تقرير عن صوم التطوع
من هو اول من صام
الصوم هو الركن الرابع من أركان الإسلام الخمس كما ورد في الحديث الشريف ،عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- قال : سمعت رسول الله -صل الله عليه وسلم- يقول : " بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وإقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وحج البيت ، وصوم رمضان " رواه البخاري ومسلم . وفي قولة تعالي " شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ "
والصيام في اللغة أصله الإمساك ويقال صام عن الكلام أي أمسك عنه كما في قوله تعالي في سورة مريم: " فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا " (مريم:26) . وصام عن الأكل والشرب والجماع أي أمسك عنهم أما تعريفه شرعا: إمساك مخصوص من شخص مخصوص بنية مخصوصة ، أو الإمساك عن الطعام والشراب والشهوة بنية مخصوصة " وهو واجب في شهر رمضان على كل مسلم ومسلمة والصيام له أصل فقد عرف قبل الإسلام كما في قوله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ -أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ "
وقد ذكر بعض العلماء أن أول من صام هو سيدنا آدم عليه السلام حينما أمره الله ألا يأكل من الشجرة وأيضاً سيدنا نوح –عليه - ومن معه، بعد أن نجاه الله هو والمؤمنين من الطوفان الذي أهلك القوم الكافرين وكان سيدنا إبراهيم أبو الأنبياء يصوم لساعات وقد ثبت أن سيدنا داوود كان يصوم يوما ويفطر يوما وأسباب الصيام متعددة منها من يصوم للنذر ومنها من يصوم تقربا لله كالسنن وهناك من يصوم لأسباب تتعلق بالزهد وهناك ديانات توجب الصوم، فالصيام في مجمله تعبيرا عن الخضوع لله فقد عرفه القدماء المصريين واليونايين والبوذيين والرومان وأيضا عبدة الكواكب فكان صيامهم شكرا للقمر
ومنها المأمور به كصوم رمضان وكانت قريش قبل الإسلام تصوم يوم عاشوراء فذلك ليس تشبها باليهود ولكن يقال أن قريش أذنبت ذنبا عظيما في الجاهلية فضاق في صدورهم فقيل لهم صوموا يوم عاشوراء فإن صيامه يكفر عن ذلك الذنب .فالصيام يضبط النفس ويعلمها التحكم في غرائزها وله فوائد عظيمة فالصوم يقي من الأورام ويحمي من السكر وللحفاظ على الوزن ويصفي الذهن وأيضا مفيد في علاج الأمراض الجلدية فالصيام يقلل نسبة الماء في الجسم مما يعمل على زيادة مناعة الجلد ومقاومة الميكروبات والجراثيم ومفيد لعلاج آلام المفاصل وقد نصح الأطباء بصيام ثلاثة أسابيع بشكل متواصل مما يساعد علي قتل الجراثيم التي تسبب هذا المرض بنسبة تتعدي السبعون بالمائة ويعمل على الوقاية من النقرص داء الملوك والذي ينتج من زيادة التغذية فالصيام
يحد من ذلك ويعمل على إنقاص الجسم من الدهن فتقل نسبة الإصابة بجلطة القلب وجلطة الدماغوللصيام فوائد إيمانية وروحانية منها لأن النفس إذا شبعت إنطلقت إلى شهواتها وإذا جاعت هدئت وسكنتوأيضا من فوائده يبعث على الرحمة والتواصل والشعور بعجز الفقراء والمحتاجين فإذا ذاق الإنسان طعم الجوع والعطش شعر بحاجة المسكين والفقير واستشعر حاله وألمه ويهذب النفس والأخلاق وتعودها على فعل الخيرات والالتزام بالعباداتوينقي الدم من الشوائب والفضلات الرديئة ويضيق مجاري الدم التي هي مجرى الشيطان ويعود على المسلم من تقليل الطعام والشراب حتى يتسنى له القيام بالعبادات ليلا والإكثار منهافقد قال عنه توم برنز ( صحفي كولومبي ) عن تجربة شخصية منه :" إنني أعتبر الصوم تجربة روحية عميقة أكثر منها جسدية، فعلى الرغم من أنني بدأت الصوم بهدف تخليص جسدي من الوزن الزائد إلا أنني أدركت أن الصوم نافع جدا لتوقد الذهن، فهو يساعد على الرؤية بوضوح أكبر، وكذلك على استنباط الأفكار الجديدة وتركيز المشاعر، فلم تكد تمضي عدة أيام من صيامي في منتجع "بولنج" الصحي حتى شعرت أنني أمر بتجربة سمو روحي هائلة
" لقد صمت إلى الآن مرات عديدة، لفترات تتراوح بين يوم واحد وستة أيام، وكان الدافع في البداية هو الرغبة في تطهير جسدي من آثار الطعام، غير أنني أصوم الآن رغبة في تطهير نفسي من كل ما علق بها خلال حياتي، وخاصة بعد أن طفت حـول العالم لعدة شهور، ورأيت الظلم الرهيب الذي يحيا فيه كثيرون من البشر، إنني أشعر أنني مسئول بشكل أو بآخر عما يحدث لهؤلاء ولذا فأنا أصوم تكفيرا عن هذا "
أما عن فضل صيام التطوع فقد ورد في فضل صيامه أحاديث كثيرة، منها حديث سهل رضي الله تعالى عنهعن رسول الله: "إن في الجنة باباً يقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم. فيقال أين الصائمون؟ فيقومون، لا يدخل منه أحد غيرهم فإذا دخلوا أغلق، فلم يدخل منه أحد" متفق عليه.
أنواع صوم التطوع
صيام يوم وفطر يوم: وهو أفضل أنواع الصيام، وهو صيام نبي الله داود عليه السلام.
صيام ثلاث أيام من كل شهر: ويفضل أن تكون هذه الأيام هي يوم الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس العشر، وهي الأيام البيض من كل شهر.
صيام التسعة الأولى من ذي الحجة وآخرها يوم عرفة، وهي أفضل أيام العمل الصالح، وحتى الجهاد في سبيل الله.
صيام يوم عرفة: فهو صوم يكفر أعمال سنة ماضية، وسنة تالية.
صيام اليوم التاسع والعاشر من محرم.
صيام الاثنين والخميس: فالأعمال تعرض على الله كل يوم اثنين وخميس، وكان الرسول صل الله عليه وسلم يحب أن يصومهما؛ لأنه يحب أن تعرض أعماله على الله وهو صائم.
صيام ست من شوال.
لذلك نجد أن للصيام بشكل عام، ولصيام التطوع بشكل خاص فضل وأجر كبير، لذلك لنحرص على هذه العبادة، فلابد وأنك وجدت أحد أنواع الصيام تناسبك وتستطيع أن تلتزم بها، وتذكر قليل مستمر، خير من كثير متقطع.
كيف كان الصيام قبل الاسلام
قال تعالى : " ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ " وهذا دليل من كتاب الله على وجود الصيام قبل الإسلام، الجميع يعرف أن الصوم عبادة فرضها الله تعالى على الخلق والصوم هو الركن الثاني من أركان الإسلام الذي يتقرب به العبد إلى ربه متعبداً لله عز وجل مبتعداً عن المحرمات التي نهانا عنها الله تعالى وأمرنا بالإبتعاد عنها، لكن ما لا يعرفه الجميع ويجهله الكثيرين هو أن الصيام وجد قبل ظهور الإسلام فقد كان بني إسرائيل والمصريين القدماء يصومون، لكن بالطبع صيام المسلمين يختلف عن صيام المصريين القدماء وبني إسرائيل و الصيام عند المسيحيين حيث سنتناول في هذا الموضوع طريقة صيام كل منهم .
الصيام عند المصريين القدماء
كان يعتبر المصريين القدماء الصيام فريضة دينية للتقرب من الموتى عن طريق الإمتناع عن الطعام والشراب لأن الأموات لا يأكلون ولا يشربون وكان الصيام مقسم إلى صيام الشعب وصيام الكهنة، كان الشعب يصوم سبعين يوماً لا يأكل فيها إلا الخضراوات ولا يشربون فيها إلا الماء وهناك صوم آخر وهو صيام أربعة أيام في السنة والصوم في موعد الحصاد، أما صيام الكهنة كان له مواعيد محددة وكانوا يمتنعون عن الطعام والشراب ومعاشرة النساء من شروق الشمس وحتى غروبها مدة أربعين يوماً ظناً منهم أنه يزيد قدسيتهم .
== الصيام عند بني إسرائيل ==
كان يعتبر الصيام عند بني إسرائيل كعلامة تدل على الحزن والكآبة وللتكفير عن الذنوب والمعاصي ظناً منهم أنه من خلال الصوم لن تتكرر معهم المأساة، وكان بني إسرائيل يصومون الكثير من الأيام في السنة مثل الصيام قبل عيد التنصيب وهو اليوم الثالث عشر من مارس وصيام ثلاثة أسابيع تمتد من السابع عشر من يوليو إلى التاسع من أغسطس وتسمى هذه الأسابيع بأسابيع الحداد وصيام اليوم الأول والثاني والسابع عشر أيضاً من يوبيو لإعتقادهم أنه في مثل هذه الأيام حطم سيدنا موسى عليه السلام ألواح الشريعة وصيام التاسع من أغسطس الذي إخترب فيه الهيكل الأول وصيام الأيام التي تقرأ فيها التوراة وهي يومي الإثنين والخميس من كل أسبوع وكانوا يصومون آخر يوم من كل شهر ويسمى يوم الغفران .
الصيام عند المسيحيين
كانوا يصومون خمسة وخمسين يوماً وهو الصوم المقدس ويصومون ثلاثة وأربعين يوماً صوم الميلاد وصوم العذراء خمسة وعشرين يوماً وصوم الرسل بين خمسة عشر وأربعين يوماً وصومهم بالإمتناع عن تناول اللحوم والألبان ومشتقاتها .
متى فرض صيام شهر رمضان المبارك
مقدمة
فرض الله تعالى على المسلمين الصلاة في شهر شعبان للسنة الثانية من الهجرة، وقدكان المسلمين يصومون قبل فرض رمضان يوم عاشوراء والأيام البيض وهي ثلاثة أيام من كل شهر هجري وتكون يوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من الأشهر الهجرية، وقدكانت الشعوب قبل الإسلام تصوم ولكن ليس كصيام رمضان؛ قال تعالى ((كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون)).
الأركان الخمسة
وقد جعل الله تعالى صيام رمضان من أركان الاسلام الخمسة التي لا يصلح اسلام المرء إلاّ بالقيام به؛ قال الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ((بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلاّ الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً))، وقد صام صلى الله عليه وسلم تسع رمضانات لأنه صل الله عليه وسلم توفي في ربيع الأول سنة إحدى عشرة للهجرة.
ما هو الصيام
والصيام هو الإمساك عن الأكل والشرب والجماع وغيرها من المفطرات من طلوع الشمس إلى غروب الشمس، وكلمة رمضان قادمة من رمض أي الحر الشديد، كما أن الصائم يجب أن يتحلى بالصبر وأداء الطاعات مثل الإكثار من الصلاة والصدقة والإستغفار، والبعد عن الغيبة والنميمة وإيذاء الناس؛ فليس الهدف من الصوم هو فقط ترك الطعام والشراب والجماع وإنما ترك الأخلاق السيئة والإبتعاد عن المحرمات.
لمن يكون مسموح الإفطار في رمضان
وقد فرض الصيام على كل مسلم بالغ وعاقل، ويحاسب تارك الصيام لأن الله جل جلاله اختص الصيام لنفسه أي أنه يعطي الصائم ما يريد من الأجر والثواب والحسنات، ولكن من عدله جل جلاله أعطى الرخص التي تخفف عن عباده أداء العبادات فقد سمح لبعض المسلمين بالإفطار وهم:
المسافر الذي يقصر في الصلاة وهو الذي يسافر لمسافة واحد وثمانون كيلو متر وأكثر، بل كان من المستحب افطاره حتى لو كان قادراً، وعليه قضاء الأيام التي أفطرها إن كان قادراً على ذلك أو دفع الكفارة في حال لم يقدر.
الحامل والمرضع التي تخاف على نفسها أو على ولدها من الهلاك، فالله تعالى حرّم على المسلم إيذاء نفسه أو إيذاء الغير، فشرع للحامل أو المرضع الإفطار في شهر رمضان على أن تصوم ما أفطرته فيما بعد رمضان إذا كانت قادرة أو دفع الكفارة في حال لم تستطع.
المريض الذي يخاف على نفسه من الهلاك، وعليه قضاء ما أفطره من أيام فيما بعد شهر رمضان إذا كان قادراً وفي حال استمر مرضه ولم يستطع قضاء الأيام التي أفطرها فعليه دفع الكفارة عن كل يوم أفطره.
الحائض والنفساء عليها بالإفطار، ثم عليها قضاء الأيام التي أفطرتها أو دفع الكفارة في حال لم تستطع الصيام.
في اي سنة فرض الصيام
جاء الإسلام نورًا وهدىً للناس، يهديهم سبيل الخير في الدنيا والآخرة، ويدفع عنهم شرور هذه الحياة وعذاب الآخرة، وقد تضمنت تشريعات الإسلام كل شيء من العقائد التي تتمثل في الإيمان والشرك والردة والكفر، ومن التشريعات الفقهية والمعاملات والفرائض التي تمثل هوية المسلم وشكلها.
ولمّا جاء الإسلام لم يأتِ بكل العقائد والتشريعات مرة واحدة؛ لأنّه جاء لعصرٍ انتشرت فيه براثن الأصنام والشرك بكل أشكاله، فأخذ الإسلام في أحكامه تدرجًا واضحًا، وأبعادًا زمنية حكيمة لكل تشريع كان ينزل على المسلمين آنذاك؛ وذلك لأنّ لكل فترة في حياتهم خصوصية تختلف عن غيرها، ومنها ما ينطبق على حديثي الإسلام في عصرنا هذا، فلا نُشِقّ عليهم بالمهام الدينية والطاعات منذ إعلان الشهادتين؛ لأنّ طبيعة الإسلام هي اليسر وليس العسر، ومبدأه هو مبدأ فطري إنساني، فالإنسان طبعه التعوّد، ويتعود على الشيء بالتدرج فيه، يبدأ بشيء صغيرٍ حتّى إذا ما أتقنه ينتقل لشيء أكبر منه وهكذا، وعلى هذا المبدأ قامت تشريعات الإسلام المختلفة.
وهذا ما حدث عندما نزلت فريضة الصيام على المسلمين، فقد فرض الصيام بعد خمسة عشر سنة أو أكثر من بعثة الرسول عليه الصلاة السلام، يعني بعد خمسة عشر عامًا ممن نطقوا بالشهادة من أوائل المسلمين، وإنّ لهذا التوقيت حكمة، فعندما بعث النبي عليه الصلاة السلام، بدأ الناس يتمايزون بين مؤمن بما يقوله النبي عليه الصلاة السلام وبين معارض له، وهناك من التبست عليه الأمور، فتارة يميل للجاهلية وتعصب القبلية، وتارة يميل للهدى والفطرة الربانية، فكم كانت من فترة عصيبة على الجميع، فالذي دخل الإسلام حُورب، والذي بقي متأرجح الفكر احتاج لوقتٍ كبير حتى يتيقن من طريقه؛ فكيف لو جاء الإسلام بالتشريعات من أول البعثة ما كان ليدخل في الإسلام أحد، ولكنّه كما أسلفنا دين يسرٍ وحكمة.
فرضت الصلاة في السنة العاشرة من البعثة بعد أن رسخت عقيدة التوحيد والولاء والبراء في قلوب المسلمين، بدأت قلوبهم تميلُ لأداء العبادة لخالقهم؛ لإعطاء الدليل الواضح على إسلامهم وامتثالهم لأمر الله عز وجل، وما إن رَسَخت الفريضة الأولى وعمود الدين في حياة المسلمين وبعد خمس سنواتٍ من بعد فريضة الصلاة فرض الصيام، فقد كانت فريضة الصيام من التشريعات لا العقائد، بينما كانت الصلاة عقيدة، حيث فرض الصيام في المدينة المنورة، حين قامت دولة الإسلام وتأصل في قلوب المسلمين، وأصبح الخطاب الرباني الموجّه إليهم يبدأ بـ (يا أيّها الذين ءامنوا)، وكانت سنة فرض الصيام هي الثانية من الهجرة.
حتّى فريضة الصيام كانت بتدرج ولم تفرض فريضة تامة وكاملة من أولها، بل فرضت كفريضة اختيارية في بادئ الأمر على أن يكفّر من لم يستطع الصيام وفقًا للآية القرآنية "يا أيها الذين ءامنوا كتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أيامًا معدودات فمن كان منكم مريضًا أو على سفرٍ فعدةٌ من أيامٍ أخر، وعلى الذين يطيقونه فديةٌ طعام مسكين فمن تطوع خيرًا فهو خيرٌ له وأن تصوموا خيرًا لكم إن كنتم تعلمون"
فكان الصيام بين التخيير في المرحلة الأولى مع الفدية، ثم في المرحلة الثانية الإلزام والتحتيم إلّا لمن كان مريضًا أو على سفر.
نِعم الدين هو الإسلام، ونعم التشريعات هي شرعه، فيه كل الخير لو وَعيناهُ تمامًا.