم الفضل آذيتني في بني، أبكيته).
ثم دعا بماء، فحدره عليه حدراً، ثم قال: إذا كان غلاماً فاحدروه حدراً، وإذا كان جارية فاغسلوه غسلاً).
ومن أخبار أم الفضل وفيها دلالة على حكمتها أن ناساً من الصحابة تماروا يوم عرفة في صوم النبي صل الله عليه وسلم فقال بعضهم: وهو صائم، وقال بعضهم: ليس بصائم. فأرسلت أم الفضل إليه بقدح لبن وهو واقف على بعيره حصل عند القوم.
توفيت في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69948
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

نساءٌ رائدات Empty
مُساهمةموضوع: رد: نساءٌ رائدات   نساءٌ رائدات Emptyالإثنين 26 أكتوبر 2015, 9:09 am


أسماء بنت أبي بكر


أم عبد الله . القرشية ، التيمية ، المكية ، ثم المدنية .
والدة الخليفة عبد الله بن الزبير ، وأخت أم المؤمنين عائشة ، وآخر المهاجرات وفاة .
روت عدة أحاديث ، وعمرت دهراً ، وتعرف بذات النطاقين .
وكانت أسن من عائشة بعشر سنين .
هاجرت حاملاً بعبد الله . وقيل : لم يسقط لها سن .
وشهدت اليرموك مع ابنها وزوجها الزبير .
وهي ، وأبوها ، وجدها ، وابنها ابن الزبير : أربعتهم صحابيون .
عن أسماء قالت : صنعت سفرة النبي صل الله عليه وسلم في بيت أبي حين أراد أن يهاجر، فلم أجد لسفرته ولا لسقائه ما أربطهما ، فقلت لأبي : ما أجد إلا نطاقي ، قال : شقيه باثنين فاربطي بهما ، قال : فلذلك سميت ذات النطاقين .
وعن أسماء قالت : لما توجه النبي صل الله عليه وسلم من مكة حمل أبو بكر معه جميع ماله ، خمسة آلاف أو ستة آلاف ، فأتاني جدي أبو قحافة ، وقد عمي ، فقال : إن هذا قد فجعكم بماله ونفسه ، فقلت : كلا ، قد ترك لنا خيراً كثيراً .
فعمدت إلى أحجار فجعلتهن في كوة البيت ، وغطيت عليها بثوب ، ثم أخذت بيده ووضعتها على الثوب فقلت : هذا تركه لنا ، فقال : أما إذ ترك لكم هذا فنعم .
وروى عروة عنها قالت : تزوجني الزبير وماله شيء غير فرسه ، فكنت أسوسه ، وأعلفه ، وأدق لناضحه النوى ، وأستقي ، وأعجن ، وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسي – وهي على ثلثي فرسخ - فجئت يوماً والنوى على رأسي ، فلقيت رسول الله صل الله عليه وسلم ومعه نفر فدعاني فقال : إخّ ، إخّ ، ليحملني خلفه ، فاستحييت ، وذكرت الزبير وغيرته . قالت : فمضى . فلما أتيت أخبرت الزبير فقال : والله لحملك النوى كان أشد عليّ من ركوبك معه . قالت : حتى أرسل إليّ أبوبكر بعد بخادم فكفتني سياسة الفرس ، فكأنما أعتقني .
وفي الصحيح : قالت أسماء : يارسول الله ، إن أمي قدمت وهي راغبة أفأصلها ؟ قال : نعم ، صلي أمك .
وعن هشام بن عروة : أن الزبير طلق أسماء ، فأخذ عروة ، وهو يومئذ صغير .
عن القاسم بن محمد : سمعت ابن الزبير يقول : ما رأيت امرأة أجود من عائشة وأسماء ، وجودهما مختلف : أما عائشة فكانت تجمع الشيء إلى الشيء حتى إذا اجتمع عندها وضعته مواضعه ، وأما أسماء فكانت لا تدخر شيئاً لغد .
وعن منصور بن صفية عن أمه قالت : قيل لابن عمر : إن أسماء في ناحية المسجد ، وذلك حين صلب ابن الزبير ، فمال إليها ، فقال : إن هذه الجثث ليست بشيء ، وإنما الأرواح عند الله ، فاتقي الله واصبري . فقالت : وما يمنعني ، وقد أهدي رأس زكريا إلى بغي من بغايا بني إسرائيل .
قال ابن سعد : ماتت بعد ابنها بليال . وكان قتله لسبع خلت من جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين .
كانت خاتمة المهاجرين والمهاجرات .
وعن أبي الصديق الناجي : أن الحجاج دخل على أسماء فقال : إن ابنك ألحد في هذا البيت ، وإن الله أذاقه من عذاب أليم . قالت : كذبت ، كان براً بوالدته ، صواماً ، قواماً ، ولكن قد أخبرنا رسول الله صل الله عليه وسلم أنه : (سيخرج من ثقيف كذابان : الآخر منهما شر من الأول ، وهو مبير).
بلغت من العمر مائة سنة ، ولم ينكر لها عقل ، رضي الله عنها .




أسماء بنت عميس


إبنت معبد الخثعمية . أم عبدالله .
من المهاجرات الأول .
قيل : أسلمت قبل دخول رسول الله صل الله عليه وسلم دار الأرقم ، وهاجر بها زوجها جعفر الطيار إلى الحبشة ، فولدت له هناك : عبدالله ، ومحمداً ، وعوناً .
فلما هاجرت معه إلى المدينة سنة سبع ، واستشهد يوم مؤتة ، تزوج بها أبو بكر الصديق ، فولدت له محمداً وقت الإحرام ، فحجت حجة الوداع ، ثم توفي الصديق رضي الله عنه فغسلته . وتزوج بها علي بن أبي طالب .
عن الشعبي قال : قدمت أسماء من الحبشة فقال لها عمر : ياحبشية ، سبقناكم بالهجرة . فقالت : لعمري لقد صدقت ، كنتم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يطعم جائعكم ، ويعلم جاهلكم ، وكنا البعداء الطرداء ، أما والله لأذكرن ذلك لرسول الله صل الله عليه وسلم ، فأتته ، فقال : ( للناس هجرة واحدة ، ولكم هجرتان ) .
قال الشعبي : أول من أشار بنعش المرأة أسماء ، رأت النصارى يصنعونه بالحبشة .
عن زكريا بن أبي زائدة : سمعت عامراً يقول : تزوج علي أسماء بنت عميس ، فتفاخر ابناها : محمد بن أبي بكر ومحمد بن جعفر ، فقال كل منهما : أنا أكرم منك ، وأبي خير من أبيك . قال : فقال لها علي : اقضي بينهما . قالت : ما رأيت شاباً من العرب خيراً من جعفر ، ولا رأيت كهلاً خيراً من أبي بكر . فقال علي : ما تركت لنا شيئاً ، ولو قلت غير الذي قلتِ لمقتّك . قالت : إن ثلاثة أنت أخسهم خيار .
عاشت بعد علي رضي الله عنه .




أسماء بنت يزيد بن السكن



الأنصارية ، واحدة من النسوة الطاهرات اللاتي ضربن أورع الأمثلة في الإيمان والعلم والصبر ، فكتب لها الخلود في تاريخ مشرق بالأنوار والبركات.
أسلمت في السابقين من الأنصار على يد مصعب بن عمير ، مصعب الخير الذي انطلق من خير دور الأنصار ، دار بني عبد الأشهل قوم بن معاذ – رضي الله عنه – ذلك الصحابي الجليل الذي كان إسلامه بركة على قومه ، حيث روي أنه يوم أسلم ما أمسى في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا مسلماً ومسلمة.
وأسماء هذه هي بنت عمة معاذ بن جبل الصحابي الجليل – رضي الله عنه – ويلتقي نسبها مع نسب سعد بن معاذ – رضي الله عنهما – في جدهما امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل.
وأسماء بنت يزيد نموذج رائع من النساء اللاتي كن يسألن رسول الله صل الله عليه وسلم – عن أمور دينهن ، لتصل إلى طريق الصواب ، ولذلك وصفت بأنها كانت من ذوات العقل والدين.
روت أسماء بنت يزيد قالت : مر بي النبي صل الله عليه وسلم – وأنا في جوار أتراب لي - ، فسلم علينا وقال : ((إياكن وكفر المنعمين)). تقول : وكنت من أجرئهن على مسألته ، فقلت : يا رسول الله ، وما كفران المنعمين ؟ قال : ( لعل إحداكن تطول أيمتها بين أبويها ، ثم يرزقها الله زوجاً ، ويرزقها منه ولداً ، فتغضب فتكفر فتقول : ما رأيت منك خيراً قط).
ولأسماء مكانة خاصة في نفس أم المؤمنين عائشة فهي التي زينتها يوم زفافها على رسول الله صل الله عليه وسلم وأدخلتها عليه ، وأصبحت بعد ذلك تدعى أسماء عائشة أو أسماء مقينة عائشة.
نشأت أسماء في أسرة عرف أفرادها بالتضحية والجهاد منذ أن أعلنت كلمة التوحيد ، ومنذ أن صادف نور الإيمان قلوبهم الصافية خالية ، فتمكن منهم.
لقد كان لها باع طويل في عالم الجهاد ، ففي غزوة أحد قتل أبوها يزيد بن السكن ، وعمها زياد بن السكن ، وأخوها عامر بن يزيد ، وابن عمها عمارة بن يزيد بن السكن ، فلما بلغها مقتلهم ، وعلمت بسلامة رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتبرت كل مصيبة بعد رسول اله صل الله عليه وسلم هينة.
وشهدت أسماء كثيراً من الأحداث الهامة في الإسلام ، وكانت تشارك فيها ، فحضرت غزوة الخندق ، وخرجت مع النبي صل الله عليه وسلم إلى الحديبية وبايعت بيعة الرضوان ، ثم شاركت في غزوة خيبر.
ولم تتوقف أسماء عن الجهاد ، فما إن أقبلت السنة الثالثة عشرة من الهجرة حتى خرجت إلى بلاد الشام لتأخذ مكانها في جيش المسلمين في اليرموك لتسقي العطشي وتضمد الجرحى ، ولم يكن عملها مقتصراً على ذلك ، بل انغمرت في الصفوف ، وقتلت يومئذ تسعة من الروم بعمود فسطاطها ، وعاشت بعد ذلك دهراً إلى أن توفيت في زمن يزيد بن معاوية.





أم الـدرداء الصغـرى

السيدة العالمـة الفقيهة ، هجيمة ، وقيل : جهيمـة ، الأوصابية الحميرية الدمشقية ، وهي أم الدرداء الصغرى .
تابعية ،عرضت القرآن وهي صغيرة على أبي الدرداء .
وطال عمرها ، واشتهرت بالعلم والعمل والزهد .
قال أبو مسهر الغساني : أم الدرداء الكبرى هي خيرة بنت أبي حدرد ، لها صحبة .
قال ابن جابر وعثمان بن أبي العاتكة : كانت أم الدرداء يتيمة في حجر أبي الدرداء تختلف معه في برنس ، تصلي في صفوف الرجال ، وتجلس في حلق القراء تعلم القرآن ، حتى قال لها أبو الدرداء يوماً : الحقي بصفوف النساء .
عن جبير بن نفير عن أم الدرداء أنها قالت لأبي الدرداء عند الموت : إنك خطبتني إلى أبوي في الدنيا فأنكحوك ، وأنا أخطبك إلى نفسي في الآخرة ، قال : فلا تنكحي بعدي . فخطبها معاوية فأخبرته بالذي كان ، فقال : عليك بالصيام .
وعن عون بن عبد الله قال : كنا نأتي أم الدرداء فنذكر الله عندها .
وقال يونس بن ميسرة : كن النساء يتعبدن مع أم الدرداء ، فإذا ضعفن عن القيام تعلقن بالحبال .
كان الرجال يقرؤون عليها ، ويتفقهون في الحائط الشمالي بجامع دمشق ، وكان عبد الملك بن مروان يجلس في حلقتها مع المتفقهة يشتغل عليها وهو خليفة .
وقال عثمان بن حيان : سمعت أم الدرداء تقول : إن أحدهم يقول : اللهم ارزقني ، وقد علم أن الله لا يمطر ذهباً ولا دراهم ، وإنما يرزق الله بعضهم من بعض ، فمن أعطي شيئاً فليقبل ، فإن كان غنياً فليضعه في ذي الحاجة وإن كان فقيراً فليستعن به .




الفريعة بنت مالك

بن سنان ، الخدرية
أبوها مالك بن سنان بن عبيد الأنصاري الخزرجي الخدري
أخوها الشقيق سعد بن مالك بن سنان ، أبو سعيد الخدري
أخوها لأمها قتادة بن النعمان الأنصاري الظفري ، من أهل بدر
أخوها الشقيق سعد بن مالك بن سنان ، أبو سعيد الخدري
أخوها لأمها قتادة بن النعمان الأنصاري الظفري ، من أهل بدر
توفي زوجها سهل بن رافع بن بشير الخزرجي حين خرج في طلب عبيد له ، فغدروا به وقتلوه قرب المدينة المنورة ، وسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ترجع إلى أهلها في بني خدرة ، فأمرها النبي صل الله عليه وسلم أن تمكث في بيتها أربعة أشهر وعشراً ، فامتثلت ، فلما تمت عدتها خلف عليها سهل بن بشير بن عنبسة الأنصاري .

حضرت بيعة الرضوان في السنة السادسة من الهجرة .




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69948
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

نساءٌ رائدات Empty
مُساهمةموضوع: رد: نساءٌ رائدات   نساءٌ رائدات Emptyالإثنين 26 أكتوبر 2015, 9:13 am

أم المنذر سلمى بنت قيس


اسمها : سلمى بنت قيس بن عمرو بن عبيد .
إحدى خالات النبي صل الله عليه وسلم .
أسلمت على يد مصعب بن عمير رضي الله عنه ودعوته في المدينة حين قدمها قبل النبي صل الله عليه وسلم .
أخت سليط بن قيس أحد فرسان مدرسة النبوة ، شهد بدراً وأحداً والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صل الله عليه وسلم، وهو أحد أبطال معركة الجسر مع أبي عبيد، حيث استشهد بها سنة أربع عشرة من الهجرة، ولم يكن له عقب .

كانت من النساء اللاتي بايعن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في نسوة من الأنصار ، تقول : فلما شرط علينا أن لا نشرك بالله شيئاً ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا و لا نعصيه في معروف قال : ( ولا تغششن أزواجكن ) ، قالت : فبايعناه ثم انصرفنا ، فقلت لامرأة منهن : ارجعي فسلي رسول الله صل الله عليه وسلم : ما غش أزواجنا ؟ قالت : فسألته ، فقال : ( تأخذ ماله فتحابي به غيره ) .

وفي غزوة بني قريظة رأى النبي صلى الله عليه وسلم علائم الحيرة مرتسمة في وجه أم المنذر فسألها وقال ( ما لك يا أم المنذر ؟ )، قالت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله رفاعة بن سموأل كان يغشانا – يزورنا – ولنا به حرمة فهبه لي . وكان رسول الله صل الله عليه وسلم قد رأى رفاعة يلوذ بها، فقال : ( نعم هو لك ) . ثم قالت : يا رسول الله إنه سيصلي ويأكل لحم الجزور، فتبسم عليه الصلاة والسلام ثم قال : ( إن يصلي فهو خير لك ، وإن يثبت على دينه فهو شر له ) . ثم أطلقه ، قالت أم المنذر : فأسلم رفاعة.

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها ويأكل عندها ، ويشير إلى أن طعامها ذو بركة وذو نفع ، قالت : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه علي ناقه – أي متماثل للشفاء – ولنا دوالي معلقة ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل منها ، وقام علي ليأكل ، فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي : ( إنك ناقه ) ، حتى كف علي ، قالت : وصنعت شعيراً وسلقاً فجئت به ، فقال رسول الله صل الله عليه وسلم : ( يا علي أصب من هذا فهو أنفع لك ) .





أروى بنت عبد المطلب



بن هاشم ، القرشية ، الهاشمية .
عمة رسول الله صل الله عليه وسلم ، أخت والده عبد الله بن عبد المطلب ، وأم المجاهد طليب بن عمير .
كان زوجها في الجاهلية عمير بن وهب بن عبد مناف ، فولدت له طليباً ، ثم تزوجت بعد وفاته من أرطأة بن شرحبيل بن هاشم فولدت له فاطمة .
أسلم طليب قبل أمه بفترة بسيطة في دار الأرقم .
وحين تعرض أبو جهل للنبي صل الله عليه وسلم وآذاه عمد طليب إلى أبي جهل فضربه وشجه ، فأخذوه وأوثقوه ، فقام دونه أبو لهب وهو أخو أروى لأمه حتى خلوه ، فقيل لأروى : ألا ترين ابنك طليباً قد صير نفسه غرضاً دون محمد ؟ فقالت : خير أيامه يوم يذب عن ابن خاله ، وقد جاء بالحق من عند الله ، فقالوا لها : وهل تبعت محمداً ؟ قالت : نعم .
فخرج بعضهم إلى أبي لهب فأخبروه ، فأقبل حتى دخل عليها فقال : عجباً لك ولاتباعك محمداً وتركك دين عبد المطلب ، فقالت : قد كان ذلك ، فقم دون ابن أخيك واعضده وامنعه ، فإن يظهر فأنت بالخيار أن تدخل معه أو تكون على دينك، وإن يصب كنت قد أعذرت في ابن أخيك . فقال أبو لهب : ولنا طاقة بالعرب قاطبة ، جاء بدين محدث ، فأبى أن يسلم .
وروي أن طليباً أسلم في دار الأرقم بن الأرقم ، ثم خرج فدخل على أمه أروى فقال : تبعت محمداً صل الله عليه وسلم ، وأسلمت لله .
فقالت له أمه : إن أحق من وزرت وعضدت ابن خالتك ، والله لو كنا نقدر على ما يقدر عليه الرجال لتبعناه وذببنا عنه .
فقال طليب : فما يمنعك يا أمي أن تسلمي وتتبعيه ؟ فقد أسلم أخوك حمزة .
فقالت له : أنظر ما يصنع أخواتي ثم أكون إحداهن . فقال طليب : فإني أسألك بالله تعالى إلا أتيته ، فسلمت عليه وصدقته ، وشهدت أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله .
ذكر الذهبي أنه لم يسمع لها بعد إسلامها في مكة ذكر ، و لا وجد لها رواية .

توفيت في السنة الخامسة عشرة للهجرة .





أم أيمن بركة الحبشية


الحبشية ، مولاة رسول الله صل الله عليه وسلم ، وحاضنته .
ورثها من أبيه ، ثم أعتقها عندما تزوج بخديجة .
وكانت من المهاجرات الأول .
اسمها : بركة . وقد تزوجها عبيد بن الحارث الخزرجي فولدت له : أيمن . ولأيمن هجرة وجهاد ، استشهد يوم حنين .
ثم تزوجها زيد بن حارثة ليالي بعث النبي صلى الله عليه وسلم فولدت له أسامة بن زيد، حب رسول الله صل الله عليه وسلم .
عن أنس قال : أن أم أيمن بكت حين مات النبي صل الله عليه وسلم . قيل له:
أتبكين ؟ قال : والله لقد علمت أنه سيموت ، ولكني أبكي على الوحي إذ انقطع عنا من السماء .
وعن طارق قال : لما قتل عمر بكت أم أيمن وقالت : اليوم وهى الإسلام .
قال الواقدي : ماتت في خلافة عثمان .




أم حرام بنت ملحان


بنت ملحان بن خالد بن زيد .
أخت أم سليم ، وخالة أنس بن مالك ، وزوجة عبادة بن الصامت .
كانت من علية النساء .
عن أنس قال : دخل علينا رسول الله صل الله عليه وسلم ، ما هو إلا أنا وأمي وخالتي أم حرام ، فقال : ( قوموا فلأصل بكم ) فصلى بنا في غير وقت صلاة .
وعن أنس قال : حدثتني أم حرام بنت ملحان : أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال في بيتها يوماً ، فاستيقظ وهو يضحك ، فقلت : يا رسول الله ، ما أضحكك ؟ قال : ( عرض علي ناس من أمتي ، يركبون ظهر هذا البحر ، كالملوك على الأسرة ) قلت : يا رسول الله ، ادع الله أن يجعلني منهم . قال : ( أنت من الأولين ) . فتزوجها عبادة بن الصامت ، فغزا بها في البحر فحملها معه ، فلما رجعوا قربت لها بغلة لتركبها ، فصرعتها فدقت عنقها فماتت ، رضي الله عنها .

يقال هذه غزوة قبرس [ أو قبرص ] في خلافة عثمان . وبلغني أن قبرها يزار .





أم خالد بنت خالد

أمة بنت خالد، صحابية قرشية مكية، تكنى أم خالد.
أبوها خالد بن سعيد بن العاص أحد السباقين إلى الإسلام، وأمها أميمة بنت خلف الخزاعية إحدى فضليات نساء الصحابة.
وأخوها سعيد بن خالد، أحد الصحابة الأبرار.
وعمها عمرو بن سعيد بن العاص من السابقين إلى الإسلام، قتل في معركة اليرموك.
وزوجها أحد العشرة المبشرين بالجنة الزبير بن العوام، رضي الله عنهم أجمعين.
ولدت أم خالد في أرض الحبشة، وفتحت عينيها على الإسلام، وكان والدها من المهاجرين إلى الحبشة حين اشتد الأذى على المؤمنين في مكة.
ولقد كان لأم خالد مكانة عند رسول الله صل الله عليه وسلم، حيث كان يخصها بهديته، ومن ذلك أنه أتي – عليه الصلاة والسلام – بثياب فيها خميصة سوداء صغيرة، فقال: (من ترون أكسو هذه) ؟ فسكتوا. فقال: (ائتوني بأم خالد)، قالت أم خالد – وهي التي روت الحديث: فأتي بي أحمل، فألبسنيها بيده، وقال (أبلي وأخلقي) يقولها مرتين، وجعل ينظر إلى علم الخميصة أصفر وأحمر، فقال: (هذا سنا يا أم خالد، هذا سنا) ويشير بإصبعه إلى العلم، وسنا بالحبشة: حسن.
وقد تزوجت أم خالد الزبير بن العوام – رضي الله عنها، وولدت له عمراً وخالداً.
ولقد كان لدعاء النبي صلى الله عليه وسلم أثر مبارك في حياة أم خالد رضي الله عنها عندما قال لها: (أبلي وأخلقي) إذ معنى الحديث كما قال الحافظ ابن الحجر في الفتح: (أي إنها تطول حياتها حتى يبلى الثوب ويخلق). وقد استجيبت دعوة رسول الله صل الله عليه وسلم فلم تعش امرأة من الصحابة ما عاشت أم خالد. وذكر الذهبي في السير : أنها عمرت إلى قريب عام تسعين.





أم رومان بنت عامر

زوجها أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، وابناها : عائشة أم المؤمنين وزوج رسول الله صل الله عليه وسلم وعبد الرحمن رضي الله عنهما .
نشأت في منطقة بجزيرة العرب اسمها السراة ، وكانت ذات أدب وفصاحة .
تزوجها قبل أبي بكر أحد شباب عصرها البارزين في قومه واسمه الحارث بن سخيرة الأزدي فولدت له الطفيل .
كان زوجها الحارث يرغب بالإقامة بمكة ، فسافر بها وبابنها إلى هناك ، ودخل مكة في حلف أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، وذلك قبل الإسلام .
بعد فترة توفي الحارث بن سخيرة ، فتزوجها أبو بكر إكراماً لصاحبه بعد مماته .
وكان أبو بكر متزوجاً قبل ذلك ، وله من الولد : عبد الله وأسماء ، ثم ولدت له أم رومان : عبد الرحمن وعائشة .
لما أسلم أبو بكر حدث زوجته بالخير الذي رضيه لنفسه فأسلمت معه مبكراً
واستكتمها الأمر حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً .
كان النبي صل الله عليه وسلم يتردد على دار أبي بكر فتتلقاه أم رومان بالبشر وحسن الضيافة .
كانت لها مواقف صادقة في مواساة زوجها في الأيام الصعبة التي كانت تمر
بالدعوة في الفترة المكية ، وكانت تتألم لما يصيب المسلمين .
عندما خرج أبو بكر الصديق مهاجراً إلى المدينة ، وترك أسرته في مكة لتلحق به ، كانت أم رومان تتحمل شدة العيش بعد هجرة زوجها الذي احتمل ماله كله ، ثم لما وصل الركب المهاجر إلى المدينة بسلام أرسل النبي صل الله عليه وسلم من يأتي بأهله وبناته ، ويأتي بأهل أبي بكر وأسرته .
في طريق أسرة أبي بكر إلى المدينة تعرضت عائشة لخطر كبير ، حيث شرد بها
وبأمها الجمل ، فجعلت أم رومان تقول : واعروساه وابنتاه ، تقول عائشة : فسمعت قائلاً يقول : أرسلي خطامه ، فأرسلت خطامه ، فوقف .
حضرت حادثة الإفك الخطيرة التي هزت بيت أبي بكر الصديق كله فوقفت موقفاً
إيمانياً رائعاً وصبرت واحتسبت حتى جاء الفرج من عند الله .
توفيت أم رومان في عهد النبي صل الله عليه وسلم في ذي الحجة سنة ست من
الهجرة .





أم عطية الأنصارية


أم عطية الأنصارية، واحدة من فاضلات نساء الصحابة، وواحدة ممن أثرين تاريخ النساء بأعمال طيبة في الجهاد والفقه ورواية الحديث.
اسمها: نسيبة بنت الحارث الأنصارية، من كبار نساء الصحابة.
أسلمت مع السابقات من نساء الأنصار، وفي ساحات الوغى وتحت ظلال السيوف كانت رضي الله عنها تسير في ركب الجيش الغازي ، تروي ظمأ المجاهدين ، وتأسو جراحهم ، وترقأ دمهم ، وتعد طعامهم.
عن أم عطية رضي الله عنها قالت: غزوت مع النبي صل الله عليه وسلم سبع غزوات أخلفهم في رحالهم، فأصنع لهم الطعام، وأداوي الجرحى، وأقوم على المرضى.
وفي غزوة خيبر كانت أم عطية رضي الله عنها من بين عشرين امرأة خرجن مع رسول الله صل الله عليه وسلم يبتغين أجر الجهاد.
وأم عطية هي التي غسلت زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم ، فعن أم عطية رضي الله عنها قالت : لما ماتت زينب بنت رسول الله صل الله عليه قال : (اغسلنها وتراً ، ثلاثاً أو خمساً ، واجعلن في الآخرة كافوراً أو شيئاً من كافور ، فإذا غسلتنها فأعلمنني) فلما غسلناها أعطانا حقوه ، فقال : (أشعرنها إياه).
وقد كانت أم عطية تغسل من مات من النساء في عهد رسول الله صل الله عليه وسلم؛ طلباً للمثوبة والأجر من الله تعالى.
وقد كانت أم عطية رضي الله عنها فقيهة حافظة، لها أربعون حديثاً، منها في الصحيحين ستة، وانفرد البخاري بحديث، ومسلم بحديث.
وقد أخرج أحاديثها أصحاب السنن الأربع، وروى عنها أنس بن مالك رضي الله عنه من الصحابة، وروى عنها من التابعين محمد بن سيرين، وأخته حفصة بنت سيرين، وأم شراحيل، وعلي بن الأقمر، وعبد الملك بن عمير ، وإسماعيل بن عبد الرحمن.
وحديثها في غسل آنية رسول الله صل الله عليه وسلم مشهور في الصحيح، كما ذكر ذلك ابن حجر في الإصابة. وكان جماعة من التابعين يأخذون ذلك الحكم.
وهي القائلة : (نهينا عن اتباع الجنازة ، ولم يعزم علينا).
وقد انتقلت أم عطية رضي الله عنها في آخر عمرها إلى البصرة ، واستفاد الناس من علمها وفقهها، فكان جماعة من الصحابة والتابعين يأخذون عنها غسل الميت.
وعاشت إلى حدود سنة سبعين ، رضي الله عنها وأرضاها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69948
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

نساءٌ رائدات Empty
مُساهمةموضوع: رد: نساءٌ رائدات   نساءٌ رائدات Emptyالإثنين 26 أكتوبر 2015, 9:16 am


أم عـمارة


نسيبة بنت كعب بن عمرو ، الفاضلة المجاهدة الأنصارية الخزرجية النجارية المازنية المدنية.
كان أخوها عبد الله بن كعب المازني من البدريين ، وكان أخوها عبد الرحمن من البكائين.
شهدت أم عمارة ليلة العقبة ، وشهدت أحداً ، والحديبية ، وحنين .
وكان ضمرة بن سعيد المازني يُحدث عن جَدته وكانت قد شهدت أحداً ، قالت : سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول : (( لمقام نَسِيبة بنت كعب اليوم خيرٌ من مُقام فلان وفُلان )).

وكانت تراها تقاتل أشد ما يكون القتال ، وإنها لحاجزة ثوبها على وسطها ، حتى جرحت ثلاثة عشر جُرحاً ، ( وكانت تقول ) : إني لأنظر إلى ابن قمئة وهو يضربها على عاتقها وكان أعظم جراحها ، فداوته سنة . ثم نادى منادي رسول الله صل الله عليه وسلم : إلى حمراء الأسد . فشدت عليها ثيابها ، فما استطاعت من نزف الدم ، رضي الله عنها ورحمها.

عن عُمارة بن غزية قال: قالت أم عمارة : رأيتني ، وانكشف الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فما بقي إلا نُفير ما يُتمون عشرة ، و أنا و ابناي و زوجي بين يديه نذب عنه ، و الناس يمرون به منهزمين ، و رآني ولا ترس معي ، فرأى رجلاً مولياً ومعه ترس ، فقال : ألق تُرسك إلى من يقاتل ، فألقاه فأخذته . فجعلت أترس به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما فعل بنا الأفاعيل أصحاب الخيل ، لو كانوا رجالة مثلنا أصبناهم إن شاء الله ، فيُقبل رجل على فرسه فيضربني ، وترست له فلم يصنع شيئاً ، فأضرب عُرقوب فرسه فوقع على ظهره . فجعل النبي صل الله عليه وسلم يصيح : يا ابن أم عمارة ، أُمك ! أُمك! قالت : فعاونني عليه حتى أوردته شعوب .
وعن محمد بن يحي بن حبان ، قال : جُرحت أُم عمارة بأحد اثني عشر جُرحاً فقدمت المدينة وبها الجراحة ، فلقد رُئي أبو بكر رضي الله عنه، وهو خليفة ، يأتيها يسألُ عنها .
وابنها حبيب بن زيد بن عاصم، هو الذي قَطعه مُسيلمة.
وابنُها الآخر عبدُ الله بن زيد المازني ،الذي حكى وضوءَ رسول الله صل الله عليه وسلم ، قُتل يوم الحرة ،وهو الذي قتل مُسيلمة الكذاب بسيفه . شهد أُحداً.

في ليلة مقمرة.. لاح فيها البدر ينثر شعاعه على مهبط الوحي .. طرزت النجوم على سواده المخملي أبهى خيوطها.. كانت مكة تقف مختالة كعروس بهية الطلة سعيدة بأفئدة رانت إليها من سائر بلاد العرب يسابقهم الشوق للقاء البيت العتيق.. وأهل مكة يتحمسون على سائر الأعراب بشرف السقاية والسدانة.. يركلون بصلف وتعنت نوراً أطل من بين ظهرانيهم يريد أن يزيدهم سؤدداً على سؤدد ويضفي عليهم مزيداً من الشرف والمكانة لكنهم بالرغم من الجبروت الذي أظهرته خيلاؤهم ظلوا يتوجسون خيفة من هذا النور الذي بعثر أحلامهم وسفه أصنامهم.. وجعلهم ينامون وقلوبهم يقظة ترتعد من سماع اسم محمد على لسان أحد من أعراب الجزيرة.. لذا فقد سعوا عبر عيونهم إلى مراقبة تحركاته وتوجهاته خوفاً من أن تناصره إحدى قبائل العرب فتقوى دعوته وتشرق شمسه في فضاء الكون.

بيعة العقبة الثانية
لكن أقدار السماء شاءت لهذا الدين أن تنصره طيبة الطيبة.. حين أقبل أهلها من خلف الصخب الذي عاشته مكة في مواسم الحج للقاء النبي عليه السلام عند العقبة.
فلما قدم عليهم هبوا لمبايعته والوعد بنصرته وحمايته.. بقلوب تخفق لهذا الدين الجديد الذي استشعروا فيه الخلاص من براثن غدر يهود قابعين كالأشواك بينهم.. لا يألون جهداً في بث سمومهم ونفث أحقادهم بين أعراب طيبة من أوسها إلى خزرجها تاركين نار العصبية تنهش بين أبناء الحي العربي الواحد.
وكان من بين جموع الأوس والخزرج المناصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في بيعة العقبة الثانية وجه لامرأة تسمى نسيبة بنت كعب المازنية.. اخترقت الصفوف للقاء النبي القرشي صلى الله عليه وسلم.. معلنة بيعتها.. واعدة النبي صلى الله عليه وسلم بالحماية والنصرة.. لا يقل حماسها للدين الجديد عن الرجال لتصبح أول مناصرة لدعوة النبي صل الله عليه وسلم بين نساء يثرب.. فكان هذا الوعد من امرأة عربية أبية شرفاً يسجله التاريخ الإسلامي للمرأة عبر صفحاته المشرقة.

في طيبة الطيبة
بعد بيعة العقبة الثانية بدأت رحلة الهجرة لينتقل الرسول صل الله عليه وسلم إلى المدينة.. لتبدأ مع تلك الخطوات أولى مراحل بناء الدولة الإسلامية في شموخ يمتطي به الحق عنان السماء مرفرفاً برايات التوحيد.. تتألف بها أفئدة تاقت لنصرة الإسلام.. فكان النصر في بدر الكبرى على أوتاد الكفر.. ورماح الإسلام تئد بحوافر النصر سادات قريش في قليب بدر.. لترحل العنجهية الظالمة إلى الدركات السفلى في جهنم.. لكن قريش لم تسكت على قتل صناديدها دون أن تشغل فتيل قتال جديد ضد محمد وصحبه فكانت معركة الثأر في أحد.

يوم التمحيص والابتلاء
حينها .. جهز صل الله عليه وسلم جيشاً دعمه بخمسين من الرماة لحماية ظهور المسلمين.. فلما احتدمت الصفوف اندفع المسلمون يحملون سيوف الحق في وجه قوى الباطل من قريش فتقهقر فرسانها يجرون أذيالها هزيمة متوقعة.. الأمر الذي دفع بالرماة وقد لاحت تباشير النصر إلى النزول من أعلى الجبل بعيون تتجه نحو أرض قريبة خلت من كل حوافر الخيل وأقدام الشجعان.. ولم يبق فيها إلا السيوف وبقايا الدروع وأرتال القتلى من المشركين.. في هذه الأثناء كانت عينا خالد بن الوليد تراقبان هذا الموقف بنظرة عسكرية صائبة.. فقرر أن يحتل الجبل الذي خلا من معظم رماته.. ليقلب بعقليته العسكرية موازين المعركة من هزيمة محققة إلى انتصار يسجل لخالد بن الوليد لا لمشركي مكة.. فتعثرت خطوات المسلمين وتحول التقهقر إلى اندفاع ، والهجوم إلى تراجع.. والنبي عليه السلام وسط غبار الخيل ينادي المسلمين ليصمدوا في هذا الامتحان الصعب يقاتل قتال الأبطال وخيل المشركين تبحث عنه يسابقها كابوسها الأسود لقتله والتخلص من هذا الدين الجديد.

المرأة المحاربة
كانت النساء المسلمات يراقبن المعركة.. تعلو وجوههن ابتسامة فرح بتباشير النصر التي انبثقت كفلق الصبح.. وهن يسعفن المصابين ويعالجن الجرحى ويسقين العطشى.. حتى إذا ما طغى غبار الهزيمة وأعتم الفجر من جلل الضباب.. ورأت النساء تراجع المسلمين ورسول الله صل الله عليه وسلم يستصرخ الهمم للثبات والصمود.. عند هذا الخطب الجلل هبت أم عمارة الطبيبة المداوية لتتحول في ثوان معدودة إلى جلمودة صخر تدافع عن النبي الكريم.. تتلقى عنه الطعنات وتجعل من نحرها درعاً تتكسر عليه السيوف..
لندع أم عمارة تخبرنا عن هذا الموقف الجلل : (خرجت أول النهار وأنا أنظر الناس ما تصنع.. ومعي سقاء فيه ماء.. فانتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في أصحابه والدولة والريح للمسلمين.. فلما انهزم المسلمون انحزت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فقمت أباشر القتال وأذب عنه بالسيف وأرمي بالقوس.. حتى خلصت الجراح إليّ.. فلما تولى الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل ابن قمئة وهو يقول : دلوني على محمد فلا نجوت إن نجا.. فاعترضت له أنا ومصعب بن عمير وأناس ممن ثبت مع رسول الله صل الله عليه وسلم.. فضربني ضربة غائرة لا تزال آثارها في عاتقي.. ولكنني ضربته والله على ذلك ضربات لكن عدو الله كانت عليه درعان).
هكذا تصدت أم عمارة لعدو الله تأخذ الطعان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ليترك الطعن جرحاً غائراً تظل آثاره شاهدة على قلب امرأة شجاعة لا تعبأ بالجراح بل تستمر في الذود عن النبي صل الله عليه وسلم حتى تسقط فاقدة الوعي وسط بحر من الدماء والأوجاع مما لا يقوى عليه عتاة الرجال.
مع كل هذا أفاقت أم عمارة لا تهتم لجرحها بقدر خوفها على رسول الله صل الله عليه وسلم من أن يكون قد أصابه أذى.. لا تبالي بوهن الجسد ، والروح تخفق في حب نبي الله.

ومن يطيق ما تطيقين يا أم عمارة !!
وحدث ابنها عبد الله بن زيد فقال : جرحت يومئذ جرحاً ، وجعل الدم لا يرقأ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (اعصب جرحك) ، وكانت أم عمارة لاهية بقتال الأعداء ، فلما سمعت نداء النبي صلى الله عليه وسلم أقبلت إلي ومعها عصائب في حقوها فربطت جرحي والنبي صلى الله عليه وسلم واقف فقالت لي أمي : انهض بني وضارب القوم ، فجعل النبي صل الله عليه وسلم يقول : (ومن يطيق ما تطيقين يا أم عمارة !!).

في حمراء الأسد والجرح نهر دماء
حين نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين ، ودعاهم للخروج إلى حمراء الأسد ، ولم يمض على أحد إلا سويعات معدودة تحسباً من النبي صلى الله عليه وسلم أن تعود قريش لمهاجمة المدينة بعد أن لامست ضعف بعض المسلمين في أحد.. فهبت أم عمارة تجيب نداء رسول الله صل الله عليه وسلم لا تبالي بجرحها الغائر وآلامها المبرحة ونزيفها الذي لم يرقأ بعد!.. أي قوة صنعها الإسلام في قلب امرأة.. وأي تحمل يصل إلى قمة التضحية لأجل الله ورسوله.. لكننا لن نتعجب من هذا فنور الإسلام يصنع الأعاجيب في أتباعه.. حين يكون الصبر والتحمل لأجل شرف الأمة وعودة عزها ومجدها.

محنة الأم
ثم تمضي الأيام بأم عمارة تأخذها من نصر إلى نصر.. وهي تنتقل معها من تضحية إلى أخرى بدءاً بروحها ثم جسدها فأبنائها.. كل ذلك لأجل الله وحبا في دينه.. فتزداد مع الأيام مكانتها بين نساء المسلمين يضرب بها المثل في دفاعها عن رسول الله صل الله عليه وسلم.. والأيام تمضي بأم عمارة من محنة إلى محنة فآلام الجرح الذي أصابها يوم أحد لم تختلف آثاره عن جسدها ليكتوي قلبها بمحنة جديدة حين عاد ابنها من تجارته بأرض العراق ماراً بنجد.. وكان مسيلمة الكذاب قد خرج بدعوته التي أعمت بعض ضعاف النفوس ممن لم يفقهوا الإسلام بعد.. فقبض على ابنها وحبسه ليرغمه على الاعتراف بنبوته أمام جمع غفير من أعوانه.. لكن ابن أم عمارة لم يرضخ لمطالب هذا الكتاب.. فعمد مسيلمة إلى قطع يديه ورجليه ثم ألقى به في النار أملاً في أن يرعب أتباعه فازدادوا يقيناً بدعوته الآفكة.. فكانت حروب الردة.. وأم عمارة تخرج مع المسلمين تحمل بين طيات قلبها ناراً تأججت على ما فعله مسيلمة بابنها ويقيناً منها بأن هذا المتنبئ إنما جاء ليقضي على نور الحق الذي انتشر في أرجاء جزيرة العرب.

وفي يوم الحديقة التي اختبأ فيها مسيلمة مع جيشه صالت أم عمارة بين الصفوف تبتغي الوصول إليه.. فلما لقيته أقبلت عليه لتقتله لكن جموع الشرك من أتباعه قطعت يدها في صراع مرير لتخليص مسيلمة من أم عمارة.. لكن الله عز وجل أراد لأم عمارة أن تأخذ بثأرها من الكذاب الأشر حين نجح ابنها عبد الله في قتل مسيلمة.. ليعود نور الإسلام ساطعاً في جزيرة العرب لا تقدر قوى الشر على إطفائه.
وبعد يوم اليمامة دخلت أم عمارة مرحلة من الإعياء الذي رافقها من ويلات قطع يدها ترجو رحمة الله عز وجل حتى وافتها المدينة.
وبعد ...
هذه هي نسيبة بنت كعب المازنية .. المرأة المبايعة.. المجاهدة.. التي ربت أبناءها على الحق فصمدوا في وجه جحافل الباطل لا تأخذهم في الله لومة لائم.
أحبت أم عمارة الله.. وأقبلت على حب نبيه طمعاً في جنات الخلد.. سطرت بدماء عبقة هذا الحب في سجل الخالدات وببسالة فاقت بها أعاظم الرجال.. فأين نحن يا نساء المسلمين من هذه الشمس التي أشرقت على الإسلام في أيام المحن .. رضي الله عن أم عمارة التي قال عنها النبي عليه السلام : (ما التفت يمنة ولا يسرة إلا رأيتها).. وما أعظم النساء اللواتي أنجبتهن مدرسة محمد عليه أفضل الصلاة والسلام.



أم كلثوم بنت عقبة بن معيط

بنت عقبة بن معيط .
من المهاجرات .
أسلمت بمكة ، وبايعت ، ولم يتهيأ لها هجرة إلى سنة سبع .

وكان خروجها زمن صلح الحديبية ، فخرج في إثرها أخوها الوليد وعمارة ، فما زالا حتى قدما المدينة فقالا : يامحمد ، فِ لنا بشرطـنا ، فقالت : أتردني يارسـول الله إلى الكفار، يفتنوني عن ديني ، ولا صبر لي ، وحال النساء في الضعف ماقد علمت ؟ فأنزل الله تعالى : { إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنـوهن } . فكـان يقـول : ( آلله ما أخرجكن إلا حب الله ورسوله والإسلام ! ما خرجتن لزوج ولا مال ؟ ) فإذا قلن ذلك لم يرجعهن إلى الكفار .

ولم يكن لأم كلثوم بمكة زوج ، فتزوجها زيد بن حارثة ، ثم طلقها ، فتزوجها عبد الرحمن بن عوف ، فولدت له إبراهيم وحميداً ، فلما توفي عنها زوجها تزوجها عمرو بن العاص فتوفيت عنده .
توفيت في خلافة علي رضي الله عنه .





أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب


أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب الهاشمية، شقيقة الحسن والحسين ، ولدت في حدود سنة ست من الهجرة، ورأت النبي صل الله عليه وسلم ، ولم ترو عنه شيئاً .
خطبها عمر بن الخطاب وهي صغيرة ، فقيل له : ما تريد إليها ؟ قال : إني سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول : ( كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي ) . وروى عبد الله بن أسلم بن أسلم عن جده أن عمر تزوجها فأصدقها أربعين ألفاً .
قال أبو عمر بن عبد البر : قال عمر لعلي : زوجنيها أبا حسن فإني أرصد من كرامتها ما لا يرصد أحد ، قال : فأنا أبعثها إليك ، فإن رضيتها فقد زوجتها – يعتل بصغرها – ، قال : فبعثها إليه ببرد وقال لها : قولي له : هذا البرد الذي قلت لك ، فقالت له ذلك ، فقال قولي له : قد رضيت رضي الله عنك ، ووضع يده على ساقها فكشفها ، فقالت : أتفعل هذا ؟ لولا أنك أمير المؤمنين لكسرت أنفك ، ثم مضت إلى أبيها فأخبرته وقالت : بعثتني إلى شيخ سوء! قال : يا بنية إنه زوجك .
ونقل الزهري وغيره: أنها ولدت لعمر زيداً ، وقيل : ولدت رقية .
قال ابن إسحاق : توفي عنها عمر ، فتزوجها عون بن جعفر بن أبي طالب ثم مات عنها . قال ابن إسحاق : فزوجها أبوها بمحمد بن جعفر فمات ، ثم زوجها أبوها بعبد الله بن جعفر فماتت عنده .
يقال : وقعت هوسة بالليل ، فركب زيد فيها فأصابه حجر فمات منه ، وذلك في أوائل دولة معاوية رحمه الله .





أم معبد الخزاعيِّة

أم معبد الخزاعيِّة، صحابية جليلة، لم تكن من النساء ذوات الشهرة في الجاهلية، بل كانت امرأة بدوية لا تتعدى شهرتها خيمتها أو أهلها، وقد هبطت عليها البركة عند نزول النبي صل الله عليه وسلم ضيفاً عليها عند هجرته إلى المدينة حتى غدت بذلك إحدى شهيرات النساء في الإسلام.
اسمها عاتكة بنت خالد بن منقذ أخت حبيش بن خالد الخز اعي الكعبي الصحابي، وهو صاحب حديث أم معبد الخزاعيِّة رضي الله عنها، وإليك قصة أم معبد الخزاعيِّة رضي الله عنها، كما هي في الطبقات الكبرى لابن سعد.
عن أبي معبد الخز اعي رضي الله عنه أن رسول صلى الله وسلم لما هاجر من مكة إلى المدينة هو وأبو بكر وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر، ودليلهم عبد الله بن أريقط الليثي، فمروا بخيمتي أم معبد الخزاعيِّة، كانت امرأة جلدة، برزة، تحتبي وتقعد بفناء الخيمة، ثم تسقي وتطعم، فسألوها تمراًَ أو لحماً يشترون، فلم يصيبوا عندها شيئاً من ذلك، وإذا القوم مرملون مسنتون، فقالت: والله لو كان عندنا شيء ما أعوزكم القرى، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاة في كسر الخيمة، فقال: ما هذه الشاة يا أم معبد ؟ قالت: هذه شاة خلفها الجهد عن الغنم، فقال: هل بها من لبن ؟ قالت: هي أجهد من ذلك، قال: أتأذنين لي أن أحلبها ؟ قالت: نعم، بأبي أنت وأمي، إن رأيت بها حلباً ! فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشاة فمسح ضرعها، وذكر اسم الله، وقال: اللهم بارك لها في شاتها. قال: فتفاجت ودرت واجترت، فدعا بإناء لها يربض الرهط، فحلب فيه ثجاً حتى علبه الثمال فسقاها، فشربت حتى رويت، وسقى أصحابه حتى رووا وشرب رسول الله صل الله عليه وسلم آخرهم، فشربوا جميعاً عللاً بعد نهل حتى أراضوا، ثم حلب فيه ثانياً عوداً على بدء، فغادره عندها ثم ارتحلوا عنها.
فقلما لبثت أن جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزاً حيلاً عجافاً هزلى ما تساوق ، مخهن قليل لا نقي بهن ، فلما رأى اللبن عجب ، وقال : من أين لكم هذا والشاة عازبة ، ولا حلوبة في البيت ؟ قالت: لا والله إلا أنه مر بنا رجل مبارك كان من حديثه كيت وكيت. قال: والله إني لأراه صاحب قريش الذي يطلب، صفيه لي يا أم معبد ، قالت : رأيت رجلاً ظاهر الوضاءة ، متبلج الوجه ، حسن الخلق ، لم تعبه ثلجة ، ولم تزر به صلعة ، وسيم قسيم ، في عينيه دعج ، وفي أشفاره وطف ، وفي صوته صحل ، أحور أكحل أزج أقرن ، شديد سواد الشعر ، في عنقه سطع ، وفي لحيته كثافة ، إذا صمت فعليه الوقار ، إذا تكلم سما وعلاه البهاء ، وكأن منطقه خزرات نظم يتحدرن ، حلو المنطق ، فصل ، لا نزر ولا هزر ، أجهر الناس وأجمله من بعيد ، وأحلاه وأحسنه من قريب ، ربعة لا تشنؤه من طول ، ولا تقتحمه عين من قصر ، غصن بني غصنين ، فهو أنضر الثلاثة منظراً ، وأحسنهم قدراًَ ، له رفقاء يحفون به ، إذا قال استمعوا لقوله ، وإذا أمر تبادروا إلى أمره ، محفود محشود ، لا عابث ولا منفد. قال: هذا والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر، ولو كنت وافقته يا أم معبد لا لتمست أن أصحبه، لأفعلن أن وجدت إلى ذلك سبيلاً، وأصبح صوت بمكة عالياً بين السماء والأرض يسمعونه ولا يرون من يقول، وهو يقول:

جزى الله رب الناس خير جزائه رفيقين حلا خيمتي أم معبـد
هما نزلا بالبر وارتحلا بـــه فأفلح من أمسى رفيق محمـد
فيا لقصي ما زوى الله عنكـم به من الأفعال لا يجازى وسودد
سلوا أختكم عن شاتها وإنائها فإنكم إن تسألوا الشاة تشهــد
دعاها بشاة حائل فتحلبــت له بصريح ضرة الشاة مزبــد
فغادره رهناً لديها لحالــب تدر بها في مصدر ثم مــورد

وما أجمل ما سطره أحمد محرم في ديوانه (مجد الإسلام) حين قال يصف هذا الحدث اللطيف في خيمة أم معبد :
ما حديث لأم معبد تستسقيـه ظمأى النفوس عذباً نميراً
سائل الشاة كيف درت وكانت كزة الضرع لا ترجي الدرورا
بركات السمح المؤمل يقـري أمم الأرض زائراً أو مزوراً
مظهر الحق للنبوة سبحــا نك رباً فرد الجلال قديـراً

ولقد لا مست نسمات الإيمان قلب أم معبد منذ اللحظات الأولى التي سمعت وشاهدت فيها النبي صلى الله عليه وسلم بدليل أنها حين مر بها فتيان قريش وسألوها عن رسول الله صل الله عليه وسلم وكانوا يلاحقونه أشفقت عليه منهم ، فتعاجمت عليهم ، وقالت لهم : إنكم تسألون عن شيء ما سمعت به قبل عامي هذا.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69948
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

نساءٌ رائدات Empty
مُساهمةموضوع: رد: نساءٌ رائدات   نساءٌ رائدات Emptyالإثنين 26 أكتوبر 2015, 9:19 am


أم هانئ بنت أبي طالب

السيدة الفاضلة : أم هانئ بنت عم النبي صل الله عليه وسلم أبي طالب ، الهاشمية ، المكية ، أخت علي وجعفر .
كانت تحت هبيرة بن عمرو بن عائذ المخزومي ، فهرب يوم الفتح إلى نجران .
أولادها : عمرو بن هبيرة ، وجعدة ، وهانئاً ، ويوسف .
عاشت إلى بعد سنة خمسين .
عن أبي النضر مولى عمر بن عبد الله : أن أبا مرة مولى أم هانئ أخبره : أنه سـمع أم هانئ تقول : ذهبت إلى رسول الله صل الله عليه وسلم يوم الفتح ، فوجدته يغتسل وفاطمة تستره بثوب ، فسـلمت ، فقالSadمن هـذه ؟) ، قـلت : أنا أم هانئ بنت أبي طـالب ، فـقال : مرحبـاً بأم هانئ ، فلما فـرغ من غسله قام فصلى ثمان ركعات ملتحفاً بثـوب ، فقلت : يارسول الله ، زعم ابن أمي – تعني علياً – أنه قاتل رجـلاً قد أجـرته : فلان ابن هبيرة ، فقال : ( قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ ) ، وذلك ضحى .

وقيل : إن أم هانئ لما بانت عن هبيرة بإسلامها خطبها رسـول الله صل الله عليه وسلم فقالت : إني امرأة مصبية [ ذات صبيان ] ، فسكت عنها .





أم ورقة الأنصارية


من نساء الأنصار ، أسلمت مع السابقات .
بايعت النبي صل الله عليه وسلم ، وروت عنه .
نشأت على حب كتاب الله تعالى ، حتى جمعت القرآن العظيم في صدرها ، وكانت قارئة مجيدة للقرآن .
اشتهرت بكثرة صلاتها وحسن عبادتها .
كان رسول الله صل الله عليه وسلم يأمرها بأداء الصلاة في بيتها .
بلغ من حبها للجهاد ما قالته عن نفسها : إن النبي صل الله عليه وسلم لما غزا بدراً قلت له : يا رسول الله ائذن لي في الغزو معك ، أمرض مرضاكم لعل الله أن يرزقني الشهادة ، قال : ( قرّي في بيتك ؛ فإن الله تعالى يرزقك الشهادة ) .
أصبحت تعرف بالشهيدة ، وكان رسول الله صل الله عليه وسلم إذا أراد زيارتها اصطحب معه ثلة من أصحابه وقال لهم Sad انطلقوا بنا نزور الشهيدة ) .
وفي عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يزورها اقتداء برسول الله صل الله عليه وسلم .
وكانت أم ورقة تملك غلاماً وجارية ، وكانت قد وعدتهما بالعتق بعد موتها ، فسولت لهما نفساهما أن يقتلا أم ورقة ، وذات ليلة قاما إليها فغمياها وقتلاها ، وهربا ، فلما أصبح عمر قال : والله ما سمعت قراءة خالتي أم ورقة البارحة ، فدخل الدار فلم ير شيئاً ، فدخل البيت فإذا هي ملفوفة في قطيفة في جانب البيت ، فقال : صدق الله ورسوله ، ثم صعد المنبر فذكر الخبر ، وقال : عليّ بهما ، فأتي بهما ، فصلبهما ، فكانا أول مصلوبين في المدينة .





أمامة بنت أبي العاص


أمامة بنت أبي العاص بن الربيع القرشية ، حفيدة رسول الله صلى عليه وسلم التي حظيت بحب النبي صل الله عليه وسلم واستأثرت بعطفه ، فكان يكرمها ويحملها وهي طفلة.
أمها زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجدتها لأمها خديجة بنت خويلد أم المؤمنين ، وسيدة نساء العالمين في زمانها ، وأول من آمن بالنبي صل الله عليه وسلم وصدقه قبل كل أحد.
وأبوها أبو العاص بن الربيع صهر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وزوج ابنته زينب ، وابن أخت خديجة أم المؤمنين ، كان قد أسر يوم بدر فأطلق بلا فداء كرامة لرسول الله صل الله عليه وسلم بسبب زينب ، ثم أسلم قبيل فتح مكة ، وحسن إسلامه.
ولدت أمامة رضي الله عنها في حياة جدها رسول الله صل الله عليه وسلم ، ورضعت الإيمان من أمها زينب ، وصنعت على عينها ، حيث غذتها بزاد التقوى ، وفطمتها على الصلاح. فكانت أمامة بذلك كريمة النشأة والأًصل ، ولذا فقد كان عليه الصلاة والسلام يأنس بها ، ويهش لها ، وأحلها من قلبه الشريف مكاناً رحباً ، ومن عطفه حناناً يروي النفوس ويغذي.
ولم تطل مدة حياة زينب رضي الله عنها ، حيث توفيت في السنة الثامنة ، تاركة أمامة التي لم تبلغ الحلم بعد ، وكان فراق زينب أليماً على رسول الله صل الله عليه وسلم وعلى ابنتها الصغيرة ، ودخل عليه الصلاة والسلام على النساء وهن يغسلن زينب رضي الله عنها فقال : ( اغسلنها ثلاثاً أو خمساً ، أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك ، بماء وسدر ، واجعلن في الآخرة كافوراً أو شيئاً من الكافور ، فإذا فرغتن فآذنني).
فلما فرغن آذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطينه حقوه فقال : ( أشعرنها إياه) ، وصلى عليها رسول الله صل الله عليه وسلم‘ ثم دفنت في البقيع رضي الله عنها وأرضاها.

ولقد سبق زينب إلى جوار الله تعالى أختاها رقية وأم كلثوم ، فتركن في قلب النبي صلى الله عليه وسلم الحزن ولكنه صل الله عليه وسلم احتسبهن عند الله تعالى الذي لا تضيع لديه الأمانات ، فله ما أعطى وله ما أخذ ، وكل شيء عنده بأجل مسمى.

ولقد لقيت أمامة من النبي صلى الله عليه وسلم الرعاية ، وأفاض عليها من حبه ما جعله يحملها حتى في الصلاة ، فعن أبي قتادة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بينما نحن ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهر أو العصر وقد دعا بلال للصلاة ، إذ خرج إلينا ، وأمامة بنت أبي العاص بنت ابنته على عنقه ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في مصلاه وقمنا خلفه ، وهي في مكانها الذي هي فيه. قال : فكبر فكبرنا. حتى إذا أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يركع أخذها فوضعها ، ثم ركع وسجد حتى إذا فرغ من سجوده ، ثم قام ، أخذها فردها في مكانها ، فما زال رسول الله صل الله عليه وسلم يصنع بها ذلك في كل ركعة حتى فرغ من صلاته.

ولما توفي أبو العاص بن الربيع سنة اثنتي عشرة للهجرة ، كان قد أوصى بابنته أمامة إلى ابن خاله الزبير بن العوام ، وقد زوجها الزبير من علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد وفاة خالتها فاطمة رضي الله عنها ، وذلك في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وبقيت عنده مدة ، وجاءته الأولاد منها ، فلما قتل علي رضي الله عنه تأثرت أمامه لمقتله ، وقالت أم الهيثم النخعية تصف حزن أمامه :

أشاب ذؤابتي أذل ركبي أمامة حين فارقت القرينـا
تطيف به لحاجتهـا إليه فلما استيئست رفعت رهينا

وعاشت أمامة بعد علي حتى تزوج بها المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي ، ثم توفيت عنده بعد أن ولدت له يحي بن المغيرة ، وكانت وفاتها في عهد معاوية بن أبي سفيان.




أميمة بنت خلف


حين بدأت الدعوة الإسلامية تظهر في مكة المكرمة أم القرى كانت أميمة بنت خلف بن أسعد الخزاعية ممن صادفت همسات الإيمان قلبها خالياً فتمكنت منه، حيث حدثها زوجها خالد بن سعيد بن العاص عن إسلامه واتباعه لرسول الله صل الله عليه وسلم فأسلمت وصدقت، وإليك قصة إسلامها مع زوجها.

كان خالد بن سعيد قد رأى في النوم أنه واقف على شفير النار، فذكر من سعتها ما الله به أعلم، ويرى في النوم كأن أباه يدفعه فيها، ويرى رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذاً بحقويه لئلا يقع ، ففزع من نومه فقال : أحلف بالله إن هذه الرؤيا حق. فلقي أبا بكر (رضي الله عنه وأرضاه) فذكر ذلك له فقال أبو بكر : أريد بك خير ، هذا رسول الله صل الله عليه وسلم – فاتبعه ، فإنك ستتبعه وتدخل معه في الإسلام الذي يحجزك من أن تقع فيها. وأسلم خالد وحسن إسلامه، ودعا زوجه (أميمة) إلى الإسلام فأسلمت كذلك.

وعلم أبوه بإسلامه فأرسل في طلبه من بقي من ولده ولم يسلم، فوجدوه فأتوا به إلى أبيه أبي أحيحة، فأنبه وبكته وضربه بمقرعة في يده حتى كسرها على رأسه، ثم قال: أتبعت محمداً وأنت ترى خلافه قومه، وما جاء به من عيب آلهتهم وعيب من مضى من آبائهم؟ فقال خالد: قد صدق والله اتبعته. فغضب أبو أحيحة ونال من ابنه وشتمه، ثم قال: اذهب يا لكع حيث شئت فوالله لأمنعنك القوت، فقال خالد: إن منعتني فإن الله يرزقني ما أعيش به. فأخرجه وقال لبنيه: لا يكلمه أحد منكم إلا صنعت به ما صنعت به. فانصرف خالد إلى رسول الله صل الله عليه وسلم فكان يلزمه ويكون معه.

ولقد كانت أميمة بنت خلف إلى جانب زوجها بن سعيد، تتحمل الشدائد، وتقهر العذاب بالتضحية، وتتفوق على الحرمان بزاد الإيمان الذي لا ينفد. ولما أمر رسول الله صل الله عليه وسلم أصحابه بالهجرة إلى أرض الحبشة كان خالد وزوجه أميمة أول من هاجر إليها، وولدت له هنالك ابنه سعيد بن خالد، وابنته أمة بنت خالد التي اشتهرت بكنيتها فيما بعد: أم خالد بنت خالد.

ولبثت أميمة في أرض الحبشة مع زوجها وولديهما بضعة عشرة سنة حتى بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمري، فحملهم في سفينتين، فقدم بهم عليه، ووجدوا أن رسول الله صلى عليه وسلم قد فرغ من فتح خيبر، وسعدوا بلقاء النبي صل الله عليه وسلم والمؤمنين بعد أن مكثوا في الحبشة طالت فيها غيبتهم وغربتهم.
عاش خالد إلى زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث قتل في معركة مرج الصفر في المحرم سنة أربع عشرة، وعملت أميمة رضي الله عنها بوفاة زوجها فصبرت واحتسبت، فكيف لا تفعل ذلك وقد قال الذي قتل خالداً بعد أن أسلم: من هذا الرجل ؟ فإني رأيت نوراً ساطعاً إلى السماء.





أميمة بنت صبيح


والدة أبي هريرة الدوسي اليماني، سيد الحفاظ الأثبات .
نشأ أبو هريرة يتيماً حيث توفي والده وهو صغير ، وعاش في كنف أمه أميمة بنت صبيح بنت الحارث والتي تعرف بأم أبي هريرة .
قدم أبو هريرة على النبي صلى الله عليه وسلم مسلماً في المحرم من سنة سبع للهجرة ولكن أمه رفضت أن تسلم ، وظلت على شركها مدة ، حتى جاء أبو هريرة يوماً إلى رسول الله صل الله عليه وسلم يشكو إليه بثه وحزنه وما يؤلمه .
فعن أبي كثير السحيمي قال : حدثني أبو هريرة قال : والله ما خلق الله مؤمناً يسمع بي إلا أحبني ، قلت : وما علمك بذلك ؟ قال : إن أمي كانت مشركة وكنت أدعوها إلى الإسلام ، وكانت تأبى عليّ ، فدعوتها يوماً ، فأسمعتني في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أكره ، فأتيت رسول الله صل الله عليه وسلم وأنا أبكي فأخبرته وسألته أن يدعو لها ، فقال : (اللهم اهد أم أبي هريرة)، فخرجت أعدو أبشرها ، فأتيت فإذا الباب مجاف ، وسمعت خضخضة الماء، وسمعت حسي فقالت : كما أنت ، ثم فتحت ، وقد لبست درعها ، وعجلت عن خمارها ، فقالت : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله .
قال : فرجعت إلى رسول الله صل الله عليه وسلم أبكي من الفرح كما بكيت من الحزن ، فأخبرته ، وقلت : ادع الله أن يحببني وأمي إلى عباده المؤمنين ، فقال :
( اللهم حبب عبيدك هذا وأمه إلى عبادك المؤمنين ، وحببهم إليهما) .

لقد كانت أم أبي هريرة مثالاً للجود والكرم ، فقد كان أبو هريرة ذات يوم جالساً مع حميد بن مالك بن خثيم في أرض أبي هريرة بالعقيق ، فأتاه قوم ، فنزلوا عنده ، قال حميد : فقال : اذهب إلى أمي فقل :إن ابنك يقرئك السلام ويقول : أطعمينا شيئاً ، قال : فوضعت ثلاثة أقراص في الصحفة وشيئاً من زيت وملح ، ووضعتهما على رأسي ، فحملتها إليهم . فلما وضعته بين أيديهم كبّر أبو هريرة وقال: الحمد لله الذي أشبعنا من الخبز، بعد أن لم يكن طعامنا إلا الأسودين : التمر والماء .


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69948
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

نساءٌ رائدات Empty
مُساهمةموضوع: رد: نساءٌ رائدات   نساءٌ رائدات Emptyالإثنين 26 أكتوبر 2015, 9:21 am


بنت الشاطىء

من معين نهر النيل العذب، نغرف وجهاً إسلامياً مضيئاً في سماء عالمنا الإسلامي المعاصر الذي خبت نجومه، وقلت شموسه ، لكن الخير في أمة محمد صل الله عليه وسلم باق إلى قيام الساعة.

نتطلع اليوم إلى نموذج نسائي نهتدي عبر طريقه ، وشخصية استطاعت أن تحفر في صخور صماء منعت المرأة خلال فتراتها من حقها في التعليم ، لتتجاوز هذا المنع وتصل بعلمها وتراثها الفكري مبلغ الرجال ، تلك هي بنت الشاطىء عائشة عبد الرحمن ، ابنة لأحد علماء الأزهر ، وسليلة أسرة مشايخ حملت على أكتافها لواء الإسلام في مصر .. درست عائشة في صغرها في الكتاتيب الخاصة بتعليم الفتيات فظهر نبوغها الأدبي والعلمي .. مما شجع جدها لأمها لإقناع والدها بإدخالها مدرسة اللوزي الأميرية للبنات والتي لم يكن يحظى بدخولها إلا النذر اليسير من الفتيات في عصر منعت فيه المرأة من التعليم.. واستمرت تنهل من عباب العلم وترقى في سلمه رغم الصعوبات في تحد واضح لكل المحاولات التي منعت المرأة من هذا الحق ، حتى تخرجت من كلية الآداب قسم اللغة العربية من جامعة القاهرة بتقدير امتياز وذلك سنة 1936م ، ثم حصلت على درجة الماجستير مع مرتبة الشرف سنة 1941 ، وتزوجت من أستاذها الجامعي أمين الخولي الذي كان أحد رواد النهضة الفكرية والثقافية في مصر أبان تلك الفترة ، الأمر الذي أسهم في أن يلعب الرجل دوراً بارزاً في حياة بنت الشاطىء وتقدمها في المسار العلمي فلم تشغلها حياتها الزوجية وإنجابها لثلاثة من الأبناء عن مواصلة مسيرة التعليم فنالت درجة الدكتوراه بتقدير امتياز في الرسالة التي ناقشها د. طه حسين.

رغم ضعف الدور الذي لعبته المرأة في الحياة الثقافية والعلمية لتلك الفترة إلا أن عائشة عبد الرحمن استطاعت أن تخطو بثبات نحو القمة لتصبح رائدة في فكرها النسائي الإسلامي المتميز وترتقي في سلم وظائفها التربوية والتعليمية ، فتبوأت عدة مناصب منها أستاذة في الدراسات العليا بجامعة القرويين في المغرب ، ثم أستاذة اللغة العربية في جامعة عين شمس ، وأستاذة زائرة لعدة جامعات عربية منها كلية أم درمان وكلية التربية للبنات بالرياض وجامعة بيروت ، كما شغلت عضوية مجالس علمية كبيرة مثل المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بمصر.

بدأت حياتها الأدبية وهي ابنة الثمانية عشر ربيعاً في جريدة النهضة النسائية بلقب مستعار هو "بنت الشاطئ" ، وقد أحبت عائشة هذا الاسم كثيراً لما له من ذكريات طفولية في نفسها على شاطئ النيل حيث قضت طفولتها ، ففضلت أن تكتب به نظراً لشدة محافظة أسرتها ، خاصة وأن المرأة في تلك الفترة لم تتمتع بحقها في التعليم بله في الكتابة عبر الصحافة ، ثم انتقلت إلى جريدة الأهرام ، وقد استمرت تكتب بها حتى وفاتها سنة 1988 ، أخذت عائشة على عاتقها قضية تعليم المرأة واعتبرتها أساساً هاماً يرتكز عليه تنشئة الجيل في المجتمع المسلم ، فسعت من خلال كتاباتها التاريخية التي صاغتها بقالب أدبي عن سيدات بيت النبوة ، إلى إبراز شخصية المرأة المسلمة ، والمعلمة المجاهدة ، ودعمت من خلال مؤلفاتها أهمية دور المرأة وأهمية تعليمها وعدم الاستهانة بدورها في تطوير المجتمع الإسلامي والنهوض به من براثن التهميش.

برعت بنت الشاطئ في إبراز دور اللغة العربية والغوص في أسبارها وتقفي بحورها عن طريق كتابها الشهير "التفسير البياني للقرآن الكريم" الذي تناولت فيه تفسير السور القصار من القرآن الكريم وذلك من وجهة نظر خاصة ، حيث فسرت ألفاظ القرآن الكريم من الناحية اللغوية فعملت على تلمس الدلالات اللغوية الأصلية في مختلف استعمالاتها الحسية والمجازية ، زاوجت من خلالها بين العقل والنقل في نقلها البياني ، فثبتت ما نقله الأقدمون من تفسير مع ما يتفق والمنطق العقلي في قبول هذا التفسير، فاستطاعت بهذه الخطوة التجديد في التناول والهدف والتفنيد لآراء القدماء والمحدثين ، موجدة بذلك منهجاً جديداً ساهم في البناء الفكري للحضارة الإسلامية ومدافعاً عن اللغة العربية في عصر اعتبرت فيه هذه اللغة قاصرة عن إيجاد مصطلحات وافية في مختلف جوانب التقنية العلمية التي وصلت إليها البشرية في عصرنا الحديث.

استطاعت عائشة عبد الرحمن المضي قدماً في دراسة علوم الحديث النبوي ، تلك العلوم التي أصبح من الصعب التجديف عبر بحورها ذات الأمواج الصعبة عند الرجال ناهيك عن النساء ، ولم تقف بطموحها الفكري عند هذا الحد ، بل وقفت في وجه الحركات المسمومة التي حاربت الإسلام وتصدت لها بكل صلابة وقوة ، مسلطة الأضواء على خطورة البهائية ومدى ارتباطها بالحركة الصهيونية العالمية.

إلى جانب كل هذا فقد كانت عائشة عبد الرحمن أديبة وناقدة متميزة تركت لنا تراثاً أدبياً ضخماً وهادفاً من أشهره قصة "على الجسر" التي روت فيها جوانب من سيرتها الذاتية ، واهتمت بدراسة وتحقيق عدد من المخطوطات منها "نص رسالة الغفران للمعري ، والخنساء الشاعرة العربية الأولى".

لقد استطاعت عائشة عبد الرحمن وضع المرأة في قالب فكري وعلمي وثقافي ، حين تمارس المرأة حقوقها في إطار يخدم مصالح مجتمعها وأمتها ودينها ، مجاهدة بقلمها للدفاع عن قضايا دينها والوقوف بقلمها في وجه التحديات والأخطار التي تعصف بحال أمتنا ، لتصل بعلمها وأدبها مواصل تؤهلها لنيل العديد من الجوائز من أبرزها جائزة الملك فيصل العالمية في الأدب العربي ، وجائزة الدولة التقديرية في مصر ، والعديد من الجوائز التي نالتها من مختلف البلاد العربية.
ستبقى بنت الشاطئ خالدة في ذاكرة الأمة الإسلامية تروي من خلال غزارة إنتاجها قصة المرأة المسلمة صاحبة القلم المجاهد في سبيل نهضة الأمة الإسلامية ورفعتها رحم الله عائشة عبد الرحمن وأسكنها فسيح جناته بما سطره قلمها الأغر من حروف أضاءت صفحات مشرقة في سجل الحضارة الإسلامية.




جميلة بنت سعد بن الربيع

نحن الآن مع سيرة صحابية جليلة استشهد أبوها في غزوة أحد ، وكانت أمها حاملاً بها ، ووضعتها بعد عدة أشهر من استشهاد والدها.
إنها جميلة بنت سعد بن الربيع رضي الله عنهما ، والتي اشتهرت بكنيتها (أم سعد).
نشأت رضي الله عنها يتيمة في حجر أبي بكر الصديق رضي الله عنه واقتبست من أخلاقه الكريمة ، ومن خصاله الحسان ما رفع مكانتها ، وطيب سيرتها.

وقد أنزل الله عزل وجل في شأن أم هذه الصحابية وأختيها قرآناً يتلى إلى يوم القيامة ، ذلك أنه لما استشهد سعد بن الربيع في أحد ، جاء أخوه فأخذ ميراث سعد ، وكان لسعد بن الربيع بنتان ، وكان المسلمون يتوارثون على ما كان في الجاهلية ، لأن أهل الجاهلية كانوا يجعلون جميع الميراث للذكور دون الإناث حتى استشهد سعد بن الربيع رضي الله عنه ، فلما أخذ عمهن الميراث كانت عمرة زوج سعد امرأة حازمة عاقلة صابرة ، فساءها ما صنع أخو زوجها ، وفزعت تشكو ما حدث لرسول الله صل الله عليه وسلم لينطق بحكم الله تعالى ولينقذها وابنتيها من ظلم الجاهلية.

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : جاءت امرأة سعد بن الربيع إلى رسول الله صل الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ، هاتان ابنتا سعد بن الربيع ، قتل أبوهما معك في يوم أحد شهيداً ، وإن عمهما أخذ ما لهما فلم يدع لهما مالاً ، ولا ينكحان إلا لهما مال.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (يقضي الله في ذلك). فنزلت آية الميراث، فأرسل رسول الله صل الله عليه وسلم إلى عمهما فقال : (أعط ابنتي سعد الثلثين ، وأمهما الثمن وما بقي فهو لك).

تزوجت أم سعد رضي الله عنها من زيد بن ثابت الأنصاري ، كاتب الوحي والمصحف ، وأحد الأذكياء النجباء من أصحاب محمد صل الله عليه وسلم فاستفادت أم سعد رضي الله عنها من زيد في فقهه وعلمه ما جعلها في مقدمة العالمات الفقيهات من نسوة الأنصار رضي الله عن الجميع.
وولدت أم سعد لزيد عدداً من الأبناء النجباء هم : خارجة ، وسليمان ، ويحيى ، وعمارة ، وإسماعيل ، وأسعد ، وعبادة ، وإسحاق ، وحسنة ، وعمرة ، وأم إسحاق ، وأم كلثوم.

وهذه الصحابية الجليلة أم سعد هي التي حكت ما حدث لأم عمارة رضي الله عنها في غزوة أحد ، قالت رضي الله عنها : دخلت على أم عمارة رضي الله عنها فقلت لها : يا خالة أخبريني خبرك ، فقالت : خرجت أول النهار أنظر ما يصنع الناس، ومعي سقاء فيه ماء فانتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في أصحابه ، والدولة والريح للمسلمين ، فلما انهزم المسلمون انحزت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقمت أباشر القتال ، وأذب عنه بالسيف ، وأرمي عن القوس حتى خلصت الجراح إليّ ، قالت أم سعد : فرأيت على عاتقها جرحاً أجوف له غور ، فقلت لها: من أصابك بهذا ؟ قالت أم عمارة: ابن قمئة أقمأه الله ، لما ولى الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل يقول : دلوني على محمد ، لا نجوت إن نجا ، فاعترضت له أنا ومعصب بن عمير وأناس ممن ثبت مع رسول الله صل الله عليه وسلم فضربني هذه الضربة. ولقد ضربته على ذلك ضربات، ولكن عدو الله كان عليه درعان.





خولة بنت حكيم

خولة بنت حكيم بن أمية السلمية ، صحابية جليلة ، أسلمت مع المجموعة المبكرة من المسلمين ممن صافحت نسمات الإسلام أسماعهم منذ أن هبت في الأيام الأولى ، فكتبت في قائمة السابقات إلى هذا الدين.

زوجها عثمان بن مظعون من سادة المهاجرين ، وأحد أولياء الله المتقين ، وأول من دفن بالبقيع.
كانت خولة رضي الله عنها امرأة صالحة فاضلة، وهي ممن اهتم بأمور النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد كانت حريصة على إدخال السرور إلى نفسه ، قالت عائشة رضي الله عنها : لما ماتت خديجة رضي الله عنها جاءت خولة بنت حكيم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : ألا تزوج ؟ قال : (ومن) ؟ قالت: إن شئت بكراً وإن شئت ثيباً. قال: (من البكر ومن الثيب) ؟ فقالت: أما البكر فعائشة بنت أحب خلق الله إليك. وأما الثيب فسودة بنت زمعة، قد آمنت واتبعتك، قال: اذكريهما علي. قالت: فأتيت أم رومان فقلت: يا أم رومان ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبركة، قالت: ماذا ؟ قالت: رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر عائشة. قالت: انتظري فإن أبا بكر آت، فجاء أبوبكر فذكرت ذلك له. فقال: أو تصلح له وهي ابنة أخيه ؟ فقال رسول الله صل الله عليه وسلم: أنا أخوه وهو أخي، وابنته تصلح لي.

قالت: وقام أبوبكر، فقالت لي أم رومان: إن المطعم بن عدي قد كان ذكرها على ابنه، ووالله ما أخلف وعداً قط، تعنى أبا بكر. قالت: فأتى أبوبكر المطعم فقال: ما تقول في أمر هذه الجارية. قال: فأقبل على امرأته فقال لها: ما تقولين ؟ فأقبلت على أبي بكر فقالت: لعلنا إن أنكحنا هذا الفتى إليك تصبئه وتدخله في دينك. فأقبل عليه أبوبكر فقال : ما تقول أنت ؟ فقال : إنها لتقول ما تسمع ، فقام أبوبكر وليس نفسه من الموعد شيء ، فقال لها : قولي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فليأت ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فملكها ، قالت : ثم انطلقت إلى سودة بنت زمعة ، وأبوها شيخ كبير قد جلس عن الموسم فحييته بتحية أهل الجاهلية ، وقلت: أنعم صباحاً ، قال : من أنت ؟ قلت : خولة بنت حكيم ، فرحب بي ، وقال ما شاء الله أن يقول ، قلت : محمد بن عبدا لله بن عبدا لمطلب يذكر سودة بنت زمعة ، قال : كفؤ كريم ، ماذا تقول صاحبتك ؟ قلت: تحب ذلك، قال: قولي له فليأت، قالت: فجاء رسول الله صل الله عليه وسلم فملكها.

قالت: وقدم عبد بن زمعة فجعل يحثو على رأسه التراب، فقال بعد أن أسلم: إني لسفيه يوم أحثو على رأسي التراب أن تزوج رسول الله صل الله عليه وسلم سودة.

وكانت خولة رضي الله عنها كثيرة الدخول على نساء النبي صلى الله عليه وسلم فكن يكرمنها ويتفقدن شؤونها ، ويسألن عن أحوالها ، ومن ذلك ما رواه ابن سعد في طبقاته وعبد الرزاق في مصنفه من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : دخلت امرأة عثمان بن مظعون واسمها خولة بنت حكيم على عائشة وهي باذة الهيئة. فسألتها: ما شأنك ؟ فقالت ؟ زوجي يقوم الليل ويصوم النهار، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له عائشة، فلقي النبي صل الله عليه وسلم فقال: يا عثمان إن الرهبانية لم تكتب علينا، أما لك فيّ أسوة ؟ فوالله إن أخشاكم لله وأحفظكم لحدوده لأنا.

ولقد تأثر عثمان رضي الله عنه بكلام رسول الله صل الله عليه وسلم فالتفت إلى زوجه، واهتم بها، حتى إنها جاءت بعد ذلك عطرة كأنها عروس فلقن لها: مه ؟ قالت: أصابنا ما أصاب الناس.

وعاشت خولة مع زوجها عثمان بن مظعون عيشة طيبة،فلماتوفي تأثرت لوفاته، فقالت ترثيه:

يا عين جودي بدمع غيرممنـون على رزية عثمان بن مظعــون
على امرئ بات في رضوان خالقه طوبى له من فقيد الشخص مدفون
طاب البقيـع له سكنى غرقــده وأشرقت أرضه من بعد تفتيــن
وأورث القلب حزناً لا انقطاع لـه حتى الممات فما ترقا له شونـي

ومن مناقب هذه الصحابية الجليلة أن الله تعالى سماها في القرآن مؤمنة ، فقد ذكر الإمام ابن كثير في تفسيره ، تحت قوله تعالى : ( وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين) قال : قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا منصور بن أبي مزاحم ، حدثنا ابن أبي الوضاح يعني محمد بن مسلم ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة قالت: التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم خولة بنت حكيم. وقال ابن وهب ، عن سعيد بن عبدا لرحمن وابن أبي الزناد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه أن خولة بنت حكيم بن الأوقص من بني سليم : كانت من اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله صل الله عليه وسلم.





ريحانة بنت زيد


بنت عمرو بن خناقة ، من بني النضير ، وقيل : من بني قريظة .
لها زوج منهم يقال له : الحكم ، توفي عنها وهي في ملكه ، وكان محباً لها ومكرماً ، فقالت : لا أستخلف بعده أبداً .

وقعت ريحانة في سبي النبي صلى الله عليه وسلم بعد غزو بني قريظة ، وكانت ذات جمال ، فاصطفاها لنفسه ، وعرض عليها الإسلام فأبت إلا اليهودية ، فأرسل صلى الله عليه وسلم إلى ابن سعية وأخبره خبرها ، فقال ابن سعية : فداك أبي وأمي هي تسلم ، وخرج من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاءها ، وقال لها : لا تتبعي قومك ، فلقد رأيت ما أدخل عليهم حيي بن أخطب ، فأسلمي يصطفيك رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه ، وجعل يشرح لها الإسلام حتى وافقت ودخلت في الإسلام . وانقلب ابن سعية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبشرى ، وبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه سمع وقع نعلين فقال: ( إن هاتين لنعلا ابن سعية يبشرني بإسلام ريحانة ) ، وجاء ابن سعية فقال : يا رسول الله قد أسلمت ريحانة ، فسر رسول الله صل الله عليه وسلم كثيراً ، وأمر بإرسالها إلى بيت أم المنذر بن قيس ، فجلست عندها ريحانة حتى حاضت وطهرت من حيضها .

ثم جاءها الرسول صلى الله عليه وسلم في بيت أم المنذر وقـال لهـا : (إن أحببت أن أعتقك وأتزوجك فعلت ، وإن أحببت أن تكوني في ملكي أطؤك بالملك فعلت) ، واختارت أن يطأها رسول الله صل الله عليه وسلم بملك اليمين ، فأجابها لذلك .
وفي رواية قالت ريحانة : ... ثم دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتجنبت منه حياء فدعاني فأجلسني بين يديه ، فقال : (إن اخترت الله ورسوله اختارك رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه) ، فقلت : إني أختار الله ورسوله . فلما أسلمت أعتقني رسول الله صل الله عليه وسلم وتزوجني وأصدقني اثنتي عشرة أوقية ونشاً ، كما كان يصدق نساءه ، وأعرس بي في بيت أم المنذر ، وكان يقسم لي كما كان يقسم لنسائه ، وضرب عليّ الحجاب .

وعن الزهري قال : كانت أمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتقها وتزوجها ، فكانت تحتجب في أهلها ، وتقول : لا يراني أحد بعد رسول الله صل الله عليه وسلم .
وقيل : إن رسول الله صل الله عليه وسلم كان معجباً بها ، وكانت لا تسأله شيئاً إلا أعطاها ذلك ، فقيل لها : لو كنت سألته بني قريظة لأعتقهم ، فقال : لم يخل بي حتى فرّق السبي .
وروي أنها غارت عليه غيرة شديدة فطلقها تطليقة ، فأكثرت البكاء ، فدخل عليها وهي على تلك الحالة فراجعها .
ولم تزل عنده حتى ماتت مرجعه من حجة سنة عشر .

وكان تزويجه إياها في المحرم سنة ست من الهجرة ، فدفنها بالبقيع .
وقد جزم خلائق أن ريحانة كانت موطؤة له بملك اليمين .
ورجح الواقدي أمر عتقها وتزويجها في طبقاته ، وهو أثبت الأقاويل .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69948
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

نساءٌ رائدات Empty
مُساهمةموضوع: رد: نساءٌ رائدات   نساءٌ رائدات Emptyالإثنين 26 أكتوبر 2015, 9:25 am


رابعة العدوية


البصرية ، الزاهدة ، الخاشعة ، العابدة المشهورة .
أم عمرو ، رابعة بنت إسماعيل ، مولاة آل عتيك .
قال خالد بن خداش : سمعت رابعة صالحاً المريّ يذكر الدنيا في قصصه فنادته : يا صالح ، من أحب شيئاً أكثر من ذكره .
عن بشر بن صالح العتكي قال : استأذن ناس على رابعة ومعهم سفيان الثوري ، فتذاكروا عندها ساعة ، وذكروا شيئاً من الدنيا ، فلما قاموا قال لخادمتها : إذا جاء هذا الشيخ وأصحابه فلا تأذني لهم ، فإني رأيتهم يحبون الدنيا .
عن عبيس بن مميون العطار، حدثتني عبدة بنت أبي شوال ، وكانت تخدم رابعة العدوية قالت : كانت رابعة تصلي الليل كله ، فإذا طلع الفجر فكنت أسمعها تقول : يا نفس كم تنامين ، وإلى كم تقومين ، يوشك أن تنامي نومة لا تقومين منها إلا ليوم النشور .
وقال جعفر بن سليمان : دخلت مع الثوري على رابعة ، فقال سفيان : واحزناه ، فقالت : لا تكذب ، قل : واقلة حزناه .
قال ابن كثير : أثنى عليها أكثر الناس ، وتكلم فيها أبو داود السجستاني ، واتهمها بالزندقة ، فلعله بلغه عنها أمر .
وقال ابن كثير أيضاً : وقد ذكروا لها أحوالاً وأعمالاً صالحة ، وصيام نهار وقيام ليل ، ورؤيت لها منامات صالحة ، فالله أعلم .
قال أبو سعيد الأعرابي : أما رابعة فقد حمل الناس عنها حكمة كثيرة ، وحكى عنها سفيان وشعبة وغيرهما ما يدل على بطلان ما قيل عنها ، وقد تمثلته بهذا :
ولقد جعلتك في الفؤاد محدثـي وأبحث جسمي من أراد جلوسي
فالجسم مني للجـليس موانس وحبيب قلبي في الفـؤاد أنيسي

فنسبها بعضهم إلى الحلول بنصف البيت ، وإلى الإباحة بتمامه
قلت – أي الذهبي - : فهذا غلو وجهل ، ولعل من نسبها إلى ذلك مباحيّ حلوليًّ ليحتج بها على كفره كاحتجاجهم بخبر : ( كنت سمعه الذي يسمع به ) .
توفيت بالقدس الشريف ، سنة ثمانين ومائة ، وقبرها شرقيه بالطور .





سمية بنت خيَّاط


سمية بنت خياط صحابية جليلة ، من كبار الصحابيات .
وكانت من الرعيل الأول ممن دخل الإيمان في قلوبهم .
وهي أول امرأة أظهرت إسلامها ، وكانت سابعة سبعة في الإسلام.
وزوج سمية هو ياسر بن عامر الذي قدم مكة هو وأخواه الحارث ومالك من اليمن يطلبون أخاً لهم ، فرجع أخواه ، وأقام ياسر ، وحالف أبا حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، وكانت سمية أمة لأبي حذيفة ، وزوجها ياسر بن عامر ، فولدت له عماراً ، فأعتقه أبو حذيفة ثم مات أبو حذيفة ، فلما جاء الله بالإسلام أسلم عمار وأبواه وأخوه عبد الله ، وتزوج بسمية بعد ياسر الأزرق الرومي غلام الحارث بن كلدة الثقفي ، وله صحبة ، وهو والد سلمة بن الأزرق.

لقد كانت سمية من الأسرة التي ألبسها المشركون أدراع الحديد ، وصفدوهم في الشمس ، فبدأت رحلة العذاب مع سمية وزوجها وابنها عمار حيث كان المشركون يخرجونهم إلى الفضاء إذا حميت الرمضاء ليرتدوا عند دينهم ، ولكن الأسرة الصابرة تزداد صلابة وإيماناً وتسليماً ، حتى مات ياسر تحت التعذيب ، فواصلت الأسرة الياسرية رحلة الصبر والثبات ، وبدأت سمية تتحدى وتجابه بني المغيرة بن عبد الله بن مخزوم ، وتقف صامدة أمام أبي جهل الذي غدا كالمسعور من مجابهة سمية له بسخرية ، فلقد حطمت – رضي الله عنها – كبرياءه وصلفه بصبرها وثباتها ، وفطرت قلبه بعدم ذكرها رسول الله صل الله عليه وسلم – ولو بكلمة واحدة.
لم يكن أبو جهل يترك وسيلة في فتنة الناس عن الدين الصحيح إلا اتبعها ، فإن كان الرجل له شرف ومنعة أنبه وقال : تركت دين أبيك وهو خير منك ، لنسفهن حلمك ، ولنفلين رأيك ، ولنضعن شرفك ، وإن كان تاجراً قال : والله لنكسدن تجارتك ، ولنهلكن مالك ، وإن كان ضعيفاً ضربه وأغرى به.

وظلت سمية – رضي الله عنها – تتحمل العذاب ، وتصبر على أذى أبي جهل صبر الأبطال ، فلم تهن عزيمتها أو يضعف إيمانها ، ولقد تفنن الخبيث في إيذائها وإيذاء رسول الله صل الله عليه وسلم – بالكلام والشتيمة ، وذات عشي أغلظ لها الكلام ، ثم قال لها : ما آمنت بمحمد إلا لأنك عشيقته لجماله ، فما كان جوابها إلا أن أغلظت له القول فأغضبته ، ولم يكن من جبروته وغيه إلا أن طعنها بحربة في قلبها فماتت شهيدة في سبيل الله ، وصعدت روحها إلى بارئها راضية مرضية ، وهي تشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداًَ رسول الله ، فكانت بذلك أول شهيدة في الإسلام.






سيدة القصور


على ضفاف نهر بردى.. حيث غوطة دمشق .. وبين أشجار اللوز والليمون .. ولدت سيدة لم تر العين أبهى من حظها ، ولا أعرق من نسبها .. حين تطل بمحياها يختبأ المجد خجلاً من أصالتها وعظيم شرفها.

تلك هي فاطمة بنت عبد الملك بن مروان .. وليدة قصر الخضراء بيت الخلافة الأموي.. سيدة منذ نعومة أظفارها .. حملت بين آثارها خطوات ثابتة لامرأة عربية أصيلة توجت عقلها بعظمة الإسلام وأخلاق العرب المثلى .. فشبت يافعة طلقة المحيا دمثة الخلق رصينة بجمالها القرشي .. فهفت نحوها قلوب الأمراء الأمويين كل يطرق بابها خاطباً وراغباً .. لكن والدها عبد الملك تاقت نفسه لأفضلهم عقلاً وأكثرهم عزاً وأنبلهم خلقاً ابن أخيه عمر بن عبد العزيز .. ولم يتردد خليفة المسلمين في أن يعرض عليه الأمر قائلاً له : قد زوجك أمير المؤمنين ببنته فاطمة.. فرد عليه عمر : وصلك الله يا أمير المؤمنين فقد أجزيت وكفيت .. لتدخل فاطمة مروج التاريخ من أبهى بساتينه كشجرة باسقة طيبة الريح وعظيمة الأثر.. فعاشت مع زوجها عيشة الرغد والحب المعطاء .. تجمع السكينة والألفة بين نفسيهما لتصنع من زواجهما نموذجاً جميلاً في التضحية لأجل الهدف النبيل.. فاجتمع لها ما لم يجتمع لنساء الأرض قاطبة من العظمة والسؤدد والجاه والزواج السعيد.

ثم توجت أقدار السماء نعيمها على سيدة بني أمية حين توفي أخوها سليمان بن عبد الملك تاركاً الأمر من بعده لعمر بن عبد العزيز.. لتصبح حفيدة لخليفة وابنة لخليفة وأختاً لأربعة خلفاء ، ثم زوجة لخليفة.. غير أن هذا الأمر العظيم لم يكن لعمر بن عبدا لعزيز طمع فيه.. فقد وصلت إليه الخلافة مختالة تجر أذيالها وهو غير راغب بها ولا آبه لتيجانها .. بل تلقفها بوجل كبير وهم تخر له الجبال.. ناظراً إلى عرشها بقدر التكليف لا التعظيم.. ليعود أدراجه إلى منزله بعد سماعه النبأ وقد عرج على الجامع الأموي معتلياً منبره يخاطب الناس بصوت متحشرج باك .. يتوسل إليهم أن يعفوه من هم الخلافة !!! فيزداد الناس به تمسكاً وله إكباراً.. فيغادرهم على ظهر دابته رافضاً مواكب الخلافة المحلاة بأثمن الجواهر وأعظم الخيول .. تلك المواكب التي اعتاد خلفاء بني أمية ركوبها بعد اعتلائهم سدة الحكم..

ليصل إلى بيته وقد لبسه الهم والحزن.. لا يقوى على تحمل المصاب.. في وقت كانت فاطمة سعيدة بما حباها القدر من حظوة حين صارت زوجة لخليفة المسلمين فتخرج لاستقباله فرحة متزينة كعادة النساء ، بأنفس اللآلئ والحلي.. وقد علت وجنتيها إمارات السعادة والابتهاج.. لتفاجأ به مهموماً يذرف الدموع ولا يقوى لسانه على وصف الحال .. فتهدئ من روعه وتسأله عما أصابه وهو اليوم خليفة للمسلمين والآمر المطاع .. فيجيبها وقد أجهش في البكاء : يا فاطمة لقد أصبت كرباً ففكرت بالفقير الجائع والمسكين الضعيف والمظلوم المقهور فعلمت أن الله عز وجل سائلي عنهم يوم القيامة.. لتخبو بهذه الكلمات شمعة الفرح التي اشتعلت في قلبها وتستيقظ على الواقع الجديد الذي فرضته أعباء الخلافة على زوجها الحبيب.. فتعي الدرس العمري الجديد لترجع بخطاها إلى عهد خلفاء الرسول عليه الصلاة والسلام حين نظروا إلى الحكم مكلفين لا محبين.. فتعلم أنها الآن لا تقف أمام ابن عمها الأمير الأموي المدلل .. بل تقف أمام حفيد عمر بن الخطاب الذي فرق الحق عن الباطل.. وأنها منذ هذه اللحظة مقبلة على حياة ربما لن ترتضيها الكثير من النساء حين تطغى الدنيا بزخرفها الفاني على نعيم الآخرة الباقي عند ضعيفات النفوس..

لكن عمر لم يترك لها المجال لكثرة التساؤلات فقد بادرها مخاطباً بما يرتضيه لنفسه من رد الضيع والهبات التي وصلته وهو أمير إلى بيت مال المسلمين.. فلم يبق مما تحت يده إلا ما كان من حر ماله .. ولم يكن ذاك سوى بيتاً متواضعاً بسيطاً.. ويعلم عمر بن عبد العزيز بأن ابنة عمه سليلة الأمجاد وليدة القصور لن تقدر على ما اختاره لنفسه من زهد الطلب وضنك الحياة ومشقة التكليف.

فيخيرها في أمرها بين عيشة البساطة كما أراد أو يسرحها إلى بيت أبيها لتعيش كما اعتادت عليه من النعيم.. وهنا يكمن الفرق بين النساء حين تشتري المرأة عظمه القرار بكل ما في الدنيا من متاع.

فتأبى فاطمة بنت عبد الملك إلا الرضا بما اختاره زوجها الحبيب تقاسمه الدنيا بكل ما فيها من حلوها ومرها لتتوج حبها في الجنة حين تصبح أجمل الحوريات وأحبهن إلى قلب زوجها..

ولم يكتف الخليفة الزاهد بذلك.. بل ينظر إلى بريق الجواهر في معصمها وقدها كأنه جمار من نار جهنم فيردها إلى بيت مال المسلمين وفاطمة راضية بذلك.. لا تحولها الأيام عن قرارها.. فحينما توفي عمر بن عبد العزيز وآلت الخلافة الأموية إلى أخيها يزيد بن عبد الملك أعاد إليها يزيد جواهرها قائلاً : هذه جواهرك التي وهبها عمر لبيت المال قد ردت لك .. فتجيبه وقد تملكها الحزن على وفاة عمر : والله لا أطيعه حياً وأعصيه ميتاً ...

وجاء التحول السريع لحياة فاطمة من سيدة آمرة ناهية إلى امرأة بسيطة تغسل ثوب زوجها الأوحد الذي لا يملك سواه .. وتعجن العجين وتطهو الطعام بلا خدم ولا حشم.. راضية النفس مطمئنة البال باختيار لم يغير حياتها فحسب بل غير نظام الحكم الأموي ، بزمن وجيز لم يتجاوز العامين وبضعة أشهر ، وشعر به أهل الأرض قاطبة.. فقد هدأت له النفوس وعم الخير أرجاء البلاد من أقاصي الشرق عند نهر سيحون إلى أقاصي الغرب في المغرب والأندلس.. حتى أن عامل الخليفة على الصدقات ليطوف بالصدقة فلا يجد من يقبلها فلله درك يا حفيد الفاروق !!

حين جاءت الأعرابية تريد لقاء الخليفة فدلها الناس على بيته البسيط .. فطرقته لتفتح لها الباب امرأة امتلأت يداها بالعجين ، فسألتها الأعرابية عن الخليفة عمر بن عبد العزيز، فطلبت منها المرأة أن تنتظر للحظات ريثما يأتي الخليفة.. وإذا بجانب حائط البيت رجل يصلح الجدار ، وقد علقت بقع الطين بيديه وثوبه.. فنظرت الأعرابية إليه مستغربة من جلوس هذه المرأة التي تعجن العجين أمام هذا الطيان الغريب لم تتستر منه .. فبادرتها بالسؤال عن هذا الطيان ؟ وكيف تجلس أمامه دون أن تستر نفسها ؟ فتجيبها ضاحكة : إنه أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز وأنا زوجته فاطمة..!!

تلك هي سيدة بني أمية التي حفرت في أعماق التاريخ بصمات واضحة لحسن الاختيار.. فكانت نبراساً يهتدي بها نساء المسلمين إلى قمة العظماء..

رحم الله فاطمة بنت عبد الملك.







فاطمة بنت عبد الملك

ابنة خليفة وأخت الخلفاء وزوج الخليفة عمر بن عبد العزيز
اسمها ونسبها:
هي فاطمة بنت الخليفة عبد الملك بن مروان، وأخت الخلفاء الأمويين: الوليد وسليمان وهشام أبناء عبد الملك. وزوج عمر بن عبد العزيز الخليفة الصالح والذي جعله المؤرخون خامس الخلفاء الراشدين، وفيها قال الشاعر :
بنت الخليفة والخليفة جدها أخت الخلائف والخليفة زوجها

ولا يعرف امرأةٌ بهذه الصفة إلى يومنا هذا سواها، رحمها الله. يقول المؤرخون: لا نعرف امرأة بهذه الصفة إلى يومنا هذا سواها.. كانت من أحسن النساء، النسيبة، الحسيبة، بنت الخليفة، ربيبة القصور، كانت ذا عقل كبير، وتدين عظيم.

صفاتها :
كانت فاطمة بنت عبد الملك حسنة جميلة بارعة الجمال ، تقية ورعة في دين الله ، متواضعة في عزة ، صابرة على الطاعة ابتغاء وجه الله والدار الأخرة، مخلصة لبعلها ، صحبت زوجها عمر بن عبد العزيز فأحسنت صحبته، وصبرت معه على زهد وتقشف، وروت عنه شيئا كثيرا. ولفاطمة ابنة عبد الملك مواقف رائعة مع زوجها عمر بن عبد العزيز فهي مثال للمرأة المسلمة والزوجة الصالحة وقدوة مضيئة لمن أراد أن يقتدي بسيدة فاضلة.
وروى عنها المغيرة بن حكيم الصنعاني اليماني، وعطاء بن أبي رباح، وأبو عبيدة بن عقبة بن نافع الفهري، ومزاحم مولى عمر. وكانت دارها بدمشق دار الضيافة التي أصبحت مأوى للعميان في العقبة خارج الفراديس

فاطمة بنت عبد الملك وشعر الغزل :
أورد صاحب الأغاني أبو الفرج الأصفهاني روايات لا يمكن أن تصدق على امرأة حرة مسلمة عادية ، فكيف بها أن تصدق على فاطمة بنت عبد الملك وزوج الخليفة العادل الزاهد عمر بن عبد العزيز، ولا أورد الحكاية هنا إلا لكي تنتبه المرأة المسلمة من الوقوع في مزالق المؤرخين ، وخاصة ما ورد في كتاب الأغاني عن بعض الخلفاء والصالحين من انغماسهم بالخمر والمجون والغواني.

روى عن أبي بكر القرشي أنه قال:
كان عمر بن ابي ربيعة جالسا بمنى في فناء مضربه وغلمانه حوله، إذا أ قبلت امرأة برزة ليها أثر النعمة، فسلمت، فرد عليها عمر السلام، فقالت له :أنت عمر بن أبى ربيعة؟ فقال لها: أنا هو، فما حاجتك؟ قالت له: حياك الله وقرّبك، هل لك في محادثة أحسن الناس وجها، وأتمّهم خلقا، وأكملهم أدبا، وأشرفهم حسبا؟ قال: ما أحب إليّ ذلك! قالت: على شرط. قال: قولي. قالت: تمكنني من عينيك حتى أشدهما وأقودك، حتى إذا توسّطت الموضع الذي أريد حللت الشّدّ، ثم أفعل بك عند إخراجك حتى أنتهي بك إلى مضربك. قال: شأنك، ففعلت ذلك به. قال عمر: فلمّا انتهت بي إلى المضرب الذي أرادت كشفت عن وجهي، فإذا أنا بامرأة على كرسي لم أرى مثلها قطّ جمالا وكمالا، فسلّمت وجلست.
فقالت: أأنت عمر بن ربيعة؟
قلت:أنا عمر.
قالت: أنت الفاضح للحرائر؟
قلت: وما ذاك جعلني الله فداءك؟
قالت: ألست القائل:
قالت وعيش أخي ونعمة والدي لأنبهنّ الحي إن لم تخـــرج
فخرجت خوف يمينها فتبسمت فعلمت أن يمينها لم تحـــرج
فـتناولت رأسي لتعرف مسّه بمخضب الأطراف غير مشنـّج
فلثمت فاها آخذا بقرونهـــا شرب النزيف ببرد ماء احشرج

ثم قالت: قم فاخرج عنّي، ثم قامت من مجلسها. وجاءت المرأة فشدّت عيني، ثم أخرجتني حتى انتهت بي إلى مضربي. وانصرفت وتركتني. فحللت عيني وقد دخلني من الكآبة والحزن ما الله به اعلم. وبتُّ ليلتي، فلما أصبحت إذا أنا بها؛ فقالت: هل لك في العَود؟ فقلت: شانك. ففعلت بي مثل فعلها بالأمس، حتى انتهت بي إلى الموضع. فلما دخلت إذا بتلك الفتاة على كرسي. فقالت: إيهِ يا فضّاح الحرائر! قلت: بماذا جعلني الله فداك؟ قالت : قولك:
وناهدة الثديين قلت لها اتّكي على الرمل من جبّانة لم توسـد
فقالت على اسم الله أمرك طاعة وإن كنت قد كلّفت ما لم أُعـوّد
فلماّ دنا الإصباح قالت فضحتني فُقم غير مطرود وإن شئت فازدَد

ثم قالت: قم فاخرج عنّي. فقمت فخرجت ثم رددن. فقالت لي: لولا وشك الرّحيل، وخوف الفوت، ومحبتّي لمناجاتك والاستكثار من محادثتك، لأقصيتك، هات الآن كلمني وحدثني وأنشدني. فكلمت آداب وأعلمهم بكل شي. ثم نهضت وأبطأت العجوز وخلا لي البيت، فأخذت أنظر، فإذا أنا بتور فيه خلوق، فأدخلت يدي فيه ث خبأتها في ردني. وجاءت تلك العجوز فشدت عيني ونهضت بي تقودني، حتى إذا صرت على باب المضرب أخرجت يدي فضربت بها المضرب، ثم صرت إلى مضربي، فدعوت غلماني فقلت: أيكم يقفني على باب مضرب عليه خلوق كأنه أثر كفّ فهو حر وله خمسمائة درهم. فلم ألبث أن جاء بعضهم فقال: قم. فنهضت معه، فإذا أنا بالكف طرية، وإذا امضرب مضرب فاطمة بنت عبدالكلك ابن مروان. فأخذت في أهبة الرحيل، فلما نفرت نفرت معها، فبصرت في طريقها بقباب ومضرب وهيئة جميلة، فسألت عن ذلك، فقيل لها: هذا عمر بن أبي ربيعة؛ فساءها أمره وقالت للعجوز التي كانت ترسلها إليه: قولي له نشدتك الله والرحم أن لا تصحبني ويحك! ما شأنك وما الذي تريد؟ انصرف ولا تفضحني وتشيط بدمك. فسارت العجوز إليه فأدت إليه ما قالت لها فاطمة. فقال: لست بمنصرف أو توجه إليّ بقميصها الذي يلي جلها؛ فأخبرتها ففعلت ووجهت إليه بقميص من ثيابها؛ فزاده ذلك شغفا. ولم يزل يتبعهم لا يخالطهم، حتى إذا صاروا على أميال من دمشق انصرف وقال في ذلك:

ضاق الغداة بحاجتي صدري ويئست بعد تقارب الأمر
وذكرت فاطمة التي علقته عرضا فيا لحوادث الدهـر

وفي هذه القصيدة مما يغني فيه قوله:
مــمكورة ردع العبير بها جمّ العظام لطيفة الخضر
وكأن فاها عنــد رقدتهـا تجري عليه سلافة الخمر

وروى عن أبي معاذ القرشي قال:
لما قدمت فاطمة بنت عبد الملك بن مروان مكة جعل عمر بن أبي ربيعة يدور حولها ويقول فيها الشعر ولا يذكرها باسمها فرقا من عبد الملك بن مروان ومن الحجاج، لأنه كان كتب إليه يتوعدّه إن ذكرها أو عرض باسمها. فلما قضت حجها وارتحلت أنشأ يقول:
كدت يوم الرّحيل اقضي حياتي ليتني مت قبل يوم الرحيل
لا أطـيق الكلام من شدة الخو ف ودمعي يسيل كلّ مسيل
ذرفـت عينها وفاضت دموعي وكلانا يلقي بلبّ أصــيل
لـو خلت خلتي أصبت نوالا أو حديثا يشفي من التنويل
ولـظل الخلخال فوق الحشايا مثل أثناء حية مقـــتول
فلقد قالت الحـبيبة لــولا كثرة الناس جدت بالتقبيل

كلام فاطمة بنت عبد الملك في زوجها عمر بن عبد العزيز:
روى أن محمد بن الليث عن عطا قال: قلت لفاطمة بنت عبد الملك: أخبريني عن عمر بن عبد العزيز. فقالت: أفعل ولو كان حياً ما فعلت؛ إن عمر – رحمه الله- كان قد فرغ للمسلمين نفسه، ولأمورهم ذهنه، فكان إذا أمسى مساء لم يفرغ فيه من حوائج يومه، دعا بسراجه الذي كان يسرج له من ماله، ثم صلى ركعتين، ثم أقعى واضعا رأسه على يديه، تسيل دموعه على خديه، يشهق الشّهقة يكاد ينصدع لها قلبه، أو تخرج لخلها نفسه، الشيء كان منك ما كان؟ قال: أجل فعليك بشانك، وخلّني و شأني، فقلت: إني أرجو إن أيقظ، فقال: إذن أخبرك إني نظرت فوجدتني قد وليت أمر هذه الأمة أحمرها وأسودها، ثم ذكرت الفقير الجائع، والغريب الضائع، والأسير المقهور، وذا المال القليل، والعيال الكثير، وأشياء من ذلك، في أقاصي البلاد وأطراف الأرض، فعلمت أن الله عز ّوجل سائلي عنهم، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم حججي، لا يقبل الله منّي فيهم معذورة، ولا تقوم لي مع رسول الله صل الله عليه و سلم حجّة، فرحمت والله يا فاطمة نفسي رحمة دمعت لها عيني، وجمع لها قلبي، فأنا كلما ازددت ذكراً ازددت خوفاً فأيقظي أو دعي.

ولما مات عمر بن عبد العزيز – رحمه الله – عنها، تزوجها داود بن سليمان بن مروان وكان قبيح الوجه، فقال في ذلك موسى شهوات:
أبعد الأغرّ بن عبد العزيز قريع قريش إذا يذكر
تـزوجت داود مختارة ألا ذلك الخلف الأعور

فكانت إذا سخطت عليه تقول: صدق والله موسى إنك لأنت الخلف الأعور، فيشتمه داود.

وفاتهـا:
توفيت فاطمة بنت عبد الملك - يرحمها الله – في خلافة هشام بنت عبد الملك.



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69948
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

نساءٌ رائدات Empty
مُساهمةموضوع: رد: نساءٌ رائدات   نساءٌ رائدات Emptyالإثنين 26 أكتوبر 2015, 9:27 am


عائشة التيموريـِّة

حين تشرق شمس بعد غروب طويل يزهر الفضاء بسواسن اشتاقت لشعاعها.. ويحلو للعصفور التحليق في سمائها بحثاً عن أشعة نسجتها على طريق النور..
هكذا أنظر إلى سيدتي التي أنا بصدد الحديث عنها إذ أراها شمساً أطلت على سماء المرأة المسلمة بعد انقطاع دام قروناً.. فقدت خلالها المرأة أهميتها ودورها في بناء لبنات المجتمع.. وبات من يعرف كيف يفك الخط عالماً.. ومن يحسن قراءة القرآن شيخ زاوية .. وأضحى الموروث من العرف أقوى في ألباب الناس من النهج الرباني.. فغدت المرأة متاعاً ووعاء ليس إلا !!!!

في هذا الموج الشديد الظلمة وخلف أستار ليله الدامس ولدت شاعرتنا عائشة هانم تيمور في القاهرة سنة 1840 لأب تركي كان ساعداً من سواعد محمد علي فارتقى في السلك الحربي حتى بلغ مرتبة الباشوية.. لكن تكوينه العسكري لم يمنعه من الاهتمام بالأدب والثقافة أكثر من اهتمامه بالحرب .. ويبدو أن عائشة تأثرت به فظهر حبها للعلم من نعومة أظفارها .. ومالت للقراءة أكثر من الحياكة والتطريز.. وتجلى اهتمامها بالقرطاس أكثر من الغسل والطبخ الأمر الذي لم يكن مألوفاً في عصر أقصى ما تتعلمه المرأة هو الأعمال المنزلية والتطريز !!!

كانت والدة عائشة تيمور من ربات الخدور اللواتي يسعين إلى تعليم بناتهن ما ينفعهن في حياتهن الزوجية فحسب .. فلم تقبل بميول ابنتها وعملت على تعنيفها حرصاً منها على تعلم ما يصلح لها .. خاصة وأن ذلك العصر كان يقيس المرأة بمقاييس العرف السائد.. لكن والدها كان له موقف معاكس من والدتها.. فما لبث أن اهتم بموهبة ابنته الأدبية وعمل على تشجيعها .. ولما كان عصرها مقتصراً على الكتاب ومدارس الذكور التي لم تحظ بها سوى المدن الكبرى فقد جلب لها المعلمين والمعلمات لتعلم القرآن الكريم والفقه والخط والشعر وعلم العروض.. مما ساهم في صقل موهبتها وظهورها بشخصية تختلف عن بنات عصرها .. واستمرت على ما شغف به قلبها يجذبها العلم بحباله المتينة أكثر مما تستهويها مجالس النساء وحكايات القيل والقال .. فنفرت مما اعتادت عليه بنات جيلها لتنزوي خلف أبواب مجالس الأدب التي اعتاد والدها أن يقيمها في بيته تستمع لأقوال الأدباء والشعراء دون أن يعلم بها أحد.. الأمر الذي أدى إلى حدوث صراع بين الأم والأب عبرت عنه في مقدمة ديوانها (حلية الطراز) حين قالت: ( وكانت أمي تعنفني بالتكدير والتهديد، فلم أزد إلا نفوراً ، وعن صفة التطريز قصوراً ، فبادر والدي ، تغمد الله بالغفران ثراه ، وجعل غرف الفردوس مأواه ، وقال لها : دعي هذه الطفيلة للقرطاس والقلم ، ودونك شقيقتها ، فأدبيها بما شئت من الحكم ، ثم أخذ بيدي وخرج بي إلى محفل الكتاب).

وما إن بلغت عائشة تيمور الرابعة عشرة من عمرها حتى تزوجت من محمد توفيق زاده فعاشت معه كسيدة أرستقراطية.. يحفل منزلها بالخدم والحشم.. فلم تصرف وقتها بين دور الأزياء وصالونات الشعر كما تفعل النساء.. بل عكفت في أوقات فراغها على كتب الصرف والنحو والعروض حتى أتقنت اللغة العربية إلى جانب إتقانها للغتين الفارسية والتركية .. فكتبت باللغات الثلاث دواوين شعرها التي تركتها نموذجاً لانبلاج فجر الوعي في حياة المرأة المسلمة بعد كبوة طويلة.

وشاءت الأقدار أن تمتحن عائشة في ابنتها ( توحيدة ) التي ماتت ولها من العمر عشر سنوات .. ويبدو أن توحيدة كانت برعم شجرة باسقة من أمها عائشة فحزنت لفراقها أيما حزن .. وأطلقت المراثي والآهات التي جاء منها :
أمــاه لا تنسي بحق بنوتي قبـري لئلا يحزن المقبـور
ورجاء عفو أو تـلاوة منزل فسواك من لي بالحنين يزور
فلعلما أحظى برحمة خالــق هــو ربنا راحم وغفــور

استمرت عائشة تبكي ابنتها سبع سنوات حتى أصيبت بالرمد ونصحها الأطباء والمقربون بأن تخرج من هالة حزنها .. فانصرفت تواسي نفسها بقراءة القرآن عاكفة على دراسته ، وتنهل من الحديث الشريف الأمر الذي أضفى على حياتها إجلالاً وإكباراً ، وأكسب قلمها مزيداً من السمو.. فأطلقت لكتاباتها الشعرية والنثرية العنان تشدو في الكثير من المجالات التي عاصرتها مطالبة المجتمع بتهذيب الفتيات وتعليمهن .. وصرفت جل اهتمامها لتحقيق هذا الهدف .. فكانت كما وصفها معاصروها درة يتيمة في عصر الرجال...

اشتهرت عائشة تيمور بقصيدتها التي جاء فيها :

بيد العفاف أصون عز حجابي وبعصمتي أسمو على أترابـي
ولقد نظمت الشعر شيمة معشر قبلي ذوات الخدر والأحسـاب
عوذت من فكري فنون بلاغتي بتيمية غراء وحرز حجــاب
ماساءني خدري وعقد عصابتي وطراز ثوبي واعتزاز رحابـي

هذه عائشة تيمور سباقة عصرها في الخروج من قيد العادات البالية وظلمة الأعراف التي لم ينزل الله عز وجل بها سلطاناً إلى نور نسج ظلاله على ثوبها المخملي.. تتوج حياتها الاجتماعية الأرستقراطية بدرر العلم والثقافة بدلاً من الألماس والذهب .. فهل لنا بالخروج أيتها المرأة المسلمة من دنيا السطحية إلى عالم الثقافة الحقيقية لنرقى وترقى أمتنا بين الأمم.





عائشة بنت طلحة بن عبيد الله

إبنت عبيد الله التيمية ، ابنة أم كلثوم أخت أم المؤمنين عائشة .
تزوجها ابن خالها عبد الله بن عبد الرحمن الصديق .
ثم تزوجت بعده أمير العراق مصعب بن الزبير ، فأصدقها مصعب مائة ألف دينار .
عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه قال : اجتمع في الحجر مصعب وعروة وابن الزبير وابن عمر ، فقال عبد الله بن الزبير : أما أنا فأتمنى الخلافة ، وقال عروة : أما أنا فأتمنى أن يؤخذ عني العلم ، وقال مصعب : أما أنا فأتمنى إمرة العراق والجمع بين عائشة بنت طلحة وسكينة بنت الحسين ، وقال عبد الله بن عمر : أما أنا فأتمنى المغفرة .
قال : فنالوا كلهم ما تمنوا ، ولعل ابن عمر قد غفر الله له .
قيل : كانت أجمل نساء زمانها وأرأسهن .
لما قتل زوجها مصعب بن الزبير تزوجها عمر بن عبيد الله التيمي فأصدقها ألف ألف درهم .
وفدت على هشام بن عبد الملك فاحترمها ووصلها بجملة كبيرة .
عن إبراهيم أن عائشة بنت طلحة قالت : إن تزوجت مصعباً فهو عليها كظهر أمها ، فتزوجته ، فسألت عن ذلك فأمرت أن تكفر ، فأعتقت غلاماً لها ثمن ألفين .

بقيت إلى قريب من سن عشر ومائة بالمدينة .





عاتكة بنت زيد

عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل القرشية، صحابية كريمة، هي أخت سعيد بن زيد أحد العشرة المبشرين بالجنة.

أمها أم كريز بنت الحضرمي، وخالها العلاء بن الحضرمي الصحابي المشهور، وخالتها الصعبة بنت الحضرمي أم طلحة بن عبيد الله أحد العشرة المبشرين بالجنة أيضاً.
اشتهرت عاتكة بنت زيد بين نساء قريش بالبلاغة والفصاحة، وقول الشعر، ورجاحة العقل.

وكانت عاتكة رضي الله عنها ذات خلق بارع، وصاحبة عقل راجح ورأي سديد، تزوجها عبد الله بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، وكان شديد التعلق بها حتى انشغل عن كثير من أموره، فأمره والده بطلاقها، وعزم عليه بذلك فلم يسعه أن يخالف أمره، فطلقها واحدة وقال:

يقولون طلقها وخيم مكانهـا مقيماً تمني النفس أحلام نائم
وإن فراقي أهل بيتي جميعهم على كره منى لإحدى العظائم

غير أن عبد الله تألم أشد الألم لفراق زوجه حتى أثر فيه ذلك، وشعر والده بذلك، وعرف تعلقه بعاتكة فرقّ له لشدة حبه لها فأذن له أن يراجعها، فارتجعها، وقال حين راجعها:

ليهنك أني لا أرى فيك سخطة وأنك قد حلت عليك المحاسن
فإنك ممن زين الله أمـــره وليس لما قد زين الله شائـن

وقد كان خبر عبد الله بعد ذلك أنه شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم – الطائف، فرمي بسهم فأصابه، فانتقض الجرح بعد وفاة رسول الله صل الله عليه وسلم بأربعين ليلة، فمات على أثر ذلك الجرح، فقامت زوجة عاتكة ترثيه وتقول:
رزيت بخير الناس بعد نبيهـم وبعد أبي بكر وما كان قصرا
فآليت لا تنفك عيني سخينــة عليك ولا ينفك جلدي أغبـرا
مدى الدهر ما غنت حمامة أيكة وما طر الليل الصباح المنورا
فالله عيناً من رأى مثل لهفتـي أكر وأحمى في الجهاد وأصبرا
إذا شرعت فيه الأسنة خاضها إلى الموت حتى يترك الرمح أحمرا

وبعد وفاة عبد الله تزوجت عاتكة من عمر بن الخطاب، سنة اثنتي عشرة من الهجرة، فاحتلت عنده مكانة رفيعة، واقتبست كثيراً من علمه وزهده، وعندما قتل رضي الله عنه بخنجر أبي لؤلؤة المجوسي قامت عاتكة ترثيه وتقول:
عين جودي بعبرة ونحيـــب لا تملي على الإمام النجيـب
قل لأهل الضراء والبؤس موتوا قد سقته المنون كأس شعوب

ثم تزوجت عاتكة بعد عمر من الزبير بن العوام – رضي الله عنه – عاشت معه إلى أن قتل الزبير غيلة يوم الجمل بوادي السباع، قتله عمرو بن جرموز سنة ست وثلاثين من الهجرة، فرثته قائلة:

غدر ابن جرموز بفارس بهمة
يوم اللقاء وكان غير معـرد
ياعمرو لو نبهته لوجدتـــه لا طائشاً رعش البنان ولا اليد
ثكلتك أمك إن ظفرت بمثلــه فيما مضى مما تروح وتغتدي
كم غمــرة خاضـها لم تثنه عنها طرادك يا ابن فقع الفدفد
والله ربك إن قتلت لمسلمــاً حلت عليك عقـوبة المتعمـد

توفيت عاتكة في أول خلافة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه – سنة إحدى وأربعين.




عاتكة بنت عبد المطلب

بن هاشم ، القرشية ، الهاشمية .
عمة رسول الله صل الله عليه وسلم ، وأخت والده عبد الله .
تزوجت في الجاهلية من أمية بن المغيرة ، والد أم سلمة زوج النبي صل الله عليه وسلم ، فأنجبت له عبد الله وزهير ، فأما عبد الله فقد أعرض عن الإسلام ، وأما زهير فقد أسلم وكان أحد الساعين في نقض صحيفة المقاطعة .
أسلمت عاتكة في مكة مع اللواتي بايعن رسول الله صل الله عليه وسلم في مكة ، ثم هاجرن معه إلى المدينة المنورة .
رأت قبل غزوة بدر أن صارخاً أقبل على بعير له ، حتى وقف بالأبطح ، ثم صرخ بأعلى صوته : ألا انفروا يا لغدر لمصارعكم في ثلاث ، صرخ بها ثلاث مرات ، فأرى الناس اجتمعوا عليه ، ثم دخل المسجد والناس يتبعونه ، فبينما هم حوله مثل به بعيره على ظهر الكعبة ، ثم صرخ بمثلها ثلاثاً : ألا انفروا يا آل غدر إلى مصارعكم ، في ثلاث . ثم مثل به بعيره على رأس جبل أبي قبيس فصرخ بمثلها ثلاثاً ، ثم أخذ صخرة من جبل أبي قبيس فأرسلها ، فأقبلت تهوي ، حتى إذا كانت بأسفل الجبل تفتت منها فلقة ، ولم يدخل داراً ولا بيتاً من بيوت بني هاشم ولا بني زهرة من تلك الصخرة شيء . فلما كان اليوم الثالث من رؤياها سمع أهل مكة صوت ضمضم بن عمرو الغفاري ، و هو يصرخ ببطن الوادي ، واقفاً على بعيره ، قد جدع بعيره وحوله رحله ، وشق قميصه ، وهو يقول : يا معشر قريش ! اللطيمة اللطيمة ! أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمد في أصحابه لا أرى أن تدركوها ! الغوث الغوث !
وبعد صدق رؤيا عاتكة وانتصار المسلمين في بدر زاد الله في قلب عاتكة حبها لله ولرسوله صل الله عليه وسلم .

حين رأت جموع كفار قريش آيبة منهزمة أخذت تجهز نفسها للهجرة إلى المدينة المنورة حتى أدركتها المنية.





فاطمة بنت أسد القرشية الهاشمية

والدها : أسد بن هاشم بن عبد مناف .
زوجها عم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو طالب ، وهي أم ربيب النبي صل الله عليه وسلم علي بن أبي طالب ، وأم إخوته : طالب وعقيل وجعفر ، وأم هانئ وجمانة وريطة ، وكلهم أبناء أبي طالب .
لما كفل أبو طالب النبي صل الله عليه وسلم بعد وفاة أبيه أشرفت فاطمة على تربيته .
وبعد وفاة أبي طالب شرح الله صدرها للإسلام فبايعت رسول الله صل الله عليه وسلم ، وهاجرت إلى المدينة .
كان رسول الله صل الله عليه وسلم يكثر زيارتها ، ويقيل في بيتها .
فرحت فاطمة بزواج ابنها علي من فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعاشت مع ابنها علي وزوجه في الدار ، وقال علي لأمه : لو كفيت فاطمة بنت رسول الله صل الله عليه وسلم سقاية الماء والذهاب في الحاجة ، وكفتك في الداخل الطحن والعجن ؟ فتراضوا على ذلك .
توفيت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، قال علي بن أبي طالب : لما ماتت فاطمة بنت أسد بن هاشم كفنها رسول الله صل الله عليه وسلم في قميصه ، وصلى عليها ، وكبر عليها سبعين تكبيرة ، ونزل في قبرها، فجعل يومي في نواحي القبر كأنه يوسعه ويسوي عليها ، وخرج من قبرها وعيناه تذرفان ، وكان قد جثا في قبرها . وفي رواية : أنه اضطجع معها في قبرها .
ولما ذهب اقترب منه عمر بن الخطاب وقال: يا رسول الله ! رأيتك تفعل لهذه المرأة شيئاً لم تفعله على أحد من قبل ، فقال صل الله عليه وسلم : ( يا عمر ، إن هذه المرأة كانت بمنزلة أمي التي ولدتني ، إن أبا طالب كان يصنع الصنيع وتكون له المأدبة ، وكان يجمعنا على طعامه ، فكانت هذه المرأة تفضل منه كله نصيبنا فأعود به ) .
وفي رواية : لما سئل عن سر صنيعه بقبرها قال : ( إنه لم يكن بعد أبي طالب أبر بي منها ! إنما ألبستها قميصي لتكسى من حلل الجنة ، واضطجعت في قبرها ليهون عليها عذاب القبر ) .





كبشة بنت رافع

كبشة بنت رافع واحدة من المسلمات المجاهدات اللاتي رافقن الرسالة النبوية الشريفة منذ أن أشرقت أنوارها في المدينة المنورة.
وهذه الصحابية الجليلة قدمت للإسلام خدمات عظيمة، ففي بيتها ترعرعت نواة الإسلام ، ومن ثنايا دارها فاحت روائح الطيب في المدينة المنورة كلها ، فانتشر فيها الإسلام ، فكانت بركة وخيراً في الدنيا كلها.
وهذه الصحابية الكريمة هي أم سعد بن معاذ الذي اهتز عرش الرحمن لموته. نعم هي أم من حكم بحكم الله من فوق سبع سموات.
وكانت كبشة زوجة لمعاذ بن النعمان من بني الأشهل، وقد ولدت له سعداً وعمراً وإياساً وأوساً وعقرب وأم حزام.
أسلمت كبشة ، وبايعت رسول الله صل الله عليه وسلم ، وكان لها أثر كبير في تاريخ نساء الإسلام ، وقد أثرت التاريخ بمواقف رائعة جعلتها من الأوائل في عالم نساء الصحابة ، فما أن سطعت شمس الهداية ، وأشرقت المدينة بنور الإسلام حتى سارعت كبشة – أم سعد – لتساهم بدورها في نصرة الإسلام مهما كلفهاذلك من ثمن.
لقد كانت أم سعد رضي الله عنها من السابقات في مضمار الخير ، حيث كانت أول من بايع النبي صل الله عليه وسلم مع أم عامر بنت يزيد بن السكن ، وحواء بنت يزيد بن السكن.

ولقد كان لها رضي الله عنها وقفات إيمانية تدل على جهادها وصبرها ، فقد خرجت في غزوة أحد مع من خرج من النساء ينظرن إلى سلامة رسول الله صلى الله عليه وسلم – بعد أن وردت الأخبار إلى المدينة باستشهاد عدد من المسلمين ، وكان من بينهم ابنها عمرو بن معاذ رضي الله عنه لكن الأم المجاهدة كانت ترجو سلامة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأقبلت مسرعة نحو أرض المعركة ، فلما علمت بسلامة رسول الله صل الله عليه وسلم حمدت الله تعالى واعتبرت مصيبتها هينة.
وكان عمرو بن معاذ رضي الله عنه يجالد في صفوف المشركين حتى لقيه ضرار بن الخطاب فقتله وكان يومئذ ما يزال على شركه.

ومن مواقف الصبر والجهاد لهذه الصحابية الجليلة موقفها يوم الخندق حين كانت مع أم المؤمنين عائشة رضي الله عنهما في حصن بني حارثة ، وقد كان رسول الله صل الله عليه وسلم وأصحابه حين خرجوا إلى الخندق قد رفعوا الذراري والنساء في الحصون مخافة العدو عليهم ، قالت عائشة رضي الله عنها : فمر سعد بن معاذ وعليه درع مقلصة – قصيرة – قد خرجت منه ذراعه كلها ، وفي يده حربة يرفل بها وهو يرتجز بيتاً من الشعر لحمل بن سعدانة الكلبي ويقول :
لبثت قليلاً يشهد الهيجا حَمَل لا بأس بالموت إذا حان الأجل

فقالت أم سعد رضي الله عنها : الحق يا بني فقد والله أخرت ، وبهذه الكلمات تظهر لنا شجاعة أم سعد وحرصها على ابنها أن لا تفوته لحظة دون أن يحظى بمعية رسول الله صل الله عليه وسلم .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69948
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

نساءٌ رائدات Empty
مُساهمةموضوع: رد: نساءٌ رائدات   نساءٌ رائدات Emptyالإثنين 26 أكتوبر 2015, 9:29 am

معاذة بنت عبد الله

السيدة العالمة

أم الصهباء ، العدوية ، البصرية ، العابدة .
زوجة السيد القدوة صلة بن أشيم .
لما أهديت معاذة إلى صلة أدخله ابن أخيه الحمام ، ثم أدخله بيت العروس بيتاً مطيباً ، فقام يصلي فقامت تصلي معه ، فلم يزالا يصليان حتى برق الصبح ، قال : فأتيته فقلت له : أي عم أهديت إليك ابنة عمك الليلة فقمت تصلي وتركتها ؟ قال : إنك أدخلتني بيتاً أول النهار أذكرتني به النار ، وأدخلتني بيتاً آخر النهار أذكرتني به الجنة ، فلم تزل فكرتي فيهما حتى أصبحت .
البيت الذي أذكره به النار هو الحمام ، والبيت الذي أذكره به الجنة هو بيت العروس .
بلغنا أنها كانت تحيي الليل عبادة ، وتقول : عجبت لعين تنام ، وقد علمت طول الرقاد في ظلم القبور .
ولما استشهد زوجها صلة وابنها في بعض الحروب ، اجتمع النساء عندها ، فقالت: مرحباً بكن إن كنتن جئتن للهناء ، وإن كنتن جئتن لغير ذلك فارجعن .
وكانت تقول : والله ما أحب البقاء إلا لأتقرب إلى ربي بالوسائل ، لعله يجمع بيني وبين أبي الشعثاء وابنه في الجنة .

توفيت سنة ثلاث وثمانين .




موضي بنت أبي وطبان

ألف ومائة عام مضت على إشراقة نور الإسلام في جزيرة العرب حملت معها تعاليم خير أضاءت على البشرية جمعاء تنثر دفء وهجها على ملايين من البشر الموحدين لبارئهم والمصلين على نبيهم الهادي الأمين.. لكن هذه الشمس فقدت مع الأيام أرضاً أنجبتها فاعتلت الظلماء البطاح وبات الجهل معولاً يهدم أركان الدين وبدأت براثن الأصنام المؤودة ترفع رؤوسها الشيطانية في سماء جزيرة العرب.. واشرأبت أعناق الشرك حين زين الشيطان للإنسان سوء عمله.. فحلت البدعة مكان السنة ، والجهل مكان العلم ، وسادت الخرافات والمعتقدات الفاسدة أرضاً طالما استقبلت وحي السماء.. فتهافتت جموع الجهلاء سجداً للقبور تيمناً بقدرها.. ودانت الأعناق خضوعاً لشهوات النفوس الأمارة بالسوء لا تعبأ بدين ولا خلق.. فانتشر الفساد في أرجاء البلاد وعمت الفوضى نفوس العباد.. وبات حكام ذاك الزمان يتنافسون على وثائر السيادة لا يبالون بما حل على أرضهم الطاهرة.. ولا يقيمون وزناً لصلاح الدين بقدر ما يتحمسون دفاعاً عن عنجهية السيادة طمعاً في استعباد جموع الجهلاء.. فغدت المدارس ودور العلم عملة نادرة في عصر الجهل وفقر العقول.. فكان لا بد للحال من إصلاح يقوّم هذا الاعوجاج الذي تطاول على أصول العقيدة لتعود الأمة من جديد إلى نور الإسلام فكانت دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب.

وقف الشيخ المصلح رافضاً لمظاهر الجهل راغباً في تجديد دماء الإسلام في نفوس المسلمين.. هادفاً إلى استبدال عتمة القلوب بصلاح النفوس.. لكن الحمقى من الجهلاء الذين خافوا على أنفسهم مغبة انقطاع سيادتهم عملوا على محاربة الدعوة بالتحريض تارة والتهديد بقتل الشيخ تارة أخرى.. مما اضطر الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى الانتقال من بلدة إلى أخرى أملاً في أن يهيئ الله لهذه الدعوة المباركة من يساندها من حكام المنطقة.. حتى وصلت به الطريق إلى الدرعية فنزل فيها متخفياً في دار أحد مناصريه ويدعى عبد الله بن سويلم.. الذي كتم أمره خوفاً من بطش أمير الدرعية محمد بن سعود ظناً منه أن الأمير سيقف حجراً عاثرة في وجه الدعوة كما فعل غيره من أمراء نجد.. لكن الشيخ استطاع إسكان هذا الخوف حين قال له : سيجعل الله لنا فرجاً ومخرجاً..

استمر تخفي الشيخ في دار ابن سويلم إلى ما شاء الله حتى بدأ نور هذه الدعوة ينتشر بين أرجاء الدرعية.. فأضحت دار ابن سويلم موئلاً لطلاب الحق يبحثون عنه من كل رمضاء نجد حتى وصلت الدعوة إلى مسامع قصر الأمير واعتنقها اثنان من إخوته هما مشاري وثنيان ، بل إنها وصلت إلى مخدع الأمير حين اقتنعت بها زوجته موضي بنت أبي وطبان تلك السيدة التي كانت صاحبة دين وعقل ومعرفة.. إذ تنتمي إلى أسرة كريمة من آل كثير وهم فرع من آل فضل الذين كانوا يحكمون أجزاء من الجزيرة العربية في فترة القرن الثامن إلى القرن الحادي عشر الهجري.

تفتح قلب موضي لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب.. واستشعرت بفكرها الثاقب الخير الذي ستأتي به للجزيرة العربية.. فأخذت في نفسها قراراً أن تكلم زوجها الأمير في أمر الشيخ ليسانده في وقت هاب فيه الرجال من محاكاة الأمير بهذا الأمر...

حين أقبل الأمير محمد بن سعود على زوجته موضي وقفت أمامه تحدثه عن الشيخ بمنظور المرأة المحبة لله.. الواعية لظلماء الحاضر.. الراغبة في تجديد فجر المستقبل.. التي رأت الحق فثبتت عليه تبذل في سبيله الغالي والنفيس.. حين قالت لزوجها : هذا الرجل ساقه الله إليك وهو غنيمة فاغتنم ما خصك الله به.. فانفرجت أسارير الزوج وغربت رياح الهموم من جوانب تفكيره.. وأسرع يقابل الشيخ في دار ابن سويلم سنة 1157هـ ليغير هذا اللقاء مجرى تاريخ جزيرة العرب ويقلب صفحة العتمة من حياتها ببدء دعوة إصلاحية يحمل أبناء الإمام محمد بن سعود لواء نشرها حتى يومنا هذا.

هذه هي موضي بنت أبي وطبان التي لم تكتب عنها صفحات التاريخ غير هذا الموقف.. رغم بساطته وصغره إلا أنه ساهم في صنع دولة قامت على إرساء التوحيد على أرض الجزيرة بعد سنوات طوال من الضباب.. هكذا تكون النساء حين يعانق القلب أعالي السماء.. يرجو ثواب الدنيا ونعيم الآخرة.. رحم الله موضي التي كانت يوماً واسطة العقد بين شيخ مجدد وأمير حمل راية نشر الدعوة على عاتقه وعاتق أسلافه.






هند بنت عتبة
بطلة في الجاهلية والإسلام

إنها هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس العبشمية القرشية .
إحدى نساء العرب اللاتي كان لهم شهرة عالية قبل الإسلام وبعده، وهي أم الخليفة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما.
كانت هند ذات صفات ترفع قدرها بين النساء من العرب ففيها فصاحة، وجرأة، وثقة، وحزم، ورأي. تقول الشعر وترسل الحكمة ، وكانت امرأة لها نفس وأنفة.
زوجها أبوها من الفاكهة بن المغيرة المخزومي، فولدت له أباناً، ثم تركته.
وقالت لأبيها ذات يوم: إني امرأة قد ملكت أمري فلا تزوجني رجلاً حتى تعرضه علي. فقال لها: ذلك لك. ثم قال لها يوماً: إنه قد خطبك رجلان من قومك ، ولست مسمياً لك واحداً منهما حتى أصفه لك، أما الأول : ففي الشرف والصميم، والحسب الكريم، تخالين به هوجاً من غفلته، وذلك إسجاح من شيمته، حسن الصحابة، حسن الإجابة، إن تابعته تابعك، وإن ملت كان معك، تقضين عليه في ماله، وتكتفين برأيك في ضعفه، وأما الآخر ففي الحسب الحسيب، والرأي الأريب، بدر أرومته، وعز عشيرته، يؤدب أهله ولا يؤدبونه، إن اتبعوه أسهل بهم، وإن جانبوه توعر بهم شديد الغيرة، سريع الطيرة، وشديد حجاب القبة، إن جاع فغير منزور، وإن نوزع فغير مقهور، قد بينت لك حالهما.
قالت: أما الأول فسيد مضياع لكريمته، مؤات لها فيما عسى إن لم تعصم أن تلين بعد إبائها ، وتضيع تحت جفائها ، إن جاءت له بولد أحمقت ، وإن أنجبت فعن خطأ ما أنجبت. اطو ذكر هذا عني فلا تسمه لي ، وأما الآخر فبعل الحرة الكريمة : إني لأخلاق هذا لوامقة ، وإني له لموافقة ، وإني آخذة بأدب البعل مع لزومي قبتي ، وقلة تلفتي ، وإن السليل بيني وبينه لحري أن يكون المدافع عن حريم عشيرته ، والذائد عن كتيبتها ، المحامي عن حقيقتها ، الزائن لأرومتها ، غير مواكل ولا زميّل عند ضعضعة الحوادث ، فمن هو ؟ قال : ذاك أبو سفيان بن حرب ، قالت : فزوجه ولا تلقني إليه إلقاء المتسلس السلس ، ولا تمسه سوم المواطس الضرس ، استخر الله في السماء يخر لك بعلمه في القضاء.

وتزوجت هند من أبي سفيان بن حرب، وكانت تحرص دوماً على محامد الفعال، كما كانت ذات طموح واسع، ففي ذات يوم رآها بعض الناس ومعها ابنها معاوية، فتوسموا فيه النبوغ، فقالوا لها عنه : إن عاش ساد قومه. فلم يعجبها هذا المديح فقالت في إباء وتطلع واسع : ثكلته إن لم يسد إلا قومه.

ولما كانت موقعة بدر الكبرى قتل في هذه العركة والد هند وعمها شيبة ، وأخوها الوليد بن عتبة ، فراحت ترثيهم مر الرثاء ، وفي عكاظ التقت مع الخنساء ، فسألتها من تبكين يا هند فأجابت :

أبكي عميد الأبطحين كليهمـــا وحاميهما من كل باغ يريدهـا
أبي عتبة الخيرات ويحك فاعلمي وشيبة والحامي الذمار وليدهـا
أولئك آل المجد من آل طالــب وفي العز منها حين ينمى عديدها

وفي يوم أحد كان لهند بنت عتبة دورها العسكري البارز، فقد خرجت مع المشركين من قريش ، وكان يقودهم زوجها أبو سفيان ، وراحت هند تحرض القرشيين على القتال ، وتزعمت فئة من النساء ، فرحن يضر بن الدفوف ، وهي ترتجز:
نحن بنات طارق نمشي على النمارق
إن تقبلوا نعانق وإن تدبروا نفـارق

وفي هذه المعركة كانت هند بنت عتبة قد حرضت وحشي بن حرب على قتل حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه ، حيث وعدته بالحرية وكان عبداً لها إن هو قتل حمزة ، فكانت تؤجج في صدره نيران العدوان ، وتقول له : إيه أبا دسمة ، اشف واشتف.
ولما قتل وحشي حمزة رضي الله عنه جاءت هند إلى حمزة وقد فارق الحياة، فشقت بطنه ونزعت كبده، ومضغتها ثم لفظتها وعلت صخرة مشرفة فصرخت بأعلى صوتها :

نحن جزيناكم بيوم بــــدر والحرب بعد الحرب ذات سعر
ما كان عن عتبة لي من صبر ولا أخـي وعـمـه وبكـري
شفيت نفسي وقضيت نـذري شفيت وحشي غليل صـدري
فشكر وحشي على عمــري حتى ترم أعظمي في قبــري


وبقيت هند على الشرك حتى شرح الله تعالى صدرها للإسلام يوم فتح مكة ، حيث شاءت إرادة الله تعالى أن تنقلب بطلة الجاهلية إلى بطلة في ظل الإسلام ، ففي عشية ليلة الفتح ، فتح مكة ، عاد أبو سفيان بن حرب من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلماً وهو يصيح : يا معشر قريش ألا إني قد أسلمت فأسلموا ، إن محمداً صل الله عليه وسلم قد أتاكم بما لا قبل لكم به ، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن. فقامت إليه هند فأخذت بشاربه وهي تردد: بئس طليعة القوم أنت يا أهل مكة اقتلوا الحميت الدسم الأحمس ، قبح من طليعة قوم ، فقال أبو سفيان : ويلكم لا تغرنكم هذه من أنفسكم ، فإنه قد جاءكم ما لا قبل لكم به ، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن. فقالوا: قاتلك الله ، وما تغني عنا دارك. قال: ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن. فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد.
وفي اليوم الثاني لفتح مكة قالت هند لزوجها أبي سفيان: إنما أريد أن أتابع محمداً فخذني إليه. فقالت لها: قد رأيتك تكرهين هذا الحديث بالأمس. فقالت: إني والله لم أر أن الله قد عبد حق عبادته في هذا المسجد إلا في هذه الليلة ، والله إن باتوا إلا مصلين قياماً وركوعاً وسجوداً. فقال لها: فإنك قد فعلت ما فعلت ، فاذهبي برجل من قومك معك ، فذهبت إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه فذهب بها إلى رسول الله صل الله عليه وسلم فأسلمت وبايعت.
وتمضي الأيام، وتزداد هند المسلمة ثقافة إيمانية، حيث اشتركت في الجهاد مع زوجها أبي سفيان في غزوة اليرموك الشهيرة، وأبلت فيها بلاء حسناً، وكانت تحرض المسلمين على قتال الروم فتقول : عاجلوهم بسيوفكم يا معشر المسلمين.
وظلت هند بقية حياتها مسلمة مؤمنة مجاهدة حتى توفيت سنة أربع عشرة للهجرة. فرضي الله عنها وأرضاها وغفر لها ورحمها، إنه على كل شيء قدير.






الخيزران بنت عطاء
اسمها ونسبها :
الخيزران امرأة عاشت عظيمة، وقدمت الكثير للناس أولا ولابنها ثانيا، كان ولدها موسى الهادي خليفة، وكان يبدي لها في بادئ الأمر الطاعة حتى إنها كانت تتدخل في أمور خلافته ، وكان لها سلطة عليه، ونظرا لهذه السلطة في أمور الخلافة فقد طمع الناس فيها، فقد كانوا ينهالون عليها بشكل كبير، لتلبي طلباتهم عند ولدها الهادي حتى قال فيها أبو المعافي :
يا خيزرانُ هناك ثم هناك إن العباد يسوسهم ابناكِ


الخيزران وسياسة الحكم :
وذات يوم طلبت الخيزران من ولدها الهادي أن يولي خاله اليمن لكن الهادي خيرهما ما بين طلاقه من ابنه خاله إذ إنه كان متزوجا بها، وما بين ولاية خاله اليمن، فطلب من رسوله الذي لم يفهم عليه أن يبلغهما هذا الكلام، فأبلغها الرسول ونظرا لسوء فهمه للرسالة من أن الخيزران وخاله اختارا ولاية اليمن، فقام الهادي بدورة وطلق وزوجته التي هي ابنه خاله.
وفي أحد الأيام كلمت الخيزران ولدها الهادي، وطلبت منه أمرا ، ولكن الهادي سكت عنها، ولم يجبها وأصرت الخيزران على أن تسمع الرد من الهادي، إلا انه غضب ولم يجبها، وبعد هذا الموقف أقسم الهادي ألا يقبل لها طلبا ولا يسمع لها رأيا، وهي بدورها أقسمت ألا تطلب منه شيئا، والجدير بالذكر أن الموضوع في ذلك اليوم كان يخص عبد الله بن مالك والخيزران، إذ كانت قد وعدته أن تقضي له حاجته عند ولدها الهادي .
وبعد هذا الموقف افترق كل من الأم والابن، واستقر الحقد في قلب الهادي اتجاه أمه لدرجة انه أرسل لها بلحم مسموم إلا أن الخادمة أشعرت الطباخة بذلك ونجت الخيزران من الموت في ذلك اليوم،
ولكن الخيزران لم تسكت عن عدوها ، ولدها فلذة كبدها وقررت ن تنتقم منه فطلبت من أحدهم أن يدس السم له ونجحت بذلك فأتى الهادي الموت، وبذلك انتهت المعركة بين الأم والابن.
وعندما سمعت الخيزران بخبر وفاه الهادي قالت في بادئ الأمر: ما افعل، فطلبت منها خادمتها أن تذهب إليه، وتنسى كل الحقد والغضب، فقامت الخيزران وهمت للوضوء وصلت عليه. وبعد هذه الحادثة ذهبت الخيزران للحج ، وعندما انتهت منه رأت أبا دلامة يصيح عندها، وتبين لها بعد ذلك أنه يريد جارية من جواريها؛ لتقوم بخدمته نظرا لأنه رجل كبير في السن، فلبت طلبه.

وفاتها :
توفيت الخيزران ليله الجمعة سنة 173هـ. وقد صلى عليها الرشيد، وعندما خرج ُوضع له كرسي ليجلس عليه، فدعا الفضل بن الربيع ودفع إليه الخاتم قائلا: كنت أهم أن أوليك فتمنعي أمي فأطيعيه.





عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الإثنين 26 أكتوبر 2015, 9:31 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69948
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

نساءٌ رائدات Empty
مُساهمةموضوع: رد: نساءٌ رائدات   نساءٌ رائدات Emptyالإثنين 26 أكتوبر 2015, 9:29 am


نسيبة القرن العشرين

شامخة كالطود ... تزيدها الرياح كبرياء .. والعواصف جرأة .. وهجمات الباطل ثباتاً على مبدأ الحق .. نبتت كبرعم أخضر سقتها العناية الإلهية من ينابيع الإسلام فكبرت واشتد عودها صلابة.. تقاوم به السياط بصدق من اشترى الآخرة بآلام الدنيا..

إنها زينب الغزالي الجبيلي.. العربية الأصل.. وصاحبة النسب القرشي إذ يتصل نسبها من جهة أبيها بالفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه .. صاحبة اللسان الفصيح والحجة القوية حتى في أحلك الظروف وأكثرها إيلاماً.. سارت في رحلة الحياة موقنة أن ما أصابها لم يكن ليخطئها وما أخطأها لم يكن ليصيبها.

ولدت زينت الغزالي في 2 يناير عام 1917م بإحدى قرى محافظة الدقهلية في مصر.. كان والدها من علماء الأزهر الشريف فرباها على حب الخير والفضيلة.. نمى لديها استعداداً فطرياً لقول الحق وصدق الحديث ورفض الظلم والتصدي له بسلاح الإيمان بالله.. أرادها والدها أن تكون مثل الصحابية الجليلة نسيبة بنت كعب المازنية الأنصارية.. وكان دؤوباً على تسميتها بهذا الاسم.. راغباً في تعويد ابنته الصغيرة على حب الجهاد والذود عن الإسلام.. فصنع لها سيفاً من خشب.. وكان يخط لها دائرة على الأرض لتقف في وسطها ثم يقول لها : اضربي أعداء رسول الله صل الله عليه وسلم.. فكانت تضرب في حركات وهمية يميناً وشمالاً أماماً وخلفاً لتتربى زينب على ذكرى أناس تطهرت قلوبهم فقويت أجسادهم بنور الإسلام.. وتصاغرت أمامهم مفاتن الدنيا حين عاشت الجنة في قلوبهم فهانت أجسادهم في سبيل الله.. وتاقت أرواحهم لنصرة دينه.. غير أن فرحة زينب الغزالي لم تكتمل إذ مات والدها وهي في سن العاشرة فأحست بضياع أحلامها أمام وفاة من رسم لها طريق الله لتنتقل زينب مع أمها إلى القاهرة حيث يقيم إخوتها فيرى أخوها الأكبر في شخصها الصغير جرأة وقوة يقرر معها أنها لن تكمل تعليمها !!!

لم تجد زينب بداً من طاعة أوامر أخيها الأكبر رغم عدم رضاها بهذا الموقف الذي تتداخل فيه التقاليد مقحمة نفسها فتغلق على فتياتنا أبواب العلم بمنظور خاطئ يراد به المحافظة على عفة الفتاة .. فصبرت على هذا القرار منتظرة الفرج من أقدار السماء .. وفي ظل أيام الانتظار اقتنت زينب العديد من الكتب التي ملأت حياتها وآنست وحدتها .. فحفظت العديد من مقاطع كتب عائشة التيمورية عن المرأة.. وكان هذا بمساعدة شقيقها الأصغر علي الغزالي الذي كان يرى ضرورة تعليمها.. حتى جاء اليوم الذي قررت فيه أقدار السماء أن تعيد زينب إلى خطوات التعليم حين خرجت من منزلها في حي شبرا وكان عمرها اثنتي عشرة سنة.. فرأت مدرسة خاصة للبنات فما كان منها إلا أن طرقت بابها قائلة لبواب المدرسة : جئت لمقابلة مدير المدرسة، فسألها وقد بدت له طفلة صغيرة عن سبب المقابلة، فأردفت له قائلة بكل فخر واعتزاز: أنا السيدة زينب الغزالي الشهيرة بنسيبة بنت كعب المازنية ولدي موعد معه.. فأدخلها البواب وقد ازداد دهشة من فصاحة هذه السيدة اليانعة.. ولما وصلت إلى مدير المدرسة بادرته قائلة : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أنا السيدة زينب الغزالي الشهيرة بنسيبة بنت كعب المازنية ، فدهش المدير ولكنه أصغى إليها بقلب المعلم الذي يتنبه لطلاقة تلميذة وحسن مدخلها ، فقال لها : وماذا تريدين يا سيدة زينب أو يا سيدة نسيبة ؟.. فروت له قصتها مع شقيقها الأكبر وطلبت منه أن يقبلها تلميذة في مدرسته ، فأعجب المدير بفصاحتها وذكائها وحسن حوارها ، ثم أجرى لها اختباراً في بعض الأسئلة فأجابته بثقة عندها طلب منها أن يأتي شقيقها الأصغر ليعتمد انتظامها في المدرسة ..

وهكذا عادت زينب إلى معين العلم تنهل منه بفصاحة وبلاغة تجتاز سنوات التعليم لتثبت للجميع أن الله وهبها إبداعاً يستحق أن يجد ماءً عذباً يغذيه .. فقد ملكت منطق العقل والحجة في قبول البراهين.. ترفض أمامه كل ما يرفضه العقل من نظريات قد تسكن عقول الناس فتحرك بصماتهم دون أن يدركوا صحتها من خطئها .. وبعد حصولها على الثانوية العامة انضمت للاتحاد النسائي الذي تزعمته في تلك الآونة هدى شعراوي والذي كان وقتها صوتاً عالياً يطالب المجتمع بحقوق المرأة لكنه أرادها ضمن شعارات رنانة جوفاء سعت للمساواة مع الرجل ضمن معايير وطرائق وصلت إلى عالمنا العربي مستوردة من أراضي الغرب الذي بات يورد لنا غثه وسمينه لنبتلعه بأفواهنا وعقولنا دون أن نكلف أنفسنا عناء التمحيص في خيره وشره.. فخرجت بذلك المرأة من مطالبها بحقوقها الضائعة والتي غيبتها جهالة المجتمعات العربية حين تناست أن الإسلام منح المرأة تلك الحقوق عبر كتاب الله وسنة رسوله الكريم لتطالب بها عبر منابر أوروبية سعت لتقييد المرأة لا لتحريرها بسلاسل المساواة مع الرجل .. تسرق منها حقوقها لتهبها عبودية وخضوعاً في عالم الإباحية ومستنقع الانحلال .. فشاءت أقدار السماء لزينب الغزالي أن تكون لساناً فصيحاً يخطب لأجل حقوق المرأة في منابر تغطي نواياها السيئة بأقنعة الحقوق !!!

فقد خاضت في سنوات حياتها الأولى نقاشات كثيرة ضد الأزهر من أجل الاتحاد النسائي تكافح ببسالة لنيل حقوق المرأة مؤمنة بكل الشعارات التي نادى بها الاتحاد النسائي.. إلا أنها لم تخرج عن قناعاتها الإسلامية بأن يكون هذا التحرر ضمن الإطار الإسلامي.. وقد لفت هذا الأمر نظر علماء الأزهر وشعروا أن هذه الخطيبة المفوهة مبهورة بشعارات حقوق المرأة ضمن الاتحاد النسائي بما لديها من مقدرة على إقناع الطرف الآخر بوجهة نظرها.. حينها أراد أحد علماء الأزهر وهو الشيخ محمد النجار مناقشتها ليوضح لها بعض الأمور الدينية التي كانت تجهلها .. فتفتحت عيناها على الكثير من القضايا التي رأتها صواباً ضمن الاتحاد النسائي .. وباتت تعرف موقف الإسلام منها حين حرر الإسلام كرامة المرأة قبل أن يحرر حقوقها المادية .. وصان عفتها في عالمه المشرق وقت كان الغرب لا يعرف للمرأة قدراً ولا قيمة .. فعرفت زينب أن الإسلام هو طريق الخلاص بالمرأة لنيل حقوقها .. ولكن كيف لها أن تخرج من الاتحاد النسائي وهي صاحبة الامتياز والحظوة لدى زعيمته هدى شعرواي .. التي رأت فيها أملاً وحجة قوية لانضمام الكثيرات إلى الاتحاد.. حتى جاء ذلك اليوم الذي اختاره الله ليفرق بين الحق والباطل في حياة نسيبة القرن العشرين فتمحي الرمادية في رؤية الأمور ليحل محلها إشراقة الإسلام في حل قضايا الأمة والمرأة.. إذ لا مجال لنيل حقوق المرأة والأمة بأسرها تائهة لا تدري أين تكمن حقوقها !!!

ففي أحد الأيام دخلت زينب مطبخ أسرتها فانفجر بها موقد الغاز.. وطالت النيران وجهها وسائر جسدها.. فكان الطبيب يأتي كل يوم لمعالجة قروحها وحروقها يائساً من شفائها.. ليخبر أهلها بعد أيام أن حالتها في رحمة الله وأن شفاءها ضرب من ضروب المحال طالباً منهم الدعاء لها بالرحمة.. فسمعت بهذا النبأ دون أن يخبرها أحد فما كان منها إلا أن تيممت واجتهدت في العبادة والصلاة استعداداً للموت .. مبتهلة إلى الله بالرجاء والتضرع أن يغفر لها انضمامها إلى جماعة هدى شعرواي.. تتوسل له أن يعيد إليها جسدها كما كان فهو القادر على كل شيء وتعاهده أن تكون بكل كيانها لله ومع الله .. مجاهدة بكل طاقاتها لأجل الدعوة الإسلامية والعودة بالمرأة المسلمة إلى عصر الصحابيات...

ما أروع الإخلاص في الدعاء وما أحلى التوبة الصادقة حين تخرج من قلب أخلص الولاء لله .. فإذا بالجسد الذي قرر الأطباء موته يتماثل للشفاء وإذا بالحروق تبرأ مما بها.. لتعاودها الصحة في معجزة أرادها المولى أن تظل ماثلة أمام قلبها حين تنهال عليها المحن.. فيكون أول عمل تقوم به بعد شفائها هو الاستقالة من جماعة هدى شعراوي وتأسيس جمعية السيدات المسلمات.. لتخرج زينب الغزالي كما يقولون عنها من عالم القبعة إلى عالم الحجاب.. تعود إلى الحق بروح صافية تحمل في جسدها معجزة الشفاء لتبدأ رحلة الإيمان والعهد الذي عاهدت به الشافي.. تنشر الإسلام برؤيا القرن العشرين .. تواجه الصعاب بخطوات واثقة تستمدها من نبع صحابيات عاصرن رسول الله صلى الله عليه وسلم لتثبت للجميع أن المرأة المسلمة هي ذاتها مهما تغيرت العصور وتقلبت الدهور.. ويصبح خطابها المفوه حجة مع الإسلام تطالب بعودة الأمة للدين الصحيح كي تنال المرأة حقوقها ويأخذ الرجل حقوقه ويعود للأمة مجدها وسؤددها الذي فقدته حين استبدلت مشاعل الإسلام بشموع الغرب اللعين .. فسعت لتحرير المرأة ممن يدعون تحريرها بأفواههم ثم يقيدونها بأفعالهم .. ودأبت على الخروج بالمرأة من مستنقعات الرذيلة المقننة بقوانين تحرير المرأة إلى عالم يحفظ للمرأة حقوقها.. فاجتازت زينب بهذا العمل الجليل كل قيود الاستعمار الفكري وخبيث فخاخه.. لتنتشر جمعيتها التي أسستها في أنحاء مصر وتصبح مجلتها السيدات المسلمات معول حق يهدم أفكار التحرر.. وصوتاً يقنع الأمة بالعودة إلى دين الله.. ليلتقي الفكر النير مع الفكر النير في لقاء رباني يحمل راية الدفاع عن الإسلام رغبة في العودة بالمجتمع إلى عصر النبوة وصحابة رسول الله صل الله عليه وسلم ..حين انضمت زينب الغزالي لجماعة الإخوان المسلمين التي رأت أن العودة إلى دين الله لن تكون بالشعارات الجوفاء إنما بتنشئة رجال الأمة ونسائها وشيوخها وأطفالها على تطبيق حدود الله مع أنفسهم أولاً ثم مع المحيطين بهم فيكون ذلك نواة لنشأة المجتمع المسلم..

ولتحقيق هذا الهدف النبيل تقرر إقامة برنامج شامل يحمل دعاته لواء إعادة المجتمع إلى دين الله ومن ثم مطالبة الدولة بتحكيم شرع الله بدلاً من القوانين الوضعية المطبقة في مصر وفي الكثير من البلدان العربية ..خاصة وأن تلك الفترة ماجت فيها تيارات ومذاهب هدامة باتت تسري في دماء المجتمع المسلم مجرى الدم في العروق .. تطرد في طريقها تعاليم الإسلام بحجة الرجعية وعدم مواكبة العصر .. فحولت الكثير من أبنائه إلى الشيوعية والاشتراكية بدعوى تحرير المجتمع من ظلماء الجهل تحت أقنعة هدفت في أساسها إلى قتل الإسلام.

لكن الله عز وجل تكفل هذا الدين عبر عصوره بعلماء ومصلحين يوقظون في الأمة صحوة تخرجها من مهاوي الذل .. فكانت للأمة يقظة تقف في وجه الفكر الاشتراكي وأنظمه الشيوعية تنفض عن كاهل الدين غبار النسيان عبر سنوات جهل وفتور صنعت في أهله تخلفاً ألصقوه بالإسلام وهو بريء منه .. فكان كتاب في ظلال القرآن يرفرف على دوحة الإسلام مجدداً لفهم القرآن برؤيا القرن العشرين.. يدحض ما يفتريه دعاة الرأسمالية والاشتراكية من دعاوى جمود الإسلام .. وكان رائد هذا الكتاب الغني عن التعريف الشهيد سيد قطب أحد رموز جماعة الإخوان المسلمين التي انضمت إليها زينب الغزالي.. فبدأ نبع الإسلام يعود إلى صفائه بقوة أهله وغدت أنهار الدين القويم تجرف في طريقها كل ما يلقيه الأعداء من صخور صماء يراد بها القضاء على الدين الحنيف.. فغدت مياه التجديد تغذي العائدين إلى الله وكل المتعطشين للنهوض بالأمة الراكدة .. عندها رأت أعين المخابرات الأمريكية والروسية في جماعة الإخوان خطراً مقبلاً وشمساً ستطفئ شموعهم السوداء وسيفاً ذا نصل حاد يقطع الطريق على كل المشككين بالإسلام.. فخافت من هذا الخطر القادم وبدأت تضع المخططات لاغتيال رواد الدعوة رغبة في وأد الحق الوليد. فأشاعت عبر ذيولها أن الإخوان يخططون لقتل جمال عبد الناصر وعدد من شخصيات حكمه البارزة لتوغل في قلب السلطات الحاكمة نيران الحقد على جماعة الإخوان المسلمين .. موهمة أصحاب العقول المتدثرة تحت لواء الاشتراكية أن الإسلام الحق يبني ذاته بطرق الاغتيال.

وقد عبرت زينب الغزالي في كتابها (أيام من حياتي) عن ذلك في قولها : (ليس من أهداف الإخوان المسلمين قتل عبد الناصر.. إن غايتنا أكبر من ذلك بكثير.. إنها الحقيقة الكبرى قضية التوحيد وعبادة الله وإقامة القرآن والسنة) فكان الاعتقال نصيب جماعة الإخوان المسلمين بدءاً من سيد قطب إلى الإمام حسن الهضيبي وصولاً إلى زينب الغزالي والآلاف المؤلفة من دعاة الحق.. الذي ساقتهم أيدي الضلال إلى سجون الظلم افتراء وبهتاناً بدعايات مضللة تؤلب قلوب الجماهير على جماعة الإخوان .. حجتهم في ذلك التخطيط لقتل جمال عبد الناصر !!!
ففي يوم 20 أغسطس لعام 1964م اقتحمت المخابرات المصرية منزل زينب الغزالي وعاثت به فساداً ما بين إتلاف وتكسير وتمزيق .. حتى لم يسلم من أيديهم شيء !!! وحين حاولت أن تخاطبهم بلغة القانون الذي يحتكمون إليه فسألتهم عن إذن التفتيش صرخوا في وجهها يتقهقهون إذن تفتيش في حكم عبد الناصر !! ثم ألقي القبض عليها وسيقت إلى السجن الحربي.. لتبدأ رحلة التعذيب من قبل طغاة أخذتهم العزة بالإثم .. لا يتورعون عن فعل أي شيء يندى له جبين الإنسانية.. بدءاً من التجريح بأقذع الألفاظ التي ترفضها كل الأعراف الدولية انتقالاً إلى الجلد بالسياط ونهش الكلاب المسعورة.. أملاً منهم في إجبارها على الإقرار بأن هناك خطة تهدف لقتل جمال عبد الناصر وضعها جماعة الإخوان المسلمون .. ولما فشلت قوى البغي والضلال في إجبار زينب الغزالي على قول الباطل لخدمة مآربهم أمعنت في تعذيبها ظناً منهم أن النيل من الأبدان يزهق الأرواح .. فصمدت زينب أيما صمود.. وتحملت مالا يحتمله عتاة الرجال..

لندع زينب الغزالي تروي لنا عن أحد هذه المواقف العصيبة ( فتح باب لحجرة مظلمة فدخلت وقلت : باسم الله السلام عليكم.. وأغلق الباب وأضيئت الكهرباء قوية !! إنها للتعذيب ! الحجرة مليئة بالكلاب ! لا أدري كم !! أغمضت عيني ووضعت يدي على صدري من شدة الفزع .. وسمعت باب الحجرة يغلق بالسلاسل والأقفال .. وتعلقت الكلاب بكل جسمي.. رأسي ويدي وصدري وظهري.. كل موضع في جسمي.. أحسست أن أنياب الكلاب تغوص فيه .. فتحت عيني من شدة الفزع وبسرعة أغمضتهما لهول ما أرى .. وضعت يدي تحت إبطي وأخذت أتلو أسماء الله الحسنى مبتدئة بـ "يا الله يا الله".. وأخذت أنتقل من اسم إلى اسم.. والكلاب تتسلق جسدي كله ... أحس بأنيابها في فروة رأسي .. في كتفي.. في ظهري.. أحسها في صدري في كل جسدي .. أخذت أنادي ربي هاتفة: "اللهم اشغلني بك عمن سواك.. اشغلني بك أنت يا إلهي يا واحد يا أحد يا فرد يا صمد.. خذني من عالم الصورة.. اشغلني عن هذه الأغيار كلها.. اشغلني بك.. أوقفني في حضرتك.. اصبغني بسكنتك.. ألبسني أردية محبتك.. ارزقني الشهادة فيك .. والحب فيك والرضا بك والمودة لك وثبت الأقدام يا الله .. أقدام الموحدين " كل هذا كنت أقوله في سري .. والكلاب نابشة أنيابها في جسدي.. مرت ساعات ثم فتح الباب وأخرجت من الحجرة.. كنت أتصور أن ثيابي البيضاء مغموسة بالدماء.. ولكن ويا لدهشتي الثياب.. كأن لم يكن بها شيء .. كأن ناب واحد لم ينشب في جسدي.. سبحانك يا الله أنت معي.. يا الله هل أستحق فضلك وكرمك ؟.. كل هذا كنت أقوله في سري فالشيطان ممسك بذراعي يسألني : كيف لم تمزقك الكلاب ؟).

كان هذا هو بداية العذاب في رحلة السجن التي عاشتها زينب الغزالي.. فقد انهالت عليها سياط الشر اللعين بدءاً من خمسين جلدة وصولا إلى خمسمائة جلدة .. تنصب على جسد امرأة قالت : ربي الله .. هؤلاء هم فرسان دعاة التحرر والأفواه المعطرة بكلمات الاشتراكية.. لكن زينب ازدادت مع العذاب تصميماً ومع القهر ثباتاً .. فازداد الطغاة شراسة وفجوراً لتساق زينب عند أشرهم بطشاً وأشرسهم فظاظة.. إنه شمس بدران.. وما أدراكم من هو شمس بدران !!! وحش بشري قتل ضميره فضاعت إنسانيته على أرصفة الحكم الناصري.. فأمر بأن تعلق زينب على عمود خشبي له قاعدة خشبية وتربط يدها بقدمها لتجلد خمسمائة جلدة.. وتقذف بأشنع الألفاظ .. لكن زينب الغزالي وهبت نفسها لله ودينه ، فهانت الدنيا في قلبها وثبتت على الحق تحتمل ما لا يطيقه عشرة رجال.. متمثلة بقول الشاعر :
ولست أبالي حين أقتل مسلماً على أي جنب كان في الله مصرعي

ليواجهها هذا الوحش البشري بعد كل هذه السياط بجبروت من ضاعت آخرته فاستوحشت دنياه : أين هو ربك لينقذك ؟ فترد عليه بكل ثبات قائلة : ( الله سبحانه الفعال ذو القوة المتين).. أمعنت قوى الباطل في تعذيبها وازداد الطغيان شراسة تفوق شراسة الوحوش الحيوانية .. فالكلاب كما رأتها زينب الغزالي كانت أكثر إنسانية من وحوش البشر .. والفئران التي أطلقوها في زنزانتها خجلت من دعاء المؤمن ففرت تبحث عن مكان آخر .. وأصدر جمال عبد الناصر قراراً بتعذيب زينب الغزالي فوق تعذيب الرجال !!!

فخارت قوى الجسد الضعيف.. وانهارت قدرته على احتمال ما لا يطيقه الرجال.. فكيف بإماء الله !!! وأن الجسد أشرف على الموت فكانوا كلما تهاوى جسدها وشعروا بقرب موتها أدخلوها مستشفى السجن الحربي ليتم إنقاذها.. ليس رحمة منهم بل لينهالوا عليها بمزيد من العذاب.. ولكن الروح تنامت مع كل أنواع السياط وأشكال التعذيب.. وتسامت خفاقة تعلو بهمة المؤمن لتصبح نظرته مرعبة لأعداء الله.. وابتسامته الساخرة خنجراً يقتل طغاة الظلم وأرباب الضلالة.. فأضفت روحها العالية على جسدها المتهاوي قوة لا يمكن لمن لم يتذوق حلاوة الإيمان بالله أن يراها حتى يئس الظلم من مقارعة الحق ... وانحنت السياط ذليلة أمام صبر المؤمنات.. فرغبوا في الخلاص منها باستصدار حكم عليها عبر محاكم طغيانهم بالسجن المؤبد مدى الحياة .. لتبدأ معها رحلة جديدة من المعاناة في حياة زينب الغزالي تستمر إلى أن حلت نكسة عام 1967م وانتكست الأمة تحني جبين الهوان بضياع القدس.. وهوى المسجد الأقصى أسيراً تحت وطأ ة الطوفان الصهيوني المتبجح .. فهل ضاعت القدس يوم النكسة أم أن ضياع القدس كانت نهاية لمسرحية الطغيان والظلم التي كبلت حياة الأمة الإسلامية.. فكان سقوط القدس أمراً متوقعاً لكل من شاهد الإسلام قابعاً في مهاوي السجون وأيدي الظلم تخط توقيعها لإعدام أشهر علماء الأمة في القرن العشرين الشهيد سيد قطب.. ثم يتشدقون في خطاباتهم الرعناء بمحاربة الصهيونية والإمبريالية..

وفي عام 1971م مات جمال عبد الناصر وزينب الغزالي قابعة في السجن تنتظر فرج الله .. ومن يكسر القيد اللعين .. حتى جاء القرار بالإفراج عنها بعد سبعة أعوام من الأسر .. حاولوا تقييدها بشرط عدم الدعوة إلى الله لكنها رفضت فاضطروا للإفراج عنها دون شروط .. لتطوى صفحة من حياة امرأة مسلمة خدمت دينها بروحها فانطوت معها جمعية السيدات المسلمات ومجلتها التي كانت نبراس هدى ومعلم هداية.. غير أن مؤلفاتها الكثيرة لا زالت تخدم الأمة الإسلامية منها كتاب (نظرات في كتاب الله) و (إلى ابنتي) و (نحو بعث جديد) لتبقى زينب الغزالي مشرقة بحروفها بيننا.. رغم انحناء الظهر وكبر العمر لا تنحني لمن أرادوا أن يطفئوا قبساً من نور الله .. والله متم نوره ولو كره الكافرون .. جزى الله زينب الغزالي عن الإسلام كل خير وأمد في عمرها ورزقنا بالكثيرات من أمثالها.




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69948
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

نساءٌ رائدات Empty
مُساهمةموضوع: رد: نساءٌ رائدات   نساءٌ رائدات Emptyالإثنين 26 أكتوبر 2015, 9:33 am

زَرْقَاءُ اليَمَامَةِ


هي فَتاةٌ عَرَبيَّةٌ عاقِلَةٌ جَميلَةٌ، وكانتْ عَيْناها أجْملَ ما فيها، كانَتْ تَرى بِهمِا الأشياءَ مِنْ خِلالِ مَسافاتٍ بَعيدَةٍ جدّاً، والنّاسُ يُعْجَبونَ مِنْ قُوَّةِ نَظَرها، وَكانَتْ بِلادُها تُسَمّى اليَمامَة، فَسُمِّيَتِ الفَتاةُ ."زَرْقاءُ اليمامِةِ ".

وَفي هذِهِ البِلادِ عُيونُ ماءٍ كثيرَةٌ، وَبَساتينُ جَميلَةٌ وَفي وَسَطِها قَلْعَةٌ عالِيَةٌ عَلى جَبَلٍ مُرْتَفِعٍ.

صَعِدَتِ الزَّرْقاءُ يَوْماً إلى القَلْعَةِ وَنَظَرَتْ فَرَأتْ شَيْئاً عَجَباً.
رَأََتْ مِنْ بَعيدٍ شَجَراً كَثيراً يَمْشي وَيَنْتَقِلُ مِنْ مَكانٍ إلى مَكانٍ، فَنادَتْ رَئيسَ قَوْمِها، وَقالَت: "أرى شَيئاً عَجَباً، أرى شَجَراً كَثيراً يَمْشي وَيتَنَقَّلُ " فَعَجبَ النّاسُ، وَقالوا : "الشَّجَرُ يَمْشي يا زَرْقاءُ ! هذا شيءٌ لَمْ نَرَهُ ولا نَقْدِرُ أَنْ نُصَدِّقُهُ، انْظُري. أعيدي النَّظَرَ . حقِّقي " .
ما أعادَتِ النَّظَرَ، ثُمَّ قَالَتْ :
"كَما أراكُم بِجانِبي أرى الشَّجَرَ مِنْ بَعيدٍ يمْشي " .
وَقالَ واحِدٌ مِنْ أهْلِها: "رُبَّما جاءَ إلى تِلْك البِلاد سَيْلٌ شَديدٌ، فَقَلَعَ الشًَّجَرَ مِنْ مَكانِهِ وَحَمَلَهُ لِذا تراهُ الزَّرقاءُ يَسيرُ " .

أعادَتِ النّظرَ، وَقَالَتْ : "لا ..بَلْ أراهُ الآنَ أوْضَحَ مِمّا كُنْتُ أراهُ، أرى تَحْتَ الشّجرِ رجالاً سائرينَ وَراكبين، والشّجَرُ مَعَهُم يَسيرُ "، فَنَظَروا هُمْ ثُمَّ قالوا: " لا يا زَرْقاءُ الجَميلةُ، أَخْطَأَ نَظَرُكِ هذِهِ المرًّة، وَخَدَعَتْكِ عَيْنُك ".
قالَتْ : " لا بَلْ أرى ذلِك كَما أراكُم بجانبي ".





زبيدة بنت جعفر زوجة هارون الرشيد

اسمها ونسبها:
هي زبيدة بنت جعفر بن المنصور الهاشمية العباسية، أم جعفر زوجة هارون الرشيد، وبنت عمه، أم الأمين العباسي. اسمها أمة العزيز، وغلب عليها لقبها زبيدة قيل: كان جدها المنصور يرقصها في طفولتها ويقول: يا زبيدة ! فغلب عليها الاسم. وينسب إليها عين زبيدة في مكة التي جلبت إليها الماء من أقصى وادي نعمان شرقي مكة، وأقامت له الأقنية حتى أبلغته مكة.

حياتها:
تزوجت هارون الرشيد سنة 165هـ، وكان ذلك في خلافة المهدي ببغداد. كانت تحب ابنها محمد الأمين حباً جما. وهذا جعلها تهيئ له الخلافة من بعد أبيه. لكن الرشيد كان يهيئ ويريد أن يكون خليفة المسلمين من بعده ابنه المأمون. ولكن زبيدة لم توافق على ما كان يريد الرشيد فغضبت منه وذهبت إليه تعاتبه على هذا الأمر الذي كان يريد . وعندما أخذت تعاتبه قال لها الرشيد: "ويحك إنما هي أمة محمد ورعاية من استرعاني الله تعالى مطوقاً بعنقي وقد عرفت ما بين ابني وابنك . ليس ابنك يا زبيدة أهلاً للخلافة ولا يصلح للرعية ". فقالت: ابني والله خير من ابنك وأصلح لما تريد ليس بكبير سفيه ولا صغير فيه، أسخى من ابنك نفساً، وأشجع قلباً.
فقال الرشيد: ويحك إن ابنك لأحب إلى لأنها الخلافة لا تصلح إلا لمن كان لها أهلاً وبها مستحقاً ونحن مسؤلون عن هذا الخلق ومأخوذون بهذا الانام، فما أغنانا أن نلقى الله بوزرهم وننقلب إليه بإثمهم فاقعدي حتى أعرض عليك ما بين ابني وابنك .
أجرى هارون الرشيد الاختبار بين الأمين والمأمون فاستدعى المأمون أولاً. ولما وصل إلى باب المجلس سلم على أبيه ثم وقف طويلاً مطأطأ الرأس، حتى أذن له الرشيد بالجلوس والكلام . جلس وحمد الله تعالى ثم استأذن الرشيد بأن يقترب فأذن له بذلك. اقترب وقبل أطرافه ويدي زبيدة، ثم رجع إلى مكانه وحمد الله على رضى أبيه حسن رأيه فيه. فقال الرشيد: يا بني إني أريد أن أعهد إليك عهد الإمامة وأقعدك مقعد الخلافة فإني قد رأيتك لها أهلاً وبها حقيقاً. فبكى وصاح المأمون يسأل الله العافية لوالده. ثم قال: يا أبتاه أخي أحق مني وابن سيدتي و لا أخال إلا أنه أقوى على هذا الأمر مني وأشد استطلاعا عرض الله لك ما فيه الرشاد والخلاص، وللعباد الخير والصلاح . ثم أستأذن للخروج فأذن له الرشيد.
وبعد ذلك استدعى الرشيد ابنه الأمين فأول ما فعله الأمين أن دخل على أبيه دون أن يستأذن وهو يتبختر في مشيته حتى وصل إلى كرسي العرش إلى أبيه. فبدأ الرشيد بسؤاله: ما تقول يا بني أن أعهد إليك. فرد على الفور: ومن أحق بذلك مني يا أمير المؤمنين؟ فصرفه أمير المؤمنين هارون الرشيد وقال لزبيدة: كيف رأيت؟ فقالت: يا أمير المؤمنين: أبنك أحق بما تريد. فرد الرشيد: فإذا أقررت بالحق وأنصفت فأنا أعهد إلى ابني ثم إلى ابنك.
وهناك أيضاً ما يدل على حبها الكبير لأبنها فقد بعثت ذات يوم بجاريتها إلى مدرس ابنها الكسائي الذي كان يقسو عليه. فقالت له الجارية ما أمرتها زبيدة أن تقوله وهو: ترفق بالأمين فهو ثمرة فؤادي و قرة عيني وأنا أرق عليه رقة شديدة. والدليل الآخر على حبها للأمين عندما توفيت الفطيم زوجة الأمين حزن عليها حزناً شديداً وبلغ أم جعفر زبيدة بذلك فقالت إلى أمير المؤمنين. فذهبت إليه فاستقبلها. و قال لها: يا سيدتي ماتت فطيم .
فقالت:نفسي فداؤك لا يذهب بك اللهف ففي بقائك ممن قد مضى خلف
عوضت موسى فهانت كل مرزئة ما بعد موسى على مفقودة أسف
و قالت له: أعظم الله أجرك ووفر صبرك وجعل العزاء عنها ذخرك أما الأمين فكان يرد على حنان وعطف أمه بتعظيمها وتبجيلها . وكانت الشجاعة من صفات الأمين والدليل على ذلك ما قاله لزبيدة عندما كان العدو محيطاً به: إنه ليس بجزع النساء وهلعهن عقدت التيجان، والخلافة سياسة لاتسعها صدور المراضع وراءك .
وقالت زبيدة في رثائه:
أودى بألفين من لم يترك الناسا فامنح فؤادك عن مقتولك الباسا
لما رأيت المنايا قد قصدن له أصبن منه سواد القلب والراسا
فبت متكئــأً ارعى النجوم له اخال سنته في الليل قرطاسا
والموت كان به والهم قارنه حتى سقاه التي أودي بها الكاسا
رزئته حين باهيت الرجال به وقد بنيت به للدهر آساسا
فليس من مات مردوداً لنا أبداً حتى يرد علينا قبله ناسا

وفي أن زبيدة أمرت أبو العتاهية بكتابة أبيات على لسانها للمأمون

ألا إن صرف الدهر يدني ويبعد ويمتع بالآلاف طورا ويفقد
أصابت بريب الدهر مني يدى فسلمت للاقدار والله أحمد
وقلت لريب الدهر إن هلكت يد فقد بقيت والحمد لله لي يد
إذا بقي المأمون لها فالرشيد لي ولي جعفر لم يفقدا ومحمد

وعند قراءة المأمون للأبيات أرسل في الطلب إليها وقال لها: من قائل هذه الأبيات ؟ قالت : أبو العتاهية. قال: وكم أمرت له؟ قالت: عشرون ألف درهم. قال: وقد أمرنا له بمثل ذلك. واعتذر إليها من قتل أخيه محمد. وقال: لست صاصيه ولا قاتله؟ فقالت: يا أمير المؤمنين إن لكما يوما تجتمعان فيه وأرجو أن يغفر الله لكما إن شاء الله. وأخذ المأمون يزيد في كرمه على زبيدة وأسرتها فكان يعطيها كل سنة مائة ألف دينار وألف ألف درهم . وكانت تعطي أبا العتاهية مائة دينار وألف درهم . وأن نسيته سنه كتب إليها يقول:
خبروني ان في ضرب السنه جددا بيضا و صفرا حسنه
سككا قد أحدثت لم أرها مثل ما كنت أرى كل سنه
فكانت ترد زبيدة و تقول: إنا لله أغفلناه فوجهت إليه بوظيفة.

صفاتها وأعمالها:
قال ابن بردي في وصفها: أعظم نساء عصرها ديناً وأصلاً وجمالاً وصيانة ومعروفاً ، لقد كانت زبيدة سيدة جليلة سخية لها فضل في الحضارة والعمران والعطف على الأدباء والأطباء والشعراء. ومن صفاتها أيضا أنها كانت ذات عقل وفصاحة ورأي وبلاغة. ومثال فضلها في العمران عندما حجت بيت الله تعالى سنة 186 هجرية، أركت ما يعانيه أهل مكة من تعب في سبيل الحصول على ماء للشرب فدعت خازن أموالها وأمرته أن يجمع المهندسين والعمال من أنحاء البلاد. وقالت له: اعمل ولو كلفت ضربة الفأس ديناراً . فاحضر خازن المال أكفأ المهندسين ووصلوا إلى منابع الماء في الجبال. ثم أوصلوه بعين حنين بمكة. فأسالت الماء عشرة أميال من الجبال ومن تحت الصخر ، ومهدت الطريق للماء في كل خفض وسهل وجبل وعرفت العين باسم عين الشماش. وأقامت الكثير من البرك والمصانع والآبار والمنازل على طريق بغداد إلى مكة أيضاً، كما بنت المساجد والأبنية في بغداد كذلك.
وهناك وصف اليافعي لعين الشماش في القرن الثامن للهجرة فقال:" إن آثارها باقية ومشتملة على عمارة عظيمة عجيبة مما يتنزه برؤيتها على يمين الذاهب إلى منى من مكة ذات بنيان محكم في الجبال تقصر العبارة عن وصف حسنه وينزل الماء منه إلى موضع تحت الأرض عميق ذي درج كثيرة جداً لا يوصل إلى قراره إلا بهبوط كالبير يسمونه لظلمته يفزع بعض الناس إذا نزل فيه وحده نهاراً فضلاً عن الليل.
ومن الأطباء الذين كانت تعطف عليهم جبريل الذي منحته راتباً شهرياً، وقدره خمسون ألف درهم. وكانت صاحبة اليد البيضاء بعطفها على الفقراء والمساكين .
وقدر لها مئة جارية يحفظن القرآن. ويقال إنه من شدة قراءتهم للقرآن كان يسمع لهم في قصرها دوي كدوي النحل. وقد كان لها الدور الكبير في تطور الزي النسائي في العصر العباسي.
وهناك حادثة تدل على فصاحة الكلام. وهي أن بعث إليها مرة من أحد عمالها كتاب فردته إليه وبه ملاحظة تقول: (أن اصلح كتابك وإلا صرفناك) فتعجب العامل لذلك وأقلقه الأمر، لأنه لم يستطع معرفة موضع الخطأ. وعرض كتابه على أصحاب الفصاحة والبلاغة فقالوا له : إنك تدعو لها في كتابك وتقول: أدام الله كرامتك، وذلك دعاء عليها وليس لها؛ لأن كرامة النساء بدفنهن فعرف العامل الخطأ وأصلحه. ثم عاد وأرسله لها فقَبِلته.
وكانت زبيدة أول من اتخذ الآلة من الذهب والفضة المكللة بالجوهر. وهي أول من اتخذ الشاكرية والخدم والجواري يختلفون على الدواب في جهاتها ويذهبون برسائلها وكتبها. وهي أيضاً أول من اتخذ القباب من الفضة والآبنوس والصندل والكلاليب من الذهب والفضة ملبسة بالوشي والسمور وأنواع الحرير الأحمر والأصفر والأخضر والأزرق.

وفاتها:
توفيت في بغداد في جمادى الأول سنة 216 هجرية الموافق 831م . رثاها مسلم بن عمرو الخاسر الشاعر البصري.
تحليل بعض شعر زبيدة:
تدور هذه الأبيات حول رثاء زبيدة لابنها الأمين
أودى بألفين من لم يترك الناسا فامنح فؤادك عن مقتولك الباسا

ففي الشطر الأول من البيت توضح الشاعرة شجاعة وبسالة ابنها وذلك في قتل ألفا شخص والكلمة الدالة على شجاعة ابنها وتؤكد على شجاعة كلمة ((الناسا)) وهذا يدل على بسالة وشجاعة ابنها في المعركة وعدم تركه لأي عدو. أما في الشطر الثاني فالشاعرة تخاطب و تطلب من ابنها المقتول مسامحة قاتله ومن قلبه وهو أخيه. والكلمة الدالة على طلب المسامحة (( فامنح )) وكلمة ((الباسا)).
لما رأيت المنايا قد قصدن له أصبن منه سواد القلب و الراسا
أما في البيت الثاني فتوضح الشاعرة مشاعر الحزن والألم وهي ترى الموت القريب من ابنها وهو يتجه نحوه، وهي غير قادرة على فعل أي شيء وسهام الموت هذه قد أصبن من المأمون وسط القلب والرأس والكلمة التي تدل على مكان الإصابة " سواد القلب والراسا. ولقد أحسن القاتل في اختيار موقع هدف فهذين المكانيين يصعب على الشخص أن ينجو إذا أصيب فيهما.
فبت متكئا أرعى النجوم له أخال سنته في الليل قرطاسا
أما في هذا البيت فالشاعرة تصور حالها بعد مقتل ابنها ففي الشطر الأول من البيت تقول الشاعرة أنها أصبحت تراقب النجوم وهي تفكر فيه وكلمة ( متكئا ) تدل على كثرة الوقوف و عدم احتمال الوقوف ثم الاتكاء والاستناد . أما في الشطر الثاني تصور الشاعرة و تشبه رؤيتها إليه في نومه مثل القرطاس و هذا في مخيلتها فقط من كثرة الانتظار .

والموت كان به والهم قارنه حتى سقاه التي أودي بها الكاسا
في هذا البيت توضح الشاعرة و تصف حياة ابنها و تقول أن الموت كان مصيره عند ما خلق و الهم و الحزن من أقرانه الذين لا يفارقونه حتى ذاق مرارة الموت وشرب من كأسها ويقصد من الشطر الثاني وهو شرب كأس الموت .
رزئته حين باهيت الرجال به وقد بنيت به للدهر آساسا
أما في البيت الثاني فتقول الشاعرة ما فعل لها ابنها وما فعلته هي له. في الشطر الأول توضح الشاعرة حب ابنها إليها ومساعدته لها في مصائبها حتى أصبحت تتفاخر به و تقارنه بين الرجال وهو أفضلهم و كلمة (( باهيت )) تدل على الافتخار والاعتزاز بابنها بين الرجال . أما في الشطر الثاني ما الذي قد أعدته له.لقد مهدت إليه العرش وعملت على إرضاء أبيه منه للوصول للخلافة. لكن ما قد تصورته وما توقعته لم يتحقق . وهنا ينطبق عليها المثل تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.
فليس من مات مردوداً لنا أبداً حتى يرد علينا قبله ناسا
أما في البيت الأخير فتؤكد حقيقة معروفة. في الشطر الأول تقول إنه ما من ميت يرد مرة أخرى إلى أهله مهما فعلوه لإعادته وكلمة أبدا تدل على تأكيد عدم الرجوع مرة أخرى. في الشطر الثاني تقول الشاعرة أن ليس من الممكن رجوع من مات ولو أنه ممكن كان يرد من مات قبله وبكت عليهم .

الخصائص:
لقد أكثرت الشاعرة من استخدام الأفعال الماضية مثل (رأيت) و(سقاه) وهي أفعال تفيد الثبوت. وهناك في القصيدة تقديم للجار والمجرور (وقد بنيت له للدهر آساسا) وهذا يدل على أهمية المتقدم . واستخدمت أيضاً أسلوب التأكيد الذي يؤكد فكرتها ويدعمها. وأسلوب الشاعرة أسلوب إنشائي وهو الخطاب . وهناك أيضاً تكرار لبعض الألفاظ مثل (الموت).

الخاتمة :
في نهاية بحثي أتمنى أن أكون قد وفقت في إعطاء زبيدة بعض حقها من التعريف؛ لإننا هنا أمام شخصية قوية تمثل المرأة المسلمة في تحملها للمصاعب والكوارث. وزبيدة التي أحبت ابنها حباً جما لم ترد على من قتله بالمثل معتبرة ذلك القاتل بمحل ابنها. وإن لها صفات ميزتها عن غيرها من النساء في ذلك العصر فصاحة اللسان والبلاغة .وأيضاً إسهاماتها التي ما تزال باقية إلى وقتنا الحاضر وسوف تبقى . شخصية مثلها يجب أن يكتب عنها المزيد من المؤلفين ويسلطوه عليها الضوء.




زنوبيا ملكة تدمر

من الظواهر الطبيعية البارزة والملفتة للنظر بروز شخصيات فذة على فترات متقطعة متباعدة أو متقاربة من الزمن، ولقد كان بروز زنوبيا إحدى تلك الظواهر. برزت وسطع نجمها في أيام بعيدة وسحيقة بالنسبة لنا.لقد كانت مؤهلة لذلك البروز، كانت مؤهلة في ذاتها وشخصها، وكانت مؤهلة في البيئة التي نشأت فيها، واكتمل كل ذلك لها بالزواج والتدرب بل التمرس في شؤون الحكم ومسؤولياته. وتبدو زنوبيا كأنها واحدة من الأساطير، وما أكثر الأساطير القديمة التي توارثها البشر في ذلك الزمان من مختلف الجهات والشعوب، من الشرق ومن الغرب.
كانت عربية الأصل، ذات شخصية قوية، تتحلى بتربية عالية، تجيد اليونانية والآرامية، وتتكلم بهما بمثل الطلاقة التي تتكلم بها العربية، ولم تكن تجهل اللاتينية، وله اطلاع على تاريخ الغرب بالإضافة إلى كونها قد دونت لنفسها خلاصة لتاريخ الشرق، مما يدل على سعة اطلاعه، فهي امرأة ليست كالنساء، عاشت عظيمة وتوارت عظيمة أيضاً، إنها نموذج رائع للبشر يستحق منا الدراسة والبحث، ولهذا كله أجري هذا البحث المتواضع .

نسبها :
الزباء بنت عمرو بن الظرب بن حسان ابن أذينة بن السميدة السميعة المشهورة في العصر الجاهلي، صاحبة تدمر وملكة الشام والجزيرة . يسميها الإفرنج زنوبيا، وأمها يونانية من ذرية كليوبترا ملكة مصر.

صفاتها:
كانت غزيرة المعارف، بديعة الجمال، مولعة بالصيد والقنص، تحسن أكثر اللغات الشائعة في عصرها، وكتبت تاريخاً للشرق.1
زنوبيا ملكة جليلة ذات رأي وحكمة وعقل وسياسة ودقة نظر وفروسية وشدة بأس وجمال فائق.كانت سمراء اللون قوية اللحظ وكانت الهيبة والجمال والعظمة تلوح على وجهها وكانت أسنانها بيضاء كاللؤلؤ وصوتها قوياً وجهوراً، وجسمها صحيحاً سالماً ، وكانت الابتسامات لا تفارقها، فعاشت بعظمة ملوكية مقلدة ملوك الأكاسرة فكانت تضع العمامة على رأسها وتلبس ثوباً أرجوانياً مرصعاً بالجواهر وكثيراً ما كانت تترك ذراعها مكشوفة. وتثقفت بالثقافة اليونانية وكانت تتكلم الآرامية والقبطية وبعض اللاتينية واليونانية ولها اطلاع واسع على تاريخ الشرق والغرب ، وكانت تقرأ هوميروس وأفلاطون وألفت تاريخاً عن مصر وآسيا

قضية الحكم:
كانت زنوبيا زوجة لأذينة سيد الشرق الروماني الذي امتدت سلطته على سورية وما يليها ولقب ملك الملوك. فاستأثر أذينة بسورية وسائر آسيا الرومانية، وكان كثيراً ما يحارب الفرس ويردهم عن بلاده. وكان إذا خرج إلى الحرب أناب عنه في حكومة تدمر امرأته زنوبيا، حتى قيل: إن ما وصل إليه أذينة من البراعة في القيادة والدراية في تعبئة الجيوش يرجع إليها.
ولما قتل أذينة ( وتشير بعض أصابع الاتهام إليها في مقتل زوجها) اعتلت أريكة الملك باسم ابنها وهب اللات، ثم أخذت تسعى لابنها بتثبيت عرشه وتقوية الدولة التدمرية. وبعد حين ساءت العلاقات بين الإمبراطور الروماني والدولة التدمرية، فأرسل الإمبراطور بعض الكتائب الرومانية لإعادة بسط النفوذ الروماني، ولكن زنوبيا حطمت هذه الكتائب وأولتها شر هزيمة.
واستفادت من الاضطرابات في روما، فتوجهت إلى مصر تلك البلاد الغنية بالحبوب وفتحتها بكل اقتدار وبذلك عززت مكانة تدمر التجارية وجعلت علاقاتها التجارية تمتد إلى الحبشة وجزيرة العرب. ولم تقنع بمصر بل شرعت تغزو بلاداً وتفتح أوطاناً وتقهر جنوداً وتهزم جيوشاً حتى اتسعت مملكتها اتساعاً عظيماً فامتدت حدودها من شواطئ البسفور حتى النيل أطلقت عليها الإمبراطورية الشرقية.
انتقل الحكم في روما إلى الإمبراطور أورليانوس الذي بادر حالا إلى التفاوض مع زنوبيا وأوقف زحف جيوشها مقابل هبات عظيمة لها واعترف بألقاب ابنها وامتيازاته وضربت النقود في إنطاكية والإسكندرية فكانت صورة وهب اللات على وجهها الأول وعلى الوجه الثاني صورة أورليانوس.وفي خطوة تالية عهدت بملك مصر إلى ولدها وأزالت من النقود صورة الإمبراطور ونادت بالاستقلال المطلق.
وما أن اطلع أورليانوس على عمل زنوبيا هذا إلا وصب عليها جام غضبه ووطن نفسه على التنكيل بها وسحق الدولة التدمرية. عبأ جيشاً علاماً وعلى رأسه القائد بروبوس وبعث به إلى مصر سنة 271م ، وتولى بنفسه جيشاً آخر توجه به إلى آسيا الصغرى على أن يلتقي الجيشان في تدمر . بدأت الخطة تلاقي النجاح، حيث احتل بروبوس مصر بدون أن يلقى مقاومة كبيرة، أما أورليانوس فوصل أنطاكية واستطاع أن يقهر القوات التدمرية في معركة كبرى دامية مما اضطرها إلى الانسحاب إلى تدمر .

النهـاية:
تعقبهم أورليانوس نحو حمص متابعاً زنوبيا التي انسحبت إليها ، فأوقع بجيشها هزيمة أخرى ، شابهت ظروفها معركة أنطاكية ووصل تدمر وحاصرها حصاراً تاماً قضى على ما لدى التدمريين من المؤن، وكانت قد أعدت كل ما تستطيع إعداده من وسائل الدفاع إذ وضعت على كل برج من أبراج السور اثنين أو ثلاثة من المجانيق تقذف المهاجمين بالحجارة، وتمطرهم بقذائف النفط الملتهبة، وصممت على المقاومة بشجاعة بطولية، معلنة أنه إذا كان لا بد لحكمها من النهاية فلتقترن هذه بنهاية حياتها.
عرض أورليانوس على زنوبيا التسليم لقاء شروط معتدلة : أن تنسب انسحاباً كريماً ، وأن يحتفظ مواطنوها بامتيازاتهم القديمة . لكنها رفضت شروطه بإباء وشمم، لا بل اقترن الرفض بالإهانة، وبعد أن استبد بها اليأس، حاولت زنوبيا الهروب ووصلت نهر الفرات إلا أنها وقعت في الأسر واقتيدت إلى أورليانوس وهو في ميدان القتال فأحسن معاملتها سنة 282م.ثم اقتادها معه إلى روما ولم يقتلها بل قتل بعض كبار قوادها ومستشاريها بعد محاكمة أجريت لهم في حمص.
وعلى أرجح الأقوال أن حياتها قد انتهت في منزل حقير في تيبور أعده لها اورليانوس، ولم يتحقق من طريقة وفاتها، إلا أن لإحدى الروايات تقول أنها امتصت سماً وماتت به، أما بناتها فقد تزوجهن بعض أشراف الرومان.

الخاتمة:
كانت سيرتها أقرب إلى سير الأبطال من سير النساء، فلم تكن تركب في الأسفار غير الخيل، ولك تكن تحمل في الهودج، وكانت تجالس قوادها وأعوانها وتباحثهم ، وإذا جادلتهم غلبتهم بقوة برهانها وفصاحة لسانها، وكثيراً ما ضم مجلسها رجالاً من أمم شتى وبينهم وفود من ملوك الفرس والأرمن ، وكانت عادلة في رعاياها خصوصاً من العرب.
في مجالسها الاعتيادية كانت تدخل معها ابنها وهب اللات معها وعليها أفخر اللباس وعلى كتفيها المشملة القصيرة الأرجوانية، وعلى رأسها التاج ، وأوكلت تدبير أمور قصورها إلى بعض شيوخ الخصيان ، أما إذا تجولت حفت بها الفتيات من بنات الأشراف..أما عند استعراض الجند في الميادين مرت أمام الصفوف فوق جوادها وعليها لباس الحرب وعلى رأسها الخوذة الرومانية مرصعة بالدر والجوهر، فإذا رآها الناس في ذلك الموقف حسبوها آلهة من الآلهة العظام كما كان شائعاً في الأساطير اليونانية والرومانية.آثار تدمر مازالت شاهدة حتى اللحظة على ما كانت فيه من عظمة ومنعة وعز وثراء وبهاء بقيادة زنوبيا ، ولها آثار باقية في لبنان منها أقنية الماء من نهر إبراهيم إلى جبيل وكذلك من نهر قاديشا إلى طرابلس ومن نهر بيروت إلى بيروت .
حقاً كانت امرأة عظيمة بكل المواصفات البشرية القديمة والحديثة ، وصارت عبرة لمن شاء أن يعتبر…


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
نساءٌ رائدات
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: كتب وروابات مشاهير شخصيات صنعت لها .... :: علماء وادباء-
انتقل الى: