منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 علماء وفلاسفه ورحالة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69641
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

علماء وفلاسفه ورحالة Empty
مُساهمةموضوع: علماء وفلاسفه ورحالة   علماء وفلاسفه ورحالة Emptyالإثنين 02 نوفمبر 2015, 8:44 am

علماء وفلاسفة ورحالة








عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الأحد 08 نوفمبر 2015, 10:59 am عدل 2 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69641
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

علماء وفلاسفه ورحالة Empty
مُساهمةموضوع: رد: علماء وفلاسفه ورحالة   علماء وفلاسفه ورحالة Emptyالإثنين 02 نوفمبر 2015, 8:45 am

بن أبي أصيبعة

م1203­1270
هو موفق الدين أبو العباس أحمد بن سديد الدين القاسم بن خليفة المعروف بإبن أبي أصيبعة. ولد
في دمشق من أسرة كانت معاصرة للدولة الأيوبية من حيث العمل مع صلاح الدين وأولاده.
ابن أبي أصيبعة سليل أسرة اشتهرت بالطب وهو من أشهر أفراد الأسرة واليه يصرف الانتباه.
وكني أبا العباس قبل أن يطلق عليه لقب جده أبي أصيبعة وقد نشأ في بيئة حافلة بالدرس والتديس
والتطبيب والمعالجة.
درس في دمشق والقاهرة نظرياً وعملياً٬ وطبق دروسه في البيماريستان النوري٬ وكان من
اساتذته ابن البيطار العالم النباتي الشهير ومؤلف (جامع المفردات). وكان يتردد كذلك على
البيمارستان الناصري فيقوم بأعمال الكحالة٬ وفيه استفاد من دروس السديد ابن أبي البيان٬
الطبيب الكحال ومؤلف كتاب الأقراباذين المعروف باسم الدستور البيمارستاني.
تلقى العلوم اللسانية على علماء زمانه وأصدقاء والده وعمه٬ ثم انصرف إلى علوم الطب٬ فأخذ
مبادئها عن الوالد والعم٬ لكنه رأى أن ما عند والده في ذلك لا يكفي٬ فرحل إلى القاهرة والتحق
هناك بالبيمارستان الناصري الذي كان قد أنشأه صلاح الدين في عاصمة الديار المصرية٬ وأخذ
يعمل بمنتهى الجد في تحصيل العلم٬ فاشتهر بمعرفته وحسن معاملته للمرضى ومداواته لأمراض
العيون.
ألحقه السلطان بخدمة الدولة وبلغت شهرته عز الدين صاحب صرخد (وهي اليوم صلخد من
أعمال جبل العرب في سوريا)٬ في حوران في بلاد الشام فأرسل في طلبه وتوفي فيها.
كتابه "عيون الأنباء في طبقات الأطباء" هو الكتاب الوحيد الذي ألّفه ابن أبي أصيبعة. فهو فريد
بالنسبة للمؤلف٬ وهو فريد بالنسبة للموضوع٬ إذ لم يضع أحد سواه معجماً تاريخياً للأطباء إلى
أيامه. وهكذا انصرف إلى وضع كتابه٬ وجعله في خمسة عشر باباً: الخمسة الأولى منها تتناول
كيفية وجود صناعة الطب٬ وطبقات الأّولين في الصناعة٬ وطبقات أطباء اليونان من نسل
أسقليبيوس٬ إله الطب عند اليونان٬ إلى أيام جالينوس. ثم يتحدث في الأبواب العشرة الباقية عن
الأطباء الإسكندرانيين٬ والأطباء العرب في أول ظهور الإسلام٬ والأطباء السريان في ابتداء
ظهور بني العباس ونقل الطب من اللسان اليوناني إلى العربي. كما يتحّدث عن أطباء العراق
والجزيرة٬ والأطباء الذين ظهروا في بلاد العجم٬ وأطباء الهند والأطباء الذين ظهروا في المغرب
والأندلس٬ والأطباء الذين ظهروا في مصر٬ وأخيرا يتناول المشهورين من أطباء الشام. ويحتوي
الكتاب أيضاً ما يقارب أربعمئة ترجمة٬ القليل القليل منها يتناول غير الأطباء.
ويستشف من أقوال ابن أبي أصيبعة نفسه أنه ألف ثلاثة كتب أخرى٬ ولكنها لم تصل إلينا٬ وهي:
كتاب حكايات الأطباء في علاجات الأدواء٬ وكتاب إصابات المنجمين٬ وكتاب التجارب والفوائد
الذي لم يتم تأليفه.
صرف ابن أبي أصيبعة سنوات طويلة وبذل جهدا كبيرا في وضع كتابه٬ وأكثر من الاستماع إلى
الرواة بالنسبة للمعاصرين.




الشيخ محمد عبده

م 1905 ­1849
هو الشيخ محمد عبده. عاش في النصف الثاني من القرن التاسع عشر٬ وقضى حياته في مصر٬
إلاّ سنوات النفي التي بلغت ست سنوات. أما سنوات نفيه٬ فقد صرف أكثرها في بيروت وبعضها
في باريس ولندن. ومعنى هذا أّن محمد عبده كان يعيش في جٍّو عرف الآراء الغربية والأفكار
الحديثة وتمتع ببعض آثارها. وبالتّالي لم يكن باستطاعته أن ينكرها أو ينفر منها أو يبتعد عنها.
كانت شخصية محمد عبده نتيجة تفاعل كبير بين تعليٍم تقليدٍّي تلقاه في بيئته ثم في الأزهر٬ وتأثّر
بالسيد جمال الدين الأفغاني٬ وبالإنفتاح على الفكر الغربي٬ خاصة في الفلسفة والتشريع.
تعلّم القراءة والكتابة في منزل والده٬ ثم انتقل إلى دار لحفظ القرآن. بعد ذلك جلس في دروس العلم
وبدأ بتلقي شرح الكفراوي على الأجرومية في المسجد الحمدّي بِطَنطا. وقضى سنة ونصف لا
يفهم شيئا لرداءة طريقة التعليم٬ فهرب من الدروس حتى عثر عليه أخاه وأخذه إلى المسجد
الأحمدي وأراد إكراهه على طلب العلم٬ فأبى. لكن محمد عبده عاد إلى طلب العلم بتأثير أحد
أخواله الشيخ درويش٬ وانتقل من المسجد الأحمدي إلى الأزهر ونال الّشهادة العالمية منه.
والمناصب التي شغلها محمد عبده متعّددة متنّوعة. فمن العمل في تحرير "الوقائع المصرية" إلى
التدريس في دار العلوم في مدارس بيروت الخاصة والّرسمية٬ إلى القضاء وعضوية مجلس
شورى القوانين٬ إلى إفتاء الديار المصرية. والمنصب الذي كان يحبه وُحِرَم منه لأسباٍب متعددٍة
هو مشيخة الأزهر. وهو بحكم منصبه كان يفتي كثيًرا٬ وله تفسير للقرآن الكريم بدأه ولم يتّمه. وقد
سار فيه بعده السيد رشيد رضا٬ وُسّمي "تفسير المنار". وهذا التّفسير كان يقوم به تدريًسا قبل أن
يبدأ بوضعه مؤلفًا.
عمل عبده في الحقل السياسي٬ وتأرجحت أعماله بعض الشيء. لكن أبقى آثاره كان في مجلس
الشورى الذيُعيِّن فيه سنة 1899. وكان بين أهل الحل والعقد في الحكومة وبين رجال مجلس
الّشورى شيء أشبه بالخلاف في الّرأي أّدى إلى أن الحكومة نفذت كثيًرا من المشروعات التي
كان المجلس يُخالفها أساساً٬ وصرفت النظر عن كل أوجه التعديل في المشروعات التي كان يرى
أن الصلاح والنّفع للأمة في تعديلها.
لم ينجح الشيخ في إصلاح الأزهر٬ ولكن الخطط التي وضعها هي التي اتُّبَِعت بعد وفاته بسنواٍت
للنهوض بالأزهر.
لم يكن الشيخ محمد عبده يدعو إلى الاصلاح نظريًا من طريق التأليف أو الخطب والمقالات فقط٬
بل كان يحاول دائًما أن يُِّحول إصلاحه إلى عمٍل وينغمس في الحياة الواقعية ليتمّكن من تنفيذ
برامجه. وكان يأخذ الأمور بالروية ويترفع عن إيذاء الناس مهما أذوه٬ حتى إن الأفغاني قال فيه
يوما: "أُّي ملاٍك أنَت!"



جورجيوس بن جبرائيل


كانت له خبرة بصناعة الطب٬ ومعرفة بالمداواة وأنواع العلاج٬ وخدم بصناعة الطب المنصور٬
وكان حظياً عنده رفيع المنزلة٬ ونال من جهته أموالاً جزيلة٬ وقد نقل للمنصور كتباً كثيرة من
كتب اليونانيين إلى العربي. قال فثيون الترجمان أن أول من استدعى أبو جعفر المنصور
لجورجس٬ هو أن المنصور في سنة مائة وثمان وأربعين سنة للهجرة مرض وفسدت معدته٬
وانقطعت شهوته٬ وكلما عالجه الأطباء ازداد مرضه٬ فتقدم إلى الربيع بأن يجمع الأطباء
لمشاورتهم٬ فجمعهم فقال لهم المنصور من تعرفون من الأطباء في سائر المدن طبيباً ماهراً؟
فقالوا ليس في وقتنا هذا أحد يشبه جورجس رئيس أطباء جندي سابور٬ فإنه ماهر في الطب٬ وله
مصنفات جليلة٬ فانفذ المنصور في الوقت من يحضره٬ فلما وصل الرسول إلى عامل البلد٬
احضر جورجس وخاطبه بالخروج معه فقال له علي ههنا أسباب ولا بد أن تصبر علي أياماً حتى
أخرج معك٬ فقال له إن أنت خرجت معي في غد طوعاً٬ وإلا أخرجتك كرهاً٬ وامتنع عليه
جورجس فأمر باعتقاله٬ ولما اعتقل اجتمع رؤساء المدينة مع المطران فأشاروا على جورجس
بالخروج٬ فخرج بعد أن أوصى ابنه بختيشوع بأمر البيمارستان وأموره التي تتعلق به هناك٬
وأخذ معه إبراهيم وسرجس تلاميذه٬ فقال له ابنه بختيشوع لا تدع هاهنا عيسى بن شهلا٬ فإنه
يؤذي أهل البيمارستان٬ فترك سرجس٬ وأخذ عيسى معه عوضاً عنه٬ وخرج إلى مدينة السلام٬
ولما ودعه بختيشوع ابنه قال له لم لا تأخذني معك؟ فقال لا تعجل يا بني٬ فإنك ستخدم الملوك
وتبلغ من الأحوال أجلها٬ ولما وصل جورجس إلى الحضرة أمر المنصور بإيصاله إليه٬ ولما
وصل دعا إليه بالفارسية والعربية٬ فتعجب الخليفة من حسن منظره ومنطقه٬ فأجلسه قدامه وسأله
عن أشياء فأجابه عنها بسكون فقال له قد ظفرت منك بما كنت أحبه وأشتاقه٬ وحدثه بعلته وكيف
كان ابتداؤها٬ فقال له جورجس أنا أدبرك كما تحب٬ فأمر الخليفة له في الوقت بخلعة جلية٬ وقال
للربيع أنزله في منزل جليل من دورنا٬ وأكرمه كما تكرم أخص الأهل٬ ولما كان من غد دخل
إليه٬ ونظر إلى نبضه٬ وإلى قارورة الماء٬ ووافقه على تخفيف الغذاء٬ ودبره تدبيراً لطيفاً حتى
رجع إلى مزاجه الأول٬ وفرح به الخليفة فرحاً شديداً٬ وأمر أن يجاب إلى كل ما يسأل. ولما كان
بعد أيام قال الخليفة للربيع أرى هذا الرجل قد تغير وجهه٬ لا يكون قد منعته مما يشربه على
عادته؟ قال له الربيع لم نأذن له أن يدخل إلى هذه الدار مشروباً٬ فأجابه بقبيح وقال له لا بد أن
تمضي بنفسك حتى تحضره من المشروب كل ما يريده فمضى الربيع إلى قطربل٬ وحمل منها إلى
غاية ما أمكنه من الشراب الجيد٬ ولما كان بعد سنتين قال الخليفة لجورجس أرسل من يحضر
ابنك إلينا فقد بلغني أنه مثلك في الطب٬ فقال له جورجس: جندي سابور إليه محتاجة٬ وإن فارقها
انفسد أمر البيمارستان٬ وكان أهل المدينة إذا مرضوا ساروا إليه٬ وهاهنا معي تلامذة قد ربيتهم
وخرجتهم في الصناعة٬ حتى أنهم مثلي٬ فأمر الخليفة بإحضارهم في غد ذلك اليوم ليختبرهم٬
فلما  كان من غد أخذ معه عيسى بن شهلا وأوصله إليه٬ فسأله الخليفة عن أشياء وجده فيها حاد المزاج
حاذقاً بالصناعة٬ فقال الخليفة لجورجس ما أحسن ما وصفت هذا التلميذ وعلمته٬ قال فثيون ولما
كان في سنة إحدى وخمسين ومائة دخل جورجس إلى الخليفة في يوم الميلاد٬ فقال له الخليفة أي
شيء آكل اليوم؟ فقال له ما تريد٬ وخرج من بين يديه٬ فلما بلغ الباب رده٬ وقال له من يخدمك
هاهنا؟ فقال له تلامذتي٬ فقال له سمعت أنه ليست لك امرأة٬ فقال له لي زوجة كبيرة ضعيفة ولا
تقدر تنتقل إلّي من موضعها٬ وخرج من حضرته ومضى إلى البيعة٬ فأمر الخليفة خادمه سالماً إن
يختار من الجواري الروميات الحسان ثلاثاً٬ ويحملهن إلى جورجس مع ثلاث آلاف دينار٬ ففعل
ذلك٬ ولما انصرف جورجس إلى منزله٬ عرفه عيسى بن شهلا بما جرى٬ وأراه الجواري٬ فأنكر
أمورهن وقال لعيسى تلميذه يا تلميذ الشيطان لِم أدخلت هؤلاء منزلي؟ امض ردهن إلى صاحبهن؛
ثم ركب جورجس وعيسى ومعه الجواري إلى دار الخليفة٬ وردهن على الخادم٬ فلما اتصل الخبر
بالمنصور أحضره وقال له لِم رددت الجواري؟ قال له هؤلاء لا يكونون معي في بيت واحد لأنا
نحن معشر النصارى لا نتزوج بأكثر من امرأة واحدة٬ وما دامت المرأة في الحياة لا نأخذ غيرها٬
فحسن موقعه من الخليفة٬ وأمر في وقته أن يدخل جورجس إلى حظاياه وحرمه ويخدمهن٬ وزاد
موضعه في عينه وعظم محله.
قال فثيون ولما كان في سنة مائة واثنتين وخمسين سنة٬ مرض جورجس مرضا صعباً٬ وكان
الخليفة يرسل إليه في كل يوم الخدم حتى يعرف خبره٬ ولما اشتد مرض جورجس٬ أمر به الخليفة
فحمل على سرير إلى دار العامة٬ وخرج إليه الخليفة ماشياً وراءه وسأله عن خبره٬ فبكى
جورجس بكاء شديدا وقال له إن رأى أمير المؤمنين٬ أطالّالله بقاءه٬ إن يأذن لي في المصير إلى
بلدي لأنظر إلى أهلي وولدي٬ وإن مت قبرت مع آبائي٬ فقال الخليفة يا جورجس اتقَّالله وأَْسلِم٬
وأنا أضمن لك الجنة. قال جورجس أنا على دين آبائي أموت٬ وحيث يكون آبائي أحب أن أكون٬
إما في الجنة أو في جهنم٬ فضحك الخليفة من قوله وقال له وجدت راحة عظيمة في جسمي منذ
رأيتك وإلى هذه الغاية٬ وقد تخلصت من الأمراض التي كانت تلحقني٬ قال له جورجس إني أخلف
بين يديك عيسى وهو تربيتي٬ فأمر الخليفة أن يخرج جورجس إلى بلده٬ وأن يدفع إليه عشرة
آلاف دينار٬ وأنفذ معه خادماً وقال إن مات في طريقه فاحمله إلى منزله ليدفن هناك كما آثر٬
فوصل إلى بلده حياً٬ وحصل عيسى بن شهلا في الخدمة٬ وبسط يده على المطارنة والأساقفة٬
يأخذ أموالهم لنفسه حتى أنه كتب إلى مطران نصيبين كتاباً يلتمس منه فيه من آلات البيعة أشياء
جليلة المقدار٬ ويتهدده متى أخرها عنه٬ وقال في كتابه إلى المطران ألست تعلم أن أمر الملك
بيدي إن شئت أمرضته وإن شئت عافيته٬ فعندما وقف المطران على الكتاب احتال في التوصل٬
حتى وافى الربيع وشرح له صورته٬ وأقرأه الكتاب٬ فأوصله الربيع إلى الخليفة حتى عرف شرح
ما جرى٬ فأمر بنفي عيسى بن شهلا بعد أن أخذ منه جميع ما ملكه٬ ثم قال الخليفة للربيع سل عن
جورجس٬ فإن كان حياً فأنفذ من يحضره٬ وإن كان قد مات فاحضر ابنه٬ فكتب الربيع إلى العامل
بجندي سابور في ذلك٬ واتفق أن جورجس سقط في تلك الأيام من السطح وضعف ضعفاً فلما
خاطبه أمير البلد قال له أنا أنفذ إلى الخليفة طبيباً ماهراً يخدمه إلى أن أصلح وأتوجه إليه٬ وأحضر
إبراهيم تلميذه٬ وأنفذه إلى الأمير مع كتاب شرح فيه حال جورجس إلى الربيع٬ فلما وصل إلى
الربيع أوصله إلى الخليفة٬ وخاطبه الخليفة في أشياء فوجده فيها حاد المزاج جيد الجواب٬ فقربه
وأكرمه وخلع عليه٬ ووهب له مالاً واستخلصه لخدمته ولم يزل في الخدمة إلى أن مات المنصور.
ولجورجس من الكتب كناشه المشهور٬ ونقله حنين بن إسحاق من السرياني إلى العربي.
المرجع: عيون الأنباء في طبقات الأطباء



بختيشوع بن جورجس

تو. 941م
ومعنى بختيشوع عبد المسيح٬ لأن في اللغة السريانية البخت العبد٬ ويشوع عيسى عليه السلام٬
وكان بختيشوع يلحق بأبيه في معرفته بصناعة الطب ومزاولته لأعمالها٬ وخدم هارون الرشيد
وتميز في أيامه٬ قال فثيون الترجمان: لما مرض موسى الهادي أرسل إلى جندي سابور من
يحضر له بختيشوع٬ فمات قبل قدوم بختيشوع. وكان من خبره أنه جمع الأطباء٬ وهم أبو قريش
عيسى٬ وعبدَّالله الطيفوري٬ وداؤد بن سرابيون وقال لهم أنتم تأخذون أموالي وجوائزي٬ وفي
وقت الشدة تتقاعدون بي٬ فقال له أبو قريش علينا الاجتهاد وَّالله يهب السلامة٬ فاغتاظ من هذا فقال
له الربيع: قدُوصف لنا أن بنهر صرصر طبيباً ماهراً يقال له عبد يشوع بن نصر٬ فأمر
بإحضاره وبأن تضرب أعناق الأطباء٬ فلم يفعل الربيع هذا لعلمه باختلال عقله من شدة المرض٬
ولأنه كان آمناً منه٬ ووجه إلى صرصر حتى أحضر الرجل٬ ولما دخل على موسى قال له رأيت
القارورة؟ قال نعم يا أمير المؤمنين٬ وها أنا أصنع لك دواء تأخذه٬ وإذا كان على تسع ساعات تبرأ
وتتخلص وخرج من عنده٬ وقال للأطباء٬ لا تشغلوا قلوبكم فإنكم في هذا اليوم تنصرفون إلي
بيوتكم٬ وكان الهادي قد أمر بأن يدفع إليه عشرة آلاف درهم ليبتاع له بها الدواء٬ فأخذها ووجه
بها إلى بيته٬ وأحضر أدوية وجمع الأطباء بالقرب من موضع الخليفة وقال لهم دقوا حتى يسمع
وتسكن نفسه٬ فإنكم في آخر النهار تتخلصون٬ وكان كل ساعة يدعو به ويسأله عن الدواء فيقول
له هو ذا تسمع صوت الدق فيسكت٬ ولما كان بعد تسع ساعات مات وتخلص الأطباء؛ وهذا في
سنة سبعين ومائة.
قال فثيون ولما كان في سنة إحدى وسبعين ومائة٬ مرض هارون الرشيد من صداع لحقه٬ فقال
ليحيى بن خالد هؤلاء الأطباء ليسوا يحسنون شيئاً فقال له يحيى يا أمير المؤمنين٬ أبو قريش
طبيب والدك ووالدتك٬ فقال ليس هو بصيراً بالطب٬ إنما كرامتي له لقديم حرمته٬ فينبغي أن
تطلب لي طبيباً ماهراً٬ فقال له يحيى بن خالد أنه لما مرض أخوك موسى٬ أرسل والدك إلى جندي
سابور حتى حضر رجلاً يعرف ببختيشوع٬ قال له فكيف تركه يمضي؟ فقال لما رأى عيسى أبا
قريش٬ ووالدتك يحسدانه اذن له في الإنصراف إلى بلده٬ فقال له أرسل بالبريد حتى يحملوه إن
كان حياً٬ ولما كان بعد مدة مديدة وافى بختيشوع الكبير بن جورجس٬ ووصل إلى هارون الرشيد
ودعا له بالعربية وبالفارسية٬ فضحك الخليفة٬ وقال ليحيى بن خالد أنت منطقي فتكلم معه حتى
أسمع كلامه٬ فقال له يحيى بل ندعو بالأطباء٬ فدعى بهم٬ وهم أبو قريش عيسى٬ وعبدَّالله
الطيفوري٬ وداود بن سرابيون٬ وسرجس٬ فلما رأوا يختيشوع قال أبو قريش يا أمير المؤمنين
ليس في الجماعة من يقدر على الكلام مع هذا٬ لأنه كون الكلام هو وأبوه وجنسه فلاسفة فقال
الرشيد لبعض الخدم أحضره ماء دابٍّة حتى نجربه فمضى الخادم وأحضره قارورة الماء٬ فلما رآه
قال يا أمير المؤمنين ليس هذا بول إنسان٬ قال له أبو قريش كذبت هذا ماء حظية الخليفة٬ فقال له
بختيشوع لك أقول أيها الشيخ الكريم لم يبل هذا الإنسان البتة٬ وإن كان الأمر على ما قلت فلعلها
صارت بهيمة٬ فقال له الخليفة من أين علمت أنه ليس ببول إنسان؟ قال له بختيشوع لأنه ليس له
قوام بول الناس٬ ولا لونه ولا ريحه٬ قال له الخليفة بين يدي من قرأت؟ قال له قدام أبي جورجس
قرأت٬ قال له الأطباء أبوه كان اسمه جورجس٬ ولم يكن مثله في زمانه٬ وكان يكرمه أبو جعفر
المنصور إكراماً شديداً٬ ثم التفت الخليفة إلى بختيشوع فقال له ما ترى أن نطعم صاحب هذا
الماء؟ فقال شعيراً جيداً٬ فضحك الرشيد ضحكاً شديداً٬ وأمر فخلع عليه خلعة حسنة جليلة٬ ووهب
له مالاً وافراً٬ وقال بختيشوع يكون رئيس الأطباء كلهم٬ وله يسمعون ويطيعون.
ولبختيشوع بن جرجس من الكتب٬ كناش مختصر٬ كتاب التذكرة ألفه لابنه جبرائيل.
المرجع: عيون الأنباء في طبقات الأطباء



عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الأربعاء 04 نوفمبر 2015, 6:28 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69641
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

علماء وفلاسفه ورحالة Empty
مُساهمةموضوع: رد: علماء وفلاسفه ورحالة   علماء وفلاسفه ورحالة Emptyالأربعاء 04 نوفمبر 2015, 6:27 am

بـن البيـطار


م1197­1248
هو أبو محمد ضياء الدين عبد الله بن أحمد بن البيطار الأندلسي الشهير بالعّشاب المالقي. ولد في
مالقة في الأندلس في أواخر القرن السادس الهجري. وهو طبيب وعشاب٬ ويعتبر من أشهر علماء
النبات عند العرب.
تلقى العلم بالأندلس والمغرب. من أساتذته٬ في علم الأدوية ومعرفة
النبات٬ أحمد بن محمد بن مفرج المعروف بابن الّرومية . ودرس
على أبي العباس النباتي الأندلسي الذي كان يعشب٬ أي يجمع النباتات
لدرسها وتصنيفها في منطقة أشبيلية.
وابن مفرج هذا من أهم علماء الأندلس في القرن السابع الهجري.
وكان على معرفة واسعة بالنبات وأنواع العشب٬ حتى فاق أهل
عصره٬ ورحل لطلب العلم ومعرفة المهم من الأعشاب في منابتها٬
فزار عدداً من أقطار البحر المتوسط والمشرق العربي. وألف كتاب " الرحلة المشرقية " الذي
نقل منه ابن البيطار وذكره كثيرا في كتابه الجامع. وكتاب الرحلة هذا مفقود٬ ولم يبق منه إلا ما
نقله ابن البيطار .كما تعلّم على عبد الله بن صالح الحريري الكتامي.
سافر ابن البيطار٬ وهو في أول شبابه٬ إلى المغرب٬ فجاب مراكش والجزائر وتونس٬ معشباً
ودارساً وقيل أنه تجاوز إلى بلاد الأغارقة وأقصى بلاد الروم٬ آخذاً من علماء النبات فيها. وأقام
في دمشق حيث صاحبه ابن أبي أصيبعة٬ ثم انتقل إلى مصر حيث استقر به الحال في القاهرة٬
متصلاً بخدمة الملك الأيوبي الكامل الذي عينه (رئيساً على سائر العشابين وأصحاب البسطات)
كما يقول ابن أبي أصيبعة٬ وكان يعتمد عليه في الأدوية المفردة والحشائش. ثم خدم ابنه الملك
الصالح نجم الدين أيوب صاحب دمشق.
من دمشق كان ابن البيطار يقوم بجولات في مناطق الشام والأناضول٬ فيعشب ويدرس. وفي هذه
الفترة اتصل به ابن أبي أصيبعة صاحب (عيون الأنباء في طبقات الأطباء)٬ فشاهد معه كثيراً من
النبات بظاهر دمشق٬ وقرأ معه تفاسير أدوية كتاب ديسقوريدس. قال ابن أبي أصيبعة: (فكنت آخذ
من غزارة علمه ودرايته شيئاً كثيراً. وكان لا يذكر دواء إلا ويعين في أي مكان هو من كتاب
ديسقوريدس وجالينوس٬ وفي أي عدد هو من الأدوية المذكورة في تلك المقالة).
وقد توفي ابن البيطار بدمشق سنة 646 هـ٬ تاركاً مصنفات أهمها: كتاب الجامع لمفردات الأدوية
والأغذية٬ وهو معروف بمفردات ابن البيطار٬ وقد سماه ابن أبي أصيبعة (كاتب الجامع في
الأدوية المفردة)٬ وهو مجموعة من العلاجات البسيطة المستمدة من عناصر الطبيعة٬ وقد ترجم
وطبع.
كتاب الجامع لمفردات الأدوية والأغذية استمد منه ابن البيطار شهرة واسعة حيث أورد فيه أقوال
المتقدمين والمتأخرين في طبائع الأدوية وقواها ومنافعها وأضاف إليها تعليقات من عنده اكتسبها
بواسع خبرته ورحلاته وطول معاناته لهذه الصناعة. وله كتب أخرى في هذا المجال.
رتّب ابن البيطار كتاب " الجامع لمفردات الأدوية والأغذية على حروف المعجم مراعيًا الحرفين
الأّولين٬ وجمع في كل حرٍف أسماء العشب والحيوان والأحجار. كما أورد فيه عدًدا من الأدوية
المرّكبة وهو يفسر ماهية كل مادة ويرجع إلى أقوالَمن سبقه في بعض الأحيان٬ وربما علّق على
بعضها لتصحيح قول أو لترجيح رأي آخر. وقد اعتمد على مصادر كثيرة٬ ونبّه في كتابه إلى
أوهام وأخطاء وقع فيها من سبقه.
أورد ابن البيطار أسماء الأعشاب والحيوان والأحجار بمختلف اللّغات٬ وذكر أسماءها الدارجة
المشهورة.
كما له كتاب المغني في الأدوية المفردة٬ يتناول فيه الأعضاء واحداً واحداً٬ ويذكر طريقة
معالجتها بالعقاقير. كما ترك ابن البيطار مؤلفات أخرى٬ أهمها كتاب الأفعال الغريبة٬ والخواص
العجيبة٬ والإبانة والإعلام على ما في المنهاج من الخلل والأوهام.
ومن صفات ابن البيطار٬ كما جاء على لسان ابن أبي أصيبعة٬ أنه كان صاحب أخلاق سامية٬
ومروءة كاملة٬ وعلم غزير. وكان لابن البيطار قوة ذاكرة عجيبة٬ وقد أعانته ذاكرته القوية على
تصنيف الأدوية التي قرأ عنها٬ واستخلص من النباتات العقاقير المتنوعة فلم يغادر صغيرة ولا
كبيرة إلا طبقها٬ بعد تحقيقات طويلة. وعنه يقول ماكس مايرهوف: أنه أعظم كاتب عربي ظهر
في علم النبات.
جاء في كتاب "عيون الأنباء في طبقات الأطباء" لابن أبي أصيبعة:
" هو الحكيم الأجل العالم أبو محمد عبدَّالله بن أحمد المالقي النباتي٬ ويعرف بابن البيطار٬ أوحد
زمانه٬ وعلامة وقته في معرفة النبات وتحقيقه واختياره٬ ومواضع نباته٬ ونعت أسمائه على
اختلافها وتنوعها٬ سافر إلى بلاد الأغارقة وأقصى بلاد الروم٬ ولقي جماعة يعانون هذا الفن٬
وأخذ عنهم معرفة نبات كثير٬ وعاينه في مواضعه٬ واجتمع أيضاً في المغرب وغيره بكثير من
الفضلاء في علم النبات٬ وعاين منابته٬ وتحقق ماهيته٬ وأتقن دراية كتاب ديقوريدس إتقانا بلغ فيه
إلى أن لا يكاد يوجد من يجاريه فيما هو فيه٬ وذلك أنني وجدت عنده من الذكاء والفطنة والدراية
في النبات٬ وفي نقل ما ذكره ديسقوريدس وجالينوس فيه ما يتعجب منه٬ وأول اجتماعي به كان
بدمشق في سنة ثلاث وثلاثين وستمائة٬ ورأيت أيضاً من حسن عشرته٬ وكمال مروءته٬ وطيب
أعراقه٬ وجودة أخلاقه ودرايته٬ وكرم نفسه٬ ما يفوق الوصف ويتعجب منه.
ولكن شاهدت معه في ظاهر دمشق كثيراً من النبات في مواضعه وقرأت عليه أيضاً تفسيره
لأسماء أدوية كتاب ديسقوريدس فكنت أجد من غزارة علمه ودرايته وفهمه شيئاً كثيراً جداً٬ وكنت
أحضر لدينا عدة من الكتب المؤلفة في الأدوية المفردة مثل كتاب ديسقوريدس وجالينوس والغافقي
وأمثالها من الكتب الجليلة في هذا الفن٬ فكان يذكر أولا ما قاله ديسقوريدس في كتابه باللفظ
وأفعاله٬ ويذكر أيضاً ما قاله جالينوس فيه من نعته ومزاجه وأفعاله وما يتعلق بذلك٬
ويذكر أيضاً اليوناني على ما قد صححه في بلاد الروم٬ ثم يذكر جمل ما قاله ديسقوريدس من نعته وصفته
جملاً من أقوال المتأخرين وما اختلفوا فيه٬ ومواضع الغلط والاشتباه الذي وقع لبعضهم في نعته٬
فكنت أراجع تلك الكتب معه٬ ولا أجده يغادر شيئاً مما فيها٬ وأعجب من ذلك أيضاًأنه كان ما يذكر
دواء إلا ويعين في أي مقالة هو من كتاب ديسقوريدس وجالينوس٬ وفي أي عدد هو من جملة
الأدوية المذكورة في تلك المقالة٬وكان في خدمة الملك الكامل محمد بن أبي بكر بن أيوب٬ وكان
توجه إلى القاهرة فخدم الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الملك الكامل٬ وكان حظياً عنده متقدماً وأصحاب البسطات٬
ولم يزل في خدمته إلى أن توفى الملك الكامل رحمهَّالله بدمشق٬ وبعد ذلك يعتمد عليه في الأدوية المفردة والحشائش٬
وجعله في الديار المصرية رئيساً على سائر العشابين في أيامه٬
وكانت وفاة ضياء الدين العشاب رحمهَّالله بدمشق في شهر شعبان سنة ست وأربعين وستمائة فجأة.
ولضياء الدين بن البيطار من الكتب٬ كتاب الإبانة والإعلام٬ بما في المنهاج من الخلل والأوهام٬
شرح أدوية كتاب ديسقوريدس٬ كتاب الجامع في الأدوية المفردة٬ وقد استقصى في ذكر الأدوية
المفردة وأسمائها وتحريرها وقواها ومنافعها٬ وبين الصحيح منها وما وقع الاشتباه فيه٬ ولم يوجد
في الأدوية المفردة كتاب أجل ولا أجود منه٬ وصنفه للملك الصالح نجم الدين أيوب بن الملك
الكامل٬ كتاب المغني في الأدوية المفردة٬ وهو مرتب بحسب مداواة الأعضاء الآلمة٬ كتاب
الأفعال الغريبة والخواص العجيبة".




الطَّبـري

م 923 ­ 839
ولد أبو جعفر محمد بن جرير الطّبري في آمل٬ عاصمة إقليم طبرستان٬ سنة 224 للهجرة٬ وتوفّي
في بغداد سنة 310 للهجرة.
قال عنه ابن خلكان في وفيات الأعيان: (( هو أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد بن خالد٬
الطبري٬ وقيل يزيد بن كثير ابن غالب٬ صاحب التفسير الكبير والتاريخ الشهير٬ كان إماما في
فنون كثيرة منها التفسير والحديث والفقه والتاريخ وغير ذلك٬ وله مصنفات مليحة في فنون عديدة
تدل على سعة علمه وغزارة فضله٬ وكان من الأئمة المجتهدين٬ لم يقلد أحدا٬ وكان أبو الفرج
المعافى بن زكريا النهرواني المعروف بابن طرارا على مذهبه ­ وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى

وكان ثقة في نقله٬ وتاريخه أصح التواريخ وأثبتها٬ وذكره الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في طبقات
الفقهاء في جملة المجتهدين٬ ورأيت في بعض المجاميع هذه الأبيات منسوبة إليه٬ وهي:
إذا اعسرت لم يعلم شقـيقـي وأستغني فيستغني صـديقـي
حيائي حافظ لي ماء وجهـي ورفقي في مطالبتي رفيقـي
ولو أني سمحت ببذل وجهـي لكنت إلى الغنى سهل الطريق
وكانت ولادته سنة أربع وعشرين ومائتين٬ بآمل طبرستان٬ وتوفي يوم السبت آخر النهار٬ ودفن
يوم الأحد في داره٬ في السادس والعشرين من شوال سنة عشر وثلثمائة ببغداد٬ رحمه الله تعالى.
ورايت بمصر في القرافة الصغرى عند سفح المقطم قبرا يزار٬ وعند رأسه حجر عليه مكتوب
هذا قبر ابن جرير الطبري والناس يقولون: هذا صاحب التاريخ٬ وليس بصحيح٬ بل الصحيح أنه
ببغداد٬ وكذلك قال ابن يونس في تاريخ مصر المختص بالغرباء: إنه توفي ببغداد. وأبو بكر
الخوارزمي الشاعر المشهور ابن أخته ­ وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى٬ وقد سبق الكلام على
الطبري)) .
تنقّل الطّبري متعلًما في آمل وغيرها من مدن طبرستان ثم في الري ثم في البصرة ثم في واسط
والكوفة وبغداد وبيروت ومصر.. وهو في تنقّله في طلب العلم٬ انصرف إلى العمل كاتبًا ومؤلفًا
حيث أخرج كتاب التاريخ الكبير والتفسير المشهور وكتبًا في الفقه.
والطبري من أهل القرن الثالث للهجرة والتاسع للميلاد٬ وهو القرن الذي اتصل فيه العرب
والمسلمون بينابيع الفكر المختلفة في الشرق والغرب والقديم والحديث. لكن الطبري لم يتجه نحو
العلوم الفلسفية أو العلوم الطبيعية٬ ولكن ما أثّر فيه هو الحديث٬ روايةً وإسناداً وضبطاً. كان
أسلوبه أسلوب مصطلح الحديث٬ فهو يروي الروايات المختلفة بإسنادها الدقيق المتسلسل. وكتابه
في التاريخ "َمْعلَم في طريق الكتابة التاريخية العربية الإسلامية" يعتبر كنزاً من كنوز المعرفة
التاريخية الهاّمة. وهو أول كتاب في التاريخ العام٬ كان تتمة لما سبقه ومصدًرا لما جاء بعده. وقد
جمع الكثير من أخبار العرب في الجاهلية٬ وبذلكُحفِظَت من الضياع. ولعّل تاريخ الفُرس في
الأزمنة الّسابقة للإسلام متوفر في كتابه ولا يوجد له مصدر سواه. وتاريخ الطّبري غني
بالنّصوص الأدبية٬ فيها الّشعر والخطب والمحاورات. وقد نقل عنه لاحقوه كمسكويه وابن الأثير
وأبي الفداء وابن خلدون.
درس الطبري المذاهب كلها٬ ومع أنه سار مع المذهب الشافعي بعض الوقت٬ فإنه لم يلبث أن
استقّل بمذهٍب اختاره لنفسه. وقد أوضح موقفه مع ذلك في كتابه الُمسّمى "لطيف القول في أحكام
شرائع الإسلام". وقد كان له تلاميذ في مذهبه يدافعون عنه٬ لكن ذلك انقطع بعد القرن الرابع.
ومن سوء الحظ أن كتب الفقه التي ألّفها الطبري في مذهبه فُقَِدت ولم يُسلّم منها إلا كتاب "اختلاف
الفقهاء".
في هذا الكتاب تناول الطبري عدداً من الأحكام الفقهية. وكان يورد بالنسبة إلى كل مسألة آراء
الفقهاء عاّمةً٬ وهم: أبو حنيفة وأبو يوسف والشافعي ومالك والأوزاعي وابن حنبل وغيرهم مّمن
سبقهم. وقد يورد آراءهم مفصلة٬ فإذا انتهى من هذا في بعض المواضيع٬ أبدى رأيه الّشخصي.
وبَْيَن اختلاف الفقهاء وكل من التاريخ والتفسير فرق٬ وهو أّن الطّبري لم يورد الإسناد في
الاختلاف. بل اكتفى بوضع الرواية أو الرأي. والمهّم أن الطبري يبدو في هذا الكتاب صاحب
معرفة بالفقه٬ كما بدا من قبل مؤرًخا ومفسًرا.
الطبري قّمة من قمم الفكر العربي الإسلامي الشوامخ؛ فهو مؤّسس علم التاريخ وواضع الكتاب
الرئيسي في التفسير.
كان الطبري من أكثر علماء عصره نشاطا في التأليف٬ أشهر مؤلفاته تفسيره المعروف بتفسير
الطبرٍي وكتاب تاريخ الأمم والملوك ويسمي تاريخ الطبري. قال أبو محمد الفرغاني: تم من كتب
محمد بن جرير كتاب التفسير الذي لو ادعى عالم أن يصنف منه عشرة كتب كل كتاب يحتوي
على علم مفرد مستقصى لفعل وتم من كتبه كتاب التاريخ إلى عصره وتم أيضا كتاب تاريخ
الرجال من الصحابة والتابعين وإلى شيوخه الذين لقيهم وتم له كتاب لطيف القول في أحكام شرائع
الإسلام وهو مذهبه الذي اختاره وجوده واحتج له وهو ثلاثة وثمانون كتابا وتم له كتاب القراءات
والتنزيل والعدد وتم له كتاب اختلاف علماء الأمصار وتم له كتاب الخفيف في أحكام شرائع
الإسلام وهو مختصر لطيف وتم له كتاب التبصير وابتدأ بتصنيف كتاب تهذيب الآثار ومات قبل
تمامه.
أهم كتبه:
تفسير الطبرٍي.
تاريخ الأمم والملوك
كتاب آداب النفس الجيدة والأخلاق النفيسة.
اختلاف علماء الأمصار في أحكام شرائع الإسلام.
صريح السنة (يوضح فيه مذهبه وعقيدته).
الفصل بين القراءات.
آداب القضاة.
فضائل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.



ابن الهيثم

م1039 ­ 965
محمد بن الحسن بن الحسن بن الهيثم أبو علي البصري٬ لقب بالبصري نسبة إلى مدينة البصرة.
ابن الهيثم هو عالم عربي في الرياضيات والبصريات والهندسة له العديد من المؤلفات
والمكتشفات العلمية التي أكدها العلم الحديث.
ولد الحسن أبو علي بن الحسن بن الهيثم في البصرة سنة 354 للهجرة في عصر
كان يشهد ازدهارا في مختلف العلوم من رياضيات وفلك وطب وغيرها٬ هناك
انكب على دراسة الهندسة والبصريات وقراءة كتب من سبقوه من علماء اليونان و
العالم الأندلسي الزهراوي وغيرهم في هذا المجال٬ كتب عدة رسائل وكتب في
تلك العلوم وساهم على وضع القواعد الرئيسية لها٬ وأكمل ما كان قد بدأه العالم
الكبير الزهراوي.
وكان في كل أحواله زاهًدا في الدنيا؛ درس في بغداد الطب٬ واجتاز امتحانًا مقرًرا لكل من يريد
العمل بالمهنة٬ وتخصص في طب الكحالة (طب العيون)٬ كان أهل بغداد يقصدونه للسؤال في
عدة علوم٬ برغم أن المدينة كانت زاخرة بصفوة من كبار علماء العصر. وتوفي سنة 430 للهجرة
في القاهرة.
شهد ابن الهيثم عصرا صاخباً بجلبة الحركة الفكرية المتدفقة ومزدهراً بشتى الآراء٬ لا في أمور
الإعتقادات والمذاهب الشرعية٬ ولا في أمور اللغة والأدب فحسب٬ بل في الأمور الفلسفية العقلية
والعلوم التعليمية أيضاً.
قضى في مرحلة طويلة من حياته يدرس كل ما وقعت عليه يداه مما كان متوافرا من كتب
المتقدمين. ولم يكن ابن الهيثم يكتفي بقراءة هذه الكتب٬ بل كان يعد لها خلاصات٬ ومذكرات لكي
يدرك دقائق المعاني الواردة فيها وينتفع بها طلاب العلم٬ بالإضافة إلى أنه كان مهندسا عمليا. فقد
وضع كتابين في ذلك: أحدهما في عقود الأبنية والثاني في المساحة.
عاصر ابن الهيثم الخليفة الحاكم بأمر الله الذي كان يرعى العلماء في القاهرة والذي أنشأ دار
الحكمة التيُعِرفت بدار العلم أيضا٬ وقد دعا الحاكم ابن الهيثم للحضور إلى مصر لما سمع به٬
فجاء الى القاهرة.
جاء في كتاب (أخبار الحكماء) للقفطي على لسان ابن الهيثم: "لو كنت بمصر لعملت بنيلها عملاً
يحصل النفع في كل حالة من حالاته من زيادة ونقصان".
فوصل قوله هذا إلى الحاكم بأمر الله الفاطمي٬ فأرسل إليه بعض الأموال سًرا٬ وطلب منه
الحضور إلى مصر. وأمده بما يريد للقيام بهذا المشروع٬ ولكن ابن الهيثم بعد أن حدد مكان إقامة
وباشر دراسة النهر على طول مجراه٬ ولما وصل إلى قرب أسوان وجد مياه النيل تنحدر منه من
كافة جوانبه٬ أدرك أنه كان واهًما متسرًعا في ما ادعى المقدرة عليه وهو بناء سد يحجز ماء
الفيضان٬ وأنه عاجز على البّر بوعده بإمكانات عصره٬ فاعتذر للحاكم بأمر الله. حينئذ عاد إلى
الحاكم بأمر با䲹Ā معتذراً٬ فقبل عذره وولاه أحد المناصب.غير أن ابن الهيثم خاف غضب الحاكم
عليه٬ فخشي أن يكيد له٬ وتظاهر بالجنون٬ وظل على التظاهر به حتى وفاة الحاكم الفاطمي. وبعد
وفاته عاد عن التظاهر بالجنون٬ وسكن قبة على باب جامع الأزهر٬ ومن مهنة نسخ بعض الكتب
العالمية مورًدا لرزقه٬ هذا بخلاف التأليف والترجمة؛ حيث كان متمكنًا من عدة لغات٬ وتفرغ في
سائر وقته للتأليف والتجربة٬ وذلك حتى وفاته في عام 1039 م٬ وقد وصل ما كتبه إلى 237
مخطوطة ورسالة في مختلف فروع العلم والمعرفة٬ وقد اختفى جزء كبير من هذه المؤلفات .
َغَرُض ابن الهيثم من البحوث الطبيعية الكشف في أحكام أو قواعد أو قوانين٬ ثم البناء على ما
ينكشف منها. فهو٬ لا شك يعتقد أن ظواهر الطبيعة تجري على نظام٬ ويتكرر حدوثها على نهج
واحد يتوافر فيه التجانس والإنسجام والتماثل. وفي كتاب المناظر الكبير٬ كان ابن الهيثم يضع هذه
القاعدة نصب عينيه٬ وليس المهم أنه اكتشف قواعد الضوء والبصر والنظر وما إلى ذلك٬ لكن
المهم أيضا أنه اتبع في الوصول إلى ذلك طريقة علمية. والطريقة العلمية التي اعتمدها ابن الهيثم
تعتمد على العناصر الثلاثة المهمة٬ هي: الاستقراء والقياس والتمثيل.
وكان ابن الهيثم يرى أن تضارب الآراء هو الطريق الوحيد لظهور الحقيقة. وقد جعل من التجربة
العملية منهاًجا ثابتًا في إثبات صحة أو خطأ النتائج العقلية أو الفرضيات العلمية٬ وبعد ذلك يحاول
التعبير عن النتيجة الصحيحة بصياغة رياضية دقيقة.
استدل في جميع بحوثه في الضوء على القواعد والقوانين الأساسية بتجارب. وفي جميع هذه
التجارب اتخذ أجهزة أو آلات خاصة جرى استعمالها على نظام خاص.. وعمله لم يكن مقصورا
على مجرد إجراء التجارب٬ بل تضمن إنشاء أجهزة أو آلات استعملها في تلك البحوث. فكان ابن
الهيثم مؤسس علم الضوء وقد وضع أسس هذا العلم في كتابه المناظر. وقد ألف هذا الكتاب عام
411هـ/ 1021م٬ وفيه استثمر خبرته الطبية٬ وتجاربه العلمية٬ فتوصل فيه إلى نتائج وضعته
على قمة عالية في المجال العلمي٬ وصار بها أحد المؤسسين لعلوم غيّرت من نظرة العلماء لأمور
كثيرة في هذا المجال حتى لقبه العلماء ( أمير النور ).
درس ابن الهيثم العين من الناحية الطبيعية٬ وبيّن كيف تنتقل صور المرئيات إلى الدماغ٬ وشرح
العين وبيّن طبقاتها٬ كالشحمة البيضاء والعنبية والبؤبؤ والقرنية والجليدية والزجاجية٬ وبيّن كيفية
انطباع الصورة وانسلاخها٬ ووضوح الرؤية٬ والعوامل المساعدة على الإبصار والإدراك
وأخطاء البصر. كما بيّن ابن الهيثم أسباب حركة الحدقة واتساع البؤبؤ وانحساره٬ ورسم العين
رسوما تبنّاها العلم الحديث لدقتها ودقة رسم الشرايين فيها٬ وعملية توزيع الدم والغذاء في
شبكتيها٬ كما شرح العضلات والشرايين وبحث في تكّون الجنين وخروجه وتشريح أجزائه.
كما وصف تأثير الموسيقى في الحيوان والناس في حالة المرض.
أما في علم الفلك فلابن الهيثم حوالي 20 مخطوطة في هذا المجال٬ وقد استخدم عبقريته الرياضية
في مناقشة كثير من الأمور الفلكية٬ كما ناقش في رسائله بعض الأمور الفلكية مناقشة منطقية٬
عكست عبقرية الرجل من جانب٬ ومن جانب آخر عمق خبرته وعلمه بالفلك٬ ومن أمثله مؤلفاته:
ارتفاع القطب: وفيه استخرج ارتفاع القطب٬ وتحديد خط عرض أي مكان.
أضواء الكواكب: اختلاف منظر القمر.
ضوء القمر: وأثبت أن القمر يعكس ضوء الشمس وليس له ضوء ذاتي.
الأثر الذي في وجه القمر: وفيها ناقش الخطوط التي تُرى في وجه القمر٬ وتوصل إلى أن القمر
يتكون من عدة عناصر٬ يختلف كل منها في امتصاص وعكس الضوء الساقط عليه من الشمس٬
ومن ثم يظهر هذا الأثر.
مقالة في التنبيه على مواضع الغلط في كيفية الرصد.
تصحيح الأعمال النجومية – ارتفاعات الكواكب.
أما في علم الميكانيكا كانت دراسته للظواهر الميكانيكية في إطار تجاربه في علم الضوء٬ ولكنه
توّصل إلى رصد أن للحركة نوعين:
­ الحركة الطبيعية : وهي حركة الجسم بتأثير من وزنه٬ وهو ما يعرف الآن باسم "السقوط
الحر".
­ الحركة العرضية : وهي الحركة التي تنتج من تأثير عامل خارجي (القوة)٬ وهو يرى في الجسم
الساقط سقوطًا حًرا أن سرعته تكون أقوى وأسرع إذا كانت مسافته أطول٬ وتعتمد بالتالي سرعته
على ثقله والمسافة التي يقطعها.
­ تحليل حركة الجسم: ينظر ابن الهيثم إلى حركة الجسم أنها مركبة من قسطين (مركبتين)٬ واحدة
باتجاه الأفق٬ والأخرى باتجاه العمود على الأفق٬ وأن الزاوية بين المركبتين قائمة٬ وأن السرعة
التي يتحرك بها الجسم هو محصلة هذين القسطين.
­ درس تغير سرعة الأجسام عند تصادمها بحسب خصائص هذه الأجسام وميز بين الاصطدام
المرن٬ وغير المرن٬ وكان ذلك عند تجربته بإلقاء كرة من الصلب (في دراسته لانعكاس الضوء)
على سطح من الحديد٬ وسقوطها على سطح من الخشب أو التراب.
وقد كان لابن الهيثم مساهماته الجليلة في العديد من العلوم غير علم البصريات؛ ففي علم
الرياضيات وضع العديد من المؤلفات٬ وقد صل إلينا منها 37 مخطوطًا٬ بعضها كان شرًحا
وتعليقًا على مؤلفات الأولين في هذا المجال٬ والبعض الآخر تأسيًسا لنظريات رياضية حول
خصائص المثلث والكرة٬ وكيفية استخراج ارتفاعات الأجسام٬ وغير ذلك.
ذكر أن لابن الهيثم ما يقرب من مئتي كتاب٬ خلا رسائل كثيرة٬ فقد ألف في الهندسة والطبيعيات٬
والفلك٬ والحساب والجبر والطب والمنطق والأخلاق٬ بلغ منها مايتعلق بالرياضيات والعلوم
التعليمية٬ خمسة وعشرين٬ وما يتعلق منها بالفلسفة والفيزياء٬ ثلاثة وأربعين٬ أما ماكتبه في الطب
فقد بلغ ثلاثين جزءاً٬ وهو كتاب في الصناعات الطبية نظمه من جمل وجوامع مارآه مناسباً من
كتب غالينوس٬ وهو ثلاثون كتاباً:
الأول في البرهان٬ والثاني في فرق الطب٬ والثالث في الصناعة الصغيرة٬ والرابع في التشريح٬
والخامس في القوى الطبيعية٬ والسادس في منافع الأعضاء٬ والسابع في آراء أبقراط وأفلاطون٬
والثامن في المني٬ والتاسع في الصوت٬ والعاشر في العلل والأعراض٬ والحادي عشر في
أصناف الحميات٬ والثاني عشر في البحران٬ والثالث عشر في النبض الكبير٬ والرابع عشر في
الأسطقسات على رأي أبقراط٬ والخامس عشر في المزاج والسادس عشر في قوى الأدوية المفردة
والسابع عشر في قوى الأدوية المركبة٬ والثامن عشر في موضوعات الأعضاء الآلمة٬ والتاسع
عشر في حيلة البرء٬ والعشرون في حفظ الصحة٬ والحادي والعشرون في جودة الكيموس
ورداءته٬ والثاني والعشرون في أمراض العين٬ والثالث والعشرون في أن قوى النفس تابعة
لمزاج البدن٬ والرابع والعشرون في سوء المزاج المختلف٬ والخامس والعشرون في أيام
البحران٬ والسادس والعشرون في الكثرة٬ والسابع والعشرون في استعمال الفصد لشفاء
الأمراض٬ والثامن والعشرون في الذبول٬ والتاسع والعشرون في أفضل هيئات البدن٬ والثلاثون
جمع حنين ابن إسحاق من كلام غالينوس وكلام أبقراط في الأغذية·
وتبين من تعداد هذه المصنفات أنه ألف في شؤون طبية هامة نقل معظمها عن غالينوس٬ ولكنه
علق عليها وزاد فيها٬ وألف كتباً أخرى٬ ذات صلة بالطب والمعالجة٬ كرسالته في تأثير اللحون
الموسيقية٬ في النفوس الحيوانية٬ وذلك في وقت لم تكن فيه معالجة بعض الأمراض النفسية٬
بالألحان الموسيقية قد وجدت طريقها أو احتلت مكانها في دنيا المعالجات النفسية·
أما الكتب التي قام بتأليفها:
كتاب المناظر:الذي يعد ثورة في عالم البصريات٬ فقد رفض فيه عدًدا من نظريات بطليموس في
علم الضوء٬ بعدما توصل إلى نظريات جديدة غدت نواة علم البصريات الحديث.
ومن أهم الآراء الواردة في الكتاب:
زعم بطليموس أن الرؤية تتم بواسطة أشعة تنبعث من العين إلى الجسم المرئي٬ولما جاء ابن
الهيثم نسف هذه النظرية ٬ فبين أن الرؤية تتم بواسطة الأشعة التي تنعكس من الجسم المرئي
باتجاه عين المبصر.
كما بيّن ابن الهيثم أن الشعاع الضوئي ينتشر في خط مستقيم ضمن وسط متجانس.
اكتشف ابن الهيثم ظاهرة انعكاس الضوء٬ وظاهرة انعطاف الضوء .
و من أهم منجزاته أنه شّرح العين تشريحاً كاملاً٬ وبين وظيفة كل قسم منها :
­ اختلاف منظر القمر
­ رؤية الكواكب
­ التنبيه على ما في الرصد من الغلط
أصول المساحة
­ أعمدة المثلثات
­ المرايا المحرقة بالقطوع
­ المرايا المحرقة بالدوائر
كيفـيات الإظلال
­ رسالة في الشفق
­ شرح أصول إقليدس
­ مقالة فی صورةالکسوف
­ رسالة فی مساحة المسجم المکافی
­ مقالة فی تربيع الدائرة
­ مقالة مستقصاة فی الاشکال الهلالية
­ خواص المثلث من جهة العمود
­ القول المعروف بالغريب فی حساب المعاملات
­ قول فی مساحة الکرة.
­ كتاب الجامع في أصول الحساب.
­ كتاب في تحليل المسائل الهندسية.
­ مقالة في التحليل والتركيب.
درس ابن الهيثم ظواهر إنكسار الضوء وإنعكاسه بشكل مفّصل ٬ وخالف الآراء القديمة كنظريات
بطليموس ٬ فنفى ان الرؤية تتم بواسطة أشعة تنبعث من العين ٬ كما أرسى أساسيات علم العدسات
وشّرح العين تشريحا كاملا . يعتبر كتاب المناظر Optics المرجع الأهم الذي استند عليه علماء
العصر الحديث في تطوير التقانة الضوئية٬ وهو تاريخياً أول من قام بتجارب الكاميرا Camera
و هو الاسم المشتق من الكلمة العربية : " قُمرة " وتعني الغرفة المظلمة بشباك صغير.
المراجع: موسوعة الويكيبيديا




الفارابـي

م 950 ­870
هو أبو نصر محمد بن أوزلغ بن طرخان الفارابي. ولد في مدينة فاراب وإليها انتسب. لا يُعرَف
شيئًا مهماً عن طفولته وشبابه٬ غير أنّه في حدود الأربعين من سنيه وفي عهد الخليفة المقتدر٬ وفد
إلى بغداد للإتصال بأئمة الحكمة والتزيّد من العلم٬ فانصرف إلى المطارحات اللّغوية مع ابن
السراج٬ وإلى دراسة المنطق على أبي بشر متى بن يونس. وبعد أن أقام على ذلك بُرهة٬ ارتحل
إلى مدينة حران وفيها يوحنا بن حيلان الحكيم٬ فأخذ عنه طرفاً من المنطق أيًضا٬ ثم قفل راجًعا
إلى بغداد مدينة الّسلام.
أكب الفارابي في بغداد على مطالعة الفلسفة واستخراج معانيها٬ فتناول بالّدرس والشرح والتعليق
جميع ما وصل إليه من كتب أرسطو. وقدُوجَد كتاب النّفس للمعلم الأول وعليه بخط أبي نصر:
"إني قرأت هذا الكتاب مئة مّرٍة".
إن أهّم ما يتميّز به الفارابي ثقافته الواسعة ونزعته إلى الزهد والتصّوف.
أما ثقافته فتظهر في هذه الطائفة الكبرى من الكتب والرسائل التيُذِكَرت له٬ وتدور موضوعاتها
على مختلف العلوم المعروفة آنذاك٬ من الطبيعية وما يتفّرع عنها٬ إلى الإلهيّات وعلوم الّدين
والاجتماع٬ إلى الموسيقى. وقدُرِوَي أنّه اخترع الآلة الموسيقية المعروفة بالقانون ووضع كتابا
في الموسيقى اسمه: "كتاب الموسيقى الكبير". ويَذُكُر ابن خلكان أّن الفارابي كان يتّقن سبعين
لسانًا٬ وعلى الرغم من المبالغة في هذا الرقم٬ فإنه دليل على اتساع هذه المعرفة.
أّما نزعة الفارابي الصوفية فبارزة في كل أطوار حياته بشكل زهٍد بالدنيا وانصراٍف شديٍد عن
ُمتعتها في المال والزوج والولد.
وضع الفارابي طائفةً جليلةً من الكتب والرسائل٬ ضاع أكثرها٬ وما وصلنا إلا القليل. ولم يُقّدر
لهذه الكتب أن تنشر في الشرق والغرب انتشار كتب ابن سينا وابن رشد٬ فظلّت مجهولةً إلا من
خاصة الُمْعتَنين بعلوم الفلسفة. حتى إذا كان القرن التاسع عشر٬ قام المستشرق ديترشي بجمع ما
أمكنه من مخطوطاتها فدرسها وقّدم لها وترجم بعضها إلى الألمانية ونشرها في سنتي 1890 و
1895 في مدينة لَْيِدن بهولندا؛ بعض هذه الكتب شروٌح وبعضها تصانيف.
من شروحه لأرسطو: "البرهان"٬ "العبارة"٬ "القياس"٬ "الخطابة"٬ "الجدل"٬ "المقّولات وسائر
كتب المنطق"٬ "السماء والعالم"٬ "السماع الطبيعي"٬ "الآثار العلوية"٬ "الأخلاق". بالإضافة إلى
شرح كتاب المجسطي لبطليموس٬ وكتاب إيساغوجي أو "المدخل إلى علم المنطق" لفرفوريوس
الصوري٬ وسواهما.
ومن تصانيفه: إحصاء العلوم٬ كتاب في الجمع بين رأيي الحكيمين أفلاطون وأرسطو طاليس٬
مقالة في معاني العقل٬ آراء أهل المدينة الفاضلة ومضاداتها ٬ كتاب السياسات المدنية٬ تحصيل
السعادة٬ التعليقات٬ عيون المسائل٬ مسائل فلسفية وأجوبة عنها. ومجموعة واسعة من الرسائل
والردود٬ منها رسالة في ماهية النفس٬ الّرد على الرازي٬ والّرد على الراوندي.
أّما في الموسيقى٬ فلهُ المؤلّفات التّالية: "كتاب الموسيقى الكبير"٬ "كتاب إحصاء العلوم" الّذي
يتضّمن جزءاً خاصاً بعلم الموسيقى. والواضح أّن الكتاب الأّول ­أّي كتاب الموسيقى الكبير­ هو
أهّم كتبه الموسيقيّة٬ وهو الّذي بقي موجوداً حتّى الوقت الحاضر وأمكن تحقيقه وطبعه وترجمته
إلى اللّغات الأوروبيّة. ولقد اهتّم الباجثون في أوروبّا والبلاد العربية بهذا الكتاب لأسباٍب منها أنّه
الكتاب الوحيد للفارابي الموجود حالياً في علم الموسيقى٬ ولأنّه من أهّم كتب الموسيقى في تراثنا
العربي٬ ولأنّه يضّم معلومات قيّمة تتناول جوانب الموسيقى العربية.
إّن دراسة مؤلّفات الفارابي٬ لا سيما كتاب الموسيقى الكبير٬ تعطينا صورةُمتكاملة عن البُعد
الفكري عند هذا النّابغة ومفهومه للموسيقى.
يُشير الفارابي إلى أّن كلمة موسيقى في استعمالات اللّغة العادية تدّل على الألحان؛ واللّحن هو
"كّل مجموعٍة من النّغم٬ُرتّبت ترتيباًُمّحدداً". لكّن الموسيقى من حيث هي صناعة أو فن شامل
تشتمل على الألحان والمبادىء التّي بها تلتئُم وبها تصير أكمل وأجود. وليست صناعة الموسيقى
إذاً صناعة ألحان فحسب٬ وإنّما تشتمُل أيًضا على الأسس النّظرية التّي تُبنى عليها جودة الألحان
وكمالها.
يلجأ الفارابي في التّفريع الّذي يغلُب على إحصاء العلوم إلى قسمة صناعة الموسيقى إلى
صناعتين: الموسيقى النّظرية والموسيقى العمليّة. فالموسيقى النّظريّة هي "هيئة تنطُق عالمه
بالألحان ولواحقها عن تصّوراٍت صادقٍة سابقٍة خاّصٍة في النّفس". أّما الموسيقى العمليّة "فهي كما
توحي التّسمية إحداث الألحان بأدائها أو صياغتها".
ثّم يوضح الفارابي العلاقة التّي تجمع بين فنّي الموسيقى النّظري والعملي. فهي علاقة وثيقة
مزدوجة قوامها التّحليل والتّركيب٬ وهي تماثل الّصلة التّي تربط بين العلم الطّبيعي وعلم النّجوم.
ويستطرُد الفارابي إلى إعطاء نظريته في المقارنة بين موسيقى الإنسان وموسيقى الطّبيعة٬ فقال:
"استحدَث الإنسان الموسيقى تحقيقاً وإيفاًء لفطرته. إنّها الفطرة الُمرّكزة في جبلة الإنسان والتّي
تنتظم٬ فيما تنتظم٬ الفطرة الحيوانية التّي من خصائصها التّصويت تعبيراً عن أحوالها اللّذيذة
والمؤلمة".
أّما تأثير الموسيقى بالنّفس٬ فيقسم الفارابي ذلك إلى ثلاثة أنواع: "فهناك صنف من الموسيقى
يُكِسب النّفس لّذة وراحة فحسب ويُسّميها الألحان الملذة؛ وهناك نوع ثاٍن من الموسيقى يدعوه
الفارابي بالألحان المخيّلة لأنّه يُحِدث في نفس الإنسان تخيّلات وتصّورات ٬ مثل ما تفعل التّزاويق
والتّماثيل المحسوسة بالبصر؛ أّما النّوع الثّالث من الموسيقى٬ فيستأثر باهتمام الفارابي ومناقشته
في عّدة مواضيع. إنّه الألحان الإنفعالية٬ فهي قد تزيل الإنفعال أو تنقصه لأّن الإنفعال من شأنه أن
يزول إذا بلغ أقصى غاياته".
وهناك معايير للجمال في الموسيقى عند الفارابي. والمبدأ الّذي يُسيطر على بحثه هو أّن الّذوق
الفنّي يتغيّر مع تعاقب الأجيال٬ ومن ثّم فهو لا يتمتّع بخاّصية الثّبات التّي تجعله يخضع للبحث
العقلي: "فليس سبيل الطّبيعة من الألحان سبيل الّشرائع والّسنن التّيُربّما حمل النّاس عليها أو
أكثرهم في بعض الأزمان٬ فيتبع بعضهم فيها بعًضا٬ فيستحسن على سبيل ما تستحسُن المألوف
من الأمور. غير أّن ما هذه سبيله من مستحسٍن أو مستقبٍح لا يراعي كيفما اتُّفِقَت".
قال عنه ابن كثير في "البداية والنهاية": ((أبو نصر الفارابي التركي الفيلسوف٬ وكان من أعلم
الناس بالموسيقى٬ بحيث كان يتوسل به وبصناعته إلى الناس في الحاضرين من المستمعين إن
شاء حرك ما يبكي أو يضحك أو ينوم.
وكان حاذقاً في الفلسفة٬ ومن كتبه تفقه ابن سينا٬ وكان يقول: بالمعاد الروحاني لا الجثماني٬
ويخصص بالمعاد الأرواح العالمة لا الجاهلة٬ وله مذاهب في ذلك يخالف المسلمين والفلاسفة من
سلفه الأقدمين٬ فعليه إن كان مات على ذلك لعنة رب العالمين)).
وقال عنه ابن خلكان في كتابه وفيات الأعيان: ((أبو نصر محمد بن محمد بن طرخان بن أوزلغ
الفارابي التركي الحكيم المشهور٬ صاحب التصانيف في المنطق والموسيقى وغيرهما من العلوم٬
وهو أكبر فلاسفة المسلمين٬ ولم يكن فيهم من بلغ رتبته في فنونه٬ والرئيس أبو علي ابن سينا ­
المقدم ذكره ­ بكتبه تخرج وبكلامه انتفع في تصانيفه. وكان رجلاً تركياً ولد في بلده ونشأ بها ­
وسيأتي الكلام عليها في آخر الترجمة إن شاء الله تعالى ­ ثم خرج من بلده وتنقلت به الأسفار إلى
أن وصل إلى بغداد٬ وهو يعرف اللسان التركي وعدة لغات غير العربي٬ فشرع في اللسان العربي
فتعلمه وأتقنه غاية الإتقان٬ ثم اشتغل بعلوم الحكمة.
ولما دخل بغداد كان بها أبو بشر متى بن يونس الحكيم المشهور٬ وهو شيخ كبير٬ وكان يقرأ
الناس عليه فن المنطق٬ وله إذ ذاك صيت عظيم وشهرة وافية٬ ويجتمع في حلقته كل يوم المئون
من المشتغلين بالمنطق٬ وهو يقرأ كتاب أرسطاطاليس في المنطق ويملي على تلامذته شرحه٬
فكتب عنه في شرحه سبعون سفراً٬ ولم يكن في ذلك الوقت أحد مثله في فنه٬ وكان حسن العبارة
في تواليفه لطيف الإشارة٬ وكان يستعمل في تصانيفه البسط والذليل٬ حتى قال بعض علماء هذا
الفن: ما أرى أبا نصر الفارابي أخذ طريق تفهيم المعاني الجزلة بالألفاظ السهلة إلا من أبي بشر
يعني المذكور٬ وكان أبو نصر يحضر حلقته في غمار تلامذته.
فأقام أبو نصر كذلك برهة ثم ارتحل إلى مدينة حران وفيها يوحنا بن حيلان الحكم النصراني٬
فأخذ عنه طرفاً من المنطق أيضاً٬ ثم أنه قفل راجعاً إلى بغداد وقرأ بها علوم الفلسفة٬ وتناول
جميع كتب أرسطاطاليس وتمهر في استخراج معانيها والوقوف على أغراضه فيها٬ ويقال إنه
وجد "كتاب النفس" لأرسطاطاليس وعليه مكتوب بخط أبي نصر الفارابي: إني قرأت هذا الكتاب
مائتي مرة. ونقل عنه أنه كان يقول: قرأت "السماع الطبيعي" لأرسطاطاليس الحكيم أربعين مرة٬
وأرى أني محتاج إلى معاودة قراءته. ويروى عنه أنه سئل: من أعلم الناس بهذا الشأن أنت أم
أرسطاطاليس؟ فقال: لو أدركته لكنت أكبر تلامذته.
وذكره أبو القاسم صاعد بن أحمد بن عبد الرحمن بن صاعد القرطبي في كتاب "طبقات الحكماء"
فقال: الفارابي فيلسوف المسلمين بالحقيقة٬ أخذ صناعة المنطق عن يوحنا بن حيلان المتوفى
بمدينة السلام في أيام المقتدر٬ فبذ جميع أهل الإسلام وأربى عليهم في التحقيق لها وشرح غامضها
وكشف سرها وقرب تناولها٬ وجميع ما يحتاج إليه منها٬ في كتب صحيحة العبارة لطيفة الإشارة٬
منبهاً على ما أعيا الكندي وغيره من صناعة التحليل وأنحاء التعاليم٬ وأوضح القول فيها عن مواد
المنطق الخمسة٬ وأفاد وجوه الانتفاع بها وعرف طرق استعمالها٬ وكيف تصرف صورة القياس
في كل مادة منها٬ فجاءت كتبه في ذلك الغاية الكافية والنهاية الفاضلة٬ ثم له بعد هذا كتاب شريف
في إحصاء العلوم والتعريف بأغراضها لم يسبق إليه ولا ذهب أحد مذهبه فيه ولا يستغني طلاب
العلوم كلها عن الاهتداء به٬ انتهى كلام ابن صاعد؛ وذكر بعد ذلك شيئاً من تواليفه ومقاصده فيها.
ولم يزل أبو نصر ببغداد مكباً على الاشتغال بهذا العلم والتحصيل له إلى أن برز فيه وفاق أهل
زمانه٬ وألف بها معظم كتبه٬ ثم سافر منها إلى دمشق٬ ولم يقم بها٬ ثم توجه إلى مصر٬ وقد ذكر
أبو بصر في كتابه الموسوم بالسياسة المدنية٬ أنه ابتدأ بتأليفه في بغداد وأكمله بمصر٬ ثم عاد إلى
دمشق وأقام بها٬ وسلطانها يومئذ سيف الدولة بن حمدان٬ فأحسن إليه.
ورأيت في يعض المجاميع أن أبا نصر لما ورد على سيف الدولة وكان مجلسه مجمع الفضلاء في
جميع المعارف فأدخل عليه وهو بزي الأتراك٬ وكان ذلك زيه دائماً٬ فوقف٬ فقال له سيف الدولة:
اقعد٬ فقال: حيث أنا أم حيث أنت؟ فقال: حيث أنت٬ فتخطى رقاب الناس حتى انتهى إلى مسند
سيف الدولة وزاحمه فيه حتى أخرجه عنه٬ وكان على رأس سيف الدولة مماليك٬ وله معهم لسان
خاص يسارهم به قل أن يعرفه أحد٬ فقال لهم بذلك اللسان: إن هذا الشيخ قد أساء الأدب٬ وإني
مسائله عن أشياء إن لم يوف بها فاخرقوا به٬ فقال له أبو نصر بذلك اللسان: أيها الأمير٬ اصبر
فإن الأمور بعواقبها٬ فعجب سيف الدولة منه وقال له: أتسحن هذا اللسان؟ فقال: نعم أحسن أكثر
من سبعين لساناً٬ فعظم عنده. ثم أخذ يتكلم مع العلماء الحاضرين في المجلس في كل فن٬ فلم يزل
كلامه يعلو وكلامهم يسفل حتى صمت الكل وبقي يتكلم وحده٬ ثم أخذوا يكتبون ما يقوله٬ فصرفهم
سيف الدولة وخلا به٬ فقال له: هل لك في أن تأكل؟ فقال: لا٬ فقال: فهل تشرب؟ فقال: لا٬ فقال:
فهل تسمع؟ فقال: نعم٬ فأمر سيف الدولة بإحضار القيان٬ فحضر كل ماهر في هذه الصناعة
بأنواع الملاهي٬ فلم يحرك أحد منهم آلته إلا وعابه أبو نصر وقال له: أخطأت٬ فقال له سيف
منها عيداناً وركبها٬ ثم لعب بها٬ فضحك منها كل من كان في المجلس٬ ثم فكها وركبها تركيباً الدولة:
وهل تحسن في هذه الصناعة شيئاً؟ فقال: نعم٬ ثم أخرج من سوطه خريطة ففتحها وأخرج
آخر وضرب بها فبكي كل من في المجلس٬ ثم فكها وغير تركيبها حركها فنام كل من في المجلس
حتى البواب٬ فتركهم نياماً وخرج.
ويحكى أن الآلة المسماة القانون من وضعه٬ وهو أول من ركبها هذا التركيب. وكان منفرداً بنفسه
لا يجالس الناس٬ وكان مدة مقامه بدمشق لا يكون غالباً إلا عند مجتمع ماء أو مشتبك رياض٬
ويؤلف هناك كتبه٬ وينتابه المشتغلون عليه. وكان أكثر تصنيفه في الرقاع٬ ولم يصنف في
الكراريس إلا القليل٬ فلذلك جاءت أكثر تصانيفه فصولاً وتعاليق٬ ويوجد بعضها ناقصاً مبتوراً.
واكن أزهد الناس في الدنيا لا يحتفل بأمر مكسب ولا مسكن٬ وأجرى عليه سيف الدولة كل يوم
من بيت المال أربعة دراهم٬ وهو الذي اقتصر عليها لقناعته. ولم يزل على ذلك إلى أن توفي في
سنة تسع وثلاثين وثلثمائة بدمشق٬ وصلى عليه سيف الدولة في أربعة من خواصه٬ وقد ناهز
ثمانين سنة٬ ودفن بظاهر دمشق خارج باب الصغير٬ رحمه الله تعالى.
وتوفي متى بن يونس ببغداد في خلافة الراضي٬ هكذا حكاه ابن صاعد القرطبي في "طبقات
الأطباء".
وظفرت في مجموع بأبيات منسوبة إلى الفارابي٬ ولا أعلم صحتها٬ وهي:
أخي خـل حـيز ذي بـاطـل وكن للـحـقـائق فـي حـيز
فما الـدار دار مـقـام لـنـا وما المرء في الأرض بالمعجز
ينافـس هـدا لـهـذا عـلـى أقل من الكـلـم الـمـوجـز
وهل نحن إلا خطوط وقـعـن على نقطة وقع مسـتـوفـز
محيط السمـوات أولـى بـنـا فما ذا التنافس فـي مـركـز
ورأيت هذه الأبيات في "الخريدة" منسوبة إلى الشيخ محمد بن عبد الملك الفارقي البغدادي الدار.
وقال العماد مؤلف "الخريدة": إنه اجتمع به يوم الجمعة ثامن عشر شهر رجب٬ سنة إحدى وستين
وخمسمائة٬ وتوفي بسنيات بعد ذلك.
وطرخان: بفتح الطاء المهملة وسكون الراء وفتح الخاء المعجمة وبعد الألف نون.
وأوزلغ: بفتح الهمزة وسكون الواو وفتح الزاي واللام وبعدها غين معجمة٬ وهما من أسماء
الترك.
والفارابي: بفتح الفاء والراء وبينهما ألف وبعد الألف الثانية باء موحدة٬ هذه النسبة إلى فاراب٬
وتسمى في هذا الزمان أطرار ­ بضم الهزة وسكون الطاء المهملة وبين الراءين ألف ساكنة ­ وقد
غلب عليها هذا الاسم٬ وهي مدينة فوق الشاش٬ قريبة من مدينة بلاساغون٬ وجميع أهلها على
مذهب الإمام الشافعي٬ رضي الله عنه٬ وهي قاعدة من قواعد مدن الترك٬ ويقال له فاراب
الداخلة٬ ولهم فاراب الخارجة٬ وهي من أطراف بلاد فارس.
وبلاساغون: بفتح الباء الموحدة واللام ألف والسين المهملة وبعد الألف غين معجمة ثم واوا ساكنة
وبعدها نون٬ وهي بلدة في ثغور الترك وراء نهر سيحون ­ المقدم ذكره ­ بالقرب من كاشغر.
وكاشغر: بفتح الكاف وبعد الألف شين معجمة ساكنة ثم غين معجمة مفتوحة وفي آخرها راء٬
وهي من المدن العظام في تخوم الصين؛ والله تعالى أعلم بالصواب)).

المراجع:وفيات الأعيان لابن خلكان٬ البداية والنهاية لابن كثير
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69641
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

علماء وفلاسفه ورحالة Empty
مُساهمةموضوع: رد: علماء وفلاسفه ورحالة   علماء وفلاسفه ورحالة Emptyالأربعاء 04 نوفمبر 2015, 6:34 am

محمد بن بطوطة

1304 ـ 1377م
هو أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن عبد الّرحمن بن يوسف اللّواتي الطنجي٬
المعروف بابن بَطوطة. رّحآلة ومؤرخ وقاضي وفقيه مغربي لقب بامير الرحالين المسلمين.
ُولَِد في مدينة طنجة في المغرب٬ يوم الإثنين في 17 رجب سنة 703هـ (24 شباط) لعائلة عرف
عنها عملها في القضاء.
في فتوته درس الشريعة وقرر عام 1325 وهو ابن 20 عاماً٬ أن يخرج حاجاً كما أمل من سفره
أن يتعلم المزيد عن ممارسة الشريعة في أنحاء بلاد الاسلام. وخرج من طنجة سنة 725 هـ فطاف
بلاد المغرب ومصر والشام والحجاز والعراق وفارس واليمن والبحرين و تركستان وما وراء
النهر وبعض الهند والصين والجاوة وبلاد التتار وأواسط أفريقيا. واتصل بكثير من الملوك
والأمراء فمدحهم ­ وكان ينظم الشعر ­ وأستعان بهباتهم على أسفاره.
رحل ابن بطوطة ثلاث رحلات: أّولها٬ وهي أطولها٬ بدأها في يوم الخميس الثاني من رجب سنة
725هـ (1325م) وانتهى منها يوم الجمعة أواخر شعبان٬ سنة 750 هـ.
في أول رحلة له مر ابن بطوطة في الجزائر وتونس ومصر وفلسطين وسوريا و منها إلى مكة.
وفيما يلي مقطع مما سجله عن هذه الرحلة:
"كان خروجي من طنجة مسقط رأسي في" يوم الخميس 2 رجب 725هـ / 1324م" معتمداً حج
بيت الله الحرام وزيارة قبر الرسول عليه الصلاة والسلام٬ منفرداً عن رفيق آنس بصحبته٬
وركب أكون في جملته٬ لباعث على النفس شديد العزائم٬ وشوق إلى تلك المعاهد الشريفة...
فجزمت نفسي على هجر الأحباب من الإناث والذكور٬ وفارقت وطني مفارقة الطيور للوكور٬
وكان والداي بقيد الحياة فتحملت لبعدهما وصباً٬ ولقيت كما لقيا نصباً."
وينكفىء ابن بطوطة راجعاً من رحلته الأولى عن طريق سومطرة٬ فالهند٬ فاليمن٬ فبلاد العجم٬
فالعراق٬ فالشام٬ فمصر٬ إلى أن يصل مكة في 22 شعبان سنة 749 هـ٬ فيقيم فيها إلى موسم
الحّج. ويحّج للمرة السادسة٬ ثم يسافر إلى المدينة المنّورة٬ ومنها إلى القدس.
من خلال زيارته للقدس٬ ذكر المسجد المقدس خلال قوله: "وهو من المساجد العجيبة الرائقة
الفائقة الحسن٬ يقال: إنه لا يوجد على وجه الأرض مسجد أكبر منه٬ وإن طوله من شرق إلى
غربي سبعمائة واثنتان وخمسون ذراعاً بالذراع المالكية وعرضه من القبلة إلى الجوف أربعمائة
ذراع وخمس وثلاثون ذراعاً في جهاته الثلاث٬ وأماالجهة القبلية منه فلا علم بها إلا باباً واحخداً٬
وهو الذي يدخل منه الإمام٬ والمسجد كله فضاء وغير مسقف في النهاية من إحكام الفعل وإتقان
الصنعة مموه لبالذهب والأصبغة الرائقة٬ وفي المسجد مواضع سواه مسقفة".
وذكر قبة الصخرة بقوله: "وهي من اعجب المباني وأتقنها وأغربها شكلاً. وقد توفر حظها من
المحاسن٬ وأخذت من كل بديعة بطرف٬ وهي قائمة على نشز ي وسط المسجد٬ يصعد إليها في
درج رخام. ولها أبواب. والدائر بها مفروش بالرخام أيضاً محكم الصنعة٬ وكذلك داخلها في
ظاهرها وباطنها من أنواع الزواقة ورائق الصنعة ما يعجز الواصف. وأكثر ذفك مغشى بالذهب
فهي تتلألأ أنوارأص٬ أو تلمع لمعان البرق. يحار بصر متأملها في محاسنها٬ ويقصر لسان رائيها
عن تمثيلها. وفي وسط القبة الصخرة الكريمة إلتي جاء ذكرها في الآثار. فإن النبي صل الله عليه
وسلم عرج منها إلى السماء. وهي صخرة صماء٬ ارتفاعها نحو قامة. وتحتها مغارة مقدار بيت
صغير. ارتفاعها نحو قامة أيضاً ينزل إلها على درج. وهنالك شكل محراب. وعلى الصخر
شباكان اثنان محكما العمل٬ يغلقان عليهما أحدهما٬ وهو الذي يلي الصخرة من حديد بديع الصنعة
والثاني الخشب. وفي القبة درقة كبيرة من حديد٬ معلقة هنالك. والناس يزعمون أنها درقة حمزة
بن عبد المطلب رضي الله عنه".
ومن البيت المقدس انتقل ابن بطوطة إلى مصر وينتهي عائداً إلى المغرب بعد أن غاب عنه 25
سنة٬ فيدخل فاس في أواخر شعبان عام 1349م.
لم يستقّر ابن بطوطة بعد رحلته الأولى هذه٬ حتى عاد٬ فبدأ رحلته الثانية في مملكة غرناطة
بالأندلس.
خرج ابن بطوطة في هذه الرحلة من بلدة طنجة٬ فمّر بَِسْبتَة وجبل طارق ولقي بها من الأعلام أبا
القاسم الشريف٬ وأبا سعيد بن لب وأبا البركات بن الحاج٬ وأبا القاسم بن عاصم وغيرهم.
وعاد ابن بطوطة إلى فاس٬ فلم يلبث أن شرع في رحلته الثاّلثة إلى بلاد السودان. وفي سجلماسة
أخذ أهبته لهذه الرحلة٬ وذلك في غرة محرم فاتح سنة 753 هـ. فبعد 25 يوماً٬ وصل إلى تغازي٬
وهي قرية الملح٬ بناؤها من أحجار الملح المسقّفة بجلود الجمال. وبعد استراحة عشرة أيام استأنف
الرحلة عبر الصحراء٬ وكانت رحلته شاقّةً ومحفوفةً بالمخاطر٬ وأخيراً وصل إلى مدينة أبو
الأتن٬ أول عمالة السودان٬ ثم خرج منها٬ متوّجهاً صوب مالي عاصمة البلاد٬ ثم توجه إلى
تمبكتو٬ ومنها إلى تكدا٬ ووصل في تنقلاته بين هذه المدن إلى نهر النيجر.
وبينما هو في تكدا٬ وافاه أمر السلطان أبي عنان بالّرجوع إلى المغرب٬ فََكَّر راجعاً إلى سجلماسة
من طريق توات. وفي نهاية عام 754هـ وصل إلى فاس بعد أن قضى في هذه الرحلة عامين
كاملين.
أمره الّسلطان بإملاء رحلته على الكاتب أبي عبد الله بن جزي٬ فقام هذا بماُكلّف به من ضّم
أطراف الرحلة وترتيبها وتصنيفها وتهذيبها٬ وسّماها: " تحفة النظار في غرائب الأمصار
وعجائب الأسفار".
سافر ابن بطوطة ما مجموعه تقريباً (120.701 كم) ٬ وهذه قائمة بالأماكن التي زارها :
المغرب: طنجة ٬ فاس
الجزائر: تلمسان ٬ مليانة ٬ الجزائر ٬ ميتيزا ٬ جرجورة ٬ بيجاية ٬ قسنطينة ٬ عنابة
تونس: تونس ­ في ذلك الوقت أبو يحيى (ابن أبو زجاريا) كان سلطان تونس٬ صفاقس ٬ سوسة
٬ قابس
مصر: الأسكندرية ٬ قرية تروجة "علي مسيرة نصف يوم من الأسكندرية" ٬ دمنهور ٬ فوه "وهذة
مدينة عجيبة المنظر حسنة المخبر بها البساتين الكثيرة بها قبر الولي أبي النجاة " ٬ دمياط ٬
فارسكور ٬ اشمون الرمان "نسبة الي الرمان لكثرة بها" ٬ سمنود ٬ القاهرة "كانت تدعي مصر
في سيرة ابن بطوطه"
الجزيرة العربية: جدة ­ ميناء مهم للحجاج إلى مكة٬ مكة ­ المخطط الرئيسي لرحلة ابن بطوطة
كان للحج إلى مكة. وفي ذكره مدينة مكة المعظمة في كتابه: "وهي مدينة كبيرة متصلة البنيان
مستطيلة٬ في بطن واٍد تحف به الجبال٬ فلا يراها قاصدها حتى يصل إليها. وتلك الجبال الملطة
عليها ليست بمفرطة الشموخ. والأخشبان من جبالها هما جبل أبي قبيس٬ وهو في جهة الجنوب
والشرق منها٬ وجبل قعيقعان٬ وهو في جهة الغرب منها٬ وفي الشمال منها الجبل الأحمر. ومن
جهة أبي قبيس أجياد الأكبر٬ وأجياد الأصغر٬ وهما شعبان والخندمة٬ وهي جبل٬ وستذكر. "
والمناسك كلها: منى وعرفة والمزدلفة " بشرقي مكة شرفها الله. ولمكة من الأبواب ثلاثة: باب
المعلى بأعلاها٬ وباب الشبيكة من أسفلها٬ ويعرف أيضاً بباب العمرة٬ وهو إلى جهة المغرب٬
وعليه طريق المدينة الشريفة٬ ومصر والشام وجدة. ومنه يتوجه إلى التنعيم٬ وسيذكر ذلك٬وباب
المسفل٬ وهو من جهة الجنوب٬ ومنه دخل خالد بن الوليد رضي الله عنه يوم فتح مكة شرفها الله٬
كما أخبر الله في كتابه العزيز حاكياً عن نبيه الخليل بواٍد غير ذي زرع. ولكن سبقت لها الدعوة
والتين والخوخ والرطب ما لا نظير له في الدنيا٬ وكذلك البطيخ المجلوب إليها لا يماثله سواه طيباً المباركة٬
فكل طرفة تجلب إليها٬ وثمرات كل شيء تجبى لها. ولقد أكلت بها من الفواكه العنب
وحلاوة٬ واللحوم بها سمان لذيذات الطعوم. وكل ما يفترق في البلاد من السلع٬ فيها اجتماعه.
وتجلب لها الفواكه والخضر من الطائف ووادي نخلة وبطن مر٬ لطفاً من الله بسكان حرمه الأمين
ومجاوري بيته العتيق".
المدينة المنّورة ­ المكان الذي زار ابن بطوطة قبر الرسول محمد ٬ رابغ ­ مدينة صغيرة شمال
جدة على تطل على البحر الأحمر٬ ظفار ٬ البحرين ٬ الأحساء ٬ مضيق هرمز
تركيا و شرق أوروبا: قونية ٬ أنطاليا ٬ بلغاريا ­ هدفه في الرحلة ٬ كما يذكر في كتابه أنه يود
الذهاب إلى أرض الضلمات ٬ أزوف ٬ قازان ٬ نهر الفولغا ٬ اسطنبول
ليبيا: طرابلس
أسيا الوسطى : خورازم٬ خراسان ٬ كابول٬ البنجاب
الهند: دلهي : عليباج ­ ابن بطوطة كان معجب بهذه المنطقة كما ذكر في كتابه.
أماكن أخرى في أسيا: مينامار ٬ المالديف ٬ سريلانكا ٬ شاطئ الكورمانديل ­ في الهند ٬ نهر
البراهمبوراتا ­ زار ابن بطوطة هذه المنطقة في طريقه إلى الصين ٬ نهر الميغنا ­ قرب دكا
عاصمة بنغلاديش٬ سومطرة ٬ شبه جزيرة الملايو
الصين: غوانغ جو في إقليم غوانغ دونغ ­ كما أسماها في كتابه بمدينة الزيتون٬ هانغ جو ­ في
إقليم جه جيانغ ­ وقد أسماها في كتابه بمدينة الخنساء ٬ و قد ذكر أيضاً أنها أكبر مدينة في العالم
في ذلك الوقت ٬ وقد إستغرق عبوره خلال المدينة ثلاثة أيام ٬ وهو شيء كبير حتى بالمقاييس
الحاليّة٬ بكين ­ و قد ذكر ابن بطوطة في كتابه عن ترتيب المدينة ٬ و أناقتها الكبيرتان.
الصومال: مقديشو
جنوب أفريقيا: كلوة
مالي: والاتا ٬ تمبكتو ٬ جاو
من أخلاقه الأصيلة أنه كان سريع التّأقلم٬ ونعني به التّكيّف بطبيعة الإقليم الذي يستقّر فيه٬
والإندماج في أهله ومجاراتهم في عاداتهم وتقاليدهم.
المراجع: كتاب: رحلة ابن بطوطة لابن بطوطة




المسـعودي

م958 ­ 900
ولد أبو الحسن علي بن حسين المسعودي في بغداد سنة 287 للهجرة٬ وتوفي في مصر سنة 346
للهجرة.
قضى المسعودي ربع قرن وهو يتنقّل بين الأقطار المختلفة. فزار الأطراف الشرقية من الدولة
العباسية٬ مثل فارس وكرمان وأذربيجان. وتجّول في مدن الهند٬ في الّشمال الغربي من البلاد.
ووصل جزيرة سيلان (سيريلنكا اليوم) ثم انتقل إلى جزيرة مدغشقر وشرق إفريقيا. هذا فضلاً عن
زيارته للمدن الكبيرة في كل من مصر والشام والعراق.
شخصية المسعودي شخصية فّذة٬ فهو مؤرخ رّحالة جغرافي. كانُملًِما بجميع فروع المعرفة التي
تيّسرت للعرب والمسلمين في أيامه٬ وكان يقرأ ويتنقّل وهو مفتّح العين والّذهن. فضلاً عن أنه كان
نقّادة راغباً دوماً في الحصول على الأخبار الموثوق بها. لذلك٬ فإّن الذي خلّفه المسعودي فيه
شيء جديد. كان جديًدا في النظرة والأسلوب. وقد فُقَِدت كتب المسعودي الكبيرة٬ مثل: "أخبار
الّزمان"٬ "الكتاب الأوسط"٬ كما ضاع الكثير من رسائله وكراساته الّصغيرة نسبيًا والتي يبلغ
عددها الثّلاثين. ومع ذلك٬ فقدُحفِظَ لهُ كتابين هامين٬ هما: "التنبيه والإشراف" و"مروج الذهب".
والقسم الأكبر من "التنبيه والإشراف" يمكن اعتباره مع الموضوعات الجغرافية٬ إذ إن المؤلف
يتحدث فيه عن الأفلاك والنجوم والعناصر وقسمة الأزمنة والفصول وشكل الأرض وعامرها
وغامرها والأقاليم السبعة. وبعد ذلك٬ يخّص تاريخ العالم من آدم حتى أيام الّرسول عليه الصلاة
والسلام.
والمسعودي في كتابيه "التنبيه والإشراف" و"مروج الّذهب" اختط نهجاً جديداً في التاريخ
والجغرافيا٬ بما في ذلك الرحلة. فلم يكن يرى الأحداث مهما عظُمت٬ على أنها مستقلة أو أنها
أمور تجري في فراغ٬ لذلك اهتّم بحضارات الأقوام السالفة والمعاصرة له٬ وأصبحت الشعوب
بالإضافة إلى الخلفاء والملوك والأسر الحاكمة٬ محوراً لكتابة التاريخ عنده٬ وقد تجنب الحوليات.
لم يدّون المسعودي أخبار رحلاته تدويناً زمنياً. فهو لم يرحل من أجل ذلك٬ وإنما رحل وتنقّل ليفهم
العالم وما يدور فيه؛ لذلك كان يفيد من هذه المعرفة من حيث جاءت. وهو يربط في كتاباته
التاريخية والجغرافية بين الزمان والمكان والسكان. وهو في ذلك يصدر عن فكٍر ثاقٍب ونظٍر بعيٍد
وتفكيٍر عميٍق.

والمسعودي المؤّرخ الجغرافي الرحالة العالمَعنَِي بأمور النفس٬ وكتب في تدبير العساكر
والممالك٬ وفي أصول الأحكام وأصول الملة وأصول الديانات. وبالّرغم من أّن أكثر هذا قد فُقَِد٬
فإن الكثير من آرائه ورد في "التنبيه والإشراف" و"مروج الّذهب". وقد صنّف العلوم على أنها
الارتماطيقي­ أي علم العدد٬ والجومطريقي­ أي علم المسافة والهندسة٬ والأسترونوميا­ أّي علم
النجوم٬ والموسيقى­ أي علم تأليف الألحان. وكان للموسيقى في نفسه أثر كبير.




جبرائيل بن عبيد الله بن بختيشوع

تو. 1006م
كان مشهوراً بالفضل جيد التصرف في المداواة٬ عالي الهمة٬ سعيد الجد٬ حظياً عند الخلفاء٬ رفيع
المنزلة عندهم٬ كثيري الإحسان إليه٬ وحصل من جهته من الأموال ما لم يحصله غيره من
الأطباء.
قال فثيون الترجمان: لما كان في سنة خمس وسبعين ومائة٬ مرض جعفر بن يحيى بن خالد بن
برمك٬ فتقدم الرشيد إلى بختيشوع أن يتولى خدمته ومعالجته٬ ولما كان في بعض الأيام قال له
جعفر أريد أن تختار لي طبيباً ماهراً أكرمه وأحسن إليه٬ قال له بختيشوع ابني جبرائيل أمهر
مني٬ وليس في الأطباء من يشاكله٬ فقال له احضرنيه٬ ولما أحضره عالجه في مدة ثلاث أيام
وبرأ٬ فأحبه جعفر مثل نفسه٬ وكان لا يصبر عنه ساعة٬ ومعه يأكل ويشرب٬ وفي تلك الأيام
تمطت حظية الرشيد ورفعت يدها فبقيت منبسطة لا يمكنها ردها٬ والأطباء يعالجونها بالتمريخ
والأدهان٬ ولا ينفع ذلك شيئاً٬ فقال الرشيد لجعفر بن يحيى قد بقيت هذه الصبية بعلتها٬ قال له
جعفر لي طبيب ماهر٬ وهو ابن بختيشوع٬ ندعوه ونخاطبه في معنى هذا المرض٬ فلعل عنده
حيلة في علاجه٬ فأمر بإحضاره٬ ولما حضر قال له الرشيد ما اسمك؟ قال جبرائيل٬ قال له أي
شيء تعرف من الطب؟ فقال أبرد الحار٬ وأسخن البارد٬ وأرطب اليابس٬ وأيبس الرطب الخارج
عن الطبع٬ فضحك الخليفة وقال هذا٬ غاية ما يحتاج إليه في صناعة الطب٬ ثم شرح له حال
الصبية٬ فقال له جبرائيل إن لم يسخط علي أمير المؤمنين فلها عندي حيلة٬ فقال له وما هي؟ قال
تخرج الجارية إلى هاهنا بحضرة الجمع حتى أعمل ما أريده٬ وتمهل علي ولا تعجل بالسخط٬
فأمر الرشيد بإحضار الجارية فخرجت٬ وحين رآها جبرائيل عدا إليها ونكس رأسه ومسك ذيلها
كأنه يريد أن يكشفها٬ فانزعجت الجارية٬ ومن شدة الحياء والانزعاج استرسلت أعضاؤها٬
وبسطت يديها إلى أسفل٬ ومسكت ذيلها٬ فقال جبرائيل قد برئت يا أمير المؤمنين٬ فقال الرشيد
للجارية إبسطي يديك يمنة ويسرة ففعلت ذلك٬ وعجب الرشيد وكل من كان بين يديه٬ وأمر الرشيد
في الوقت لجبرائيل بخمسمائة ألف درهم٬ وأحبه مثل نفسه٬ وجعله رئيساً على جميع الأطباء٬
ولما سئل جبرائيل عن سبب العلة٬ قال هذه الجارية أنصب إلى أعضائها وقت المجامعة خلط
رقيق بالحركة وانتشار الحرارة٬ ولا جل أّن سكون حركِة الجماع تكّون بغتةَجُمدت الفضلةُ في
بطون جميع الأعصاب٬ وما كان يحلها إلا حركة مثلها٬ فاحتلت حتى انبسطت حرارتها وانحلت
الفضلة.
قال فثيون وكان محل جبرائيل يقوى في كل وقت٬ حتى أن الرشيد قال لأصحابه كل من كانت له
إلي حاجة فليخاطب بها جبرائيل٬ لأني أفعل كل ما يسألني فيه ويطلبه مني٬ فكان القواد يقصدونه
في كل أمورهم٬ وحاله تتزايد٬ ومنذ يوم خدم الرشيد وإلى أن انقضت خمس عشرة سنة لم يمرض
الرشيد فحظي عنده٬ وفي آخر أيام الرشيد٬ عند حصوله بطوس٬ مرض المرضة التي توفي فيها٬
ولما قوي عليه المرض قال لجبرائيل لم لا تبرئني؟ فقال له قد كنت أنهاك دائماً عن التخليط٬
وأقول لك قديماً أن تخفف من الجماع فلا تسمع مني٬ والآن٬ سألتك أن ترجع إلى بلدك٬ فأنه أوفق
لمزاجك فلم تقبل وهذا مرض شديد٬ وأرجو أن يمنَّالله بعافتيك٬ فأمر بحبسه٬ وقيل له أن بفارس
أسقفاً يفهم الطب٬ فوجه من يحضره إليه٬ ولما حضره ورآه قال له٬ الذي عالجك لم يكن يفهم
الطب٬ فزاد ذلك أبعاد جبرائيل٬ وكان الفضل بن الربيع يحب جبرائيل٬ ورأى أن الأسقف كذاب
يريد إقامة السوق٬ فأحسن فيما بينه وبين جبرائيل٬ وكان الأسقف يعالج الرشيد ومرضه يزيد٬
وهو يقول له أنت قريب من الصحة٬ ثم قال له٬ هذا المرض كله من خطأ جبرائيل٬ فتقدم الرشيد
بقتله٬ فلم يقبل منه الفضل بن الربيع٬ لأنه كان يئس من حياته٬ فاستبقى جبرائيل. ولما كان بعد أيام
يسيرة مات الرشيد٬ ولحق الفضل بن الربيع في تلك الأيام قولنج صعب أيس الأطباء منه٬ فعالجه
جبرائيل بألطف علاج وأحسنه٬ فبرأ الفضل وازدادت محبته له وعجبه به.
لبختيشوع بن جبرائيل كتاب في الحجامة على طريق المسئلة والجواب.
المرجع: عيون الأنباء في طبقات الأطباء


عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الأربعاء 04 نوفمبر 2015, 7:51 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69641
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

علماء وفلاسفه ورحالة Empty
مُساهمةموضوع: رد: علماء وفلاسفه ورحالة   علماء وفلاسفه ورحالة Emptyالأربعاء 04 نوفمبر 2015, 6:34 am


بـن خلـدون

م1406 ­1332

راجع الرابط التالي

https://shanti.jordanforum.net/t10225-topic#22121


المقريـزي

1364م­1442م
ولد أحمد بن علي المقريزي في القاهرة٬ لكّن أُسرته بعلبكية الأصل٬ وقد هاجر والده إلى مصر.
نشأ المقّريزي قاهريًا في كنف جّده لأّمه الذي كفل تعليمه. والتحق بخدمة الّسلطان في شبابه وظّل
يتنقُّل في وظائف الّدولة المختلفة قرابة ثلث قرٍن٬ قبل أن ينصرف عنها نهائيًا وينقطع إلى الكتابة
والتأليف في مجالاٍت مختلفٍة وفي التّاريخ بنوٍع خاٍص. أّما الوظائف التّي تولاّها فْهي التّوقيع٬ أّي
الكتابة في ديوان الإنشاء٬ بالقلعة القاهرية والقضاء وإمامة جامع الحاكم٬ وتدريس الحديث بالقاهرة
ومحتسبية القاهرة والوجه البحري. جميع هذه الوظائف كانت في مصر. وفي سنة 1408م٬ُولّي
المقريزي النّظر على الأوقاف وعلى المستشفى النّوري بدمشق والتّدريس في مدارس الحديث فيها.
وبعد عشر سنواٍت٬ عاد المقريزي إلى القاهرة لينكّب على الّدرس والإشتغال بالعلم. وحّج وجاور في
هذه الفترة.
كان بين أساتذة المقريزي ابن خلدون نفسه بعد أن هاجر إلى مصر واستقّر فيها٬ وقد تأثّر بأستاذه.
والمقريزي كان واسع القراءة والمعرفة والإطّلاع٬ كثير الدأب والمثابرة. أّول كتاب وضعه هو
"المواعظ والإعتبار بذكر الخطط والآثار"٬ وهو المعروف بين الّدارسين بإسم "الخطط".
صّدر المقريزي الكتاب الكبير بمقدمٍة جغرافيٍة تاريخيٍة مسهبٍة. تناول الُمدن والآثار المصريّة القديمة
والوسيطة بوصٍف دقيٍق٬ مبتدئًا بالإسكندرية؛ وُعنَِي عنايةً خاصةً بخطط الفسطاط والقاهرة طبًعا.
فجاء نصف الكتاب ثبتًا زاخًرا بأحوال القاهرة وأخبارها وطُُرق المعيشة بأرجائها الواسعة في
العصور الوسطى. وكان كتابُه الثّاني "عقد جواهر الأسقاط من أخبار مدينة الفسطاط"٬ تاريًخا
لمصر الإسلامية في عهد الولاة. وتناول في كتابه الثالث وهو "اتّعاظ الحنفا بأخبار الخلفا" تاريخ
الخلافة الفاطميّة. وأخيًرا وضع كتابه المعروف بإسم "كتاب الّسلوك لمعرفة دول الملوك"٬ وهو
تاريخ لمصر والّشام في عهد الأيّوبيين والمماليك٬ إلى حين وفاته.
وهذه المكتبة التيُسلَِّمت هي عمل ضخم بحّد ذاته. لكن المقريزي خطّط لكتابين آخرين هما "المقفى
الكبير"٬ وكان المقصود منه أن يكون معجًما لتراجم حّكام مصر ورجالها في ثمانين مجلًدا٬ ولّكنه لم
يستطع أن ينجز منها سوى ستة عشر فقط. وثانيهما "كتابُدرر العقود الفريدة في تراجم الأعيان
المفيدة"٬ وكان الغرض منه أن يكون معجًما لتاريخ معاصريه٬ غير أن المقريزي تركه من دون أن
يفرغ من مراجعته. وهكذا يكون المقريزي قد ألّف لمصر٬ منذ الفتح الإسلامي حتى أيّامه؛ لكن هذا
العمل الّضخم لم يُكتَب بمعزٍل عن التّطورات الخارجيّة التي كانت مصر وبلاد الشام تتعرض لها٬
خاّصة في كتاب "الّسلوك". على أن سعة إطّلاع المقريزي وإحاطته بالمشكلات المنّوعة التي كانت
تدور في التاريخ الإسلامي من قَبل إلى أيّامه٬ تبدو كذلك في مؤلفاٍت أخرى. فقد ألّف في الّسيرة
النّبوية٬ وفي القبائل العربية التي نزلت مصر منذ الفتح٬ وفي جغرافيةَحْضَرموت٬ وفي الّدول
الإسلامية في الحبشة.
كان للمقرزي اهتمام كبير بالتّاريخ الإقتصادي والإجتماعي. ففي كتابه الُمسّمى "كتاب النّزاع
والتّخاصم فيما بين بني أمية وبني هاشم"٬ يُرِجع المؤلّف أمر الفرقة والتّنافس على الخلافة بين
الأُموييّن والهاشمييّن إلى عصبيّات الجاهلية القديمة٬ ويُهِمل جوانب الحوادث المريرة والحروب
الُمستَِعَرة والّشخصيات المتنافرة.
وللمقريزي كتاب آخر هو "كتاب إغاثة الأمة بكشف الغمة" الذي تناول فيه تاريخ المجاعات التي
نزلت بمصر من أقدم الأزمنة إلى سنة تأليف الكتاب عام 1405م. في هذا الكتاب لا يتحّدث
المقريزي عن المجاعات والطواعين وعن ارتفاع الأسعار فقط٬ ولكنه يتناول الأسباب التي تؤّدي
إلى ما ينزل بالناس من هذه المتاعب والّصعوبات؛ فيعزو ذلك إلى سوء تدبير الّزعماء والُحّكام٬
وغفلتهم عن النظر في مصالح العباد. ويبدو في هذا الكتاب تأثير ابن خلدون من حيث طريقة
العرض والأسلوب ومقدمات الأبواب وخواتمها.





عبيدَّالله بن جبرائيل بن عبدَّالله بن بختيشوع

توفي 450 هـ
هو أبو سعيد عبيدَّالله بن جبرائيل بن عبدَّالله بن بختيشوع ابن جبرائيل بن بختيشوع بن جورجس
بن جبرائيل٬ كان فاضلاً في صناعة الطب٬ مشهوراً بجودة الأعمال فيها٬ متقناً لأصولها
وفروعها٬ من جملة المتميزين من أهلها والعريقين من أربابها٬ وكان جيد المعرفة بعلم النصارى
ومذاهبهم٬ وله عناية بالغة بصناعة الطب٬ وله تصانيف كثيرة فيها٬ وأقام بميافارقين٬ وكان
معاصر ابن بطلان ويجتمع به ويأنس إليه وبينهما صحبة.
قال ابن أبي أصيبعة في "عيون الأنباء في طبقات الأطباء"Sad(هو أبو سعيد عبيدَّالله بن جبرائيل
بن عبدَّالله بن بختيشوع ابن جبرائيل بن بختيشوع بن جورجس بن جبرائيل٬ كان فاضلاً في
صناعة الطب٬ مشهوراً بجودة الأعمال فيها٬ متقناً لأصولها وفروعها٬ من جملة المتميزين من
أهلها والعريقين من أربابها٬ وكان جيد المعرفة بعلم النصارى ومذاهبهم٬ وله عناية بالغة بصناعة
الطب٬ وله تصانيف كثيرة فيها٬ وأقام بميافارقين٬ وكان معاصر ابن بطلان ويجتمع به ويأنس إليه
وبينهما صحبة٬ وتوفي عبيدَّالله بن جبرائيل في شهور سنة نيف وخمسين وأربعماية٬ ولعبيدَّالله
بن جبرائيل من الكتب مقالة في الاختلاف بين الألبان٬ ألفها لبعض أصدقائه في سنة سبع وأربعين
وأربعمائة٬ كتاب مناقب الأطباء٬ ذكر فيه شيئاً من أحوالهم ومآثرهم٬ وكان تأليفه لذلك في سنة
ثلاث وعشرين وأربعمائة٬ كتاب الروضة الطبية كتب به إلى الأستاذ أبي الحسن محمد بن علي٬
كتاب التواصل إلى حفظ التناسل٬ ألفه في سنة إحدى وأربعين وأربعماية٬ رسالة إلى الأستاذ أبي
طاهر بن عبد الباقي المعروف بابن قطرمين جواباً عن مسألته في الطهارة ووجوبها٬ رسالة في
بيان وجوب حركة النفس٬ كتاب نوادر المسائل مقتضبة من علم الأوائل في الطب٬ كتاب تذكرة
الحاضر وزاد المسافر٬ كتاب الخاص في علم الخواص٬ كتاب طبائع الحيوان وخواصها ومنافع
أعضائها ألفه للأمير نصير الدولة٬ خصيب كان نصرانياً من أهل البصرة ومقامه بها٬ وكان
فاضلاً في صناعة الطب جيد المعالجة٬ حدث محمد بن سلام الجمحي قال مرض الحكم بن محمد
بن قنبر المازني الشاعر بالبصرة فأتوه بخصيب الطبيب يعالجه فقال فيه الرمل ولقد قلت لأهلي إذ
أتوني بخصيب ليس وَّالله خصيب للذي بي بطبيب إنما يعرف دأبي من به مثل الذي بي وحدث
أيضاً محمد بن سلام قال كان خصيب الطبيب نصرانياً نبيلاً٬ فسقى محمد بن أبي العباس السفاح
شربة دواء وهو على البصرة فمرض منها٬ وحمل إلى بغداد فمات بها٬ وذلك في أول سنة خمسين
ومائة٬ فاتهم خصيب فحبس حتى مات٬ فنظر في علته إلى مائه وكان عالماً٬ فقال قال جالينوس إن
صاحب هذه العلة إذا صار هكذا ماؤه لا يعيش٬ فقيل له إن جالينوس ربما أخطأ فقال ما كنت إلى
خطئه قط أحوج مني إليه في هذا الوقت٬ ومات من علته)).
وجاء في "القانون في الطب" لابن سينا: ((عبيد الله بن جبرائيل هو أبو سعيد عبيد الله بن جبرائيل
بن عبد الله بن بختيشوع بن جبرائيل بن بختيشوع بن جورجس بن جبرائيل. كان فاضلاً في
صناعة الطب٬ مشهوراً بجودة الأعمال فيها٬ متقناً لأصولها وفروعها٬ من جملة المتميزين من
أهلها والعريقين من أربابها٬ وكان معاصر ابن بطلان ويجتمع به ويأنس إليه وبينهما صحبة.
وتوفي عبيد الله بن جبرائيل في شهور سنة نيف وخمسين وأربعمائة. ولعبيد الله بن جبرائيل من
الكتب: مقالة في الاختلاف بين الألبان٬ كتاب مناقب الأطباء٬ كتاب الروضة الطبية٬ كتاب
التواصل إلى حفظ التناسل٬ رسالة إلى الأستاذ أبي طاهر بن عبد الباقي المعروف بابن قطرمين
جواباً عن مسألته في الطهارة ووجوبها. رسالة في بيان وجوب حركة النفس. كتاب نوادر المسائل
مقتضبة من علم الأوائل فى الطب. كتاب تذكرة الحاضر وزاد المسافر٬ كتاب الخاص في علم
الخواص٬ كتاب طبائع الحيوان وخواصها ومنافع أعضائها ألفه للأمير نصير الدولة)).
المراجع: عيون الأنباء في طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة/ القانون في الطب لابن سينا


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69641
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

علماء وفلاسفه ورحالة Empty
مُساهمةموضوع: رد: علماء وفلاسفه ورحالة   علماء وفلاسفه ورحالة Emptyالأربعاء 04 نوفمبر 2015, 8:21 am

بـن سـينا

م1037 ­ 980
ابن سينا هو أبو علي الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا٬ عالم فارسی مسلم اشتهر
بالطب والفلسفة واشتغل بهما. ولد في قرية (أفشنة) التركمانية قرب بخارى (في أوزبكستان حاليا)
من أب من مدينة بلخ (في أفغانستان حاليا) و أم قروية سنة 370هـ وتوفي في مدينة همدان (في
إيران حاليا) سنة 427هـ. عرف باسم الشيخ الرئيس وسماه الغربيون بأمير الأطباء و أبو الطب
الحديث. وقد ألّف 450 كتاباً في مواضيع مختلفة٬ العديد منها يرّكز على الفلسفة والطب.
إن ابن سينا هو من أول من كتب عن الطّب في العالم ولقد اتبع نهج أو
أسلوب أبقراط وجالينوس. وأشهر أعماله كتاب الشفاء وكتاب القانون
في الطب.
وجاء في وفيات الأعيان لابن خلكان قوله: ((هو الرئيس أبو علي
الحسين بن عبد الله بن سينا الحكيم المشهور؛ كان أبوه من أهل بلخ٬
وانتقل منها إلى بخارى٬ وكان من العمال الكفاة٬ وتولى العمل بقرية
من ضياع بخارى يقال لها خرميثنا من أمهات قراها٬ وولد الرئيس
أبو علي وكذلك أخوه بها٬ واسم أمه ستارة وهي من قرية يقال لها
أفسنة بالقرب من خرميثنا. ولما ولد أبو علي كان الطالع السرطان درجة شرف المشتري والقمر
على شرف درجته والزهرة على درجة شرفها وسهم السعادة في تسع من السرطان وسهم الغيب
في أول السرطان مع سهيل والشعرى اليمانية. ثم انتقلوا إلى بخارى٬ وتنقل الرئيس بعد ذلك في
البلاد٬ واشتغل بالعلوم وحصل الفنون٬ ولما بلغ عشر سنين من عمره كان قد أتقن علم القرآن
العزيز والأدب وحفظ أشياء من أصول الدين وحساب الهندسة والجبر والمقابلة٬ ثم توجه نحوهم
الحكيم أبو عبد الله الناتلي٬ فأنزله أبو الرئيس أبي علي عنده٬ فابتدأ أبو علي يقرأ عليه كتاب
إيساغوجي واحكم عليه علم المنطق وإقليدس والمجسطي وفاقه أضعافاً كثيرة٬ حتى أوضح له
منها رموزاً وفهمه إشكالات لم يكن للناتلي يد بها٬ وكان مع ذلك يختلف في الفقه إلى إسماعيل
الزاهد٬ يقرأ ويبحث ويناظر٬ ولما توجه الناتلي نحو خوارزم شاه مأمون بن محمد اشتغل أبو علي
بتحصيل العلوم كالطبيعي والإلهي وغير ذلك٬ ونظر في النصوص والشروح وفتح الله عليه
أبواب العلوم٬ ثم رغب بعد ذلك في علم الطب وتأمل الكتب المصنفة فيه٬ وعالج تأدباً لا تكسباً٬
وعلمه حتى فاق فيه الأوائل والأواخر في أقل مدة وأصبح فيه عديم القرين فقيد المثل٬ واختلف
إليه فضلاء هذا الفن وكبراؤه يقرؤون عليه أنواعه والمعالجات المقتبسة من التجربة٬ وسنه إذ ذاك
نحو ست عشرة سنة. وفي مدة اشتغاله لم ينم ليلة واحدة بكمالها ولا اشتغل في النهار بسوى
المطالعة٬ وكان إذا أشكلت عليه مسألة توضأ وقصد المسجد الجامع٬ وصلى ودعا الله عز وجل أن
يسهلها عليه ويفتح مغلقها له.
وذكر عند الأمير نوح بن نصر الساماني صاحب خراسان في مرض مرضه فأحضره وعالجه
حتى برئن واتصل به وقرب منه٬ ودخل إلى دار كتبه وكانت عديمة المثل٬ فيها من كل فن من
الكتب المشهورة بأيدي الناس وغيرها مما لا يوجد في سواها ولا سمع باسمه فضلاً عن معرفته٬
فظفر أبو علي فيها يكتب من علم الأوائل وغيرها وحصل نخب فوائدها واطلع على أكثر علومها٬
واتفق بعد ذلك احتراق تلك الخزانة٬ فتنفرد أبو علي بما حصله من علومها٬ وكان يقال: إن أبا
علي توصل إلى إحراقها لينفرد بمعرفة ما حصله منها وينسبه إلى نفسه.
ولم يستكمل ثماني عشرة سنة من عمره إلا وقد فرغ من تحصيل العلوم بأسرها التي عاناها٬
وتوفي أبوه وسن أبي علي اثنتان وعشرون سنة٬ وكان يتصرف هو ووالده في الأحوال ويتقلدان
للسلطان الأعمال.
ولما اضطربت أمور الدولة السامانية خرج أبو علي من بخارى إلى كركانج٬ وهي قصبة
خوارزم٬ واختلف إلى خوارزم شاه علي بن مأمون بن محمد٬ وكان أبو علي على زي الفقهاء
ويلبس الطيلسان٬ فقرروا له في كل شهر ما يقوم به٬ ثم انتقل إلى نسا وأبيورد وطوس وغيرها
من البلاد٬ وكان يقصد حضرة الأمير شمس المعالي قابوس بن وشمكير في أثناء هذه الحال٬ فلما
أخذ قابوس وحبس في بعض القلاع حتى مات­كما سيأتي شرحه في ترجمته في حرف القاف من
هذا الكتاب إن شاء الله تعالى­ذهب أبو علي إلى دهستان ومرض بها مرضاً صعباً٬ وعاد إلى
جرجان٬ وصنف بها الكتاب الأوسط­ولهذا يقال له "الأوسط الجرجاني"­واتصل به الفقيه أبو عبيد
الجوزجاني٬ واسمه عبد الواحد٬ ثم انتقل إلى الري واتصل بالدولة٬ ثم إلى قزوين ثم إلى همذان٬
وتولى الوزارة لشمس الدولة٬ ثم تشوش العسكر عليه٬ فأغاروا على داره ونهبوها وقبضوا عليه
وسألوا شمس الدولة قتله فامتنع٬ ثم أطلق فتوارى٬ ثم مرض شمس الدولة بالقولنج فأحضره
لمداواته واعتذر إليه وأعاده وزيراً٬ ثم مات شمس الدولة وتولى تاج الدولة فلم يستوزره٬ فتوجه
إلى أصبهان وبها علاء الدولة أبو جعفر ابن كاكويه٬ فأحسن إليه.
وكان أبو علي قوي المزاج٬ وتغلب عليه قوة الجماع حتى أنهكته ملازمته وأضعفته ولم يكن
يداوي مزاجه٬ وعرض له قولنج٬ فحقن نفسه في يوم واحد ثماني مرات فقرح بعض أمعائه
وظهر له سحج٬ واتفق سفره مع علاء الدولة٬ فحصل له الصرع الحادث عقيب القولنج٬ فأمر
باتخاذ دانقين من كرفس في جملة ما يحقن به٬ فجعل الطبيب الذي يعالجه فيه خمسة دراهم منه٬
فازداد السحج به من حدة الكرفس فطرح بعض غلمانه في بعض أدويته شيئاً كبيراً من الأفيون٬
وكان سببه أن غلمانه خانوه في شيء٬ فخافوا عاقبة أمره عند برئه؛ وكان مذ حصل له الألم
يتحامل ويجلس مرة بعد أخرى ولا يحتمي ويجامع٬ فكان يمرض أسبوعاً ويصلح أسبوعاً٬ ثم
قصد علاء الدولة همذان من أصبهان ومعه الرئيس أبو علي٬ فحصل له القولنج في الطريق
ووصل إلى همذان وقد ضعف جداً وأشرفت قوته على السقوط٬ فأهمل المداواة وقال: المدبر الذي
في بدني قد عجز عن تدبيره فلا تنفعني المعالجة٬ ثم اغتسل وتاب وتصدق بما معه على الفقراء٬
ورد المظالم على من عرفه وأعتق مماليكه وجعل يختم في كل ثلاثة أيام ختمة٬ ثم مات في
التاريخ الذي يأتي في آخر ترجمته إن شاء الله تعالى.
وكان نادرة عصره في علمه وذكائه وتصانيفه٬ وصنف كتاب "الشفاء" في الحكمة٬ و"النجاة"
و"الإشارات" و"القانون" وغير ذلك مما يقارب مائة مصنف ما بين مطول ومختصر ورسالة في
فنون شتى٬ وله رسائل بديعة: منها رسالة "حي بن يقظان" ورسالة "سلامان وابسال" ورسالة
"الطير" وغيرها٬ وانتفع الناس يكتبه٬ وهو أحد فلاسفة المسلمين)).
بحث ابن سينا في أمراض شتى٬ أهمها السكتة الدماغية٬ التهاب السحايا٬ الّشلل العضوي٬ الشلل
الناجم عن إصابة مركز في الدماغ٬ عدوى السل الرئوي٬ انتقال الأمراض التناسلية٬ الشذوذ في
تصرفات الإنسان والجهاز الهضمي. وميّز مغص الكلى من مغص المثانة وكيفية استخراج
الحصاة منهما٬ كما ميّز التهاب البلورة (غشاء الرئة) والتهاب السحايا الحاد من التهاب السحايا
الثانوي.
برز في دراسة العقم وعلاقة ذلك بالأحوال النفسية بين الزوجين٬ وتحدث عن السرطان ومعالجته٬
وخالف أبقراط في وجوب الامتناع عن معالجته إذ قال: "والسرطان إذا استؤصل في أول
أعراضه شفي المريض منه". وبحث في التحليل النفسي. وبحث ابن سينا أيضاً كما بحث ابن
الهيثم في سبب تكون الجنين وعلة تكونه في الرحم٬ ذكرا كان أم أنثى٬ وعن خروجه من الرحم٬
وتشريح جسم الإنسان٬ والعظام٬ والفم٬ والغضاريف٬ والأنف وغير ذلك.
اكتشف ابن سينا الطفيلية المعوية والدودة المستديرة ووصفها بدقة في كتاب القانون٬ وهي التي
تسمى حديثا "الأنكلستوما"٬ وبيّن أنها تسبب داء اليرقان.
كما وصف السل الرئوي وبيّن أن عدواه تنتشر عن طريقي الماء والتراب ووصف الجمرة
الخبيثة.
وقد درس الحواس وبيّن ارتباطها ومكانها في الدماغ٬ كما استفاض في موضوع العين وكيفية
الإبصار والرؤية.
وتجدر الإشارة إلى أن كتاب ابن سينا "القانون" ظّل يُدّرس في كليات الطب الأوروبية لأكثر من
ستة قرون٬ واعتبر أهم مرجع طبي عالمي لفترة طويلة.
وكتابه "القانون في الطب" يضم خمسة كتب:
الكتاب الأول: الأمور الكلية في الطب.
الكتاب الثاني: الأدوية المفردة .
الكتاب الثالث: الأمراض الجزئية.
الكتاب الرابع: الأمراض التي لا تختص بعضو بعينه.
الكتاب الخامس: الأدوية المركبة والأقراباذين.
يعتبر الفكر الفلسفي لأبو علي ابن سينا امتداد لفكر لفارابي وأخذ عن الفارابي فلسفته الطبيعية
وفلسفته الإلهية أي تصوره للموجودات وتصوره للوجود وأخذ منه على الأخص نظرية الصدور
وطّور نظرية النفس وهو أكثر ما عني به.
أهمية ابن سينا تكمن في نظريته في النفس وأفكاره في فلسفة النفس٬ مقدمات ابن سينا في النفس
هي مقدمات أرسطية. تعريف ابن سينا للنفس: النفس كمال أول لجسم طبيعي آلي ذي حياة بالقوة
أي من جهة ما يتولد (وهذا مبدأ القوة المولدة) ويربو (وهذا مبدأ القوة المنمية) ويتغذى (وهذا مبدأ
القوة الغاذية) وذلك كله ما يسميه بالنفس النباتية. وهي كمال أول من جهة ما يدرك الجزئيات
ويتحرك بالإرادة وهذا ما يسميه بالنفس الحيوانية. وهي كمال أول من جهة ما يدرك الكليات
ويعقل بالاختيار الفكري وهذا ما يسميه النفس الإنسانية. شرح التعريف: ونعني في التعريف
السابق أن النفس عند ابن سينا 3 نباتية/حيوانية/إنسانية. كمال أول: تعني مبدأ أول ذي حياة بالقوة:
يعني لدينا جسم مستعد وطبيعي لتقبل الحياة مبادئ النفس النباتية: تنمو وتتوالد وتتغذى ولا يفعل
النبات أكثر من ذلك. مبادئ النفس الحيوانية: تدرك الجزئيات (مثلا يدرك أفعى أمامه/ إنسان
أمامه) يتحرك بالإرادة أي فيه إرادة توجهه (مثلا الأسد بإرادته ممكن أن يقفز على إنسان
ويبتلعه). مبادئ النفس الإنسانية: تدرك الكليات٬ اختيار فكري أي الحرية الفكرية التي نتوجه لها
للاختيار من بين بدائل مختلفة. تصور ابن سينا لأصل النفس: 1­ من أين جاءت/ 2­ علاقة النفس
بالبدن/ 3­ مصير النفس. المسألة غامضة عند ابن سينا ولكن ربما قصيدته العينية هي التي تعبر
أكثر من غيرها عن رأي ابن سينا في المسائل الثلاث. قصيدته مكونة من4 أقسام لدى قراءتها
تتضح الإجابة على الثلاث أسئلة السابقة.
لابن سينا مؤلفات تضم عدة مواضيع:
في الفلسفة: هناك كتاب الإشارات والتنبيهات : في كتابه كتاب الإشارات الذي ذهب فيه مذهب
أرسطو وقربه قليلاً إلى الأديان٬ وكان يقول بقدم العالم وإنكار المعاد ونفي علم الله وقدرته وخلقه
العالم وبعثه من في القبور٬ وكان ابن سينا ذهب مذهب الفلاسفة من امثال الفارابي أبي نصر
التركي الفيلسوف٬ وكان الفارابي يقول بالمعاد الروحاني لا الجثماني٬ ويخصص بالمعاد الأرواح
العالمة لا الجاهلة٬ وله مذاهب في ذلك يخالف المسلمين والفلاسفة من سلفه الأقدمين٬ واعاد تلك
الفكرة ابن سينا ونصره٬ وقد رد عليه الغزالي في تهافت الفلاسفة في عشرين مجلساً له كفَّره في
ثلاث منها وهي قوله بقدم العالم٬ وعدم المعاد الجثماني٬ وقوله إَِّن الله لا يعلم الجزئيات٬ وبّدعه في
البواقي. وكان اتباعه يدعون بـ "الألى" وقالوا مقالته ومن اشهرهم النصير الطوسي واسمه محمد
بن عبد الله ويقال له الخواجا نصير الدين٬ الذ انتصر لمذهب ابن سينا والذب عنه وشرح إشاراته
وكان يسميها "قرآن الخاصة"٬ ويسمي كتاب الله تعالى "قرآن العامة"٬ ورد على الشهرستاني في
مصارعته ابن سينا بكتاب سماه مصارعة المصارع.
كتاب الشفاء .
­ العلوم الآلية وتشتمل على كتب المنطق٬ وما يلحق بها من كتب اللغة والشعر و العلوم و الطب٬
ومن آثاره اللغوية: أسباب حدوث الخروف.
­ العلوم النظرية وتشتمل على كتب العلم الكلّي٬ والعلم الإلهي٬ والعلم الرياضي.
­ في العلوم العملية وتشتمل على كتب الأخلاق٬ وتدبير المنزل٬ وتدبير المدينة٬ والتشريع.
­ في العلوم الأصلية: فروع وتوابع٬ فالطب مثلاً من توابع العلم الطبيعي٬ والموسيقى وعلم الهيئة
من فروع العلم الرياضي. كتب الطب أشهر كتب ابن سينا الطبية كتاب القانون الذي ترجم وطبع
عّدة مرات: والذي ظل يُدرس في جامعات أوروبا حتى أواخر القرن التاسع عشر. ومن كتبه
الطبية أيضاً كتاب الأدوية القلبية٬ وكتاب دفع المضار الكلية عن الأبدان الإنسانية٬ وكتاب
القولنج٬ ورسالة في سياسة البدن وفضائل الشراب٬ ورسالة في تشريح الأعضاء٬ ورسالة في
الفصد٬ ورسالة في الأغذية والأدوية. ولإبن سينا أراجيز طبية كثيرة منها: أرجوزة في التشريح٬
وأرجوزة المجربات في الطب والألفية الطبية المشهورة التي ترجمت وطبعت. ولإبن سينا كتاب
نفيس في الطب هو " القانون"٬ جمع فيه ما عرفه الطب القديم وما ابتكره هو من نظريات
واكتشفه من أمراض٬ وقد جمع فيه أكثر من سبعمائة وستين عقارا مع أسماء النباتات التي
يستحضر منها العقار. وبحث ابن سينا في أمراض شتى أهمها السكتة الدماغية٬ التهاب السحايا
والشلل العضوي٬ والشلل الناجم عن إصابة مركز في الدماغ٬ وعدوى السل الرئوي٬ وانتقال
الأمراض التناسلية٬ والشذوذ في تصرفات الإنسان والجهاز الهضمي. وميز مغص الكلى من
مغص المثانة وكيفية استخراج الحصاة منهما كما ميز التهاب البلورة ( غشاء الرئة ) والتهاب
السحايا الحاد من التهاب السحايا الثانوي.
­ في الرياضيات: من آثار ابن سينا الرياضية رسالة الزاوية٬ ومختصر إقليدس٬ ومختصر
الارتماطيقي٬ ومختصر علم الهيئة٬ ومختصر المجسطي٬ ورسالة في بيان علّة قيام الأرض في
وسط السماء. طبعت في مجموع (جامع البدائع)٬ في القاهرة سنة 1917 م.
­ في الطبيعيات: جمعت طبيعيات ابن سينا في الشفاء والنجاة وما نجده في خزائن الكتب من
الرسائل ليس سوى تكملة لما جاء في هذه الكتب. ومن هذه الرسائل: رسالة في إبطال أحكام
النجوم٬ ورسالة في الأجرام العلوية٬ وأسباب البرق والرعد٬ ورسالة في الفضاء٬ ورسالة في
النبات والحيوان.
­ في الموسيقى: مقالة جوامع علم الموسيقى٬ مقالة الموسيقى٬ مقالة في الموسيقى. ولقد الف ابن
سينا أكثر من 24 مقطوعة موسيقية
­ في الطب:
كتاب القانون في الطب :ترجم وطبع عّدة مرات و ظل يُدرس في جامعات أوروبا حتى أواخر
القرن التاسع عشر.
كتاب الأدوية القلبية
كتاب دفع المضار الكلية عن الأبدان الإنسانية
كتاب القولنج
رسالة في سياسة البدن وفضائل الشراب
رسالة في تشريح الأعضاء
رسالة في الفصد
رسالة في الأغذية والأدوية
­ أراجيز طبية:
أرجوزة في التشريح
أرجوزة المجربات في الطب
الألفية الطبية المشهورة التي ترجمت وطبعت
المراجع: كتاب وفيات الأعيان لابن خلكان٬ كتاب القانون في الطب لابن سينا




أبو بكـر الّرازي

م932 ­ 864
ُولِد أبو بكر محمد بن يحيى بن زكريا الّرازي بالّري قرب طهران في بلاد فارس. درس الرياضيات
والطب والفلسفة والفلك والكيمياء والمنطق والأدب.
في موطنه في الري اشتهر الرازي وجاب البلاد وعمل رئيسا للبيمارستان المعتضدي له الكثير من
الرسائل في شتى الأمراض وكتب في كل فروع الطب والمعرفة في ذلك العصر٬ وقد ترجم بعضها
إلى اللاتينية لتستمر المراجع الرئيسية في الطب حتى القرن السابع عشر٬ ومن أعظم كتبه "تاريخ
الطب" وكتاب "المنصوري" في الطب و كتاب "الأدوية المفردة" الذي يتضمن الوصف الدقيق
لتشريح أعضاء الجسم. هو أول من ابتكر خيوط الجراحة٬ وصنع المراهم٬ وله مؤلفات في الصيدلة
ساهمت في تقدم علم العقاقير .وله 200 كتاب ومقال في مختلف جوانب العلوم.
يبحث الرازي في كتابه "الحاوي في الطب" مواضيع كثيرةً تتعلّق بالرأس٬ منها الّسكتة الّدماغية٬
الفالج٬ أوجاع العصب واسترخاؤه٬ الّصرع٬ التّشنج٬ الكزاز٬ وأمراض العيون والآذان والأسنان٬
مشّرًحا المرض٬ُمشّخًصا إياه٬ مورًدا صفة العلاج الّشافي لكّل مرٍض أتى على ذكره٬ بناًء على
دراسته وتجاربه واقتناعه. وقد تحّدث أيًضا عن المناخوليا (مرض عصبي) والأغذية المضاّدة لهذا
المرض.
في كتابه "المنصوري"٬ وهو مختصر "الحاوي"٬ تحّدث عن الحصبة والجدري ووصف الطفح٬
مظهراً للمريض إشارات تظهر على الِجلد.
كان الّرازي أّولَمنَميَّز بين المرضْين٬ وقال إنّهما ينتقلان بالعدوى. وقد أّكد أهميّة فحص النبض
والقلب والتنفس والبزار لمن يُصاب بهما٬ وبيّن ما يحدثان من تشويه في الجلد٬ وبيّن كيفية معالجة
كّل منهما. وقد ترجم هذا الكتاب إلى اللاّتينية٬ وكانت له أهمية في أوروبا٬ وبقي معمولاً به عند
الأطباء وفي الجامعات حتى القرن السابع عشر للميلاد.
وله كتاب "في الأمراض التي تعتري جسم الإنسان وكيفية معالجتها" بالأدوية المختلفة والأغذية
المتنّوعة٬ وقد ظّل هذا الكتاب مرجًعا يعود إليه علماء أوروبا في الموضوعات والبحوث الطّبية.
وله كتاب "من لا يحضره الطبيب" شرح فيه معالجة المرض في غياب الطبيب والأدوية الموجودة
في كل مكان.
وله كتاب في "الجدري والحصبة" وصف فيه الداءين وعلاجهما٬ وكتاب "خاط اليونان الجروح".
لكن الرازي كان أّول من استعمل أمعاء الحيوان في خياطة الجروح البطنية٬ وكان من أمهر
الجّراحين.
كان الرازي أّول من قال: "إن بعض الأمراض ينتقل بالوراثة. وقد سماه ابن أبي أَُصْيبَِعة "جالينوس
العرب".
وجاء في وفيات الأعيان لابن خلكان: ((أبو بكر محمد بن زكريا الرازي الطبيب المشهور؛ ذكر ابن
جلجل في "تاريخ الأطباء" أنه دبر مارستان الري ثم مارستان بغداد ­في أيام المكتفي. ومن أخباره
أنه كان يضرب بالعود ويغني٬ فلما التحى وجهه قال: نجاة ل غناء يخرج من بين شارب ولحية لا
مؤلفيها٬ فبلغ من معرفة غوائرها الغاية٬ واعتقد الصحيح منها وعلل السقيم٬ وألف في الطب كتباً يستظرف٬
فنزع عن ذلك وأقبل على دراسة كتب الطب والفلسفة٬ فقرأها قراءة رجل متعقب على كثيرة.
وقال غيره: كان إمام وقته في علم الطب والمشار إليه في ذلك العصر٬ وكان متقناً لهذه الصناعة
حاذقاً فيها عارفاً بأوضاعها وقوانينها٬ تشد إليه الرحال في أخذها عنه٬ وصنف فيها الكتب النافعة٬
فمن ذلك كتاب "الحاوي" وهو من الكتب الكبار٬ يدخل في مقدار ثلثين مجلداً٬ وهو عمدة الأطباء في
التنقل منه والرجوع إليه عند الاختلاف. ومنها كتاب "الجامع"٬ وهو أيضاً من الكتب الكبار النافعة.
وكتاب "الأعصاب" وهو أيضاً كبير٬ وله أيضاً كتاب "المنصوري" المختصر المشهور٬ وهو ­ عل
صغر حجه ­ من الكتب المختارة٬ جمع فيه بين العمل والعلم ويحتاج إليه كل أحد٬ وكان قد صنفه
لأبي صالح منصور بن نوح بن نصر بن إسماعيل بن أحمد بن أسد بن سامان٬ أحد الملوك
السامانية٬ فنسب الكتاب إليه٬ وله غير ذلك تصانيف كثيرة وكلها يحتاج إليها.
ومن كلامه: مهما قدرت أن تعالج بالأغذية فلا تعالج بالأدوية٬ مهما قدرت أن تعالج بدواء مفرد فلا
تعالج بدواء مركب؛ من كلامه: إذا كان الطبيب عالماً والمريض مطيعاً فما أقل لبث العلة؛ ومن
كلامه: عالج في أول العلة بما لا تسقط به القوة.
وذكر القاضي التنوخي في كتاب "الفرج بعد الشدة" في باب من اشتد بلاؤه بمرض عافاه الله بأيسر
سبب وأقاله: أن غلاماً من بغداد قدم الري وكان ينفث الدم٬ وكان لحقه ذلك في طريقه٬ فاستدعى أبا
بكر الرازي الطبيب المشهور بالحذق٬ صاحب الكتب المصنفة٬ فأراه ما ينفث ووصف له ما يجد٬
فأخذ الرازي مجسه٬ ورأى قارورته واستوصف حاله منذ ابتداء ذلك به٬ فلم يقم له دليل على سل ولا
قرحة٬ ولم يعرف العلة٬ واستنظر الرجل لينظر في الأمر٬ فقامت على العليل القيامة وقال: هذا أيأس
لي من الحياة لحذق الطبيب وجهله بالعلة٬ فازداد ما به من الألم٬ فولد الفكر للرزاي أن عاد إليه
فسأله عن المياه التي شربها في طريقه٬ فأخبر أنه شرب من مستنقعات وصهاريج٬ فقام في نفس
الرازي بحدة الخاطر وجودة الذكاء أن علقة كانت في الماء وقد حصلت في معدته وأن ذلك الدم من
فعلها وقال له: إذا كان في غد جئتك فعالجتك ولم أنصرف حتى تبرأ٬ ولكن بشرط أن تأمر غلمانك
أن يطيعوني فبك لم آمرهم٬ فقال: نعم؛ فانصرف الرازي فجمع ملء مركنين كبيرين من طحلب
ففعلوا به ذلك٬ وطرحوه على قفاه وفتحوا فاه وأقبل الرازي يدس الطحلب في حلقه ويكبسه شديداً
فأحضرهما في غد معه فأراه إياهما وقال له: ابلع٬ فقال: لا أستطيع٬ فقال للغلمان: خذوه فأنيموه٬
ويسأله ببلعه ويهدده بأن يضرب٬ إلى أن أبلعه كارهاً أحد المركنين بأسره٬ والرجل يستغيث فلا
ينفعه مع الرازي شيء٬ إلى أن قال العليل: الساعة أقذف٬ فزاد الرازي في ما يكبسه في حلقه٬
فذرعه القيء فقذف٬ فتأمل الرازي قذفة فإذا فيه علقة٬ وإذا هي لما وصل إليها الطحلب قربت إليه
بالطبع وتركت موضعها والتفت على الطحلب ونهض العليل معافى.
ولم يزل رئيس هذا الشان٬ وكان اشتغاله به على كبر٬ يقال إنه لما شرع فيه كان قد جاوز أربعين
سنة من العمر٬ وطال عكره فعمي في آخر مدته٬ وتوفي سنة إحدى عشرة وثلثمائة٬ رحمه الله
تعالى.
وكان اشتغاله بالطب على الحكيم أبي الحسن علي بن ربن الطبري صاحب التصانيف المشهورة٬
منها "فردوس الحكمة" وغيره. وكان مسيحياً ثم أسلم. وقد تقدم الكلام على الرازي.
وأما الملوك السامانية فكانوا سلاطين ما وراء النهر وخراسان٬ وكانوا أحسن الملوك سيرة٬ ومن
ولي منهم كان يقال له سلطان السلاطين٬ لا ينعت إلا به٬ وصار كالعلم لهم٬ وكان يغلب عليهم العدل
والدين والعلم٬ وملك من بينهم جماعة٬ ولم تنقرض دولتهم إلا بدولة السلطان محمود بن سبكتكين ­
الآتي ذكره إن شاء الله تعالى ­ وكانت مدة ولايتهم مائة سنة وسنتين وستة أشهر وعشرة أيام.
وكانت وفاة أبي صالح منصور المذكور في شوال سنة خمس وستين وثلثمائة وكان قد صنف له
الرازي المذكور الكتاب المذكور في حال صغره٬ ليشتغل به.
ثم رأيت نسخة كتاب "المنصوري"٬ وعلى ظهره: أن المنصور الذي وسم الرازي هذا الكتاب باسمه
هو المنصور بن إسحاق بن أحمد بن نوح من ولد بهرام كوس صاحب كرمان وخراسان٬ وكنيته أبو
صالح٬ والله أعلم بالصواب.
وحكى ابن حلجل ­ المقدم ذكره ­ في تاريخه أيضاً: أن الرازي المذكور صنف لمنصور المذكور
كتاباً في إثبات صناعة الكيمياء٬ وقصد به من بغداد فدفع له الكتاب٬ فأعجبه وشكره عليه وحباه بألف
دينار وقال له: أريد أن تخرج هذا الذي ذكرت في هذا الكتاب إلى الفعل٬ فقال له الرازي: إن ذلك مما
يتمون له المؤن٬ ويحاج إلى آلات وعقاقير صحيحة٬ وإلى إحكام صنعة ذلك كله٬ وكل ذلك كلفة٬
فقال له منصور: كل ما احتجت إليه من الآلات٬ ومما يليق بالصناعة أحضره لك كاملاً حتى تخرج
عما ضمنته كتابك إلى العمل. فلما حقق عليه كع عن مباشرة ذلك وعجز عن عمله. فقال له منصور:
ما اعتقدت أن حكيماً يرضى بتحليل الكذب في كتب ينسبها إلى الحكمة٬ يشغل بها قلوب الناس
ويتعبهم فيما لا يعود عليهم من ذلك منفعة.
ثم قال له: قد كافأتك على قصدك وتعبك بما صار إليك من الألف دينار٬ ولا بد من معاقبتك على
تخليد الكذب٬ فحمل السوط على رأسه٬ ثم أمر أن يضرب بالكتاب على رأسه حتى يتقطع٬ ثم جهزه
وسير به إلى بغداد٬ فكان ذلك الضرب سبب نزول الماء إلى عينيه٬ ولم يسمح بقدحهما وقال: قد
رأيت الدنيا.
وكانت وفاة والده أبي محمد نوح بن نصر في شعر ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعين وثلثمائة.
وكانت وفاة جده أبي الحسن نصر بن إسماعيل في رجب سنة إحدى وثلاثين وثلثمائة.
وكانت وفاة جد أبيه أبي إبراهيم إسماعيل بن احمد في صفر ليلة الثلاثاء لأربع عشرة ليلة خلت منه٬
سنة خمس وتسعين ومائتين ببخاري؛ ومولده سنة أربع وثلاثين ومائتين بفرغانة٬ وكن يكتب الحديث
ويكرم العلماء.
وكانت وفاة أحمد بن أسد بن سامان سنة خمسين ومائتين بفرغانة٬ رحمهم الله تعالى.
وسامان: بفتح السين المهملة والميم وبينهما ألف وبعد الألف الثانية نون ­ وهذا وإن كان خارجاً عن
المقصور٬ لكن مساق الكلام جره٬ وفيه فائدة لا يستغنى عنها٬ والله أعلم بالصواب)).
المرجع:وفيات الأعيان لابن خلكان




سـيبويـه

تو. 183هـ
هو أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر الُملقّب بـ"سيبويه"٬ مولى بني الحرب بن كعب وقيل آل الربيع
بن زياد الحارثي.
هو إمام المتقدمين والمتأخرين في النّحو.
قال الجاحظ: "أردُت الخروج إلى محمد بن عبد الملك الّزيات وزير الُمعتصم٬ ففّكرت في شيٍء
أهديه إليه فلم أجد شيئا أهديه له مثل هذا الكتاب (كتاب سيبويه)٬ وقد اشتريته من ميراث الفراء".
فلّما أخبرته٬ قال: "وّالله ما أهديت لي شيئًا أحّب إلّي منه". وقيل إّن الجاحظ لما أخبَر ابن الزيات بما
حمله إليه٬ قال له ابن الزيات: "أََو ظننت أّن خزانتنا خالية من هذا الكتاب؟" فقال الجاحظ: "ما ظننت
ذلك٬ ولكن بخط الفراء ومقابلة الكسائي وتهذيب عمرو بن بحر الجاحظ٬ يعني نفسه". فقال ابن
الزيات: "هذه أجّل نسخة توجد وأعزها". فأَحضَرها إليه٬ فُسّر بها.
أخذ سيبويه النّحو عن الخليل بن أحمد وعن عيسى بن عمر ويونس بن حبيب وغيرهم. وأخذ اللّغة
عن الأخفش الأكبر وغيره.
قال ابن النطاح: "كنت عند الخليل ابن أحمد فأقبل سيبويه٬ فقال الخليل "مرحباً بزائر لا يمل".
قال أبو عمر المخزومي٬ وكان كثير المجالسة للخليل: "ما سمعُت الخليل يقولها لأحد إلاّ لسيبويه".
قال ابن خلكان في وفيات الأعيان: ((هو أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر٬ الملقب سيبويه٬ مولى
بني الحارث بن كعب٬ وقيل آل الربيع بن زياد الحارثي؛ كان أعلم المتقدمين والمتأخرين بالنحو٬ ولم
يوضع فيه مثل كتابه٬ وذكره الجاحظ يوماً فقال: لم يكتب الناس في النحو كتاباً مثله٬ وجميع كتب
الناس عليه عيال. وقال الجاحظ: أردت الخروج إلى محمد بن عبد الملك الزيات وزير المعتصم
ففكرت في شيء أهديه له٬ فلم أجد شيئاً أشرف من كتاب سيبويه٬فلما وصلت إليه قلت له: لم أجد
شيئاً أهديه لك مثل هذا الكتاب٬ وقد اشتريته من ميراث الفراء٬ فقال: والله ما أهديت لي شيئاً أحب
إلي منه. ورأيت في بعض التواريخ أن الجاحظ لما وصل إلى ابن الزيات بكتاب سيبويه أعلمه به قبل
إحضاره٬ فقال له ابن الزيات: أو ظننت أن خزانتنا خالية من هذا الكتاب؟ فقال الجاحظ: ما ظننت
ذلك٬ ولكنها بخط الفراء ومقابلة الكسائي وتهذيب عمرو بن بحر الجاحظ٬ يعني نفسه٬ فقال ابن
الزيات: هذه أجل نسخة توجد وأعزها٬ فأحضرها إليه٬ فسر بها ووقعت منه أجمل موقع.
وأخذ سيبويه النحو عن الخليل بن أحمد ­ المقدم ذكره ­وعن عيسى ابن عمر ويونس بن حبيب|
وغيرهم٬ وأخذ اللغة عن أبي الخطاب المعروف بالأخفش الأكبر وغيره.
وقال ابن النطاح: كنت عند الخليل بن أحمد فأقبل سيبويه٬ فقال الخليل: مرحباً بزائر لا يمل٬ قال أبو
عمر المخزومي وكان كثير المجالسة للخليل: ما سمعت الخليل يقولها لأحد إلا لسيبويه.
وكان قد ورد إلى بغداد من بصرة والكسائي يومئذ يعلم الأمين بن هارون الّرشيد٬ فجمع بينهما
وتناظرا وجرى مجلس يطول شرحه٬ وزعم الكسائي أن العرب تقول: كنت أظن أن الزنبور أشد
لسعاً من النحلة فإذا هو إياها٬ فقال سيبويه: ليس المثل كذا٬ بل فإذا هو هي٬ وتشاجرا طويلاً٬ واتفقا
على مراجعة عربي خالص لا يشوب كلامه شيء من كلام أهل الحضر٬ وكان الأمين شديد العناية
بالكسائي لكونه معلمه٬ فاستدعى عربياً وسأله فقال كما قال سيبويه. فقال له: نريد أن تقول كما قال
الكسائي٬ فقال: إن لساني لا يطاوعني على ذلك فإنه ما يسبق إلا إلى الصواب٬ فقرروا معه أن
شخصاً يقول: قال سيبويه كذا وقال الكسائي كذا٬ فالصواب مع من منهما؟ فيقول العربي: مع
الكسائي٬ فقال: هذا يمكن٬ ثم عقد لهما المجلس واجتمعا أئمة هذا الشأن وحضر العربي٬ وقيل له ذلك
فقال: الصواب مع الكسائي٬ وهو كلام العرب٬ فعلم سيبويه أنهم تحاملوا عليه وتعصبوا للكسائي٬
فخرج من بغداد وقد حمل في نفسه لما جرى عليه٬ وقصد بلاد فارس فتوفي في قرية من قرى
شيراز يقال لها البيضاء في سنة ثمانين ومائة٬ وقيل سنة سبع وسبعين٬ وعمره نيف وأربعون سنة٬
وقال ابن قانع: بل توفي بالبصرة في سنة إحدى وستين ومائة٬ وقيل سنة ثمان وثمانين٬ وقال الحافظ
أبو الفرج ابن الجوزي: توفي سنة أربع وتسعين ومائة٬ وعمره اثنتان وثلاثون سنة٬ وأنه توفي
بمدينة ساوة٬ وذكر الخطيب في " تاريخ بغداد " عن ابن دريد أنه قال: مات سيبويه بشيراز٬ وقبره
بها٬ والله أعلم.
وقيل أن ولادته كانت بالبيضاء المذكورة٬ لا وفاته. قال أبو سعيد الطوال: رأيت على قبر سيبويه هذه
الأبيات مكتوبة٬ وهي لسليمان بن يزيد العدوي:
ذهب الأحبة بعـد طـول تـزاور ونأى المزار فأسلموك وأقشـعـوا
تركوك أوحش ما تكون بـقـفـرة لم يؤنسوك٬ وكربة لم يدفـعـوا؟
قضيا لقضاء وصرت صاحب حفرة عنك الأحبة أعرض وتصـدعـوا
وقال معاوية بن بكر العليمي٬ وقد ذكر عنده سيبويه: رأيته وكان حديث السن٬ وكنت أسمع في ذلك
العصر أنه أثبت من حمل عن الخليل بن أحمد٬ وقد سمعته يتكلم ويناظر في النحو٬ وكانت في لسانه
حبسة٬ ونظرت في كتابه فقلمه أبلغ من لسانه.
وقال أبو زيد الأنصاري: كان سيبويه غلاماً يأتي مجلسي وله ذؤابتان٬ فإذا سمعته يقول: حدثني من
أثق بعربيته٬ فإنما يعنيني.
وكان سيبويه كثيراً ما ينشد:
إذا بل من داٍء به ظـن أنـه نجا٬ وبه الداء الذي هو قاتله
وسيبويه: بكسر السين المهملة وسكون الياء المثناة من تحتها وفتح الباء الموحدة والواو وسكون الياء
الثانية وبعدها هاء ساكنة٬ ولا يقال بالتاء البتة٬ وهو لقب فارسي معناه بالعربية رائحة التفاح؛ هكذا
يضبط أهل العربية هذا الاسم ونظائره مثل نفطويه وعمرويه وغيرهما٬ والعجم يقولون " سيبويه "
بضم الباء الموحدة وسكون الواو وفتح الياء المثناة بعدها٬ لأنهم يكرهون أن يقع في آخر الكلمة "
ويه " لأنها للندبة. وقال إبراهيم الحربي: سمي سيبويه لأن وجنتيه كانتا كأنهما تفاحتان٬ وكان في
غاية الجمال٬ رحمه الله تعالى)).
المراجع: وفيات الأعيان لابن خلكان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69641
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

علماء وفلاسفه ورحالة Empty
مُساهمةموضوع: رد: علماء وفلاسفه ورحالة   علماء وفلاسفه ورحالة Emptyالأربعاء 04 نوفمبر 2015, 8:29 am

الإمام الغزالـي

م1059­1111
ُولَِد حّجة الإسلام الإمام أبو حامد محّمد الغزالي في ضاحية غزالة بمدينة طوس٬ من أعمال
ُخراسان.
كان والده٬ إلى جانب اشتغاله بغزل الّصوف٬ يقوم بخدمة رجال الدين والفقهاء في مجالسهم. وكانت
أقصى أمانيه أن يرى أحدَولَديه محمد وأحمد خطيبًا وعالًما. ولكن الّدهر لم يمهله ليحقّق أمنيته٬
فمات والولدان قاصران٬ فتعهّدهما بالتربية والعلوم الأولى صديق صوفّي لأبيهما٬ ينفق عليهما مّما
تركه الوالد من ماٍل قليٍل.
َدَرس محّمد العلوم في بلدته٬ ثم انتقل إلى جرجان سنة 1073م طَلَبًا للتّزيد والتّعمق. رحل إلى
نيسابور سنة1078م وهي منُمدن الِعلِم المعروفة آنذاك٬ فاتّصل بإمام الَحَرمين أبي المعالي الجويني
"عالم عصره في التوحيد والإلمام بمذاهب الأشرعية وطرق الجدل والأصول والمنطق". فدرس
الغزالي عليه كل هذه العلوم والمذاهب كماَدَرس شيئًا من الفلسفة.
انتقل إلى بغداد بعد موت أستاذه الجويني عام 1085م٬ فاتّصل في الُمَعسكر بالوزير الّسلجوقي في
نظام الملك طوال خمس سنوات٬ ظهر خلالها تفّوقه في الكلام والفقه والعلوم الشرعية أثناء مناظراته
الأئمة والمفّكرين٬ فعيّنه الوزير أستاًذاُمشرفًا على النّظامية في بغداد وهي أشهر المدارس في
عصرها.
أُعِجَب الُكّل بُحسن كلام الغزالي وكمال فضله وعبارته الّرشيقة ومعانيه الدقيقة. وتمتّع بما اشتهى من
جاٍه وماٍل فأصبحت حلقات درسهُملتقى العلماء والقضاة والأمراء والوزراء٬ وأقبل عليه الطّلاب
إقبالاًُمنقطع النظير من مختلف أنحاء العالم الإسلامي. فكان يزدحم ثلاثمائة طالب لأحاديثه في علوم
الكلام والأخلاق والعقائد.
يحّدث الغزالي أنّه وقع في أول هذه المرحلة بأزمٍة من الشك الذي كانت خطوطه بدأت تتكّون في
نيسابور٬ لكنه اجتازها بعد شهرين من القلق كان فيهما على مذهب السفسطة. اهتم بالفلسفة أثناء
بحثه عن الحقيقة٬ فأكّب على تحصيلها وطالع كتب المتقدمين والمتأخرين وألّف كتابيه: "مقاصد
الفلاسفة"٬ "وتهافت الفلاسفة" وفيه كفّر الفلاسفة. اعتزل التّدريس سنة 1095م بعد أزمٍة نفسيٍة
عنيفٍة وصراٍع شديٍد ترّدد فيه بين شهوات الدنيا ودواعي الآخرة قريبًا من ستة أشهر٬ وأخذ بعده
بحياة التّصوف٬ فخرج من بغداد إلى الشام ثم إلى بيت المقدس والحجاز حيث قضى سنوات في
الزهد والعبادة على طريقة المتصوفين. وجذبته دعوات الأطفال إلى الوطن فعاد إلى طوس وعزم
على الدعوة إلى الإصلاح الديني٬ فقام يؤلف كتابه: "إحياء علوم الّدين" ولكنه عاد إلى التدريس في
نظامية نيسابور مدة سنتين (1106 –1105م) بناًء على دعوٍةُملّحٍة من السلطان. انصرف بعد ذلك
إلى التصوف في مسقط رأسه طوس٬ إلى أن وافته منيّته.
قال عنه ابن خلكان في "وفيات الأعيان" : ((أبو حامد محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الغزالي٬
الملقب حجة الإسلام زين الدين الطوسي الفقيه الشافعي٬ لم يكن للطائفة الشافعية في آخر عصره
مثله٬ اشتغل في مبدأ أمره بطوس على أحمد الراذكاني٬ ثم قدم نيسابور واختلف إلى دروس إمام
الحرمين أبي المعالي الجويني٬ وجد في الاشتغال حتى تخرج في مدة قريبة٬ وصار من الأعيان
المشار إليهم في زمن أستاذه٬ وصنف في ذلك الوقت٬ وكان أستاذه يتبجح به٬ ولم يزل ملازما له إلى
أن توفي في التاريخ المذكور في ترجمته٬ فخرج من نيسابور إلى العسكر٬ ولقي الوزير نظام الملك
فأكرمه وعظمه وبالغ في الإقبال عليه٬ وكان بحضرة الوزير جماعة من الأفاضل٬ فجرى بينهم
الجدال والمناظرة في عدة مجالس٬ فظهر عليهم واشتهر اسمه وسارت بذكره الركبان.
ثم فوض إليه الوزير تدريس مدرسته النظامية بمدينة بغداد٬ فجاءها وباشر إلقاء الدروس بها٬ وذلك
في جمادى الأولى سنة أربع وثمانين وأربعمائة٬ وأعجب به أهل العراق وارتفعت عندهم منزلته٬ ثم
ترك جميع ما كان عليه في ذي القعدة سنة ثمان وثمانين وأربعمائة٬ وسلك طريق الزهد والانقطاع
وقصد الحج وناب عنه أخوه أحمد في التدريس فلما رجع توجه إلى الشام فأقام بمدينة دمشق مدة
يذكر الدروس في زاوية الجامع في الجانب الغربي منه٬ وانتقل منها إلى البيت المقدس٬ واجتهد في
العبادة وزيارة المشاهد والمواضع المعظمة٬ ثم قصد مصر وأقام بالإسكندرية مدة٬ ويقال إنه قصد
منها الركوب في البحر إلى بلاد المغرب على عزم الاجتماع بالأمير يوسف بن تاشفين صاحب
مراكش٬ ­ وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى ­ فبينا هو كذلك بلغه نعي يوسف بن تاشفين المذكور٬
فصرف عزمه عن تلك الناحية.
ثم عاد إلى وطنه بطوس واشتغل بنفسه وصنف الكتب المفيدة في عدة فنون منها ما هو أشهرها كتاب
الوسيط والبسيط والوجيز والخلاصة في الفقه٬ ومنها إحياء علوم الدين وهو من أنفس الكتب
وأجملها٬ وله في أصول الفقه المستصفى فرغ من تصنيفه في سادس المحرم سنة ثلاث وخمسمائة٬
وله المنحول والمنتحل في علم الجدل وله تهافت الفلاسفة ومحك النظر ومعيار العلم والمقاصد
والمضنون به على غير أهله والمقصد الأقصى في شرح أسماء الله الحسنى ومشكاة الأنوار والمنقذ
من الضلال وحقيقة القولين وكتبه كثيرة وكلها نافعة.
ثم ألزم بالعود إلى نيسابور والتدريس بها بالمدرسة النظامية٬ فأجاب إلى ذلك بعد تكرار المعاودات٬
ثم ترك ذلك وعاد إلى بيته في وطنه٬ واتخذ خانقاه للصوفية ومدرسة للمشتغلين بالعلم في جواره٬
ووزع أوقاته على وظائف الخير: من ختم القرآن ومجالسة أهل القلوب والقعود للتدريس٬ إلى أن
انتقل إلى ربه. ويروى له شعر٬ فمن ذلك ما نسبه إليه الحافظ أبو سعد السمعاني في الذيل وهو قوله:
حلت عقارب صدغه في خده قمرا فجل بها عن التشبـيه
ولقد عهدناه يحل ببرجـهـا فمن العجائب كيف حلت فيه
ورأيت هذين البيتين في موضع آخر لغيره والله أعلم. ونسب إليه العماد الأصبهاني في الخريدة
هذين البيتين٬ وهما:
هبـنـي صـبـوت كـمـا تـرون بـزعـمـكـــم وحـظـيت مـنـه بـلـثـــم خـــد أزهـــر
إني اعتزلت فلا تلوموا إنه أضحى يقابلني بوجه أشعر ي
ونسب إليه البيتين اللذين قبلهما.
وكانت ولادته سنة خمسين وأربعمائة٬ وقيل سنة إحدى وخمسين بالطابران٬ وتوفي يوم الاثنين رابع
عشر جمادى الآخرة سنة خمس وخمسمائة بالطابران٬ ورثاه الأديب أبو المظفر محمد الأبيوردي
الشاعر المشهور ­ وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى ­ بأبيات فائية من جملتها:
مضى وأعظم مفقود فجعت به من لا نظير له في الناس يخلفه
وتمثل الإمام إسماعيل الحاكمي بعد وفاته بقول أبي تمام من جملة قصيدة مشهورة:
عجبت لصبري بعده وهـو مـيت وكنت امرءا أبكي دما وهو غائب
على أنها الأيام قد صرن كلـهـا عجائب حتى ليس فيها عجـائب
ودفن بظاهر الطابران٬ وهي قصبة طوس٬ رحمه الله تعالى.
وقد تقدم الكلام على الطوسي والغزالي في ترجمة أخيه أحمد الزاهد الواعظ المذكور في حرف
الهمزة٬ والطابران٬ بفتح الطاء المهملة والباء الموحدة وراء مهملة وبعد الألف الثانية نون٬ وهي
إحدى بلدتي طوس٬ كما تقدم ترجمة أحمد أيضا.))
ترك الغزالي عدًدا كبيًرا من المؤلّفات في شتى فروع النّشاط الفكري٬ أهّمها:
1­ في التصوف والأخلاق: إحياء علوم الدين٬ كتاب الأربعين في أصول الدين٬ الأدب في الدين٬
آداب الصوفية٬ ميزان العمل٬ أيّها الولد٬ جواهر القرآن٬ معراج السالكين٬ منهاج العابدين٬ مشكاة
الأنوار... إلخ.
2­ في العقائد والفقه والأصول: عقيدة أهل السنة٬ القسطاس المستقيم٬ الإقتصاد في الإعتقاد٬ إلجام
العوام عن علم الكلام٬ الرسالة القدسية٬ الُمستظهري (فضائح الباطنية)٬ المقصد الأسنى في شرح
أسماء الله الُحسنى.
3­ في الفلسفة والمنطق: مقاصد الفلاسفة٬ تهافت الفلاسفة٬ معيار العلم في المنطق.
4­ ترجمة حياة: الُمنقذ من الضلال.
المراجع: وفيات الأعيان لابن خلكان



الإدريسي

م1164 ­1099
هو أبو عبد الله محمد الشريف الإدريسي٬ يرتفع نسبة إلى إدريس بن عبد الله٬ مؤسس دولة الأدارسة
في المغرب في عهد هارون الرشيد. ولد في سبتة بالمغرب سنة 493 للهجرة حيث نشأ نشأة علم
وتربية عالية. ولعلّه أتّم دراسته بقرطبة٬ التي كانت مركًزا من مراكز العلم يومها. وقد أجمع عليه
الباحثون أن ثقافته وتعليمه اشتملا على العلوم الرياضية والجغرافية والفلكية والطبية وما يتبع هذه
من اهتمام بالنباتات ومنافعها.
أحد كبار الجغرافيين في التاريخ ومؤسسين علم الجغرافيا٬ كما أنه كتب في التاريخ ٬ والأدب ٬
والشعر ٬ والنبات ودرس الفلسفة ٬ والطب ٬ والنجوم ٬ في قرطبة.
أخذ الإدريسي نفسه بالتنقل والرحلة وهو بعد في شرخ الشباب٬ فزار الشمال الإفريقي والأندلس
وجزءاً من فرنسا. واتجه شرقا٬ فزار آسيا الّصغرى ومصر والشام٬ وقضى في الشرق بعًضا من
الوقت٬ ثم ظهر في بلاط روجار صاحب صقلية حيث انتهي سنة 548 هـ (1154 م) من وضع كتابه
"نزهة المشتاق في اختراق الآفاق".
استخدمت مصوراته و خرائطه في سائر كشوف عصر النهضة الأوربية . حيث لجأ إلى تحديد
اتجاهات الأنهار والمرتفعات والبحيرات ٬ وضمنها أيًضا معلومات عن المدن الرئيسية بالإضافة إلى
حدود الدول.
اختار الإدريسي الانتقال إلى صقلية بعد سقوط الحكومة الإسلامية ٬ لأن الملك النورماني في ذلك
الوقت "روجر الثاني" كان محباً للمعرفة . شرح الإدريسي لروجر موقع الأرض في الفضاء
مستخدًما في ذلك البيضة لتمثيل الأرض ٬ شبه الإدريسي الأرض بصفار البيضة المحاط ببياضها
تماما كما تهيم الأرض في السماء محاطة بالمجَّرات .
كما حدد الادريسي مصدر نهر النيل ٬ ففي موقع معين وضع نقطة تقاطع نهر النيل تحت خط
الاستواء ٬ وهذا هو موقعه الصحيح . قبل دخول مصر تلتقي روافد نهر النيل في الخرطوم عاصمة
السودان ٬ يتشَّكل نهر النيل من نهرين هما النيل الأبيض والنيل الأزرق ٬ يجري هذان النهران عبر
أراضي السودان ويلتقيان في الخرطوم التي تقع تحت خط الاستواء . إن تحديد موقع نهر النيل يُلغي
نظرية بطليموس أن مصدر نهر النيل هو تلة في القمر.
كان لعمل الإدريسي مظاهر ثلاثة هي: أولاً٬ رسم مناطق العالم وأماكنه على أسس مواقعها من
خطوط العرض والطول على دائرة عظيمةُصنعت من الفضة الخالصة. وقد قُدرت مساحتها بثلاثة
أمتار ونصف المتر طولاً٬ ومترا ونصف عرًضا. ثانياً٬ كان ينقل عن هذه الدائرة الفضية الصور
نفسها على الورق بحيث تتجمع لديه خارطة كبيرة للعالم. وثالثاً٬ كان يصف هذا كله في كتاب.
كان الإدريسي يعتقد بكروية الأرض٬ وهي فكرة انقسم الناس بشأنها منذ أن بدأ الفلاسفة اليونان
بالتفكير بشكل الأرض في القرن السادس ق.م. واستمر الإنقسام عبر العصور بين الفلكيين
والجغرافيين. وكان الإدريسي يقبل الفكرة بأن المعمور من الأرض هو نصفها الشمالي فقط٬ وأن
الجنوب لا حياة فيه. وكان يرى أن خطّ الاستواء يقسم سطح الكرة إلى قسمين متساويين. لكن
الإدريسي لما أراد أن يضع منابع النيل على دائرته٬ اضطر أن يصل إلى درجة 16 جنوبي خط
الإستواء. فالخارطة الإدريسية التي رسمها الجغرافي الكبير على الدائرة الفضية تشمل الجزء
المعمور من الأرض المعروف يومها في آسيا وإفريقيا وأوروبا. وقد قّسم هذا القسم المعمور إلى
سبعة أقاليم موازية لخط الإستواء٬ كان أولها ينتهي بخط 23 شمالاً٬ والأقاليم الخمسة التالية يشغل
كل منها ست درجات٬ والأقاليم السبعة تشغل تسع درجات بحيث ينتهي عند الخط 63 شمالا. ثم قّسم
كل إقليم عشرة أقسام جزئية من الغرب إلى الشرق. وهذا التقسيم قام عنده مقام خطوط الطول.
على الدائرة الفضية أثبت الإدريسي درجات العرض بقياس هندسي دقيق٬ وعيّن على هذه الدائرة
الأقطار المختلفة٬ بحيث أن الفرق بين ما فعله الإدريسي وبين تعيين هذه الأقطار بالنسبة لخطوط
العرض الآن٬ لا يختلف إلا في أجزاء صغيرة من الدرجة الواحدة. ولم يقتصر عمله على نقش
الأقطار على الدائرة الفضية فحسب٬ بل إنه نقش الخلجان والأنهار والمدن الكبرى. ورغبة منه في
أن تكون الأخبار التي حصل عليها دقيقة٬ طلب إلى روجار أن يُمّكنه من استقصاء المعلومات من
الرّحالة المتجّولين والتجار وأهل البحر. وقام برسم خارطٍة لكل جزء من الأجزاء السبعين التي
ظهرت على الدائرة الفضية٬ بحيث أعطى العالم أول خارطة عالمية دقيقة منتظمة.
إلا أن هذه الدائرة الفضية قد أُتلِفَت بعد الفراغ منها بمدة قصيرة أثناء ثورٍة وقعت في بَالِْرُمو.
يعتبر نزهة المشتاق أضخم وأفضل مشروع جغرافي أنتجته أوروبا في العصور الوسيطة. وقد
اكتسب أهمية خاصة لأوصافه التي قدمها عن منطقة البحر المتوسط وشبه جزيرة البلقان. كما أثار
الإدريسي في كتابه هذا القضية الجدلية الكبيرة في عصره حيث أكد أن الأرض كروية. ورد على
الاعتراضات التي وجهت إلى نظريته هذه بالقول: البعض يحتج بالقول أن السوائل (البحار) لا يمكن
أن تتماسك مع محيط مدور٬ غير أن الحقيقة هي أنها يمكن أن تتماسك حيث تحتويها حالة من
التوازن المتواصل.
وما يؤسف له هو أن كرة الإدريسي الفضية قد ضاعت مع الوقت ولا نعرف عنها إلا من
المخطوطات التي ذكرتها. أما فيما يتعلق بخرائطه التي وضعها للعالم فإن النسخ الأقدم عنها فهي
خريطة الجزيرة العربية التي نشرها باحث ألماني في القرن الماضي (1931) واستمدها من أطلس
يعود إلى تلك الحقبة. ثم نشرت نسخة معدلة عنها بعدها بعشرين عاماً في العراق عام (1951).
هذا المجال في كتاب أسماه "كتاب الأدوية المفردة" الذي وصف فيه الأدوية وخواصها
مستخدماً إلى جانب الجغرافيا٬ كان الإدريسي مهتماً أيضاً بالطب والمنهج الطبي. فقد وضع جهوده العلمية في
اثني عشرة لغة. لكن العالم في العموم يتذكر الإدريسي لإنجازاته الجغرافية في العصور الوسطى.
ولا يعرف الكثير عن السنوات الأخيرة من حياته. ربما يكون وقع ضحية الاكتئاب حين عرف بأن
كوكبه الفضي قدُسرق خلال شغب قام به رعاع نورمانديون عام 1161. وتوفي الإدريسي بعدها
بخمس سنوات في صقلية عام 1166. غير أن تركته وأثره العلميين عاشا طويلاً بعدها. فقد كان
الإدريسي أشهر جغرافي عربي ومسلم عرفه الأوروبيون وربما كان هذا يعود في وجه منه إلى
وجوده في صقلية واتصال الجزيرة الدائم مع البحارة والتجار القادمين من إقليم المتوسط وسواحل
الأطلسي وبحور الشمال.
وجاء في كتاب "الجامع لمفردات الأدوية والأغذية" لابن البيطار٬ قول الادريسي: النار هي جوهر
منفرد فاعل في الأجسام نافع من الأمراض المزمنة وهي دواء لا يعدله شيء في ذلك وهي حارة
يابسة في آخر الرابعة والكي بها ينفع من كل مزاج يكون من مادة أو من غير مادة إلا ما كان من
ذلك حاراً من غير ماّدة ويابساً من غير مادة٬ والكي بالنار أفضل من الكي بالدواء المحرق لأن النار
والكي بالدواء المحرق ربما أضر بالعضو وربما أضر بما اتصل به من الأعضاء
وأحدث أمراضاً لا يتعدى فعلها العضو الذي يتصل بها ولا يضر ما اتصل به من الأعضاء إلا ضرراً لا يؤبه له٬
مميتة والنار لا تفعل ذلك لشرف عنصرها وكرم جوهرها ما لم يفرط بها٬ وإذا كوي الرأس بها
نفعت من البرودة والرطوبة المزمنة والشقيقة المزمنة وغير المزمنة٬ وإذا نقط بها حول الأذن من
خارج نفع من بردها وينفع من اللقّوة والسكتة المزمنة والنسيان البلغمي والفالج والصرع
والماليخوليا وينفع الكي بها من الماء النازل في العين والدموع المزمنة ووجع الأنف واسترخاء
الجفن وناصورها وينفع من شقاق الشقة وناصور الفم والأضراس واللثات المسترخية ومن الخنازير
وضيق النفس وبحوحة الصوت والسعال الرطب وينفع الكي بها من خلع رأس العضد ومن برد
المعدة ورطوبتها وبرد الكبد ورطوبتها وورمها وورم الطحال والكلى والإستسقاء الزقي والساقين
والقدمين والإسهال المزمن البارد وبواسير المقعدة والثآليل وخلع الورك وعرق النسا ووجع الظهر
والفتوق وأرياح الحدبة٬ وينفع من الوثي والجذام والدبيلة والبرص والأكلة والبواسير المعكوسة
والنزف العارض بغتة عن الشريان وغيره.
ألف الإدريسي كتابه المشهور (نزهة المشتاق في اختراق الآفاق) والمسمى أيضاً (كتاب رجار) أو
(الكتاب الرجاري) وذلك لأن الملك رجار ملك صقلية هو الذي طلب منه تأليفه كما طلب منه صنع
كرة من الفضة منقوش عليها صورة الأقاليم السبعة٬ ويقال أن الدائرة الفضية تحطمت في ثورة كانت
في صقلية٬ بعد الفراغ منها بمدة قصيرة٬ وأما الكتاب فقد غدا من أشهر الآثار الجغرافية العربية٬
أفاد منه الأوروبيون معلومات جمة عن بلاد المشرق٬ كما أفاد منه الشرقيون٬ فأخذ عنه الفريقان
ونقلوا خرائطه٬ وترجموا بعض أقسامه إلى مختلف لغاتهم.
في السنة التي وضع فيها الإدريسي كتابه المعروف٬ توفي الملك رجار فخلفه غليام أو غليوم الأول٬
وظل الإدريسي على مركزه في البلاط٬ فألف للملك كتاباً آخر في الجغرافيا سّماه (روض الأنس
ونزهة النفس) أو (كتاب الممالك والمسالك)٬ لم يعرف منه إلا مختصر مخطوط موجود في مكتبة
حكيم أوغلو علي باشا باسطنبول. وذكر للإدريسي كذلك كتاب في المفردات سماه (الجامع لصفات
أشتات النبات)٬ كما ذكر له كتاب آخر بعنوان (انس المهج وروض الفرج).
المراجع: الجامع لمفردات الأدوية والأغذية لابن البيطار




مالـك بـن أنس

هـ179 ­ 95
هو إمام دار الهجرة٬ مالك بن أنس الأصبحي الحميدي أبو عبد الله٬ أحد أئّمة أهل السنّة الأربعة٬
وإليه تُنَسب المالكية. ينتمي أصله إلى أسرٍة يمنيٍّة٬ تحّولت إلى الحجاز في زمن جد مالك.
ُولَِد في شمالي المدينة المنّورة في العشرة الأخيرة من القرن الأّول الهجري.َحفِظَ القرآن الكريم
وبعُض الُّسنّة النّبوية قبل بلوغه الّسنوات العشر. ثم التحق بمسجد رسول الله٬ صلّى الله عليه وسلّم٬
بُغية تلقّي العلم حيث كان المسجد أشبه بالجامعة التي تُلقِّن العلوم كافةً. فعند كل سارية في المسجد٬
يربض شيخ أو عالم ينشر علماً معينًا. واختار مالك حلقة "ربيعة الرأي" الذي كان آنذاك فقيهًا٬
يجتهد رأيه لإستنباط الحكم عندما لا يجده في نّص. كان أكثر العلماء دعوةً للإجتهاد والأخذ بالرأي
حتىُسّمي "ربيعة الرأي". فكان الإمام مالك يجلس في حلقته ـ وهو غلام ـ فيدّون ما يرويه "ربيعة"
من مسائل صعبة الحفظ تحتاج إلى عقٍل ناضٍج؛ وكان ينتقل كثيراً بين الحلقات الأخرى لينهل من
علوم أصحابها.
توفّي والده ومالك متفرغ لطلب العلم. فوجد نفسه مّضطراً إلى إعالة زوجته وابنته٬ وكانت له تجارةٌ
ورثها عن والده بأربعمئة دينار٬ ولكنه من شدة حرصه على تحصيل العلم٬ نُفِقَت تلك الأموال
واّضطر إلى العمل ببيع الخشب من سقف بيته ليعيل أسرته ونفسه. فبدأ يطالب الُحّكام بتمكين أهل
العلم من التّفرغ للبحث والمعرفة٬ وأن يؤّمنوا لهم رواتب تكفل لهم الحياة الكريمة. وصاَدَق في تلك
الفترة طالبًا شاباً من أهل مصر٬ هو اللّيث بن سعد. وقد كان يزور المدينة ويترّدد إلى حلقات الفقهاء
في المسجد النّبوي أثناء حّجه بين عاٍم وآخر. فأُعِجَب كّل من مالك واللّيث بذكاء صاحبه وعلمه ٬
ونشأت بينهما علاقة وٍّد واحتراٍم متبادلين. ولاحظ اللّيث أناقة الإمام مالك رغم فقره وحاجته٬ فمنح
صاحبه مالاً كثيراً واستحلفه بقبوله.
بعد حيٍن٬ استجاب الخلفاء لنداء الإمام مالك وأقّروا الرواتب لطلاّب العلم حتّى يتفرغوا لتحصيل
علمهم. وما لبث نجم الإمام مالك أن سطع ولمع٬ فأصبح مرجع المدينة المنّورة بل البلاد الإسلامية
كلها. ويُروى أّن رجلاً جاءه من أقصى المغرب موفَداً من قِبَل أحد فقهائها ليسأله في مسألٍة؛ فقال له
الإمام مالك لشّدةَوَرعه من الإفتاء بغير علٍم: "أخبِر الذي أرسلك ألاّ علم لي بها". فألّح الرجل
متذّرعاً بكونه جاء من مسافٍة بعيدٍة٬ فطلب إليه الإمام تأجيل رّد طلبه لليوم التالي٬ ريثما يكون وجد
الإجابة المناسبة. فعاود الرجل زيارته في اليوم التالي٬ فقال له: "سألتني وما أدري ما هي".
قضى الإمام مالك في المدينة المنّورة طيلة عمره حتى توفّي٬ ولم يبرحها قط إلاّ لحٍّج أو عمرٍة٬
وكان يقول إذا حلّت مناسبات الإرتحال عنها: "المدينةُ خيٌر لهم لو كانوا يعلمون".
وقد أعطى المدينة المنّورة حظاً كبيراً من عطائه الفكرّي. فلها عنده حّجة مثل إجماع فقهاء المدينة
وَعَمل أهل المدينة... وُعْرف أهل المدينة. وقد بالغ الإمام مالك في احترام المدينة المنّورة٬ إذ روى
الإمام الّشافعي أنّه رأى على باب مالك هدايا من بغال وخيل٬ فقال لمالك بن أنس: "ما أحسن هذه
الأفراس والبغال". فقال مالك: "هي لك٬ فَُخْذها جميًعا". فأجابه الّشافعي: "ألا تُْبقي منها دابّة تَرَكبها
؟" فقال مالك: "إني لأستحي من الله تعالى أن أطأ تربةً فيها رسول الله٬ صلّى الله عليه وسلّم٬ بحافر
دابّة".
وكان الإمام مالك٬ إذا أراد أن يحّدث بحديث رسول الله صل الله عليه وسلم٬ توّضأ وجلس على
صدر فراشه وسّرح لحيته وتمّكن في جلوسه بوقاٍر وهيبٍة٬ ثم حّدث فُسئِل عن ذلك فأجاب: "أحّب أن
أعظّم حديث رسول الله صل الله عليه وسلّم ولا أحّدث به إلاّ متمّكناً على طهارة". وكان يكره أن
يحّدث على الطريق أو قائماً أو مستعجلاً٬ فيقول: "أحّب أن أتفهّم ما أحّدث به عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم". ولم يُخض الإمام مالك لّجة الّصراع السياسي٬ فالمدينة كانت بعيدة عن مواقع الفتن
والثورات ومحاولات مناهضة الحّكام والجدل في الّدين.
وحرص الإمام مالك على أن يبقى موقفه حيادياً٬ فلم يهاجم الأموييّن ولا العباسييّن من بعدهم. فأخذ
من عطاءاتهم حتى أصبح ميسوراً. وتفّرغ للتّدريس في المسجد النّبوي. ولكن قّدر الله أن يُصاب
الإمام مالك بِمحنٍة تجلّت عندما كان يشرح الحديث النّبوي الشريف: "ليس علىُمستَكرٍه يميٌن". فبيّن
للناس أّن من يُطلّق مكرهاً لا يقع منه طلاق. فإذا بأحد أحفاد الحسن بن علي٬ وهو محمد النّفس
الّزكية يثوُر على الخليفة المنصور. فنقََض بعض الناس في المدينة بيعة المنصور وانضّم إلى محمد
النّفس الّزكية إعمالاً لهذا الحديث وتطبيقاً للُّسنة الّشريفة. فأرسل والي المدينة إلى الإمام مالك يأمره
بالكّف عن الكلام في هذا الحديث وكتمانه عن الناس٬ لأنه يحّرضهم على الثّورة ونقض البيعة٬ لكن
الإمام مالك أبى أن يكتم هذا العلم فأمر الوالي رجاله بضربه بالّسوط ثم جذبوه جذباً عنيفاً من يده
وعّذبوه ثم ألزموه بالُمكوث في داره فلا يخرج منها حتى للّصلاة ولا يلقى فيها أحًدا. ثم قمع
المنصور ثورة محمد وقضى عليها. واعتذر الخليفة بنفسه من الإمام مالك الذي وضع كتابه المشهور
"الموطأ" الّذي يُعّد من أشهرُكتُب الحديث حتى قيل: "ما على وجه الأرض أصّح من موطأ مالك".
وقد عرض عليه الخليفة أن يُلِزم به الّرعية ويجمعهم عليه٬ فرفض الإمام مالك.
تتلمذ على يد الإمام مالكَجْمٌع غفيٌر من العلماء٬ منهم الّشافعي والّسيدة نفيسة المشهورة وغيرهما...
وللإمام محّمد بن حسن الّشيباني٬ صاحب أبي حنيفة٬ رواية خاّصة للموطأ.
قال الإمام الشافعي: "إذا ذكر الحديث فمالك النّجم الثاقب". وقال اللّيث بن سعد: "مالك وعاء العلم".
وقال ابن وهب: "سمعت منادياً ينادي في المدينة ألا لا يفتي النّاس إلاّ مالك بن أنس وابن أبي
ُذؤيب".
وقال مالك عن نفسه: "قَّل رجٌل كنُت أتعلّم منه٬ ما مات حتّى يجيئني ويستفتيني".
كانت وفاته في المدينة المنّورة٬ وُدفَِن في البقيع.
قال عنه ابن خلكان في وفيات الأعيان: ((الإمام أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر بن
عمرو بن الحارث بن غميان ­ بغين معجمة وياء تحتها نقطتان ­ ويقال عثمان ­ بعين مهملة وثاء
مثلثة ­ ابن جثيل ­ بجيم وثاء مثلثة وياء ساكنة تحتها نقطتان ­ وقال ابن سعد: هو خثيل بخاء
معجمة٬ ابن عمرو بن ذي أصبح الأصبحي المدني إمام دار الهجرة وأحد الأئمة الأعلام. أخذ القراءة
عرضا عن نافع بن أبي نعيم٬ وسمع الزهري ونافعا مولى ابن عمر٬ رضي الله عنهما٬ وروى عنه
الأوزاعي ويحيى بن سعيد٬ وأخذ العلم عن ربيعة الرأي ­ وقد تقدم ذكره ­ ثم أفتى معه عند
السلطان. وقال مالك: قل رجل كنت أتعلم منه ومات حتى يجيئني ويستفتيني. وقال ابن وهب: سمعت
مناديا ينادي بالمدينة: ألا لا يفتي الناس إلا مالك بن أنس وابن أبي ذئب.
وكان مالك إذا أراد أن يحدث توضأ وجلس على صدر فراشه وسرح لحيته وتمكن في جلوسه بوقار
وهيبة ثم حدث٬ فقيل له في ذلك فقال: أحب أن أعظم حديث رسول الله صل الله عليه وسلم٬ ولا
أحدث به إلا متمكنا على طهارة٬ وكان يكره أن يحدث على الطريق أو قائما أو مستعجلا ويقول:
أحب أن أتفهم ما أحدث به عن رسول الله صل الله عليه وسلم. وكان لا يركب في المدينة مع ضعفه
وكبر سنه٬ ويقول: لا أركب في مدينة فيها جثة رسول الله صل الله عليه وسلم مدفونة.
وقال الشافعي٬ قال لي محمد بن الحسن: أيهما أعلم صاحبنا أم صاحبكم؟ يعني أبا حنيفة ومالكا٬
رضي الله عنهما٬ قال: قلت: على الإنصاف؟ قال: نعم٬ قال: قلت: ناشدتك الله من أعلم بالقرآن
صاحبنا أم صاحبكم؟ قال: اللهم صاحبكم٬ قال: قلت: ناشدتك الله من أعلم بأقاويل أصحاب رسول الله
صل الله عليه وسلم المتقدمين صاحبنا أم صاحبكم؟ قال: اللهم صاحبكم٬ قال الشافعي: فلم يبق إلا
القياس٬ والقياس لا يكون إلا على هذه الأشياء٬ فعلى أي شيء يقيس؟ وقال الواقدي: كان مالك يأتي
المسجد٬ ويشهد الصلوات والجمعة والجنائز٬ ويعود المرضى ويقضي الحقوق ويجلس في المسجد
ويجتمع إليه أصحابه٬ ثم ترك الجلوس في المسجد فكان يصلي وينصرف إلى مجلسه٬ وترك حضور
الجنائز فكان يأتي أصحابها فيعزيهم٬ ثم ترك ذلك كله فلم يكن يشهد الصلوات في المسجد ولا الجمعة
ولا يأتي أحدا يعزيه ولا يقضي له حقا٬ واحتمل الناس له ذلك حتى مات عليه٬ وكان ربما قيل له في
ذلك فيقول: ليس كل الناس يقدر أن يتكلم بعذره.
وسعي به إلى جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس رضي الله عنهما وهو ابن عم أبي
جعفر المنصور٬ وقالوا له: إنه لا يرى أيمان بيعتكم هذه بشيء٬ فغضب جعفر ودعا به وجرده
وضربه بالسياط٬ ومدت يده حتى انخلعت كتفه وارتكب منه أمرا عظيما٬ فلم يزل بعد ذلك الضرب
في علو ورفعة وكأنما كانت السياط حليا حلي به. وذكر ابن الجوزي في شذور العقود في سنة سبع
وأربعين ومائة: وفيها ضرب مالك بن أنس سبعين سوطا لأجل فتوى لم توافق غرض السلطان٬ والله
أعلم.
وكانت ولادته في سنة خمس وتسعين للهجرة٬ وحمل به ثلاث سنين. وتوفي في شهر ربيع الأول
سنة تسع وسبعين ومائة٬ رضي الله عنه٬ فعاش أربعا وثمانين سنة٬ وقال الواقدي: مات وله تسعون
سنة والله أعلم بالصواب وقال ابن الفرات في تاريخه المرتب على السنين: توفي مالك بن أنس
الأصبحي لعشر مضين من شهر ربيع الأول سنة تسع وسبعين ومائة٬ وقيل إنه توفي سنة ثمان
وسبعين ومائة٬ وقيل إن مولده سنة تسعين للهجرة٬ وقال السمعاني في كتاب الأنساب في ترجمة
الأصبحي: إنه ولد في سنة ثلاث أو أربع وتسعين٬ والله أعلم بالصواب.
وحكى الحافظ أبو عبد الله الحميدي في كتاب جذوة المقتبس قال: حدث القعنبي قال: دخلت على مالك
بن أنس في مرضه الذي مات فيه٬ فسلمت عليه٬ ثم جلست فرأيته يبكي٬ فقلت: يا أبا عبد الله٬ ما
الذي يبكيك؟ قال فقال لي: يا ابن قعنب٬ وما لي لا أبكي؟ ومن أحق بالبكاء مني؟ والله لوددت أني
ضربت لكل مسألة أفتيت فيها برأيي بسوط سوط٬ وقد كانت لي السعة فيما قد سبقت إليه٬ وليتني لم
أفت بالرأي٬ أو كما قال.
وكانت وفاته بالمدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام٬ ودفن بالبقيع جوار إبراهيم ولد النبي صلى
الله عليه وسلم وكان شديد البياض إلى الشقرة٬ طويلا عظيم الهامة أصلع٬ يلبس الثياب العدنية
الجياد٬ ويكره حلق الشارب ويعيبه ويراه من المثلة٬ ولا يغير شيبه.
ورثاه أبو محمد جعفر بن أحمد بن الحسين السراج ­ وقد سبق ذكره ­ بقوله:
سقى جدثا ضم البقـيع لـمـالـك من المزن مرعاد السحائب مبراق
إمام موطاه الذي طـبـقـت بـه أقاليم في الدنيا فـسـاح وآفـاق
أقام به شرع النـبـي مـحـمـد له حذر من أن يضام وإشـفـاق
له سند عـال صـحـيح وهـيبة فللكل منه حـين يرويه إطـراق
وأصحاب صدق كلهم علم فـسـل بهم إنهم إن أنت ساءلـت حـذاق
ولو لم يكن إلا ابن إدريس وحـده كفاه ألا إن الـسـعـادة أرزاق
والأصبحي: بفتح الهمزة وسكون الصاد المهملة وفتح الباء الموحدة وبعدها حاء مهملة٬ هذه النسبة
الى ذي أصبح٬ واسمه الحارث بن عوف بن مالك بن زيد بن شداد بن زرعة٬ وهو من يعرب بن
قحطان٬ وهي قبيلة كبيرة باليمن٬ واليها تنسب السياط الأصبحية. وقال هشام بن الكلبي في جهرة
النسب ذو أصبح هو الحارث بن مالك بن زيد بن غوث بن سعد بن عوف بن عدي بن مالك بن زيد
بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جثم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن قطن بن عريب
بن زهير بن أيمن بن همسيع بن حمير بن سبأبن يشجب بن يعرب بن قحطان٬ واسمه يقطن٬ بن
عابر بن شالخ بن ارفخشذ بن سام بن نوح عليه السلام٬ والذي ذكرناه أولا ذكره الحازمي في كتاب
العجالة والله أعلم بالصواب)).
المراجع: وفيات الأعيان لابن خلكان


عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الأربعاء 04 نوفمبر 2015, 8:31 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69641
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

علماء وفلاسفه ورحالة Empty
مُساهمةموضوع: رد: علماء وفلاسفه ورحالة   علماء وفلاسفه ورحالة Emptyالأربعاء 04 نوفمبر 2015, 8:30 am


الجاحـظ

159 هـ ­ 255هـ
هو إمام البلاغة المشهور وصاحب الكتب الممتعة٬ من أشهرها "كتاب الحيوان" و"البيان والتبيين"
و"كـتاب البـخـلاء" وغيرها.
توفي وقد نيّف على التّسعين سنة. اسمه أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب الكناني اللّيثي
البصري. له مقالة في أصول الّدين وإليه تُنَسب الجاحظية التّي تشّكل إحدى فرق المعتزلة التي كان
لها ركنًا بارًزا من أركانها.
كان تلميذ أبي إسحق إبراهيم بن سيار البلخي٬ المعروف بالنّظام المتكلّم المشهور. من مذهبه أن
المعارف كلّها طباًعا وليس بشيء من ذلك من أفعال العباد٬ وليس للعباد سوى الإرادة. قال في أهل
النار إنّهم لا يخلدون فيها عذاباً بل يصيرون إلى طبيعة النار. ومذهبه مذهب الفلاسفة المعتزلة في
نفي الّصفات وفي إثبات القدر٬ خيره وشّره. وقال إّن الناس محجوبون بمعرفتهم٬ وهمُصنفان: عالٌِم
بالتّوحيد وجاِهٌل به. فالّجاهل معذور والعالم محجوج ومن انتحل دين الإسلام٬ فإن اعتقد أنّالله تعالى
ليس بجسٍم ولا بصورٍة ولا يَُرى بالأبصار وهو عدل لا يجور ولا يريد المعاصي.. وبعد الإعتقاد
والتّبيين أقّر بذلك كلّه. فهو مسلم حقًا. وإن عرف ذلك كله ثم جحده وأنكره أو دان بالتشبيه والجبر
فهو مشرك كافر حقًا. وإن لم ينظر في شيء من ذلك واعتقد أنّالله تعالى ربه وأن محمًدا رسولّالله
فهو مؤمن لا لوم عليه ولا تكليف عليه غير ذلك.
احتل الجاحظ في دنيا الأدب والعلم مكان الصدارة٬ فهو رائد المدرسة الأدبيّة الشعبية التي تناولت
مختلف طبقات الناس٬ بعد أن كانت المدرسة الأدبية الأرستقراطية هي السائدة مع ابن المقفع٬
وتقتصر على الحديث عن الملوك والأمراء٬ فأصبحت مع الجاحظ تتناول العامة من الناس٬ لا
تستثني منهم أحًدا.
تمتاز مدرسة أبي عثمان الأدبية بأسلوٍبُعِرف باسمه٬ يقوم على التّنوع اللّفظي والإستطراد من
موضوٍع إلى آخر والإسهاب والبُعد عن الصناعة اللّفظية والإرسال٬ لإعتقاده أّن الألوان البديعية من
سجع وطباق وجناس تقيد الفكرة وتُلهي القارئ بألاعيبها عن المعنى. لكنّه استعاض عن هذه الألوان
بحسن تزاوج الألفاظ والإكثار من المترادفات٬ فحقّق بذلك نوًعا من التّناغم الموسيقّي.
وقد نظر البعض إلى الإستطراد عند الجاحظ على انّه نقطة ضعٍف في أدبه ولكّن أبا عثمان اعتمده
حتى يزيل الملل من ذهن القارئ. فالإستطراد٬ وبخاّصة في المواضيع العلمية٬ كان أشبه بمحطّة
استراحة.

والجاحظ المعتزلي كان يؤمن بسيادة العقل ويدعو إلى العمل بأحكامه لا بأحكام الحواس التي قد
تخطئ فيقول: "لا تذهب إلى ما تريك العين واذهب إلى ما يريك العقل". والّروح الجاحظيةَضْرب
مثٍل بالظّرف والكياسة٬ جعلته خفيف الظّل٬ حاضر النّكتة.
ومجمل القول في الجاحظ إنّه أديب العربية الكبير٬ جمع إلى طول باعيه في الأدب الّرفيع العالِم الذي
انتقد نظريات المعلّم الأول أرسطو٬ ولم يقر رأيًا علميًا إلاّ بعد إخضاعه للتّجربة والمراقبة. ولو عاش
اليوم في عصرنا٬ عصر المختبرات العلمية المختلفة٬ لكان من كبار العلماء إلى جانب كونه من كبار
الأدباء.
قال ياقوت الحموي في "معجم الأدباء": (( أبو عثمان الجاحظ مولى أبي القلمس عمرو بن قلع
الكناني ثم الفقمي أحد النسابين٬ قال يموت بن المزرع: الجاحظ خال أمي٬ وكان جد الجاحظ أسود
يقال له فزارة٬ وكان جمالاً لعمرو بن قلع الكناني. وقال أبو القاسم البلخي: الجاحظ كناني من أهل
البصرة٬ وكان الجاحظ من الذكاء وسرعة الخاطر والحفظ بحيث شاع ذكره٬ وعلا قدره٬ واستغنى
عن الوصف.
قال المرزباني: حدث المادي قال: حدثني من رأى الجاحظ يبيع الخبز والسمك بسيحان. قال الجاحظ:
أنا أسن من أبي نواس بسنة٬ ولدت في أول سنة خمس ومائة وولد في آخرها. مات الجاحظ سنة
خمس وخمسين ومائتين في خلافة المعتز وقد جاوز التسعين٬ سمع من أبي عبيدة والأصمعي وأبي
زيد الأنصاري٬ وأخذ النحو عن الأخفش أبي الحسن وكان صديقه٬ وأخذ الكلام عن النظام٬ وتلقف
الفصاحة من العرب شفاهاً بالمربد. وحدثت أن الجاحظ قال: نسيت كنيتي ثلاثة أيام حتى أتيت أهلي
فقلت لهم: بم أكنى؟ فقالوا: بأبي عثمان.
وحدث أبو هفان قال: لم أر قط ولا سمعت من أب الكتب والعلوم أكثر من الجاحظ٬ فإنه لم يقع بيده
كتاب قط إلا استوفى قراءته كائناً ما كان٬ حتى إنه كان يكتري دكاكين الوراقين ويبيت فيها للنظر.
والفتح بن خاقان٬ فإنه يحضر لمجالسة المتوكل٬ فإذا أراد القيام لحاجة أخرج كتاباً من كمه أو خفه
وقرأه في مجلس المتوكل إلى حين عوده إليه حتى في الخلاء وإسماعيل بن إسحاق القاضي فإني ما
دخلت إليه إلا رأيته ينظر في كتاب٬ أو يقلب كتباً أو ينفضها. وقال المرزباني: قال أبو بكر أحمد بن
علي: كان أبو عثمان الجاحظ من أصحاب النظام٬ وكان واسع العلم بالكلام٬ كثير التبحر فيه شديد
الضبط لحدوده٬ ومن أعلم الناس به وبغيره من علوم الدين٬ وله كتب كثيرة مشهورة جليلة في نصرة
الدين٬ وفي حكاية مذهب المخالفين٬ وفي الآداب والأخلاق٬ وفي ضروب من الجد والهزل٬ وقد
تداولها الناس وقرؤوها وعرفوا فضلها. وإذا تدبر العاقل المميز أمر كتبه علم أنه ليس في تلقيح
العقول وشحذ الأذهان٬ ومعرفة أصول الكلام وجواهره٬ وإيصال خلاف الإسلام ومذاهب الاعتزال
إلى القلوب ­ كتب تشبهها٬ والجاحظ عظيم القدر في المعتزلة وغير المعتزلة من العلماء الذين
يعرفون الرجال ويميزون الأمور.
قال المرزباني: وكان الجاحظ ملازماً لمحمد بن عبد الملك خاصاً به٬ وكان منحرفاً عن أحمد بن أبي
دؤاد للعداوة بين أحمد ومحمد. ولما قبض على محمد هرب الجاحظ فقيل له: لم هربت؟ فقال: خفت
أن أكون ثاني اثنين إذ هما في التنور٬ يريد ما صنع بمحمد٬ وإدخاله تنور حديد فيه مسامير كان هو
صنعه ليعذب الناس فيه٬ فعذب هو فيه حتى مات ­ يعني محمد بن الزيات ­.
وحدث علي بن محمد الوراق قال: من كتاب الجاحظ إلى ابن الزيات: لا والله٬ ما عالج الناس داًء قط
أدوى من الغيظ٬ ولا رأيت شيئاً هو أنفذ من شماتة الأعداء٬ ولا أعلم باباً أجمع لخصال المكروه من
الذل٬ ولكن المظلوم ما دام يجد من يرجوه٬ والمبتلى ما دام يجد من يرثي له٬ فهو على سبب درك
وإن تطاولت به الأيام٬ فكم من كربة فادحة٬ وضيقة مصمتة قد فتحت أقفالها وفككت أغلالها٬ ومهما
قصرت فيه فلم أقصر في المعرفة بفضلك٬ وفي حسن النية بيني وبينك٬ لا مشتت الهوى٬ ولا مقسم
الأمل٬ على تقصير قد احتملته٬ وتفريط قد اغتفرته٬ ولعل ذلك أن يكون من ديون الإدلال وجرائم
الإغفال٬ ومهما كان من ذلك فلن أجمع بين الإساءة والإنكار٬ وإن كنت كما تصف من التقصير وكما
تعرف من التفريط٬ فإني من شاكري أهل هذا الزمان٬ وحسن الحال. متوسط المذهب٬ وأنا أحمد الله
على أن كانت مرتبتك من المنعمين فوق مرتبتي في الشاكرين٬ وقد كانت علي بك نعمة أذاقتني طعم
العز٬ وعودتني روح الكفاية٬ ولوت هذا الدهر وجهده٬ ولما مسخ الله الإنسان قرداً وخنزيراً ترك
فيهما مشابه من الإنسان٬ ولما مسخ زماننا لم يترك فيه مشابه من الأزمان.
وقال أبو عثمان: ليس جهد البلاء مد الأعناق وانتظار وقع السيف٬ لأن الوقت قصير٬ والحين
معمور٬ ولكن جهد البلاء أن تظهر الخلة وتطول المدة٬ وتعجز الحيلة٬ ثم لا تعدم صديقاً مؤنباً٬ وابن
عم شامتاً٬ وجاراً حاسداً٬ وولياً قد تحول عدواً٬ وزوجة مختلعة٬ وجارية مسبعة٬ وعبداً يحقرك٬
وولداً ينتهرك.
وقال الجاحظ: إذا سمعت الرجل يقول: ما ترك الأول للآخر شيئاً٬ فاعلم أنه ما يريد أن يفلح. قال أبو
حيان في كتاب التقريظ ومن خطه نقلت: وحدثنا أبو دلف الكاتب قال: صدر الجاحظ في ديوان
الرسائل أيام المأمون ثلاثة أيام ثم إنه استعفى فأعفي. وكان سهل بن هارون يقول: إن ثبت الجاحظ
في هذا الديوان أفل نجم الكتاب. قال أبو عبد الله المرزباني: حدث إسحاق الموصلي وأبو العيناء قال:
كنت عند أحمد بن أبي دؤاد بعد قتل ابن الزيات فجيء بالجاحظ مقيداً وكان من أصحاب ابن الزيات
وفي ناحيته٬ فلما نظر إليه قال: والله ما علمتك إلا متنسباً للنعمة٬ كفوراً للصنيعة٬ معدداً للمساوي٬
وما فتني باستصلاحي لك٬ ولكن الأيام لا تصلح منك لفساد طويتك٬ ورداءة داخلتك٬ وسوء
اختيارك٬ وتغالب طبعك. فقال له الجاحظ: خفض عليك٬ ­ أيدك الله ­٬ فوالله لأن يكون لك الأمر علي
خير من أن يكون لي عليك٬ ولأن أسيء وتحسن٬ أحسن عنك من أن أحسن فتسيء٬ وأن تعفو عني
في حال قدرتك أجمل من الانتقام مني. فقال له ابن أبي دؤاد: قبحك الله٬ ما علمتك إلا كثير تزويق
الكلام٬ وقد جعلت ثيابك أمام قلبك٬ ثم اصطفيت فيه النفاق والكفر٬ ما تأويل هذه الآية؟: (وكذلك أخذ
ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة٬ إن أخذه أليم شديد). قال: تلاوتها تأويلها ­ أعز الله القاضي ­. فقال:
جيئوا بحداد. فقال: ­ أعز الله القاضي ­ ليفك عني أو ليزيدني؟ فقال: بل ليفك عنك. فجيء بالحداد
فغمزه بعض أهل المجلس أن يعنف بساق الجاحظ٬ ويطيل أمره قليلاً٬ فلطمه الجاحظ وقال: اعمل
عمل شهر في يوم٬ وعمل يوم في ساعة٬ وعمل ساعة في لحظة٬ فإن الضرر على ساقي٬ وليس
بجذع ولا ساجة. فضحك ابن أبي دؤاد وأهل المجلس منه. وقال بان أبي دؤاد لمحمد بن المنصور٬
وكان حاضراً: صر به إلى الحمام وأمط عنه الأذى٬ واحمل إليه تخت ثياب وطويلة وخفاً٬ فلبس ذلك
ثم أتاه متصدر في مجلسه٬ ثم أقبل عليه وقال: هات الآن حديثك يا أبا عثمان. ومن شعر الجاحظ في
ابن أبي دؤاد:
وعويص من الامـور بـهـيم غامض الشخص مظلم مستور
قد تسنمت ما تـوعـر مـنـه بلسان يزينـه الـتـحـبـير
مثل وشي البرود هلله النـس ج وعند الحجـاج در نـثـير
حسن الصمت والمقاطع إمـا نصت القوم والـحـديث يدور
ثم من بعد لحظة تورث الـيس ر وعرض مهذب مـوفـور
وكتب الجاحظ إلى أحمد بن أبي دؤاد:
لا تراني وإن تطاولت عمـداً بين صفيهم وأنـت تـسـير
كلهم فاضل علـي بـمـال ولساني يزينه الـتـحـبـير
فإذا ضمنا الـحـديث وبـيت وكأني على الجمـيع أمـير
رب خصم أرق من كل روح ولفرط الذكـا يكـاد يطـير
فإذا رام غايتي فهـو كـاب وعلى البعد كوكب مبهـور
وحدث أبو العيناء عن إبراهيم بن رباح قال: أتاني جماعة من الشعراء كل واحد منهم يدعي أنه
مدحني بهذه الأبيات وأجزيه عليها:
بدا حين أثـرى بـإخـوانـه ففلل عنهم شـبـاة الـعـدم
وذكره الدهر صرف الزمان فبادر قبل انتقال الـنـعـم
فتى خصه الله بالمكـرمـات فمازج منه الحيا بالـكـرم
ولا ينكت الأرض عند السؤال ليقطع زواره عـن نـعـم

ويقال: إن الجاحظ مدح بهذه الأبيات أحمد بن أبي دؤاد وإبراهيم بن رباح٬ ومحمد بن الجهم.
وحدث إبراهيم بن رباح قال: مدحني حمدان بن أبان اللاحقي وذكر مثل ما مضى وقال في آخره
فقال: إن مادحك ­ أعزك الله ­ يجد مقالاً٬ والجاحظ يملأ عينيه مني ولا يستحي. قال: وحدث يموت
بن المزرع قال: هجا خالي أبو عثمان الجاحظ الجماز بأبيات منها:
نسب الجماز مقصو ر إليه منـتـهـاه
تنتهي الأحساب بالنا س ولا تعدو قفـاه
فكتب إليه الجماز:
يا فـتـًى إلـى ال كفر باللـه تـائقـه
لك في الفضل والتزه د والنسك سابـقـه
ومن هجاء الجماز للجاحظ قوله:
قال عمرو مفاخـراً نحن قوم من العرب
قلت في طاعة لرب ك أبليت ذا النسب؟
وحدث أبو العيناء محمد بن القاسم قال: كان لي صديق فجاءني يوماً فقال: أريد الخروج إلى فلان
صديقك٬ وأحب أن تأخذ لي كتابه إليه بالعناية. قال: فصرت إلى الجاحظ فقلت له:
جئتك مسلماً العامل وأحببت أن يكون معي إليه وسيلة وقد سألت: من صديقه؟. فقيل لي:
أبو عثمان الجاحظ وهو وقاضياً للحق٬ ولي حاجة لبعض أصدقائي وهي كذا وكذا.
قال: لا تشغلنا الساعة عن المحادثة
وتعرف أخبارنا٬ إذا كان في غد وجهت إليك بالكتاب٬ فلما كان من غد وجه إلي بالكتاب. فقلت
لابني: وجه هذا الكتاب إلى فلان ففيه حاجته. فقال لي: إن أبا عثمان بعيد الغور٬ فينبغي أن نفضه
وننظر ما فيه٬ ففعل فإذا في الكتاب: هذا الكتاب مع من لا أعرفه٬ وقد كلمني فيه من لا أوجب حقه٬
فإن قضيت حاجته لم أحمدك٬ وإن رددته لم أذممك. فلما قرأت الكتاب مضيت إلى الجاحظ من فوري
فقال: يا أبا عبد الله٬ قد علمت أنك أنكرت ما في الكتاب. فقلت: أوليس موضع نكرة؟ فقال: لا٬ هذه
علامة بيني وبين الرجل فيمن أعتني به. فقلت: لا إله إلا الله٬ ما رأيت أحداً بطبعك ولا ما جبلت
عليه. من هذا الرجل علمت أنه لما قرأ الكتاب قال: أم الجاحظ عشرة آلاف في عشرة آلاف قحبة٬
وأم من يسأله حاجة. فقلت له: ما هذا؟ تشتم صديقنا٬ فقال: هذه علامتي فيمن أشكره٬ فضحك
الجاحظ٬ وحدث الفتح بن خاقان٬ وحدث الفتح المتوكل: فذلك كان سبب اتصالي به وإحضاري إلى
مجلسه.
وحدث عبد الرحمن بن محمد الكاتب قال: كان الجاحظ يتقلد خلافة إبراهيم بن العباس الصولي على
ديوان الرسائل٬ فلما جاء إلى الديوان جاءه أبو العيناء٬ فلما أراد الانصراف تقدم الجاحظ على
حاجبه: إذا وصل إلى الدهليز ألا يدعه يخرج٬ ولا يمكنه من الرجوع إليه٬ فخرج أبو العيناء ففعل به
ذلك٬ فنادى بأعلى صوته يا أبا عثمان: قد أرتنا قدرتك فأرنا عفوك. ومن كلام الجاحظ: إحذر من
تأمن كأنك حذر ممن تخاف. وقال: أجمع الناس على أربع: أنه ليس في الدنيا أثقل من أعمى٬ ولا
أبغض من أعور٬ ولا أخف روحاً من أحول٬ ولا أقود من أحدب. قال المرزباني: وروى أصحابنا أن
الجاحظ صار إلى منزل بعض إخوانه فاستأذن عليه٬ فخرج إليه غلام عجمي فقال: من أنت؟ قال
الجاحظ: فدخل الغلام إلى صاحب الدار فقال: الجاحد على الباب وسمعها الجاحظ٬ فقال صاحب الدار
للغلام: اخرج فانظر من الرجل؟فخرج يستخبر عن اسمه فقال: أنا الحدقي. فدخل الغلام فقال: الحلقي
وسمعها الجاحظ فصاح به في الباب: ردنا إلى الأول٬ يريد أن قوله الجاحد مكان الجاحظ أسهل عليه
من الحلقي مكان الحدقي٬ فعرفه الرجل فأوصله واعتذر إليه. وقال الجاحظ: أربعة أشياء ممسوخة:
أكل الأرز البارد٬ والنيك في الماء٬ والقبل على النقاب٬ والغناء من وراء ستارة.
وحدث قال الجاحظ مرة بحضرة السدري: إذا كانت المرأة عاقلة ظريفة كاملة كانت قحبة٬ فقال له
السدري: وكيف؟ قال: لأنها تأخذ الدراهم وتمتع بالناس والطيب٬ وتختار على عينها من تريد٬
والتوبة معروضة لها متى شاءت. فقال له السدري: فكيف عقل العجوز حفظها الله؟ قال: هي أحمق
الناس وأقلهم عقلاً.
وحدث المبرد قال: قال الجاحظ: أتيت أبا الربيع الغنوى أنا ورجل من بني هاشم فاستأذنا عليه فخرج
إلينا وقال: خرج إليكم رجل كريم والله. فقلت له: من خير الخلق يا أبا الربيع؟ فقال: الناس والله. قلت
ومن خير الناس؟ قال العرب والله. قلت فمن خير العرب؟ قال: مضر والله. فقلت فمن خير مضر؟
قال: قيس والله. فقلت: ومن خير قيس؟ قال أعصر والله. قلت: فمن خير أعصر؟ قال غني والله. قلت:
فمن خير غني؟ قال أنا والله. قلت فأنت خير الخلق؟ قال إي والله. قلت أيسرك لو أنك تزوجت بنت
يزيد بن المهلب؟ قال: والله لا أدنس كرمي بلؤمها. قلت: على أن لك الجنة٬ ففكر ساعة ثم قال: على
ألا تلد مني وأنشد:
تأبى لأعصر أعراق مهـذبة من أن تناسب قوماً غير أكفاء
فإن يكن ذاك حتماً لا مرد لـه فاذكر حذيف فإني غير أبـاء
عيلان. وحذيفة بن بدر بن عمرو بن جوية بن لوذان بن ثعلبة بن عدي بن فزارة ابن ذبيان بن بغيض حذيفة بن بكر٬
وإنما ذكره من بين الأشراف لأنه أقربهم إليه نسباً٬ لأن أعصر بن أسعد بن قيس بن الجاحظ
قال: كان رجل من أهل السواد تشيع وكان ظريفاً٬ فقال ابن عم له:
بلغني أنك تبغض علياً بن ريث بن غطفان بن سعد بنقيس بن عيلان. قال المرزباني: وحدث أبو الحسن الأنصاري٬ حدثني
عليه السلام٬ ووالله لو فعلت لتردن علية الحوض يوم القيامة ولا يسقيك. قال: والحوض في يده يوم
القيامة؟ قال نعم. قال: وما لهذا الرجل الفاضل يقتل الناس في الدنيا بالسيف وفي الآخرة بالعطش؟
فقيل له: أتقول هذا مع تشيعك ودينك؟ قال: والله ما تركت النادرة لو قتلتني في الدنيا وأدخلتني النار
في الآخرة.
وقال الجاحظ ينبغي للكاتب أن يكون رقيق حواشي اللسان٬ عذب ينابيع البيان٬ إذا حاور سدد سهم
الصواب إلى غرض المعنى٬ لا يكلم العامة بكلام الخاصة٬ ولا الخاصة بكلام العامة.
وحدث المبرد قال: سمعت الجاحظ يقول: كل عشق يسمى حباً٬ وليس كل حب يسمى عشقاً٬ لأن
العشق اسم لما فضل عن المحبة٬ كما أن السرف اسم لما جاوز الجود٬ والبخل اسم لما قصر عن
الاقتصاد٬ والجبن اسم لما فضل عن شدة الاحتراس٬ والهوج اسم لما فضل عن الشجاعة.
وحدث ميمون بن هارون الكاتب عن الجاحظ قال: ذم رجل النبيذ فقال: من مثالبه أن صاحبه يتكرهه
قبل شربه٬ ويكلح وجهه عند شمه٬ ويستنقص الساقي من قدره٬ ويعتبر عليه مكياله٬ ويمزجه بالماء
الذي هو ضده ليخرجه عن معناه وحده٬ ثم يكرعه على المبادرة ويعبه٬ ويتجرعه ولا يكاد يسيغه٬
ليقل مكثه في فيه٬ ويسرع على اللهوات اجتيازه٬ ثم لا يستوفي كليته ويرى أن يجعل عاقبة الشراب
فضلة في قدحه٬ ويشاح الساقي في المناظرة على ما بقي منه عند رده٬ ليصرف عن نفسه عادية
شربه٬ ويذهب بساعته٬ ويمنع من تهوعه٬ كما يفعل بطبخ الغاريقون عند شربه وحب الاسطيخمول.
وكان الجاحظ يقول: إن تهيألك في الشاعر أن تبره وترضيه وإلا فاقتله.
وقال أبو العيناء أنشدني الجاحظ لنفسه:
يطيب العيش أن تلقى حليماً غذاه العلم والرأي المصيب
ليكشف عنك حيلة كل ريب وفضل العلم يعرفه الأريب
سقام الحرص ليس له شفاء وداء البخل ليس له طبيب
وأنشد المبرد للجاحظ:
إن حال لون الرأس عن لونه ففي خضاب الرأس مستمتع
هب من له شيب لـه حـيلة فما الذي يحتاله الأصـلـع
وحدث أبو العيناء قال: قال الجاحظ: كان الأصمعي مانوياً٬ فقال له العباس بن رستم: لا والله٬ ولكن
نذكر حين جلست إليه تسأله٬ فجعل يأخذ نعله بيده وهي مخصوفة بحديد ويقول: نعم قناع القدري٬
فعلمت أنه يعنيك فقمت.
وحدث يحيى بن علي بن المنجم قال: قلت للجاحظ: مثلك في علمك ومقدارك في الادي يقول في
كتاب البيان والتبيين: ويكره للجارية أن تشبه بالرجال في فصاحتها٬ ألا ترى إلى قول مالك بن أسماء الفزاري:
وحديث ألـذه هـو مـمـا ينعت الناعتون يوزن وزنـا
منطق صائب وتلحـن أحـيا ناً وخير الحديث ما كان لحنا
فتراه من لحن الأعراب٬ وإنما وصفها بالظرف والفطنة وإنما تلحن أي تورى في لفظها عن أشياء
وتتنكب ما قصدت له٬ فقال: فطنت لذلك. قلت: فغيره. قال: فكيف لي بما سارت به الركبان؟ فهو في
كتابه على خطئه.
قال أبو محلم: أراد الفزاري بقوله هذا٬ أن خير الحديث ما أومأت إلي به٬ وورت عن الإفصاح به
لئلا يعلمه غيرنا٬ ومثله قول الكلابي:
لقد لحنت لكم لكيما تفهمـوا ووحيت وحياً ليس بالمرتاب
ومنه قوله تعالى: (ولتعرفنهم في لحن القول)٬ أي فيما يتوحونه بينهم من النفاق والطعن.
قال المؤلف: وقد انتصر أبو حيان لهذا القول الذي اعترف الجاحظ بخطئه فيه فقال: وعندي أن
المسألة محتملة للكلام٬ لأن مقابل المنطق الصائب المنطق الملحون٬ واللحن من الغواني والفتيات
غير منكر ولا مكروه بل يستحب ذلك٬ لأنه بالتأنيث أشبه٬ وللشهوة أدعى٬ ومع الغزل أجرى٬
والإعراب جد٬ وليس الجد من التغزل والتعشق والتشاجي في شيء٬ وعلى مذهب علي بن يحيى؟ أن
المنطق الصائب هو الكلام الصريح٬ وأن اللحن هو التعريض٬ وأنها تعرف هذا وهذا٬ فهب أن هذا
المعنى مقبول٬ لم ينبغي أن يكون المعنى الآخر لهوجاً ومردوداً؟ وقد يجوز أن يكون مراد الشاعر
ذاك٬ لأن الشاعر يشعر بهذا كما يشعر بهذا٬ قال أبو العيناء: أنشدني الجاحظ لنفسه في إبراهيم بن
رباح:
وعهدي به والله يصـلـح أمـره رحيب مجال الرأي منبلج الصدر
فلا جعل الـلـه الـولاية سـبة عليه فإني بالـولاية ذو خـبـر
فقد جهدوه بالسـؤال وقـد أبـى به المجد إلا أن يلج ويستشـري
قال أبو علي التنوخي: حدثني أبو الحسن أحمد بن محمد الأخباري قال: حدثني أبو الفرج الأصبهاني
قال: أخبرني الحسن بن القاسم بن مهرويه قال: حدثني عبد الله بن جعفر الوكيل قال: كنت يوماً عند
إبراهيم بن المدبر فرأيت بين يديه رقعة يردد النظر إليها فقلت له: ما شأن هذه الرقعة؟ كأنه استعجم
عليك شيء منه؟ فقال: هذه رقعة أبي عثمان الجاحظ٬ وكلامه يعجبني وأنا أردده على نفسي لشدة
إعجابي. فقلت: هل يجوز أن أقرأها؟ قال: نعم وألقاها إلي فإذا فيها: ما ضاء لي نهار ولا دجا ليل مذ
فارقتك٬ إلا وجدت الشوق إليك قد حز في كبدي٬ والأسف عليك قد أسقط في يدي٬ والنزاع نحوك قد
خان جلدي٬ فأنا بين حشاً خافقة ودمعة مهراقة٬ ونفس قد ذبلت بما تجاهد٬ وجوانح قد أبليت بما
تكابد٬ وذكرت وأنا على فراش الارتماض ممنوع من لذة الإغماض قول بشار:
إذا هتف القمري نازعني الهـوى بشوق فلم أملك دموعي من الوجد
أبى اللـه إلا أن يفـرق بـينـنـا وكنا كماء المزن شيب مع الشهد
لقد كان ما بيني زماناً وبـينـهـا كما كان بين المسك والعنبر الورد
فانتظم وصف ما كنا نتعاشر عليه٬ ونجري في مودتنا إليه في شعره هذا٬ وذكرت أيضاً ما رماني به
الدهر من فرقة أعزائي من إخواني الذين أنت أعزهم٬ ويمتحنني بمن نأى من أحبائي وخلصاني
الذين أنت أحبهم وأخلصهم٬ ويجرعنيه من مرارة نأيهم وبعد لقائهم٬ وسألت الله أن يقرن آيات
سروري بالقرب منك٬ ولين عيشي بسرعة أوبتك٬ وقلت أبياتاً تقصر عن صفة وجدي٬ وكنه ما
يتضمنه قلبي٬ وهي:
بخدي من قطر الـدمـوع نـدوب وبالقلب مني مـذ نـأيت وجـيب
ولي نفس حتى الدجى يصدع الحشا ورجع حنين لـلـفـؤاد مـذيب
ولي شاهد من ضر نفسي وسقمه يخبر عـنـي أنـنـي لـكـئيب
كأني لم أفجع بفـرقة صـاحـب ولا غاب عن عيني سواك حبـيب
فقلت لابن المدبر: هذه رقعة عاشق لا رقعة خادم٬ ورقعة غائب لا رقعة حاضر. فضحك وقال: نحن
ننبسط مع أبي عثمان إلى ما هو أرق من هذا وألطف٬ فأما الغيبة فإننا نجتمع في كل ثلاثة أيام وتأخر
ذلك لشغل عرض لي فخاطبني مخاطبة الغائب٬ وأقام انقطاع المدة مقام الغيبة.
قال الجاحظ: كان يأتيني رجل فصيح من العجم قال: فقلت له: هذه الفصاحة وهذا البيان لو ادعيت في
قبيلة من العرب لكنت لا تنازع فيها. قال: فأجابني إلى ذلك٬ فجعلت أحفظه نسباً حتى حفظه وهذه
هذا. فقلت له: الآن لا تته علينا. فقال: سبحان الله. إن فعلت ذلك فأنا إذاً دعي.
ومن كلام الجاحظ يصف البلاغة: ومتى شاكل ­ أبقاك الله ­ اللفظ معناه وكان لذلك الحال وفقاً ولذلك
القدر لفقاً وخرج من سماجة الاستكراه وسلم من فساد التكلف٬ كان قمناً بحسن الموقع٬ وحقيقاً بانتفاع
المستمع٬ وجديراً أن يمنع جانبه من تأول الطاعنين٬ ويحمي عرضه من اعتراض العائبين٬ ولا يزال
القلوب به معمورة٬ والصدور به مأهولة٬ ومتى كان اللفظ أيضاً كريماً في نفسه متخيراً من جنسه٬
وكان سليماً من الفضول بريئاً من التعقيد حبب إلى النفوس٬ واتصل بالأذهان والتحم بالعقول٬
وهشت له الأسماع٬ وارتاحت له القلوب٬ وخف على ألسن الرواة٬ وشاع في الآفاق ذكره٬ وعظم في
الناس خطره٬ وصار ذلك مادة للعالم الرئيس٬ ورياضة للمتعلم الريض ومن أعاره من معرفته
نصيباً٬ وأفرغ عليه من محبته ذنوباً٬ حبب إليه المعاني وسلس له نظام اللفظ٬ وكان قد أغنى المستمع
عن كد التكلف٬ وأراح قارئ الكتاب من علاج التفهم. وقرأت بخط أبي حيان التوحيدي من كتابه
الذي ألفه في تقريظ الجاحظ.
وحدثنا أبو سعيد السيرافي ­ وهمك من رجل٬ وناهيك ­ من عالم٬ وشرعك من صدوق ­ قال: حدثنا
جماعة من الصابئين الكتاب: أن ثابت بن قرة قال: ما أحسد هذه الأمة العربية إلا على ثلاثة أنفس
فإنه:
عقم النساء فلا يلدن شبيهه إن النساء بمثله عـقـم
فقيل له: أحص لنا هؤلاء الثلاثة. قال: أولهم عمر بن الخطاب في سياسته ويقظته وحذره٬ وتحفظه
ودينه وتقيته٬ وجزالته وبذالته وصرامته وشهامته٬ وقيامته في صغير أمره وكبيره بنفسه٬ مع قريحة
صافية٬ وعقل زافر٬ ولسان عضب وقلب شديد٬ وطوية مأمونة٬ وعزيمة مأمومة٬ وصدر منشرح٬
وبال منفسح٬ وبديهة نضوح وروية لقوح٬ وسر طاهر٬ وتوفيق حاضر٬ ورأي مصيب٬ وأمر
عجيب٬ وشأن غريب٬ دعم الدين وشيد بنيانه٬ وأحكم أساسه ورفع أركانه٬ وأوضح حجته وأنار
برهانه٬ ملك في زي مسكين٬ ما جنح في أمر إلى ونى٬ ولا غض طرفه على خناً٬ ظهارته كالبطانة٬
وبطانته كالظهارة٬ جرح وأسا٬ ولان وقسا٬ ومنع وأعطى٬ واستخذى وسطا٬ كل ذلك في الله و٬ἆ
لقد كان من نوادر الرجال. قال: والثاني الحسن بن أبي الحسن البصري٬ فلقد كان من دراري النجوم
علماً وتقوى وزهداً وورعاً وعفةً ورقةً وتألهاً وتنزهاً وفقهاً ومعرفةً وفصاحةً ونصاحةً٬ مواعظه
تصل إلى القلوب٬ وألفاظه تلتبس بالعقول٬ وما أعرف له ثانياً٬ ولا قريباً ولا مدانياً٬ كان منظره وفق
مخبره٬ وعلانيته في وزن سريرته٬ عاش سبعين سنة لم يقرف بمقالة شنعاء٬ ولم يزن بريبة ولا
فحشاء٬ سليم الدين٬ نقي الأديم٬ محروس الحريم٬ يجمع مجلسه ضروب الناس وأصناف اللباس لما
يوسعهم من بيانه٬ ويفيض عليهم بافتنانه٬ هذا يأخذ عنه الحديث٬ وهذا يلقن منه التأويل٬ وهذا يسمع
الحلال والحرام٬ وهذا يتبع في كلامه العربية٬ وهذا يجرد له المقالة٬ وهذا يحكي الفتيا٬ وهذا يتعلم
الحكم والقضاء٬ وهذا يسمع الموعظة٬ وهو جميع هذا٬ كالبحر العجاج تدفقاً٬ وكالسراج الوهاج تألقاً٬
ولا تنس مواقفه ومشاهده بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند الأمراء وأشباه الأمراء بالكلام
الفصل٬ واللفظ الجزل٬ والصدر الرحب٬ والوجه الصلب٬ واللسان العضب٬ كالحجاج وفلان وفلان
مع شارة الدين٬ وبهجة العلم ورحمة التقى٬ لا تثنيه لائمة في الله٬ ولا تذهله رائحة عن الله٬ يجلس
تحت كرسيه قتادة صاحب التفسير٬ وعمرو وواصل صاحبا الكلام٬ وابن أبي إسحاق صاحب النحو٬
وفرقد السبخي صاحب الدقائق٬ وأشباه هؤلاء ونظراؤهم٬ فمن ذا مثله ومن يجري مجراه؟. والثالث
أبو عثمان الجاحظ٬ خطيب المسلمين٬ وشيخ المتكلمين٬ ومدره المتقدمين والمتأخرين٬ إن تكلم حكى
سحبان في البلاغة٬ وإن ناظر ضارع النظام في الجدال٬ وإن جد خرج في مسك عامر بن عبد قيس٬
وإن هزل زاد على مزيد حبيب القلوب ومزاج الأرواح٬ وشيخ الأدب ولسان العرب. كتبه رياض
زاهرة٬ ورسائله أفنان مثمرة٬ ما نازعه منازع إلا رشاه آنفاً٬ ولا تعرض له منقوص إلا قدم له
التواضع استبقاًء. الخلفاء تعرفه٬ والأمراء تصافيه وتنادمه٬ والعلماء تأخذ عنه٬ والخاصة تسلم له٬
والعامة تحبه٬ جمع بين اللسان والقلم٬ وبين الفطنة والعلم٬ وبين الرأي والأدب٬ وبين النثر والنظم٬
وبين الذكاء والفهم٬ طال عمره٬ وفشت حكمته٬ وظهرت خلته٬ ووطئ الرجال عقبه٬ وتهادوا أدبه٬
وافتخروا بالانتساب إليه٬ ونجحوا بالإقتداء به٬ لقد أوتي الحكمة وفصل الخطاب. هذا قول ثابت٬
وهو قول صابئ لا يرى للإسلام حرمة ولا للمسلمين حقاً٬ ولا يوجب لأحد منهم ذماماً٬ وقد انتقد هذا
الانتقاد٬ ونظر هذا النظر٬ وحكم هذا الحكم٬ وأبصر الحق بعين لا غشاوة عليها من الهول٬ ونفس لا
لطخ بها من التقليد٬ وعقل ما تحيل بالعصبية٬ ولسنا نجهل مع ذلك فضل غير هؤلاء من السلف
الطاهر٬ والخلف الصالح٬ ولكنا عجبنا فضل عجب من رجل ليس منا ولا من أهل ملتنا ولغتنا٬ ­
ولعله ما خبر عمر بن الخطاب كل الخبرة٬ ولا استوعب كل ما للحسن من المنقبة٬ ولا وقف على
جميع ما لأبي عثمان من البيان والحكمة ­ يقول هذا القول٬ ويتعجب هذا العجب٬ ويحسد أمتنا بهم
هذا الحسد٬ ويختم كلامه بأبي عثمان٬ ويصفه بما يأبى الطاعن عليه أن يكون له شيء منه٬ ويغضب
إذا ادعي ذلك له لموفز عليه٬ هل هذا إلا الجهل الذي يرحم المبتلى به؟.
قال أبو حيان: وحدثنا ابن مقسم ­ وقد طال ذكر الجاحظ لأبي هفان: ­ قيل لأبي هفان لم لا تهجو
الجاحظ وقد ندد بك وأخذ بخنقك؟ فقال: أمثلي يخدع عن عقله٬ والله لو وضع رسالة في أرنبة أنفي
لما أمست إلا بالصين شهرة٬ ولو قلت فيه ألف بيت لما طن منها بيت في ألف سنة. قال أبو حيان:
سمعت أبا معمر الكاتب في ديوان بادوريا قال: كتب الفتح بن خاقان إلى الجاحظ كتاباً يقول في فصل
منه: إن أمير المؤمنين يجد بك٬ ويهش عند ذكرك٬ ولولا عظمتك في نفسه لعلمك ومعرفتك٬ لحال
بينك وبين بعدك عن مجلسه٬ ولغصبك رأيك وتجبيرك فيما أنت مشغول به ومتوفر عليه٬ وقد كان
ألقى إلي من هذا عنوانه٬ فزدتك في نفسه زيادة كف بها عن تجشيمك٬ فاعرف لي هذه الحال٬ واعتقد
هذه المنة على كتاب الرد على النصارى٬ وافرغ منه وعجل به إلي٬ وكن من جدا به على نفسه٬
تنال مشاهرتك وقد استطلقته لما مضى٬ واستسلفت لك لسنة كاملة مستقبلة٬ وهذا مما لم تحتكم به
نفسك٬ وقد قرأت رسالتك في بصيرة غنام٬ ولولا أني أزيد في مخيلتك لعرفتك ما يعتريني عند
قراءتها والسلام.
قال الجاحظ: قلت للحزامي: قد رضيت بقول الناس فيك: إنك بخيل. قال: لا أعد مني الله هذا الاسم.
قال: لأنه لا يقال: فلان بخيل إلا وهو ذو مال٬ فإذا سلم المال فادعني بأي اسم شئت. قلت: ولا يقال
سخي إلا وهو ذو مال٬ فقد جمع هذا الاسم المال والحمد٬ وجمع ذاك الاسم المال والذم. قال: بينهما
فرق. قلت: هاته. قال: في قولهم بخيل تثبيت لإقامة المال في ملكه٬ واسم البخيل اسم فيه حزم وذم٬
واسم السخاء فيه تضييع وحمد٬ والمال نافع مكرم لأهله معز٬ والحمد ريح وسخرية٬ واستماعه
ضعف وفسولة. وما أقل والله غناء الحمد عنه إذا جاع بطنه٬ وعري جسده٬ وشمت عدوه.
قال أبو حيان: ومن عجيب الحديث في كتبه ما حدثنا به علي بن عيسى النحوي الشيخ الصالح قال:
سمعت ابن الأخشاد شيخنا أبا بكر يقول: ذكر أبو عثمان في أول كتاب الحيوان أسماء كتبه ليكون
ذلك كالفهرست٬ ومر بي في جملتها الفرق بين النبي والمتنبئ٬ وكتاب دلائل النبوة وقد ذكرهما هكذا
على التفرقة٬ وأعاد ذكر الفرق في الجزء الرابع لشيء دعاه إليه٬ فأحببت أن أرى الكتابين ولم أقدر
إلا على واحد منهما وهو كتاب دلائل النبوة٬ وربما لقب بالفرق خطاً٬ فهمني ذلك وساءني في سوء
ظفري به٬ فلما شخصت من مصر ودخلت مكة ­ حرسها الله تعالى ­ حاجاً أقمت منادياً بعرفات
ينادي ­ والناس حضور. من الآفاق على اختلاف بلدانهم وتنازح أوطانهم٬ وتباين قبائلهم وأجناسهم
من المشرق إلى المغرب٬ ومن مهب الشمال إلى مهب الجنوب٬ وهو المنظر الذي لا يشابهه منظر ­
: رحم الله من دلنا على كتاب الفرق بين النبي والمتنبئ لأبي عثمان الجاحظ على أي وجه كان. قال:
حجب الناس منًى ولم يعرفوا هذا الكتاب ولا اعترفوا به.
قال ابن أخشاد: وإنما أردت بهذا أن أبلغ نفسي عذرها. قال المؤلف: وحسبك بها فضيلة لأبي عثمان
أن يكون مثل ابن الأخشاد ­ وهو هو في معرفة علوم الحكمة٬ وهو رأس عظيم من رءوس المعتزلة
­ يستلهم بكتب الجاحظ حتى ينادي عليها بعرفات والبيت الحرام٬ وهذا الكتاب موجود في أيدي
الناس اليوم لا يكاد تخلو خزانة منه. ولقد رأيت أنا منه نحو مائة نسخة أو أكثر.
ومن كتاب هلال قال أبو الفضل بن العميد: ثلاثة علوم الناس كلهم عيال فيها على ثلاثة أنفس: أما
الفقه فعلى أبي حنيفة٬ لأنه دون وخلد ما جعل من يتكلم فيه بعده مشيراً إليه مخبراً عنه. وأما الكلام
فعلى أبي الهذيل٬ وأما البلاغة والفصاحة واللسن والعارضة٬ فعلى أبي عثمان الجاحظ. وحدث أبو
القاسم السيرافي قال: حضرنا مجلس الأستاذ الرئيس أبي الفضل فقصر رجل بالجاحظ وأزرى عليه
وحلم الأستاذ عنه. فلما خرج قلت له: سكت أيها الأستاذ عن هذا الجاهل في قوله الذي قال مع عادتك
بالرد على أمثاله. فقال: لم أجد في مقابلته أبلغ من تركه على جهله٬ ولو واقفته وبينت له النظر في
كتبه٬ صار إنساناً. يا أبا القاسم كتب الجاحظ تعلم العقل أولاً والأدب ثانياً.
وحكى أبو علي القالي عن أبي معاذ عبدان الخولي المتطبب قال: دخلنا يوماً بسر من رأى على
عمرو بن بحر الجاحظ نعوده وقد فلج٬ فلما أخذنا مجالسنا أتى رسول المتوكل إليه فقال: وما يصنع
أمير المؤمنين بشق مائل ولعاب سائل؟ ثم أقبل علينا فقال: ما تقولون في رجل له شقان: أحدهما لو
غرز بالمسال ما أحس٬ والشق الآخر يمر به الذباب فيغوث٬ وأكثر ما أشكوه الثمانون. حدث أبو عبد
الله الحميدي في الجذوة: قرأت على الأمين بن أبي علي بن القاضي أبي القاسم البصري عن أبيه قال:
حدثنا محمد بن عمر بن شجاع المتكلم٬ حدثنا أبو محمد الحسن بن عمرو النجيرمي قال: كنت
بالأندلس فقيل لي: إن هاهنا تلميذاً لأبي عثمان الجاحظ يعرف بسلام بن يزيد ويكنى أبا خلف٬ فأتيته
فرأيت شيخاً هماً فسألته عن سبب اجتماعه مع أبي عثمان ولم يقع أبو عثمان إلى الأندلس فقال: كان
طالب العلم بالمشرق يشرف عند ملوكنا بلقاء أبي عثمان٬ فوقع إلينا كتاب التربيع والتدوير له
فأشاروا إليه٬ ثم أردفه عندنا كتاب البيان والتبيين له فبلغ الرجل الصكاك بهذين الكتابين. قال:
فخرجت لا أعرج على شيء حتى قصدت بغداد فسألت عنه فقيل: هو بسر من رأى٬ فأصعدت إليها
فقيل لي: قد انحدر إلى البصرة٬ فانحدرت إليه وسألت عن منزله فأرشدت ودخلت إليه فإذا هو جالس
وحواليه عشرون صبياً ليس فيهم ذو لحية غيره٬ فدهشت فقلت: أيكم أبو عثمان؟ فرفع يده وحركها
في وجهي وقال: من أين؟ قلت من الأندلس٬ فقال: طينة حمقاء٬ فما الاسم؟ قلت سلام. قال: اسم كلب
القراد٬ ابن من؟ قلت: ابن يزيد. قال: بحق ما صرت أبو من؟ قلت: أبو خلف. قال: كنية قرد زبيدة٬
ما جئت تطلب؟ قلت: العلم قال: ارجع بوقت فإنك لا تفلح. قلت له ما أنصفتني٬ فقد اشتملت على
خصال أربع: جفاء البلدية٬ بعد الشقة٬ وغرة الحداثة٬ ودهشة الداخل. قال: فترى حولي عشرين
صبياً ليس فيهم ذو لحية غيري٬ ما كان يجب أن تعرفني بها؟ قال: فأقمت عليه عشرين سنة. وهذا
فهرست كتب الجاحظ: كتاب الحيوان وهو سبعة أجزاء وأضاف إليه كتاباً آخر سماه كتاب النساء
وهو الفرق فيما بين الذكر والأنثى٬ وكتاباً آخر سماه: كتاب النعل. قال ابن النديم. ورأيت أنا هذين
الكتابين بخط زكرياء بن يحيى ­ ويكنى أبا يحيى ­ وراق الجاحظ٬ وقد أضيف إليه كتاب سموه كتاب
الإبل ليس من كلام الجاحظ ولا يقاربه٬ وكتاب الحيوان ألفه باسم محمد بن عبد الملك الزيات. قال
ميمون بن هارون: قلت للجاحظ ألك بالبصرة ضيعة؟ فتبسم وقال: إنما أنا وجارية٬ وجارية تخدمها
وخادم وحمار٬ أهديت كتاب الحيوان إلى محمد بن عبد الملك فأعطاني خمسة آلاف دينار٬ وأهديت
كتاب البيان والتبيين إلى ابن أبي دؤاد فأعطاني خمسة آلاف٬ وأهديت كتاب الزرع والنخل إلى
إبراهيم بن العباس الصولي فأعطاني خمسة آلاف دينار٬ فانصرفت إلى البصرة ومعي ضيعة لا
تحتاج إلى تجديد ولا تسميد٬ وكتاب البيان والتبيين نسختان: أولى وثانية٬ والثانية أصح وأجود٬
كتاب النبي والمتنبئ٬ كتاب المعرفة٬ كتاب جوابات كتاب المعرفة٬ كتاب مسائل كتاب المعرفة٬
كتاب الرد على أصحاب الإلهام٬ كتاب نظم القرآن ثلاث نسخ٬ كتاب مسائل القرآن٬ كتاب فضيلة
المعتزلة٬ كتاب الرد على المشبهة٬ كتاب الإمامة على مذهب الشيعة٬ كتاب حكاية قول أصناف
الزيدية٬ كتاب العثمانية٬ كتاب الأخبار وكيف تصح؟ كتاب الرد على النصارى٬ كتاب عصام
المريد٬ كتاب الرد على العثمانية٬ كتاب إمامة معاوية٬ كتاب إمامة بني العباس٬ كتاب الفتيان٬ كتاب
القواد٬ كتاب اللصوص٬ كتاب ذكر ما بين الزيدية والرافضة٬ كتاب صياغة الكلام٬ كتاب
المخاطبات في التوحيد٬ كتاب تصويب علي في تحكيم الحكمين٬ كتاب وجوب الإمامة٬ كتاب
الأصنام٬ كتاب الوكلاء والموكلين٬ كتاب الشارب والمشروب٬ كتاب افتخار الشتاء والصيف٬ كتاب
المعلمين٬ كتاب الجواري٬ كتاب نوادر الحسن٬ كتاب البخلاء٬ كتاب الفخر ما بين عبد شمس
ومخزوم٬ كتاب العرجان والبرصان٬ كتاب فخر القحطانية والعدنانية٬ كتاب التربيع والتدوير٬ كتاب
الطفيليين٬ كتاب أخلاق الملوك٬ كتاب الفتيا٬ كتاب مناقب جند الخلافة وفضائل الأتراك٬ كتاب
الحاسد والمحسود٬ كتاب الرد على اليهود٬ كتاب الصرحاء والهجناء٬ كتاب السودان والبيضان٬
كتاب المعاد والمعاش٬ كتاب النساء٬ كتاب التسوية بين العرب والعجم٬ كتاب السلطان وأخلاق أهله٬
كتاب الوعيد٬ كتاب البلدان٬ كتاب الأخبار٬ كتاب الدلالة على أن الإمامة فرض٬ كتاب الاستطاعة
وخلق الأفعال٬ كتاب المقينين والغناء والصنعة٬ كتاب الهدايا منحول٬ كتاب الإخوان٬ كتاب الرد
على من ألحد في كتاب الله عز وجل٬ كتاب آي القرآن٬ كتاب الناشي والمتلاشي٬ كتاب حانوت
عطار٬ كتاب التمثيل٬ كتاب فضل العلم٬ كتاب المزاح والجد٬ كتاب جمهرة الملوك٬ كتاب
الصوالجة٬ كتاب ذم الزنا٬ كتاب التفكر والاعتبار٬ كتاب الحجر والنبوة٬ كتاب آل إبراهيم بن المدبر
في المكاتبة٬ كتاب إحالة القدرة على الظلم٬ كتاب أمهات الأولاد٬ كتاب الاعتزال وفضله عن
الفضيلة٬ كتاب الأخطار والمراتب والصناعات٬ كتاب أحدوثة العالم٬ كتاب الرد على من زعم أن
الإنسان جزء لا يتجزأ٬ كتاب أبي النجم وجوابه٬ كتاب التفاح٬ كتاب الأنس والسلوة٬ كتاب الكبر
المستحسن والمستقبح٬ كتاب نقض الطب٬ كتاب الحزم والعزم. كتاب عناصر الآداب٬ كتاب تحصين
الأموال٬ كتاب الأمثال٬ كتاب فضل الفرس٬ كتاب على الهملاج٬ كتاب الرسالة إلى أبي الفرج بن
نجاح في امتحان عقول الأولياء٬ كتاب رسالة أبي النجم في الخراج٬ كتاب رسالته في القلم٬ كتاب
رسالته في فضل اتخاذ الكتب٬ كتاب رسالته في كتمان السر٬ كتاب رسالته في مدح النبيذ٬ كتاب
رسالته في ذم النبيذ٬ كتاب رسالته في العفو الصفح٬ كتاب رسالته في إثم لسكر٬ كتاب رسالته في
الأمل والمأمول٬ كتاب رسالته في الحلية٬ كتاب رسالته في ذم الكتاب٬ كتاب رسالته في مدح الكتاب٬
كتاب رسالته في مدح الوراق٬ كتاب رسالته في ذم الرواق٬ كتاب رسالته فيمن يسمى من الشعراء
عمراً٬ كتاب رسالته اليتيمة٬ كتاب رسالته في فرط جهل يعقوب بن إسحاق الكندي٬ كتاب رسالته في
الكرم إلى أبي الفرج بن نجاح٬ كتاب رسالته في موت أبي حرب الصفار البصري٬ كتاب رسالته في
الميراث٬ كتاب في الأسد والذئب٬ كتاب رسالته في كتاب الكيمياء٬ كتاب الاستبداد والمشاورة في
الحرب٬ كتاب رسالته في القضاة والولاة٬ كتاب الملوك والأمم السالفة والباقية٬ كتاب رسالته في
الرد على القولية٬ كتاب العالم والجاهل٬ كتاب النرد والشطرنج٬ كتاب غش الصناعات٬ كتاب
خصومة الحول والعور٬ كتاب ذوي العاهات٬ كتاب المغنين٬ كتاب أخلاق الشطار.
وحدث يموت بن المزرع عن خاله الجاحظ قال: يجب للرجل أن يكون سخياً لا يبلغ التبذير٬ شجاعاً
لا يبلغ الهوج٬ محترساً لا يبلغ الجبن٬ ماضياً لا يبلغ القحة٬ قوالاً لا يبلغ الهذر٬ صموتاً لا يبلغ العي٬
حليماً لا يبلغ الذل٬ منتصراً لا يبلغ الظلم٬ وقوراً لا يبلغ البلادة٬ ناقداً لا يبلغ الطيش٬ ثم وجدنا رسول
الله صل الله عليه وسلم قد جمع ذلك في كلمة واحدة٬ وهي قوله: (خير الأمور أوساطها). فعلمنا أنه
صل الله عليه وسلم قد أوتي جوامع الكلم٬ وعلم فصل الخطاب. وقال أبو زيد البلخي: ما أحسن ما
قال الجاحظ: عقل المنشئ مشغول٬ وعقل المتصفح فارغ. وقال المرزباني بإسناده عن المبرد:
سمعت الجاحظ يقول لرجل آذاه: أنت والله أحوج إلى هوان من كريم إلى إكرام٬ ومن علم إلى عمل٬
ومن قدرة إلى عفو٬ ومن نعمة إلى شكر.
وقال الجاحظ في أبي الفرج نجاح بن سلمة يسأله إطلاق رزقه من قصيدة:
أقام بدار الخفض راض بخـفـضـه وذو الحزم يسري حين لا أحد يسري
يظن الرضا شيئاً يسـيراً مـهـونـاً ودون الرضى كأس أمر من الصبر
سواء على الأيام صـاحـب حـنـكة وآخـر كـاب لا يريش ولا يبـري
خضعت لبعض القوم أرجو نـوالـه وقد كنت لا أعطى الدنية بالقـسـر
فلما رأيت الـقـوم يبـذل بـشـره ويجعل حسن البشر واقـية الـوفـر
ربعت على ظلعي وراجعت منزلـي فصرت حليفاً للدراسة والـفـكـر
وشاروت إخواني فقال حلـيمـهـم: عليك الفتى المري ذا الخلق الغمـر
أعيذك بالرحمن من قـول شـامـت: أبو الفرج المامول يزهد في عمـرو
ولو كـان فـيه راغـبـاً لـرأيتـه كما كان دهراً في الرخاء وفي اليسر
أخاف عليك العين من كـل حـاسـد وذو الود منخوب الفؤاد من الذعـر
فإن ترع ودي بالقـبـول فـأهـلـه ولا يعرف الأقدار غير ذوي القـدر
وحدث يموت بن المزرع قال: وجه المتوكل في السنة التي قتل فيها أن يحمل إليه الجاحظ من
البصرة فقال لمن أراد حمله: وما يصنع أمير المؤمنين بامرئ ليس بطائل٬ ذي شق مائل٬ ولعاب
سائل٬ وفرج بائل٬ وعقل حائل؟ وحدث المبرد قال: دخلت على الجاحظ في آخر أيامه فقلت له:
كيفأنت؟ فقال: كيف يكون من نصفه مفلوج لو حز بالمناشير ما شعر به٬ ونصفه الآخر منقرس لو طار
الذباب بقربه لآلمه٬ وأِد من ذلك ست وتسعون سنة أنا فيها٬ ثم أنشدنا:
أترجو أن تكون وأنت شيخ كما قد كنت أيام الشباب؟
لقد كذبتك نفسك ليس ثوب دريس كالجديد من الثياب
وقال لمتطبب يشكو إليه علته: اصطلحت الأضداد على جسدي٬ إن أكلت بارداً أخذ برجلي٬ وإن
أكلت حاراً أخذ برأسي.
وحدث أحمد بن يزيد بن محمد المهلبي عن أبيه قال:قال لي المعتز باἆ: يا يزيد٬ ورد الخبر بموت
الجاحظ٬ فقلت: لأمير المؤمنين طول البقاء ودوام النعماء. قال: وذلك في سنة خمسين ومائتين٬ وفيه
يقول أبو شراعة القيسي:
في العلم للعلـمـاء إن يتفهمـوه مـواعـظ
وإذ نسيت وقد جـمـع ت علا عليك الحافـظ
ولقد رأيت الظرف ده راً ما حواه الـلافـظ
حتى أقـام طـريقـه عمرو بن بحر الجاحظ
ثم انقضـى أمـد بـه وهو الرئيس الفـائظ
المراجع: معجم الأدباء لياقوت الحموي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69641
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

علماء وفلاسفه ورحالة Empty
مُساهمةموضوع: رد: علماء وفلاسفه ورحالة   علماء وفلاسفه ورحالة Emptyالخميس 05 نوفمبر 2015, 8:27 am

البيروني

م1048 ­ 973
ولد أبو الريحان محمد بن أحمد البيروني سنة 362 للهجرة في خوارزم. والُمرّجح أن مولده كان في
ضاحية من ضواحي كاث عاصمة خوارزم٬ ويبدو أن اسم الضاحية كان بيرون٬ وهو اسم أُطلِق
على مكان كان التجار يقطنون فيه خارج أسوار العاصمة للتخلص من دفع المكوس المترتبة عليهم.
وجاء في معجم الأدباء لياقوت الحموي: هو "الخوارزمي٬ وهذه النسبة
معناها البراني٬ لأن بيرون بالفارسية معناه براً٬ وسألت بعض الفضلاء عن
ذلك فزعم أن مقامه بخوارزم كان قليلاً٬ وأهل خوارزم يسمون الغريب
بهذا الاسم٬ كأنه لما طالت غربته عنهم صار غريباً٬ وما أظنه يراد به إلا
أنه من أهل الرستاق يعني أنه من براً البلد. ومات السلطان محمود بن
سبكتكين في سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة٬ وأبو الريحان بغزنة".
عمل البيروني في مطلع عهده مع عالم من علماء النبات يجمع له الكثير منه
ويرتبه٬ فأكسبه ذلك الدقة في العمل وحبّبه إلى الناحية العلمية٬ وسمت همته
إلى اكتساب أنواع العلوم المختلفة٬ وخاصة فيما يتعلق بالعلوم الرياضية والفلكية والجغرافية. وكانت
له رغبة شديدة في التاريخ أيًضا. ومع أن البيروني لم يكتب في شؤون الفلسفة شيئًا مستقلاً٬ فإن الذي
يقرأ ما كتبه عن أديان الهند وفلسفاتها يدرك تماًما أنه كان يعرف ما كان قد وصل إلى العالم العربي
الإسلامي٬ وأكثر قليلا٬ بسبب معرفته لليونانية والسريانية. ولعله من أوائل العلماء المسلمين الذين
فهموا الأديان الأخرى. وكان من بين الذي أعانوه على دراسة الفلك قبل أن يتوّغل فيه بحيث يصبح
أحد أئّمته٬ أستاذه أبو نصر منصور بن علي بن عراق؛ كما اتصل بابن سينا.
كتُب البيروني كثيرة٬ بحيث تتجاوز العشرات. بعضها ضخم كبير٬َكِكتابه الموسوعي النفيس في
الفلك "القانون المسعودي في الحياة والنجوم"٬ وقسم منها لا يعدو كونه ورقات. وبعضها يشرح فيها
البيروني أساليب استدلاله وطرق معالجته للموضوعات. فيما اقتصر في بعضها الآخر على ذكر
قواعد أساسية فقط٬ وهذا من طبيعة الأمور.
ومن مؤلفاته: تحقيق ما للهند٬ كتاب الآثار الباقية عن القرون الخالية ٬ كتاب تاريخ الهند ٬ كتاب
مقاليد علم الهيئة وما يحدث في بسيطة الكرة ٬ كتاب استخراج الأوتار في الدائرة٬ كتاب استيعاب
الوجوه الممكنة في صفة الإسطرلاب ٬ كتاب العمل بالإسطرلاب٬ كتاب التطبيق إلى حركة الشمس
٬ كتاب كيفية رسوم الهند في تعلم الحساب٬ كتاب في تحقيق منازل القمر ٬ كتاب جلاء الأذهان في
زيج البتاني ٬ كتاب الصيدلية في الطب ٬ كتاب رؤية الأهلة ٬ كتاب جدول التقويم ٬ كتاب مفتاح علم
ابنه السلطان مسعود فقد كان فيه إقبال على علم النجوم ومحبة لحقائق العلوم٬ ففاوضه يوماً في هذه
المسألة وفي سبب اختلاف مقادير الليل والنهار في الأرض٬ وأحب أن يتضح له برهان ما لم يصح
له من ذلك بعيان٬ فقال له أبو الريحان: أنت المنفرد اليوم بامتلاك الخافقين٬ والمستحق بالحقيقة اسم
ملك الأرض٬ فأخلق بهذه المرتبة إيثار الاطلاع على مجاري الأمور٬ وتصاريف أحوال الليل
وانهار٬ ومقدارها في عامرها وغامرها٬ وصنف له عند ذلك كتاباً في اعتبار مقدار الليل والنهار
بطريق تبعد عن مواضعات المنجمين وألقابهم٬ ويقرب تصورهم من فهم من لم يرتض بها ولم
يعتدها٬ وكان السلطان الشهيد قد مهر بالعربية فسهل وقوفه عليه٬ وأجزل إحسانه إليه. وكذلك صنف
كتابه في لوازم الحركتين بأمره٬ وهو كتاب جليل لا مزيد عليه مقتبس أكثر كلماته عن آيات من
كتاب الله عز وجل. وكتابه المترجم بالقانون المسعودي يعفي على أثر كل كتاب صنف في تنجيم أو
حساب. وكتابة الآخر المعنون بالدستور الذي صنفه باسم شهاب الدولة أبي الفتح مودود ابن السلطان
الشهيد مستوف أحاسن المحاسن.
قال مؤلف الكتاب: هذا ذكره محمد بن محمود٬ وإنما ذكرته أنا ههنا لأن الرجل كان أديباً أريباً لغوياً٬
له تصانيف في ذلك رأيت أنا منها: كتاب شرح شعر أبي تمام رأيته بخطه لم يتمه٬ كتاب التعليل
بإحالة الوهم في المعاني نظم أولي الفضل٬ كتاب تاريخ أيام السلطان محمود وأخبار أبيه٬ كتاب
المسامرة في أخبار خوارزم٬ كتاب مختار الأشعار والآثار. وأما سائر كتبه في علوم النجوم والهيئة
والمنطق والحكمة فإنها تفوق الحصر٬ رأيت فهرستها في وقف الجامع بمرو في نحو الستين ورقة
بخط مكتنز. وحدثني بعض أهل الفضل: أن السبب في مصيره إلى غزنة أن السلطان محمودا لما
استولى على خوارزم قبض عليه وعلى أستاذه عبد الصمد الأول ابن عبد الصمد الحكيم٬ واتهمه
بالقرمطة والكفر فأذاقه الحمام وهم أن يلحق به أبا الريحان٬ فساعده فسحة الأجل بسبب خلصه من
القتل٬ وقيل له: إنه إمام وقته في علم النجوم٬ وإن الملوك لا يستغنون عن مثله٬ فأخذه معه ودخل إلى
بلاد الهند وأقام بينهم وتعلم لغتهم واقتبس علومهم٬ ثم أقام بغزنة حتى مات بها أرى في حدود سنة
ثلاث وأربعمائة عن سن عالية٬ وكان حسن المحاضرة٬ طيب العشرة خليعاً في ألفاظه عفيفا في
أفعاله٬ لم يأت الزمان بمثله علماً وفهماً٬ وكان يقول شعراً إن لم يكن في الطبقة العليا فإنه من مثله
حسن٬ منه في ذكر صحبة الملوك٬ ويمدح و يمدح أبا الفتح البستي من كتاب سر السرور.
مضى أكثر الأيام في ظل نعـمة على رتب فيها علوت كـراسـيا
فآل عراق قد غذونـي بـدرهـم ومنصور منهم قد تولى غراسـيا
وشمس المعالي كان يرتاد خدمتي على نفرة مني وقد كان قـاسـيا
وأولاد مأمون ومنهـم عـلـيهـم تبدى بصنع صار للحـال آسـيا
وأخرهم مأمون رفه حـالـتـي ونوه باسمـي ثـم راس راسـيا
و لم ينقبض محمود عني بنعـمة فأغنى و أقنى مغضيا عن مكاسيا
عفا عن جهالاتي وأبدي تكـرمـاً وطرى بجاه رونقي ولـبـاسـيا
عفاء على دنياي بعد فـراقـهـم وواحزني إن لم أزر قبـل آسـيا
ولما مضوا وأعتضت منهم عصابة دعوا بالتناسي فاغتنمت التناسـيا
وخلفت في غزنين لحماً كمضـغة على وضم للطير للعلـم نـاسـيا
فأبدلت أقواماً وليسوا كمثـلـهـم معاذ إلهي أن يكونوا سـواسـيا
بجهد شأوت الـجـالـبـين أئمة فما اقتبسوا في العمل مثل اقتباسيا
فما بركوا للبحث عند مـعـالـم ولا احتبسوا في عقدة كاحتباسـيا
فسائل بمقداري هنوداً بمـشـرق وبالغرب من قد قاس قدر عماسيا
فلم يثنهم عن شكر جهدي نفـاسة بل اعترفوا طرا وعافوا انتكاسيا
أبو الفتح في دنياي مالك ربقتـي فهات بذكراه الحمـية كـاسـيا
فلا زال للدنيا وللـدين عـامـراً ولا زال فيها للغـواة مـواسـيا
ومن أقوم شعره قوله لشاعر اجتداه.
يا شاعر جاءني يخرى على الأدب وافي ليمدحني والذم مـن أدبـي

كلا فلحيته عثنـونـهـا ذنـبـي وجدته ضارطاً في لحيتي سفـهـاً
وذاكراً في قوافي شعره حسـبـي ولست والله حقاً عارفاً نـسـبـي
إذ لست أعرف جدي حق معـرفة وكيف أعرف جدي إذ جهلت أبي؟
إني أبو لـهـب شـيخ بـلا أدب نعم ووالدتي حمـالة الـحـطـب
المدح والذم عندي يا أبـا حـسـن سيان مثل استواء الجد واللـعـب
فأعفني عنهما لا تشتغل بـهـمـا باᔀ لا توقعن مفساك في تـعـب
وله:
ومن حام حول المجد غير مجاهد ثوى طاعماً للمكرمات وكاسـيا
وبات قرير العين في ظل راحة ولكنه عن حلة المجـد عـاريا
وله في التجنيس:
فلا يغررك مـنـي لـين مـس تراه فـي دروس واقـتـبـاس
فإني أسرع الـثـقـلـين طـرا إلى خوض الردى في وقت باس
ومنه:
تنغص بالتباعد طيب عيشي فلا شيء أمر من الفراق
كتابك إذ هو الفرج المرجى أطب لما ألم من ألف راق
وله:
أتأذنون لصب فـي زيارتـكـم إن كان مجلسكم خلواً من الناس؟
فأنتم الناس لا أبغي بـكـم بـدلاً وأنتم الراس والإنسان بالـراس
وكدكم لمعال تنهـضـون بـهـا وغيركم طاعم مسترجع كاسـي
فليس يعرف من أيام عـيشـتـه سوى التلهي بأير قام أو كـاس
لدي المكايد إن راجت مكايده ينسى الإله وليس الله بالناس
المراجع:معجم الأدباء لياقوت الحموي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69641
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

علماء وفلاسفه ورحالة Empty
مُساهمةموضوع: رد: علماء وفلاسفه ورحالة   علماء وفلاسفه ورحالة Emptyالجمعة 06 نوفمبر 2015, 8:36 am

يـاقوت الحـموي
م1229 ­1179
ُولَِد ياقوت سنة 575 للهجرة في ديار الروم ومن هنا جاءت تسميته بالّرومي أحيانًا. 
وقد أُِسَر وهو حدث٬ وُحِمَل إلى سوق الّرقيق ببغداد حيث اشتراه تاجر بغدادي حموّي الأصل.
 فغلب عليه لقب "الحموي". 
رأى هذا التاجر أن يفيد من هذا الحدث في حساباته وتجارته٬ فوضعه في مدرسٍة حيث
تعلّم الكتابة؛ وقد اهتّم ياقوت أثناء ذلك بالأدب والنحو. ثم أرسله سيّده في تجاراٍت له٬ حملته إلى
جزيرة كشم (أو قسم) في الخليج العربي وإلى عمان وديار الشام٬ فأعزم ياقوت بالرحلة والتعرف
إلى البلاد التي يزورها. حّرر ياقوت٬ فتعاطى النّسخ ليعيش منه. ويبدو أّن نُفوًرا قد حدث بين ياقوت
وسيّده القديم٬ لكن الأمر لم يلبث أنُسِّوَي بينهما٬ فعاد ياقوت يرحل في التجارة له. وقد مات هذا
التاجر أثناء غياب ياقوت في تجارة٬ ويبدو أنه أوصى لياقوت ببعض ثروته٬ فتعاطى عندها التجارة
لحسابه الخاص. أخد ينتقّل من بلٍد إلى آخر؛ فيوًما في تبريز ويوًما في مصر وفي يوٍم ثالث فيَمْرَو٬
حيث قضى سنتين يلتهم ما في خزائنها من الكتب الكثيرة جًدا. وهناك بدأ في وضع كتابه "معجم
البلدان". رحل بعد ذلك إلى خوارزم حيث أقام بعض الوقت.
من الّصفات التي يتمتّع بها ياقوت في عمله أنه كان أمينًا في نقله عن غيره؛ فهو ينسب كل قول إلى
صاحبه. يضاف إلى هذا أنه تحّدث في المقدمة عن مصادره المكتوبة حديثًا علميًا. وكان يعرف قيمة
عمله والجهد الذي بذله فيه.
يبدأ ياقوت معجمه بخمسة فصول٬ يتناول فيها صورة الأرض ومعنى الإقليم وإصطلاحات جغرافية
لازمة معرفتها مثل البريد والفرسخ٬ وُحكم الأرضييّن من حيث الفتح والخراج والّشرع في ذلك٬
وُجَملاً من أخبار البلدان. ثم يبدأ ترتيب معجم البلدان على حروف الهجاء. والمعجم بالّذاتَمعيٌن لا
ينضب للمعرفة الجغرافية البلدانية والاقتصادية والبشرية٬ وَمثل للِعْلم الُمنَظم. ولم يقتصر على العالم
الإسلامي فحسب بل تناول مناطق أخرى مجاورة له.
ومن طريف ما جاء في معجم البلدان أّن ياقوت كان يرى أن معجمه يجب أن لا يختصر قط٬ ودفاعه
عن وجهة نظره ووصيته للخلف طريفة حقًا. فيقول في ذلك: "ولقد التمس مني الطّلاب اختصار هذا
الكتاب مراًرا٬ فأبيُت ولم أجد في قُصر هممهم أولياء ولا أنصاًرا٬ فما انقْدُت لهم ولا إْرَعَوْيت٬ ولي
على ناقل هذا الكتاب والمستفيد منه أن لا يضيع نصبي٬ ونصب نفسي وله وتعبي٬ بتبديد ما جمعُت
وتشتيت ما لفّقُت٬ وتفريق ملتئم محاسنه٬ ونفي كل علق نفيس عن معادنه ومكامنه٬ باقتضابه
واختصاره٬ وتعطيل جيّده من حليه وأنواره٬ وغصبه إعلان فضله وأسراره؛ فُرّب راغب عن كلمة
غيره متهالك عليها٬ وزاهد عن نكتة غيره مشغوف بها ينضي الركاب إليها. فإذا أجبتني فقد بّررتني٬
وجعلك الله من الأبرار٬ وإن خالَفتَني فقد عقّقتني٬ والله حسيبك في عقبى الدار".
قال عنه ابن خلكان في وفيات الأعيان: ((أو عبد الله ياقوت بن عبد الله٬ الرومي الجنس والمولد
الحموي المولى البغدادي الدار٬ الملقب شهاب الدين٬ أسر من بلاده صغيراً٬ وابتاعه ببغداد رجل
تاجر يعرف بعسكر بن أبي نصر إبراهيم الحموي٬ وجعله في الكتاب٬ لينتفع به في ضبط تجائره٬
وكان مولاه عسكر لا يحسن الخط ولا يعلم شيئاً سوى التجارة٬ وكان ساكناً ببغداد٬ وتزوج بها وأولد
عدة أولاد٬ ولما كبر ياقوت المذكور قرأ شيئاً من النحو واللغة٬ وشغله مولاه بالأسفار في متاجره
فكان يتردد إلى كيش وعمان وتلك النواحي ويعود إلى الشام. ثم جرت بينه وبين مولاه نبوة أوجبت
عتقه فأبعده عنه٬ وذلك في سنة ست وتسعين وخمسمائة٬ فاشتغل بالنسخ بالأجرة٬ وحصلت له
بالمطالعة فوائد٬ ثم إن مولاه بعد مديدة ألوى وأعطاه شيئاً وسفره إلى كيش٬ ولما عاد كان مولاه قد
مات٬ فحصل شيئاً مما كان في يده وأعطى أولاد مولاه وزوجته ما أرضاهم به٬ وبقيت بيده بقية
جعلها رأس ماله٬ وسافر بها وجعل بعض تجارته كتباً.
وكان متعصباً على علي بن أبي طالب٬ رضي الله عنه٬ وكان قد طالع شيئاً من كتب الخوارج٬
فاشتبك في ذهنه منه طرف قوي٬ وتوجه إلى دمشق في سنة ثلاث عشرة وستمائة وقعد في بعض
أسواقها٬ وناظر بعض من يتعصب لعلي رضي الله عنه٬ وجرى بينهما كلام أدى إلى ذكره علياً٬
رضي الله عنه٬ بما لا يسوغ٬ فثار الناس عليه ثورة كادوا يقتلونه٬ فسلم منهم٬ وخرج من دمشق
منهزماً بعد أن بلغت القضية إلى والي البلد٬ فطلبه فلم يقدر عليه٬ ووصل إلى حلب خائفاً يترقب٬
وخرج عنها في العشر الأول أو الثاني من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة وستمائة٬ وتوصل إلى
الموصل. ثم انتقل إلى إربل وسلك منها إلى خراسان وتحامى دخول بغداد٬ لأن المناظر له بدمش
كان بغدادياً٬ وخشي أن ينقل قوله فيقتل فلما انتهى أمره إلى خراسان أقام بها يتجر في بلادها٬
واستوطن مدينة مرو مدة٬ وخرج عنها إلى أن نسا ومضى إلى خوارزم٬ وصادفه وهو بخوارزم
خروج التتر٬ وذلك في سنة ست عشرة وستمائة٬ فانهزم بنفسه كبعثه يوم الحشر من رمسه٬ وقاسى
في طريقه من المضايقة والتعب ما كان يكل عن شرحه إذا ذكره٬ ووصل إلى الموصل وقد تقطعت
به الأسباب٬ وأعوزه دنيء المأكل وخشن الثياب٬ أقام بالموصل مدة مديدة٬ ثم انتقل إلى سنجار
وارتحل منها إلى حلب٬ وأقام بظاهرها في الخان٬ إلى أن مات في التاريخ الآتي ذكره إن شاء الله
تعالى.
ونقلت من " تاريخ إربل " الذي عني بجمعه أبو البركات ابن المستوفي ­ المقدم ذكره ­ أن ياقوتاً
المذكور قدم إربل في رجب سنة سبع عشرة وستمائة٬ وكان مقيماً بخوارزم٬ وفارقها للواقعة التي
جري فيها بين التتر والسلطان محمد بن تكش خوارزم شاه.
وكان قد تتبع التواريخ٬ وصنف كتاباً سماه " إرشاد الألباء إلى معرفة الأدباء " يدخل في أربعة جلود
كبار٬ ذكر في أوله قال: " وجمعت في هذا الكتاب ما وقع إلي من أخبار النحويين واللغويين
والنسابين والقراء المشهورين٬ والأخباريين والمؤرخين والوراقين العروفين والكتاب المشهورين
وأصحاب الرسائل المدونة٬ وأرباب الخطوط المنسوبة المعينة٬ وكل من صنف في الأدب تصنيفاً أو
جمع فيه تأليفاً٬ مع إيثار الاختصار والإعجاز في نهاية الإيجاز٬ ولم آل جهداً في إثبات الوفيات٬
وتبيين المواليد والأوقات٬ وذكر تصانيفهم ومستحسن أخبارهم٬ والإخبار بأنسابهم وشيء من
أشعارهم٬ في تردادي إلى البلاد ومخالطتي للعباد٬ وحفت الأسانيد إلا ما قل رجاله وقرب مناله٬ مع
الاستطاعة إثباتها سماعاً وإجازة٬ إلا أنني قصدت صغر الحجم وكبر النفع٬ وأثبت مواضع نقلي
ومواطن أخذي من كتب العلماء المعول في هذا الشأن عليهم٬ والرجوع في صحة النقل إليهم ".
ثم ذكر أنه جمع كتاباً في أخبار الشعراء المتأخرين والقدماء. ومن تصانيفه أيضاً كتاب " معجم
البلدان "٬ وكتاب "معجم الشعراء "٬ وكتاب " معجم الأدباء "٬ وكتاب " المشترك وضعاً المختلف
صقعاً " وهو من الكتب النافعة٬ وكتاب " المبدأ والمآل " في التاريخ٬ وكتاب " الدول " و" مجموع
كلام أبي علي الفارسي " و" عنوان كتاب الأغاني "٬ و" المقتضب في النسب " يذكر فيه أنساب
العرب٬ وكتاب " أخبار المتنبي ".
وذكر القاضي الأكرم جمال الدين أبو الحسن علي بن يوسف بن إبراهيم بن عبد الواحد الشيباني
القفطي٬ وزير صاحب حلب كان رحمه الله تعالى٬ في كتابه الذي سماه " إنباه الرواة على أنباه النحاة
" أن ياقوتاً المذكور كتب إليه رسالة من الموصل إليها هارباً من التتر٬ يصف فيها حاله وما جرى له
معهم٬ وهي بعد البسملة والحمدلة: " كان المملوك ياقوت بن عبد الله الحموي قد كتب هذه الرسالة
من الموصل في سنة سبع عشرة وستمائة٬ وحين وصوله من خوارزم طريد التتر٬ أبادهم الله تعالى٬
إلى حضرة مالك رقه الوزير جمال الدين القاضي الأكرم أبي الحسن علي بن يوسف بن إبراهيم بن
عبد الواحد الشيباني٬ ثم التيمي تيم بني شيبان بن ثعلبة بن عكابة٬ أسبغ الله عليه ظله٬ وأعلى في
درج السيادة محله٬ وهو يومئذ وزير صاحب حلب والعواصم٬ شرحاً لأحوال خراسان وأحواله٬
وإيماء إلى بدء أمره بعد ما فارقه ومآله٬ وأحجم عن عرضها على رأيه الشريف إعظاماً وتهيباً٬
وفراراً من قصورها عن طوله وتجنباً٬ إلى أن وقف عليها جماعة من منتحلي النظم والنثر٬ فوجدهم
مسارعين إلى كتبها٬ متهافتين على نقلها٬ وما يشك أن محاسن مالك الرق حلتها٬ وفي أعلى درج
الإحسان أحلتها٬ فشجعه ذلك على عرضها على مولاه٬ وللآراء علوها في تصفحها٬ والصفح عن
زللها٬ فليس كل من لمس درهماً صيرفياً٬ ولا كل من اقتنى داراً جوهرياً. وها هي ذه: " بسم الله
الرحمن الرحيم٬ أدام الله على العلم وأهليه٬ والإسلام وبني٬ ما سوغهم وحباهم٬ ومنحهم وأعطاهم٬
من سبوغ ظل المولى الوزير٬ أعز الله أنصاره٬ وضاعف مجده واقتداره٬ ونصر ألويته وأعلامه٬
وأجرى بإجراء الأرزاق في الآفاق أقلامه٬ وأطال بقاه٬ ورفع إلى عليين علاه٬ في نعمة لا يبلى
جديدها٬ ولا يحصى عددها ولا عديدها٬ ولا ينتهي إلى غاية مديدها٬ ولا يفل حدها ولا حديدها٬ ولا
يقل وادها ولا وديدها٬ وأدام دولته للدنيا والدين يلم شعثه٬ ويهزم كرثه٬ ويرفع مناره٬ ويحسن بحسن
أثره آثاره٬ ويفتق نوره وأزهاره٬ وينير نواره٬ ويضاعف أنواره٬ وأسبغ ظله للعلوم وأهليها٬
والآداب ومنتحليها٬ والفضائل وحامليها٬ يشيد بمشيد فضله بنيانها٬ ويرصع بناصع مجده تيجانها٬
ويروض بيانع علأئه زمانها٬ ويعظم بعلو همته الشريفة بين البرية شأنها٬ ويمكن في أعلى درج
الاستحقاق إمكانها ومكانها٬ ويرفع بنفاذ الأمر قدره للدول الإسلامية والقواعد الدينية٬ يسوس
قواعدها٬ ويعز مساعدها٬ ويهين معاندها٬ ويعضد بحسن الإيالة معاضدها٬ وينهج بجميل المقاصد
مقاصدها٬ حتى تعود بحسن تدبيره غرة في جبهة الزمان٬ وسنة يقتدي بها من طبع على العدل
والإحسان٬ يكون له أجرها ما دام الملوان وكر الجديدان٬ وما أشرقت من الشرق شمس٬ وارتاحت
إلى مناجاة حضرته الباهرة نفس ".
وبعد٬ فالمملوك ينهي إلى المقر العالي المولوي٬ والمحل الأكرم العلي ­ أدام الله سعادته مشرقة النور
مبلغة السول٬ واضحة الغرر بادية الحجول ­ ما هو مكتف بالأريحية المولوية عن تبيانه٬ مستغن بما
منحتها من صفاء الآراء عن إمضاء قلمه لإيضاحه وبيانه٬ قد أحسبه ما وصف به عليه الصلاة
والسلام المؤمنين٬ وإن من أمتي لمكلمين٬ وهو شرح ما يعتقده من الولاء٬ ويفتخر به من التعبد
للحضرة الشريفة والاعتزاء٬ قد كفته الألمعية٬ عن إظهار المشتبه بالملق مما تجنه الطوية٬ لأن
دلائل غلو المملوك في دين ولائه في الآفاق واضحة٬ وطبعة سكة إخلاص الوداد باسمه الكريم على
صفحات الدهر لائحة٬ وإيمانه بشرائع الفضل الذي طبق الآفاق حتى أصبح بها بناء المكارم متين٬
وتلاوته لأحاديث المجد القريبة الأسانيد بالمشاهدة لديه مبين٬ ودعاء أهل الآفاق إلى المغالاة في
الإيمان بإمامة فضله الذي تلقاه باليمين٬ وتصديقه بملة سؤدده الذي تفرد بالتوخي لنظم شارده وضم
ويقتصر بقصدها على ذوي القدرة دون المعتر وابن السبيل٬ فإن لكل منهم حظاً يستمده٬ ونصيباً متبدده بعرق الجبين٬ حتى لقد أصبح للفضل كعبة لم يفترض حجها على من استطاع إليها السبيل٬
يستعد به ويعتده٬ فللعظماء الشرف الضخم من معينه٬ وللعلماء اقتناء الفضائل من قطينه٬ وللفقراء
توقيع الأمان من نوائب الدهر وغض جفونه٬ وفرضوا من مناسكه للجبهة الشريفة السلام والتبجيل٬
وللكف البسيطة الاستلام والتقبيل٬ وقد شهد الله تعالى للمملوك أنه في سفره وحضره٬ وسره وعلنه
وخبره ومخبره٬ شعاره تعطير مجالس الفضلاء٬ ومحافل العلماء بفوائد حضرته٬ والفضائل
المستفادة من فضلته٬ افتخاراً بذلك بين الأنام٬ وتطريزاً لما يأتي به في أثناء الكلام:
إذا أنا شرفت الورى بقصـائدي على طمٍع شرفت شعري بذكره
(يمنون عليك أن أسلموا٬ قل لا تمنوا علي إسلامكم٬ بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم
صادقين) لا حرمنا الله معاشر أوليائه مواد فضائله المتتالية٬ ولا أخلانا كافة عبيده من أياديه
المتوالية٬ اللهم رب الأرض المدحية٬ والسموات العلية٬ والبحار المسجرة٬ والرياح المسخرة٬ 
اسمع
 ندائي٬ واستجب دعائي٬ وبلغنا في معاليه٬ ما نؤمله ونرتجيه٬ بمحمد النبي وصحبه وذويه.
وقد كان المملوك لما فارق الجناب الشريف٬ وانفصل عن مقر العز اللباب والفضل المنيف٬ أراد
استعتاب الدهر الكالح٬ واستدرار خلف الزمن الغشوم الجامح٬ اغتراراً بأن الحركة بركة٬
والاغتراب داعية الاكتساب٬ والمقام على الإقتار ذل وإسقام٬ وجلس البيت٬ في المحافل سكيت:
وقفت وقوف الشك ثم استمـر بـي يقيني بأن الموت خير من الفـقـر
فودعت من أهلي وبالقلـب مـا بـه وسرت عن الأوطان في طلب اليسر
وباكية للبين قلت لـهـا اصـبـري فللموت خير من حياة على عـسـر
سأكسب مـالاً أو أمـوت بـبـلـدٍة يقل بها فيض الدموع على قـبـري
فامتطى غارب الأمل إلى الغربة٬ وركب مركب التطواف مع كل صحبة٬ قاطعاً الأغوار والأنجاد٬
حتى بلغ السد أو كاد٬ فلم يصحب له دهره الحرون٬ ولا رق له زمانه المفتون:
إن الليالي والأيام لو سـئلـت عن عيب أنفسها لم تكتم الخبرا
فكأنه في جفن الدهر قذى٬ أو في حلقه شجاً٬ يدافعه نيل الأمنية٬ حتى أسلمه إلى ربقة المنية:
لا يستقر بأرٍض أو يسـير إلـى أخرى بشخٍص قريب عزمه نائي
يوماً بحزوى ويوماً بالعقـيق ويو ماً بالعذيب ويوماً بالخـلـيصـاء
وتارة ينـتـحـي نـجـداً وآونة شعب الحزون قصـر تـيمـاء
وهيهات مع حرفة الأدب٬ بلوغ وطر أو إدراك أرب٬ ومع عبوس الحظ٬ ابتسام الدهر الفظ ولم أزل
ويزجيها٬ ويعلل المعيشة ويرجيها٬ متقنعا بالقناعة والعفاف٬ مشتملاً بالنزاهة والكفاف٬ غير راض مع الزمان في تفنيد وعتاب٬ حتى رضيت من الغنيمة بالإياب٬ والمملوك مع ذلك يدافع الأيام
بذلك السمل٬ ولكن مكره أخاك لا بطل٬ متسلياً بإخوان قد ارتضى خلائقهم٬ وأمن بوائقهم٬ عاشرهم
بالألطاف٬ ورضي منهم بالكفاف٬ لا خيرهم يرتجى٬ ولا شرهم يتقى:
إن كان لابد من أهل ومن وطن فحيث آمن من ألقى ويأمننـي
قد زم نفسه أن يستعمل طرفاً طماحاً٬ وأن يركب طرفاً جماحاً وأن يلحف بيض طمع جناحاً٬ وأن
يستقدح زنداً وارياً أو شحاحاً:
وأدبني الزمان فلا أبـالـي هجرت فلا أزار ولا أزور
ولست بقائل ما عشت يومـاً أسار الجند أم رحل الأمير
وكان المقام بمرو الشاهجان٬ المفسر عندهم بنفس السلطان٬ فوجد بها من كتب العلوم والآداب٬
وصحائف أولى الأفهام والألباب٬ ما شغله عن الأهل والوطن٬ وأذهله عن كل خل صفي وسكن٬
فظفر منها بضالته المنشودة٬ وبغية نفسه المفقودة٬ فأقبل عليها إقبال النهم الحريص٬ وقابلها بمقام لا
مزمع عنها ولا محيص٬ فجعل يرتع في حدائقها٬ ويستمتع بحسن خلقها وخلائقها٬ ويسرح طرفه في
طرفها٬ ويتلذذ بمبسوطها ونتفها٬ واعتقد المقام بذاك الجناب٬ إلى أن يجاور التراب:
إذا ما الدهر بيتني بجـيٍش طليعته اغتمام واغتـراب
شننت عليه من جهتي كميناً أميراه الذبالة والكـتـاب
وبت أنص من شيم الليالـي عجائب من حقائقها ارتياب
بها أجلو همومي مستريحاً كما جلى همومهم الشراب
إلى أن حدث بخراسان ما حدث من الخراب٬ والويل المبير والتباب٬ وكانت لعمر الله بلاداً مونقة
الرجاء٬ رائقة الأنحاء٬ ذات رياض أريضة٬ وأهوية صحيحة مريضة٬ قد تغنت أطيارها٬ فتمايلت
طرباً أشجارها٬ وبكت أنهارها٬ فتضاحكت أزهارها٬ وطاب روح نسيمها٬ فصح مزاج إقليمها٬

ولعهدي بتلك الرياض الأنيقة٬ والأشجار المتهدلة الوريقة٬ وقد ساقت إليها أرواح الجنائب٬ زقاق
خمر السحائب٬ فسقت مروجها مدام الطل٬ فنشأ على أزهارها حباب كاللؤلؤ المنحل٬ فلما رويت من
تلك الصهباء أشجاره٬ رنحها من النسيم خماره٬ فتدانت ولا تداني المحبين٬ وتعانقت ولا عناق
العاشقين٬ يلوح من خلالها شقائق قد شابه اشتقاق الهوى بالعليل٬ فشابه شفتى غادتين دنتا للتقبيل٬
وربما اشتبه على التحرير بائتلاف الخمر٬ وقد انتابه رشاش القطر٬ ويريه بهاراً يبهر ناضره٬
فيرتاح إليه ناظره٬ كأنه صنوج من العسجد٬ أو دنانير من الإبريز تنقد٬ ويتخلل ذلك أقحوان تخاله
ثغر المعشوق إذا عض خد عاشق٬ فلله درها من نزهة رامق ولون وامق٬ وجملة أمرها أنها كانت
أنوذج الجنة بلا مين٬ فيها ما تشتهي النفس وتلذ العين قد اشتملت عليها المكارم٬ وارجحنت في
أرجائها الخيرات الفائضة للعالم٬ فكم فيها من حبٍر راقت حبره٬ ومن إمام توجت حياة الإسلام سيره٬
آثار علومهم على صفحات الدهر مكتوبة٬ وفضائلهم في محاسن الدنيا والدين محسوبة٬ وإلى كل
قطرة مجلوبة٬ فما من متين علم وقويم رأي إلا ومن شرقهم مطلعه٬ ولا من مغربة فضل إلا وعندهم
مغربه وإليهم منزعه٬ وما نشأ من كرم أخلاق بلا اختلاق إلا وجدته فيهم٬ ولا أعراق في طيب
أعراق إلا اجتليته من معانيهم٬ أطفالهم رجال٬ وشبابهم أبطال٬ مشايخهم أبدال٬ شواهد مناقبهم
باهرة٬ ودلائل مجدهم ظاهرة٬ ومن العجب العجاب أن سلطانهم المالك٬ هان عليه ترك تلك الممالك٬
وقال لتفسه الهوى لك٬ وإلا فأنت في الهوالك٬ وأجفل إجفال الرال٬ وطفق إذا رأى غير شيء ظنه
رجلاً بل رجال (كم تركوا من جناٍت وعيون وزروٍع ومقاٍم كريم ونعمة كانوا فيها فاكهين) لكنه عز
وجل لم يورثها قوماً آخرين٬ تنزيهاً لأولئك الأبرار عن مقام المجرمين٬ بل ابتلاهم فوجدهم شاكرين٬
وبلاهم فألفاهم صابرين٬ فألحقهم بالشهداء الأبرار٬ ورفعهم إلى درجات المصطفين الأخبار (وعسى
أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم٬ وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم٬ والله يعلم وأنتم لا تعلمون)
البقرة: فجاس خلال تلك الديار أهل الكفر والإلحاد٬ وتحكم في تلك الأبشار أولو الزيغ والعناد٬
فأصبحت تلك القصور٬ كالممحو من السطور٬ وأمست تلك الأوطان مأوى الأصداء والغربان٬
تتجاوب في نواحيها البوم٬ وتتناوح في أراجيها الريح السموم٬ ويستوحش فيها الأنيس٬ ويرثي
لمصابها إبليس:
كأن لم يكن فيها أوانس كالـدمـى وأقيال ملك في بسالتـهـم أسـد
فمن حاتم في وجوده وابـن مـامة ومن أحنف إن عد حلم ومن سعد
تداعى بهم صرف الزمان فأصبحوا لنا عبرة تدم الحشا ولمـن بـعـد
فإنا 㫸Ȁ وإنا إليه راجعون من حادثة تقصم الظهر٬ وتهدم العمر٬ وتفت في العضد٬ وتوهي الجلد٬
وتضاعف الكمد٬ وتشيب الوليد٬ وتنخب لب الجليد٬ وتسود القلب٬ وتذهل اللب٬ فحينئذ تقهقر
المملوك على عقبه٬ ناكساً٬ ومن الأوبة إلى حيث تستقر في النفس بالأمن آيساً٬ بقلب واجب٬ ودمع
ساكب٬ ولب عازب٬ وحلم غائب٬ وتوصل وما كاد حتى استقر بالموصل بعد مقاساة أخطار٬ وابتلاء
واصطبار٬ وتمحيص الأوزار٬ وإشراف غير مرة على البوار والتبار٬ لأنه مر بين سيوف مسلولة٬
وعساكر مفلولة٬ ونظام عقود محلولة٬ ودماء مسكوبة مطلولة٬ وكان شعاره كلما علا قتبا٬ أو قطع
سبسباً (لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا) الكهف: فالحمد 㫸Ȁ الذي أقدرنا على الحمد٬ وأولانا نعماً تفوت
الحصر والعد٬ وجملة الأمر أنه لولا فسحة في الأجل٬ لعز أن يقال سلم البائس أو وصل٬ ولصفق
عليه أهل الوداد صفقة المغبون٬ وألحق بألف ألف ألف ألف ألف هالك بأيدي الكفار أو يزيدون٬
وخلف خلفه جل ذخيرته٬ ومستمد معيشته:
تنكر لي دهري ولم يدر أنـنـي أعز وأحداث الزمـان تـهـون
وبات يريني الخطب كيف اعتداؤه وبت أريه الصبر كـيف يكـون
وبعد٬ فليس للملوك ما يسلي به خاطره٬ ويعزي به قلبه وناظره٬ إلا التعلل بإزاحة العلل٬ إذا هو
بالحضرة الشريفة مثل:
فاسلم ودم وتمل العيش فـي دعة ففي بقائك ما يسلي عن السلـف
فأنت للمجد روح والورى جسـد وأنت در فلا تأسى على الصدف
والمملوك الآن بالموصل مقيم٬ يعالج لما حزبه من هذا الأمر المقعد المقيم٬ يزجي وقته٬ ويمارس

حرفته٬ وبخته يكاد يقول له باللسان القويم (تاᔀ إنك لفي ضلالك القديم)(يوسفSmile يذيب نفسه في
تحصيل أغراض٬ هي لعمر الله أعراض٬ من صحف يكتبها٬ وأوراق يستصحبها٬ نصبه فيها طويل٬
واستمتاعه بها قليل٬ ثم الرحيل٬ وقد عزم بعد قضاء نهمته٬ وبلوغ بعض وطر قرونته٬ أن يستمد
التوفيق٬ ويركب سنن الطريق٬ عساه أن يبلغ أمنيته٬ من المثول بالحضرة٬ وإتحاف بصره من
خلالها ولو بنظرة٬ ويلقى عصا الترحال بفنائها الفسيح٬ ويقيم تحت ظل كنفها إلى أن يصادفه الأجل
المريح٬ وينظم نفسه في سلك مماليكها بحضرتها٬ كما ينتمي إليها في غيبتها٬ إن مدت السعادة
بضبعه٬ وسمح له الدهر بعد الخفض برفعه٬ فقد ضعفت قواه عن درك الآمال٬ وعجز عن معاركة
الزمان والنزال٬ إذ ضمت البسيطة إخوانه٬ وحجب الجديدان أقرانه٬ ونزل المشيب بعذاره٬ وضعفت
منة أوطاره٬ وانقض باز على غراب شبابه فقنصه٬ وأكب نهار الحلم على ليل الجهل فوقصه٬
وتبدلت محاسنه عند أحبابه مساوي وخصصه٬ واستعاض من حلة الشباب القشيب٬ خلق الكبر
والمشيب:
وشباب بان مني وانقضى قبل أن أقضي منه أربي
ما أرجى بعده إلا الـفـن ضيق الشيب علي مطلبي
ولقد ندب المملوك أيام الشباب بهذه الأبيات٬ وما أقل غناء الباكي على من عد في الرفات:
تنكر لي مذ شبت دهري وأصبحت معارفه عندي من الـنـكـرات
إذا ذكرتها النفس حنت صـبـابةً وجادت شؤون العين بالعـبـرات
إلى أن أتى دهر يحسن ما مضى ويوسعني تـذكـاره حـسـرات
فكيف ولم يبق من كاس مشربـي سوى جرع في قعـره كـدرات
وكل إناء صفـوه فـي ابـتـدائه وفي القعر مزجاً حمـأٍة وقـذاة
والمملوك يتيقن أنه لا ينفق هذا الهذر الذي مضى٬ إلا النظر إليه بعين الرضا٬ ولرأي المولى الوزير
الصاحب٬ كهف الورى في المشارق والمغارب٬ فيما يلاحظه منه بعادة مجده٬ مزيد مناقب ومراتب٬
والسلام.
ولقد طالت هذه الترجمة بسبب طول الرسالة٬ ولم يمكن قطعها.
وقال صاحبنا الكمال بن الشعار الموصلي في كتاب " عقود الجمان ": أنشدني أبو عبد الله محمد بن
محمود المعروف بابن النجار البغدادي صاحب " تاريخ بغداد " قال: أنشدني ياقوت المذكور لنفسه
في غلاٍم تركي قد رمدت عينه وعليها وقاية سوداء:
ومولٍد للترك تحسب وجهـه بدراً يضيء سناه بالإشـراق
أرخى على عينيه فضل وقاية ليرد فتنتها عن الـعـشـاق
تاᔀ لو أن السوابغ دونـهـا نفذت فهل لوقايٍة مـن واق
وكانت ولادة ياقوت المذكور في سنة أربع أو خمس وسبعين وخمسمائة٬ ببلاد الروم٬ هكذا قاله.
وتوفي يوم الأحد العشرين من شهر رمضان سنة ست وعشرين وستمائة٬ في الخان بظاهر مدينة
حلب٬ حسبما قدمنا ذكره في أول الترجمة٬ رحمه الله تعالى.
وكان قد وقف كتبه على مسجد الزيدي الذي بدرب دينار ببغداد٬ وسلمها إلى الشيخ عز الدين أبي
الحسن علي بن الأثير صاحب التاريخ الكبير٬ فحملها إلى هناك. ولما تميز ياقوت المذكور واشتهر
سمى نفسه " يعقوب ".
وقدمت حلب للاشتغال بها في مستهل ذي القعدة سنة وفاته٬ ذلك عقيب موته والناس يثنون عليه
ويذكرون فضله وأدبه. ولم يقد لي الاجتماع به)).
المراجع: وفيات الأعيان لابن خلكان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69641
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

علماء وفلاسفه ورحالة Empty
مُساهمةموضوع: رد: علماء وفلاسفه ورحالة   علماء وفلاسفه ورحالة Emptyالجمعة 06 نوفمبر 2015, 8:39 am

سـديد الّديـن بن رقيقـة
م1168­1237
سديد الّدين هو أبو الثناء محمود بن عمر بن محمد بن إبراهيم بن شجاع الّشيباني الجاني٬ ويُعَرف
بابن رقيقة.
كانت له معرفة كبيرة بصناعة الكحل والجراح وفي مداواة أمراض العين. وقدح أيًضا الماء النّازل
في العين. وكان المقدح الذي يعالج فيهُمجّوفًا وله عطفة ليتمّكن في وقت القدح من امتصاص الماء.
وصل ابن رقيقة إلى دمشق سنة 1234 والتحق بالبيمارستان (الُمستشفى) الكبير النّوري.
كان ابن رقيقة شاعًراُمجيًدا إلى جانب كونه طبيبًا ناجًحا.
قال عنه ابن سينا في كتابه "القانون في الطب" ((سديد الدين بن رقيقة هو أبو الثناء محمود بن
عمر بن محمد بن إبراهيم بن شجاع الشيباني الحانوي ويعرف بابن رقيقة. وقد جمع من صناعة
الطب ما تفرق من أقوال المتقدمين٬ وتميز على سائر نظرائه وأضرابه من الحكماء والمتطببين.
وأخبرني سديد الدين بن رقيقة أن مولده في سنة أربع وستين وخمسمائة بمدينة حيني ونشأ بها.
ولسديد الدين بن رقيقة من الكتب؛ كتاب لطف السائل وتحف المسائل٬ نظم فيه مسائل حنين. كليات
القانون لابن سينا رجزاً. كتاب موضحة الاشتباه في أدوية الباه. كتاب الفريدة الشاهية٬ والقصيدة
الباهية. كتاب قانون الحكماء وفردوس الندماء. كتاب الغرض المطلوب في تدبير المأكول
والمشروب. مقالة مسائل وأجوبتها في الحميات. أرجوزة في الفصد)).
قال عنه ابن ابن أبي أصيبعة في "عيون الأنباء في طبقات الأطباء" : هو أبو الثناء محمود بن عمر
بن محمد بن إبراهيم بن شجاع الشيباني الحانوي ويعرف بابن رقيقة ذو النفس الفاضلة والمروءة
الكاملة٬ وقد جمع من صناعة الطب ما تفرق من أقوال المتقدمين٬ وتميز على سائر نظرائه
وأضرابه من الحكماء والمتطببين٬ هذا مع ما هو عليه من الفطرة الفائقة٬ والألفاظ الرائقه٬ والنظم
البليغ٬ والشعر البديع وكثيراً ما له من الأبيات الأمثالية٬ والفقر الحكمية٬ وأما الرجز فإنني ما رأيت
في وقته من الأطباء أحداً أسرع عملاً له منه٬ حتى إنه كان يأخذ أي كتاب شاء من الكتب الطبية
وينظمه رجزاً في أسرع وقت مع استيفائه للمعاني ومراعاته لحسن اللفظ٬ ولازم الشيخ فخر الدين
محمد بن عبد السلام المارديني وصحبه كثيراً واشتغل عليه بصناعة الطب وبغيرها من العلوم
الحكمية٬ وكان لسديد الدين بن رقيقة أيضاً معرفة بصناعة الكحل والجراح٬ وحاول كثيراً من أعمال
الحديد في مداواة أمراض العين٬ وقدح أيضاً الماء النازل في العين الجماعة٬ وأنجب قدحه
وأبصروا٬ وكان المقدح الذي يعانيه مجوفاً وله عطفة ليتمكن في وقت القدح من امتصاص الماء٬
ويكون العلاج به أبلغ.
وكان قد اشتغل أيضاً بعلم النجوم٬ ونظر في حيل بني موسى٬ وعمل منها أشياء مستطرفة٬ وكان
فاضلاً في النحو واللغة٬ وله أيضاً أخ فاضل يقال له معين الدين٬ أوحد زمانه في العربية وهي فنه
وله شعر كثير٬ سمع سديد الدين بن رقيقة أيضاً شيئاً من الحديث٬ ومن ذلك حدثني سديد الدين
محمود بن عمر بن محمد الطبيب الحانوي سماعاً من لفظه قال حدثني الإمام الفاضل فخر الدين
محمد بن عبد السلام المقدسي٬ ثم المارديني٬ قال حدثنا الشيخ أبو منصور موهوب بن أحمد بن
محمد الخضر الجواليقي٬ قال أخبرنا أبو زكريا يحيى بن علي الخطيب التبريزي٬ قال حدثنا أبو
القاسم علي بن عبيدَّالله الرقي٬ قال حدثني الرئيس أبو الحسن علي بن أحمد البتي٬ قال حدثني أبو
بكر محمد عبدَّالله الشافعي٬ قال حدثنا القاضي أبو إسحاق إسماعيل بن إسحاق٬ قال حدثنا إسماعيل
بن أبي أويس٬ عن هشام بن عروة٬ عن أبيه٬ عن عائشة رضيَّالله عنها قالت جاء أعرابي إلى
النبي صل الله عليه وسلم فقال أتيناك يا رسولّالله ولم يبق لنا جمل يئط٬ ولا صبي يصطبح٬ ثم
أنشده
أتيناك والعذراء تدمـى لـثـاتـهـا وقد شغلت أم الصبي عن الطـفـل
وألقى بكفيه الفـتـى لاسـتـكـانة من الجوع هوناً ما يمر وما يحلـي
ولا شيء مما يأكل الناس عـنـدنـا سوى العلهز العامي والحنظل الفسل
ولـيس لـنـا إلا إلـيك فـرارنـا وأين فرار الناس إلا إلى الـرسـل
قال الرقي العلهز الوبر يعالج بدم الحلم٬ والحلم القراد إذا كبر ويؤكل في الجدب ويروى والعنقر
بضم القاف وفتحها وهو أصل البردي فهذان صحيحان.
وأثنى عليه٬ ثم رفع نحو السماء يديه ثم قال اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً مريئاً مريعاً٬ سحاً سجالاً٬ غدقاً ويروى العقهر وهو تصحيف مردود٬ فقام صل الله عليه وسلم يجر رداءه حتى رقي المنبر فحمدّالله
طبقاً٬ ديماً عاجلاً غير رائث نافعاً غير ضار٬ تنبت به الزرع وتملأ به الضرع٬ وتحيي به الأرض
بعد موتها٬ فوّالله ما رد رسولّالله صل الله عليه وسلم يده إلى نحره حتى التقت السماء بأرواقها٬
وجاءه أهل البطانة يضجون يا رسولّالله الغرق الغرق٬ فأومأ بطرفه إلى السماء وضحك حتى بدت
نواجذه٬ ثم قال اللهم حوالينا ولا علينا فانجاب السحاب عن المدينة حتى أحدق بها كالإكليل ثم قالّ䲹Ā
ُدر أبي طالب لو كان حياً قرت عيناه٬ من ينشدنا قوله فقال علي عليه السلام يا رسولّالله لعلك أردت
وأبيض يستسقي الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل
تطوف به الهلاك من آل هاشم فهم عنده في نعمة وفواضل
كذبتم وبيتّالله رب محـمـد ولما نقاتل دونه ونـنـاضـل
ولا نسلمه حتى نصرع حولـه ونذهل عن أبنائنا والحـلائل
فقال رسولَّالله صل الله عليه وسلم أجل٬ ثم قام رجل من كنانة فأنشده
لك الحمد والحمد ممن شكر سقينا بوجه النبي المطر
دعاَّالله خالقه دعوة إليه وأشخص منه البصر
فمـا كـان إلا كـمـا سـاعة وأسرع حتـى رأينـا الـذرر
دفـاق الـعـزالـى٬ وجــم البعاق أغاث بهّاللهَعليا مضر
فكـان كـمـا قـال عـمـه أبو طـالـب ذا رواء غـرر
به يّسـر الـلّـه صـــوب الغمام فهذا العيان لذاك الأثـر
فمن يشكرّالله يلقى الـمـزيد ومن يكفرّالله يلقى الـغـير
فقال رسولَّالله صل الله عليه وسلم اجلس إن يك شاعراً أحسن فقد أحسنت٬ وأخبرني سديد الدين بن

رقيقة أن مولده في سنة أربع وستين وخمسمائة بمدينة حيني ونشأ بها٬ ولما كان فخر الدين
المارديني بمدينة حيني٬ وصاحبها نور الدين بن جمال الدين بن أرتق كان قد عرض لنور الدين
مرض في عينيه فداواه الشيخ فخر الدين مدة أيام٬ ثم عزم على السفر وأشار على نور الدين بن أرتق
بأن يداويه سديد الدين بن رقيقة فعالجه سريعاً٬ وبرأ برءاً تاماً وأطلق له جامكية وجراية في صناعة
الطب٬ وقال لي سديد الدين أن عمره يومئذ كان دون العشرين سنة٬ واستمر في خدمته٬ ثم خدم بعد
ذلك الملك المنصور محمد صاحب حماه ابن تقي الدين عمر وبقي معه مدة ثم سافر إلى خلاط وكان
صاحبها في ذلك الوقت الملك الأوحد نجم الدين أيوب بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب٬ وخدم
صلاح الدين بن ياغيسان وكان هذا صلاح الدين قد تزوج الملك الأوحد ابن الملك العادل بأخته٬
وكان سديد الدين بن رقيقة يتردد إلى خدمتها أيضاً٬ وكانت كثيرة الإحسان إليه٬ وأقام بخلاط مدة إلى
أن توفي الملك الأوحد في ملازكرد بعلة ذات الجنب٬ وذلك في يوم السبت ثامن عشر ربيع الأول
سنة تسع وستمائة٬٬ وكان يعالجه هو وصدقة السامري٬ وخدم أيضاً بعد ذلك الملك الأشرف أبا الفتح
موسى ابن الملك العادل٬ وأقام بميافارقين سنين كثيرة٬ ولما كان في ثالث جمادى الآخرة سنة اثنتين
وثلاثين وستمائة٬ وصل سديد الدين بن رقيقة إلى دمشق إلى السلطان الملك الأشرف فأكرمه
واحترمه٬ وأمر بأن يتردد إلى الدور السلطانية بالقلعة٬ وأن يواظب أيضاً معالجة المرضى
بالبيمارستان الكبير الذي أنشأه الملك العادل نور الدين بن زنكي٬ وأطلق له جامكية وجراية.
وكان لي أيضاً في ذلك الوقت مقرر جامكية وجراية لمعالجة المرضى في هذا البيمارستان٬
وتصاحبنا مدة فوجدت من كمال مروءته٬ وشرف أرومته٬ وغزارة علمه٬ وحسن تأتيه في معرفة
الأمراض ومداواتها٬ ما يفوق الوصف٬ لم يزل بدمشق وهو يشتغل بصناعة الطب إلى أن توفي
رحمهَّالله في سنة خمس وثلاثين وستمائة٬ وكنت أنا قد انتقلت إلى صرخد في خدمة صاحبها الأمير
عز الدين المعظمي في شهر ربيع الأول سنة أربع وثلاثين وستمائة.
ومن شعر سديد الدين بن رقيقة٬ وهو مما أنشدني لنفسه فمن ذلك قال
يا ملـبـسـي بـالـنـطـق ثـوب كرامة ومكملي جواد به ومقـومـي
خذنـي إذا أجـلـي تـنـاهـــى وانقضى عمري على خط إليك مقوم
واكشف بلطفك يا إلهـي غـمـتـي واجل الصدا عن نفس عبدك وارحـم
فعساي من بعد المهـانة أكـتـسـي حلل المهابة في المـحـل الأكـرم
وأبوء بالفردوس بـعـد إقـامـتـي في منزل بادي السمـاجة مـظـلـم
فقـد اجـتـويت ثـواي فـيه ومـن تكن دار الغرور له مـحـلاً يسـأم
دار يغادر بـؤسـهـا وشـقـاءهـا من حلـهـا وكـأنـه لـم ينـعـم
ويديل صـافـي عـيشـه وحـياتـه كدراً فلا تجنـح إلـيهـا تـسـلـم
فبك المعاذ إلـهـنـا مـن شـرهـا وبك الملاذ من الغواية فـاعـصـم
وعليك متكلـي وعـفـوك لـم يزل قصدي فوا خسراه إن لـم تـرحـم
يا نفس جدي وأدأبي وتـمـسـكـي بعرى الهدى وعرى الموانع فافصمي
لا تهملي يا نـفـس ذاتـك إن فـي نسيانها نسيان ربـك فـاعـلـمـي
وعلـيك بـالـتـفـكـير فـي آلائه لتبـّوئي جـنـاتـه وتـنـعـمـي
وتيمـمـي نـهـج الـهـداية إنـه منج وعن لقم الضلالة أحـجـمـي
لا ترتضي الدنيا الـدنـية مـوطـنـاً تعلي على رتب السواري الأنـجـم
وتعايني ما لا رأت عين ولا أذن وعت فإليه جدي تغنمي
وتشاهدي ما ليس يدرك كنهه بالفكر أو يتوهم المتـوهـم
وأنشدني أيضاً لنفسه
لا يغرنك من زمانك بشره فالبشر منه لا محالة حائل
فقطوبه طبع وليس تطبعاً والطبع باق والتطبع زائل

وأنشدني أيضاً لنفسه
لست من يطلب التكسب بالـسـخ ف ولو كنت مت عرياً وجوعـا
ولو أني ملكت ملـك سـلـيمـا ن لما اخترت عن وقاري رجوعا
وقال اقتداء بقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام انظر إلى ما قال ولا تنظر إلى من
قال
لا تكن ناظراً إلى قائل القو ل بل انظر إليه ماذا يقول
وخذ القول حين تلقيه معقو لا ولو قاله غبي جهـول
فنباح الكلاب مع خسة فيها على منزل الكريم دلـيل
وكذاك النضار معدنه الأر ض ولكنه الخطير الجليل
وأنشدني أيضاً لنفسه
توّق صحبة أبناء الـزمـان ولا تأمن إلى أحد منهم ولا تـثـق
فليس يسلم منهم من تصاحـبـه طبعاً من المكر والتمويه والملق
وأنشدني أيضاً لنفسه
أرى كل ذي ظلم إذا كان عاجزاً يعف ويبدي ظلمه حين يقـدر
ومن نال من دنياه ما كان زائداً على قدره أخلاقه تتـنـكـر
وكل امرئ تلفيه للشر مؤثـراً فلا بد أن يلقى الذي كان يؤثر
وأنشدني أيضاً لنفسه
لما رأيت ذوي الفضائل والحجا لا ينفقون وكل فـدم ينـفـق
ألزمت نفسي اليأس علماً أن لي رباً يجود بـمـا أروم ويرزق
ولزمت بيتي واتخذت مسامري سفراً بأنواع الفضائل ينطـق
لي منه أنى جئته متصـفـحـاً عما حوى روض نضير مونق
وأنشدني أيضاً لنفسه
ما ضر خلقي إقلالي ولا شيمـي ولا نهاني عن نهج النهى عدمي
وكيف والعلم حظي وهو أنفس ما أعطى المهيمن من مال ومن نعم
العلم بالعلـم يزكـو دائمـاً أبـداً والمال إن أدمن الإنفاق لـم يدم
فالمال صاحبـه الأيام يحـرسـه والعلم يحرس أهليه من النـقـم
وأنشدني أيضاً لنفسه
خلقت مشاركاً في النوم قوماً وقد خالفتهم إذ ذاك شخصـا
أريدكمالهم والنفع جـهـدي وهم يبغون لي ضراً ونقصا
إذا عددت ما فيهـم عـيوبـاً فقد حاولت شيئاً ليس يحصى
وأنشدني أيضاً لنفسه
وإن أشد أهل الأرض حزناً وغماً منهما لا يستـفـيق
كريم حل موضعه المعلى سواه وأنه لبه الخـلـيق
وأنشدني أيضاً لنفسه

وضع العوارف عند النذل يتـبـعـه على معاودة الإلحاح في الطـلـب
ويحمل الفاضل الطبع الكريم عـلـى حسن الجزاء لمولى العرف عن كثب
فالناس كالأرض تسقى وهي واحـدة عذباً وتنبت مثل الشري والـرطـب
وقال أيضاً
إذا كان رزق المرء من قدر أتـى فما حرصه يغنيه في طلب الرزق
كذا موته إن كـان ضـربة لازب فإخلاده نحو الدنا غاية الحـمـق
فإن شئت أن تحيا كريماً فكن فتـى يؤوساً فإن اليأس من كرم الخلـق
فيأس الكريم الطبع حلـو مـذاقـه لديه إذا ما رام مسألة الـخـلـق
وقال أيضاً
أرى وجودك هذا لم يكن عـبـثـاً ألا لتكمل منك النفس فانـتـبـه
فاعدل عن الجسم لا تقبل عـلـيه ومل إلى رعاية ما الإنسان أنت به
فمؤيس النفس عن أهوائهـا يقـظ ومطمع النفس فيها غير منتـبـه
فاسلك سبيل الهدى تحمد مغبـتـه فمنهج الحق بادر غير مشتـبـه
وأنشدني أيضاً لنفسه
وما صاحب السلطان إلا كراكب بلجة بحر فهو يستشعر الغرق
فإن عاد منه سالم الجسم ناجـياً فما نفسه فيه يفارقها الفـرق
وأنشدني أيضاً لنفسه
يا ناظراً في ما قصدت لجمـعـه اعذر فإن أخا الفـضـيلة يعـذر
علماً بأن المرء لو بلـغ الـمـدى في العمرلاقى الموت وهو مقصر
وأنشدني أيضاً لنفسه مما كتبه على كأس في وسطه طائر على قبة مخرمة٬ إذا قلب في الكأس ماء
دار دوراناً سريعاً٬ وصفر صفيراً قوياً٬ ومن إذا وقف بإزائه الطائر حكم عليه بالشرب فإذا شربه
وترك فيه شيئاً من الشراب صفر الطائر٬ وكذلك لو شربه في مائه مرة فمتى شرب جميع ما فيه ولم
يبق فيه درهم واحد فإن صفيره ينقطع :
ولا عند الخوى والجوع حـتـى تلهـن بـالـيسـير مـن الادام
وخذ منه القليل ففيه نفـع لـذي العطـش الـمـبـرح والأوام
وهضمك فاصلحنه فهـو أصـل وأسهل بـالإبـارج كـل عـام
وفصد العرق نكب عنه إلا لـذي مرض رطيب الطبع حـامـي
ولا تتحـركـن عـقـيب أكـل وصير ذاك بنـد الانـهـضـام
لئلا ينزل الـكـيلـوس فـجـا فيلحج في المنافذ والـمـسـام
ولا تدم السكـون فـإن مـنـه تولد كـل خـلـط فـيك خـام
وقلل ما استطعت المـاء بـعـد الرياضة واجتنب شرب المـدام
وعدل مزج كـأسـك فـهـي تبقي الحرارة فيك دائمة الضرام
وخل السكر واهـجـره مـلـياً فإن السكر من فعل الطـغـام
وأحسن صون نـفـسـك عـن هواها تفز بالخلد في دار السلام
وقال أيضاً
أيهـا الـشـادن الـذي طــاب هتكي وافتضاحي بعد الصيانة فيكا

علة الجفن فيك عـلة سـقـمـي وشفاي ارتشاف خمـرة فـيكـا
وأنشدني أيضاً لنفسه يمدح صلاح الدين محمد بن باغيبسان:
ومدلل ساجي الجفون مهفهـف جمع الملاحة ذو الجلال لـديه
وأحلها فيه فأصـبـح ربـهـا وأمـال أفـئدة الأنـام إلــيه
من جفنـه سـيف الـصـلاح محمد باد ومن جفني سحب يديه
وأنشدني أيضاً لنفسه يهنئ الصاحب جلال الدين أبا الفتح محمد بن نباتة ببناء داره:
يا أيها الصاحب الصدر الكبير جل ل الدين ابن الكرام السادة الشرفا
دامت محل سرور لا يحـول ول زالت رؤوس أعاديكم لها شرفـاً 
بنيت داراً على الجوزاء مشـرفة كما قديماً بنيت المجد والشرفـا
شرفت أصلاً وأخلاقاً وشنـشـنة فلست ممن بأصل وحده شرفـا
وأنشدني أيضاً لنفسه٬ وقد كتبها لي شيخه فخر الدين محمد بن عبد السلام المارديني:
يا سائقاً نحو مـيافـارقـين أنـخ بها الركاب وبلغ بعض أشواقـي
وما أعانيه من وجد ومـن كـمـد ولـوعة وصـبـابـات وإيراق
إلى الذي فاق أبناء الزمان نـهـى ومحتداً ثنـاهـم طـيب أعـراق
وقل محب لكم قد شفـه مـرض وما سواك لـه مـن دائه راقـي
صل الطبيعة لا ينـفـك يلـدغـه فاصرف نكايته عنـه بـتـرياق
شطر الحياة مضى والنفس ناقصة فكن مكملها في شطرها الباقـي
فأنت أولى بتهذيبي وتبـصـرتـي بما يهذب أوصافـي وأخـلاقـي
وما يخلص نفسي من موانعـهـا الوصول عند التفاف الساق بالساق
مشكاة ذهني قد أمست زجاجتهـا صديئة فأجلها بالواحد الـواقـي
وأنشدني أيضاً لنفسه يرثي ولداً له:
بنـي لـقـد غـادرت بـــين جوانحي لفقدك ناراً حّرها يتسعر
وأغريت بالأجفان بـعـد رقـاده سهاداً فلن تنفك بعدك تسـهـر
فلست أبالي حين بنت بمن ثـوى ولم أر من أخشى عليك وأحـذر
وقال أناس يصغر الحزن كلـمـا تمادى وحزني الدهر ينمي ويكبر
وكنت صبوراً عند كـل مـلـمة تلم فمذ أرديت عز التـصـبـر
كملت فوافتك المنون وهـكـذا يوافي الخسوف البدر إبان يبدر
وقال أيضاً:
أيا فاعـلاً خـل الـتـطـبـب واتـئد فكم تقتل المرضى المساكين بالجهـل
فتركـيب أجـسـام الأنـام مـؤجـل فلم لا كلاكّالله تعـجـل بـالـحـل
كأنـك يا هـذا خـلـقـت مـوكـلا على رجع أرواح الأنام ألـى الأصـل
بهرت الـوبـا إذ قـتـلـك الـنـاس دائماً وذلك في الأحيان يحدث في فصل
كفى الوصب المسكـين شـخـصـل قاتلاً إذا عدته قبل التعرض للفـعـل
ولسديد الدين بن رقيقة من الكتب؛ كتاب لطف السائل وتحف المسائل٬ وهذا الكتاب قد نظم فيه مسائل
حنين٬ كليات القانون لابن سينا رجزاً٬ ومعاني أخر ضرورية يحتاج إليها في صناعة الطب٬ وشرح
هذا الكتاب٬ وله أيضاً عليه حواش مفيدة٬ كتاب موضحة الأشباه في أدوية الباه كتاب الفريدة
الشاهية٬ والقصيدة الباهية٬ وهذه القصيدة صنعها بميافارقين في سنة خمس عشرة وستمائة للملك

الأشرف٬ شاه أرمن٬ موسى بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب٬ وذكر لي أنه نظمها في يومين وهي
بيت٬ وصنع لها أيضاً شرحاً مستقصى بليغاً في معناه٬ كتاب قانون الحكماء وفردوس الندماء٬ كتاب
الغرض المطلوب في تدبير المأكول والمشروب٬ مقالة مسائل وأجوبتها في الحميات٬ أرجوزة في
الفصد.
المراجع: القانون في الطب لابن سينا / عيون الأنباء في طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69641
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

علماء وفلاسفه ورحالة Empty
مُساهمةموضوع: رد: علماء وفلاسفه ورحالة   علماء وفلاسفه ورحالة Emptyالأحد 08 نوفمبر 2015, 7:46 am

الحارث بن كلـدة
. 634م
الحارث هو أّول طبيٍب في الجزيرة العربية. 
تلقّى علومه بطريقٍة علميٍة واستحّق لقب "طبيب".
عاصر الّرسول والخلفاء الّراشدين ومعاوية. 
تناول العلم في جندي سابور وفي اليمن. 
عمل ببلاد فارس وحّصل أموالاً كثيرةً. 
وكانت الأراميّة هي اللّغة الّسائدة آنذاك في هذه المنطقة.
يُروى أّن كسرى أنو شروان أُعِجب به كثيًرا فاستدعاه يوًما إلى مجلسه
 حيث قامت بينهما محاورةٌ ُوِصفَت بأنّها أّسست لدستوٍر طبٍّي جليٍل.
حّث الّرسول الُمسلمين على زيارة الحارث بن كلدة واستشارته إذا أصابتهم علٌل وأسقاٌم.
 وقال له  معاوية يوًما: "ما الطّب يا حارث؟" فقال: "الأزم"٬ أي الجوع.

للحارث بعض الوصايا الطّبية التي تدل على خبرته الواسعة بشؤون الطّب والعلاج٬ 
وقد توّصل  إلى العلاج النّفسي.
خلفه ابنه النّضر عند موته وكان قد تتلمذ كأبيه في مدرسة جندي سابور 
واستفاد من علم أبيه  وخبرته في الطّب.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69641
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

علماء وفلاسفه ورحالة Empty
مُساهمةموضوع: رد: علماء وفلاسفه ورحالة   علماء وفلاسفه ورحالة Emptyالأحد 08 نوفمبر 2015, 7:50 am

ماسويه أبو يوحنا
.857م
قال ابن أبي أصيبعة عن ماسويه في "عيون الأنباء في طبقات الأطباء": 
((قال فثيون الترجمان إن ماسويه كان يعمل في دق الأدوية في بيمارستان جندي سابور
٬ وهو لا يقرأ حرفاً واحداً بلسان من الألسنة٬ 
إلا أنه عرف الأمراض وعلاجها وصار بصيراً بانتقاء الأدوية٬ فأخذه جبرائيل بن يختيشوع
فأحسن إليه٬ وعشق جارية لداود بن سرابيون٬ فابتاعها جبرائيل بثمانمائة درهم٬ ووهبها لماسويه
ورزق منها ابنه يوحنا وأخاه ميخائيل٬ وقال إسحاق بن علي الرهاوي في كتاب أدب الطبيب عن
عيسى بن ماسة إن ماسويه أبا يوحنا كان تلميذاً في بيمارستان جندي سابور ثلاثين سنة٬ فلما اتصل
به محل جبرائيل من الرشيد٬ قال هذا أبو عيسى قد بلغ السها٬ ونحن في البيمارستان لا نتجاوزه٬
فبلغ ذلك جبرائيل٬ وكان البيمارستان إليه٬ فأمر بإخراجه منه٬ وقطع رزقه٬ فبقي منقطعاً به٬ فصار
إلى مدينة السلام ليعتذر إلى جبرائيل ويخضع له٬ فلم يزل على بابه دهراً طويلاً٬ فلم يأذن له٬ فكان
إذا ركب دعا له٬ واستعطفه فلا يكلمه٬ فلما ضاق به الأمر صار إلى دار الروم بالجانب الشرقي فقال
للقس اكرز لي في البيعة لعله أن يقع لي شيء٬ فأنصرف إلى بلدي٬ فإن أبا عيسى ليس يرضى عني
ولا يكلمني٬ فقال له القس أنت في البيمارستان منذ ثلاثين سنة٬ ولا تحسن شيئاً من الطب؟ فقال بلى٬
وَّالله٬ أطب وأكحل٬ وأعالج الجراحات٬ فأخرج له صندوقاً وأعطاه إياه ليداوي٬ وأجلسه بباب الحرم
عند قصر الفضل ابن الربيع٬ وهو وزير الرشيد٬ فلم يزل هناك يكسب الشيء بعد الشيء حتى
حسنت حاله٬ واشتكت عين خادم للفضل بن الربيع فنفذ إليه جبرائيل بكحالين فعالجوه بأصناف
العلاج٬ فلم ينتفع به واشتد وجعه حتى عدم النوم٬ فلما اشتد أرقه وقلقه٬ خرج من القصر هائماً من
الضجر والقلق٬ فرأى ماسويه فقال له يا شيخ ما تصنع هنا؟ 
إن كنت تحسن شيئاً فعالجني وإلا فقم من ههنا٬ 
فقال له يا سيدي أحسن وأجيد٬ فقال له ادخل معي حتى تعالجني٬ فدخل معه٬ وقلب جفنه
وكحله٬ وسكب على رأسه وسعطه٬ فنام الخادم وهدأ٬ فلما أصبح أنفذ إلى ماسويه جونة فيها خبز
سميد٬ وجدي ودجاجة وحلوى٬ ودنانير٬ ودراهم٬ وقاله له هذا لك في كل يوم٬ والدراهم والدنانير
رزقك مني في كل شهر٬ فبكى ماسويه فرحاً٬ فتوهم الرسول أنه قد استقله فقال له لا تغتم فإنه يزيدك
ويحسن إليك٬ فقال له يا سيدي رضيت منه بهذا أن يدّره على الأيام٬ فلما رجع عّرف الخادم ما كان
منه٬ فعجب منه وبرئ الخادم على يديه٬ ولم يمض إلا أيام يسيرة حتى اشتكت عين الفضل٬ فنفذ إليه
جبرائيل الكحالين٬ فلم يزالوا يعالجونه فلم ينتفع بهم٬ فأدخل الخادم ماسويه إليه ليلاً٬ فلم يزل يكحله
إلى ثلث الليل٬ ثم سقاه دواء مسهلاً فصلح به٬ ثم حضر جبرائيل فقال له الفضل يا أبا عيسى٬ إن
بالباب؟ فقال له نعم٬ قال جبرائيل هذا كان أكاراً لي فلم يصلح للكروث فطردته٬
وقد صار الآن طبيباً هاهنا رجلاً يقال له ماسويه٬ من أفره الناس وأعرفهم بالكحل٬ فقال له ومن هذا؟ لعله الذي يجلس
وما عالج الطب قط فإن شئت فأحضره وأنا حاضر٬ وتوهم جبرائيل أنه يدخل ويقف بين يديه ويتذلل
له٬ فأمر الفضل بإحضاره٬ فدخل وسلم وجلس بحذاء جبرائيل٬ فقال له جبرائيل يا ماسويه أصرت
طبيباً؟ فقال له لم أزل طبيباً٬ أنا أخدم البيمارستان منذ ثلاثين سنة٬ تقول لي هذا القول ففزع جبرائيل
أن يزيد في المعنى٬ فبادر وانصرف في الحال وهو خجل٬ وأجرى الفضل على ماسويه في كل شهر
ستمائة درهم وعلوفة دابتين٬ ونزل خمسة غلمان٬ وأمره أن يحمل عياله من جندي سابور٬ وأعطاه
نفقة واسعة٬ فحمل عياله ويوحنا ابنه حينئذ وهو صبي٬ فما مضت إلا أيام حتى اشتكت عين الرشيد٬
فقال له الفضل يا أمير المؤمنين طبيبي ماسويه من أحذق الناس بالكحل٬ وشرح له قصته وما كان
من أمر خادمه٬ وأمر نفسه٬ فأمر الرشيد بإحضاره٬ فأحضر ماسويه فقال له تحسن شيئاً من الطب
سوى الكحل؟فقال نعم يا أمير المؤمنين٬ وكيف لا أحسن وأنا قد خدمت المرضى بالبيمارستان منذ
ثلاثين سنة؟ فأدناه منه ونظر عينيه٬ فقال الحجام الساعة٬ فحجمه على ساقيه٬ وقطر في عينيه٬ فبرئ
وعلوفة ونزل٬ وألزمه الخدم مع جبرائيل وسائر من كان في الخدمة من المتطببين٬
وصار نظيراً بعد يومين٬ فأمر بأن يجرى عليه ألفا درهم في الشهر٬ ومعونة في السنة عشرون ألف درهم٬
لجبرائيل٬ بل كان في ذلك الوقت يحضر بحضوره٬ ويصل بوصوله٬ ودونه في الرزق٬ لأن
جبرائيل كان له في الشهر عشرة آلاف درهم ومعونة في السنة٬ مائة ألف درهم٬ وصلات دائمة
وإقطاعات٬ ثم أنه اعتلت بانو أخت الرشيد٬ فلم يزل جبرائيل يعالجها بأنواع العلاج فلم تنتفع٬ فاغتم
بها٬ فقال الرشيد ذات يوم قد كان ماسويه ذكر أنه خدم المرضى بالمارستان٬ وأنه يعالج الطبائع٬
فليدخل إلى عليلتنا لعل عنده فرجاً لها٬ فأحضر جبرائيل وماسويه٬ فقال له ماسويه عرفني حالها
وجميع ما دبرتها به إلى وقتنا هذا٬ فلم يزل جبرائيل يصف له ما عالجها به٬ فقال ماسويه التدبير
صالح٬ والعلاج مستقيم٬ ولكن أحتاج إلى أن أراها٬ فأمر الرشيد أن يدخلا إليها٬ فدخل وتأملها٬
وجس عروقها بحضرة الرشيد وخرجوا من عنده٬ وقال ماسويه للرشيد يا أمير المؤمنين٬ يكون لك
طول العمر والبقاء٬ هذه تقضي بعد غد ما بين ثلاث ساعات إلى نصف الليل٬ فقال جبرائيل كذب يا
أمير المؤمنين٬ إنها تبرأ وتعيش٬ فأمر الرشيد بحبس ماسويه ببعض دوره في القصر٬ وقال لأسبرّن
ما قاله وأنذرنا به٬ فما رأينا بعلم الشيخ بأساً٬ فلما حضر الوقت الذي حده ماسويه٬ توفيت٬ فلم يكن
للرشيد همة بعد دفنها إلا أن أحضر ماسويه٬ فسأله وأعجب بكلامه٬ وكان أعجمي اللسان٬ ولكنه كان
بصيراً بالعلاج٬ كثير التجارب٬ فصيره نظيراً لجبرائيل في الرزق والنزل والعلوفة والمرتبة٬ وعني
بابنه يوحنا ووسع النفقة عليه٬ فبلغ المرتبة المشهورة٬ قال يوسف بن إبراهيم عدت جبرائيل بن
بختيشوع بالعلث في سنة خمس عشرة ومائتين٬ وقد كان خرج مع المأمون في تلك السنة٬ حتى نزل
المأمون في دير النساء٬ فوجدت عنده يوحنا بن ماسويه وهو يناظره في علته٬ وجبرائيل يستحسن
استماعه وإجابته ووصفه٬ فدعا جبرائيل بتحويل سنته٬ وسألني النظر فيه٬ وإخباره بما يدل عليه
الحساب٬ فنهض يوحنا عند ابتدائي بالنظر في التحويل٬ فلما خرج من الحراقة قال لي جبرائيل ليست
بك حاجة إلى النظر في التحويل لأني أحفظ جميع قولك وقول غيرك في هذه السنة٬ وإنما أردت
بدفعي التحويل إليك أن ينهض يوحنا فأسألك عن شيء بلغني عنه٬ وقد نهض٬ فأسألك بحقَّالله٬ هل
سمعت يوحنا قط يقول أنه أعلم من جالينوس بالطب؟ فحلفت له أني ما سمعته قط يدعي ذلك فما
انقضى كلامنا حتى رأيت الحراقات تنحدر إلى مدينة السلام٬ فانحدر المأمون في ذلك اليوم٬ وكان
يوم خميس٬ ووافينا مدينة السلام غداة يوم السبت٬ ودخل الناس كلهم إلى مدينة السلام خلا أبي
العباس بن الرشيد فإنه أقام في الموضع المعروف بالقلائين من الجانب الغربي بمدينة السلام٬ وهو
بإزاء دار الفضل بن يحيى بباب الشماسية٬ التي صار بعضها في خلافة المعتصم لأبي العباس بن
الرشيد٬ فكنت وجماعة ممن يريد المصير إلى أبي العباس ممن منازلهم في قنطرة البردان ونهر
المهدي لا نجشم أنفسنا المصير إلى الجسر ثم المصير إلى القلائين٬ لبعد الشقة٬ فنصير إلى قصر
الفضل بن يحيى ونقف بإزاء مضرب أبي العباس. وكانت الزبيديات توافينا فتعبر بنا٬ فاجتمعت
ويوحنا بن ماسويه عند أبي العباس بعد موافاة المأمون مدينة السلام بثلاثة أيام٬ وجمعتنا الزبيدية عند
انصرافنا فسألني عن عهدي بجبرائيل٬ فأعلمته أني لم أره منذ اجتمعنا بالعلث٬ ثم قلت له قد شنعت
عنده٬ فقال٬ بماذا؟ فقلت له بلغه أنك تقول أنا أعلم من جالينوس٬ فقال على من ادعى علي هذه
الدعوة لعنةّالله؛ وّالله ما صدق مؤدي هذا الخبر٬ ولا بر٬ فسرى ذلك من قوله ما كان في قلبي٬
وأعلمته أني أزيل عن قلب جبرائيل ما تأدى إليه من الخبر الأول٬ فقال لي افعل٬ نشدتكّالله٬ وقرر
عنده ما أقول٬ وهو ما كنت أقوله فحرف عنده٬ فسألته عنه فقال إنما قلت لو أن بقراط وجالينوس
عاشا إلى أن يسمعا قولي في الطب وصفاتي لسألا ربهما أن يبدلهما بجميع حواسهما من البصر
والشم والذوق واللمس حساً سمعياً يضيفانه إلى ما معهما من حس السمع٬ ليسمعا حكمي ووصفي٬
فأسألك باّἆ أما أديت هذا القول عني إليه٬ فاستعفيته من إلقاء هذا الخبر عنه فلم يعفني٬ فأديت إلى

جبرائيل الخبر٬ وقد كان أصبح في ذلك اليوم مفرقاً من علته٬ فتداخله من الغيظ والضجر ما تخوفت
عليه منه النكسة٬ وأقبل يدعو على نفسه ويقول هذا جزاء من وضع الصنيعة في غير موضعها؛
وهذا جزاء من اصطنع السفل٬ وأدخل في مثل هذه الصناعة الشريفة من ليس من أهلها٬ ثم قال هل
عرفت السبب في يوحنا وأبيه؟ فأخبرته أني لا أعرفهما٬ فقال لي إن الرشيد أمرني باتخاذ
بيمارستان٬ وأحضرت دهشتك٬ رئيس بيمارستان جندي سابور٬ لتقليده البيمارستان الذي أمرت
باتخاذه٬ فامتنع من ذلك٬ وذكر أن السلطان ليست له عليه أرزاق جارية٬ وإنه إنما يقول بيمارستان
جندي سابور وميخائيل ابن أخيه حسبة٬ وتحمل علي بطيمانيوس الجاثليق في إعفائه وابن أخيه
فأعفيتهما٬ فقال لي أما إذ قد أعفيتني فإني أهدي إليك هدية ذات قدر يحسن بك قبولها٬ وتكثر منفعتها
لك في هذا البيمارستان٬ فسألته عن الهدية٬ فقال لي إن صبياً كان ممن يدق الأدوية عندنا ممن لا
يعرف له أب ولا قرابة٬ أقام في البيمارستان أربعين سنة٬ وقد بلغ الخمسين سنة أو جاوزها٬ وهو لا
يقرأ حرفاً واحداً بلسان من الألسنة٬ إلا أنه قد عرف الأدواء داء داء٬ وما يعالج به كل داء٬ وهو أعلم
خلقّالله بانتقاء الأدوية٬ واختيار جيدها٬ ونفي رديها٬ فأنا أهديه لك فاضممه إلى من أحببت من
تلامذتك٬ ثم قلد تلميذك البيمارستان فإن أموره تخرج على أحسن من مخرجها لو قلدتني هذا
البيمارستان٬ فأعلمته أني قد قبلت الهدية٬ وانصرف دهشتك إلى بلده٬ وأنفذ إلي الرجل٬ فأدخل علي
في زي الرهبان٬ وكشفته فوجدته على ما حكى لي عنه٬ وسألته عن اسمه٬ فأخبرني أن اسمه
ماسويه٬ وكنت في خدمة الرشيد وداؤد بن سرابيون مع أم جعفر٬ وكان المنزل الذي ينزله ماسويه
يبعد من منزلي ويقرب من منزل داؤد بن سرابيون٬ وكان في داؤد دعابة وبطالة٬وكان في ماسويه
ضعف من ضعف السفل فيستطيبه كل بطال٬ فما مضى بماسويه إلا يسير حتى صار إلي وقد غير
زيه٬ ولبس الثياب البيض٬ فسألته عن خبره٬ فأعلمني أنه قد عشق جارية لداؤد بن سرابيون صقلبية
يقال لها رسالة٬ وسألني ابتياعها له٬ فابتعتها له بثمانمائة درهم ووهبتها له٬ فأولدها يوحنا وأخاه٬ ثم
رعيت لماسويه ابتياعي له رسالة وطلبه منها النسل٬ وصيرتُوْلَده كأنهم ولُد قرابة لي٬ وعنيت
برفع أقدارهم وتقديمهم على أبناء أشراف أهل هذه المهنة وعلمائهم٬ ثم رتبت ليوحنا٬ وهو غلام٬
المرتبة الشريفة ووليته البيمارستان وجعلته رئيس تلامذتي٬ فكانت مثوبتي منه هذه الدعوى التي لا
يسمع بها أحد إلا قذف من خَّرجه٬ ونّوه باسمه وأطلق لسانه بمثل ما أطلقه به٬ ولمثل ما خرج إليه
هذه السفلة٬ كانت الأعاجم تمنع جميع الناس عن الانتقال عن صناعات آبائهم٬ وتحِّظر ذلك غاية
الحظر وّالله المستعان.
المراجع: عيون الأنباء في طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة




ميخائيل بن ماسويه
ولد وتوفي في بغداد في القرن الثاني للهجرة
قال ابن أبي أصيبعة عن ماسويه في "عيون الأنباء في طبقات الأطباء": ((متطبب المأمون٬
وميخائيل هذا هو أخو يوحنا بن ماسويه٬ قال يوسف بن إبراهيم مولى إبراهيم بن المهدي كان
هذا المتطبب لا يمتع بالحديث ولا يحتج في شيء يقوله بحجة٬ ولا يوافق أحداً من المتطببين على
شيء أحدث من مائتي سنة٬ فلم يكن يستعمل السكنجبين والورد المربى إلا بالعسل؛ ولا يستعمل
الجلاب المتخذ بماء الورد٬ ولا يتخذه إلا من الورد المسلوق بالماء الحار٬ ولا يتخذه بالسكر؛ ولا
يستعمل شيئاً لم يستعمله الأوائل٬ ولقد سألته يوماً عن رأيه في الموز فقال لم أر له ذكراً في كتب
الأوائل٬ وما كانت هذه حاله لم أقدم على أكله ولا على طعامه للناس٬ وكان المأمون به معجباً وله
على جبرائيل بن بختيشوع مقدماً٬ حتى كان يدعوه بالكنية أكثر مما يدعوه بالاسم٬ وكان لا يشرب
الأدوية إلا مما تولى تركيبه وإصلاحه له٬ وكنت أرى جميع المتطببين بمدينة السلام يبجلونه
تبجيلاً لم يكونوا يظهرونه لغيره٬ قال يوسف وحضر في النصف من شوال سنة عشرين ومائتين
دار إبراهيم بن المهدي مع جماعة من وجوه المتطببين٬ وكانت شكلة عليلة فوجه المعتصم
المتطببين إليها ليرجعوا إليه بخبرها؛ وقد كانوا صاروا إليها قبل ذلك اليوم بيوم٬ فنظروا إلى
مائها٬ وجسوا عرقها٬ وعاودوا النظر في اليوم الثاني في أمرها٬ فقالوا كلهم إنها أصبحت
صالحة٬ وأنهم لا يشكون في إفراقها٬ فسبق إلى وهمي أنهم٬ أو أكثرهم٬ أحب أن يسر أبا إسحاق
بما ذكروا من العافية٬ فلما نهضوا اتبعتهم فسألت واحداً واحداً عما عنده من العلم بحالها فكلهم قال
لي مثل مقالته لأبي إسحاق٬ إلا سلمويه بن بنان فإنه قال لي هي اليوم أصعب حالاً منها أمس٬
وقال لي ميخائيل قد ظهر أمس بالقرب من قلبها ورم لم نره في يومنا هذا٬ افترى ذلك الورم ساخ
في الأرض أو ارتفع إلى السماء؛ انصرف فأعد لهذه المرأة جهازها فليست تبيت في الأحياء
فتوفيت وقت صلاة العشاء الآخرة بعد أن ألقى إلي ميخائيل ما ألقى ساعات عشراً أو نحوها٬ قال
يوسف وحدثني ميخائيل بن ماسويه أنه لما قدم المأمون بغداد نادم طاهر بن الحسين٬ فقال له يوماً٬
وبين أيديهم نبيذ قطربلي يا أبا الطيب هل رأيت مثل هذا الشراب؟ قال نعم٬ قال مثله في اللون
والطعم والرائحة؟ قال نعم٬ قال أين؟ قال ببوشنج٬ قال فاحمل إلينا منه٬ فكتب طاهر إلى وكيله
فحمل منه٬ ورفع الخبر من النهروان إلى المأمون أن لطفاً وافى طاهراً من بوشنج٬ فعلم الخبر
وتوقع حمل طاهر له فلم يفعل٬ فقال له المأمون بعد أيام يا أبا الطيب لم يواف النبيذ فيما وافى٬
فقال أعيذ أمير المؤمنين باَّ㴅
من أن يقيمني مقام خزي وفضيحة٬ قال ولم؟ قال ذكرت لأمير
المؤمنين شراباً شربته وأنا صعلوك وفي قرية كنت أتمنى أن أملكها٬ فلما ملكنيّالله يا أمير
المؤمنين أكثر مما كنت أتمنى٬ وحضر ذلك الشراب وجدته فضيحة من الفضائح٬
 قال فاحمل إلينا منه على كل حال٬ فحمل منه٬ فأمر أن يصير في الخزانة٬ 
ويكتب عليه الطاهري ليمازحه به من  إفراط رداءته٬
 فأقام سنتين٬ واحتاج المأمون إلى أن يتقيأ فقالوا يتقيأ بنبيذ رديء٬
 فقال بعضهم لا يوجد في العراق أردأ من الطاهري وأخرج فوجد مثل القطربلي أو أجود٬ 
وإذا هواء العراق قد أصلحه كما يصلح ما نبت وعصر فيه.
المرجع: عيون الأنباء في طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة


عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الأحد 08 نوفمبر 2015, 7:56 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69641
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

علماء وفلاسفه ورحالة Empty
مُساهمةموضوع: رد: علماء وفلاسفه ورحالة   علماء وفلاسفه ورحالة Emptyالأحد 08 نوفمبر 2015, 7:52 am

ابن تيميّة
م1263­1328
أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله٬ تقي الدين أبو العباس٬ الملقب بشيخ الإسلام. هو أحد
علماء المسلمين. ولد في حران وهي بلدة تقع في الشمال الشرقي من بلاد الشام في جزيرة ابن عمرو
بين دجلة والفرات. وحين استولى المغول على بلاد حران وجاروا على أهلها٬ انتقل مع والده وأهله
إلى دمشق سنة 667هـ فنشأ فيها وتلقى على أبيه وعلماء عصره العلوم المعروفة في تلك الأيام.
كانت أمه تسمى تيمية وكانت واعظة فنسب إليها وعرف بها. وقدم مع والده إلى دمشق وهو صغير.
قرأ الحديث والتفسير واللغة وشرع في التأليف من ذلك الحين.
بَُعَد صيته في تفسير القرآن وانتهت إليه الإمامة في العلم والعمل وكان من مذهبه التوفيق بين
المعقول و المنقول.
نشأ ابن تيمية في دمشق وترعرع فيها. وكانت مدينة دمشق مركًزا من مراكز العلم الكبرى. فقد كان
والحساب وحفظ القرآن الكريم وانتقل إلى الفقه والعربية وبرع في النّحو ثم أقبل على التفسير إقبالاً فيها ما لا يقّل عن ثلاثين مدرسة يطلب فيها الناس العلوم الشرعية واللغوية. وقد تعلّم ابن تيمية الخط
كليًا٬ وأحكم أصول الفقه٬ وهو لم يبلغ واحًدا وعشرونًا عاًما. وكان قد عرف واشتهر وقضى في
دمشق حياته كلّها إلاّ سبع سنوات قضاها في مصر. في هذه السنوات الّسبعُسِجَن مّرتين: الأولى
بسبب تحامل العلماء المصريين عليه٬ والثانية بسبب تهّجمه على الصوفية. وفي دمشقُسِجَن ابن
تيمية في القلعة مّرتين: الأولى كانت قصيرة الأمد والثانية دامت سنتين وبعض الّسنة. وفي سجنه
كتب قسًما كبيًرا من رسائله ومؤلّفاته٬ ولكن في الشهور الأخيرة من سجنه الأخير أخذت الّسلطات
منهُكتُبَه ومنعت عنه الورق والحبر لأنّها أرادت أن تحول دونه ودون توضيح آرائه. وقد اغتّم لذلك
ومرض وانتقل إلى رحمة ربّه سنة 728هـ.
كان ابن تيمية فقيهًا عالًما٬ وكان يصدر فتاواه في كّل شأٍنُسئَِل عنه. لكّن الُمهم في الّرجل ليس علمه
وفقهه فحسب٬ بل جرأته في الحّق. وقد نّصب نفسه خصًما لكّل ما من شأنه أن يمّس جوهر الإسلام٬
وكّلَمن يقول بذلك. فالفلاسفة والباطنية والصوفية والمشبهة والمجسمة كانوا في رأيه مؤذين للتعاليم
الإسلامية٬ فخاض ضّدهم حربًا عوانًا بقلمه ووعظه وتفسيره ومجالسه العلميّة.
لكن ابن تيميّة لم يكن ناقًدا سلبيًا٬ بل كان في أعماله بنّاًء إيجابيًا. والقاعدة التي انطلق منها أّن الأمة
ُوِجَدت لكي تتّم إرادة الله٬ وإرادة الله أظهرهاَوحيًا في القرآن الكريم وحديثًا على لسان النبي. وإذن
فالنّص والُّسنة هُما ما يجب أن يُتَّبَع بالنسبة إلى جماعة المؤمنين.
 وتشّدد في قضية التوحيد والوحدانية تفسيًرا وإرشاًدا. 
ذلك بأن بعض الفَِرق التي كانت موجودة في الشرق العربي وقتها كانت
فيها دعوة إلى الحلول أو الشرك أو الوساطة٬ فكانت دعوته إلى الوحدانية قوية حارة.
كان يدعو إلى نشر العدل والوقوف ضد الظلم٬ ولم يخِف هذه الدعوة بل جهر بها٬ وهذا ما عّرضه
للنّقمة أمام أصحاب السلطان والنفوذ.
وإذا كانتُكتب ابن تيمية الفقهيّة والكتب الُمتعلّقة بالعقيدة وخاصةً الفتاوى كبيرة٬ فلإبن تيمية رسائل
صغيرة هي في القمة من علم السياسة العملي مع الحفاظ على الأسس الإسلامية٬ أهمها رسالته في
السياسة الشرعية ورسالته في الحسبة.
كان ابن تيمية سلفيّاً٬ لكنّه كان سلفيًا مصلحا قويًا في دعوته٬ شديًدا في إلحاحه إلى الحق والعدل٬
ُمتشّددا في أن يكون الإيمان صحيًحا صريًحا خاليًا من الشوائب٬ أي إنّه كان إمام الّسلفيين٬ ولُقّب
بـ"شيخ الإسلام".
أهم كتبه: منهاج السنة٬ درء تعارض العقل والنقل٬ اقتضاء الصراط المستقيم٬ الفرقان بين أولياء
الرحمن وأولياء الشيطان٬ الصارم المسلول على شاتم الرسول٬ الفتاوى الكبرى٬ مجموع فتاوى ابن
تيمية٬ السياسة الشرعية في صلاح الراعي والرعية .
المراجع: ويكيبيديا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69641
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

علماء وفلاسفه ورحالة Empty
مُساهمةموضوع: رد: علماء وفلاسفه ورحالة   علماء وفلاسفه ورحالة Emptyالأحد 08 نوفمبر 2015, 7:53 am

ابن الروميّة
561هـ­ 637هـ
هو أبو العباس أحمد بن محمد بن مفرج بن أبي الخليل الأموي بالولاء٬ الاشبيلي٬ الأندلسي٬
محّدث٬ عالم مشهور بشؤون الحديث٬ ونباتي عشاب٬ وعقاقيري صيدلي.
ولد في إشبيلية سنة 561 هـ٬ ودفعته إلى الأسفار رغبته في سماع الحديث٬ والاتصال بشيوخه٬
وميله إلى تحري منابت الأعشاب وجمع أنواع النبات. فجال أولاً في أنحاء الأندلس٬ ثم قدم
المشرق٬ فنزل مصر سنة 613 هـ وأقام فيها مدة. ثم أخذ يجول في بلاد الشام والعراق والحجاز
مدة سنتين٬ أفاد فيهما شيئاً كثيراً من النباتات والأحاديث. وعاد إلى مصر وهو أشهر أبناء عصره
من العلمين المذكورين. فأكرمه الملك العادل الأيوبي ورسم له مرتباً٬ وعرض عليه البقاء في
مصر. إلا أنه اختار الرجوع إلى وطنه٬ فعاد إلى اشبيلية٬ وظل فيها إلى وفاته في آخر ربيع الثاني
من سنة 637 هـ.
ترك ابن الرومية مؤلفات جليلة في النبات والعقاقير٬ وفي الحديث وعلمه٬ منها: تفسير الأدوية
المفردة من كتاب ديسقوريدس٬ أدوية جالينوس٬ الرحلة النباتية٬ المستدركة٬ تركيب الأدوية. وله
تعاليق وشروح وتفاسير كثيرة في الموضوع٬ وكتاب رتّب فيه أسماء الحشائش على حروف
المعجم.
أما في علم الحديث فذكر له ٬ نظم الدراري في ما تفرد به مسلم على البخاري٬ مختصر الكامل٬
توهين طرق حديث الأربعين٬ وله (فهرست) أفرد فيه روايته بالأندلس عن روايته بالمشرق.
وجاء في عيون الأنباء في طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة عن ابن الرومية: " هو أبو العباس
أحمد بن محمد بن مفرج النباتي المعروف بابن الرومية٬ من أهل إشبيلية ومن أعيان علمائها
وأكابر فضلائها٬ قد أتقن علم النبات ومعرفة أشخاص الأدوية وقواها ومنافعها٬ واختلاف
أوصافها٬ وتباين مواطنها٬ وله الذكر الشائع والسمعة الحسنة٬ كثير الخير٬ موصوف بالديانة٬
محقق للأمور الطبية٬ قد شرف نفسه بالفضائل٬ وسمع من علم الحديث شيئاً كثيراً عن ابن حزم
وغيره ووصل سنة ثلاث عشر وستمائة إلى ديار مصر٬ وأقام بمصر والشام والعراق نحو
سنتين٬ وانتفع الناس به٬ وأسمع الحديث٬ وعاين نباتاً كثيراً في هذه البلاد مما لم ينبت بالمغرب٬
وشاهد أشخاصها في منابتها ونظرها في مواضعها٬ ولما وصل من المغرب إلى الإسكندرية سمع
به السلطان الملك العادل أبو بكر بن أيوب رحمهَّالله٬ وبلغه فضله وجودة معرفته بالنبات٬ وكان
الملك العادل في ذلك الوقت بالقاهرة فاستدعاه من الإسكندرية٬ وتلقاه وأكرمه ورسم بأن يقرر له
جامكية وجراية٬ ويكون مقيماً عنده فلم يفعل٬ وقال إنما أتيت من بلدي لأحج إن شاءَّالله وأرجع
إلى أهلي وبقي مقيماًعنده مدة٬ وجمع الترياق الكبير وركبه٬ ثم توجه إلى الحجاز٬ ولما حج عاد
إلى المغرب وأقام بإشبيلية٬ ولأبي العباس بن الرومية من الكتب تفسير أسماء الأدوية المفردة من
كتاب ديسقوريدس٬ مقالة في تركيب الأدوية".
المراجع: عيون الأنباء في طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69641
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

علماء وفلاسفه ورحالة Empty
مُساهمةموضوع: رد: علماء وفلاسفه ورحالة   علماء وفلاسفه ورحالة Emptyالأحد 08 نوفمبر 2015, 7:54 am

بن مندويه
تو 1019م
ابن مندويه الأصفهاني هو أبو علي أحمد بن عبد الرحمن بن مندويه٬ من الأطباء المذكورين في بلاد
العجم٬ وخدم هنالك جماعة من ملوكها ورؤسائها. وكانت له أعمال مشهورة مشكورة في صناعة
الطب٬ وكان من البيوتات الأجلاء بأصفهان.
ابن مندويه طبيب وصيدلي وشاعر عاش في القرن الخامس الهجري / الحادي عشر الميلادي.
ولد بأصفهان ٬ ولم تحدد الموسوعات أو كتب تاريخ العلوم عام ميلاده. وكان من أجلاء بيوت
أصفهان. وسافر إلى بغداد وصار من أطباء البيمارستان العضدي ٬ وقد اشتهر بالكرم وحبه للعلم.
وأوقف ضياعا للبيمارستان العضدي وكانت أحد مواردها. وقد توفي في بغداد٬ وهناك روايتان
ذكرتهما الموسوعات لتحديد تاريخ وفاته٬ الرواية الأولى وهي الأقل شيوعا٬ ويعتقد الكثير من
الباحثين أنها ليست صحيحة وهي عام 372هـ /982 م٬ وذلك بعد التحقيق في مسيرة حياته٬ إذ أنه
عين بالبيمارستان العضدي بأمر من عضد الدولة ( ت 372هـ /982 م ) وعمل به عدة سنوات. أما
الرواية الثانية فتذكر أنه توفي عام 410هـ /1019 م وهي الرواية السائدة في الكتب والموسوعات.
وقد اهتم ابن مندويه بالمعارف الصحية العامة. ووضح الظروف الصحية الملائمة للجسم السليم من
مناخ٬ وأطعمة٬ وأشربة وغيرها من مستلزمات الصحة العامة في كتاب له بعنوان تدبير الجسد ٬
ومن أهم كتبه الطبية الأخرى كتاب يعد قانونا في الطب٬ اعتمد عليه الأطباء المسلمون كثيرا٬ وكان
مصدرا لهم وهو كتاب: الكافي في الطب ويعرف باسم القانون الصغير ٬ وكذلك كتاب المغيث في
الطب ٬ و المختصر في علم الطب ٬ و الكفاية في علم الطب.
وقد اهتم ابن مندويه بالصيدلة٬ وبخاصة تركيب الأدوية و العطور وذلك في كتاب له بعنوان: أصول
الطب والمركبات العطرية . واهتم بتأثير بعض المشروبات والأعشاب على الحالة الصحية
وباستخداماتها الطبية٬ وكان ذلك في رسائل منها: التمرهندي ٬ و الكافور ٬ و في فعل الأشربة على
الجسد٬ و في وصف مسكر الشراب ومنافعه ومضاره وغيرها من الرسائل.
أما رسائله الطبية الأخرى فهي تعكس مجالات اهتمام عديدة ومنها طب العيون٬ ووصف تركيب
العين وتشريحها٬ ومن أهم تلك الرسائل: علاج ضعف البصر٬ وتركيب طبقات العين .
ومن أهم رسائله الطبية الأخرى: في علاج شقاق البواسير ٬ القولنج ٬ علاج المثانة ٬ أسباب الب اه ٬
في أوجاع الأطفال ٬ وهي رسالة تعكس اهتماما خاصا من ابن مندويه بطب الأطفال إذ إنها أطول
رسائله. وبها جميع الأمراض التي يصاب بها الأطفال منذ ولادتهم .
وجاء في القانون في الطب لابن سينا: ((ولأبي علي بن مندويه الأصفهاني من الكتب رسائل عدة٬
من ذلك أربعون رسالة مشهورة إلى جماعة من أصحابه في الطب٬ كناش. كتاب المدخل إلى الطب.
كتاب الجامع المختصر من علم الطب وهو عشر مقالات. كتاب المغاث في الطب. كتاب في
الشراب. كتاب الأطعمة والأشربة. كتاب نهاية الإختصار في الطب. كتاب الكافي في الطب ويعرف
أيضاً بكتاب القانون الصغير))
المراجع: القانون في الطب لابن سينا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69641
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

علماء وفلاسفه ورحالة Empty
مُساهمةموضوع: رد: علماء وفلاسفه ورحالة   علماء وفلاسفه ورحالة Emptyالأحد 08 نوفمبر 2015, 7:58 am

حنين بن إسحق
م873 ­808
ولد حنين بن إسحق في الحيرة بالعراق تعلم الطب ومارسه أيام المأمون.
برز حنين في حقول علمية عديدة بينها الطب والفلسفة٬ ونقل إلى العربية أعمال جالينوس
وأبقراط والشيء الكثير من أفلاطون وأرسطو٬ فضلاً عن أعمال يونانية في الرياضيات والفلك.
عمل حنين بن اسحق بخدمة بني موسى والخليفة في الوقت نفسه ورئس بيت الحكمة لمدة قصيرة .
كانت العربية لغته الأم ولكنه أتقن السريانية واليونانية مما ساعده في أعمال الترجمة حتى قيل إنه
أهم وجه من وجوه نقل الفكر اليوناني إلى العربية. وقد أرسى بنقله التراث اليوناني إلى العربية
أسس تطور الطب والعلم والفلسفة في الحضارة الإسلامية في العصر الوسيط.
يشكل حنين نقلة نوعية وحاسمة في تاريخ الترجمة . فهو أكد على الدقة في النقل والترجمة فأعاد
ترجمة بعض المؤلفات الفلسفية والعلمية ونقّح بعضها الاخر مقارناً بين الترجمة والاصل . وكان
يساعده في عمله فريق من المترجمين البارزين بينهم ابنه اسحق وابن اخته حبيش وتلميذه عيسى
بن يحي . وقامت هذه المجموعة بترجمة العديد من الكتب الفلسفية مثل "كتاب الاخلاق "
من محاورة افلاطون " السفسطائي " وكتاب ارسطو المنحول " في النبات". وبين مؤلفاته أيضاً لجالينوس و" المقولات " و " العبارة " و "الكون والفساد " و" الاخلاق " لجالينوس ٬ واجزاء
كتاب السبب الذي صارت مياه البحر له مالحة "و "كتاب تاريخ العالم " و " كتاب خواص "احكام الاعراب على مذاهب اليونانيين " و "كتاب في المد والجزر " و " كتاب الالوان " و "
الحجارة "٬ و"عشر مقالات في العين"٬ و"المدخل في الطب.
له مؤلفات في الطب والفلسفة والدين. وكانت أعماله المتنوعة تعكس تعدد مواهبه.
جاء في "عيون الأنباء في طبقات الأطباء" لابن أبي أصيبعة عن كتاب العشر مقالات في العين
لحنين بن إسحاق:
حنين بن إسحاق هو أبو زيد حنين بن إسحاق العبادي «بفتح العين وتخفيف الباء» والعباد بالفتح
قبائل شتى من بطون العرب٬ اجتعموا على النصرانية بالحيرة
وكان حنين بن إسحاق فصيحاً لسناً بارعاً شاعراً٬ وأقام مدة في البصرة وكان شيخه في العربية
الخليل بن أحمد ثم بعد ذلك انتقل إلى بغداد واشتغل بصناعة الطب
قال يوسف بن إبراهيم أول ما حصل لحنين بن إسحاق من الاجتهاد والعناية في صناعة الطب هو
أن مجلس يوحنا بن ماسوية كان من أعم مجلس يكون في التصدي لتعليم صناعة الطب٬ وكان
يجتمع فيه أصناف أهل الأدب قال يوسف وذلك أني كنت أعهد حنين بن إسحاق الترجمان يقرأ
على يوحنا بن ماسوية كتاب فرق الطب الموسوم باللسان الرومي والسرياني بهراسيس
وتتلمذ حنين على يوحنا بن ماسوية واشتغل عليه بصناعة الطب٬ ونقل حنين لابن ماسوية كتباً
كثيرة وخصوصاً من كتب جالينوس وكان المأمون يعطي حنين من الذهب زنة ما ينقله من الكتب
إلى العربية
مؤلفات حنين بن إسحاق في طب العيون
ـ جاء في الفهرست لابن النديم وتاريخ الحكماء لابن القفطي وطبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة أن
من كتب حنين في طب العيون
ـ كتاب العشر مقالات في العين ـ الذي نحن بصدد الحديث عنه
ـ كتاب المسائل في العين وقد جاء في الفهرست أن حنيناً هو الذي ألفه وكذلك قال ابن أبي أصيبعة
في عيون الأنباء
ـ كتاب تركيب العين ويرجح أن يطابق هذا الكتاب المقالة الأولى من كتاب العشر مقالات في
العين
ـ كتاب الألوان وقد يطابق المقالة الثالثة الجزء الأخير منها
ـ كتاب تقاسيم علل العين يطابق المقالة الخامسة أو السادسة
ـ كتاب اختبار أدوية العين ويطابق المقالة الثامنة على الأرجح
ـ كتاب علاج أمراض العين بالحديد وهو المقالة الحادية عشرة التي أضافها ابن أبي أصيبعة
لكتاب العشر مقالات في العين
ملخص المقالة الأولى من الكتاب
ـ في طبيعة العين وتركيبها جاء في المقالة الأولى من كتاب العشر مقالات في العين لحنين بن
إسحاق
العين مركبة من أجزاء كثيرة محتلفة وليس بجميع أجزائها يكون البصر بل الرطوبة الشبيهة
بالجليد وأما سائر الرطوبات التي في العين والطبقات وجميع ما سوى ذلك فإنه إنما خلق كل واحد
منها لمنفعة فيه للرطوبة الجليدية التي ذكرت
الرطوبة الجليدية إنها بيضاء صافية نيرة مستديرة بمستحكمة الاستدارة بل فيها عرض وهي في
وسط العين كنقطة توهمناها في وسط كرة٬ أما بياضها ونورها وصفاؤها فلتقبل الاستحالة من
الألوان سريعاً وأما استدارتها فلئلا يسرع إليها قبول الآلام
ـ وهذه الرطوبة أعني الجليدية بين رطوبتين واحدة من خلفها شبيهة بالزجاج الذائب المسماة
بالزجاجية وأخرى من قدامها شبيهة ببياض البيض وتسمى البيضة
ـ وخلف الرطوبة الزجاجية ثلاث طبقات الطبقة الأولى تحوي الرطوبة الزجاجية وهي شبيهة
بالشبكية «أي حجاب شبكي» والطبقة الثانية التي خلف الأولى وهي شبيهة بالمشيمة وتسمى
بالطيقة المشيمية والطبقة الثالثة خلف الثانية تلي العظم وهي صلبة قاسية وتسمى بالغشاء الصلب
ـ وقدام الرطوبة الشبيهة ببياض البيض ثلاث طبقات الطبقة الأولى تحوي الرطوبة الشبيهة ببياض
البيض وهي شبيهة بالعنبة وفي لونها سواد مع لون السماء يقال لها العنبة٬ وعلى هذه الطبقة طبقة
ثانية شبيهة بالذيل في لونها وهيئتها لإنها مركبة من أجزاء إذا قشرت بعضها عن بعض وجدت
وتحيط بهذه الطبقة من خارج طبقة أخرى لا تغشيها يقال لها «الملتحمة» من أنها غشاء يلتحم
حول الطبقة القرنية ولا يغشيها لأنه لو غشاه كله لمنع البصر من أن ينفذ وهي على هذا المثال
ـ وبدأ حنين في بيان وظائف التراكيب السابقة فقال ونبتدئ بعون الله بالإخبار عن منفعة الرطوبة
التي خلف الجليدية وهي الزجاجية وعن الثلاث الطبقات التي ذكرنا خلفها فنقول إن كل عضو من
أعضاء البدن لا بد له من غذاء لأنه لا بد له من أن ينقص منه شيء بتحلل الحرارة الطبيعية من
داخل وحرارة الهواء من خارج فهو لذلك مضطر لا محالة إلى ما يخلف ما يتحلل منه ولا يخلف
ما يتحلل منه إلا ما كان شبيهاً بما يتحلل وذلك شبيه بطبيعة العضو٬ وكذلك يكون الغذاء أعنى أن
يقبل العضو زيادة شبيهة بطبيعته فلا أن الرطوبة الجليدية احتاجت يمكن أن يكون غذاؤها من الدم
بلا متوسط فاحتاجت إلى متوسط من طبيعتها إلى طبيعة الدم وذلك هي الرطوبة الزجاجية لأنها
أقرب إلى البياض والصفاء من الدم فلذلك صارت الرطوبة الجليدية مماسة للرطوبة الزجاجية
ليس بينهما حاجز وهي مغرقة فيها إلى نصفها
ـ الطبقة الشبيهة بالشبكية وأما الطبقة التي تحوي هذه الرطوبة الزجاجية فإنها مركبة من شيئين
من عصبة مجوفة يجري فيها الروح الذي به يكون البصر ومن عروق وأوردة٬ وقد ينبغي أن
نوقف القول في هذا الموضع ونبتدىء بالكلام من أوله.
ـ ثم قال وأما الطبقة العنبية فاحتيج إليها لثلاث خصال أما واحدة فلتغذي القرنية وذلك لأنه لم يمكن
أن يكون في القرنية من الأوردة والعروق ما يكتفي به لتغتذي منها لرقتها وصلابتها وكثافتها وأما
الثانية فلتحجز بين الجليدية وبين القرنية لئلا يضر بها لصلابتها٬ وأما الثالثة فلتجمع النور بلونها
فصارت العنبية كثيرة الأوردة لتغذو القرنية وصارت لينة لئلا تضر بالجليدية بملاقاتها لها ولذلك
صار لها من داخل فهي ملساء لئلا تضر بها القرنية وفي لونها سواد مع لون السماء لتجمع النور
الذي به يكون البصر لئلا يتبدد من النور الخارج وفي وسطها ثقب لينفذ فيه النور إلى الهواء
خارج ويلقى المحسوس
وهذه النظرية خاطئة وقد صححها ابن النفيس وابن الهيثم ـ وهذا الخطأ يرجع إلى ترجمة حنين
دون اشتغاله بعملية التشريح
وقال حنين وفي جوف العنبة الرطوبة التي تشبه بياض البيض وروح مضيء ينير لهما منفعة
عامية أن يفرقا بين الرطوبة الجليدية والطبقة القرنية لذلا يضر بها
ـ وللرطوبة البيضية منافع خاصة إنها تندي وتغذي الرطوبة الجليدية لئلا يجففها الهواء وأن تندي
وتغذي الطبقة العنبية لئلا تجف وتصلب فتضر بالجليدية إذا لاقتها
وعن عضل العين قال حنين
اعلم أن العين احتاجت إلى عضل يحركها لتحاذي ما ترى وذلك أن فيها تسع عضلات ثلاث منها
في أصل العصبة التي يجري فيها النور إلى العين لتشدها وتثبتها وبعضهم قالوا اثنتان وبعضهم
قالوا واحدة فواحدة في اللحاظ تحركها إلى ناحية الصدغ٬ وواحدة في الماق تحرك العين ناحية
الأنف وواحدة من فوق تحركها إلى فوق وأخرى من أسفل تحركها إلى أسفل واثنتان فيهما عوج
من فوق ومن أسفل بديران العين وحركة هذا العضل من العصبة الصلبة التي ذكرناها آنفاً أنها
تجيء إلى العين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69641
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

علماء وفلاسفه ورحالة Empty
مُساهمةموضوع: رد: علماء وفلاسفه ورحالة   علماء وفلاسفه ورحالة Emptyالأحد 08 نوفمبر 2015, 8:00 am

ثابت بن سنان
تو. 975م
ولد "أبو الحسن ثابت بن سنان بن ثابت بن قرة" في أسرة عريقة٬ اشتهرت بالعلم والطب٬ ونشأ في
بغداد حاضرة الخلافة الإسلامية٬ وموطن العلم وقبلة العلماء٬ كان أبوه "سنان" طبيبًا ماهًرا٬ وقد
خوله الوزير "أبو عيسى بن الجراح" مهمة الإشراف على علاج المساجين في سجون الدولة٬
وتوفير الدواء والرعاية الصحية لهم. كما قلده البيمارستانات ببغداد وغيرها٬ فكان يقوم بعمله بمهارة
وإتقان جعلته موضع ثقة الوزير "علي بن عيسى" والخليفة "المقتدر با㴅ԅ العباسي".
كان جده هو الطبيب المعروف "ثابت بن قرة" الذي برز كواحد من أكبر الأطباء والمترجمين في
القرن (3هـ = 9م)٬ والذي كان يتميز بالبراعة والذكاء٬ وقد روي عنه حفيده "ثابت بن سنان" قصة
طريفة مؤداها أنه كان يمر في طريقه دائًما بجزار يبيع اللحم٬ وكانت له عادة غريبة٬ فهو يقطع
شرائح الكبد ويضع عليها الملح ثم يتناولها نيئة. وتوقع "ثابت" له أن يصاب بأذى٬ فجهّز الدواء
اللازم له٬ وكان يحمله معه كلما مر عليه٬ وفي أحد الأيام مر ثابت بالجزار فسمع صراًخا وعويلاً٬
فأدرك أنه صار إلى ما توقعه له وعندما سأل عن الخبر قيل له: إن الجزار قد مات٬ فطلب الدخول
عليه٬ وعلى الفور بدأ بتنشيط نبض الرجل وأعطاه الدواء الذي أعده خصيًصا له٬ وسرعان ما أفاق
الرجل وبدأ يستعيد نشاطه وحيويته.
عاصر "ثابت بن سنان" عدًدا كبيًرا من الخلفاء العباسيين٬ وكانت له مكانة وحظوة في بلاط كثير
منهم٬ وجعل علمه وخبرته ومهارته في خدمتهم٬ فاتصل بالخليفة "الراضي" ٬ كما خدم الخليفة
"المتقي با㴅ԅ" وكذلك الخليفة "المستكفي با٬ "㴅ԅ والخليفة "المطيع".
تولى "ثابت بن سنان" إدارة بيمارستان بغداد فترة طويلة من الزمان. وكان "ثابت" طبيبًا نبيلاً٬
اطلع على كتب الأقدمين٬ وأضاف إليها العديد من خبراته ومشاهداته٬ وقد ساعده على التبحر في
علوم الطب أنه نشأ في أسرة توارثت هذا العلم٬ وقد سلك فيه مسلك جده "ثابت" في نظره في الطب
والفلسفة.
لم يمنع انشغال ثابت بالطب من اشتغاله بعلم آخر بعيد تماًما عن مجال الطب٬ وهو علم التاريخ٬ وقد
وضع "ثابت" كتابًا مشهوًرا في التاريخ٬ أخذ عنه كثير من المؤرخين الذين جاءوا من بعده٬ وكان
كتابه هذا يسجل فترة مهمة من التاريخ الإسلامي في العصر العباسي٬ بدأه من خلافة المقتدر با㴅ԅ
العباسي سنة [295هـ = 908م] وانتهى قبيل وفاته بنحو عامين سنة [363هـ = 974م]٬
 وقد جعله ذيلاً على "تاريخ الطبري"٬ ونسج فيه على منواله٬ 
واتبع طريقته في التصنيف٬ إلا أن هذا الكتاب
فُقد٬ ولم يصلنا منه سوى بعض النقول ولكن تظل مهنة الطب هي المسيطرة على فكر ابن سنان
وثقافته فهي تطل من ثنايا كتاباته في التاريخ٬ وبدا جليًا تأثره الواضح بمهنته كطبيب٬ فكان يهتم
بالأخبار الطبية الطريفة٬ فينساب قلمه في وصفها شارًحا ومحللاً٬ من ذلك قوله: "حدثني جماعة من
أهل الموصل ممن أثق به أن بعض بطارقة الأرمن أنفذ في سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة إلى ناصر
الدولة رجلين من الأرمن ملتصقين".
ويهتم "ثابت" بوصف صفة التصاق التوأمين٬ وكيفية تحركهما وتناولهما الطعام٬ ويتحدث عن
اختلاف طبائعهما وتباين مزاجهما٬ واختلافهما في الميول والاهتمامات.
وفي موضع آخر يقول: "ورأيت في صدر أيام المقتدر ببغداد امرأة بلا ذراعين ولا عضدين٬ وكان
لها كفان بأصابع تامة معلقتان رأس كتفيها لا تعمل بهما شيئًا. وكانت تعمل أعمال اليدين برجليها
ورأسها تغزل برجلها وتمد الطاقة وتسويها وتسّرح امرأة برجليها".
كان "ثابت بن سنان" أستاًذا للعديد من الدارسين والأطباء٬ وكان يدرس كتب أبقراط وجالينوس٬
وكان أحمد وعمر ابنا يونس بن أحمد الحراني ممن قرأ عليه كتب جالينوس في بغداد٬ كما شارك في
ترجمة كثير من الكتب الطبية من اللغات السريانية واليونانية وشرحها وإضافة معلومات جديدة إليها.
وكان لبراعته ومهارته وعلمه أكبر الأثر في توليه رئاسة بيمارستان بغداد خلفًا لأبيه ليكون عميًدا
لأطباء بغداد.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69641
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

علماء وفلاسفه ورحالة Empty
مُساهمةموضوع: رد: علماء وفلاسفه ورحالة   علماء وفلاسفه ورحالة Emptyالأحد 08 نوفمبر 2015, 8:04 am

يوحنا بن ماسويه
توفي 243 هـ
يحيى بن ماسويه أبو زكريا الجوزي الحراني البغدادي عالم موسوعي بالطب والنبات والصيدلة٬
وناقل مترجم٬ وعالم أرض. عاش في القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي.
قال عنه ابن النديم في "الفهرست": ((هو أبو زكريا يحيى بن ماسويه وكان فاضلاً طبيباً مقدماً
عند الملوك عالماً مصنفاً خدم المأمون والمعتصم والواثق والمتوكل قرأت بخط الحكيمي قال عبث
بن حمدون النديم بابن ماسويه بحضرة المتوكل فقال له بن ماسويه لو أن مكان ما فيك من الجهل
عقل ثم قسم على مائة خنفساء لكانت كل واحدة منهن أعقل من أرسطاليس وتوفي يحيى بن
ماسويه وله من الكتب كتاب الكمال والتمام كتاب الكامل كتاب الحمام كتاب دفع ضرر الأغذية
كتاب الإسهال كتاب علاج الصداع كتاب السدر والدوار كتاب لم امتنع الأطباء من علاج الحوامل
في بعض شهور حملهن كتاب محنة الطبيب كتاب مجسة العروق كتاب الصوت والبحة كتاب ماء
الشعير كتاب الفصد والحجامة كتاب المرة السوداء كتاب علاج النساء اللاتي لا يحبلن كتاب
السواك والسنونات كتاب إصلاح الأدوية المسهلة كتاب الحميات مشجر كتاب القولنج)).
ولد ابن ماسويه في مدينة جندسابور٬ ولم تحدد الموسوعات أو كتب تاريخ العلوم عام ميلاد له.
انتقل ابن ماسويه مع أبيه الخبير بالصيدلة إلى مدينة بغداد ودرس هناك الطب والصيدلة على يد
أبيه والعلماء الآخرين في بيمارستان بغداد٬ وأتقن اللغات السريانية واليونانية والفارسية كأنه واحد
من أبنائها إلى جانب العربية٬ وصار من أطباء قصر الخلافة وبيمارستان بغداد. وقد خدم من
الخلفاء العباسيين ­ كطبيب ومترجم ­ الرشيد والمأمون والمعتصم والمتوكل٬ وقلده الرشيد منصب
رئيس لمترجمي الكتب القديمة في بيت الحكمة ببغداد٬ ثم جعله المأمون رئيسا لبيت الحكمة عام
215هـ /830 م٬ وفي مدينة بغداد أسس ابن ماسويه أول كلية للطب في العالم الإسلامي٬ وقد
عاش ابن ماسويه عمره كله متنقلا بين مدينتي بغداد وسامراء.
وكان ابن ماسويه مهتما بعلم التشريح ومارسه على الحيوانات٬ ومن أهمها القرود التي كان يربيها
في حديقة قصره ببغداد باعتبارها من الحيوانات القريبة التكوين من الإنسان. ومن كتبه في هذا
العلم كتاب: تركيب خلق الإنسان وأجزائه وعدد أعضائه ٬ وكان يقام في قصره مجلس علم
يحضره شيوخ الطب وعلماؤه يتشاورون ويتجادلون في المسائل الطبية مما أشاع جوا علميا في
بغداد. ويعد ابن ماسويه أولَمن تعرف على مرض الَّسبل القرني وهو من أمراض العيون٬ وقد
أدرك طبيعته الالتهابية٬ ووصف صورته السريرية٬ وهو أقدم وصف لطبيعة هذا المرض. كما
يعد ابن ماسويه أولَمن وضع كتابا عن مرض الجذام(البرص) بعنوان : في الجذام.
ولابن ماسويه كتب عديدة في الطب من أهمها: معرفة الكحالين وهو أقدم كتاب طبي عربي كتب
بأسلوب السؤال والجواب٬ وقد اختصر فيه كل أمراض العيون إلى زمانه لكي يساعد الطلاب في
كلية الطب التي أنشأها عند تقدمهم للامتحان لنيل لقب طبيب عيون. وكتاب: دغل العين وهو
بدوره أقدم كتاب تعليمي في العربية في طب العيون. وفي الطب النفسي ألف كتابا عن الماليخوليا
وأسبابها ٬ وفي الطب النظري وفروعه ألف كتاب: مختصر في معرفة أجناس الطب . وله كتاب:
في تركيب الأدوية المسهلة و يتناول الأدوية المسهلة وأنواعها وإصلاحها٬ وخواص كل دواء منها
ومنفعته. وكتاب: ذكر خواص مختارة على ترتيب العلل وكتاب: جواهر الطبيب المفردة بصفاتها
ومعادنها . وكتاب: ماء الشعير ٬ وكتاب: خواص الأغذية والبقول (الحبوب) والفواكه واللحوم
والألبان . وله في علوم الأرض٬ وبخاصة علم الجواهر كتاب: الجواهر وصفاتها وصفات
الغواصين عليها والتجار بها ٬ وقد عدد في هذا الكتاب الجواهر وأنواعها٬ وبخاصة الماس و
الياقوت .
قال عنه ابن أبي أصيبعة في "عيون الأنباء في طبقات الأطباء": ((كان طبيباً ذكياً فاضلاً خبيراً
بصناعة الطب٬ وله كلام حسن وتصانيف مشهورة وكان مبجلاً حظياً عند الخلفاء والملوك٬ قال
إسحاق بن علي الرهاوي في كتاب أدب الطبيب عن عيسى بن ماسه الطبيب٬ قال أخبرني أبو
زكريا يوحنا بن ماسويه أنه اكتسب من صناعة الطب ألف ألف درهم٬ وعاش بعد قوله هذا ثلاث
سنين أخر٬ وكان الواثق مشغوفاً ضنيناً به٬ فشرب يوماً عنده فسقاه الساقي شراباً غير صاف ولا
لذيذ٬ على ما جرت به العادة٬ وهذا من عادة السقاة إذا قصر في برهم٬ فلما شرب القدح الأول قال
يا أمير المؤمنين٬ أما المذاقات فقد عرفتها واعتدتها٬ ومذاقة هذا الشراب فخارجة عن طبع
المذاقات كلها٬ فوجد أمير المؤمنين على السقاة وقال يسقون أطبائي٬ وفي مجلسي٬ مثل هذا
الشراب وأمر ليوحنا٬ بهذا السبب٬ وفي ذلك الوقت٬ بمائة ألف درهم ودعا بسمانة الخادم٬ فقال له
احمل إليه المال الساعة٬ فلما كان وقت العصر سأل سمانة هل حمل مال الطبيب أم لا؟ فقال لا٬
بعد٬ فقال يحمل إليه مائتا ألف درهم الساعة٬ فلما صلوا العشاء سأل عن حمل المال فقيل له لم
يحمل بعد٬ فدعا بسمانة وقال احمل إليه ثلاثمائة ألف درهم٬ فقال سمانة لخازن بيت المال٬ احملوا
مال يوحنا وإلا لم يبق في بيت المال شيء٬ فحمل إليه من ساعته٬ وقال سليمان بن حسان كان
يوحنا بن ماسويه مسيحي المذهب سريانياً٬ قلده الرشيد ترجمة الكتب القديمة مما وجد بأنقره
والأمين والمأمون٬ وبقي على ذلك إلى أيام المتوكل٬ قال وكانت ملوك بني هاشم لا يتناولون شيئاً وعمورية وسائر بلاد الروم حين سباها المسلمون٬ ووضعه أميناً على الترجمة٬ وخدم هارون
من أطعمتهم إلا بحضرته٬ وكان يقف على رؤوسهم ومعه البراني بالجوارشنات الهاضمة
المسخنة الطابخة المقوية للحرارة الغريزية في الشتاء٬ وفي الصيف بالأشربة الباردة
والجوارشنات٬ وقال ابن النديم البغدادي الكاتب إن يوحنا بن ماسويه خدم بصناعة الطب المأمون
والمعتصم والواثق والمتوكل. وقال يوسف بن إبراهيم كان مجلس يوحنا بن ماسويه أعمر مجلس
كنت أراه بمدينة السلام لمتطبب أو متكلم أو متفلسف٬ لأنه كان يجتمع فيه كل صنف من أصناف
الصدر٬ وشدة الحدة٬ على أكثر ما كان عليه جبرائيل بن بختيشوع٬ وكانت الحدة تخرج منه ألفاظاً أهل الأدب٬ وكان في يوحنا دعابة شديدة٬ يحضر بعض من يحضر من أجلها٬ وكان من ضيق
مضحكة٬ وكان أطيب ما يكون مجلسه في وقت نظره في قوارير الماء٬ وكنت وابن حمدون بن
عبد الصمد بن علي الملقب بأبي العيرطرد٬ وإسحاق بن إبراهيم بن محمد بن إسماعيل الملقب
ببيض البغل٬ قد توكلنا به بحفظ نوادره وأظهرت له التلمذة في قراءة كتب المنطق عليه٬ وأظهرا
له التلمذة بقراءتهما كتب جالينوس في الطب عليه٬ قال يوسف فمما حفظت من نوادره في وقت
نظره أن امرأة أتته فقالت له إن فلانة وفلانة وفلانة يَْقرأن عليك السلام٬ فقال لها أنا بأسماء أهل
قسطنطينية وعمورية أعلم مني بأسماء هؤلاء الذين سميتهن٬ فأظهري بولك حتى أنظر لك فيه٬
قال يوسف وحفظت عليه أن رجلاً شكى إليه علة كان شفاؤه منها الفصد٬ فأشار به عليه٬ فقال لم
أعتد الفصد٬ فقال له ولا أحسب أحداً اعتاده في بطن أمه٬ وكذلك لم تعتد العلة قبل أن تعتل٬ وقد
حدثت بك فاختر ما شئت من الصبر على ما أحدثت لك الطبيعة من العلة أو اعتياد الفصد لتسلم
منها٬ قال يوسف وشكى إليه رجل بحضرتي جرباً قد أضر به فأمرهبفصد الأكحل من يده اليمنى٬
فأعلمه أنه قد فعل٬ فأمر بفصد الأكحل أيضاً من يده اليسرى٬ فذكر أنه قد فعل٬ فأمره بشرب
المطبوخ٬ فقال قد فعلت فأمره بشرب الأصمخيقون٬ فأعلمه أنه قد فعل٬ فأمره بشرب ماء الجبن
أسبوعاً٬ وشرب مخيض البقر أسبوعين٬ فأعلمه أنه قد فعل٬ فقال له لم يبق شيء مما أمر به

المتطببون إلا وقد ذكرت أنك فعلته٬ وبقي شيء مما لم يذكره بقراط ولا جالينوس٬ وقد رأيناه
يعمل على التجربة كثيراً٬ فاستعمله فإني أرجو أن ينجح علاجك إن شاءّالله٬ فسأله ما هو؟ فقال
ابتع زوجي قراطيس٬ وقطعهما رقاعاً صغاراً٬ واكتب في كل رقعه رحمّالله من دعا لمبتلى
بالعافية وألق نصفها في المسجد الشرقي بمدينة السلام٬ والنصف الآخر في المسجد الغربي٬
وفرقها في المجالس يوم الجمعة٬ فإني أرجو أن ينفعكَّالله بالدعاء٬ إذ لم ينفعك العلاج٬ قال يوسف
وصار إليه٬ وأنا حاضر٬ قسيس الكنيسة التي يتقرب فيها يوحنا وقال له قد فسدت علي معدتي٬
فقال له استعمل جوارشن الخوزبي٬ فقال قد فعلت٬ فقال له يوحنا فاستعمل السقمونيا٬ قال قد أكلت
منه أرطالاً فأمره باستعمال المقداذيقون٬ فقال قد شربت منه جرة٬ قال له فاستعمل المروسيا٬ فقال
قد فعلت وأكثرت٬ فغضب وقال له إن أردت أن تبرأ فأسلم فإن الإسلام يصلح المعدة. قال يوسف
واشتدت على يوحنا علة كان فيها حتى يئس منه أهله٬ ومن عادة النصارى إحضار من يئس منه
أهله جماعة من الرهبان والقسيسين والشمامسة يقرؤون حوله٬ ففعل مثل ذلك بيوحنا٬ فأفرق
والرهبان حوله يقرؤون٬ فقال لهم يا أولاد الفسق ما تصنعون في بيتي؟ فقالوا له كنا ندعو ربنا في
التفضل عليك بالعافية٬ فقال لهم يوحنا قرص ورد أفضل من صلوات جميع أهل النصرانية منذ
كانت إلى يوم القيامة٬ اخرجوا من منزلي فخرجوا٬ قال يوسف وشكى٬ بحضرتي٬ إلى يوحنا
رجل من التجار جرباً به في أيام الشتاء فقال ليست هذه من أيام علاج ما تجد٬ وإنما علاج دائك
حريق من الأبزار والبقول٬ وما يخرج من الضرع٬ فقال له الرجل هذه أشياء لست أعطى صبراً هذا في أيام الربيع؛ فتنكب أكل المعفنات كلها٬ وطري السمك ومالحه صغار ذلك وكباره٬ وكل
على تركها٬ فقال له يوحنا فإن كان الأمر على ما ذكرت فأدمن أكلها وحك بدنك٬ فلو نزل المسيح
لك خاصة لما انتفعت بدعائه٬ لما تصف به نفسك من الشره٬ قال يوسف وعاتبه النصارى على
اتخاذ الجواري وقالوا له خالفت ديننا وأنت شماس٬ فإما إن كنت على سنتنا واقتصرت على امرأة
واحدة وكنت شماساً لنا؛ وإما أخرجت نفسك من الشماسية واتخذت ما بدا لك من الجواري فقال
إنما أمرنا في موضع واحد أن لا نتخذ امرأتين ولا ثوبين٬ فمن جعل الجاثليق العاض بظر أمه
أولى أن يتخذ عشرين ثوباً من يوحنا الشقي في اتخاذ أربع جوار٬ فقولوا لجاثليقكم أن يلزم قانون
دينه٬ حتى نلزمه معه٬ وإن خالفه خالفناه٬ قال يوسف وكان بختيشوع بن جبرائيل يداعب يوحنا
كثيراً٬ فقال له يوماً في مجلس أبي إسحاق٬ ونحن في عسكر المعتصم بالمدائن٬ في سنة عشرين
ومائتين أنت يا أبا زكريا أخي لأبي فقال يوحنا لأبي إسحاق اشهد أيها الأمير على إقراره فوّالله
لأقاسمنه ميراثه من أبيه٬ فقال له بختيشوع إن أولاد الزنا لا يرثون ولا يورثون وقد حكم دين
الإسلام للعاهر بالحجر٬ فانقطع يوحنا ولم يحر جواباً٬ قال يوسف وكانت دار الطيفوري في دار
الروم من الجانب الشرقي بمدينة السلام لصيقة دار يوحنا بن ماسويه٬ وكان للطيفوري ابن قد علم
الطب علماً حسناً يقال له دانيل٬ ثم ترهب بعد ذلك؛ فكان يدخل مدينة السلام عند تأدي الخبر إليه
بعلة والده أو ما أشبه ذلك٬ وكان ليوحنا طاووس كان يقف على الحائط الذي فيما بين داره ودار
الطيفوري٬ فقدم دانيل مدينة السلام ليلاً في الشهر المعروف بآب٬ وهو شهر شديد الحر كثير
الرمد٬ فكان الطاووس كلما اشتد عليه الحر صاح فأنبه دانيل٬ وهو في ثياب صوف من ثياب
الرهبان٬ فطرده مرات فلم ينفع ذلك فيه٬ ثم رفع مرزبته فضرب بها رأس الطاووس فوقع ميتاً٬
واستتر الخبر عن يوحنا إلى أن ركب ورجع٬ فصادف عند منصرفه طاووسه ميتاً على باب داره٬
فأقبل يقذف بالحدود من قتله٬ فخرج إليه دانيل فقال لا تشتمن من قتله٬ فإني أنا قتلته٬ ولك علي
مكانه عدة طواويس٬ فقال له يوحنا بحضرتي ليس يعجبني راهب له سنام وطول ذكر٬ إلا أنه قال
ذلك بفحش٬ فقال له دانيل وكذلك ليس يعجبني شماس له عدة نساء٬ واسم رئيسة نسائه قراطيس ­
وهو اسم رومي لا عربي٬ ومعنى قراطيس عند الروم القرنانة٬ وليس تكون المرأة قرنانة حتى
تنكح غير بعلها ­ فخجل يوحنا ودخل منزله مفعولاً. قال يوسف وحدثني بمصر أحمد بن هارون
الشرابي إن المتوكل علىّالله حدثه في خلافة الواثق أن يوحنا بن ماسويه كان مع الواثق على
دكان كان للواثق في دجلة٬ ومع الواثق قصبة فيها شص وقد ألقاها في دجلة ليصيد بها السمك٬
فحرم الصيد٬ فالتفت إلى يوحنا وكان على يمينه٬ فقال قم يا مشؤوم عن يميني٬ فقال له يوحنا يا
أمير المؤمنين٬ لا تتكلم بمحال٬ يوحنا بن ماسويه الخوزي وأمه رسالة الصقلبية المبتاعة بثمانمائة
درهم أقبلت به السعادة إلى أن صار نديم الخلفاء وسميرهم وعشيرهم٬ وحتى غمرته الدنيا فنال
منها ما لم يبلغه أمله٬ فمن أعظم محال أن يكون هذا مشؤوماً٬ ولكن٬ إن أحب أمير المؤمنين أن
أخبره بالمشؤوم من هو٬ أخبرته٬ فقال ومن هو؟ فقال من ولدته أربع خلفاء ثم ساقّالله إليه
الخلافة٬ فترك خلافته وقصورها وبساتينها وقعد في دكان مقدار عشرين ذراعاً في مثلها في وسط

دجلة٬ لا يأمن عصف الريح عليه فيغرقه٬ ثم تشبه بأفقر قوم في الدنيا وشرهم٬ وهم صيادو
السمك٬ قال لي أحمد بن هارون قال لي المتوكل فرأيت الكلام قد أنجع فيه إلا أنه أمسك لمكاني٬
قال يوسف وحدثني أحمد بن هارون أن الواثق قال في هذا ليوحنا وهو على هذه الدكان يا يوحنا
ألا أعجبك من خلة؟ قال وما هي؟ قال إن الصياد ليطلب السمك مقدار ساعة٬ فيصيد من السمكة ما
تساوي الدينار أو ما أشبه ذلك٬ وأنا أقعد مذ غدوة إلى الليل فلا أصيد ما يساوي درهماً٬ فقال له
يوحناَوَضع أمير المؤمنين التعجب في غير موضعه٬ إن رزق الصياد من صيد السمك٬ فرزقه
يأتيه لأنه قوته وقوت عياله؛ ورزق أمير المؤمنين بالخلافة فهو غني عن أن يرزق بشيء من
السمك٬ ولو كان رزقه جعل في الصيد لوافاه رزقه منه مثل ما يوافي الصياد٬ قال يوسف وحدثني
إبراهيم بن علي متطبب أحمد بن طولون٬ أنه كان في دهليز يوحنا بن ماسويه ينتظر رجوع يوحنا
من دار السلطان٬ فانصرف وقد أسلم في ذلك الوقت عيسى بن إبراهيم بن نوح بن أبي نوح كاتب
الفتح بن خاقان٬ قال إبراهيم فقمت إليه وجماعة من الرهبان٬ فقال لنا اخرجوا يا أولاد الزنا من
داري واذهبوا أسلموا فقد أسلم المسيح الساعة على يد المتوكل. قال يوسف وقدم جرجة بن زكريا٬
عظيم النوبة٬ في شهر رمضان سنة إحدى وعشرين ومائتين إلى سر من رأى٬ وأهدى إلى
المعتصم هدايا فيها قردة٬ فإني عند يوحنا في اليوم الثاني من شوال من هذه السنة٬ وأنا أعاتبه
على تخلفه عن حضور الدار٬ في ذلك الوقت٬ لأني رأيت سلمويه وبختيشوع والجريش
المتطببين٬ وقد وصلوا٬ إذ دخل علينا غلام من الأتراك الخاصة ومعه قرد من القرود التي أهداها
ملك النوبة لا أذكر أني رأيت أكبر منه جثة وقال له يقول لك أمير المؤمنين زوج هذا القرد من
حماحم قردتك وكان ليوحنا قردة يسميها حماحم٬ كان لا يصبر عنها ساعة٬ فوجم لذلك ثم قال
للرسول قل لأمير المؤمنين اتخاذي لهذه القردة غير ما توهمه أمير المؤمنين٬ وإنما دبرت
تشريحها ووضع كتاب على ما وضع جالينوس في التشريح يكون جمال وضعي إياه لأمير
المؤمنين٬ وكان في جسمها قلة تكون العروق فيها٬ والأوراد والعصب دقاقاً٬ فلم أطمع في اتضاح
الأمر فيها مثل اتضاحه فيما عظم جسمه٬ فتركتها لتكبر ويغلظ جسمها٬ فأما إذ قد وافى هذا القرد
فسيعلم أمير المؤمنين أني سأضع له كتاباً لم يوضع في الإسلام مثله٬ ثم فعل ذلك بالقرد فظهر له
منه كتاب حسن استحسنه أعداؤه فضلاً عن أصدقائه٬ قال يوسف ودخل يوحنا على محمد بن أبي
أيوب بن الرشيد٬ وكانت به حمى مثلثة٬ وهي التي تأخذ غباً٬ فنظر إلى مائه وجس عرقه وسأله
عن خبره٬ كيف كان في أمسه ومبيته وصباحه٬ إلى أن وافاه٬ فأخبره بذلك فقال يوحناُحَّماك هذه
من أسهل الحميات ما لم يخلط صاحبها٬ لأن أقصى حقها سبعة أدوار وأكثر ذلك يترك في الدور
الرابع٬ وإن خلط فيها العليل انتقلت فربما تطاولت به العلة٬ وربما تلفت نفسه٬ فقال ابن أبي أيوب
قف بي على ما رأيت٬ فإني لا أخالفك٬ فأمره أن يقتصر على لباب الخبز المغسول بالماء الحار
ثلاث غسلات٬ ثم يأكل اللباب إن كانت شهوته للطعام ضعيفة٬ وعلى المزَّورات من الطعام مثل
الماس والقرع والسرمق والخيار وما أشبه ذلك إن كانت شهوته قوية؛ وأن يرفع يده عن الطعام
وهو يشتهيه٬ فقال له محمد فهذا ما أمرت بأكله فدلني على ما لا آكل٬ فقال له أول ما أنهاك عن
السفينتان اللتان في الجسر في الجانب الشرقي٬ فإن الجسر لا يصلح إلا بهما٬ ثم نهض مغضباً أكله٬ فيوحنا بن ماسويه ثم بغلة الجاثليق٬ فإن حقه على أهل النصرانية واجب؛ ثم الزنبريتان وهما
وهو يدعو علي لأني كنت السبب في مصيره إلى محمد بن أبي أيوب٬ قال يوسف واعتل محمد بن
سليمان بن الهادي المعروف بابن مشغوف علة تطاولت به٬ وكان أبو العباس بن الرشيد يلزم
يوحنا تعاهده٬ وكان محمد بن سليمان ربما يزيد في الحديث أشياء لا يخيل باطلها على سامعها٬
فدخل إليه يوماً وأنا عنده٬ فاستشاره فيما يأخذ٬ فقال يوحنا قد كنت أشير عليك بما تأخذ في كل يوم
وأنا أحسبك تحب الصحة والعافية٬ فأما إذ صح عندي أنك تكره العافية وتحب العلة فلست استحل
أن أشير عليك بشيء٬ فقال له ابن مشغوف يا جاهل من يكره العافية ويحب العلة؟ فقال له يوحنا
أنت٬ والبرهان على ذلك أن العافية في العالم تشبه الحق والسقم يشبه الكذب٬ وأنت تتكلم أكثر
دهرك بالكذب٬ فيكون كذبك مادة لسقمك فمتى تبرأ أنت من علة متطاولة٬ وأنت تمدها أكثر دهرك
بالكذب الزائد فيها٬ فالزم الصدق ثلاثة أيام ولا تكذب فيها٬ فيوحنا بريء من المسيح٬ إن لم تخرج
من هذه العلة قبل انقضاء هذه الثلاثة أيام٬ قال يوسف بن إبراهيم٬ وكان ليوحنا بن ماسويه ابن
يقال له ماسويه أمه بنت الطيفوري جد إسرائيل متطبب الفتح بن خاقان٬ وكان ماسويه هذا أشبه
خلقّالله بأبيه في خلقه ولفظه وحركاته٬ إلا أنه كان بليداً لا يكاد يفهم شيئاً إلا بعد مدة طويلة٬ ثم
ينسى ذلك في أسرع من اللحظ٬ فكان يوحنا يظهر محبة ابنه تقيَّة من ألسنة الطيفوري وولده٬
وكان أشد بغضاً له منه أسهل الكوسج الذي هتكه بادعائه أنه وضعه في فرج أمه. قال يوسف

واعتل في أول سنة سبع عشرة ومائتين صالح بن شيخ بن عميرة بن حيان بن سراقة الأسدي علة
أشرف منها٬ فأتيته عائداً٬ فوجدته قد أفرق بعض الإفراق٬ فدارت بيننا أحاديث كان منها أن
عميرة جده أصيب بأخ له من أبويه٬ ولم يخلف ولداً٬ فعظمت عليه المصيبة٬ ثم ظهر حبَل بجارية
كانت له بعد وفاته فسري عنه بعض ما دخله من الغم وحولها إلى بيته٬ وقدمها على حرم نفسه٬
فوضعت ابنة فتبنى بها وقدمها على ذكور ولده وإناثهم٬ فلما ترعرعت رغب لها في كفء
يزوجها منه٬ فكان لا يخطبها إليه خاطب إلا فّرغ نفسه للتفتيش عن حسبه والتفتيش عن أخلاقه٬
فكان بعض من نزع إليه خاطباً لها ابن عم لخالد بن صفوان بن الأهتم التميمي٬ وكان عميرة
عارفاً بوجه الفتى وبنسبه٬ فقال يا بني أما نسبك فلست أحتاج إلى التفتيش عنه٬ وإنك لكفء لابنة
أخي من جهة الشرف٬ ولكنه لا سبيل إلى عقد عقدة النكاح على ابنتي دون معرفتي بأخلاق من
أعقد العقدة له٬ فإن سهل عليك المقام عندي وفي داري سنة أكشف فيها أخلاقك كما أكشف أحساب
وأخلاق غيرك٬ فأقم في الرحب والسعة؛ وإن لم يسهل ذلك عليك فانصرف إلى أهلك فقد أمرنا
بتجهيزك وحمل جميع ما تحتاج إليه معك إلى موافاتك بصرتك٬ قال صالح بن شيخ حدثني أبي
عن جدي أنه كان لا يبيت ليلة إلا أتاه عن ذلك الرجل أخلاق متناقضة٬ فواصف له بأحسن
الأمور٬ وواصف له بأسمجها٬ فاضطره تناقض أخباره إلى التكذيب بكلها٬ وأن يترك الأمر على
أن مادحه مايله٬ وأن عائبه تحامل عليه٬ فكتب إلى خالد أما بعد فإن فلاناً قدم علينا خاطباً لابنة
أخيك فلانة بنت فلان٬ فإن كانت أخلاقه تشاكل حسبه ففيه الرغبة لزوجته٬ والحظ لولي عقد
نكاحه٬ فإن رأيت علي بما ترى العمل به في ابن عمك وابنة أخيك٬ فإن المستشار مؤتمن فعلت إن
شاءَّالله٬ فكتب إليه خالد قد فهمت كتابك وكان أبو ابن عمي هذا أحسن أهلي خلقاً وأسمجهم خلقاً٬
وأحسنهم عمن أساء به صفحاً٬ وأسخاهم كفاً٬ إلا أنه مبتل بالعهار وسماجة الخلق٬ وكانت أمه من
أحسن خلقَّالله وجهاً٬ وأعفهم فرجاً؛ إلا أنها من سوء الخلق والبخل وقلة العقل على ما لا أعرف
أحداً على مثله٬ وابن عمي هذا٬ فقد تقبل من أبويه مساويهما٬ ولم يتقبل شيئاً من محاسنهما٬ فإن
رغبت في تزويجه على ما شرحت لك من خبره فأنت وذاك٬ وإن كرهته رجوت أن يخيرّالله لابنة
أخينا إن شاءّالله٬ قال صالح فلما قرأ جدي الكتاب أمر بإعداد طعام للرجل٬ فلما أدرك حمله على
منصرفي من عند صالح بن شيخ٬ على دار هارون بن سليمان بن المنصور فدخلت عليه مسلماً ناقة مهرية ووكل به من أخرجه من الكوفة٬ فأعجبني هذا الحديث وحفظته٬ وكان اختياري٬ في
وصادفت عنده ابن ماسويه٬ فسألني هارون عن خبري وعمن لقيت٬ فحدثته بما كان عند صالح بن
شيخ٬ فقال لقد كنت في معادن الأحاديث الطيبة الحسان٬ وسألني هل حفظت عنه حديثاً؟ فحدثته
بهذا الحديث٬ فقال يوحنا عليه وعليه إن لم يكن شبه هذا الحديث بحديثي وحديث ابني أكثر من
شبه ابني بي٬ بليت بطول الوجه وارتفاع قحف الرأس وعرض الجبن٬ وزرقة العين؛ ورزقت
ذكاء وحفظاً لكل ما يدور في مسامعي٬ وكانت بنت الطيفوري أحسن أنثى رأيتها أو سمعت بها إلا
أنها كانت ورهاء بلهاء٬ لا تعقل ما تقول٬ ولا تفهم ما يقال لها٬ فتقبل ابنها مسامجنا جميعاً٬ ولم
يرزق من محاسننا شيئاً٬ ولولا كثرة فضول السلطان ودخوله فيما لا يعنيه لشّرحت ابني هذا حياً٬
مثل ما كان جالينوس يشرح القرود والناس٬ فكنت أعرف بتشريحه الأسباب التي كانت لها بلادته٬
وأريح الناس من خلقته٬ وأكسب أهلها بما أضع في كتابي في صفة تركيب بدنه٬ ومجاري عروقه
وأوراده وعصبه علماً ولكن السلطان يمنع من ذلك. وكأني بأبي الحسين يوسف قد حدث
الطيفوري وولده بهذا الحديث٬ فألقى لنا شرا ومنازعات ليضحك مما يقع بيننا٬ فكان الأمر على ما
توهم٬ واعتل ماسويه بن يوحنا بعد هذا بليال قلائل٬ وقد ورد رسول المعتصم من دمشق أيام كان
بها مع المأمون في إشخاص يوحنا إليه٬ فرأى يوحنا فصده ورأى الطيفوري وابناه زكريا ودانيل
خلاف ما رأى يوحنا٬ ففصده يوحنا وخرج في اليوم الثاني إلى الشام٬ ومات ماسويه في اليوم
الثالث من مخرجه٬ فكان الطيفوري وولده يحلفون في جنازته أن يوحنا تعمد قتله٬ ويحتجون بما
حدثتهم به من كلامه الذي كان في منزل هارون بن سليمان٬ ونقلت من كتاب الهدايا والتحف لأبي
بكر وأبي عثمان الخالديين قالا حدثنا أبو يحيى٬ قال افتصد المتوكل فقال لخاصته وندمائه اهدوا
إلي يوم فصدي٬ فاحتفل كل واحد منهم في هديته٬ وأهدى إليه الفتح بن خاقان جارية لم ير
الراؤون مثلها حسناً وظرفاً وكمالاً؛ فدخلت إليه ومعها جام ذهب في نهاية الحسن٬ ودن بلور لم ير
مثله فيه شراب يتجاوز الصفات٬ ورقعة فيها مكتوب:
إذا خرج الإمام من الدواء وأعقب بالسلامة والشفاء
فليس له دواء غير شرب بهذا الجام من هذا الطلاء
وفض الخاتم المهدى إليه فهذا صالح بعـد الـدواء
واستظرف المتوكل ذلك واستحسنه٬ وكان بحضرته يوحنا بن ماسويه٬ فقال يا أمير المؤمنين٬
الفتح٬ وّالله٬ أطب مني فلا تخالف ما أشار به٬ أقول ومن نوادر يوحنا بن ماسويه أن المتوكل على
َّالله قال له يوماً بعت بيتي بقصرين٬ فقال له أخر الغداء يا أمير المؤمنين ­ أرادالمتوكل تعشيت
فضرني لأنه تصحيفها٬ فأجابه ابن ماسويه بما تضمن العلاج٬ وعتب ابن حمدون النديم ابن
ماسويه بحضرة المتوكل٬ فقال له ابن ماسويه لو أن مكان ما فيك من الجهل عقلاً٬ ثم قسم على
مائة خنفساء لكانت كل واحدة منهن أعقل من أرسطوطاليس٬ ووجدت في كتاب جراب الدولة قال
دخل ابن ماسويه المتطبب إلى المتوكل٬ فقال المتوكل لخادم له خذ بول فلان في قارورة وائِت به
إلى ابن ماسويه٬ فأتى به فلما نظر إليه٬ قال هذا بول بغل لا محالة٬ فقال له المتوكل كيف علمت
أنه بول بغل؟ قال ابن ماسويه أحضرني صاحبه حتى أراه٬ ويتبين كذبي من صدقي٬ فقال المتوكل
هاتوا الغلام٬ فلما مثل بين يديه قال له ابن ماسويه أيش أكلت البارحة قال خبز شعير٬ وماء قراح
فقال ابن ماسويه هذا وَّالله طعام حماري اليوم٬ ونقلت من خط المختار بن الحسن بن بطلان أن أبا
عثمان الجاحظ ويوحنا بن ماسويه قال اجتمعا٬ بغالب ظني٬ على مائدة إسماعيل بن بلبل الوزير٬
وكان في جملة ما قدم مضيرة بعد سمك٬ فامتنع يوحنا من الجمع بينهما٬ قال له أبو عثمان أيها
الشيخ لا يخلو أن يكون السمك من طبع اللبن أو مضاداً له٬ فإن كان أحدهما ضد الآخر فهو دواء
له٬ وإن كانا من طبع واحد فلنحسب أنا قد أكلنا من أحدهما إلى أن اكتفينا٬ فقال يوحنا وَّالله مالي
خبرة بالكلام٬ ولكن كل يا أبا عثمان٬ وانظر ما يكون في غد٬ فأكل أبو عثمان نصرة لدعواه٬ ففلج
في ليلته٬ فقال هذه وّالله نتيجة القياس المحال٬ والذي ضلل أبا عثمان اعتقاده أن السمك من طبع
اللبن٬ ولو سامحناه في أنهما من طبع واحد لكان لامتزاجهما قوة ليست لأحدهما٬ وقال الشيخ أحمد
بن علي ثابت الخطيب البغدادي عن الحسين بن فهم قال قدم علينا محمد بن سلام صاحب طبقات
الشعراء وهو الجمحي سنة اثنتين وعشرين ومائتين٬ فاعتل علة شديدة٬ فما تخلف عنه أحد٬
وأهدى إليه أجلاء أطبائهم٬ فكان ابن ماسويه ممن أهدى إليه٬ فلما جَّسه ونظر إليه٬ وقال ما أرى
من العلة ما أرى من الجزع٬ فقال وَّالله ما ذاك لحرص على الدنيا مع اثنتين وثمانين سنة٬ ولكن
الإنسان في غفلة حتى يوقظ بعلة٬ ولو وقفت بعرفات وقفة٬ وزرت قبر رسولّالله صل الله عليه
وسلم زورة٬ وقضيت أشياء في نفسي٬ لرأيت ما اشتد علي من هذا قد سهل٬ فقال له ابن ماسويه
فلا تجزع فقد رأيت في عرقك من الحرارة الغريزية وقوتها ما إن سلمكّالله من هذه العوارض٬
بلغك عشر سنين أخرى٬ قال الحسين بن فهم فوافق كلامه قدراً فعاش عشر سنين بعد ذلك٬ وحدث
الصولي في كتاب الأوراق قال كان المأمون نازلاً على البدندون ­ نهر من أعمال طرسوس ­
فجلس يوماً وأخوه المعتصم عليه٬ وجعلا أرجلهما فيه استبراداً له٬ وكان أبرد الماء وأرقه وألذه٬
فقال المأمون للمعتصم أحببت الساعة من أزاذ العراق آكله وأشرب من هذا الماء البارد عليه٬
وسمع صوت حلقة البريد وأجراسه٬ فقيل هذا يزيد بن مقبل بريد العراق٬ فأحضر طبقاً من فضة
فيه رطب أزاذ فعجب من تمنيه وما تم له٬ فأكلا وشربا من الماء ونهضا وتودع المأمون وأقال٬ ثم
نهض محموماً وفصد فظهرت في رقبته نفخة كانت تعتاده ويراعيها الطبيب إلى أن تنضج وتفتح
وتبرأ٬ فقال المعتصم للطبيب٬ وهو ابن ماسويه٬ ما أطرف ما نحن فيه تكون الطبيب المفرد
المتوحد في صناعتك٬ وهذه النفخة تعتاد أمير المؤمنين٬ فلا تزيلها عنه٬ وتتلطف في حسم مادتها
حتى لا ترجع إليه وّالله لئن عادت هذه العلة عليه لأضربن عنقك٬ فاستطرق ابن ماسويه لقول
المعتصم وانصرف٬ فحّدث به بعض من يثق به ويأنس إليه فقال له تدري ما قصد المعتصم؟قال
لا٬ قال قد أمرك بقتله حتى لا تعود النفخة إليه٬ وإلا فهو يعلم أن الطبيب لا يقدر على دفع
الأمراض عن الأجسام٬ وإنما قال لك لا تدعه يعيش ليعود المرض عليه٬ فتعالل ابن ماسويه وأمر
تلميذاً له بمشاهدة النفخة والتردد إلى المأمون نيابة عنه٬ والتلميذ يجيئه كل يوم ويعرفه حال
المأمون وما تجدد له٬ فأمره بفتح النفخة٬ فقال له أعيذك باّ٬㫸Ȁ ما احمرت ولا بلغت إلى حد
الجرح٬ فقال له امض وافتحها كما أقول لك ولا تراجعني فمضى وفتحها ومات المأمون رحمه
ّالله٬ أقول إنما فعل ابن ماسويه ذلك لكونه عديماً للمروءة والدين والأمانة٬ وكان على غير ملة
الإسلام٬ ولا له تمسك بدينه أيضاً كما حكى عنه يوسف بن إبراهيم في أخباره المتقدمة٬ ومن ليس
له دين يتمسك به ويعتقد فيه فالواجب أن لا يداينه عاقل ولا يركن إليه حازم٬ وكانت وفاة يوحنا بن
ماسويه بسر من رأى يوم الاثنين لأربع خلون من جمادى الآخرة سنة ثلاث وأربعين ومائتين في
خلافة المتوكل٬ ومن كلام يوحنا بن ماسويه أنه سئل عن الخير الذي لا شر معه فقال شرب القليل

من الشراب الصافي٬ ثم سئل عن الشر الذي لا خير معه فقال نكاح العجوز. وقال أكل التفاح يرد
النفس٬ وقال عليك من الطعام بما حدث٬ ومن الشراب بما عتق٬ وليوحنا بن ماسويه من الكتب
كتاب البرهان ثلاثون باباً٬ كتاب البصيرة٬ كتاب الكمال والتمام٬ كتاب الحميات مشجر٬ كتاب في
الأغذية٬ كتاب في الأشربة٬ كتاب المنجح في الصفات والعلاجات كتاب في الفصد والحجامة٬
كتاب في الجذام لم يسبقه أحد إلى مثله٬ كتاب الجواهر٬ كتاب الرجحان كتاب في تركيب الأدوية
المسهلة وإصلاحها وخاصة كل دواء منها ومنفعته٬ كتاب دفع مضار الأغذية٬ كتاب في غير ما
شيء مما عجز عنه غيره٬ كتاب السر الكامل٬ كتاب في دخول الحمام٬ ومنافعها ومضرتها٬ كتاب
السموم وعلاجها٬ كتاب الديباج٬ كتاب الأزمنة٬ كتاب الطبيخ٬ كتاب في الصداع وعلله وأوجاعه
وجميع أدويته والسدد والعلل المولدة لكل نوع منه٬ وجميع علاجه٬ ألفه لعبدّالله بن طاهر٬ كتاب
الصدر والدوار٬ كتاب لم امتنع الأطباء من علاج الحوامل في بعض شهور حملهن٬ كتاب محنة
الطبيب٬ كتاب معرفة محنة الكحالين٬ كتاب دخل العين٬ كتاب مجسة العروق٬ كتاب الصوت
والبحة٬ كتاب ماء الشعير٬ كتاب المرة السوداء٬ كتاب علاج النساء اللواتي لا يحبلن حتى يحبلن٬
كتاب الجنين٬ كتاب تدبير الأصحاء٬ كتاب في السواك والسنونات٬ كتاب المعدة٬ كتاب القولنج٬
كتاب النوادر الطبية٬ كتاب التشريح٬ كتاب في ترتيب سقي الأدوية المسهلة بحسب الأزمنة
وبحسب الأمزجة٬ وكيف ينبغي أن يسقى٬ ولمن ومتى وكيف يعان الدواء إذا احتبس٬ وكيف يمنع
الإسهال إذا أفرط٬ كتاب تركيب خلق الإنسان وأجزائه وعدد أعضائه ومفاصله وعظامه
وعروقه٬ ومعرفة أسباب الأوجاع٬ ألفه للمأمون٬ كتاب الأبدال فصول كتبها لحنين ابن إسحاق بعد
أن سأله المذكور ذلك٬ كتاب الماليخوليا وأسبابها وعلاماتها وعلاجها٬ كتاب جامع الطب مما
اجتمع عليه أطباء فارس والروم٬ كتاب الحيلة للبرء)).
المراجع: الفهرست لابن النديم/ عيون الأنباء في طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69641
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

علماء وفلاسفه ورحالة Empty
مُساهمةموضوع: رد: علماء وفلاسفه ورحالة   علماء وفلاسفه ورحالة Emptyالأحد 08 نوفمبر 2015, 10:35 am

علي مشرفة
1950 ­1898
ولد الدكتور علي مشرفة في دمياط بمصر. كان والده من مشايخ الدين ومن مدرسة الإمام جمال
الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده. كان لأبويه اليسر المادي والجاه الاجتماعي. فنشأ على الشعور
المرهف بالجمال الذي لم يفقده حبه للخير ومصادقة الضعفاء والمساكين.
حصل عام 1907 على الشهادة الابتدائية. توفي والده في العام نفسه تارًكا عليًّا الذي لم يتجاوز
الاثنى عشر ربيًعا ربًّا لأسرته المكونة من أمه وإخوته الأربعة.. ولعل هذا هو السر فيما يُعرف
عن شخصية الدكتور علي مشرفة بالجلد والصبر وحب الكفاح وارتفاع الحس التربوي في
شخصيته.
التحق علي مشرفة عام 1914 بمدرسة المعلمين العليا٬ واختير عام 1917 لبعثة علمية لأول مرة
إلى إنكلترا حيث قرر علي السفر بعدما اطمأن على إخوته بزواج شقيقته وبالتحاق أشقائه
بالمدارس . التحق بكلية نوتنغهام ثم بكلية "الملك" بلندن حيث حصل منها على بكالوريوس علوم
مع مرتبة الشرف في عام 1923. ثم حصل على شهادة دكتوراه الفلسفة من جامعة لندن في أقصر
مدة تسمح بها قوانين الجامعة.
ُعين لدى عودته مدرًسا بمدرسة المعلمين العليا. إلا أنه وفي أول فرصة سنحت له٬ سافر ثانية إلى
إنكلترا٬ وحصل على درجة دكتوراه العلوم فكان بذلك أول مصري يحصل عليها. في عام 1925
رجع إلى مصر٬ وعين أستاًذا للرياضيات التطبيقية بكلية العلوم بجامعة القاهرة٬ ثمُمنح درجة
"أستاذ" في عام 1926 رغم اعتراض قانون الجامعة على منح اللقب لمن هو أدنى من الثلاثين.
اعتُمد الدكتور علي عميًدا للكلية في عام 1936 وانتخب للعمادة أربع مرات متتاليات٬ كما انتخب
في 1945 وكيلاً للجامعة.
بدأت أبحاث الدكتور علي مشرفة تأخذ مكانها في الدوريات العلمية. فنشر أول خمسة أبحاث حول
النظرية الكمية التي نال من أجلها درجتي دكتوراه الفلسفة ودكتوراة العلوم.
دارت أبحاث الدكتور مشرفة حول تطبيقه الشروط الكمية بصورة معدلة تسمح بإيجاد تفسير
لظاهرتي شتارك وزيمان. وكان أول من قام ببحوث علمية حول إيجاد مقياس للفراغ٬ حيث كانت
هندسة الفراغ المبنية على نظرية "أينشتين" تتعرض فقط لحركة الجسيم المتحرك في مجال
الجاذبية. وأضاف نظريات جديدة في تفسير الإشعاع الصادر من الشمس. وُعّدت نظريته في
الإشعاع والسرعة من أهم نظرياته وسببًا في شهرته وعالميته٬ حيث أثبت أن المادة إشعاع في
أصلها٬ ويمكن اعتبار المادة والإشعاع صورتين لشيء واحد يتحول إحداهما للآخر. ومهدت هذه
النظرية العالم ليحول المواد الذرية إلى إشعاعات.
كان الدكتور علي أحد القلائل الذين عرفوا سر تفتت الذرة وأحد العلماء الذين حاربوا استخدامها
في الحرب. بل كان أول من أضاف فكرة جديدة وهي أن الهيدروجين يمكن أن تصنع منه مثل هذه
القنبلة. إلا أنه لم يكن يتمنى أن تصنع القنبلة الهيدروجينية. وهو ما حدث بعد وفاته بسنوات في
الولايات المتحدة وروسيا.
تقدر أبحاث الدكتور علي مشرفة المتميزة في نظريات الكم٬ الذرة والإشعاع٬ الميكانيكا والديناميكا
بنحو خمسة عشر بحثًا. وبلغت مسودات أبحاثه العلمية قبل وفاته إلى حوالى مائتين. ولعل الدكتور
علي كان ينوي جمعها ليحصل بها على جائزة نوبل في العلوم الرياضية.
نشر الدكتور مشرفة كتبًا عديدة منها: النظرية النسبية٬ الذرة والقنابل٬ نحن والعلم٬ العلم والحياة.
واهتم خاصة بمجال الذرة والإشعاع وكان يقول: "إن الحكومة التي تهمل دراسة الذرة إنما تهمل
الدفاع عن وطنها".
تمتعت كلية العلوم المصرية في عصره بشهرة عالمية واسعة٬ حيث عني عناية تامة بالبحث
العلمي وإمكاناته٬ فوفر كل الفرص المتاحة للباحثين الشباب لإتمام بحوثهم. ووصل به الاهتمام
إلى مراسلة أعضاء البعثات الخارجية٬ وسمح لأول مرة بدخول الطلبة العرب إلى الكلية لأنه كان
يرى أن "القيود القومية والفواصل الجنسية ما هي إلا حبال الشيطان يبث بها العداوة والبغضاء
بين القلوب المتآلفة".
أنشأ قسًما للغة الإنجليزية والترجمة بالكلية. كما حّول الدراسة في الرياضة البحتية إلى اللغة
العربية وصنف قاموًسا لمفردات الكلمات العلمية من الإنكليزية إلى العربية.
كان مشرفة حافظًا للشعر ملًّما بقواعد اللغة العربية٬ عضًوا بالمجمع المصري للثقافة العلمية باللغة
العربية٬ حيث ترجم مباحث كثيرة إلى اللغة العربية. كان يحرص على حضور المناقشات
والمؤتمرات والمناظرات٬ وله مناظرة شهيرة مع طه حسين حول "أيهما أنفع للمجتمع الآداب أم
العلوم". كما نشر ما يقرب من ثلاثين مقالاً منها: سياحة في فضاء العالمين٬ العلم والصوفية٬ اللغة
العربية كأداة علمية٬ اصطدام حضارتين٬ مقام الإنسان في الكون.
كان الدكتور مشرفة عازفًا بارًعا على الكمان والبيانو مغرًما بموسيقى غلبرت وسلفن. ألف
الجمعية المصرية لهواة الموسيقى في سنة 1945. وكان من أغراضها العمل على تذليل
الصعوبات التي تحول دون استخدام النغمات العربية في التأليف الحديث. كّون لجنة لترجمة
"الأوبرتات الأجنبية" إلى اللغة العربية.. وكتب كتابًا في الموسيقى المصرية توصل فيه إلى أن
جميع النغمات الأخرى في السلم الموسيقي غير السيكا والعراق يمكن إلغاؤها أو الاستغناء عنها.
ُدعَي من قبل العالم الألماني الأصل ألبرت أينشتين للاشتراك في إلقاء أبحاث تتعلق بالذرة عام
1945 كأستاذ زائر لمدة عام٬ ولكنه اعتذر بقوله:
"في بلدي جيل يحتاج إلي" .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69641
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

علماء وفلاسفه ورحالة Empty
مُساهمةموضوع: رد: علماء وفلاسفه ورحالة   علماء وفلاسفه ورحالة Emptyالأحد 08 نوفمبر 2015, 10:36 am

ماجد حردان
م2002 ­1958
ُولِد البروفيسور ماجد حردان إغبارية في قرية معاوية٬ بمدينة أم الفحم بفلسطين لوالدين فقيرين. فقد
والدته عام 1967م وخرج للعمل ولم يتجاوز عمره 14 عاًما ليسهم في الإنفاق على أشقائه الخمسة
وشقيقاته السبع.
عِمل في البناء كأي فتى فلسطيني فقير٬ بل إنه اضطر تحت وطأة الحاجة وبعد أن أنهى المرحلة
الثانوية أن يتوقف عن الدراسة لعام كي يعمل. بدأ عام 1978م مشواره الأكاديمي في الجامعة
العبرية بالقدس ليحصل على البكالوريوس بامتياز في تخصص "الإحصاء والاقتصاد". وبعدها بعام
ُعيِّن معيًدا في الجامعة٬ ثم أكمل دراسة الماجستير في الجامعة نفسهامتخصصا بإدارة الأعمال.
حصل وهو في الرابعة والعشرين على منحة من جامعة تل أبيب لدراسة الدكتوراه في تخصص
الأنظمة المعلوماتية. وخلال سنتين فقط حصل على درجة الدكتوراه من الجامعة ليحاضر بعدها في
جامعة هاواي بالولايات المتحدة أستاًذا زائًرا٬ ثم محاضرا في جامعة دروكسل في ولاية فيلادلفيا
لمدة أربع سنوات. وفي تلك الأثناء حصل على لقب "بروفيسور".
بدأ نجم البروفيسور ماجد يسطع تدريجيًّا بعد أن حصل على شهادة الدكتوراه في فترة وجيزة٬
وبتقدير امتياز٬ فتعاقد مع شركة أبحاث أمريكية وتنقل بين الجامعات الأمريكية مكرًسا حياته للعلم
والبحث العلمي. انضم عام 1996م إلى وكليرمونت الأمريكية٬ ودخل عام 1998م في الهيئة
الأكاديمية لجامعة تل أبيب٬ وهو العربي الوحيد الذي حصل على هذه الصفة. وقد ترأس بعض
الأقسام في كلية الإدارة بجامعة تل أبيب٬ وكان آخرها رئيس قسم الأنظمة المعلوماتية.
لم يكن ماجد ذلك الأكاديمي الجاف٬ ولا العالم القابع في برجه العاجي. فقريته كلها عرفت عنه مدى
حبه لكرة القدم. لعب ضمن صفوف فريق قريته "معاوية" في صغره٬ وحين كسرت قدمه في إحدى
المباريات وتوقف عن اللعب ظَّل يتابع أخباره٬ وحين ذهب إلى أمريكا اهتم بكرة القدم الأمريكية.
في تشرين أول/ أكتوبر من عام 1996م شعر ماجد بألم في رجليه نقل على إثره إلى المستشفى
للفحص وتبين وجود مشاكل عنده في الظهر. وبينت صور الأشعة وجود أورام سرطانية في عموده
الفقري. وبعد عملية جراحية عاجلة أخبره الطبيب أنه سيعيش لمدة ثلاثة أشهر لا أكثر. لكنه بعد
ثلاثة أسابيع مشى على قدميه وعاد للتدريس٬ ثم اضطر للعودة إلى البلاد لإجراء عملية أخرى في


مستشفى إيخيلوف.
ومنذ عام 1996م حتى وفاته أجرى سبع عمليات لم تعقه أبًدا عن إكمال مشواره الأكاديمي. كان
مؤمنًا باἆ ومخلًصا في عمله. حارب المرض بقوة وصلابة. الأطباء كانوا يستغربون منه كيف
ينهض كل مرة من العملية أو الفحوصات ويعود إلى عمله مباشرة. كان متفائلاً لإيمانه القوي بقدر
الله. وقبل شهرين من وفاته أخذت حالته الصحية في التدهور٬ فدخل المستشفى في كليرمونت
بالولايات المتحدة يوم ٬2002­7­18 ووضعوا له جهاز تنفس اصطناعي ووضع تحت التخدير
المتواصل حتى فارق الحياة.
احتل ماجد حردان المركز الأول كأكثر الباحثين في مجال الأنظمة المعلوماتية نشراً للأبحاث في
الفترة من 1981 إلى ٬1991 ثم أعيد تصنيفه أيضاً ليكون الباحث الأكثر إنتاجاً في مجاله للفترة من
1991 إلى 1997. ووصلت أبحاثه المنشورة إلى 23 بحثاً بمقدار تقييمي 10.58 في حين وصل
عدد أبحاث من تلاه مباشرة 13 بحثا منشوراً بمقدار تقييمي 6.5.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69641
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

علماء وفلاسفه ورحالة Empty
مُساهمةموضوع: رد: علماء وفلاسفه ورحالة   علماء وفلاسفه ورحالة Emptyالأحد 08 نوفمبر 2015, 10:38 am

ابن النفيس
607 هـ ­ 687 هـ
لو لم أعلم أّن تصانيفي تبقى بعدي عشرة آلاف سنة٬ لما وضعتها ..."
ابن النفيس هو الشيخ الطبيب علاء الدين علي بن أبي الحزم المعروف
بابن النفيس.
لإشراق العلم والمعرفة والفنون آنذاك عاصمتان٬ هما القاهرة ودمشق٬
وبينهما عاش ابن النفيس.
هو أبو الحسن علاء الدين علي بن أبي الحزم٬ المعروف بابن النفيس٬ وأحياناً بالقْرشي نسبة إلى
قَْرش٬ في ما وراء النهر٬ ومنها أصله وهو طبيب وعالم وفيلسوف٬ ولد بدمشق وتوفي بالقاهرة.
قيل في وصفه أنه كان شيخاً طويلاً٬ أسيل الخدين٬ نحيفاً٬ ذا مروءة. وكان قد ابتنى داراً بالقاهرة٬
وفرشها بالرخام حتى ايوانها. ولم يكن متزوجاً فأوقف داره وكتبه وكل ما له على البيمارستان
المنصوري.
كان ابن النفيس معاصراً لمؤرخ الطب الشهير ابن أبي أصيبعة٬ صاحب (عيون الأنباء في طبقات
الأطباء)٬ ودرس معه الطب على ابن دخوار٬ ثم مارسا في الناصري سنوات. ولكن ابن أبي
أصيبعة لم يأت في كتابه على ذكر ابن النفيس٬ ويقال أن سبب هذا التجاهل هو خلاف حصل
بينهما. غير أن لابن النفيس ذكراً في كثير من كتب التراجم٬ أهمها كتاب (شذرات الذهب) للعماد
الحنبلي٬ و (حسن المحاضرة) للسيوطي٬ فضلاً عن كتب المستشرقين أمثال بروكلمن ومايرهوف
وجورج سارطون وسواهم.
مستشفى النوري٬ إلى أن استدعاه السلطان كامل إلى القاهرة لشهرته وذيوع صيته٬ فعمل مديراً درس ابن النفيس الطب على يد مشاهير العلماء٬ خاصة مهذب الدين الدخوار رئيس أطباء
لمدرسة الطب ورئيساً للمستشفى الناصري الملحق بها٬ ثم ترأس المستشفى المنصوري الذي
أنشأه السلطان قلاوون٬ وعمل أيضا طبيباً للسلطان بيبرس.
لم تقتصر شهرة ابن النفيس على الطب وحده٬ بل كان يعد من أكبر علماء عصره في اللغة
والفلسفة وتدريس الفقه والحديث٬ وله كتب عديدة في هذه المجالات منها "الرسالة الكاملية في
السيرة النبوية" (فاضل بن ناطق) التي جارى فيها كتاب "حي بن يقظان" لابن طفيل ولكن
بطريقة لاهوتية٬ "طريق الفصاحة" في النحو٬ "شرح الإشارات" في الفلسفة والمنطق
والتصوف٬ وغيرها من الكتب الهامة .
أما في علم الطب فيعد ابن النفيس من مشاهيره٬ وله مؤلفات ثمينة تصبغها الجرأة وحرية الرأي٬
وأهم كتبه "الشامل" عبارة عن موسوعة طبية تتألف من 300 مجلد٬ "رسالة في أوجاع الأطفال"
"مقالة في النبض"٬ " شرح تشريح القانون" لابن سينا٬ "شرح فصول أبقراط"٬ "بغية الفطن من
علم البدن"٬ "شرح مسائل حنين بن اسحق"٬ كتاب "المهذب في طب العيون"٬ "الموجز في
الطب" ملخص لكتاب القانون لابن سينا٬ رتبه بأربعة تصانيف:
­ في قواعد وأجزاء الطب العلمية والعملية بشكل عام.
­ في الأدوية والأغذية المفردة والمركبة.
­ في الأمراض المختصة بعضو واحد.
­ في الأمراض التي تصيب أكثر من عضو٬ أسبابها٬ علاماتها ومعالجتها.
اشتهر هذا الكتاب كثيرا وطبع عدة مرات وبعدة لغات.
ويبقى الكتاب الأهم الذي أثار اهتماماً خاصاً في القرن العشرين٬ كتاب "شرح تشريح القانون"
الذي اتصف بجرأة مميزة وذلك بنسفه لبعض الآراء والنظريات التي كان يؤمن بها كل الأطباء
الذين سبقوه بمن فيهم أبقراط وجالينوس وابن سينا.
أن كّل مؤلفات ابن النفيس٬ لها قيمة عظيمة في تاريخ الطب العربي بشكل خاص٬ أو في الأدب
الطبي العالمي بشكل عام٬ لكن يبقى كتاب "تشريح القانون" يمتاز بأهمية خاصة٬ حيث تتجلى
عبقرية ابن النفيس بالتفكير والاستنباط وكشف معطيات هامة جدا في علم الطب٬ وتحديداً في
فزيولوجيا الدوران الدموي٬ فنجده يفّصل كيفية الدوران الدموي ما بين الرئتين والقلب (أي ما
يعرف بالدورة الدموية الصغرى) وذلك قبل العالم الإنكليزي هارفي (الذي ينسب إليه اكتشافها)
بعدة قرون٬ وكان أول من اكتشف هذه الحقيقة الطبيب المصري محي الدين التطاوي سنة 1924
أثناء تحضيره لأطروحته في جامعة "فريبورغ" من خلال مخطوطة لهذا الكتاب موجودة في
برلين٬ فأجرى بحثه باللغة الألمانية عن هذا الموضوع وكانت مفاجأة كبرى للمشرفين على
رسالته ولكل العاملين بتاريخ الأدب الطبي٬ فتتالت اعترافات المستشرقين والباحثين بأن لابن
النفيس يعود الفضل باكتشاف الدورة الدموية وليس للعالم هارفي.
بكتابه هذا ينسف ابن النفيس نظرية أبقراط التي تقول بأن الأوردة هي التي تحمل الدم وأن
الشرايين تحتوي على الهواء٬ وبهذا الكتاب يرفض رفضاً حازماً نظرية جالينوس التي تقول بأن
عملية امتزاج الدم بالهواء تتم في القلب٬ وتّدعي أيضا نظرية جالينوس(والتي كان يتبناها كل
الأطباء حتى عهد ابن النفيس) بأن القلب يحتوي على تجاويف وممرات بين البطين الأيمن
والبطين الأيسر تتم ضمنها عملية مزج الدم بالهواء٬ لكن ابن النفيس رفض هذه المقولة بشدة وأكد
عدم وجودها٬ وأثبت أَّن سماكة الحاجز بين البطينين أثخن٬ وأن عملية تنقية الدم تتم في الرئتين
وليس بالقلب أبدا٬ وعندما يتقلص القلب ينتقل الدم من البطين الأيمن إلى الرئتين بواسطة الشريان
الرئوي وهناك يحصل التماس بين الهواء والدم وتتم عملية تنقية الدم لتعود بالأوردة الرئوية إلى
البطين الأيسر الذي يوزعها إلى أنحاء الجسم لتؤمن له التغذية اللازمة.
كذلك رفض ابن النفيس ما كان يعتقد به كل من أبقراط وجالينوس وابن سينا وغيرهم من الأطباء
العرب٬ بأن عضلة القلب تتغذى من الدم الموجود في البطين الأيمن٬ بينما ابن النفيس أكد بأن
القلب يتغذى من الأوعية التي تسير ضمن عضلة القلب في البطين الأيسر ما يعرف بالأوعية
التاجية.
في هذه العجالة يؤكد الأدب الطبي ثلاثة اكتشافات تعود لابن النفيس:
­ اكتشافه فزيولوجيا الدوران الرئوي ­القلبي الدورة الدموية الصغرى.
­ الجزم بعدم وجود ممرات بين البطينين يتم فيها اختلاط الدم بالهواء.
­ التأكيد على وجود شرايين خاصة تغذي عضلة القلب الأوعية التاجية.
إضافة إلى ما ذكر هناك أمر هام يوازي اكتشافاته٬ وهو جرأته وثوريته بطرح أفكاره ونسف
نظريات من سبقه حتى ولو كان يتبناها عباقرة الطب٬ فهنا تكمن عبقرية هذا العالم وشخصيته
الواثقة بالعلم والتطور.
يوجد 3 مخطوطات من كتابه "شرح تشريح القانون":
­ نسخة بالمكتبة الظاهرية في دمشق
­ نسخة بآيا صوفيا في استنبول
­ نسخة برلين.
وهنا يحق لنا التساؤل: هل أن كتابات علماء النهضة كانت صادرة لما سبق واكتشفه ابن النفيس أم
انهم نقلوها عنه واّدعوها لأنفسهم ...؟
ومن هذا الكتاب وما يحتويه من معطيات تشريحية هامة٬ خاصة عن القلب والرئتين والحنجرة٬
وتشجيعه للأطباء بدراسة التشريح والتعّمق به٬ ما يدحض أقوال بعض المستشرقين المتعصبين
التي تّدعي بأن العرب قاموا بنقل الطب عن اليونانيين فقط وبأنهم لم يعرفوا علم التشريح نهائيا.
ولتأكيد شخصيته الفذة نرى هذا العالم بنهاية حياته قد وهب ماله الكثير وداره وأملاكه وكل ما
يتعلق به إلى بيمارستان المنصوري في القاهرة خدمة للعلم.
بقيت كثير من آثار هذا العالم المعطاء تحتاج لمن ينفض الغبار عنها٬ لأن معظم تراثه لم يزل
أسيراً في مخطوطات قديمة في متاحف العالم ومكتباته٬ وتنتظر من يشّمر عن ساعديه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69641
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

علماء وفلاسفه ورحالة Empty
مُساهمةموضوع: رد: علماء وفلاسفه ورحالة   علماء وفلاسفه ورحالة Emptyالأحد 08 نوفمبر 2015, 10:39 am

ابن الخطيب
م1374 ­1313
ولد لسان الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن سعيد بن الخطيب في مدينة لوشه بالأندلس.
وكانت عائلته قد هاجرت من قرطبة إلى طليطلة بعد وقعة الربض أيام الحكم الأول٬ ثم رجعت
إلى مدينة لوشه واستقرت بها. وبعد ولادة لسان الدين انتقلت العائلة إلى غرناطة حيث دخل والده
في خدمة السلطان أبي الحجاج يوسف. وفي غرناطة درس لسان الدين الطب والفلسفة والشريعة
والأدب. ولما توفي والده سنة 741 هـ في معركة طريف حل مكانه في أمانة السر للوزير أبي
الحسن بن الجيّاب. ولما توفي هذا الأخير بالطاعون الجارف تولى لسان الدين منصب الوزارة.
ولما قتل أبو الحجاج يوسف سنة 755 هـ وانتقل الملك إلى ولده الغني با�䞊 محمد استمر الحاجب
رضوان في رئاسة الوزارة وبقي ابن الخطيب وزيرا.
وقعت فتنة في رمضان من سنة 760 هـ٬ قتل فيها الحاجب رضوان وأقصي الغني با�䞊 الذي انتقل
إلى المغرب وتبعه ابن الخطيب. وبعد عامين استعاد الغني با�䞊 الملك وأعاد ابن الخطيب إلى
منصبه. ولكن الحّساد٬ وفي طليعتهم ابن زمرك٬ أوقعوا بين الملك وابن الخطيب الذي نفي إلى
المغرب حيث مات قتلاً.
ترك ابن الخطيب آثاراً متعددة تناول فيها الأدب والتاريخ والجغرافيا والرحلات والشريعة
والأخلاق والسياسة والطب والموسيقى والنبات. ومن مؤلفاته المعروفة "الإحاطة في أخبار
غرناطة"٬ "اللمحة البدرية في الدولة النصرية"٬ "أعمال الأعلام". أما كتبة العلمية فأهمها:
"مقنعة السائل عن المرض الهائل"٬ وهو رسالة في الطاعون الذي نكبت به الأندلس سنة 749
هـ٬ ذكر فيها أعراض ظهوره وطرق الوقاية منه. وله أيضاَ "عمل من طب لمن أحب"٬ وهو
مصنف طبي أثنى عليه المقري في كتاب النفح. وله "الوصول لحفظ الصحة في الفصول" وهي
رسالة في الوقاية من الأمراض بحسب الفصول.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69641
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

علماء وفلاسفه ورحالة Empty
مُساهمةموضوع: رد: علماء وفلاسفه ورحالة   علماء وفلاسفه ورحالة Emptyالأحد 08 نوفمبر 2015, 10:41 am

ابن بطلان
توفي بعد 1063م / 455 هـ
هو الطبيب والفيلسوف أبو انيس المختار بن الحسن بن عبدون بن سعدون بن بطلان. ولد في بغداد
بالعراق.
درس على أبي الفرج بن الطيب وتتلمذ له٬ ولازم أبا الحسن ثابت بن ابراهيم بن زهرون الحراني
الطبيب. وكان معاصراً لعلي بن رضوان الطبيب المصري٬ وكان بينهما مجادلات ومناقضات قبل
أن يتعارفا.
خرج بن بطلان من بغداد إلى الموصل وديار بكر ودخل حلب وأقام فيها مدة٬ فأكرمه صاحبها معّز
الدولة ثمال بن صالح إكراماً صحيحاً. ثم تركها إلى مصر وغايته الاجتماع بخصمه ابن رضوان.
وكان دخوله الفسطاط في أول جمادى الآخرة سنة 441 هـ. وأقام بها ثلاث سنين جرت له في أثناءها
مع ابن رضوان وقائع كثيرة ولّدت رسائل جدلية. ترك ابن بطلان مصر مغضباً٬ وألف في ابن
رضوان رسالة مشهورة. وسار إلى القسطنطينية٬ وكان الطاعون متفشياً فيها سنة 446 هـ٬ فأقام بها
سنة ثم انتقل إلى إنطاكية واستقر فيها. سئم الأسفار٬ فترهب وتنسك في أحد أديرة إنطاكية حتى
وفاته.
ترك ابن بطلان عدداً كبيراً من المصنفات الطبية أهمها "تقويم الصّحة" الذي ترجم إلى اللاتينية سنة
1531م وطبع٬ "مقامة دعوة الأطباء"٬ "مقالة في شرب الدواء المسهل"٬ "مقالة في كيفية دخول
الغذاء في البدن وهضمه وخروج فضلاته"٬ "كتاب المدخل إلى الطب"٬ "كتاب عمدة الطبيب في
معرفة النبات". ولابن بطلان مقالة في علة نقل الأطباء المهرة تدبير أكثر الأمراض التي كانت
تعالج قديماً بالأدوية الحارة إلى التدبير المبرد٬ كالفالج واللقوة والاسترخاء .
ذكره ابن أبي أصيبعة في "عيون الأنباء في طبقات الأطباء": ((هو أبو الحسن المختار بن الحسن
بن عبدون بن سعدون بن بطلان٬ نصراني من أهل بغداد٬ وكان قد اشتغل على أبي الفرج عبدّالله بن
الطيب وتتلمذ له٬ وأتقن عليه قراءة كثير من الكتب الحكمية وغيرها٬ ولازم أيضاً أبا الحسن ثابت بن
إبراهيم بن زهرون الحراني الطبيب واشتغل عليه وانتفع به في صناعة الطب وفي مزاولة أعمالها.
وكان ابن بطلان معاصراً لعلي بن رضوان الطبيب المصري٬ وكانت بين ابن بطلان وابن رضوان
المراسلات العجيبة والكتب البديعة الغربية٬ ولم يكن أحد منهم يؤلف كتاباً ولا يبتدع رأياً إلا ويرد
الآخر عليه٬ ويسفه رأيه فيه٬ وقد رأيت أشياء من المراسلات التي كانت فيما بينهم٬ ووقائع بعضهم
في بعض٬وسافر ابن بطلان من بغداد إلى ديار مصر قصداً منه إلى مشاهدة علي بن رضوان
والاجتماع به٬ وكان سفره من بغداد في سنة تسع وثلاثين وأربعمائة ولما وصل في طريقه إلى حلب
أقام بها مدة وأحسن إليه معز الدولة ثمال بن صالح بها وأكرمه إكراماً كثيراً٬ وكان دخوله الفسطاط
في مستهل جمادى الآخرة من سنة إحدى وأربعين وأربعمائة٬ وأقام بها ثلاث سنين٬ وذلك في دولة
المستنصر باّ䲹Ā من الخلفاء المصريين٬ وجرت بين ابن بطلان وابن رضوان وقائع كثيرة في ذلك
الوقت٬ ونوادر ظريفة لا تخلو من فائدة٬ وقد تضمن كثيراً من هذه الأشياء كتاب ألفه ابن بطلان بعد
خروجه من ديار مصر واجتماعه بابن رضوان٬ ولابن رضوان كتاب في الرد عليه٬ وكان ابن
بطلان أعذب ألفاظاً وأكثر ظرفاً وأميز في الأدب وما يتعلق به٬ ومما يدل على ذلك ما ذكره في
رسالته التي وسمها دعوة الأطباء وكان ابن رضوان أطب وأعلم بالعلوم الحكمية وما يتعلق
بها٬وكان ابن رضوان أسود اللون ولم يكن بالجميل الصورة٬ وله مقالة في ذلك يرد فيها على غيره
بقبح الخلقة٬ وقد بين فيها٬ بزعمه٬ أن الطبيب الفاضل لا يجب أن يكون وجهه جميلاً٬ وكان ابن
بطلان أكثر ما يقع في علي بن رضوان من هذا القبيل وأشباهه٬ ولذلك يقول فيه في الرسالة التي
وسمها دعوة الأطباء
فلما تبدى للقوابـل وجـهـه نكصن على أعقابهن من الندم
وقلن وأخفين الكلام تسـتـراً ألا ليتنا كنا تركناه في الرحم
وكان يلقبه بتمساح الجن٬ وسافر ابن بطلان من ديار مصر إلى القسطنطينية وأقام بها سنة وعرضت
في زمنه أوباء كثيرة.ونقلت من خطه فيما ذكره من ذلك ما هذا مثاله٬ قال ومن مشاهير الأوباء في
زماننا الذي عرض عند طلوع الكوكب الأثاري في الجوزاء من سنة ست وأربعين وأربعمائة٬ فإن
في تلك السنة دفن في كنيسة لوقا بعد أن امتلأت جميع المدافن التي في القسطنطينية أربعة عشر ألف
نسمة في الخريف٬ فلما توسط الصيف في سنة سبع وأربعين لم يوف النيل٬ فمات في الفسطاط
والشام أكثر أهلها٬ وجميع الغرباء إلا من شاءّالله٬ وانتقل الوباء إلى العراق فأتى عل أكثر أهله٬
واستولى عليه الخراب بطروق العساكر المتعادية٬ واتصل ذلك بها سنة أربع وخمسين وأربعمائة٬
وعرض للناس في أكثر البلاد قروح سوداوية وأورام الطحال٬ وتغير ترتيب نوائب الحميات٬
واضطرب نظام البحارين٬ فاختلف علم القضاء في تقدمة المعرفة. وقال أيضاً بعد ذلك ولأن هذا
الكوكب الأثاري طلع في برج الجوزاء وهو طالع مصر أوقع الوباء في الفسطاط بنقصان النيل في
وقت ظهوره في سنة خمس وأربعين وأربعمائة٬ وصح إنذار بطليموس القائل الويل لأهل مصر إذا
طلع أحد ذوات الذوائب٬ وأنجهم في الجوزاء٬ ولما نزل زحل برج السرطان تكامل خراب العراق
والموصل والجزيرة٬ واختلت ديار بكر وربيعة ومضر وفارس وكرمان وبلاد المغرب واليمن
والفسطاط والشام؛ واضطربت أحوال ملوك الأرض٬ وكثرت الحروب والغلاء والوباء٬ وصح حكم
بطليموس في قوله إن زحل والمريخ متى اقترنا في السرطان زلزل العالم٬ ونقلت أيضاً من خط بن
بطلان٬ فيما ذكره من الأوباء العظيمة العارضة للعلم بفقد العلماء في زمانه قال ما عرض في مدة
بضع عشرة سنة بوفاة الأجل المرتضى والشيخ أبي الحسن البصري٬ والفقيه أبي الحسن القدوري٬
وأقضى القضاة الماوردي٬ وابن الطيب الطبري٬ على جماعتهم رضوانّالله؛ ومن أصحاب علوم
القدماء أبو علي بن الهيثم وأبو سعيد اليمامي٬ وأبو علي بن السمح٬ وصاعد الطبيب وأبو الفرج عبد
ّالله بن الطيب؛ ومن متقدمي علوم الأدب والكتابة علي بن عيسى الربعي٬ وأبو الفتح النيسابوري٬
ومهيار الشاعر٬ وأبو العلاء بن نزيك٬ وأبو علي بن موصلايا٬ والرئيس أبو الحسن الصابئ٬ وأبو
العلاء المعري٬ فانطفأت سرج العلم وبقيت العقول بعدهم في الظلمة٬ أقول ولابن بطلان أشعار
كثيرة ونوادر ظريفة٬ وقد ضمن منها أشياء في رسالته التي وسمها دعوة الأطباء وفي غيرها من
كتبه٬ وتوفي ابن بطلان ولم يتخذ امرأة٬ ولا خلف ولداً٬ ولذلك يقول من أبيات :
ولا أحد أن مت يبكـي لـمـيتـتـي سوى مجلسي في الطب والكتب باكيا
ولابن بطلان من الكتب كتاب الأديرة والرهبان٬ كتاب شراء العبيد وتقليب المماليك والجواري٬
كتاب تقويم الصحة٬ مقالة في شرب الدواء المسهل٬ مقالة في كيفية دخول الغذاء في البدن وهضمه
وخروج فضلاته وسقي الأدوية المسهلة وتركيبها٬ مقالة إلى علي بن رضوان عند وروده الفسطاط
في سنة إحدى وأربعين وأربعمائة٬ جواباً عما كتبه إليه٬ مقالة في علة نقل الأطباء المهرة تدبير أكثر
الأمراض التي كانت تعالج قديماً بالأدوية الحارة إلى التدبير المبرد٬ كالفالج واللقوة والاسترخاء
وغيرها٬ ومخالفتهم في ذلك لمسطور القدماء في الكنانيش والاقراباذينات٬ وتدرجهم في ذلك بالعراق

وما والاها على استقبال سنة سبع وسبعين وثلثمائة وإلى سنة خمس وخمسين وأربعمائة وصنف ابن
بطلان هذه المقالة بانطاكية في سنة خمس وخمسين وأربعمائة٬ وكان في ذلك الوقت قد أهل لبناء
بيمارستان أنطاكية٬ مقالة في الاعتراض على من قال أن الفرخ أحر من الفروج بطريق منطقية٬
ألفها بالقاهرة في سنة إحدى وأربعين وأربعمائة٬ كتاب المدخل إلى الطب٬ كتاب دعوة الأطباء ألفها
للأمير نصير الدولة أبي نصر أحمد بن مروان ونقلت من خط ابن بطلان وهو يقول في آخرها
فرغت من نسخها أنا مصنفها بوانيس الطبيب المعروف بالمختار بن الحسن بن عبدون٬ بدير الملك
المتيح قسطنطين٬ بظاهر القسطنطينية في آخر أيلول من سنة خمس وستين وثلثمائة وألف٬ هذا قوله٬
ويكون ذلك بالتاريخ الإسلامي من سنة خمسين وأربعمائة٬ كتاب دعوة الأطباء٬ كتاب دعوة
القسوس٬ مقالة في مداواة صبي عرضت له حصاة)).
المرجع: عيون الأنباء في طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69641
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

علماء وفلاسفه ورحالة Empty
مُساهمةموضوع: رد: علماء وفلاسفه ورحالة   علماء وفلاسفه ورحالة Emptyالأحد 08 نوفمبر 2015, 10:42 am

بن الأثير المؤرخ
م1232 ­1160
ولد علي بن أبي الكرم محمد بن محمد المعروف بعز الدين علي بن الأثير بجزيرة ابن عمر قرب
الموصل بالعراق. عني أبوه بتعليمه٬ فحفظ القرآن الكريم٬ وتعلم مبادئ القراءة والكتابة٬ ثم
استكمل دراسته بالموصل بعد أن انتقلت إليها أسرته٬ وأقامت بها إقامة دائمة. سمع الحديث من
أبي الفضل عبد الله بن أحمد٬ وأبي الفرج يحيى الثقفي٬ وتردد على حلقات العلم التي كانت تُعقد
في مساجد الموصل ومدارسها. وكان ينتهز فرصة خروجه إلى الحج٬ فيعّرج على بغداد ليسمع
من شيوخها الكبار٬ من أمثال أبي القاسم يعيش بن صدقة الفقيه الشافعي وأبي أحمد عبد الوهاب
بن علي الصدمي. رحل إلى الشام وسمع من شيوخها٬ ثم عاد إلى الموصل ولزم بيته منقطعا
للتأليف والتصنيف.
درس ابن الأثير في رحلاته هذه الحديث والفقه والأصول والفرائض والمنطق والقراءات لأن هذه
العلوم كان يجيدها الأساتذة المبرزون ممن لقيهم. غير أنه اختار فرعين من العلوم وتعمق في
دراستهما هما: الحديث والتاريخ٬ حتى أصبح إماماً في حفظ الحديث ومعرفته وما يتعلق به٬
حافظاً للتواريخ المتقدمة والمتأخرة٬ خبيراً بأنساب العرب وأيامهم وأحبارهم٬ عارفًا بالرجال
وأنسابهم لا سيما الصحابة. وعن طريق هذين العلمين بنى ابن الأثير شهرته في عصره٬ وإن
غلبت صفة المؤرخ عليه حتى كادت تحجب ما سواها. والعلاقة بين التخصصين وثيقة جدا. فمنذ
أن بدأ التدوين ومعظم المحدثين العظام مؤرخون كبار٬ مثل الإمام الطبري٬ الذي جمع بين
التفسير والفقه والتاريخ٬ والإمام الذهبي الذي كان حافظا متقنا ومؤرخا عظيما. وكذلك كان الحافظ
ابن عساكر بين هاتين الصفتين..
توافرت لابن الأثير المادة التاريخية التي استعان بها في مصنفاته٬ بفضل صلته الوثيقة بحكام
الموصل٬ وأسفاره العديدة في طلب العلم٬ وقيامه ببعض المهام السياسية الرسمية من قبل صاحب
الموصل٬ ومصاحبته صلاح الدين في غزواته ومدارسته الكتب وإفادته منها٬ ودأبه على القراءة
والتحصيل. ثم عكف على تلك المادة الهائلة التي تجمعت لديه يصيغها ويهذبها ويرتب أحداثها
حتى انتظمت في أربعة مؤلفات٬ جعلت منه أبرز المؤرخين المسلمين بعد الطبري. 
وهذه المؤلفات  هي:
­ الكامل في التاريخ٬ وهو في التاريخ العام.
­ التاريخ الباهر في الدولة الأتابكية٬ وهو في تاريخ الدول. وقصد بالدولة الأتابكية الدولة التي
أسسها عماد الدين زنكي في الموصل سنة 521هـ / 1127م وهي الدولة التي عاش في كنفها ابن
الأثير.
­ أسد الغابة في معرفة الصحابة٬ وهو في تراجم الصحابة.
­ اللباب في تهذيب الأنساب٬ وهو في الأنساب.
بذلك يكون ابن الأثير قد كتب في أربعة أنواع من الكتابة التاريخية٬ وسنتعرض لاثنين منهما
بإيجاز واختصار.
الكامل في التاريخ
هو تاريخ عام في 12 مجلًدا٬ عالج فيه تاريخ العالم القديم حتى ظهور الإسلام٬ وتاريخ العالم
الإسلامي منذ ظهور الإسلام حتى عصره. والتزم في كتابه بالمنهج الحولي في تسجيل الأحداث.
فهو يسجل أحداث كل سنة على حدة٬ وأقام توازنًا بين أخبار المشرق والمغرب وما بينهما على
مدى سبعة قرون وربع قرن. وهذا ما أعطى كتابه طابع التاريخ العام أكثر أي تاريخ عام لغيره.
وفي الوقت نفسه لم يهمل الحوادث المحلية في كل إقليم وأخبار الظواهر الجوية والأرضية من
غلاء ورخص وقحط وأوبئة وزلازل.
بصيراً٬ حيث حرص على تعليل بعض الظواهر التاريخية ونقد أصحاب مصادره٬ وناقش كثيراً لم يكن ابن الأثير في كتابه ناقل أخبار أو مسجل أحداث فحسب٬ وإنما كان محللاً ممتازاً وناقداً
من أخبارهم. فالكتاب مليء بالنقد السياسي والحربي والأخلاقي والعملي.
تعود أهمية الكتاب إلى أنه استكمل ما توقف عنده تاريخ الطبري في سنة 302هـ وهي السنة التي
انتهى بها كتابه. فبعد الطبري لم يظهر كتاب يغطي أخبار حقبة تمتد لأكثر من ثلاثة قرون. كما أن
الكتاب تضمن أخبار الحروب الصليبية مجموعة متصلة منذ دخولهم. كما تضمن أخبار الزحف
التتري على المشرق الإسلامي منذ بدايته في سنة 616هـ/ 1219م. وقد كتب ابن الأثير تاريخه
بأسلوب نثري مرسل لا تكلف فيه٬ مبتعداً عن الزخارف اللفظية والألفاظ الغريبة٬ معتنياً بإيراد
المادة الخبرية بعبارات موجزة واضحة.
أُْسد الغابة
موضوع هذا الكتاب هو الترجمة لصحابة الرسول الذين حملوا مشعل الدعوة٬ وساحوا في البلاد٬
وفتحوا بسلوكهم الدول والممالك قبل أن يفتحوها بالطعن والضرب. وقد رجع ابن الأثير في هذا
الكتاب إلى مؤلفات كثيرة٬ اعتمد منها أربعة كانتُعُمًدا بالنسبة له٬ هي: "معرفة الصحابة" لأبي
نعيم٬ و"الاستيعاب في معرفة الأصحاب" لابن الأثير٬ و"معرفة الأصحاب" لابن منده٬ و"الذيل
على معرفة الأصحاب" لابن منده أيضاً.
اشتمل كتاب أسد الغابة على ترجمة 7554 صحابياً وصحابية تقريبا٬ يتصدره توطئة لتحديد
مفهوم الصحابي. والتزم في إيراد أصحابه الترتيب الألفبائي٬ فيبتدئ ترجمته للصحابي بذكر
المصادر التي اعتمد عليها٬ ثم يشرع في ذكر اسمه ونسبه وهجرته إن كان من المهاجرين٬
والمشاهد التي شهدها مع الرسول إن وجدت٬ ويذكر تاريخ وفاته وموضعها إن كان ذلك معلوما.
وقد طبع الكتاب أكثر من مرة.
ظل ابن الأثير بعد رحلاته مقيما بالموصل٬ منصرفا إلى التأليف٬ عازفاً عن المناصب الحكومية٬
متمتعاً بثروته جاعلاً من داره ملتقى للطلاب والزائرين حتى توفي. وابن الأثير هذا هو أحد
الإخوة الثلاثة الذين عملوا في الفقه والأدب والتاريخ. الآخران هما: مجد الدين المبارك بن محمد
(1210­1149م) الذي ألف "النهاية في غريب الحديث والأثر" و"جامع الأصول لأحاديث
الرسول". والثاني ضياء الدين نصر الله (1239 ­1162م) الذي عمل وزيراً للملك الأفضل

بدمشق وكتب "المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69641
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

علماء وفلاسفه ورحالة Empty
مُساهمةموضوع: رد: علماء وفلاسفه ورحالة   علماء وفلاسفه ورحالة Emptyالأحد 08 نوفمبر 2015, 10:51 am

ابن عربي
1165- 1240م

ولد ابن عربي أحد أشهر متصوفي العرب وأكثرهم إنتاجاً في مدينة مرسية بالأندلس. اسمه محمد محي الدين وكنيته أبو بكر ويعرف بالحاتمي الطائي نسبة إلى حاتم الطائي. أطلق عليه أتباعه لقب الشيخ الأكبر. نشأ في إشبيلية حيث قضى حوالى عشرين عاماً تلقى خلالها علوم الحديث والفقه والكلام واطلع على المذاهب الفلسفية والعلوم المعروفة في عصره. انضم إلى حلقات الصوفية ولبس الخرقة، وكان شيخه ابن مسرّة الفيلسوف الأندلسي القرطبي. وكذلك أقام علاقات مع أشهر رجال الأندلس كأبي بكر بن خلف وابن بشكوال وغيرهما.

انتقل وله من العمر 30 سنة إلى تونس، وكان قد زار في طريقه أهم مدن المغرب مثل سبتة وغرناطة، ثم ارتحل إلى المشرق حاجاً ولم يعد بعد ذلك إلى المغرب.

زار مكة المكرمة وانتقل إلى الموصل وبلغ بغداد التي جعلها قاعدة موقتة له وراح يتنقل في مدن الشرق فزار حلب ومدن الأناضول حتى انتهى به الطواف إلى دمشق حيث أقام إلى أن توفي ودفن فيها في جبل قاسيون. ولا يزال قبره حتى الآن.

شاهد ابن عربي الحروب الصليبية وكان يحرض المسلمين عليها.

تدور أكثر الكتب التي تركها ابن عربي حول التصوف وأسراره وطرقه. ولم يكن ما قاله وكتبه في هذا الموضوع عرضاً نظريّاً للتصوف بل نتيجة اختبارات شخصية. فهو كان شيخاً كبيراً بين شيوخ المتصوفة حتى وصف بالشيخ الأكبر.

عرف ابن عربي المقامات والأحوال التي عرفها غيره من الصوفيين. لكنه ابتكر أشياء جديدة وصل إليها بالممارسة اهمها نظرية الوجود والفناء. فحدد الوجود بما “يصادف القلب من الأحوال المغنية له من شهوده” وحدد الفناء “بعدم رؤية العبد لفعله بقيام الله على ذلك”. وقال عن الحب إنه حالة لا يمكن وصفها ولا يحدها كلام. ويقول في هذا المجال، والحب هو ما يجمع المتصوفون عليه، “من حدّ الحب ما عرفه، ومن لم يذقه شرباً ما عرفه، ومن قال رويت منه ما عرفه. فالحب شرب بلا ريّ”. وقال في مجال آخر: ” ألطف ما في الحب ما وجدته، وهو أن تجد عشقاً مفرطاً وهوىً وشوقاً مقلقاً وغراماً ونحولاً، وامتناع نوم وعدم لذة بطعام، ثم ذهول وذهاب وفناء، ثم تجلي وفيض ولذة لا توصف”.

هذا ما ذاقه ابن عربي من الحب الإلهي وأكد “أن المحبين لله شق لهم عن قلوبهم فأبصروا بنور القلوب من جلال الله، فصارت أبدانهم دنيوية وأرواحهم حجبيّة وعقولهم سماوية، تسرح بين صفوف الملائكة وتشاهد تلك الأمور باليقين، فيعبدون بمبلغ استطاعتهم حباً له، لا طمعاً في جنة ولا خوفاً من نار”.

لم يبلغ شعر ابن عربي مرتبة شعر ابن الفارض أمير شعراء العربية المتصوفين. لكن قصائده تدل على أنه بلغ في علوم التصوف مرتبة لم يبلغها سواه.

نفى ابن عربي نظرية الحلول والاتحاد وأكد على وحدة الوجود، رغم بعض الغموض. ويقول في هذا الصدد: “يريد العارفون أن يفصلوه تعالى بالكلية عن العالم من شدة التنزيه فلا يقدرون، ويريدون أن يجعلوه عين العالم من شدة القرب فلا يتحقق لهم. فهم على الدوام متحيرون، فتارة يقولون هو، وتارة يقولون ما هو، وتارة يقولون هو ما هو، وبذلك ظهر عظمته تعالى”. وهو القائل بصدد وحدة الوجود في “شجرة الكون”: إني نظرت إلى الكون وتكوينه فرأيت الكون كله شجرة وأصل نورها من حبة كن. وقد لقحت “كان” الكونية بلقاح حبة نحن خلقناكم. وأكد أن جميع ما في الكون حياً يسبح الله ويضج “بالإيقاع الرباني”.

ترك ابن عربي 400 كتاب منها كتابه الأبرز “الفتوحات المكية” ومنها أيضاَ قصص الحكم، مفاتيح الغيب، التعريفات، محاضرات الأبرار ومسامرة الأخبار، وديوان شعر.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69641
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

علماء وفلاسفه ورحالة Empty
مُساهمةموضوع: رد: علماء وفلاسفه ورحالة   علماء وفلاسفه ورحالة Emptyالأحد 08 نوفمبر 2015, 11:00 am

لخازني
تو. 1155م
هو عبد الرحمن ابو الفتح الخازني . عاش في مَرو . خدم سنجر بن ملكشاه (1118-1157م) آخر سلاطين السلاجقة الذي خسر بلاد ما بين النهرين واسرته قبائل الغُز . فيزيائي من اعلام الحضارة العربية الاسلامية ، لمع إسمه في مجال البحث العلمي والابتكار . فلكي ومهندس أبدع في علم الحركة ، كما برع في وزن الأجسام في الهواء وفي الماء وسبق أقرانه في الغرب بخمسة قرون في هذا المجال وعلى رأسهم العالم الكبير توروتشللي . وبحث الخازني في الكثافة العظمى للماء قريباً من مركز الارض قبل روجر بيكون بقرنين من الزمن، وبيّن ان قاعدة أرخميدس لا تسري على السوائل فحسب ، بل على الغازات ايضاً . ويعتقد العديد من العلماء ان ابحاث الخازني مهدت السبيل امام غاليلو لصنع الترموميتر .
اهم كتبه ” الزيج المعتبر السنجري ” و ” ميزان الحكمة ” الذي عثر السفير الروسي في طهران على النسخة الوحيدة منه في اواخر القرن التاسع عشر.

الحلاج
858 – 922 م
ولد الحسين بن منصور المعروف بالحلاج في بلدة صغيرة تدعى البيضاء غير بعيدة عن شواطىء خليج فارس الشرقية. تتلمذ في الزهد والتصوف على يد اربعة من كبار المتصوفين هم : المكي ( ت 909م ) والتستري (ت989 م ) والشبلي ( ت 945 م ) والجنيد . والراجح ان الجنيد هو الذي اقنعه بلبس الصوف وظل مرشده لمدة عشرين عاماً .
تميز الحلاج بغرابة مزاجه وغلوه حتى ان مرشده الجنيد انفصل عنه لما بدا له من تعاليه وغطرسته . ويُذكر ان الحلاج أقام في أثناء حجه الاول لسنة كاملة في ردهة المسجد لا يفارقها . وكان اذا خرج أثناء الظهيرة يجلس على صخرة والعرق يتصبب منه مما حمل بعض الناس هناك على وصف تصرفه هذا بأن الحلاج كان يحاول أن يتحدى الله بقدرته وجلده . وذكر أحد تلاميذه أن الحلاج لم يكن ينام مضطجعاً بل واقفاً ، وربما جلس القرفصاء من وقت الى آخر لمدة لا تزيد عن ساعة واحدة .
قيل إنه لما عاد الى بغداد بعد حجه الاول لزم مرشده الجنيد مرة اخرى وقد عنَفه هذا الاخير على سؤ فهمه لطبيعة ” السكر ” الصوفي ووبخه على إغفاله للكتاب الكريم ولاداء الفرائض وبصورة خاصة على إدعائه بأنه الله …
بعد خلافه مع الجنيد بدأ الحلاج يبتعد عن النظام الصوفي المعروف ، ففارق حياة العزلة ورسم لنفسه خطة من الوعظ والارشاد في المجتمع كانت محفوفة بالمحاذير . فقد إختلط بشتى أنواع الناس من فلاسفة مثل الرازي والامراء مثل أمير طالقان وأقر بانواع من العقائد حيَرت معاصريه وزادت في صفوف خصومه مثل إكرامه لذكرى الامام محمد بن حنبل خصم المعتزلة الأكبر، وانضم في بعض مراحل نشاطه الى الدعوة الشيعية او العلوية .
بعد عودته من حجه الثالث الى بغداد بدت على الحلاج تبدلات وتغيرات . وكانت السمة البارزة في هذا التغيير المزيد من الوضوح والرسوخ في شعوره بالاتحاد بالله واصبحت ، كما إدعى ، تربطه به رابطة شخصية حميمة . .. وسمَى الحلاج هذا الترابط بين الانا والأنت “عين الجمع” . وهذا الاتحاد ، كما رآه الحلاج لا يستتبع فناء الذات الكلي ، بل تساميها واتصالها الحميم بالمحبوب الحقيقي .
طاف الحلاج البلدان داعيًا الى الزهد . فجال في فارس والهند وما وراء النهر ومكة واستقر في بغداد . واختلف الناس في كل هذه البلدان في رأيهم فيه . فكان بالنسبة لبعضهم “المخلّص” واعتبره آخرون من الأتقياء وأصحاب الكرامات ، بينما اعتبره الكثيرون دجالاً وملحداً يستحق الموت .
أقام عليه الوزير علي بن الفرات سنة 909 م دعوى شرعية . لكنه لم يعتقل الا بعد اربع سنوات. وتم ذلك في بغداد حيث عين مجلس قضاء خاص لمحاكمته ، فاتهم بأنه عميل للقرامطة والقي في السجن تسع سنوات . على أن التهمة الاخيرة التي وجهت اليه وقضت بموته فقد كانت الزندقة والتجديف والقول بالحلول وإدعاء الالوهية . وعندما جوبه الحلاج بما يتصل بالالوهية دافع عن نفسه بقوله إن مثل هذا الكلام يتفق مع مفهوم ” عين الجمع ” ، وهي حالة صوفية ينطق فيها الله بلسان المتصوف او يكتب بيده . وما المتصوف في هذه الحالة الا اداة بيد الله . لكن اخصامه ، ولا سيما الوزير حامد ، رفضوا هذه الحذلقة . ومع ان الخليفة كان قد أمر بجلده وحز رأسه إلا ان الوزير أمر بجلده والتمثيل به وصلبه وحز رأسه ثم بحرقه وذر رماده فوق دجلة .
ترك الحلاج كتبا عديدة لم يبق منها الا ” كتاب الطواسين ” في شرح مذهبه .
وجاء في [url=http://al-hakawati.la.utexas.edu/?titleonly=&s=%D9%88%D9%81%D9%8A%D8%A7%D8%AA %D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B9%D9%8A%D8%A7%D9%86]وفيات الأعيان[/url]: ((أبو مغيث الحسين بن منصور الحلاج الزاهد المشهور؛ هو من أهل البيضاء وهي بلدة بفارس، ونشأ بواسط والعراق، وصحب أبا القاسم الجنيد وغيره، والناس في أمره مختلفون: فمنهم من يبالغ في تعظيمه، ومنهم من يكفر. ورأيت في كتاب “مسكاة الأنوار” تأليف أبي حامد الغزالي فصلاً طويلاً في حاله، وقد اعتذر عن الألفاظ التي كانت تصدر عنه مثل قوله “أنا الحق” وقوله “ما في الجبة إلا الله” وهذه الإطلاقات التي ينبو السمع عنها وعن ذكرها وحملها كلها على محامل حسنة، وأولها، وقال: هذا من فرط المحبة وشدة الوجد، وجعل هذا مثل قول القائل:
أنا من أهوى ومن أهوى أنا       نحن روحان حللنا بـدنـا
فإذا أبصرتني أبصـرتـه              وإذا أبصرته أبصرتـنـا
وكان ابتداء حاله على ما ذكره عز الدين ابن الأثير في تاريخه أنه كان يظهر الزهد والتصوف والكرامات ويخرج للناس فاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء ويمد يده إلى الهواء ويعيدها مملوءة دراهم عليها مكتوب: قل هو الله أحد، ويسميها دراهم القدرة، ويخبر الناس بما يأكلون وما يصنعون في بيوتهم، ويتكلم بما في ضمائر الناس، فافتتن به خلق كثير واعتقدوا فيه الحلول؛ وبالجملة فإن الناس اختلفوا فيه اختلافهم في المسيح عليه السلام، فمن قائل إنه حل فيه جزء إلهي ويدعي فيه الربوبية، ومن قائل إنه ولي الله تعالى وأن الذي يظهر منه من جملة كرامات الصالحين، ومن قائل أنه ممخرق ومستغش وشاعر كذاب ومتكهن والجن تطيعه فتأتيه بالفاكهة بغير أوانها.
وكان قدم من خراسان إلى العراق وسار إلى مكة فأقام بها سنة في الحجر لا يستظل تحت سقف شتاء ولا صيفاً، وكان يصوم الدهر فإذا جاء العشاء أحضر له الخادم كوز ماء وقرصاً فيشربه ويعض من القرص ثلاث عضات من جوانبه ويترك الباقي ولا يأكل شيئاً آخر النهار. وكان شيخ الصوفية بمكة عبد الله المغربي يأخذ أصحابه إلى زيارة الحلاج فلم يجده في الحجر وقيل قد صعد إلى جبل أبي قبيس، فصعد إليه فرآه على صخرة حافياً مكشوف الرأس والعرق يجري منه إلى الأرض، فاخذ أصحابه وعاد ولم يكلمه وقال: هذا يتصبر ويتقوى على قضاء الله وسوف يبتليه الله بما يعجز عنه صبره وقدرته؛ وعاد الحسين إلى بغداد. انتهى كلام [url=http://al-hakawati.la.utexas.edu/?titleonly=&s=%D8%A7%D8%A8%D9%86 %D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AB%D9%8A%D8%B1]ابن الأثير[/url].
وكان في سنة 299 ادعى للناس أنه إله وأنه يقول بحلول اللاهوت في الأشراف من الناس، وانتشر له في الحاشية ذكر عظيم، ووقع بينه وبين الشبلي وغيره من مشايخ الصوفية، فبعث به المقتدر إلى عيسى ليناظره، فأحضر مجلسه وخاطبه خطاباً فيه غلظة، فحكي انه تقدم إليه وقال له فيما بينه وبينه: قف من حيث انتهيت ولا تزد علي شيئاً وإلا خسفت الأرض من تحتك، وكلاماً في هذا المعنى، فتهيب عيسى مناظرته واستعفى منها فنقل في سنة 309 إلى حامد بن العباس الوزير، فحدث غلام لحامد كان موكلاً بالحلاج قال: دخلت عليه يوماً ومعي الطبق الذي عادتي أن أقدمه إليه كل يوم، فوجدته قد ملأ البيت بنفسه وهو من سقفه إلى أرضه وجوانبه ليس فيه موضع، فهالني ما رأيت منه ورميت الطبق من يدي وهربت؛ وحم هذا الغلام من هول ما رأى وبقي مدة محموماً، فكذبه حامد وشتمه وقال: ابعد عني؛ وكان دخوله إلى بغداد مشهراً على جمل وحبس في دار المقتدر، وأفتى العلماء بإباحة دمه.
وكان الحلاج قد أنفذ أحد أصحابه إلى بلد من بلدان الجبل ووافقه على حيلة يعملها، فخرج الرجل فأقام عندهم سنتين يظهر النسك والعبادة وقراءة القرآن والصوم، فغلب على البلد حتى إذا تمكن أظهر أنه عمي فكان يقاد إلى مسجده ويتعامى في كل أحد شهوراً، ثم أظهر أنه زمن فكان يحبو ويحمل إلى المسجد النبي صل الله عليه وسلم في النوم يقول أنه يطرق هذا البلد عبد صالح مجاب الدعوة تكون عافيتك على يديه ودعائه، فاطلبوا لي كل من يجتاز من الفقراء أو من الصوفية لعل الله تعالى أن يفرج عني، فتعلقت النفوس لورود العبد الصالح، ومضى الجل الذي بينه وبين الحلاج فقدم البلد ولبس الثياب الصوف الرقاق وتفرد في الجامع فقال الأعمى: احملوني إليه، فلما حصل عنده وعلم أنه الحلاج قال له: يا عبد الله رأيت في النوم كذا وكذا فادع الله تعالى لي، فقال: ومن أنا وما تحكي؟ ثم دعا له ومسح يده عليه فقام مبصراً صحيحاً، فانقلب البلد وكثر الناس على الحلاج، فتركهم وخرج من البلد وأقام المتعافي المبرأ مما فيه شهوراً ثم قال لهم: إن من حق الله عندي ورده جوارحي علي أن أنفرد بالعبادة انفراداً أكثر من هذا، وان يكون مقامي في الغز، وقد عملت على الخروج إلى طرسوس، فمن كانت له حاجة يحملها، فأخرج هذا ألف درهم وقال: اغز بهذه عني، واخرج هذا مائة دينار وقال: اخرج بها غزاة من هناك، وأعطاه كل أحد شيئاً فاجتمع له ألوف دنانير ودراهم، فلحق بالحلاج وقاسمه عليها. وكان قد جرى منه كلام في مجلس حامد وزير المقتدر بحضرة القاضي أبي عمر وقد قرئ عليه رقعة بخطه أن الإنسان إذا أراد الحج ولم يمكنه أفرد في داره شيئاً لا يلحقه نجاسة ولا يدخله أحد ومنع من يطرقه فإذا حضرت أيام الحج طاف حوله طوافه بالبيت الحرام، فإذا انقضى ذلك وقضى من المناسك ما يقضي بمكة مثله جمع ثلاثين يتيماً وعمل لهم ما يمكنه من الطعام وأحضرهم إلى ذلك البيت وقدم إليهم ذلك الطعام وتولى خدمتهم بنفسه، فإذا أكلوا وغسلوا أيديهم كسا كل واحد منهم قميصاً ودفع إليه سبة دراهم أو ثلاثة، فإذا فعل ذلك قام له قيام الحج، فلما فرغ منها التفت إليه أبو عمر القاضي وقال له: من أين لك هذا؟ قال: من كتاب “الإخلاص” للحسن البصري، فقال له أبو عمر: كذبت يا حلاج، اللهم قد سمعنا كتاب “الإخلاص” للحسن بمكة وليس فيه شيء مما ذكرت الخ.
ومن الشعر المنسوب إليه على اصطلاحهم وإشاراتهم قوله:
لا كنت إن كنت أدري كيف كنت، ولا           لا كنت إن كنت أدري كيف لم أكـن
وقوله أيضاً على هذا الاصطلاح:
ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له        إياك إياك أن تبتل بالمـاء
وغير ذلك مما يجري هذا المجرى وينبني على هذا الأسلوب.
وقال أبو بكر ابن ثواية القصري: سمعت الحسين بن منصور وهو على الخشبة يقول:
طلبت المستقر بكل أرض          فلم أر لي بأرض مستقرا
أطعت مطامعي فاستعبدتني     ولو أني قنعت لكنت حرا
والبيت الذي قبل قوله:
لا كنت إن كـنـت أدري…
أرسلت تسأل عني كيف كنت وما          لاقيت بعدك من هم ومن حزن
وقيل: إن بعضهم كتب إلى أبي القاسم سمنون بن حمزة الزاهد يسأله عن حاله، فكتب إليه هذين البيتين، والله أعلم.
وبالجملة فحديثه طويل وقصته مشهورة والله يتولى السرائر.
وكان جده مجوسياً وصحب هو أبا القاسم الجنيد ومن في طبقته، وأفتى أكثر علماء عصرة بإباحة دمه.
ويقال: إن أبا العباس ابن سريج كان إذا سئل عنه يقول: هذا رجل خفي عني حاله، وما أقول فيه شيئاً. وكان قد جرى منه كلام في مجلس حامد بن العباس وزير الإمام المقتدر بحضرة القاضي أبي عمر، فأفتى بحل دمه وكتب خطه بذلك وكتب معه من حضر المجلس من الفقهاء، فقال لهم الحلاج: ظهري حمى ودمي حرام، وما يحل لكم أن تتأولوا علي بما يبيحه، وأنا اعتقادي الإسلام ومذهبي السنة وتفضيل الأئمة الأربعة الخلفاء الراشدين وبقية العشرة من الصحابة، رضوان الله عليهم أجمعين، ولي كتب في السنة موجودة في الوراقين فالله الله في دمي، ولم ينزل يردد هذا القول وهم يكتبون خطوطهم إلى أن استكملوا ما احتاجوا إليه ونهضوا من المجلس، وحمل الحلاج إلى السجن.
وكتب الوزير إلى المقتدر يخبره بما جرى في المجلس وسير الفتوى، فعاد جواب المقتدر بأن القضاة إذا كانوا قد أفتوا بقتله فليسلم إلى صاحب الشرطة، وليتقدم إليه بضربه ألف سوط، فإن مات من الضرب وإلا ضربه ألف سوط أخرى؛ ثم تضرب عنقه، فسلمه الوزير إلى الشرطي وقال له ما رسم به المقتدر، وقال: إن لم يتلف بالضرب فتقطع يده ثم رجله ثم يده ثم رجله ثم تحز رقبته وتحرق جثته، وإن خدعك وقال لك: أنا أجري الفرات ودجلة ذهباً وفضة، فلا تقبل ذلك منه ولا ترفع العقوبة عنه، فتسلمه الشرطي ليلاً، وأصبح يوم الثلاثاء لسبع بقين، وقيل لست بقين من ذي القعدة، سنة تسع وثلثمائة، فأخرجه عند باب الطاق، واجتمع من العامة خلق كثير لا يحصى عددهم، وضربه الجلاد ألف سوط، ولم يتأوه بل قال للشرطي لما بلغ ستمائة: ادع بي إليك، فإن لك عندي نصيحة تعدل فتح قسطنطينية، فقال له: قد قيل لي عنك إنك تقول هذا واكثر منه وليس إلى أن أرفع الضرب عنك سبيل، فلما فرغ ضربه قطع أطرافه الأربعة، ثم حز رأسه وأحرق جثته، ولما صارت رماداً ألقاها في دجلة، ونصب الرأس ببغداد على الجسر، وجعل أصحابه يعدون أنفسهم برجوعه بعد أربعين يوماً.
واتفق أن زادت دجلة في تلك السنة زيادة وافرة، فادعى أصحابه أن ذلك بسبب إلقاء رماده فيها. وادعى بعض أصحابه أنه لم يقتل، وإنما ألقى شبهه على عدو له. وادعى بعضهم أنه رآه في ذلك اليوم بعد الذي عاينوه من الحال التي جرت عليه وهو راكب على حمار في طريق النهروان وقال لهم: لعلكم مثل هؤلاء النفر الذين ظنوا أني هو المضروب والمقتول؛ ومن شعره المنسوب إليه:
متى سهرت عيني لغيرك أو بكـت              فلا بلغت ما أمـلـت وتـمـنـت
وإن أضمرت نفسي سواك فلا رعت            بأرض المنى من وجنتيك وجـنـت
وشرح حاله فيه طول، وفيما ذكرناه كفاية.
والحلاج: بفتح الحاء المهملة وتشديد اللام وبعدها ألف ثم جيم. وإنما لقب بذلك لأنه جلس على حانوت حلاج واستقضاه شغلاً، فقال الحلاج: أنا مشتغل بالحلج، فقال له: امض في شغلي حتى أحلج عنك، فمضى الحلاج وتركه، فلما عاد رأى قطنه جميعه محلوجاً. وقيل إنه كان يتكلم قبل أن ينسب إليه على الأسرار ويخبر عنها، فسمي بذلك حلاج الأسرار.
والبيضاء: بفتح الباء الموحدة وسكون الياء المثناة من تحتها وفتح الضاد المعجمة وبعدها همزة ممدودة)).
من قصائده:..
للعلم أهل وللإيمان ترتيب
لم يبق بيني و بين الحـقّ  تِبْيَانـي
و أيّ أرض تخـلـو مـنـك حـتّـى 
أشار لحظي بعين علِــم
أُقْتُلُوني يا ثقاتـــي
سكوتٌ ثم صمتٌ ثم خَرْسُ 
عجبتُ منك و منـّـي
لبّيكَ لبّيكَ يا سرّي و نجوائـــي
المراجع: وفيات الأعيان لابن خلكان


ابن زهر
تميزت أسرة ابن زهر الأندلسية بنبوغ أبنائها في الطب والأدب والشعر والسياسة. استقر أبناؤها أولاً في جفن شاطبة من الجنوب الشرقي، ثم تفرّق حفدتهم في عدة حواضر. وتوالى نوابغهم في أعلى مراتب الطب والفقه والشعر والأدب، كما تولوا أرفع مناصب الإدارة والوزارة. من أبرزهم:
عبد الله بن زُهر
هو أبو مروان عبد الملك بن أبي بكر محمد بن زُهر الايادي. اشتغل بالفقه كأبيه، إلا أنه اشتهر بالطب. مارس في حواضر الشرق العربي، فتولى رئاسة الطب في بغداد، في منتصف القرن الخامس للهجرة، ثم في مصر، فالقيروان. عاد إلى بلاده، فاستقر في دانية على عهد الأمير مجاهد الذي قرّبه إليه وأجزل له العطاء. ومن بلاط هذا الأمير طار ذكره في أنحاء الأندلس والمغرب، وظل في دانية الأندلسية متمتعاً بالجاه العريض، والثروة الطائلة، حتى وفاته. ويقول ابن أبي أصيبعة أنه ترك دانية إلى إشبيلية حيث توفي.
زهر بن زُهر
هو أبو العلاء زهر بن أبي مروان عبد الملك، ابن عبد الله، عرف بأبي العلاء زهر، وصحف اسمه باللغة اللاتينية في القرون الوسطى على أشكال شتى، اشهرها تصحيف “أبو العلاء زهر”. وهذا دليل على شهرته وسير اسمه في أوساط الطب، وحلقات الأطباء الأوروبيين إذذاك. وكان قد أتقن هذا العلم على أبيه، كما درس الفلسفة والمنطق، وأخذ الأدب والحديث من شيوخ قرطبة. مارس الطب نظرياً وعملياً، فخرّج عدة تلامذة، وأصبح علماً في تشخيص الأمراض وبلغت شهرته المعتمد بن عباد، أمير إشبيلية، فاستدعاه إليه وألحقه ببلاطه. وكان لجده أبي بكر محمد ضيعة صادرها أرباب السلطان، فأعادها المعتمد إليه. وظل أبو العلاء في بلاط إشبيلية حتى غزاها المرابطون وأُسر أميرها سنة 484 هـ. ثم استدرجه السلطان يوسف بن تاشفين المرابطي لخدمته، فالتحق ببلاطه، فوزره منصب الوزارة. وكانت وفاته من تأثير نُغْلة، أي دمَّل فاسد، بين كتفيه، سنة 1147م في قرطبة، على قول ابن الأبار وابن دحية ومن أخذ عنهما، ونقل جثمانه إلى إشبيلية. إلا أن ابن أبي أصيبعة يقول أنه توفي بإشبيلية.
عبد الملك بن أبي العلاء بن زُهر
ولد أبو مروان عبد الملك بن أبي العلاء زهر، أشهر أبناء الأسرة في إشبيلية، ولم يذكر مترجموه سنة ولادته، وقد تكون بين 1106-1109م. كان أشهر أطباء عصره بالأندلس.
يذكر له تاريخ الطب اكتشافات طبية مهمة منها وصفه الأورام الحيزومية وخرّاج التامور، وهي أمراض لم توصف من قبل. وكان أول طبيب عربي أشار بعملية شق الحجب، منها شرحه لطريقة التغذية القيسرية أو الاصطناعية بطريق الحلقوم أو بطريق الشرج. وقد دوّن كل ذلك في سلسلة من المؤلفات أهمها: كتاب التيسير في المداواة والتدبير الذي ترجم وطبع مرات عديدة ، كتاب الاقتصاد في إصلاح النفس والأجساد، كتاب الأغذية، كتاب الجامع. عمل وزيراً لدى عبد المؤمن بن علي الموحدي.
وافاه الأجل من جرّاء خرّاج خبيث، سنة 1162م في إشبيلية، ودفن خارج باب النصر، وخلّف ابناً هو أبو بكر الشاعر والطبيب وابنة طبيبة. ومن غريب الصدف أن أباه قد توفي بتأثير دمّل خبيث كذلك.
محمد بن زُهر
1129- 1217م
هو أبو بكر محمد بن أبي مروان، ابن السابق، ويعرف بالحفيد ابن زهر، وُلد بإشبيلية سنة 507 هـ. جرى على سنن آبائه من التثقف بالطب والأدب.
انصرف في الشؤون الطبية إلى الناحية العملية، فكان حسن المعالجة، جيد التدبير، لا يماثله أحد في ذلك. ولم يذكر من تأليفه إلا رسائله في طب العيون. وكان مع ابن زهر بنت أخت له علمها الطب، فمهرت في فن التوليد وأمراض النساء. بيد أن هبات الملك للطبيب، وإقباله عليه، مع ما أنعم الله عليه به من عريض الجاه، أثار حسد الوزير أبي زيد عبد الرحمن، فعمل على دسّ السم له ولبنت أخته، فتوفيا .
وتجدر الإشارة إلى أن شهرة أبي بكر بن زهر لا تقوم على إنجازاته في حقل الطب وحده، بل بصورة خاصة على شعره، لا سيما موشحاته المبتكرة التي كان فيها من المتقدمين. فقد تثقف، إلى ثقافته الطبية العلمية، بثقافة فقهية لغوية أدبية متينة وعميقة. وله موشحه المشهور “أيها الساقي” الذي انتشر في المغرب والمشرق.
عبد الله بن زُهر
1199-1224م
هو أبو محمد عبد الله بن أبي بكر. ولد في إشبيلية وكان أبوه قد شاخ لكنه اهتم بابنه اهتماماً شديداً، وثقفه على يده في الطب والأدب. حتى إذا شب جعله في خدمة الملك المنصور الموحدي، ثم خدم خليفته الملك محمد الناصر. وظل معززاً في مركزه، ونال شهرة باكرة في ميدان الطب العملي، حتى توفي مسموماً كأبيه برباط الفتح في طريقه إلى مراكش، وهو في شرخ الشباب. ترك ولدين هما أبا مروان عبد الملك، وأبا العلاء محمداً الذي كان، هو أيضاً، طبيباً مشهوراً.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69641
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

علماء وفلاسفه ورحالة Empty
مُساهمةموضوع: رد: علماء وفلاسفه ورحالة   علماء وفلاسفه ورحالة Emptyالإثنين 09 نوفمبر 2015, 10:58 am

أبو الفرج الأصفهاني
897 – 967م
هو أبو الفرج علي بن الحسين القرشي الأموي المشهور صاحب كتاب “الأغاني” الذي طبق صيته عالم الأدب.
ولد بأصفهان ونشأ ببغداد فكان من أعيان أدبائها ووجوه علمائها بأيام الناس والسير والأنساب. روى التنوخي أنه كان يحفظ من الشعر والأغاني والأخبار والآثار والأحاديث المسندة والنسب “ما لم أر قط من يحفظ مثله”، ويحفظ دون ذلك من علوم أخرى، منها اللغة والنحو والخرافات والسير والمغازي، ومن معدات المنادمة شيئاً كثيراً مثل علم الجوارح والبيطرة ونتِف من الطب والنجوم والأشربة.
وللأصفهاني شعر جيد ومصنفات ممتعة أشهرها كتاب “الأغاني”. وقد بلغ الغاية من الشهرة فأتى فيه على ترجمة 395 شاعرا. وله غيره كتاب “الإماء الشواعر” وكتاب “آداب الغرباء”، و”أيام العرب” و”آداب الغرباء” وكثير غيرها.
يُروى أن الوزير المشهور الصاحب بن عباد كان يستصحب معه من كتب الأدب شيئا كثيرا من أسفاره ليطالعها فلما وقع إليه “الأغاني” اكتفى به فلم يستصحب سواه.
انقطع أبو الفرج إلى الوزير المهلبي وله فيه مدائح جميلة.
وجاء في [url=http://al-hakawati.la.utexas.edu/?titleonly=&s=%D9%88%D9%81%D9%8A%D8%A7%D8%AA %D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B9%D9%8A%D8%A7%D9%86]وفيات الأعيان[/url]  عن أبو الفرج الأصفهاني: ((أبو الفرج علي بن الحسين بن محمد بن أحمد بن الهيثم بن عبد الرحمن بن مروان بن عبد الله بن مروان بن محمد بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، القرشي الأموي الكاتب الأصبهاني صاحب كتاب ” الأغاني ” وجده مروان بن محمد المذكور آخر خلفاء بني أمية؛ وهو أصبهاني الأصل بغدادي المنشأ، كان من أعيان أدبائها، وأفراد مصنفيها، وروى عن عالم كثير من العلماء يطول تعدادهم، وكان عالماً بأيام الناس والأنساب والسير.
قال التنوخي: ومن المتشيعين الذين شاهدناهم أبو الفرج الأصبهاني، كان يحفظ من الشعر والأغاني والأخبار والآثار والأحاديث المسندة والنسب ما لم أر قط من يحفظ مثله، ويحفظ دون ذلك من علوم أخر منها اللغة والنحو والخرافات والسير والمغازي، ومن آلة المنادمة شيئاً كثيراً، مثل علم الجوارح والبيطرة ونتف من الطب والنجوم والأشربة وغير ذلك، وله شعر يجمع إتقان العلماء وإحسان الظرفاء الشعراء.
وله المصنفات المستملحة منها: كتاب ” الأغاني ” الذي وقع الاتفاق على أنه لم يعمل في بابه مثله، يقال إنه جمعه في خمسين سنة، وحمله إلى سيف الدولة بن حمدان فأعطاه ألف دينار واعتذر إليه. وحكي عن الصاحب بن عباد أنه كان في أسفاره وتنقلاته يستصحب حمل ثلاثين جملاً من كتب الأدب ليطالعها، فلما وصل إليه كتاب ” الأغاني ” لم يكن بعد ذلك يستصحب سواه، استغناءً به عنها. ومنها: كتاب ” القيان ” وكتاب “[url=http://al-hakawati.la.utexas.edu/?titleonly=&s=%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%85%D8%A7%D8%A1 %D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%88%D8%A7%D8%B9%D8%B1]الإماء الشواعر[/url] ” وكتاب “الديارات” وكتاب ” دعوة التجار” وكتاب ” مجرد الأغاني” وكتاب ” أخبار جحظة البرمكي ” و” [url=http://al-hakawati.la.utexas.edu/?titleonly=&s=%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%AA%D9%84 %D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D9%86]مقاتل الطالبين[/url]” وكتاب “الحانات” و”آداب الغرباء”.
وحصل له ببلاد الأندلس كتب صنفها لبني أمية ملوك الأندلس يوم ذاك وسيرها إليهم سراً وجاءه الإنعام منهم سراً، فمن ذلك كتاب “نسب بني عبد شمس” وكتاب “أيام العرب” ألف وسبعمائة يوم، وكتاب “التعديل والانتصاف” في مآثر العرب ومثالبها، وكتاب “جمهرة النسب” وكتاب “نسب بني شيبان” وكتاب “نسب المهالبة” وكتاب “نسب بني تغلب ” و” نسب بني كلاب ” وكتاب ” الغلمان المغنين ” ذلك.
وكان منقطعاً إلى الوزير المهلبي وله فيه مدائح، فمن ذلك قوله فيه:
ولما انتجعنا لائذين بظـلـه
 
أعان وعنى ومن وما منـا
وردنا عليه مقترين فراشنا
 
وردنا نداه مجدبين فأخصبنا
وله فيه من قصيدة تهنئة بمولود جاءه من سرية رومية:
اسعد بمـولـودٍ أتـاك مـبـاركـاً
 
كالبدر أشرق جنح ليلٍ مـقـمـر
سعد لوقت سـعـادةٍ جـاءت بـه
 
أمٌ حصانٌ من بـنـات الأصـفـر
متبججٌ في ذروتي شـرف الـورى
 
بين المهلب منتـمـاه وقـيصـر
شمس الضحى قرنت إلى بدر الدجى
 
حتى إذا اجتمعا أتت بالمشـتـري
وكتب إلى بعض الرؤساء وكان مريضاً:
أبا محمد المحمـود يا حـسـن ال
 
إحسان والجود يا بحر الندى الطامي
حاشاك من عود عواد إلـيك ومـن
 
دواء داء ومـن إلــمـــام آلام
وشعره كثير، ومحاسنه شهيرة. وكانت ولادته سنة أربع وثمانين ومائتين، وفي هذه السنة مات البحتري الشاعر. وتوفي يوم الأربعاء رابع عشر ذي الحجة سنة ست وخمسين وثلثمائة ببغداد، وقيل سنة سبع وخمسين، والأول أصح، وكان قد خلط قبل أن يموت، رحمه الله تعالى؛ وهذه سنة ست وخمسين مات فيها عالمان كبيران وثلاثة ملوك كبار، فالعالمان أبو الفرج المذكور وأبو علي القالي – وقد ذكرناه في حرف الهمزة – والملوك الثلاثة سيف الدولة بن حمدان، ومعز الدولة بن بويه وكافور الإخشيدي، وهو مذكور في ترجمة كل واحد)).

عباس بن فِرْناس
810- 887م
عبّاس بن فرناس بن ورداس التّكريتي الأمويّ بالولاء. نشأ في قرطبة. تعلّم [url=http://al-hakawati.la.utexas.edu/?titleonly=&s=%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86 %D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85]القرآن الكريم[/url] ومبادىء الدّين الإسلامي في الكتاتيب، ثم أخذ يرتاد الحلقات العلمية التي كانت تُعقَد في جامع قرطبة.
مخترع و فيلسوف وشاعر أندلسي من قرطبة، من موالي بني أمية. عاش في عصر الخليفة الأموي [url=http://al-hakawati.la.utexas.edu/?titleonly=&s=%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%85 %D8%A8%D9%86 %D9%87%D8%B4%D8%A7%D9%85]الحكم بن هشام[/url] وعبد الرحمن الناصر لدين الله و محمد بن عبد الرحمن الأوسط في القرن التاسع للميلاد. كان له اهتمامات في الرياضيات والفلك والكيمياء والفيزياء. اشتهر أكثر مااشتهر بمحاولته الطيران إذ يعده والمسلمون أول طيار في التاريخ.
تبحره في الشعر ومعرفته في الفلك مكنتا له من أن يدخل إلى مجلس عبدالرحمن الناصر لدين الله المعروف بالثاني، ولكنه استمر في التردد على مجلس خليفته في الحكم محمد بن عبدالرحمن الأوسط (852-886)، لكثرة اختراعاته والتي ذكر بعضها المؤرخون. اخترع ابن فرناس ساعة مائية سماها “الميقات”، وهو أول من وضع تقنيات التعامل مع الكريستال، وصنع عدة أدوات لمراقبة النجوم.
ومن الواضح حسب المصادر أن عباس بن فرناس قام بتجربته في الطيران بعد أبحاث وتجارب عدة، وقد قام بشرح تلك الأبحاث أمام جمع من الناس دعاهم ليريهم مغامرته القائمة على الأسس العلمية. يقول ابن سعيد في “المغرب في حلى الغرب «ذكر ابن حيان: أنه نجم في عصر الحكم الربضي، ووصفه بأنه حكيم الأندلس الزائد على جماعتهم بكثرة الأدوات والفنون، وكان فيلسوفاً حاذقاً، وشاعراً مفلقاً، وهو أول من استنبط بالأندلس صناعة الزجاج من الحجارة، وأول من فك بها “كتاب العروض للخليل، كثير الإختراع والتوليد، واسع الحيل حتى نسب إليه عمل الكيمياء، وكثر عليه الطعن في دينه، واحتال في تطيير جثمانه، فكسا نفسه الريش على سرق الحرير، فتهيأ له أن استطار في الجو من ناحية الرصافة، واستقل في الهواء، فحلق فيه حتى وقع على مسافة بعيدة». يعتبره المسلمون كما ورد أول إنسان يحاول الطيران..
حاول عبّاس بن فرناس الطّيران، فكسا نفسه بريش واحدةٍ من سرقى (شقق) الحرير الأبيض لمتانته وقوّته وهو يتناسب مع ثقل جسمه، وصنع له جناحين من الحرير أيضًا يحملان جسمه إذا ما حرّكهما في الفضاء، وأعلن للنّاس أنّه يريد أن يطير في الجو، وأنّ طيرانه سيكون من الرّصافة ـ ظاهر مدينة قرطبةـ فاجتمع الناس فيها ليشاهدوا البطل يتهاوى في سماء قرطبة.
وطار في الفضاء مسافةً بعيدةً عن المحلّ الذي وقف فوقه.
من المصادر أن بن فرناس صنع آلة للطيران بعد دراسة وتشريح ميكانيكا الطيران عن الطيور وأفلح في طيرانه ولكنه بعدما نزل حوكم بتهمة التغيير في خلقة الله وتم عزله في بيته.
قرأ كتب الطّب وخصائص الأمراض وأعراضها وطرق الوقاية منها، وعلاج مَن أصيب بها. ودرس خصائص الأحجار والأعشاب والنباتات، ووقف على ما تُفيد في المعالجة. واتّخذه الأمراء الأمويون طبيبًا خاصًا لمعالجة الأسرة الحاكمة.
درس الفلسفة والمنطق والنجوم والعلوم الرّوحانية، واشتغل بالنّحو ودقائق الإعراب.
وهكذا صار ابن فرناس متضلّعًا بعلومٍ عديدةٍ وفنونٍ وصناعاتٍ وبآدابٍ مختلفةٍ، فبزّ علماء زمانه حتّى أطلقوا عليه “حكيم الأندلس”.
كان عباس بن فرناس أديبًا شاعرًا، وله شعر كثير في أغراضٍ مختلفةٍ كما كان موسيقيًا مُبدعًا، ينظم الشّعر ويضع اللّحن ويُغنّي به.
من اختراعاته: صناعة الزجاج من الحجارة، فك رموز الموسيقى وإشاراتها الغامضة. وهو أوّل مَن صَنَع المنقالة، أي السّاعة، لمعرفة حساب الوقت.
شمـس الدّيـن اللبّـودي
تو. 1224م
كان شمس الدّين بن اللّبودي علاّمةً وفقيهًا. اشتغل في بلاد فارس بالحكمة على نجيب الدّين أسعد الهَمَذاني وقرأ الطّب على رجالٍ من كبار العلماء هناك.
خدم الملك الظّاهر غياث الدّين غازي بن الملك الناصر وأقام عنده بحلب في سورية. ثم أتى إلى دمشق حيث درّس الطّب ومارس التّطبيب في البيمارستان الكبير النّوري.
وقال عنه [url=http://al-hakawati.la.utexas.edu/?titleonly=&s=%D8%A7%D8%A8%D9%86 %D8%A3%D8%A8%D9%8A %D8%A3%D8%B5%D9%8A%D8%A8%D8%B9%D8%A9]ابن أبي أصيبعة[/url] في كتابه “[url=http://al-hakawati.la.utexas.edu/?titleonly=&s=%D8%B9%D9%8A%D9%88%D9%86 %D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%86%D8%A8%D8%A7%D8%A1 %D9%81%D9%8A %D8%B7%D8%A8%D9%82%D8%A7%D8%AA %D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B7%D8%A8%D8%A7%D8%A1]عيون الأنباء في طبقات الأطباء[/url]“: ((هو الحكيم الإمام العالم الكبير شمس الدين أبو عبد اللَّه محمد بن عبدان بن عبد الواحد بن اللبودي، علامة وقته، وأفضل أهل زمانه في العلوم الحكمية وفي علم الطب، سافر من الشام إلى بلاد العجم، واشتغل هناك بالحكمة على نجيب الدين أسعد الهمداني، وقرأ صناعة الطب على رجل من أكابر العلماء وأعيانهم في بلاد العجم، كان أخذ الصناعة عن تلميذ لابن سهلان عن السيد الأيلاقي محمد، وكان لشمس الدين بن اللبودي همة عالية وفطرة سليمة وذكاء مفرط، وحرص بالغ فتميز في العلوم وأتقن الحكمة وصناعة الطب، وصار قوياً في المناظرة، جيداً في الجدل، يعد من الأئمة الذين يقتدى بهم، والمشايخ الذين يرجع إليهم، وكان له مجلس للاشتغال عليه بصناعة الطب وغيرها، وخدم الملك الظاهر غياث الدين غازي بن الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب، وأقام عنده بحلب، وكان يعتمد عليه في صناعة الطب، ولم يزل في خدمته إلي أن توفي الملك الظاهر رحمه اللَّه، وذلك في شهر جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة وستمائة، وبعد وفاته أتى إلى دمشق، وأقام بها يدرس صناعة الطب، ويطب في البيمارستان الكبير النوري إلى أن توفي رحمه اللَّه، وكانت وفاته بدمشق في رابع ذي القعدة سنة إحدى وعشرين وستمائة، وله من العمر إحدى وخمسون سنة، ومن كلام شمس الدين بن اللبودي كل شيء إذا شرع في نقص مع إصراف الهمة إليه تناهى عن قرب.
ولشمس الدين بن اللبودي من الكتب كتاب الرأي المعتبر في القضاء والقدر، شرح كتاب الملخص لابن الخطيب، رسالة في جمع المفاصل، شرح كتاب المسائل لحنين بن إسحاق)).
توفّي في دمشق.
المراجع: عيون الأنباء في طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة



ابن التلميذ
1071م-1165م
ولد أبو الحسن هبة الله بن الغنائم المعروف بابن التلميذ، على اسم جدّه لأمه في بغداد بالعراق في عائلة نسطورية. نشأ في جـوّ أدب وثقافة، كان أبوه طبيباً وجده لأمه طبيباً كذلك، وأكثر أهله كتاباً. تعمق بالعربية وبرع في علومها شعراً ونثراً، وتبحر بالفارسية والسريانية، وأصاب في معرفة المنطق والفلسفة والأدب والموسيقى، فضلاً عن الطب. استدعاه الخليفة المقتفي لأمر الله إلى بغداد وجعله رئيساً للحكماء ورئيساً للبيمارستان العُضدي. وبقي في مهمته حتى وفاته.
أجمع المؤرخون على القول بسعة علم ابن التلميذ في مجال الطب ودقة نظره وحسن معالجته وقوة فراسته وصحة حدسه. وذكر من مصنفاته بضعة عشر كتاباً أشهرها “الاقراباذين الكبير”. ومن تأليفه “المقالة الأمينية في الأدوية البيمارستانية”، واختصار كتاب “الحاوي” للرازي، و”الأشربة” لابن مسكويه، واختصار شرح جالينوس لكتاب فصول أبقراط. وله شرح مسائل حنين، وحواش على قانون [url=http://al-hakawati.la.utexas.edu/?titleonly=&s=%D8%A7%D8%A8%D9%86 %D8%B3%D9%8A%D9%86%D8%A7]ابن سينا[/url]، ومقالة في الفصد… فضلاً عن آثاره.
كان لابن التلميذ مجالس يعقدها لتدريس الطب، فيحضرها عدد كبير ممن تخرجوا لاحقا على يديه.
ابن باجه
توفي 1138 م / 529 هـ
هو أبو بكر محمد ابن الصايغ المعروف بابن باجه او باجَه . ولد في سرقسطة بالاندلس وانتقل بعدها الى أشبيلية فغرناطة وتوفي مسموماً بـفاس في المغرب .
نعرف القليل عن حياة ابن باجه . وهذا القليل وصلنا عن طريق بعض اتباعه وبنوع خاص عن ابي الحسن علي بن الامام الذي نقل المجموعة الوحيدة التي انتهت الينا من آثار ابن باجه الفلسفية والعلمية ، وعن ابي بكر بن الطفيل صاحب قصة “[url=http://al-hakawati.la.utexas.edu/?titleonly=&s=%D8%AD%D9%8A %D8%A8%D9%86 %D9%8A%D9%82%D8%B8%D8%A7%D9%86]حي بن يقظان[/url]“.
قال [url=http://al-hakawati.la.utexas.edu/?titleonly=&s=%D8%A7%D8%A8%D9%86 %D8%B3%D9%8A%D9%86%D8%A7]ابن سينا[/url] في “[url=http://al-hakawati.la.utexas.edu/?titleonly=&s=%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86 %D9%81%D9%8A %D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A8]القانون في الطب[/url]“: ((ابن باجة هو أبو بكر محمد بن يحيى بن الصائغ، ويعرف بابن باجة، من الأندلس. وكان العلوم الحكمية علامة وقته وأوحد زمانه. وبلي بمحن كثيرة وشناعات من العوام، وقصدوا هلاكه مرات وسلمه الله منهم. وكان متميزاً في العربية والأدب حافظاً للقرآن. ويعد من الأفاضل في صناعة الطب.
ولابن باجة من الكتب: شرح كتاب السمع الطبيعي لأرسطوطاليس. قول على بعض المقالات الأخيرة من كتاب الحيوان لأرسطوطاليس. كلام على بعض كتاب النبات لأرسطوطاليس. كتاب تدبير المتوحد. كلام على شيء من كتاب الأدوية المفردة لجالينوس. كتاب التجربتين على أدوية ابن وافد. كتاب اختصار الحاوي للرازي. كلام المزاج بما هو طبي. وكتب عديدة أخرى في الفلسفة والهندسة)).
يقول ابن الامام ، وهو أحد تلامذة ابن باجه ، ان الكتب الفلسفية التي جلبها الحكم الثاني (المستنصر الذي عاش في القرن العاشر ) من المشرق العربي بقيت مستغلقة حتى ظهور ابن باجه . ووصف الثاني ، [url=http://al-hakawati.la.utexas.edu/?titleonly=&s=%D8%A7%D8%A8%D9%86 %D8%B7%D9%81%D9%8A%D9%84]ابن طفيل[/url] ، استاذه ابن باجه بانه كان ” أثقب ذهناً وأصح نظراً من سواه ممن إشتغلوا بالدراسات الفلسفية في الاندلس” . ويضيف ان موت ابن باجه المبكر وحبه للدنيا أقعداه عن ” ظهور خزائن علمه” .
ترك ابن باجه ثلاثين رسالة تكاد لا تربو احداها على ثلاثين ورقة بينما لا يبلغ اكثرها العشر صفحات . ولم تكن أبحاثه مستوفية لان ابن باجه كان غالباً ما يكتفي بالاحالة على ” ما ذكره ارسطو في غير موضع ” او ما ذكره هو في “عدة مواضيع ومواقع ” . الا ان سعة اطلاعه تبرر الاكبار الذي كنه له العلماء اللاحقون . فقد كان شروعه بالابحاث الفلسفية الجدية نقطة تحول في تاريخ الثقافة الاسلامية بالاندلس .
يتناول ابن باجه في مؤلفه الاشهر ” تدبير المتوحد ” وفي رسالته ” في إتصال العقل بالانسان ” القضايا التي تبحث في مراحل الترقي الفكري من طور القوة الى طور الفعل وبالتالي اتصال العقل المستفاد بالعقل الفعال . ثم ينتقل الى تفحص انواع الافعال الانسانية ، لا سيما تلك التي تفضي الى طور الاتحاد او الاتصال الاخير بالعقل الفعال . ويقالاول إن بعض هذه الافعال بشرية وبهيمية حيوانية ، لذلك لا تؤدي الافعال المشتركة الى ” التوحد ” . اما الافعال الانسانية البشرية الخاصة فتختلف عن تلك في كونها ارادية وناجمة عن الروية او الفكر بينما الافعال ” المشتركة” تكون وليدة الاندفاع الغريزي . وفي ما سماه المدينة الفاسدة تصبح جميع الافعال اضطرارية وغريزية لان اهلها ينقادون لنوازع مختلفة مثل تأمين ضروريات الحياة واللذات وطلب الجاه وابتغاء السيطرة .
من هنا يتطرق ابن باجه الى مرتبة الانسان في سلم ” الصور الروحانية ” من سلسلة الوجود الكلي التي روج لها الافلاطونيون المحدثون . وهو يذكر من هذه الصور اربعاً : صور الاجرام السماوية ؛ العقل المستفاد والعقل الفعال؛ الصور الهيولانية المجردة من المادة ؛ واخيراً الصور او المعاني المودعة في قوى النفس الباطنة وهي الحس المشترك والتخيل والذاكرة .
الفئة الاولى من هذه الصور غير هيولانية . اما الثانية فمع انها غير هيولانية إلا ان لها الى الهيولي نسبة ما، لأن العقل يتمم الصور الهيولانية من حيث هو مستفاد او يفعلها من حيث هو فعال . اما الصورة الثالثة فلها بعض الصلة بالهيولي ، بينما الرابعة متوسطة بين الصور الهيولانية والروحانية .
يؤكد ابن باجة ان مهمة الانسان الجوهرية هي مهمة عقلية . وبقدر ما تساعد الاصناف الدنيا من الصور الروحانية على إنجاز هذه المهمة تكون جديرة باهتمامه وسعيه . وعندما يتاح ” للمتوحد ” ان يدرك هذه الغاية يصبح قادراً على بلوغ تلك الحال من البقاء الدائم والوجود المجرد . وهذا ما تتميز به الصور الروحانية . وهذا الانسان الروحاني وحده ينعم بالسعادة الحقة ، بينما يظل الانسان ” الجسماني ” منغمساً بالملذات الجسدية الى حد لا يستطيع معه ان يطمح الى ما هو وراءها وابعد منها . وعندما يبلغ الانسان الروحاني مرتبة الحكمة الفلسفية ويتصف بأسمى الفضائل يصبح الهيًا حقاً وينضم الى فئات الجواهر المفارقة . وتلك هي غاية الانسان القصوى وشعار ذلك الاتحاد بالعقل الفعال الذي يدعوه ابن باجه “بالاتصال”.
هذا المتوحد ، برأي ابن باجه ، لن يجد في المدن الفاسدة ما يساعده على بلوغ اهدافه العقلية العليا ، لذلك يجد نفسه مضطراً الى الهجرة الى مدينة فاضلة . واذا لم يجد هذه المدينة فعليه اعتزال الناس وترك مخالطتهم الا في الامور الضرورية . ويؤكد ابن باجه في رسالته “اتصال العقل بالانسان ” وفي ” تدبير المتوحد ” ان المراحل الاخيرة في ترقي الانسان الفكري والروحاني ليست انسانية بالكلية انما تتم بنور ينفثه الله في صدور من يختارهم . فالله ” تمم العلم بها ، اي مراتب اليقين العليا ، بالشريعة” . ومَن جُعل له هذا العقل ، فاذا فارق البدن يبقى نوراً من الانوار يسبِّح الله ويقدسه مع النبيين والصديقيين والشهداء والصالحين .
المراجع: القانون في الطب لابن سينا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
علماء وفلاسفه ورحالة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» علماء الحديث
» من علماء الاسلام ...
» هل هم فعلا علماء السلطان ؟؟
» أحوال علماء المسلمين
» نظرية المعرفة عند علماء المسلمين

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: كتب وروابات مشاهير شخصيات صنعت لها .... :: علماء وادباء-
انتقل الى: