منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69673
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Empty
مُساهمةموضوع: البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول   البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Emptyالأحد 06 مارس 2016, 9:36 pm

البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول
البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول BOlevel2434  مقدمة
البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول BOlevel2435   الفصل الأول: الشركات المستثمرة للبترول
البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول BOlevel2286   الفصل الثاني: الدول المنتجة للبترول
البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول BOlevel2437   الفصل الثالث: تأثير صناعة البترول على اقتصاديات دول المنطقة العربية
البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول BOlevel2438   الفصل الرابع: الدول المستهلكة للبترول
البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول BOlevel2439   الفصل الخامس: أسعار البترول في ظل الضغوط على قوانين السوق، وأثرها في الاقتصاد العالمي
البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول BOlevel2440   الفصل السادس: أسعار البترول في التسعينات بين التحسن والهبوط وأثرها في الاقتصاد العالمي
البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول BOlevel2441   الفصل السابع: الحوار بين منتجي ومستهلكي البترول دون نتائج حاسمة
البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول BOlevel2442   الفصل الثامن: الغاز الطبيعي
البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول BOlevel2443   الفصل التاسع: مصادر الطاقة البديلة
البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول BOlevel2432   الملاحق
البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول BOlevel2433   المصادر والمراجع


[rtl]مقدمة[/rtl]




[rtl]تعريف الاقتصاد [/rtl]



[rtl]         هو العلم الذي يبحث في كيفية استخدام الموارد ذات الندرة النسبية وذات الاستخدامات البديلة بغرض إشباع أكبر قدر من حاجات الأفراد اللانهائية. [/rtl]



[rtl]         فالموارد الموجودة في أي مجتمع تتصف بالندرة. ولكنها ليست ندرة مطلقة، وإنما ندرة بالنسبة للطلب عليها. والاقتصاد يبحث في كيفية التوزيع الأمثل لهذه الموارد على الاستخدامات المختلفة، عن طريق إنتاج سلع وخدمات، يتطلب الحصول عليها بذل جهد أو دفع مقابل نقدي أو عيني، الأمر الذي يجعل لها قيمة سوقية يتحكم فيها جهاز الأسعار من خلال ما يطرأ على العرض والطلب من تغيُّرات. [/rtl]



[rtl]         والندرة التي تتصف بها هذه السلع، قد تكون من فعل الطبيعة  Natural Limitation   كندرة الفحم والبترول والذهب ـ التي تعتبر منتجات محدودة بفعل الطبيعة. وهذا يضاعف من ندرة البترول. فإنها ليست ندرة بالنسبة للطلب عليه فقط بل لأنها ندرة بالنسبة لسلعة ناضبة لا دوام لها. ومن الحكمة أن تحرص الدول المنتجة للبترول على استهلاكه بطريقة اقتصادية حفاظاً على توفير أقصى احتياطي منه لديها. [/rtl]



[rtl]أما تعريف النفط [/rtl]



[rtl]         فإنه أحد المصادر المتعددة للطاقة، التي تتضمن أيضاً الغاز الطبيعي والفحم والكهرباء والطاقة النووية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح وبالنسبة للبلاد النامية، يُضاف مصدرٌ هام، هو ما يسمى بالطاقة التقليدية  Traditional ، التي تشمل الخشب والمخلفات النباتية والحيوانية. [/rtl]



[rtl]         وعلى ذلك، فمن المفروض أن التأثير المتبادل بين الاقتصاد والبترول لا يخرج عن تطبيق قوانين السوق، التي تتم نتيجة للقرارات التي يتخذها كل من المستهلكين والمنتجين. [/rtl]



[rtl]         ولكن البترول ليس سلعة ككل السلع، لأن إنتاجه وتسويقه ونقله على نطاق عالمي، له تأثير ضخم سياسياً واقتصادياً ويؤثر على مصالح جهات كثيرة هي: [/rtl]




  • الدول المنتجة للبترول.
  • والشركات المستثمرة للبترول في تلك الدول.
  • والدول المستهلكة للبترول.

[rtl]         والعلاقات التي تربط هذه الجهات الثلاث يجب أن تتوخى الوصول إلى توازن يحقق مصالحها جميعاً. ولكن كل جهة منها اعتراها تطورات عديدة بشأن صناعة البترول، واحتدم الصراع بينها، واتخذت كل منها اتجاهات وسياسات وتكتلات مختلفة. [/rtl]



[rtl]         ومما يُذكر هنا ـ دليلاً على أهمية البترول ـ ما قاله السياسي الفرنسي الشهير كليمنصو: "إن نقطة البترول تعادل نقطة الدم، بل هي أثمن". وما قاله ونستون تشرشل: "إن من يملك بترول الشرق الأوسط يستطيع أن يحكم العالم". [/rtl]



[rtl]         وعلى ذلك فالحديث عن تأثير البترول على اقتصاديات الدول لابد من التمهيد له بعرض الحقائق عن أهمية البترول الاستراتيجية كأداة سياسية منذ نشأة اكتشافه، الأمر الذي أدى إلى أوضاع البترول وبدائله في الوقت الحاضر، ومدى تأثيره العميق على اقتصاد دول العالم. [/rtl]



[rtl]         ويبدأ البحث بعرض تطور الأحداث الخاصة بهذه الجهات الثلاث ـ دون ترتيب ـ بل وفقاً لحجم نفوذها ومدى تأثيرها في صناعة البترول وسيطرتها على إنتاجه وأسعاره، حتى أصبحت هذه الجهات هي المحرك الحقيقي لتأثير البترول في اقتصاديات الدول. [/rtl]


عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الأحد 06 مارس 2016, 10:10 pm عدل 5 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69673
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Empty
مُساهمةموضوع: رد: البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول   البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Emptyالأحد 06 مارس 2016, 9:49 pm

[rtl]الفصل الأول[/rtl]


[rtl]الشركات المستثمرة للبترول[/rtl]


[rtl]أولاً: الشركات المستثمرة للبترول في الشرق [/rtl]

[rtl]         إن اتفاقيات الامتيازات التي حصلت عليها شركات البترول في الشرق الأوسط ـ وعلى الأخص في منطقة الخليج ـ مُنحت تحت ظروف قاسية لم تكن للحكومات التي أبرمتها حرية الاختيار لعدة أسباب أهمها: [/rtl]

[rtl]1. كانت هذه الحكومات في حالة مادية سيئة تجعلها تتهافت على أي قدر من الأموال بغضِّ النظر عن قيمة ما تمنح. كما حدث عند توقيع اتفاق التنقيب عن البترول في الأراضي الإيرانية، الذي منحته حكومة إيران في شهر مايو عام 1901 للمستر وليم دارسي ـ الإنجليزي الجنسية ـ إذ كانت حالة إيران المالية والإدارية مرتبكة تماماً. وقد شمل عقد الامتياز معظم المنطقة الجنوبية والغربية من إيران. [/rtl]

[rtl]وقد نجحت الشركة الأنجلوايرانية ـ العاملة في إيران ـ بعد بضع سنوات في اكتشاف حقل بترول مسجدي سليمان، أول حقل على ضفاف الخليج العربي. وبدأت الحكومة البريطانية تُعد العدة لتحويل وقود أساطيلها البحرية من الفحم إلى البترول. وأصبح الخليج العربي حجر الزاوية في الاستراتيجية البريطانية، حيث بادرت الحكومة البريطانية في عام 1913 إلى تملُّك 51 % من أسهم شركة البترول الإنجليزية الإيرانية، وقد زيدت هذا النسبة فيما بعد إلى 56%. [/rtl]

[rtl]ومن ناحية أخرى عمدت بريطانيا إلى بسط سيطرتها على شركة البترول التركية حيث أُعيد تكوينها في مارس عام 1914، ودخلتها شركة البترول الإنجليزية الإيرانية المشار إليها شريكة بنصف رأس المال. [/rtl]

[rtl]2. كذلك لم تكن حكومات الكويت وقطر والبحرين قادرة على التفاوض بحُرية تامة عندما أعطت كل منها امتيازات لكل من شركة الكويت للبترول وشركة قطر وشركة البحرين، لأن حكومات هذه البلاد لم تكن حرة في منح امتيازات بدون موافقة حكومة بريطانيا وفقاً للاتفاقيات المعقودة بين حكومة بريطانيا وكل من حكام هذه البلاد. وقد شملت عقود الامتياز المذكورة التنقيب في مساحة البلاد كلها. كما كان العراق كله مشمولاً بامتيازات شركة نفط العراق وشركتي نفط البصرة ونفط الموصل التابعتين لها. [/rtl]

[rtl]         أما اتفاق امتياز البترول في السعودية، فقد كانت الحالة المادية في السعودية إبَّان الأزمة العالمية عام 1933 سيئة جداً. فاستخدمت حكومة الملك ابن سعود المستر كارل نوتشمل ـ الأمريكي الجنسية ـ للاتصال بالشركات الأجنبية وإقناعها بالقدوم إلى السعودية والحصول على تراخيص التنقيب عن البترول. وقد استجابت شركة "ستاندرد أوف كاليفورنيا" الأمريكية إلى ذلك.[/rtl]

(وقد أصبحت هذه الشركة فيما بعد "جلف أويل Gulf Oil").
[rtl]         وإذا اعتبرنا البترول مصدر خير للوطن العربي، إلاَّ أنه كان كذلك مصدر بلاء، بحيثُ يمكن القول بأن مشروعات الاستعمار تجاه الوطن العربي  تستهدف على الدوام وضع يدها على منابع البترول العربية وأنابيب نقله ومعامل تكريره. وقد كان البترول باعثاً جوهرياً للعدوان الثلاثي على مصر عام 1956. [/rtl]

[rtl]         كما أن البترول من الأسباب الرئيسية لتشبث الاستعمار بمناطق الخليج وجنوب الجزيرة العربية، حيث يُعد ميناء عدن الآن أكبر مركز عالمي لتموين البترول ومصفاته من أضخم المصافي. [/rtl]

[rtl]         كذلك أدى البحث عن البترول في المحميات بالجنوب العربي وظهوره في حضرموت إلى كثير من التحركات والاعتداءات البريطانية في المنطقة. ولم يكن العدوان على سلطنة عمان وواحة البوريمي إلا انعكاساً لتوقّع اكتشاف البترول في مواقع قريبة من هذه المناطق، الأمر الذي دفع بريطانيا إلى إرغام إمارات الخليج والجنوب العربي إلى التزامات غير شرعية. وقد انزعجت بريطانيا والدول الغربية من مساندة الجمهورية العربية المتحدة ـ في ذلك الوقت ـ لحركة التحرر اليمنية. ولم يكسب الاستعمار البريطاني في المنطقة تأييد أمريكا ومعاونة فرنسا إلا بعد أن كفل للدولتين قدراً من استغلال البترول العربي. [/rtl]

[rtl]         وقد وضعت فرنسا مصالحها الاقتصادية في المقام الأول حيال الاستفادة من بترول الجزائر، حيث أعلنت بصراحة أن هدفها من استغلال بترول الصحراء هو تمويل منطقة الفرنك الفرنسي باحتياجاتها وحماية موارد المنطقة من العملات الأجنبية. [/rtl]

[rtl]         لذلك فإن الحكومات التي وقَّعت اتفاقيات الامتيازات لم تكن قادرة على التفاوض، إما لأنها كانت خاضعة لإرادة حكومة أجنبية، لها مصلحة في تكييف الامتياز بالشكل الذي يروق لها، كما هو الحال في العراق وإمارات  الخليج وجنوب الجزيرة العربية. وإما لأنها مرتبكة مالياً وعاجزة فنياً، كما هو الحال في إيران والسعودية، الأمر الذي جعل من شركات الامتياز حكومات أخرى داخل هذه البلاد، حيث كانت معفاة من الضرائب ومن الخضوع للقوانين المحلية، لدرجة أنها كانت تستخدم اللاسلكي للاتصال بالخارج ولها طيرانها الخاص بها. وما دام الأمر كذلك، فقد ازداد إقبال هذه الشركات على استغلال بترول الشرق الأوسط بسبب سهولة العثور عليه بكميات اقتصادية وفيرة وبتكاليف يسيرة. [/rtl]

[rtl]دول المغرب العربي [/rtl]

[rtl]         وقد حاولت دول المغرب العربي ـ وامتيازاتها حديثة ـ أن تتلافى بقدر الإمكان مخاطر الامتيازات البترولية الأجنبية. ويتضح هذا بجلاء لو أننا عقدنا مقارنة بين عقود الامتياز القديمة "التي أبرمتها دول المشرق العربي" وبين عقود الامتياز الحديثة " التي أبرمتها دول المغرب العربي". [/rtl]

[rtl]         اتسمت الاتفاقيات القديمة بطابع احتكاري يتمثل في انفراد شركة واحدة بالعمل "في العراق والكويت والبحرين"، بينما حرصت دول أفريقيا العربية على منح امتيازات لأكبر عدد ممكن من الشركات حتى تتلافى بذلك سيطرة شركة واحدة، ولكي تثير المنافسة بينها. [/rtl]

[rtl]         ففي ليبيا ـ مثلاً ـ بلغ عدد الشركات التي حصلت على امتيازات بترولية حتى أول مايو عام 1960، ثماني عشرة شركة تمثل مصالح أمريكية وفرنسية وبريطانية وألمانية وإيطالية. [/rtl]

[rtl]         كذلك درجت الامتيازات القديمة على استمرار الامتياز لفترة طويلة "99 عام في قطر، 75 عام في العراق والكويت، 66 عام في المملكة العربية السعودية"، وهو الأمر الذي أحجمت عنه الامتيازات الحديثة: فمدتها في ليبيا خمسون عاماً يجوز تمديدها لمدة لا تزيد في مجموعها عن ستين عاماً. أما في المغرب فهي ثلاثون عاماً. [/rtl]

[rtl]         وقد حرصت الامتيازات في الشركات القديمة على أن تحصل على حقوق تغطي إقليم الدولة بأكمله، أو على الأقل الجزء الغالب منه، بل إن بعضها حصلت على حقوق تمتد في المياه الإقليمية "كما هو الحال في البحرين". [/rtl]

[rtl]         أما في الدول العربية الأفريقية، فقد تفاوت هذا الشمول. مثال ذلك: أن ليبيا قسَّمت إقليمها إلى أربع مناطق، ووضعت حداً أقصى لما يجوز لشخص واحد أن يحصل عليه من عقود امتياز أو مساحة. وفي الجزائر يقضي القانون بأن يتنازل صاحب الترخيص عن نصف المنطقة التي يستغلها بعد خمس سنوات وبذلك يفسح المجال لشركات أخرى. [/rtl]

[rtl]         ومما هو جدير بالذكر في مقام المقارنة، أن عدداً من الدول العربية الأفريقية يشترط أن تسهم الحكومات في رأس مال الشركة طالبة الامتياز. ففي ليبيا قبلت شركة كوري أن تسهم الحكومة في رأس مالها بحد أقصى قدره 30%. كما ساهمت حكومة تونس بحوالي 24% في رأس مال شركة سريت. ورفعت حكومة المغرب حصتها في رأس مال الشركة الشريفية إلى50%. [/rtl]

[rtl]         ومع ذلك، فإن هذه الجهود لم تكن حائلاً لسيطرة المصالح الأجنبية على استغلال البترول العربي. فنجد أولوية للمصالح الأمريكية والبريطانية في المشرق العربي، تقابلها أولوية للمصالح الفرنسية في المغرب العربي، ومن وراء تلك الأولويات تقف الحكومات الغربية. [/rtl]

[rtl]         وقد دخلت إلى المنطقة مصالح أخرى أهمها: المصالح اليابانية الممثلة في الشركة اليابانية، التي حصلت على امتياز المنطقة المغمورة خارج المياه الإقليمية للمنطقة المشتركة الكويتية السعودية.[/rtl]

[rtl]         ولكن هل كانت نشأة صناعة البترول العربية مماثلة لنشأته في الولايات المتحدة الأمريكية أو فنزويلا أو بحر الشمال مثلاً؟ [/rtl]

[rtl]البترول رسم خريطة الشرق الأوسط [/rtl]

[rtl]         تميزت نشأة صناعة البترول العربية بظروف تختلف اختلافاً جوهرياً عن الظروف التي أدت إلى مولد صناعة البترول العالمية. ولقد أدى هذا الاختلاف ومازال يؤدي دوره الخطير في التاريخ السياسي والاقتصادي للأمة العربية. [/rtl]

[rtl]         عندما بدأ الحفر بحثاً عن البترول في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1859، كانت أهمية البترول في نظر العالم أجمع تنحصر في كونه مصدراً لكيروسين الإنارة، فضلاً عن أن الزيت الخام ذاته كان يُستعمل في أغراض بسيطة جداً: مثل تشحيم محاور العجلات الخشبية، التي كانت مستخدمة في ذلك الوقت المبكر، والعالم ما زال على عتبة نهضته الصناعية الكبرى. [/rtl]

[rtl]         أما في منطقة الشرق الأوسط. فلم تبدأ أعمال التنقيب فيها إلا بعد أن أخذت أهمية البترول تتضح سواء بالنسبة إلى مستقبل النهضة الصناعية في أوروبا، أو بالنسبة إلى الأغراض الحربية. أي بعد أن ثبت إمكان استخدام الوقود البترولي في السفن والسكك الحديدية وأفران المصانع بدلاً من الفحم. كما شهد العقد الأخير من القرن التاسع عشر  اختراع السيارة، التي أصبح البنزين وقودها المثالي. [/rtl]

[rtl]         إن هذه الظروف التي نشأت في ظلها صناعة البترول العربية أضفت على البترول مزيداً من الأهمية، الأمر الذي ضاعف تأثيره في سياسة الدول الكبرى وفي اقتصاديات دول العالم قاطبة. ونتيجة لذلك، بدأ الصراع بين الدول الأجنبية على عمليات التنقيب الجدي في بلدان الشرق الأوسط، وكان قيام الشركات المستثمرة للبترول وفقاً للاتفاق بين تلك الدول الأجنبية ومراعاة لتحقيق مصالحها. [/rtl]

[rtl]         ويكفي للتدليل على أن البترول كان محور الصراع السياسي في المنطقة، أن الحلفاء أجَّلوا إبرام معاهدة الصلح بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى حتى ينتهوا من الاتفاق على مصالحهم البترولية. [/rtl]

[rtl]         ففي شهر إبريل عام 1920 تم توقيع  اتفاقية سان ريمو، وبمقتضاها تقرر وضع البلاد العربية ـ التي كانت ضمن الممتلكات العثمانية ـ تحت وصاية كل من بريطانيا وفرنسا، حيث ظفرت بريطانيا بكل من العراق وشرق الأردن وفلسطين، وأخذت فرنسا سورية ولبنان. وتم تقسيم المنطقة إلى عدد من الإمارات. [/rtl]

[rtl]تحرك الولايات المتحدة الأمريكية للصراع على بترول الشرق الأوسط [/rtl]

[rtl]         إن الصورة المذكورة فيما تقدم تعكس مدى إدراك القوى الأجنبية الاستعمارية للأهمية الإستراتيجية للبترول، ومدى تقديرها للدور الذي سوف يقوم به هذا السائل في مستقبل العالم. ولعل أصدق تعبير عن تلك الأهمية ما ورد على لسان لورد كيرزون وزير خارجية بريطانيا على أثر إعلان الهدنة، حين قال: "إن الحلفاء قد طفوا إلى النصر على بحر من البترول". [/rtl]

[rtl]         وما قاله القائد الألماني المشهور لودندورف[1]: "إن افتقارنا إلى البترول كان في مقدمة العوامل التي أدت دورها في هزيمتنا". [/rtl]

[rtl]ولكن كيف مارست الولايات المتحدة ضغوطها على بريطانيا وفرنسا؟ [/rtl]

[rtl]         على أثر توقيع اتفاقية سان ريمو المشار إليها، تقدمت الحكومة الأمريكية بعدة مذكرات شديدة اللهجة إلى الحكومتين البريطانية والفرنسية تحذرهما من استبعاد المصالح الأمريكية في عملية اقتسام بترول الشرق العربي. [/rtl]

[rtl]         كما هدَّد وزير الخارجية الأمريكية بإثارة إجراءات الوصاية بما فيها عملية اقتسام بريطانيا وفرنسا لأراضي الشرق العربي وتمزيقها إلى دويلات صغيرة حتى تتمكن الدولتان من إحكام سيطرتهما على دول المنطقة. [/rtl]

[rtl]         هكذا أخذت الولايات المتحدة تطالب بنصيبها من الغنائم بعد الحرب، وأعماها غضبها لدرجة أنها اعترفت ضمناً بإدراكها لخطورة الجرائم التي ارتكبتها حليفتاها ضد الأمة العربية واستعدادها لغض الطرف عن تلك الجرائم إذا نالت نصيبها من الأسلاب. [/rtl]

[rtl]         كذلك كان بترول الشرق الأوسط سبباً في خروج الولايات المتحدة عن عزلتها لدرجة أن الحكومة الأمريكية تقدمت بمذكرة إلى عصبة الأمم تطلب تشكيل هيئة تحكيم دولية لمناقشة موضوع الوصاية والانتداب، وقد تم تحديد موعداً لانعقادها في شهر يوليه 1922. [/rtl]

[rtl]         أمام هذه الخطوة الإيجابية وجدت بريطانيا نفسها في موقف بالغ الحرج، وخشيت ضياع مركزها في منطقة الشرق الأوسط فاستسلمت ودخلت في مرحلة جديدة من المساومات لتحديد نصيب المصالح الأمريكية في بترول الشرق الأوسط. [/rtl]

[rtl]         وفي شهر أكتوبر عام 1927 تفجَّر البترول في منطقة كركوك في شمال العراق، فسارعت الأطراف المتنازعة إلى إبرام اتفاق نهائي يحسم الموقف. [/rtl]

[rtl]         وبناءً على ضغوط الحكومة الأمريكية أبرمت الأطراف المتصارعة: "بريطانيا وهولندا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية" اتفاقاً نهائياً في شهر أكتوبر 1927 حيث تقدم الجانب الفرنسي بخريطة لإقليم الشرق الأوسط وعليها خط أحمر يطوِّق الأراضي التي كانت تابعة للإمبراطورية العثمانية باستثناء الكويت ومصر "باعتبارهما في ذلك الوقت في نطاق النفوذ البريطاني الخالص". ووقع المؤتمرون على الخريطة، وتم إبرام الاتفاقية التي تقضى بأن تعمل المصالح البترولية التابعة للدول الأربع كفريق واحد متضامن في منطقة تشمل العراق والسعودية وإمارات الجنوب العربي وفلسطين والأردن وسورية ولبنان. وبذلك أرست اتفاقية الخط الأحمر الأساس لأضخم إمبراطورية بترولية في الأراضي العربية تتحكم في مصيرها الدول الأربع المذكورة. والتي كانت السبب في تمزيق الأمة العربية إلى دويلات صغيرة. [/rtl]

[rtl]ثانياً: الشركات المستثمرة للبترول في الغرب [/rtl]

[rtl]         يرجع تاريخ إنشاء الشركات المستثمرة للبترول في الغرب إلى منتصف القرن التاسع عشر عندما اكتشف الكولونيل دريك البترول في بنسلفانيا ـ واحدة من الولايات المتحدة الأمريكية ـ عام 1859. [/rtl]

[rtl]         ثم ظهر جون روكفلر في الميدان عام 1862 وركَّز نشاطه على تصنيع البترول ونقله وتوزيعه، الأمر الذي استلزم إنشاء عدة شركات متكاملة النشاط، تم إدماجها عام 1882 في صورة "ترست[2] Trust أطلق عليه اسم "ستاندارد أويل أوف نيوجيرسي". [/rtl]

[rtl]         ولكن سيطرة روكفلر على الصناعة البترولية أثار حفيظة كبار المسئولين الأمريكيين لدرجة أن النزاع انتقل إلى الميدان السياسي، فصدر قانون "شرمان" عام 1890، وكان موجهاً أساساً ضد شركة "ستاندارد أويل أوف نيو جيرسي". (أصبحت هذه الشركة فيما بعد إكسون Exon)[/rtl]

[rtl]         وبعد عشرين عاماً من المنازعات السياسية والقانونية صدر حكم قضائي عام 1911 بتصفية "ترست روكفلر" وتفرَّعت عنه عدة شركات لا يربطها أي رباط قانوني فيما بينها. [/rtl]

[rtl]المنافسة على البترول خارج الولايات المتحدة [/rtl]

[rtl]         ظهر منافس أوروبي في صورة إدماج شركة "رويال داتش  Royal Dutch " الهولندية ـ التي كانت تستخرج البترول من إندونيسيا ـ في شركة نقل بريطانية "شل ترانسبورت Shell Transport " تحت اسم "رويال داتش شل" عام 1907. [/rtl]

[rtl]         وبمجرد اكتشاف البترول في إيران عام 1908، سارعت المملكة المتحدة إلى تكوين شركة بريطانية قوية تحت اسم "أنجلو إيرانيان أويل كومباني" (أصبحت فيما بعد "بريتش بتروليوم) بمساهمة الحكومة البريطانية في رأس مالها بأكثر من النصف. [/rtl]

[rtl]         من ناحية أخرى أدى اكتشاف البترول في تكساس (إحدى الولايات المتحدة الأمريكية) إلى قيام شركتين أمريكيتين: "جلف" و "تكساس". كما وصلت بعض الشركات الأمريكية ـ التي تفرَّعت عن ترست روكفلر ـ إلى مرتبة عالمية في فترة ما بين الحربين العالميتين وهما "سوكوني" و "فاكوم" (أصبحتا فيما بعد "سوكوني موبيل أويل" و "ستاندارد أويل أوف كاليفورنيا). [/rtl]

[rtl]اتحاد احتكاري للشركات المستثمرة [/rtl]

[rtl]         وفي أثناء الحرب العالمية الأولى وعقب الحرب مباشرة حرصت الشركات الأمريكية على البحث عن منابع احتياطية أخرى للبترول خارج الولايات المتحدة، ولكنها تعرَّضت لمنافسة الشركتين البريطانيتين: "شل" و "أنجلوإيرانيان". وامتد مجال المنافسة إلى المكسيك أولاً ثم إلى فنزويلا والشرق الأوسط. وفضلاً عن المنافسة حول مصادر البترول، اشتدت المنافسة أيضاً حول السيطرة على الأسواق. فنشبت معركة الأسعار بين عملاقي البترول: "ستاندارد أويل أوف نيوجيرسي" وشركة "شل" . وكادت هذه المعركة تؤدي إلى إنهاك قوى جميع الشركات المنتجة. لذلك رأت أن من مصلحتها الاتفاق على مبادئ معينة تحقق مصالحها، وهي الهيمنة المشتركة على منابع وأسواق البترول في معظم أنحاء العالم. [/rtl]

[rtl]         وقد تم تسجيل هذا الاتفاق في وثيقة هامة، وقَّع عليها الثلاثة الكبار "ستاندارد أويل أوف نيوجيرسي" و"شل" و "أنجلوإيرانيان" بتاريخ 17 سبتمبر 1928 وعُرفت هذه الوثيقة باسم "اتفاق أشناكاري" الذي يعتبر في جوهره دستور البترول حتى العصر الحاضر. [/rtl]

[rtl]         ويتضح من هذا العرض التاريخي لشركات البترول المستثمرة سعي هذه الشركات منذ البداية إلى بسط نفوذها وهيمنتها على مقدَّرات منابع البترول في العالم، الأمر الذي يلغي ـ إلى حد كبير ـ قوى السوق أو على الأقل التحكم في قوانين العرض والطلب، مما يؤدي إلى استنتاج أن البترول ليس سلعة كباقي السلع، بل أنه سلعة تتصارع حولها نفوذ الجهات الثلاث: الشركات المستثمرة والدول المستهلِكة والدول المنتجة. [/rtl]


دستور البترول
أهم المبادئ التي تضمنها اتفاق أشناكاري:
·    تقسيم مناطق الاستغلال والأسواق البترولية بين الشركات المستثمرة، وتجميد المركز الدولي لها في علاقاتها مع بعضها البعض، بمعنى أن لا يتم توسعها في المستقبل إلاَّ بنسب معينة على أساس مقدار أعمالها وقت إبرام الاتفاق.
·    وضع طريقة لتحديد وتوحيد سعر البترول في العالم أجمع، على أساس سعر البترول في خليج المكسيك.
         وتعليقاً على هذه المبادئ، يتضح أن أساس سعر البترول في خليج المكسيك لم يُراع تكاليف إنتاج ونقل البترول الصادر من المناطق الأخرى خارج الولايات المتحدة.
         خلاصة القول أن اتفاق أشناكاري أقام اتحاداً احتكارياً دولياً بين شركات البترول المستثمرة "وذلك بعد انضمام الشركات الأربع الأمريكية: جلف وتكساس وسوكوني موبيل أويل وستاندارد أويل أوف كاليفورنيا" للتخفيف من وطأة التنافس فيما بينها، ويضمن لها القدرة على السيطرة التامة على منابع وصناعة وتسويق البترول في العالم. وظلت هذه الظاهرة قائمة طوال سنوات عديدة حتى بدا الضعف يدب في أوصال هذا الاتحاد الاحتكاري نتيجة لتصاعد نفوذ الجهتين الأخريين : الدول المستهلِكة والدول المنتِجة.
         جدير بالذكر أن منتجي البترول في منطقة خليج المكسيك "الولايات المتحدة والمكسيك وفنزويلا وجزر البحر الكاريبي" قد استفادوا من تحديد سعر البترول على النحو المشار إليه، إذ كان من شأنه منع بترول الشرق الأوسط ـ الذي يتميز بانخفاض تكاليف إنتاجه ـ من منافسة بترول خليج المكسيك في الأسواق الأوروبية، وهي كبرى الأسواق المستهلكة للبترول في العالم.
الحرب العالمية الثانية وإعادة النظر في سعر البترول
         إن شكوى السلاح البحري البريطاني أثناء الحرب العالمية الثانية من ارتفاع أسعار بترول الشرق الأوسط، هي التي أدت إلى انخفاض سعره. ولكن هذا الخفض كان يسيراً في حد ذاته، إذ أنه لم يتناول سوى تكاليف النقل. وبقي سعر البترول موحدا عند المصدر، بمعنى أن يخضع بترول الخليج العربي للسعر نفسه الذي يُباع به بترول المكسيك عند مواني التصدير، مضافاً إليه تكاليف النقل.
         ولكن هذا النظام لم يدم طويلاً نظراً إلى زيادة إنتاج بترول الشرق الأوسط زيادة هائلة، ونظراً لأن الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت منذ عام 1948 من الدول المستوردة للبترول بعد أن كانت أكبر دولة مصدِّرة لهذه السلعة في العالم. وقد أدى ذلك إلى انخفاض سعر البترول العربي عند المصدر لأول مرة، فبينما حدَّد هذا النظام سعر بترول خليج المكسيك في ديسمبر 1947 بمبلغ 2.45 دولار للبرميل  عند مصدره، حدَّد سعر بترول الخليج العربي في الوقت نفسه بمبلغ 2.22 دولار للبرميل عند مصدره أيضاً. وقد توالت التخفيضات لسعر بترول الشرق الأوسط بعد ذلك، الأمر الذي ألحق أضراراً بالغة بالدول العربية المنتجة. ذلك لأن الولايات المتحدة، فضلاًِ عن أنها أقامت العراقيل أمام بترول الشرق الأوسط لمنعه من الوصول إلى اسواقها، لا تسمح لأسباب تتعلق بالدفاع عن العالم الغربي بإضعاف صناعة البترول في البحر الكاريبي.
         لذلك استنكر مؤتمر البترول العربي الثاني، الذي عُقد في أكتوبر 1960، لجوء شركات البترول المستثمرة إلى تخفيض أسعار البترول الخام ومنتجاته الصادرة من الدول العربية دون الحصول على موافقة حكومات البلاد العربية المنتجة.
العلاقة بين الشركات المستثمرة والدول المنتجة بمنطقة البحر الكاريبي
         حتى الحرب العالمية الثانية كانت شركات "ستاندارد أويل أوف نيوجيرسي" و "شـل" و "جلف" تسيطر على 90 % من إنتاج وصناعة البترول في منطقة البحر الكاريبي. وقد تمتعت هذه الشركات بمقتضى عقد امتياز عام 1922 بمركز ممتاز جداً، حيث أنها لم تُكلَّف إلا بدفع إيجار زهيد للأراضي الشاسعة موضوع الالتزام، بالإضافة إلى 10% فقط من قيمة الإنتاج.
         ولكن على أثر نهضة الروح الوطنية في أمريكا اللاتينية وخصوصاً بعد سابقة تأميم بترول دولة المكسيك عام 1938، وتحت تأثير حوادث الحرب العالمية الثانية، أصدرت حكومة فنزويلا عام 1943 قانوناً ينظم صناعة البترول في البلاد. وقد ظل هذا القانون يحكم العلاقة بين الشركات المستثمرة وحكومة فنزويلا طوال خمسة عشر عاماً حتى عام 1958.
         وقد نص هذا القانون على تحديد مساحة الأراضي موضوع الامتيازات البترولية وإنقاص مدة عقود هذه الامتيازات. كما ألزم الشركات المستثمرة بتكرير جزء من الزيت الخام في فنزويلا نفسها.
         إن أهم نصوص هذا القانون تتعلق بأحكامه المالية. فقد نصَّ ـ لأول مرة في تاريخ البترول ـ على توزيع الأرباح مناصفة بين الشركات المستثمرة والدول المنتجة، وقد لاقت قاعدة ال50% نجاحاً كبيراً، حيث أنها أصبحت القاعدة العامة التي تحكم علاقة الشركات البترولية "أعضاء الاتحاد الاحتكاري الدولي" بالدول المنتجة في سائر أنحاء العالم تقريباً.
         إن كل ما أفادته شعوب الشرق الأوسط منذ الحرب العالمية الثانية، هو امتداد قاعدة مناصفة الأرباح إلى عقود الامتياز التي تربط شركات البترول المستثمرة بالدول المنتجة.
         على هذا النحو، ظلت صناعة البترول العالمية لفترة من الزمن في قبضة عدد قليل من شركات البترول الكبرى. وقد بلغ عدد هذه الشركات سبع هي:
·    خمس شركات أمريكية: إكسون، موبيل، سوكال "شيفرون"، تكساكو، جلف.
·    شركتان أوروبيتان: شركة شل "وهي هولندية / بريطانية وتمثل المصالح الهولندية 60 % من رأس المال والمصالح البريطانية 40%". والشركة البريطانية British Petroleum  "وتمتلك الحكومة البريطانية 51% من رأس المال".
         وأحياناً تضاف الشركة الفرنسية للبترول C F P وتمتلك فيها الحكومة الفرنسية قدراً كبيراً من رأس المال. وكانت تمارس نشاطها بصفة خاصة في شمال أفريقية وخاصة في الجزائر عندما كانت تابعة لفرنسا. ولكن حجم هذه الشركة يعتبر صغيراً بالمقارنة بالشركات السبع الكبرى "التي كان يطلق عليها الشقيقات السبع".
         وقد بلغت سيطرة هذه الشركات الثماني حداً بحيث تكاد تكون شبه تامة على صناعة البترول، وذلك حتى الخمسينات من هذا القرن. ففي عام 1950 أنتجت هذه الشركات كل البترول الذي تم إنتاجه خارج شمال أمريكا والدول الشيوعية السابقة. وقد كانت درجة تحكُّم هذه الشركات الثماني في المراحل المختلفة لصناعة البترول في عام 1953 على النحو التالي:
احتياطي البترول             95.8 %
إنتاج البترول                90.2 %
مبيعات المنتجات البترولية   74.3 %
الطاقة التكريرية             75.6 %
         ولكن مع ازدياد أهمية الشركات المستقلة خلال الخمسينات، فقد تقلَّص نسبياً مركز شركات البترول الكبرى أعضاء الاتحاد الاحتكاري الدولي. ورغم ذلك بقيت هذه الشركات مسيطرة على معظم قطاعات صناعة البترول حتى عام 1973. فمثلاً في عام 1965 كان نصيب الشركات الثماني الكبرى في الإنتاج 76%، وفي التكرير 58%، وفي مبيعات المنتجات البترولية 66%.
ويوضح الجدول التالي: الدخل الصافي لهذه الشركات خلال الأعوام 1978 ـ 1984

[rtl]
(مليون دولار)
[/rtl]

[rtl]تكساكو [/rtl]
[rtl]سوكال (شيفرون) [/rtl]
[rtl]شـل الهولندية [/rtl]
[rtl]موبيل [/rtl]
[rtl]جلف [/rtl]
[rtl]إكسون [/rtl]
[rtl]البريطانية للبترول [/rtl]
[rtl]السنوات [/rtl]
[rtl]853 [/rtl]
[rtl]1.106 [/rtl]
[rtl]1.086 [/rtl]
[rtl]1.131 [/rtl]
[rtl]785 [/rtl]
[rtl]2.763 [/rtl]
[rtl]444 [/rtl]
[rtl]1978 [/rtl]
[rtl]1.759 [/rtl]
[rtl]1.785 [/rtl]
[rtl]3.050 [/rtl]
[rtl]2.007 [/rtl]
[rtl]1.322 [/rtl]
[rtl]4.295 [/rtl]
[rtl]1.621 [/rtl]
[rtl]1979 [/rtl]
[rtl]2.642 [/rtl]
[rtl]2.401 [/rtl]
[rtl]2.362 [/rtl]
[rtl]2.813 [/rtl]
[rtl]1.407 [/rtl]
[rtl]5.350 [/rtl]
[rtl]1.435 [/rtl]
[rtl]1980 [/rtl]
[rtl]2.310 [/rtl]
[rtl]2.380 [/rtl]
[rtl]1.989 [/rtl]
[rtl]2.433 [/rtl]
[rtl]1.231 [/rtl]
[rtl]4.826 [/rtl]
[rtl]1.072 [/rtl]
[rtl]1981 [/rtl]
[rtl]1.281 [/rtl]
[rtl]1.377 [/rtl]
[rtl]1.993 [/rtl]
[rtl]1.213 [/rtl]
[rtl]900 [/rtl]
[rtl]4.186 [/rtl]
[rtl]716 [/rtl]
[rtl]1982 [/rtl]
[rtl]1.233 [/rtl]
[rtl]1.590 [/rtl]
[rtl]2.754 [/rtl]
[rtl]1.503 [/rtl]
[rtl]978 [/rtl]
[rtl]4.978 [/rtl]
[rtl]866 [/rtl]
[rtl]1983 [/rtl]
[rtl]1.071 [/rtl]
[rtl]1.534 [/rtl]
[rtl]3.648 [/rtl]
[rtl]1.268 [/rtl]
[rtl]000 [/rtl]
[rtl]5.528 [/rtl]
[rtl]1.402 [/rtl]
[rtl]1984 [/rtl]

         يلاحظ أن شركة جلف أصبحت منذ عام 1984 جزءاً من شركة شيفرون ومن ثم فإن الأرباح الخاصة بها لم تظهر عن العام المذكور. كما يُقصد بالدخل الصافي الدخل بعد خصم الضرائب.
ثالثاً: التغيرات الهيكلية في صناعة البترول وأثر ذلك على شركات البترول الكبرى
         يعرض البحث فيما يلي الموقف الخاص بشركات البترول الكبرى ـ قبل وبعد عام 1973 ـ وذلك من ناحية مظاهر الاستراتيجية التي اتِّبعتها هذه الشركات بشأن عمليات الإنتاج والعمليات التالية له Downstream Operations من ناحية، وكيفية مواجهة الموقف الجديد بعد أن فرضت الدول المنتجة للبترول سيطرتها على منابع النفط وبعد أن قامت منظمة الأوبك بالدور الأساسي في تحديد أسعار البترول.
1. مظاهر الاستراتيجية التي اتبعتها الشركات الدولية قبل عام 1973
أ. حرصت هذه الشركات على تحقيق درجة عالية من التكامل الرأسي Vertical integration في عملياتها الإنتاجية التي تشمل أساساً: الإنتاج والنقل والتكرير والتسويق.
ب. تمتعت هذه الشركات بسيطرة تامة على عملية تحديد الأسعار، عن طريق فرض سيطرة شبه تامة على العرض العالمي تتمشى مع ظروف الطلب العالمي، والقيام بدور مؤثر في توجيهه حسب ظروفها.
ج. تحكمت هذه الشركات في التطور التكنولوجي في صناعة البترول والصناعات المتممة والمكملة لها مما يحول دون حدوث أي اضطراب لها في عملياتها المختلفة.
د. وجّهت كل الجهود نحو البترول مع إهمال مصادر الطاقة الأخرى، بحيث كانت تسيطر على المناطق التي تحتوي على كميات كبيرة من احتياطيات البترول حول العالم.س
2. أوجه الضعف في نفوذ الشركات الدولية بعد عام 1973
فقدت شركات البترول الدولية الجانب الأكبر من البترول المعروف باسم: "بترول المساهمةEquity crude "، نظراً لسيطرة الدول البترولية على منابع النفط فيها.
وتقدِّر مؤسسة إيني الإيطالية أن بترول المساهمة الذي تحصل عليه شركات البترول الدولية أصبح يشكل 15 % فقط من البترول الذي يتم إنتاجه خارج الولايات المتحدة، وذلك بعد أن كانت هذه النسبة تصل إلى 90% قبل عام 1973. ومن ثم أصبحت هذه الشركات تعتمد أساساً على شراء البترول لمواجهة احتياجات معامل تكرير البترول الخاصة بها.
فقدت هذه الشركات قوتها في تحديد الأسعار. وذلك بعد أن انتزعت منظمة الأوبك حقها في تحديد أسعار إنتاجها من البترول.
حدث تقليص هام في درجة التكامل الرأسي في صناعة البترول، وذلك بسبب انفصال عملية الإنتاج عن العمليات التالية له. وأصبحت شركات البترول تشتري معظم ما تحتاجه من نفط خام من الدول البترولية ثم تقوم بتكريره في مصافيها وتسويقه بواسطة منافذ التسويق الواسعة الانتشار حول العالم . وأصبح نشاطها يتركز بصورة أكبر على العمليات التالية للإنتاج.
من الجدير بالذكر أن هذه العمليات كانت في الماضي تحقق خسائر، ولكن كان يتم تغطية هذه الخسائر بواسطة الأرباح الكبيرة التي تحققها الشركات من عمليات إنتاج البترول ذاته.
ولكن في السبعينات وبعد تأميم صناعة البترول في الدول المنتجة حُرمت هذه الشركات من الأرباح الطائلة التي كانت تحققها من عمليات إنتاج البترول Upstream Operations. ومنثم أصبحت هذه الشركات لا تمتلك الإمكانيات الكافية لتغطية خسائر عملياتها التالية لإنتاج البترول مثل: التكرير وتصنيع البتروكيماويات والنقل والتسويق.
3. تبنِّي شركات البترول الدولية استراتيجية جديدة لمواجهة الأوضاع الجديدة في صناعة البترول
أصبحت شركات البترول الدولية على اقتناع تام بأهمية وضرورة تبنِّي استراتيجية جديدة في صناعة البترول، وذلك لمواجهة الأوضاع الجديدة في هذه الصناعة. ويرجع ذلك إلى العوامل الآتية:
أ. إن التغييرات الهيكلية في صناعة البترول وفي سوق البترول العالمي هي تغييرات سوف يكتب لها الاستمرار، أي أنها ليست مؤقتة.
ب. إن النمو في الطلب على البترول سوف يكون نموا متواضعاً، الأمر الذي يؤدي إلى عدم استقرار أسعار البترول.
ج. وجود طاقة فائضة في إنتاج البترول وفي الطاقة التكريرية تفوق بكثير احتياجات الطلب الحالي.
د. تَعَرُّض الكثير من شركات البترول والغاز إلى مصاعب مالية ومنافسة حادة في عملياتها الإنتاجية.
هـ. عدم الثقة في موقف الأسعار في المستقبل، ومن ثم فإن عمليات الاستثمار في الصناعة يجب أن تركز على العمليات التي تحقق ربحاً سريعاً.
4. عناصر الاستراتيجية الجديدة
حرصت شركات البترول الدولية على اتباع استراتيجية جديدة في مجال البترول والطاقة لمواجهة الظروف الجديدة، وذلك بهدف التخفيف من حدة سيطرة منظمة الأوبك على صناعة البترول، والعمل على الاحتفاظ بدور كبير في هذه الصناعة.
ويمكن تلخيص عناصر هذه الاستراتيجية الجديدة فيما يلي:
أ. التوسع الكبير في عمليات البحث عن البترول والغاز الطبيعي داخل البلاد الصناعية وخارجها ومنها: الولايات المتحدة وبحر الشمال والمكسيك وأنجولا والهند والصين ومصر وغيرها. وقد أدى ذلك إلى زيادة كبيرة في نصيب مجموعة الدول خارج منظمة الأوبك Non - OPEC، وانكماش كبير في نصيب دول الأوبك في إنتاج البترول، حيث بلغ إنتاج المجموعة الأولى في عام 1984 ـ 27.5 مليون برميل / يوم، وإنتاج المجموعة الثانية 18.5 مليون برميل/ يوم. وقد أسفر عن ذلك فقْد منظمة الأوبك سيطرتها على ظروف السوق البترولي لأول مرة منذ عام 1973.
ومن الجدير بالذكر أن أي ضعف في قوة منظمة الأوبك يعني في الواقع استرداد شركات البترول الدولية لشيء من قوتها السابقة. وذلك على اعتبار أن هذه الشركات تلعب دوراً هاماً في عمليات التنقيب عن البترول في المناطق التي تقع خارج منظمة الأوبك. هذا فضلاً عن أن وجود هذه الشركات في أي منطقة للإنتاج من شأنه أن يشجع المؤسسات المالية الدولية "البنك الدولي والبنوك التجارية وغيرها" على تقديم التمويل اللازم لعمليات الإنتاج.
كذلك قامت هذه الشركات ـ بدعم قوى من حكوماتها ـ إلى تكريس جانب من نشاطها في البحث عن بدائل للطاقة البترولية. فقد عادت بعض هذه الشركات الاحتكارية لتعطي صناعة الفحم اهتماماً كبيراً. وبنهاية عام 1975 كانت هذه الشركات تسيطر على 53% من مناجم الفحم في الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي نفس الوقت دخلت هذه الشركات في مجال الطاقة النووية. وعلى سبيل المثال: بلغ نصيب 17 شركة بترول في الولايات المتحدة الأمريكية من عمليات البحث عن اليورانيوم عام 1981 نحو 55 %. كما بلغ نصيبها من السيطرة على احتياطيات اليورانيوم نحو 48% من الاحتياطي العالمي المؤكد. وقامت بعض هذه الشركات بتشييد محطات نووية مثل شركة "جلف أويل".
ب. توسُّع شركات البترول الدولية في شراء البترول الخام من السوق الفورية Spot Market. وأصبحت هذه السوق تشكِّل 40-50 % من مبيعات البترول العالمية، بعد أن كان حجم هذه السوق لا يتجاوز 5% في السبعينات. وقد أدى ازدياد أهمية سوق البترول الفورية أو سوق العمليات قصيرة الأجل أو سوق البضاعة الحاضرة إلى انخفاض أهمية سوق العقود طويلة الأجل بصورة ملحوظة. ويُذكر مثلاً على ذلك أن الشركة البريطانية للبترول British Petroleum اشترت في عام 1983 بترول بضاعة فورية بما يوازي 50% من إجمالي مشترياتها من البترول في العام المذكور.
ج. اعتماد شركات البترول الدولية وخاصة الشركات الأمريكية على إقامة مشروعات مشتركة مع بعض دول الأوبك وخاصة دول الخليج العربي لإنشاء مصافي البترول ومصانع لإنتاج البتروكيماويات والأسمدة والغازات البترولية المسالة وغيرها، والقيام بتسويق هذه المنتجات. ويُعْتبر هذا الوضع في صالح الشركات الدولية والدول الصناعية الغربية للاعتبارات الآتية:
(1) حصول الشركات البترولية على حاجتها من المنتجات البترولية والمواد البتروكيماوية الأساسية اللازمة لصناعاتها بالكميات الكافية وبأسعار مجزية. وهذا يعني قيام الدول البترولية النامية بتقديم إعانة إلى المستهلكين في البلاد الصناعية المتقدمة.
(2) حصول الشركات الدولية على عمولة تسويق مجزية نتيجة لقيامها بعملية تسويق المنتجات البترولية للدول المنتجة.هذا فضلاً عن قيام المقاولين في البلدان الصناعية ببناء المشروعات البترولية مما يعود بالفائدة على اقتصاديات البلدان الصناعية.
(3) تعتبر صناعات التكرير والبتروكيماويات والأسمدة وإسالة الغاز وغيرها من الصناعات الملوثة للبيئة لدرجة أن البلدان الصناعية أصبحت تضع الكثير من القيود على إقامة هذه الصناعات فيها، وذلك حفاظاً على البيئة. ومن ثم فإنه يُسعد هذه البلدان أن تجد هذه الصناعات تقام في البلدان البترولية النامية.
د. تمت حالات كثيرة من الاندماج بين الشركات العاملة في صناعة البترول لحماية نفسها في ظل الأوضاع الجديدة، وللحصول على احتياطيات مؤكدة من البترول بعد أن تناقصت احتياطيات بعض الشركات البترولية الكبرى.
كما تهدف هذه الشركات بهذا الاندماج إلى حسن استغلال الأصول المستثمرة في العمليات التالية للإنتاج Downstream Operations، حيث أن التكامل بين الشركات يحقق ترشيد عمليات التكرير والتسويق والتوزيع، الأمر الذي يؤدي إلى إحراز معدلات معقولة للربح في هذه الاستثمارات.
بعض الأمثلة على عمليات الاندماج الهامة التي تمت في عام 1984:
·    شركة شيفرون وشركة جلف.
·    شركة تكساكو وشركة جيتي.
·    شركة موبيل وشركة سوبيريور.
·    شركة شـل الهولندية وشركة شـل الأمريكية.
          بذلك يتم استعراض تطور الأحداث الخاصة بالشركات المستثمرة للبترول، والظروف التي قامت في ظلها، والأدوار السياسية والاقتصادية التي لعبتها بسبب سيطرتها على مقدرات البترول على مستوى العالم، والنفوذ الذي تمتعت به والأرباح الطائلة التي حصلت عليها، والصراع بينها وبين الدول المنتجة للبترول، والاستراتيجية التي اتبعتها شركات البترول العالمية قبل عام 1973، وكيف تسرب الضعف إلى سيطرة هذه الشركات، الأمر الذي دفعها إلى تبني استراتيجية جديدة لمواجهة منظمات الدول المنتجة كي تستعيد نشاطها وقوتها عن طريق التوسع في عمليات التنقيب عن البترول في المناطق التي تقع خارج منظمة الأوبك، وإقامة مشروعات مشتركة مع دول أخرى لإنشاء مصافي البترول ومصانع لإنتاج البتروكيماويات والأسمدة وغيرها. ولجأت أخيراً إلى التكامل مع بعضها البعض لتحتفظ بقوتها وتأثيرها.

[1] لودندورف ايريخ Ludendorff Erich من بين (1865–1937) جنرال ألماني لمع نجمه في الحرب العالمية الأولى.
[2] ترست Trust: اتحاد احتكاري بين عدد من الشركات للحد من المنافسة.


عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الأحد 06 مارس 2016, 10:04 pm عدل 2 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69673
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Empty
مُساهمةموضوع: رد: البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول   البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Emptyالأحد 06 مارس 2016, 9:55 pm

الفصل الثاني
الدول المنتجة للبترول
          كانت اتفاقيات الامتيازات التي حصلت عليها شركات البترول في منطقتي البحر الكاريبي والشرق الأوسط للتنقيب عن البترول مجحفة للغاية لمصالح الدول المنتجة بسبب الظروف القاسية التي كانت تمر بها هذه الدول.
          وكان من الطبيعي أن يسود الدول المنتجة للبترول اتجاه عام نحو إعادة النظر في العلاقات غير المتكافئة، التي تربطها بالشركات المستثمرة من جانب وبالدول المستهلكة من جانب آخر أملاً في الوصول إلى توازن جديد بين مصالح الأطراف الثلاثة، خاصة أن الواقع البترولي يقتضي انتشار النزعة التنظيمية في صناعة البترول.
          تأثرت السياسة البترولية للدول المنتجة للبترول بالحركات الوطنية التي قامت بها، عندما شعرت شعوب النصف الجنوبي من الكرة الأرضية بتخلُّفها الاقتصادي نتيجة استغلال الشركات المستثمرة للبترول لها، وانتابتها موجات متتالية من التحرر الوطني ضغطت على الحكومات. فأصدرت حكومة فنزويلا في أواخر عام 1958 قانوناً مالياً جديداً أعاد توزيع أرباح الشركات المستثمرة بحيث تحصل الحكومة على نصيب من الأرباح يتراوح بين 60% و64%. وهكذا نقضت قاعدة مناصفة الأرباح.
          أما في منطقة الشرق الأوسط، كانت قوة الاتحاد الاحتكاري العالمي للشركات المستثمرة قد بلغت ذروتها عام 1954 عندما تمكَّنت الشركات البريطانية والأمريكية الكبرى من السيطرة من جديد على بترول إيران بعد سقوط حكومة الدكتور مصدق، الذي قام بتأميم البترول في بلاده.
          ولكن بعد تأميم قناة السويس في عام 1956 ـ وهي الشريان الرئيسي لنقل البترول إلى أوروبا ـ تشجَّعت حكومات الشرق الأوسط على اتباع سياسة وطنية لصناعة البترول، وساعدها على ذلك رغبة شركات بترولية كبيرة مستقلة عن الاتحاد الاحتكاري الدولي، في التعاون معها على أسس جديدة. وهكذا يعتبر عام 1956 نقطة تحول هامة في العلاقات بين الشركات البترولية والدول المنتجة في الشرق الأوسط.
          شرعت هذه الدول في إنشاء شركات ومؤسسات وطنية لها حق الإشراف على صناعة البترول بوجه عام. وحق منح امتيازات جديدة لاستكشاف البترول وتصنيعه وتسويقه للشركات الأجنبية المستقلة عن الاتحاد الاحتكاري العالمي، حيث تحسنت شروط التعاقد معها ونسب اقتسام الأرباح، على سبيل المثال:

  • تعاقدت الشركة الوطنية الإيرانية للبترول مع شركة "إيني" الإيطالية على التنقيب واستغلال البترول مع اقتسام الأرباح بنسبة 75% للشركة الإيرانية و25% لشركة "إيني". ونلاحظ أن في هذا إلغاءً لقاعدة مناصفة الأرباح لصالح الدولة المنتجة.
  • تعاقدت شركة "جابانيز إكسبورت أويل كومباني" مع كل من السعودية والكويت على أسس مغايرة تماماً للأسس التي قامت عليها عقود الامتيازات القديمة، إذ تعهدت الشركة علاوة على دفع إيجار مرتفع للأراضي موضوع الالتزام بأن تقدم 10% من رأس مالها إلى الدولتين المنتجتين. كما تحصل السعودية على 56% من الأرباح والكويت على 57%. هذا بالإضافة إلى إشراك الوطنيين في مجلس إدارة الشركة وتوظيف وتدريب عدد كبير من الموظفين والعمال.
  • ونجد شروطاً مماثلة في عقود امتياز التنقيب عن البترول في صحاري مصر بين شركة "إيني" الإيطالية وشركة فيليبس وبين حكومة الجمهورية العربية المتحدة، حيث يحصل القطاع العام في مصر على 75% من الأرباح، بالإضافة إلى أن الشركات المستثمرة مُلزَمة بتفضيل المقاولين المحليين ومنتجات الصناعة المحلية وتشغيل العاملين المصريين.

أولاً: التعاون بين الدول المنتجة للبترول



          بدأت الدول المنتجة في الشرق الأوسط تتلمس أوجه التعاون فيما بينها للمحافظة على ثرواتها الوطنية والإفادة منها إلى أقصى حد مستطاع للإسهام في بناء وتطوير جهازها الاقتصادي. وكانت الدول العربية هي أُولى الدول المنتجة للبترول التي فكرت في توحيد جهودها بقصد تحسين شروط الامتيازات البترولية. وهكذا نشأت فكرة انعقاد مؤتمرات عربية سنوية للبترول، كان أولها في إبريل 1959.
          وفي نفس الوقت أكدت خمس دول بترولية "هي: فنزويلا والسعودية والكويت والعراق وإيران" تضامنها. وقررت إنشاء منظمة دائمة في سبتمبر 1960 أُطلق عليها اسم "منظمة الدول المصدِّرة للبترول". وقد تعرَّضت هذه المنظمة الوليدة في بداية تأسيسها إلى معارضة من ممثلي الشركات المستثمرة للبترول "أعضاء الاتحاد الاحتكاري العالمي" ـ الذين ساورهم القلق لقيام منظمة الأوبك ـ طوال أربع سنوات من سنة 1960 إلى 1964، حيث اتسمت هذه الفترة بالصراعات تارة والمفاوضات الشاقة تارة أخرى.
          وفي نطاق منظمة الأوبك استطاعت الشركات الوطنية التي أنشأتها دول أوبك أن تتعاون مع بعضها من خلال المؤتمرات السنوية التي تعقدها. كما كان هناك مجال للتعاون بين هذه الشركات الوطنية والحكومات والشركات الأجنبية الأخرى في عمليات النفط الكاملة.
          غير أن شركات النفط الوطنية الثلاث عشرة في دول الأوبك لا تعادل ـ من حيث حجم ومدى التكامل ـ أكثر من اثنتين من الشركات الكبرى السبع المعروفة بالاحتكار العالمي للبترول. إذ تنتج الشركات الوطنية معاً حوالي سبعة ملايين برميل يومياً إما مباشرة أو عن طريق مشروعات مشتركة، ويمثل ذلك 14% فقط من مجموع الإنتاج العالمي. وهذه الشركات الوطنية ودولها تمتلك أساطيل نقل حمولتها 13 مليون طن، أي أكثر قليلا من 3.5% من الحمولة العالمية لنقل النفط. وقد سوقت هذه الشركات الوطنية عام 1977 حوالي ثمانية ملايين برميل يومياً من النفط الخام أو ما يعادل 25% من إنتاج منظمة الأوبك.
          أما الشركات الوطنية في دول الخليج العربي الست أعضاء الأوبك فقد استطاعت تسويق 6.27 مليون برميل يومياً ولكن ذلك لا يمثل أكثر من 17.5% من النفط المسوق عالمياً، في حين لا تزال الشركات العالمية ـ خاصة منها الشقيقات السبع الاحتكارية ـ تسيطر على 80% من تجارة النفط العالمية.
          ومع ذلك، كان هذا يمثل تطوراً هائلاً في الدور الذي قامت به شركات النفط الوطنية في الدول المنتجة في صناعة النفط العالمية إنتاجاً ونقلاً وتصفية وتسويقاً وذلك إبان فترة لا تتعدى عشرة أعوام منذ أواسط الستينات.
عقود المقاولة بين الدول المنتجة وشركات البترول
          كانت المساوئ التي اتصفت بها الامتيازات الأجنبية والأضرار التي أدت إليها عن طريق الإجحاف الذي لحق بالدول المنتجة للنفط قد دفع بها إلى البحث عن وسيلة تحفظ لها مصالحها النفطية.
          وقد أشارت منظمة أوبك إلى ضرورة الدخول في عقود تساوي بين المتعاقد ورعايا الدولة والأجانب الذين يخضعون لكافة قوانين البلاد.
          وقد انعكس هذا التصور في التطور الجديد الذي ظهر في الشرق الأوسط في أواسط الستينات بإبرام عقود المقاولة من قِبَل بعض دول المنطقة. فقد عقدت إيران عقد مقاولة مع شركة إيراب الفرنسية في 1966، وأبرم العراق عقداً آخر مشابها مع نفس الشركة في 1967. وكان غرض هذين العقدين التنقيب عن النفط واستثماره. وقد اتصف عقد المقاولة بالمزايا التالية:

  1. يمثل الطرف الأجنبي دور المقاول لحساب الطرف الوطني مع كل ما يترتب على ذلك من نتائج عملية وقانونية، لا سيما من حيث الدور المحدود للطرف الأجنبي، ومن حيث سيطرة الدولة عن طريق إحدى هيئاتها أو مؤسساتها أو شركاتها العامة على سير المشروع النفطي والمساهمة الحقيقية في اتخاذ القرارات اللازمة لإدارة المشروع وتنفيذه.
  2. يحقق للدول المنتجة خبرة واسعة نظراً لإشرافها المباشر على المشروع النفطي وحقها في اتخاذ القرارات، مما يوفر لأجهزة الدولة وموظفيها خبرة عملية في كافة مراحل الصناعة النفطية.
  3. يعمل عقد المقاولة على دمج القطاع النفطي في سائر قطاعات الاقتصاد ما دامت الدولة مشرفة على المشروع ومخططةً لتطوير الاقتصاد ككل.
  4. يوفر عقد المقاولة الخبرة الأجنبية ورأس المال اللازم والمعدات الفنية الضرورية كما أنه يُجنِّب الطرف الوطني مخاطر عمليات البحث والتنقيب. ويؤمِّن للدولة المنتجة تسويق جزء من إنتاجها من النفط، إن لم يكن كله.
  5. تتيح هذه العقود للطرف الأجنبي الحصول على موارد ثابتة من النفط الخام اللازم لدولته للاستهلاك المحلي بشروط مقبولة لديها. كما يتيح لها فرصة تبادل تجاري واسع مع الدول المنتجة للنفط.

          لعل أهم شروط عقد المقاولة تتلخص في أن المقاول الأجنبي هو الذي يلتزم بتقديم رؤوس الأموال اللازمة لعمليات البحث والتنقيب وهو الذي يتحمل مخاطر هذه العمليات. فإذا لم يتحقق اكتشاف النفط بكميات تجارية فإنه لا يتلقى أي تعويض أما إذا تحقق اكتشاف النفط تجارياً فيمكن عندئذ للطرف الوطني أن يشارك في المشروع بالنسب والشروط المتفق عليها مقدماً. وتخضع عقود المقاولة للقوانين المحلية، وتتميز بقصر مدتها وصغر المساحة التي تغطيها وبرقابة الحكومة الوطنية على النفط إنتاجاً وتسويقاً وتسعيراً. كل ذلك مقابل حصة يأخذها المقاول الأجنبي بسعر مخفض متفق عليه.
          هكذا مثَّل عقد المقاولة في حقبة الستينات تطوراً هاماً في وسائل الاستغلال النفطي في الشرق الأوسط عامة وفي بعض الدول العربية المنتجة للنفط خاصة، مع ما استتبعه ذلك من أحكام أساسية جديدة هامة اختلفت جذرياً عن أحكام الامتيازات القديمة وعن أحكام اتفاقيات المشاركة الجديدة "التي سوف تُعرض بعد"، سواء من حيث تحقيق سيادة الدولة على مواردها الطبيعية أو من حيث المزايا المالية التي تحققها للطرف الوطني.

مرحلة السبعينات والآفاق المستقبلية للاستثمار النفطي



تميزت مرحلة السبعينات بعدة تطورات من أهمها:

  1. تعديل مبدأ مناصفة الأرباح في اتفاقيتي طهران في يناير 1971 وطرابلس في أبريل 1971.
  2. الاتجاه نحو تعديل اتفاقيات الامتياز الكبرى في الوطن العربي بهدف تحقيق مبدأ المشاركة مع الشركات الاحتكارية الكبرى في المنطقة.
  3. تزايد الاتجاه نحو الاستثمار المباشر للموارد النفطية ونحو تأميم الشركات الامتيازية في العراق خاصة وفي كل من ليبيا والجزائر كذلك.
  4. تحقيق سيطرة دول منظمة أوبك على أسعار نفطها سيطرة كاملة تقريباً.
  5. تزايد الفوائض المالية النفطية لدى الدول العربية وغير العربية المنتجة للنفط بسبب ارتفاع الأسعار وتزايد الطلب على النفط.

وفيما يلي بحث هذه التطورات بشيء من الإيجاز.

تعديل مبدأ مناصفة الأرباح



          سبق القول بأن حكومة فنزويلا ـ تحت تأثير حوادث الحرب العالمية الثانية ـ قد أصدرت قانوناً في عام 1943 ينظِّم صناعة البترول في البلاد. وقد ظل هذا القانون يحكم العلاقة بين الشركات المستثمرة وحكومة فنزويلا طوال 15 سنة حتى عام 1958. ومن أهم نصوص هذا القانون ما نص عليه لأول مرة في تاريخ البترول، بشأن توزيع الأرباح مناصفة بين الشركات المستثمرة والدول المنتجة. لدرجة أنها أصبحت القاعدة العامة التي تحكم علاقة الشركات البترولية "أعضاء الاتحاد الاحتكاري الدولي" بالدول المنتجة في سائر أنحاء العالم.
          وفي أواخر عام 1958، أصدرت حكومة فنزويلا ـ متأثرة بموجة من التحرر الوطني بعد سقوط حكومة الديكتاتور خيمينيز ـ قانوناً مالياً جديداً أعاد توزيع أرباح الشركات المستثمرة بحيث تحصل الحكومة على نصيب من الأرباح يتراوح بين 60% و64%. وهكذا نقضت قاعدة مناصفة الأرباح.
          استمر مبدأ مناصفة الأرباح سائداً منذ إدخاله عام 1950 و1952 في كل من السعودية والعراق. وقد عملت الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" ـ بتأييد من المنظمة ـ على تعديل هذا المبدأ بحيث يتناسب مع ما كان معمولاً به في فنزويلا. وفي اجتماع لمنظمة الأوبك في طهران "يناير 1971" توصلت أقطارها مجتمعة إلى اتفاق مع شركات النفط العاملة فيها، أهم بنوده:

  1. رفع نصيب دول الأوبك إلى نسبة 55% من الأرباح.
  2. زيادة أسعار نفط الخليج العربي بمقدار 35 سنتاً للبرميل الواحد.
  3. رفع هذه الأسعار سنوياً بمقدار 5 سنتات للبرميل الواحد.
  4. زيادة أسعار النفط سنوياً بمقدار 2.5% من السعر المعلن مقابل تضخم أسعار السلع المصنعة في أوروبا الغربية واليابان وغيرها.
  5. سريان هذه الاتفاقية لمدة خمس سنوات حتى 31 ديسمبر 1975.

          من الممكن اعتبار اتفاقية طهران "يناير1971" نجاحاً للمنظمة حقق للدول الأعضاء دخلاً متزايداً، إلا أن بعض البنود لم تكن تماماً في صالح الدول المنتجة. ذلك لأن الارتفاع المتوقع في أسعار السلع المصنَّعة في أوروبا الغربية واليابان قد فاق بشكل أكيد نسبة الزيادة السنوية التي تم الاتفاق عليها. كما أن الزيادة السنوية في الطلب على النفط أدت إلى زيادة كبيرة في الأسعار الحقيقية للنفط المُصدَّر لم تستفد منها إلا شركات النفط الاحتكارية الكبرى.
          وعلى ذلك فإن تحديد الأسعار المقبلة بهذه النسبة المتواضعة ولهذه المدة الطويلة لم يحقق للدول المنتجة في منطقة الخليج إلا جزءا من هدفها وهو تحقيق دخل متزايد من عمليات إنتاج النفط فيها ومنع تدهور الأسعار لفترة خمس سنوات على الأقل. وهكذا استمر الضغط للحصول على زيادات أخرى في الأسعار المذكورة فحصلت الدول الأعضاء في المنظمة في يناير 1972 على زيادة بنسبة 8.5% لمواجهة التدهور في قيمة الدولار في سوق الصرف الأجنبي. (كان سبب هذا التدهور حدوث انهيار بنظام بريتون وودز  Bretton woods  حيث أعلنت حكومة الولايات المتحدة في 15 أغسطس 1971 إيقاف ارتباط الدولار بالذهب عند 35 دولار لكل أوقية مما أدى إلى تعويم الدولار، وتعرض المنتجون في منظمة أوبك إلى خسارة تعادل الانخفاض الطارئ على قيمة الدولار. وفي منتصف ديسمبر كان هذا الانخفاض بنسبة 8.57% حينما تحددت نسبة الدولار الجديد على أساس 42 دولاراً لكل أوقية).
          وكانت ليبيا قد عقدت اتفاقية طرابلس الثانية في أبريل 1971 "بعد اتفاقية طهران" حيث حصلت بمقتضاها على زيادات أخرى في الأسعار بالإضافة إلى الشروط الأخرى المماثلة لما ورد باتفاقية طهران.
          كما حصل كل من العراق والسعودية على تعديلات مهمة في أسعار النفط المصدر من مواني البحر الأبيض المتوسط.
          كما قامت الجزائر في فبراير 1971 ـ بعد اتفاقية طهران مباشرة ـ بتأميم 51% من حصص النفط الفرنسية بعد شهور من المفاوضات العقيمة. ثم أعلنت من جانب واحد جدولاً يتناول أسعار الضرائب التي يرجع إليها بشأن السنوات الماضية، وسارت على منوال اتفاقية طرابلس الثانية فوضعت سعراً جديداً يبلغ 3.6 دولار ينفذ اعتباراً من 20 مارس 1971. وبعد مفاوضات مطولة قبلت الشركات الفرنسية هذه الشروط، وإن كانت قد أفلحت في أن تخفض قليلاً الالتزامات بإعادة الاستثمار الذي كان قد فرض عليها.
          ومن الآثار الأخيرة لاتفاقيتي طهران وطرابلس، وقعَّت نيجيريا اتفاقية على غرار التسوية الليبية في شهر مايو 1971. ورفعت فنزويلا جدولها الخاص بأسعار الضرائب في مارس 1971، وقامت إندونيسيا برفع أسعار الأساس لبيع نفطها في مايو 1971 ومرة أخرى في أكتوبر 1971.

المشاركة.. بديل للتأميم أم خطوة أخرى نحوه؟



          كانت التطورات السابقة مهمة وحاسمة في تاريخ صناعة النفط في منطقة الشرق الأوسط عامة وفي الدول العربية المنتجة للنفط خاصة، حيث قامت منظمة الأوبك بدور فعال في تعزيز هذه الدول وتركيز مفاوضاتها مع ممثلي الشركات المستثمرة. وقد رسمت كل من اتفاقيتي طهران وطرابلس ـ المشار إليهما آنفاً ـ مبدأً هاماً يقضي بأن حكومات الدول المنتجة للنفط لها الحق في تحديد أسعار بيع النفط، وأنه لا حق لشركات النفط العاملة بالمنطقة في الانفراد بتحديد تلك الأسعار.
          وتتابعت الأحداث بعد ذلك في اتجاه تعزيز قبضة الدول المنتجة على نفطها إنتاجاً وتصديراً وأسعاراً.
          ففي مؤتمرها في يوليه 1971 قررت منظمة أوبك ضرورة اتخاذ الخطوات اللازمة نحو تحقيق مبدأ المشاركة في الامتيازات النفطية. وقد أنشئت لجنة وزارية لوضع الأساس المتعلق بتنفيذ المشاركة من ممثلي إيران والعراق والكويت وليبيا والمملكة العربية السعودية. وفي مؤتمرها التالي في بيروت في سبتمبر 1971 هددت المنظمة بأنه في حالة فشل المفاوضات مع الشركات الامتيازية لتحقيق مبدأ المشاركة فإنها ستتخذ الخطوات اللازمة في هذا الشأن على مستوى جماعي. وفي ديسمبر من نفس العام دعت المنظمة الشركات المعنية للاجتماع بممثليها بشأن تحقيق هذا المبدأ.
          كانت منظمة الأوبك ـ من ناحية الأغراض العملية ـ منقسمة إلى أربعة أقسام حول فكرة المشاركة.
          كانت فنزويلا تختلف هي وصناعتها عن مستوى التنمية في أقطار الخليج، ولذلك مالت إلى اتباع سياسة خاصة بها.
          وإندونيسيا كان هيكل صناعتها النفطية في ذلك الحين يقوم على أساس مختلف يتمثل في أخذ حصة من الإنتاج.
          ونيجيريا ـ التي انضمت إلى المنظمة في يوليه 1971 ـ لم تندمج بعد في المنظمة. ولكنها مع ذلك تميل إلى أن يكون لها طريق خاص.
          والجزائر وقد سبق أن أممت 51% من الامتيازات في أرضها. أما ليبيا التي استمرت على نحو متميز تطالب بأكثر من أي قاعدة تقرها منظمة الأوبك، كانت دائماً تنفر من العمل في ظل إدارة الأوبك مهما كانت.
          واتخذت إيران نظرة عن المشاركة مختلفة تماماً، حيث ادعت أنه بموجب اتفاقية الاتحاد المالي[1]Consortium المعقودة عام 1954 فإنها تُعتبر قبل الآن مسيطرة على الصناعة النفطية بشكل رسمي. وذكرت في الوقت نفسه أنها تحتاج إلى ترتيبات خاصة تتيح لها المزايا المالية التي تنجم عن أية اتفاقية بخصوص المشاركة التي قد تحظى بها دول الخليج الأخرى في منظمة أوبك.
كذلك كان العراق يتصرف بنفس الإندفاعات المتطرفة التي لدى ليبيا.
          لم يبق بعد ذلك إلا مجموعة دول الخليج التي كان يتفاوض لمصلحتها أحمد زكي يماني الوزير السعودي، ويمثل نظرياً منظمة الأوبك، ولكنه كان في الواقع العملي يمثل المملكة العربية السعودية والكويت وقطر والإمارات العربية المتحدة فقط.
          لم يفرغ يماني والشركات من وضع القواعد الأساسية "للاتفاقية العامة للمشاركة"إلا في نهاية ديسمبر 1972. ووقعت كل من العربية السعودية وأبو ظبي عليها في 20 ديسمبر 1972. ووقعتها قطر في 19 أبريل 1973. أما الكويت، فبالرغم من موافقة الوزير العتيقي عليها من حيث المبدأ فينبغي عرضها على البرلمان. وكانت العناصر الأساسية في "الاتفاقية العامة للمشاركة" كما يلي:

  1. تبدأ المشاركة بنسبة 25% وتزيد بنسبة 5% سنوياً من 1978 إلى 1981 وبنسبة 6% في 1982 فتصل إلى 51% في تلك السنة.
  2. أن يكون التعويض عن هذه النسب على أساس القيمة الدفترية الحالية للموجودات، أي على أساس الأسعار السارية لها.

وأن يكون دفع هذه التعويضات على أقساط لمدة ثلاث سنوات.
          لقد اعتُبرت الاتفاقية في حينه "نقطة تحول في تاريخ صناعة النفط" في منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص. كما اعتبرت إيذاناً بتحول ميزان القوى لصالح حكومات الدول المنتجة للنفط ومن شأنها انتقال مركز القوة من شركات النفط إلى الدول المنتجة، الأمر الذي يترتب عليه أسعار نفط أعلى في الأسواق العالمية وتعزيز مطالب الدول المنتجة الأخرى.
          وقد دافع عن الاتفاقية مهندسوها الأصليون وبشكل خاص وزير النفط السعودي أحمد زكي يماني الذي اعتبرها بديلاً للتأميم. أما وزير النفط الكويتي آنذاك ـ عبدالرحمن العتيقي ـ فقد أشار إلى أن أسلوب المشاركة في استغلال الثروة النفطية ليس جديداً، وعاد بالذاكرة إلى أواسط الخمسينات حين أتيح لبعض الدول المنتجة للنفط ومنها الكويت أن تعقد اتفاقيات مشاركة مع بعض الشركات العاملة في المنطقة. وذهب إلى أن المشاركة هي الأسلوب المفضل على نظام الامتيازات التقليدية. وأضاف بأن الهدف الأساسي من المشاركة ليس مالياً وإنما المشاركة في مرافق الإنتاج مقابل تعويض مقبول يشكِّل استثماراً مالياً من قِبل الحكومة ويستدعى تحقيق عائد مالي وأرباح معقولة. وكان هذا التبرير يمثل التفسير الرسمي لاتجاه دول الخليج نحو نظام المشاركة بعد أن أصبحت الدعوة لتأميم الصناعة النفطية في الوطن العربي دعوة عامة. ولا شك أن أسلوب المشاركة كان وسيلة ذكية أوحت بها الشركات نفسها لمواجهة هذه الموجة العارمة والاتجاه القومي نحو التأميم.
          إن شركات النفط مهما كان نوعها وجنسيتها تسعى كلها للحصول على نفط تتحقق فيه الشروط التالية:

  • أن يتوفر بكميات كبيرة.
  • أن تكون أسعاره منخفضة كلما كان ذلك ممكناً.
  • أن يكون مصدره مضموناً ومكفولاً لمدة العقد.
  • أن يتوفر لأطول مدة ممكنة.
  • أن تكون نوعيته مرغوبة والطلب عليه كبيراً في الأسواق العالمية.

          "فإذا تحققت هذه الشروط مجتمعة، أو تحققت بصورة خاصة شروط كميات النفط وضمانها وأسعارها، فلا يهم الشركات بعد ذلك الطريقة التي ستحصل بها على ذلك النفط. فالدول المنتجة عندئذ لها الخيار أن تبيع نفطها لهذه الشركات بأية طريقة كانت، سواء عن طريق الامتياز أو عقد المقاولة أو عقد المشاركة أو عقد البيع طويل الأجل. وستحاول الشركة الأجنبية أن تكون دائماً المحتكر الوحيد للنفط فإن لم تستطع الحصول على كل النفط حصلت على بعضه على الأقل".
          ومهما كانت اشتراطات الإدارة الوطنية، فإن استمرار رقابة الطرف الأجنبي على الإنتاج وتكاليفه، وشغل بعض الوظائف المهمة والأساسية بمعرفته، يكفل له إشرافاً مستمراً وفرصة للتدخل كلما رأى أن ذلك في صالحه.
وعلى أية حال، كانت اتفاقيات المشاركة بداية لحركة واسعة نحو التأميم.
          وعلى أثر توقيع "الاتفاقية العامة للمشاركة" بواسطة دول الخليج، تحمست إيران وبدأت مفاوضاتها التي انتهت بتوقيع اتفاقية جديدة في 24 مايو 1973 بين أعضاء الاتحاد المالي Consortium  وشركة النفط الوطنية الإيرانية ومن أهم عناصرها:

  • اتفاقية جديدة لمدة 20 سنة تحل محل الاتفاقية الأصلية لسنة 1954.
  • تكون شركة النفط الوطنية الإيرانية هي المالكة والقائمة بالأعمال النفطية وتنشأ شركة جديدة في إيران من الأعضاء في الاتحاد المالي تقوم بأعمال المقاولات الخدمية لشركة النفط الوطنية الإيرانية.
  • تبيع شركة النفط الوطنية الإيرانية النفط إلى أعضاء الاتحاد المالي بسعر يعطي إيران ما يساوي القيمة المالية الإجمالية التي كان من الممكن أن تحصل عليها بموجب الاتفاقية العامة للمشاركة، "التي وقعتها دول الخليج".

          وإذا كانت إدارة وأعمال شركة النفط الوطنية الإيرانية ترمز "بصرف النظر عن الواقع الفعلي" إلى السيطرة الكاملة، في مقابل نسبة مئوية من السيطرة تعادل 25% بمقتضى الاتفاقية العامة للمشاركة، فإن يماني والمملكة العربية السعودية لم يشعرا بالارتياح. ولا ريب في أن ذلك كان أحد العوامل الإضافية التي دفعت إلى التحرك في 1974 إلى أن تكون نسبة المشاركة 60% ثم تتحول إلى 100% من السيطرة على الشركات صاحبة الامتياز حيث وافقت على مبدأ المشاركة بنسبة 100% واستمرت المفاوضات لإنجاز التفصيلات حتى 1976 ولم تنفذ الاتفاقية رسمياً إلا في 1980. وكانت هناك أمور أخرى ترتبط بالمشاركة يجري بحثها.
          ففي العراق تم التوصل إلى تسوية جميع المطالب العراقية وجميع المطالب المعارضة التي قدمتها الشركات، حيث أبرمت اتفاقية بين الطرفين في فبراير 1974 كان من بين بنودها أن تعهدت مجموعة الأعضاء في شركة نفط البصرة بتوسيع الإنتاج في تلك المنطقة ببذل مساعيها لبلوغ حد المشاركة في ذلك الامتياز وجعله منسجماً مع الخطوط الواردة في الاتفاقية العامة للمشاركة.
          أما في ليبيا فقد تم تأميم شركة النفط البريطانية BP   في ديسمبر 1971 على أثر استيلاء إيران على جزر طنب. ولم تقم ليبيا بإجراء آخر حتى أكتوبر 1972 حيث استطاعت أن ترغم شركة إيني ENI  ـ التي فرغت لتوها من تنمية أحد الحقول وكانت مستعدة وتواقة إلى التصدير ـ على قبول 50% من المشاركة. وفي 11 يونيه 1973 أممت ليبيا شركة بنكر هنت  Bunker Hunt  بنفس الشروط مدعية أنها قامت بذلك انتقاماً من السياسة الأمريكية.
          وفي 11 أغسطس 1973 وافقت شركة أوكسيدنتال  Occidental  على تأميم 51% من الحصص. وفي اليوم التالي عرضت ليبيا على شركة الواحة  Oasis  نفس الشروط. وقد وافقت على ذلك جميع الشركات المعنية عدا شركة شـل Shell .
          وفي سبتمبر أعلنت ليبيا تأميم 51% من الشركات المتبقية. ولكن هذه الشركات ـ وكلها أعضاء في مجموعة لندن لوضع السياسات البترولية  London Petroleum Group : LPG  رفضت الإجراء الليبي واعتبرته عملاً غير شرعي وطالبت بالتحكيم، واستمرت في الوقت نفسه في مزاولة أعمالها بموجب عقود امتيازاتها.
          وفي حالة نيجيريا ـ التي انضمت إلى منظمة الأوبك في يوليه 1971، فقد تم توقيع اتفاقية المشاركة معها في مارس 1973، حيث قضت ببدء المشاركة بنسبة 35% وبقيت عند هذا المستوى إلى أن صار للحكومة الحق في زيادتها إلى 51% في سنة 1982.
          فرغت منظمة الأوبك رسمياً من مسألة المشاركة في نهاية 1972، ولكنها خاضت معركة ضارية أخرى عندما خُفِّضت قيمة الدولار الأمريكي في 12 فبراير 1973 بنسبة 11.1% في مقابل الذهب. وبموجب اتفاقية جنيف الأولى التي تنفذ على أساس صيغة متفق عليها أجريت زيادة في الأسعار المعلنة تبلغ حوالي 6% يسري مفعولها في أول أبريل 1973. ولم تقبل بذلك المنظمة وواصلت مفاوضات مطولة حتى تم إقرار صيغة جديدة سُمِّيت باتفاقية جنيف الثانية حازت رضا الطرفين:

  • وُصِفَتْ بأنها تعديل لاتفاقية جنيف الأولى.
  • لم ترتبط بقيمة الدولار من الذهب.
  • بلغ مجموع الارتفاع الفوري في السعر 11.9% وهذا يجاوز قليلاً التخفيض الفعلي في قيمة الدولار المحسوب بالذهب.

          بذلك توفر الدعم بمقتضى هذه الاتفاقيات لما تحرزه منظمة الأوبك من النجاح وتحولت كفة الرجحان من مستهلكي النفط إلى منتجي النفط.
          وقد حرص البحث على توضيح هذه الجهود المضنية في إيجاز شديد إنصافاً لمنظمة الأوبك وأعضائها في خوض مفاوضات عسيرة تخللتها تهديدات من الطرفين، ولكنها في النهاية توصلت إلى اتفاقيات مَرْضية طوعاً أو كرهاً.

الاستثمار المباشر للموارد النفطية وتأميم الشركات الامتيازية



          برهنت الأحداث التي تلت التوقيع على اتفاقيات المشاركة من قِبل خمس دول عربية خليجية على أنها كانت مجرد وسيلة للتهدئة أعدتها الشركات الامتيازية في الوطن العربي ومؤيدوها للتخفيف من حدة حرارة التأميم.
          قامت الدول العربية النفطية على اختلافها باستثمار مواردها النفطية غير الخاضعة للامتيازات استثماراً مباشراً عن طريق عقود مقاولة أو عقود عمل. كما أبرمت معظم الدول العربية إن لم يكن كلها، عقود بيع طويلة الأجل بعيداً عن الشركات الامتيازية وعن الشركات المستقلة التي ما زالت تعمل في أراضيها.
          وقد انتهت مناهضة الشركات للتأميم في أواخر 1974. وأصبح نفط العرب للعرب في منطقة الخليج العربي والشمال الأفريقي العربي. أما الامتيازات القديمة وما في حكمها فإن ما بقي منها يعتبر أقل أهمية بكثير مما كان عليه قبل عقد من الزمان. ولن يمر عقد السبعينات حتى تكون صناعة النفط العربي مملوكة لأصحابها العرب، وبإدارة عربية كاملة.
          كان من نتيجة ذلك أن زادت أهمية شركات النفط الوطنية في الدول العربية إذ حلت محل الشركات الامتيازية، كلها أو معظمها، في إنتاج النفط وتسويقه، وبدأت تدخل العمليات المتكاملة في الصناعة النفطية ـ نقلاً وتوزيعاً وتصفية ـ إما مباشرة أو بالاشتراك مع شركات نفط وطنية في بعض الدول النامية المستهلكة للنفط.
          ومع ذلك فإن هناك عقبات كثيرة لا تزال تقف أمام هذه الشركات كعدم توفر الأسواق على نطاق واسع. وحاجتها إلى الاعتماد على التصدير لإنجاح عملياتها الإنتاجية، وقلة خبرتها في إدارة وتشغيل الصناعات البتروكيماوية، الأمر الذي جعل الشركات الاحتكارية الكبرى تسيطر بدرجة هامة على معظم العمليات اللاحقة لإنتاج النفط.
          وعندما استردت دول المنظمة سيطرتها على مقدَّرات ثروتها الوطنية من البترول، لم يعد البترول مجرد سلعة اقتصادية فحسب، بل أصبح مصدراً من مصادر القوة السياسية في أيدي الدول الرئيسية المنتجة له.
          لذلك فإنه عند تقدير القيمة الحقيقية لتكلفة البترول، يجب إلى جانب احتساب سعره بالدولارات والسنتات أن يضاف إليه سعر آخر يعادل المزايا السياسية والعسكرية الأخرى التي يمكن أن تحصل عليها الدول المنتجة كشرط لبيع بترولها.

أثر البترول كأداة سياسية لدى الدول المنتجة



          إن كافة الدول الأعضاء بمنظمة الأوبك ـ خاصة تلك الموجودة بالشرق الأوسط قد استخدمت نفطها بشكل أو بآخر في تحقيق أهداف غير اقتصادية:

  • لقد استُخدم النفط لإغراء الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والبرازيل على مبادلته بأسلحة متقدمة وتقنيات حديثة في المجال العسكري بالشرق الأوسط.
  • ويُعتبر العراق من أكثر الدول التي استخدمت النفط لأغراض غير تجارية. فقد منح فرنسا وإيطاليا ضمانات لسهولة الحصول على نفطه مقابل الحصول على تكنولوجيا الذرة والمعدات والموارد التي من المزمع استخدامها في تصنيع متفجرات نووية. كما مارس العراق ضغوطاً هائلة على البرازيل لإمداده بتكنولوجيا الطاقة.
  • استُخدم النفط أيضاً للتأثير على السياسات الخارجية للدول الصناعية ودول العالم الثالث. وخاصة سياسات هذه الدول تجاه النزاع العربي الإسرائيلي، ومبادرة السلام المصرية الإسرائيلية. وأفضل مثال لذلك هو حظر النفط العربي خلال النزاع العربي الإسرائيلي في عام 1973، كما استخدمت إيران نفطها كوسيلة لإغراء الشركات والحكومات على اتخاذ ترتيبات لإسقاط العقوبات ضدها.

كذلك قامت إيران بحظر تصدير نفطها إلى إسرائيل وجنوب أفريقيا ومصر والفلبين والولايات المتحدة لتحقيق أهداف سياسية.
أما بالنسبة للمملكة العربية السعودية، فإن مستويات الإنتاج تتحدد وتتغير تبعاً لعدد من الأغراض منها:

  • محاولة السعودية استعادة زعامتها للدول المصدرة.
  • الحصول على دعم الولايات المتحدة لمصالحها السياسية والأمنية في الشرق الأوسط.

ولقد ذكر بعض القادة السعوديين: أنهم ربطوا سياسة إنتاج النفط السعودي بتوقيت وأسلوب استئناف الولايات المتحدة حيازتها للنفط بهدف ملء الاحتياطي الاستراتيجي للنفط. إن محاولات السعودية للحصول على معدات إضافية للمقاتلات إف 15، والحصول على طائرة الرادار الأمريكية لتحسين القدرة السعودية الدفاعية خلال الحرب العراقية الإيرانية وخلال حرب الخليج الثانية لهي أيضاً مرتبطة بسياسة إنتاج وتسعير النفط السعودي.

  • كما استُخدم النفط أيضاً في تنفيذ الخطط الخاصة بالسياسة البترولية للدول المنتجة عن طريق الإسهام في بناء معامل التكرير والمصانع البتروكيماوية أو الصناعات الأخرى التي لولا وجود النفط لم يكن من المحتمل أن تقام أصلاً.
  • ومن التطورات الأخرى التي كان لها آثار كبيرة في زيادة سيطرة المنتجين على نفطهم هو تزايد عدد الصفقات المباشرة بين الحكومات المنتجة والحكومات المستهلكة دون وساطة شركات النفط الضخمة. ففي عام 1973، تم بيع 90% من النفط المتداول في العالم عن طريق شركات النفط الخام، وبحلول عام 1979 هبط هذا الرقم إلى أقل من 50% وهكذا نجد أن دول الشرق الأوسط بدأت تتعامل مباشرة مع الحكومات الأجنبية، وأصبح لدى المنتجين القدرة على عدم منح أية مزايا اقتصادية مما سهل المساومة لصالحهم .





[1] جدير بالذكر أن الاتحاد المالي Consortium المشار إليه هو اتحاد شركات النفط الإيرانية، الذي تكوَّن ـ بعد فشل عملية تأميم النفط الإيراني عام 1951 ـ من اندماج معظم الشركات العالمية، إضافة إلى بعض الشركات الأمريكية المستقلة، حيث أصبح هذا الاتحاد المورد المالي والاقتصادي الذي يتولى مهمة إنتاج النفط الإيراني.
[2] يعتبر الطلب على البترول منخفض المرونة (أي ليس هناك مجال لاختيار بديل له) لأنه من السلع الضرورية، التي يصعب الاستغناء عنها, ويعتبر الطلب مرتفع المرونة إذا استطاعت الدول الصناعية التحول عنه إلى استهلاك سلع بديلة أخرى أرخص نسبياً.
[3] من العوامل المشجعة على ذلك ـ خلال تلك الفترة ـ إعلان بعض دول الأوبك وبعض الدول خارج منظمة الأوبك عن عزمها على تخفيض الإنتاج. وتعتبر هذه المبادرة من جانب الدول المنتجة علامة صحية على رغبة الدول البترولية لإيقاف انخفاض أسعار البترول الذي سوف يعود بالضرر على كل الدول المنتجة.


عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الأحد 06 مارس 2016, 10:08 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69673
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Empty
مُساهمةموضوع: رد: البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول   البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Emptyالأحد 06 مارس 2016, 9:57 pm

ثانياً: منظمة الدول المصدِّرة للبترول (أوبك)
(Organization of the Petroleum Exporting Countries (OPEC
التعريف بالمنظمة
          قامت منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" في 14 سبتمبر 1960 ردَّاً على إقدام الشركات المستثمرة للبترول في أراضيها على تخفيض أسعار البترول من جانب واحد ـ دون أخذ موافقة الدول المنتجة ـ في عامي 1959 و 1960. وكانت الأسعار منخفضة في الأصل مما ألحق الضرر باقتصاديات الدول المنتجة للبترول، التي تعتمد اعتماداً كبيراً على دخلها من النفط عند إعداد موازناتها السنوية وتنفيذ برامجها الإنمائية.
          ولكي تحمي الدول المصدرة للبترول نفسها ضد اتخاذ أي إجراءات فردية من جانب الشركات العاملة في أراضيها مستقبلاً، اتفقت خمس دول هي السعودية والكويت والعراق وإيران وفنزويلا، في اجتماع عقد في بغداد في شهر  سبتمبر 1960 على إنشاء منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" للعمل على توحيد السياسات البترولية لهذه الدول.
وقد قويت المنظمة بانضمام دول بترولية أخرى إليها وهي:
قطر في يناير  1961
إندونيسيا وليبيا في يونيه 1962
أبو ظبي في ديسمبر 1967 (تحولت إلى الإمارات العربية المتحدة في يناير 1974)
الجزائر في يوليه 1969
نيجيريا في يوليه 1971
اكوادور في نوفمبر 1973
الجابون كعضو منتسب في نوفمبر 1973، وكعضو كامل العضوية في عام 1975
          وبذلك أصبح عدد الدول الأعضاء في المنظمة ثلاث عشرة دولة. وكان احتياطي دول الأوبك من البترول حوالي 70% من الاحتياطي العالمي، أما بالنسبة لإنتاج البترول فقد وصل الإنتاج إلى حوالي 31 مليون برميل في اليوم عام 1973/1974 وهو ما يمثل 53% من الإنتاج العالمي في ذلك الوقت. وقد أخذ نصيب دول الأوبك في الانخفاض بصورة تدريجية حتى وصل إلى حوالي 17 مليون برميل في اليوم في عام 1984 وهو ما يعادل 30% من الإنتاج العالمي. وذلك طبقاً لسياسة متعمَّدة من جانب الأوبك لمواجهة الانخفاض في الطلب على البترول، وللحيلولة دون انخفاض الأسعار حيث تحوَّل سوق البترول من سوق للبائعين حتى نهاية عام 1980 إلى سوق للمشترين ابتداء من عام 1981.
ويرجع الانخفاض في إنتاج بترول منظمة الأوبك إلى العوامل الآتية:

  1. انخفاض الطلب العالمي على البترول بسبب الركود الاقتصادي الشديد الذي اجتاح البلاد الصناعية خلال الفترة 1980 ـ 1982.
  2. التحول من استهلاك البترول إلى بدائل الطاقة الأخرى.
  3. التوسع في إنتاج البترول خارج دول الأوبك سواء داخل البلاد الصناعية ذاتها "الولايات المتحدة وبحر الشمال" أو في البلدان النامية.
  4. قيام الحرب بين إيران والعراق في سبتمبر 1980 أدى إلى حدوث انخفاض كبير في إنتاج الدولتين.

          ففي العراق توقف الإنتاج في الحقول الواقعة في الجنوب. كما توقف ضخ النفط إلى البحر الأبيض المتوسط عبر الأراضي السورية وذلك نتيجة لقيام الحكومة السورية بإغلاق حدودها مع العراق لأسباب سياسية.
          أما في إيران فقد أخذ الإنتاج في الانخفاض بسبب الثورة الإيرانية ورغبة حكومتها في تخفيض الإنتاج إلى الحد الذي يكفي الاحتياجات الضرورية لعملية التنمية الاقتصادية فحسب، ثم انخفض الإنتاج مرة أخرى بعد اندلاع الحرب مع العراق في شهر سبتمبر 1980.

أهداف منظمة الأوبك



تعمل الأوبك على تحقيق هدفين رئيسيين:
الهدف الأول: تعديل نظام المحاسبة الذي يحكم العلاقة بين شركات الاتحاد الدولي المستثمرة والدول المنتجة "باستثناء فنزويلا"، حيث يقوم هذا النظام على خصم رسم التنقيب والاستغلال 12.5% ـ الذي يُدفع إلى الدولة مانحة الامتياز ـ من نصيب الدولة في الأرباح وهو 50%. بينما تطالب منظمة الأوبك باعتبار هذا الرسم جزءا من تكاليف الإنتاج. ويجب أن يعامل على هذا الأساس فتحصل الدولة المنتجة على 50% من صافي الأرباح. وبتحقيق هذا الهدف فإن الدخل العائد على الدول المنتجة سيرتفع بمقدار 6.25%.
الهدف الثاني: العمل على رفع سعر البترول الحالي والعودة به إلى مستواه قبل أغسطس 1960 وهو تاريخ آخر تخفيض لسعر البترول الخام فرضته الشركات المستثمرة رغماً عن إرادة الدول المنتجة، حيث تحاول الدول الصناعية الكبرى المستهلكة، وعلى رأسها دول أوروبا الغربية واليابان اتباع سياسة بترولية موحدة في إطار السوق الأوروبية المشتركة في مواجهة الدول المنتجة.
لذلك كان الهدف من قيام المنظمة كما أُعلن في مؤتمر بغداد عام 1960 ما يلي:

  1. توحيد السياسة البترولية للدول الأعضاء.
  2. اتباع أفضل الطرق لحماية المصالح الفردية والجماعية للدول الأعضاء.
  3. العمل على الحد من التقلبات غير الضرورية في الأسعار ومحاولة إعادة الأسعار إلى مستواها قبل التخفيض.
  4. ضمان حصول الدول الأعضاء على دخل ثابت ومستقر، وذلك لمواجهة احتياجاتها من الأموال اللازمة لتنفيذ خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية فيها .
  5. ضمان توفير احتياجات الدول المستهلكة من البترول بطريقة اقتصادية ومنتظمة.
  6. ضمان حصول الشركات البترولية على دخل مناسب مقابل استثمار رؤوس أموالها في هذه الصناعة.

شروط العضوية في منظمة أوبك



يمكن قبول أي دولة في المنظمة إذا توفرت مجموعة من الشروط أهمها:

  1. أن تحقق الدولة فائضاً كبيراً من البترول يخصص للتصدير، وذلك بعد تغطية احتياجاتها المحلية.
  2. أن تتشابه المصالح البترولية للدولة العضو إلى حد كبير مع ظروف الدول المؤسسة للمنظمة.
  3. أن توافق على قبول العضو الجديد ثلاثة أرباع الدول أعضاء المنظمة بما فيها الدول الخمس المؤسسة للمنظمة.

إدارة منظمة الأوبك



          تم عقد اجتماع لمنظمة الأوبك بعد تأسيسها في بغداد عندما اجتمعت لجنة فرعية للنظر في هيكل المنظمة.
          وانعقد المؤتمر الثاني في كاراكاس ـ عاصمة فنزويلا ـ في يناير 1961 بهدف إعطاء الصبغة الرسمية لوضع وهيكل المنظمة. اعتمد هذا المؤتمر اتخاذ مدينة جنيف مقراً لها رغبة في اتخاذ أرض محايدة مقراً لهذه المنظمة العالمية، وإشارة إلى صبغة الأوبك الحيادية. وقد وافقت حكومة سويسرا على ذلك. وعندما قرر بعض الأعضاء ضرورة الحصول على الصفة الدبلوماسية للمنظمة رفضت حكومة سويسرا، الأمر الذي دعا الأوبك إلى الانتقال إلى فيينا ـ عاصمة النمسا ـ مقراً للمنظمة.
تمارس منظمة الأوبك اختصاصاتها ومسئولياتها عن طريق الاجهزة الآتية:
1. المؤتمر  The Conference
وهو السلطة العليا، ويتكون من وزراء البترول للدول الأعضاء. ويختص بصياغة السياسات العامة للمنظمة وكيفية تنفيذها واتخاذ القرارات اللازمة في هذا الشأن.
ولابد من حضور عشرة أعضاء من  أصل ثلاثة عشر عضواً حتى يصبح الاجتماع قانونياً. وتتخذ جميع القرارات بالإجماع عدا ما يختص منها بالشئون الاجرائية فيتم الاكتفاء بالأغلبية.
ويتم عقد اجتماعين عاديين في السنة، وعقد اجتماعات غير عادية بناء على طلب إحدى الدول الأعضاء ويرأس المؤتمر وزير البترول في إحدى الدول الأعضاء لمدة عام وبالتناوب بين بقية الدول الأعضاء طبقاً للحروف الأبجدية.
2. مجلس المحافظين  The Board of Governors
وهو يدير شئون المنظمة ويتكون من ممثلين من الدول الأعضاء. ويجب حضور ثلثي الأعضاء حتى يصبح الاجتماع قانونياً. وتتخذ القرارات بالأغلبية المطلقة. ويرأس المجلس أحد المحافظين لمدة سنتين وبالتناوب بين بقية الدول الأعضاء طبقاً للحروف الأبجدية.
3. الأمانة العامة  Secretariat
ويمثلها أمين عام ومساعدوه وست دوائر أو أقسام تختص بالشئون الإدارية والاقتصادية والفنية والإحصائية والقانونية والإعلام. ويتم تعيين الأمين العام بواسطة المؤتمر الوزاري للمنظمة ولمدة ثلاث سنوات تجدد لمدة واحدة فقط، ويكون من رعايا الدول الأعضاء والعاملين المرموقين في صناعة البترول .

هل أخطأت منظمة الأوبك في سياساتها البترولية؟



          في محاولة لتحليل التطورات التي وقعت خلال العشر سنوات الممتدة بين أواخر عام 1973 وحتى عام 1983، فإنه يمكن القول بأن منظمة الأوبك وقعت في بعض الأخطاء التي أدت إلى فقدانها سوق الطاقة العالمية، وما تبع ذلك من ضعف نفوذها وفقد سيطرتها على تحديد أسعار البترول، أهمها:

  1. التشدد في سياسة الأسعار، إذ أن أغلبية دول الأوبك كانت ترفع أسعار البترول في كل مرة يحدث فيها مشكلة في العالم تؤدي إلى ارتفاع سعر البترول في السوق الحرة. أي أن سياسة الأوبك في تحديد الأسعار كانت تسعى إلى الحصول على أقصى ربح ممكن في الأجل القصير وذلك بدلاً من الحصول على ربح معقول في الأمد الطويل.
  2. اعتقاد دول المنظمة أن مرونة الطلب السعرية على البترول سوف تظل منخفضة، أي أن المستهلك سوف يستمر في استهلاك نفس الكمية من البترول تقريباً وذلك بغض النظر عن ارتفاع الأسعار بصورة كبيرة وخاصة في عام 1979/1980.[2]
  3. عدم تفهُّم دول الأوبك ـ وهي من الدول النامية ـ أنها تنتج مادة خام وتبيعها لدول صناعية متقدمة ذات إمكانيات ضخمة في مجالات رأس المال والتنظيم والابتكار وسوف تسترد ما دفعته من زيادة في أسعار المادة الأولية عن طريق رفع أسعار صادراتها إلى الدول النامية. ولذلك لم تستمر سلطة منظمة الأوبك في التحكم  في سوق البترول إلا من أواخر عام 1973 حتى نهاية عام 1982. وبذلك يمكن القول إن دول الأوبك قد أخطأت حين بالغت في قوتها كمنتج يواجه مستهلكاً بالغ القوة.

كيفية المحافظة على مستقبل منظمة الأوبك



1.  استراتيجية خاصة بالأجل القصير (خلال السنوات القادمة)
أ. قيام دول الأوبك بتخفيض مصروفاتها الجارية والاستثمارية، والعمل على خفض مدفوعاتها للواردات من السلع المنظورة والخدمات وذلك بدرجة أكبر مما تحقق، لكي يتمشى مستوى الانفاق مع الدخل المنخفض الذي تحصل عليه هذه الدول من صادراتها من البترول. وهذا من شأنه الاكتفاء بقدر أقل من إنتاج البترول، يقلل من إلحاح كل دولة لزيادة حصة إنتاجها مما أضعف المنظمة وأدى إلى زيادة الفُرقة بين أعضائها.
ب. وضع استراتيجية للإنتاج والأسعار تتضمن المحافظة على سقف Ceiling معقول للإنتاج يقل عن حجم الإنتاج الحالي إذا اقتضى الأمر ذلك. ومن المفضل التعاون مع الدول المنتجة خارج منظمة الأوبك في هذا المجال[3]. وكذلك قبول مستوى منخفض للأسعار يتمشى مع مستوى الأسعار السائدة في السوق الحرة. ومن الجدير بالذكر أن قبول أسعار منخفضة من شأنه أن يحقق الأهداف الآتية:
(1) التشجيع على زيادة استهلاك المنتجات البترولية.
(2) المساعدة على عودة الرواج الاقتصادي إلى الدول الصناعية.
(3) الإبطاء في عملية التحول نحو بدائل الطاقة الموجودة بالفعل مثل الفحم أو الطاقة النووية، وإلى تقليل الاستثمار في بدائل الطاقة الجديدة والمتجددة (الطاقة الشمسية وطاقة الرياح). وقد تم إلغاء الكثير من مشروعات الطاقة الجديدة في الدول الصناعية ـ مثل مشروعات الوقود الصناعي عالية التكلفة ـ في أعقاب انخفاض أسعار البترول مما جعل هذه المشروعات غير اقتصادية.

2. استراتيجية خاصة بالأجل الطويل



إن الصمود في الأجل القصير باتباع استراتيجية معتدلة من شأنه أن يزيد الطلب على البترول بصورة معقولة خلال التسعينات، مما يؤدي إلى ازدياد حصة الأوبك في الاستهلاك العالمي للبترول.
وإذا ما عادت منظمة الأوبك إلى قوتها، فإنه يتعين عليها أن تتبع سياسة معتدلة. ويتذكر الأعضاء أن اتباع سياسة سعرية متشددة في السبعينات قد أدى إلى قِصر الفترة التي تمتعوا فيها بالسيطرة على صناعة البترول في العالم.
ومن الجدير بالذكر أن المنظمة يُنتظر أن تلعب دوراً هاماً في المستقبل وذلك بفضل امتلاكها احتياطيات بترولية كبيرة سوف تتبقى لديها بعد استنفاد احتياطي البترول لدى كثير من الدول المنتجة خارج المنظمة.



[1] جدير بالذكر أن الاتحاد المالي Consortium المشار إليه هو اتحاد شركات النفط الإيرانية، الذي تكوَّن ـ بعد فشل عملية تأميم النفط الإيراني عام 1951 ـ من اندماج معظم الشركات العالمية، إضافة إلى بعض الشركات الأمريكية المستقلة، حيث أصبح هذا الاتحاد المورد المالي والاقتصادي الذي يتولى مهمة إنتاج النفط الإيراني.
[2] يعتبر الطلب على البترول منخفض المرونة (أي ليس هناك مجال لاختيار بديل له) لأنه من السلع الضرورية، التي يصعب الاستغناء عنها, ويعتبر الطلب مرتفع المرونة إذا استطاعت الدول الصناعية التحول عنه إلى استهلاك سلع بديلة أخرى أرخص نسبياً.
[3] من العوامل المشجعة على ذلك ـ خلال تلك الفترة ـ إعلان بعض دول الأوبك وبعض الدول خارج منظمة الأوبك عن عزمها على تخفيض الإنتاج. وتعتبر هذه المبادرة من جانب الدول المنتجة علامة صحية على رغبة الدول البترولية لإيقاف انخفاض أسعار البترول الذي سوف يعود بالضرر على كل الدول المنتجة.


عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الأحد 06 مارس 2016, 10:09 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69673
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Empty
مُساهمةموضوع: رد: البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول   البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Emptyالأحد 06 مارس 2016, 10:07 pm

ثالثاً: منظمة الدول العربية المصدِّرة للبترول
Organization of Arab Petroleum Exporting Countries  (أوابك  OAPEC)

تعريف بالمنظمة

          لم تكتف الدول العربية السبع بالاشتراك في عضوية منظمة الدول المصدِّرة للبترول "أوبك" متضامنة مع دول بترولية أخرى، بل بادرت ثلاث دول عربية منها هي ليبيا والكويت والسعودية إلى إنشاء منظمة أخرى هي منظمة الدول العربية المصدرة للبترول "اوابك" في يناير 1968. وقد أختيرت دولة الكويت لتكون دولة المقر.
          كان من الشروط الأساسية لقبول الأعضاء في هذه المنظمة شرط "أن يكون البترول هو المصدر الرئيسي والأساسي للدخل القومي".
          كما ورد في المادة السابعة من الاتفاقية. وقد حال ذلك دون دخول الدول العربية الأخرى، التي تنتج البترول، ولكنه لا يُعتبر المصدر الرئيسي والأساسي للدخل القومي. ولكي تجذب المنظمة دولاً عربية أخرى للانضمام اليها، الأمر الذي يوفر لها قاعدة عربية أقوى وأشمل، فقد تم تعديل النص المذكور في التاسع من ديسمبر عام 1971 لكي يصبح كما يلي: "أن يكون البترول مصدراً هاماً للدخل القومي"
          وقد أجاز هذا التعديل انضمام دول عربية أخرى مثل مصر والعراق وسورية على الفور. وفي عام 1971 تم انضمام كل من الجزائر والبحرين وقطر وأبو ظبي. وفي عام 1981 انضمت تونس إلى عضوية المنظمة ليصبح عدد أعضاء المنظمة أوابك إحدى عشرة دولة يتوفر بينها روابط اللغة والدين والمصير، التي تزيدها تماسكاً، فضلاً عن العامل الاقتصادي وهو البترول، حيث تعتمد عليه اقتصاديات هذه الدول كمصدر هام للدخل القومي.
          ويبلغ احتياطي البترول الذي تمتلكه هذه الدول أكثر من 50% من الاحتياطي العالمي المؤكد. وتضم منظمة الأوابك سبع دول من الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" تنتج ثلاثة أرباع إنتاج المنظمة الأخيرة مما يزيد من قوة منظمة أوابك.

أهداف منظمة أوابك

          تحدد المادة الثانية من الاتفاقية الخاصة بإنشاء منظمة الدول العربية المصدِّرة للبترول "أوابك" أهداف المنظمة على النحو التالي:

  1. تنسيق السياسات البترولية للدول الأعضاء.
  2. تشجيع التعاون بين الدول الأعضاء للوصول إلى حلول للمشكلات التي تواجهها في نطاق صناعة البترول.
  3. مساعدة الدول الأعضاء في تبادل المعلومات والخبرات وإفساح المجال للمواطنين للعمل والتدريب في الدول الأعضاء في نطاق صناعة البترول.
  4. استخدام الموارد المالية للدول الأعضاء في إقامة مشروعات مشتركة في نطاق الصناعة البترولية.

أجهزة منظمة أوابك

تقوم منظمة أوابك بأداء واجباتها بواسطة الأجهزة التالية:
1. المجلس الوزاري
ويتكون من وزراء البترول للدول الأعضاء ويقوم المجلس بالمهام التالية:

  • رسم السياسة العليا للمنظمة وإعطاء التوجيهات لتنفيذها.
  • الموافقة على قبول أعضاء جدد.
  • الموافقة على الاتفاقيات التي تبرمها المنظمة.
  • الموافقة على ميزانية المنظمة.
  • تعيين الأمين العام والأمناء المساعدين للمنظمة.

ويتولى وزراء البترول رئاسة المجلس بالتناوب ولمدة عام لكل منهم حسب الترتيب الأبجدي للدول الأعضاء.

2. المكتب التنفيذي

ويتكون من وكلاء وزارات البترول في الدول الأعضاء. ويقوم بمساعدة المجلس الوزاري وذلك بوضع جدول الأعمال للمجلس واستعراض الميزانية، واعتماد لوائح العاملين، وغير ذلك من الاختصاصات التي يخولها له المجلس الوزاري للمنظمة. ويرأس المكتب التنفيذي مندوب الدولة العضو لمدة سنة وبالتناوب وفقاً للترتيب الأبجدي للدول الأعضاء.

3. الأمانة العامة

وتقوم بتنفيذ المهام المكلفة بها والتي تشمل التخطيط وتنفيذ الأنشطة الخاصة بالمنظمة. ويرأس الأمانة العامة الأمين العام ويساعده الأمناء المساعدون.

4. الهيئة القضائية

وتتكون من قضاة من الدول الأعضاء ذوي سمعة عالية في مجال عملهم. ويتم تعيينهم بواسطة مجلس وزراء المنظمة وتختص الهيئة القضائية بالتحكيم والفصل في الخلافات بين الدول الأعضاء، أو بين أي دولة عضو وإحدى الشركات البترولية العاملة في أراضيها. وكذلك النظر في المنازعات التي يقرر مجلس وزراء المنظمة اختصاص الهيئة القضائية بالنظر فيها.

المشروعات العربية المشتركة

          يعتبر إقامة المشروعات العربية المشتركة في القطاع البترولي من أهم الانجازات التي قامت بها منظمة أوابك منذ إنشائها في عام 1968. وهي في تطور ايجابي مستمر لتحقيق أهدافها الاستراتيجية على المستويين العربي والدولي. وأنها ما زالت تحتاج إلى الدعم والمساندة من الدول الأعضاء ـ كل فيما يخصها من المجالات التي تعمل فيها تلك الشركات. ولا سيما بإفساح المجال أمامها في دخول أسواق الدول الأعضاء، ولو على أسس تنافسية إن لم تكن على أسس الأفضلية.
          والقاسم المشترك الذي يجمع تلك الشركات، هو أن قيامها قد تم تحت مظلة منظمة أوابك، وذلك ما يجعلها تتسم بنوع من التميز عن الشركات أو المشروعات العربية التي أقيمت بين دولتين أو أكثر من الدول العربية على أساس مجرد الاتفاق الثنائي أو متعدد الأطراف. وهذه الشركات هي:
1. الشركة العربية البحرية لنقل البترول.
2. الشركة العربية لبناء واصلاح السفن "أسرى".
3. الشركة العربية للاستثمارات البترولية "أبيكورب".
4. الشركة العربية للخدمات البترولية.
5. الشركة العربية للاستشارات الهندسية.
وفيما يلي نبذة مختصرة عن كل من هذه المشروعات:

1. الشركة العربية البحرية لنقل البترول

كان إنشاء أسطول عربي مشترك لنقل البترول أملاً يراود الأمة العربية، وذلك للقضاء على الاحتكار العالمي الذي تفرضه الشركات الكبرى لنقل البترول، ومن ثم فإن إقامة الشركة العربية لنقل البترول يعتبر ذا أهمية استراتيجية واقتصادية لقطاع البترول العربي.
تأسست الشركة العربية البحرية لنقل البترول ومقرها الكويت في يناير 1972 بهدف امتلاك وتشغيل وتأجير أسطول من ناقلات الزيت الخام والموارد البترولية، برأسمال مصرح به ومكتتب قدره 500 مليون دولار أمريكي. ولظروف السوق الصعبة تقلص نشاط الشركة خلال عقد الثمانينات فخُفِّض رأس المال المصرح به إلى 200 مليون دولار والمكتتب به إلى 150 مليون دولار "مقسمة على خمسة ملايين سهم بقيمة إسمية قدرها ثلاثون دولاراً أمريكياً للسهم".
وعلى الرغم من تقلبات أسواق النقل، فقد استمر أسطول الشركة بكافة ناقلاته في العمل دون توقف طوال عام 1995 وقامت الناقلات بتنفيذ عقودها. وطوال عام 1996 استمر التشغيل الكامل لكافة وحدات أسطول الشركة البالغ عددها 9 ناقلات، أصبحت 10 ناقلات بانضمام ناقلة المنتجات البترولية النظيفة "داس" في أكتوبر 1996، ثم أصبحت 11 ناقلة بعد أن تسلمت الشركة ناقلتها الجديدة التي سميت "الدوحة" والتي بُنيت طبقاً لأحدث المواصفات والتقنيات وتم تزويدها بكافة المعدات الحديثة لمنع التلوث والمحافظة على البيئة.
كذلك بدأت الشركة في تنفيذ منظومة الاستغاثة والأمان عبر شبكة الأقمار الصناعية على ناقلاتها، والتي ستصبح مُلزِمة عالمياً لجميع ملاّك السفن على اختلاف انواعها إعتباراً من فبراير 1999.
واستكمالا لجهود الشركة في تطبيق التشريعات والاشتراطات الدولية الخاصة بنظم الجودة الشاملة وقواعد الإدارة الآمنة لتشغيل الناقلات  International Safety  Management "ISM- CODE    فقد تم الانتهاء من إعداد كتيبات في نظم وأساليب إدارة البواخر، ووضع هذا النظام محل التطبيق بمكاتب الشركة والأسطول اعتباراً من أكتوبر 1997.
وقد بلغ صافي أرباح الشركة من تشغيل ناقلاتها ومن إدارة وتأجير الناقلات من السوق العالمي واعادة تأجيرها كما يلي:
عام 1994                             2.87 مليون دولار
عام 1995                             7.33 مليون دولار
عام 1996 حتى شهر سبتمبر          6.95 ومن  المتوقع أن يصل الربح الصافي آخر العام إلى 8.7 مليون دولار.
في النصف الأول من عام 1997      6.95 مليون دولار

2. الشركة العربية لبناء وإصلاح السفن "أسرى"

تأسست هذه الشركة في ديسمبر 1974، ومقرها مدينة المنامة بدولة البحرين، برأسمال مصرح به قدره 340 مليون دولار أمريكي، ورأسمال مدفوع قدره 340 مليون دولار "3.4 مليون سهم، قيمة السهم الاسمية 100 دولار أمريكي" وتهدف الشركة إلى إنشاء وتشغيل أحواض لاصلاح السفن وتدريب المواطنين العرب في هذه التخصصات الهامة.
وقد قامت الشركة ببناء حوض جاف ضخم في مايو 1977، وذلك لخدمة حركة الناقلات المارة في الخليج، ويتسع لسفن تبلغ حمولتها 500 ألف طن ساكن. ويعمل هذا الحوض الآن بكامل طاقته في عمليات صيانة واصلاح السفن. وتمتلك الشركة أيضاً حوضين عائمين يستوعبان  سفناً تبلغ حمولتها الساكنة 120 ألف طن و 80 ألف طن. كما توفر الشركة تسهيلات الاصلاح العائم لناقلات النفط العملاقة على جوانب أربعة أرصفة مدعمة بورش كبيرة حديثة مصممة على أحدث الأسس العالمية، مما يمكن الشركة من التنافس في توفير خدمات لا تقل في مستواها عن خدمات أفضل الأحواض في أوروبا والولايات المتحدة والشرق الأوسط.
وتدعم مرافق إصلاح السفن ست قاطرات بحرية تبلغ قدرة سحب كل منها 32 طناً، وأربع رافعات سكة حديد تبلغ طاقة كل منها 15 طناً، ورافعة سكة حديد طاقتها مائة طن، ورافعة عائمة طاقتها 200 طن، وصندل عائم تبلغ حمولته عشرة آلاف طن.
وقد حققت الشركة سنة قياسية في الدخل في عام 1996 حيث بلغ دخل إصلاح السفن 89.5 مليون دولار بزيادة 21% عن دخل عام 1995.
ويرجع التحسن المالي المطرد الذي شهدته الشركة منذ عام 1994 إلى نجاح سياسة الشركة في استحداث أساليب جديدة للتعامل مع العمالة والمقاولين وتوفير المواد والخدمات والمحافظة على نفقات منخفضة في التكاليف غير المباشرة لدرجة أنها حصلت على شهادة ضمان الجودة ISO 9002 من قِبل هيئة التصنيف "دت نورسك فيريتاس" حيث تعتبر الشركة ضمن الأحواض الأولى على نطاق العالم.
وفي مجال التدريب والتعريب استمرت الشركة في عام 1995 في تنفيذ خططها الرامية إلى تنمية مستوى الموظفين العرب ورفع نسبة العمالة العربية وتوظيف المتدربين العرب وتحسين نوعية الأداء وتنمية المهارات عن طريق عقد دورات تدريبية مهنية ودورات عامة لموظفيها العرب بلغ عددها 165 برنامجاً متنوعاً وشارك فيها 1442 موظفاً.
أما بالنسبة لعام 1996 فقد حققت الشركة أرباحاً صافية بلغت 3.429 مليون دولار مقابل 1.475 مليون دولار في عام 1995 كما بلغ عدد السفن التي تم إصلاحها 131 سفينة خلال عام 1996 وهو رقم قياسي جديد بالنسبة للشركة منذ إنشائها.
أما عن النصف الأول من عام 1997، فقد بلغ الربح الصافي 3.7 مليون دولار وبلغ عدد السفن التي تم إصلاحها  خلال هذه الفترة 58 سفينة.
وقد تحققت هذه النتائج الطيبة بالرغم من استمرار انخفاض أسعار إصلاح السفن في عام 1996، واشتداد حدة المنافسة من قبل أحواض سنغافورة وأحواض الصين ودول أوروبا الشرقية التي تتمتع بعمالة رخيصة للغاية.
كما تم افتتاح مصنعاً بالشركة لمعالجة المخلفات النفطية، الذي يعتبر الأول من نوعه في منطقة الخليج العربي، والذي صمم لتحويل هذه المخلفات إلى زيت نقي ومواد أخرى تساير اشتراطات المحافظة على البيئة.
3. الشركة العربية للاستثمارات البترولية "أبيكورب"
تأسست هذه الشركة في نوفمبر 1975، ومقرها مدينة الخبر في المملكة العربية السعودية، برأسمال مصرح به قدره 1200 مليون دولار أمريكي، ورأسمال مكتتب به ومدفوع قدره 460 مليون دولار "460 ألف سهم قيمة السهم الاسمية ألف دولار أمريكي".
وتهدف الشركة إلى استثمار أموالها في رؤوس أموال وتمويل الصناعات البترولية والمشروعات المتصلة بها أو المكملة لها، مع إعطاء أولوية خاصة للمشروعات العربية المشتركة التي تخدم بصفة خاصة السوق العربي الإقليمي.
كذلك تقوم الشركة بتمويل المشروعات البترولية الوطنية التي تُقَدم إليها من جانب الحكومات والمؤسسات العربية ومن دول العالم الثالث في نطاق الصناعات البترولية أو الصناعات المتصلة بها أو المكملة لها.
وتولي الشركة اهتماماً خاصاً بالمشروعات العربية المشتركة في مجالات المنظفات الصناعية وزيوت التزييت والمطاط الصناعي والمبيدات الحشرية والألياف الصناعية وغيرها لخدمة احتياجات السوق العربي وتصدير الفائض إلى الأسواق الخارجية.
ومن أمثلة المشروعات التي شاركت "ابيكورب" في تمويلها:

  • إنشاء مصانع جديدة أو توسعة وتحديث مصانع قائمة لمشروعات بتروكيماوية في السعودية والكويت.
  • تمويل بناء ناقلة نفط جديدة للشركة العربية البحرية لنقل البترول.
  • تمويل تجارة صادرات النفط العربي إلى كل من البرازيل وباكستان وتركيا وجنوب أفريقيا.
  • ترتيب وإدارة وتمويل مشروعات بترولية بلغ إجمالي قروضها ما يربو على ثلاثة مليارات دولار. كانت حصتها فيها 234 مليون دولار عام 1995، و288 مليون دولار عام 1996. وقد احتلت الشركة المركز الأول بين أفضل عشر مؤسسات مالية تعمل في المنطقة.
  • وفي النصف الأول من عام 1997 وقعت الشركة أربع اتفاقيات قروض لتمويل المشروعات بمبلغ 1.3 مليار دولار كانت حصتها فيها 75.7 مليون دولار وقد بلغ ربح الشركة في عام 1995، 40.2 مليون دولار، وفي عام 1996 زاد صافي الربح إلى 45 مليون دولار، وفي النصف الأول لعام 1997 وصل إلى 27.8 مليون دولار.

           وقد ساهمت الشركة العربية للاستثمارات البترولية "ابيكورب" بنسبة 32% من رأسمال الشركة الآتية:
الشركة العربية لكيماويات المنظفات "أرادت"
تأسست هذه الشركة في مارس 1981 ومقرها بغداد .. بجمهورية العراق برأسمال قدره 72  مليون دينار عراقي، ورأسمال مكتتب 60 مليون دينار عراقي ورأسمال مدفوع قدره 36 مليون دينار عراقي.
كان لاستمرار الحظر الاقتصادي على العراق آثار سلبية على نشاط الشركة. حيث استمرت القيود المفروضة على عمليات استيراد المواد الأولية والأدوات الاحتياطية وعلى صادرات منتجات الشركة. وكذلك استمرار تجميد أموال وودائع الشركة في البنوك. وبالرغم من ذلك، استمر تشغيل مجمع الألكيل بنزين المستقيم.
وقد حققت الشركة عام 1995 ربحاً قدره 301 مليون دينار عراقي مقارناً بربح قدره 15.68 مليون دينار في عام 1994.
كما حققت الشركة خلال النصف الأول من عام 1997 ربحاً صافياً  قدره 171 مليون دينار عراقي.

4. الشركة العربية للخدمات البترولية

تأسست هذه الشركة في يناير 1977 ومقرها مدينة طرابلس في الجماهيرية العربية الليبية، برأسمال مصرح به قدره 100 مليون دينار ليبي، ورأسمال مكتتب ومدفوع قدره 15 مليون دينار ليبي. وتهدف الشركة إلى إنشاء شركات متخصصة في فرع واحد أو أكثر من فروع الخدمات البترولية مثل: عمليات الحفر وصيانة الآبار والمسح الجيولوجي والأعمال الجيوفيزيائية المختلفة وغيرها.
وتساهم الشركة في تأسيس الشركات الآتية:
أ. الشركة العربية للحفر وصيانة الآبار (40%)
تأسست في فبراير 1980، ومقرها مدينة طرابلس بالجماهيرية العربية الليبية، برأسمال مصرح به قدره 12 مليون دينار ليبي وبرأسمال مدفوع قدره 12 مليون دينار ليبي. تمتلك الشركة عدد 14 حفارة تعمل إحدى عشرة حفارة منها بالحقول الليبية، وتسعى للعمل في مناطق أخرى داخل العالم العربي، حيث تعمل حفارة منها مع شركة الفرات بسورية، وحفارتان بالأردن متوقفتان ومخزنتان بالمنطقة الحرة.
كما أسست هذه الشركة ورشاً ومخازن لصيانة المعدات وتموين الحفارات وإنتاج الأكسوجين والنيتروجين الصناعي.
كما أنشأت قسماً للخدمات الهندسية في عام 1993 يقدم خدماته إلى جميع شركات النفط ومقاولي الحفر في ليبيا. ويضم هذا القسم ورشة ميكانيكية لفحص الأنابيب وآلات منع الإرتجاجات وآلات امتصاص الصدمات، وقسماً لإصلاح أدوات الموازنة المتآكلة.
ب. الشركة العربية لجس الآبار (مملوكة للشركة العربية للخدمات البترولية بالكامل)
تأسست هذه الشركة في مارس 1983 ومقرها بغداد بجمهورية العراق برأسمال مصرح به قدره 7 ملايين دينار عراقي ورأسمال مدفوع قدره حوالي 6.76 مليون دينار عراقي. وتمتلك الشركة 6 وحدات لجس الآبار تعمل بالحاسب الألكتروني ( + 1 DDL )   ومزودة بأجهزة جس الآبار "115 جهازا" والخاصة بمختلف القياسات في الآبار النفطية المفتوحة والمبطنة ومعدات تثقيب البطانات والسيطرة على ضغوط رؤوس الآبار النفطية كما تمتلك الشركة مركزاً لمعالجة المعلومات وتفاسير المجسات  Log interpretation  بالحاسب الالكتروني (  HP-1000 ) . ومن المتوقع ازدياد نشاط الشركة بعد السماح للعراق بتصدير كميات من النفط مقابل الغذاء، والذي سيصاحبه زيادة في عمليات الحفر وعمليات الاستصلاح والنشاطات الفنية الأخرى.
ج. الشركة العربية لخدمات الاستكشاف الجيوفيزيائي
تساهم فيها الشركة العربية للخدمات البترولية بنسبة 40% من رأس المال.
تأسست هذه الشركة في عام 1984 في مدينة طرابلس بالجماهيرية العربية الليبية برأسمال مصرح به قدره حوالي 12 مليون دينار ليبي، ورأسمال مدفوع قدره 4 مليون دينار ليبي. وتمتلك الشركة المعدات الآتية: أربع مجموعات من الخباطات الثقيلة، وخمسة نظم تسجيل SN368-CS260
قامت الشركة خلال عام 1995 والنصف الأول من عام 1996 بالعمل لاثنتى عشرة شركة ليبية وجزائرية وأجنبية. ولكن برامج الاستكشاف استمرت في التقلص خلال عام 1996 والنصف الأول من عام 1997 نتيجة للحصار المفروض على الجماهيرية الليبية. وتسعى الشركة للحصول على عمل خارج الجماهيرية.

5. الشركة العربية للاستشارات الهندسية

وافق مجلس وزراء منظمة الأوابك على انشاء الشركة العربية للإستشارات الهندسية في شهر يونيه 1980 في مدينة أبوظبي. ويبلغ رأس المال المصرح به 20 مليون دولار والمكتتب فيه 12 مليون دولار. ويساهم في رأسمال الشركة العربية للاستشارات الهندسية، الشركات الوطنية العربية العاملة في مجال الصناعات البترولية بالإضافة إلى الشركة العربية للإستثمارات البترولية. وتهدف الشركة إلى إجراء دراسات الجدوى الفنية والاقتصادية، والإشراف على تنفيذ المشروعات، وعمل الرسوم الهندسية الأساسية في مجالات الصناعات البترولية.

استعداد الدول المنتجة لتنويع أنشطتها

         إن قيام الدول المنتجة للبترول سواء الأعضاء  في أوبك أو في أوابك أو غيرها من الدول بتنويع أنشطتها المتعلقة بالبترول مثل التكرير والشحن والنقل وإصلاح السفن قد أسهم في زيادة نفوذها في سوق البترول، فقد أتاح هذا التنوع للمنتجين زيادة عائداتهم من كل برميل ينتج من البترول. وهذا يقلل بالتالي الحاجة إلى التوسع في الانتاج، ويكفل لهم التأثير على المعروض من البترول ورفع الأسعار.
         بالإضافة إلى ذلك، فإن تنوع الأنشطة يعني أنه بمقدور المنتجين أن يبدأوا على الأقل بالتأثير على عملية الإنتاج والتسويق. وإذا استطاع المنتجون السيطرة على جزء كبير من صناعة التكرير، فإنهم يستطيعون أن يؤثروا على توليفة المنتجات النفطية التي ينتجونها.
         وبدخولهم نشاط الناقلات، يكون للمنتجين سلطة أكبر في تحديد الدول المستهلكة لمنتجاتهم. ففي الماضي كانت الشركات الدولية بمثابة الوسيط بين الدول المستهلكة والمنتجين. وكان لدى تلك الشركات قدرة كبيرة على إعادة توجيه الإمدادات النفطية في حالة ما إذا قررت دولة منتجة أن توقف مبيعاتها لمستهلك معين.
         ولكن طالما أن المنتجين قد باعوا نفطهم للشركات الدولية، فقد وجدوا أنه من الصعب فرض شروط سياسية أو أية شروط أخرى على صادراتهم لأن الشركات ليست في موقف يمكنها من تحقيق تلك الشروط. أما الآن وحيث أن دول الشرق الأوسط تتعامل مباشرة مع العدد المتزايد من الحكومات الأجنبية، فإنه بمقدور المنتجين بشكل أسهل الحصول على مزايا غير اقتصادية كجزء من المقايضة. ويعزز موقف المنتجين أن يكون لديهم ناقلات مملوكة لهم.
         ومن المحتمل أن تستمر عملية التنوع هذه بشكل أسرع، فقد سبق أن أعلنت الكويت عن اعتزامها تطوير قدرتها على تكرير نصف بترولها الخام بحلول عام 1984. كما أن ناقلات البترول الكويتية سوف تنقل 45% من إنتاج خام البترول الكويتي للتصدير، و60% من منتجاتها المكررة، و50% من صادراتها من غاز البترول السائل وذلك خلال نفس السنة.
         وقد بذل العراق أيضاً جهوداً كبيرة لتطوير أنشطته النفطية قبل دخوله الحرب مع إيران، كما استهدفت كل من السعودية وليبيا والجزائر ودول منتجة أخرى في خططها التوسع في صناعات التكرير محلياً.
         وبالنسبة للمستقبل لن يحتاج المنتجون حتى إلى بناء معامل للتكرير أو شراء ناقلات لكسب مزيد من السيطرة على المنتجات البترولية. فلقد بدأت بعض الدول حالياً ـ بما فيها إيران ـ في عقد اتفاقات مع أصحاب معامل التكرير في أوروبا، حيث يتم تكرير النفط الخام هناك على أن تحتفظ بحقها في التصرف في هذا النفط. ويمكن أن يمتد هذا النوع من الاتفاقيات إلى المراحل الأخرى من سلسلة الإنتاج والمبيعات مما يترتب عليه زيادة قدرة الدول المنتجة على السيطرة على تحديد الدول المستهلكة لبترولها وتحديد سعره في عملية تسويق البترول بعد ذلك.

رابعاً: تعاون كافة الدول المنتجة (عربية وغير عربية) في تنسيق العرض العالمي للبترول

         في مناسبة انعقاد مؤتمر للتكرير والبتروكيماويات في أواخر أبريل 1995، صدر تصريحان مهمان من جانب بعض المسؤولين في منظمة أوبك.
         دعا وزير البترول في المملكة العربية السعودية الدول المنتجة للبترول إلى التكيف مع المتغيرات التي طرأت على أسواق النفط وأدت إلى انخفاض عائداته، وذلك عن طريق خفض إنفاقها العام، وتنويع مصادر الدخل ورفع كفاءة الإدارة الاقتصادية. وأبدى الوزير السعودي شكوكه في قدرة نظام الحصص داخل الأوبك على تحقيق استقرار أسواق البترول. كما دعا الدول المنتجة غير الأعضاء في المنظمة والدول المستهلكة للتعاون في هذا المجال.
         كذلك قال أمين عام الأوبك إن قرارات المنظمة بتحديد سقف الإنتاج وتوزيع الحصص بين الأعضاء ليست بالحل الأمثل، ولكنها تساعد على تخفيف حدة التقلبات. واتفق مع الوزير السعودي في أن استقرار الأسواق يحتاج إلى تعاون جميع الأطراف المتعاملة فيه. فهل يدخل تنسيق المعروض من البترول الخام في الأسواق في إطار الحوار بين المنتجين والمستهلكين؟
         أم ينبغي أن يظل محصوراً في إطار الحوار بين الدول المنتجة المصدرة للبترول سواء كانت أعضاء في أوبك أم غير أعضاء فيها؟


[1] جدير بالذكر أن الاتحاد المالي Consortium المشار إليه هو اتحاد شركات النفط الإيرانية، الذي تكوَّن ـ بعد فشل عملية تأميم النفط الإيراني عام 1951 ـ من اندماج معظم الشركات العالمية، إضافة إلى بعض الشركات الأمريكية المستقلة، حيث أصبح هذا الاتحاد المورد المالي والاقتصادي الذي يتولى مهمة إنتاج النفط الإيراني.
[2] يعتبر الطلب على البترول منخفض المرونة (أي ليس هناك مجال لاختيار بديل له) لأنه من السلع الضرورية، التي يصعب الاستغناء عنها, ويعتبر الطلب مرتفع المرونة إذا استطاعت الدول الصناعية التحول عنه إلى استهلاك سلع بديلة أخرى أرخص نسبياً.
[3] من العوامل المشجعة على ذلك ـ خلال تلك الفترة ـ إعلان بعض دول الأوبك وبعض الدول خارج منظمة الأوبك عن عزمها على تخفيض الإنتاج. وتعتبر هذه المبادرة من جانب الدول المنتجة علامة صحية على رغبة الدول البترولية لإيقاف انخفاض أسعار البترول الذي سوف يعود بالضرر على كل الدول المنتجة.






الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69673
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Empty
مُساهمةموضوع: رد: البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول   البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Emptyالأحد 06 مارس 2016, 10:13 pm

مجموعة الدول المستقلة المصدرة للبترول (أيبك)
( Independent Petroleum Exporting Countries (IPEC
         لم يقتصر تعاون الدول المنتجة للبترول على تشكيل أوبك وأوابك بل أُنشئت أيضاً مجموعة أيبك  IPEC  في عام 1988 من الدول المنتجة المصدرة للبترول من غير أعضاء أوبك، بهدف التعاون بين منظمة أوبك ومجموعة أيبك لخفض صادرات البترول ومساندة الأسعار.
         وقد تم عقد اجتماع في القاهرة خلال الفترة 28-29 مايو 1991 ضم ممثلي الجانبين (أوبك وأيبك)، حيث طرح الدكتور حسين عبد الله ـ الخبير البترولي المصري ـ رئيس هذا الاجتماع المشترك عددا من المقترحات أهمها:

  1. فيما يتعلق بتوسيع الطاقة الإنتاجية لمواجهة الطلب المتزايد على النفط، ينبغي أن يتعاون الجانبان في مواجهة الشركات العالمية الساعية للاستثمار في البحث عن النفط وإنتاجه، مع التنسيق بين أيبك وأوبك بشأن الشروط التي تطرح للتعاقد مع تلك الشركات.
  2. فيما يتعلق بالسوق والأسعار، يجب أن يتعاون الطرفان بتنسيق المعروض من النفط. وفي هذا الإطار تضمن الاقتراح أن يطبق على مجموعة أيبك ما توصلت إليه أوبك في اجتماع يوليه 1990 بالنسبة لتوزيع الحصص بين أعضائها. ومن مقتضى ذلك اعتبار ايبك مجموعة متكاملة تلتزم بسقف محدد للصادرات. فإذا عجزت أي دولة من أعضائها عن تصدير جانب من حصتها وُزِّع الجزء الذي لم يُصَّدر بين باقي دول المجموعة ممن تتوفر لديها طاقة تصديرية فائضة. فإذا عجزت أيبك عن الوفاء بسقف صادراتها كمجموعة حلت الأوبك محلها في الوفاء به.
  3. فيما يتعلق بالتعاون في المدى الطويل، تقوم أوبك بتزويد أعضاء أيبك بالمعلومات والبيانات التي تساعدها على القيام بالدراسات المطلوبة لتنسيق موقفها مع أوبك. وذلك باعتبار أن أيبك لا تعدو أن تكون مجموعة غير رسمية ولا يوجد لديها أمانة عامة تخدم أغراضها المشتركة.

         وبديهي أن تعارض المصالح بين المستهلكين والمنتجين، وخاصة فيما يتعلق بسعر النفط الخام والذي يرفض المستهلكون مناقشته في إطار الحوار بين الجانبين، يقتضي أن يظل تنسيق العرض العالمي من البترول محصورا في إطار الحوار بين المنتجين وحدهم.
         غير أن الوكالة الدولية للطاقة (التي أنشأتها الدول المستهلكة في فبراير 1974 خصيصاً لمواجهة نفوذ دول أوبك) والتي كانت تقف موقف المتردد من الحوار مع أوبك وأيبك، فاجأت الدورة الأولي من الحوار بين المنتجين والمستهلكين (يوليه 1991) باقتراح استضافة اجتماع ثلاثي من خبراء أوبك وأيبك والوكالة في باريس، وهو ما تم بالفعل في ديسمبر 1991، حيث تبادلوا خلاله الآراء مع استبعاد موضوع أسعار النفط كطلب المستهلكين.
         وقد فُسِّرت دوافع الوكالة الدولية للطاقة لطرح هذه المبادرة بأنها كانت تستهدف إجهاض الدورة الثانية من الحوار على مستوى الوزراء وخفض مستواه السياسي وهو ما اضطرت الوكالة إلى نفيه في حينه.
         وسواء كان أمر تنسيق المعروض من النفط في السوق العالمية مطروحاً بين المنتجين وحدهم، أو بينهم بمشاركة المستهلكين، فإن ما حدث على أرض الواقع على مدى سبع سنوات جعل الصورة تختلف بشكل جذري عما كانت عليه عندما أنشئت مجموعة أيبك عام 1988، وهو ما نوجزه فيما يلي:

  1. انخفضت الصادرات النفطية للاتحاد السوفييتي "سابقاً" منذ 1988 حتى 1994 من نحو 4.3 مليون برميل/ يوم إلى 2.3 وبذلك يكون قد قدم لغيره من المصدرين نحو مليوني برميل/ يوم. وإذا أضيف إلى ذلك ما تعانيه جمهورياته التي استقلت من مشاكل سياسية واقتصادية معقدة، وهو ما ينعكس على الانخفاض المطرد في إنتاج النفط، فإن روسيا وبقية الجمهوريات المستقلة، وإن أبدت استعدادها للتعاون مع أوبك في مساندة الأسعار، لا يُتوقع أن تقدم من خفض إنتاجها من البترول أكثر مما هي مُرغمة عليه بحكم الظروف.
  2. ارتفع إنتاج المكسيك خلال الفترة المذكورة من 1988 إلى 1994، ولكن استهلاكها المحلي ارتفع أيضاً بما يتجاوز ارتفاع الإنتاج، وبذلك انخفضت صادراتها بما يعادل 10% من مستواها عام 1988. ومع أن المكسيك تعتبر من الدول متوسطة النمو، إلا أنها مثقلة بديون خارجية تتجاوز 100 مليار دولار، ولا يزال معدل نموها السكاني عالياً عند 2% وهو ما يبتلع جل النمو الاقتصادي، كما أن دخولها مع الولايات المتحدة وكندا في اتفاقية  NAFTA  سوف يفرض عليها التزامات لم تكن قائمة عند تطوعها في 1988 بخفض صادراتها النفطية مساندة لأوبك.
  3. كذلك انخفضت صادرات الصين النفطية خلال الفترة المذكورة إلى النصف تقريباً، ومن المتوقع أن تتحول إلى مستورد للنفط خلال فترة وجيزة.يضاف إلى ذلك أن متوسط الدخل فيها لا يزال منخفضاً عند 370 دولاراً كما تبلغ ديونها الخارجية أكثر من 60 مليار دولار. والنتيجة أنه يصعب تصنيفها في الوقت الحاضر بين مجموعة أيبك المستعدة لتنسيق المعروض من النفط في الأسواق العالمية.
  4. ويدخل في تصنيف عدم القدرة أيضاً على مساندة أوبك في تخفيض إنتاجها كل من مصر وأنجولا وكولومبيا حيث أن كلا من انجولا وكولومبيا تعانيان من حروب أهلية طاحنة تعجزهما اقتصادياً وتؤدي أحياناً إلى توقف الإنتاج النفطي. وفي جميع الأحوال فإن ما يدخل الأسواق من صادرات تلك المجموعة هو من الضآلة بحيث لا يكاد يؤثر على مستوى الأسعار.

أما اليمن فقد تزايدت صادراته النفطية منذ عام 1988، إلا أنه كدولة حديثة العهد بالانتاج والتصدير يتزايد أيضاً نصيب الشريك الأجنبي من تلك الصادرات استرداداً لنفقاته وهو ما يحد من قدرتها على تحجيم هذا النصيب. ومن ناحية أخرى، فقد جرت العادة على إفساح المجال للمصدرين الجدد لتنمية حقولهم حتى تبلغ ذروتها قبل أن يُطلب إليهم تحجيم الإنتاج، وهو ما ينطبق أيضاً على سورية.

  1. يبقى من مجموعة أيبك القادرة عملياً على الخفض سلطنة عمان وماليزيا. فقد ارتفعت صادرات عمان خلال الفترة المذكورة، عرضت بالفعل استعدادها لخفض صادراتها النفطية.

أما ماليزيا فقد ارتفع إنتاجها النفطي أيضاً، إلا أن استهلاكها المحلي ارتفع أيضاً بنفس القدر تقريباً وبذلك لم تزد صادراتها زيادة تذكر.

  1. يأتي بعد ذلك من المجموعة التي كانت تشارك في اجتماعات أيبك، المصدرون القادرون عملياً على خفض الإنتاج ولكن انتماءهم السياسي يحول دون مساندة الأوبك. ونبدأ باستبعاد ولايات تكساس وآلاسكا الأمريكيتين وولاية ألبرتا الكندية التي كان ممثلوها يشاركون في اجتماعات أيبك كمراقبين وأبدوا منذ البداية أن قوانين بلادهم تمنعهم من الاتفاق على تحجيم الإنتاج.

         أما النرويج ـ التي تشارك أيضاً في اجتماعات أيبك كمراقب ـ فقد أبدت عام 1988 أنها قررت منفردة، وليس التزاماً منها أمام أوبك أو أيبك، تعطيل 7.5% من طاقتها الإنتاجية النفطية والتي كانت تبلغ وقتها نحو 1.4 مليون برميل / يوم. وقد ارتفع إنتاج النرويج خلال الفترة المذكورة من نحو 1.2 إلى نحو 2.9 مليون برميل / يوم، بينما انكمش استهلاكها المحلي إلى 215 ألف برميل / يوم حيث تعتمد النرويج أساساً على الطاقة الكهرومائية. بذلك ارتفعت صادراتها النفطية من 955 ألف برميل / يوم إلى نحو 2.7 مليون برميل / يوم. غير أن النرويج صارت ترفض صراحة خفض الإنتاج تلبية لدعوة الأوبك.
         وأما بريطانيا التي كان يبلغ إنتاجها نحو 2.7 مليون برميل / يوم فتبلغ صادراتها النفطية نحو مليون برميل / يوم بعد مواجهة استهلاكها المحلي الذي ثبت في السنوات الأخيرة حول 1.78 مليون برميل / يوم. فقد رفضت منذ البداية المشاركة في اجتماعات أيبك، كما ترفض خفض الإنتاج وذلك تمشياً مع موقفها المعلن والذي يساند التوسع في تطبيق المنافسة في قطاع الطاقة داخل الاتحاد الأوروبي.
         ونخلص مما تقدم أن ما فقدته مجموعة أيبك (التي لا تنتمي إلى المجموعة الصناعية الغربية) من صادراتها خلال الفترة 1988 ـ 1994 ويقدر بنحو 2.20 مليون برميل / يوم، إضافة إلى ما تحقق من ارتفاع في الطلب العالمي على النفط خلال نفس الفترة ويقدر بنحو 1.5 مليون برميل / يوم قد آل إلى حصة الأوبك. فقد ارتفع إنتاج أوبك خلال الفترة المذكورة من نحو 21.74 مليون برميل/ يوم إلى نحو 27.28 مليون برميل / يوم (بما في ذلك سوائل الغاز الطبيعي والتي تقدر بنحو مليوني برميل / يوم ولا تدخل في نظام الحصص). وبذلك ارتفعت سيطرة الأوبك على الصادرات العالمية من النفط الخام خلال الفترة المذكورة من 13.7 إلى 18.4 مليون برميل/ يوم مع ثبات صادراتها من المنتجات المكررة عند 3.4 مليون برميل / يوم.
         وهكذا يبدو أن الأمر يعتمد على ما تقرره أوبك لمساندة الأسعار وعليها أن تستمر في حوارها مع باقي المنتجين المصدرين خارج المجموعة الصناعية الغربية وذلك لتنسيق ما يعرض من النفط في الأسواق العالمية.
العلاقة بين أوبك والدول المستقلة المصدرة للبترول (أيبك)
         ولكن هل استمرت أحوال مجموعة دول أيبك على هذا المنوال، بعد أن أفسحت المجال في السوق العالمي للبترول لدول أوبك؟
الإجابة على هذا السؤال تقتضي استكمال الحديث عن دول هذه المجموعة فيما يتعلق بما يلي:

  • تطور إنتاج هذه المجموعة من الدول.
  • مدى تعاون دول هذه المجموعة مع أوبك.

         بالنسبة لإنتاج مجموعة دول أيبك فقد زاد إنتاجها تدريجياً لدرجة أنها أصبحت منافساً خطيراً لدول أوبك على النحو التالي، وللأسباب الآتية:
كان ارتفاع أسعار البترول في السبعينات حافزاً للدول الصناعية الغربية لبذل الجهود من أجل تنمية البترول في دول كثيرة خارج نطاق أوبك عن طريق تطوير تكنولوجيا الحفر والإنتاج وتخفيض تكاليف إنتاج البرميل من البترول، إلى أقل من الثلث (5 دولارات فقط في حقول بحر الشمال) الأمر الذي رفع معدلات الإنتاج في دول كثيرة دخلت في عداد الدول المنتجة، إما لتحقيق الاكتفاء الذاتي في البترول أو الحد من استيراده، أو تصديره للحصول على العملات الحرة.
وقد صاحب تزايد إنتاج الدول خارج أوبك تزايد صادرتها على حساب صادرات أوبك.
وعلى الرغم من كثرة عدد الدول المستقلة المنتجة للبترول (أيبك) وأهمها:
الصين والمكسيك والاتحاد السوفيتي (سابقاً) وبريطانيا ومصر والنرويج واستراليا والهند والبرازيل وسلطنة عمان، وحوالي أربعين دولة أخرى.
إلا أن إمكانيات زيادة إنتاج وصادرات هذه الدول تختلف من دولة إلى أخرى وفقاً لظروفها الخاصة، ولكن يبدو بوجه عام أن معدلات إنتاجها وصادراتها محدودة.
         ومن الأسباب التي أدت إلى مساندة دول مجموعة أيبك، سياسات الطاقة في الدول الغربية، التي تجمعها لقاءات مع المصدرين من خارج أوبك، كدول بحر الشمال وروسيا وغيرها من دول أوربا الشرقية.
         وعلى الرغم من تفاوت المصالح بين دول أوربا الموحدة، فقد خرج إلى الوجود ميثاق جديد للطاقة يرتقي إلى صفة العالمية، حيث وقَّعت عليه 36 دولة من أوربا الغربية والشرقية، والجمهوريات السوفيتية سابقاً والولايات المتحدة الأمريكية واستراليا واليابان.
وقد أقر مؤتمر الأمن والتعاون الأوربي في ديسمبر 1991 ميثاق الطاقة الجديد.
         ويقضي البروتوكول الرئيسي لميثاق الطاقة الأوروبي بإقامة سوق مفتوحة للطاقة بين أوربا الموحدة وجميع الدول الصناعية الأخرى في صناعات البترول والغاز والطاقة النووية وضمان تبادل المعلومات على نطاق واسع والتعاون في مجال تحسين كفاءة الطاقة وتطوير المصادر الجديدة والمتجددة.
         وتعتبر جمهوريات الاتحاد السوفيتي (سابقاً) ودول أوربا الشرقية أول مستفيد من التعاون التكنولوجي مع الغرب. حيث يعطي الميثاق أولوية لهذه المجموعة من الدول لرفع كفاءة استخدام الطاقة، وخلق فرص جديدة وتوفير المناخ المناسب لشركات البترول الكبرى لاستكشاف وتنمية مصادر البترول والغاز.
         وهكذا تتحول هذه المنطقة إلى مركز ثقل في تجارة البترول العالمية ومنافس خطير لبترول الخليج العربي.
         وفي عام 1997 ارتفعت صادرات البترول الروسية للدول خارج الجمهوريات السوفيتية سابقاً من حوالي 105.4 مليون طن عام 1996 إلى حوالي 109.8 مليون طن عام 1997 (بما يعادل 2.2 مليون ب/ ي) كما ارتفعت صادرات المنتجات من حوالي 55.02 مليون طن إلى حوالي 58.4 مليون طن.
         وإضافة إلى ما شهده عام 1997 من تحسن إنتاج الاتحاد السوفيتي سابقاً بعد الانخفاض الملحوظ الذي تحقق منذ عام 1989، فقد زادت إمدادات الدول خارج أوبك وخاصة من بحر الشمال وأمريكا اللاتينية، مما يحد من الطلب على بترول أوبك. ويرجع ذلك إلى زيادة مستوى الاستثمارات في عمليات التنقيب والإنتاج.
         وفي عام 1997 أيضاً زادت إمدادات الدول خارج أوبك إلى 44 مليون ب/ ي مقابل 42.1 مليون ب/ ي في عام 1996، بينما وصل إنتاج دول أوبك من الزيت الخام 25.8 مليون ب/ ي.
         وقد أشارت الوكالة الدولية للطاقة أنه من أسباب زيادة العرض العالمي للزيت الخام في شهر ديسمبر 1996 ارتفاع إنتاج منطقة بحر الشمال بسبب بدء الإنتاج من الحقول الجديدة، وأدى ذلك إلى زيادة إمدادات الدول خارج أوبك إلى مستوى قياسي جديد وصل إلى 45.4 مليون ب/ ي.
         وعلى ذلك، فمن الحقائق المؤكدة في صناعة البترول تضاعف قدرة الخامات المنتجة من الدول خارج أوبك على المنافسة في الأسواق العالمية خلال السنوات العشر الماضية.

أما من ناحية مدى تعاون دول مجموعة أيبك مع أوبك

         يعتبر الاجتماع الذي عقد في القاهرة خلال الفترة 28 ـ 29 مايو 1991 بين ممثلي دول أوبك ودول أيبك دليلاً على تعاون المجموعتين بصدد اتخاذ مواقف تساعد على تحقيق التوازن في الأسواق والاستقرار للأسعار.
         وقد بدأت أولى مراحل العمل المشترك بين هذه المجموعة من الدول التي أنشئت عام 1988 وعرفت باسم الدول المستقلة المصدرة للبترول (أيبك)، بالاتفاق خلال عام 1989 على خفض معدلات الإنتاج بنسبة 5% واعتماد سعر استرشادي عند مستوى 18 دولاراً للبرميل.
         وفي 23 أبريل 1992 عقد اجتماع مشترك بين منظمة أوبك والدول المستقلة المصدرة للبترول (أيبك) في فيينا بالنمسا، لإعداد تصور تقدمه الدول المصدرة للبترول في مؤتمر قمة الأرض عن البيئة والتنمية الذي تنظمه الأمم المتحدة في البرازيل في شهر يونيه، 1992. (تفصيل هذا المؤتمر موجودة بأحداث عام 1992 فيما بعد).
         كما يُعتبر الاجتماع الوزاري المشترك بين منظمة أوبك ومجموعة دول أيبك، الذي عُقد في مدينة مسقط بسلطنة عمان في 13 أبريل 1993 بداية جديدة للتعاون وتعبيراً عن وحدة الهدف في مواجهة التحديات التي تهدد مصالح الدول المصدرة للبترول.
         ولا شك أن لهذا المؤتمر أهمية خاصة من حيث التوقيت لأنه يأتي في ظروف خاصة تمر بها سوق البترول العالمية في ظل انخفاض ملحوظ لأسعار البترول وعقب متغيرات دولية متلاحقة وهامة.
         وترجع أهميته إلى تجمُّع عدد كبير من وزراء البترول في العالم، الذين يملكون سلطة اتخاذ القرارات المتعلقة بسوق البترول العالمسي، ويتيح ذلك تبادل الرأي والمشورة والأفكار المختلفة الخاصة بصناعة البترول العالمية.
         كما ترجع أهميته إلى نوعية القضايا والموضوعات التي تناولها خاصة وأنها تؤثر بصورة فعالة على اقتصاديات الدول المصدرة للبترول وعلى حاضرها ومستقبلها. كما تؤثر في هيكل موازنات الطاقة العالمية والاقتصاد العالمي.
وقد سبق هذا المؤتمر اجتماعان:
الأول:  لخبراء مجموعة أيبك في لندن في 18 فبراير 1993.
والثاني:  لخبراء مجموعة أيبك مع السكرتارية العامة لمنظمة أوبك في فيينا في 19 فبراير 1993.
وقد تم في هذين الاجتماعين اقتراح لجدول أعمال المؤتمر الوزاري تناول الموضوعات الرئيسية التي سيناقشها المؤتمر في مسقط بعمان في 13 إبريل 1993، وهي:
-  التطورات المتوقعة في أسواق البترول العالمية في المدى البعيد.
-  قضايا البيئة والتنمية الاقتصادية.
-  العلاقات الدولية والطاقة.
(تفاصيل هذا المؤتمر مذكورة بأحداث عام 1993 فيما بعد).
وفي 26 ديسمبر 1993
          قام وزير النفط والمعادن العماني سعيد بن أحمد الشنفري بجولة شملت بعض الدول المنتجة للبترول غير أعضاء في أوبك هي:
          اليمن ومصر وسورية وروسيا والنرويج وبريطانيا وماليزيا وبروناي والمكسيك وذلك للتنسيق فيما بينها بهدف التوصل إلى اتفاق شامل للإنتاج للمساعدة في دعم أسعار البترول في السوق العالمي.
وافقت كل من اليمن ومصر وسورية على خفض معدلات الإنتاج
ورفضت كل من روسيا وبريطانيا والنرويج رفضاً قاطعاً أي خطوات لتقييد معدلات الإنتاج
          نستخلص من نتائج هذه الجولة، أنه رغم حضور هذه المؤتمرات والمناقشات، فلا بد من استجلاء النيات الحقيقية لأطراف السوق بصدد العمل جدياً على استقراره.
          وعلى الرغم من ذلك فلا بد أن نشيد بالجهود التي بذلتها السعودية من أجل مبادراتها بشأن أزمة هبوط أسعار البترول خلال عام 1998 واجتماعاتها مع كل من فنزويلا والمكسيك (ليست عضواً في أوبك) ومشاوراتها مع دول مجلس التعاون الخليجي كلها التي لم تتوان عن تأييد هذه الجهود والموافقة على ما تسفر عنه من قرارات. وذلك من أجل حل كافة المشاكل بين الدول أعضاء أوبك وإزالة معوقات الاتفاق الجماعي في الرأي.
          وقد تكررت هذه الجهود قبل الاجتماعات الوزارية العادية لمنظمة أوبك التي نتج عنها الموافقة على خفض الإنتاج مرتين، ثم تكثيف الاتصالات والاجتماعات مع الدول أعضاء أوبك والدول خارج أوبك حتى نجح اجتماع 23 مارس 1999 بالموافقة على الخفض الثالث للإنتاج مع مشاركة بعض الدول المستقلة المصدرة (أيبك) التي وافقت على هذا الخفض تضامناً مع دول أوبك وأهم هذه الدول:
المكسيك والنرويج ومصر وعمان واليمن والصين وروسيا الاتحادية.



[1] جدير بالذكر أن الاتحاد المالي Consortium المشار إليه هو اتحاد شركات النفط الإيرانية، الذي تكوَّن ـ بعد فشل عملية تأميم النفط الإيراني عام 1951 ـ من اندماج معظم الشركات العالمية، إضافة إلى بعض الشركات الأمريكية المستقلة، حيث أصبح هذا الاتحاد المورد المالي والاقتصادي الذي يتولى مهمة إنتاج النفط الإيراني.
[2] يعتبر الطلب على البترول منخفض المرونة (أي ليس هناك مجال لاختيار بديل له) لأنه من السلع الضرورية، التي يصعب الاستغناء عنها, ويعتبر الطلب مرتفع المرونة إذا استطاعت الدول الصناعية التحول عنه إلى استهلاك سلع بديلة أخرى أرخص نسبياً.
[3] من العوامل المشجعة على ذلك ـ خلال تلك الفترة ـ إعلان بعض دول الأوبك وبعض الدول خارج منظمة الأوبك عن عزمها على تخفيض الإنتاج. وتعتبر هذه المبادرة من جانب الدول المنتجة علامة صحية على رغبة الدول البترولية لإيقاف انخفاض أسعار البترول الذي سوف يعود بالضرر على كل الدول المنتجة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69673
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Empty
مُساهمةموضوع: رد: البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول   البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Emptyالأحد 06 مارس 2016, 10:14 pm

[rtl]الفصل الثالث[/rtl]


[rtl]تأثير صناعة البترول على اقتصاديات دول المنطقة العربية[/rtl]


[rtl]         منذ هيمنة صناعة البترول على اقتصاديات المنطقة العربية والأنشطة المرتبطة بها، جعلت المنطقة تنقسم إلى مجموعتين من الدول: [/rtl]

[rtl]المجموعة الأولى [/rtl]


  • تضم 9 دول عربية. يقع بها أغلب الاحتياطيات النفطية.
  • يبلغ عدد سكانها نحو 75 مليوناً.
  • بلغ ناتجها القومي الإجمالي 1993 نحو 367 مليار دولار.
  • بلغت الصادرات السلعية والخدمية لهذه المجموعة عام 1993 نحو 118 مليار دولار.
  • بلغت وارداتها السلعية والخدمية في العام المذكور نحو 107 مليار دولار.
  • بذلك حققت تلك المجموعة في عام 1993 فائضاً في ميزانها التجاري قدره 11 مليار دولار.

[rtl]المجموعة الثانية [/rtl]


  • تضم 11 دولة عربية.
  • يبلغ عدد سكانها 164 مليوناً.
  • بلغ إجمالي ناتجها القومي الإجمالي عام 1993 نحو 141 مليار دولار.
  • بلغت الصادرات السلعية والخدمية للمجموعة الثانية عام 1993 نحو 43 مليار دولار.
  • وبلغت وارداتها السلعية والخدمية في العام المذكور نحو 55 مليار دولار.
  • بذلك حققت المجموعة الثانية عام 1993 عجزاً في ميزانها التجاري قدره 12 مليار دولار وهو ما يقرب من الفائض الذي حققته دول المجموعة الأولى.
  • أما احتياطيات المجموعة الثانية من النفط فلا تكاد تذكر. وباستثناء مصر وسورية اللتين تغطيان احتياجاتهما النفطية محلياً، فإن باقي دول المجموعة الثانية تدخل في عداد الدول المستوردة للنفط.

[rtl]         ويتبين من ذلك أن هيمنة صناعة النفط على اقتصاديات المنطقة العربية تركت بصماتها على علاقاتها بالعالم الخارجي، كما صبغت العلاقات العربية بسِمَات نفطية واضحة. [/rtl]

[rtl]         فالدول النفطية المحدودة السكان عملت على اجتذاب أعداد كبيرة من القوى العاملة من الدول ذات الكثافة السكانية العالية بحيث أصبحت التحويلات المالية الناتجة عن هذه الحركة أداة أساسية من أدوات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول المصدرة للعمالة. [/rtl]

[rtl]         ولكن يُلاحظ من ناحية أخرى أن الدول النفطية أخذت تتجه إلى التوازن الداخلي في العمالة مما يتوقع معه ظهور بوادر للهجرة المضادة وعودة أعداد كبيرة من العمالة الوافدة إلى أوطانها الأصلية. [/rtl]

[rtl]         كذلك أدى التركيز على صناعة النفط، وتوجه هذه الصناعة إلى تصديره خارج المنطقة العربية، إلى عرقلة خطوات التكامل الاقتصادي العربي والتخصص في الإنتاج فيما بين الدول العربية، كل دولة بحسب ما يتوافر لديها من عناصر الإنتاج. [/rtl]

[rtl]ومن أمثله ذلك [/rtl]


  • صناعة البتروكيماويات العربية حيث اختارت كل دولة أن تقيم فيها وحدات صغيرة وتكفلت  بحمايتها. بينما كان من الممكن أن يخطط لهذه الصناعة على أساس تكاملي عربي مما يحقق لها درجة أعلى من الكفاءة ويتيح للصناعات المكملة والمرتبطة بها فرصة أكبر للنمو والتكامل.
  • وينطبق هذا المثل على الكثير من الصناعات العربية، التي أقيمت على أساس وحدات محلية صغيرة تعتمد على تكنولوجيا قديمة.

[rtl]         وبالتالي أصبح التنافس ـ وليس التكامل ـ هو سمة العلاقات الاقتصادية العربية. والدليل على ذلك أن التجارة البينية داخل المنطقة العربية لم تتجاوز 10% من التجارة الخارجية لهذه المنطقة خلال الفترة 1991 ـ 1993. [/rtl]

[rtl]         ويجد هذا النمط التجاري تفسيره في هيكل أو تركيبة الصادرات العربية المعتمدة أساساً على المواد الأولية والتي يكون النفط الجانب الأعظم منها. [/rtl]

[rtl]ففي عام 1993 كانت الصادرات السلعية العربية تتكون من: [/rtl]

[rtl]74 % مواد أولية (نفط وغاز طبيعي وبعض المعادن) [/rtl]
[rtl]18 % سلع صناعية بما فيها نحو 5% منتجات كيماوية (أهمها الصادرات البتروكيماوية السعودية) [/rtl]
[rtl]5 % منتجات زراعية.[/rtl]

[rtl]         كذلك كان لهيمنة الصناعة النفطية على الاقتصاديات العربية تأثيرها على الأنماط الاستهلاكية التي تجلت في الإنفاق الاستهلاكي، والاعتماد المتزايد على التجارة الخارجية، حيث صارت المنطقة العربية تستورد ما يقرب من نصف احتياجاتها من مستلزمات الإنتاج ومواد البناء والأغذية والكساء. ولعل الأخطر في كل ذلك هو اتساع الفجوة الغذائية التي بلغت وارداتها عام 1992 نحو 10 مليارات دولار بزيادة 13% عن العام السابق، كما تزايدت بالنسبـة نفسها تقريباً في عام 1993. [/rtl]

[rtl]         أما القيمة التراكمية لتلك الفجوة خلال الفترة 1985 ـ 1992 فقد بلغت نحو 88 مليار دولار منها 42 مليار دولار في الحبوب و15 مليار دولار في الألبان و13 مليار دولار في اللحوم. [/rtl]

[rtl]         ويبدو أن اهتمام الدول العربية النفطية بصناعة البترول قد صرفها عن تضافر مواردها على أساس متكامل بهدف تأمين احتياجاتها من الغذاء. [/rtl]

[rtl]فهل تعجز دول المنطقة العربية عن تحقيق هذا الهدف؟ [/rtl]

[rtl]         حاول الدكتور حسين عبدالله الإجابة على هذا السؤال في الكلمة التي ألقاها كرئيس لوفد مصر في مؤتمر الطاقة العربي الأول، الذي عُقد على المستوى الوزاري في أبوظبي  خلال مارس 1979 حيث قال: "إن جانباً كبيراً من الغاز الطبيعي في منطقة الخليج العربي يُحرق للتخلص منه، وأن دراسة الجدوى قد تؤيد إمكانية مد خط من الأنابيب لحمله عبر البحر الأحمر لكي يدخل منطقة التكامل المصري السوداني حيث توجد وفرة المياه العذبة وملايين الأفدنة والأيدي العاملة الزراعية. وبقليل من رأس المال العربي المودع بالمصارف يُمكن أن تتكامل صناعة زراعية تكفي لسد الفجوة الغذائية للمنطقة العربية بكاملها، بل ويمكن أن تحقق فائضاً كبيراً للتصدير". [/rtl]

[rtl]         وإذا كانت الظروف قد تغيرت الآن حيث لم يعد الغاز الطبيعي يُحرق، بل يجري استغلال الفائض منه بالتصدير، فيمكن القول: إذا كانت اقتصاديات الغاز تبرر إسالته وحمله عبر البحار إلى الشرق الأقصى أو إلى أوروبا، فمن باب أولى ينبغي أن تُدرس إمكانية استغلاله، أو جانب منه، في التنمية الزراعية والصناعية داخل المنطقة على أساس متكامل وليس فقط على أساس الاقتصاديات المحلية لكل دولة. وإذا ثبتت جدوى المشروع الزراعي الصناعي في منطقة التكامل المصري السوداني، أو في موقع آخر من الوطن العربي، فينبغي تنفيذه بمنأى عن تيار الخلافات السياسية، تأميناً للأجيال العربية القادمة ضد الجوع، وحماية لها من استغلال القوى الأجنبية وسيطرتها على مقدراتها نتيجة لاتساع فجوة الغذاء. [/rtl]

[rtl]أولاً: تطور عائدات دول الأوبك من الصادرات البترولية وفوائض البترودولار العربية المستثمرة في الخارج [/rtl]

[rtl]         عندما سئل وزير الخارجية الأمريكي جيمس بيكر عن السبب الجوهري الذي من أجله خاضت بلاده الحرب في الخليج، قال: إذا كنتم تريدون تلخيص الجواب في كلمة واحدة فهي "صفقة تجارية Business ". [/rtl]

[rtl]         وعلى ذلك فإن حرب عاصفة الصحراء، كانت في أحد أبعادها، حرباً من أجل البترودولار العربي (عائدات تصدير البترول) وفوائض البترودولار.وإضافة إلى أهمية دول الخليج في إمدادات البترول الخام، جعل البترودولار من المنطقة سوقاً شرهة للصادرات الأمريكية والغربية من السلع والخدمات والسلاح. وفي الوقت نفسه تتدفق فوائض البترودولار إلى الاقتصاديات الأمريكية والغربية. وكأن العالم الغربي ـ بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ـ قد وجد في حرب الخليج فرصة لاعتصار دول الخليج حتى لا تشكل بمواردها المالية الهائلة تهديداً لاستقراره الاقتصادي. [/rtl]

[rtl]         ولئن كان يبدو من الصعب اعتبار الدول الخليجية قد انتصرت في الحرب، إلاّ أنه من المؤكد أنها كانت أكبر الخاسرين فيها، حيث كانت المكاسب على طول الخط من نصيب الولايات المتحدة والدول الغربية. وكأن العالم الغربي ـ بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ـ قد وجد في حرب الخليج فرصة لاعتصار دول الخليج حتى لا تشكل بمواردها المالية الهائلة تهديداً لاستقراره الاقتصادي. [/rtl]

[rtl]         جدير بالذكر أن حرب هذه الصفقة التجارية ـ على حد قول وزير الخارجية الأمريكي فرضت على الكويت إنفاق حوالي 70 مليار دولار خلال الفترة (1990 ـ1995) لتمويل الحرب وإعادة الإعمار والتسليح.[/rtl]

[rtl]         أما المملكة العربية السعودية فقد تكلفت 60 مليار دولار لتمويل عاصفة الصحراء وتوفير الوقود والخدمات لقوات التحالف الدولي ومشتريات السلاح وإزالة أثار الحرب (خاصة تلوث الشواطئ). [/rtl]

[rtl]كما ساهمت الدول الخليجية الأخرى في تمويل العمليات العسكرية وساعدت الدول المتضررة من الغزو العراقي. وأمام ذلك اندفعت الدول الخليجية لزيادة الطاقة الإنتاجية النفطية باستثمارات تُقدّر بحوالي 30 مليار دولار. [/rtl]

[rtl]         أما العراق، الذي قام بغزو الكويت من أجل البترودولار وفوائض البترودولار الكويتية، فقد قُدِّرت خسائره بنحو 120 مليار دولار عند أدنى تقدير. [/rtl]

[rtl]حقبة البترودولار [/rtl]

[rtl]         يطلق كثير من رجال الاقتصاد والسياسة على الربع الأخير من القرن العشرين اسم "حقبة البترودولار" لأهمية عائدات البترودولار وفوائضه، ولآثاره العميقة التي تتجلى في الأحوال التالية: [/rtl]

[rtl]إن هذه الأهمية الفائقة للبترودولار لا تظهر في منطقة من العالم، كما تظهر في المنطقة العربية: [/rtl]


  • فالمال النفطي كان مورداً كافياً لبقاء دول في المنطقة تفتقد مقومات الدولة جغرافياً وديموجرافياً (الدراسة الإحصائية للسكان) وسياسياً.
  • شكَّل البترودولار ـ في حد ذاته ـ إغراءً لتهديد أمن وتهديد وجود دول عديدة في المنطقة، كما تكفَّل بالإنفاق على ردع ذلك التهديد.
  • مثَّل البترودولار مصدر الشرعية للعديد من الأنظمة في دول المنطقة، حيث أصبحت وظيفة الدولة التي تضع تحت تصرفها عائدات النفط، توزيع المزايا والمنافع على أفراد المجتمع.
  • كذلك، كان البترودولار العامل الرئيسي في تطور الاقتصاديات العربية لدرجة تقسيم اقتصاديات الدول العربية إلى اقتصاديات نفطية وأخرى شبه نفطية فقد اعتمدت اقتصاديات الدول الخليجية والعراق وليبيا والجزائر على إنتاج وتصدير النفط. وأصبحت إيرادات النفط تمثل العنصر الغالب على النشاط الاقتصادي مما أدى إلى تشكيل الهيكل الاقتصادي اعتماداً أساسياً على النفط.
  • وعلى الجانب الآخر، أفادت اقتصاديات الدول العربية ـ بشكل مباشر أو غير مباشر ـ من البترودولارات العربية، فقد ساعد التوسع الاقتصادي الذي شهدته الدول النفطية في تهيئة الفرص لانتقال العمالة العربية من الدول غير النفطية وشبة النفطية لتنفيذ المشروعات المقامة في الدول النفطية.
  • كذلك فإن الفوائض البترودولارية التي تحققت للدول النفطية قد انتقل جزء منها إلى دول عربية أخرى سواء في شكل قروض أو منح من خلال مؤسسات التمويل العربية أو في شكل استثمارات مباشرة من المشروعات العربية المشتركة. ولكن أهمية البترودولار كعامل رئيسي في تطوير الاقتصاديات العربية لا تتبدى إلاّ من خلال رصد دوره إبان فترة الفورة النفطية (1974 ـ 1981) أولاً، وثانياً برصد تأثير تراجع الفورة النفطية بعد عام 1982 على الاقتصاديات العربية.


عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الإثنين 07 مارس 2016, 10:32 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69673
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Empty
مُساهمةموضوع: رد: البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول   البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Emptyالإثنين 07 مارس 2016, 10:24 pm

[rtl]الفصل الثالث[/rtl]


[rtl]تأثير صناعة البترول على اقتصاديات دول المنطقة العربية[/rtl]




[rtl]فترة الفورة النفطية (1974 ـ 1981) [/rtl]

[rtl]         تتضمن هذه الفترة الصدمة الأولى لارتفاع أسعار البترول The First Price Shock بنسبة 400% خلال عام 1973 ـ 1974. [/rtl]

[rtl]         والصدمة الثانية لارتفاع أسعار البترول The Second Price Shock بنسبة 150 % في عام 1979 ـ 1980. [/rtl]

[rtl]         إن أهمية وحيوية دور البترودولار في الاقتصاديات العربية خلال فترة الفورة النفطية يمكن الاستدلال عليها من خلال كافة الأنشطة الاقتصادية في الدول العربية. فقد تضاعفت عائدات الدول العربية أعضاء أوبك إضافة إلى البحرين وعمان من تصدير النفط من 23.8 مليار دولار عام 1973 إلى 212 مليار دولار عام 1980. [/rtl]

[rtl]         كما أدى تزايد العائدات النفطية إلى تحقيق الدول النفطية (باستثناء الجزائر) فائضاً هائلاً في موازناتها التجارية، فأدى بالتالي إلى تحقيق فائض من موازنات مدفوعاتها الجارية بحوالي 60 مليار دولار في المتوسط سنوياً خلال الفترة 1975 ـ 1981. [/rtl]

[rtl]         وكان لتزايد العائدات النفطية الدور الأكبر في زيادة إيرادات الموازنات الحكومية خلال الفترة 1973 ـ 1981. وقد حققت الموازنات الحكومية للدول العربية خلال تلك الفترة فائضاً كلياً بلغ 11 مليار دولار عام 1975 وارتفع إلى 46.8 مليار دولار عام 1980. [/rtl]

[rtl]         وقد هيأ البترودولار للدول العربية المصدّرة للنفط إنفاق استثمارات كبيرة في البنية الأساسية التي إستحوذت على النسبة الكبرى من الإنفاق العام لأسباب منها أن مشروعات الأعمال العامة تتمخض عن آثار سياسية مظهرية واضحة للجماهير. [/rtl]

[rtl]         كما شهدت الدول العربية النفطية ـ بتأثير البترودولار ـ نمواً انفجارياً في الإنفاق على الواردات السلعية والخدمية التي ارتفعت قيمتها من حوالي 3 مليارات دولار عام 1970 إلى 87.9 مليار دولار عام 1982، لتتضاعف 29 مرة خلال فترة الفورة النفطية. [/rtl]

[rtl]         كذلك بفعل البترودولار تضاعف الإنفاق العسكري على التسلح في الدول العربية النفطية 12 مرة بين عامي 1973 و1983 ليصل إلى 37.9 مليار دولار مقارنة بقيمة 3.4 مليارات دولار في بداية الفترة. ويُذكر في هذه المناسبة، أن صفقات السلاح المتتالية كانت الباب الأوسع لاستعادة أموال البترول من العرب، حيث وصلت نسبة العمولة في عقد هذه الصفقات إلى 25، 30% في شراء أسلحة حديثة بلغت قيمتها مليارات الدولارات. [/rtl]

[rtl]         وتمكنت الدول العربية النفطية، من خلال البترودولار، من زيادة الإنفاق الاجتماعي على الخدمات والتعليم والصحة ليصل إلى 30% من الإنفاق العام خلال فترة الفورة النفطية. [/rtl]

[rtl]         وشهدت فترة الفورة النفطية، كذلك تراكم فوائض بترودولارية للدول العربية النفطية في الخارج، في شكل استثمارات وودائع في الولايات المتحدة وأوروبا والدول الصناعية. وصل إجمالي هذه الفوائض من تلك الاستثمارات بنهاية 1983، حوالي 357 مليار دولار، منها 129.3 مليار دولار في استثمارات قصيرة الأجل، و 227.8 مليار في استثمارات طويلة الأجل. [/rtl]

[rtl]         أما الدول العربية غير النفطية وشبة النفطية، فقد أفادت من البترودولار العربي خلال فترة الفورة النفطية من خلال تحويلات العاملين والقروض والمعونات التي تمنحها الدول النفطية. وقد ارتفعت تحويلات العاملين في هذه الدول من 898.3 مليون دولار عام 1973 إلى حوالي 5.4 مليار دولار عام 1980. ثم ارتفعت مرة أخر إلى 6.4 مليار دولار عام 1985. [/rtl]

[rtl]         وفيما يخص القروض والمعونات والتحويلات الأخرى بدون مقابل، فقد ارتفعت من 1.3 مليار دولار عام 1973 إلى 7.9 مليار دولار عام 1985. [/rtl]

[rtl]         لذلك فإن البترودولار العربي وفوائضه كان له تأثير واضح في تطوير الاقتصاديات العربية إبان فترة الفورة النفطية. فقد تم إنفاق العائدات البترودولارية في الدول العربية النفطية على الواردات والتسليح ومشروعات البنية الأساسية والخدمات الاجتماعية والاستثمارات في الخارج. كما أفادت الدول غير النفطية وشبة النفطية من تحويلات العاملين والقروض والمنح البترودولارية. [/rtl]

[rtl]هجرة العمالة العربية إلى البلدان النفطية وآثارها [/rtl]

[rtl]         وقد يكون من المناسب هنا أن نذكر نبذة مختصرة عن الآثار الإيجابية والآثار السلبية لهجرة العمالة العربية إلى البلدان النفطية. [/rtl]

[rtl]الآثار الإيجابية [/rtl]


  • أصبحت تحويلات دخول ومدخرات العاملين في البلدان العربية النفطية من أهم موارد ومقومات موازين المدفوعات، ومن مصادر تكوين الدخل القومي، ومن المصادر الرئيسية لتغذية حصيلة النقد الأجنبي المتاحة للاقتصاد الوطني، التي أدت إلى الإقلال من الاعتماد على، الاقتراض الخارجي.
  • كذلك أصبحت تحويلات العاملين في الخارج Workers' Remittances تؤثر تأثيراً مباشراً على الأوضاع المعيشية لقطاع مهم من السكان في البلدان المصدِّرة للعمالة.
  • ساهمت هذه التحويلات في التخفيف من حدة مشكلة البطالة لدى بعض فئات العمالة.
  • كل هذا يجعل من تحويلات العاملين في البلدان العربية النفطية سلاحاً ذا حدين بالنسبة للبلاد المصدِّرة للعمالة، فهي:

[rtl]من ناحية: تمثل مصدراً مهماً لإعادة التوازن إلى موازين المدفوعات، وتساعد على رفع الطاقة  الإدخارية في البلدان المصدرة للعمالة. [/rtl]

[rtl]ومن ناحية أخرى: تعتبر مصدراً غير ثابت، إذ أن حصيلتها مُعرَّضة للتقلب والتقلص ومعا في المستقبل، مما يجعل دورها في الحياة الاقتصادية للبلدان المصدِّرة للعمالة دوراً مرحلياً محفوفاً بالمخاطر، وذلك في ضوء التطورات التي سوف تطرأ على عائدات ومعدلات إنتاج النفط. [/rtl]

[rtl]الآثار السلبية [/rtl]


  • إن العناصر المهاجرة عادة ما تكون من أكثر العناصر قدرة ومهارة، الأمر الذي يؤدي إلى حرمان الدولة المصدرة للعمالة من أكفأ العناصر الإدارية والفنية وفئات العمالة الماهرة.
  • إن الفروق الكبيرة في الأجور والمرتبات بين من يستمرون في العمل داخل البلد المصدِّر للعمالة وبين من يُتاح لهم فرصة العمل في الخارج، هذه الفروق تؤدي إلى ضعف الحوافز المعنوية لدى العاملين في الداخل.
  • وتصبح تطلعاتهم غير مرتبطة بتحقيق مستويات أعلى من الإنتاجية في بلدهم، بل تتركز آمالهم في اللحاق بقوافل المهاجرين إلى الأقطار العربية النفطية. ويؤدي ذلك في النهاية إلى انهيار روح الانضباط في العمل وإلى تدهور مستوى الخدمات في المرافق.
  • حدوث اختلال واضح في الهيكل المهني لعرض القوى العاملة في البلدان المصدرة للعمالة. فقد نتج عن هجرة العمالة المصرية إلى الأقطار العربية النفطية أن أصبحت سوق العمل المصرية تعاني من نقص عديد من المهارات الفنية المهنية والحرفية في قطاع البناء وصناعة الأخشاب، ونقص أيضاً في بعض أنواع العمالة غير الماهرة مثل العمالة الزراعية، مما رفع متوسط الأجور النقدية ارتفاعاً كبيراً.

[rtl]كما انعكس ذلك على كافة البلدان المصدرة للعمالة. وعلى سبيل المثال أيضاً: [/rtl]

[rtl]فقد تدهور مستوى الإنتاجية الزراعية في اليمن، حيث تخلفت معدلات نمو القطاع الزراعي ومشروعات البنية الأساسية، إذ بلغ عدد العاملين في الخارج ما يزيد على ثلث قوة العمل عام 1975. [/rtl]

[rtl]واضطرت حكومة اليمن إلى اللجوء إلى استيراد العمالة من الهند وتوقيع اتفاقية بذلك في ديسمبر 1977 مع الحكومة الهندية. [/rtl]

[rtl]تراجع الفورة النفطية (عام 1986)[/rtl]

[rtl]          "هؤلاء الناس لا يملكون النفط، إنهم يعيشون فوقه فقط These People do not Own Oil .. They Only Sit on it."[/rtl]

[rtl]          تلك العبارة، قالها وليم سايمون وزير الخزانة الأمريكي، في أعقاب صدمة ارتفاع أسعار البترول الأولى 1973 ـ 1974. وأُعيد ترديدها بعد صدمة انخفاض أسعار البترول وتراجع الفورة النفطية عام 1986. [/rtl]

[rtl]ويقول الدكتور محمود عبدالفضيل تعقيباً على هذا التصريح: [/rtl]

[rtl]"وليس هناك في تقديري ما هو أبلغ من هذا القول للتعبير عن الذهنية الغربية السائدة لدى أوساط واضعي السياسات، إذ أنها تعكس بوضوح وجلاء فهمهم لعناصر الضعف والقوة الاستراتيجية في الموقف الراهن نتيجة ضعف سيطرة العرب على مقدراتهم النفطية. فالعبرة لديهم هي ليست بالسيادة الشكلية والملكية القانونية للموارد النفطية وإنما العبرة بآليات وأوجه الاستخدام للموارد النفطية (سواء في شكلها العيني المختزن في باطن الأرض أو في أشكالها المالية أو التداولية) على الصعيدين العربي والعالمي. [/rtl]

[rtl]          كما يقول الدكتور برهان الدرجاني "إن تراجع الفورة النفطية تم التخطيط له بعناية من قبل الدول الصناعية المستهلكة للنفط، التي استطاعت أن تفرض شروطها وسياساتها على الدول النفطية. وبالتالي فإن العملية تدخل في باب المباريات السياسية، أكثر مما تدخل في باب التفاعلات الاقتصادية". [/rtl]

[rtl]          وإذا كان سعر برميل النفط قد تدنَّى إلى أقل من 9 دولارات في يوليه 1986 فإن معنى ذلك أن الارتفاع الكبير ثم الانخفاض الحاد في أسعار النفط يقع تفسيرهما خارج إطار السوق، بل لا بد أن يقع في إطار التحليل السياسي. [/rtl]

[rtl]          والحق، أن التفسير الاقتصادي وحده غير كاف لتحليل ذلك التطور. ومن ثم يلزم أن تُؤخذ في الاعتبار العوامل السياسية والإستراتيجية من حيث أنها تعمل في المدى القصير، إلى جانب المحددات الاقتصادية من حيث كونها فاعلة في المدى الطويل. فيمكن القول بأن الولايات المتحدة كانت وراء ـ أو كان من صالحها ـ رفع أسعار النفط في السبعينيات حتى يتسنى للشركات البترولية تحويل جزء من استثماراتها إلى الولايات المتحدة، كما أن ارتفاع سعر النفط يقلل من المقدرة التنافسية لمنتجات الصناعة اليابانية والأوربية وذلك برفع تكلفتها ... ويجعل الولايات المتحدة الممون الرئيسي لليابان وأوروبا. [/rtl]

[rtl]          كما كان من مصلحة الولايات المتحدة أيضاً خفض أسعار البترول في الثمانينات عندما تطور عجز الحساب الجاري لميزان المدفوعات الأمريكي إلى حد خطير، من 8.1 مليار دولار عام 1982 إلى  113.7 مليار دولار عام 1985. [/rtl]

[rtl]          وفي كلتا الحالتين لم يكن لدى دول الأوبك إستراتيجية محددة لاستقرار الأسعار، بل دخلت بعض دول الأوبك وثيقة الصلة بالولايات المتحدة حرب الأسعار مع الدول المصدرة للبترول خارج الأوبك، حيث قامت السعودية بزيادة إنتاجها بشكل كبير. هكذا كان تراجع الفورة النفطية بإرادة وسيطرة الدول المستهلكة للنفط خاصة بعد ظهور الوكالة الدولية للطاقة عام 1975 بضغط من الولايات المتحدة لمواجهة نفوذ دول الأوبك. [/rtl]

[rtl]          على صعيد الاقتصاديات العربية ككل، أدى انهيار أسعار النفط إلى تراجع كبير في بترودولارات الدول العربية النفطية أعضاء أوبك إضافة للبحرين وعمان لتصل إلى 54.8 مليار دولار عام 1986 مقابل 212 مليار دولار عام 1980. وعلى الرغم من التحسن النسبي في أسعار النفط عامي 1987 و1988 لم تزد العائدات البترودولارية لتلك الدول عن 66.35 مليار دولار عام 1989. [/rtl]

[rtl]          أنعكس ذلك على الموازنات الحكومية للدول العربية، فقد تحول الفائض البالغ 39.1 مليار دولار عام 1980 إلى عجز بقيمة 33.5 مليار دولار عام 1988. [/rtl]

[rtl]          وبالنسبة للفوائض البترودولارية، تناقصت الاحتياطيات الدولية للدول العربية أعضاء أوبك من حوالي 51 مليار دولار عام 1982 إلى 32.4 مليار دولار عام 1989 وذلك لمواجهة الهبوط الكبير في إيرادات النقد الأجنبي. [/rtl]

[rtl]          نتيجة لذلك لجأت الدول العربية النفطية إلى خفض الإنفاق الحكومي، وعلى الرغم من ذلك تزايد العجز في الموازنات الحكومية لتلك الدول. وبالنسبة للدول العربية غير النفطية فقد تراجعت تحويلات العاملين إليها وانخفضت المساعدات الإنمائية العربية للدول النامية وتناقصت تدفقات العون الإنمائي العربي للدول العربية. [/rtl]

[rtl]قضية فوائض البرتودولار العربية المستثمرة في الخارج Investment Surplus[/rtl]

[rtl]          منذ فورة ارتفاع أسعار البترول الأولى 1973 ـ 1974 تركز الاهتمام ـ داخل المنطقة العربية ـ على فوائض البترودولار، سواء بالنسبة إلى حاجة الاقتصاديات العربية إلى مساهمة تلك الفوائض في تحقيق التنمية الاقتصادية العربية، أو بالنسبة إلى المخاطر التي تواجهها تلك الفوائض المهاجرة إلى أسواق المال العالمية من جهة تقلبات أسعار الصرف والفائدة وانهيار البورصات العالمية واحتمالات التجميد. [/rtl]

[rtl]          كما تركز الاهتمام على فوائض البترودولار العربية المستثمرة في الخارج ـ بعد تدهور أسعار البترول العالمية إلى أقل من 9 دولارات للبرميل في السوق الفورية عام 1986. فقد ساهمت عائدات تلك الفوائض في مواجهة النقص في سعر البترول والمحافظة على استقرار اقتصاديات الدول العربية النفطية. [/rtl]

[rtl]إلاّ أن الجدير بالاهتمام والمناقشة، هو التعرُّف على "طبيعة" فوائض البترودولار العربية: [/rtl]


  • باعتبارها فوائض ناتجة عن ثروة ناضبة لا دوام لها وهي النفط.
  • ومن جهة كونها فوائض دول عربية بذاتها ولفترة زمنية بعينها.

[rtl]          لقد كان للزيادة الكبيرة في أسعار النفط، في الفترة 1973 ـ 1974 (الصدمة النفطية الأولى)، أثرها الكبير في تضاعف عائدات تصدير النفط من الدول العربية المنتجة له. وبارتفاع أسعار النفط مرة ثانية في الفترة 1979 ـ 1980 (الصدمة النفطية الثانية) وزيادة حجم الصادرات، في ظروف الطاقة الاستيعابية المحدودة لاقتصاديات الدول العربية النفطية، تراكمت العائدات النفطية خلال الفترة (1973 ـ 1981). [/rtl]

[rtl]          وتوضيحاً لذلك: فإنه بعد حرب أكتوبر 1973، ارتفع سعر برميل النفط من 3.5 دولار إلى 10.5 دولار. وعقب الثورة الإيرانية 1979 والحرب العراقية ـ الإيرانية 1980، ارتفع سعر برميل النفط من 13 دولاراً في يناير 1979 إلى 30 دولاراً في 1980 وإلى 35.5 دولاراً في يناير 1981. [/rtl]

[rtl]          واستطاعت الدول العربية المنتجة للنفط الأعضاء في منظمة "أوبك" من زيادة صادراتها إلى ما يزيد عن 20 مليون برميل يومياً عام 1979، وحوالي 19 مليون برميل يومياً عام 1980. وأدت زيادة إنتاج وأسعار النفط المصدَّر من الدول العربية الأعضاء في (أوبك) إضافة إلى البحرين وعمان، إلى زيادة عائداتها النفطية من 23.7 مليار دولار عام 1973 إلى 208.3 مليار دولار عام 1980. [/rtl]

[rtl]          شهدت الدول العربية النفطية نشأة "فوائض البترودولار" أي فوائض من العائدات النفطية، وقد حالت القدرة الاستيعابية المحدودة للاقتصاد المحلي في تلك الدول دون استثمارها محلياً. أصبح لدى هذه الدول فوائض من النقد الأجنبي تفوق احتياجات الإنفاق الإنمائي والجاري بالنقد الأجنبي، ومن ثم كان توجُّه هذه الفوائض للاستثمار خارجياً. [/rtl]

[rtl]          ويتحدد الفائض المالي النفطي، بالفائض في ميزان العمليات الجارية لميزان المدفوعات. إن هناك فرقاً بين الفائض في الميزان التجاري لميزان المدفوعات والفائض في الميزان الجاري، حيث تدخل التحويلات الرأسمالية في حساب الميزان التجاري. وبالتالي فإن حساب "فوائض البترودولار" يتم حسب المعادلة الآتية: [/rtl]

[rtl]عائدات الصادرات النفطية ـ واردات السلع والخدمات ـ التحولات الرأسمالية = الفائض في الميزان الجاري. [/rtl]

[rtl]          وقد استطاعت 9 دول عربية (الدول الأعضاء في أوبك إضافة إلى عمان والبحرين) تحقيق فائض إجمالي في ميزان الحساب الجاري بلغ 323 مليار دولار خلال الفترة بين 1973 و1981. [/rtl]

[rtl]أثار تراكم فوائض البترودولار خلال الفترة (1973 ـ 1981) مشكلة ذات جانبين: [/rtl]

[rtl]الأول: ظهرت دعوة للمحافظة على الثروة النفطية والحد من استخراج النفط، حيث أن تلك الفوائض ناتجة عن ثروة ناضبة لا دوام لها، كما أن تراكم الفوائض تم دون اعتبار لاحتياجات التنمية الحالية والمستقبلية في الدول المصدرة للنفط، إضافة إلى أن تلك الفوائض المالية تتآكل قدرتها الشرائية بسبب التضخم وتقلبات أسعار صرف العملات الدولية. وكان الأجدى الحفاظ على النفط في باطن الأرض محتفظاً بقيمته. [/rtl]

[rtl]الثاني: اعتبرت فوائض البترودولار العربية بمثابة فوائض لدول عربية بذاتها، وفي الأجل المتوسط فحسب، إذ أنها مرتبطة بالقدرة المحدودة لاقتصاديات الدول العربية النفطية على استيعاب العائدات النفطية، أما إذا نوقشت المشكلة على المستوى العربي القومي (في حالة حدوث وحدة عربية في المستقبل) فمن الممكن ألاّ يوجد معنى لما يُسمى (الفائض) في الأمد الطويل. [/rtl]



فوائض البترودولار العربية خلال سنوات تراجع الفورة النفطية
         شهد عقد الثمانينات تراجع العائدات النفطية العربية لانخفاض أسعار وصادرات النفط. فقد انخفضت أسعار النفط من حوالي 37 دولاراً للبرميل عام 1981 إلى 28 دولاراً للبرميل عام 1985، ثم تدهور سعر برميل النفط إلى أقل من 9 دولارات للبرميل في يوليه 1986 فيما سمى "الصدمة النفطية المعاكسة".
         وانخفض إنتاج أوبك من 30.7 مليون برميل يومياً عام 1979 إلى 15.9 مليون برميل يومياً عام 1986. أما الدول العربية الأعضاء في أوبك فلم تتجاوز صادراتها النفطية 11 مليون برميل يومياً مقابل 20.3 مليون برميل يومياً عام 1979.
         ونتيجة لذلك، تراجعت العائدات النفطية من حوالي 208 مليار دولار عام 1980 إلى حوالي 51 مليار دولار عام 1986، بالنسبة للدول العربية الأعضاء في أوبك إضافة إلى البحرين وعمان.
         عملت تلك الدول على خفض وارداتها، إلاّ أن الميل الحدي للاستيراد ظل مرتفعاً، الأمر الذي أدى ـ لتناقص صادرات النفط ـ إلى انخفاض الفائض في الميزان التجاري من 127.7 مليار دولار عام 1980 إلى حوالي 26 مليار دولار عام 1985.
         وإذا انتقلنا إلى الحساب الجاري، نجد أن التناقص المستمر في فائض الميزان التجاري ـ لتناقص الصادرات النفطية أساساً ـ ولاستمرار العجز في حساب الخدمات والتحويلات. قد أديا إلى تحول الفائض في الحساب الجاري (خلال سنوات التراجع) إلى عجز منذ عام 1983 بقيمة 11.8 مليار دولار، ثم بقيمة 10 مليارات من الدولارات عام 1984، و2.4 مليار دولار عام 1985، و11.7 مليار دولار عام 1986 وذلك بالنسبة للدول العربية أعضاء أوبك إضافة للبحرين وعمان (عدا العراق).
         وخلال الفترة (1987 ـ 1990) حدث تحسن محدود للعائدات النفطية. كما انخفض العجز في الحساب الجاري للدول العربية النفطية ـ بدءاً من عام 1987. وهكذا فإن الفوائض البترودولارية المحققة في الفترة الأولى (1973 ـ 1981)، تم استنفاد جزء منها خلال الفترة الثانية (1982 ـ 1986) من جراء انخفاض أسعار وحصص الإنتاج.
         ومثلما أدى تراجع العائدات النفطية إلى عجز الموازين الجارية للدول العربية النفطية، تأثرت الموازنات الحكومية بشدة بانخفاض العائدات النفطية، حيث أصابها عجز شديد. وبعد أن كان الفائض في الموازنات الحكومية لهذه الدول هو المصدر الرئيسي للاحتياطيات الدولية، أدى العجز إلى السحب من الاحتياطات الدولية لتتناقص من 45.6 مليار دولار عام 1985 إلى 37.8 مليار دولار عام 1986، إلى 32.4 مليار دولار عام 1989. واضطرت بعض هذه الدول (العراق والجزائر) إلى الاقتراض الخارجي لتمويل العجز، بينما لجأ معظم هذه الدول إلى الاقتراض المحلي عن طريق إصدار أذون وسندات الخزانة.
         لقد كان من المهم التطرق إلى نشأة فوائض البترودولار العربية وحجمها وتطورها. فمن جهة النشأة، كان من الضروري التأكيد على أنها نشأت من تحويل الموجودات النفطية إلى أصول مالية سائلة، أي تسييل موجودات ناضبة غير متجددة. وبذلك تختلف في طبيعتها عن الفوائض المالية للدول الصناعية مثل اليابان وألمانيا التي تعبِّر عن إنتاج ودخل متجدد.
         كما أرتبط حجم وتطور فوائض البترودولار العربية بارتفاع أسعار النفط مرتين في أوائل ونهاية السبعينات من جهة، وبالطاقة الاستيعابية المحدودة للاقتصاديات النفطية العربية من جهة أخرى، بما يعني أن تراكم الفوائض المالية العربية لم يكن نتيجة لتطور وتوسع هياكل الاقتصاديات العربية مثلما حدث بالنسبة للاقتصاديات المتطورة.
         إضافة إلى ذلك، فإن القيمة الاسمية الحقيقية لفوائض البترودولار العربية تحددت وستظل تتحدد بالتطورات التي تحدث في البيئة الدولية الخارجية، سواء من ناحية تأثير الطلب على النفط وأسعاره على القيمة الاسمية للفوائض، أو من ناحية تأثير معدلات التضخم في الدول الغربية الصناعية وتقلبات أسعار صرف عملاتها على القيمة الحقيقة لهذه الفوائض.
         ويبقى بعد هذا العرض، أن الدول العربية صاحبة هذه الفوائض البترودولارية، قد تجاوزت منذ سنوات فترة التراكم للفوائض، إلى فترة استنفاد جزء منها كلما احتاجت إليها، بما يطرح قضية مصير تلك الفوائض البترودولارية، التي تتعرض لعديد من المخاطر التي سبق الإشارة إليها. والحل الوحيد أمام هذه الدول العربية هي الإعداد منذ الآن لدراسات الجدوى بهدف إقامة قاعدة اقتصادية ضخمة لدول مجلس التعاون الخليجي على سبيل المثال.
ثانياً: الاستثمارات العربية في الخارج
         حققت الدول العربية المنتجة للنفط (خاصة أعضاء الأوبك) فوائض بترودولارية نتيجة للطفرة النفطية خلال الفترة (1973 ـ 1981) قامت هذه الدول بتوظيف قسم هام من فوائض البترودولار في أسواق الدول الصناعية المتقدمة، في ظل اعتبارات مختلفة أهمها:

  • ضيق الطاقة الاستيعابية لأسواق رأس المال (البنوك ـ شركات الاستثمار ـ بورصات الأوراق المالية) في الدول العربية النفطية، ومحدودية تلك الأسواق بوجه عام في معظم الدول العربية.
  • وفرت أسواق الدول الصناعية ـ نسبياً  ـ لهذه الفوائض عناصر الجذب مثل الحرية والأمان والعائد، ووجود مؤسسات مالية على درجة عالية من الكفاءة والخبرة، إضافة إلى تنوع أدوات الاستثمار.
  • إلاّ أن أهم الاعتبارات وراء هذا التوجه هو توليد عائد مالي يحل محل العائد النفطي تدريجياً. ومع ذلك فإن الفوائض البترودولارية العربية في الأسواق الدولية لم تكن دائماً مأمونة أو مجزية العائد، وباتت أقرب إلى وضعية "الارتهان" والتآكل كما أُشير إلى ذلك من قبل.


أوجه استثمار الفوائض البترودولارية
         توزعت استثمارات الفوائض البترودولارية خلال الفترة (1974 ـ 1979) بين الولايات المتحدة الأمريكية ودول السوق الأوروبية ودول أخرى في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
         كما توجه جزء من الفوائض المستثمرة خارجياً خلال تلك الفترة لتنمية احتياطيات دول الأوبك من الذهب والعملات الحرة لدى المؤسسات النقدية الدولية.
وتوزعت الاستثمارات من حيث طبيعتها ـ كما يلي:
ودائع مصرفية في بنوك الدول الصناعية       بنسبة     48.5 %
محافظ مالية واستثمارات مباشرة               بنسبة      20.9 %
أوراق حكومية من سندات وأذون خزانة        بنسبة     12.1 %
قروض للدول النامية                           بنسبة     13.9 %
قروض لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي     بنسبة      4.6 %
         خلال فترة تراجع العائدات النفطية (1982 ـ 1986) انخفضت الفوائض البترودولارية المستثمرة في الخارج. وبعد تحسن أسعار النفط والعائدات النفطية بدءاً من عام 1987، عاودت الفوائض العربية التزايد بمعدل أكبر لتصل إلى 588 مليار دولار عام 1989، وارتبط ذلك بتطورات فبعد أن كانت الولايات المتحدة تمثل المكان الأفضل للاستثمارات خلال السبعينات، حدث تحول واضح نحو المملكة المتحدة ودول السوق الأوروبية الأخرى، كما تزايد الاهتمام بأسواق دول الشرق الأقصى. كما تغيرت نسب توزيع الاستثمارات.
         جدير بالذكر أن الدول العربية التي تستثمر فوائضها البترودولارية تتصف بالتحفظ بطبيعتها، حيث تفضل الابتعاد عن قنوات الاستثمار غير الآمنة (مثل المضاربة على المعادن الثمينة والسلع والعقود الأجلية)، وعن الأسواق غير المألوفة لها (وذلك ما يعكس تفضيل الأسواق الأمريكية والأوروبية).
         كما تُفضل أن تتكون حافظتها الاستثمارية من أصول سائلة (الودائع المصرفية والأسهم والسندات) وقد تضحي بالعائد المرتفع مقابل التملك المأمون والمضمون ولو بعائد أقل (الاستثمارات في العقارات) وذلك إضافة إلى الحرص على "السرية" التي تدفعها للاستثمار في الودائع والسندات.
تجربة الاستثمارات الكويتية الخارجية
         عندما تمكن العراق من السيطرة على آبار النفط الكويتية ـ بعد الغزو ـ ثم إحراق معظمها، كانت الاستثمارات الكويتية الخارجية بديلاً للنفط الذي توقف تصديره وعائداته. وتحولت الأصول والاستثمارات الكويتية في الخارج إلى "اقتصاد منفي" مركزه لندن، خارج الإقليم الجغرافي للدولة حيث تمول أصوله وعائداته مصروفات الدولة. وقد سعت الحكومة الكويتية إلى الحصول على موافقة الدول الغربية بالسماح لها بإدارة الأموال الكويتية وذلك ما تم في 26 أغسطس 1990. فأصبح بمقدورها إدارة الأرصدة والاستثمارات في الخارج، عبر مكتب الاستثمار الكويتي في لندن وعبر فروع شركات الاستثمار في الخارج. كما باشر بنك الكويت المركزي في لندن أعماله لتسوية المعاملات بين البنوك الكويتية من جهة وبينها وبنوك العالم من جهة أخرى.
         وبمساعدة بقية دول مجلس التعاون الخليجي، تحركت مؤسسة البترول الكويتية لضمان توفير النفط الخام اللازم لتزويد محطات التكرير والتوزيع المملوكة لها في أوروبا حتى يستمر تشغيلها لتزويد المترددين عليها والوفاء بعقودها.
         وخلال الاحتلال العراقي للكويت، وحتى بعد انسحاب العراق، ظلت الاستثمارات الكويتية في الخارج تقوم بتدوير أصوله الرأسمالية خارج الكويت ويمول من خلال تسييل جزء من تلك الأصول ومن عائداتها تغطية جزء من نفقات قوات التحالف الدولي ضد العراق. ومساعدة الدول التي تضرَّرت من فرض الحصار الاقتصادي على العراق.
         وقد نشرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" اللندنية (7 يوليه 1992) نقلاً عن مصادر مكتب الاستثمار الكويتي أن حقيبة المكتب تقلصت منذ الغزو العراقي في أغسطس 1990 بنسبة 50% لاضطراره لتمويل نفقات الحرب حتى أنه كان في فترة يدفع رواتب موظفي الحكومة الكويتية.
فرص ومخاطر الاستثمارات العربية في الخارج
         تكْشِف نشأة فوائض البترودولار العربية في الخارج وتطورها وتوزيعها عن درجة عالية من الارتباط بالسوق الدولية. فمن ناحية، ارتبطت نشأة الفوائض النفطية وأرصدتها بتطورات سوق النفط الدولية (الطلب والسعر). كما يتحدد مستقبل الفوائض المالية في الخارج بسوق النفط التي تتحكم تطوراتها في حجم العائدات النفطية نقصاً وزيادة.
         ومن ناحية أخرى. أرتبط توظيف الفوائض المالية العربية بأسواق المال الدولية، وبالتالي فإن القيمة الحقيقة لتلك الفوائض، تتوقف على استقرار أو تغيُّر أسعار العملات ومستويات الفائدة ومعدلات التضخم في الدول الصناعية المتقدمة، وتتأثر باهتزاز البورصات العالمية.
         وأخيراً تواجه الفوائض المالية العربية في الخارج، المتمركزة في الدول الصناعية المتقدمة، ما يمكن وصفه بالمخاطر السياسية، المتمثلة في احتمالات التجميد. كما حدث بالنسبة لإيران من قبل الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1979 وكذلك ما حدث لليبيا في عام 1986، أو كما حدث للممتلكات العراقية والكويتية في الولايات المتحدة وأوروبا واليابان في عام 1990.
ثالثاً: تدوير فوائض البترودولار في المنطقة العربية
1. التدفقات المالية من الحكومات ومؤسسات التمويل العربية
إن فوائض البترودولار العربية هي في واقع الأمر إيرادات حكومية يرجع أمر التصرف فيها إلى حكومات الدول المعنية. ويعتمد ذلك على سياسات هذه الحكومات في تيسير حركة هذه الفوائض المالية.
وقد بدأت الكويت محاولة مبكرة تكفل تدفق رؤوس الأموال النفطية داخل المنطقة العربية، بتأسيس الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية في 31 ديسمبر 1961. وذلك لمساعدة الدول العربية في تنمية اقتصادها، وبوجه خاص مدِّها بالقروض اللازمة لتنفيذ المشروعات الإنمائية بها.
ومنذ مؤتمر القمة العربي الثاني، ظهرت المساعدات العسكرية من دول الفائض النفطية إلى دول المواجهة العربية مع إسرائيل، كاتجاه حديث في العلاقات الاقتصادية بين الدول العربية. ما لبث أن تأصّل بعد هزيمة 1967 والقمة العربية التي انعقدت في الخرطوم في أغسطس من السنة نفسها.
ثم جاء تأسيس الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي عام 1968، التي ساهمت بأكثر من 80% من رأسماله سبع دول نفطية هي:
السعودية والكويت والعراق والجزائر وليبيا والإمارات العربية وقطر. وتلا ذلك تأسيس المصرف العربي الليبي الخارجي عام 1972.
وبعد ارتفاع أسعار النفط في عام 1973، وزيادة العائدات النفطية ساهمت الدول النفطية في تأسيس مجموعة من مؤسسات التمويل القطرية والإقليمية والدولية أهمها:

[rtl]
صندوق أبوظبي للإنماء الاقتصادي العربي           (1971)
الصندوق العراقي للتنمية الخارجية                   (1974)
المصرف العربي للتنمية في أفريقيا                  (1974)
الصندوق السعودي للتنمية                          (1974)
البنك الإسلامي للتنمية                       (1974)
صندوق النقد العربي                       (1976)
صندوق أوبك للتنمية الدولية               (1976)
الصندوق الدولي للتنمية الزراعية          (1976) [/rtl]


وقد بلغ عدد مؤسسات التمويل الجماعية 32
ومؤسسات التمويل القطرية 9
ومؤسسات التمويل المشتركة 34
والملاحظ أن هذه المؤسسات جميعها قد أنشئت خلال السنوات التالية لزيادة العائدات النفطية من عام 1974 إلى 1977.
كذلك أودع البنك المركزي الكويتي لدى بنوك مركزية أفريقية، إضافة إلى ودائعه لدى البنك المركزي المصري والبنوك التجارية المصرية، عام 1974 بلغ 660 مليون دولار بفوائد شبة تجارية.
ويتضح من ذلك أن معظم المساعدات التي قدمتها الدول العربية المنتجة للنفط إلى الدول النامية كانت على أساس ثنائي. ذلك لأن الدول العربية النفطية تتردد في استعمال المؤسسات الجماعية المشتركة لإدارة وتوجيه مساعداتها المالية نحو الدول النامية بسبب ما يتضمنه ذلك من فقدان السيطرة على استخدامات أموالها واوجه صرفها. ولهذا كانت كل دولة عربية تفضل إنشاء مؤسسة تمويل ضمن نطاقها وتحت سيطرتها كتلك الصناديق السابق الإشارة إليها.
ويعزى لهذه الصناديق فوائد منها:
أ. أنها تنشئ المشروعات بسرعة أكبر من إنشائها عن طريق المؤسسات الجماعية.
ب. إنها تكفل للدولة المعنية السيطرة النهائية على استعمال أموال الصندوق.
ج. أنها تتحاشى التكلفة والتأخير اللذين تتعرض لهما عمليات التمويل في حالة إنشاء مؤسسات تمويل قومية أو جماعية.
د. يمكن لهذه الصناديق أن تدعم السياسات والأهداف العامة للجهة التمويلية التي ترتبط بها، إذ تسطيع استعمال موارد الصندوق المذكورة في تنفيذ التوسعات في مشروعات قائمة وسبق لتلك الجهات المساهمة في إنشائها وتمويلها.
وعلى الرغم من ذلك، فقد اشتركت دول النفط العربية في إقامة مؤسسات تمويل تنموي جماعية تهدف إلى استثمار الموارد المالية العربية داخل العالم العربي وخارجه. كما اشتركت مع دول غير عربية بهدف تقديم القروض والمساعدات المالية الممكنة إلى الدول العربية والبلدان النامية الأخرى.
وذلك مثل مساهمتها مع رؤوس أموال أجنبية بغرض استثمار فوائض الدولارات العربية في مجالات عربية وغير عربية مثل:

  • بنك التنمية الأفريقي                         (أبيدحان 1966)



  • اتحاد المصارف العربية والفرنسية     (باريس 1970 ـ 25 مصرفاً عربياً و16 مصرفاً أوربياً)



  • البنك العربي الفرنسي للاستثمارات العالمية    (باريس 1969)



  • البنك العربي الأوروبي                        (لوكسمبرج 1972ـ المساهمة العربية 60%)



  • المصرف العربي الدولي للاستثمار            (باريس 1973)



  • البنك العربي الدولي في باريس               (1974 ـ مساهمة الجزائر وليبيا)



  • شركة التمويل الدولي                         (الكويت 1974)



  • المصرف العربي للاستثمار                   (مدريد ـ 1975 ـ نسبة المساهمة العربية 60%)



  • الشركة العربية البرازيلية للاستثمار           (1975)



  • بنك الجزيرة                                  (1975)



  • المجموعة المالية الكويتية                     (الكويت 1976 ـ المساهمة الكويتية 60%)



  • الشركة السعودية للاستثمار المصرفي         (الرياض ـ 1977 ـ مساهمة السعودية 65%)


وقد بلغ عدد مثل هذه المؤسسات في عام 1977 نحو 34 مؤسسة. ولا شك أن الموارد المالية التي وُضعت تحت تصرف هذه المؤسسات كانت في مجموعها كبيرة. فقد تراوح رأسمالها من مبالغ ضئيلة نسبياً لا تتجاوز 6 ملايين دينار بحراني في حالة المصرف العربي للاستثمارات والتجارة الخارجية، الذي أنشئ عام 1974، إلى 400 مليون دينار كويتي في حالة الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، الذي بدأ عمله في الكويت عام 1973 إلى 1000 مليون دينار كويتي في حالة الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، الذي أنشئ في الكويت عام 1961. وإلى 2000 مليون دينار إسلامي بالنسبة للبنك الإسلامي للتنمية الذي أنشئ في 1974 و2000 مليون دولار بالنسبة لهيئة الخليج للتنمية التي أُعلن عن قيامها في عام 1976 بالاشتراك بين السعودية والكويت وقطر ودولة الإمارات العربية لتمويل بعض متطلبات التنمية في مصر العربية وتغطية بعض العجز في ميزان مدفوعاتها.
ويعتقد مؤلف هذا المرجع (عبدالمنعم السيد علي، "دراسات في اقتصاديات النفط العربي")
أن إنشاء مثل هذا العدد الكبير من مؤسسات التمويل القطرية والجماعية والمشتركة قد يكون فيه شئ من بعثرة الجهد وسبب لفقدان الانسجام والتنسيق بين الجهود التي تبذلها الدول العربية النفطية في سبيل تقديم العون المالي سواء للدول العربية الشقيقة أو للبلدان النامية الأخرى، الأمر الذي يقتضي إعادة النظر في هياكل وأساليب الدعم المالي، إذا أريد له أن يكون أكثر فاعلية وكافياً من حيث نوع الاستثمار وأسلوب التوجيه وطريقة الإدارة. ومن المقترح إنشاء مؤسسة تمويل واستثمار عربية مركزية تحت اسم بنك التنمية العربي، وذلك لتحقيق أمرين:

  • الكفاءة في استخدام الفوائض البترودولارية العربية.
  • توزيع المخاطر المترتبة على استثمارها في مناطق متعددة من الوطن العربي، وضمان الحفاظ عليها رأسمالاً وقيمةً وأرباحاً. وخلق رقابة مركزية على كيفية استخدام هذه الفوائض المالية ووجهة تدفقها وإعادة توجيهها حسب خطط تنموية عربية يتم التنسيق بينها مركزياً. ولعل إنشاء هذا البنك يكون وسيلة من وسائل تحقيق التكامل الاقتصادي العربي في المستقبل.


وقد انتقد كثير من الكتَّاب مؤسسات التمويل والصناديق السابق ذكرها، حيث أن أهم ما يؤخذ عليها يتمثل في ضالة رؤوس أموالها، مع أن معظمها قد أنشئ أثناء فترة الفورة النفطية لارتفاع أسعار البترول. وعلى الرغم من أهدافها الطموحة الخاصة بدعم التنمية الاقتصادية في دول العجز العربية، وتصحيح الخلل في موازين مدفوعاتها وتسوية المدفوعات الجارية بين الدول العربية بما يعزز التبادل التجاري فيما بينها، وتقديم تسهيلات ائتمانية قصيرة ومتوسطة الأجل إلى هذه الدول، فإن مجموع عجز موازين المدفوعات في بعض دول العجز يفوق بكثير رؤوس أموال هذه المؤسسات التمويلية ولا تساير الأهداف المطلوب تحقيقها.
حقيقة الأمر أن هؤلاء الكتُّاب لا يرمون من وراء هذا النقد الضغط على دول الفائض العربية كي تضاعف رؤوس أموال صناديق ومؤسسات التمويل، بل هو مجرد محاولة لمنع ظهور أفكار مغالى فيها أو دعاوى مغرضة يفوح منها شطط إثارة حقد أو كراهية بين الدول العربية، فقد تعالت أصوات كُتَّاب وصحفيين وسياسيين لا حصر لهم، يرفضون رفضاً باتاً أسلوب الضغط الذي مارسه صدام حسين لابتزاز دول الجوار العربية أثناء فترة حرب الخليج الإيرانية ـ العراقية طوال ثماني سنوات مدّعياً أن في ذلك حماية لكافة دول الخليج. كما أنهم لم يؤيدوا ـ بل واستنكروا ـ دعوى العراق المغرضة، التي طالب فيها بإعادة توزيع ثروات الوطن العربي.


عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الإثنين 07 مارس 2016, 10:31 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69673
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Empty
مُساهمةموضوع: رد: البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول   البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Emptyالإثنين 07 مارس 2016, 10:27 pm

[rtl]الفصل الثالث[/rtl]


[rtl]تأثير صناعة البترول على اقتصاديات دول المنطقة العربية[/rtl]



2. استخدام الفوائض البترودولارية في إقامة المشروعات العربية المشتركة
بدأ التفكير في المشروعات العربية المشتركة مع التحضير لتأسيس جامعة الدول العربية. وقد وافق مجلس الجامعة في 10 أبريل 1946، على إنشاء الشركة المساهمة لاستغلال وشراء الأراضي الزراعية في فلسطين تساهم فيها الحكومات والمواطنون العرب من جميع الأقطار العربية. وكان الدافع وراء ذلك هو مواجهة المخطط الصهيوني للاستيلاء على فلسطين عن طريق استغلال متاعب "الملاَّك العرب".
وفي خلال الخمسينات وافق مجلس الجامعة العربية في 25 يناير 1956 على إنشاء شركة البوتاس العربية المساهمة المحدودة لكي تقوم باستغلال أملاح البحر الميت في الأردن، للرد على استغلال إسرائيل للثروة المعدنية في فلسطين المحتلة.
ولا شك أن صيغة "المشروع العربي المشترك" يمكن اعتبارها من أفضل الصيغ الممكنة عملياً لدفع عملية التنمية العربية في اتجاه تنموي وتكاملي، على أن يكون ذلك ضمن إطار عملية إعادة هيكلة أوسع لأوضاع الاقتصاد العربي في مجموعه.
وعلى الرغم من أهمية إقامة المشروعات العربية المشتركة، منذ بداية الخمسينات، فإن غالبية هذه المشروعات القائمة في الوقت الحاضر قد أنشئت بالفعل بعد عام 1973 في ظل "الحقبة النفطية الجديدة".
وكجزء من الحركة العامة لتدوير البترودولارات في الوطن العربي. وسوف يستمر إنشاء هذا الشكل من المشروعات لأنه لا يقل، بل قد يفوق، في الأهمية الأشكال الأخرى لانسياب الأموال النفطية العربية في شكل قروض إنمائية أو إعانات مالية حكومية أو استثمارات مباشرة. خاصة وأن الظروف قد غدت مهيأة في المنطقة العربية بعد عام 1973 أكثر من أي وقت مضى، للتوسع في المشروعات العربية المشتركة لتشمل مختلف قطاعات الإنتاج والخدمات بما يحقق الاستغلال الأمثل للموارد المالية العربية المتاحة.
فضلاً عن أن إنشاء هذا الشكل من المشروعات يقتضي أن تتفق الدول الأطراف على إقامة المشروع المشترك فقط، وهذا أيسر بكثير من أن تتفق على الدخول في اتحاد جمركي أو سوق مشتركة.
وهكذا فإن المشرع العربي المشترك يمكن اعتباره أفضل السبل لتنفيذ المشروعات الضخمة التي تعجز موارد قطر عربي بمفرده عن تمويلها، أو عن تصريف منتجاتها في سوقها المحلية.
ويمكن تصنيف المشروعات العربية المشتركة في ثلاث مجموعات:
الأولى: المشروعات التي تهدف إلى تقوية حركة التكامل الاقتصادي العربي وتشتمل هذه المجموعة أساساً على المشروعات التي بادرت بها جامعة الدول العربية من خلال المجلس الاقتصادي العربي، والتي بادر بها مجلس الوحدة الاقتصادية العربية.
والثانية: المشروعات العربية المشتركة التي تستهدف التنمية المتكاملة لقطاع إنتاجي معين في عدة بلدان، ومثل هذه المشروعات أقامتها منظمة الأقطار العربية المصدرة للنفط (أوابك).
كما أن مجلس التعاون الخليجي يوفر إطاراً مؤسسياً لإقامة مشروعات مشتركة من هذا النوع.
والثالثة: المشروعات المشتركة التي تستهدف تنمية قطاع معين في بلد ما، وذلك تحقيقاً لتطلع قومي. ومثل هذه المشروعات تقع أساساً ضمن اهتمامات الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي وغيره من المنظمات العربية.
وفيما يلي أمثلة للمشروعات العربية المشتركة من المجموعات الثلاث سالفة الذكر:
ففي إطار المجموعة الأولى قام مجلس الوحدة الاقتصادية العربية بتأسيس أربع شركات:

  • الشركة العربية للتعدين، برأسمال قدره 120 مليون دينار كويتي ومقرها عمان.
  • الشركة العربية لتنمية الثروة الحيوانية، برأسمال قدره 66 مليون دينار كويتي ومقرها دمشق.
  • الشركة العربية للصناعات الدوائية والمستلزمات الطبية، برأسمال قدره 50 مليون دينار كويتي ومقرها القاهرة.
  • الشركة العربية للصناعات الهندسية.


كما تقرر إنشاء الشركة العربية للاستثمارات الصناعية، برأسمال قدره 150 دينار عراقي ومقرها بغداد. وكذلك الشركة العربية لمصايد الأسماك.
وهناك شركات أخرى في طريقها إلى الإنشاء كالشركة العربية للزراعة والإنتاج الغذائي، و الشركة العربية للسياحة. كما أن مجلس الوحدة الاقتصادية بصدد إعداد الدراسات التمهيدية ودراسات الجدوى اللازمة لإنشاء شركة للمقاولات وأخرى لتمويل الصادرات والمخزون السلعي.
أما المجموعة الثانية من المشروعات العربية المشتركة، فقد أنشئت بعد تأسيس منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك) في يناير 1968، وقد تطورت هذه المنظمة منذ ذلك التاريخ لتصبح من أقوى وأهم التجمعات الاقتصادية العربية في مجال ربط النفط بمسيرة التنمية العربية.
نصت المادة الثانية من اتفاقية منظمة أوابك على أن:
"هدف المنظمة الرئيسي هو تعاون الأعضاء في مختلف أوجه النشاط الاقتصادي في صناعة البترول وتحقيق أوثق العلاقات فيما بينهم في هذا المجال".
وجعلت من بين الوسائل الكفيلة بتحقيق هذا الهدف:
"الإفادة من موارد الأعضاء وإمكانياتهم المشتركة في إنشاء مشروعات مشتركة في مختلف أوجه النشاط في صناعة البترول".
وفي هذا الإطار قامت المنظمة بتأسيس عدة شركات هي:

  • الشركة العربية البحرية لنقل البترول             (1973)
  • الشركة العربية لبناء وإصلاح السفن              (1974)
  • الشركة العربية للاستثمارات البترولية             (1975)
  • الشركة العربية للخدمات البترولية                 (1977)
  • الشركة العربية للاستشارات الهندسية              (1980)
  • الشركة العربية للحفر وصيانة الآبار               (1980)
  • الشركة العربية لكيماويات المنظفات               (1981)
  • الشركة العربية لجس الآبار                        (1983)
  • الشركة العربية لخدمات الاستكشاف الجيوفزيائي   (1984)


وقد تم إنشاء هذه المشروعات العربية تحت مظلة منظمة أوابك، وكل منها بموجب اتفاقية دولية مستقلة أبرمت بين مجموعة الأقطار الأعضاء في المنظمة، دون أن تكون منظمة أوابك طرفاً مباشراً في أي من هذه الاتفاقيات.
إلا أنه في الواقع يوجد صلة مؤسسية واضحة بين هذه الشركات وبين المنظمة الأم بحيث يكون المجلس الوزاري للمنظمة ـ وهو السلطة العليا ـ هو الذي يرسم السياسات العامة لهذه الشركات ويوجه نشاطها ويضع القواعد التي تسير عليها.
وتجدر الإشارة إلى أن المجلس الوزاري للمنظمة يمارس اختصاصاته الإشرافية بالنسبة لكل شركة من الشركات المذكورة على أساس تكوينه الذي يقتصر على ممثلي الدول الأعضاء المساهمة في كل شركة.
أما المجموعة الثالثة، فقد قامت بعثة مشتركة من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي وبرنامج الأمم المتحدة للإنماء بعمل دراسات ميدانية بهدف استكشاف وإعداد قائمة حصرية بالمشروعات العربية المشتركة القابلة للتنفيذ. وقد أنهت البعثة أعمالها في مايو 1978 لتنتقي من بين 300 مشروع مائة مشروع مرشحة لإعداد دراسات الجدوى والتنفيذ في المستقبل في خمسة قطاعات رئيسية هي:
القطاع الصناعي ـ البنية التحتية ـ الموارد الطبيعية (بما في ذلك الزراعة) ـ الموارد البشرية ـ الخدمات.
وفي ظل الازدهار النفطي في السبعينات، تكاثر عدد المشروعات العربية المشتركة، وامتد توزيعها على خريطة الوطن العربي كله، وتنوعت من حيث الأطراف المشاركة فيها ما بين ثنائية وجماعية ومتعددة، وشملت جميع القطاعات الاقتصادية ابتداء من القطاع المالي والمصرفي وانتهاءً بقطاع الصناعات التحويلية والتعدين والزراعة.
وبتحليل نسب إسهام البلدان العربية المختلفة في رؤوس أموال المشروعات العربية المشتركة حتى نهاية 1979، يلاحظ أن البلدان النفطية تحظى بالترتيب التالي:

  • السعودية وتحتل المرتبة الأولى إذ بلغ نصيبها في رأس مال هذه المشروعات      17.14 %



  • الكويت بلغ نصيبها النسبي                                                        13.64 %



  • الإمارات العربية المتحدة بلغ نصيبها النسبي                                      13.15 %



  • العراق حيث بلغ نصيبها النسبي                                                  12.55 %



  • مصر حيث بلغ نصيبها النسبي                                                   10.33 %



  • الجماهيرية الليبية                                                                10.31 %



  • قطر                                                                            8.13 %



  • الجزائر                                                                        2.77 %


تقييم دور المشروعات العربية المشتركة
يتنازع الوطن العربي اتجاهان متناقضان في شأن تقييم دور المشروعات العربية المشتركة:
الأول: تكوين مشروعات عربية مشتركة تهدف أساساً إلى التكامل الاقتصادي العربي. وهذا النوع الأول من المشروعات يساعد على تدعيم مقومات الاستقلال الاقتصادي، ويدفع باتجاه التكامل الاقتصادي العربي.
الاتجاه الثاني: تكوين مشروعات دولية مشتركة تهدف أساساً إلى تكامل الاقتصاد العربي قُطرياً مع الاقتصاد الدولي. وهذا النوع الثاني يزيد من عناصر التبعية والتجزئة في الواقع العربي، وبالتالي يدفع في طريق مزيد من التكامل مع السوق الدولية.
وقد ثار جدل عنيف بين الاقتصاديين العرب حول المفاضلة بين النوعين، في ضوء ضرورة تطوير التكنولوجيا العربية من خلال المشروعات العربية المشتركة أو من خلال المشروعات العربية الدولية المشتركة باعتبارها من الشركات متعددة الجنسية.
وقد وافق المجلس الاقتصادي والاجتماعي للجامعة العربية في دورة انعقاده الرابعة والثلاثين (تونس 22 ـ 24 فبراير 1983) على أن:
"يتسع مفهوم المشروع العربي المشترك ليشمل المشروعات القطرية التي تستهدف تلبية حاجات قومية، أو قطرية في إطار قومي، وتؤدي إلى تدفقات سلعية أو خدمية أو ترابطات فيما بين الأقطار العربية.
وبتفصيل أكثر، فإن المشروعات العربية المشتركة هي تلك المشروعات المقامة وفقاً للقوانين سارية المفعول في الدول العربية، أو في إطار الاتفاقيات العربية، والتي تشترك في إقامتها أطراف عربية في دولتين عربيتين أو أكثر، سواء كانت هذه الأطراف مؤسسات قطاع عام أو مختلط أو خاص، والتي تستهدف القيام بنشاط إنتاجي أو تجاري أو مالي أو خدمي أو غيره، من شأنه أن يحقق منافع اقتصادية لأقطار عربية، ويعزز التلاحم بين اقتصاديات هذه الأقطار، ويزيد من متانة الروابط والعلاقات الاقتصادية والتبادل فيما بينها".
وبذلك يتسع مفهوم المشروع المشترك من الناحية النظرية ليشمل كل صور المشاركات التي تقام على أساس المشاركة برأسمال Equity Joint Ventures والتي تقام على أساس المشاركة التعاقدية Contractual لتثبيت علاقات تعاونية مع الأطراف المعنية بقصد تحقيق أهداف اقتصادية.
ويقول الدكتور محمود عبد الفضيل إنه على الرغم من تقديرنا للمجهودات التي بذلت والمساهمات التي قدِّمت لتمويل وإنشاء المشروعات العربية المشتركة التي تأسست حتى الآن، فإنه لا بد لنا من أن نضم صوتنا إلى هؤلاء الذين يحذِّرون بأن صيغة المشروعات العربية المشتركة يجب ألاَّ يُنظر إليها كبديل لعمليات التكامل الاقتصادي الشاملة. أي انه في غياب تصور شامل لعمليات التنمية العربية، يُخشى أن تصبح هذه المشروعات العربية المشتركة غاية في حد ذاتها، وليست وسيلة لغاية أبعد هدفاً وأكثر طموحًا.
ولذا فإن غياب استراتيجية واضحة المعالم تحدد الأسس التي يسير على هديها برنامج العمل الاقتصادي المشترك على مدى زمني طويل نسبياً يجعل المشروعات المشتركة مجرد أدوات للتعاون، دون أن تكون وسيلة لتحقيق أي نوع من التكامل الاقتصادي.
3. إعادة تدوير الأصول الخارجية داخل الوطن العربي
تمثل فكرة إعادة تدوير جزء مهم من الأصول البترودولارية العربية في الخارج إلى المنطقة العربية مطلباً مطروحاً من واقع تواضع حجم الفوائض المالية النفطية المستثمرة في الدول العربية المستوردة لرأس المال، وحاجة الاقتصاديات العربية في دول الفائض والعجز معاً، إلى مساهمة تلك الأصول المالية بدور في تحقيق التنمية الاقتصادية.
ومن جانب آخر، فإن الانشغال بإعادة تدوير الأصول المالية العربية في المنطقة العربية يفرضه الحرص على تلك الأصول وعائدها أمام مخاطر تقلبات أسعار الصرف العالمية خاصة الدولار، وأسعار الفائدة ومعدلات التضخم في الدول الصناعية المتقدمة، إضافة إلى المخاطر السياسية التي تحيط بتلك الأصول متمثلة في احتمالات التجميد أوالمصادرة.
وجاءت حرب الكويت، لتطرح مسالة توزيع الثروة النفطية العربية، من جهة أن الثروة النفطية قد أدت إلى انقسام الوطن العربي بين "دول فائض نفطي" و"دول عجز". وانتهى ذلك الانقسام بتهديد أمن الدولة النفطية، بل وتهديد وجودها أصلاً. وبالتالي فإن تدوير الفوائض النفطية في دول العجز العربية يمكن أن يساهم في صيانة أمن الدول النفطية، عوضاً عن ابتزازها أو تهديدها.
4. ضعف الأسواق المالية العربية
على الرغم مما ذكرنا عن التدفقات المالية من الحكومات العربية النفطية ومؤسسات التمويل العربية، فإنه خلال ثلاثين عاماً، ومنذ بداية تدفق المساعدات الإنمائية من دول الفائض النفطي إلى دول العجز، لم يتجاوز نصيب الدول الأخيرة من الفوائض المالية النفطية 60 مليار دولار (منح وقروض واستثمارات مباشرة)، بنسبة تقل عن 10% من الأصول البترودولارية العربية في الخارج، الأمر الذي أدى إلى لجوء دول العجز إلى الاقتراض من الخارج لتمويل احتياجات التنمية.
ويرجع ذلك إلى ضعف الأسواق المالية العربية، سواء من حيث حرية انتقال رؤوس الأموال عموماً، الخاصة منها والعامة، أو من حيث وجود وسائل السوق المتعارف عليها كالأوراق المالية على اختلافها، أو من حيث تكامل أسواق الفائدة فيها، مما يتطلبه وجود سوق نقدية ومالية متطورة ومنتظمة ومتكاملة على النمط الغربي المعروف. لذا يبقى تعاون الحكومات العربية فيما بينها من جهة، وتعاون البنوك التجارية العربية فيما بينها من جهة أخرى، وسيلتان لتيسير حركة الفوائض البترودولارية العربية على النحو اليسير الذي أشرنا إليه، أما إنشاء سوق نقدية ومالية عربية حسب النموذج الغربي لجذب هذه الفوائض، فإنه أمر صعب في ظل الظروف السائدة حالياً في دول الوطن العربي على اختلافها، وذلك بسبب المِلْكية الحكومية للفوائض المالية واتجاه بعضها نحو أنظمة اقتصادية موجهة مركزياً، في حين يبقى بعضها الآخر متجهاً نحو اقتصاديات حرة نسبياً، مما ينفي توفر الشروط الموضوعية لإقامة سوق نقدية ومالية عربية شبيهة نوعاً ما. بما يتوفر في الاقتصاديات الغربية عموماً.
هذا إضافة إلى أن الجهاز المصرفي، سواء المركزي منه أو التجاري، لم يؤد دوراً فعالاً في تداول الفوائض المالية العربية. وأي نشاط واضح في هذا الخصوص تقوم به حكومات الدول العربية ومؤسسات التمويل العربية كما ذكرنا من قبل.
وعلى الرغم من أن عدداً كبيراً من الدول العربية المستوردة لرأس المال، قد بذلت ولا تزال مجهودات كبيرة لتحسين مناخ الاستثمار فيها. وتضمنت قوانين الاستثمار في تلك الدول منح مزايا وإعفاءات ضريبية وجمركية للاستثمارات الوافدة وتبسيط إجراءات الاستثمار، وتحويل أرباح الاستثمارات إلى الخارج.
وعلى الرغم من أن هذه الدول العربية قد وفرت إطاراً قانونياً لتسهيل انتقال رؤوس الأموال العربية وتوظيفها داخل الدول العربية. وقد تمثَّل ذلك بصفة أساسية في اتفاقية المؤسسة العربية لضمان الاستثمار، التي حصّنت رؤوس الأموال العربية المستثمرة في الدول العربية من المخاطر  غير التجارية، ويتمثل ذلك أيضاً في الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربية التي حصنت انتقال رؤوس الأموال العربية داخل الدول العربية بنظام قضائي خاص، بحيث تتم تسوية المنازعات الناشئة عن الاتفاقية عن طريق التوفيق أو التحكيم أو اللجوء لمحكمة الاستثمار العربية التي تشكلت لهذا الغرض.
وعلى الرغم من كل ذلك أيضاً كانت الاستثمارات الوافدة من دول الفائض إلى دول العجز قليلة غير مناسبة.
وموضع الداء الأصلي، هو بلا شك، التفكك السياسي والاقتصادي العربي، وضعف الثقة المتبادلة بين الأقطار العربية التي يمكن ـ إذا توفرت ـ أن تؤدي إلى تعاون اقتصادي ومالي فعّال.
رابعاً: أزمة الخليج ومستقبل فوائض البترودولار العربية
1. الحرب من أجل النفط
حرب الخليج، التي بدأت فعلاً بغزو العراق للكويت في 2 أغسطس 1990، نشبت بسبب النفط ـ وحده ـ بآباره وأسعاره وأمواله. وتواصلت الحرب بهجوم التحالف الغربي على العراق وقواته الغازية، وتدمير آلته العسكرية والاقتصادية.
ومن قبل كان النفط ـ وحده ـ سبباً للمساندة الأمريكية لأبن سعود ضد حسين عام 1932.
وبعد أكثر من ثلاثين سنة من اكتشافه، كان النفط ـ وحده ـ سبباً للتدخل الأمريكي لإقصاء الدكتور مصدق في إيران عام 1953، لأنه حاول تأميم شركات النفط. كما كان النفط ـ إلى جانب إسرائيل ـ من أسباب تدخل أمريكا عام 1967، لإسقاط عبدالناصر. وفي حرب 1973 كان النفط أحد أسلحتها وحاكماً بعدها. وأثناء الحرب العراقية ـ الإيرانية (1980 ـ 1988) لم يكن النفط غائباً، حيث استدعى قصف الناقلات النفطية الحماية الأمريكية بوضع هذه الناقلات تحت العلم الأمريكي.
وما كان حاكم البعث العراقي، عندما قرر غزو الكويت، يجهل تلك الحقائق التاريخية الشائعة، إلاّ أن آبار النفط وأسعاره وأمواله، هذه المرة كانت أكثر خطورة من أي وقت مضى، خاصة بالنسبة للقرن القادم.
وقد كشف الرئيس الأمريكي "بوش" في خطاب له يوم 12 سبتمبر 1990 عن ذلك بقوله:
"إن العراق يسيطر على 10% من احتياطي النفط العالمي، ويسيطر مع الكويت على ضعف هذه النسبة. وإذا سُمح للعراق بابتلاع الكويت، ستكون له القوة الاقتصادية والعسكرية والغطرسة لتهديد جيرانه الذين يسيطرون على نصيب الأسد من النفط العالمي. ولا نستطيع ولن نسمح لشخص (…) بالسيطرة على مورد حيوي كهذا.
وما لم يوضحه بوش، أورده ـ من قبل ـ تقرير الأمين العام لمنظمة الأقطار العربية المصدِّرة للبترول "أوابك" عام 1989، مؤكداً حقيقتين أساسيتين:
الحقيقة الأولى
إن احتياطيات دول الخليج النفطية تفوق نسبة 60% من الاحتياطيات العالمية، حيث قُدِّرت قيمتها بأكثر من 600 مليار برميل:
بلغت احتياطيات السعودية                  255 مليار برميل.
                   والعراق                   100 مليار برميل.
                   والإمارات                 98  مليار برميل.
                   والكويت                  95 مليار برميل.
وبالمقارنة، كان أكبر احتياطي نفطي خارج منطقة الخليج وهو الاحتياطي السوفيتي، لا يتجاوز 60 مليار برميل، والاحتياطي المكسيكي لا يزيد عن 50 مليار برميل. في حين انخفض احتياطي الولايات المتحدة إلى أقل من 26 مليار برميل، وقدِّر احتياطي بحر الشمال بحوالي 17 مليار برميل، واحتياطي كندا بحوالي 6 مليارات برميل.
الحقيقة الثانية
إن البشرية لم تفشل فقط في العثور على مكامن عملاقة، بل فشلت أيضاً في التوصل إلى بدائل مناسبة، ذات تكلفة منخفضة عن النفط، بل إن بعض هذه البدائل مكلِّف وخطر جداً على الإنسان والبيئة.
هاتان الحقيقتان تؤكدان أن الدول الصناعية المستهلكة للنفط، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، أصبحت أمام مأزق حقيقي.
وبحساب أرقام تقييم احتياطيات النفط، وعلى أساس معدلات الإنتاج اليومية، فإن مخزون النفط في الولايات المتحدة ـ الذي يمثل نسبة 4.6% فقط من الاحتياطي العالمي ـ قد ينفد خلال 9 سنوات.
وفي حالة دول الاتحاد السوفيتي السابق ـ يصل نحو 21.9% من الاحتياطي العالمي ـ يكفي المخزون لمدة 13 سنة فقط.
بينما احتياطي النفط في أوروبا الغربية ـ الذي يُقدّر بـ 2.6% من الاحتياطي العالمي ـ يُعد متواضعاً جداً قياساً لحاجاتها وازدياد استهلاكها السنوي. أما اليابان فإنها دولة مستوردة للنفط كلية.
وعلى الرغم من أهمية نفط المكسيك وفنزويلا للولايات المتحدة والغرب، فإن مخزون أمريكا اللاتينية لا يتعدى 13% من الاحتياطي العالمي. كما أن التوسع الصناعي في دول أمريكا اللاتينية كالبرازيل والأرجنتين وشيلي، يزيد حاجتها إلى النفط في المستقبل المنظور.
أما مخزون دول الخليج، الذي يمثل ثلاثة أضعاف مخزون أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية وأمريكا اللاتينية. فإنه يتميز بأهمية كبرى سواء من ناحية الحجم أو العمر.
 [rtl]النسبة[/rtl]

[rtl]المدة[/rtl]

[rtl]مخزون النفط في  السعودية [/rtl]

[rtl]23.7 % من الاحتياطي العالمي [/rtl]


[rtl]يكفي لما يزيد عن 140 سنة [/rtl]

[rtl]مخزون النفط في الكويت [/rtl]

[rtl]13.1 % [/rtl]


[rtl]يكفي لنحو 168 سنة [/rtl]

[rtl]مخزون النفط في العراق [/rtl]

[rtl]6.7 % [/rtl]


[rtl]يكفي لما يزيد عن 96 سنة [/rtl]

[rtl]مخزون النفط في الإمارات [/rtl]

[rtl]6.6 % [/rtl]


[rtl]يكفي لنحو 145 سنة [/rtl]

[rtl]مخزون النفط في إيران [/rtl]

[rtl]6.9 % [/rtl]


[rtl]يكفي لنحو 86 سنة [/rtl]


هذا إضافة إلى مخزون قطر وعمان والمنطقة المحايدة بين السعودية والكويت والاكتشافات المحتملة.
مؤدى ذلك، أن مخزون النفط في الغرب ودول الكومنولث الروسي معرَّض للنفاد بين 10 ـ 15 سنة، بينما تصبح الدول الخليجية (دول مجلس التعاون الخليجي والعراق وإيران) المصدر الأكبر لإنتاج النفط بعد تلك المدة، والمصدر الوحيد في الربع الثاني من القرن الحادي والعشرين.
ويزيد من مأزق الدول الغربية، الفشل في التوصل إلى مصادر بديلة عن النفط أمام رخص مادة النفط من ناحية، وسهولة الحصول على هذه المادة من ناحية أخرى. فالطاقة النووية، إضافة إلى أنها مُكلِّفة، فإن خطورتها الكبيرة على الإنسان والبيئة، تمنع الاعتماد عليها. أما مصادر الطاقة الأخرى كالماء والشمس، فإن أجهزة استخدامها مازالت في طور الإنتاج. وتتطلب إعادة هيكلة الاقتصاد والآلة الصناعية في الغرب.
وأمام هذا المأزق، لم يكن في وسع الولايات المتحدة والدول الغربية عموماً سوى خيارين:
إما الهيمنة المباشرة على مواقع النفط في الخليج وبالتالي التحكم في إمداداته وأسعاره. وإما التحكم في تطورات المنطقة بكل احتمالاتها، في إمدادات وأسعار النفط، وبالتالي تهديد الاقتصاديات الغربية، ومن الطبيعي، كان الانحياز للخيار الأول، وانتظار الفرصة المواتية لفرضه.


كيف استغل العراق النفط لتبرير عدوانه على الكويت
على الجانب الأخر، كان النفط بآباره وأسعاره وأمواله، وراء المغامرة العراقية بغزو الكويت. فالعراق الذي خرج من حربه مع إيران، مثقلاً بديون تصل إلى 80 مليار دولار، ولّى وجهه إلى الشاطئ العربي للخليج للسيطرة عليه، وإلى الكويت لحل مشاكله الاقتصادية، بحرب أخرى تجعل له اليد الطولى في المنطقة.
وأغلب الظن أن فكرة غزو الكويت لا بد أنها اختمرت في ذهن صدام حسين عقب انتهاء الحرب العراقية ـ الإيرانية عام 1988، أو قبل ذلك بقليل.
والدليل على ذلك أن صدام حسين أخذ يعد العدة توطئة لغزو الكويت من الناحية السياسية ومن الناحية الإعلامية:
كان صدام حسين وراء فكرة إنشاء مجلس التعاون العربي في بداية عام 1989 قبل أشهر قليلة من غزو الكويت، بمبادرة منه ليضم أربع دول تحيط بمنطقة الخليج العربي المستهدفة. وكان يأمل أن يتحول هذا التجمع إلى تحالف عسكري يضم قوات مسلحة مشتركة لولا أن مصر استطاعت عرقلة هذا الجزء من الخطة رغم اشتراكها في هذا المجلس باعتبار أنه مجلس للتعاون الاقتصادي فحسب.
كذلك طلب العراق وبإلحاح توقيع اتفاقية عدم اعتداء مع المملكة العربية السعودية على أمل عدم إثارة مخاوفها، ثم محاولة تقييد تحركها العسكري في مواجهة الغزو. وقد نجح في إبرام اتفاقية بين العراق والسعودية لكنه لم ينجح في مرحلته التالية.


عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الإثنين 07 مارس 2016, 10:31 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69673
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Empty
مُساهمةموضوع: رد: البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول   البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Emptyالإثنين 07 مارس 2016, 10:27 pm

[rtl]الفصل الثالث[/rtl]


[rtl]تأثير صناعة البترول على اقتصاديات دول المنطقة العربية[/rtl]

افتعل صدام مشكلات  عديدة معظمها إعلامي دعائي مع الولايات المتحدة الأمريكية ودول غرب أوربا. وكان يهدف من ورائها إثارة الرأي العام العربي واستنفاره مستخدماً الأوتار الفلسطينية ومظاهر العداء الإسرائيلي.
آثار النعرات والحساسيات ضد دول الخليج العربي، متحدثاً عن حقوق يمنية في الجزيرة العربية، وحقوق هاشمية في المملكة العربية السعودية، وحقوق لمصر في ثروات الدول النفطية بدعوى أنه دين يستحق للمصريين في أزمتهم الاقتصادية.
انتهز فرصة قبول إيران قرار مجلس الأمن بشأن الحرب الإيرانية العراقية، وكثَّف عمليات دعم قواته واقتصادياته وزيادة المخزون العراقي من الموارد الطبيعية والتموينية وقطع الغيار.
ضاعف إنتاج الأسلحة الكيميائية والبيولوجية مع تطوير صناعة الصواريخ التي تحمل رؤوساً تدخل ضمن أسلحة الدمار الشامل.
قام بحملات إعلامية واسعة وأقبل بسخاء على دعوة كبار الصحفيين ورجال الإعلام العربي ومنحهم هدايا وهبات من ضمنها سيارات الركوب.
أجرى اتصالات دبلوماسية مع دول الاستهلاك الكبير لبترول الخليج وهي اليابان وألمانيا ودول غرب أوربا مؤكداً لها أن نشوب أي نزاع في الشرق الأوسط لن يؤثر على ضمان استمرار تدفق البترول إليها بكميات وفيرة وبالأسعار المعتادة.
حاول أن يحصل على ضوء أخضر من الإدارة الأمريكية في اتصال مباشر مع السفيرة الأمريكية في بغداد، حيث قالت السفيرة آبريل جلاسبي في لقائها الشهير مع الرئيس العراقي:
"سيادة الرئيس، ليس لنا رأي حول الخلافات العربية، كخلافكم على الحدود مع الكويت".
كانت هذه آخر مراحل العمل السياسي، الذي انتقل بعده إلى العمل العسكري، حيث حشد قوات مدرعة عراقية في القطاعات الجنوبية من العراق، ودفع أمامها بوحدات من المشاة الميكانيكية.
أقام تجهيزات هندسية عديدة تمتد من مطار جليبة في الغرب وحتى قاعدة الرميلة والبصرة والزبير، ليعد بذلك المسرح لعملياته العسكرية القادمة.
بعد ذلك قام بدفع قوات الفيلق الثامن ـ وهو ما يعرف باسم الحرس الجمهوري ـ إلى جنوب العراق وثم توزيع وحداته على جليبة والزبير وجنوب البصرة. وأعلن أن ذلك يتم ضمن خطة لتنشيط قوات الجيش بعد خروجها من معركة طويلة ضد إيران.
تم إجراء عملية تدريبية خاصة على أعمال احتلال المدن وتأمينها. وقد تم إجراء هذه العملية داخل مدينة البصرة حيث قامت بها قوات الفرقة المدرعة 23.
بهذا أصبح كل شيء مهيئاً لاجتياح الكويت عسكرياً والاستيلاء عليها لضمها إلى العراق طبقاً للسيناريو الذي جرى فعلاً على الواقع بعد ذلك. وكان يتطلب تحركاً إعلامياً وسياسياً لاستكمال الشكل فقط.
وقد عبَّر الرئيس العراقي عن نواياه صراحة، في خطاب له في عمان يوم 24 فبراير 1990. فبعد أن استنتج أن تراجع قوة ونفوذ الاتحاد السوفيتي سيؤدي إلى أن تتمتع الولايات المتحدة بحِّرية مناورة واسعة في منطقة الشرق الأوسط، حذّر العرب من أن الولايات المتحدة ستتحكم في منطقة الخليج وستحدد أسعار النفط حسب مصالحها، وقال:
"إن الدول التي تستحوذ على النفوذ الأكبر في المنطقة، عبر الخليج العربي وما يملك من نفط، ستكون لها اليد الطولى بغير منافس".
بدأ الرئيس العراقي الحرب في مؤتمر القمة العربية (يونيه 1990) في بغداد، على جبهة النفط. ففي جلسة مغلقة، وأمام الزعماء العرب، قال صدام حسين "إن الحرب تحصل أحياناً بالجنود، ويحصل الإيذاء بالتفجيرات وبالقتل وبمحاولات الانقلاب، وأحياناً أخرى بالاقتصاد".
وكان الرئيس العراقي يقصد بالحرب الاقتصادية، خفض أسعار النفط من خلال عدم التزام بعض الدول العربية بحصص منظمة أوبك.
وقال: "إن كل انخفاض في البرميل الواحد بقدر دولار واحد، وحسب ما قيل لي، فإن خسارة العراق تبلغ مليار دولار في السنة.
وبعد إعلان الحرب في قمة بغداد، قام العراق بتحديد أطرافها باتهام حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة مع حكومة الكويت بإغراق سوق النفط العالمية، بإنتاج ما يزيد عن حصتيهما المقررتين بواسطة منظمة أوبك، وكان ذلك في شهر يونيه 1990.
وتلبية للمساعي السعودية، اجتمع وزراء نفط دول الخليج العربية الأعضاء في أوبك في مدينة جدة يوم 10 يوليه 1990. وانتهت الاجتماعات بموافقة الإمارات والكويت على خفض الإنتاج، إلاّ أن الرئيس العراقي، في خطابة بمناسبة أعياد الثورة في العراق يوم 17 يوليه أعاد اتهام الكويت والإمارات بإغراق سوق النفط و"تنفيذ مخطط لتدمير اقتصاد العراق".
وفي اليوم التالي 18 يوليه 1990، صعَّد العراق هجومه السياسي على الكويت والإمارات، بإعلان مذكرة موقعة من وزير الخارجية العراقي في 15 يوليه إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية. وأوردت المذكرة "أن حكومتي الكويت والإمارات نفذتا عملية مدبرة لإغراق سوق النفط بمزيد من الإنتاج خارج حصتيهما المقررتين في أوبك … وقد أدت هذه السياسة المدبرة إلى تدهور أسعار النفط تدهوراً خطيراً … وأن السعر انخفض هذه السنة (أي 1990) عن 18 دولار بسبب سياستي حكومتي الكويت والإمارات، مما يعني خسارة العراق مليارات عدة من دخله لهذه السنة، في الوقت الذي يعاني فيه العراق ضائقة مالية".
المؤتمر الوزاري العادي لمنظمة أوبك رقم 87 (يولية 1990)
وفي 26 و 27 يولية 1990 اجتمع المؤتمر الوزاري العادي لمنظمة أوبك في جنيف حيث توصل وزراء بترول أوبك إلى اتفاق جماعي تاريخي يقضي برفع سعر سلة خام القياس لبترول أوبك من 18 دولار للبرميل إلى 21 دولاراً للبرميل كحد أدنى، وتحديد سقف الإنتاج لدول أوبك للنصف الثاني من عام 1990 إلى نحو 22.49 مليون ب/ ي (شاملاً إنتاج المنطقة المقسومة)، وفقاً للحصص الموزعة على الأعضاء الموضحة فيما يلي:

[rtl]
(ألف ب/ ي)[/rtl]


الجزائر 827
إكوادور 273
الجابون 197
إندونيسيا 1374
إيران 3140
العراق 3140
الكويت 1500
ليبيا 1233
نيجيريا 1611
قطر 371
السعودية 5380
الإمارات 1500
فنزويلا 1945
 
 
 
 
 
 
الإجمالي 22491
      

وقد كلَّف المؤتمر لجنة الاستراتيجية التابعة لأوبك بتقييم ومراقبة الأسعار، ومتابعة تطورات الطلب على البترول.
كما شكل المؤتمر لجنة وزارية لمتابعة ومراقبة الإنتاج في الدول الأعضاء وتتألف من جميع الوزراء الأعضاء في أوبك.
وتنقسم اللجنة إلى لجنتين فرعيتين:
تضم اللجنة الأولى: وزراء بترول الإمارات والسعودية والعراق وأندونيسيا ونيجيريا والإكوادور والجزائر. وتقوم بمراقبة إنتاج الدول الآسيوية.
وتضم اللجنة الثانية: وزراء بترول الكويت وقطر وليبيا وإيران وفنزويلا والجابون، وتقوم بمراقبة إنتاج الأعضاء في أفريقيا وأمريكا اللاتينية.
على أن تقدم هاتان اللجنتان تقريراً في الأسبوع الأخير من كل شهر إلى اللجنة الوزارية لمراقبة السوق حول هذا الغرض.
وقد أكدت كل من الكويت والإمارات، أثناء الاجتماع الوزاري لأوبك (26 ـ 27 يوليه 199) إلتزامها التقيد بحصتها من إنتاج أوبك مراعاة واستجابة للمطالب العراقية.
كان من الواضح في هذا الاجتماع أن دول أوبك قد تخطت خلافاتها ووحدت كلمتها وحاولت إرضاء العراق بتكليف كافة الوزراء أعضاء أوبك بتكثيف المراقبة والالتزام بالحصص المقررة.
بيد أن الغزو العراقي للكويت في 2 أغسطس 1990، قد كشف عن أن المطالب العراقية كانت تتجاوز حد فرص الالتزام بالحصص الإنتاجية لمنع خفض أسعار النفط، وبما يعني فعلياً السيطرة على القرار النفطي في أوبك. فقد كان المطلب الأساسي الاستحواذ على "الغنيمة" الكويتية بنفطها وعائداتها واستثماراتها الخارجية لمنع انهيار العراق اقتصادياً.
وكما صرح سعدون حمادي، نائب الرئيس الوزراء العراقي وقتئذ، بعد الغزو بشهر واحد، أن ضم الكويت ـ التي اعتُبرت المحافظة العراقية التاسعة عشرة في 28 أغسطس 1990 ـ يقفز بالاحتياطي النفطي إلى 194.5 مليار برميل، مقابل الاحتياطي العراقي السابق والبالغ 100 مليار برميل فقط، ويصل بالحصة الإنتاجية إلى 4.6 مليون ب/ ي وذلك بإضافة حصة الكويت البالغة 1.5 مليون ب / ي.
وقدَّر المسؤول العراقي إيرادات العراق من النفط حسب الحصة السابقة وبسعر أدنى قدره 25 دولار للبرميل، بقيمة 38.3 مليار دولار سنوياً. أما في حالة زيادة الحصة الإنتاجية إلى 5.5 مليون ب/ ي، فإن الإيرادات النفطية تصل إلى أكثر من 50 مليار دولار سنوياً. بما يتيح للعراق سداد ديونه الخارجية في قترة تراوح بين عامين وأربعة أعوام. وكان تعيين حكومة مؤقتة، بعد الغزو وقبل الضم، بهدف وضع اليد على الأصول البترودولارية الكويتية في الخارج، بمنطق الغنيمة والاستلاب.
وهكذا كان النفط، بآباره وأسعاره وأمواله، وراء الغزو العراقي للكويت، ووراء التحالف الغربي ضد العراق بهدف تدمير آلياته العسكرية وبنيته الاقتصادية.
2. الأزمة الكويتية والعائدات البترودولارية
عندما قام الجيش العراقي بغزو الكويت في 2 أغسطس 1990، كانت الدول العربية النفطية، قد بدأت في التغلب على الانكماش الاقتصادي الذي أعقب انهيار أسعار النفط عام 1986. وتعززت الثقة في الانتعاش مستقبلاً نتيجة للمستجدات على الصعيد العالمي، خاصة انتهاء الحرب الباردة بين القوتين العظميين، والتحولات السياسية والاقتصادية التي شهدتها دول أوروبا الشرقية بنهاية عام 1989. فقد تلا تلك المستجدات والتحولات ارتفاع الطلب العالمي على النفط، بما يؤدي إلى زيادة حصة دول المنطقة من سوق النفط العالمي، خاصة مع تراجع معدلات إنتاج النفط في الاتحاد السوفيتي.
وكانت الدول العربية النفطية الأعضاء في أوبك (السعودية ـ الكويت ـ قطر ـ العراق ـ الإمارات ـ ليبيا ـ الجزائر) قد لجأت خلال عام 1989، إلى زيادة معدلات إنتاج النفط اليومي إلى مستويات لم تصل إليها منذ عام 1981. ورافق ذلك ارتفاع أسعار النفط بأكثر من 20%.
كان لارتفاع أسعار النفط وزيادة مستوى الإنتاج خلال عام 1989، الفضل في زيادة العائدات النفطية للدول العربية النفطية أعضاء أوبك، إضافة إلى عمان والبحرين، إلى 72 مليار دولار، بلغ نصيب دول مجلس التعاون الخليجي منها 48.5 مليار دولار، أي نسبة الثلثين تقريباً.
نتيجة لذلك، انخفضت نسبة العجز في الميزانية الحكومية إلى الناتج المحلي في الدول العربية النفطية عام 1989 مقارنة لعام 1988، إلاّ أن تقلص العجز على هذا النحو يعكس أيضاً تأقلم الدول العربية النفطية مع تراجع الفورة النفطية وتدهور العائدات النفطية منذ عام 1982. وكان هذا العجز يُسدد من الاحتياطي العام. وعلى سبيل المثال: اضطرت السعودية إلى سحب 44 مليار دولار من الاحتياطي العام، لتمويل عجز الميزانية الحكومية خلال السنوات 1984 ـ 1988.
قدَّرت الدول العربية النفطية ميزانياتها الحكومية لعام 1990، على أساس استمرار نمو أسعار النفط وزيادة حصصها الإنتاجية. غير أن إنتاج دول منظمة أوبك من النفط الخام خلال النصف الأول من عام 1990، قد زاد عن سقف الإنتاج الذي حددته المنظمة في مؤتمرها الوزاري في نوفمبر 1989 بحوالي 22.05 مليون برميل يومياً، حتى استقر معدل الإنتاج في شهر يونيه 1990 عند  23.43 مليون برميل يومياً بزيادة 1.37 مليون برميل يومياً عن السقف المحدد، الأمر الذي أدى إلى انخفاض أسعار النفط من 17.31 دولار للبرميل عام 1989، إلى 16.7 دولار خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 1990. وكان ذلك أحد الأسباب الرئيسية للنزاع العراقي ـ الكويتي خلال شهري يونيه ويوليه 1990 وكان أيضاً الخلفية السياسية للغزو العسكري في أغسطس 1990، الذي أحدث تقلبات واسعة في سوق النفط.

فماذا حدث لسعر النفط؟

ارتفع إلى 19 دولاراً للبرميل بعد غزو الكويت، ثم قفز إلى حوالي 40 دولاراً للبرميل في أكتوبر 1990، لاشتداد التوتر بين العراق والولايات المتحدة، والمخاوف من حدوث عجز شديد في إمدادات النفط، إلاّ أن سعر النفط أخذ منحنى هبوطياً بعد هجوم التحالف الغربي على العراق في 17 يناير 1991، لينخفض سعر البرميل إلى 19 دولاراً للبرميل.
وماذا حدث للإنتاج في ظل هذه الحرب؟
انخفض إنتاج الكويت من النفط إلى 50 ألف برميل يومياً.
وانخفض إنتاج العراق من النفط إلى 300 ألف برميل (للاستهلاك المحلي).
ولكن زادت المملكة العربية .لسعودية إنتاجها إلى 8.5 مليون برميل يومياً.
وزادت الإمارات إنتاجها إلى 2.4 مليون برميل يومياً.
وزادت قطر وسلطنة عُمان وليبيا إنتاجها بنسب قليلة.
بذلك استطاعت المملكة العربية السعودية وحدها تعويض نحو مليون ونصف مليون برميل من النقص الذي نجم عن غياب صادرات النفط من الكويت والعراق، بين أغسطس 1990 ويناير 1991. كما استطاعت دولة الإمارات العربية المتحدة ضخ ما يزيد عن 500 ألف برميل يومياً. في المتوسط. إضافة إلى حصتها المقررة من أوبك. ومع ذلك فإن معدل إنتاج أوبك في يناير 1991 ظل دون المعدل الذي كان سائداً قبل أزمة الخليج.
وساهم ـ إلى جانب ذلك ـ في خفض أسعار النفط، قرار الوكالة الدولية للطاقة في 17 يناير 1991 (يوم هجوم التحالف الغربي على العراق) تطبيق برنامج الطوارئ لتزويد سوق النفط العالمية بـ  2.5 مليون برميل يومياً من النفط، إضافة إلى تأكيد استمرار إمدادات النفط، مع حسم الموقف العسكري لصالح التحالف الغربي.
وقد كان لارتفاع أسعار النفط في الفترة من أغسطس 1990 وحتى يناير 1991، مع الزيادة في إنتاجه. من جانب دول مجلس التعاون الخليجي، دورهما في تحقيق ارتفاع مرحلي ملحوظ في العائدات البترودولارية للدول العربية النفطية. إلا أن حرب الخليج التي هي في الأساس حرب نفطية، لم تغير المعطيات الأساسية لسوق النفط لصالح الدول المنتجة. بل إن عكس ذلك هو الصحيح، إذ أن المستفيد منها هو الولايات المتحدة والدول الغربية، بالسيطرة على النفط وأسعاره من أجل إنعاش الاقتصاديات الغربية.
3. الأزمة الكويتية والفوائض البترودولارية العربية
قدَّرت وزارة الدفاع الأمريكية في نهاية يوليه 1991، التكلفة الإجمالية لحرب الخليج بـ 61.1 مليار دولار. تكلفت الدول الخليجية منها 46.6 مليار دولار ـ على النحو التالي:
تكلفت السعودية 21.5 مليار دولار.
والكويت  19.7 مليار دولار.
والإمارات 5.4   مليار دولار.
بيد أن الالتزامات المالية التي رتبتها الأزمة على الدول الخليجية لا تقتصر على نفقات حرب الخليج. فأثناء أزمة الخليج، قامت السعودية بإقراض الاتحاد السوفيتي 4 مليارات دولار، وألغت الدول الخليجية الجزء الأكبر من قروضها لمصر (حوالي 7 مليارات من الدولارات).
وأثناء الأزمة أيضاً، زادت السعودية إنتاجها النفطي من حوالي 5.4 مليون برميل إلى 8.3 مليون برميل يومياً. وتحولت الإمارات أثناء الأزمة من سادس إلى ثالث أكبر منتج في أوبك. وتطلبت الزيادة في الطاقة الإنتاجية النفطية للدول الخليجية استثمارات بحد أدنى 10 مليارات دولار تزيد إلى 30 مليار دولار بنهاية عام 1995.
كما تطلبت الترتيبات الأمنية، وفقاً لوثيقة التعاون الأمني الاقتصادي (إعلان دمشق) بين دول مجلس التعاون الخليجي ومصر وسورية، إنشاء صندوق تنمية برأسمال ـ قُدِّر مبدئياً بـ  10 أو 15 مليار دولار ـ تموله الدول الخليجية.
ودفعت أزمة الخليج إلى تصاعد الإنفاق الدفاعي للدول الخليجية، وأهم مؤشراته الإعلان عن تعاقد السعودية على شراء أسلحة بقيمة 21 مليار دولار وارتفعت القيمة لكل الدول الخليجية إلى 30 مليار دولار.
أما بالنسبة للكويت، فإن تكاليف إعادة الإعمار قُدِّرت ـ عند الحد الأدنى ـ بحوالي 30 مليار دولار ـ بينما قدرت تكلفة إصلاح الآبار والمنشآت النفطية بحوالي 15 مليار دولار. إضافة إلى حوالي 8 مليارات دولار لتشغيل الجهاز الحكومي وتعويضات الموظفين.
وبذلك، تكون أزمة الخليج قد رتبت التزامات مالية على دول مجلس التعاون الخليجي تفوق 170 مليار دولار.
فهل تستطيع العائدات النفطية أن تفي بتلك الالتزامات؟
وفقاً لتقديرات الوكالة الدولية للطاقة، فإن إجمالي الطلب العالمي عام 1991، وصل إلى 53.4 مليون برميل يومياً، مثّل الإنتاج خارج الأوبك 28.6 مليون برميل يومياً. في حين ساهم إنتاج دول أوبك بحوالي 24.6 مليون برميل يومياً بزيادة 2.3 مليون برميل يومياً عن السقف الإنتاجي الذي حددته المنظمة.
ولذلك انخفض معدل سعر نفط دول أوبك من 22.38 دولار للبرميل في يناير 1991، إلى متوسط سنوي حوالي 17 دولاراً للبرميل.
وفي ظل وجود طاقة إنتاجية فائضة، فإن مستويات أسعار النفط في المستقبل المنظور لا تمكِّن الدول الخليجية من الوفاء بالتزاماتها المالية بسهولة.
لقد دفعت الالتزامات المالية المترتبة على أزمة الخليج ـ المملكة العربية السعودية إلى سحب  6.35 مليار دولار من الاحتياطيات الخارجية، وتسييل أصول خارجية بقيمة 4.5 مليار دولار واستدانة قروض مصرفية بحوالي 4.5 مليار دولار خلال عام 1990، كما اضطرت الكويت ـ لمواجهة الأعباء المالية لأزمة الخليج إلى استهلاك 40 مليار دولار من موجوداتها المالية السائلة ضمن استثماراتها في الخارج، وتوجهت إلى اقتراض 33 مليار دولار من سوق الاقتراض الدولية بضمان احتياطيها النفطي واستثماراتها في الخارج.
وانتهت الإمارات ـ أمام التزامات حرب الخليج والاستثمارات النفطية لزيادة طاقتها الإنتاجية، وخسائر بنك الاعتماد والتجارة الدولي (تمتلك 77.4% من أسهمه) ـ إلى استنفاد ما يزيد عن 15 مليار دولار من موجوداتها الخارجية التي تُقدر بحوالي 60 مليار دولار.
وبالجملة، فإن حرب الخليج قد استنفدت العائدات النفطية الإضافية لدول مجلس التعاون الخليجي الناتجة عن ارتفاع أسعار وإنتاج النفط عام 1990 (حوالي 16.2 مليار دولار). ومن ناحية ثانية استنفدت الحرب قسماً هاماً من الفوائض البترودولارية الخارجية لتلك الدول، لتنخفض إلى مستوى أدنى من مستواها في أوائل الثمانينات.
وأخيراً أسفرت حرب الخليج عن رهن الاحتياطيات النفطية، وما تبقى من الفوائض البترودولارية الخارجية للدول الخليجية، الأمر الذي يعني في النهاية فقدان سيادتها على النفط بآباره وأسعاره وأمواله.
وفي هذا الإطار يمكن فهم ما أشارت إليه صحيفة نيويورك تايمز في يوليه 1991 عن "مشروع للتعاون الوثيق بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية من أجل ضمان استقرار اقتصاديات البترول" حيث يتضمن المشروع، إعداد مستودعات بالأراضي الأمريكية لتخزين جزء من احتياطي النفط الخليجي بصفة عامة والسعودي بصفة خاصة، ليبقي بعيداً عن مخاطر المنطقة التي شهدت ثلاثة زلازل: حرب أكتوبر 1973، والحرب العراقية ـ الإيرانية 1980 ـ 1988، وحرب الخليج 1991.
ويكفل هذا المشروع للولايات المتحدة السحب من المخزون بالأسعار السائدة عام 1991 (20 دولار للبرميل)، لتحقيق التوازن بين الاستهلاك العالمي والإنتاج من النفط، وبما يحد من سيطرة منظمة أوبك.
ويوفر المشروع للدول الخليجية ضمان جزء من احتياطياتها النفطية، على الأراضي الأمريكية، بدلاً من تخزينه في ناقلات نفط عملاقة في المواني العالمية بما يحتاجه من نفقات تأمين وصيانة وحراسه، مع استمرار الإنتاج اليومي من النفط للدول الخليجية.
كما يُمكِّن المشروع الدول الخليجية من تسديد قيمة فواتير صفقات السلاح من الأرصدة النفطية المخزونة، دون المساس بالميزانيات السنوية.
وتعقيباً على هذا المشروع ـ الذي أشارت إليه صحيفة نيويورك تايمز ـ في هذا الوقت بالذات (يوليه 1991)، فإنه يدل على أن الولايات المتحدة الأمريكية قد انتهزت فرصة انتهاء حرب الخليج الثانية لطرح هذا المشروع.
وقد سبق الإشارة، في الصفحات السابقة تحت عنوان "الأزمة الكويتية والفوائض البترودولارية العربية" إلى الالتزامات المالية الضخمة التي فرضتها هذه الحرب على الدول الخليجية، وخاصة المملكة العربية السعودية والكويت، الأمر الذي استنفد قسماً هاماً من الفوائض البترودولارية الخارجية.
إن دعوة الولايات المتحدة الأمريكية للمملكة العربية السعودية وغيرها من دول الخليج لتخزين جزء من احتياطياتها النفطية بمستودعات بالأراضي الأمريكية، من أجل ضمان استقرار اقتصاديات البترول، لا يكفي لتحقيق التوازن بين الدول المصدرة والدولة المستهلكة، التي تضمن إمدادات بترولية كافية ومستمرة تغطى احتياجاتها. ولكن الدول المصدرة لن تحصل على عائدات مستقرة تأخذ صفة التدرج، كما هو الحال في العلاقات التجارية الدولية، بل إن الوضع سوف يظل مائلاً لصالح الدولة المستهلكة، التي يعود إليها معظم عائدات الدول المصدرة مقابل تصدير السلع والخبرة التكنولوجية والأسلحة إلى تلك الدول.
فهل هذا هو المقصود بضمان استقرار اقتصاديات البترول؟
أم المقصود ضمان استمرار التبعية الاقتصادية؟
إن هذا المشروع لا يدخل في مجال التجارة الدولية الحرة. وقد يكون سبباً في إثارة الخلاف بين الدول المصدرة والدولة المستهلكة بشأن تكاليف التخزين.
فهل ستدفع الدولة المصدرة إيجاراً لمستودعات التخزين؟
أم ستدفع الدولة المستهلكة إيجاراً للمخزون النفطي؟
وكيف تسيطر الدولة المصدرة على بترولها القابع في أراضي دولة أجنبية؟
وقد يخضع للمصادرة أو التجميد شأنه في ذلك شأن الأرصدة المودعة في المصارف الأجنبية.
كذلك فإن هذا المشروع يؤدي إلى إضعاف قوة منظمة أوبك، وإلى إثارة الخلافات بين أعضائها، خاصة وأن سبع دول من الدول الخليجية أعضاء في المنظمة.
وأخيراً، يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية قد لجأت إلى ابتكار هذا المشروع بهدف رفع مستوى مخزونها النفطي الاستراتيجي لاستخدامه في حالة الطوارئ، حتى لا تعتمد على الواردات البترولية من ناحية، وللضغط على الأسعار بقصد انخفاضها من ناحية أخرى. وذلك تحقيقاً لهدف وكالة الطاقة الدولية، التي قامت عام 1974 بعد فورة ارتفاع أسعار النفط عقب حرب أكتوبر 1973، لمواجهة منظمة أوبك.
[rtl]Splithere[/rtl]

[rtl]خامساً: الاقتصاد السياسي لفوائض البترودولار العربية [/rtl]

[rtl]          آثار فوائض البترودولار العربية في انتقال المشرق العربي من البداوة إلى الدولة الحديثة. كانت منطقة الخليج والجزيرة العربية تعتمد على اقتصاد الزراعة القائمة على الأمطار، ورعي الماشية، وصيد اللؤلؤ والأسماك على السواحل البحرية، والأعمال الحرفية التقليدية كالنسيج والفخار والأدوات المعدنية البسيطة. [/rtl]

[rtl]          تدفق النفط لأول مرة في المنطقة، يوم أول يونيه 1932، من أول بئر حُفر في البحرين عند مدينة "العوالي" الحالية. ونص عقد الامتياز بين شركة "باكو" وشيخ البحرين عام 1932، على حق الشركة في استغلال النفط في جميع أراضي البحرين ومياهها الإقليمية. [/rtl]

[rtl]          وفي عام 1935، وقعت الشركة الإنجليزية الفارسية، اتفاقية مع شيخ قطر عبدالله آل ثان، حصلت بموجبها على حقوق إنتاج وتسويق النفط والغاز الطبيعي في قطر لمدة 75 عاماً. [/rtl]

[rtl]          وبعد ثلاثة أعوام، اكتُشف النفط السعودي في الظهران، وتضمن عقد الامتياز بين شركة ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا وابن سعود الذي عُدل عام 1939، احتكار الشركة للتنقيب في مساحة 85 ألف ميل مربع لمدة 70 عاماً. [/rtl]

[rtl]          وكان شيخ الكويت أحمد الجابر، قد وقَّع عام 1934 عقد امتياز مع شركة بترول الكويت (الأنجلو أمريكية)، شمل جميع أراضي الكويت ومدته 75 عاماً. [/rtl]

[rtl]          وبدأ عصر العائد النفطي بالإتاوات التي حصل عليها شيوخ الخليج من الاحتكارات النفطية، مقابل امتيازات الاكتشاف والإنتاج. [/rtl]

[rtl]          وفي ديسمبر عام 1950. عدّلت الاتفاقيات نصيب البلدان النفطية على أساس "مبدأ مناصفة الأرباح". وبعد تأسيس منظمة الأقطار المصدرة للنفط (أوبك) تزايد نصيب البلدان المصدرة للنفط من العائدات النفطية نتيجة لتعديل الاتفاقيات. [/rtl]

[rtl]          ونجحت أوبك عقب مؤتمر طهران عام 1970، من خلال مفاوضاتها مع شركات النفط، في رفع سعر برميل النفط من 1.8 إلى 2.8 دولاراً. وبعد حرب أكتوبر 1973 (الصدمة النفطية الأولى) ارتفع سعر برميل النفط من 3.5 إلى 10.5 دولاراً. وعقب الصدمة النفطية الثانية (1979 ـ 1980) ارتفع سعر برميل النفط إلى 30 دولاراً عام 1980 وإلى 35.5 دولاراً عام 1981. [/rtl]

[rtl]          ونتيجة لذلك، تضاعفت العائدات النفطية للدول العربية الأعضاء في أوبك إضافة إلى البحرين وسلطنة عُمان من 23.7 مليار دولار عام 1973 إلى 208.3 مليار دولار عام 1981. [/rtl]

[rtl]          إن اعتبار العائدات النفطية "ريعاً نفطياً" يأتي من أن تلك العائدات هي إيجار تتقاضاه البلدان النفطية من تأجير أراضيها إلى الشركات النفطية، وهي بذلك ريع خارجي غير مكتسب، لم يتولد من العمليات الإنتاجية للاقتصاد الوطني. ومعنى ذلك، أن الأداء الاقتصادي في الدولة النفطية اعتمد على تحويل الثروة النفطية الناضبة كأصل عيني إلى أصول مالية. أي تحويل ثروة في باطن الأرض إلى ثروة نقدية ورقية. [/rtl]

[rtl]          فالدولة النفطية بذلك لا تحصل على دخل وإنما تأكل ثروتها. فالدخل إيراد دائم متجدد يمكن الحصول عليه بشكل مستمر مع بقاء الثروة أو الطاقة الإنتاجية على ما هي عليه، ويمثل إضافة إلى موارد الفرد أو الدولة. ولكن الدول النفطية تكسب موارد نقدية ورقية، وتخسر في الوقت نفسه مورداً طبيعياً. [/rtl]

[rtl]          وبتضاعف العائدات النفطية، مع تضاعف استخراج وتصدير الثروة النفطية، تراكمت فوائض بترودولارية قابلة للاستثمار، تم توجيهها إلى أسواق المال في الدول الصناعية المتقدمة، بهدف الانتقال من الاعتماد على "العائد النفطي" إلى "العائد المالي" مع اقتراب أجل نضوب النفط. [/rtl]

[rtl]          وخلال الفترة من 1973 إلى 1990، بلغت التدفقات التراكمية للفوائض البيترودولارية العربية المستثمرة في الخارج، حوالي 600 مليار توجهت الحصة الأكبر منها إلى الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا الغربية وبقية الدول الصناعية الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وتحول جزء منها في السنوات الأخيرة إلى أسواق الدول المصنعة حديثاً في الشرق الأقصى. وتركزت تلك الأصول نوعياً في الموجودات السائلة وشبة السائلة مثل ودائع الدولار واليورودولار والذهب والأوراق المالية الحكومية مثل سندات الخزانة الأمريكية والأسهم. [/rtl]

[rtl]          كما نشطت البنوك العربية الخارجية في لندن وباريس ولكسمبرج ونيويورك والبحرين في الإقراض المصرفي لمختلف دول العالم. مثلما نشطت الحكومات في الدول العربية النفطية في إقراض صندوق النقد والبنك الدوليين. [/rtl]

[rtl]          وهكذا أُعيد تدوير الفوائض البترودولارية إلى الخارج بهدف توليد عائدات مالية لتغطية تناقص العائدات النفطية مع اقتراب نضوب النفط. ومؤدى ذلك، أنه بدلاً من تدوير العائدات النفطية محلياً في تنويع مصادر الناتج القومي تحسباً لمرحلة ما بعد النفط، كان توجيه هذه العائدات لتوليد عائدات مالية في الخارج منفصلة عن العملية الإنتاجية في الداخل. [/rtl]

[rtl]          وقد ارتبطت فكرة الحصول على العائد المالي دون بذل أي جهد بظاهرة المضاربة وبذلك عرفت دول الخليج النفطية مراكز متميزة للمضاربة وخاصة في مجال المضاربات العقارية ثم المضاربات المالية في أسواق الأسهم لتحقيق المكاسب نتيجة لبعض الظروف الخاصة القائمة أو المفتعلة. [/rtl]

[rtl]          وعلى صعيد العلاقات العربية ـ العربية، فإن الفوائض البترودولارية المتوافرة للدولة النفطية العربية تدفعها إلى اتجاه استبعاد التكامل الاقتصادي وصولاً إلى التكامل الإقليمي سياسياً. فالأولوية بالنسبة لها، أن تتمكن من استثمار فائض أموالها في أي مكان من العالم. ولا يمنع ذلك من توجيه قدر متواضع من تلك الفوائض إلى دول العجز العربية لأغراض سياسية: [/rtl]

[rtl]أولها: التأثير على النُظم القومية والتقدمية (مثلما حدث مع مصر وسورية). [/rtl]

[rtl]وثانيها: إعاقة التكامل السياسي (مثلما حدث مع اليمن الشمالي حتى لا يتوحد مع اليمن الجنوبي، ومع تونس لإبعادها عن الوحدة مع ليبيا). [/rtl]

[rtl]وثالثها: دعم النُظم المحافظة في الدول العربية مثل المغرب والأردن. [/rtl]

[rtl]          وإذا توجهت الفوائض العربية لأغراض اقتصادية في الوطن العربي، تركزت في الأنشطة المالية والخدمية دون إضافة حقيقية للطاقات الإنتاجية. [/rtl]

[rtl]          وإن كانت دول الفائض العربية تحتاج للعمالة من دول العجز العربية، فإنها لا تفضل تنظيم انتقالها وتمنع إدماجها حقوقياً في مجتمع الدولة النفطية. [/rtl]

[rtl]          وعلى الرغم من أن دول الفائض العربية تستبعد التكامل الاقتصادي أو السياسي العربي، فإنها تطلب التكامل الأمني من أجل تحقيق الاستقرار، دون أن يغني ذلك عن الاستنجاد بالقوى الخارجية، وتصاعد الإنفاق على مشتريات السلاح. ومع ذلك، فإن الدول العربية غير النفطية تدرك أنها تشارك الدول النفطية في الانتماء إلى كيان ثقافي واحد هو "الأمة العربية" إلاّ أنها لا تشاركها الثروة النفطية. وتسعى دول العجز العربية الآن لمسايرة هذا الوضع من خلال نمط للعلاقات يتضمن تهيئة الفرص لتدفق الفوائض إليها من الدول العربية النفطية إضافة إلى تسهيل تصدير منتجاتها وانتقال العمالة إلى الدول النفطية. ولعل المشاعر العربية والروابط التاريخية ووحدة اللغة والعقيدة والمشاركة الأمنية تكون مدعاة إلى تقارب وثيق يسفر عن إنشاء السوق العربية المشتركة تدعيماً لاقتصاد الوطن العربي بأسره. [/rtl]

[rtl]          إن معضلة استمرار محدودية القاعدة الإنتاجية في الدول النفطية العربية وتواضع دور الفوائض النفطية في تحقيق التكامل الاقتصادي العربي ترتبط باستمرار عملية تحويل الثروة النفطية إلى عائدات نفطية ثم إلى عائدات مالية. فهل يستمر تحويل الثروة النفطية إلى أصول مالية خارجية بدلاً من تدويرها لتنويع مصادر الناتج المحلي، وتنمية القاعدة الإنتاجية عربياً، حتى آخر برميل من النفط؟ [/rtl]

[rtl]          الإجابة على هذا السؤال تخلص في أنه إذا استمر هذا الحال على ما هو عليه، فإن وصول الدولة العربية النفطية إلى آخر برميل من النفط يمكن أن يحدث بعد ثلاثة أجيال (حوالي 75 سنة) من الآن. وعندئذ تغلق الدولة أبوابها وتتوالى الهجرة من البلاد، فإن أكثرية المواطنين والمؤسسات الخاصة قد تمكنت من تهريب رؤوس أموالها إلى الخارج. وكما يقول جياكومو لوشياني: "قد تتحول عواصم النفط الحالية إلى مدن مهجورة مما يُعرف باسم مدن الأشباح … وعندئذ لن تواجه خطراً أمنياً لأنها لن يطمع فيها أحد، ولن يشغل بالها أمر الدفاع عن نفسها …". [/rtl]

[rtl]          ولا يمكن تعميم هذا القول على كافة الدول الخليجية، بل يُستثنى من ذلك السعودية والعراق. حيث يوجد فيهما مقومات الدولة الحديثة وقواعد اقتصادية من زراعية وصناعية دائمة. وتتميز السعودية بوجود الأماكن المقدسة فهي بذلك دولة تجذب إليها ملايين الوافدين من المسلمين لأداء الشعائر الدينية، وهي ليست دولة يهاجر مواطنوها إلى الأبد. ويُعتقد أن ما يقوله جياكومو لوشياني يتسم بالتحذير المبالغ فيه حتى يثير اهتمام الحكومات العربية النفطية تجاه إنشاء قواعد صناعية وزراعية منتجه، والإستعانة بالخبرات العالمية في هذا المجال. خاصة وأن فترة الأجيال الثلاثة (75 سنة) التي يُفترض في نهايتها الوصول إلى آخر برميل النفط، هي فترة كافية من الأفضل وضع إستراتيجية ثابتة لاستكمال مقومات الدولة الحديثة خلالها استعداداً لمواجهة اليوم الذي ينضب فيه النفط. [/rtl]

[rtl]          كذلك فإن هذا الإطار النظري، الذي صاغ فيه ذلك الكاتب رأيه، ما هو إلاّ فكرة تحيط بها نظرة تشاؤمية، غاب عنها أن منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك) وكافة دول الخليج تولي اهتماماً بالغاً في سياساتها التخطيطية لاستمرار أعمال التنقيب والمسح الجيوفزيائي لاستكشاف آبار جديدة في مناطق أخرى من أراضيها الشاسعة، وعلى طول شواطئها الممتدة لمسافات بعيدة. [/rtl]

[rtl]          وقد يكون من المناسب هنا مما يبدد تلك النظرة التشاؤمية لهذا الكاتب المذكور، الإشارة إلى أحدث اكتشاف في قلب صحراء الربع الخالي في السعودية، وهو حقل (الشيبة) الذي افتتحه سمو ولي العهد السعودي في 10 مارس 1999، والذي أثبتت الأبحاث التقنية أن احتياطه الثابت من الزيت الخام يزيد على 14 مليار برميل، بما يفوق احتياطي عديد من الدول المنتجة للبترول مثل النرويج وبريطانيا، وبما يماثل احتياطي مخزون بحر الشمال كله، وربما زاد على احتياطي منطقة بحر قزوين. [/rtl]

[rtl]          وصرح رئيس شركة أرامكو السعودية أن حقل الشيبة (133بئراً) تبلغ طاقته الإنتاجية نحو 500 ألف برميل يومياً من الزيت الخام. ويعتبر أكبر مشروع إنتاج من نوعه في العالم خلال العقدين الماضيين. [/rtl]



عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الإثنين 07 مارس 2016, 10:30 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69673
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Empty
مُساهمةموضوع: رد: البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول   البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Emptyالإثنين 07 مارس 2016, 10:29 pm

الفصل الرابع
الدول المستهلكة للبترول
          تناول، الفصل الأول تاريخ الشركات المستثمرة للبترول، ومدى سيطرتها على إنتاج البترول في معظم أنحاء العالم، عن طريق اتحاداتها الاحتكارية ومساندة الدول الأجنبية لها.
          وتضمن الفصل الثاني عرضاً للأحداث التي طرأت على موقف الدول المنتجة، ومدى تعاونها معاً على التصدي لهيمنة شركات البترول، وتدرج علاقاتها معها ابتداءً من مبدأ مناصفة الأرباح وعقود المقاولة ومبدأ المشاركة في الملكية حتى تأميم الشركات الامتيازية وبذلك استردت الدول المنتجة نفوذها على ثرواتها الوطنية من البترول، عن طريق عقد مؤتمراتها وقيام منظماتها وأهمها الأوبك والأوابك ومجموعة أيبك (وهي الدول غير الأعضاء في أوبك).

  • وأثر البترول كأداة سياسية لدى الدول المنتجة.
  • وتقييم منظمة أوبك وكيفية المحافظة على مستقبلها.
  • وقيام منظمة أوابك وإقدامها على تنويع أنشطتها وإنشاء مشروعات عربية مشتركة.
  • وكيفية تعاون الدول المنتجة في تنسيق العرض العالمي للبترول.

اشتمل، الفصل الثالث على توضيح تأثير صناعة البترول في اقتصاديات دول المنطقة العربية

  • وكيفية تطور عائدات دول أوبك من الصادرات البترولية.
  • وكيفية تكوين فوائض البترودولار العربية وفرص استثمارها في الخارج ومخاطر ذلك.
  • وكيفية تدوير هذه الفوائض البترودولارية في المنطقة العربية وتأثير أزمة الخليج عليها.
  • ونبذة عن الاقتصاد السياسي لهذه الفوائض وعلاقتها بالنفط كمورد ناضب لا دوام له.

وفيما يلي عرض لموقف الدول المستهلكة للبترول، وتطور مواجهتها للدول المنتجة.
          إن مصلحة الدول المستهلكة للبترول ـ سواء في الغرب أو في الولايات المتحدة الأمريكية ـ تبدو واضحة في بقاء منطقة الخليج ـ باعتبارها المستودع الرئيسي لاحتياطيات البترول ـ في نطاق السيطرة الغربية، وألاّ يخل باستقرارها أي تغيير مع العمل في الوقت نفسه على اتباع سياسة مؤداها:

  1. بناء مخزون من البترول يوفر للدول الغربية وقاية من التغيرات التي قد تؤدي إلى انقطاعات.
  2. إبعاد تغلغل نفوذ أي دولة أخرى إلى هذه المنطقة التي تحتوي على هذا الكنز البترولي.
  3. تشجيع استكشاف البترول واستخراجه في مناطق أخرى بعيده عن هذه المنطقة واضطراباتها.

          لذلك أخذت الدول المستهلكة للبترول العمل على تنسيق سياساتها البترولية للحصول على هذه السلعة الحيوية بطريقة منتظمة وبأسعار مناسبة مستخدمة نفوذها وضغوطها على الدول المنتجة للبترول في مواجهة دائمة.
أولاً: سياسة الدول الصناعية الغربية قبل عام 1973
          ظلت سياسة الطاقة في دول غرب أوروبا حتى قيام الحرب العالمية الثانية تعتمد أساساً على مصدر واحد للطاقة وهو الفحم، حيث كان يلبي أكثر من 90% من احتياجات هذه الدول.
          أما بعد الحرب العالمية الثانية وخلال الخمسينات، فقد زاد استهلاك المنتجات البترولية بصورة سريعة للأسباب الآتية:

  1. رخص سعر البترول ابتداءً من عام 1957، نتيجة لإعادة افتتاح قناة السويس، وازدياد مبيعات الاتحاد السوفيتي، وازدياد منافسة شركات البترول المستقلة ومواجهتها للشركات المستثمرة للبترول أعضاء الاتحاد الاحتكاري.
  2. سهولة النقل والاستخدام.
  3. نظافة البترول وقلة التلوث المرتبط باستخدامه.

أسباب الاعتماد على بترول الشرق الأوسط
          أخذت دول غرب أوروبا تزيد اعتمادها على بترول الشرق الأوسط بصورة كبيرة، فقد ازدادت درجة الاعتماد من 20% من جملة استهلاك البترول قبل الحرب العالمية الثانية إلى 43% عام 1947 ثم إلى 85% عام 1950، ويرجع ذلك إلى ما يلي:

  1. قرب حقول بترول الشرق الأوسط من السوق الأوروبي.
  2. النفوذ الكبير للدول الأوروبية في منطقة الشرق الأوسط.
  3. حيث كانت فرنسا تسيطر على دول المغرب العربي (الجزائر)، وإنجلترا تسيطر على دول الخليج (الكويت ودولة الإمارات وقطر والبحرين وعمان).
  4. كذلك كانت الدول الأوروبية تتمتع بامتيازات واسعة لاستغلال حقول بترول دول الشرق الأوسط، عن طريق الشركات التابعة لها، ومنها: الشركة الفرنسية للبترول CFP والشركة البريطانية BP وشركة شل (المملوكة مشاركة بين إنجلترا وهولندا). وقد كانت هذه الشركات تبيع بترولها للدول الأوروبية بالعملات المحلية لهذه الدول.
  5. عدم استطاعة الولايات المتحدة الأمريكية إمداد دول أوروبا واليابان باحتياجاتها من البترول بسبب توقعها حدوث ندرة بترولية عالمية.

ثانياً: سياسة الدول الصناعية الغربية والولايات المتحدة الأمريكية بعد عام 1973
الإجراءات التي اتخذتها الدول الصناعية لمواجهة أزمة البترول عام 1973 ـ 1974
          كان من الصعب في تلك الآونة على الدول الأوروبية أن تضع سياسة موحدة للطاقة تلتزم بها. وذلك لاختلاف ظروف كل دولة من ناحية درجة الاكتفاء الذاتي في إنتاج الطاقة. ونظراً لاختلاف كل منها فيما يتعلق بوجود مصالح بترولية لها خارج حدودها، فقد أدى هذا الاختلاف إلى قلة التعاون بين الدول الأوروبية الغربية عموماً في مجال الطاقة.
          ولكن عقب ارتفاع أسعار البترول في عام 1973/ 1974، اتخذت معظم الدول المستهلكة للبترول خطوات حاسمة للحد من استهلاك البترول. وقد انخفض استهلاك البترول في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD Organization for Economic Co - Operation and Development  في عام 1974/1975، ولكن حوالي ثلاثة أرباع الانخفاض في الطلب كان يرجع إلى الركود الاقتصادي العالمي، الذي حدث في أعقاب رفع أسعار البترول عام 1973، أما الربع الباقي فإنه يرجع إلى إجراءات الحد من الاستهلاك.
          وفي كثير من الدول وخاصة الولايات المتحدة، لم ينعكس الارتفاع الشديد في أسعار البترول الخام 1973/ 1974 على أسعار المنتجات البترولية بالقدر نفسه، وذلك بسبب عدم وجود علاقة مباشرة بين سعر البترول الخام وسعر المنتجات البترولية.
          وتوضيحاً لذلك نذكر، أنه قبل رفع الأسعار عام 1973، كانت حكومات الدول الأوروبية تفرض ضرائب عالية على استهلاك المنتجات البترولية لأسباب خاصة بميزانيات هذه الدول. فلما ارتفعت أسعار البترول ارتفاعاً شديداً في أواخر عام 1973 وبداية عام 1974 فإن هذا الارتفاع لم ينعكس بالكامل على أسعار المنتجات البترولية. وقد تفاوتت الدرجة من دولة إلى أخرى. وقد ظلت أسعار المنتجات البترولية رخيصة بصورة واضحة في الولايات المتحدة الأمريكية، مما شجع ذلك على ارتفاع مستوى الاستهلاك.
سياسة الطاقة في الولايات المتحدة الأمريكية
          أما عن مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية لأزمة البترول في الفترة التالية لعام 1973 فيمكن توضيحه في النقاط التالية:

  1. تم وضع برنامج طموح سُمي "مشروع الاستقلال Independence Project يهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج واستهلاك الطاقة بحلول عام 1980، إلاّ أنه تم تأجيل ميعاد تحقيق الاكتفاء الذاتي إلى عام 1985، حيث اتضح أن الاعتماد على الواردات البترولية لن يتوقف تماماً في عام 1985، بل سوف ينخفض من 38 % من استهلاك البترول عام 1974 إلى 25% فقط عام 1985.
  2. في أكتوبر 1974 أعلن رئيس الولايات المتحدة الالتزام بتخفيض الواردات الأمريكية البترولية بمقدار مليون برميل/ يوم في نهاية عام 1975، وبمقدار 2 مليون برميل/ يوم في نهاية عام 1977. وذلك عن طريق تعديل أسعار البترول لكي ترتفع من متوسط 9 دولارات إلى 13 دولار للبرميل بهدف خفض الاستهلاك. ولكن الكونجرس الأمريكي سمح بحدوث ارتفاع محدود في ثمن البترول، وإعطاء حوافز خاصة لبترول ألاسكا عالي التكلفة بهدف التشجيع على زيادة إنتاجه.
  3. وفي عام 1978 صدر قانون كفل للرئيس الأمريكي حق تكوين "احتياطي إستراتيجي للبترول Strategic Petroleum Reserve"  بهدف الوصول إلى احتياطي قدره 150 مليون برميل في مدة ثلاث سنوات و550 مليون برميل في سبع سنوات. ولكن تحقيق هذا الهدف باء بالفشل.
  4. تدهور وضع الطاقة في الولايات المتحدة في عام 1976 بالمقارنة بعام 1973 وذلك على النحو التالي:

أ. أصبحت الواردات البترولية تمثل 42% من الاستهلاك في عام 1976 بعد أن كانت 33% فقط عام 1973، ومازالت الواردات في زيادة مستمرة.
ب. كانت الولايات المتحدة في عام 1973 تعتمد على الدول العربية لاستيراد 11 % من وارداتها من البترول، بينما زادت النسبة إلى 18% في عام 1976.
ج. أنخفض الإنتاج المحلي من البترول من 9.2 مليون برميل/ يوم عام 1973 إلى 8.04 مليون برميل/ يوم عام 1976.
د. إن إنتاج البترول من المصادر البديلة (على شكل وقود صناعي) مثل زيت السجيل Shale Oil  ورمال القطران Tar Sands والغاز والبترول المنتج من الفحم أصبح يحقق في عام 1976 ما كان يحققه في عام 1973، أي لم تحدث أي زيادة في إنتاج هذه المصادر البديلة.
هـ. عدم وجود حماس كاف لبناء محطات نووية جديدة.
          للاعتبارات المتقدمة أعلنت الوكالة الدولية للطاقة (التي تأسست عام 1974 بضغط من الولايات المتحدة) أعلنت في عام 1976 أن الولايات المتحدة تعتبر أسوأ دولة بين أعضائها (17 دولة) في تحقيق هدف ترشيد استهلاك الطاقة، وذلك على الرغم من وجود إمكانيات كبيرة لترشيد استهلاك الطاقة فيها.
ثالثاً: الوكالة الدولية للطاقة (International Energy Agency (IEA
كيف نشأت الوكالة الدولية للطاقة لمواجهة نفوذ دول منظمة الأوبك؟
          أثناء حرب أكتوبر اجتمعت دول منظمة الأوبك واتخذت مجموعة من الإجراءات لمؤازرة كل من مصر وسورية في حربها مع إسرائيل، ومن ناحية أخرى لتصحيح الأوضاع في صناعة البترول، وذلك عن طريق اتخاذ زمام المبادرة في أيديها لأول مرة في قضايا الإنتاج والأسعار والأرباح وكل ما يتعلق بصناعة البترول في أراضيها. وذلك بعد أن كانت كل هذه الأمور مركزة في أيدي شركات البترول الكبرى منذ بداية عهد استغلال حقول البترول في دول الأوبك.
          وقد أدى انتصار القوات العربية ونجاح القوات المصرية في عبور قناة السويس والاستيلاء على خط بارليف وتحطيم الدفاعات الإسرائيلية إلى شد أزر الدول العربية في منظمة أوبك فقامت برفع أسعار بترولها ـ بين أكتوبر 1973 ويناير 1974 ـ من حوالي 2 دولار للبرميل إلى أكثر من 8 دولارات للبرميل أي بنسبة 400%. كذلك تم حظر تصدير النفط إلى الدول المساندة لإسرائيل وهي الولايات المتحدة وهولندا. كذلك قامت الدول العربية بتخفيض إنتاجها من النفط، حيث وصلت نسبة التخفيض في بعض الدول إلى 25% من إنتاجها. وكان الهدف من ذلك الضغط على الدول الغربية لإيقاف العدوان الإسرائيلي على مصر وسورية، خاصة بعد حدوث الثغرة في القوات المصرية غرب قناة السويس يوم 17 أكتوبر 1973 نتيجة لإمدادات الأسلحة الأمريكية لإسرائيل.
وفي أعقاب قرارات منظمة الأوبك ساد الذعر الدول المستهلكة وحاولت بعض الدول استخدام علاقاتها الجيدة مع العالم العربي لعقد صفقات مباشرة وخاصة فرنسا واليابان. إلا أن الولايات المتحدة ثارت على دول منظمة الأوبك وخاصة الدول العربية منها.
          قاد عملية الهجوم هنري كيسنجر وزير خارجية الولايات المتحدة في ذلك الوقت. وطالب بتكوين جبهة من الدول المستهلكة تقف في مواجهة دول الأوبك.
          ولما كان رد الفعل لدى الدول الأوروبية فاتراً، لجأت الولايات المتحدة إلى التهديد بسحب قواتها من أوروبا الغربية، وتخليها عن تعهداتها الخاصة بالدفاع عن أوروبا الغربية في مواجهة الاتحاد السوفييتي، كما هددت أيضا بغلق أسواقها في وجه التجارة الأوروبية واليابانية. وكان هدف الولايات المتحدة أيضاً منع أوروبا واليابان من التعامل مع منظمة الأوبك أو مع الجانب العربي في تلك المنظمة. ويؤكد ذلك ما ورد في جريدة التايمز  Times  اليابانية في أوائل يناير 1974 ـ نقلاً عن كيسنجر ـ الكلمات المهدِّدة التالية: "في وسعي أن أقول إن أية محاولة تقوم بها اليابان لمعالجة مشكلتها على أساس قطري خالص، سوف يجعلها أمام مشاكل لن تجد لها حلا تقريباً..".
          وتحت التهديد والوعيد نجحت الولايات المتحدة في إقناع الدول الأوروبية واليابان بالحضور إلى مؤتمر للطاقة في واشنطن في شهر فبراير 1974. وقد عارضت فرنسا منذ البداية هذا الموقف الأمريكي الذي ينطوي على أساس اتباع أسلوب المواجهة مع دول الأوبك. ورأت ضرورة انتهاج مبدأ التفاهم والتحاور ليس فقط مع الدول المنتجة للنفط، ولكن أيضاً مع دول العالم الثالث المصدرة للمنتجات الأولية المختلفة.
          كان هدف فرنسا من وراء ذلك واضحاً وهو تقوية نفوذها لدى دول العالم الثالث، ورغبتها في المحافظة على علاقاتها القوية مع العالم العربي بصفة عامة ودول البترول الغنية بصفة خاصة. وقد وضع الرئيس ديجول أساس هذه السياسة في عام 1967 في أعقاب العدوان الإسرائيلي على العالم العربي. وقد أدت السياسة الفرنسية المساندة للعالم العربي إلى حصول فرنسا على احتياجاتها من البترول والأموال العربية، فضلاً عن فتح أسواق الدول العربية للبضائع الفرنسية، هذا بجانب صفقات السلاح التي عقدتها الدول العربية مع فرنسا.
          عُقد مؤتمر الطاقة في العاصمة الأمريكية في فبراير 1974. وتحت التهديد تارة والإغراء تارة أخرى، اضطرت الدول التي حضرت المؤتمر ـ وهي دول أوروبا الغربية (عدا فرنسا) وكندا واليابان ـ إلى اتخاذ موقف قريب من الموقف الأمريكي. وتمت الموافقة على إنشاء الوكالة الدولية للطاقة  IEA  من 16 دولة (زاد عددها الآن إلى 21 دولة) وذلك في إطار منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية  OECD . وتم اختيار باريس مقراً لها. وكان الهدف من ذلك واضحاً وهو محاولة إغراء فرنسا للاشتراك في الوكالة فيما بعد، الأمر الذي دعا فرنسا إلى وقف معارضتها لإنشائها، بل وتعاونت معها عن طريق اشتراكها في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والسوق الأوروبية المشتركة. ولكن يمكن القول أن عدم اشتراك فرنسا في الوكالة الدولية للطاقة قد أضعف وحدة الدول المستهلكة والوكالة أيضاً.
          طالب كيسنجر ـ صاحب مشروع الوكالة الدولية للطاقة ـ الدول الأعضاء في الوكالة بالتعاون  فيما بينها بهدف القضاء على احتكار دول الأوبك إنتاج البترول وتصديره وذلك باتباع الوسائل الآتية:

  • ترشيد استهلاك الطاقة.
  • الحد من استيراد البترول.
  • تشجيع مصادر الطاقة البديلة.
  • تشجيع إنتاج البترول والغاز في مناطق خارج دول الأوبك.

          كان كيسنجر بعيد النظر وموفقاً في اعتقاده بأن نجاح الدول الصناعية في انتهاج السياسة المذكورة فيما يتعلق بالطاقة، من شأنه أن يقضي على احتكار منظمة الأوبك في إنتاج وتسعير وتصدير البترول، وأن ذلك من شأنه أن يساعد ـ فيما بعد ـ في خفض أسعار البترول كما تحقق ذلك مؤخراً.
          وعلى الرغم من عدم تحقيق كل أهداف الوكالة الدولية للطاقة ـ كما يتضح بعد ـ إلاّ أن السياسات التي تم اتخاذها فيما يتعلق بترشيد استهلاك الطاقة، وتطوير مصادر الطاقة البديلة، والتوسع في إنتاج البترول خارج دول الأوبك، هذا فضلاً عن الركود الاقتصادي العالمي طويل الأمد، قد ساعدت كل هذه الأمور في تحقيق هدف هنري كيسنجر في كسر احتكار منظمة الأوبك.
أهداف الدول المستهلكة من إنشاء الوكالة الدولية للطاقة ومدى نجاحها

  1. تحقيق التعاون بين الدول الأعضاء في الوكالة في مجال الطاقة وهي تشمل جميع الدول أعضاء منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية عدا فرنسا.
  2. تطوير مصادر الطاقة الجديدة، والتعاون بين الدول الأعضاء في مجال الأبحاث الخاصة بمصادر الطاقة الجديدة والمتجددة، إلاَّ أن التعاون لم يكن كافياً بسبب تخوف الدول المتقدمة في مجال أبحاث الطاقة من إفشاء الأسرار الخاصة بدرجة تقدمها في هذه المجالات.
  3. الاتفاق على سعر مرتفع للبترول داخل الدول الغربية، بهدف تشجيع وتطوير مصادر الطاقة البديلة المتوافرة في هذه البلاد، وخاصة الفحم والوقود الصناعي، ذلك لأن تكلفة إنتاج الطاقة من هذه المصادر البديلة يفوق تكلفة إنتاج البترول في دول الأوبك. ولكن الدول أعضاء الوكالة الدولية للطاقة فشلت في الاتفاق على رفع سعر البترول داخل بلادها لتفاوت ما لدى كل منها من مصادر الطاقة.
  4. المراجعة السنوية لسياسات الطاقة في الدول الأعضاء، وذلك بهدف حثها على بذل مجهود أكبر لتوفير استخدام الطاقة والعمل على تطوير مصادر جديدة للطاقة. ولكن نفوذ الوكالة كان محدوداً للغاية لعدم وجود سلطة لديها على الدول الأعضاء.
  5. وضع خطة طوارئ لمشاركة الدول الأعضاء في الاحتياطيات البترولية المتوافرة لديها Emergency Energy Sharing plan  ويعتبر هذا أهم أهداف الوكالة التي وضعت في أواخر عام 1974. بمعنى أن كل دولة تقوم بإرسال جزء من مخزون البترول لديها إلى الدولة العضو التي تواجه أزمة في إمدادات البترول.

          ولكن النرويج عارضت خطة المشاركة المذكورة، خوفاً على إنتاجها من بحر الشمال. فضلاً عن أنه من الصعب تطبيق هذه الخطة وقت الأزمات لأسباب مختلفة فنية وغير فنية.
مصادر الطاقة البديلة
زيادة الاعتماد على الطاقة النووية   Nuclear Energy  
          تنفيذاً لأهداف الوكالة الدولية للطاقة فيما يتعلق بتشجيع وتطوير مصادر الطاقة البديلة المتوافرة في الدول الأعضاء، وخاصة الفحم والوقود الصناعي والطاقة النووية، لكسر احتكار دول الأوبك إنتاج البترول وتصديره.
          لم تكتف الدول الصناعية الأوروبية بتنفيذ برنامجها الطموح لترشيد استهلاك البترول حتى لا تقع تحت رحمة الدول المنتجة للبترول، بل إنها بعد تفجر أزمة البترول في أعقاب حرب أكتوبر 1973، وضعت برنامجاً آخر للطاقة النووية كمصدر بديل للطاقة.
          على سبيل المثال: خططت دول السوق الأوروبية المشتركة لكي يزيد نصيب الطاقة النووية في إجمالي استهلاك الطاقة من 2% عام 1974 إلى ما بين 13-16% عام 1985، أو إلى نصف إجمالي الكهرباء المولدة في دول السوق الأوروبية المشتركة.
          في نفس الوقت، خططت اليابان لكي يزيد نصيب الطاقة النووية في توليد الكهرباء من 6.2% إلى 17%.
          وفي  الولايات المتحدة طالب الرئيس فورد في يناير 1975 ببناء 200 محطة كهرباء نووية بحلول عام 1985 (كان العدد الموجود في ذلك الوقت 50 مفاعلاً نووياً).
          نتيجة لذلك أصبح حجم استهلاك الدول الصناعية للطاقة النووية عام 1984 يساوي أكثر من خمسة أمثال حجم استهلاك الطاقة النووية عام 1973. أما إنجلترا حيث يتوافر لديها بترول بحر الشمال، فإن درجة اعتمادها على الطاقة النووية اتسمت بالبطء الشديد إن لم يكن قد تراجعت إلى الوراء. أما هولندا ـ الغنية بالغاز الطبيعي ـ فقد زاد استهلاكها للطاقة النووية ثلاث مرات فقط. أما النرويج ـ ثاني منتج للبترول في بحر الشمال ـ فقد قررت عدم إقامة محطات للطاقة النووية بها. أما ألمانيا الغربية ـ الفقيرة في مصادر الطاقة ـ فقد زاد نصيبها في استهلاك الطاقة زيادة طفيفة، وذلك للمعارضة الشديدة من قبل الرأي العام الألماني للأسلحة النووية والطاقة النووية وأي شيء مستمد من الذرة.
عقبات في طريق إقامة المزيد من المحطات النووية
          على الرغم من حماس الدول الصناعية للتوسع في إقامة محطات للطاقة النووية، فإن الكثير من هذه المشروعات لم ينفَّذ للأسباب الآتية:

  1. معارضة الرأي العام الشديدة لإقامة المفاعلات النووية.
  2. الارتفاع الكبير في تكاليف إنشاء المحطات النووية.
  3. الركود الاقتصادي في الدول الصناعية وما ترتب عليه من انخفاض الطلب على الكهرباء.
  4. تزايد المصاعب الخاصة بوجود مواقع مناسبة لبناء المحطات النووية، خاصة في الدول المزدحمة بالسكان في أوروبا واليابان.
  5. صعوبة التنبؤ بالطلب على الطاقة بصفة عامة، وعلى الكهرباء بصفة خاصة. ولما كان بناء المفاعل النووي يحتاج إلى فترة طويلة قد تمتد إلى عشر سنوات فإن مشكلة التنبؤ بالطلب ومن ثم تقدير ربحية المشروع تصبح أكثر تعقيداً.

          أدت هذه الأسباب إلى إلغاء الكثير من مشروعات بناء المفاعلات النووية خلال السبعينات. هذا إضافة إلى معارضة الولايات المتحدة التوسع في أبحاث الطاقة النووية. وطلبت من الدول الأخرى أن توقف أبحاثها في هذا المجال. كما طلبت من الدول الصديقة مثل إنجلترا وألمانيا وفرنسا أن توقف بيع مفاعلات نووية لدول مثل باكستان والبرازيل وغيرها من الدول ذات القدرات النووية.
          نتيجة لذلك، أخذت معظم الدول الصناعية تنظر إلى الفحم كوسيلة لتخفيض اعتمادها على البترول المستورد، إلاَّ أنه في أعقاب ارتفاع أسعار البترول مجدداً في عام 1979/1980، أصبح من الضروري التحول بجدية إلى صناعة الفحم. ولكن ابتداء من عام 1982 ـ عندما أخذت أسعار البترول في الانخفاض، وبدأت تظهر الوفرة البترولية في السوق العالمي ـ تراجع استهلاك الفحم، وعادت هذه الدول الصناعية إلى الاعتماد على استهلاك البترول مرة أخرى.
الوقود الصناعي  Synthetic Fuel
          وتنفيذاً لأهداف الوكالة الدولية للطاقة ـ أيضاً ـ فيما يتعلق بتطوير مصادر الطاقة البديلة، وضعت الولايات المتحدة خطة في عام 1975 لإنتاج الوقود الصناعي (عن طريق تحويل الفحم إلى سائل أو غاز) بواقع مليون برميل / يوم بحلول عام 1985.
          لتحقيق هذا الهدف، قامت مجموعة من شركات البترول والطاقة الأمريكية بالتخطيط لإنشاء مشروعات لإنتاج الوقود الصناعي من الفحم أو من زيت السجيل  Shale Oil  ، ولكن سرعان ما أوقفت هذه الشركات مشروعاتها في هذا المجال بسبب الارتفاع الكبير في التكاليف وفي السعر المتوقع للمنتج النهائي، الذي سوف يكون أغلى بكثير من سعر البترول.
          لذلك فإن صناعة الوقود الصناعي لن يُكتب لها النجاح إلا إذا قامت الحكومة الفيدرالية بتقديم الدعم المالي حتى يمكن جعل الاستثمار في هذه المشروعات أمراً مربحاً.
أما دول غرب أوروبا واليابان فقد اهتمت بدرجة أقل بتطوير صناعة الوقود الصناعي، وظلت على اعتمادها الكبير على استيراد البترول من الخارج. ويرجع ذلك إلى:

  • فقر هذه الدول في احتياطيات الفحم، ووجود كميات متواضعة من زيت السجيل.
  • التكاليف الباهظة لإنتاج هذا الوقود الصناعي.

الطاقة الشمسية  Solar Energy
          اهتمت الدول الأوروبية بالطاقة الشمسية عن طريق وضع برنامج لتطوير تكنولوجيا الطاقة الشمسية، من شأنه أن يؤدي إلى إنتاج أجهزة اقتصادية لاستخدام هذه الطاقة.
          ولكن اهتمام دول غرب أوروبا واليابان بالطاقة الشمسية كان محدوداً بالمقارنة باهتمام الولايات المتحدة الأمريكية التي أنفقت أكثر من 100 مليون دولار على أبحاث الطاقة الشمسية عام 1976.
          وعلى الرغم من ضخامة الأموال التي أنفقتها الولايات المتحدة على برنامج الطاقة الشمسية، فإن النتائج ما زالت غير مشجعة من ناحية التطوير التكنولوجي في هذا المجال. وعلى ذلك فإن أجهزة الطاقة الشمسية ما زالت عالية التكلفة مما يعوق استخدامها.
          خلاصة القول، بعد استعراض مصادر الطاقة البديلة: الطاقة النووية، والوقود الصناعي، والطاقة الشمسية، فإن هدف الوكالة الدولية للطاقة، الذي يرمي إلى تطوير هذه المصادر، أملاً في أن تحل محل البترول، لم يكتب له النجاح. واضطرت هذه الدول أعضاء هذه الوكالة إلى الاعتماد على استهلاك البترول واستيراده من الخارج.
          ولعل كيسنجر كان يشعر في قرارة نفسه بعدم رضى أعضاء الوكالة الدولية للطاقة ـ الذين انضموا إليها كرها ـ وأنهم لا يودون مجابهة منظمة الأوبك، حين أوضح ذلك بقوله: "إن معظم حلفائنا مقتنعون ـ من حيث الأساس ـ بأن إمداداتهم النفطية يمكن ضمانها بالتكيف مع المطالب السياسية العربية أفضل من ضمانها بتكوين جبهة متحدة لمقاومة الضغوط" وكان ذلك سبباً في عدم تحقيق كافة أهداف الوكالة الدولية للطاقة في السنوات التي أعقبت إنشائها.
ومع ذلك فقد واصلت الوكالة ـ في مثابرة وإصرار ـ وضع خطط جادة لتنسيق السياسات النفطية للدول الأعضاء المستهلكة للنفط، للعمل على تحقيق أهدافها الخاصة بتطوير مواجهتها للدول المنتجة. وقد تمكنت الوكالة من خلال دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) من تقليص الاعتماد على البترول المستورد بوجه عام وعلى بترول أوبك بوجه خاص، عن طريق تطوير مصادر الإنتاج، بالتركيز على زيادة الاستثمارات وتطوير تكنولوجيا الحفر لاستكشاف مناطق بترولية جديدة في مناطق خارج أوبك مثل مصر وعمان واليمن والصين ودول بحر الشمال وغيرها، حيث تحولت هذه المناطق الجديدة إلى مناطق مصدرة للبترول وذلك جنباً إلى جنب مع تنمية مصادر الطاقة البديلة بقدر الإمكان وترشيد الاستهلاك.
          وقد أدت هذه السياسات مجتمعة إلى خفض الطلب العالمي على البترول، وبالتالي إلى خفض الأسعار، الأمر الذي أدى في النهاية إلى تغيير مسيرة الأسعار، التي تحوَّل على أثرها سوق البترول في نهاية عام 1980 من سوق للبائعين إلى سوق للمشترين ابتداءً من عام 1981. وسوف يتناول  الفصل التالي ـ بإذن الله تعالى ـ هذه الخطط وهذه السياسات بالتفصيل ضمن الحديث عن أسعار البترول في ظل الضغوط على قوانين السوق وأثرها على الاقتصاد العالمي فقد كان لها أثر كبير في انخفاض الأسعار خلال حقبة الثمانينات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69673
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Empty
مُساهمةموضوع: رد: البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول   البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Emptyالإثنين 07 مارس 2016, 10:33 pm

[rtl]الفصل الخامس[/rtl]

[rtl]أسعار البترول في ظل الضغوط على قوانين السوق[/rtl]

[rtl]وأثرها على الاقتصاد العالمي[/rtl]

[rtl]تبين مما سبق أن أسعار البترول قد تعرضت وما زالت لضغوط الجهات الثلاث: [/rtl]
[rtl]1.   الشركات المستثمرة للبترول. [/rtl]
[rtl]2.   والدول المنتجة. [/rtl]
[rtl]3.   والدول المستهلكة. [/rtl]
[rtl]          ويؤدي ذلك إلى حقيقة لا ريب فيها، هي أن البترول ـ على عكس معظم السلع التي تباع في الأسواق العالمية ـ لم يعد مورداً يمكن تحديد المتاح منه من خلال قوانين السوق فقط، بل أصبح سلعة سياسية. بل ويتحدد سعره والمتاح منه بناءَ على عدد لا يحصى من العوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، فضلاً عن قوانين العرض والطلب أيضاً. [/rtl]
[rtl]          وفوق كل ذلك، فإن نفوذ الشركات المستثمرة للبترول والدول المستهلكة له، والدول المنتجة للبترول (التي استعادت سيطرتها على ثرواتها البترولية عن طريق منظماتها)، هي كلها التي تتحكم في هذه العوامل، بل هي التي تخلقها خلقاً خلال المواجهات الضارية التي تنشب بينها. [/rtl]
[rtl]          إن الحديث عن أسعار البترول سواء في حالة ارتفاعها الكبير في أعقاب حرب أكتوبر والسنوات التالية له، أو في حالة انخفاضها ابتداءً من شهر مارس 1983، تناول بالتحليل الآثار السلبية التي ترتبت على ارتفاع أسعار البترول في السبعينات، كما تضمن آثار انخفاض أسعار البترول السلبية والإيجابية على الاقتصاد العالمي في الثمانينات. [/rtl]
[rtl]أولاً: أسباب عدم استقرار أسعار البترول والضغوط التي أدت إلى تدهورها [/rtl]
[rtl]          قد يكون من المناسب، قبل الحديث عن آثار تذبذب أسعار البترول، الإشارة إلى الأسباب التي أدت إلى ذلك، وتوضيح الظروف التي تحركت الأسعار في ظلها ارتفاعاً،  والكشف عن الضغوط المفتعلة، التي تدهورت بسببها الأسعار انخفاضاً. [/rtl]
[rtl]أسباب الفورة النفطية (1974 ـ 1981)[/rtl]
[rtl]          ورد في الفصل الثالث من هذا البحث، كيف تطورت عائدات دول الأوبك من الصادرات البترولية، وتأثير ذلك على اقتصاديات دول المنطقة العربية، حيث تم إنفاقها في الدول العربية النفطية على الواردات والتسليح ومشروعات البنية الأساسية والخدمات الاجتماعية والاستثمار في الخارج. كما أفادت الدول النفطية وشبه النفطية من تحويلات العاملين والقروض والمنح البترودولارية. [/rtl]
[rtl]ومن الممكن توضيح أسباب هذه الفورة النفطية لارتفاع الأسعار في الإجابة على هذا السؤال: [/rtl]
[rtl]هل جاءت الظروف التي أدت إلى هذه الفورة في الوقت الصحيح دون تأخير أو تقديم؟ [/rtl]
[rtl]          استطاعت الدول المصدرة للبترول في الشرق (المشرق والمغرب العربي) وفي الغرب (الولايات المتحدة والمكسيك وفنزويلا وجزر البحر الكاريبي) ـ قبل قيام منظمة أوبك في 1960 وفي ظلها ـ تطوير العلاقات التي تربطها بالشركات الاحتكارية المستثمرة، عن طريق تعديل مبدأ مناصفة الأرباح وعقد اتفاقيات المشاركة في ملكية الشركات، ثم قيام الدول المصدِّرة بالاستثمار المباشر لمواردها النفطية بعد أن انتهت مناهضة الشركات الاحتكارية للتأميم في عام 1974. [/rtl]
[rtl]          وهكذا فرضت الدول المنتجة للبترول سيطرتها على منابع ثرواتها النفطية. وقامت منظمة الأوبك بالدور الأساسي في الهيمنة على البترول والانفراد بتحديد إنتاجه وأسعاره. [/rtl]
[rtl]          لذلك يمكن القول بأن الظروف التي أدت إلى هذه الفورة النفطية جاءت في وقتها الصحيح، الذي واكب سيطرة الأوبك على مقدَّرات ثرواتها النفطية، وكفلت لها الحرية الكاملة في استخدام هذه الثروات لدعم المصالح العربية. [/rtl]
[rtl]          ولو جاءت هذه الظروف قبل ذلك في ظل سيطرة الشركات الإحتكارية المستثمرة، لحرصت هذه الشركات على مجاملة الدول الصناعية الغربية والولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي قد يفجِّر صداماً عنيفاً بين الدول المنتجة للبترول وهذه الشركات العاملة في أراضيها، والتي كان لا بد أن تعوق استخدام النفط لصالح أصحابه لو كان الأمر بيدها. ومع ذلك سيلقي هذا البحث الضوء فيما بعد على موقف هذه الشركات خلال الشهور السابقة على اندلاع حرب أكتوبر 1973 ليوضح كيف استغلت النفط العربي لتحقيق أرباح طائلة. [/rtl]
[rtl]          عندما قامت حرب أكتوبر 1973، فجأة، واستطاع المصريون عبور قناة السويس واجتياز خط بارليف من أجل تحرير سيناء من الاحتلال الإسرائيلي، فوجئ قادة العرب بمساندة الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية لإسرائيل بإرسال كافة المعدات العسكرية عن طريق جسر جوي متواصل، واشتراك فعلي في الحرب ضد مصر، لدرجة قلبت الموازين بإحداث الثغرة غرب قناة السويس، تعزيزاً لاحتلال إسرائيل للأراضي المصرية. [/rtl]
[rtl]          لم يجد قادة العرب لديهم ـ في هذا الوقت العصيب ـ إلاَّ البترول العربي، لاستخدامه ـ استجابة للمشاعر العربية الملتهبة ـ أداة للضغط على الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية، التي تساند إسرائيل رغم الظروف المعقدة دولياً في تلك الفترة. وكانت دولة الإمارات العربية الأولى من بين الدول العربية النفطية، التي أعلنت رسمياً تخفيض إنتاجها وإيقاف ضخِّه إلى الخارج، ثم تلتها بقية دول الخليج الأخرى. [/rtl]
[rtl]          وفي هذه المناسبة، أطلق الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الإمارات عبارته التاريخية: "النفط العربي ليس أغلى من الدم العربي" وقال أيضاً: "إن كرامة العربي هي الأغلى والدم العربي هو الأشرف، ودونهما يرخص المال والثروة". [/rtl]
[rtl]          وعلى الفور، قرر مجلس وزراء الدول العربية المصدرة للبترول (أوابك) في 8 أكتوبر 1973 البدء في خفض فوري للإنتاج بنسبة 5% شهرياً، وقطع إمدادات البترول العربي عن الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية التي تساند إسرائيل. [/rtl]
[rtl]          أما المملكة العربية السعودية فقد قامت بخفض إنتاجها بنسبة 10% قبل أن تعلن مع الإمارات والكويت والبحرين وقطر والجزائر وليبيا وقف تصدير بترولها للولايات المتحدة الأمريكية. [/rtl]
[rtl]          توالت ردود الفعل الغربية إزاء هذا التحرك العربي، فأعلن فريدريك دنت وزير التجارة الأمريكي ـ في ذلك الوقت ـ أن خفض إنتاج البترول أمر يثير قلق واشنطن بعد العجز الذي حدث في الواردات البترولية الأمريكية، والذي تم تقديره حينذاك 200 ألف برميل يومياً. كما تم إخطار شركات الطيران بتخفيض رحلاتها الداخلية والخارجية توفيراُ للوقود، مع الدعوة التي وجهتها الحكومة الأمريكية إلى ترشيد استهلاك الطاقة. [/rtl]
[rtl]          وفي بريطانيا أعلن المسؤولون أن برنامج مواجهة التضخم أصبح مهدداً بسبب قرارات الدول العربية المصدرة للبترول، الأمر الذي يهدد ميزان المدفوعات البريطاني. [/rtl]
[rtl]          كما أظهر استطلاع للرأي العام في لندن أن 70% من الشعب البريطاني يطالبون حكومتهم بتحسين العلاقات مع العرب ضماناً للإمدادات البترولية. [/rtl]
[rtl]          كذلك اتسمت مواقف دول الخليج العربية بالقوة حين أعلن العاهل السعودي الملك فيصل بن عبدالعزيز في برقية إلى هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي: [/rtl]
[rtl]"إن البركان الساكن انفجر، وأن الدمار لن يعم المنطقة وحدها، وعلى الولايات المتحدة الأمريكية التزام الحيدة".[/rtl]
[rtl]          وكان الملك فيصل يرد على رسالة بعثها كيسنجر طالب فيها التوسط لدى مصر وسورية لوقف إطلاق النار. [/rtl]
[rtl]          وفي غمار هذه المشاعر الفياضة، التي جسَّدت تضامن كافة الدول العربية في المشرق والمغرب العربي وتماسك العرب وتضامنهم، حدثت الصدمة الأولى لارتفاع الأسعار، التي رفعت فيها منظمة أوبك أسعار النفط الخام من 3.2 إلى 10.5 دولار للبرميل. (وكانت المنظمة قد نجحت عقب مؤتمر طهران عام 1971 من خلال مفاوضاتها مع شركات النفط المستثمرة في رفع سعر برميل النفط من 1.8 إلى 2.8 دولاراً. وبعد تخفيض قيمة الدولار الأمريكي مرتين ارتفع سعر برميل النفط إلى 3.2 دولاراً). [/rtl]
[rtl]          وعندما قامت الثورة الإيرانية عام 1979 تقلَّص إنتاج النفط الإيراني بسبب رغبة حكومتها في تخفيض الإنتاج إلى الحد الذي يكفي الاحتياجات الضرورية لعملية التنمية الاقتصادية فقط. ثم انخفض الإنتاج مرة أخرى بعد اندلاع الحرب مع العراق في شهر سبتمبر 1980، مما ساهم في حدوث الصدمة الثانية لارتفاع الأسعار، التي ارتفع فيها سعر برميل النفط إلى 30 دولاراً عام 1980 وإلى 34 دولاراً عام 1981. [/rtl]
[rtl]توجيه النقد لسياسات دول منظمة أوبك وللدول العربية [/rtl]
[rtl]          هذه هي أسباب الفورة النفطية لارتفاع الأسعار (1974 ـ 1981)، والظروف التي أدت إليها. ويحلو لكثير من المحللين توجيه النقد لدول منظمة أوبك لرفع أسعار البترول أثناء الفورة النفطية الأولى أكتوبر (1974)، وللدول العربية لحظر إمداد النفط. [/rtl]
[rtl]          كما يوجهون النقد لدول منظمة أوبك لانتهازها قيام الثورة الإيرانية عام 1979 ثم الحرب العراقية الإيرانية عام 1980 لرفع معدلات إنتاجها، وخاصة السعودية التي رفعت إنتاجها إلى 11 مليون برميل يومياً. وفي ذات الوقت رفعت أوبك أسعارها الرسمية حتى بلغت 34 دولاراً لبرميل النفط. ولم تضع في اعتبارها سياسات الطاقة التي سارت عليها الدول الصناعية، وخاصة في مجال المخزون الإستراتيجي للطوارئ وترشيد الاستهلاك. [/rtl]
[rtl]          والحجة التي تذرَّع بها هؤلاء النقاد في ذلك، أن هذه الإجراءات قد أثارت ضغينة الدول الغربية والولايات المتحدة، التي تفنَّنت بعد ذلك في إجبار العرب على رد ما آل إليهم من العائدات النفطية عن طريق رفع أسعار صادراتها من المواد الغذائية والمعدات والأسلحة، فضلاً عن تدبير الخطط لتهميش بترول الخليج وخفض أسعاره. [/rtl]
[rtl]اتهام الولايات المتحدة الأمريكية بتأييدها رفع الأسعار في السبعينات [/rtl]
[rtl]          كما يحرص فريق من خبراء الاقتصاد على اتهام الولايات المتحدة الأمريكية بأنها كانت وراء ـ أو كان من مصلحتها ـ رفع أسعار البترول في السبعينات (أي أثناء الفورة النفطية 1974 ـ 1981) حتى يتسنى للشركات البترولية تحويل جزء من استثماراتها إلى الولايات المتحدة، كما أن ارتفاع سعر البترول يقلل من المقدرة التنافسية لمنتجات الصناعة اليابانية والأوروبية وذلك برفع تكلفتها ... الأمر الذي يجعل الولايات المتحدة الأمريكية الممون الرئيسي لليابان وأوربا. [/rtl]
[rtl]          إزاء هذا النقد الموجه لمنظمة أوبك بشأن رفع الأسعار والنقد الموجه لقادة العرب للحظر البترولي  في أكتوبر 1973. وإزاء الاتهام الموجه للولايات المتحدة بأنها كانت وراء هذا الرفع لأسعار البترول. وإزاء النقد الموجه لسياسة أوبك لرفع الأسعار وزيادة الإنتاج إلى مستويات قياسية عام 1979 ـ 1980، وما يتضمن ذلك من نقد للسعودية، التي رفعت إنتاجها إلى 11 مليون برميل يومياً. وإزاء تكرار هذه الانتقادات في معظم الكتب التي تناولت أحداث ما بعد أكتوبر 1973 حتى وقتنا هذا، ونقلاً عن بعضا البعض. فإنه يتحتم على هذا البحث أن يتصدى إلى سرد حقائق هذه المواقف كلها بالتفصيل، حتى ولو طال به الحديث. [/rtl]
[rtl]ففيما يتعلق بالنقد الأول [/rtl]
[rtl]          كان الحرص على توضيح هذه الظروف في إيجاز لاثبات أن تصرف العرب بالنسبة لحظر البترول ـ الذي أصبح بعد ذلك موضع نقد ـ لم يكن إلا تعبيراً عن انفعالهم بأحداث حرب أكتوبر 1973، وأصدق رد فعل على دعم الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية لإسرائيل عسكرياً ودولياً، وإعلاناً لغضب واستياء قادة العرب تجاه الظلم الفادح الذي تمارسه هذه الدول نحو الدول العربية. [/rtl]
[rtl]          وما كانت العائدات البترودولارية التي آلت إلى كافة دول أوبك بسبب ارتفاع أسعار البترول إلا جزءاً ضئيلاً من مليارات الدولارات التي اغتصبتها الشركات الاحتكارية المستثمرة والدول التي تنتمي إليها طوال عشرات السنين الماضية من استغلال البترول العربي. [/rtl]
[rtl]          فهل كان من الممكن أن يتجاهل قادة العرب تلك الأحداث، ويستمر إمداد الدول المعادية للعرب بالبترول وبأرخص الأسعار؟ [/rtl]
[rtl]          مع العلم بأن ظروف الفورة النفطية سواء بالنسبة لحرب أكتوبر أو قيام الثورة الإيرانية ثم الحرب العراقية الإيرانية لم تكن إلا نتيجة لازدياد الطلب على النفط العربي وتكالب الدول المستوردة عليه خوفاً من حدوث أزمة بترولية. [/rtl]
[rtl]          ومما يؤكد سلامة تصرف العرب أثناء حرب أكتوبر 1973 ما جاء في كتاب جديد صدر في لندن في 15 أكتوبر 1998 للسير إدوارد هيث (82 عاماً) زعيم حزب المحافظين في الفترة 1965 ـ 1975، ورئيس وزراء بريطانيا من عام 1970 إلى 1974 بعنوان "مسيرة حياتي" The Course of my life. [/rtl]
[rtl]          تضمن هذا الكتاب فصلاً عن حرب 6 أكتوبر 1973 وتأثيراتها على بريطانيا وأوربا ودور سلاح البترول العربي في هذه المعركة. [/rtl]
[rtl]          ويروي إدوارد هيث كيف تصرف من موقعه كرئيس لوزراء بريطانيا لمواجهة تأثيرات استخدام العرب لسلاح البترول. وكيف استطاع العرب بوقوفهم يداً واحدة تغيير وجهة النظر الأوربية بشأن الصراع الإسرائيلي. [/rtl]
[rtl]          يقول هيث: "إن حرب أكتوبر 1973 قد فاجأتنا كما فاجأت زعماء العالم آنذاك وكانت الأولوية الفورية العمل على احتواء النزاع. ولكن التهديد الأكبر جاء عندما جرى الكشف عن تحركات سوفيتية، وعندما وضعت الولايات المتحدة الأمريكية قواتها المتمركزة في أوربا بما فيها تلك الموجودة في بريطانيا في حالة تأهب قصوى. وقد فعلت أمريكا ذلك دون إبلاغنا أو إبلاغ أي حكومة أوربية أخرى. [/rtl]
[rtl]          وكموقف مشترك لكل أعضاء دول المجموعة الأوربية ـ ما عدا هولندا ـ فقد رفضنا السماح للولايات المتحدة بأن تبعث بمعدات وأسلحة إلى إسرائيل من قواعدنا. ولأن قبرص لم تكن متاحة للولايات المتحدة، فإن الأمريكيين زودوا إسرائيل بالأسلحة من جزر الآزور في المحيط الهادي". [/rtl]
[rtl]          ويستطرد هيث قائلاً: "في 16 أكتوبر 1973 أعلن وزير الخارجية البريطاني أننا لن نزود أياً من الطرفين بالأسلحة. وفيما يتعلق بقضية البترول، فإن المنتجين العرب أدركوا أن البترول سلاحهم الأكثر فعالية في الحرب من أجل تحقيق تسوية في الشرق الأوسط. ورغم ارتفاع تكلفة السلع في العالم منذ عام 1972، فإن الزعماء العرب لم يقتنعوا بالحفاظ على سعر البترول كما هو. فقد كانوا يرغبون في تنمية اقتصادياتهم. إن منظمة الأقطار المصدرة للبترول (أوابك) زادت سعر البترول مرتين في أوائل 1973 ولكن بنسبة ضئيلة. وبعد اجتماع في الكويت في 16 أكتوبر 1973 تقرر خفض إمدادات البترول بنسبة 5% كل شهر، وفرض حظر كامل على صادرات البترول لأمريكا وهولندا". [/rtl]
[rtl]          وكرد فعل على الموقف العربي القومي الموحد، تزعمت بريطانيا ـ حسب قول إدوارد هيث ـ حملة دبلوماسية أوربية للاستجابة للموقف الراهن، حيث صدر في 6 نوفمبر 1973 عن المجموعة الأوربية بيان دعا إسرائيل إلى الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة واحترام حقوق الفلسطينيين تنفيذاً لقرار مجلس الأمن 242. [/rtl]
[rtl]          ويقول هيث "إنه نتيجة لالتزامنا بخط الأمم المتحدة جرى ومعاملتنا مع فرنسا كدولة صديقة من جانب الدول العربية المنتجة للبترول وعلى رأسها السعودية".[/rtl]
[rtl]ويسترجع هيث ذكرياته ليقول: [/rtl]
[rtl]          "إن هذه الأزمة البترولية بسبب حرب أكتوبر 1973 أصابت سياساتنا الخارجية بالفوضى، ولكن الأسوأ من ذلك ما حدث على الساحة الداخلية. فبعد أربعة أيام فقط من الحرب، طالب عمال المناجم بزيادة أجورهم بنسبة 50% نتيجة تزايد الاعتماد على الفحم. وعندما عرض عليهم مجلس الفحم الوطني 13% زيادة فقط رفضوا وتصاعد التهديد من جانبهم بالإضراب". [/rtl]
[rtl]          ولأول مرة ـ في زمن السلم في بريطانيا ـ بدأ المواطنون في بذل جهود حقيقية لتقليل استهلاك الطاقة. وكانت الأزمة سبباً في إنشاء وزارة مستقلة للطاقة بعد أن كانت تتبع وزارة التجارة والصناعة. [/rtl]
[rtl]          كما اتخذت حكومة هيث إجراءات عديدة لتخفيض استهلاك البترول، فقد أعلنت الحكومة أمام مجلس العموم البريطاني في 13 ديسمبر 1973 تخفيض أيام العمل إلى 3 أيام فقط في الأسبوع. وأن المؤسسات الصناعية أصبحت تتلقى كهرباء خمسة أيام فقط في الأسبوع. أما التليفزيون فينهى إرساله الساعة العاشرة والنصف مساء كل ليلة. ولم يكن ما حدث في بريطانيا سوى نموذج لما حدث في الدول الأوربية الأخرى. كما أثر ارتفاع أسعار البترول على النمو الاقتصادي في جميع الدول. [/rtl]
[rtl]          إن الأزمة التي عبَّر عنها هيث بدقة تكشف عن مدى الدور الذي لعبه سلاح البترول العربي، ومدى التغيُّر الذي حدث لمواقف الدول الأوربية، التي كانت تهتم فقط بتأمين احتياجاتها من البترول لمصانعها ورفاهية مواطنيها دون اكتراث بحقوق العرب وقضيتهم العادلة. [/rtl]
[rtl]          وإذا لم يكن ذلك كافياً لتبرير تصرف العرب الذي أملته عليهم مشاعرهم وضمائرهم لمواجهة ما حدث في حرب أكتوبر 1973، فإن الحقيقة تخلص فيما يلي: [/rtl]
[rtl]انقضى عشرة أيام كاملة على نشوب القتال، عندما انعقد اجتماع مجلس وزراء منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك) لاتخاذ قرار استخدام البترول سلاحاً للضغط على إسرائيل. وكان اجتماع المجلس بناء على دعوة من حكومة جمهورية مصر العربية في 12 أكتوبر 1973 موجهة إلى الوزير بلعيد عبدالسلام وزير النفط الجزائري في ذلك الوقت ورئيس دورة أوابك بعقد اجتماع استثنائي لمجلس وزراء المنظمة إعمالاً للمادة 30 من اتفاقية إنشاء أوابك والتي تنص على أنه: [/rtl]
[rtl]"          إذا تعرَّض عضو لطارئ مفاجئ وجسيم فله أن يطلب عقد اجتماع استثنائي للمجلس للنظر في وسائل مساندته".[/rtl]
[rtl]          وهكذا تحدد يوم 17 أكتوبر 1973 موعداً لانعقاد المجلس في الكويت. وأصبحت الفرصة سانحة لتسوية موضوع الأسعار بقرار من جانب واحد، حيث اجتمع وزراء منظمة أوبك في الكويت يوم 16 أكتوبر 1973 وصدر قرارهم برفع الأسعار المعلنة بنسبة تدور حول 70% فزاد سعر الخام العربي (خام الإشارة) من 3.011 دولاراً للبرميل إلى 5.119 دولاراً للبرميل. [/rtl]
[rtl]          وفي اجتماع 17 أكتوبر 1973 لمنظمة أوابك تبنَّت السعودية مشروع قرار الحظر البترولي، وتولت صياغته بنفسها، حيث صدر بخفض فوري بنسبة 5% من معدلات سبتمبر 1973 كبداية ثم يزداد بنسبة مماثلة كل شهر. وحظر تصدير البترول إلى الولايات المتحدة والدول الغربية التي تساند إسرائيل. [/rtl]
[rtl]          وفي 4 نوفمبر 1973 تقرر زيادة الحد الأدنى لخفض الإنتاج إلى 25% على أن يتوالى التخفيض بعد ذلك بنسبة 5% من معدل إنتاج ديسمبر 1973. وقد تحقق خفض فعلي في الإنتاج بنسبة 30% من جانب السعودية والكويت.[/rtl]
[rtl]          بدأت الضغوط داخل منظمة أوبك تشتد حيث ظهر اتجاهان: [/rtl]
[rtl]أولهما: استغلال الندرة التي يعاني منها السوق برفع الأسعار إلى أقصى حد ممكن. وتزعم شاه إيران اتجاه رفع السعر إلى 17 دولاراً للبرميل. [/rtl]
[rtl]ثانيهما: اتجاه الجانب السعودي إلى الاعتدال الذي يؤكد أن سعراً يدور حول ثمانية دولارات للبرميل يُعتبر سعراً عادلاً. [/rtl]
[rtl]          وشهد اجتماع أوبك في طهران في 22 ديسمبر 1973 معركة حامية حول هذا الموضوع. وكان طبيعياً أن يلقى الموقف الإيراني تعاطفاً من جانب بلدان أوبك الأخرى، بينما أيدت دول الخليج الموقف السعودي، وانتهت المعركة إلى الاتفاق على تحديد سعر 11.65 دولاراً للبرميل لخام الإشارة (العربي الخفيف كثافة 34 درجة) اعتباراً من أول يناير 1974. وهكذا حدث ما يُعرف بالصدمة الأولى لارتفاع الأسعار. [/rtl]
[rtl]          هذه إحدى حقائق الموقف. ولولا مقاومة السعودية لتحققت زيادة في الأسعار بأكثر من ذلك. [/rtl]
[rtl]          وهذه هي حقيقة تصرف العرب، إبان تلك الظروف الدقيقة، وكان الأجدى بالكتاب توجيه الشكر بدلاً من توجيه النقد للعرب. [/rtl]
[rtl]          أما فيما يتعلق باتهام الولايات المتحدة الأمريكية بأنها كانت وراء ـ أو كان من مصلحتها ـ رفع الأسعار في السبعينات. [/rtl]
[rtl]          فالحقيقة توحي بأن موقف إيران من موضوع الأسعار كان محل موافقة وتأييد من جانب الولايات المتحدة الأمريكية وشركات البترول الأمريكية على السواء، على الرغم من المعارضة الظاهرية لاتجاه رفع الأسعار. [/rtl]
[rtl]          ولكن كما يبدو كان الموقف الأمريكي ذا وجهين، فأمريكا تبدي ملاحظات ضعيفة للسعودية تُعبِّر بها عن عدم رضاها عن مبدأ زيادة الأسعار، ولكنها من ناحية أخرى تعبِّر للإيرانيين عن رضاها بمستوى السعر الجديد. [/rtl]
[rtl]          وقد أوضح الشيخ زكي يماني ـ ممثلاً للحكومة السعودية ـ هذا التناقض بقوله: "إن الفائدة الحقيقية للولايات المتحدة الأمريكية هي الاحتفاظ بأسعار البترول في مستوى مرتفع. وإنني لا أذكر أن الدكتور هنري كيسنجر قد أثار موضوع أسعار البترول معنا، مع أنه يتحدث معنا في مناسبات كثيرة، وهو أمر معروف للجميع أن كل مصلحتهم تتركز في زيادة سعر البترول، وهذا قرار سياسي بالدرجة الأولى ثم هو قرار اقتصادي بعد ذلك". [/rtl]
[rtl]          ومن الحقائق التاريخية المعروفة أن الرئيس السادات أطلع الملك فيصل في إبريل 1973 على اعتزامه شن حرب محدودة ضد إسرائيل في خريف ذلك العام بهدف تحريك الموقف. [/rtl]
[rtl]          وقد اعترف فرانك يونجرز ـ مدير شركة أرامكو السعودية ـ أن الملك فيصل قد دعاه على مائدة الغذاء في 3 مايو 1973 ووجه إليه تحذيراً من أن الصهاينة والشيوعيين يتصرفون على النحو الذي من شأنه أن يؤدي إلى طرد المصالح الأمريكية من المنطقة. وإن كل ما هو مطلوب من الولايات المتحدة هو التعبير البسيط عن عدم موافقتها على سياسات إسرائيل وتصرفاتها. [/rtl]
[rtl]          ومن خلال أرامكو أحيط نيكسون رئيس الولايات المتحدة كما أُحيطت بقية عناصر شركات البترول الاحتكارية العالمية علماً بالتحذير المشار إليه. [/rtl]
[rtl]          وكان رد الفعل ـ كما أثبتته الأرقام ـ أن بدأت شركات البترول من حوالي منتصف مايو 1973 (أي قبل خمسة أشهر من نشوب حرب أكتوبر 1973) تزيد معدلات إنتاجها من جميع دول الخليج العربي باستثناء الكويت. والواقع أنه لا يوجد تفسير معين لاستثناء الكويت سوى ما ذكره بعض الخبراء بعد ذلك من أن السبب هو رداءة نوعية الخام الكويتي وارتفاع محتواه الكبريتي. [/rtl]
[rtl]          وقد ورد بمجلة البترول المصرية أنه جاء في تقرير الخبير الأمريكي المعروف الدكتور جون بلير نُشر في عام 1975، أن شركات البترول الأمريكية قد استخدمت كافة الوسائل المتاحة للتخزين، بما في ذلك جميع ناقلات البترول المتعطلة، ومحطات التخزين القديمة المهجورة، وآبار البترول الناضبة المغلقة كمستودعات لتخزين الكميات الإضافية التي سحبتها من حقول الخليج والمناطق الأخرى. وأكد جون بلير في تقريره أن الأرقام الرسمية المعلنة لعام 1973 لا تعبِّر عن حقيقة معدلات الإنتاج في الفترة من مايو إلى أكتوبر 1973. وقد حققت عمليات التخزين، التي انتهزت شركات البترول الفرصة وقامت بتكثيفها، هدفين خلال الفترة المذكورة: [/rtl]
[rtl]الأول: أن توجيهها إلى المخزون الاستراتيجي قد تم بعيداً عن تيار الإمداد الطبيعي، وبالتالي لم تؤثر هذه العمليات في زيادة الأسعار. [/rtl]
[rtl]والثاني: أن تلك الكميات تمثل مخزوناً هائلاً تم تكوينه بأرخص الأسعار (كان السعر في ذلك الوقت 3 دولارات في المتوسط) لتباع بأربعة أمثالها بعد حدوث زيادة الأسعار. [/rtl]
[rtl]كذلك نقلت مجلة البترول المصرية السابقة الإشارة إليها عن Ian Seymour قوله: [/rtl]
[rtl]"          أن دول الخليج العربي الأعضاء في منظمة أوبك ـ على الرغم من ارتباطها الوثيق بالمعسكر الغربي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية ـ وجدت نفسها في مواجهة رسمية مع الولايات المتحدة بسبب انحيازها العملي الكامل لإسرائيل في حرب أكتوبر 1973. ولكن هذا التناقض لم يشكل عائقاً أمام قضية الأسعار، وإنما على العكس كان عاملاً مساعداً على إحكام الخطوات، أغرى الإدارة الأمريكية ومعها شركات البترول وشاه إيران (عن أوبك) على المضي في استثمار الموقف الناشئ عن الحرب والحظر البترولي الذي فرضه العرب. [/rtl]
[rtl]          وهكذا راحت الإدارة الأمريكية وشركات البترول الدولية تعمل على إشاعة الذعر والاضطراب في كل مكان. ولم تتورع الشركات عن طريق إعادة برمجة شحناتها عن توزيع المتاعب إلى درجة قطع الإمدادات كلية عن بعض الدول الفقيرة في العالم الثالث. ثم أخذت تقيم مزادات عالمية لبترول نيجيريا وإيران واندونيسيا وغيرها. وهي مزادات كانت فيها الشركات هي البائع والمشتري، الأمر الذي جعل الأسعار المحققة في السوق الفورية تطفو إلى ما يتراوح بين 17 و 24 دولاراً للبرميل من النفط". [/rtl]
[rtl]          وخلال الأسابيع التي تلت 4 نوفمبر 1973 (الاجتماع الثاني لوزراء البترول العرب الذي تقرر فيه زيادة الحد الأدنى لخفض الإنتاج إلى 25%) جرت اتصالات مستمرة بين نيكسون وشاه إيران انتهت بأن وجَّه الشاه الدعوة إلى دول أوبك لعقد اجتماع في طهران يوم 22 ديسمبر 1973. [/rtl]
[rtl]          وفي ذلك الاجتماع حدث صدام بين الشاه والشيخ زكي يماني. فبينما طالب الشاه بزيادة سعر خام الإشارة إلى 17 دولاراً للبرميل، بما يتمشى مع سعر السوق الفورية، تمسك يماني بأن يقف السعر عند 8 دولارات فقط، وانتهت المناقشات إلى قرار برفع سعر خام الإشارة إلى 11.65 دولاراً للبرميل من النفط، كما ذكرنا من قبل. [/rtl]
[rtl]          ويؤكد هذه المعلومات التي وردت مرجعين مختلفين، ما جاء بكتاب سير ادوارد هيث ـ الذي صدر حديثاً في 15 أكتوبر 1998 ـ حيث تطرق الزعيم البريطاني المخضرم إلى دور شركات البترول العالمية ـ التي كانت ضالعة في تشكيل الأحداث السابق ذكرها ـ في تعميق الأزمة بالنسبة لبريطانيا حيث يقول: [/rtl]
[rtl]"          إن مشكلة بريطانيا الدبلوماسية في ذلك الوقت كانت منصبة على شركات البترول، فقد كان الاعتماد على هذه الشركات مشكلة كبرى، فقد كان سعر البترول في بريطانيا أقل كثيراً مما كان عليه في الدول الأوربية، وكانت الشركات البترولية ترغب في تحقيق أكبر ربح ممكن. وقد دعوت رئيس شركة شل وبريتش بتروليوم للاجتماع بي. ولكنني واجهت معارضة كاملة للتعاون من جانبهما. ولم يكن أمامي سوى اتخاذ أي إجراء ممكن لمساعدة الشعب البريطاني في هذا الوقت الخطير" . [/rtl]
[rtl]          وبعد سرد هذه الحقائق، يُمكن استنتاج مدى صحة هذا الاتهام الموجَّه إلى الولايات المتحدة الأمريكية بالنسبة لرفع أسعار البترول عام 1973، وليس بالنسبة لحظر إمدادها به. [/rtl]
[rtl]          أما بالنسبة للنقد الثالث الذي يتعلق بعدم سلامة سياسة دول أوبك عام 1979/ 1980، فالحقيقة تتمثل فيما يلي: [/rtl]
[rtl]          عندما قامت الثورة الإيرانية عام 1979 تناقص دور إيران داخل منظمة أوبك، واتجهت السعودية إلى دور الريادة في المنظمة في أواخر السبعينات. وقد ظلت السعودية تقوم بدورها تجاه المنظمة على الرغم من الخلافات المستمرة بصدد سياسات التسعير. فقد كانت السعودية الدولة الوحيدة في أوبك، التي استشعرت خطر الزيادات الكبيرة في الأسعار. [/rtl]
[rtl]          ففي الفترة من 1979 حتى 1982 رفضت السعودية مسايرة الأسعار المعلنة لخام الأساس في مبيعاتها لشركاتها في مجموعة أرامكو، مما أدى إلى ظهور نظام مزدوج للتسعير. وسعت السعودية عن طريق البيع بأسعار تقل عن أسعار السوق، ورفع مستويات إنتاجها لتحقيق التوازن حتى لا تؤدي الأسعار المبالغ فيها إلى الإسراع بإحلال مصادر الطاقة البديلة وبرامج الحفاظ على الطاقة وترشيد الاستهلاك. [/rtl]
[rtl]          وفي عام 1983 انخفض الطلب العالمي على البترول، وأصبح سعر أوبك المعلن لخام الأساس 34 دولاراً للبرميل، وهو سعر مرتفع جداً بالمقارنة بأسعار صفقات السوق الفورية وأسعار صادرات بعض أعضاء منظمة أوبك. [/rtl]
[rtl]          ومرة أخرى أكدت السعودية على ضرورة الحفاظ على السعر التنافسي للبترول واتفقت مع أعضاء أوبك على إعلان خفض سعر خام الأساس رسمياً مع تحديد حصص إنتاج لجميع الأعضاء. ولكن التخفيض بمعدل 15% المعلن رسمياً لم يحقق الهدف المرجو، بل انخفضت أسعار السوق الفورية، وتوسعت الدول غير الأعضاء في أوبك وكذلك بعض أعضاء أوبك في زيادة معدلات صادراتها. [/rtl]
[rtl]          وعلى الرغم من ذلك استمرت السعودية تفي بالتزامها تجاه منظمة أوبك حتى عام 1985 حيث اقتنعت بعدم جدوى التزامها. فقد وصل إنتاجها في منتصف 1985 ما لا يزيد عن 2 مليون برميل يومياً، وبلغت صادراتها حوالي 1.5 مليون برميل يومياً (كانت صادرات السعودية حوالي 10 ملايين برميل يومياً في أوائل الثمانينات). وهذا يعني أن السعودية قد سحبت من السوق العالمية ما يزيد على 8 ملايين برميل يومياً، مما أدى إلى الحد أو إلى إبطاء تناقص أسعار البترول. وقد أدى ذلك إلى خفض حصة السعودية في السوق الدولية وبالتالي انخفضت عوائد صادراتها من البترول. وجاءت النتائج عكسية بتوسع دول أخرى في حصتها من السوق مثل الاتحاد السوفيتي ودول بحر الشمال. [/rtl]
[rtl]          كما أدى ذلك إلى زيادة مبيعات الغاز السوفيتي إلى دول أوربا الغربية وتشجيع الاستثمارات في مجالي المحافظة على الطاقة والتحول إلى الطاقة البديلة، فضلاً عن تراجع معدلات طلب العالم الصناعي على البترول بشدة. [/rtl]
[rtl]          ولما كانت عوائد البترول تشكِّل المصدر الوحيد تقريباً لموارد النقد الأجنبي بالنسبة للاقتصاد السعودي، حيث يُعتبر إنتاج البترول والأنشطة المتعلقة به مصدر ثلثي الدخل القومي. [/rtl]
[rtl]          فقد بدأ ميزان المدفوعات السعودي منذ عام 1982 ـ نتيجة للسياسة المعتدلة التي تسير عليها السعودية ـ يتأثر بانخفاض عائدات البترول، وظهر به عجز تمت تغطيته بالسحب من احتياطيات الدولة من النقد الأجنبي. وقد استمر السحب حتى أوائل عام 1986 لدرجة أن احتياطيها النقدي انخفض من 160 مليار دولار إلى ما يقل عن 70 مليار دولار. [/rtl]
[rtl]          لذلك أعلنت المملكة العربية السعودية ـ مضطرة ـ عن تغيير سياستها البترولية حيث قررت القيام بمشاركة الدول العربية الخليجية باسترداد حقها من السوق العالمية بدلاً من التنازل عنه للدول المنتجة الأخرى. وبدأت المملكة في تنفيذ سياستها التي أطلق عليها (حرب الأسعار) والمطالبة بنصيب عادل في سوق البترول العالمي. [/rtl]
[rtl]          كانت السعودية تعرف أن هذه السياسة ستؤدي إلى خفض أسعار البترول بشدة، ولكنها نظرت إلى أثر اتفاقيات التصدير في المدى القصير حيث زادت من انتاجها بسرعة تفوق انخفاض الأسعار، وإلى أثرها في المدى الطويل نظراً لإمكانية استرداد حصتها من السوق العالمية. وهذه السياسة تتمشى مع احتياطيات السعودية الضخمة ومع انخفاض تكاليف الإنتاج التي تحظى به. [/rtl]
[rtl]          ولكن الفوضى التي اجتاحت أسواق البترول العالمية في عام 1986 نتيجة لحرب الأسعار قد أظهرت أن هدف هذه السياسة لم يكن له ما يبرره من الناحيتين الاقتصادية والمعنوية وذلك لأن الآثار والنتائج التي لحقت بصناعة البترول العالمية جعلت الأوبك، ومنها السعودية تراجع حساباتها في أواخر عام 1986. وتم تعيين الشيخ هشام ناظر وزيراً للبترول والثروة المعدنية بالسعودية خلفاً للشيخ زكي يماني. وأعلنت منظمة الأوبك بمبادرة من السعودية خطأ سياسة حرب الأسعار، وضرورة نبذها والعودة إلى نظام التقيد بحصص الإنتاج والسعر الرسمي للأوبك، والعمل على امتصاص الفائض من الأسواق بهدف إيجاد توازن دقيق بين كل من العرض والطلب العالميين للمحافظة على استقرار السوق والأسعار. [/rtl]
[rtl]          وقد أدى اتباع هذه السياسة إلى تحقيق استقرار ملحوظ في أسواق البترول العالمية، وإلى استعادة الأسعار لبعض قوتها، حيث دارت الأسعار حول 18 دولاراً للبرميل بعد أن تدنت إلى ما دون الدولارات العشرة. [/rtl]
[rtl]          ويتبين ـ بعد هذا العرض ـ أن رفع السعودية إنتاجها إلى مستويات كبيرة ـ أثناء الفورة النفطية الثانية عقب الثورة الإيرانية ـ كان بهدف تحقيق التوازن، لأنها كانت تبيع بترولها بأقل من أسعار السوق، ولم تكن زيادة الإنتاج بهدف زيادة الأرباح. [/rtl]
[rtl]          بهذا تناول البحث أسباب الفورة النفطية الأولى (أكتوبر 1974) والفورة النفطية الثانية (عقب الثورة الإيرانية وقيام الحرب العراقية الإيرانية) وظروفها، والرد على الانتقادات الموجهة لمنظمة الأوبك بصدد رفع الأسعار، ولقادة العرب الخليجيين بشأن الحظر البترولي، وللولايات المتحدة بسبب تأييدها لرفع الأسعار. [/rtl]
[rtl]          ومن المؤكد بعد ذلك أن قيام منظمة الأوبك بتحديد أسعار بترولها ما هو إلاَّ حق أصيل لها كانت الشركات الاحتكارية المستثمرة قد اغتصبته منها طوال عشرات السنين الماضية، وحققت من ورائه والتلاعب بإنتاجه وتسويقه مكاسب طائلة لها وللدول الأجنبية التي تنتمي إليها. [/rtl]
[rtl]          ويسجل البحث بعد ذلك عتاباً مريراً على وسائل الإعلام الغربية، التي ـ على الرغم من أنها على علم تام بالحقائق المذكورة آنفاً ـ قد افتعلت ضجة كبرى ضد ارتفاع الأسعار بمساندة من حكوماتها وركزت اللوم كله على الدول العربية بما فيه من تجاوز للحدود وتطاول في القول والهجوم، مع أن منظمة الأوبك هي التي رفعت الأسعار تصحيحاً للأوضاع ورفعاً للظلم والاستغلال، الذي مارسته الشركات الاحتكارية طوال عقود، ولم تكن الدول العربية إلا جزءاً من منظمة الأوبك، ولم تكن أزمة البترول إلاّ مؤامرة مفتعلة كما اتضح من خلفيات الأحداث. [/rtl]
[rtl]          ولكن الإعلام الغربي شنَّ حملات دعائية ضد العرب وساهم في تشويه صورة الدول العربية ومنظمة أوبك في أذهان الناس في الدول المستهلكة للبترول على أنها تمثل الجشع الذي يريد امتصاص ثروات الشعوب. بل وجسَّدت استخدام سلاح البترول في المعركة على أنه كارثة محققة سوف تحل بدول العالم الصناعي. ونسوا أن دول الغرب هي التي امتصت ثروات الدول العربية بما فيها من مواد أولية ومن بينها البترول منذ زمن سحيق. [/rtl]
[rtl]          ويواصل البحث الحديث عن أسعار البترول في ظل الضغوط على قوانين السوق وأثرها على الاقتصاد العالمي، مع التركيزـ بإذن الله تعالى ـ على النقاط التالية: [/rtl]

  • الاعتبارات التي تؤيد وجهة نظر منظمة أوبك في تحديد أسعار بترولها منذ أن تولت المنظمة هذه المسؤولية في أواخر عام 1973.
  • آثار ارتفاع أسعار البترول في السبعينيات على الاقتصاد العالمي.
  • آثار انخفاض أسعار البترول في الثمانينات على الاقتصاد العالمي.

[rtl]          وسوف يقتصر الفصل السادس من هذا البحث على الحديث عن تذبذب أسعار البترول ارتفاعاً وانخفاضاً في التسعينات. [/rtl]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69673
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Empty
مُساهمةموضوع: رد: البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول   البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Emptyالإثنين 07 مارس 2016, 10:37 pm

[rtl]الفصل الخامس[/rtl]

[rtl]أسعار البترول في ظل الضغوط على قوانين السوق[/rtl]

[rtl]وأثرها على الاقتصاد العالمي[/rtl]



[rtl]ثانياً: الاعتبارات التي تؤيد وجهة نظر منظمة أوبك في تحديد أسعار البترول [/rtl]
[rtl]          صبح من الثابت أن تسعير البترول الخام يقوم على أساس مبادئ تختلف كل الاختلاف عن المبادئ التي تحدد أسعار المنتجات الأخرى الصناعية أو الزراعية. [/rtl]
[rtl]          على ذلك فإن الواقع العملي قد أثبت عدم صحة محاولة تحديد أسعار البترول طبقاً لعوامل العرض والطلب، وذلك للأسباب الآتية: [/rtl]
1.   عدم صحة اعتبار السوق البترولية سوقاً حرة، وأن الأسعار تعكس العرض والطلب. ذلك لأن السوق البترولية تحكمها عوامل شبه احتكارية في كافة مراحلها. وبالتالي فإن العرض والطلب يخضعان لشتى أنواع الضوابط والقيود.
2.   كانت شركات البترول الكبرى ـ أثناء فترة سيطرتها على صناعة البترول ـ تحتكر المعلومات المتعلقة بهذه الصناعة في مجالات الاحتياطي والإنتاج وتكاليف الإنتاج والنقل والتكرير والتسويق وأسعار البترول الخام ومنتجاته، الأمر الذي يسَّر لها التلاعب في تحديد الأرباح والأسعار، حيث كانت تسيطر على جميع مراحل الصناعة، وباستطاعتها أن تنقل أرباح مرحلة إلى المرحلة التي تليها دون النظر إلى مصالح الدولة المضيفة. وليس هذا فحسب، بل كانت هذه الشركات تحقق أرباحاً خيالية على حساب الإنتقاص من عائدات الدول المنتجة.
3.   تعرُّض أسعار البترول للتغير السريع تبعاً للتغير في الأحداث المحلية أو التطورات الدولية. وبالتالي، فإن اعتماد تسعير البترول على أُسس تقليدية ثابتة يصبح عديم الجدوى في حالة تغير الظروف.
4.   إن الطلب النهائي على البترول مستمد من الطلب على المنتجات والمشتقات البترولية. كذلك فإن الطلب على هذه المنتجات في أسواق الاستهلاك الرئيسية هو الذي يحدد السعر النهائي للبترول الخام. ومن الجدير بالذكر أن معظم نظريات تسعير البترول تتجاهل هذه الحقيقة.
5.   إن الطلب النهائي على البترول وبالتالي مرونة الطلب عليه تتوقف على الاستخدامات المتعددة له. وأن لكل من هذه الاستخدامات مرونة خاصة تبعاً لمدى توفر البدائل.
وعلى ذلك، نجد أن مرونة الطلب تقل كثيراً جداً بالنسبة لبنزين السيارات أو لوقود الطائرات حيث ينعدم البديل تقريباً، مما يؤدي إلى ارتفاع أثمان هذه المشتقات بالنسبة للمشتقات البترولية الأخرى.
أما بالنسبة للمشتقات البترولية التي تستخدم كمصدر للطاقة أو للاحتراق مثل زيت الوقود Fuel oil حيث توجد بدائل أخرى، فإن مرونة الطلب على هذا المنتج البترولي تزداد وبالتالي ينخفض سعره.
وعلى ذلك، فإن سعر النفط الخام يختلف تماماً عن الأسعار الخاصة بالمشتقات البترولية التي يتم إنتاجها من برميل البترول الخام.
6.   إن الاعتبارات الاقتصادية المتعلقة بالعرض والطلب لم يكن لها أي دور فعّال في تحديد أسعار البترول قبل عام 1973 ، بل كان للعوامل الإستراتيجية والمصالح الخاصة بالدول التي تتبعها الشركات الرئيسية للبترول الدور الأكبر في تحديد أسعار البترول.
7.   إن البترول ليس سلعة عادية تخضع لظروف المنافسة الحرة ومتوسط تكاليف الإنتاج، ولكن البترول أصل معرّض للنفاذ Exhaustible Asset، وأن عرضه محدود على الأقل في الأجل القصير والمتوسط. وعلى ذلك، فإن هذا الوضع الفريد للبترول يجعل سعر البترول مرتفعاً، لأن السعر يتضمن ما يسمى "ريع الندرة" Scarcity Rent، وأن هذا الريع يرتفع بمرور الوقت نظراً لازدياد ندرة البترول كلما زاد معدل استخراجه. وأن سعر البترول سوف يستمر في الارتفاع بمرور الوقت لكي يسمح لريع الندرة بالزيادة بمعدلات تساوي على الأقل سعر الفائدة السائد في السوق.
[rtl]ثالثاً: آثار ارتفاع أسعار البترول في السبعينات على الاقتصاد العالمي [/rtl]
[rtl]          ما فيما يتعلق بارتفاع أسعار البترول خلال السبعينات، وما أثير من مناقشات حول آثاره السلبية على الاقتصاد العالمي، نذكر فيما يلي حقيقة هذه الآثار: [/rtl]
[rtl]1. ليس صحيحاً أن رفع أسعار البترول الخام قد أدى إلى التأثير سلبياً وبصورة دائمة، على اقتصاديات الدول المستهلكة سواء الدول الصناعية أو الدول النامية المستوردة للبترول. [/rtl]
[rtl]وإذا كان هناك تأثير على ميزان المدفوعات فإنه يكون فقط في المدى القصير. ولا يلبث أن يتلاشى هذا الأثر بعد عدد قليل من السنوات، وذلك بفعل الأثر الموجب الذي يحدثه تدوير الأموال من الدول البترولية إلى الدول الصناعية والدول النامية وذلك عبر القنوات الآتية: [/rtl]
[rtl]أ. مدفوعات الواردات [/rtl]
[rtl]زادت واردات الدول البترولية بصورة هائلة منذ ارتفاع أسعار البترول في عام 1973. فقد ارتفعت قيمة الواردات السلعية من حوالي 20 بليون دولار عام 1973 إلى حوالي 101 بليون دولار عام 1978، ثم إلى 166 بليون دولار في عام 1982. [/rtl]
[rtl]كذلك زادت مدفوعات الخدمات والتحويلات من صافي 12 بليون دولار عام 1973 إلى حوالي 53 بليون دولار عام 1982. [/rtl]
[rtl]وهذا يعني عودة جزء كبير من الأموال التي يتم الحصول عليها من بيع البترول مرة أخرى إلى الدول الصناعية بصفة أساسية وإلى الدول النامية إلى حد ما. [/rtl]
[rtl]ب. استثمار الفوائض البترودولارية [/rtl]
[rtl]بلغت قيمة الفوائض البترودولارية ونعني بها فائض ميزان العمليات الجارية (أي بعد استبعاد مدفوعات الواردات السلعية ومدفوعات الخدمات والتحويلات) حوالي 433 بليون دولار خلال الفترة 1974 ـ 1981. وقد تم استثمار هذه الأموال خارج البلاد البترولية وذلك على النحو التالي: [/rtl]
[rtl](1) قروض ميسرة وإعانات للدول النامية غير البترولية سواء بصورة مباشرة أو غير مباشر، عن طريق صناديق التنمية العربية والبنك الإسلامي وصندوق الأوبك وغيرها. وقد بلغت جملة هذه الأموال 62 بليون دولار خلال الفترة 1974 ـ 1981. [/rtl]
[rtl](2) ودائع في البنوك الخاصة بالدول الصناعية، وقد بلغ صافي الأموال المودعة خلال الفترة المذكورة 160 بليون دولار. وقد تم استخدام هذه الأموال في عمليات الإقراض سواء داخل البلاد الصناعية أو خارجها في الدول النامية أو دول شرق أوروبا. [/rtl]
[rtl](3) استثمارات أخرى في البلاد الصناعية وتشمل الأوراق الحكومية والأسهم والسندات الخاصة بالشركات والعقارات وغيرها من وجوه الاستثمارات المباشرة. وقد بلغت جملة هذه الأموال مبلغ 242 بليون دولار خلال الفترة المذكورة. [/rtl]
[rtl]غير أن المخاوف المتعلقة بسيولة تلك الاستثمارات في حالة حدوث أزمة عالمية قللت من جاذبية تلك الاستثمارات لمعظم الدول المنتجة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الاستثمار في الخارج يتيح للدول المستهلكة درجة كبيرة من السيطرة غير المرغوب فيها على الثروة القومية للمنتجين. وقد اتضح ذلك عندما قامت الحكومة الأمريكية بتجميد الأصول الإيرانية في البنوك الأمريكية في نوفمبر 1979. [/rtl]
[rtl](4) قروض لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، فضلاً عن شراء سندات خاصة بالبنك الدولي، وقد بلغت جملة هذه الأموال حوالي 61 بليون دولار خلال الفترة المذكورة. [/rtl]
[rtl]2. إن أسعار المشتقات البترولية في الدول المستهلكة للبترول، والتي تؤثر بصورة مباشرة على النشاط الاقتصادي، تحددها حكومات البلاد المستهلكة. فهناك الضرائب والرسوم الجمركية على البترول المستورد، والتي قد تصل إلى حوالي نصف ثمن بيع البنزين أو السولار. كذلك أرباح الشركات البترولية، التي وصلت إلى معدلات قياسية في الولايات المتحدة وغيرها من الدول إلى الحد الذي أثار الرأي العام في هذه الدول ضد هذه الشركات. [/rtl]
[rtl]ومن الجدير بالذكر، فإنه في عام 1978، كان سعر البترول الخام يساوي 12 دولاراً بينما كان السعر النهائي للمستهلك (في صورة مشتقات بترولية) يساوي 30 دولاراً. [/rtl]
[rtl]وعلى ذلك، فإن رفع سعر البترول الخام لا يؤدي بالضرورة إلى ارتفاع سعر بيع المشتقات البترولية لجمهور المستهلكين حيث يمكن إبقاء الأسعار على ما هي عليه عن طريق تخفيض الضرائب أو الرسوم أو أرباح الشركات أو كل هذه العناصر مرة واحدة. [/rtl]
[rtl]3. إن ارتفاع أسعار البترول يعتبر أمراً ضرورياً لصالح جميع الأطراف المنتجة والمستهلكة على حد سواء. وقد أدى الانخفاض الكبير في أسعار البترول قبل عام 1973 إلى الأضرار الآتية: [/rtl]
[rtl]أ. الإسراف في استخدام الطاقة بصفة عامة والبترول بصفة خاصة. [/rtl]
[rtl]ب. انخفاض استهلاك الفحم بل وتعرّض صناعته إلى التدهور في البلاد الأوروبية مما أدى إلى تشريد الآلاف من العمال والإضرار بالمناطق الصناعية، التي تعتمد اقتصادياتها على صناعة الفحم. [/rtl]
[rtl]ج. أدى الاعتماد الكبير على البترول الرخيص المستورد ـ الذي وصل في بعض الدول إلى ثلاثة أرباع جملة استهلاكها من الوقود ـ إلى تعرّض اقتصاديات هذه البلاد إلى الخطر في حالة انقطاع إمدادات البترول أو انخفاضها لأي سبب من الأسباب [/rtl]
[rtl]د. عدم وجود حافز لتطوير بدائل للبترول سواء من مصادر الطاقة المتجددة أو غير المتجددة، حيث أن هذه البدائل كانت غالية الثمن بالمقارنة بالبترول المنخفض الثمن خلال الخمسينات والستينات وحتى عام 1973. [/rtl]
[rtl]هـ. عدم تشجيع الدول النامية على القيام بعمل أبحاث جدية لمصادر الطاقة في أراضيها وخاصة البترول والفحم والغاز. [/rtl]
[rtl]رابعاً: أسباب انخفاض أسعار البترول في الثمانينيات وآثار ذلك على الاقتصاد العالمي [/rtl]
[rtl]          لقد أدى الانخفاض الكبير والمتواصل في أسعار البترول في أواخر عام 1985 وأوائل عام 1986 إلى زيادة حدة القلق لدى الدول المصدِّرة للبترول سواء كانت من بين أعضاء أوبك أو من خارجها. وذلك على اعتبار أن كل الدول المنتجة سوف تُضار من التدهور الشديد والسريع في أسعار البترول. وقد تمتد الآثار السلبية لانخفاض الأسعار فتشمل صناعة الطاقة بأكملها. وكذلك البنوك الدولية التي أقرضت الكثير من أموالها إلى مشروعات الطاقة في البلدان النامية. [/rtl]
[rtl]فما هي أسباب صدمة انخفاض أسعار البترول وتراجع الفورة النفطية عام 1986؟ [/rtl]
[rtl]          ذكرنا في الفصل الثالث من هذا البحث، أثر تراجع الفورة النفطية على الاقتصاديات ككل، وما أدى إليه انهيار أسعار النفط من تراجع كبير في بترو دولارات الدول العربية النفطية وانعكاس ذلك على الموازنات والفوائض البترودولارية والاحتياطيات الدولية للدول العربية. [/rtl]
[rtl]ومن المناسب أن نشير هنا إلى ما قاله دكتور برهان الدرجاني في مؤلفه: [/rtl]
[rtl]          "إن تراجع الفورة النفطية تم التخطيط له بعناية من قِبل الدول الصناعية المستهلكة للنفط، التي استطاعت أن تفرض شروطها وسياساتها على الدول النفطية. وبالتالي فإن العملية تدخل في باب المباريات السياسية، أكثر مما تدخل في باب التفاعلات الاقتصادية". [/rtl]
[rtl]سياسات الدول الصناعية المستهلكة للنفط التي أدت إلى انخفاض الأسعار [/rtl]
[rtl]1. عندما انخفضت أسعار النفط الخام في أوائل الثمانينات إلى ما يقرب من مستواها قبل صدمة ارتفاع الأسعار الأولى في ظل حرب أكتوبر 1973، اقترن ذلك الانخفاض بقيام الدول الصناعية المستوردة للنفط ـ وبخاصة في أوربا الغربية واليابان ـ بزيادة الضرائب المفروضة على استهلاك المنتجات النفطية. [/rtl]
[rtl]وتهدف هذه السياسة إلى الحيلولة دون وصول انخفاض سعر النفط إلى المستهلك النهائي للمنتجات النفطية حتى لا ينعكس أثره في زيادة استهلاك هذه المنتجات، ومن ثم يزداد الطلب على النفط. [/rtl]
[rtl]كما تهدف هذه السياسة أيضاً إلى حصول تلك الدول على الجانب الأكبر من الريع النفطي الذي يوزع عادة بين منتجي النفط ومستهلكيه، على نحو ما سوف يتم توضيحه بإذن الله في الفصل السابع لدى الحديث عن الحوار بين منتجي النفط ومستهلكيه، حيث ترفض الدول المستهلكة ـ قبل بدء الحوار ـ مناقشة أسعار النفط. [/rtl]
[rtl]والواقع أن انخفاض أسعار النفط الخام ـ وبخاصة منذ أوائل الثمانينات ـ ثم انهيارها إلى ما يقرب من النصف عام 1986، لم يحدث نتيجة لظروف قدرية أو غير مخططة، بل تحقق الانخفاض نتيجة لخطط وسياسات منسقة وضعتها وقامت بتنفيذها الدول الصناعية المستهلكة للنفط، والتي تنتمي بعضويتها إلى الوكالة الدولية للطاقة. فقد نجحت تلك المجموعة من الدول في امتصاص صدمات ارتفاع الأسعار النفطية، التي واجهتها خلال النصف الثاني من السبعينات، وذلك بوضع وتنفيذ برامج صارمة لترشيد الطاقة عموماً والنفط بصفة خاصة. وبذلك انخفضت كثافة استخدام النفط خلال الفترة 1973 ـ 1989. [/rtl]
[rtl]2. ومن أهم هذه السياسات التي اتبعتها الدول الصناعية الغربية تنفيذاً لأهداف الوكالة الدولية للطاقة تكوين مخزون نفطي تجاري استراتيجي كبير على أراضيها، وإسناد إدارته ـ في أغلب الأحوال ـ إلى شركات النفط العالمية لموازنة فترات الحاجة الشديدة والطارئة وتحييد أثرها الصعودي على الأسعار، بل والضغط عليها بقصد الانخفاض. وهذه السياسة بالذات هي السبب المباشر في تراكم فائض بترولي معروض في السوق العالمي، الأمر الذي أدى إلى تدهور أسعار النفط. [/rtl]
[rtl]هذا إضافة إلى تنفيذ خطة طوارئ لمشاركة الدول أعضاء الوكالة الدولية للطاقة في الاحتياطيات البترولية المتوافرة لديها Emergency Energy Sharing Plan ويعتبر هذا أهم أهداف الوكالة التي وضعتها في أواخر عام 1974. بمعنى أن كل دولة تقوم بإرسال جزء من مخزون البترول لديها إلى الدولة العضو التي تواجه أزمة في إمدادات البترول. [/rtl]
[rtl]أما الولايات المتحدة الأمريكية فإنها تواصل إسهامها الفعال في تنمية برامج سياسات الوكالة الدولية للطاقة (IEA)، بالإضافة إلى ما تبذله الحكومة الأمريكية بالتنسيق مع بعض الدول أعضاء الوكالة من جهد من أجل تنمية الاحتياطي الإستراتيجي من الزيت الخام لهذه الدول مجتمعة. ولا تزال خبرة السبعينات ماثلة في أذهان خبراء الطاقة الأمريكيين ( توقف شحنات البترول الخارجية من الدول العربية خلال 1973/ 1974، ثم اندلاع الثورة الإيرانية عام 1979، ثم نشوب الحرب الإيرانية العراقية عام 1980) وما نتج عن هذه الأحداث من ارتفاع أسعار البترول وتأثيرها على الاقتصاد الأمريكي. [/rtl]
[rtl]لهذا ساندت الولايات المتحدة كافة الجهود المبذولة لوضع البرنامج الدولي للطاقة (IEA) موضع التنفيذ العاجل بتوقيع اتفاقية أمن الطاقة مع الدول الصناعية الأعضاء في الوكالة الدولية للطاقة. [/rtl]
[rtl]ونتيجة لذلك ارتفع رصيد الزيت الخام عما كان عليه عام 1970، وجاري تنميته ليصل إلى مليار برميل. ويعادل هذا الاحتياطي الإستراتيجي حوالي سنة وتسعين يوماً من الواردات البترولية. [/rtl]
[rtl]كذلك انتهجت هذه السياسة نفسها دول أخرى أعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، حيث سارعت بتكوين مخزون احتياطي للطوارئ يبلغ حالياً حوالي 400 مليون برميل جاري تنميته أيضاً. وقد بلغ التنسيق ذروته من خلال تشكيل مجموعات استشارية توصلت إلى وضع السياسات التي تحدد أسلوب سحب هذه الأرصدة الاحتياطية في إطار من التعاون والتنسيق يحدد حصص الإنتاج لكل دولة. [/rtl]
[rtl]وغني عن البيان أن هذه السياسات لم تكن موجودة قبل قيام الوكالة الدولية للطاقة كرد فعل لطفرة ارتفاع الأسعار 1973. ولعل هذا التفصيل يوضح لنا مدى الجدية ـ التي التزمت بها الدول الأعضاء في الوكالة طوال خمسة وعشرين عاماً منذ إنشائها حتى عام 1999 ـ في مواجهة دول الأوبك حتى أصبحت دول الوكالة في مأمن من التعرض لأية مخاطر ناجمة عن ارتفاع أسعار أو توقف إمدادات بترولية. ولا شك أن هذه السياسة تعتبر أحد أسباب تدهور أسعار النفط الخام في وقتنا الحاضر حتى أواخر التسعينات. [/rtl]
[rtl]3. كذلك يدخل في إطار تلك السياسات، التي تلجأ إليها الدول الصناعية المستهلكة، ما طرأ من توسع في حجم الأسواق الفورية. وهي أسواق عرفتها صناعة النفط من قديم باعتبارها وسيلة عملية للتخلص من بعض الفوائض النفطية بأسعار مخفضة، ولتحقيق التوازن بين العرض والطلب خارج إطار العقود طويلة الأجل التي كانت تخضع لنظام تسعيري ثابت. [/rtl]
[rtl]لم يكن نطاق السوق الفورية في الماضي يتجاوز 10 ـ 15% من حجم التجارة العالمية في النفط. ولذلك لم يكن السعر الفوري يؤثر تأثيراً محسوساً على الأسعار المعلنة أو الرسمية، غير أن الاختلال الذي طرأ منذ منتصف الثمانينات، وأدى إلى وجود فائض كبير في العرض العالمي للنفط، واحتدام المنافسة بين المنتجين داخل وخارج أوبك، ثم تخلي أوبك عن نظام التسعير الرسمي حماية لنصيبها من السوق، دفع بالأسواق الفورية إلى مرتبة متزايدة الأهمية بحيث صارت أسعار التعامل فيها سبباً رئيسياً من أسباب عدم استقرار أسواق النفط ومن ثم انخفاض أسعاره. ذلك لأن الأسعار الفورية لا تخضع فقط للقوى الاقتصادية والسياسية، التي تخضع لها أسعار النفط عامة، بل تؤثر عليها أيضاً عوامل تنظيمية ونفسية مما يجعلها عرضة للتذبذب السريع مع انتشار الأخبار والشائعات. [/rtl]
[rtl]4. ومع اتساع نطاق الأسواق الفورية، وما أدت إليه من تقلبات شديدة في أسعار النفط، فإنها مهَّدت السبيل لنشأة ونمو المضاربة على تلك الأسعار. [/rtl]
[rtl]ظهرت تلك المضاربة خلال الثمانينات فيما يُعرف بالأسواق المستقبلية للنفط (البورصات) وهي أسواق عرفها العالم من قديم في مجال السلع التي يخضع عرضها لتقلبات يصعب التنبؤ بها مثل المنتجات الزراعية. [/rtl]
[rtl]وتعتبر تلك الأسواق ظاهرة مستحدثة بالنسبة للنفط، إذ لا تنتعش إلاَّ في ظل أسعار تتسم بالتذبذب وعدم الاستقرار. [/rtl]
[rtl]كانت أسعار البترول تتمتع بقدر كبير من الاستقرار عندما كانت تتحدد بقرار من أوبك إلى أن تخلَّت المنظمة عن نظام تحديد أسعار رسمية كما ذكرنا، وصارت تكتفي بتحديد سقف الإنتاج مع ترك الأسعار لقوى السوق. والأصل في السوق المستقبلية أنها تحقق لمشتري النفط، وهو في العادة مصفاة للتكرير، تأمين احتياجاته المستقبلية مع ضمان حمايته ضد تقلبات السعر خلال فترة الانتظار، التي يصعب التنبؤ خلالها باتجاه الأسعار في ظروف تتسم بعدم الاستقرار. [/rtl]
[rtl]غير أن التعامل في الأسواق المستقبلية لم يعد يقتصر على من يحتاج لتأمين احتياجاته من النفط، إذ أخذ فريق من المضاربين يتعامل في تلك الأسواق بهدف تحقيق الربح بالمراهنة على سلامة تنبؤاتهم لحركة أسعار النفط. [/rtl]
[rtl]كذلك دخلها لنفس الغرض عديد من الشركات العالمية للنفط، التي وقفت منها في البداية موقف المتردد. ومن هنا توسعت المضاربة على أسعار النفط بحيث صارت تتم على مدار الساعة باستخدام شاشات الكمبيوتر في أهم ثلاث أسواق "بورصات" وهي أسواق نيويورك ولندن وسنغافورة. [/rtl]
[rtl]كما يتم فيها التعامل اليومي على ما يُسمى بالبراميل الورقية ما يزيد عدة مرات على حجم التعامل في براميل الزيت الحقيقية. وبذلك انحرفت تلك الأسواق عن هدفها الأصلي. وتختلف الآراء حول تقويم أثر تلك الأسواق على أسعار النفط. ولكن الرأي الغالب أن دخول عنصر المضاربة في أسواق النفط يؤدي ـ ضمن عوامل أخرى ضاغطة ـ إلى تفتيت وحدة الأسعار وشفافيتها، كما يساعد على ازدياد حدة التقلبات التي تتعرض لها الأسعار في المدى القصير. [/rtl]
[rtl]5. وفي تطور مماثل أدى انخفاض الطلب على المنتجات النفطية خلال الثمانينات ـ نتيجة لبرامج ترشيد الاستهلاك ـ إلى تشغيل مصافي التكرير عند مستويات منخفضة (حوالي 70% في المتوسط) مما ألحق بعض الخسائر بأصحابها. ولكن بدلاً من أن يتجه هؤلاء إلى حكومات الدول المستهلكة للنفط لخفض الضرائب النفطية، التي زيدت منذ منتصف الثمانينات من نحو 22 دولاراً إلى 55 دولاراً للبرميل، طالبوا بنقل مخاطر التكرير إلى الدول المصدرة للنفط عبر ما عُرف بتسعير النفط الخام وفقاً للقيمة الصافية للمنتجات النفطية ـ قبل الضرائب ـ ولكن بعد خصم كافة التكاليف بما فيها أرباح المصافي. وبالتدريج صار هذا النظام يحتل مكانة هامة في التسعير، وأضاف عاملاً جديداً من عوامل عدم الاستقرار، حيث تختلف القيمة الصافية وفقاً لمعايير يصعب توحيدها، كما تختلف من منطقة استهلاكية إلى منطقة أخرى. [/rtl]
[rtl]6. ومن السياسات التي أدت إلى انخفاض أسعار النفط في الثمانينات أيضاً، اتهام (الجات) للدول النفطية أعضاء أوبك بالمشاركة في إقامة تكتل احتكاري تجاري يهدف إلى رفع الأسعار وتقييد حرية التجارة. وقد شجع هذا الاتهام الكونجرس الأمريكي على اتخاذ إجراءات انتقامية ضد دول أوبك. فقام بإدخال عدد من التعديلات على اتفاقية الجات بهدف حرمان تلك الدول من التمتع بمزايا نظام التفضيلات المعممة، الذي أقرته دورة طوكيو للجات لصالح الدول النامية. [/rtl]
[rtl]وكان من آثار ذلك الإجراء وغيره من وسائل الضغط أن حاولت اوبك دفع التهمة بالخروج على الالتزام بسعر معين، ومن ثم صار السعر يتحدد بقوة السوق والمنافسة منذ عام 1986. [/rtl]
[rtl]وقد أدى تخلِّي الدول المصدرة للنفط عن الالتزام بسعر ثابت، وترك تحديده للقوى المنافسة إلى انهيار الأسعار في عام 1986 من 28 دولاراً للبرميل إلى نحو 13 دولار للبرميل. [/rtl]
[rtl]7. كذلك كانت السياسات التي تسير عليها الشركات العالمية للنفط تعمل على تعزيز كافة السياسات التي توحي بها الوكالة الدولية للطاقة على النحو التالي: [/rtl]
[rtl]عندما آلت ملكية صناعة البترول ومسؤولية إدارتها إلى دول الأوبك، وتمكنت الدول العربية من بسط سيادتها القومية على مرفق النفط في ظل حرب أكتوبر 1973، لم تكن هذه السيادة متكاملة، لأن القوة الاحتكارية التي كانت تتمتع بها الشركات العالمية المستثمرة وتكاملها العمودي من المنبع حتى المستهلك النهائي لم تنتقل إلى الحكومات العربية مع انتقال الملكية، بل انتقل إليها فقط ملكية المرحلة الأولى من تلك الصناعة، وهي إنتاج النفط الخام، بينما بقيت باقي المراحل تحت سيطرة الشركات بمساندة حكومات الدول الصناعية المستهلكة للنفط، الأمر الذي أتاح لتلك الدول استعادة هيمنتها على الصناعة وضمان استمرار تدفق النفط لتغذية اقتصادياتها بأسعار متدنية. [/rtl]
[rtl]وبذلك قامت تلك الدول بوضع السياسات التي تكفل تحقيق تلك الأهداف وأنشأت لذلك العديد من الأذرع التخطيطية والتنسيقية ممثلة في أجهزتها المحلية، فضلاً عن شركات النفط العالمية التي تنتمي بجنسيتها إلى تلك الدول. [/rtl]
[rtl]جدير بالذكر أن الشركات العالمية المستثمرة العاملة في المنطقة العربية تحولت إلى قواعد تعمل لحساب حكوماتها وتمثل خط المواجهة الأول مع دول المنطقة، وكأنها جهاز المخابرات الدولي الذي يستطيع أن يتصدى لأية محاولات تنطوي على مخاطر أو أضرار لدولها. [/rtl]
[rtl]8. لم تكن السياسات التي أدت إلى تدني أسعار البترول الخام بسبب تنسيق المستهلكين لسياساتهم النفطية ـ سواء في ظل الوكالة الدولية للطاقة أو بفعل الشركات المستثمرة العالمية (كما أوضحنا في النقاط السابقة)، بل كان ذلك أيضاً بسبب سياسة منظمة أوبك، وبسبب التناقضات في بنية أوبك ذاتها. [/rtl]
[rtl]فقد كانت منظمة أوبك منذ إنشائها كياناً حافلاً بالمتناقضات من حيث الظروف الطبيعية أو السكانية بل والبترولية لكل دولة من أعضائها. [/rtl]
[rtl]وإذا كانت هذه المتناقضات لم تتفجر في شكل خلافات إلاّ في الثمانينات، فإن ذلك يرجع إلى الأسباب التالية: [/rtl]

  • كانت أسواق البترول خاضعة للشركات الكبرى حتى أوائل السبعينات.
  • وكانت هذه الشركات هي التي تضع سياسات الإنتاج.
  • وكان الطلب العالمي على البترول في ازدياد مطرد وبمعدلات مرتفعة استمرت إلى ما بعد منتصف السبعينات.

[rtl]           وبالتالي كان جميع المنتجين يجدون الأسواق الكافية دون حاجة إلى التناحر فيما بينهم من أجل ضمان حصة كافية من الأسواق. [/rtl]
[rtl]          وعندما انتقلت مسؤولية تخطيط السياسات الإنتاجية من شركات البترول الخاصة العاملة في دول أوبك إلى حكومات دول المنظمة (أي منذ حوالي منتصف السبعينات) ظهرت هذه التناقضات ووجدت المنظمة نفسها في مواجهتها حيث كثيراً ما تفرض عليها مراعاة الظروف الخاصة لكل دولة من أعضائها. [/rtl]
[rtl]          ولسوء الحظ تزامن ذلك مع بدء الهبوط الحاد في الطلب على بترول أوبك ابتداءً من عامي 1980/ 1981، وبعد أن أصبح واضحاً أن ضرب الطلب على هذا البترول مستهدف في حد ذاته كما تدل على ذلك حركة الطلب العالمي. [/rtl]
[rtl]          واستمر ظهور الخلافات بين الدول الأعضاء بشأن تحديد سقف الإنتاج أو الاستغناء عنه، وحول حصص الأعضاء زيادة أو نقصاناً نظراً لكفاح كل دولة من أجل تصدير كل ما يمكن تصديره من البترول المنتج مراعاة لظروفها الخاصة بالإنتاج وعدد السكان وما لديها من احتياطيات، وهذه هي المشكلة الأساسية التي تدور حولها قضية برمجة إنتاج أوبك كوسيلة لضبط مستويات الأسعار. [/rtl]
[rtl]          لم يقتصر الأمر على تلك الخلافات بين الدول الأعضاء، بل قامت الحرب بين اثنتين من أعضاء المنظمة هما إيران والعراق طوال ثماني سنوات، ثم دخل العراق في مغامرة جديدة بغزو الكويت، الأمر الذي استنزف جانباً ضخماً من القدرات المالية لدول الخليج العربية. كما انغمست ليبيا في مغامرات سياسية وعسكرية تكلفت بسببها الكثير من عائدات البترول، ولو أن الأمور سارت بشكل طبيعي بالنسبة لدول المنظمة الثلاث لاختلف حال العالم العربي والإسلامي وساد التفاهم بين دول أوبك وما اضطرب إنتاجها من البترول ولزادت المنظمة قوة. [/rtl]
[rtl]          من الواضح أن اضطراب الأحوال داخل أوبك قد أثر على سياستها. فعلى الرغم من التشابه الذي يبدو في ملامح أزمتي السبعينات 73/ 1974 و 79/ 1980 فقد كان لأوبك موقف مختلف في كل منهما. [/rtl]
[rtl]          ففي حين بدت أوبك تمسك بزمام الموقف في أوائل السبعينات، حتى أصبحت الجهة المسؤولة عن تحديد الأسعار. فقد انساقت وراء السوق في أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات. وبدلاً من أن تقوم بتحقيق التوازن بين العرض والطلب العالميين على البترول، فقد أخلَّت بهذا التوازن. (وذلك على الرغم من محاولات المملكة العربية السعودية لوضع سياسة تسعيرية تضمن للأسعار حداً أدنى لا تتجاوزه وتستهدف ربط الأسعار بعدد من العوامل الاقتصادية)، فلم تكن سياسة أوبك في مجال الإنتاج وفي مجال التسعيرة مبنية على أسس سليمة تحددها أوضاع الطاقة وأوضاع السوق العالمي. فقد انتهزت أوبك قيام الثورة الإيرانية ثم الحرب العراقية الإيرانية فرفعت معدلات إنتاجها إلى مستويات قياسية حتى وصلت إلى 31 مليون برميل يومياً في عام 1979 وفي ذات الوقت رفعت أسعارها الرسمية حتى بلغت 34 دولاراً للبرميل ولم تضع في اعتبارها سياسات الطاقة التي سارت عليها الدول الصناعية، خاصة في مجال المخزون الاستراتيجي وترشيد الاستهلاك وتطوير البدائل. [/rtl]
[rtl]          كانت النتيجة قيام الدول المصدرة للبترول بإغراق السوق بكميات تفوق معدلات الطلب عليه في أوائل الثمانينات، في الوقت الذي كانت الدول المستهلكة للبترول قد استوعبت دروس السبعينات، وأدركت أن عصر الطاقة الرخيصة قد انتهى، وأدى ذلك إلى هبوط الأسعار إلى أقل مستوياتها في منتصف الثمانينات. [/rtl]
[rtl]          وفي حين ارتفع استهلاك الدول الصناعية المستهلكة بنسبة 80% خلال الفترة 1965/ 1973، لم تتعد هذه الزيادة نسبة 1% خلال السنوات العشر التالية 1973/ 1983. وذلك بسبب سياسة الوكالة الدولية للطاقة لترشيد الاستهلاك. [/rtl]
[rtl]          وعلى أثر انخفاض معدلات الطلب العالمي على البترول تراجع نصيب أوبك في السوق العالمي من 51.5% في عام 1975 إلى 45% في عام 1980 ثم إلى 29% في عام 1985. [/rtl]
[rtl]          وخلال الفترة 74/ 1985، حاولت اوبك أن تحقق التوازن في السوق العالمي عن طريق تثبيت الأسعار. ونظراً لغياب التنسيق والتعاون مع الدول الأخرى المصدرة للبترول في العالم، وفي مواجهة انخفاض حصة أوبك مقترناً بانخفاض الأسعار، ولدفع اتهام (الجات) لدول أوبك بالمشاركة في إقامة تكتل احتكاري تجاري، أصدرت المنظمة قرارها التاريخي في ديسمبر 1985 بالخروج على الالتزام بسعر ثابت، والتصدي للدفاع عن حصة عادلة من السوق. وأعقب ذلك انهيار الأسعار في 1986، وتراجع دور أوبك في مجال العلاقات الدولية البترولية لدرجة أن وسائل الإعلام الغربية بدأت تصور المنظمة بأن دورها قد انتهى. [/rtl]
[rtl]          هذه هي الأسباب التي أدت إلى تدني سعر برميل النفط إلى أقل من 9 دولارات في يوليه 1986 بسبب سياسات الدول الصناعية الغربية والولايات المتحدة الأمريكية الأعضاء في الوكالة الدولية للطاقة، التي تمكنت خلال ربع القرن الفائت منذ إنشائها من تحقيق أهم أهدافها في كافة المجالات السابق إيضاحها بما أدى إلى خلق فائض في العرض العالمي للنفط واتجاه الأسعار لصالح الدول المستهلكة، وأخيراً العمل على استيعاب أموال أوبك في شكل استثمارات وإيداعات وواردات من الأسلحة، مما يجعل تخفيض الإنتاج في الدول المصدرة للبترول أمراً صعباً في حالات المواجهة مع المستهلكين أو حالات هبوط الأسعار. ولم تكتف الدول الصناعية الغربية بذلك بل تحولت إلى العمل على تحقيق المزيد من التكتل وتقوية أوضاعها وأوزانها التفاوضية باستخدام كافة التجمعات والتكتلات الأخرى مثل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والسوق الأوربية المشتركة وغيرها من المؤسسات الاقتصادية والاستراتيجية والسياسية والعسكرية والعلمية أيضاً. [/rtl]
[rtl]آثار انخفاض أسعار البترول في الثمانينات على الاقتصاد العالمي [/rtl]
[rtl]كان لانخفاض أسعار البترول في أوائل عام 1983، آثاراً على: [/rtl]
[rtl]الدول الصناعية [/rtl]
[rtl]والدول المصدرة للبترول [/rtl]
[rtl]والدول النامية المستوردة للبترول. [/rtl]
[rtl]بالنسبة للدول الصناعية [/rtl]
[rtl]من أهم الآثار الإيجابية الناجمة عن انخفاض أسعار البترول: [/rtl]

  1. أدى انخفاض سعر البترول بنسبة 15% في عام 1983، إلى تخفيض قيمة الواردات البترولية لدول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD بحوالي 45 بليون دولار في عام 1983، وعلى أثر ذلك تحسَّن وضع موازنات مدفوعات هذه الدول.
  2. كما انخفض معدل التضخم في دول هذه المجموعة بحوالي 1% في السنة المذكورة.

[rtl]ومن أهم الآثار السلبية الناجمة عن انخفاض أسعار البترول: [/rtl]

  1. انخفاض الاستثمار في مشروعات الطاقة البديلة وقد تم إلغاء بعضها مثل مشروعات الغاز الصناعي وغيرها من المشروعات عالية التكلفة.
  2. تخفيض الاستثمار في عمليات البحث عن البترول في الدول الصناعية وفي الدول النامية خارج منظمة الأوبك.
  3. انخفاض صادرات الدول الصناعية المتجهة إلى الدول البترولية.
  4. أصبحت البنوك الغربية في مأزق شديد نظراً لانخفاض أسعار البترول، ومن ثم انخفاض مقدرة الدول البترولية المدينة على سداد ديونها. وسوف يزداد الوضع سوءاً في حالة قيام الدول البترولية الغنية (مثل السعودية والكويت والإمارات وقطَر) بسحب ودائعها على نطاق واسع من البنوك الغربية. وهذا يفسر لنا مطالبة هذه البنوك بصورة متكررة بوضع حد لاستمرار انخفاض أسعار البترول.

[rtl]وبالنسبة إلى الدول المصدرة للبترول: [/rtl]
[rtl]          ونعني بها دول منظمة أوبك بالإضافة إلى المكسيك، التي تعتبر مصدراً رئيسياً للبترول. وقد شهدت هذه الدول زيادة كبيرة في دخلها من صادرات البترول خلال الفترة 1974 ـ 1980 نتيجة للارتفاع المستمر في أسعار البترول إلا أن الدخل انخفض في عام 1981 واستمر في الانخفاض خلال عامَي 1982 و1983 نتيجة لانخفاض أسعار البترول بنسبة 15% في عام 1983 وانخفاض الطلب العالمي على البترول. [/rtl]
[rtl]والآثار السلبية لهذا الانخفاض تتضمن ما يلي: [/rtl]

  1. انخفاض الإنفاق العام سواء فيما يتعلق بالنفقات الجارية أو النفقات الاستثمارية. فقد خفضت السعودية إنفاقها بنسبة 17% في موازنة عام 1982/1983 بالمقارنة بموازنة عام 1981/1982. وتم ذلك عن طريق الاستغناء عن نسبة من العاملين العرب والأجانب وعن تأجيل بعض المشروعات الاستثمارية.
  2. قيام بعض الدول البترولية وخاصة الدول الخليجية بالسحب من الأموال المودعة في البنوك لتغطية جزء من إنفاقها الجاري والاستثماري.

كذلك قامت دول بترولية أخرى بالاقتراض لمواجهة الموقف مثل المكسيك ونيجيريا وفنزويلا.

  1. قيام الدول البترولية بتخفيض معوناتها المالية المقدمة إلى دول العالم الثالث.

[rtl]وكان لانخفاض أسعار البترول في الثمانينات آثار إيجابية على الدول المصدرة للبترول، هي: [/rtl]

  1. إن انخفاض الصادرات البترولية أدى إلى انخفاض إنتاج البترول وإطالة عمره بما يفيد الأجيال القادمة.
  2. تشجيع الدول البترولية على توسيع قاعدتها الإنتاجية وتنويع صادراتها بدلاً من الاعتماد الكلي على إنتاج وتصدير مادة أولية واحدة وهي البترول وخاصة بالنسبة للدول التي تمتلك قطاعاً زراعياً أو صناعياً هاماً من قبل مثل العراق وإيران ونيجيريا وإندونيسيا والمكسيك.
  3. تشجيع الدول البترولية ـ وخاصة الدول العربية الخليجية ـ على ترشيد الإنفاق العام والخاص سواء الاستهلاكي أو الاستثماري. وكذلك الابتعاد عن مظاهر الإنفاق الترفي والمظهري والتركيز على مشروعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

[rtl]أما فيما يتعلق بالدول النامية المستوردة للبترول: [/rtl]
[rtl]فقد كان لانخفاض أسعار البترول في الثمانينات آثاراً إيجابية هي: [/rtl]

  1. انخفاض فاتورة الواردات البترولية.
  2. انخفاض أسعار السلع الصناعية المستوردة، ويرجع ذلك لانخفاض معدل التضخم في الدول الصناعية.
  3. انخفاض أسعار الفائدة وبالتالي انخفاض أعباء الديون التي تتحملها البلاد النامية.
  4. زيادة صادرات الدول النامية من المنتجات الأولية، ويرجع ذلك إلى تحسن الأوضاع الاقتصادية في الدول الصناعية والذي يعود جزيئاً إلى انخفاض أسعار البترول.

[rtl]كما كان لانخفاض أسعار البترول في الثمانينات آثاراً سلبية هي: [/rtl]

  1. انخفاض المعونات التي تقدمها الدول البترولية إلى الدول النامية.
  2. انخفاض صادرات الدول النامية من السلع الأولية والسلع نصف المصنوعة والسلع المصنوعة المتجهة إلى أسواق الدول البترولية.
  3. التأثير السلبي على برامج الطاقة في الدول النامية المستوردة للبترول، إذ أن انخفاض أسعار البترول من شأنه أن يقلل من عزيمة هذه الدول في استمرار عمليات تكثيف البحث عن البترول.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69673
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Empty
مُساهمةموضوع: رد: البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول   البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Emptyالإثنين 07 مارس 2016, 10:39 pm

الفصل السادس
أسعار البترول في التسعينات بين التحسن والهبوط وأثرها على الاقتصاد العالمي
         إن تدهور أسعار النفط الخام بشكل حاد خلال السنتين الأخيرتين 1998 ـ 1999 لم يكن وليد عقد التسعينات، بل بدأ منذ أوائل الثمانينات، ولم يتوقف هذا التدهور حتى بعد انهيار تلك الأسعار إلى أقل من النصف عام 1986. (وقد تناول البحث أسباب ذلك تفصيلياً في الفصل السابق).
         إلاَّ أنه في أواخر الثمانينات حدث تحسن محدود في أسعار النفط خلال السنوات 1987 ـ 1988 إلى 1990. واتصفت أسعار النفط بالتذبذب الشديد أوائل التسعينات بسبب الغزو العراقي للكويت. ثم عاودت الأسعار الهبوط حتى وصلت إلى 12.28 دولاراً لبرميل النفط عام 1998، وتدهورت إلى 9.67 دولاراً في ديسمبر 1998.
         وفي كافة حالات انخفاض أسعار النفط، مارست الدول الصناعية المستهلكة سياستها التي دأبت عليها، وهي عدم السماح بانتقال ذلك الانخفاض إلى المستهلك النهائي للمنتجات النفطية حتى لا ينعكس أثره في زيادة استهلاك هذه المنتجات، ومن ثم يزداد الطلب على النفط. بل كانت تتعمد دائماً زيادة ما تفرضه من ضرائب على استهلاك المنتجات النفطية في كل مرة ينخفض فيها سعر النفط الخام، وذلك للتحكم في عامل الطلب حتى لا يزيد سعر النفط.
         ومن دلائل ذلك، ارتفاع الضرائب النفطية في الدول الأوربية من نحو 22 دولاراً إلى 55 دولاراً ثم إلى 66 للبرميل خلال الفترة 1985 ـ 1995، وهي التي شهدت انخفاضاً مطرداً في أسعار النفط (باستثناء فترة حرب الخليج الثانية). ولعل في ذلك أبلغ الرد على من يساندون سياسة إبقاء أسعار النفط عند مستواها المتردي أملاً في أن يؤدي الانخفاض إلى ارتفاع الطلب على النفط.
أسباب تدهور أسعار النفط الخام في أواخر التسعينات
         لم تكن أسعار النفط الخام طوال عقد التسعينات على وتيرة واحدة، بل تذبذبت بين التحسن المؤقت تارة، والاستقرار النسبي تارة أخرى، والتدهور الشديد في أواخر التسعينات تارة ثالثة.
         ويحاول البحث استخلاص أسباب كل فترة أثناء استعراض تطور أسعارالنفط الخام في المراحل التالية:
أولاً: تغيرات العرض والطلب العالميين أدت إلى تحسن مؤقت لأسعار البترول
         بعد انهيار أسعار النفط في عام 1986، بدأ يتراجع دور أوبك في مجال حفظ التوازن في السوق العالمي للبترول، الذي تحول إلى سوق للمشترين بعد أن كان سوقاً للبائعين منذ بداية السبعينات.
         وعلى الرغم من ذلك، برزت معالم على الطريق ـ خلال السنوات الحرجة من عمر المنظمة (1986 ـ 1990) ـ كانت تبشر بتخطي الأزمات... ونشير بإيجاز إلى عدد من هذه العوامل:
1. تغيّر هيكل العرض العالمي بصورة واضحة، حيث انخفض الإنتاج المحلي من البترول في الولايات المتحدة الأمريكية خلال تلك السنوات، حتى وصل إلى 7.6 مليون برميل يومياً خلال النصف الأول من عام 1990 وهو أدني مستوى سجله منذ 26 عاماً. وأدى ذلك إلى تزايد الطلب فيها على البترول (علماً بأن الولايات المتحدة أكبر دولة مستهلكة للبترول في العالم حيث تستورد 25% تقريباً من إجمالي الطلب العالمي).
كذلك تراجع إنتاج المملكة المتحدة حتى وصل إلى 1.9 مليون برميل يومياً فقط في 1989. هذا بالإضافة إلى انخفاض الإنتاج في الاتحاد السوفيتي من 12.5 مليون برميل يومياً في 1987 إلى 11 مليون برميل يومياً في بداية عام 1990.
2. في أواخر عام 1986 عاد الانضباط إلى صفوف أوبك بعودة دول الخليج إلى جادة الصواب وتوقفت حرب الأسعار مع الدول المصدرة خارج أوبك واستعادت المنظمة تماسكها، الأمر الذي خلق موقفاً جديداً في صالح كل الدول المصدرة سواء الأعضاء في أوبك أو غير الأعضاء.
وقد قاد العودة دول الخليج العربية بزعامة السعودية، وهي التي أعلنت حرب الأسعار في الأشهر الأولى من عام 1986 فانهارت السوق وانهارت معها اقتصاديات عديد من الدول.
ودول الخليج بزعامة السعودية أيضاً هي التي أنهت حرب الأسعار في أواخر العام فاستقامت أمور السوق.
ومن المعروف أن السيد/ أحمد زكي يماني وزير البترول السعودي السابق، الذي قاد حملة حرب الأسعار قد أقيل من منصبه في أواخر عام 1986 حين تفاقمت الأزمة وأضيرت كل الأطراف المعنية، وعين بدلاً منه السيد/ هشام ناظر وزيراً للبترول في السعودية حيث قاد الدعوة إلى العودة لنظام سقف إنتاج لأوبك وحصص إنتاجيه لأعضائها وسعر رسمي استرشادي مؤقت لصادراتها وكان وقتئذ 18 دولاراً للبرميل.
بذلك بدأت أوبك تستعيد بعض ما فقدته، وبدأت تظهر كمورد أساسي ومستمر، وذلك عن طريق اتخاذ استراتيجية جديدة للأسعار والتسويق.
فبعد أن كانت تحدد سعراً رسمياً تدافع عنه، بدأت تتحول إلى تحديد سعر استرشادي كهدف، وهكذا تركت قوى السوق تحدد السعر الفوري لمبيعاتها. مع العلم أن هذا السعر أصبح يتأثر بكميات المبيعات اليومية والمنازعات بين الدول الأعضاء وقرارات الحصص الإنتاجية لكل دولة عضو في أوبك وإعلان السياسات، بل وحتى التصريحات التي يدلي بها وزراء بترول أوبك كان لها أثر نفسي قوي على اتجاهات الأسعار.
إن قدرة أوبك في التأثير على الأسعار لم تعد متماثلة في حالتي الزيادة والخفض. فبينما يستطيع مصدرو أوبك إغراق السوق بكميات تزيد على معدلات الطلب العالمي، فيحدث على أثر ذلك ضغوط تنازلية على الأسعار، فإنه من الصعب زيادة الأسعار عن طريق خفض الإنتاج خفضاً جبرياً لفترات طويلة، وذلك لاعتماد دول أوبك على العائدات البترولية وحاجتها إليها، كما أن هذا الخفض لا يأتي إلاّ كرد فعل لأحداث سياسية خارجة عن إرادة المنظمة.
3. حدث ارتفاع تدريجي للطلب العالمي على البترول منذ عام 1986 وحتى منتصف عام 1990، بسبب التغيُّرات السياسية والاقتصادية في دول أوربا الشرقية وتقلص وارداتها من الزيت والغاز من الاتحاد السوفيتي، ونتيجة لزيادة استهلاكها من البترول، فقد تزايد طلبها على بترول أوبك وخاصة دول الخليج.
وكذلك كان ارتفاع الطلب العالمي على البترول بسبب تزايد القوة الاقتصادية لمجموعة الدول الآسيوية المصنعة حديثاً، والتي يطلق عليها النمور الآسيوية (تايوان ـ هونج كونج ـ كوريا الجنوبية ـ سنغافورة)، وزيادة طلبها على البترول بوجه عام وعلى بترول أوبك بوجه خاص.
وقد أدى ذلك إلى زيادة حصة أوبك من السوق العالمية للبترول بعد أن تراجعت في الثمانينات. كما أدى إلى ارتفاع الأسعار خلال السنوات 1987 ـ 1990، وإن كان بصورة متذبذبة، حيث ارتفع سعر البرميل من سلة خامات أوبك من نحو 8 دولارات للبرميل في يوليه 1986 إلى نحو 23.6 دولاراً في يناير 1990، ثم عاد وهبط إلى ما يتراوح بين 13 ـ 14 دولاراً للبرميل في الربع الأول من العام، ليسترد قوته ثانية قبل أزمة العراق والكويت حيث سجل سعراُ يتراوح بين 18 ـ 20 دولاراً للبرميل. وقد أدى ذلك إلى تضاعف عائدات أوبك في منتصف عام 1990 بالمقارنة بما كانت عليه في منتصف الثمانينات، إلا أنها لم تحقق المستوى الذي بلغته في أعقاب ثورة الأسعار الأولى.
وما زال السعر يتردد بين الزيادة والنقصان مع تذبذب درجة حرارة المواجهة السياسية في منطقة الخليج العربي.
ومن الجدير بالإشارة أن نكسة انهيار الأسعار عام 1986 استمر ظلُّها طاغياً على عقد التسعينات بأكمله، الذي ساده القلق والترقب والمخاوف من تكرارها في سوق البترول العالمي.
4. على أثر هذا التحسن النسبي، زادت أواصر التعاون بين المصدرين من داخل أوبك ومن خارجها، من أجل إعادة التوازن إلى السوق العالمي للبترول.
هذا بالإضافة إلى اتجاه دول اوبك لإقامة علاقات مع شركات البترول الكبرى متعددة الجنسيات، عن طريق إقامة مشروعات مشتركة في مجالات التكرير والتسويق والتوزيع. وهذا من شأنه أن يضمن موارد بترولية للشركات الأجنبية بينما يوفر للدول المصدرة منافذ تصدير في أوقات الأزمات.
وهكذا مهَّدت التغيرات سالفة الذكر بالنسبة للعرض والطلب العالميين على البترول، وتفهم أوبك لدورها الحقيقي واستفادتها من دروس الماضي، إلى إيجاد نوع من التوازن في السوق العالمي للبترول، نتج عنه استقرار نسبي حققت في ظله أسعار البترول بعض الزيادة، حيث حددت أوبك ـ في أواخر عام 1986 ـ سعراً استرشادياً للنفط الخام قدره 18 دولاراً للبرميل، وقد استمر هذا السعر طوال السنوات 1987 و 1988 و 1990 وحتى يوليه 1990 ( تاريخ غزو العراق للكويت).
ثانياً: غزو العراق للكويت أدى إلى تذبذب أسعار البترول صعوداً وهبوطاً
         نواصل في هذه الفترة استعراض ما استجد من أحداث كان لها الأثر الفعَّال في أسعار النفط الخام صعوداً وهبوطاً ـ أو بالأحرى تحسناً وتدهوراً ـ خلال عقد التسعينات.
1. كان عدوان العراق على الكويت مفاجأة للعالم أجمع، بعد أربعة أيام فقط من حدوث اتفاق جماعي لوزراء دول أوبك في المؤتمر الوزاري العادي رقم 87 المنعقد في جنيف في 26 ـ 27 يوليه 1990 ـ بعد تخطي خلافاتهم ـ على رفع الأسعار من 18 إلى 21 دولاراً للبرميل، والالتزام بسقف إنتاج للأوبك (22.49 مليون برميل يومياً) للنصف الثاني من عام 1990، وبحصص محددة لكل عضو.
وعلى أثر هذا العدوان، شهد سوق البترول العالمي تغيرات جوهرية أدت إلى نقص الإمدادات العالمية وحدوث ارتفاع كبير لأسعار البترول وتوقف تام لصادرات البترول العراقي والكويتي بناء على الحظر الاقتصادي المفروض من مجلس الأمن. ولأول مرة منذ عقود من السنين كاد الطلب على البترول يهدد بتجاوز العرض.
ففي أعقاب الأزمة مباشرة، واصلت أسعار البترول الخام ارتفاعها حيث سجل سعر برميل سلة خامات أوبك 26.5 دولاراً في السادس من أغسطس 1990، أي بعد أربعة أيام فقط من غزو الكويت. ثم تجاوزت الأسعار هذا الحد حيث وصل سعر البرميل من النفط 34.6 دولاراً، واستمر في الارتفاع حتى كاد يتخطى حاجر الأربعين دولاراً للبرميل، وخاصة لبترول شمال أفريقيا وبترول بحر الشمال وبترول الغرب الأمريكي ـ وذلك نتيجة للمضاربات ورد فعل التصريحات والتخوف من اندلاع الحرب في الخليج على نطاق واسع ـ مما حدا بدول أوبك إلى عقد اجتماع استثنائي في 26 ـ 28 أغسطس 1990 في فيينا، لاتخاذ الإجراءات الكفيلة بتأمين تغطية الطلب العالمي على البترول عن طريق الإنتاج بأقصى طاقة ممكنة لتعويض ما فقدته السوق نتيجة توقف الإنتاج العراقي والكويتي، على أن تعاود الالتزام بالحصص المحددة بعد انتهاء الأزمة. وقد استطاعت بعض دول أوبك (السعودية والإمارات وفنزويلا وإيران) تعويض 3 ملايين برميل يومياً. وقد ساعد على ذلك وجود طاقة إنتاج عاطلة لدى دول الخليج وفنزويلا مع رغبة هذه الدول في استخدام هذه الطاقة.
جدير بالذكر، أن الخطورة لا تكمن في توقف بترول الكويت والعراق فحسب، ولكنها تكمن في موقف منطقة الخليج ككل باعتبارها أكبر منطقة إنتاجية، وأكبر احتياطيات بترولية في العالم.
ونشير هنا في هذه المناسبة إلى أن منظمة أوبك في مؤتمرها الاستثنائي المشار إليه الذي عقدته في 26 ـ 28 أغسطس 1990، أصدرت قراراً بدعوة مستهلكي البترول للمشاركة في المحافظة على استقرار السوق العالمي للبترول عن طريق تطبيق اتفاق المشاركة بين دول الوكالة الدولية للطاقة، الذي وضعته خصيصاً لمواجهة احتمالات مماثلة للوضع الحالي في السوق، بالإضافة إلى استهلاك المخزون الكبير الذي تملكه الشركات.
والغريب في الأمر أن خطة المشاركة هذه ـ التي ابتكرتها الوكالة الدولية للطاقة ـ أساساً لمواجهة دول أوبك وكسر احتكارها للإنتاج، فإن دول أوبك هي نفسها التي تدعو دول الوكالة إلى تطبيقها في هذا الوضع.
وفي منتصف ديسمبر 1990 عقد المجلس الوزاري لأوبك اجتماعاً لم يواجه فيه القضايا التقليدية. ففي أعقاب الغزو العراقي للكويت، ليس هناك التزام بالحصص ولا بسقف للإنتاج ولا قلق على الأسعار لأنها تتحدد وفقاً للتطورات السياسية والعسكرية في ذلك الوقت.
لذلك كانت هموم دول أوبك في هذا الاجتماع تنصب على التخوف من انهيار الأسعار في حالة التوصل إلى تسوية سليمة لأزمة الخليج، بينما تتركز هموم الدول الصناعية الغربية على احتمالات انقطاع إمدادات منطقة الخليج العربي إذا ما أصبح الخيار العسكري أمراً لا بد منه، مع ما يتبعه من زيادات خيالية في الأسعار.
2. وعند قيام قوات دول التحالف الدولي بتوجيه أول ضربة جوية للعراق، كان رد الفعل الفوري في أسواق البترول العالمية زيادات حادة في الأسعار، وتجاوز سعر خام برنت البريطاني 33 دولاراً للبرميل.
وبعد أن توالت الضربات الجوية، وتناقلت الأنباء النجاح الذي حققته القوات المتحالفة مع ضعف الجانب العراقي، وعدم إصابة معامل التكرير والمنشآت البترولية في المملكة العربية السعودية، بدأت الأسواق تشهد تراجعاً حاداً في أسعار النفط الخام من 33 إلى 25 دولاراً لبرميل خام برنت.
ومع تزايد الثقة العالمية في تقدم قوات التحالف الدولي، بدأت الأسعار تسجل تراجعاً حتى استقرت عند حوالي 18 دولاراً للبرميل في منتصف مارس 1991، ثم انخفضت إلى 17.11 دولاراً للبرميل خلال الفترة من 1 ـ 5 إبريل 1991.
كان أحد الأسباب الرئيسية وراء هذا التراجع كيفية استخدام الوكالة الدولية للطاقة للمخزون الاحتياطي الاستراتيجي بعد انفجار الأزمة. فقد أعلن الرئيس الأمريكي بوش عن الإفراج الفوري عن 33.75 مليون برميل من الاحتياطي الاستراتيجي الأمريكي من البترولي بمعدل 1.125 مليون برميل يومياً ولمدة شهر.
هذا إضافة إلى إعلان الوكالة الدولية للطاقة عن قرارها بتوفير 2.5 مليون برميل يومياً من المخزون الاحتياطي وطرحه في الأسواق. ويقضي هذا القرار بسحب مليوني برميل يومياً من المخزون الحكومي، بالإضافة إلى إجراء جبري يقضي بخفض الطلب على البترول بكمية 400.000 برميل يومياً وتحقيق وفر في استهلاك الطاقة يُقدر بنحو 100.000 برميل يومياً.
وهذا القرار يمثل تحولاً في سياسة الوكالة الدولية للطاقة، التي كانت تقضي باتخاذ مثل هذه الإجراءات في حالة حدوث نقص فعلي في المعروض من البترول .
وقد أدى عدم تقيد دول الخليج بالحصص المقررة لها أثناء حرب الخليج، وحرصها على تلبية احتياجات الطلب العالمي عن طريق زيادة الإنتاج منعاً لحدوث أزمة بترولية، إلى ظهور فائض في العرض العالمي، عندما تزامن مع استخدام المخزون الاستراتيجي لدول الوكالة الدولية للطاقة. وأدى هذا بدوره إلى انخفاض أسعار البترول العالمية، على الرغم من رغبة كل من العراق والكويت استئناف الإنتاج، وحاجة دول الخليج المشتركة في التحالف الدولي إلى مزيد من الأموال لتغطية تكاليف حرب الخليج، خاصة بعد عودة مستوى الإنتاج إلى ما قبل الحرب.
وبعد انتهاء حرب الخليج وتحرير الكويت تعزز موقف الولايات المتحدة الأمريكية، وأحكمت قبضتها على منطقة الخليج العربي تحت مظلة القوات متعددة الجنسيات. وهذا يفسر لنا انتهاز الولايات المتحدة الفرصة لكي تعيد إحياء مشروع بناء الاحتياطي الاستراتيجي الأمريكي من البترول لتخزين جزء من احتياطي نفط دول الخليج العربي، وذلك لتعويض عمليات السحب من المخزون الاستراتيجي الأمريكي خلال الأسابيع الأولى من اندلاع الأزمة.
ففي 13 مايو 1991 عقد في واشنطن محادثات ثنائية بين السيد/ هشام ناظر وزير البترول السعودي ونظيره الأمريكي جيمس واتكينز بشأن الخطط الأمريكية الخاصة بتعبئة الاحتياطي الإستراتيجي. وقد اتفق الوزيران على صيغة تنص على مزيج من "بيع واستئجار" كميات من الزيت الخام للمخزون الإستراتيجي. ولم يتم الإعلان عن هذا الاتفاق بصورة رسمية بسبب ضرورة العرض على الحكومة السعودية.
وتنظر السعودية إلى التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية بشأن المخزون الاستراتيجي كجزء من الأمن المتبادل الأوسع نطاقاً بين البلدين.
وتشير بعض المصادر إلى أن معدل الإمدادات السعودية للمخزون الإستراتيجي سوف يتراوح بين 200 ـ 250 ألف برميل يومياً خلال السنة المالية في ذلك الوقت. ومن المرجح أن تكون تلك الكمية خارج الحصة المحددة للسعودية في إطار الحد الأقصى لإنتاج أوبك.
وتجدر الإشارة إلى أن المحادثات حول هذا الموضوع كانت قد بدأت قبل حوالي عامين لكنها توقفت بسبب تأنِّي الحكومة السعودية لدراسة المشروع.وقد استؤنفت المحادثات بعد انتهاء حرب الخليج في ضوء مساهمة السعودية في تعبئة الاحتياطي الاستراتيجي الأمريكي كطريقة لتسديد حوالي 13.5 مليار دولار لواشنطن من تكاليف برنامج عاصفة الصحراء.
3. أثر الغزو العراقي للكويت على عائدات دول أوبك
أدت هذه الأزمة إلى ارتفاع عائدات صادرات بترول أوبك عام 1990 نتيجة الزيادة الكبيرة في أسعار البترول عقب الغزو العراقي للكويت، وارتفاع مستويات إنتاج أوبك بسبب عدم التقيد بالحصص المقررة للتعويض عن توقف صادرات العراق والكويت، حيث سجلت عائدات دول أوبك (زيت خام + منتجات + سوائل غاز طبيعي) نحو 165.8 بليون دولار في عام 1990 في مقابل نحو 116.7 بليون دولار عام 1989، بزيادة نسبة 42%.
وقد حققت السعودية أعلى معدلات الزيادة بين دول أوبك حيث تضاعفت عائداتها من 24 بليون دولار عام 1989 إلى 48 بليون دولار في عام 1990 وقد جرى توجيه معظم هذه الزيادة في العائدات لتمويل التكاليف المباشرة وغير المباشرة للعمليات العسكرية في المنطقة.
أما العراق والكويت فقد أثرت حرب الخليج بشدة على عائدات كل منهما بسبب توقف صادراتهما منذ اندلاع الحرب، حيث انخفضت عائدات العراق من 14.5 بليون دولار عام 1989 إلى 10.2 بليون دولار عام 1990 بانخفاض بنسبة 30 %.
كما شهدت عائدات الكويت انخفاضاً من 10.9 بليون دولار عام 1989 إلى نحو 6.9 بليون دولار عام 1990 بانخفاض بنسبة 37%.
أما دول أوبك الأخرى فقد حققت زيادات كبيرة في العائدات تراوحت بين 40 إلى 65%.
جدير بالذكر أن هذه الزيادة في عائدات دول أوبك ليست زيادة حقيقية. وذلك إذا أدخلنا في الاعتبار عنصر التكلفة الفعلية لإنتاج برميل البترول، في الدول الرئيسية المصدرة للبترول.
فقد أدت البرامج السريعة لزيادة الإنتاج في أعقاب حرب الخليج للتعويض عن فقدان إنتاج العراق والكويت، إلى زيادة الاستثمارات الموجهة لرفع الطاقة الإنتاجية وبالتالي ارتفاع تكاليف إنتاج الوحدة الواحدة.
فقد ارتفعت تكاليف الإنتاج في المملكة العربية السعودية من 2.07 دولاراً للبرميل في عام 1989 إلى نحو 3.73 دولاراً في عام 1990.
هذا إضافة إلى تآكل القيمة الحقيقية للقوة الشرائية للعائدات البترولية نتيجة لتراجع قيمة الدولار أمام العملات الرئيسية الأخرى من ناحية، وإلى ارتفاع أسعار السلع المصنعة التي تستوردها دول اوبك من الدول الصناعية من ناحية أخرى.
وكما ذكرنا من قبل، فإن معظم عائدات دول أوبك الخليجية خلال عام 1990 قد استُخدمت في تمويل الإنفاق في مجال الدفاع والأمن القومي.
4. أثر الغزو العراقي للكويت على آبار النفط
وفي مناسبة الحديث عن انخفاض عائدات الكويت بسبب توقف صادراتها. فتجدر الإشارة إلى أن هذا الانخفاض قد دام فترة طويلة بسبب إقدام النظام العراقي بصورة متعمدة غير مسؤولة وغير إنسانية على تلغيم آبار النفط الكويتية وتفجيرها وإضرام النيران فيها كوسيلة يائسة لوقف زحف قوات الحلفاء البرية لتحرير الكويت.
إن الكويت رغم صغر مساحتها (17.818 كيلومتر مربع)  تضم رصيداً ضخماً من النفط يُقدَّر بنحو 12960 مليون طن موزعة على 15 حقلاً نفطية تضم 1555 بئراً.
وقد بلغت جملة الآبار المشتعلة                  618 بئراً   بنسبة    39.7%
والآبار التي تدفق منها النفط ولم تشتعل         77 بئراً     بنسبة    5.0%
والآبار التي دمِّرت تماماً                       462 بئراً    بنسبة    29.7%
والآبار السليمة الصالحة للاستخدام              156 بئراً    بنسبة    10.0%
ومن ثم تكون نسبة التدمير والتخريب للآبار التي كانت منتجة حوالي 90% من المجموع الكلي.
(المصدر: وزارة النفط: دولة الكويت: إحصائية عن حالة الآبار في 26 فبراير 1991).
ونظراً لخطورة الدخان المنبعث من آبار النفط المشتعلة، قامت عدة جهات دولية برصد وتحليل مكونات هذا الدخان. وقد أظهرت بعض القياسات وجود تركيزات عالية من ثاني أكسيد الكبريت وتركيز من أكاسيد النيتروجين وتركيز من الأتربة المعلقة على بعد 100 كيلومتر وعلى ارتفاع 2000 متر من مكان الحرائق.
اضطرت الكويت ـ أثناء فترة العدوان ـ إلى شراء النفط اللازم لمعامل التكرير التي تملكها في الخارج حتى لا تتوقف عن العمل.
أما بعد تحريرها أخذت تستورد المنتجات البترولية كالبنزين والوقود اللازم لمحطات الطاقة وتحلية المياه، من السعودية والبحرين لتلبية احتياجات الطلب المحلي.
كما وضعت خطة لاستعادة قدراتها الإنتاجية تكلفت ما يتراوح بين 10 ـ 15 بليون دولار وقد بلغت تكاليف إطفاء الآبار الكويتية 1.5 بليون دولار. وتم إطفاء آخر بئر في السادس من نوفمبر 1991.
وقد أصدرت هيئة من المحكمين المحايدين، الذين عينتهم لجنة التعويضات التابعة للأمم المتحدة، توصية باستحقاق شركة نفط الكويت 600 مليون دولار تعويضاً عن الأضرار التي لحقت بها من جراء إشعال القوات العراقية النار في آبار البترول الكويتية في نهاية حرب الخليج.



[1] خامات أوبك السبعة تشمل: خليط صحارى (الجزائر) ـ ميناس (أندونيسيا) ـ بوني الخفيف (نيجيريا) ـ العربي الخفيف (السعودية) ـ دبي (الإمارات) ـ تياجوانا (فنزويلا) ـ أيسموز (المكسيك).
[2] السعودية لن تعود إلى لعب دور المنتج المرجح` جريدة `الحياة`، العدد الصادر في 12 مارس 1999. معنى المنتج المرجِّح كانت سياسة المملكة العربية السعودية أن تقوم بدور المنتج المرجح منذ عام 1978. وذلك بتعويض السوق العالمي عن النقص الناشئ في إمدادات البترول في حالة قلة العرض، وفي تخفيض إنتاجها في حالة زيادة العرض. وذلك من منطلق مسؤولياتها تجاه الاقتصاد الدولي ومحاولة لتجنيب سوق النفط العالمي أي هزات مدمِّرة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69673
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Empty
مُساهمةموضوع: رد: البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول   البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Emptyالإثنين 07 مارس 2016, 10:42 pm

الفصل السادس
أسعار البترول في التسعينات بين التحسن والهبوط وأثرها على الاقتصاد العالمي
ثالثاً: أحداث السنوات التالية لحرب الخليج (1991 ـ 1999 )
          تأثرت أوضاع السوق العالمي للبترول بالنتائج التي أسفرت عنها حرب الخليج الثانية، حيث شعرت الدول الصناعية الغربية والولايات المتحدة الأمريكية بأهمية الإمدادات البترولية وضمان الحصول عليها من منطقة الخليج على الدوام، عن طريق العمل على إضعاف العراق وفرض العقوبات عليه حتى يتم تدمير أسلحته غير التقليدية، والقيام بمحاولة جديدة لإعادة رسم الخريطة السياسية للمنطقة حتى لا تقوم للعراق قائمة بعد ذلك.
          كما تزايدت معدلات إنتاج بعض الدول أعضاء أوبك وغيرها عما كانت عليه قبل الحرب حتى ظهر فائض في السوق أدى بدوره إلى استئناف انخفاض أسعار البترول، الأمر الذي جعل ميزان القوى في العلاقات البترولية الدولية يميل إلى أقصى المدى في صالح المستوردين. وأصبحت العوامل السياسية تلعب الدور الأول في تشكيل سوق البترول العالمي، والتحكم في الاعتبارات الاقتصادية.
          وقد سبق الإشارة إلى العوامل التي أدت إلى التحسن النسبي في أسعار البترول خلال السنوات 1987 و 1988 و 1989 وحتى يوليه 1990، ثم ارتفاع الأسعار خلال حرب الخليج وعودتها إلى الانخفاض بعد انتهائه.
          وهذا يؤكد أن المتغيرات في العلاقات البترولية الدولية، وفي سوق البترول العالمي، وفي موازين القوى بين أطراف هذه السوق (المصدرون ـ المستوردون ـ شركات البترول العالمية) لم تكن في شكل تطور طبيعي وتلقائي، أملته المتغيرات والأوضاع التجارية والاقتصادية فقط، إنما جاءت كآثار ونتائج لأحداث وعناصر سياسية هامة في منطقة أو أخرى من مناطق الإنتاج، وخاصة منطقة الشرق الأوسط.
          وسوف يوالي هذا البحث استعراض ما طرأ على أسعار البترول في ظل الأحداث التي وقعت أثناء السنوات التالية لحرب الخليج. ومهما كانت هذه الأحداث وهذه المؤتمرات التي تعقدها التكتلات البترولية، وما أسفر عنها من نتائج وقرارات فإن لها آثاراً مباشرة وغير مباشرة على صناعة البترول إنتاجاً وتسويقاً وأسعاراً.
          ونوضح مقدماً أن الإنخفاض قد لازم أسعار البترول خلال السنوات 1992 و 1993 و 1994، ثم تحسنت الأسعار خلال عامي 1995 و 1996 وحتى يونيه 1997. ثم تحركت الأسعار هبوطاً من مستواها (في ذلك الوقت) التي كانت 24 دولاراً إلى 18 دولاراً للبرميل الخام نتيجة لتجاوزات بعض دول أوبك لحصصها الإنتاجية المقررة. وعندما قررت أوبك في اجتماعها في 26 نوفمبر 1997 بجاكرتا زيادة سقف الإنتاج (الذي ظل ثابتاً منذ عام 1993) بنسبة 10% ليصل إلى 27.5 مليون برميل يومياً من أول يناير 1998 حدثت الطامة الكبرى. وبدأ تدهور أسعار البترول، ولم يتوقف هذا الانهيار حتى وقت الاجتماع الوزاري العادي لأوبك في 23 مارس 1999 . وهو ما سوف نتعرض له بالتفصيل بإذن الله تعالى.
          وقد آثر البحث أن يكون تناول (الفصل السادس) تحت عنوان (أحداث السنوات التالية لحرب الخليج) بشيء من التفصيل، فقد يكون من المفيد أن يعيش القارئ عصر التسعينات بأكمله يستعرض خلاله تاريخاً للأحداث والوقائع وفقاً لتسلسلها الزمني عاماً بعد عام، وسجلاًّ لدول منظمة أوبك وسياساتها وتجاربها وما اكتسبته من خبرات وما واجهته من أزمات وسياسات معادية. ومن ذلك كله يستفيد الجيل الجديد من العاملين في مجال صناعة البترول، خاصة الذين لم يعاصروا هذه الأحداث، حتى يستنيروا بخبرات من سبقهم، الأمر الذي يوفر عليهم خوض التجارب، ولكي يتفادوا الوقوع في الأخطاء، ويضيفوا إلى معلوماتهم كيفية مواجهة التحديات والتغلب عليها.
أحداث عام 1991: اتجاهات السوق والأسعار
تشير الدراسة التي أعدتها نشرة  Petro Strategies
          أن أزمة الخليج ومضاعفاتها قد أثرت مرة أخرى في عام 1991 على عائدات الدول الأعضاء في أوبك، حيث سجلت تلك العائدات حوالي 138 بليون دولار في عام 1991 بالمقارنة بنحو 143.7 بليون دولار في عام 1990 بانخفاض بنسبة 4%.
          وأن جميع دول أوبك ـ باستثناء السعودية وفنزويلا ـ حققت انخفاضاً في عائداتها البترولية تراوحت نسبته بين 2% إلى 18% في عام 1991.
          وبالنسبة للعراق والكويت فقد حققتا انخفاضاً بنسبة 95.5% و 90.2% على التوالي بسبب الحظر الاقتصادي على العراق وإحراق آبار البترول في الكويت.
          ويرجع انخفاض العائدات إلى انخفاض متوسط الأسعار الفورية لخامات أوبك من 20.78 دولاراً للبرميل في عام 1990 إلى 17.73 دولاراً للبرميل في عام 1991. بانخفاض بنسبة 14.6%. كما أدى بطء النمو الاقتصادي في معظم الدول الصناعية في عام 1991 إلى انخفاض الطلب على البترول.
          أما السعودية فقد حققت عائداتها البترولية 49 بليون دولار في عام 1991 في مقابل 48 بليون دولار في عام 1990 بزيادة بنسبة 1%. ويرجع ذلك إلى الزيادة في إنتاجها من الزيت الخام من 6.4 مليون برميل يومياً في عام 1990 إلى 8.2 مليون برميل يومياً في عام 1991. وقد عوضت الزيادة في الإنتاج الانخفاض في متوسط السعر الفوري لصادرات البترول السعودي من 21.3 دولاراً للبرميل في عام 1990 إلى 16.81 دولاراً للبرميل في عام 1991.
          وحققت فنزويلا أيضاً زيادة بنسبة 4% في عائداتها البترولية عام 1991، حيث بلغت 13.8 بليون دولار في مقابل 13.3 بليون دولار عام 1990.
          وكان من أسباب هذا الانخفاض سواء في عائدات دول أوبك أو أسعار البترول، أنه في أعقاب اندلاع أزمة الخليج في أغسطس 1990، ارتفعت أسعار البترول نظراً لحالة التوتر والترقب التي سادت الأسواق. وقد أدى ذلك إلى نتيجة حتمية وهي انخفاض الطلب الأمريكي على البترول. وبالتالي إلى انخفاض الواردات البترولية بنسبة 15.2% خلال الربع الأخير من عام 1990، الأمر الذي أدى بدوره إلى انخفاض الطلب العالمي على البترول (لأن الولايات المتحدة الأمريكية تستورد 25% تقريباً من إجمالي الطلب العالمي) وكان هذا أحد أسباب ظهور الفائض البترولي وانخفاض الأسعار بعد انتهاء الأزمة مباشرة.
وفي يومي 11 ـ 12 مارس 1991
          اجتمعت لجنة المراقبة الوزارية التابعة لأوبك لدراسة الطلب على بترول أوبك والعمل على تحقيق التوازن بين العرض والطلب في السوق العالمي للبترول. وتوصل الاجتماع إلى اتفاق يقضي بخفض إنتاج أوبك إلى 22.3 مليون ب/ ي. واقترحت اللجنة عقد لقاء بين مصدري البترول ومستهلكيه. وجرى عرضه على الدول المستهلكة للبترول.
وخلال الفترة من 27 ـ 29 مايو 1991
وإلحاقاً لاقتراح عقد لقاء بين مصدري البترول ومستهلكيه.
وكخطوة أولى من قِبل الدول المصدرة للبترول نحو تفاهم وتعاون أفضل.
انعقد في مدينة أصفهان بإيران خلال هذه الفترة مؤتمر البترول والغاز في التسعينات بهدف التعاون بين المنتجين والمستهلكين من أجل قيام نظام بترولي عالمي يحقق استقرار سوق البترول (تفصيل وقائع هذا المؤتمر في الفصل السابع لدى الحديث عن الحوار بين المنتجين والمستهلكين)
وفي 4 يونيه 1991
          أنهى المؤتمر نصف السنوي العادي لوزراء دول أوبك رقم 89 ـ الذي انعقد في فيينا ـ أعماله، حيث اتفق الوزراء على الإبقاء على سقف الإنتاج للربع الثالث من عام 1991 عند مستوى سقف إنتاج الربع الثاني، الذي يبلغ 22.3 مليون ب/ ي.
          وذلك بهدف منع حدوث انخفاض في متوسط سعر سلة خامات أوبك، الذي يتراوح حول معدل 17 ـ 18 دولاراً للبرميل، للوصول إلى تحقيق حد أدنى للسعر الاسترشادي عند 21 دولاراً للبرميل.
          وقد رحَّب المؤتمر بمبادرة كل من الرئيسين الفرنسي والفنزويلي لعقد اجتماع للمنتجين والمستهلكين في باريس خلال يومي 1 ـ 2 يوليه 1991 بأمل أن يؤدي هذا الاجتماع إلى ترسيخ التعاون واستقرار السوق على المدى الطويل.
في أول يوليه 1991
          بعد شهر واحد من انعقاد مؤتمر إيران في 27 مايو 1991 وانعقاد المؤتمر الوزاري لأوبك في 4 يونيه 1991، حدث لقاء آخر في باريس في هذا التاريخ بين منتجي ومستهلكي البترول في العالم، بناء على دعوة من رئيسي فنزويلا وفرنسا كدولتين تمثلان الدول المنتجة والدول المستهلكة للبترول. (وسوف نتناول هذا اللقاء بالتفصيل في الفصل السابع لدى الحديث عن الحوار بين المنتجين والمستهلكين).
في 24 ـ 25 سبتمبر 1991
          اجتمعت لجنة المراقبة الوزارية لأوبك في جنيف، حيث تم الاتفاق على زيادة سقف الإنتاج للمنظمة بنحو مليون برميل يومياً للربع الرابع من العام 1991 ليبلغ 23.65 مليون برميل يومياً. وكان الاتفاق بمثابة حل وسط للخلافات التي أثيرت خلال الاجتماع. وجاء منطقياً مع واقع مستوى الإنتاج الحالي القريب من 23.5 مليون برميل يومياً. وتعتبر هذه الكمية معقولة بسبب الغموض الذي لا يزال يحيط بمستقبل الصادرات السوفيتية ودخول فصل الشتاء وازدياد الطلب الموسمي على البترول.
          كما أحيطت اللجنة علماً بالارتفاع التدريجي لأسعار الزيت الخام إبتداء من يوليه حتى سبتمبر 1991 ولم تصل إلى مستوى الحد الأدنى لسعر خام الإشارة المحدد بـ 21 دولاراً للبرميل.
في شهر نوفمبر 1991
          عُقد في لندن مؤتمر النقد والمال، حيث أعلن وزير البترول الكويتي حمود الرقبة أن خطة استعادة بلاده لقدراتها الإنتاجية الكاملة سيكلف ما يتراوح بين 10 ـ 15 بليون دولار. وأن تكاليف إطفاء آبار البترول الكويتية والتي تم إطفاء آخر بئر في السادس من نوفمبر 1991، بلغت 1.5 بليون دولار .
          وقد لجأت الكويت إلى المزيد من القروض من أسواق النقد الدولية لإكمال إصلاح المنشآت التي تعرضت للتلف أثناء حرب الخليج، حيث حصلت على قرض جماعي بلغ 5.5 بليون دولار من البنوك الأجنبية في ديسمبر 1991.
أحداث عام 1992
اتجاهات السوق والأسعار ووجود فائض في العرض
في بداية عام 1992
          شهدت السوق العالمية للبترول انخفاضاً في أسعار البترول على الرغم من تراجع الإنتاج فيما كان يسمى بالاتحاد السوفيتي منذ عام 1989.
وتوقف صادرات العراق، وعدم وصول الإنتاج الكويتي إلى مستوياته قبل حرب الخليج.
          وبسبب الركود الاقتصادي الذي شهدته معظم دول العالم، وما تبعه من زيادة طفيفة في الطلب العالمي بنسبة 0.6%.
          كما شهد السوق العالمي فائضاً في العرض بسبب قيام بعض دول أوبك بزيادة إنتاجها بعد إطلاق حرية الإنتاج لأعضائها لتعويض توقف إنتاج كل من العراق والكويت أثناء حرب الخليج.
وكانت اللجنة الوزارية لأوبك قد وافقت في سبتمبر 1991 على زيادة سقف الإنتاج للمنظمة بنحو مليون برميل ليبلغ 23.65 مليون برميل يومياً.
          وقد أدى فائض العرض إلى الضغط بشدة على أسعار البترول العالمية حيث سجل سعر سلة خامات أوبك نحو 17 دولاراً للبرميل بانخفاض 4 دولارات عن السعر المستهدف لأوبك.
          وإزاء هذا الوضع قامت بعض دول أوبك فرادى بخفض إنتاجها بغرض الحد من انخفاض الأسعار، والحفاظ على معدلات الأسعار عند مستوياته المناسبة. وعلى الرغم من أن إجمالي الخفض الذي أعلنته دول أوبك يقدَّر بنحو 400 ألف برميل يومياً إلاّ أنه لم يؤثر تأثيراً محسوساً على أسعار البترول العالمية.
خلال الفترة من 12 ـ 15 فبراير 1992
          اجتمعت لجنة المراقبة الوزارية لأوبك في جنيف، حيث أشارت إلى الضعف الذي يشهده سوق البترول نتيجة للتباطؤ النسبي في الاقتصاد العالمي مما أدى إلى تراخي الطلب على البترول وانخفاضه عن العرض منذ نوفمبر 1991.
          كما أوضحت اللجنة أن الطقس الدافئ في ذلك الموسم أدى إلى تخفيض السحب من المخزون الذي يجري بناؤه عادة للموسم مما أدى إلى ضعف الأسعار.
          وقد قررت اللجنة ـ لذلك ـ ألاّ يزيد سقف إنتاج أوبك ويظل على مستوى 22.98 مليون برميل يومياً. وقد أعقب هذا الاتفاق انخفاض في مستويات الأسعار حتى وصلت إلى 16.32 دولاراً للبرميل خلال الربع الأول من عام 1992.
وفي 24 أبريل 1992
          عقدت اللجنة الوزارية لأوبك اجتماعاً في فيينا، وقررت تثبيت إنتاج أوبك من الزيت الخام عند 22.98 مليون برميل يومياً للفترة الباقية من الربع الثاني لعام 1992.
          وعلى أثر ذلك، ارتفع سعر سلة خامات أوبك من 16.32 دولاراً للبرميل في مارس 1992 إلى حوالي 17.7 دولاراً للبرميل في أواخر أبريل 1992. وبلغ متوسط السعر الفوري لسلة خامات أوبك في شهر يونيه 1992 حوالي 20.2 دولاراً للبرميل بزيادة 1.5 دولاراً للبرميل عن شهر مايو 1992.
خلال الفترة 21 ـ 22 مايو 1992
اجتمع مؤتمر أوبك الوزاري العادي الحادي والتسعون، الذي عقد في فيينا، النمسا.
          وتم الاتفاق على استمرار العمل بسقف الإنتاج المتفق عليه في فبراير 1992، الذي يبلغ 22.98 مليون برميل يومياً، خلال الربع الثالث من عام 1992.
          لم يحضر السيد هشام ناظر وزير البترول السعودي وحضر بدلاً منه الدكتور فايز بدر، الذي حاول أن يتقبل المؤتمر حصة مقدارها 8 مليون برميل يومياً للسعودية ولكن الأعضاء الآخرين رفضوا ذلك وأصروا على الحصة السابقة المحددة لها من قبل وهي 7.887 مليون برميل يومياً.
          كما رفض المؤتمر تقرير حصة جديدة للكويت تمشياً مع سياسة الإبقاء على سقف الإنتاج السابق. ولكنه سمح للكويت بأن تنتج على قدر طاقتها الإنتاجية لتعويضها عن فترة التوقف عن الإنتاج بسبب الغزو العراقي وتدمير حقولها البترولية.
          وقد قدِّر إنتاج الكويت في أبريل 1992 بحوالي 900 ألف برميل يومياً .
خلال الفترة من 16 ـ 17 سبتمبر 1992
          انعقد الاجتماع التاسع للجنة المراقبة الوزارية التابعة لأوبك في جنيف بسويسرا وقررت أن تكون حصة أوبك من السوق 24.2 مليون برميل يومياً خلال الربع الرابع من عام 1992. وأشارت إلى أن التباطؤ النسبي في تحقيق الانتعاش الاقتصادي العالمي انعكست آثاره على السوق العالمي للبترول.
          كما أكدت اللجنة على العمل من أجل بلوغ السعر الاسترشادي المتفق عليه بحد أدنى 21 دولاراً للبرميل .
          من الملاحظ أن ما أسفر عنه اجتماع اللجنة الوزارية لمراقبة السوق السابق ذكرها يبدو غريباً بعض الشيء. حيث يؤكد البيان الصادر عنها على أهمية الوصول إلى السعر المستهدف الذي يبلغ 21 دولاراً للبرميل، وذلك من خلال تحديد حصة أوبك في السوق التي تدور حول 24.2 مليون برميل يومياً دون تحديد سقف للإنتاج أو حصص للدول الأعضاء، الأمر الذي قد يؤثر على مستوى الأسعار ويحول دون الوصول إلى السعر المستهدف، على الرغم من أن القرار السابق لمؤتمر أوبك الوزاري (في 21 ـ 22 مايو 1992) يؤكد على تثبيت إنتاج أوبك من الزيت الخام عند 22.98 مليون برميل يومياً.
وفي 25 نوفمبر 1992
          انعقد المؤتمر الوزاري للمنظمة في ظل ما قررته المراقبة الوزارية في سبتمبر 1992
          من تخلي أوبك عن سياسة تحديد سقف للإنتاج وحصص للأعضاء، والاكتفاء بتحديد حصتها من السوق وتدور حول 24.2 مليون برميل يومياً. وقد كان لهذه السياسة أثر سلبي على الأسعار حيث توالى انخفاضها حتى وصل إلى نحو 18.7 دولاراً لبرميل سلة خامات أوبك، قبيل انعقاد هذا المؤتمر الوزاري للمنظمة، في مقابل 19.3 دولاراً للبرميل في أغسطس 1992. وقد جاء ذلك كنتيجة طبيعية لغياب الانضباط وارتفاع إجمالي إنتاج أوبك إلى 25.3 مليون برميل يومياً في شهر نوفمبر 1992.
          وعندما سيطرت الخلافات بين الدول الأعضاء حول حجم خفض الإنتاج وكيفية توزيعه، تناقلت وكالات الأنباء هذه الخلافات، وأدت الشائعات أثناء انعقاد المؤتمر إلى انخفاض في الأسعار. وعند هذا الحد تحول الخلاف إلى اقتناع سريع بأهمية الاتفاق على خفض الإنتاج والعودة إلى نظام الحصص وذلك للحيلولة دون انهيار الأسعار.
          وقد تم الاتفاق على حل وسط يقضي بالعودة إلى اعتماد سقف إنتاجي جديد عند مستوى 24.9 مليون برميل يومياً على أن يبدأ تطبيقه اعتباراً من شهر ديسمبر 1992 ويسري على الربع الأول من عام 1993.
          وترجع أهمية هذا المؤتمر بالمقارنة بمؤتمرات أوبك خلال السنوات السابقة إلى أنه يستبعد العراق تماماً من قراراته، وبذلك يكسر العلاقة التاريخية التي تربط بين حصته وحصة إيران، التي ارتفعت بنحو 10% عن حصتها التقليدية .
          هذا إضافة إلى إطلاق الإنتاج الكويتي للتعويض عن خسائر الحرب.
          كما أنه يتضمن اعتراف أوبك وموافقتها على الزيادة في حصة إنتاج السعودية بنحو 3 ملايين برميل يومياً وذلك منذ حرب الخليج. وهذا يعني أن إنتاج السعودية أصبح يمثل نحو ثلث إنتاج أوبك .
المؤتمرات والاجتماعات الهامة خلال عام 1992
في يومي 30 و 31 يناير 1992
عُقد الاجتماع الوزاري لرابطة منتجي البترول الأفارقة (آبا)
The African Petroleum Producers Association (APPA) في أبيدجان (كوت ديفوار).
          وقد تم توقيع اتفاقية إنشاء هذه الرابطة في لاجوس (نيجيريا) في 27 يناير 1987 وتضم في عضويتها (في ذلك الوقت) إحدى عشرة دولة أفريقية هي: مصر ـ الجزائر ـ ليبيا ـ نيجيريا ـ الجابون ـ أنجولا ـ بنين ـ الكاميرون ـ الكونغو ـ كوت ديفوار ـ زائير. وقد انضم إلى الرابطة جمهورية غينيا الاستوائية في 30 مايو 1996 واتخذت الرابطة من برازافيل بالكونغو مقراً لأمانتها التنفيذية.
          ومن المعروف أن بعض هذه الدول لم يصل بعد إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي من البترول وتلجأ إلى الاستيراد.
وتتلخص أهم أهداف هذه الرابطة فيما يلي:

  • تنشيط التعاون بين الدول الأعضاء في مختلف مجالات صناعة الهيدروكربونات.
  • تنمية وتطوير المساعدة الفنية فيما بينها في المجالات التي قطعت بعضها شوطاً فيها.
  • التنسيق بين سياسات التسويق عن طريق تبادل المعلومات، والتشاور بينها بشأن أوضاع وسياسات الطاقة، والتعاون لتلبية احتياجاتها منها.
  • دراسة وسائل مساعدة الدول الأفريقية المستوردة للبترول في تأمين احتياجاتها من الطاقة.

          وتُعقد اجتماعات دورية لوزراء البترول في الرابطة كل ستة شهور للنظر في جدول الأعمال الذي تعدُّه لجنة من كبار الخبراء في الدول الأعضاء.
وتتناوب الدول الأعضاء رئاسة واستضافة الاجتماعات حسب الترتيب الأبجدي لأسماء الدول.
وتقوم الدول المضيفة باستضافة المشاركين وإعداد الدراسات بالتعاون مع الأمانة الفنية للرابطة.
          ويلاحظ أنه من بين أعضاء هذه الرابطة أربع دول هي ليبيا والجزائر ونيجيريا والجابون، أعضاء في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك)، ومن بينهم أيضاً أربع دول هي ليبيا ومصر والجزائر وتونس، أعضاء في منظمة الدول العربية المصدرة للبترول (أوأبك). ومعنى ذلك أن اجتماعات وزارء هذه الرابطة الأفريقية يدور خلالها مناقشات ومشاورات حول تطورات السوق العالمية للبترول وحول سياسات الأوبك والأوابك وما يتقرر في المؤتمرات بشأن الإنتاج والأسعار وكافة ما يتعلق بشؤون البترول. ولا بد أن يسفر عن هذه الاتصالات تكوين رأي عام أفريقي عربي بل وعالمي يؤثر على سياسة كافة الدول الأعضاء في هذه المنظمات.
وفي 17 يوليه 1992
          عقد مجلس وزراء رابطة منتجي البترول الأفارقة آبا ـ APPA دورته العادية بالقاهرة (جمهورية مصر العربية) وشارك فيها جميع الدول الأعضاء.
          ومن أهم ما تم بحثه مشروع اتفاقية العون المتبادل الذي تم إعداده كإطار عام للتعاون والعون الفني المتبادل فيما بين شركات القطاعين العام والخاص بالدول الأعضاء في رابطة منتجي البترول الأفارقة. كما نظر المجلس في التقرير الخاص بتوفير الإمدادات من البترول الخام والمنتجات البترولية للدول الأفريقية المستوردة للبترول في أوقات الأزمات.
          عقد اجتماع مشترك بين وزراء بترول منظمة أوبك والدول المستقلة المصدرة للبترول (أيبك) Independent Petroleum Exporting Countries (IPEC)
          وهي أنجولا ـ أذربيجان ـ الصين ـ كازاخستان ـ ماليزيا ـ المكسيك ـ النرويج ـ كولومبيا ـ روسيا ـ ألبرتا (ولاية كندية) ـ مصر ـ عمان. في مدينة فيينا بالنمسا.
في ذلك الوقت كان يسود سوق البترول العالمي متغيرات تتمثل فيما يلي:

  • دعوة المفوضية الأوربية بفرض ضريبة الكربون للحد من انبعاث ثاني أكسيد الكربون بدعوى المحافظة على البيئة.
  • فرض الحظر الاقتصادي والجوى على ليبيا والمخاوف من امتداد الحظر إلى صادرات ليبيا البترولية.
  • عدم وصول المفاوضات بين العراق ومجلس الأمن إلى اتفاق مشترك مما يضع علامة استفهام حول توقيت استئناف صادرات العراق.

          وقد تضمن البيان الختامي للاجتماع أن قضية حماية البيئة هي الموضوع الرئيسي المدرج في جدول الأعمال، بهدف تبادل المعلومات وتعزيز التفاهم على نحو افضل فيما بين منتجي البترول، قبل انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة والتنمية (قمة الأرض) في يونيه 1992 في البرازيل.
          وأشار البيان إلى أن ممثلي الدول المشاركة في المؤتمر أعربوا عن استعدادهم للتعاون مع الدول الصناعية والمراكز العلمية لدعم الأبحاث الجديدة، حول قضية ارتفاع درجة حرارة الأرض من حيث طبيعتها ومداها والتوقيت الزمني.
وأشار الاجتماع إلى أهمية تعزيز الجهود التي تبذلها الدولة المنتجة للبترول للحفاظ على البيئة.
          وناقش المؤتمر الحاجة إلى بحث التعاون مع منتجي البترول الآخرين في إطار تطوير وزيادة الإدراك والوعي العام بقضية حماية البيئة وتأثير السياسات المقترحة للتقليل من مشكلة تدهور البيئة. وفي هذا المجال اقترح الاجتماع إيجاد آلية عمل لتنسيق الجهود لتحقيق الأهداف المرجوة.


[1] خامات أوبك السبعة تشمل: خليط صحارى (الجزائر) ـ ميناس (أندونيسيا) ـ بوني الخفيف (نيجيريا) ـ العربي الخفيف (السعودية) ـ دبي (الإمارات) ـ تياجوانا (فنزويلا) ـ أيسموز (المكسيك).
[2] السعودية لن تعود إلى لعب دور المنتج المرجح` جريدة `الحياة`، العدد الصادر في 12 مارس 1999. معنى المنتج المرجِّح كانت سياسة المملكة العربية السعودية أن تقوم بدور المنتج المرجح منذ عام 1978. وذلك بتعويض السوق العالمي عن النقص الناشئ في إمدادات البترول في حالة قلة العرض، وفي تخفيض إنتاجها في حالة زيادة العرض. وذلك من منطلق مسؤولياتها تجاه الاقتصاد الدولي ومحاولة لتجنيب سوق النفط العالمي أي هزات مدمِّرة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69673
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Empty
مُساهمةموضوع: رد: البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول   البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Emptyالإثنين 07 مارس 2016, 10:44 pm

الفصل السادس
أسعار البترول في التسعينات بين التحسن والهبوط وأثرها على الاقتصاد العالمي

أحداث عام 1993
اتجاهات السوق والأسعار
في يونيه 1993
واجه المؤتمر الوزاري لأوبك رقم 93 المنعقد في جنيف

  • تجاوزات في معدل الإنتاج.
  • ومطالبات بعض الدول بزيادات في الحصص الإنتاجية المقررة لها.
  • وانخفاض في الأسعار إلى أدنى مستوى حققته منذ 6 شهور.

          حيث طالبت الكويت بحقها الشرعي بمنحها حصة تاريخية مساوية لحصة الإمارات التي تبلغ 2.16 مليون برميل يومياً.
          وعندما اقترح المؤتمر منح الكويت زيادة حصتها بنسبة 10%، عارضت إيران وطالبت منحها نفس الحق لأنها تمر بنفس الظروف نتيجة للحرب مع العراق طوال ثماني سنوات.
          ومع رفض الكويت النسبة المقترحة لزيادة إنتاجها، واستبعاد العراق بقرار الأمم المتحدة، انتهى المؤتمر ـ بموافقة عشرة أعضاء ـ إلى مد العمل بالسقف المتفق عليه خلال شهر فبراير 1993 وهو 23.5 مليون دولاراً للبرميل.
كما أكد المؤتمر على الالتزام بسعر إسترشادي لا يقل عن 21 دور للبرميل.
          وفي أثناء انعقاد المؤتمر، وبمجرد أن تناثرت الإشاعات عن الاختلافات بين أعضاء أوبك، انخفض سعر سلة خامات أوبك إلى 17.66 دولاراً للبرميل ثم إلى 17.56 دولاراً للبرميل في اليوم التالي.
          إن خروج الكويت على الإجماع يعني إعطاءها حصة مفتوحة بزيادة 600 ألف برميل يومياً عن حصتها (1.6 مليون برميل يومياً)، الأمر الذي أخل بميزان العرض والطلب العالميين وأثر تأثيراً سلبياً على الأسعار.
بعد أسبوع واحد من اجتماع وزراء أوبك تراجعت الأسعار في 16 يونيه 1993:
حيث انخفض سعر الخام العربي الثقيل من     14.15 إلى 13.65 دولاراً للبرميل
والخام العربي الخفيف من                     16.95 إلى 16.50
والخام برنت البريطاني من                  18.40 إلى 17.30
خلال الفترة من 25 ـ 29 سبتمبر 1993
          عقدت لجنة المراقبة الوزارية لأوبك اجتماعها في جنيف. وأعربت اللجنة في استعراضها لوضع السوق البترولي عن قلقها بشأن مستوى الأسعار وانخفاض سعر سلة أوبك إلى أقل من 15 دولاراً للبرميل، والاضطراب العام في السوق. وقد تبين أن أغلب دول أوبك قد تجاوزت حصصها الإنتاجية المحددة خلال الشهور التسعة الأولى من عام 1993.
          وقد وافقت اللجنة، من أجل الحفاظ على استقرار السوق والعمل على رفع مستوى الأسعار، على تحديد سقف للإنتاج خلال الشهور الستة القادمة عند مستوى 24.5 مليون برميل يومياً، وحددت حصة لكل دولة من الدول الأعضاء. ورأت اللجنة أن توزيع الحصص سيُحسِّن من أداء السوق والأسعار، كما عبَّرت الدول الأعضاء عن تصميمها على إنجاح العمل بهذا الاتفاق.
          كانت حصة الكويت مليونين برميل يومياً. وأشار وزير البترول الكويتي أنه رغم موافقته على قرارات المؤتمر تمشياً مع روح التعاون، إلاّ أن تحديد حصة الكويت في المستقبل يجب ألاَّ تقل عن 2.16 مليون برميل يومياً.
          وتجدر الإشارة إلى أن أسواق البترول العالمية استقبلت نتائج الاجتماع الذي عقدته اللجنة المذكورة بارتياح شديد عقب الاتفاق على سقف إنتاجي للربع الرابع من عام 1993 والربع الأول من عام 1994 بنحو 24.5 مليون برميل يومياً، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع سعر خام القياس البريطاني برنت وخام القياس الأمريكي ويست تكساس إنترميديت بمقدار 70 سنتاً. ولكن مصادر الصناعة البترولية أرجعت هذه الزيادة إلى الوضع السياسي المتردي في كل من روسيا ونيجيريا وانخفاض إنتاج الزيت الخام فيهما.
          ويمكن القول أن اعتماد أوبك سقفاً إنتاجياً لمدة 6 شهور يعتبر أسلوباً جديداً في تعاملها مع السوق البترولية. وتبقى هناك حقيقة واضحة هي مدى التزام الدول الأعضاء بالاتفاق الجديد.
          وعلى الرغم من معقولية سقف الإنتاج المحدد بـ 24.5 مليون برميل يومياً، في حين أن المطلوب من أوبك ـ وفقاً لتقديرات الوكالة الدولية للطاقة ـ حوالي 26 مليون برميل يومياً للربع الرابع من عام 1993، وبالتالي كان من المتوقع أن ترتفع أسعار البترول، إلاّ أنه وبعد مرور أكثر من شهرين على دخول اتفاق أوبك حيز التنفيذ فإن الأسعار لم تشهد الارتفاع المتوقع، بل اتجهت إلى الانخفاض حتى اقتربت إلى أدنى مستوى لها منذ حرب الخليج في عام 1991، إذ سجل سعر خام القياس برنت تسليم ديسمبر في المعاملات الآجلة في سوق لندن 15.6 دولاراً للبرميل كما سجل متوسط سعر سلة خامات أوبك حوالي 15.05 دولاراً للبرميل، ثم انخفض بعد ذلك إلى 14.4 دولاراً للبرميل.
          وهذا يعني أن أسعار البترول تقل عن مستوياتها الموسمية السنوية بنحو 5 دولارات للبرميل على الأقل.
وفي 23 نوفمبر 1993
عقد وزراء أوبك المؤتمر العادي في فيينا
في ظل ظروف وأوضاع صعبة
وفي ظل سوق للمشترين بالكامل يتصف بوجود فائض يتزايد
وتضارب مصالح المنتجين واختفاء وحدة المواقف بينهم
كما يتصف السوق بتراخي الطلب وضعفه نتيجة لسياسات مدروسة ومخططة من قِبل كبريات الدول الصناعية المستوردة للبترول.
فضلاً عن ضعف معدلات النمو الاقتصادي العالمي.
لذلك واجه المؤتمر مهمة عسيرة لدراسة الحلول الممكنة لتحقيق الاستقرار للأسعار.
وقد أسفر الاجتماع عن استمرار العمل بسقف الإنتاج السابق إقراره في اجتماع سبتمبر 1993  للجنة المراقبة الوزارية لأوبك (وهو 24.5 مليون ب/ى)
          وتجدر الإشارة في هذا الموقف إلى أن تحقيق التوازن في سوق البترول العالمي يتضمن تحقيق توازن دقيق بين الطلب العالمي على البترول وبين معدلات العرض المناسبة، التي لا ينشأ عنها فائض العرض أو عجز الإمدادات. ومسؤولية تحقيق هذا التوازن والاستقرار يستدعي إجراء المزيد من الحوار بين المنتجين (أوبك وأيبك) والمستهلكين لبلوغ هذا الهدف.
          خاصة وأن الدول الصناعية الغربية ومواثيقها وتكتلاتها تشكل تحديات ومحاولات للتقليل من أهمية البترول كمصدر رئيسي للطاقة مما يتطلب من الجميع بذل المزيد من التنسيق والتعاون للحد من تأثير الإجراءات التي تحاول هذه الدول فرضها.
وفي 6 ديسمبر 1993
          صدرت نشرة Petrostrategies أوضحت الدراسة المنشورة بها أن الزيادة في معدلات الإنتاج في كل من دول أوبك والدول خارج أوبك، ادت إلى هبوط حاد في مستوى أسعار الزيت الخام في عام 1993.
حيث انخفض سعر خام برنت في أوائل ديسمبر 1993 إلى   13.8 دولاراً للبرميل
وسعر خام دبي                                              12.1
وسعر سلة خامات أوبك                                     13.3
          كما أدى انهيار أسعار البترول في النصف الثاني من عام 1993 (خاصة الربع الرابع) إلى انخفاض عائدات معظم دول أوبك بنسبة 22.5%.
          بينما كان انخفاض عائدات خمس دول منها (تشمل السعودية) انخفاضاً أكبر من 25% كما أدى تفاقم انهيار عائدات السعودية، بالإضافة إلى انخفاض أسعار البترول، إلى انخفاض إنتاجها وفقاً للحصة المقررة لها لزيادة حصة إنتاج الكويت.
وتعليقاً على تدني أسعار النفط الخام خلال السنوات 1991 و 1992 و 1993 نذكر أن الأسواق قد شهدت:
تراجع الطلب العالمي على البترول.
وزيادة المعروض من البترول بسبب تجاوزات حصص الإنتاج التي أصبحت نمطاً تاريخياً.
          لذلك سجلت الأسعار أدنى مستوياتها خلال هذه السنوات ليتراوح سعر سلة خدمات أوبك ما بين 14 ـ 15 دولاراً للبرميل.
          وإذا وضعنا في الاعتبار أن تحقيق استقرار الأسعار في السوق العالمي للبترول يتطلب ضرورة التدرج بالسعر ارتفاعاً كي يساير مؤشرات التضخم العالمي والقوة الشرائية للدولار الأمريكي ـ وهو العملة التي يحتسب على أساسها سعر البترول ـ فإن هذه الأسعار المتدنية تقل كثيراً عن قيمتها الحقيقية.
          وإذا تذكرنا صدمة انهيار الأسعار في يوليه 1986، التي كان وراءها سياسة إغراق الأسواق بالصادرات البترولية دون النظر إلى مستويات الأسعار بهدف السيطرة على حصة عادلة من السوق، ودفع المنتجين من خارج أوبك ـ بعد انهيار الأسعار ـ إلى التراجع عن صناعة أصبحت غير مربحة لهم.
          فقد كان من المحتم ـ بعد هذه التجربة ـ وضع خطة استراتيجية واضحة لأوبك ولكن على العكس من ذلك، فإن أعضاء أوبك لا يزالون يمارسون سياسة إغراق الأسواق. بل إن مبدأ الدفاع عن حصة عادلة أصبح سياسة لكل دولة عضو في أوبك للدفاع عن مصالحها الفردية دون النظر إلى المصالح المشتركة.
          وإذا كانت أوبك تهدف إلى زيادة عائداتها لتمويل خططها الطموحة لرفع طاقات الإنتاج مستقبلاً، فإن ذلك لم يتحقق في الواقع العملي، بسبب تذبذب إنتاج الدول خارج أوبك إنتاجاً وتصديراً، وبسبب تعدد سياسات الدول المستهلكة استيراداً وترشيداً.
          فقد ارتفعت صادرات دول أوبك البترولية خلال الفترة من 1985 ـ 1992 إلى أكثر من الضعف، بينما لم تحقق عائداتها سوى زيادات ضئيلة. فقد ارتفعت صادرات اوبك من 10.9 مليون برميل يومياً في عام 1985 إلى نحو 24.5 مليون برميل يومياً، في الوقت الذي تحركت فيه عائداتها من 130 بليون دولار إلى 144 بليون دولار فقط خلال عام 1992.
          ومع الأخذ في الاعتبار عوامل التضخم وتراجع القوة الشرائية لهذه العائدات ـ كما سبق القول ـ فإن ذلك يعني أنها سجلت انخفاضاً بالمعنى الحقيقي.
          هذا في الوقت الذي لم يسجل إنتاج البترول من خارج أوبك سوى انخفاضاً طفيفاً لا يكاد يتعدى نصف مليون برميل يومياً خلال الفترة من 1985/ 1991. ويرجع هذا الانخفاض بصفة أساسية إلى تراجع صادرات دول الاتحاد السوفيتي (سابقاً).
          علماً بأن توالي انخفاض أسعار النفط الخام يدفع الدول الصناعية المستهلكة للبترول إلى الإفادة عن طريق فرض الضرائب بكافة أشكالها على استهلاك المنتجات البترولية، حتى أصبح ما يؤول إليها يفوق أربعة أمثال ما يعود على الدول المصدرة للبترول.
          وتنحصر النتائج في تدهور أسعار البترول، واستنزاف الثروات، وانخفاض العائدات واختلال موازين المدفوعات وتراكم الديون على عديد من دول الأوبك، وامتداد هذا الأثر إلى الدول الأخرى المصدرة للبترول خارج أوبك.
          أما الدول الصناعية المستهلكة للبترول، التي تمتلئ خزائنها بالأموال ويتزايد مخزونها الاحتياطي الاستراتيجي بالبترول، فسوف يصيبها الضرر أيضاً لانخفاض صادراتها من السلع والأسلحة للدول المنتجة، ولن تجد على المدى الطويل ـ مهما قصر أو طال ـ إلاّ إحتياطيات الدول الرئيسية المصدرة خاصة دول الخليج العربي، التي لم يتوفر لديها استثمارات كافية للإنتاج بسبب سياسات الدول الصناعية المستهلكة.
          تنفيذاً لإجراء المزيد من الحوار بين المنتجين (أوبك وأيبك) من ناحية، وبينهم وبين المستهلكين من ناحية أخرى، فقد حدث في عام 1993 اجتماعان آخران.
          ذكرنا ضمن أحداث 1992، أنه في 23 أبريل 1992 عُقد اجتماع مشترك بين منظمة أوبك والدول المستقلة المصدرة للبترول (أيبك) لإعداد تصور تقدمه الدول المصدرة للبترول في قمة الأرض عن البيئة والتنمية الذي تنظمه الأمم المتحدة في البرازيل في شهر يونيه 1992.
          وفي 13 أبريل 1993 (انظر ملحق البيان الصحفي الصادر عن الاجتماع الوزاري المشترك أيبك / أوبك، مسقط، عُمان، 13 أبريل 1993) ـ بعد عام واحد من الاجتماع السابق ـ وبدعوة من وزير النفط والمعادن بسلطنة عمان، تم عقد مؤتمر وزاري حضره وزراء دول أوبك OPEC الاثنا عشر ووزراء عدد من الدول المستقلة المصدرة للبترول أيبك IPEC في مدينة مسقط بعمان.
          بلغ عدد الوزراء المشاركين في هذا المؤتمر 25 وزيراً للبترول من الدول الأعضاء في منظمة أوبك هم: وزراء الجزائر ـ الجابون ـ أندونيسيا ـ إيران ـ العراق ـ الكويت ـ ليبيا ـ نيجيريا ـ قطر ـ السعودية ـ الإمارات ـ فنزويلا.
          ومن مجموعة أيبك: وزراء أنجولا ـ البحرين ـ بروناي ـ الصين ـ كولومبيا ـ مصر ـ كازاخستان ـ ماليزيا ـ المكسيك ـ النرويج ـ روسيا ـ تكساس ـ اليمن.
كما شارك في هذا المؤتمر سكرتير عام أوبك وسكرتير عام مجلس التعاون الخليجي.
وقد سبق عقد هذا المؤتمر بين أوبك وأيبك، اجتماعان:
الأول:   لخبراء مجموعة دول أيبك في لندن في 18 فبراير 1993.
والثاني: لخبراء مجموعة دول أيبك مع السكرتارية العامة لمنظمة أوبك في فيينا في 19 فبراير 1993.
حيث تم اقتراح جدول أعمال للمؤتمر الوزاري، تناول الموضوعات الرئيسية التي يناقشها المؤتمر في عمان في 13 أبريل 1993، وهي:
1. توقعات سوق البترول العالمية
دارت المناقشات حول توقعات الطلب العالمي على البترول حتى عام 2000 (وفقاً لأسس إقليمية)، وكذلك توقعات العرض العالمي للبترول حتى تلك الفترة.
ونصيب كل من أوبك وأيبك في إجمالي العرض العالمي للبترول، والطاقات الإنتاجية في كل منهما في الحاضر والمستقبل.
والاستثمارات المطلوبة لزيادة الطاقات الإنتاجية بحيث يمكن إشباع احتياجات الطلب العالمي في المستقبل.
واحتمالات التنمية في بلاد الاتحاد السوفيتي السابق وغيرها. وإمكانيات التعاون والتنسيق من أوبك وأيبك في هذه المجالات.
2. قضايا البيئة والتنمية الاقتصادية
تركزت المناقشة حول قضية "ضريبة الكربون" التي تزمع دول أوربا الغربية فرضها على وارداتها من البترول، وحول "ضريبة الطاقة" التي تزمع الولايات المتحدة الأمريكية فرضها، بحجة ان هذه الضرائب تهدف إلى تقليل ثاني أكسيد الكربون الناتج من عمليات احتراق المواد البترولية، ومواجهة ارتفاع درجات الحرارة في العالم.
كما دارت المناقشات حول أثر فرض هذه الضرائب من جانب أوربا الغربية والولايات المتحدة على حجم واردات هذه الدول من البترول، وبالتالي أثرها على اقتصاديات الدول المصدرة للبترول وعمليات التنمية الاقتصادية فيها.
3. العلاقات الدولية والطاقة
تناولت المناقشات في هذا المجال أثر المتغيرات في العلاقات الدولية وخاصة البترولية منها وأثرها على مستقبل إمدادات الطاقة وتجارتها الدولية.
وفي هذا المجال برز عدد من القضايا منها:

  • ميثاق الطاقة الأوروبي: أهدافه وأثر التطبيق العملي لنصوصه على إمدادات البترول العالمية، والاستثمارات في صناعة البترول، وعلى قضايا البيئة والتنمية الاقتصادية في الدول المصدرة للبترول.
  • كما برز موضوع التكتلات الدولية الاقتصادية، وأثرها على أوضاع الطاقة والإمدادات والأسعار والاستثمارات وهي:

- السوق الأوربية المشتركة
- واتفاقية أمريكا الشمالية للتجارة الحرة
- والمنطقة التجارية الحرة المقترحة الخاصة بجنوب شرق آسيا.
وبعد انتهاء الجلسات الثلاث للمؤتمر، أصدر بياناً بما استقر عليه الرأي الجماعي بين المشاركين بالنسبة لموضوع ضريبة الكربون وضريبة الطاقة، حيث رفض الوزراء التسليم بفرض هذه الضرائب لما لها من أثر سلبي على الأسعار يجعل من الاستثمار في مجال البترول أو رفع الطاقة الإنتاجية أمراً غير مُجد من الناحية الاقتصادية، لأنه لن يعود على المستثمرين أو المنتجين على حد سواء بالعائد الذي يبرر مثل هذه الاستثمارات، مما سيؤدي إلى الإخلال بالتوازن بين العرض والطلب.
وأوصى المؤتمر باستمرار الحوار بين المنتجين والمستهلكين مع نبذ أسلوب المواجهة والصدام وأكد على أهمية التنسيق بين سياسات الدول المنتجة، واتخاذ موقف موحد في التفاوض مع الدول المستهلكة بشأن قضايا البيئة باعتبارها ذات صبغة عالمية.
كما أوصى المؤتمر بمتابعة عمليات التنسيق والحوار فيما بينهم بصورة مستمرة حول الشؤون البترولية، وذلك على نفس الأسلوب من الحوار الذي تعمل به الدول الصناعية.
هذا ومن المقرر أن ينبثق عن المؤتمر وعن مجموعتي أوبك وأيبك مجموعة عمل مصغرة تتولى متابعة التوصيات التي صدرت عن المؤتمر في بيانه الختامي وإجراء الحوار المنشود بين المنتجين والمستهلكين.
وفي 22 ديسمبر 1993
          في الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية، صدر البيان الختامي لقمة مجلس التعاون الخليجي متضمناً استعداد دول المجلس لخفض إنتاجها البترولي بهدف دعم الأسعار إذا وافقت والتزمت جميع الدول المنتجة داخل أوبك وخارجها على خطط شاملة لتخفيض الإنتاج بشكل متوازن.
          وأشار البيان إلى الجهود التي تبذلها سلطنة عمان في هذا المجال مع الدول المصدرة للبترول غير الأعضاء في أوبك.
وفي 26 ديسمبر 1993
          بعد ختام اجتماعات قمة مجلس التعاون الخليجي بأربعة أيام، قام وزير النفط والمعادن العماني سعيد بن أحمد الشنفري بجولة شملت بعض الدول المنتجة للبترول غير أعضاء في أوبك للدراسة والتنسيق فيما بينها بهدف التوصل إلى اتفاق شامل للإنتاج للمساعدة في دعم أسعار البترول في السوق العالمي.
          زار الوزير العماني اليمن ومصر وسورية وروسيا والنرويج وبريطانيا وماليزيا وبروناي والمكسيك.
ماذا كانت نتيجة مباحثات الوزير العماني؟
          وافقت كل من اليمن ومصر وسورية على تأييد الجهود التي من شأنها تحقيق السعر المستهدف وتحقيق التوازن في سوق البترول العالمي، بما في ذلك خفض معدلات الإنتاج.
          أما روسيا، فقد أوضحت المصادر الرسمية في موسكو أنه ليس من مصلحة روسيا خفض الإنتاج والصادرات البترولية وهي من أهم مصدر للعملة الأجنبية.
كما رفضت كل من بريطانيا والنرويج رفضاً قاطعاً أي خطوات لتقييد وخفض معدلات الإنتاج.
          نستخلص من نتائج هذه الجولة، أنه لابد من استجلاء النيات الحقيقية لأطراف السوق في العمل جدياً على استقرار السوق وعودة الأسعار إلى مستوى عادل لا يضر اقتصاديات المصدرين أو المستوردين أو الاقتصاد العالمي.
وفي 5 يونيه 1992
          انعقد المؤتمر الثالث للأمم المتحدة في البرازيل، تحت عنوان "قمة الأرض" وشعار "البيئة واللتنمية"، وذلك في ذكرى الإعلان العالمي، الذي صدر عن المؤتمر الأول للأمم المتحدة للبيئة البشرية، الذي انعقد في مدينة استوكهولم عاصمة السويد في يونيه 1972 وإعلان يوم 5 يونيه "يوماً عالمياً للبيئة".
          ويتركز اهتمام المؤتمر على توقيع اتفاق حول خفض نسبة انبعاث ثاني أكسيد الكربون أو على الأقل تثبيت نسبته عند مستوياته في وقت انعقاد المؤتمر حتى عام 2000 ويدعو الدول الصناعية إلى خفض انبعاث ثاني أكسيد الكربون بنسبة 20%، الأمر الذي أدى إلى تحقيق هذا الهدف عن طريق خفض استهلاك الطاقة بالنسبة ذاتها.
          اتجهت الدول الصناعية المستوردة للبترول إلى فرض "ضريبة الكربون" على المنتجات البترولية بحجة حماية البيئة، بينما كان هدفها الأساسي هو إيجاد الحوافز والاستثمارات اللازمة لتطوير مصادر الطاقة الأخرى ولمنع زيادة الطلب على هذه المنتجات البترولية حتى لا يزداد الطلب على النفط الخام، ويظل سعره منخفضاً.
          وقد حذرت الدول العربية المساهِمة في المؤتمر من استخدام قضايا البيئة في تميز تعسفي من شأنه تقييد التجارة الدولية.
          كما أسقط الموقف العربي الموحد اقتراح فرض ضريبة تصاعدية على استهلاك البترول. ولم يدرج هذا الاقتراح في جدول أعمال المؤتمر، لأن سياسة فرض الضرائب من أجل خفض الاستهلاك ليس أسلوباً فعالاً لخفض الانبعاث الكربوني. فقد تزايدت الضريبة على البرميل الواحد من البترول في دول المجموعة الأوربية من سبعة دولارات في عام 1973 إلى 56 دولاراً في نهاية عام 1991، ومع ذلك فإن نسبة انبعاث الكربون قد ازدادت في الفترة نفسها.
          وكذلك عارضت الصناعات الكبيرة، التي تعتمد على استهلاك مكثف للطاقة، فرض هذه الضريبة حيث أن البترول ليس وحده المسؤول عن تلويث البيئة، بل إن الفحم يسهم بنسبة أعلى في تلويث البيئة. فضلاً عن أن خفض استهلاك الطاقة يؤدي إلى تراجع النمو الاقتصادي ويضر باقتصاديات الدول المصدرة للبترول وبالاقتصاد العالمي ككل.
          وسوف نعود إلى مناقشة هذه الضريبة بالتفصيل في خاتمة البحث لدى الحديث عن الحوار بين المنتجين والمستهلكين.
وسوف نتناول ـ بإذن الله تعالى ـ الحديث عن اجتماعين آخرين (فيما بعد) هما:

  • اجتماع مشترك بين مجلس التعاون الخليجي والسوق الأوربية (في 16 مايو 1992) جرى فيه محادثات حول موضوع فرض ضريبة الكربون على صادرات البترول.
  • مؤتمر حوار بين المنتجين والمستهلكين عُقد في النرويج في 2 و 3 يوليه 1992 حيث شارك في المؤتمر وزراء الخارجية ووزراء الخارجية ووزراء البترول في أكثر من عشرين دولة منتجة ومستهلكة للبترول، وناقشوا عديداً من الموضوعات السياسية والاقتصادية المتعلقة بالبترول والطاقة في العالم. ووسائل التعاون بين الدول المنتجة والدول المستهلكة للبترول.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69673
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Empty
مُساهمةموضوع: رد: البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول   البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Emptyالإثنين 07 مارس 2016, 10:46 pm

الفصل السادس
أسعار البترول في التسعينات بين التحسن والهبوط وأثرها على الاقتصاد العالمي


أحداث عام 1994
اتجاهات السوق والأسعار
خلال يومي 25 ـ 26 مارس 1994
          اجتمعت لجنة المراقبة الوزارية لأوبك في جنيف بسويسرا، حيث أعربت اللجنة عن قلقها من جراء استمرار الضغط على الأسعار والمستوى المتدني الذي ساد السوق منذ اجتماع أوبك الوزاري في نوفمبر 1993، نتيجة لاستمرار الزيادة في إنتاج الزيت الخام من الدول خارج أوبك، وهو ما أدى إلى زيادة تدهور الأسعار. وقد قررت اللجنة الإبقاء على السقف الحالي للإنتاج 24.52 مليون ب/ ي خلال ما تبقى من عام 1994.
          ومن الغريب أن يتزامن موعد انعقاد مؤتمر وزراء أوبك في 25 مارس 1994 مع بدء تنفيذ اتفاقية المناخ، التي أقرها مؤتمر قمة الأرض في ريودي جانيرو.
          وهذه الاتفاقية، التي صدق عليها ستون دولة، ترفع شعار حماية البيئة من أجل خفض الاعتماد على البترول في موازنة الطاقة العالمية، وذلك بزيادة الضرائب المفروضة على استهلاك المنتجات البترولية، ودعم السياسات التي تهدف إلى تحسين كفاءة استخدام الطاقة وتطوير استخدام الغاز الطبيعي ومصادر الطاقة البديلة.
          وتعتبر الظروف السائدة في السوق العالمي للبترول في ذلك الوقت مناخاً مناسباً لتحقق هذه الاتفاقية أهدافها. وذلك بعد أن تخلت أوبك عن دعم الأسعار وتنازلت عن السعر الاسترشادي وقررت الاستجابة للمتغيرات في السوق العالمي للبترول. وهذا ما يؤكده قرار وزراء أوبك (في 23 نوفمبر 1993) بمد العمل باتفاق سبتمبر 1993 عند سقف إنتاج 24.52 مليون برميل يومياً، وهو ما قررته أيضاً لجنة المراقبة الوزاريةلأوبك المذكورة .
          وتشير الدراسة التي أعدتها نشرة Petrostrategies إلى انخفاض عائدات دول أوبك البترولية خلال عام 1994 إلى نحو 125 بليون دولار في مقابل 127 مليون دولار في عام 1993 بانخفاض بنسبة 2%، وذلك على الرغم من ثبات معدل صادرات أوبك البترولية خلال عام 1993 عند مستوى 23.1 مليون برميل يومياً.
          ويعزى هذا الانخفاض إلى انخفاض متوسط الأسعار الفورية لسلة خامات أوبك من 15.73 دولاراً للبرميل في عام 1993 إلى 15.25 دولاراً للبرميل في عام 1994 بانخفاض بنسبة 3% .
إذا حاولنا تتبع مسار أسعار البترول منذ أزمة الخليج الثانية حتى عام 1994 نجد أنها اتخذت اتجاهاً تنازلياً: فقد انخفض معدل سعر سلة خامات أوبك من 24.8  دولاراً للبرميل في يناير 1991إلى 15.88 مع بداية 1992، 16.33 في 1993 ثم وصل إلى 12.15 يناير 1994.
          وهذا أقل ما حققته الأسعار خلال السنوات الأربع المذكورة واستمر هذا الاتجاه خلال الشهور الستة الأولى من عام 1994، ويعزى الانخفاض في الأسعار إلى ما يلي

  • تراجع الطلب في أوربا واليايان.
  • الانخفاض الحاد في الطلب في دول الكومنولث الروسي.
  • بعض التجاوزات لحصص الإنتاج من قِبل بعض دول أوبك.
  • ارتفاع الإنتاج من خارج أوبك وبصفة خاصة من دول بحر الشمال.
  • تزايد السحب من المخزون الاحتياطي العالمي خلال الربع الأول من عام 1994.

          ومع نهاية النصف الأول من عام 1994 بدأت الأسعار تسجل انتعاشاً ليصل معدل سعر سلة خامات أوبك إلى نحو 18.24 دولاراً للبرميل في أغسطس 1994 ويرجع السبب في ذلك إلى ما يلي:
          أدى انخفاض الأسعار خلال الربع الأول من عام 1994 (12.15 دولاراً للبرميل) إلى ظهور عوامل جديدة أدت إلى تحقيق نوع في التوازن في الأسواق من أهمها:

  • التحول في إدارة المخزون الاحتياطي العالمي من السحب إلى إعادة البناء خلال شهري مايو ويونيه 1994 لاستغلال فرصة انخفاض الأسعار.

فارتفع الطلب العالمي على البترول، وبالتالي ارتفعت الأسعار في يوليه 1994 إلى نحو 16.76 دولاراً للبرميل.

  • وكان حدوث قلاقل سياسية في اليمن والجزائر وكولوميبا واكوادور وأنجولا ونيجيريا سبباً في تقييد الإنتاج في هذه الدول، مما رفع سعر خام غرب تكساس المتوسط إلى 20 دولاراً للبرميل،ورفع سلة خامات أوبك تدريجياً إلى نحو 18.24 دولاراً للبرميل.

          إن تحقيق الاستقرار للأسعار يعتمد على تحقيق التوازن في الأسواق، وهذا أمر مرهون بكيفية أداء دول أوبك وعدم تجاوز الحصص المقررة لها حتى نهاية العام، وعلى الإنتاج من خارج أوبك والعوامل المؤثرة فيه، بالإضافة إلى كيفية إدارة المخزون الاحتياطي في العالم.
في 21 ـ 22 نوفمبر 1994
عقد المؤتمر الوزاري العادي لمنظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) في بالي بأندونيسيا.
وبعد استعراض تقرير سكرتير عام المنظمة وتقرير اللجنة الاقتصادية
ومن أجل العمل على تعزيز الاستقرار في سوق البترول وتحسن الأسعار
قرر المؤتمر الحفاظ على سقف الإنتاج في ذلك الوقت البالغ 24.52 مليون ب/ ي
حتى نهاية عام 1995، وفق الحصص التي تم الاتفاق عليها في سبتمبر 1993.
صعوبات تواجه دول الخليج المصدرة للبترول
          إذا كانت مستويات الأسعار قد تحسنت في النصف الثاني من عام 1994 ـ للأسباب التي ذكرناها ـ في أسواق حوض الأطلسي، فإنها لم تكن بنفس المستوى في أسواق الشرق الأقصى.
          فمنطقة آسيا، التي كانت لفترة طويلة منفذاً لفائض صادرات منطقة الشرق الأوسط من الزيت الخام،وصلت إلى درجة التشبع، وشهدت تنافس المنتجين الخليجيين لحماية حصصهم التصديرية في المنطقة حتى ان شركة أرامكو السعودية بثقلها الكبير قامت بإبرام عقود طويلة الأجل بشروط مرنة.
          وتتناقض سياسة سلطنة عمان مع الأسلوب السعودي، حيث قامت عمان بتشديد شروط عقودها طويلة الأجل بدلاً من تخفيضها. وتحاول عمان تشجيع المشترين على الشراء بموجب عقود طويلة الأجل لكميات تراوح بين 40 ـ 50 ألف برميل يومياً على الأقل.
          وعلى جانب آخر، تركز الكويت على زيادة إنتاج معامل تكريرها حتى تستطيع تحويل الخامات، التي لا تجد طلباً عليها إلى منتجات بترولية، في إطار خطتها لاستعادة حصتها في سوق المنتجات الآسيوية. وتحاول مؤسسة البترول الكويتية في الوقت الذي فشلت فيه التوسع في الهند، زيادة مبيعاتها من المنتجات المتوسطة في أسواق بعيدة تصل حتى شرق أفريقيا.
          وقد أدى اشتداد المنافسة في أسواق آسيا إلى تأثر إيران، إذ يسعى المتعاقدون معها على التخلص من الكميات التي يحصلون عليها بموجب هذه العقود.
وفي أوائل شهر يوليه 1994
          أعلن السيد/ هشام ناظر وزير البترول والثروة المعدنية السعودي زيادة احتياطيات السعودية المؤكدة من الزيت الخام إلى 260 بليون برميل، والغاز الطبيعي إلى 182 تريليون قدم مكعب.
          وأكد الوزير السعودي أن بلاده تضيف احتياطيات كل عام أكثر مما تنتج. وتعود هذه الزيادة في الاحتياطيات إلى الاكتشافات الجديدة التي تحققت في المنطقة الوسطى والتي لا ترجع أهميتها إلى حجمها أو موقعها فقط، ولكن لكون خاماتها من النوعية الممتازة التي تتراوح درجة جودتها بين 49 ـ 53 درجة وانخفاض محتواها الكبريتي لأقل من 0.6%.
في 16 أبريل 1994
          في مراكش بالمملكة المغربية تم توقيع ممثلي 125 دولة من  دول العالم على الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة (الجات). على أن تدخل هذه الاتفاقية حيز التنفيذ اعتباراً من أول يناير 1995 إيذاناً بإنشاء منظمة التجارة العالمية، التي قامت بهدف تحرير التجارة الدولية والخدمات من كافة القيود، وتشجيع استخدام الأحكام التجارية العادلة وتقليص استخدام القرارات التجارية الفردية.
          وكانت جولة أوروجواي للجات قد انتهت بتوقيع ممثلي الدول الأعضاء (117 دولة) في 15 ديسمبر 1993 على إنشاء هذه المنظمة العالمية للتجارة في ظل ما تم الاتفاق عليه في هذه الجولة.
وفيما يتعلق بتأثير اتفاقية الجات على صناعة البترول
          تجدر الإشارة إلى أنها استبعدت صناعة البترول من الخضوع لأحكامها على الرغم من أن تجارة البترول تمثل نسبة كبيرة من حركة التجارة العالمية.
          وهذا يعني أن تجارة البترول سوف تستمر في إطار الإجراءات الحمائية ودون أي معاملة تفضيلية أو الحصول على خفض تجاري، مع استمرار تزايد الأعباء الضريبية على استهلاك البترول من قِبل الدول الصناعية الكبرى.
          وهذا يفسر لنا هدف استبعاد البترول من الخضوع لأحكام اتفاقية الجات، لأن ذلك يخدم مصالح الدول الصناعية المستهلكة للبترول أكثر مما يخدم الدول النامية المصدرة له. وهذه السياسة تؤدي إلى إلحاق الضرر باقتصاديات الدول التي تعتمد تنميتها على البترول، لأن هذا الوضع لن يتيح لها تحقيق الاستفادة المنشودة من تحرير المعاملات التجارية ورفع القيود عنها.
          وفيما يلي بعض التصريحات التي نُشرت في أعقاب التوقيع على الاتفاقيات الجديدة لجولة أوروجواي:

  • الرئيس الأمريكي بيل كلينتون: "الولايات المتحدة ستقود العالم في الاقتصاد بعد أن أصبحت قائدة له على المستوى العسكري".
  • ممثل الهند في مفاوضات جولة أوروجواي: "قدمت أمريكا وأوروبا وثيقة وقَّع عليها العالم الثالث مُكرها".
  • رئيس منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية:إن الدول النامية حصلت على فتات كعكة أوروجواي".
  • السيد/ عمرو موسى وزير خارجية مصر: اتفاقية الجات ليست في مصلحة الدول النامية أبداً".
  • السفير منير زهران رئيس وفد مصر في مفاوضات جولة أوروجواي: "ميزان المدفوعات للدول النامية سيصاب بالخلل نتيجة زيادة الاستيراد وانكماش الصادرات، والمستفيد الأوحد من هذا هو الدول المتقدمة".
  • الدكتور يحيى بكور مدير المنظمة العربية للتنمية الزراعية: "إن الدول العربية ستتحمل عبئاً يعادل 875 مليون دولار سنوياً من جراء الاتفاقات الجديدة لجولة أوروجواي".

وإذا كانت مكاسب الدول النامية محدودة جداً في هذه الاتفاقات، فما هي أسباب توقيعها عليها؟
          إن 80% من التجارة العالمية تخص الدول الصناعية المتقدمة. ومعنى ذلك أن عدم انضمام الدول النامية لمنظمة التجارة العالمية سيؤدي إلى فقدها التعامل مع 80% من حجم التجارة العالمية.
أما الدول النامية الأعضاء في منظمة الجات فيخصها 12% من التجارة العالمية ومعنى ذلك أن أي دولة لا تنضم إلى المنظمة ستكون شبه منعزلة عن التجارة العالمية، لأنها تفقد التعامل مع 92% منها (80% دول متقدمة + 12% دول نامية).
          كذلك فإن عدم انضمام أي دولة لاتفاقيات جولة أوروجواي يجعلها تفقد العضوية في منظمة التجارة العالمية. ومن ثم لا تستفيد من المزايا الواردة في اتفاقات جولة أوروجواي وأهمها معاملة الدولة الأكثر رعاية، والاستفادة من التخفيضات الجمركية المتبادلة بين الدول الأعضاء.
          بالنسبة للدول العربية، فإن التكامل الاقتصادي يصبح المنفذ المستقبلي الوحيد لها بعد توقيع اتفاقات جولة أوروجواي. ويكفي أن نذكر في هذا الصدد أن حجم التجارة الخارجية للدول العربية يصل إلى حوالي 266 مليار دولار في السنة، ومع ذلك فإن حجم التجارة البينية لا يتجاوز 21 مليار دولار في السنة أي بنسبة أقل من 8%.
          وعلى الدول العربية أن تتذكر أن تكتل اقتصادي عضو في الجات له صوت واحد في اجتماعات ومفاوضات الجات. ومن ذلك مثلاً الجماعة الأوروبية، ودول جنوب شرق آسيا والنافتا (أكبر منطقة للتجارة الحرة في العالم تضم الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك).
كيف تواجه الدول العربية الحركة العالمية لعولمة الاقتصاد؟
          ليس أمام الدول العربية إلاَّ أن تسلك أقصر الطرق للاندماج في الاقتصاد العالمي، من خلال تكتلات اقتصادية ومناطق للتجارة الحرة العربية تنساب فيها رؤوس الأموال والاستثمارات والسلع والخدمات بما يؤدي إلى تعظيم التجارة البينية العربية وتحديد الأسلوب الأمثل لتهيئة الظروف المناسبة للاستثمار العربي المشترك بما يضمن توسيع حجم السوق العربية وجعلها أكثر جاذبية للاستثمارات العربية والأجنبية.
          وبما أن المجلس العام بمنظمة التجارة العالمية هو الذي يضطلع بإدارة شؤون ومهام المنظمة، ويتبعه عدة مجالس فرعية أهمها: مجلس التجارة في السلع، ومجلس التجارة للخدمات، ومجلس حقوق الملكية الفكرية... الخ.
          فمن المفيد مناشدة كل من منظمة الدول العربية المصدرة للبترول (أوابك) ومجلس التعاون الخليجي ومنظمة الدول المصدرة للبترول (أوابك) المطالبة بإنشاء مجلس لتجارة البترول ومنتجاته (على غرار المجالس المشار إليها) يتبع المجلس العام لمنظمة التجارة العالمية. ليكون بمثابة إطار يدور في ظله الحوار بين المنتجين والمستهلكين للبترول بصفة دائمة لوضع سياسة عادلة تكفل استقرار السوق العالمي للبترول.
أحداث عام 1995
اتجاهات السوق والأسعار واستمرار الركود في الطلب العالمي
اتسمت أسواق البترول العالمية عام 1995 بعدد من التطورات، التي أثرت على صناعة البترول في الدول العربية، والتي من أهمها:

  • استمرار الركود في الطلب العالمي على البترول العربي من ناحية.
  • الارتفاع في الأسعار الرسمية للبترول في الأسواق العالمية من ناحية أخرى.
  • بالإضافة إلى المؤشرات التي تتوقع استمرار الركود في الطلب لعدة سنوات قادمة.

فللعام الثالث على التوالي لم تتغير كميات الصادرات العربية البترولية إلى الأسواق الدولية. ويرجع السبب في ذلك إلى عاملين أساسيين:
أولهما: يتمثل في استمرار الارتفاع الكبير في إمدادات الدول خارج أوبك وخاصة دول بحر الشمال، الأمر الذي لا يتيح فرصة أمام المصدرين العرب بالتوسع في إنتاجهم.
والثاني: يتعلق بالقيود التي تضعها بعض الدول الصناعية الرئيسية على استهلاك البترول عن طريق فرض الضرائب المتزايدة على استخدامه. وهذا يقلل من الطلب عليه إلى مستويات تقل كثيراً عن المستوى الذي يمكن أن تبلغه لو تم تخفيف تلك الضرائب.
وفي يومي 21 و 22 نوفمبر 1995
عقد المؤتمر الوزاري العادي لمنظمة أوبك في فيينا بالنمسا.
استعرض المؤتمر تقرير سكرتير عام أوبك، وتقرير مجلس الهيئة الاقتصادية، وتقرير لجنة المراقبة الوزارية.
           وفي ضوء فعاليات سوق البترول خلال عام 1995، وتوقعات العرض والطلب اعتباراً من يناير 1996، قرر المؤتمر الإبقاء على سقف الإنتاج الحالي المتفق عليه وهو 24.52 مليون برميل يومياً حتى نهاية يونيه 1996.
          وقد أعربت الوكالة الدولية للطاقة ـ قبل اجتماع أوبك المذكور عاليه ـ عن عدم تفاؤلها بالنسبة لأوضاع سوق البترول العالمية خلال عام 1996، وخاصة بالنسبة للدول التي تعتمد اعتماداً كبيراً على عائداتها من التصدير.
          وأشارت الوكالة إلى أنه في حالة فشل دول أوبك في الالتزام بسقف الإنتاج في ذلك الوقت والمقدَّر بنحو 24.52 مليون برميل يومياً، فمن المتوقع زيادة إجمالي فائض العرض على الطلب في عام 1996 إلى حوالي مليون برميل يومياً في مقابل 400 ألف ب/ ي في عام 1995.
          شهد عام 1995 ارتفاعاً ملحوظاً في عائدات الدول الأعضاء في منظمة أوبك بالمقارنة بعام 1994 حيث قفزت من 124.9 مليون دولار إلى حوالي 141.4 مليون دولار بزيادة بنسبة 13.2%.
ويرجع ذلك لارتفاع الأسعار فضلاً عن زيادة الصادرات
وقد وصل سعر البرميل عام 1995 إلى نحو 16.38 دولاراً مقابل 13.25 دولار عام 1994.
ارتفاع إنتاج منطقة بحر الشمال عام 1995
          في مناسبة ما سبق ذكره من استمرار الارتفاع الكبير في إمدادات الدول خارج أوبك وخاصة بحر الشمال بما لا يتيح فرصة أمام المصدرين العرب بالتوسع في إنتاجهم.
          قد يكون من المفيد أن نلقي مزيداً من الضوء على تطور الإنتاج في منطقة بحر الشمال تلعب الدول المنتجة للبترول خارج أوبك دوراً مهماً ومؤثراً في تحقيق استقرار سوق البترول العالمي، وقد تزايد نصيب هذه الدول من الإنتاج العالمي خلال السنوات الخمس الماضية (1991 ـ 1995) حيث وصل إلى حوالي 32.7 مليون برميل يومياً (بما يعادل 48.2% من الإنتاج العالمي) باستثناء دول الاتحاد السوفيتي سابقاً.
          وتجدر الإشارة إلى أن منطقة بحر الشمال تعتبر من أهم مناطق الإنتاج من خارج أوبك: وتضم كل من المملكة المتحدة والدنمارك وهولندا والنرويج التي لها دور بارز في اجتماعات ولقاءات مجموعة الدول المستقلة المصدرة للبترول (أيبك).
          وقد حقق إنتاج بحر الشمال في عام 1995 زيادة في إنتاج الزيت الخام بنسبة 4.7% وأكثر من 5% في إنتاج الغاز الطبيعي، حيث سجل إنتاج الزيت الخام حوالي 5.8 مليون برميل يومياً، بما يعادل أكثر من خُمس إنتاج أوبك في عام 1995. بينما يغطي إنتاج الغاز أكثر من ثلث استهلاك أوربا، مما جعل منطقة بحر الشمال تستمر كمركز للعديد من الصناعات البترولية ومحط أنظار الدول الصناعية الكبرى.
          والنرويج تعزز مركزها كأكبر منتج للزيت الخام في بحر الشمال. فقد سجل إنتاجها حوالي 2.9 مليون برميل يومياً (بما يعادل 49.7% من إنتاج المنطقة)، كما حقق إنتاجها من الغاز الطبيعي زيادة بنسبة 3.7% حيث سجل حوالي 27.8 بليون مكعب.
          أما المملكة المتحدة فقد ارتفع إنتاجها من الزيت الخام عام 1995 بحيث وصل إلى 2.7 مليون برميل يومياً، وإنتاجها من الغاز الطبيعي ارتفع بنسبة 12% ليبلغ حوالي 79 بليون متر مكعب مما جعلها تحتل المركز الأول بين دول بحر الشمال الأربع في إنتاج الغاز لأول مرة.
          وتبذل هولندا جهوداً مكثفة للحفاظ على مستوى إنتاجها من الغاز الطبيعي فقد كانت منذ عام 1993 تعتبر أكبر دول بحر الشمال إنتاجها للغاز. وقد استطاعت بالكاد أن تحافظ على مستوى إنتاجها خلال عام 1995 حيث انخفض بنسبة ضئيلة ليسجل 78.3 بليون متر مكعب. أما إنتاجها من الزيت الخام 75000 برميل يومياً.
هذا بالنسبة لارتفاع إنتاج دول منطقة بحر الشمال حتى عام 1995
          أما بالنسبة للدول المنتجة خارج أوبك ككل، فإن كثيراً من المحللين يعتبرون أن منظمة أوبك كانت ضحية للثورة التكنولوجية.
          كيف يكون ذلك؟ من الحقائق المؤكدة في صناعة البترول تضاعف قدرة الخامات المنتجة من الدول خارج أوبك على المنافسة في الأسواق العالمية خلال السنوات العشر الماضية. ويرجع ذلك بصفة أساسية إلى الثورة التكنولوجية والإدارية في مجالات تحديد احتمالات العثور على البترول، وتكاليف الحفر والاستكشاف والإنتاج في المياه العميقة جداً. هذا بالإضافة إلى تحسين الإنتاجية مع خفض تكاليف الإنتاج من مصادر استخراج البترول غير التقليدية مثل استخراج الخامات الثقيلة جداً، ورمال القار التي يوجد احتياطيات ضخمة جداً منها.
          وحين قامت ثورة الأسعار في منتصف الثمانينات لإبعاد المنتجين الصغار من مجال المنافسة، كانت تكاليف استخراج البترول من خارج أوبك تتراوح بين 6 إلى 20 دولاراً للبرميل في مقابل ما يتراوح بين دولار واحد وستة دولارات للبرميل لخامات دول أوبك.
وبعد مرور عشر سنوات ماذا حدث؟

  • انخفضت تكاليف استخراج البترول في الدول المنتجة خارج أوبك إلى ما يتراوح بين 5 دولارات ـ 10 دولارات. بينما لم يطرأ أي تغيير على تكاليف استخراج برميل البترول داخل دول أوبك.
  • انخفضت تكاليف طرق الاسترجاع المحسن وإنتاج رمال القار مما يتراوح بين 20 ـ 24 دولاراً في منتصف الثمانينات إلى ما يتراوح بين 10 ـ 16 دولاراً للبرميل في عام 1995.
  • مكَّنت التكنولوجيا الحديثة وارتفاع الإنتاجية شركات البترول من خفض التكاليف الإجمالية بمعدل دولار واحد سنوياً لكل برميل مكافئ من البترول منذ بداية التسعينات وحتى الآن.

وهذه بعض الأمثلة التي تؤكد هذه الاتجاهات:

  • انخفاض معدل السنوات التي تستغرقها عمليات تنمية الحقل من نحو 5 ـ 7 سنوات إلى 2 ـ 3 سنوات فقط.
  • في خلال الفترة من 1989 ـ 1995 تضاعف حجم الغاز المكتشف من حفر متر واحد ثلاث مرات، بينما انخفضت تكاليف حفر المتر الواحد بنسبة 20%.

          وكانت نتيجة تطور أساليب الحفر والإنتاج وخفض تكاليف استخراج البترول على هذا النحو، أن ارتفع إنتاج الدول خارج أوبك حتى وصل إلى 50 مليون برميل يومياً. وتراجعت بذلك القدرة التنافسية التي كانت تتمتع بها دول الخليج العربي أعضاء أوبك. وعلى سبيل المثال: فقد سجلت واردات البترول الأمريكية في عام 1995 حوالي 8.8 مليون ب/ ي بلغ نصيب دول أوبك ككل 4.2 مليون ب/ي (كان نصيب الدول العربية أعضاء أوبك نحو 1.8 مليون ب/ي، ونصيب باقي دول أوبك 2.4 مليون ب/ي) بينما سجلت صادرات الدول غير الأعضاء في أوبك نحو 4.6 مليون ب/ي.
          وفي هذا الصدد تشير البيانات الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إلى أن الدول العربية أعضاء أوبك بدأت تفقد الكثير من حصتها لصالح المنتجين خارج أوبك ومنتجي أوبك الآخرين .
          وفي عام 1995 حدثت اجتماعات ومؤتمرات. وعلى الرغم من أنها تتفاوت في الأهمية، إلا أنه من الأفضل ذكرها على أنها مجرد وقائع في سجل صناعة البترول، ولكونها دليلاً على الاهتمام بهذه الصناعة. ولا غرابة في ذلك فقد قِيل إن البترول عصب الحياة منذ اكتشافه إلى ما بعد القرن العشرين بقليل. وسوف يقاسمه هذه الأهمية الغاز الطبيعي في القرن الواحد والعشرين وقد يتفوق عليه.
خلال الفترة من 11 ـ 13 مارس 1995
عُقد المؤتمر التاسع لبترول الشرق الأوسط في مدينة المنامة بالبحرين
وجدير بالذكر أن هذا المؤتمر يعقد بصفة دورية كل عامين منذ مارس 1979، وتنظمه جمعية مهندسي البترول العالمية وفرعها بالشرق الأوسط.
وقد عقد المؤتمر تحت شعار: "الاستغلال الأمثل للمصادر في ضوء التكاليف المعاصرة".
تناولت جلسات المؤتمر مناقشة ما يقرب من 130 بحثاً فنياً في شأن مجالات الاستكشاف والحفر والإنتاج والخزانات وحماية البيئة والأمن الصناعي وباقي الأنشطة المصاحبة لصناعة البترول. كما خصص المؤتمر حلقة نقاشية لكيفية التكيُّف مع ظروف السوق العالمي في ظل المتغيرات التي يشهدها .
في 19 مايو 1995
          أصدر المؤتمر الأول لوزراء الطاقة الأفارقة في ختام اجتماعاته في تونس بياناً رسمياً، أطلق عليه بيان تونس، حث فيه على تطوير التعاون بين الدول الأفريقية في قطاع الطاقة، وتنفيذ مشروعات وخطط إقليمية لتحقيق التكامل بين الدول التي تتوافر فيها مصادر مختلفة للطاقة.
          وأكدت الوثيقة الرئيسية للمؤتمر ـ التي أعدها بنك التنمية في أفريقيا بالتعاون مع اللجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية ـ أن 24 دولة أفريقية تملك احتياطيات من البترول والغاز إلا أن الفوارق بينها شاسعة.
          وأشار إلى أن القارة الأفريقية تمتلك 6% من احتياطيات البترول العالمية، بينما تمتلك منطقة الشرق الأوسط 65%، وأمريكا اللاتينية 13% وأمريكا الشمالية 3%، وآسيا 5%، وأوربا الشرقية (سابقاً) 6%، وأوربا الغربية 2% فقط.
          وذكرت الوثيقة أن الإمكانيات المحدودة لغالبية الدول الأفريقية، وغياب سياسات بترولية مشتركة حالا دون تطوير قطاع الطاقة في أفريقيا، مستندة إلى ضآلة عمليات التنقيب ومحدودية المسح الجيوفيزيائي للقارة مما أدى إلى ضعف اهتمام الشركات البترولية العالمية باستخراج الثروات النفطية الأفريقية.
          أشارت إلى أن منطقة شمال أفريقية ونيجيريا تستأثران بالجانب الأعظم من الاحتياطيات البترولية والغازية في أفريقيا (90% من البترول، 80% من الغاز)
          بالنسبة لحصة أفريقيا من الإنتاج العالمي للغاز الطبيعي فقد قدِّرت بنسبة 7% بالمقارنة بنسبة 31% في منطقة الشرق الأوسط.
          أوضحت الوثيقة أن استهلاك أفريقيا من البترول يمثل 3% فقط من لاستهلاك العالمي، وتستهلك أفريقيا نسبة 30% من إنتاجها البترولي، وتصدِّر الجانب الأكبر خاماً أو مكرراً إلى الدول الصناعية.
          ما يمثل استهلاك الغاز الطبيعي نسبة 1.8% من إجمالي الاستهلاك العالمي، مما يعني وجود اختلال كبير بين الاحتياطيات المتوافرة (7% من الاحتياطي العالمي) ونسبة الاستهلاك (1.8%)، خصوصاُ وأن الجهود التي تبذلها كل من مصر والجزائر للاستفادة من الغاز الطبيعي هي التي أتاحت الوصول إلى النسبة الحالية على ضآلتها.
وطرحت الوثيقة أربع وسائل لتجاوز الوضع الراهن وهي:

  1. حل مشكلة استثمار الإمكانات المتوافرة في القارة.
  2. استخدام الغاز الطبيعي كبديل مستقبلي يهيء لمرحلة انتقالية في سياسات الطاقة.
  3. إنشاء سوق نفطية أفريقية مندمجة.
  4. تنمية الصناعات البتروكيميائية الأفريقية بتكرير المواد الأولية المستخرجة وتصنيعها محلياً .

خلال الفترة 25 ـ 27 سبتمبر 1995
عقدت الدول المنتجة للبترول والدول المستهلكة له اجتماعاً في فنزويلا، وتناولت المحادثات ثلاثة موضوعات رئيسية:

  • صناعة البترول والغاز في العالم وأثرها على النمو الاقتصادي في الدول المنتجة.
  • التكنولوجيا وأثرها على صناعة البترول والبيئة.
  • تكامل العلميات الاستثمارية في الصناعة البترولية.

          وأكدت توصيات المؤتمر على أهمية مواصلة الحوار وحاجة العالم إلى مصادر جديدة للبترول والغاز بما يلبي نمو الطلب عليهما، وتطوير التكنولوجيا بما يعمل على تحسين الإنتاج وتخفيف التلوث.
          وقد أثبتت المناقشات أن الهوة لا زالت كبيرة بين الجانبين وهي تحتاج إلى مزيد من الحوار ليس فقط بين المنتجين والمستهلكين، وإنما أيضاً بين المنتجين أنفسهم لإيجاد ضمانات لاستثماراتهم في مجال البترول، وإيجاد منافذ تسويقية وتحقيق مستويات سعرية عادلة ومعقولة.
          وتجدر الإشارة إلى أهمية التنسيق بين الدول المنتجة خاصة وهي تواجه مشكلة التحيز الضريبي ضد البترول من قِبل الدول المستهلكة الرئيسية للطاقة مع تقلُّب وتدني مستوى الأسعار وتزايد الإمدادات من قِبل الدول المنتجة خارج أوبك دون الوصول إلى صيغة تساعد على خلق الاستعداد والتوازن في السوق البترولية.
خلال الفترة 13 ـ 18 أكتوبر 1995
عَقَدَ مجلس الطاقة العالمي مؤتمره السادس عشر في طوكيو باليابان تحت شعار:
"الطاقة لعالمنا المشترك: ماذا ينتظر منا المستقبل"
          شارك في أعمال هذا المؤتمر حوالي 4 آلاف مشارك يمثلون 84 دولة، بالإضافة إلى 19 مؤسسة وهيئة إقليمية ودولية، والعديد من الشركات البترولية ومنتجي مصادر الطاقة الأخرى المختلفة.
          وتجدر الإشارة إلى أن مؤتمر الطاقة العالمي يُعقد بصورة دورية كل ثلاث سنوات، ويتولى متابعة أوضاع الطاقة من خلال لجانه المكلفة بمتابعة ودراسة الموضوعات التي يحددها مجلس الطاقة العالمي بناء على طلب الأعضاء.
          استعرض المؤتمر أكثر من 400 بحث ودراسة تركزت على الطاقة والتنمية الاقتصادية، ومصادر الطاقة المستديمة مستقبلاً وزيادة كفاءة استخدام الطاقة والطاقة لمحيط بيئي أفضل. كما تناولت الدراسات نظرة شمولية لوضع الطاقة العالمية، وتطلعاتها المستقبلية حتى عام 2050، بالإضافة إلى عدد آخر من قضايا البيئة والطاقة.
خلال الفترة من 13 ـ 16 نوفمبر 1995
عقدت الأمانة العامة لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك) ندوة حول:
"خطوط الأنابيب لنقل المواد الهيدروكربونية في الدول العربية".
          عالجت الندوة مختلف المواضيع الفنية والاقتصادية المتعلقة بمد الأنابيب على الأراضي البرية وفي المناطق المغمورة، وطرق تشغيلها وصيانتها، والتطورات الفنية في هذه المجالات.
          قدم خبراء يمثلون شركات ومؤسسات عالمية ذات خبرة واسعة في مواضيع الندوة عدداً من الأبحاث الفنية. كما تضمن برنامج الندوة عدداً من الحالات الدراسية قدمها خبراء من الدول الأعضاء المشاركة في الندوة، بهدف تحقيق تبادل الخبرات.
          شارك في الندوة مختصون من: الإمارات العربية المتحدة، البحرين، الجزائر، المملكة العربية السعودية، قطر، الكويت، ليبيا، مصر، واليمن. إضافة إلى الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي والشركة العربية للاستثمارات البترولية.
من خلال الأوراق المقدمة والمناقشات التي دارت حولها يمكن استخلاص النتائج التالية:

  • حققت الدول العربية المنتجة للبترول تقدماً كبيراً في مجال مد شبكات أنابيب لنقل الزيت والغاز والمشتقات البترولية عبر أراضيها، كما امتد بعضها إلى الدول المجاورة وإلى دول أوربية.
  • أثبتت الأقطار العربية قدرتها على تشغيل وصيانة خطوط الأنابيب ترقى إلى المستويات العالمية. وقد اكتسبت خبرة واسعة في هذا المجال، كما تمكنت من تصميم وتنفيذ بعض المشروعات.
  • أبرزت البحوث بعض التكنولوجيات الجديدة التي تساعد على تطوير وصيانة شبكات الأنابيب،.
  • ركزت الأبحاث المقدمة إلى الندوة على أهمية التفتيش على شبكات خطوط الأنابيب، وإجراء الصيانة الدورية عليها، وعدم الإهمال في ذلك تفادياً لحدوث أضرار مادية وبيئية.
  • أتاحت الندوة للمشاركين فرصة تبادل الآراء بصورة مباشرة مع الخبراء الأجانب.




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69673
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Empty
مُساهمةموضوع: رد: البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول   البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Emptyالإثنين 07 مارس 2016, 10:49 pm

الفصل السادس
أسعار البترول في التسعينات بين التحسن والهبوط وأثرها على الاقتصاد العالمي


أحداث عام 1996
اتجاهات السوق والأسعار وتجاوز حصص الإنتاج

  • في يناير 1996 ارتفع إنتاج أوبك من الزيت الخام إلى نحو 25.75 مليون برميل يومياً،في مقابل 25.50 مليون برميل يومياً في ديسمبر 1995 و 25.47 مليون برميل يومياً في نوفمبر 1995

          بذلك تجاوز إنتاج دول أوبك في هذه الشهور الثلاثة الحصص الإنتاجية المقررة لها، والتي تبلغ نحو 24.52 مليون برميل يومياً، بنحو 1.24 مليون برميل يومياً.
          كان ارتفاع إنتاج السعودية إلى نحو 8.1 مليون ب/ ي بسبب ملء مستودعات التخزين الخاصة بشركة أرامكو السعودية في منطقة البحر الكاريبي.
          وكان ارتفاع إنتاج الإمارات بسبب إعادة تشغيل تسهيلات الإنتاج بعد إغلاقها المؤقت بسبب عمليات الصيانة.
أما دول أوبك الأخرى فقد زاد إنتاجها تجاوزاً كما هي العادة بعدم الالتزام بالحصص المقررة.
          وعلى الرغم من ذلك فقد سجل متوسط السعر الفوري لسلة خامات أوبك السبعة[1] حوالي 18.06 دولاراً للبرميل في شهر يناير 1996 بزيادة قدرها 30 سنتاً للبرميل على متوسط شهر ديسمبر 1995، الذي كان يبلغ 17.76 دولاراً للبرميل. وذلك وفقاً للأرقام الصادرة عن سكرتارية أوبك.
وجهات النظر السائدة بين أعضاء دول أوبك
ويبدو أن هذه الزيادات الأخيرة في الأسعار ترجع إلى أسباب طارئة لن تلبث أن تزول.
          إن ارتفاع أسعار البترول الخام إلى معدلات قياسية لم تحققها منذ زمن بعيد، أغرى أعضاء أوبك بأنه يعكس ارتفاعاً حقيقياً في الطلب العالمي على البترول، واعتبروا ذلك مبرراً كافياً لزيادات مقابلة للإنتاج.
          كانت وجهة النظر الصائبة ـ وتمثلها إيران ـ تدعوا إلى تثبيت سقف إنتاج أوبك وقتئذ، الذي تقرر منذ سبتمبر 1993 ويبلغ 24.52 مليون ب/ ي، وذلك بهدف تغطية الطلب الفعلي على بترول أوبك خلال الربعين الثالث والرابع من عام 1996، حيث يدور الطلب حول 23.7 مليون ب/ ي و 25.6 مليون ب/ ي على التوالي، مع الأخذ في الاعتبار التجاوزات الفعلية لحصص الإنتاج والتي تقدر بنحو 1.5 مليون ب/ ي. وبهذا التصرف يمكن إحكام السيطرة على الأسعار كما أنه يمهد السبيل لاحتمالات عودة صادرات البترول العراقية إلى الأسواق، التي ستَفْرض على دول أوبك خفضاً جبرياً على الإنتاج.
أما من وجهة النظر الثانية فقد انساقت وراء احتمالين هما:

  • ارتفاع معدلات إعادة بناء المخزون الاحتياطي في الدول الصناعية المستهلكة للبترول عن المعدلات العادية خلال الربع الثالث من العام.
  • والارتفاع الموسمي في الطلب على البترول خلال الربع الأخير من العام لقرب حلول فصل الشتاء.

          كان هذا الاتجاه يروق لبعض دول الخليج، التي ترى اعتماد معدلات الإنتاج في ذلك الوقت التي تقدَّر بنحو 26 مليون برميل يومياً سقفاً جديداً للإنتاج خلال النصف الثاني من عام 1996 مع إعادة توزيع الحصص على الأعضاء.
          أما وجهة النظر الثالثة  ـ التي كانت تؤيدها فنزويلا ـ فترى التخلص من قيود الإنتاج وإعادة النظر في تحديد دور أوبك في صناعة الطاقة في ضوء إعادة توزيع حركة البترول العالمية وفق أسس إقليمية تحقق التكامل الجغرافي بين مناطق الإنتاج والاستهلاك.
          معنى هذا، أن هذا الرأي يؤيد نبذ فكرة حصص الإنتاج. وهذا يُعد بمثابة مخاطرة بمستقبل أوبك وبالأسعار، فلم يعد لدى دول أوبك المقدرة المالية على مواجهة انهيار آخر في الأسعار وتكرار ما حدث في مسنتصف الثمانينات.
خلال الفترة من 5 ـ 7 يونيه 1996
          عقد وزراء دول أوبك اجتماعهم العادي نصف السنوي رقم 100 بفيينا لبحث السقف الإنتاجي لأوبك وحصص الدول الأعضاء للنصف الثاني من عام 1996، في ضوء وجهات النظر الثلاث سالفة الذكر.
          وتوصلوا إلى اتفاق على سقف إنتاج جديد يبلغ 25.033 مليون ب/ ي بدلاً من السقف القديم الذي كان يبلغ 24.52 مليون ب/ ي، وهي زيادة تكفي لاستيعاب عودة العراق الجزئية إلى سوق البترول العالمي دون الضغط سلبياً على الأسعار، مع تجميد جميع الحصص بحيث تظل كما هي. ويسري هذا الاتفاق الجديد لمدة ستة شهور حتى نهاية ديسمبر 1996.
          وقد قرر وزراء أوبك إضافة حصة مقدارها 800 ألف ب/ ي للعراق. وبذلك يرتفع إنتاج العراق إلى 1.2 مليون ب/ ي، حيث كان ينتج وقتئذ 400 ألف ب/ ي لمواجهة الاستهلاك المحلي.
          كان من المتوقع أن يسفر عن إي قرار بزيادة إنتاج أوبك انعكاسات سلبية على سوق البترول العالمي. وعلى الرغم من زيادة السقف الإنتاجي الجديد إلى 25.033 مليون ب/ ي، (إلا أن الإنتاج الفعلي لدول أوبك ـ حسب تقرير الوكالة الدولية للطاقة ـ) كان 26 مليون ب/ ي، لكن أسواق البترول تفاعلت بشكل إيجابي مع السقف الإنتاجي الجديد، إذ ارتفعت أسعار البترول إثر الإعلان عن التوصل إلى اتفاق فارتفع سعر خام برنت في لندن يوم 7 يونيه 1996 إلى 18.15 دولاراً للبرميل.
          وعلى الرغم أن الأوساط البترولية توقعت صعوبة المحافظة على مستويات مرتفعة لأسعار البترول مع توقعات زيادة الإنتاج في دول أوبك وخارج أوبك، إلاّ أن هذه التوقعات لم تتحقق ولم تتأثر الأسعار.
          وقد زاد سعر خام برنت المؤرخ من 22.25 دولاراً في 9/ 9/ 1996 إلى 24.67 دولاراً للبرميل في 8/ 10/ 1996.
          كما ارتفع سعر خام العربي الخفيف (السعودية) من 20.62 دولاراً في 9/ 9/ 1996 إلى 22.75 دولاراً للبرميل في 8/ 10/ 1996
وفي يومي 27 و 28 نوفمبر 1996
عُقد الاجتماع الوزاري لأوبك رقم 101 في فيينا بالنمسا (انظر ملحق البيان الختامي لاجتماع أوبك الوزاري (101)، الصادر في 27 - 28 نوفمبر 1996).
          وقد قرر المؤتمر الإبقاء على سقف الإنتاج المتفق عليه وهو 25.03 مليون ب/ ي وحصص الدول الأعضاء حتى نهاية يوليه 1997.
          وعن اتجاهات الأسعار، فقد ورد في تقرير الوكالة الدولية للطاقة عن أوضاع السوق البترولي العالمي في ديسمبر 1996:
أنه في شهر نوفمبر 1996 كان سعر برنت المؤرخ 24.6 دولاراً وسعر برميل خام تكساس  25.3 دولاراً
          كما حقق متوسط السعر الفوري لسلة خامات أوبك السبعة في شهر نوفمبر 1996 نحو 22.24 دولاراً وذلك وفقاً للأرقام الصادرة من سكرتارية أوبك.
أما تقرير الوكالة الدولية للطاقة الصادر في شهر يناير 1997
          فقد أشار إلى زيادة إنتاج الدول الأعضاء في منظمة أوبك من الزيت الخام حوالي 26.60 مليون ب/ ي في شهر ديسمبر 1996 مقابل 26.14 مليون ب/ ي في شهر ديسمبر 1996.
          وبذلك تجاوز إنتاج أوبك سقف الإنتاج المحدد بـ 25.03 مليون ب/ ي وعزت الوكالة معظم الزيادة في إنتاج أوبك إلى زيادة إنتاج العراق بنحو 310 ألف ب/ ي بعد استئناف صادراته وعودتها للأسواق لأول مرة منذ ست سنوات. وقد سجل إنتاج العراق في شهر ديسمبر 1996 نحو 860 ألف ب/ ي بالمقارنة بنحو 550 ألف ب/ ي في نوفمبر 1996 (وهو إنتاج البترول للاستهلاك المحلي والصادرات المحدودة إلى الأردن).
          وكان إنتاج السعودية نحو 8.3 مليون ب/ ي بالمقارنة بحصتها التي تبلغ نحو 8 ملايين ب/ ي، وإنتاج إيران نحو 3.7 مليون ب/ ي  بالمقارنة بحصتها التي تبلغ نحو 3.6 مليون ب/ ي
كما زاد إنتاج فنزويلا ليسجل نحو 3.05 مليون ب/ ي  بالمقارنة بحصتها التي تبلغ نحو 2.36 مليون ب/ ي
          كما أشارت الوكالة الدولية للطاقة إلى زيادة العرض العالمي من الزيت الخام في شهر ديسمبر 1996 بنحو 1.3 مليون ب/ ي ليبلغ نحو 74.7 مليون ب/ ي، ويرجع ذلك إلى زيادة إنتاج أوبك والدول غير الأعضاء في أوبك.
          وأوضحت الوكالة أن بدء الإنتاج من الحقول الجديدة في بحر الشمال وأماكن أخرى وعدم إجراء أعمال صيانة أدى إلى زيادة الإمدادات من خارج أوبك إلى مستوى قياسي جديد بلغ 45.4 مليون برميل يومياً في شهر ديسمبر 1996.
          وعلى ذلك فإن من أسباب زيادة العرض العالمي من الزيت الخام ارتفاع إنتاج بحر الشمال وأمريكا اللاتينية في شهر ديسمبر 1996 بنحو 700 ألف ب/ ي، وتجاوز دول بحر الشمال مستوى الـ 7 ملايين ب/ ي لأول مرة. وكذلك ارتفع إنتاج الصين.
          ومن جهة أخرى أشارت منظمة أوبك إلى أن ارتفاع أسعار الزيت الخام في الأسواق العالمية لا يرجع إلى انخفاض العرض العالمي وإنما كان نتيجة لزيادة الطلب خاصة لأغراض التدفئة لمواجهة الطقس البارد في كل من أوربا وغرب الولايات المتحدة الأمريكية مما سيدعم الأسعار بشكل كبير ولفترة زمنية طويلة.
          وقد أشار التقرير الشهري لأوبك إلى ارتفاع أسعار متوسط سلة خامات أوبك من 23.14 دولاراً للبرميل إلى 24.2 دولاراً للبرميل في أوائل يناير 1997، وهو يعتبر سعراً قياسياً لم تحققه الأسعار منذ عام 1986 فيما عدا بعض فترات حرب الخليج الثانية.
          وأوضح تقرير منظمة أوبك أنه على الرغم من استئناف العراق تصدير بتروله لأول مرة، إلى جانب زيادة إنتاج حقول بحر الشمال، وكميات أخرى محدودة من منطقة خليج المكسيك، إلا أن الطلب كان أقوى، حيث استوعب هذه الكميات التي طرحت في السوق العالمي، مما جعل الأسعار تحقق مستويات قياسية بالمقارنة بما كانت عليه عام 1996.
عائدات دول أوبك البترولية في عام 1996
          شهد عام 1996 ارتفاعاً ملحوظاً في عائدات صادرات الدول الأعضاء في أوبك، حيث قفزت من 139.1 بليون دولار عام 1995 إلى 170.5 بليون دولار عام 1996 بزيادة بنسبة 22.6% محققة مستوى قياسي لم يسجل منذ 14 عاماً.
          ويرجع ذلك إلى ارتفاع مستوى أسعار سلة خامات أوبك إلى 21.33 دولاراً للبرميل مقابل 17.4 دولاراً للبرميل في عام 1995 بزيادة بنسبة 22.6% كما ترجع زيادة العائدات أيضاً إلى زيادة الإنتاج إلى حوالي 25.9 مليون ب/ ي بزيادة بنسبة 3.3% أعلى مستوى تحقق منذ 16 عاماً.
وفي أوائل أغسطس 1996
          صدر قانون أمريكي (داماتو) يقضي بفرض عقوبات على الشركات الأجنبية التي تتعدى استثماراتها في صناعة البترول والغاز في كل من إيران وليبيا 40 مليون من الدولارات في فترة عام.
          وقد أثار هذا القانون معارضة شديدة من دول الاتحاد الأوربي وكندا واستراليا وهي كلها دول حليفة للولايات المتحدة وتستنكر بقوة الإرهاب الدولي، ولكنها تفضل معالجة الوضع بالحوار وليس بفرض العقوبات.
          وتجدر الإشارة إلى التحدي السافر لهذا القانون، بتوقيع إيران وتركيا لصفقة الغاز التاريخية بينهما، التي تبلغ قيمتها 23 بليون دولار، والتي تستورد تركيا بموجبها الغاز الطبيعي من إيران لمدة 22 عاماً.
          وقد أعلنت تركيا أن اتفاقها مع إيران لا ينطوي على أي استثمار بل يقتصر دورها على مد خط أنابيب في الأراضي التركية ليتصل بخط نقل الغاز الإيراني إليها.
          وفي تجاهل صريح للقانون الأمريكي (داماتو) المشار إليه، وقَّعت شركة توتال الفرنسية في نهاية شهر سبتمبر 1997 عقداً مع الشركة الوطنية الإيرانية للبترول لتطوير حقل غاز جنوب فارس الضخم في المياه الإيرانية.
          وسوف تتولى الشركة الفرنسية (توتال) مسؤولية إدارة المشروع لتطوير الحقل الذي تقدَّر احتياطياته بنحو 8 تريليون قدم مكعب، ومن المتوقع أن يبدأ الإنتاج خلال عام 2001
          وقد أشار متحدث باسم توتال الفرنسية أن الصفقة التي تم توقيعها مع إيران تتفق مع القانون الفرنسي ولوائح الأمم المتحدة.
          وعلى جانب آخر أكد الدبلوماسيون الإيرانيون أن توقيع الاتفاق مع توتال يمثل تحدياً للعقوبات الأمريكية، التي تهدف إلى عزل صناعة الطاقة في إيران.
          وأضاف متحدث باسم الخارجية الفرنسية أن شركة توتال تحظى بتأييد الحكومة الفرنسية والاتحاد الأوربي في مواجهة قانون العقوبات الأمريكي. وأن تطبيق قانون داماتو سيشكل سابقة خطيرة في مجال التجارة في القانون الدولي. وأضاف بأن العقد صفقة تجارية وليس سياسية .
          وكذلك وقَّعت إيران اتفاقاً آخر مع باكستان لبناء معمل تكرير مشترك في باكستان طاقته 120 ألف ب/ ي.





الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69673
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Empty
مُساهمةموضوع: رد: البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول   البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Emptyالإثنين 07 مارس 2016, 10:51 pm

الفصل السادس
أسعار البترول في التسعينات بين التحسن والهبوط وأثرها على الاقتصاد العالمي

سجل موجز للمؤتمرات التي تم عقدها خلال عام 1996
في شهر يناير 1996
انعقد المؤتمر الرابع للبترول والغاز في البحرين.
          وقد أعدت الوكالة الدولية للطاقة IEA  دراسة تضمنت تقديراتها لطاقة إنتاج دول الشرق الأوسط الست الرئيسية خلال عام 2000 (السعودية ـ الكويت ـ العراق ـ إيران ـ قطر ـ الإمارات).
          أعربت الدراسة عن قدرة هذه الدول المنتجة للبترول على مواجهة الزيادة المتوقعة في الطلب العالمي على البترول عام 2010.
          وتجدر الإشارة إلى أن دول الشرق الأوسط لديها بالفعل الطاقات الإنتاجية الكافية، وبإمكانها تلبية الزيادة المتوقعة في الطلب بشرط أن تواصل مسيرة الإصلاح الاقتصادي. فهذه الدول الست تملك أكثر من 42% من تجارة البترول العالمية، وتنتج حوالي أكثر من ربع الإنتاج العالمي، وتكمن في أراضيها نحو ثلثي الاحتياطي العالمي الثابت من البترول.
          وقد أبدت الوكالة الدولية للطاقة في دراستها التي أعدتها في إطار المؤتمر المشار إليه مخاوفها تجاه الصعوبات التي من المتوقع أن تمثل عائقاً أمام هؤلاء المنتجين وتحُول دون قدرتهم على تلبية الطلب المتنامي والمتوقع على البترول. ولعل أهمها الصعوبات التي تواجه مركزها المالي والاستثمارات المطلوبة للتوسع المستقبلي في طاقات الإنتاج بالإضافة إلى التزامات خدمة الدين.
          وتضمنت الدراسة توقعات الطلب العالمي على البترول في عام 2010، حيث أشارت إلى أنه سيراوح ما بين 85 ـ 105 مليون برميل يومياً.
          والجدير بالملاحظة أن دول الشرق الأوسط تخطط لزيادة طاقتها بحوالي 5.3 مليون ب/ ي في عام 2000 لتصل إلى حوالي 28.2 مليون ب/ ي. وأن هذا التوسع يتطلب استثمارات مالية ضخمة تقدر بنحو 50 بليون دولار.
          وانتهت الدراسة إلى أن أغلب هذه الدول تعاني من انخفاض نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي، وعجز في ميزانياتها وتناقص في أصولها الخارجية وفي دخلها بالإضافة إلى زيادة النفقات العسكرية والتزامات خدمة الدين.
          ولكن هذه الدول ـ على الرغم من ذلك ـ ستكون قادرة على توفير الاستثمارات الضرورية اللازمة لزيادة طاقتها الإنتاجية، حيث انتهجت مؤخراً سياسات لإصلاح هياكلها الاقتصادية بمجموعة من الإجراءات تمثلت في ترشيد استهلاك البترول ورفع الأسعار المحلية وزيادة صادراتها البترولية وتنويعها، وتوسيع قطاع البتروكيماويات وتحديث البنية الأساسية وترشيد أوجه الإنفاق العام وخفض الإعانات المالية الحكومية وغيرها من الإجراءات اللازمة لتوفير تلك الاستثمارات المطلوبة.
في يوليه 1996
          كانت بداية عصر التحالفات الاستراتيجية بين شركات النفط. حيث أصدرت السعودية مرسوماً ملكياً بإدماج كافة حقوق شركة بترومين في مشروعات التكرير المشتركة، بالإضافة إلى معامل التكرير الخاصة بها داخل شركة أرامكو السعودية والتي سوف تقوم بجميع التزاماتها.
          وفي أغسطس 1998 تم الاندماج الضخم بين شركتي بريتش بتروليم وشركة موبل وفقاً لما تم الاتفاق عليه مع الاتحاد الأوربي، وذلك بتجميع موجودات الشركتين بقيمة دفترية مثبتة في الدفاتر يبلغ حجمها 5 ملايين دولار أمريكي. (تفاصيل هذا الموضوع في أحداث عام 1998)
وفي 10 سبتمبر 1996
          عُقد في سنغافورة مؤتمر بترول آسيا/ الباسفيك الثاني عشر. وترجع أهمية هذا المؤتمر إلى النمو الاقتصادي الكبير الذي تشهده منطقة شرق آسيا، الأمر الذي يجعل منها سوقاً رائجة للبترول. ونظراً لتقارب هذه المنطقة جغرافياً مع منطقة الخليج ـ ذات الاحتياطيات البترولية الهائلة ـ فإن ذلك يزيد من اعتماد كل من المنطقتين على الأخرى.
          وقد أشار وزير البترول السعودي في كلمته التي ألقاها في هذا المؤتمر إلى رغبة السعودية في زيادة الاعتماد المتبادل بينها وبين دول آسيا/ الباسفيك من خلال التكامل والمشاركة في المشروعات البترولية. وأشار إلى مشاركة السعودية في شركة sangyong لتكرير البترول في كوريا الجنوبية وفي مؤسسة بترون في الفلبين، هذا بالإضافة إلى المفاوضات الحالية مع شركات صينية وهندية من أجل تنمية مشروعات تكرير مشابهة.
          ويوضح ذلك استراتيجية السعودية التي تسعى إلى تنويع مصادر دخلها وعدم الاعتماد على صادراتها من البترول كمصدر وحيد للدخل عن طريق زيادة استثماراتها في المشاركة في مشروعات التكرير والبتروكيماويات والتسويق خارج السعودية.
وفي خلال الفترة من 6 ـ 8 ديسمبر 1996
          عُقد المؤتمر العالمي الخامس للطاقة بمنتجع جوا بالهند، وتناول قضايا مستلزمات الاستثمار والتكنولوجيا ومصادر الطاقة البديلة والبيئة.
          افتتح المؤتمر رئيس وزراء الهند بحضور 40 وزيراً وأكثر من 400 عضو من أعضاء الوفود والمشاركين من الدول المنتجة والمستهلكة للبترول والغاز في هذا المؤتمر.
ومن أهداف هذا المؤتمر:

  • العمل من أجل وجود سوق عالمية يسودها الاستقرار خاصة في أسعار الطاقة، التي تمثل حجر الزاوية في استمرار النمو الاقتصادي والمحافظة على البيئة.
  • العمل على مواجهة التحديات المستقبلية لسوق الطاقة من خلال التعاون الإيجابي بين المستهلكين والمنتجين، وتوفير حاجة السوق من الطاقة بما يؤدي إلى مصلحة الجانبين. ووضع أسس معينة لتنظيم هذا التعاون.

          وقد طرحت جريتي فاريمو وزيرة الطاقة النرويجية اقتراحاً بتحويل المؤتمر إلى هيئة تختص ببلورة سياسات الطاقة الدولية على نمط منظمة التجارة العالمية.
          كما طرحت أيضاً فكرة إنشاء صندوق دولي لبحث مصادر بديلة للطاقة، على أن يتم تجميع الأموال للصندوق عن طريق فرض ضريبة مقدارها سنت لكل برميل فقط.
          وقد انتهى المؤتمر على أمل ان تساهم الآراء التي طرحت خلال جلساته في تحقيق جزء ولو ضئيل من الهدف الرئيسي لهذه السلسلة من المؤتمرات وهو تشجيع الحوار والتشاور بين طرفي الاستهلاك والإنتاج في إطار عريض يربط بين الجوانب الاقتصادية ومتطلبات البيئة.
وفي 10 ديسمبر 1996
          استأنف العراق تصدير بتروله لأول مرة بعد مرور أكثر من ست سنوات على غزو العراق للكويت في 2 أغسطس 1990.
          وقد يكون من المناسب سرد ما حدث طوال هذه السنوات الست، وما أدى إلى تعطيل تصدير بتروله ـ إشباعاً لفضول القارئ، الذي يعتمل في نفسه سؤال فحواه: ما هي أسباب ذلك؟
          من المعروف أن العراق قد خضع للحصار والعقوبات الدولية المفروضة من قِبل الأمم المتحدة منذ أغسطس 1990 بعد عملية الغزو العراقي للكويت.
          وبعد مرور تسعة أشهر على قيام التحالف الدولي بضرب العراق، صدر قرار مجلس الأمن رقم 678 في عام 1991، وتقضي المادة 22 من هذا القرار برفع الحظر البترولي الكامل عن العراق بعد تلبية بغداد جميع متطلبات اللجنة الخاصة بإزالة أسلحة الدمار الشامل. وقد اعتبر العراق هذا القرار انتقاصاً من السيادة الوطنية للبلاد.
          أعقب هذا القرار صدور القرارين رقمي 706 و 712 في عام 1991. وينصان على السماح للعراق بتصدير ما قيمته 1.6 مليار دولار خلال فترة ستة أشهر وذلك للأغراض الإنسانية. ولكن المفاوضات حول تنفيذ هذين القرارين انتهت بالفشل لاختلاف وجهات النظر.
وفي نوفمبر عام 1993
          وافق العراق على تنفيذ القرار الذي يقضي بوضع أسلحة الدمار الشامل تحت رقابة الأمم المتحدة، وتوالت لجان التفتيش، ولم يسفر الأمر عن التمهيد لرفع الحظر الكلي عن العراق.
وفي أبريل 1995
          صدر قرار مجلس الأمن الشهير رقم 986 بالسماح للعراق بتصدير ما قيمته ملياري دولار على مدى ستة أشهر لشراء أغذية وأدوية تحت إشراف لجنة خاصة من الأمم المتحدة.
          وكان للدبلوماسية الفرنسية دور واضح لإقناع العراق بقبول القرار، الذي أُطلق عليه شعار "النفط مقابل الغذاء" على اعتبار أن قبول العراق هو المدخل الوحيد لبحث موضوع الحظر في مرحلة لاحقة.
وفي 4 فبراير 1996
          أعلنت بغداد رسمياً قبول مبدأ التفاوض، وبدأت جولة من المباحثات تم خلالها مناقشة عدداً من المسائل الفنية المتعلقة بتنفيذ القرار ثم توقفت على أن تُستأنف مرة أخرى في الحادي عشر من مارس 1996.
          خلال هذه الفترة، انحسرت عائدات العراق على قيمة صادراته إلى الأردن، التي لا تتجاوز 50 ألف برميل يومياً. كما انحسر إنتاج البترول الخام إلى نحو 600 ألف برميل يومياً لتغطية الاستهلاك المحلي والصادرات إلى الأردن.
          ونتيجة لتوقف العائدات البترولية إنهار الاقتصاد العراقي، لدرجة أن قيمة الدينار العراقي ـ الذي كان يوازي 3.2 دولاراً قبل الحرب ـ إنحدرت قيمته وأصبح الدولار الواحد يباع أحياناً بنحو 600 دينار عراقي. ولم يكن هناك بديل سوى قبول العراق تنفيذ قرار "النفط مقابل الغذاء".
جدير بالذكر ان ثلاثة من الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن وهي:
الصين وفرنسا وروسيا تؤيد تخفيف العقوبات المفروضة على العراق لدواع إنسانية.
          ويبدو أن الدوافع الإنسانية المشار إليها يقبع داخلها مصالح متبادلة. ففي حالة رفع الحظر عن العراق سوف ينكشف دور الشركات في مجال البحث والتنقيب والتنمية في صناعة البترول العراقية. فقد تم إنجاز اتفاقيتين بين العراق وشركتي "ألف أكيتان" و "توتال" لتطوير وتشغيل عدد من الحقول العملاقة التي تتجاوز احتياطياتها البترولية 30 بليون برميل. كما يقدَّر إنتاجها بنحو مليوني برميل يومياً.
          كما تجري محادثات بين شركات روسية وإيطالية لتطوير عدد آخر من الحقول بمجرد رفع الحظر الكلي عن العراق.
          وقد يرجع اهتمام الشركات الروسية إلى الديون القديمة المستحقة لموسكو، والتي تدور حول عشرة مليارات من الدولارات. هذا بالإضافة إلى أن الشركات الروسية والفرنسية تحاول أن تحصل على معاملة تفضيلية في العراق تفوق ما تحصل عليه في دول أخرى.
وفي 20 مايو 1996
          وقَّع العراق مذكرة التفاهم في شأن تنفيذ القرار رقم 986، الذي سمح للعراق ببيع بترول قيمته بليوني دولار لمدة ستة شهور لتلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية للعراقيين.
          وتجدر الإشارة إلى أن مذكرة التفاهم قد تضمنت التحفظات العراقية على القرار 986 من جهة تأكيد السيادة وسلامة الأراضي العراقية. وتضمنت كذلك التعديلات الأمريكية والبريطانية على مسودة المذكرة التي تم التوصل إليها في شهر أبريل 1996.
          وبموجب هذا القرار يُقتطع من عائدات بيع البترول العراقي حوالي 130 ـ 150 مليون دولار للأكراد في شمال العراق، ونسبة 30% من العائدات لصندوق تعويضات حرب الخليج، ونسبة أخرى لتغطية نفقات عمليات الأمم المتحدة في العراق.
          كما تنص مذكرة التفاهم على شروط بيع البترول وتوزيع عائداته بإشراف دولي في كل أنحاء العراق.
          إن كميات البترول العراقية المسموح بتصديرها تبلغ حوالي 700 ـ 750 ألف برميل يومياً عبر خط أنابيب تركيا، الذي كان منفذاً للبترول العراقي قبل الحرب، وعبر ميناء البكر في الجنوب. وسوف تتم مراقبة تدفق البترول عند محطات عدادات خط الأنابيب التركي وعند الموانئ المطلة على الخليج. وسوف تحوَّل العائدات من شركات البترول إلى حساب خاص للأمم المتحدة لشراء السلع الإنسانية.
          وفي شأن استيراد السلع مثل المواد الغذائية والأوربية، يتعين على العراق إعداد قائمة بها لكل المناطق، عدا المناطق الكردية في الشمال التي ستتولاها وكالات الأمم المتحدة.
          وافق الأمين العام للأمم المتحدة على الخطة العراقية لتوزيع المواد الإنسانية في إطار اتفاق النفط مقابل الغذاء ـ الذي وافقت عليه الأمم المتحدة في 20 مايو 1996 ـ مُزيلا بذلك عقبة كبيرة أمام إمكانية بدء تصدير حوالي 800 ألف برميل يومياً من البترول العراقي خلال شهر أغسطس 1996.
          ولكن مع عودة التوتر إلى شمال العراق، تم تجميد اتفاق النفط مقابل الغذاء حتى تعود الأوضاع إلى ما كانت عليه لضمان سلامة قوات الأمم المتحدة المكلفة بالإشراف على توزيع المواد الإنسانية على الأكراد.
          أما فيما يتعلق بمستويات الأسعار بعد تعليق قرار النفط مقابل الغذاء إلى أجل غير مسمى، فإنه بمجرد توارد الأخبار عن التحركات العسكرية الأمريكية وقيامها بقصف العراق، ارتفع سعر برميل مزيج برنت البريطاني إلى 22.75 دولاراً للبرميل، كما حقق سعر سلة خامات أوبك 21.94 دولاراً للبرميل خلال سبتمبر 1996.
          كانت هذه الزيادات لا ترتبط بالعوامل الاقتصادية المؤثرة في السوق، ولكنها زيادات يحركها الخوف من احتمالات تدهور الأوضاع. ومع ذلك فإن هذا الارتفاع الأخير في الأسعار كان يحمل في طياته عدداً من العوامل خلال الربع الثالث من عام 1996 متزامنة مع توقف الصادرات العراقية واقتراب فصل الشتاء في نصف الكرة الشمالي، ومن هذه العوامل:

  • ارتفاع الطلب العالمي على البترول وخاصة في الدول النامية سواء في منطقة آسيا/ الباسفيك أو في أمريكا اللاتينية.
  • إعادة بناء المخزون الاحتياطي في دول OECD.
  • انخفاض الإنتاج خارج أوبك.
  • إجراء عمليات الصيانة الموسمية للمنشآت البترولية في العديد من الدول المنتجة وخاصة بحر الشمال.

          بشمال العراق، أكدَّ نزار حمدون مندوب العراق في الأمم المتحدة أنه تم انسحاب القوات العراقية من شمال البلاد، وأن العراق لم يعد يعتبر الكويت إقليماً عراقياً، وأنه سيحترم الحدود بين البلدين، التي رُسمت بعد حرب الخليج. كما أكدَّ التزام بلاده بعدم التصدي لطائرات التحالف في منطقتي الحظر الجوي في شمال وجنوب العراق.
          على أثر ذلك، أستأنف العراق تصدير بتروله في 10 ديسمبر 1996 في إطار النفط مقابل الغذاء، الذي وقَّعت عليه بغداد مع الأمم المتحدة في 20 مايو 1996. وقد تم تصدير أولى شحنات البترول العراقي التي تبلغ نحو 450 ألف برميل يومياً، عبر ميناء يومورتاليك التركي. كما تم تصدير شحنة أخرى من البترول عبر ميناء البكر جنوبي البلاد يوم 15 ديسمبر 1996.
          وقد توقَّع خبراء البترول أن يبلغ صافي عائدات العراق من هذه الشحنات حوالي 1.2 بليون دولار كل ستة أشهر، بعد استقطاع نسبة 30% لصالح صندوق التعويضات التابع للأمم المتحدة، ونسبة 15% للأكراد في شمال العراق، ونسبة 2% لتغطية مستحقات العاملين بالأجهزة التابعة للأمم المتحدة بالعراق.
كما سيخصص نحو 800 مليون دولار من هذا المبلغ لشراء الأدوية والحاجات الأساسية.
          وقد شهدت أسعار البترول في الأسواق العالمية بعض الانخفاض في بداية التعاملات الفورية بعد استئناف العراق لتصدير بتروله. كما انخفض أيضاً سعر سلة خامات أوبك إلى 23.20 دولاراً للبرميل في مقابل 23.56 دولاراً للبرميل قبل وضع الاتفاق موضع التنفيذ.
          ومن الجدير بالذكر أن شركة "ألف أكيتان" الفرنسية قد وقعت عقداً مع شركة تسويق البترول العراقية "سومو" لشراء بترول العراق لمدة ثلاثة شهور.
          كما وقَّعت أيضاً شركة توتال الفرنسية عقداً مع العراق لشراء 30 ألف برميل يومياً بعد موافقة الأمم المتحدة.
          ورحبت تركيا ببدء تنفيذ قرار الأمم المتحدة حيث سيتيح لها الفرصة لتعويض خسائرها الناجمة عن الحظر المفروض على العراق.
          ومن المتوقع أن تتم الموافقة على طلب شركة نفط الكويت بمنحها نحو 600 مليون دولار تعويضاً عن الأضرار التي لحقت بها من جراء إشعال القوات العراقية النار في آبار البترول الكويتية في نهاية حرب الخليج، ولذلك بناءً على توصية صادرة عن هيئة من المحكمين المحايدين الذين عينتهم لجنة التعويضات التابعة للأمم المتحدة.
          ومن ناحية أخرى يؤكد كثير من المراقبين أن الولايات المتحدة قد حققت فائدتين أساسيتين من وراء هذا الاتفاق هما:
الأولى: التفاهم مع الدول الأوربية والعربية والأسيوية، التي كانت تحث على تنفيذ الاتفاق.
الثانية: تخلصت من الضغط الدولي الذي كانت تتعرض له لمراعاة الظروف الإنسانية للشعب العراقي.
          ولكن الولايات المتحدة الأمريكية في الوقت نفسه احتفظت من خلال الأمم المتحدة بضرورة تخلص العراق من جميع أسلحته المدمرة قبل رفع الحظر الشامل عنه.
          أما بالنسبة لردود أفعال الدول الخليجية المصدرة للبترول تجاه اتفاق "النفط مقابل الغذاء" فإن حكومات هذه الدول لا تنظر بعين القلق تجاه تدفق البترول العراقي في الأسواق مرة أخرى بعد توقف دام ست سنوات، كما أنها على ثقة من احتفاظها بعملائها.
          ومن الجدير بالذكر أيضاً تطبيق اتفاق "النفط مقابل الغذاء" يُعد أحد التغييرات الهامة فيما يخص الموقف الدولي من العراق، ولا يقل عنه أهمية الجانب العربي حيث تتجدد الدعوة إلى استيعاب العراق وعودته إلى الصف العربي بعد إزالة جميع الأسباب التي أدت إلى هذا الموقف.
وفي الرابع من يونيه 1997
          قرر مجلس الأمن تجديد الاتفاق الذي يسمح للعراق ببيع بترول قيمته بليوني دولار لمدة ستة شهور قابلة للتجديد، يخصص منها 70% لشراء أغذية وأدوية للشعب العراقي و 30% لتعويض المتضررين من الاحتلال العراقي للكويت، ولتمويل عمليات الأمم المتحدة في العراق، وذلك بموجب القرار رقم 986. ويأمل العراق، نظراً لالتزامه بجميع تعهداته حيال الأمم المتحدة، رفع العقوبات المفروضة على صادراته النفطية تطبيقاً للمادة رقم 22 من قرار مجلس الأمن رقم 678.
          وتجدر الإشارة إلى أنه طبقاً لشروط الاتفاق، الذي بدأ تنفيذه في ديسمبر 1996 قام العراق بتصدير حوالي 120 مليون برميل منذ بدء تنفيذ مذكرة التفاهم في 10 ديسمبر 1996، منها حوالي 54 مليون برميل خلال الثلاثة شهور الأولى من عام 1997 و 66 مليون برميل في الشهور الثلاثة التالية. ويرجع ذلك إلى انخفاض أسعار البترول.
          ومن الجدير بالذكر أن العراق قد وقَّع خلال فترة الاتفاق 51 عقداً منها 33 عقداً في الشهور الثلاثة الأولى لسنة 1997 و 18 عقداً في الشهور الثلاثة التالية.
          وقد بلغت عائدات العراق خلال تلك الفترة حوالي 1.07 مليون دولار. وعلى الرغم من هذا فقد عانى العراق من الإيقاع البطيء لإقرار عقود شراء الأغذية والأدوية والسلع الأساسية الأخرى من إيرادات مبيعات النفط، حيث لم يتلق العراق حتى أواخر مايو 1997 سوى ثلث المواد الغذائية المحددة بموجب الاتفاق، ولم يبدأ وصول المواد الغذائية إلا في 20 مارس 1997 والأدوية في 9 مايو 1997.
          وقد وافقت لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة على 300 عقد فقط من إجمالي 540 عقداً قدمتها بغداد وتم تنفيذ أربعين عقداً فقط منذ بدء تطبيق الاتفاق. وبالنسبة للأدوية فإن منظمة الصحة العالمية بدأت في توزيعها على العراقيين حيث أنها مكلَّفة بتوزيع أدوية قيمتها 28.8 مليون دولار وتجهيزات طبية قيمتها 6.4 مليون دولار طبقاً لاتفاق النفط مقابل الغذاء مع الأمم المتحدة.
          أما عن تطبيق تجديد اتفاق "النفط مقابل الغذاء" الذي وافق عليه مجلس الأمن في 4 يونيه 1997 (من يوليه حتى ديسمبر 1997) فقد شهد جدالاً بين الجانبين، حيث تأخر بدء تنفيذه لمدة شهرين احتجاجاً من العراق على تأخر خطط عمليات استيراد المواد الغذائية والأدوية التي أقرتها الأمم المتحدة، حيث طالب العراق بضرورة تعديل خطة توزيع المعونات قبل تدفق صادراته النفطية للأسواق العالمية.
وفي 15 أغسطس 1997
          استأنف العراق تصدير 700 ألف ب/ ي عبر خط الأنابيب العراقي التركي، الذي يبدأ من كركوك في شمال العراق إلى ميناء سيهان في تركيا، و 1.3 مليون ب/ ي عبر ميناء البكر المطل على الخليج.
          وتجدر الإشارة إلى أن ثلث عائدات النفط العراقية تستخدم لدفع التعويضات بموجب قرار الأمم المتحدة.
          كما أقرت الأمم المتحدة تخصيص مبلغ حوالي 6 بليون دولار للتعويضات وعدم السماح للعراق بزيادة صادراته إلا بعد دراسة تقرير لجنة إزالة أسلحة الدمار الشامل العراقية من قِبل الأمم المتحدة.
وفي أوائل ديسمبر 1997
          عقب تجديد مجلس الأمن الدولي اتفاقية النفط مقابل الغذاء للمرة الثالثة لمدة ستة شهور أخرى، والتي تسمح للعراق بتصدير ما قيمته بليوني دولار لتغطية الاحتياطيات الأساسية للشعب العراقي، قرر العراق وقف صادراته البترولية رداً على هذا القرار، الذي لم يطرأ عليه أي زيادة في صادراته البترولية.
          وصرح مصدر عراقي مسؤول بأن العراق قام بتصدير كميات البترول المقررة في المرحلتين الأولى والثانية. ولكن عقود هاتين المرحلتين للغذاء والدواء والاحتياجات الأساسية الأخرى لم يتم تنفيذها بشكل كامل. بل إن هناك عقوداً معلقة من المرحلة الأولى، في حين لم يُنفَّذ من عقود المرحلة الثانية إلا عدداً قليلاً. وأعلن بأن العراق لن يبدأ تصدير بتروله وفق المرحلة الثالثة لحين المصادقة على الخطة الثالثة وسرعة إنجاز العقود المتراكمة من المرحلتين الأولى والثانية.
          إن مجلس الأمن قد أرجأ إصدار أي قرار بشأن زيادة كمية صادرات البترول العراقية وفقاً لاقتراح فرنسا وروسيا إلى أن يقدم الأمين العام للأمم المتحدة تقريراً في نهاية يناير 1998 حول الموقف، ويتم بعد ذلك دراسة هذا الاقتراح.
          وقد أدى القرار العراقي بوقف صادراته إلى ارتفاع نسبي في مستويات أسعار البترول التي شهدت انخفاضاً عقب اتفاق دول منظمة أوبك في نوفمبر 1997 الذي عُقد في إندونيسيا بزيادة سقف الإنتاج بنحو مليونين ونصف برميل يومياً.
          وفي ظل حدوث أزمة بين العراق والأمم المتحدة بسبب عمليات التفتيش عن الأسلحة المحظورة وعلى المواقع الرئاسية العراقية، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة خطة جديدة تقضي بزيادة قيمة صادرات البترول العراقية من بليونين دولار كل ستة شهور إلى 5.2 بليون دولار لمواجهة الاحتياجات الأساسية للشعب العراقي.
          وبعد أن تم التوصل إلى اتفاق بين العراق والأمم المتحدة لإنهاء أزمة التفتيش على الأسلحة وموافقة الأمم المتحدة على الخطة الجديدة، أعلن العراق أن إمكانياته لا تسمح إلا بتصدير ما قيمته نحو 4 بلايين دولار لحاجة المنشآت البترولية العراقية إلى قطع غيار وأجهزة ومعدات التشغيل لصيانة محطات الضخ وإصلاح الآبار ومرافق التصدير تبلغ قيمتها في المرحلة الأولى 300 مليون دولار (210 مليون لإصلاح الآبار و 90 مليون دولار لشراء قطع غيار معامل التكرير).
          وفي ضوء هذه المطالب العراقية، قام فريق من خبراء الأمم المتحدة بزيارة لمنشآت العراق البترولية لدراسة أحوالها، وتم إعداد تقرير شامل تضمن أحوال الحقول والمنشآت البترولية ومعامل التكرير. انتهى إلى وجود فجوة بين حجم الإنتاج المطلوب لتصدير الكمية المسموح بها وبين القدرة الإنتاجية للحقول العراقية.
وفي 19 يونيه 1998
          أصدر مجلس الأمن القرار رقم 1175 يسمح بموجبه للعراق بشراء احتياجاته من المعدات وقطع الغيار المطلوبة بما قيمته 300 مليون دولار لتعزيز طاقته الإنتاجية وتنفيذ قرار المجلس الخاص بزيادة الصادرات العراقية بما قيمته 5.2 بليون دولار كل ستة شهور، إلاّ أن العراق اعترض على صيغة القرار حيث أنها تضمنت بعض التعديلات التي تعطي استمرارية لاتفاق النفط مقابل الغذاء، وهو ما يتعارض مع رغبة العراق لرفع الحصار في وقت قريب.
          وعقب صدور قرار مجلس الأمن المشار إليه أخذ العراق يستعد لزيادة صادراته البترولية، ففي شهر يوليه 1998 قام وزير النفط العراقي بزيارة لدمشق ـ في إطار الجهود المبذولة لاستئناف العلاقات الطبيعية بين البلدين ـ أدت إلى الاتفاق مع نظيره السوري على مذكرة تفاهم لإصلاح خط الأنابيب، الذي يمتد من حقول كركوك إلى مينائي بانياس وطرابلس. وكانت سورية قد أغلقته في أبريل 1982 إبان الحرب العراقية ـ الإيرانية 1980 ـ 1988.
وقد شملت مذكرة التفاهم ثلاث اتفاقيات تضمنت:

  • إعادة تأهيل خط الأنابيب العراقي ـ السوري.
  • وضع دراسة مشتركة لإقامة خط أنابيب جديد لنقل البترول العراقي عبر الأراضي السورية بطاقة تبلغ 1.4 مليون ب/ ي.
  • الاتفاق على إقامة معمل تكرير مشترك في بانياس بطاقة تبلغ 140 ألف برميل يومياً وبرأس مال سوري ـ عراقي.

          وقد حذَّرت الخارجية الأمريكية من أن إعادة فتح خطط كركوك ـ بانياس لا يدخل في إطار إمكانات التصدير العراقية المقررة من قِبل الأمم المتحدة في اتفاق النفط مقابل الغذاء.
          ولكن وزير النفط العراقي صرَّح رداً على ذلك، بأن ضخ النفط العراقي عبر سورية لن يحتاج إلى إذن خاص من لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة نظراً لحرص العراق على تضمين الاتفاق الذي تم توقيعه مع الأمم المتحدة في مارس 1996 على فقرة للسماح بضخ النفط العراقي عبر الأراضي السورية. وأضاف أن ضخ النفط عبر الأراضي السورية لا يتعارض مع أحد حيث يتم الضخ إلى ميناء سيهان التركي وكميات أخرى من موانئ على الخليج.
- وبالنسبة للعلاقات العراقية ـ الأردنية
          فقد تم توقيع اتفاق في 20 يناير 1997 بين العراق والأردن يقضي بتجديد اتفاق البترول، الذي يقوم العراق بمقتضاه بإمداد الأردن بالبترول بشروط ميسرة في مقابل حصوله على سلع وخدمات أردنية.
          ووفقاً للاتفاق الذي وُقِّع في بغداد تصل واردات الأردن من البترول في عام 1997 نحو 32 مليون برميل (88 ألف برميل يومياً) من الزيت الخام والمنتجات البترولية. وقد بلغ السعر المتفق عليه لعام 1997 بنحو 19.10 دولاراً للبرميل مقابل 15.25 دولاراً للبرميل في عام 1996.
          ووفقاً لبروتوكول التجارة بينهما، يقوم الأردن بسداد ما قيمته 225 مليون دولار في صورة صادرات غذائية ودوائية وخدمات نقل للعراق، ويسدد 70 مليون دولار كمدفوعات ديون عراقية للأردن التي تبلغ حوالي 1.3 مليار دولار.
- وخلال النصف الثاني من شهر يونيه 1997
          اتفق الجانبان العراقي والأردني عقب محادثات تمت بين وزيري البترول العراقي والأردني على زيادة الإمدادات البترولية العراقية للأردن بنسبة 7% في عام 1997، وتم الاتفاق على زيادة سعر البرميل إلى 19.5 دولاراً للبرميل.
- وفي عام 1998
          تم الاتفاق بين الجانبين ـ في إطار بروتوكول التعاون البترولي بينهما ـ على تنفيذ المرحلة الثانية منه لعام 1998، والذي ينص على قيام العراق بإمداد الأردن باحتياجاته البترولية المقدرة بنحو 75 ألف برميل يومياً.
          وقد أعلن وزير الطاقة الأردني ـ عقب توقيع الاتفاق مع العراق ـ أن احتياجات الأردن الإضافية من الزيت الخام تقدر بنحو 500 ألف ب/ ي لملء المستودعات الجديدة التي تم بناؤها في مدينة العقبة للزيت الخام والمنتجات البترولية.
          وتجدر الإشارة إلى وجود أسطول بري من السيارات الصهريجية مملوك للعراق والأردن يصل عدده إلى 4000 سيارة يقوم بنقل احتياجات الأردن البترولية المقدرة بنحو 4.8 مليون طن سنوياً. وتبلغ تكلفة النقل نحو دولارين للبرميل الواحد، وذلك بموجب استثناء خاص من قرار مجلس الأمن بالحظر الدولي على العراق في أغسطس 1990.
          وكما هو معروف، فإن العراق والأردن يرتبطان ببروتوكول بترولي وتجاري يقوم العراق بموجبه بتزويد الأردن باحتياجاته البترولية مقابل سلع وخدمات أردنية يتم تصديرها للعراق تبلغ قيمتها 255 مليون دولار.



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69673
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Empty
مُساهمةموضوع: رد: البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول   البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Emptyالإثنين 07 مارس 2016, 10:53 pm

الفصل السادس
أسعار البترول في التسعينات بين التحسن والهبوط وأثرها على الاقتصاد العالمي

أحداث عام 1997
اتجاهات السوق والأسعار
          أثار ارتفاع الأسعار عام 1996 اهتمام كثير من المحللين الاقتصاديين ودفعهم لمحاولة التعرف على العوامل والظروف التي أثرت على الأسعار وأدت إلى هذا الارتفاع، وعن مدى إمكانية استمرار هذا الارتفاع خلال عام 1997. وباستعراض أحداث عام 1997 تبين ما يلي:
          شهد عام 1997 عودة الصادرات العراقية إلى الأسواق في 10 ديسمبر 1996 لأول مرة بعد توقف دام ست سنوات منذ عدوان العراق على الكويت، الأمر الذي أجبر منظمة أوبك على إعادة توزيع الحصص الإنتاجية للدول الأعضاء حتى يتحقق التوازن في السوق.
          كما شهد عام 1997 أيضاً تحسن إنتاج الاتحاد السوفيتي السابق بعد الانخفاض الملحوظ الذي تحقق منذ عام 1989، وزيادة إمدادات الدول خارج أوبك وخاصة من بحر الشمال وأمريكا اللاتينية، مما سيحد من الطلب على بترول منظمة أوبك. ويرجع ذلك إلى زيادة مستوى الاستثمارات في عمليات التنقيب والإنتاج، التي نتجت عن العائدات الوفيرة التي تحققت خلال عام 1996 نتيجة لارتفاع الأسعار.
          وشهد عام 1997، ارتفاع الطلب على الطاقة بوجه عام وعلى البترول بوجه خاص، نتيجة لاستمرار النمو الاقتصادي في مناطق كثيرة من العالم خارج أوبك منها الدول النامية في آسيا ودول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية Organization for Economic Cooperation and Development OECD واليابان والصين وأمريكا اللاتينية وفي أفريقيا والشرق الأوسط وفي أوروبا الشرقية.
          أما الزيادة الحادة في الطلب العالمي على البترول خلال عام 1996 فقد أدت إلى ارتفاع إنتاج أوبك من الزيت الخام إلى حوالي 25.8 مليون برميل يومياً، وإنتاج الدول خارج أوبك من البترول في عام 1996 إلى 42.1 مليون برميل يومياً.
          وفي عام 1997 زادت إمدادات الدول خارج أوبك إلى حوالي 44 مليون ب/ ي أما دول أوبك ـ ففي ظل زيادة الطلب العالمي وزيادة إنتاج الدول خارج أوبك ـ فقد زادت إنتاجها إلى ما يقرب من طاقتها الإنتاجية القصوى، الأمر الذي يشكِّل تحدياً لها يتمثل في تخفيض الحصص، ويضاعف من هذا التحدي تجاوز بعض دول أوبك للحصص المقررة لها.
          وإذا كان متوسط سعر تصدير سلة خامات أوبك قد سجَّل
في شهر ديسمبر 1996، 23.51 دولاراَ للبرميل فإنه في شهر يناير 1997، انخفض إلى 23.19 دولاراَ للبرميل، وفي شهر فبراير1997، 20.48، وفي شهر مارس 1997، 18.64 وفي شهر أبريل 1997، 17.46.
          مؤدى ذلك أن أسعار البترول العالمية شهدت خلال فبراير ومارس وأبريل 1997 هبوطاً تدريجياً من أعلى مستويات حققتها منذ 6 سنوات. وذلك ضمن موجة يرى بعض المحللين أنها تمثل عودة السوق البترولية إلى مجرياتها الطبيعية في ظل ارتفاع مخزون البترول في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية. إضافة إلى زيادة إمدادات البترول وتباطؤ الطلب العالمي بعد انتهاء فصل الشتاء الذي كان معتدلاً.
خلال 25 ـ 26 يونيه 1997
          أنهى مؤتمر دول أوبك الوزاري العادي رقم 102 في فيينا أعماله بالاتفاق على الإبقاء على سقفف الإنتاج وهو 25.03 مليون ب/ ي، وبنفس الحصص الإنتاجية للدول الأعضاء لمدة ستة شهور أخرى تبدأ من أول يوليه 1997 للمحافظة على استقرار أسعار البترول في الأسواق العالمية.
          وقد سبق عقد هذا المؤتمر نشاط مكثف لرئيس منظمة أوبك وزير البترول الليبي مع سكرتير عام أوبك أسفر عن زيارات متعددة لعدد من دول أوبك من أجل تنسيق المواقف والتفاهم حول صيغة ملائمة للحفاظ على استقرار أسعار البترول ودعمها.
          وقد أعرب دكتور لقمان سكرتير عام أوبك ـ في مؤتمر صحفي ـ عقده بعد نهاية الاجتماع الوزاري، عن خطورة تجاوز الحصص الإنتاجية، لكنه عبَّر عن ثقته بالتزام جميع الأعضاء بتعهداتهم التي قدموها إلى المؤتمر، والتي أكدت على الحد من الإنتاج وخفضه إلى المستوى المتفق عليه.
وقد أشار وزير البترول الليبي في المؤتمر إلى تدهور معدل سعر سلة خامات أوبك من 24.3 دولاراً للبرميل في أوائل يناير 1997 إلى 16.9 في الأسبوع الثاني من أبريل 1997
زيادة سقف الإنتاج للمرة الأولى منذ عام 1993
ففي 26 نوفمبر إلى أول ديسمبر 1997
عُقد مؤتمر أوبك العادي رقم 103 في جاكرتا بإندونيسيا
          كانت المؤشرات تشير إلى عزم السعودية للضغط ـ ومعها كل من الإمارات والكويت ـ على باقي أعضاء أوبك من أجل زيادة سقف الإنتاج الذي ظل ثابتاً منذ عام 1993 (25.03 مليون ب/ ي). وتنحصر أسباب هذا الموقف فيما يلي:

  • قدرة السوق البترولي على استيعاب أكثر من مليوني ب/ ي على سقف الإنتاج المقرر الذي يبلغ 25 مليون ب/ ي.
  • بعض الدول أعضاء أوبك تتجاوز حصصها الإنتاجية بمقدار أكثر من مليوني ب/ ي وقد استوعبتها السوق. ولا زالت الأسعار مستقرة نسبياً.
  • حلول فصل الشتاء الذي يشهد عادة زيادة موسمية في الطلب العالمي على البترول.

          وسط هذه الظروف ولهذه الأسباب تقرر زيادة الحد الأقصى لسقف الإنتاج من 25.03 مليون ب/ي إلى نحو 27.5 مليون ب/ ي بزيادة بنسبة 10% خلال الشهور الستة الأولى من عام 1998.
          ولكن ليبيا والجزائر وإيران تحفظت على زيادة سقف الإنتاج ـ أثناء المناقشات ـ حرصاً على عدم انخفاض أسعار البترول بعد التحسن والاستقرار خلال العام الماضي 1996.
أما المحللون والمهتمون بشؤون البترول، فقد أعربوا عن عدم قلقهم إزاء حدوث هبوط حاد في الأسعار، والحجج التي يتذرعون بها هي:
·    إن قرار أوبك بزيادة سقف الإنتاج لن يكون كافياً لحدوث انهيار في الأسعار خاصة مع توقع استمرار النمو في الطلب العالمي على البترول خلال عام 1997 .

  • كما أن هناك بعض الدول في أوبك مثل إندونيسيا وإيران وليبيا من المتوقع ألاّ يزيد إنتاجها بنفس النسبة نظراً لصعوبة الوصول بطاقتها الإنتاجية إلى المستوى المطلوب .
  • وفي المقابل من المتوقع أيضاً حدوث تجاوز في الحصص الإنتاجية لكل من فنزويلا وقطر ونيجيريا.

          وفي النهاية فإن النتيجة الأساسية تتوقف على مدى احترام دول أوبك ككل لحصصها الإنتاجية المقررة، وكذلك على التعاون بين أوبك والدول المنتجة خارج أوبك لتحقيق الاستقرار والتوازن في السوق العالمي.
          هذه هي الآراء التي تم طرحها خلال المناقشات التي دارت في الاجتماعات خلال الفترة من 26 نوفمبر ـ أول ديسمبر 1997 (ستة أيام) التي استغرقها مؤتمر أوبك العادي.
نتائج قرار أوبك في نوفمبر 1997 بزيادة سقف الإنتاج
          كانت كل الدلائل تشير إلى حدوث زيادة في أسعار البترول خلال موسم الشتاء عام 1997/ 1998 نتيجة لزيادة الطلب العالمي. إلاّ أن العديد من العوامل والمؤثرات تدخلت لتؤدي إلى هبوط أسعار البترول إلى أدنى مستوياتها منذ أكثر من ثلاث سنوات مضت.
          أهم هذه العوامل أن دول أوبك لم تستوعب آليات السوق ولا الإنذار المبكر لانهيار الأسعار في أسواق البترول. وبدلاً من خفض إنتاجها للحفاظ على استقرار الأسواق قررت أوبك زيادة سقف الإنتاج بنسبة 10% في اجتماعها نوفمبر 1997 اعتباراً من أول يناير 1998 ولمدة ستة شهور.
          بعد هذه الزيادة في سقف الإنتاج حدث تراجع ملحوظ في أسعار البترول العالمية خلال الشهرين التاليين (ديسمبر 1997 ويناير 1998) حيث وصل متوسط سعر سلة خامات أوبك إلى 15 دولاراً للبرميل في بداية يناير 1998 مقابل 16.89 دولاراً للبرميل في ديسمبر 1997.
ثم توالى الانخفاض ليسجل 10.91 دولاراً للبرميل في منتصف مارس 1998
وفي 3   أبريل 1998    13.22 دولاراً للبرميل
وفي 10 أبريل 1998   12.40  دولاراً للبرميل
          أدى ذلك إلى تهافت الدول المنتجة داخل أوبك وخارجها إلى زيادة إنتاجها لتعويض انخفاض عائداتها. كما أعلنت وكالات الأنباء العالمية تجاوز بعض الدول مثل فنزويلا وقطر ونيجيريا، الأمر الذي نتج عنه زيادة المعروض من الزيت الخام.
          وقد تزامن ذلك مع استئناف العراق لصادراته البترولية بموجب اتفاق النفط مقابل الغذاء بعد تجميده من جانب العراق.
          وعلى جانب الطلب: أدى الركود الاقتصادي المتصاعد الذي يشهده اقتصاد دول منطقة جنوب شرق آسيا إلى انخفاض الطلب على البترول بنسبة 30% في الربع الأخير من عام 1997، مع العلم بأن اليابان كانت تستورد وحدها 50% من إنتاج دول الخليج من البترول.
          هذا وقد أضاف إلى حدة الأزمة انخفاض الطلب في دول أوروبا وأمريكا نتيجة لاعتدال الطقس خلال شتاء 1998.
          سادت حالة من القلق والترقب على أسواق البترول العالمية من جراء اختلال العرض والطلب وانخفاض الأسعار لدرجة أدت إلى اضطرار بعض الدول المنتجة إلى تعديل موازناتها التقديرية في ضوء الانخفاض الحاد للعائدات البترولية وصعوبة بالغة في التنبؤ بأسعار 1998.
          ولا شك أن انخفاض الأسعار قد أثَّر بشكل مباشر وأساسي على حجم الاستثمارات المطلوبة لتمويل الصناعة البترولية في شتى المجالات، وخاصة في مجال البحث والإنتاج لتغطية الاحتياجات في المستقبل.
          كذلك أصبح انخفاض الأسعار يشكل تحدياً لدول أوبك على وجه الخصوص لاعتماد معظم أعضائها على البترول كمصدر هام للدخل القومي. ويمكن القول إنه إذا ظلت أسعار البترول في تدنيها فإن دول أوبك لن تتمكن من تأمين الاستثمارات اللازمة للمحافظة على طاقاتها الإنتاجية أو تطوير طاقات جديدة تمكنها من تلبية الاحتياجات المستقبلية للدولة المستهلكة للبترول.
          أما عن التأثير المزدوج لانهيار الأسعار على الدول المنتجة والمستهلكة على حد سواء، فمن الطبيعي أن يؤدي انخفاض الأسعار إلى انخفاض عائدات الدول المصدرة للبترول وانكماش موازناتها. وبالتالي انخفاض معدلات التنمية الاقتصادية وتراجع القوة الشرائية من الدول الصناعية المستهلكة للبترول. وهذا يعني أن الكساد الذي يصيب الدول المصدرة للبترول ينتقل عدواه إلى الدول المستوردة بحيث يضر بصناعاتها لأنها لن تجد من تبيع له إنتاجها، وعليها في هذه الحالة ان تواجه المشكلة.
مؤتمرات واجتماعات عام 1997
          في 13 مارس 1997، نظَّمت مؤسسة الشرق الأوسط ـ التي تتخذ من ولاية واشنطن مقراً لها ـ مؤتمراً عن العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية ودول الشرق الأوسط واليابان نظراً للعلاقة الوطيدة بين هذه الدول اقتصادياً وسياسياً والمصالح المشتركة التي تربط بينها.
          وقد وُجهت الدعوة للعديد من الخبراء والسياسيين أبرزهم وزير الطاقة الأمريكي السابق جيمس شليسنجر، الذي تولى منصب وزير الدفاع خلال الفترة من 75 ـ 1997، قبل أن يصبح وزيراً للطاقة خلال الفترة من 77 ـ 1979.
          وقد وجَّه شليسنجر انتقادات عنيفة إلى سياسة الولايات المتحدة الأمريكية حيال منطقة الخليج العربي. وأوضح أن العقوبات الأمريكية قد أدت ـ على عكس ما تهدف ـ إلى زيادة دخل إيران من البترول بحوالي 2.5 بليون دولار حيث تسببت في ارتفاع الأسعار. وأن اتباع سياسة متشددة فيما يتعلق بدخل العراق والمواد الغذائية والطبية، التي يحتاج إليها الشعب العراقي، تؤدي إلى الإساءة إلى الصورة الأمريكية لدى الشعوب العربية، على الرغم من أن عدداً كبيراً من الحكومات العربية يؤيد هذه السياسة ولكن على مضض.
          وأضاف بأنه لا غنى لمنطقة الخليج عن المظلة الأمنية الأمريكية على الرغم من أن ثلثي بترولها يُصدَّر إلى آسيا، وأنها ستبقى القوة الرئيسية التي تضمن أمن الخليج على الرغم من تراجع وارداتها منها.
          كما أوضح الآثار المترتبة على فرض العقوبات الأمريكية على العراق وإيران بأنها تهدد بنسف أمن الطاقة في الدول المستوردة للبترول، وخاصة بالنسبة لليابان التي تعتمد بدرجة كبيرة على بترول الشرق الأوسط في تغطية 76% من احتياجاتها على عكس الولايات المتحدة الأمريكية، التي تعمل على تنويع مصادرها البترولية حيث لا تعتمد على بترول الشرق الأوسط إلاّ في تغطية 12% فقط من احتياجاتها البترولية.
وفي أوائل شهر مارس 1997
          عُقد مؤتمر الشرق الأوسط للنفط والغاز في أبوظبي، حيث دعت دولة الإمارات إلى فك الارتباط بين أسعار الغاز وأسعار النفط الخام، للحصول على سعر أفضل للغاز.
وخلال الفترة من 17 ـ 19 مارس 1997، عُقد مؤتمر الدوحة الدولي الثاني للغاز الطبيعي تحت شعار: "غاز الشرق الأوسط ... الآفاق والتحديات"
          وفي شهر مايو 1997، اجتمع وزراء الدول الأعضاء في الوكالة الدولية للطاقة في باريس. حيث تلقوا تحذيراً من التقاعس عن حماية أمن الطاقة، الذي لا يزال على قمة أولويات الوكالة.
          وسبب ذلك أن ألمانيا وضعت خطة لبيع حوالي 7.3 مليون طن من البترول تمثل نسبة 20% من إجمالي الاحتياطي الاستراتيجي على مراحل كوسيلة لخفض العجز في الميزانية للوفاء بمتطلبات الاقتراض الصارمة التي تقضي بها اتفاقية الوحدة النقدية والاقتصادية الأوربية.
          وأشار مسؤول بالوكالة الدولية للطاقة إلى أن هذا الاقتراح أمر مؤسف، موضحاً أن احتياطي ألمانيا ـ في حالة تنفيذ هذه الخطة ـ سيكفي استهلاك 90 يوماً فقط، وهو المستوى الذي حددته الوكالة.
          أشار بعض المحللين إلى أن الخطة الألمانية المذكورة تعكس موقفاً اكثر استرخاء بشأن أمن الواردات على مستوى كبير في أكثر اقتصاديات أوروبا اعتماداً على واردات البترول.
          ليس هناك تعليق على هذا التصرف سوى الإشارة إلى إصرار الوكالة الدولية للطاقة على ضرورة التزام الدول أعضائها بسياسة تنفيذ المخزون الاحتياطي الاستراتيجي وعدم التهاون في الاحتفاظ به حتى لا يزداد الطلب على البترول في السوق العالمي وتظل أسعاره منخفضة.
أحداث عام 1998
اتجاهات السوق والأسعار عام 1998
انخفاض متواصل في الأسعار
          شهد السوق البترولية وفرة في العرض العالمي يقابله في نفس الوقت تراجع في معدل نمو الطلب عليه، حيث من المتوقع أن يستمر انخفاض الأسعار خلال عام 1998 إلى مستويات دنيا لم تتحقق منذ سنوات طويلة.
          قد أشارت الوكالة الدولية للطاقة إلى ارتفاع المخزون التجاري من البترول في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD
إلى أعلى مستوياته في نهاية عام 1997، الذي لم يتحقق منذ عقدين ماضيين باستثناء عام 1994.
          قد أشار التقرير الشهري الصادر في يناير 1998 عن سكرتارية أوبك إلى انخفاض سعر سلة خامات أوبك في شهر يناير  1998  إلى 14.44 دولاراً للبرميل مقابل شهر ديسمبر 1997 16.84.
واستمر انخفاض أسعار سلة خامات أوبك حيث سجل في شهر فبراير 98، 13.93 دولاراً للبرميل
تقرير الوكالة الدولية للطاقة الصادر في أبريل 1998
          النسبة لمستويات الأسعار فلا زالت تسيطر عليها حالة من عدم الاستقرار فقد سجل متوسط سعر سلة خامات أوبك في الأسبوع المنتهي في 3 أبريل 1998 نحو 13.22 دولاراً للبرميل، وانخفض إلى 12.40 دولاراً للبرميل في 10 أبريل 1998.
كما استمر انخفاض خام برنت من 13.73 دولاراً للبرميل إلى 13.0 دولاراً للبرميل.
التقرير الشهري الصادر عن معهد دراسات الطاقة العالمي في 15 يونيه 1998
          النسبة لمستويات الأسعار فلا زالت السوق العالمية تشهد حالة من عدم الاستقرار وانخفاضاً ملحوظاً في الأسعار نتيجة لوجود فائض بترولي في الأسواق العالمية. وعلى الرغم من المحاولات المبذولة من جانب الدول المنتجة بخفض مستويات الإنتاج لامتصاص الفائض الموجود لم يتحقق النجاح المنشود.
          قد شهد السعر الفوري لخام برنت خلال شهري مايو ويونيه 1998 انخفاضاً متوالياً حيث سجل 14.55 دولاراً للبرميل في الأسبوع الثاني من مايو 1998.
14.38، في الأسبوع الثالث من مايو 1998.
13.58 في الأسبوع الثالث من يونيه 1998
كما سجل سعر خامات أوبك 13.16 دولاراً للبرميل في مايو 1998.
          على الرغم من بدء سريان اتفاق أوبك (يونيه 1998) بخفض الإنتاج بما مجموعه 2.6 مليون ب/ ي لمدة عام (تخفيضات أبريل ويوليه 1998) وإعلان بعض الدول خارج أوبك بخفض في معدلات إنتاجها بكميات متفاوتة، فلا زالت مستويات الأسعار تشهد انخفاضاً متوالياً في سوق البترول العالمي.
          يبدو أن هذه الإجراءات والتخفيضات المعلنة غير كافية لامتصاص الفائض البترولي الذي يضغط بشدة على مستويات الأسعار.
وتجدر الإشارة إلى انخفاض سعر خام برنت:
في 9 يوليه 1998  إلى  11.83 دولاراً للبرميل،
مقابل يونيه 1998    12.21 ،
ومايو      1998    14.43
كما واصل متوسط سعر سلة خامات أوبك انخفاضه في يونيه 98 إلى   11.65 دولاراً للبرميل. مايو 98     13.14
          يعتبر كثير من المحللين فشل المحاولات المستمرة للحد من انهيار أسعار البترول والعمل على إنعاشها دليلاً كافياً على تشبُّع السوق العالمي ووجود فائض بترولي يقدَّر بنحو 3 ملايين ب/ ي. وتشير التقارير إلى تزايد مخزون البترول لدى الدول المستهلكة باطراد على مدى عام 1998.
          انخفض سعر خام برنت إلى 11.12 دولاراً ثم إلى أقل من 10 دولارات للبرميل كما تراجع سعر سلة خامات أوبك إلى أقل من 9.5 دولاراً للبرميل في أوائل ديسمبر 1998.
انهيار حاد في عائدات أوبك
          خلال عام 1998 ساد عدم استقرار أسعار البترول وتدني مستوياتها وتأثيرها الخطير على صناعة البترول وعلى منظمة أوبك نظراً لاعتماد غالبية أعضائها على البترول كمصدر هام للدخل القومي.
          على الرغم من زيادة صادرات أوبك البترولية من 25.9 مليون برميل يومياً عام 1997، إلى 26.4 عام 1998، انخفضت عائداتها إلى 112.8 بليون دولار عام  1998،   مقابل 175.0   عام 1997.
          وعلى الرغم من التذبذب المستمر في مستويات الأسعار عام 1998 واتجاهها إلى الانخفاض المستمر، فقد سجل إجمالي إنتاج أوبك من الزيت الخام في 1998 نحو 27.9 مليون ب/ي مقابل في 1997 27.2.
          وتعزو هذه الزيادة بصفة أساسية إلى تجاوز بعض أعضاء أوبك وخاصة فنزويلا وإيران ونيجيريا للحصص الإنتاجية المقررة وعدم الالتزام بالتخفيضات التي أقرتها أوبك.
وقد تأثر مستوى متوسط أسعار سلة خامات أوبك بشدة حيث:
انخفض في شهر ديسمبر 98 إلى 9.69 دولاراً للبرميل
مقابل  نوفمبر   98             11.19
كما شهد عام 1999 استمرار الهبوط في أسعار البترول العالمية حيث:
انخفض سعر سلة خامات أوبك في فبراير إلى 9.84 دولاراً للبرميل.
Splithere
الموقف الحالي لمنظمة الأوبك في عام 1998
          بعد أكثر من ثلاث سنوات مضت (1995 ـ 1996 ـ 1997) شعرت خلالها الدول المصدِّرة للبترول داخل أوبك وخارجها بالاستقرار النسبي في سوق البترول ومستويات الأسعار بعد التذبذبات التي شهدتها سوق البترول العالمي في أوائل التسعينات، والجهود التي بذلتها أوبك ـ بالتعاون مع الدول خارجها ـ بتقييد حجم الإنتاج من أجل السيطرة على حجم المعروض، في الوقت الذي شهد فيه الطلب العالمي على البترول نمواً مستقراً أدى إلى ارتفاع مستويات الإنتاج، وأدى إلى تجاوز العديد من دول أوبك لحصصها الإنتاجية، بعد ذلك كله شهد الربع الأول من عام 1998 إنهياراً حاداً ومستمراً في مستويات الأسعار أقرب ما يكون لما حدث في عام 1986، أثَّر سلبياً على عائداتها البترولية، وخاصة بعد قيام أوبك في مؤتمر 1997 بإندونيسيا  بزيادة سقف الإنتاج بنسبة 10% ليصل إلى نحو 27.5 مليون ب/ ي.
          وتزامن ذلك مع استئناف العراق لصادراته البترولية بموجب اتفاق النفط مقابل الغذاء بعد تجميده من جانب العراق، وزيادة مستويات المخزون الاحتياطي، والأزمة الاقتصادية التي شهدتها بعض دول آسيا، إضافة إلى اعتدال الطقس الشتوي مما أدى إلى الضغط هبوطاً على مستويات الطلب العالمي في الوقت الذي شهد فيه العرض العالمي زيادة محسوسة وكبيرة.
          وإزاء هذا الوضع السيء لم يكن أمام دول أوبك ـ بالتعاون مع بعض الدول خارجها ـ سوى الاضطلاع بمسؤولياتها من أجل منع انهيار الأسعار. وبعد العديد من المشاورات والاجتماعات الثنائية والجماعية، تم عقد اجتماع لوزراء بترول كل من السعودية وفنزويلا والمكسيك في الرياض بالسعودية في يومي 21 و22 مارس 1998 لاستعراض مستويات العرض والطلب وحجم المخزون، حيث قرروا خفض إنتاجهم بما مجموعه 600 ألف برميل يومياً  اعتباراً من أول أبريل 1998. ومساهمة دولهم مع بقية الدول الأعضاء في أوبك وخارجها في العمل على إزالة الفائض في السوق، الذي يتراوح بين 1.6 ـ 2 مليون برميل يومياً.
          ولا شك أن اشتراك المكسيك في اجتماع الرياض كان بادرة طيبة لمدى مساهمة الدول خارج أوبك مع دول منظمة أوبك لعودة الاستقرار إلى سوق البترول العالمي. وبالفعل حدثت مؤشرات إيجابية إلى حد ما في مستويات الأسعار بعد اتفاق الرياض مباشرة.
          ولمواجهة هذا الموقف المتأزم عقد وزراء بترول أوبك ـ بعد مشاورات مكثفة ـ وشاقة ـ اجتماعاً طارئاً رقم 104 في فيينا بالنمسا في 30 مارس 1998(انظر ملحق البيان الختامي لاجتماع أوبك الاستثنائي (104)، (فيينا، النمسا، 30 مارس 1998)) بهدف التصديق على اتفاق الرياض، ولوقف تدني مستويات الأسعار التي أصبحت تشكِّل خطراً كبيراً على اقتصاديات دولهم في صورة الانخفاض الحاد في العائدات التي تمثل المصدر الأساسي للدخل القومي.
          وتجدر الإشارة إلى أن حضور المكسيك هذا الاجتماع الرسمي بصفة مراقب للمرة الأولى يفتح صفحة جديدة يسودها روح التعاون والتفاهم بين دول أوبك والدول خارجها للتنسيق والتشاور من أجل السيطرة على الأسعار.
          ويرى المراقبون أن نجاح هذا المؤتمر الطارئ يعد نصراً كبيراً لاتفاق الرياض، الذي تولت السعودية عقده في 22 مارس 1998 مع كل من المكسيك وفنزويلا.
قد تضمن البيان الختامي لهذا الاجتماع الاستثنائي ما يلي:
          "وقد تابعت دول أوبك بقلق بالغ الانخفاض الشديد في أسعار الزيت الخام خلال الشتاء، ويرجع ذلك التدهور في جانب منه إلى انخفاض الطلب عن المتوقع، نتيجة للطقس الشتوي المعتدل غير المعتاد في نصف الكرة الشمالي، واستمرار الركود الاقتصادي في جنوب شرق آسيا، وجانب كبير منه إلى الفائض الكبير في العرض العالمي في أسواق البترول العالمية.
          وتعبيراً عن الرغبة الجادة في استقرار السوق لصالح جميع المنتجين، وافقت الدول الأعضاء في أوبك طواعية على خفض الكميات التالية من إنتاجها الحالي ابتداءً من أول أبريل 1998 وحتى نهاية العام.
          (ويرى خبراء النفط أن هذه التخفيضات تم إقرارها على أساس أرقام إنتاج الدول الأعضاء):
(الكمية بالألف برميل في اليوم)
الجزائر                                 50
إندونيسيا                                70
إيران                                  140
الكويت                                 125
ليبيا                                    80
نيجيريا                                 125
قطر                                    30
السعودية                                 300
الإمارات                                 125
فنزويلا                                  200
المجموع                                 1245
          وقد ناشد المؤتمر الدول المصدرة للبترول من خارج أوبك مساندة تلك الإجراءات للحفاظ على استقرار السوق، عن طريق الاعتدال في إنتاجها من أجل مصلحة كل الأطراف المعنية".
          وفي انتظار استجابة السوق للقرارات السابقة يبقى أمام أوبك خيار آخر يتمثل في إمكانية إجراء مزيد من الخفض في سقف الإنتاج إذا هبطت الأسعار مرة أخرى.
          وتجدر الإشارة إلى أن إعلان بعض الدول الرئيسية المنتجة للبترول خارج أوبك مثل: المكسيك والنرويج ومصر وعُمان واليمن والصين وروسيا خفض إنتاجها قد ساعد ودعَّم قرار أوبك وساهم بالوصول إلى إجمالي الخفض في العرض العالمي إلى حوالي 1.7 مليون ب/ ي.
          ومع ذلك فقد يتطلب الموقف قيام أوبك بخفض الإنتاج مرة أخرى خلال اجتماعها القادم في نهاية يونيه 1998. وسيعتمد ذلك إلى حد كبير على مستويات الأسعار خلال الفترة القادمة.
وقبل انعقاد مؤتمر أوبك في فيينا في 24 يونيه 1998
          واصلت مجموعة الرياض (السعودية وفنزويلا والمكسيك) مساعيها ومشاوراتها من أجل حشد التأييد واتخاذ خطوات إيجابية لدعم واستقرار الأسعار البترولية، حيث اجتمع وزراء بترول الدول الثلاث في أوائل شهر يونيه 1998 بهولندا في أمستردام، وأعلنوا في بيان مشترك إجراء خفض جديد في مستويات الإنتاج مقداره 450 ألف ب/ ي (225 ألف ب/ ي من السعودية، 125 ألف ب/ ي من فنزويلا، 100 ألف ب/ ي من المكسيك).
وذلك اعتباراً من أول يوليه 1998.
ودعا البيان المشترك الدول المنتجة داخل أوبك وخارجها للمشاركة في خفض إنتاجها.
وحتى شهر يونيه 1998 كان تطور متوسط سعر سلة خامات أوبك:
الربع الأول من عام          1998                                13.35 دولاراً للبرميل
الربع الثاني من عام          1998                                12.45
شهر يونيه                    1998                               11.65
المؤتمر الوزاري لأوبك (24 ـ 25 يونيه 1998)
          في ظل جو يسوده القلق والترقب، ووسط مخاوف من تكرار أزمات نكسة سوق البترول العالمي، الذي شهدها في عام 1986، عقد وزراء بترول أوبك مؤتمرهم العادي في فيينا يومي 24 و25 يونيه 1998 من أجل التنسيق ودراسة أوضاع السوق والحيلولة دون حدوث مزيد من الانخفاض في أسعار البترول نتيجة وجود فائض بترولي يضغط بشدة على أسعار البترول ويهوي بها إلى القاع.
          وسط تلك الأجواء عقدت منظمة أوبك اجتماعها وكان لا بد من توحيد المواقف والسياسات والترفع عن المصالح الخاصة من أجل الجميع وتغليب المصلحة العامة.
          وقد أكد البيان الختامي الرسمي الصادر عن أوبك بعد نهاية الاجتماع، موافقة وزراء بترول أوبك على خفض إجمالي إنتاج أوبك بمقدار 1.355 مليون برميل يومياً من بداية شهر يوليه 1998 لمدة عام.
          وتجدر الإشارة إلى إضافة هذه التخفيضات إلى الخفض الذي قررته أوبك في مؤتمرها الاستثنائي الذي عقد في نهاية مارس 1998 وبلغ 1.245 مليون ب/ ي.
          وبذلك يصل حجم الخفض الذي قررته أوبك بهدف دعم أسعار البترول وامتصاص الفائض البترولي إلى 2.6 مليون ب/ ي.
          وأضاف البيان أن المنتجين من خارج أوبك تعهدوا بإجراء تخفيضات تتجاوز 500 ألف/ ب/ يوم شاملة تعهداتهم الصادرة في شهري مارس ويونيه 1998.
          وتجدر الإشارة إلى أن هذا الاتفاق لا يسري على الصادرات العراقية التي تخضع لاتفاق النفط مقابل الغذاء مع الأمم المتحدة.
          وتشير المصادر البترولية إلى أن التزام أوبك باتفاق خفض الإنتاج قد يعطي ثماره بحلول الربع الرابع من عام 1998.
ومن المقرر أن تعقد أوبك مؤتمرها التالي في فيينا في 25 نوفمبر 1998.
          والسؤال الذي يطرح نفسه الآن حتى يحين موعد انعقاد المؤتمر القادم في نوفمبر 1998:
هل تُقدِّم منظمة أوبك مبادرة باقتراح خفض جديد في الإنتاج العالمي من النفط؟
          إن العديد من وزراء نفط الأوبك قد أعلنوا عن رغبتهم في إجراء المزيد من الخفض في الإنتاج، بعد إجراء خفضين متتاليين في أبريل  ويوليه 1998.
          وعلى الجانب الآخر عدد من الوزراء تؤيدهم في ذلك بعض الجهات البحثية العاملة في أسواق النفط، ترى أنه لا يمكن عملياً الاتفاق على هذه الدعوة لإجراء خفض ثالث في الإنتاج النفطي العالمي لعدة أسباب:
أولها: أن الخفضين السابقين لم ينتجا كامل آثارهما بعد، ولذا لابد من الانتظار حتى الربع الرابع من العام (1998) حتى تكون التخفيضات قد أثَّرت على مستوى المخزون لدى الحكومات والشركات. وبالتالي تبدأ دورة جديدة من زيادة الطلب. والذي سيدعمه في هذا التوقيت بدء   فصل الشتاء البارد، الذي يزداد فيه الطلب تقليدياً.
وثاني هذه الأسباب: أنه لا يمكن تحقيق إجماع داخل أوبك على هذا الخفض حيث يُنتظر أن يُواجه بمعارضة كبيرة من قٍبل فنزويلا بعد التخفيضات التي أجرتها خلال المدة السابقة. وكذلك معارضة إيران وهما أكبر الدول المنتجة بعد المملكة العربية السعودية داخل المنظمة.
وثالثها: فإن المنتجين الكبار من خارج أوبك قد أعلنوا انهم لن يكون باستطاعتهم إجراء خفض جديد في إنتاجهم، ومنهم المكسيك ـ أكبر الدول التي قامت بالتنسيق مع أوبك خلال الفترة السابقة ـ والنرويج أكبر دولة مصدِّرة للنفط في العالم الغربي.
وليس أمامنا إلاَّ الانتظار واستطلاع الآراء.
          وفي ظل اختلاف الرأي بين الرغبة في إجراء خفض ثالث وعدم إمكانية الاتفاق على ذلك عملياً. نشرت صحيفة الأهرام المصرية في 18 أكتوبر 1998 ص4 الخبر التالي:
انخفاض مفاجئ في أسعار البترول بسبب انقسامات الأوبك
لندن ـ أ ش أ (وكالة أنباء الشرق الأوسط)
          مُنيت أسعار البترول بانخفاض مفاجئ في التعاملات التي جرت بالأسواق العالمية في الأسبوع الثاني من أكتوبر 1998، حيث تعرضت خامات البترول الرئيسية ـ برنت و دبي وغرب تكساس ـ لأزمة أعادت إلى الأذهان ذكرى الانهيار المروع الذي أصاب الأسعار في مطلع عام 1998. وبلغ متوسط سعر البرميل من خام برنت القياس المستخرج من بحر الشمال 12 دولاراً وخمسة سنتات، وذلك لتعاقدات شهر نوفمبر 1998 مقارناً بـ 12 دولاراً و 75 سنتاً في الأسبوع الأول من أكتوبر 1998.
          وذكر خبراء نفطيون أن التحركات المفاجئة لأسعار النفط نبعت من انقسام ظاهر في صفوف المنتجين الأعضاء في منظمة أوبك، بعد أن عبَّرت بعض الدول عن تبرمها من تدني عائداتها في ظل انخفاض صادراتها من جهة وتقلص الأسعار من جهة أخرى. وكان رئيس شركة البترول في فنزويلا قد أكدَّ أخيراً أن بلاده لن تمد العمل بحصة الإنتاج المخفضة، التي تم الاتفاق عليها في الاجتماع الوزاري بأمستردام في يونيه 1998 مشيراً إلى أن هذه الحصص تؤدي إلى أن تخسر بلاده أسواقاً مهمة.
كما نشرت الصحيفة ذاتها في 31 أكتوبر 1998 خبراً آخر بصدد هذه الآراء.
رغم الفارق الكبير بين العرض والطلب
"أوبك" تستبعد خفضاً جديداً لإنتاج البترول
كيب تاون ـ وكالات الأنباء ـ
          استبعد عدد من وزراء الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدِّرة للبترول (أوبك) إجراء مزيد من خفض الإنتاج لدعم أسعار البترول العالمية المتدهورة. وقالوا إنه يجب إتاحة متسع من الوقت أمام الاتفاقيات الحالية الخاصة بخفض إنتاج المنظمة حتى تؤتى ثمارها.
          وقال عييد بن سيف الناصري وزير البترول في دولة الإمارات والرئيس الحالي لمنظمة أوبك: إنه راض عن تخفيضات الإنتاج التي تم الاتفاق عليها منذ بداية العام. وصرح للصحفيين قبل افتتاح مؤتمر دولي عن الطاقة في كيب تاون بجنوب أفريقيا أن حجم التخفيضات التي اتفقنا عليها يمكن اعتباره حجماً جيداً ولكننا نأمل في التزام افضل من جانب الدول الأعضاء.
          وقال دكتور ريلوانو لقمان الأمين العام للمنظمة إن وزراء البترول تبادلوا الآراء في اجتماع غير رسمي وسوف يقررون سياسة الإنتاج الجديدة في الاجتماع المقرر عقده في نوفمبر 1998. وأوضح أن الخيارات كلها مفتوحة فيما يتعلق باتخاذ قرارات بخفض جديد للإنتاج أو الاستمرار بالعمل بالاتفاقيات السابقة، التي تقضي بتخفيض المعروض من بترول المنظمة بمقدار 2.6 مليون ب/ ي.
          كما صرح وزير البترول الجزائري يوسف اليوسفي بأنه يوجد اختلال كبير جداً بين العرض والطلب ويجب تصحيحه آجلاً أو عاجلاً. الأمر الذي جعل لدينا مشكلة كبيرة جداً تؤدي إلى مشكلات اقتصادية خطيرة للدول المنتجة.
          وكانت السعودية قد ألقت باللوم على بعض أعضاء أوبك بصدد تهاوي أسعار البترول عالمياً وطالبت بالانصياع الكامل لبنود اتفاقيات خفض الإنتاج الرامية إلى إنعاش الأسعار.
المؤتمر الوزاري الرقم 106 لمنظمة أوبك (25 ـ 26 نوفمبر 1998)
          أعلن ريلوانو لقمان الأمين العام لمنظمة أوبك: أن وزراء بترول الدول الأعضاء اختتموا مؤتمرهم الذي عقدوه في فيينا في 26 نوفمبر 1998 دون التوصل إلى اتفاق حول تمديد العمل بالتخفيضات المقررة للإنتاج والتي تصل إلى 2.6 مليون ب/ ي من سقف الإنتاج الكلي للمنظمة والذي يبلغ 25.387 مليون ب/ ي.
          وأوضح الأمين العام للأوبك أن الوزراء الأحد عشر الذين حضروا الاجتماع أرجأوا مسألة اتخاذ قرار بشأن تحديد العمل بالتخفيضات إلى اجتماعهم التالي في 23 مارس 1999 وعلى ذلك ستظل التخفيضات الحالية سارية حتى يونيه 1999، ما لم يتم الاتفاق على تعديلها في اجتماع مارس 1999.
          وقد اكتفى وزراء بترول الدول الأعضاء بالاتفاق على تغيير مواعيد اجتماعاتهم نصف السنوية لتعقد في شهري مارس وسبتمبر من كل عام بدلاً من المواعيد الحالية وهي يونيه ونوفمبر.
          وتجدر الإشارة إلى ان هذا المؤتمر لم يستغرق إلا جلسة واحدة، حيث سبقته مشاورات جانبية مطولة وراء الكواليس لحسم مسألة التخفيضات في سقف الإنتاج لمواجهة الفائض الكبير في سوق البترول العالمية.
          وكانت أسعار البترول قد بلغت أدنى معدلاتها منذ 12 عاماً حيث بلغ سعر برميل بترول بحر الشمال من خام برنت 10.9 دولاراً للبرميل. ويرجع هذا التدهور إلى قرار الأوبك الخاطئ بزيادة مستويات الإنتاج في الشتاء الماضي في وقت تراجع فيه الطلب الأسيوي على بترول الأوبك إلى نصف معدلاته السابقة بسبب الأزمة الاقتصادية مما أدى إلى فائض إنتاجي.
          وقد صرح بعض الخبراء أن عدم احترام الأعضاء للحصص الإنتاجية إلا بنسب تتراوح بين 80% و 85%، أدى إلى زيادة المطروح من البترول في الأسواق.
          إن ما أسفر عنه هذا المؤتمر يؤكد أنه من العسير على وزراء أوبك أن يتفقوا على إجراء خفض ثالث للأسباب السابق ذكرها والتي كانت متوقعة من قبل.
          وقد تضطر دول الأوبك إلى الموافقة ـ مُرغَمة ـ على إجراء تخفيض ثالث للإنتاج إزاء تراجع سعر برميل بترول برنت الخام إلى أقل من 10 دولارات مسجلاً 9.92 دولاراً فقط، وخاصة إذا لم يرتفع الطلب العالمي للبترول خلال موسم الشتاء (ديسمبر 1998 ـ يناير وفبراير 1999).
وفي 9 ديسمبر 1998
          صدر البيان الختامي لقمة دول مجلس التعاون الخليجي المنعقدة في أبو ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث أكدت القمة على حرص دول المجلس على إعادة الاستقرار للسوق النفطية وتحسين الأسعار.
          كما دعت القمة كافة الدول المنتجة للنفط إلى الالتزام باتفاقيات تخفيض الإنتاج، وأكدت تمسك دول المجلس بالاتفاق الحالي لخفض الإنتاج وتعهدت باتخاذ خطوات ضرورية لدعم استقرار السوق.
وإزاء عدم اتخاذ أوبك إجراءات حاسمة لتدارك الموقف.
          ولم يسفر اجتماعها في نوفمبر 1998 عن حل واقعي للأزمة، بدليل فشلها في اتخاذ قرار ثالث بخفض جديد في سقف الإنتاج.
فقد تركز الاهتمام العالمي على الاجتماع المقبل لوزراء أوبك في مارس 1999.
          ومن المتوقع في حالة استمرار الأوضاع المتردية في سوق البترول العالمي، وإذا ما أخفقت أوبك في خفض سقف الإنتاج، فلا مناص من انهيار الأسعار إلى مستوى خمسة دولارات للبرميل بسبب تزايد المخزون البترولي والفائض في العرض واستمرار بطء النمو في الطلب العالمي على البترول.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69673
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Empty
مُساهمةموضوع: رد: البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول   البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Emptyالإثنين 07 مارس 2016, 10:59 pm

الفصل السادس
أسعار البترول في التسعينات بين التحسن والهبوط وأثرها على الاقتصاد العالمي

وفي محاولة للتعرف على آراء خبراء البترول العالميين والمسؤولين في دول أوبك، نذكر ما يلي:

في 12 ديسمبر 1998
على هامش مؤتمر منظمة الدول العربية المصدرة للبترول (أوابك)
          جاءت تصريحات وزراء البترول العرب المشاركين في الاجتماع مركَّزة على وضع سوق البترول العالمي وقتئذ وعلى انخفاض الأسعار، خاصة بعد فشل المؤتمر الوزاري العادي لأوبك في 25 نوفمبر 1998 دون التوصل إلى اتفاق.
عبدالله البدري أمين اللجنة الشعبية العامة للطاقة في الجماهيرية الليبية
          دعا الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) إلى إجراء تخفيضات جذرية في إنتاج البترول، وعقْد اجتماع طارئ للمنظمة قبل الاجتماع الوزاري العادي المقرر عقده في مارس 1999. وأعلن أن إجمالي الخسائر التي تكبدتها الدول الأعضاء في أوبك فقط نتيجة تدهور أسعار البترول خلال عام 1998 تقدر بنحو 56 بليون دولار.
          وتساءل عن جدوى ضخ المزيد من الإنتاج البترولي في الأسواق في ظل التدهور الحاد لمستويات الأسعار وتوافر المخزون لدى الدول الصناعية.
          وجدَّد البدري دعوة العقيد معمر القذافي إلى وقف كامل لصادرات البترول لمدة محدودة.
يوسف يوسفي وزير الطاقة والمناجم الجزائري
          دعا إلى تقليص سقف الإنتاج لدول منظمة أوبك بواقع 1.5 مليون برميل يومياً، ونفي وجود خلافات بين الدول أعضاء أوبك مشيراً إلى وجود إجماع عربي على احترام معدلات الإنتاج المقررة من جانب أوبك. وأضاف بأن تحسن الأسعار لن يتم دون هذا الخفض، الذي وصفه بأنه ضروري في ظل التزايد الحاد في المخزون العالمي.
علي إبراهيم النعيمي وزير البترول السعودي
          صرح بأن أسواق البترول العالمية تحتاج إلى مزيد من الوقت كي تستفيد من تخفيضين في الإنتاج أقرهما المنتجون في عام 1998.
          وقد أبدت بعض الدول الخليجية: السعودية والكويت والإمارات استعدادها لمزيد من الخفض في الإنتاج إذا دعت الحاجة إلى ذلك بشرط الالتزام الكامل بالخفض الذي يتقرر التعهد به.
عبدالله بن حمد العطية وزير البترول القطري
          حذَّر من انخفاض الأسعار التي وصلت إلى أدنى مستوى، إذ تراوح سعر خام برنت بين 9 و10 دولارات. وعزا الانخفاض إلى أسباب عدة منها الأزمة الاقتصادية في جنوب شرق آسيا وزيادة العرض على الطلب. وكذلك اعتدال المناخ. وأكّد التزام بلاده باتفاق أوبك، ودعا جميع المنتجين في أوبك وخارجها إلى التنسيق فيما بينهم لوقف انخفاض الأسعار. إذ أن المنظمة لا تستطيع بمفردها إيجاد التوازن المطلوب في السوق والحد من انهيار الأسعار.
سليمان نصف العماني وكيل وزارة البترول الكويتي
          أكد أن بلاده أجلت بعض المشروعات الاستثمارية بسبب انخفاض عائداتها من البترول. موضحاً أنه ما من شك أن هناك خسارة ولكن يبقى البترول في النهاية مجرد سلعة معرضة للارتفاع والانخفاض مثل أي سلعة أخرى.
الدكتور حمدي البنبي وزير البترول المصري
          صرح بأن مصر تشارك دول الخليج العربية في العمل باتفاقات تخفيض إنتاج البترول حتى نهاية عام 1999. وأعلن أن مصر قد خفضت الإنتاج بمعدل 20 ألف ب/ ي اعتباراً من أول يوليه 1998.
          كذلك انتهزت وسائل الإعلام وخاصة الصحف العربية والخليجية والأجنبية فرصة تدهور أسعار البترول في تصوير الأحوال تصويراً مأساوياً لا يخلو من عبارات تفوح منها مبالغة متعمَّدة كي تثير الرأي العام حتى يضغط على الحكومات المنتجة لحسم الموقف.
وعلى سبيل المثال:

  • ورد في صحيفة أخبار اليوم المصرية في 23 يناير 1999 (ص10 أخبار المال والاقتصاد) المانشيت التالي:

"السنوات العجاف بدأت ... بسبب ضياع هيبة البترول"
"الخليج في حالة تقشف ... الأرصدة تتقلص ... والعجز في الموازنات يتزايد"
وورد في المقال المنشور الفقرات الإخبارية التالية:

  • تتردد في الأوساط البترولية أن هناك فائضاً في الأسواق يصل إلى خمسة ملايين برميل يومياً. وهذا الرقم ـ إذا كان صحيحاً ـ كفيل بنسف أسعار النفط.
  • كشفت التقارير الصادرة من عواصم الدول الخليجية عن احتمال أن يصل العجز في موازنات الدول الست إلى 20 مليار دولار خلال عام 1999، مقابل العجز في موازنات عام 1998 الذي بلغ حوالي 11 مليار دولار.
  • تتبنى دول الخليج في ذلك الوقت سياسة تقشف قائمة على الحد من الإنفاق بأقصى درجة حتى لا يتضخم العجز في الموازنات بشكل لا تحمد عقباه.
  • تبين أن السعودية خسرت في ثلاث سنوات فقط أكثر من 25 مليار دولار من إيراداتها. وكشفت عن أن العجز في موازنة 1999 يقدَّر بنحو 44 مليار ريال سعودي (أي حوالي 11.7 مليار دولار).

          وعلى الرغم مما تردد عن أن السعودية قد تلجأ إلى الاقتراض من الخارج، وبالتحديد من دولة الإمارات الشقيقة لمواجهة العجز في الموازنة، إلا أنه فيما بعد أشارت المصادر الصحفية بأن السعودية ستكتفي بالاقتراض من الداخل ـ أي من البنوك المحلية ـ حيث يتوافر في البلاد سيولة محلية كافية لمواجهة متطلبات الميزانية السعودية. وتتبنى الحكومة حالياً سياسة اقتصادية قائمة على الترشيد والحد من الإنفاق.
          بالنسبة لدولة الكويت ... أكد الشيخ علي السالم الصباح وزير المالية أن دخل الكويت لم يعد كافياً لمواجهة بند الرواتب في الموازنة. فالبند الخاص بالرواتب وحده يبلغ قيمته 2300 مليون دينار كويتي، في حين أن إجمالي الدخل يبلغ 2150 مليون دينار كويتي وهو أقل من بند الرواتب.
          وتشير الأرقام إلى أن إجمالي العجز في الموازنة سيبلغ 202 مليار دينار، أي حوالي 703 مليار دولار. وقد تردد أن الكويت ستسحب ملياري دينار من أرصدتها في الخارج لمواجهة العجز.
وقد علّق وزير المالية الكويتي قائلاً:
          "إن استمرار السحب من الاحتياطي الخارجي بهذه الطريقة لعدة سنوات قادمة يعني أننا قد نرهن هذا الاحتياطي".
          وأمام العجز في الموازنة... كان لا بد أن تبحث الحكومة عن مخرج. فاقترحت استحداث رسوم جديدة وزيادة أسعار بعض الخدمات مثل: الكهرباء والمياه والصحة إلى جانب اشتراكات مثل التأمينات الاجتماعية والجمارك.
          وبالنسبة لدولة قطر... فقد اعترف وزير المالية والاقتصاد القطري يوسف حسين كمال بأن تراجع أسعار البترول أدى إلى أوضاع اقتصادية صعبة، بسبب انخفاض الإيرادات النفطية في العام الماضي (1998) حوالي مليار دولار، الأمر الذي فرض على الحكومة القطرية أن تتبنى ميزانية تقشف بالحد من الإنفاق، ولكن دون مساس بالخدمات.
          وبالنسبة لدولتي البحرين والإمارات... فإن الأوضاع أخف وطأة عما هي عليه في الدول الخليجية الأخرى.
          فالبحرين تتبنى سياسة قائمة على عدم الاعتماد على الدخل من النفط فقط.
          إنها سياسة قائمة على تنويع مصادر الدخل. ولكنها بالتأكيد تأثرت بتردي أسعار البترول. وقد تردد أن المسعى الحكومي قائم على توسيع نطاق الخصخصة، وبالتالي رفع الدعم السلعي تدريجياً.
          أما بالنسبة لدولة الإمارات... فهي الدولة الخليجية التي تحقق دائماً فائضاً في الموازنة. ولكن هناك تراجعاً في هذا الفائض بسبب تدهور أسعار البترول.
          وقد أعلن وزير التخطيط في دولة الإمارات أن إجمالي الناتج المحلي تراجع في عام 1998 إلى 170 مليار درهم (أي حوالي 46.5 مليار دولار) بينما كان الإجمالي في عام 1997 قد بلغ 180 مليار دولار.
نتيجة لهذه المتغيرات الاقتصادية
          هناك توقعات بأن تتأثر العمالة الأجنبية في الخليج بسياسات التقشف. وتقدر المصادر الصحفية حجم العمالة الأجنبية في الخليج بحوالي عشرة ملايين عامل من دول عربية وإسلامية وأسيوية.
          وعلى الرغم من هذه الصورة القاتمة في معظم دول الخليج، إلاّ أن المخرج من كل هذه الأزمات يتطلب عودة أسعار النفط إلى الارتفاع. وهذا ليس بالأمر الصعب أو المستحيل. فلو نجحت دول الخليج ومعها بقية دول أوبك في تخفيض إنتاجها من النفط بضعة ملايين برميل يومياً، فإن الأسعار ستصعد فوراً صيفاً أو شتاء. حيث أن السوق البترولي العالمي يستقبل يومياً حوالي 77 مليون برميل نفط، في حين أن الاستهلاك لا يزيد عن 72 مليون برميل يومياً.
          إن تجاوز الأزمات يتطلب دائماً الحلول غير التقليدية، كما يتطلب أيضاً تكاتف جهود أصحاب المصلحة المشتركة، أي كل الدول المصدرة للبترول، بدلاً من عدم الالتزام بالتعهدات، الذي يؤدي إلى إلحاق الضرر بالجميع فالكل في مركب واحد.
وفي 18 فبراير 1999
          ورد بصحيفة الأهرام المصرية (ص4) خبراً عن خفض إنتاج أوبك بواقع مليون ب/ ي.
          الجزائر: أكد يوسف يوسفي وزير البترول الجزائري ورئيس منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) (في ذلك الوقت) على ضرورة خفض إنتاج المنظمة بواقع مليون ب/ ي من أجل مواجهة الوضع المتدهور في سوق البترول العالمية وتحقيق التوازن لها.
          وقال يوسف إنه يجري اتصالات واسعة داخل الأوبك ومع دول خارجها منتجة للبترول قبل انعقاد مؤتمر المنظمة في الثالث والعشرين من مارس 1999 بفيينا.
          كما صرح بأن الجزائر خسرت 3 مليارات دولار خلال عام 1998 من جراء الانخفاض الحاد في أسعار البترول، والذي لم تشهد السوق البترولية مثيلاً له منذ 12 عاماً.
وفي 25 فبراير 1999
          انعقدت ندوة إدارة أزمة انخفاض أسعار النفط ـ التي نظمها مركز الدراسات بأكاديمية السادات بجمهورية مصر العربية ـ وقد أكد خبراء الاقتصاد والبترول، الذين حضروا الندوة، استمرار ظاهرة تدني أسعار البترول عالمياً خلال الفترة القادمة نظراً لاستمرار أزمة الأسواق الأسيوية وبعض أسواق أمريكا اللاتينية، حيث كانت الدول المعروفة بالنمور الأسيوية تستحوذ على 50% من الزيادة العالمية في الطلب على البترول.
          وأوضح الخبراء أن سعر البترول الراهن لا يعكس سعره الحقيقي حيث تضاعفت أسعار السلع الصناعية منذ عام 1973 وحتى عام 1998 ما بين 100 ـ 350%  في حين أن سعر برميل البترول الراهن يمثل 2 دولاراً فقط مقارناً بأسعار 1973. وأضافوا أن السعر الحقيقي الذي يجب أن يكون عليه سعر برميل البترول هو 50 دولار للبرميل. ومعنى ذلك أن السعر الحقيقي لبرميل النفط في الوقت الحاضر قد ارتد إلى مستواه الذي كان سائداً قبل بدء "الفورة النفطية" وحركة تصحيح الأسعار عام 1973 ـ 1974.
          وأشاروا إلى الانخفاض الحاد في أسعار النفط الخام عام 1998 والشهور الأولى من عام 1999 حيث اقترب سعر البرميل من 10 دولارات.
          وأن اقتصاديات الدول المصدرة للنفط خاصة دول الخليج العربي وغيرها من الدول العربية هبط معدل النمو الاقتصادي فيها إلى 1.8% مقابل 4.1% في المتوسط قبل الأزمة الراهنة. كما أن نسبة العجز في الموازنات العامة لهذه الدول اتجهت إلى الارتفاع حيث بلغت 3.3% مقابل 1.9% فقط قبل بداية الأزمة وأن بعض المصادر تقدر خسائر دول الخليج العربي الناتجة عن انخفاض أسعار النفط عام 1998 بحوالي 60 مليار دولار. ومن المتوقع أن تتزايد هذه الخسائر 1999 نظراً لما تعكسه مؤشرات معدل نمو الاقتصاد العالمي واستمرار الكساد العالمي في أسواق المال والنقد والمصارف وانعكاسه على كساد السلع والخدمات وارتفاع معدلات البطالة في الدول المستوردة للنفط.
          كذلك فإن تأثير انخفاض أسعار النفط في الدول الخليجية خيَّم بشكل مباشر وغير مباشر على اقتصاد الدول المصدرة للعمالة، وتمثَّل ذلك في استغناء غالبية دول الخليج عن عدد كبير من العمالة الوافدة إليها. وهو ما يؤثر مباشرة على حجم تحويلات العاملين في الخارج. وكذلك في عودة بعضهم إلى سوق العمل في دولهم وزيادة نسبة البطالة. إضافة إلى أن الدول الخليجية في ظل أوضاعها الاقتصادية الراهنة ستعيد النظر في حجم معوناتها ومساعداتها الخارجية. كما تأثر ميزان المدفوعات في الدول الأخرى المصدِّرة للنفط في عام 1998 بسبب انخفاض أسعار النفط وانعكاسه على انخفاض الحصيلة من صادرات البترول.  
          وقد أضاف الدكتور محمود عبدالفضيل  أنه عندما نتحدث عن قرب نهاية فترة الطفرة النفطية لم يكن المقصود بذلك هو "نضوب النفط" كمورد طبيعي ولكن تآكل القوة الاقتصادية لهذا المورد وهبوط أسعاره، مما يقلل كثيراً من القيم الاقتصادية لمخزون النفط الذي ما زال في باطن الأرض العربية. وقد أكد ولي العهد السعودي على خطورة الأزمة وصرح رسمياً بأن فترة الطفرة النفطية قد ذهبت ولن تعود. ومعنى هذا التصريح المهم لولي العهد السعودي أن الأزمة الراهنة ليست مجرد هبوط مؤقت في أسعار النفط مثلما حدث عام 1986 تم تعود السوق النفطية إلى الارتفاع، وإنما هي أزمة هيكلية.. ولن يعود سعر النفط إلى سابق عهده باستثناء بعض الزيادات الطفيفة. ولعل ما نشهده الآن هو محصلة تاريخية لعدد من العوامل التي أخذت تتفاعل منذ بداية الثمانينات ـ كما أوضحنا ذلك من قبل ـ حتى أدت إلى الوضع الراهن في السوق النفطية. وهذه العوامل هي:

  • السياسات التي اتبعتها الدول المتقدمة المستهلكة للنفط والطاقة، من حيث الاقتصاد في استخدام النفط وتطوير تكنولوجيا أقل اعتماداً على النفط.
  • اكتشاف مصادر جديدة للطاقة في العالم منذ منتصف السبعينات وحتى الآن ومؤخراً بحر قزوين مما أدى إلى تعدد مصادر الإمدادات النفطية خارج منظمة أوبك.
  • اتباع الدول الغربية سياسة طويلة الأجل للمخزون النفطي حيث تم بناء مخزون نفطي استراتيجي يكفي لأكثر من ستة شهور. مما ساعد على هبوط الأسعار.

ومما يعمق من آثار الأزمة المالية في دول الخليج عاملان هما:

  • تراجع إيرادات وقيمة الاستثمارات والتوظيفات المالية لبلدان الخليج في الأسواق المالية العالمية، ولا سيما الأسواق الناشئة وعلى رأسها الدول الأسيوية نتيجة للأزمة المالية الراهنة. مما يدفع دول الخليج للاقتراض من الخارج أو السحب من احتياطي الأجيال القادمة من خلال التصفية التدريجية لتلك الاستثمارات.
  • تزايد الضغوط الغربية على دول الخليج لتخصيص المزيد من الأموال للإنفاق العسكري من خلال شراء أسلحة ومعدات لا تستخدم، ودفع فواتير الحملات العسكرية الأمريكية في الخليج في وقت تزداد فيه الضائقة المالية لدول الخليج.

وتلك الضغوط المتزايدة هي محاولة لدفعها إلى حافة الإفلاس المالي.
وهكذا نجد أن الحصار الاقتصادي يكتمل ليطوق جميع الدول العربية دون استثناء.
وفي مارس 1999
          نشرت صحيفة الأهرام المصرية تحقيقاً من جدة بالسعودية ورد به ما يلي تحت عنوان
"توقعات بتخفيضات جديدة في إنتاج أوبك"
          تتعرض أسواق النفط إلى اهتزازات خطيرة أدت إلى هبوط حاد في مستوى الأسعار وتراجع جديد وصلت معه إلى أدنى مستوى لها. ولم تفلح محاولات منظمة أوبك لدعم الأسعار في الحد من التردي الذي تعاني منه هذه الأسواق.
          وقد أعلنت أمانة أوبك أن الإنتاج ارتفع بمقدار 280 ألف ب/ ي في يناير 1999، الأمر الذي يؤكد عدم التزام بعض الأعضاء بالتخفيضات التي سبق إقرارها.
          ويرى المراقبون أنه يجب على أوبك أن تخفض مليون برميل يومياً أخرى من الإنتاج ليصبح لديها أمل في وقف تدهور الأسعار.
          وقد علمت مصادر عربية ان هناك مشاورات بين السعودية والمكسيك وفنزويلا لبحث إمكانية إجراء مزيد من تخفيضات الإنتاج قبل اجتماع أوبك في 23 مارس 1999.
وفي 13 مارس 1999
          نشرت صحيفة الأهرام المصرية (ص5) خبراً من لاهاي بهولندا عن طريق وكالات الأنباء: تحت عنوان.
"ارتفاع أسعار البترول في الأسواق الدولية"
"اتفاق في لاهاي على خفض إنتاج البترول بمليوني برميل يومياً"
"الخفض تشارك فيه دول من داخل وخارج منظمة أوبك"
          أعلن علي إبراهيم الغنيمي وزير البترول السعودي أو وزراء ومسؤولي البترول في خمس دول منتجة للبترول من داخل وخارج منظمة الأوبك اتفقوا على خفض الإنتاج بأكثر من مليوني برميل يومياً ابتداء من أول أبريل 1999، في محاولة جديدة لرفع الأسعار.
          وجاء الاتفاق في بيان صدر في لاهاي في 12 مارس 1999 في ختام اجتماع استمر يومين في مقر السفير الجزائري في هولندا ضم وزراء بترول السعودية وفنزويلا والجزائر وإيران الأعضاء في منظمة أوبك بالإضافة إلى ممثل عن المكسيك.
          وعلى الفور ارتفع سعر البترول في الأسواق الدولية، وتجاوز سعر برميل بترول منطقة بحر الشمال من خام برنت 13 دولاراً في سوق لندن. وهي المرة الأولى التي يتجاوز فيها هذا الحاجز منذ شهر نوفمبر 1998.
          وقال وزير البترول السعودي إن الخفض المتفق عليه سيمثل إضافة للخفض السابق المعلن في شهر يونيه 1998 والذي بلغ 3.1 مليون برميل يومياً مما يعني وصول إجمالي الخفض إلى خمسة ملايين برميل يومياً.
          وأكد أن فنزويلا كانت من دول الأوبك التي تحمست لفكرة خفض الإنتاج. وأشار إلى أن المكسيك وعمان من بين الدول خارج أوبك اللتين ستشاركان في خفض الإنتاج. وأضاف أن المشاورات ستستمر مع المنتجين المستقلين الآخرين.
          ولم يحدد يوسف يوسفي وزير البترول الجزائري كيفية توزيع الخفض بين الدول الأعضاء في الأوبك. لكنه قال إن جميع دول أوبك متفقة على خفض الإنتاج باستثناء العراق.
          وقال إن الاتفاق سيكون نهائياً بعد مناقشته في الاجتماع الوزاري لمنظمة الأوبك في 23 مارس 1999 في فيينا. وذكرت مصادر وثيقة الصلة بالاجتماع في لاهاي أنه أمكن تسوية الخلاف الخاص بتحديد حجم الإنتاج الإيراني، الذي يتخذ كأساس للخفض والذي أعاق التوصل إلى اتفاق فيما سبق.
وفي 15 مارس 1999
          بعد اجتماع لاهاي بهولندا بيومين، نشرت جريدة الأهرام المصرية (ص5) خبراً آخر من الكويت عن طريق كاراكاس (عاصمة فنزويلا) ووكالات الأنباء. تحت عنوان:
الكويت تخفض إنتاجها البترولي 140 ألف برميل يومياً
          أكد وزير البترول الكويتي الشيخ سعود ناصر الصباح أن بلاده ستخفض إنتاجها من البترول الخام بمقدار 140 ألف برميل يومياً.
          وقال بعد جلسة لمجلس الأمة الكويتي إنه ليس هناك رقم نهائي لكنه سيكون في حدود 140 ألف برميل يومياً. ويأتي هذا القرار بعد اجتماعين عقدهما ابرز منتجي البترول في 9 و 13 مارس 1999 في السعودية وهولندا على التوالي قرروا خلالهما خفض إنتاجهم بمقدار مليوني برميل يومياً لرفع أسعار البترول التي تدهورت بشدة منذ بداية عام 1998.
          وقد كان موقفاً إيجابياً من السعودية الشقيقة أن تضع حداً لهذه المحنة، وتسعى إلى جمع شمل أكبر خمسة من المنتجين هي على رأسهم ومعها إيران وفنزويلا والجزائر والمكسيك، أي من داخل أوبك وخارجها.
          وفي الوقت ذاته توقع وزير الطاقة والصناعة القطري عبدالله العطية ارتفاع أسعار البترول إلى مستوى جيد يرضي كل الأطراف. وأعلن العطية أن الاتفاق على خفض الإنتاج جاء في الوقت المناسب، وأنه سيعيد للسوق البترولية العالمية استقرار فقدته طوال الفترة الماضية.
          كما صرح وزير الطاقة الفنزويلي إيلي رود ريجيز بأن جميع الدول الرئيسية تقترب من خفض إنتاجها بنسبة واحدة في محاولة لرفع الأسعار بعد أن وصلت إلى أدنى مستوى لها.
          وقال الوزير الفنزويلي في تصريحات أدلى بها عقب عودته من هولندا حيث اشترك في اجتماع المنتجين الرئيسيين أن بلاده ستلتزم بتخفيض إنتاجها طبقاً لما اتفق عليه وهو بنسبة 15% أو ما يعادل نصف مليون برميل يومياً.
          وقال إن المشاركين في الاجتماع اتفقوا على عدم الكشف عن تفصيلات مساهمة كل دولة إلاَّ بعد اجتماع دول أوبك في 23 مارس 1999.
          تم استعراض بعض أقوال الصحف التي تتضمن أخباراً واردة من لندن وكيب تاون والجزائر والقاهرة وجدة ولاهاي وكاراكاس والكويت، وما بها من تصريحات المسؤولين والخبراء البتروليين أثناء أزمة انخفاض أسعار البترول منذ أن أقرَّت منظمة أوبك في اجتماعها رقم 103 بتاريخ 26 نوفمبر 1997 زيادة سقف الإنتاج بنسبة 10% ليصل إلى 27.5 مليون برميل يومياً.
          ثم اجتماعها الطارئ الرقم 104 في 30 مارس 1998، الذي تقرر فيه الخفض الأول للإنتاج بمقدار 1.245 مليون ب/ ي.
          ثم المؤتمر الوزاري العادي الرقم 105 في 24 يونيه 1998، الذي تقرر فيه الخفض الثاني للإنتاج بمقدار 1.355 مليون ب/ ي ليصل حجم الخفضين إلى 2.6 مليون ب/ ي بالإضافة إلى تخفيض إنتاج الدول خارج أوبك بمقدار 500 ألف ب/ ي.
          وتلا ذلك المؤتمر الوزاري لمنظمة أوبك رقم 106 في 25 نوفمبر 1998، الذي انتهى دون التوصل إلى اتفاق حول خفض ثالث للإنتاج.
          وكان الأمل يحدو وزراء دول أوبك في أن يزداد الطلب قليلاً في شتاء (نوفمبر وديسمبر 1998 ـ يناير 1999) عسى أن يمتص بعض الفائض من البترول، ولكن تأكد لهم أن التخفيضين السابقين لم يكونا كافيين لإيقاف انهيار أسعار البترول.
          والملاحظ أن أقوال الصحف وتصريحات المسؤولين السابق ذكرها كلها تتركز حول المطالبة بإجراء خفض ثالث للإنتاج. كما جاء ببعض المجلات الأجنبية المتخصصة في صناعة مجال البترول.
ونورد بعضاً مما نُشر بها.






الإجراءات العلاجية الفورية لتدهور أسعار البترول

[ltr]Falling Oil Prices Prompt Remedial Actions [/ltr]
          منذ أكتوبر 1997 انهارت الأسعار الفورية للزيت الخام بأكثر من 4 دولارات ـ وهو أدنى مستوى لها في 4 سنوات ـ إن زيادات إنتاج الدول خارج أوبك، بالإضافة إلى استئناف العراق تصدير مليون برميل يومياً من الزيت الخام بمقتضى اتفاق النفط مقابل الغذاء، وزيادة سقف إنتاج دول أوبك إلى 27.5 مليون ب/ ي أسفرت عن فائض في العرض.
          إضافة إلى اعتدال طقس فصل الشتاء، ومشاكل تخفيض قيمة العملات النقدية في دول آسيا، الأمر الذي يؤدي إلى تخفيض الطلب على البترول. وقد ظهر جلياً آثار عدم التوازن بين العرض والطلب في جميع أنحاء العالم.
وباستطلاع رأي بعض المسؤولين صرّح بعضهم بما يلي:
المملكة العربية السعودية
          قال وزير النفط السعودي علي النعيمي: إن السعودية سوف تنتج النفط الخام طبقاً لحصتها الجديدة، ولا تنوي إطلاقاً إغراق السوق العالمي للبترول بإنتاجها.
وصرح النعيمي لوكالة رويتر: "إن السعودية لن تنتج من نفطها الخام اكثر من احتياجات السوق. إننا لن نلقي بنفطنا الخام في ناقلات ونبيعه بأسعار مهما كانت".
إيران
          خفَّضت إيران من تقديراتها لعائداتها النفطية للسنة المالية القادمة. وأخطرت برلمانها ان يتوقع عجزاً بالموازنة يتراوح قدره من بليونين إلى 4.5 بليون دولار بسبب تدهور أسعار البترول، وأسعار الصرف السائدة.
الشرق الأقصى
          إن النمو الاقتصادي في دول آسيا في تباطؤ، واستهلاك الطاقة في تناقص، الأمر الذي أدى إلى تقلص الطلب على البترول.
          كما أجرت معامل التكرير في اليابان وكوريا الجنوبية وتايلاند وسنغافورة تخفيضات في المشتريات البترولية، وقللت من الإنتاج.
          وصرح المسؤولون بوزارة البترول الهندية بأن تقديرات الوزارة لاستيراد مستلزمات الإنتاج البترولية تم تخفيضها بنسبة 13%.
فنزويلا
          صرح الرئيس لويس جيستي Luis Giusti بأن الأزمة الأسيوية كانت سبباً في تخفيض الطلب على البترول بمقدار 400 ألف برميل يومياً، وكان الشتاء المعتدل ـ الذي لم يحدث طوال 60 عاماً مضت ـ سبباً في تخفيض الطلب على البترول بمقدار 500 ألف برميل يومياً. وأدى ذلك إلى عجز الموازنة لعام 1998 بمقدار 800 مليون دولار، ويترجم ذلك إلى تخفيض الإنتاج بمقدار من 70 ـ 80 ألف برميل يومياً.
          وهذه التخفيضات في الموازنة ما هي إلاَّ جزءاً من سلسلة أوسع من التخفيضات في النفقات التي تُصرف من أجل الحد من التضخم. ومن المتوقع ان يبلغ متوسط سعر بترول فنزويلا 14.20 دولاراً للبرميل في عام 1998 مقارناً بتقدير الحكومة الذي يصل إلى 15.50 دولاراً للبرميل.
          وأوضح Giusti أن انخفاض السعر بدولار واحد يعني خسارة 1.1 بليون دولار في إيرادات الدولة.
منظمة أوبك
          اتفق وزراء أوبك على عقد اجتماع طارئ في فيينا في 26 يناير 1999 لمناقشة أسعار البترول المتدنية وإقرار استراتيجية لوقف هذا التدهور.
رؤية بعيدة النظر The Long View
          وفي تقرير أعده المحلل الاقتصادي Salomon Smith Barney شمل 202 شركة من شركات البترول، استنتج بأن نفقات عمليات استكشاف وإنتاج البترول على النطاق العالمي تزداد بنسبة 10.9% لتصل إلى 93.8 بليون دولار في عام 1998 على الرغم من الأسعار المتدنية للبترول.
          ويقع اختيار شركات البترول على المناطق التي تتيح مجالاً لنشاط المستكشفين مثل غرب أفريقيا ودول الاتحاد السوفيتي (سابقاً) لتوجيه زيادات هامة من الإنفاق إليها هذا العام بهدف التنقيب عن البترول والغاز.
          وقد صرح بعض المحللين مثل Mark Urness , Geoff Kieburtz بأن خطط الإنفاق، التي تعدها شركات البترول المشار إليها في التقرير المذكور، مبنية بدرجة متزايدة على وجهة نظر بعيدة المدى نحو المستقبل الممتد إلى سنوات عديدة أفضل من التركيز فقط على الأحوال القريبة قصيرة الأجل التي تحد من تصرفاتها.
وقد ورد بمجلة Pipeline المتخصصة في أحوال صناعة النفط والغاز والبتروكيماويات في الخليج، الأخبار التالية التي تتعلق بأزمة أسعار النفط.
ـ تقديرات أسعار النفط الخام Oil Price Forecast
قدرت الإدارة الأمريكية لمعلومات الطاقة US Energy Information Administration
 أسعار النفط الخام بـ 10.75 دولار للبرميل خلال الربع الأول لعام 1999
                       11.73                                 لعام 1999
مقابل                 12.16                                 لعام 1998
وهو أدنى سعر منذ عام 1973
          وأوضحت الإدارة الأمريكية أن أسعار الزيت الخام ستظل منخفضة بسبب عوامل عديدة، منها قدرة أوبك على إقرار مزيد من الانخفاض في مستويات الإنتاج.
ـ  بينما كان المسؤولون في منظمة أوبك يحشدون قواهم لعقد اجتماع استثنائي للقيام بعمل مشترك قبل الاجتماع العادي المقرر عقده في 23 مارس 1999، أوضحت فنزويلا أنه من غير المحتمل عقد هذا الاجتماع الاستثنائي لأن الحكومة الجديدة للبلاد سوف يتم تنصيبها رسمياً في 2 فبراير 1999. وصرَّح مسؤولو وزارة البترول الجديدة أنه لا يمكن إعطاء وعود بإجراء تخفيضات جديدة إلاّ بعد أن تتولى الوزارة الجديدة السلطة رسمياً.
ـ  سجلت شركة البترول والغاز الحكومية بإندونيسيا (Pertamina) خسارة في أرباحها الإجمالية للسنة المالية 1997 ـ 1998 قدرها 238 مليون دولار بنسبة 42% وينسب هذا التدهور الحاد في أرباح الشركة إلى هبوط سعر صرف وحدة النقد الرسمية الروبية في مواجهة الدولار منذ منتصف عام 1997 عندما وقعت الأزمة المالية في إندونيسيا، وإلى تدهور الموارد المالية في السوق بصفة عامة بسبب انخفاض أسعار البترول الخام.
          كذلك نعرض فيما يلي بعض البرقيات الواردة بشأن تأثُّر إيرادات بعض شركات البترول العالمية بتدهور أسعار البترول الخام.
فيما يلي بيان بتطور الأسعار العالمية للبترول الخام بالنسبة للعربي الخفيف عام 1998 (مقارنة بعام 1997) 
1998 (العربي الخفيف Arabian light)                   1997
يناير      13.99  دولاراً للبرميل                          22.66
فبراير    12.80                                           20.03
مارس    11.44                                           19.11
أبريل    12.20                                            17.77
مايو     12.68                                            19.13
يونيه    11.91                                            17.95
يوليه    11.84                                            17.74
أغسطس12.73                                            17.88
سبتمبر  14.03                                            17.99
أكتوبر  12.31                                            19.36
نوفمبر  11.63                                            18.81
ديسمبر 9.69                                               16.85
--------------------------------------------------------------------
      1998  العرض والطلب العالميان للبترول           1997
العرض75.21 مليون برميل يومياً                          75.83
الطلب  72.25                                            74.49
          من الواضح أن زيادة العرض عن الطلب في 1998 أكبر منها في عام 1997 مما أدى إلى إغراق السوق العالمي للبترول وأدى بدوره إلى تدهور الأسعار.
فورت ويرث، تكساس ـ (برقية تجارية) ـ 25 يناير 1999 
Fort Worth, Texas - (Business Wire) - Jan. 25. 1999:
          أعلنت مجموعة شركات اتحاد الموارد الباسيفيكي المتحدة Union Pacific Resources Group ـ اليوم ـ أن انهيار أسعار البترول خلال عام 1998 أسفر عن خسائر في هذا العام بلغت 899 مليون دولار بالرغم من زيادة الإنتاج بنسبة 53%.
          ذلك بسبب هبوط أسعار البترول الخام إلى 10.48 دولاراً للبرميل بنسبة 43% في مقابل 18.36 دولاراً للبرميل عام 1997.
          ومن أجل تعويض هذه الخسائر تركز الشركة نشاطاتها على تنفيذ استراتيجيتين، حتى ولو كانت في مجال يسود فيه انخفاض الأسعار:
ـ  تطوير فرص اكتشاف الغاز الطبيعي في أمريكا الشمالية.
ـ  وزيادة المساهمة في أسهمها الجديدة في أمريكا اللاتينية، عن طريق الاستثمار العاجل في حفر الآبار.
ـ  وقد قامت الشركة خلال السنوات الثلاث الماضية بإجراء مسح لاكتشاف مشروعات ذات عائد مرتفع، وهي بذلك تحقق ارتفاع مستوى إنتاجها، حتى في ظل أسعار الوقت الحاضر المنخفضة.
          وتجدر الإشارة إلى أن هذه الشركة Union Pacific Resources Group Inc تعتبر واحدة من أكبر الشركات المستقلة لاكتشاف وإنتاج البترول والغاز في الولايات المتحدة.
شركة كونوكو تواجه حياة صعبة بسبب انهيار أسعار البترول
[ltr]Conoco Finds Life tough due to price fall [/ltr]
نيويورك ـ 27 يناير 1999 (وكالة رويتر للأنباء)
[ltr](NEW YORK, Jan 27. 1999 (Reuters [/ltr]
          أفادت شركة كونوكو أن مقدار خسائر الربع الرابع من عام 1998 بلغ 263 مليون دولار بسبب انخفاض الطلب على البترول والطقس الدافئ، الأمر الذي أدى إلى تدهور أسعار البترول.
          وقد صرَّح Archie Dunham رئيس الشركة وكبير مديريها التنفيذيين:
"أن تأثير هذه الأسعار المتدنية ـ التي لم تحدث منذ 25 سنة ـ والطقس الدافئ وضعف الطلب العالمي على البترول مجتمعة كان لها وقْع ضخم على صناعة البترول العالمية في عام 1998. حيث وصل سعر البترول إلى 10.99 دولاراً للبرميل".
          كما انخفض مقدار دخل الشركة إلى 450 مليون دولار بعد أن كان 1.029 بليون دولار، بخسارة تبلغ 579 مليون دولار.
          وعلى الرغم من أقسى الظروف التي واجهتها صناعة البترول منذ السبعينات، التي لم تبين أي مؤشرات على انخفاض أسعار البترول بحيث ظلت أسعار خام برنت غرب تكساس المتوسط محبوسة تحت 13 دولاراً للبرميل، بعد أن تراوحت أسعارها بين 17 ـ 21 دولاراً للبرميل خلال السنوات العشر قبل عام 1998، فقد كان Dunham رئيس شركة كونوكو يشعر بالتفاؤل.
لذلك قال معبراً عن مشاعره:
"وعلى الرغم من هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، تحركت الشركة ـ في نضال وكفاح ـ قُدُماً إلى الأمام نحو تحقيق أهدافها التنموية على المدى الطويل".
نيويورك، 27 يناير 1999 (وكالات رويتر للأنباء)
[ltr]NEW YORK, Jan. 27 (Reuters)[/ltr]
          شركة تكساكو Texaco Inc ـ رابع أكبر شركات البترول في الولايات المتحدة الأمريكية ـ أفادت بأن نجاحها في الحفاظ على إيرادات أسهمها المالية، في هذا المجال الذي يسود فيه تقهقر أسعار البترول، يعتبر عملاً عظيماً.
          كما صرحت بأنه من غير المرغوب فيه وضع تقديرات إنتاج البترول لأجل طويل بسبب تذبذب أسعار البترول وسرعة تأثرها. وقد اعتبرت تكساكو أن انخفاض أسعار البترول الخام بنسبة 40% في عام 1998 مسؤولاٍ عن النتائج المُحبطة التي أسفر عنها الربع الرابع من العام المذكور.
          ولا يزال سعر خام غرب تكساس المتوسط West Texas Intermediate crude oil أقل من 13 دولار للبرميل، وهو أقل بكثير عن السعر الذي كان يتراوح بين 17 ـ 21 دولاراً للبرميل خلال السنوات العشر السابقة على عام 1998.
          وقالت تكساكو إن الإنتاج في عام 1999 سوف ينخفض بمقدار 1% إلى 2% عما كان عليه في عام 1998.
          وقد أفادت Elizabeth Smith ـ نائب رئيس علاقات المستثمرين وخدمات حاملي الأسهم ـ أمام مؤتمر للمحللين، بأن الشركة لديها أربعة أو خمسة مشروعات داخلية للإنتاج يعتمد تنفيذها على تطور أسعار البترول وعلى المدى الذي يصل إليه.
إندماجات بين شركات البترول الكبرى في ظل تدني الأسعار
          سبق القول إن بعض شركات البترول الكبرى قد أصدرت نشرات في يناير 1999 لبيان موقفها في ظل انهيار أسعار البترول، الذي أسفر عن خسائر فادحة لها خلال عام 1998. وكان من أثر ذلك حدوث إندماجات بين هذه الشركات ـ بداية من أغسطس 1998 ـ باندماج شركتي أموكو الأمريكية وبريتش بتروليم البريطانية في صفقة مقدارها 53 بليون دولار، أعقبها بعد ثلاثة أشهر اندماج شركتي إكسون وموبيل في صفقة قيمتها 80 بليون دولار، ثم الإعلان عن اندماج شركتي توتال الفرنسية وبتروفينا البلجيكية في صفقة قيمتها أكثر من 50 بليون دولار.
          وتهدف هذه الإندماجات بصفة رئيسية إلى تقليل تكاليف الإنتاج والنفقات، فضلاً عن تفادي منافسة طاحنة في الأسواق، واقتسام المصادر البترولية الجديدة خاصة في بحر قزوين، التي تعتبر من المناطق البترولية الغنية ذات الاحتمالات البترولية الضخمة والتي لم تُستغل بعد الاستغلال الأمثل.
          وتضم منطقة بحر قزوين كل من كازاخستان وتركمانستان وإيران وروسيا. وهي تعد ثاني أكبر مصدر للطاقة في العالم بعد الخليج العربي. وقد تم التعاقد مع 20 شركة بترول عالمية باستثمارات قيمتها حوالي 30 مليار دولار. وتحقق بالفعل العديد من الاكتشافات البترولية، ومن المتوقع ان يصل الإنتاج منها إلى حوالي 65 مليون طن بترول في عام 2005.
          وسوف تؤدي هذه الإندماجات أيضاً إلى إعطاء هذه الكيانات البترولية الضخمة وحكوماتها دوراً هاماً في سوق البترول العالمي، وفي المفاوضات مع الدول المنتجة للبترول وفرض مزيد من السيطرة على صناعة البترول العالمية في جميع مراحلها.
          وتجدر الإشارة إلى أن صفقة الإندماجات المشار إليها تطرح واقعاً جديداً في خريطة النفط لفترة طويلة قادمة. وتفتح الباب أمام منافسة الشركات النفطية المملوكة لدول أوبك من حيث الاحتياطي. وتعتبر صفقة إندماج إكسون وموبيل أحدث إندماج في صناعة النفط، التي تكافح لمواجهة هبوط أسعار النفط التي هوت إلى أدنى مستوى لها خلال الثلاثة عشر عاماً الماضية إلى جانب ارتفاع التكلفة.
وفي مناسبة إندماجات بعض شركات البترول العالمية، ظهرت في العالم العربي دعوتان:
الأولى:  تدعو منظمة أوبك الدول أعضاءها إلى تنفيذ عمليات إدماج بين شركات البترول الوطنية وفقاً لمفاوضات بين الدول المتقاربة، الأمر الذي يضاعف من قوتها في وضع استراتيجية تواجه بها هذه التكتلات البترولية الضخمة، التي أعادت إلى الأذهان الشقيقات السبع الاحتكارية، التي هيمنت على صناعة البترول ردحاً طويلاً من الزمن حتى أواخر الخمسينات وبعد ذلك أيضاً.
الثانية:  أشار المراقبون الماليون إلى أهمية قيام البنوك العربية بالاندماج فيما بينها من أجل تدعيم مركزها المالي في الاقتصاد العالمي الذي يئن من الأزمات المتكررة. خاصة وأن انخفاض أسعار البترول الحاد، الذي تشهده الأسواق البترولية قد ألقى بظلاله القاتمة على اقتصاديات الدول المنتجة، التي تشهد بطءا في النمو الاقتصادي الناجم عن تدهور عائداتها البترولية.
          جدير بالذكر أن إمكانية اندماج البنوك العربية يصطدم بالكثير من العوائق والصعوبات أهمها الظروف والعلاقات السياسية التي تلعب دوراً هاماً في نجاح أية تكتلات أو اندماجات اقتصادية عربية، إضافة إلى افتقارها للشفافية وانغلاق الأسواق المالية العربية نسبياً.
          ولكن يجب ألاّ تقف هذه الصعوبات حجر عثرة في وجه المحاولات الجادة في هذا الاتجاه. فإن اندماج البنوك العربية يعني مزيداً من رأس المال اللازم لتمويل المشروعات الكبرى وخاصة البترولية في ظل انكماش الاستثمارات العالمية.
          وعلى جانب آخر يبدو واضحاً أن قضية أسعار البترول وانهيارها تتعرض لضغوط سياسية أكثر من ارتباطها بمؤثرات العرض والطلب العالميين.
          يؤكد ذلك ما أعلنه وزير الطاقة الأمريكي ريتشاردسون على أهمية عدم تدخل الدول المنتجة الكبرى داخل أوبك وخارجها سياسياً لرفع أسعار البترول مشيراً إلى أن بلاده تفضِّل ترك مثل هذا الأمر لأدوات السوق نفسها.
          كذلك عندما شهد المؤتمر الدولي السادس للطاقة ـ الذي عُقد في كيب تون بجنوب أفريقيا في نوفمبر 1998 ـ اجتماعات غير رسمية بين وزراء البترول في الدول الأعضاء في منظمة أوبك، الذين حضروا المؤتمر وهم: وزراء السعودية والإمارات وليبيا والجزائر وقطر وفنزويلا بالإضافة إلى دكتور لقمان سكرتير عام أوبك، وحضرها أيضاً وزراء من الدول خارج أوبك من المكسيك ومصر. وقد أشار دكتور لقمان إلى أن فكرة التعاون بين المنتجين في أوبك وخارجها ليست جديدة. وتسعى أوبك إلى تعزيزها دون إضفاء الصفة الرسمية عليها، وذلك من أجل الحد من الانهيار الذي تشهده مستويات الأسعار والعمل على انتعاشها.
          أسرع مساعد وزير الطاقة الأمريكي عبر كلمة وجهها أمام المؤتمر ـ رداً على الاجتماعات غير الرسمية لوزراء دول أوبك ـ بتأكيد معارضة الولايات المتحدة الأمريكية لتلك الاجتماعات والمطالبات برفع أسعار البترول، وشدَّد على أن الأسواق الحرة هي أفضل وسيلة لإحداث التوازن بين المنتجين والمستهلكين.
          ويجدد هذا القول تأكيد الاعتراض القديم للولايات المتحدة الأمريكية على محاولات أوبك إنعاش الأسواق وأسعار البترول بالتحكم في جانب العرض.
          وكرر مساعد وزير الطاقة الأمريكي معارضة بلاده للاجتماعات متعددة الأطراف التي ترمي إلى التأثير على أسعار البترول ومستويات إنتاجه.
          والحقيقة الواضحة في هذا الصدد، أن الولايات المتحدة الأمريكية ترى أن من مصلحتها أن تظل أسعار البترول منخفضة، لدرجة أنها أعلنت صراحة أن هبوط أسعار البترول في الأسواق العالمية أدى إلى جعل البترول المستورد أرخص ثمناً من الخام المنتج محلياً، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع متوسط واردات الخام الأمريكية في شهر نوفمبر 1998 إلى نحو 8.6 مليون ب/ ي مسجلاً رقماً قياسياً. كما بلغ إجمالي مخزون البترول ـ باستثناء الاحتياطي الاستراتيجي ـ نحو 335 مليون برميل وهو أعلى مستوى لشهر نوفمبر 1998 منذ عام 1994.
          وفي المقابل انخفض إنتاج الولايات المتحدة الأمريكية من الزيت الخام إلى نحو 6.4 مليون ب/ ي وهو أدنى مستوى تحقق منذ عام 1954.
          وليس من العسير ـ بعد ذلك ـ التوصل إلى فَهْم مدى تأثير الضغوط السياسية على أسعار البترول، ومَن الذين يمارسون هذه الضغوط.
          في الوقت الذي ما زالت فيه أنظار العالم بأسره ـ في ترقُّب وقلق ـ تتركز على الاجتماع الوزاري العادي لمنظمة أوبك في 23 مارس 1999، كانت محاولة الاطلاع على عديد من الصحف الخليجية ـ الصادرة خلال الفترة من 1 ـ 17 مارس 1999 ـ والتي لم تخل واحدة منها من مقال أو تعليق أو معلومات عن أخبار أزمة أسعار النفط ولعل اختيار بعض مقتطفات من الأخبار البترولية من هذه الصحف تكشف لنا عن اتجاهات الرأي العام العربي من مواقع الأحداث.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69673
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Empty
مُساهمةموضوع: رد: البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول   البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Emptyالإثنين 07 مارس 2016, 11:04 pm

الفصل السادس
أسعار البترول في التسعينات بين التحسن والهبوط وأثرها على الاقتصاد العالمي


[rtl]صحيفة عكاظ [/rtl]

  • فُتح الطلب بشكل أساسي عن متعاملين يغطُّون مراكزهم قبيل اجتماع منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) في فيينا يوم 23 مارس 1999 تحسباً لاحتمال إقرار منتجي النفط الكبار خفضاً جديداً في الإنتاج.
  • أُغلق سعر خام مزيج برنت القياسي العالمي المستخرج من بحر الشمال مرتفعاً 29 سنتاً حيث إلى 11.54 دولاراً للبرميل في بورصة البترول الدولية بلندن.
  • وفي نيويورك ارتفع سعر خام غرب تكساس الخفيف القياسي في سوق نايمكس في أواخر التعاملات من 13.36 إلى 13.93 دولاراً للبرميل.
  • إن أسباب تدني أسعار النفط تعود في الحقيقة إلى ما يلي:

1.  قدرة صناع السياسة الاستهلاكية على النفاذ إلى بيت المنتجين (الأوبك) عن طريق إثارة موضوع الاحتياطيات النفطية العالمية ومشكلة النضوب الاقتصادي للبترول مستفيدين من تعارض مصالح أعضاء الأوبك أنفسهم. ففي الأوبك أعضاء يملكون احتياطيات نفطية منخفضة من مصلحتهم رفع الأسعار، وأعضاء يملكون احتياطيات نفطية كبيرة من مصلحتهم عدم رفع الأسعار وذلك لتقليص فرص ظهور بدائل أخرى للطاقة.
وعندما أدركت الدول ذات المخزون الأقل بأن دول الاحتياطي الأكبر قادرة على تنفيذ سياستها السعرية، سارعت إلى زيادة حجم الإنتاج الذي كان مقدراً لها من قِبل أوبك، الأمر الذي أدى إلى زيادة العرض العالمي من النفط وعليه انخفضت الأسعار.
2.  قيام الحرب العراقية الإيرانية واجتياح العراق لدولة الكويت في مطلع التسعينات وأدى ذلك إلى تعطيل صناعة النفط وإصابة السوق النفطية بنوع من الاضطراب والعجز أمام تلبية الطلب العالمي، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار وتدخل دول الأوبك ذات الاحتياطي الكبير لزيادة الإنتاج للحفاظ على الأسعار وتلافي السلبيات التي قد تنشأ على السوق العالمي بأكمله.
[rtl]وقد شهدت فترة عودة أطراف هذه الحروب إلى إنتاج النفط، وعودة الدول ذات الاحتياطيات الكبيرة إلى إنتاجها السابق، زيادة في العرض العالمي من النفط وعلى أثر ذلك انخفضت الأسعار. وهذا ما يحدث في سوق النفط. [/rtl]

  • انتهت محادثات لاهاي (في 12 مارس 1999) التي شارك فيها وزراء نفط السعودية (ممثِّلة لدول اتفاق الشيبة وهي الكويت وقطر وسلطنة عمان) وفنزويلا وإيران والجزائر، إضافة إلى المكسيك (من خارج أوبك) بالاتفاق على خفض المعروض النفطي في السوق العالمية بأكثر من مليوني برميل يومياً.. تشمل المنتجين من أوبك ومن خارجها بدءاً من أول أبريل 1999.

[rtl]ويأتي اجتماع لاهاي ليشكل المحطة الرابعة من الجهود التي تقودها السعودية لإعادة التوازن إلى السوق البترولية ودفع الأسعار إلى معدلاتها المعقولة والعادلة التي تلبي احتياجات المنتجين وتتلاءم مع الأوضاع الاقتصادية للمستهلكين. [/rtl]
[rtl]هذه الجهود بدأت محطتها الأولى في الرياض في مارس 1998 عندما اجتمع وزراء نفط السعودية وفنزويلا إضافة إلى المكسيك وتوصلوا إلى اتفاق سمي بـ "إعلان الرياض" الذي دعا إلى تخفيض إنتاج أوبك بنحو 1.245 مليون برميل يومياً، كما دعا الدول المنتجة من خارج أوبك إلى التعاون مع الجهود المبذولة لسحب الفائض من السوق. [/rtl]
[rtl]وقد أقر اجتماع وزراء أوبك الطارئ رقم 104 في 30 مارس 1998 هذا التخفيض. [/rtl]
[rtl]وعندما استمر تدني الأسعار كانت الخطوة الثانية بمبادرة من السعودية لإجراء مباحثات جديدة مع مجموعة الرياض (السعودية وفنزويلا والمكسيك) لمواصلة مساعيها ومشاوراتها حيث اجتمع وزراء بترول هذه الدول في أوائل شهر يونيه 1998 في امستردام بهولندا وأعلنوا في بيان مشترك إجراء تخفيض ثان للإنتاج. [/rtl]
[rtl]وقد أقر اجتماع وزراء أوبك رقم 105 في 24 ـ 25 نوفمبر 1998 ـ في ضوء المباحثات المشار إليها ـ خفض إنتاج أوبك بمقدار 1.355 مليون برميل يومياً اعتباراً من أول يوليه 1998 لمدة عام. [/rtl]
[rtl]وجاءت الخطوة الثالثة على هامش افتتاح حقل الشيبة النفطي في 10 مارس 1999 حيث اجتمع وزراء نفط السعودية والكويت وقطر وسلطنة عمان وأصدروا "بيان الشيبة" الذي أكد على ضرورة اتخاذ كافة الإجراءات لسحب المعروض النفطي الزائد عن حاجة السوق ورفع الأسعار، واتفق الوزراء على المطالبة بخفض الإنتاج في حدود 10% من إنتاج الدول المنتجة داخل وخارج أوبك. [/rtl]
[rtl]وكان اجتماع الشيبة تمهيداً لاجتماع لاهاي في 12 مارس 1999 سالف الذكر، الذي كان بدوره تمهيداً للاجتماع المرتقب لدول أوبك في 23 مارس 1999. [/rtl]

  • وعقب إعلان أنباء الاتفاق على التخفيضات النفطية الجديدة بعد اجتماع هولندا شهدت الأسعار النفطية ارتفاعاً حيث وصل نفط فنزويلا إلى 10.06 دولاراً للبرميل بعد أن كان متوسط السعر في مارس 99 ـ 9.38 دولاراً للبرميل و 8.30 دولاراً للبرميل في فبراير 1999.

[rtl]كما اُغلق سعر خام القياس العالمي مزيج برنت للعقود تسليم أبريل في سوق البترول الدولية بلندن على 12.60 دولاراً للبرميل مرتفعاً 42 سنتاً عن مستوى إغلاق يوم 11 مارس 1999. [/rtl]
[rtl]وفي سوق نايمكس بنيويورك بلغ سعر الخام الخفيف لعقود أبريل في أواخر التعاملات 14.50 [/rtl]
[rtl]دولاراً للبرميل مقارنة مع 14.31 عند إغلاق 11 مارس 1999 وصرح يوسف يوسفي وزير النفط الجزائري والرئيس الحالي لأوبك أن التخفيضات المقترحة وافقت عليها عشر دول من الإحدى عشرة دولة إضافة إلى المكسيك وسلطنة عمان، وذلك لأن العراق العضو في أوبك مستثنى من اتفاقات خفض الإنتاج. [/rtl]
[rtl]وأضاف يوسفي أنه يجري مشاورات مع منتجين آخرين خارج أوبك بينهم روسيا والنرويج للانضمام إلى إقرار التخفيضات الجديدة. [/rtl]

  • صرح رود ريجيز وزير الطاقة والمناجم الفنزويلي أن كل الدول الرئيسية المنتجة للنفط اقتربت من تخفيض نفس النسبة المئوية من إنتاجها وفقاً لاتفاق لاهاي في 12 مارس 1999 وأكد أن فنزويلا التي انتهكت لسنوات اتفاقياتها في أوبك، تلتزم بشكل كامل الآن بخفضها 535 ألف برميل يومياً من إنتاجها الذي يصبح بعد ذلك 2.845 مليون برميل يومياً.

[rtl]صحيفة الحياة [/rtl]

  • قال مصدر سعودي مطلع لصحيفة "الحياة" إن السعودية على الرغم من أنها تقود حملة كبيرة لخفض الإنتاج، إلاّ أنها لن تخفض إنتاجها دون التزام قوى من الدول المنتجة الأخرى. وشدد المصدر على أن السعودية "لن تتراجع بأي حال عن قرارها بشأن عدم القيام بدور المنتج المُرجِّح كما فعلت في الثمانينات، ولن تخفض إنتاجها إلا ضمن التخفيضات الجماعية.

[rtl]وكان المصدر قد تحدث إلى "الحياة" قبيل اجتماع امستردام، الذي ضم وزراء نفط ست دول منتجة هي: السعودية وإيران والجزائر وفنزويلا ومندوب عن المكسيك والنرويج. [/rtl]
[rtl]وقال "إن كل المؤشرات إيجابية وتدل على أن اجتماع أوبك في فيينا سيشهد تخفيضات جيدة تسهم في عودة استقرار السوق إلى سابق عهده". [/rtl]
[rtl]وأشار مصدر نفطي خليجي آخر إلى أن عدم حضور الإمارات العربية المتحدة لقاء الشيبة، لا يقلل من أهمية البيان الذي أصدره وزراء نفط الخليج، فالإمارات رغم عدم حضورها الاجتماع، إلاّ أنها التزمت بقرارات التخفيض[2]. [/rtl]
[rtl]دعم موازنات دول منظمة أوبك [/rtl]

  • أفاد المحلل النفطي مهدي فارازي ـ عن تقديرات غربية ـ أن دول أوبك خسرت خلال عام 1998 ما يقرب من 50 بليون دولار من دخولها النفطية لتصل إلى نحو 110 بلايين دولار ـ وهو أدنى إجمالي دخول منذ عام 1989، في حين بلغت تلك الدخول حدها الأعلى بنحو 280 بليون دولار عام 1980.

[rtl]كذلك تراجعت حصة أوبك من إجمالي صادرات النفط العالمية خلال العقدين الماضيين من نحو 94% إلى 65%. ومع ذلك لم تحقق بلدان أوبك نتائج إيجابية بالتقليل من اعتمادها على إيرادات النفط. [/rtl]
[rtl]لذلك يجب على دول الخليج النفطية التقليل من بنود الدفاع في موازناتها، التي قُدِّرت بنحو 31.5 بليون دولار. وعليها أيضاً التخلي عن جزء من الدعم الداخلي الذي تقدمه حكوماتها لأسعار بعض المواد وعلى الأخص المشتقات النفطية المستهلكة كذلك عليها الشروع في تبني أنظمة ضريبية لدعم وتنويع مصادر الدخل، والعمل على تقليل اعتماد القطاع الخاص على العقود الحكومية وتوجيهه إلى نشاطات وآفاق عمل أخرى إضافة إلى تخفيض حجم العمالة في قطاعاتها النفطية ففي إيران يُقدَّر عدد العاملين في هذا القطاع بنحو 150 ألف شخص وفي فنزويلا نحو 45 ألف شخص. أما شركة أرامكو السعودية فتوظف قرابة 55 ألف عامل. [/rtl]
[rtl]خفض الإنتاج يستمر سنة كاملة [/rtl]

  • باريس ـ رندة تقي الدين

[rtl]قال وزير الطاقة والكهرباء والمياه القطري عبدالله العطية أن أسعار النفط عام 1998 كانت أسوأ أسعار في تاريخ منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" وأنها وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ ستين عاماً. [/rtl]
[rtl]وأضاف أن المنتجين من داخل المنظمة وخارجها مدركون أن استمرار تراجع الأسعار سيشكل كارثة على الصناعة النفطية. [/rtl]
[rtl]ورأى أن عدم التطبيق الصحيح لقرار الخفض الذي تم اتخاذه في افتتاح حقل الشيبة في السعودية ولا هاي سيؤدي إلى انهيار الأسعار. [/rtl]
[rtl]وأفاد العطية الذي كان يتحدث إلى "الحياة" على هامش مؤتمر الدوحة الثالث للغاز الطبيعي، أن الخفض الذي قررته الدول المنتجة في لاهاي سيسري ابتداء من مطلع أبريل 1999 ولمدة سنة كاملة، على أن تقوم كل دولة بتخفيض إنتاجها حسب النسب التي تم الاتفاق عليها في أوبك في شهر يونيه 1998. [/rtl]

  • لندن ـ الحياة

[rtl]هدأت موجة ارتفاع الأسعار في سوق النفط بعدما حقق الخام مكاسب بلغت دولاراً واحداً للبرميل خلال فترة الأسبوعين الماضيين. [/rtl]
[rtl]وارتفع سعر مزيج خام القياس برنت بين عقود أبريل ومايو 1999 بنسب ملحوظة إثر قرار لاهاي في 12 مارس 1999 بخفض الإنتاج أكثر من مليوني برميل يومياً. [/rtl]
[rtl]وتم في بورصة النفط الدولية في لندن إقرار عقود مايو 1999 بسعر 12.67 دولاراً في البرميل دون انتظار اتضاح الرؤية في الاجتماع المقبل لدول أوبك الذي سيعقد في 23 مارس 1999. [/rtl]
[rtl]وفي الجزائر (عن طريق وكالات رويترز) قال وزير الطاقة والمناجم ورئيس أوبك يوسف يوسفي إن إجمالي التخفيضات المتفق عليها يبلغ 2.1 مليون برميل يومياً منها 400 ألف ب/ ي من جانب المنتجين غير الأعضاء في أوبك. [/rtl]
[rtl]جريدة الشرق الأوسط [/rtl]
[rtl]التكنولوجيا المتطورة وراء انخفاض أسعار النفط [/rtl]

  • الكويت ـ قال الخبير في المعهد الفرنسي للبترول جان فرانسوا جيانيسني إن استخدام التكنولوجيا المتطورة والبراعة في إدارة المشروع والحرص على الربحية كانت وراء خفض تكاليف استكشاف وإنتاج النفط ووراء زيادة العرض وتراجع الأسعار النفطية.

[rtl]إن خفض تكاليف عمليات الاستكشاف والإنتاج على المستوى العالمي قد لعب دوراً هاماً في سيناريو الأسعار المنخفضة وزيادة العرض المؤقتة الناجمة عن اكتشاف احتياطيات جديدة لا سيما في المياه العميقة، التي تم تطويرها بتكاليف منخفضة ساهمت في زيادة طاقة الإنتاج العالمية ودفعت الأسعار إلى التراجع. [/rtl]
[rtl]وأضاف الخبير الفرنسي بأن خفض التكاليف يبدو لأول وهلة أنه عمل جيد، إلاَّ أن الواقع ليس دائماً كذلك، لأن الاستثمار في صناعة النفط بهدف خفض التكاليف يؤدي إلى أرباح أقل مما لو تم استثمار تلك الأموال في تطوير حقول جديدة. فكل دولار يُصرف للعثور على احتياطيات جديدة وتطويرها ـ في حالة ارتفاع الأسعار ـ يحقق أرباحاً أكثر من الدولار الذي يُصرف على خفض التكاليف. وقال إن هذا يوضح سبب عدم إعطاء أولوية للاستثمار في خفض التكاليف خلال فترة السبعينات والثمانينات. [/rtl]

  • التحرك السعودي باستضافة وزير النفط الإيراني في الرياض حيث تم الاتفاق مع إيران حول حصة الإنتاج الفعلية لطهران، التي يحسب على أساسها الخفض المقبل في الإنتاج يُعد حجر الزاوية في نجاح اجتماع أوبك القادم في فيينا.

[rtl]لقد كانت حصة إيران موضوع الخلاف الرئيسي في اجتماع أوبك السابق في نوفمبر 1998 (الذي انفض دون التوصل إلى اتفاق)، حيث تقول إيران إن إنتاجها 3.925 مليون برميل يومياً ويجب أن يتم الخفض من هذه الحصة، بينما تشير تقارير التحميل والشحن المستقلة إلى أن إنتاج إيران الفعلي 3.65 مليون برميل. وقد أسهم هذا الخلاف في تجاوز إيران لحصتها الإنتاجية. من هذا المنطلق يمكن تقييم الخطوة التي توصل إليها علي النعيمي وزير النفط السعودي مع نظيره الإيراني حول تحديد الحصة الإيرانية وما ترتب عليها من ارتفاع للأسعار في الأسواق العالمية، فإن المتعاملين في الأسواق يعلمون أن تجاوز هذه العقبة سيفتح الباب أمام اتفاق الدول الأعضاء في أوبك لإجراء خفض ثالث في الإنتاج. [/rtl]
[rtl]ووفقاً لوكالة أنباء منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) الصادرة في 11 مارس 1999 ونقلاً عن أمانة أوبك، فإن سعر سلة أوبك التي تضم سبعة خامات ارتفع إلى 11.65 دولاراً للبرميل يوم 10 مارس 1999 من مستوى 10.93 دولار يوم 9 مارس 1999. [/rtl]

  • قفز سعر النفط لأول مرة في 12 مارس 1999 متجاوزاً حاجز الـ 13 دولاراً للبرميل في إشارة واضحة إلى أن الاتفاق الذي قادته السعودية لخفض الإنتاج بأكثر من مليوني برميل، بدأ يؤثر على الأسعار حيث سجل سعر برميل نفط برنت 13.08 دولاراً تسليم شهر أبريل 1999.

[rtl]وقال البيان المشترك الذي قرأه وزير النفط الجزائري يوسف يوسفي الرئيس الحالي لأوبك "إنه تم الاتفاق على خفض إنتاجي يزيد عن مليوني برميل في اليوم فوق الالتزامات السابقة التي تم الاتفاق عليها في عام 1998. [/rtl]
[rtl]كما أفادت مصادر خليجية أنه من المقرر أن يقلص الاتفاق الجديد حجم إنتاج أوبك نحو 8% أخرى إضافة إلى التخفيضات الحالية التي تبلغ نحو 10%. [/rtl]

  • قالت وكالة الأنباء النرويجية إن وزيرة النفط والطاقة ماريت ارنشتاد طلبت أمس (15 مارس 1999) من لجنة برلمانية رئيسية الموافقة على خفض 100 ألف برميل يومياً أخرى وأضافت أنه يبدو أن توافق لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان على الطلب.

[rtl]كما قال مصدر إيراني إن إيران وافقت على خفض 250 ألف برميل يومياً بمقتضى اتفاق إنقاذ الأسعار. [/rtl]
[rtl]كما نقلت الوكالة عن مندوبين قولهم إن المملكة العربية السعودية ستخفض إنتاجها النفطي بواقع 585 ألف برميل يومياً بموجب اتفاق لاهاي. [/rtl]
[rtl]جريدة السياسة [/rtl]
[rtl]أوابيك تؤكد بقاء الدول العربية النفطية دعامة رئيسية للعالم [/rtl]

  • أكدت منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك) أن الدول الأعضاء فيها ستظل الدعامة الرئيسية لتأمين الاحتياجات العالمية للنفط طالما أنها تمتلك 61% من الاحتياطيات المؤكدة للنفط في العالم، وطالما بقيت تكلفة الإنتاج لديها منخفضة.

[rtl]وذلك في افتتاحية نشرتها الشهرية عن شهر مارس 1999، التي تُفنِّد من خلالها توقعات وجود احتياطيات ضخمة من النفط قد تصل إلى 300 بليون برميل في منطقة بحر قزوين. فإنها لا تُقارن بالاحتياطيات المؤكدة لدول الخليج التي تُقدَّر بـ 400 بليون برميل. [/rtl]
[rtl]وأوضحت الافتتاحية أن تلك التوقعات قد أغفلت التمييز بين ما هو موجود جيولوجيا من نفط تحت الأرض وما يمكن استخراجه منه باستخدام التقنيات المتاحة حالياً. [/rtl]
[rtl]وأن ما أظهرته الدراسات ـ بشأن احتياطيات منطقة بحر قزوين ـ يخالف تلك التوقعات، حيث أن أفضل تقديرات النفط المتوفر في المكامن في تلك المنطقة تتراوح بين 70 ـ 200 بليون برميل، منها 20 ـ 35 بليون برميل قابلة للاستخراج كحد أقصى. [/rtl]
[rtl]وأشارت النشرة إلى أن مستوى إنتاج منطقة بحر قزوين وجمهوريات آسيا الوسطى قد يبقى عند مستواه الحالي، والذي يبلغ مليون برميل يومياً مقارناً بتوقعات سابقة تضيف إلى هذا المستوى ما بين 2.5 ـ 3.5 مليون برميل يومياً بحلول عام 2010. في حين أن الإنتاج الحالي لدول مجلس التعاون الخليجي يناهز 13 مليون ب/ ي فضلاً عن أن تطوير مصادر النفط في منطقة بحر قزوين سيتأثر سلباً بمستوى أسعار النفط المنخفضة حالياً أكثر من منطقة الخليج، التي يتوافر فيها النفط الأقل تكلفة عالمياً، إضافة إلى الصعوبات الجغرافية والسياسية التي تواجه نقل النفط منها إلى منافذ توصيله إلى الأسواق العالمية. [/rtl]
[rtl]ودعت أوابك الدول الأعضاء فيها إلى ضرورة الاهتمام بمتابعة التطورات التقنية في صناعة النفط وأثرها على تكلفة الإنتاج، حيث أن خفض تكاليف إنتاج بحر الشمال قد مكَّنته من المنافسة والاستئثار بشريحة كبيرة من الطلب على النفط رغم المستوى المتدني لأسعاره. [/rtl]
[rtl]صحيفة العالم اليوم [/rtl]
[rtl]ثالث خفض للإنتاج خلال عام [/rtl]

  • أشار علي النعيمي وزير البترول السعودي ـ في تصريح خاص خلال افتتاح حقل الشيبة ـ إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي تسعى بشكل جدي إلى إعادة الاستقرار إلى السوق البترولية العالمية عن طريق تخفيض الإنتاج الفعلي وبشكل ملموس إضافة إلى التخفيضات السابقة.

[rtl]وأكد سيادته من جديد أنه لو التزمت الدول المنتجة للبترول بحصص الإنتاج المحددة لها سيتحسن مستوى الأسعار. وحث منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" على مواصلة مراقبة تطورات السوق وإلزام كل الدول الأعضاء بعدم تجاوز حصص الإنتاج. وبالرغم من أن أوبك قد أجرت خفضاً للإنتاج خلال شهري مارس ويونيه 1998 في سقف بلغ إجماليه 2.6 مليون برميل في اليوم دون أن يسفر عنهما تحسُّن في الأسعار إلاّ أن الخفض الثالث والذي سيكون مقداره مليوني برميل وسيتم تنفيذه شهر أبريل 1999 سيكون فعَّالاً ومؤثراً. [/rtl]
[rtl]وقال الدكتور عبدالعزيز داغستاني عضو مجلس الشورى ورئيس دار الدراسات الاقتصادية بالرياض إن دول مجلس التعاون الخليجي المنتجة للبترول هي أكثر الدول تضرراً بتراجع أسعار البترول في الأسواق العالمية إذ انخفضت عائدات تلك الدول من البترول من 90 مليار دولار عام 1997 إلى 55 مليار دولار عام 1998 بنسبة تراجع قدرها 39%. [/rtl]
[rtl]أما عائدات الدول المصدرة للبترول الأعضاء في أوبك فقد تراجعت أيضاً بنسبة 36% من 170 مليار دولار عام 1997 إلى 109 مليار دولار عام 1998. [/rtl]
[rtl]القطاع الخاص… هو البديل لتطوير أسواق المال [/rtl]

  • أعدَّ مركز بخيت للاستشارات المالية بالرياض دراسة بشأن تنويع مصادر دخل الدولة وعدم اعتماد اقتصادها على سلعة واحدة مثل البترول وخاصة بعد أن شهدت أسعار النفط تذبذباً لا استقرار فيه طوال أكثر من عشر سنوات.

[rtl]وتشجع هذه الدراسة على ضرورة المشاركة الفعالة والكاملة للقطاع الخاص الوطني، الذي يقتني أفراده سيولة مالية في الأسواق المالية الخليجية. فذلك يشكل عاملاً إيجابياً في عملية تنويع مصادر الدخل، كما أنه يخفف من درجة اعتماد الاقتصاد المحلي على المصروفات الحكومية، والتي هي أساساً مرتبطة بأسعار البترول. [/rtl]
[rtl]وأشارت الدراسة في هذا الصدد إلى أن مواطني دول مجلس التعاون الخليجي يمتلكون رؤوس أموال كبيرة تصل إلى أكثر من 500 مليار دولار على شكل أصول مالية (سيولة نقدية ـ أسهم ـ صناديق استثمارية وغيرها) مودعة في المصارف الأجنبية، خارج الأنظمة المالية الخليجية. وهذه الأموال يمكن أن تشكِّل وسادة وقائية تستطيع أن تضخ السيولة في الاقتصاديات المحلية عندما تنهار أسعار البترول كما هو حاصل حالياً. ولكن لجذب هذه الأصول المالية يجب أن يقتنع أصحابها بجدوى عودتها ووجود فرص استثمارية لها في الداخل، وهو أمر ليس من السهولة بمكان. ولكن إذا أمكن تحقيقه فإن فترة من الاستقرار والنمو الاقتصادي سوف تسود في المنطقة. [/rtl]
[rtl]ودعت الدراسة إلى ضرورة أن تدار جميع أسواق المال الخليجية بشكل أساسي من قِبل القطاع الخاص، حيث تدار جميع هذه الأسواق حالياً من قِبل جهات حكومية أو شبه حكومية. وذلك من أجل تفعيل وازدهار هذه الأسواق واجتذاب رؤوس أموال المواطنين المهاجرة، على أن يتم وضع القوانين الصارمة بشأن الإفصاح وتوفير شفافية أكبر للشركات المدرجة في البورصة كما هو الحال في معظم أسواق المال العالمية لتجنب وقوع انهيار مفاجئ للشركات، وإنشاء هيئة رقابة قانونية ذات صلاحيات إدعائية وجنائية لمحاربة عمليات النصب والاحتيال. ومراقبة الشركات المدرجة في البورصة وهو أمر إيجابي يجب أخذه بعين الاعتبار ويهدف إلى المحافظة على حقوق المستثمرين وخاصة الصغار منهم. [/rtl]
[rtl]          على هذا النحو تم عرض صورة ضافية للآراء والتعليقات، التي امتلأت بها الصحف العربية والأجنبية والنشرات التجارية لبعض الشركات البترولية العالمية، والتي أدلى بها المسؤولون والخبراء البتروليون بشأن أزمة أسعار البترول. [/rtl]
[rtl]          وفي صباح يوم 23 مارس 1999 نشرت صحيفة الأهرام المصرية (ص5) خبراً من فيينا وباريس وموسكو ووكالات الأنباء عشية بدء اجتماعات المؤتمر الوزاري العادي لمنظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) جاء فيه: [/rtl]
[rtl]          صرَّح يوسف يوسفي الرئيس الحالي للمنظمة بأنه يتوقع أن يرتفع سعر البترول الخام إلى ما يتراوح بين 17 و 18 دولاراً للبرميل الواحد قبل نهاية عام 1999، بفضل الاتفاق الذي تم التوصل إليه في مارس الجاري بين الدول المنتجة للخام لخفض الإنتاج العالمي في اجتماعها بلاهاي. [/rtl]
[rtl]          وأعرب يوسف يوسفي ـ في حديث لنشرة Petrostrategies التي تصدر في باريس ـ عن تفاؤله إزاء تطبيق الاتفاق الأخير، الذي تم التوصل إليه في لاهاي، ويقضي بخفض الإنتاج العالمي من البترول بواقع أكثر من مليوني برميل يومياً اعتباراً من الأول من أبريل 1999. [/rtl]
وقال يوسفي ـ وهو وزير بترول الجزائر ـ إنه يستند في تفاؤله إلى أمور عديدة منها:
ـ  حجم الخفض الذي تقرر.
ـ  وعدم وجود مشكلة في توزيع أعباء الخفض بين البلدان المنتجة للبترول من داخل أوبك وخارجها.
ـ  وقبول كل البلدان لحصصها الجديدة.
وصرح يوسفي حول موقف العراق من التخفيضات الجديدة للإنتاج:
          بأنه يعتقد بأن العراق بلغ الحدود القصوى لقدراته على الإنتاج حالياً. وبالتالي لن يؤثر على أسعار البترول في المرحلة المقبلة.
          وفي موسكو أعلنت وزارة الطاقة الروسية في 21 مارس 1999، أن روسيا ستخفض صادراتها من البترول الخام بمقدار 100 ألف برميل يومياً اعتباراً من أول أبريل 1999 وذلك تمشياً مع القرارات المماثلة التي اتخذتها الدول الأخرى المنتجة للخام.
          ومن المنتظر أن يقرر وزراء الأوبك في اجتماعهم اليوم ـ 23 مارس 1999 ـ بفيينا الخفض الجديد في الإنتاج المتفق عليه في اجتماع لاهاي بين وزراء بترول خمس من كبريات الدول المنتجة للخام من المنظمة وخارجها.
          وبموجب التخفيضات الجديدة سيهبط الإنتاج لدول أوبك مجتمعة إلى 22.8 مليون برميل يومياً. وقالت وكالة روتر للأنباء إن وزراء أوبك واثقون من عدم حدوث مشاكل في اللحظات الأخيرة، تؤدي إلى تعطيل إقرار اتفاق لاهاي.
          كما توقع مسؤول إيراني كبير يشارك في اجتماعات فيينا أن يشهد الاجتماع تضامناً يهدف إلى العودة لمستويات الأسعار، التي كانت سائدة قبل تفجر الأزمة المالية الأسيوية في اواخر عام 1997.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69673
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Empty
مُساهمةموضوع: رد: البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول   البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Emptyالإثنين 07 مارس 2016, 11:05 pm

الفصل السادس
أسعار البترول في التسعينات بين التحسن والهبوط وأثرها على الاقتصاد العالمي

وفي 23 مارس 1999
          عُقد الاجتماع الوزاري (107) لمنظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) في فيينا بالنمسا (انظر ملحق البيان الختامي لاجتماع أوبك الوزاري (107)، 23 مارس 1999).
          على ضوء الأوضاع الجارية في سوق البترول، قرر المؤتمر تطبيق مزيد من الخفض على إنتاج الدول الأعضاء (باستثناء العراق) وتوزيع حصص الدول الأعضاء وفقاً لما يلي:
          الجزائر 731 ألف ب/ ي،، إندونيسيا 1.187 مليون ب/ ي، إيران 3.359 مليون ب/ي، الكويت 1.836 مليون ب/ ي، ليبيا 1.227 مليون ب/ ي، نيجيريا 1.885 مليون ب/ ي، قطر 593 ألف ب/ ي، السعودية 7.438 مليون ب/ ي، الإمارات 2.000 مليون ب/ ي، فنزويلا 2.720 مليون ب/ ي.
          قد أكد المؤتمر على ضرورة الالتزام الكامل من قِبل الأعضاء بتنفيذ هذه الاتفاقية اعتباراً من أول أبريل 1999، على أن يسري هذا الاتفاق لمدة عام كامل. وقد أعرب المؤتمر عن تقديره العميق لروح التعاون التي تسود بين أعضاء أوبك وبين المنتجين من داخل وخارج أوبك. وعن تقديره لتعاون حكومات المكسيك والنرويج وسلطنة عمان وروسيا الاتحادية وذلك لقيامها بفرض خفض على مستويات الإنتاج كما يلي:
          لمكسيك 125 ألف ب/ ي، النرويج 100 ألف ب/ ي، سلطنة عمان 63 ألف ب/ ي، روسيا 100 ألف ب/ ي مساهمة من هذه الحكومات في الخطوات التي تم اتخاذها للوصول بأسعار البترول إلى مستويات مقبولة. هذا ويبلغ إجمالي الكميات التي يتم تخفيضها من داخل وخارج أوبك 2.104 مليون برميل يومياً.
ماذا حدث بعد اجتماع 23 مارس 1999؟
وما هو الأثر الفوري لإقرار خفض مزيد من الإنتاج؟
ـ  صرح الدكتور ريلوانو لقمان السكرتير العام لمنظمة أوبك بأن الدول الأعضاء في المنظمة تعهدت خطياً بالإلتزام بالتخفيضات والحصص الإنتاجية المخصصة لها وفق الاستراتيجية الجديدة.
ـ  في أعقاب انتهاء أعمال منظمة أوبك التي جرت في 23 مارس 1999 انخفضت أسعار النفط قليلاً، الأمر الذي أدى إلى محاولة بعض الجهات التشكيك في التزام الأعضاء بالاتفاق الذي تم التوصل إليه في لاهاي وصدّقت عليه المنظمة في فيينا.
والحقيقة أن هذه الجهات المتعاملة في أسواق النفط لها مصالح أكيدة في إشاعة مثل هذه الأنباء لتحقيق مصالحها وأهمها عدم الارتفاع الشديد في الأسعار.
ولكن الواقع يؤكد أن الأسعار قد ارتفعت بالفعل بنحو ثلاثة دولارات وانخفاضها المحدود بنصف دولار لا يؤكد التشكيك في مصداقية تطبيق الأوبك لقراراتها. خاصة وأن الأسعار قد ارتفعت بمجرد التوصل لاتفاق لاهاي في 12 مارس 1999 مما يعني أن الأسواق قد أعطت اقتناعها الكامل بجدية اتفاق الأوبك والالتزام بتنفيذه .
ـ  أشاد كثير من المحللين بقرارات أوبك بتخفيض الإنتاج للمرة الثالثة وأنها خطوة في الاتجاه الصحيح. ولكن الأهم من ذلك هو الالتزام الفعلي بهذا التخفيض، الذي يؤدي فعلاً إلى تحسين أسعار النفط. وبما أن الدول العربية تملك الجانب الكبر من الاحتياطي النفطي العالمي، فإنها لابد أن تكون معنية تماماً بضبط مدى الالتزام بقرارات الأوبك لضمان تحسين أسعار النفط.
ـ  وفيما يتعلق بارتفاع أسعار البترول، فإنها قد بدأت فعلاً في الارتفاع منذ منتصف مارس 1999 بمجرد ظهور بوادر الاتفاق بين المنتجين بتأكيد وجدِّية من دول الخليج بزعامة السعودية، وحتى قبل أن يبدأ الخفض عملياً من أول أبريل 1999.
          ففي سوق البترول الدولية بلندن في 27 مارس 1999 أغلق سعر خام القياس العالمي مزيج برنت المستخرج من بحر الشمال للعقود تسليم مايو 1999 مرتفعاً 47 سنتاً عند 14.41 دولاراً للبرميل وهو مستوى مرتفع كثيراً عن متوسط سعر برنت منذ بداية العام 1999 والذي كان يبلغ 11.40 دولاراً للبرميل.
          وفي سوق نايمكس بنيويورك أغلق سعر البترول لعقود مايو 1999 على 16.51 دولاراً للبرميل صعوداً من 15.67 دولار عند الإغلاق في 26 مارس 1999.
          ومن ناحية أخرى ارتفعت أسعار سلة خامات دول الأوبك يوم 25 مارس 1999 إلى 13.32 دولاراً للبرميل ارتفاعاً من 13.16 دولاراً للبرميل في 24 مارس 1999.
          ومع ذلك يبدو التخوف الحالي في الأسواق من عدم التزام دول أوبك مستقبلاً بالخفض المقرر في الإنتاج. فالخبرة السابقة توحي بأنه كلما زادت الأسعار قلت درجة التزام بعض الأعضاء أملاً في تحقيق مستويات أعلى للعائدات مع ارتفاع الأسعار. وهذا هو نفسه ما يدفع نحو الانخفاض مجدداً في مستوى الأسعار.
          ومن هنا فإن مستوى الالتزام خلال شهر أبريل 1999 سيكون الأمر الحاسم ولو على المستوى المعنوي في تحديد مدى استمرار ارتفاع الأسعار.
          بذلك يتم استعراض أزمة تدهور أسعار البترول وتطوراتها، التي بدأت في نوفمبر 1997، وبعد إقرار دول الأوبك ثلاثة تخفيضات كادت تنتهي هذه الأزمة في مارس 1999.
          ويقتضي الأمر انتظار تفاعل الأسباب ـ التي أدت إلى حدوث هذه الأزمة ـ مع سياسات شركات البترول العالمية والدول المنتجة والدول المستهلكة للبترول على السواء، وتفاعلها مع الأحوال الاقتصادية التي سادت في أواخر عقد التسعينات، لنرى ما يسفر عن ذلك من نتائج بصدد تطور أسعار البترول.
          ونعود بعد ذلك إلى عرض الأحداث التي تتعلق بالطاقة وخاصة البترول وفقاً للتسلسل الزمني حتى نهاية عام 1999.
أهم المؤتمرات والاجتماعات في عام 1998
خلال الفترة من 17 ـ 19 فبراير 1998
          عُقد في القاهرة المؤتمر الدولي الثامن للجيوفيزيقا لدول أفريقيا والشرق الأوسط
          شارك في هذا المؤتمر كبرى الشركات العالمية المتخصصة في جميع مجالات البحث والتنقيب عن المعادن والمياه الجوفية.
          أقيم معرض ـ على هامش المؤتمر ـ لأحدث ما وصل إليه العلم الحديث من تقنيات سواء في مجال تسجيل القراءات والبيانات أو كيفية معالجتها أو تفسيرها.
          تعرَّض المؤتمر لمناقشة التحديات التي فرضتها التغيرات المتلاحقة التي تجتاح الأسواق العالمية والتي تتمثل في:
ـ تدهور أسعار البترول.
ـ الحاجة إلى زيادة الاحتياطيات العالمية من البترول والغاز.
ـ القضايا والسياسيات البيئية.
ـ تطوير ونقل التكنولوجيا الجديدة.
          إن انخفاض أسعار البترول أدى بدوره إلى انخفاض عائدات الدول المنتجة، مع أن صناعة البترول في العديد من الدول النامية تعد مصدراً هاماً للدخل القومي وأحد أهم العوامل المحركة للنمو الاقتصادي.
          ومن المفيد أن تعمل هذه الدول على جذب الاستثمارات لتحقيق مزيد من الاكتشافات، ومزيد من الإنتاج وتوفير قدر من الاحتياطيات البترولية والغازية لتدعيم خطط التنمية طويلة الأجل. وإقامة صناعات جديدة تعظم القيمة المضافة للموارد الطبيعية. وتشجيع الاستثمارات الخاصة للدخول في الأنشطة البترولية المختلفة.
          أما الحاجة إلى زيادة الاحتياطيات العالمية من البترول والغاز
          فإن التوقعات تؤكد استمرار النمو الحالي في الطلب العالمي على الطاقة، إلا أن الزيادة المطردة في استهلاك الطاقة بالدول النامية سرعان ما تجعل من هذه الدول اكبر أسواق الطاقة، إذ ستحتاج هذه الدول إلى كميات هائلة من الطاقة لتحقيق التنمية المتواصلة لشعوبها.
          وإذا كان من المتوقع أن يزيد الطلب العالمي على الطاقة بمعدل 2.2% سنوياً حتى عام 2015، فإن موقف مصادر الإمداد قد يشهد تغيراً ملحوظاً لمواجهة الزيادة المتوقعة في الطلب. ويمكن إيجاز ذلك فيما يلي:
ـ  سيظل البترول المصدر الرئيسي للطاقة، بما يمثل 38% من إجمالي استهلاك الطاقة.
ـ  ترتفع نسبة مساهمة الغاز الطبيعي في إجمالي استهلاك الطاقة من 21% إلى 26%.
ـ  يمثل استهلاك الفحم 24% من إجمالي استهلاك الطاقة.
ـ  ينخفض استهلاك الطاقة النووية قليلاً إلى ما يمثل 4% من إجمالي استهلاك الطاقة في العالم.
ـ  يرتفع الاستهلاك من الطاقة المائية والطاقة المتجددة إلى ما يمثل 8% من إجمالي استهلاك الطاقة العالمي.
          والنتيجة النهائية على ضوء خريطة استهلاك الطاقة في العالم عام 2015، فإن البترول والغاز سيظلان أهم المصادر الرئيسية للطاقة في المستقبل، إذ يمثلان 64%.
          فضلاً عن أن العالم يعتمد عليهما ليس فقط كمصدر رئيس للطاقة، ولكن لأنهما يدخلان في العديد من الاستخدامات الأخرى، التي تغلغلت في حياتنا من مأكل وملبس ومسكن ووسائل مواصلات، لدرجة أن أي مصادر أخرى لتوليد الطاقة سوف تعجز أن تحل محل البترول كمادة أولية تستخدم لإنتاج العديد من البتروكيماويات الضرورية للحياة.
          وحتى نتمكن من زيادة الاحتياطيات العالمية من هذا المنتج الاستراتيجي، ينبغي علينا استمرار التعاون بين المنتجين والمستهلكين وبذل الجهود لتبني سياسات مرنة تتسم بالعدل والوئام وليس بالمنافسة الضارية والمواجهة.
          وتناول المؤتمر موضوع البيئة من خلال الدعوة إلى بذل جهود مكثفة للسيطرة على التلوث الجوي والبحري وتقليل الآثار الضارة بالبيئة بالإضافة إلى الاهتمام بالأمور المتعلقة بتغيير المناخ العالمي، وذلك عن طريق تطبيق برامج "تقييم التأثير البيئي" في مراحل التخطيط والعمل الأولي للمشروعات البترولية لمنع التلوث قبل حدوثه خيراً من معالجة الآثار المترتبة على وقوعه، واستخدام أحدث الوسائل التكنولوجية في جميع مجالات الصناعة البترولية.
أما عن تطوير ونقل التكنولوجيا الجديدة
          فقد دعا المؤتمر إلى تضافر الجهود في نواح عديدة: سياسية وفنية واقتصادية. وذلك عن طريق الحوار وتبادل الخبرات والمعلومات في مثل هذه التجمعات الدولية والتدريب والتعليم. كل هذه العناصر لها أهمية في تفهم وخلق التعاون بين الأطراف لنقل التكنولوجيا.
          وينبغي على الدول أن تسعى إلى اقتناء التكنولوجيا بمختلف الوسائل وتطبيق أحدث الأساليب التكنولوجية في البحث والاستكشاف عن البترول، ومن بينها على سبيل المثال:
          البحث السيزمي ثلاثي الأبعاد، الذي ساهم كثيراً في تقليل عامل المخاطرة المرتبط بعمليات الاستكشاف من خلال توفير معلومات أكثر دقة.
          وكذلك البحث السيزمي رباعي الأبعاد، الذي ساهم إلى حد بعيد في تنمية وتقييم الاحتياطيات البترولية.

  • أشار التقرير السنوي لعام 1998 الصادر عن وزارة الطاقة الأمريكية إلى توقُّع ارتفاع استهلاك البترول خلال الأعوام المقبلة مما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في واردات الولايات المتحدة الأمريكية من البترول، وبالتالي إلى زيادة اعتمادها على البترول الأجنبي.

ويتوقع التقرير بأن يرتفع الطلب الأمريكي على البترول بنسبة 1.2% سنوياً  ليصل إلى 19.6 مليون ب/ ي بحلول عام 2010، وسوف تبلغ واردات الولايات المتحدة من البترول حوالي 15 مليون ب/ ي في عام 2015.
كما توقع التقرير زيادة اعتماد الولايات المتحدة على بترول الخليج من 38% عام 1996 إلى أكثر من 50 % عام 2020.
أما المنتجات البترولية مثل البنزين والديزل ووقود النفاثات فسوف ترتفع لتسجل 2.8 مليون ب/ ي بحلول عام 2020، ويأتي معظم هذه الزيادة من معامل تكرير الشرق الأوسط ودول حوض الكاريبي. وذلك نظراً لعدم توقع حدوث ارتفاع في الطاقة التكريرية في الولايات المتحدة الأمريكية.
وتجدر الإشارة إلى أن شركات البترول الأمريكية لم تتمكن من تلبية الزيادة في الطلب نتيجة لتراجع إنتاج البترول الأمريكي.
وبالنسبة لإنتاج الولايات المتحدة من البترول عام 1998، يتوقع تقرير الإدارة الأمريكية ارتفاعه للمرة الأولى منذ عام 1991 نتيجة لظهور حقول جديدة في خليج المكسيك، ولكن هذه الزيادة لن تتجاوز 16 ألف ب/ ي .
وفي أبريل 1998
أصدر وزير الطاقة الأمريكي فيديريكو بينا استراتيجية وطنية جديدة في مجال الطاقة في الولايات المتحدة تهدف إلى:
ـ  تقليل الاعتماد على البترول المستورد، وخفض الواردات الأمريكية من البترول بنحو مليون برميل يومياً من خلال تطوير تكنولوجيا صناعة السيارات لخفض استهلاكها للوقود.
ـ  حماية الولايات المتحدة من انقطاع إمدادات البترول من خلال تنويع مصادره عبر تشجيع تطوير استخراج إمدادات الغاز والبترول من منطقتي بحر قزوين وأمريكا اللاتينية ومناطق أخرى في العالم، بدلاً من الاعتماد إلى حد كبير على منطقة الشرق الأوسط.
وذلك لأن أكثر من نصف الطلب المحلي الأمريكي مستورد، وسترتفع النسبة إلى 60 % بحلول عام 2000.
ـ  وقف تراجع الإنتاج المحلي من البترول عن طريق تطوير التكنولوجيات الحديثة في مجال البحث والاستكشاف والحفر.
ـ  زيادة استخدام الغاز الطبيعي إلى نحو 6 تريليون قدم مكعب بحلول عام 2010 .
          جدير بالذكر أن الولايات المتحدة الأمريكية تُطلق على استراتيجية تنويع مصادر البترول مع تركيز خاص على تنويع طرق نقله، استراتيجية "الحد من الاعتماد على مضيق هرمز" حيث يمر معظم واردات الغرب النفطية عبر هذا الشريط المائي الملاصق للبر الإيراني المعادي للأمريكيين، والقريب جداً من سواحل الهند الظامئة للبترول والداخلة حديثاً إلى النادي النووي.
          وعلى الرغم من عدم وجود تهديد عسكري في الوقت الحاضر لخطوط نقل النفط عبر المضيق، إلاَّ أنه يكلف الولايات المتحدة وجوداً عسكرياً كثيفاً ودائماً ونزيفاً مالياً مستمراً.
          وقد يكون من المناسب ـ أثناء الحديث عن استراتيجية الولايات المتحدة للطاقة ـ أن نذكر أنه في شهر يوليه 1998
          انتهزت الولايات المتحدة الأمريكية فرصة انخفاض أسعار البترول، حيث وافق مجلس الشيوخ الأمريكي على شراء بترول بما قيمته 420 مليون دولار، أي نحو 28 مليون برميل لتعويض ما تم سحبه من الاحتياطي الاستراتيجي من البترول، الذي تم بيعه في الأعوام الأخيرة لزيادة الإيرادات الأمريكية، ولأغراض تتعلق بالموازنة العامة للبلاد.
          وقد أشار أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي ـ أثناء موافقتهم على شراء البترول ـ إلى أن الوقت مناسب لتعويض ما تم بيعه حيث تشهد أسواق البترول ركوداً ملحوظاً ومستويات أسعار منخفضة. ويُفترض أن يتم الشراء بسعر 15 دولار للبرميل.
          علماً بأن البترول الموجود في الاحتياطي الاستراتيجي ـ في ذلك الوقت ـ تم شراؤه منذ أعوام بسعر متوسط بلغ 33 دولاراً للبرميل. وأن بيع كميات منه بأسعار اقل في الأعوام الأخيرة كلَّف الحكومة الأمريكية نحو 500 مليون دولار.
          وعلى جانب آخر قامت الولايات المتحدة الأمريكية خلال الأشهر الأخيرة من عام 1998 بشراء كميات متزايدة من البترول العراقي، على الرغم من التشدد المتزايد في موقف واشنطن من الحكومة العراقية. الأمر الذي يدعو إلى التساؤل:
          عما إذا كان العراق يحاول عامداً زيادة صادراته البترولية للولايات المتحدة الأمريكية لغاية سياسية أم أن الأمر يرجع إلى عوامل السوق وحدها؟
          ويعزز هذا التساؤل أن العراق قد خفض بدرجة كبيرة أسعار بتروله للمشترين الأمريكيين على مدى عام 1997، في حين حافظ على مستوى أسعار التصدير للمشترين في أوروبا والشرق الأقصى.
          هذا فضلاً عن أن العراق في الآونة الأخيرة قام بإجراء محادثات مع شركات بترول أمريكية في محاولة لتشجيعها على زيادة استثماراتها البترولية في العراق، الذي يمتلك إمكانيات ضخمة قابلة للتطوير والتنمية .
تأثير انخفاض أسعار البترول على صناعة البترول الأمريكية
          كان لانهيار أسعار البترول العالمية ـ الذي حدث منذ نهاية عام 1997 واستمر حتى الربع الأول من عام 1999 ـ تأثير سلبي حاد على صناعة البترول الأمريكية وألحق بها أضرار فادحة.
          وعلى الرغم من أن صناعة البترول والغاز الأمريكية تحظى بالتأييد والدعم كي تصبح قوية بالدرجة الأولى من أجل حماية الأمن القومي الأمريكي وتوفير إمدادات مأمونة للطاقة لدعم مستقبل الاقتصاد الأمريكي.
          إلاّ أن تدنِّي العائدات المالية الناتج عن انهيار أسعار البترول العالمية قد فرض ضغوطاً كبيرة على شركات البترول الأمريكية اجبرها على خفض نفقاتها من خلال سلسلة الإندماجات التي حدثت مؤخراً، والاستغناء وفصل أعداد من العاملين وخفض ميزانية الإنفاق الرأسمالي في مراحل الإنفاق المختلفة، الأمر الذي أدى إلى نقص الإنتاج المحلي.
          كما امتدت تلك الإجراءات ـ في بعض الأحيان ـ إلى خفض الأجور في بعض الشركات وإلى غلق الآبار الحدية عديمة الجدوى الاقتصادية، في ظل انهيار الأسعار، أو إغلاق تلك الشركات نفسها وتوقفها عن العمل.
          ومنذ نهاية عام 1997 تم إلغاء 51400 وظيفة في صناعة البترول والغاز، كما شهدت صناعات إنتاج وتوزيع الغاز الطبيعي وخطوط الأنابيب والأسفلت ورصف الطرق، وصناعات مواد الأسفلت العازلة إلغاء 42800 وظيفة.
          وتجدر الإشارة إلى أن تزامن انهيار أسعار البترول مع بطء النمو في الطلب العالمي في البترول أدى إلى خفض التدفقات النقدية وأرباح الشركات، وبالتالي إلى خفض التمويل المتاح للاستثمار في المشروعات الجديدة.
خلال الفترة من 11 ـ 13 مايو 1998
عقد في القاهرة القمة الثامنة لمجموعة الـ 15
          وقد بحثت القمة سبل حل المشكلات المالية والاقتصادية التي تواجهها دول المجموعة، وكيفية تفادي الهزات المالية العالمية ودراسة الأزمة المالية الآسيوية لتجنب تكرارها في المستقبل. كما بحثت القمة توحيد جهود أعضائها في محادثات التجارة العالمية بما يؤدي إلى مراعاة مصالحها وزيادة نصيبها منها.
          وفيما يتعلق بالبترول بحثت القمة إعداد آلية للتعاون في مجالات تصميم وتنفيذ وإدارة مشروعات الزيت الخام والغاز والبتروكيماويات خاصة وأن معظم دول المجموعة من الدول المنتجة والمصدرة للبترول. وقد تمت الموافقة على المشروع المشترك للتعاون في المجالات المذكورة خلال الاجتماعات السابقة للقمة في داكار ونيودلهي.
          ويرتكز المشروع على أن معظم دول المجموعة تعتمد اقتصادياتها بدرجة كبيرة على البترول حيث يصل إجمالي إنتاجها ما يعادل 20 % من الإنتاج العالمي.
          كما أن احتياطيات دول المجموعة، من الزيت والغاز تعادل حوالي 17% و 15% على التوالي من الاحتياطي العالمي، وتمثل طاقة معامل التكرير حوالي 13% من إجمالي طاقات معامل التكرير في العالم.
          ويهدف المشروع إلى تحقيق عدة أهداف منها: تنفيذ المشروعات بأسعار منافسة عالمياً وتبادل التكنولوجيات المتقدمة بين الدول الأعضاء وإنشاء شركات مشتركة هندسية للتصميم والتنفيذ وإدارة المشروعات.
          وتجدر الإشارة إلى أن مؤتمر قمة الـ 15 قد أقر انضمام سريلانكا، وسيبحث طلب انضمام كولومبيا في القمة التاسعة. وبذلك يكون عدد الدول الأعضاء في المجموعة 17 دولة. وعلى الرغم من ذلك فإن اسم المجموعة سيبقى كما هو دون تعديل، حيث كانت كينيا هي الدولة رقم 16 التي انضمت للمجموعة في القمة السابقة بكوالالمبور.
الأزمة الأسيوية والجهود المبذولة لاحتوائها
وفي 17 ديسمبر 1998
          عقد قادة دول منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي "أبك" في العاصمة الماليزية كوالالمبور اجتماعاً استمر يومين لاستعراض خطة إصلاحات تستهدف وقف الاضطرابات المالية العالمية، والحيلولة دون تكرارها في المستقبل.
          وقد سبق افتتاح القمة تأكيد الكثير من الزعماء المشاركين على توافر عدة مبادرات لإنقاذ الاقتصاد الأسيوي من عثرته التي يعجز عن تجاوزها منذ 18 شهراً. وكانت اليابان هي الوحيدة التي كشفت عن مبادرتها قبل الافتتاح حيث أعلنت عن أضخم برنامج لزيادة النمو الاقتصادي وتكلفته 196 مليار دولار.
          وقد تعهد قادة الدول الإحدى والعشرون الأعضاء في أبك بمواصلة انتهاج استراتيجية جديدة لاستعادة التوازن للنمو الاقتصادي في دول شرق آسيا واستئناف تدفق الأموال لاحتواء الأزمة المالية، التي تعتبر أسوأ أزمة في شرق آسيا منذ عدة عقود.
          وقد أوصى المنتدى (أبك) تقريراً أكد فيه أن الأزمة التي تواجه الدول الأسيوية تزداد عمقاً، وأن المنطقة لن يمكنها التغلب عليها قبل منتصف العام المقبل (1999)
          ومن العرض السابق لتدهور أسعار البترول خلال عام 1998 تبين بوضوح أن آثار الأزمة الأسيوية كانت المحرك الرئيسي لهذا التدهور، الأمر الذي انعكس سلبياً بشدة على اقتصاديات الدول العربية المصدرة للنفط وخاصة دول الخليج.
          بدأت الأزمة المالية الأسيوية بتعويم العملة التايلاندية في 2 يوليه 1997 وساد الاعتقاد وقتئذ أنها سوف تنحصر في إطار محدود، غير أن العدوى لم تلبث أن انتشرت كي تصيب غالبية دول جنوب شرق آسيا، ثم تناثرت آثارها إلى روسيا وأمريكا اللاتينية وخاصة البرازيل.
          كانت هذه الأزمة الأسيوية سبباً في انخفاض الطلب على البترول العالمي، الذي تمثل في انخفاض الطلب الياباني على البترول بنحو 5 % بما يعادل 280 ألف ب/ ي وفي كوريا الجنوبية وتايلاند بنحو 15 %، وانخفاض الطلب في بقية دول المنطقة بنسب متفاوتة. ولم يفلح انخفاض أسعار البترول في وقف هذا الانخفاض على الطلب.
          وتشير العلاقات الاقتصادية التي تربط الشرق الأوسط بمنطقة جنوب شرق آسيا بأن كلاً منهما يعتمد على الآخر في التبادل النفطي. فقد اعتمدت منطقة جنوب شرق آسيا على الشرق الأوسط في استيراد نحو 76% من احتياجاتها النفطية عام 1994، وبالمثل فإن منطقة الشرق الأوسط تعتمد بدرجة كبيرة على أسواق الشرق الأقصى لتسويق صادراتها النفطية، حيث أن تلك الأسواق تعتبر السوق الرئيسي للنفط العربي. بل إن الاعتماد المتبادل بين المنطقتين لا يقتصر على تجارة النفط، وإنما يتجاوزها إلى العديد من السلع والخدمات والاستثمارات.
وفي هذه المناسبة، يُذكر أن منتدى أبك يضم 18 دولة هي:
استراليا ـ بروناي ـ كندا ـ تشيلي ـ الصين ـ نيوزيلندا ـ بابونيوغينيا ـ هونج كونج ـ إندونيسيا ـ اليابان ـ ماليزيا ـ المكسيك سنغافورة ـ كوريا الجنوبية ـ تايوان ـ تايلاند ـ الولايات المتحدة الأمريكية ـ الفيلبين.
وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن كلاً من:                     
          فيتنام ـ كولومبيا ـ الإكوادور ـ الهند ـ باكستان ـ منغوليا ـ بيرو ـ بنما ـ روسيا ـ سريلانكا.
          تسعى إلى الانضمام إلى منتدى أبك، الذي تبلغ حصته من التجارة العالمية 40%، ويبلغ إجمالي الدخل السنوي لأعضائه حوالي 13 تريليون دولار ويساهم بنسبة 55% من إجمالي الاقتصاد العالمي.
الأزمة الأسيوية... وأثرها على صناعة البتروكيماويات
          استكمالاً للحديث عن آثار الأزمة الآسيوية، فقد تبين أن صناعة البتروكيماويات العالمية تعاني منذ منتصف عقد التسعينات من فائض في طاقات الإنتاج ومن طلب متراخ في الأسواق العالمية.
          وتتمثل الانعكاسات السلبية للأزمة على صناعة البتروكيماويات الأسيوية في تراجع الطلب المحلي عليها، نتيجة لتباطؤ النمو الاقتصادي وتراجع العملة الأسيوية أمام الدولار الأمريكي إلى نسبة 50 % تقريباً بما يؤدي إلى تقلص حجم الواردات الأسيوية ومن ضمنها البتروكيماويات نتيجة تأجيل العديد من المشروعات الإنشائية والصناعية الضخمة. كما تتمثل الانعكاسات السلبية أيضاً في تأجيل مشروعات البتروكيماويات حيث كانت الدول الأسيوية تخطط قبل الأزمة لإقامة 20 مجمعاً لإنتاج البتروكيماويات في كوريا الجنوبية وتايوان ودول مجموعة "آسيان" لتلبية الطلب المحلي لتلك الدول سريعة النمو اقتصادياً.
          ونظراً لكون دول آسيا من العملاء المهمين بالنسبة للبترول الخام والمنتجات البترولية والبتروكيماوية الخليجية، فإن دول المجلس الست ستتأثر حتماً بالتباطؤ الاقتصادي في آسيا. ولكن تأجيل خطط إقامة العشرين مجمَّعاً لإنتاج البتروكيماويات بسبب الأزمة الأسيوية، كان في صالح دول الخليج، لأن إقامة هذه المجمعات سوف تؤدي إلى انخفاض كبير في صادرات البتروكيماويات الخليجية إلى الدولة الأسيوية.
          نتيجة لذلك، فإن الأسواق الأسيوية ستبقى من الأسواق المهمة لاستيراد البتروكيماويات الخليجية، وحتى بعد تنفيذ تلك المشروعات بعد انفراج الأزمة الأسيوية سوف تكون القدرة التنافسية هي الفيصل في رواج تجارة البتروكيماويات.
          ويقتضي الأمر أن يبذل المنتجون الخليجيون الجهد لخفض تكلفة التشغيل وتطوير الإنتاجية. ومن الضروري أيضاً البحث عن أسواق جديدة، ومنها سوق الهند التي تشير التقديرات على أنها سوف تحتاج إلى استيراد حوالي 5 ملايين طن من البتروكيماويات الأساسية بحلول عام 2000.
          كما تعد أسواق أوروبا أحد الأسواق الهامة أمام الصادرات البتروكيماوية لدول الخليج. وقد بلغت حصة الأسواق الأوربية في عام 1996 نسبة 10 % من إجمالي صادرات البتروكيماويات الخليجية. ومن المتوقع نمو هذه الحصة في المستقبل القريب نظراً لتقادم الوحدات الإنتاجية العاملة في أوروبا وصغر طاقاتها الإنتاجية بما يجعل تكلفة تشغيلها مرتفعة وغير مجدية اقتصادياً.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69673
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Empty
مُساهمةموضوع: رد: البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول   البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Emptyالإثنين 07 مارس 2016, 11:07 pm

الفصل السادس
أسعار البترول في التسعينات بين التحسن والهبوط وأثرها على الاقتصاد العالمي

أحداث عام 1999
         في بداية أحداث عام 1999 يقتضي الأمر التعليق على كيفية حل أزمة تدهور أسعار البترول خلال عام 1998 ـ الذي اشتهر بأسوأ أزمة في تاريخ صناعة البترول.
         كان من الملاحظ من خلال عرض أحداث عام 1997 وعام 1998 تداخل بين هذه الأحداث وتبادل التأثير بينهما، فضلاً عن غزارة هذه الأحداث، التي أسفرت في النهاية عن خلافات عميقة في الرأي بشأن اتخاذ القرار أدت إلى تدهور أسعار البترول.
         المعروف أن انخفاض أسعار البترول بدأ بعد قرار أوبك في نوفمبر 1997 بزيادة سقف الإنتاج بنسبة 10% ليصل إلى 27.5 مليون ب/ ي.
         وفي مؤتمر أوبك الطارئ في مارس 1998 تقرر الخفض الأول للإنتاج بمقدار 1.245 مليون ب/ ي، وبمساهمة الدول خارج أوبك وصل مقدار الخفض إلى 1.7 مليون ب/ ي.
         وفي المؤتمر الوزاري لأوبك في 24 ـ 25 يونيه 1998 تقرر الخفض الثاني للإنتاج ليصل إجمالي الخفض إلى 2.6 مليون ب/ ي، وبمساهمة الدول خارج أوبك وصل إلى 3.1 مليون ب/ ي.
         وفي المؤتمر الوزاري لأوبك في 25 ـ 26 نوفمبر 1998 لم يتم التوصل إلى اتفاق، وظهرت خلافات عديدة في الرأي أثناء الاجتماعات والمناقشات.
         وفي خلال الفترة من نوفمبر 1997 إلى مارس 1999، كانت عملية استئناف العراق تصدير بتروله في شد وجذب، ولم تبدأ إلاّ في 10 ديسمبر 1996. وظل العراق يثير الأزمات والمشاكل مع الأكراد تارة، ومع لجان التفتيش على أسلحة الدمار الشامل تارة أخرى، ورفض تفتيش القصور الجمهورية تارة ثالثة، وإيقاف جميع أشكال التعامل مع لجنة نزع الأسلحة تارة رابعة، ورفض الاعتراف بالمناطق المحظورة في الشمال والجنوب تارة خامسة. وفي كل أزمة من هذه الأزمات يرتفع فيها الاستعداد العسكري لأقصى درجة لضرب العراق. ويسود الاضطراب منطقة الخليج تحسباً لتفاقم الأزمة، وتزداد التكهنات والمخاوف، لدرجة أنه في هذا الجو يستحيل على أحد أن يتنبأ بأسعار أو أن يركن إلى اتخاذ قرار بشأن الإنتاج.
         ولعل هذا هو السبب ـ بكل تأكيد ـ في فشل الاجتماع الوزاري لأوبك في نوفمبر 1998 الذي انتهى دون التوصل إلى اتفاق.
         وفي هذا الجو المضطرب بالذات، ظهرت خطة الأمم المتحدة بزيادة قيمة صادرات العراق من ملياري دولار إلى 5.2 مليار دولار كل ستة أشهر. وفي هذه الفترة قام العراق ـ تنفيذاً لقرار النفط مقابل الغذاء ـ بتصدير الكميات المسموح بها دون خضوع لقرارات منظمة الأوبك حتى أصبح استئناف تصدير البترول العراقي يشكِّل ضغطاً على دول أوبك وعلى الدول الخليجية بالذات. خاصة أن حجم إنتاج العراق قد وصل إلى 2.650 مليون ب/ ي في الوقت الذي اتخذت فيه أوبك قراراً صعباً بتخفيض إنتاجها.
         كذلك كانت مشكلة الكويت وإيران وهما يطالبان باستمرار وإصرار بزيادة حصتيهما في التصدير، إضافة إلى عدم التزام دول أخرى غيرهما بحصص التصدير المقررة وخاصة فنزويلا وقطر.
         إن تزامن هذه الأحداث معاً، بالإضافة إلى سياسات الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية والتلاعب في استغلال احتياطي المخزون الاستراتيجي كي يستمر مسلسل انخفاض أسعار البترول، في ظل وجود فائض بترولي قُدِّر بأكثر من خمسة ملايين برميل يومياً.
         وقد كان تقدير إجمالي خسائر دول أوبك من جراء انخفاض أسعار البترول اكثر من 50 بليون دولار، بعد هبوط سعر سلة خامات أوبك إلى أقل من عشرة دولارات. وزاد من حدة تدهور أسعار البترول تفاقم الأزمة المالية في دول جنوب شرق آسيا التي أشرنا إليها من قبل.
         وتجدر الإشارة إلى أن ذلك يؤثر بلا شك على الدول الخليجية في شكل انخفاض عائداتها البترولية، التي تمثل حجر الزاوية في تمويل برامج التنمية الاقتصادية والدخل القومي، الأمر الذي يؤثر بالتالي على الدول المستهلكة للبترول لأن انخفاض أسعار البترول لن يشجع الدول المنتجة على الاستمرار في مشروعاتها الكبرى نظراً لعدم توفر التمويل اللازم بما يؤدي إلى نقص إمدادات البترول اللازمة لمقابلة احتياجات العالم من الطاقة مستقبلاً. وسوف يؤدي هذا النقص إلى ارتفاع شديد في أسعار البترول، ويضع أعباء إضافية على اقتصاديات الدول المستهلكة، خاصة مع توقع زيادة نمو الطلب على البترول خلال العشرين عاماً القادمة. ولعل هذا يدعو إلى ضرورة التعاون الوثيق بين الدول المنتجة والدول المستهلكة لتحقيق الاستقرار في أسواق البترول.
         ومن أجل تجاوز هذه الأزمة، قام فريق قيادي بزعامة السعودية واشتراك فنزويلا والمكسيك وغيرهما من الدول، بجهود مضنية عن طريق تكثيف الاتصالات مع المنتجين داخل وخارج أوبك والتنسيق معهم وحل كافة المشاكل.
         وقد صحب هذه التحركات صيحات من المسؤولين والخبراء البتروليين ووسائل الإعلام وكلها تنادي بإجراء خفض ثالث، حتى حان 23 مارس 1999 موعد الاجتماع الوزاري العادي حيث تقرر رسمياً خفض ثالث للإنتاج بمقدار 2.1 مليون ب/ ي بالإضافة إلى التخفيضات السابقة.
         وكما أوضحنا من قبل بدأت أسعار البترول في التحرك إلى الارتفاع تدريجياً ومن المعتقد أن الحماس الدافق الذي تحلى به هذا الفريق القيادي ما زال على استعداد لتكرار ما قام به من جولات من أجل إجراء خفض رابع إذا ما اقتضى الأمر ذلك حتى تستعيد أسعار البترول هيبتها.
         ولكن لا ينبغي أن ينتهي الأمر إلى هذا الحد، بل من الضروري العمل على وضع استراتيجية دائمة تضمن تحقيق استقرار السوق العالمي للبترول وتشتمل على الأمور التالية:
ـ  التأكد من تأمين الطلب على النفط الخام بوجه عام وعلى خام أوبك بوجه خاص.
ـ  اكتشاف أفضل الفرص الطبيعية لزيادة الاحتياطي بتكلفة أقل لخام أوبك.
ـ  البحث عن مصادر تعوض خسارة أوبك الاقتصادية المترتبة على تطبيق قوانين البيئة.
ـ  تنسيق السياسات مع المنتجين الآخرين.
ـ  العمل على استمرار الحوار مع المستهلكين لإيجاد حلول مرضية للمشاكل القائمة خاصة وأن توقع استمرار زيادة الطلب العالمي على البترول سيؤدي إلى إتاحة فرص أفضل لدول أوبك.
ـ  إيجاد وسيلة لضمان التزام الدول أعضاء أوبك بما يتقرر في الاجتماعات الوزارية العادية.

  • بعد استعراض تطور أزمة انخفاض أسعار البترول ـ ضمن أحداث 1998 ـ حتى 23 مارس 1999 تاريخ المؤتمر الوزاري لمنظمة أوبك الذي تقرر فيه خفض ثالث لإنتاج البترول.

وفي متابعة لمدى تفاعل قرارات الخفض مع أحوال السوق العالمي للبترول نذكر ما يلي:
ـ  يبدو أن الأوضاع الاقتصادية العالمية قد بدأت في التحرك بعيداً نسبياً عن شبح الكساد والتباطؤ الشديد في النمو الاقتصادي الذي كان متوقعاً مع نهاية عام 1998 وأوائل عام 1999.
كان استمرار الأزمة الاقتصادية التي شهدتها دول النمور الأسيوية منذ يونيه 1997.
ثم الأزمة المالية التي شهدتها روسيا في أغسطس 1998.
ثم الأزمة التي شهدها الاقتصاد البرازيلي منذ خريف 1998، والتي انفجرت بتعويم العملة البرازيلية في 13 يناير 1999.
هذا مع استمرار عوامل الركود الاقتصادي في اليابان منذ عدة سنوات.
كانت كل هذه الأحداث وراء سيطرة مناخ من التشاؤم على كل من المؤسسات المالية الدولية وعلى صناع القرار والمحللين الاقتصاديين في مختلف أرجاء العالم.
والآن يبدو أن عوامل التحسن الاقتصادي تشق طريقها نحو النمو الاقتصادي من جديد، فقد حدث تحسن الناتج الصناعي في بعض الدول الأسيوية وتحسن تدريجي في معدلات التبادل التجاري. ولا يرجع هذا التحسن إلى الخفض الثالث لإنتاج البترول وتحسن الأسعار قليلاً، بل من المؤكد أن هذا الانتعاش الاقتصادي سيؤدي إلى تزايد الطلب الأسيوي على البترول، الأمر الذي يسفر في النهاية عن دفع أسعار البترول إلى الأمام في ظل بداية انقشاع الأزمة الأسيوية.
ـ  وقد سجَّلت أسعار النفط في بورصة نيويورك في 22 أبريل 1999 أعلى مستوى لها منذ 15 شهراً، ووصل سعر برميل مزيج خام برنت إنتاج بريطانيا تعاقدات شهر يونيه 1999 إلى 16 دولاراً .
وكانت أسعار النفط قد ارتفعت بواقع ستة دولارات للبرميل منذ أواخر شهر فبراير 1999 عندما أبرمت الدول المنتجة للنفط من داخل منظمة أوبك وخارجها اتفاقاً لخفض الإنتاج بواقع 2.1 مليون ب/ ي.
ـ  وعلى جانب آخر سجل سعر خام برنت تسليم أغسطس 1999 مستوى 17.17 دولاراً للبرميل. كما اقترب سعر سلة خامات أوبك في منتصف يونيه 1999 من مستوى 16 دولاراً للبرميل.
ـ  كما شهدت أسعار البترول العالمية ارتفاعاً ملحوظاً خلال شهر يوليه 1999 فارتفعت أسعار خام برنت من أقل من 10 دولارات للبرميل في فبراير 1999 لتقترب في النصف الأول من يوليه 1999 إلى نحو
                                                            19 دولاراً للبرميل
وفي 6 أغسطس 99 تجاوز سعر مزيج خام برنت         20   دولاراً للبرميل لأول مرة
منذ نوفمبر 1997 حيث جرى تداوله عند                  20.07 دولاراً للبرميل
وفي آخر أغسطس 99 وصل سعر خام برنت إلى          21.23 دولاراً للبرميل
- وتخطى سعر غرب تكساس المتوسط                    20.0  دولاراً للبرميل
أما سعر سلة خامات أوبك فارتفع إلى                      18.53 دولاراً للبرميل
ويرجع ذلك إلى العديد من العوامل أهمها:
-  الالتزام الصارم لدول أوبك بخفض الإنتاج الذي تم الاتفاق عليه في مارس 1999 والذي بلغ أكثر من 4 ملايين ب/ ي وبنسبة التزام 91%.
-  ارتفاع الطلب العالمي على البترول.
-  عودة الانتعاش الاقتصادي إلى دول منطقة آسيا/ الباسيفيك.
-  انخفاض حجم المخزون العالمي من البترول.
ـ  يبدو أن دول الخليج العربي قد خرجت من أزمة تدهور أسعار البترول بدرس بالغ الأهمية دفعها إلى الأخذ بأسس اقتصادية أكثر سلامة.
إضافة إلى الحملة الإعلامية التي تبنتها وسائل الإعلام ـ وعلى الأخص إبان الأزمة ـ تدعو فيها الشعوب العربية إلى التخلي عن مظاهر الترف والتبذير والإسراف.
وكذلك دعا المسؤولون الحكوميون إلى الاعتدال في الإنفاق، وترشيد الاستهلاك.
من هنا كان المخرج إلى جانب تقليص الإنفاق العام، محاولة زيادة الاعتماد على مصادر داخلية جديدة لتمويل الإيراد العام دون الاعتماد على النفط.
وعلى الرغم من الارتفاع التدريجي في أسعار النفط، فقد أقدمت بعض دول الخليج العربي على زيادة أسعار  وقود السيارات من مستواها البالغ الانخفاض، الذي كان يُعد من بين المستويات الأقل على المستوى العالمي، وعلى تعزيز الإيرادات من رسوم التأشيرات الصادرة على دخول البلاد من قِبل الأجانب، ورسوم تصاريح العمل المفروضة على غير مواطني دول الخليج، وفرض رسوم على مغادرة البلاد.
وقد اتخذت الحكومة الكويتية قرار يقضي بأن يتحمل الأجانب العاملون في الكويت تكاليف الرعاية الطبية التي يتلقونها.
وفي ذلك نقلت وكالة الأنباء الكويتية عن وزير الصحة محمد الجارالله: أن على العاملين الأجانب ـ الذين يشكلون ثلثي السكان البالغ عددهم 2.2 مليون نسخة ـ دفع مبلغ يتراوح بين دينار ودينارين مقابل كل زيارة للطبيب. وأشارت وزارة الصحة الكويتية إلى أن هذه الرسوم ستوفر عائدات قدرها 17 مليون دينار أي 6% من الموازنة السنوية للوزارة.
ويأتي هذا القرار في إطار سلسلة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة بهدف تخفيض قيمة المساعدات التي تقدمها الدولة وتقليص حجم العجز في الموازنة.
وقد شملت تلك الإجراءات أيضاً رفع أسعار الوقود والغاز المنزلي بنسبة 50% وذلك للمرة الأولى منذ عام 1975.
إضافة إلى ذلك أكدت الصحافة الكويتية أن الرسوم المفروضة على الاتصالات الهاتفية والمياه والكهرباء ستزداد في وقت قريب.
وإذا كان لهذه القرارات تأثير على رفع مستوى أسعار بعض السلع والخدمات، إلا أنها في النهاية تُعد إجراءات في الاتجاه الصحيح بشأن تعديل هيكل الأسعار المحلية كي تعكس التكلفة الحقيقية. ومن جهة أخرى فهي وسيلة أساسية لترشيد الاستهلاك في بعض المواد المهمة. ثم هي أخيراً تعد وسيلة للتخفيف من مدى الاعتماد على النفط كمصدر لتمويل الإيراد العام.
وحتى إذا ما ارتفعت أسعار النفط ووصلت إلى ما كانت عليه في أوُجها، فإنها تقدم المزيد من الفرص لتوسيع مجالات الاستثمار عوضاً عن استهلاكها في الإنفاق الجاري.
ـ  أعلنت بعض الجهات النفطية المستقلة خلال شهر أبريل 1999 أن مستوى الالتزام قد تجاوز نسبة 85% من مستوى الخفض المعلن، وما زالت أسعار البترول تقل عن المستوى المستهدف.
وفي 21 مايو 1999
          عقد يوسف يوسفي - وزير الطاقة والمناجم الجزائري والرئيس الحالي لمنظمة أوبك - مؤتمراً صحفياً بالجزائر، أكد فيه أنه يجب على الدول المصدرة للبترول التحلي بالحذر واليقظة لأن الوضع ما زال غير ثابت على مستوى سوق البترول العالمية.
          وأكد يوسفي أن الجزائر تعمل على التشاور مع مجموعة الدول المنتجة سواء داخل الأوبك أو خارجها لضمان احترام تطبيق القرارات الخاصة بتخفيض حصص الإنتاج والتي قررها مجلس الأوبك في مارس 1999، محذراً في الوقت نفسه من مخاطر عدم احترام هذا الاتفاق وتلاشي الجهود التي بذلت من جانب جميع الدول لرفع سعر البترول.
          وأوضح في المؤتمر الصحفي أن خفض الإنتاج سيستمر حتى عام 2000. وحتى ذلك التاريخ فإن الأولوية للبلدان المنتجة تتمثل في الحرص على المحافظة على هذا التخفيض وتفادي توتر جديد واختلال يضر بالتوازن بين العرض والطلب.
          وكشف يوسفي أنه تقرر إنشاء لجنة تفكير تضم خبراء لمتابعة سوق البترول العالمية وتطوراتها على مستوى الأسعار وحصص الإنتاج وغيرها، على أن تقدم اقتراحاتها لمؤتمر الأوبك المقرر عقده بفيينا في سبتمبر 1999.

  • حدث تطور جديد في سوق النفط العالمية، يتمثل في قيام وزير النفط المكسيكي بزيارة كل من السعودية والكويت ، في أوائل شهر يونيه 1999.

فبعد أن كانت الأوبك هي التي تحاول جاهدة التنسيق مع البلدان المنتجة للنفط خارجها، محاولة إقناعها بالانضمام لخططها الرامية لخفض العرض العالمي من النفط، نجد أن دولة بوزن وحجم المكسيك تعلن عن رغبتها في التمسك بهذا التنسيق.
إن المكسيك كانت طرفاً في كافة الاجتماعات السابقة طوال عام 1998، وقد حضرت كمراقب في الاجتماع الوزاري لأوبك في 23 مارس 1999 ، الذي قام بالتصديق على اتفاقية لاهاي بخفض ثالث للإنتاج بمقدار 2.1 مليون ب/ ي.
وتأتي زيارة الوزير المكسيكي لبلدان الخليج العربية عقب بدء التدهور مجدداً في أسعار النفط منذ نهاية شهر مايو 1999. ومن هنا كانت مبادرة المكسيك تعبيراً عن فرط اهتمامها بضرورة تأكيد استمرار التنسيق مع بلدان أوبك لمحاولة رفع الأسعار أو على الأقل الحيلولة دون استمرار تدهورها، تحقيقاً للمصلحة المشتركة بينها. وقد صرح الوزير المكسيكي أن بلاده مستعدة للبحث في تمديد العمل بتخفيض إنتاجها من البترول بمقتضى الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع الدول المنتجة الأخرى، حيث أن التخفيضات المتفق عليها في مارس 1999 تحتاج إلى مراجعة قبل أن تنتهي فترة سريانها في مارس عام 2000.

  • وفي 28 أغسطس 1999 ـ بعد زيارة وزير النفط المكسيكي للسعودية والكويت ـ حدثت خطوة أخرى تهدف إلى الحفاظ على استقرار أسواق النفط العالمية، وضمان ارتفاع أسعاره في المرحلة المقبلة، حيث اتفق وزراء بترول "مجموعة الرياض": السعودية والمكسيك وفنزويلا، على استمرار العمل باتفاق خفض الإنتاج المعمول به حتى الأول من شهر أبريل 2000 على الأقل.

وفي بيان مشترك بعد اجتماع مكثف استمر يوماً واحداً في مدينة كاراكاس (عاصمة فنزويلا) صرح الوزراء الثلاثة وهم:
السعودي علي النعيمي
والمكسيكي لويس تيليز
والفنزويلي رود ريجيز
بأن أعضاء منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) سوف يحترمون التخفيضات المتفق عليها إلى أن تنخفض المخزونات العالمية إلى مستويات طبيعية تسمح بزيادة ضخ البترول في الأسواق العالمية والحفاظ على الأسعار في الوقت نفسه.
وقال وزير النفط الفنزويلي ـ بعد أن قرأ البيان المشترك ـ إنه قدَّم خلال الاجتماع اقتراح فنزويلا بأن يكون هناك نطاق سعري لتنظيم إمدادات النفط. وتقضي هذه الفكرة بتطبيق آلية تلقائية لزيادة أو خفض المعروض من النفط من أجل الحفاظ على استقرار الأسعار في إطار سعري محدد يتراوح بين 16 و 20 دولاراً للبرميل من خام برنت.
ويكتسب هذا الاتفاق الجديد أهمية كبرى، خاصة وأنه يأتي قبل الاجتماع الوزاري المقبل لدول أوبك المقرر عقده في فيينا يوم سبتمبر 1999 .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69673
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Empty
مُساهمةموضوع: رد: البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول   البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Emptyالإثنين 07 مارس 2016, 11:10 pm

الفصل السادس
أسعار البترول في التسعينات بين التحسن والهبوط وأثرها على الاقتصاد العالمي

[rtl]دعوة لعقد قمة لدول أوبك [/rtl]
[rtl]          إن فنزويلا تخطط في الوقت الحاضر لعقد اجتماع قمة للدول الأعضاء في أوبك في نهاية العام الحالي أو بداية العام القادم. [/rtl]
[rtl]          وتشير المصادر البترولية في أوبك أن كلاً من إيران والجزائر وليبيا وقطر قد أيدت بشكل غير رسمي هذه الفكرة التي يتزعمها وزير خارجية فنزويلا. [/rtl]
[rtl]          جدير بالذكر أن الجزائر أول من اقترح عقد هذه القمة في نوفمبر 1998 في محاولة منها للحد من انهيار أسعار البترول في ذلك الوقت. [/rtl]
[rtl]          ولا شك أن الدور الفنزويلي داخل أوبك حالياً في ظل الحكومة الفنزويلية الجديدة التي تولت مسؤولية الحكم في البلاد، يتناقض مع سلوك الحكومة السابقة التي كانت تنتقد أعضاء أوبك ولم تكن تلتزم بالحصص الإنتاجية المقررة لها من قبل أوبك. [/rtl]
[rtl]مقارنة بين أزمة النفط عام 1985 وأزمة النفط عام 1998[/rtl]
[rtl]          قال الدكتور أحمد زكي يماني، وزير النفط السعودي الأسبق، في حديث له بقناة الجزيرة في فبراير 1999: [/rtl]
[rtl]          "كانت أزمة النفط عام 1985 أزمة محسوبة صيغت بإدراك ووعي لطبيعة المردود ومستوياته" [/rtl]
[rtl]          أما الأزمة الحالية فقد بدأت خطوطها تتشابك منذ عام 1998 نتيجة لأسباب عديدة اختلطت فيها السياسة بالاقتصاد. لقد جاءت هذه الأزمة بعد أن حمَّلت حرب الخليج الثانية في إعصارها الجامح كل عوامل الإنهاك والإرهاق للميزانيات العربية لدول النفط، خاصة ما  تعلق بتكاليف جيوش دول التحالف ـ بعد الغزو العراقي للكويت ـ وارتباط بعض الدول العربية بمعاهدات واتفاقيات مع القوات الأمريكية والبريطانية للمحافظة على أمنها على أن تقوم بدفع نفقاتها، وارتفاع نفقات إعادة تسليح الجيوش العربية بمعدات حديثة ذات تقنية متقدمة وبتكاليف باهظة. [/rtl]
[rtl]فارق آخر بين أزمتي النفط 1985 و1998 [/rtl]
[rtl]          في عام 1985 كان التضامن العربي قائماً وكانت معايير القوة في العالم كله متوازنة بفعل وجود قوتين عظميين هما الولايات المتحدة الأمريكية وهي الدولة الأولى في العالم الغربي، وكان هناك الاتحاد السوفيتي ومعه الكتلة الشرقية قوة موازية. ولذلك كانت الحسابات السياسية دقيقة ومحكمة، وقبل كل ذلك حسابات الحركة في ظل الرعب النووي ومخاطره. [/rtl]
[rtl]          أما في أزمة 1998 كانت الخريطة السياسية الإقليمية والدولية متغيرة، ومعايير الحكم في يد قوة دولية وحيدة تمثل الهرم السياسي في النظام العالمي الجديد. [/rtl]
[rtl]          عندما هبطت أسعار النفط عام 1985 وصل سعر البرميل إلى عشرة دولارات، ولكن لم يستمر الحال طويلاً بهذا السعر، وعاد إلى الارتفاع بعد شهور قليلة. [/rtl]
[rtl]          أما في التسعينات فقد اختلف الأمر وتحالف العالم الغربي كله بمؤامراته وسياساته البترولية من أجل تفاقم الأزمة. [/rtl]
[rtl]          وترتيباً على ما بدا من عجز دول أوبك في القدرة على مواجهة الأزمة، بدأت بعض الدوائر السياسية للدول النفطية تردد أنه آن الأوان لإعادة النظر في كيان منظمة الأوبك سواء من حيث الهيكل أو منهج الحركة. واقترح بعض الخبراء أن على المنظمة أن تتخلص أولاً من الأعضاء ذوي الإنتاج المنخفض، وأن يشغل مقاعدهم بعض الدول الموجودة حالياً خارج الأوبك، ذوي الإنتاج النفطي الكبير. وبذلك تعود لمنظمة الأوبك قدرتها الحقيقية للتأثير على سوق النفط على المستوى العالمي. وفي إطار تلك الاقتراحات فإن الأوبك الجديدة ستتكون من السعودية ـ إيران ـ العراق ـ الكويت ـ الإمارات ـ فنزويلا، على أن تنضم إليها المكسيك والنرويج وروسيا. [/rtl]
[rtl]تلك صور لأزمات النفط والأوبك والعرب [/rtl]
[rtl]          وحين نطرحها لا بد أن نتذكر موقف الغرب منها. وكيف استفاد دروس التجربة عام 1973 حين ارتفع سعر النفط فاتخذ خطوات عملية ومدروسة حتى لا يتكرر الظرف وتتكرر معه الأزمة. قام الغرب بتطوير آلياته وأنشأ الوكالة الدولية للطاقة ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في باريس (OECD). [/rtl]
[rtl]          ويجب ألاّ ننسى ما قاله يومئذ هنري كيسنجر وزير خارجية أمريكا الأسبق بتصريحه المعروف: "لن يتكرر ذلك أبداً، وسوف نجعل العرب يشربون بترولهم". [/rtl]
[rtl]          هكذا كان منهج الغرب في مواجهة أزمات النفط: استيعاب الموقف والتعلُّم من التجربة. [/rtl]
[rtl]          واستكمالاً لعرض أزمات النفط العربي مع الغرب: نذكر أيضاً عام 1956 عندما قام الرئيس جمال عبدالناصر بإغلاق قناة السويس، وتوقف عابرات النفط إلى الغرب إثر العدوان الثلاثي على مصر بسبب تأميم قناة السويس. [/rtl]
[rtl]          كان الأمر مفاجأة للغرب، فلم يحتمل إغلاق القناة وتوقف عابرات النفط فتحرك دولياً من أجل إعادة فتح القناة بعد شهور قليلة. [/rtl]
[rtl]          أما في عام 1967 عندما تكرر إغلاق القناة، فإن الغرب كان مستعداً لذلك ولم يتحرك لإعادة فتحها إلا بعد أن تحرك الجيش المصري بعد 6 سنوات في حرب أكتوبر 1973 و أعاد فتح القناة. [/rtl]
[rtl]          إن الهدف من عرض أزمات النفط العربي والغرب هو محاولة دعوة الدول العربية النفطية سواء في منظمة أوبك ومنظمة أوابك أو في مجلس التعاون الخليجي على استثمار زيارة وزير النفط المكسيكي وتكرار اللقاءات والمشاورات للاتفاق على وضع جديد، يتم بعده استئناف الحوار الجاد بين المنتجين والمستهلكين. [/rtl]

  • تعقيباً على المقارنة المذكورة في البند السابق بين أزمة النفط عام 1985 وأزمة النفط عام 1998 وما ورد بها بشأن موقف الغرب تجاه الدول المصدرة للبترول (أوبك) وكيف استفاد من دروس التجربة عام 1973 فيما أُطلق عليه أيضاً أزمة النفط.

[rtl]فقد يكون من المناسب الرد على السؤال الذي فرض نفسه إبان أزمة عام 1998 وهو: مدى إمكانية إعادة استخدام العرب البترول كسلاح؟ [/rtl]
[rtl]إن هذا السؤال ما كان يصح أن يثار أصلاً إلاّ من هؤلاء الذين لم يستوعبوا أحداث فترة الفورة النفطية (1973 ـ 1980)، حيث كانت الأوضاع منذ 25 عاماً مختلفة تماماً، والظروف التي حدثت في ظلها أحداث تلك الفترة كان لها مبرراتها التي سبق ذكرها بالتفصيل في أكثر من موضع. [/rtl]
[rtl]وكانت ظروف حرب أكتوبر 1973 وما تبعها من تداعيات أثارت مشاعر الشعوب العربية، هي التي دفعت دول أعضاء منظمة أوبك إلى انتهاز الفرصة لاستكمال عملية تصحيح أوضاع البترول وأسعاره والاستمرار في كفاحها تجاه شركات البترول الاحتكارية لرفع أسعار البترول بعد عشرات من سنوات الاستغلال. [/rtl]
[rtl]وأشير هنا إلى التغيير الشامل الذي حدث منذ ربع قرن دون الاضطرار إلى تكرار ما سبق ذكره. [/rtl]
[rtl]1. ظروف الفورة النفطية 1973 كانت في عصر القوتين العظميين بينما كانت ظروف أزمة النفط عام 1998 في عصر النظام العالمي الجديد حيث معايير الحكم في يد قوة دولية واحدة هي الولايات المتحدة الأمريكية. [/rtl]
[rtl]ويزعم البعض أن توازن القوى بين الشرق السوفيتي والغرب الأمريكي في الماضي كان له حساباته السياسية، ولكن لا أثر على الإطلاق لهذا التوازن فيما يتعلق بأزمة النفط عام 1973، فقد ألقى هنري كسينجر بثقله في مواجهة منظمة أوبك والعرب، حيث ضغط على الدول الأوربية الغربية واليابان للانضمام إلى الوكالة الدولية للطاقة مهدداً ومتوعداً بتصريحات عنيفة، حتى حقق أهداف الوكالة من تقليص الاعتماد على البترول كمصدر للطاقة وخاصة بترول الشرق الأوسط وترشيد الاستهلاك واستخدام الوسائل الكفيلة بالسيطرة على السوق النفطية. وقد ذكرنا في الفصل الخامس من هذا البحث سياسات الوكالة وخططها التي كانت سبباً في انخفاض أسعار النفط. [/rtl]
[rtl]أما فرنسا التي رفضت الانضمام إلى تكتل الوكالة الدولية للطاقة وكانت تفضل التكيُّف مع مطالب العرب وعدم مواجهة دول أوبك فقد تم اختيار باريس مقراً للوكالة، الأمر الذي أحرج فرنسا واضطرت إلى التعاون مع الوكالة عن طريق منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. [/rtl]
[rtl]ومع ذلك نضيف إلى ما سبق أن قاله هنري كيسنجر ما كررَّه في إحدى خطبه في الأمم المتحدة في سبتمبر 1974: [/rtl]
[rtl]"إن العالم لا يمكن أن يتحمل استمرار ارتفاع أسعار النفط، بل لا يمكن أن يتحمل حتى مستوى الأسعار الحالي (1974). وعلى عكس الارتفاع في أسعار المواد الغذائية، فإن ارتفاع سعر النفط ليس نتيجة عوامل اقتصادية ناجمة من النقص الفعلي في القدرة الإنتاجية وحرية العرض والطلب، وإنما هو ناجم بالأحرى عن القرارات التي اتخذت عمداً والتي تستهدف الحد من إنتاج النفط والحفاظ على مستوى مصطنع من الأسعار". [/rtl]
[rtl]وبعد أربع سنوات من المواجهة الضارية ضد دول الأوبك، صرح رئيس مكتب الطاقة الفيدرالي (جون سوهيل) بالتحذير التالي في جلسة سرية للجنة تابعة لمجلس الشيوخ الأمريكي: [/rtl]
[rtl]"إن السياسة النفطية لدول الأوبك تهدد البناء القومي الأمريكي، وإنه لا بد من تعديل قواعد اللعبة .. إذ أن القواعد الحالية تعطي الدول النفطية سلطة تتجاوز مسؤوليتها والقوى التي تملكها".[/rtl]
[rtl]     ويعني ذلك أن الولايات المتحدة الأمريكية تستخدم سياستها الخارجية وكل وسائل الضغط الدبلوماسي وغيره لتعديل (قواعد اللعبة) كي تتحول الأمور إلى خدمة مصالحها. فماذا كانت الولايات المتحدة والدول الغربية وكيسنجر يفعلون أكثر من ذلك؟ لقد اتخذوا كافة الخطوات العملية حتى لا تتكرر ظروف ما بعد 1973 ولا تتكرر معه أية أزمات. وإذا كان هؤلاء البعض يعتقدون أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت تخطط للقيام بعمل عسكري للسيطرة على أسعار النفط، فقد سبق القول في ثنايا هذا البحث ـ الفصل الخامس ـ إن الموقف الأمريكي بشأن زيادة الأسعار كان ذا وجهين، ففي الوقت الذي كان يبدي ملاحظات ضعيفة للسعودية تعبر عن عدم الرضى، كان يشجع الإيرانيين بالتعبير عن الرضا الأمريكي بزيادة الأسعار وقد صرح الوزير السعودي أحمد زكي اليماني أن هنري كيسنجر نفسه لم يفاتحه في موضوع زيادة الأسعار أبداً. [/rtl]
[rtl]2.   هناك فرق شاسع آخر بين موقف منظمة أوبك وأوضاع العالم العربي في عام 1973 وفي عام 1998. فقد انقضى عصر سوق المنتجين إلى غير رجعة وساد عصر سوق المشترين بالكامل. كما ضعف نفوذ أوبك بسبب الخلافات بين أعضائها وانعدام وحدة الموقف بينهم، وتبدلت أحوال الدول العربية بعد أن شهدت المنطقة الحرب العراقية الإيرانية طوال ثماني سنوات ثم العدوان العراقي على الكويت حيث اضطرت الدول العربية إلى عقد اتفاقيات مع الدول الغربية لتأمين حمايتها من دول عربية شقيقة. [/rtl]
[rtl]فهل من المعقول، في ظل هذا الموقف الذي آلت إليه أوضاع العالم العربي أن يُستخدم البترول كسلاح أو حتى كوسيلة لمجرد التهديد؟ [/rtl]
[rtl]وإذا كان لا بد من الإجابة على السؤال المطروح: [/rtl]
[rtl]فمن المؤكد أنه ليس من الصعب فقط استخدام البترول كسلاح في أي وقت بعد ما حدث، بل إنه من المستحيل. فلم تعد الدول الصناعية الغربية والولايات المتحدة الأمريكية تخشى انقطاع البترول أو زيادة أسعاره فقد اتخذت من الاحتياطيات ما هو كفيل بتأمين مصالحها، في أي وقت سواء في وجود الاتحاد السوفيتي أو عدم وجوده. [/rtl]
[rtl]     ولكن الأمر الذي لم يعد مستحيلاً هو أن يتم إحداث تغيرات أساسية لتدعيم منظمة أوبك ومنظمة أوابك وإعادة التضامن العربي بعد أن انقسم العالم العربي على نفسه بعد عدوان العراق على الكويت الذي كشف نوايا عدد كبير من الدول العربية، التي كانت تلهث وراء فتات من غنيمة البترودولارات يلقي بها صدام حسين إليها. [/rtl]
[rtl]اتفاقية تفاهم للتعاون البترولي بين السعودية والولايات المتحدة الأمريكية[/rtl]
[rtl]          في 6 فبراير 1999 وقعت كل من السعودية والولايات المتحدة الأمريكية اتفاقية تفاهم للتعاون الفني والعلمي في مجال البترول والغاز، خلال الزيارة التي قام بها وزير الطاقة الأمريكي بيل ريتشاردسون للسعودية، ووقع الاتفاقية مع نظيره السعودي المهندس علي إبراهيم النعيمي. [/rtl]
[rtl]          وقد تم الاتفاق على تكوين فريق عمل للتنسيق مع الأجهزة الحكومية ذات العلاقة، وتحديد مجالات الاهتمام المشترك والمشاركة في تبادل الأبحاث الأساسية للطاقة وتخطيط وتبادل المعلومات وتكنولوجيات الغاز والتعدين والبيئة. [/rtl]
[rtl]          وقد أصدر الجانبان بياناً مشتركاً في نهاية الاجتماع أكدا فيه على الأهمية الاستراتيجية لمنطقة الخليج العربي في تلبية الاحتياجات المستقبلية للبترول، والتبادل التجاري في العلاقات بين البلدين والعمل على تطويرها. [/rtl]
[rtl]          وقد أكد وزير البترول السعودي على التزام بلاده بأمن إمدادات البترول للعالم والأهمية النسبية للسوق الأمريكي. [/rtl]
[rtl]          كما أشار وزير الطاقة الأمريكي إلى الأهمية الاستراتيجية للسعودية كمصدر أمن موثوق به ويعتمد عليه في إمداد الولايات المتحدة الأمريكية ودول العالم بالبترول. [/rtl]
[rtl]          وقد أبدى الجانبان ترحيبهما بالنشاط الاستثماري في مجال الطاقة والبترول بين البلدين، وتطلعهما لزيادة فرص النشاط الاستثماري في هذا المجال، ودور البترول في زيادة وتقوية العلاقات الاقتصادية بين البلدين. كما تضمنت المباحثات أهمية تطوير صناعة الغاز الطبيعي في السعودية وما يوفره من فرص لتنويع الاقتصاد السعودي. [/rtl]
[rtl]موجة اندماج شركات البترول العالمية لم تنته بعد [/rtl]
[rtl]في أوائل شهر أبريل 1999 [/rtl]
[rtl]          وفي إطار عمليات هيكلة صناعة البترول العالمية عقب الانخفاض الحاد في أسعار البترول، وبعد ثلاثة أشهر من شراء شركة بريتش بتروليم شركة أموكو بصفقة قيمتها 55 بليون دولار. [/rtl]
[rtl]          تم التوصل إلى صفقة جديدة بين شركة بريتش بتروليم/ أموكو وشركة أتلانتيك رتشفيلد (أركو) الأمريكية مقابل 26.8 بليون دولار لتكوين أكبر شركة خاصة لإنتاج البترول على مستوى العالم. وذلك رغبة في تأسيس كيان عملاق في قطاع الطاقة قادر على المنافسة دولياً في ظل الظروف الحالية لسوق البترول. [/rtl]
[rtl]          ويقدر رأسمال الشركة الجديدة بحوالي 190 بليون دولار، وسوف تدر عائداً سنوياً (قبل خصم الضرائب) يبلغ نحو بليوني دولار بحلول عام 2000. [/rtl]
[rtl]          ومن الجدير بالذكر أن الشركة الجديدة سيقوى مركزها في مناطق عديدة. وستتمكن من الدخول إلى مناطق جديدة مما يجعلها منافساً قوياً في السوق. حيث تمتلك أركو امتيازات بترولية كبيرة في ألاسكا وخليج المكسيك ولها وجود قوي في قطاع الغاز في جنوب شرق آسيا، بالإضافة إلى عقود في قطر ودبي. [/rtl]
[rtl]          وتمتلك بريتش بتروليم/ أموكو امتيازات هامة في الشرق الأوسط، خصوصاً في الإمارات العربية المتحدة والكويت ومصر. مما يؤدي إلى إتاحة أرضية كبيرة للنمو في عمليات الإنتاج والتنقيب. بالإضافة إلى تعزيز موارد الشركة الجديدة من الغاز وتوفيرها إلى اليابان وكوريا الجنوبية ودول آسيوية أخرى بعد عودة الانتعاش إلى اقتصادياتها مرة أخرى. [/rtl]
[rtl]          ولمجرد العلم فإن أرباح بريتش بتروليم/ أموكو تراجعت خلال عام 1998 بنسبة 34% لتسجل 4.44 بليون دولار نتيجة لانخفاض أسعار البترول العالمية. [/rtl]
[rtl]وفي خلال الفترة 21 ـ 23 يونيه 1999 [/rtl]
[rtl]عُقد في تركيا "المؤتمر الدولي للتعاون في مشروعات البترول والغاز" [/rtl]
[rtl]تحت عنوان: "قصة ثلاثة بحار: مستقبل الطاقة في البحر المتوسط والبحر الأسود وبحر قزوين" [/rtl]
[rtl]          وقد تم اختيار مصر لتمثيل دول البحر المتوسط، وجورجيا لتمثيل دول البحر الأسود وأذربيجان لتمثيل دول بحر قزوين. [/rtl]
[rtl]          وقد نظَّم هذا المؤتمر مؤسسة كمبريدج الدولية لأبحاث الطاقة بالاشتراك مع مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي ومجلس التعاون الاقتصادي لدول البحر الأسود. وحضر المؤتمر العديد من وزراء الطاقة والبترول ورؤساء الشركات العالمية الكبرى. [/rtl]
[rtl]          تحدث خلال الجلسات كل من وزير البترول المصري، ووزير البترول والغاز والثروة المعدنية بتركمنستان، ومدير شركة البترول التركية، ونائب وزير الطاقة بروسيا وسفير كازاخستان بتركيا، حيث أبدوا رؤية بلادهم لتحقيق التعاون بين مناطق البحر المتوسط والبحر الأسود وبحر قزوين، وضرورة استغلال إمكانات ومقومات التعاون القائمة بينها. [/rtl]
[rtl]          كما تناول السيد/ ريتشار مورنينجستار المستشار الخاص للرئيس الأمريكي ولوزير الخارجية لشؤون الطاقة ببحر قزوين، في كلمته سياسات الولايات المتحدة الأمريكية في إطار تزايد الاحتمالات البترولية والغازية بمنطقة بحر قزوين ومشروعات خطوط نقل البترول والغاز العملاقة التي يتم التفاوض بشأنها (في ذلك الوقت) بالمنطقة ودور الولايات المتحدة الأمريكية في هذا الشأن، مؤكداً سعي بلاده لإنجاح عدداً من هذه المشروعات بما يحقق المصالح الأمريكية. [/rtl]
[rtl]          وفي نهاية الجلسات، تحدث الرئيس ديميريل، الذي أكد اهتمام بلاده بهذا المؤتمر وترحيبها بانعقاده في اسطنبول للسنة الثانية على التوالي، وعزم بلاده على أن تلعب دوراً محورياً بالمنطقة اليورو ـ أسيوية خاصة في مجال الطاقة من خلال دفع مشروعات نقل البترول والغاز من بحر قزوين إلى الدول الغربية. كما أكد أن بلاده تسعى لتلبية احتياجاتها المتنامية من الغاز الطبيعي من خلال عدة مصادر.[/rtl]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69673
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Empty
مُساهمةموضوع: رد: البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول   البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Emptyالإثنين 07 مارس 2016, 11:12 pm

[rtl]الفصل السابع[/rtl]

[rtl]الحوار بين منتجي ومستهلكي البترول دون نتائج حاسمة[/rtl]

[rtl]       إن كثيراً من الدول الصناعية سوف تظل معتمدة بشكل كبير على البترول المستورد من مصادر العرض غير المأمونة أو التي لا يمكن التعويل عليها، وخاصة تلك التي تقع في الخليج العربي. وسوف يستمر هذا الاعتماد حتى إذا حرصت هذه الدول الصناعية على تنفيذ خطط ترشيد استهلاك البترول والتشجيع على زيادة الإنتاج المحلي، والإسراع في إحلال البدائل للبترول. [/rtl]
[rtl]       ويعني هذا الاعتماد أنه من الممكن أن يشهد العقدان القادمان اشتعالاً في المنافسة بين الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها من أجل الحصول على الإمدادات النادرة من النفط الخام. [/rtl]
[rtl]       وهذا ما حفز هذه الدول وغيرها إلى العمل معاً للتدخل السريع في حرب الخليج الثانية عندما احتل صدام حسين دولة الكويت في خريف عام 1990 لمنعه من السيطرة على بترول الشرق الأوسط تأميناً لاستمرار الاعتماد على هذا البترول. [/rtl]
[rtl]       لذلك فمن الضروري التوصل إلى تفهُّم مشترك لمشكلات تأمين البترول، وتقليل الحساسية الاقتصادية والسياسية للدول المستهلكة لأي انقطاع أو تلاعب في الإمدادات البترولية. خاصة بعد أن تحقق معظم أهداف الوكالة الدولية للطاقة لكسر احتكار الدول المنتجة للبترول. فيما يتعلق بسياسات ترشيد الاستهلاك وتنمية البدائل وإنشاء المخزون الاحتياطي الإستراتيجي. وقد سبق توضيح ذلك من قبل عند استعراض هذه الأهداف ومدى نجاحها. [/rtl]
[rtl]       وتفادياً لحدوث أي انقطاع مفاجئ لإمدادات البترول أو اضطراب في أسعاره، وما ينتج عن ذلك من آثار سلبية أو إيجابية على اقتصاد الدول المنتجة والدول المستهلكة على السواء، كان لابد من أن يلجأ الطرفان إلى وسيلة الحوار لمواجهة المشكلات التي تظهر في المستقبل. [/rtl]
[rtl]أولاً: البداية التاريخية للحوار بين المنتجين والمستهلكين [/rtl]
[rtl]       كلما طرأ على أسواق البترول العالمية ما يحرك الأسعار ارتفاعاً أو انخفاضاً خارج الحدود المتوقعة أو المقبولة لدى المستهلكين أو المنتجين، بزغت الفكرة الداعية للحوار. ولكن الغريب في الموضوع أن الدول المستهلكة للبترول غالباً ما تشترط من البداية ألاّ يتعرض الحوار لمناقشة الأسعار، مع أنها هي السبب الرئيسي الدافع إلى هذا الحوار. [/rtl]
[rtl]       وفي أعقاب الارتفاع المفاجئ في سعر البترول في ظل حرب أكتوبر 1973، دعت فرنسا ـ في يناير 1974 ـ إلى فكرة الحوار بين منتجي البترول ومستهلكيه. [/rtl]
[rtl]       وفي يناير 1975 أعلن وزراء المالية والبترول بدول أوبك أثناء اجتماعهم في الجزائر موافقتهم على الحوار بشرط ألاّ يقتصر على الطاقة وحدها، بل يشمل المواد الأولية والتنمية بصفة عامة، الأمر الذي رحبت به الدول النامية غير النفطية. [/rtl]
[rtl]       هكذا بدأ الحوار ـ بين الدول الصناعية المستهلكة وبين الدول المنتجة للبترول ـ فيما عُرف وقتها باسم "حـوار الشمال والجنوب" وذلك في إطار مؤتمـر التعاون الاقتصـادي الدولي Conference for International Economic Co-operation (CIEC) الذي عُقدت جلسته الافتتاحية في ديسمبر 1975، وشارك فيها هنري كيسنجر وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية حينذاك والشيخ أحمد زكي يماني وزير النفط السعودي في ذلك الوقت. [/rtl]
[rtl]       امتد هذا الحوار على طول 18 شهراً، ونوقش في إطاره عدد لا يحصى من الدراسات والبحوث. وأهم ما يميزها أن الطاقة ـ وهي المطلب الرئيسي لدول الشمال ـ كانت الموضوع الوحيد الذي لم يسبق تناوله في أي منتدى عالمي منظم من قبل. [/rtl]
[rtl]       عُقدت الجلسة الختامية لهذا الحوار في يونيه 1977، وانفض المؤتمر دون أن يتوصل إلى اتفاقية موقَّعة، وإن كان قد نجح في تحسين مستوى التفاهم والتقدير المتبادل لمطالب الأطراف التي شاركت فيه. أو هكذا قيل مراعاة لما فرضته قواعد دبلوماسية المؤتمرات. [/rtl]
[rtl]       ويرجع هذا الفشل إلى أن مشكلة الطاقة كانت قد خفّت حدتها، واطمأنت الدول الصناعية الغربية إلى تأمين احتياجاتها من البترول. كما أخذت هذه الدول في وضع وتنفيذ خطط وبرامج لترشيد الطاقة واقتسام إمداداتها من البترول عند وقوع أزمة حادة فيها. وغير ذلك مما تضمنته برامج الوكالة الدولية للطاقة التي أنشئت عام 1974 للتنسيق بين مصالح الدول المستهلكة للبترول ومواجهة سيطرة الأوبك. [/rtl]
[rtl]       وعلى الرغم من المقدرة الفائقة التي تميزت بها الدول الصناعية الغربية في التصدي لثورة الأسعار الأولى بعد عام 1974، وخفض الطلب على بترول أوبك بنسب كبيرة، فقد كان لهذا الاتجاه ـ الذي فرضته عليها الوكالة الدولية للطاقة ـ آثاره السلبية على اقتصاديات هذه الدول. ويتمثل ذلك في الاستثمارات الباهظة التي تكبدتها من أجل تنمية موارد الطاقة البديلة وتنمية مصادر جديدة لإنتاج البترول من خارج أوبك. وترشيد استهلاك البترول مما أدى إلى انكماش في اقتصاديات الدول الصناعية. [/rtl]
[rtl]       وهكذا صدقت نبوءة هنري كيسنجر الذي نصح الدول الصناعية الغربية بأن تعمل أولاً على تنسيق البيت الغربي من الداخل ـ مهما كلفها ذلك من جهود وأموال ـ وألاّ تدخل في حوار مع منتجي النفط إلاّ إذا كان ذلك من مركز القوة. [/rtl]
[rtl]       وإذا كان هذا الحوار قد استمر من ديسمبر 1975 إلى يونيه 1977 فقد تزامن مع مواجهة الوكالة الدولية للطاقة لسيطرة منظمة الأوبك. ولذلك انتهى هذا الحوار بالفشل. وبدأ عقد الثمانينات يشهد تراجعاً واضحاً في معدلات الطلب العالمي على البترول وتراجعت الأسعار حتى وصلت إلى القاع عام 1986. [/rtl]
[rtl]التعاون الأوروبي الخليجي [/rtl]
[rtl]       لم تجد فكرة التعاون بين المنتجين والمستهلكين في منتصف الثمانينات استجابة على المستوى العالمي، وظهرت أنماط من التعاون الإقليمي والعلاقات الثنائية، كان أبرزها التعاون الأوروبي الخليجي. [/rtl]
[rtl]       وفي إطار التعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي (ويضم السعودية ـ الإمارات ـ البحرين ـ قطر ـ عمان ـ الكويت) وبين دول السوق الأوروبية المشتركة تم توقيع أول اتفاقية تعاون في يونيه 1988. وتهدف الاتفاقية في خطوطها الرئيسية إلى إلغاء الرسوم الجمركية على واردات دول السوق الأوروبية المشتركة من الزيت الخام والمنتجات من دول مجلس التعاون الخليجي. كما تخضع وارداتها من المنتجات البتروكيماوية لنظام الأفضلية العام. وقد أدت هذه الميزة التنافسية إلى زيادة طاقة التصدير إلى دول السوق بما قيمته 12 بليون وحدة نقد أوروبية خلال عام 1990. بينما بلغت قيمة صادرات دول السوق المشتركة إلى منطقة الخليج نحو 14 بليون وحدة نقد أوروبية. [/rtl]
[rtl]       ويتضح من وراء هذا التعاون أن دول السوق الأوروبية المشتركة تحرص على تأكيد دورها التنافسي مع الولايات المتحدة الأمريكية واليابان في مجال العلاقات التجارية والسياسية في منطقة الخليج العربي بصفة خاصة، والشرق الأوسط بصفة عامة. وهذا يفسر لنا المساندة السياسية لبعض أعضاء السوق الأوربية في موضوع المفاوضات حول اتفاقية التجارة الحرة، رغم معارضة الصناعة البتروكيماوية الأوروبية إلغاء الرسوم الجمركية على المنتجات الخليجية. [/rtl]
[rtl]ثانياً: المرحلة الحديثة للحوار بين المنتجين والمستهلكين [/rtl]
[rtl]       إن تجديد الدعوة لإقامة حوار يضم الدول المصدِّرة والمستهلكة للبترول لا بد أن يضم جميع أطراف صناعة البترول العالمية: الحكومات والشركات والوكالات والمؤسسات المالية والمنظمات الإقليمية. ومعنى ذلك، أن هذا الحوار يضم فئات تختلف اختلافاً بيِّناً، تربطهم مصالح متناقضة. وتحمل كل فئة رصيد عشرين عاماً مضت من المواجهات وانعدام الثقة. كما يضم هذا الحوار أنواعاً متعددة من أنماط التجارة البينية والإقليمية والعالمية والعلاقات الثنائية. [/rtl]
[rtl]       وبعد مضي سنوات عديدة منذ حوار الشمال والجنوب في ديسمبر 1975. [/rtl]
[rtl]       وقبيل أزمة الخليج بشهور قليلة انطلقت شعارات من قِبل الدول الصناعية المستهلكة للبترول تنشد تحقيق "الأمن المتبادل في مجال الطاقة". [/rtl]
[rtl]       ومن المعروف نظرياً أن تحقيق الأمن المتبادل يعني إقامة علاقات متوازنة بين المصدرين والمستهلكين، يضمن إمدادات بترولية كافية ومستمرة تغطي احتياجات الدول المستهلكة، وفي ذات الوقت يضمن عائدات مستقرة تأخذ صفة التدرج للدول المصدرة للبترول. [/rtl]
[rtl]       هذا التوازن بهذا المفهوم غير قائم من الناحية العملية ولا يزال يميل إلى جانب الدول الصناعية المستهلكة للبترول، حيث يعود إليها جزء كبير جداً من عائدات الدول المصدِّرة يتمثل في استيراد هذه الدول الأخيرة للسلع الرأسمالية والاستهلاكية والتكنولوجيا والخبرة الغربية والأسلحة والمواد الغذائية، هذا بالإضافة إلى استثماراتها في الدول الكبرى المستهلكة للبترول. [/rtl]
[rtl]       وأكثر من ذلك، فإنه في المقابل تُواجه صادرات الدول المصدِّرة من المنتجات البترولية والبتروكيماوية بإجراءات الحماية الجمركية. مما يجعل الأمن المتبادل بهذا المعنى ما هو إلاّ استمرار للتبعية الاقتصادية. [/rtl]
[rtl]       وعلى الرغم من هذه المقدمة الواقعية، فقد اقترحت لجنة المراقبة الوزارية التابعة لمنظمة أوبك ـ في اجتماعها خلال يومي 11 و12 مارس 1991 ـ عقد لقاء بين مصدري البترول  ومستهلكيه، حيث جرى عرضه على الدول المستهلكة للبترول. [/rtl]
1. مؤتمر البترول والغاز في التسعينات خلال الفترة من 27 ـ 29 مايو 1991
وإلحاقاً لاقتراح عقد لقاء بين منتجي البترول ومستهلكيه.
وكخطوة أولى من قِبل الدول المنتجة للبترول نحو تفاهم وتعاون أفضل.
انعقد في مدينة أصفهان بإيران خلال هذه الفترة مؤتمر البترول والغاز في التسعينات بهدف التعاون بين المنتجين والمستهلكين من أجل قيام نظام بترولي عالمي يحقق استقرار سوق البترول، في ظل الشعارات التي انطلقت من قِبل الدول الصناعية المستهلكة للبترول تنشد تحقيق "الأمن المتبادل في مجال الطاقة"
ويُعتبر مؤتمر أصفهان الأول من نوعه الذي جمع بين ممثلي الحكومات وممثلي الشركات، والمنتجين داخل أوبك وخارجها والمستهلكين، كما ضم السياسيين إلى جانب الخبراء البتروليين.
شارك في هذا المؤتمر وزراء بترول السعودية وعمان والكويت والإمارات وسورية وفنزويلا وإندونيسيا ونيجيريا والاتحاد السوفيتي (سابقاً) والصين وكوريا الجنوبية وماليزيا. بالإضافة إلى كثير من الخبراء والكتَّاب المتخصصين وممثلي أكبر شركات البترول العالمية.
جدير بالذكر أن إيران تحاول من جديد ـ بعد أزمة الخليج ـ إقامة علاقات قوية مع مختلف دول العالم ومع الشركات الصناعية الأجنبية، وتأكيد سياسة الانفتاح الإقليمي تجاه دول الخليج.
ويعتبر هذا المؤتمر وسيلة ناجحة لجذب رؤوس الأموال الغربية ولتوطيد المساعدات الفنية في إطار محاولة جديدة للتعاون بين المنتجين والمستهلكين.
وقد أسفر مؤتمر أصفهان عن النتائج التالية:
أ.  أظهر أعضاء أوبك حرصهم على التعاون والتنسيق فيما بينهم، وذلك من خلال حضور وزراء البترول للمشاركة في المؤتمر.
ب.  حضور جميع دول الخليج في المؤتمر، الذي خلق بدوره قاعدة جيدة للتعاون الإقليمي حيث كان لوجود وزير البترول السعودي في المؤتمر أهمية خاصة، تنبع من كونها أول زيارة يقوم بها مسؤول سعودي كبير لإيران منذ 12 عاماً، ومن أن السعودية أكبر دولة مصدِّرة للبترول في العالم.
ج.  وجود عدد كبير من الإيرانيين والأجانب الذين جاءوا إلى إيران لأول مرة منذ عام 1979 (تاريخ قيام الثورة الإيرانية).
2.  لقاء باريس بين منتجي ومستهلكي البترول في ا و2 يوليه 1991
بعد شهر واحد من انعقاد مؤتمر أصفهان بإيران، الذي يُعتبر خطوة تمهيدية نحو تعاون أفضل بين المنتجين والمستهلكين.
حدث لقاء آخر في باريس في هذين اليومين بين منتجي ومستهلكي البترول في العالم بناء على دعوة من رئيسي فنزويلا وفرنسا كدولتين تمثلان الدول المنتجة والدول المستهلكة للبترول شارك فيه وزراء ومسؤولون من 26 دولة من الدول المصدرة والمستوردة للبترول، ومن تسع منظمات دولية منها الوكالة الدولية للطاقة.
وقد ثارت خلافات أساسية بين الدول الصناعية السبع فيما يتعلق بالهدف من إجراء هذا الحوار.
ففرنسا الدولة الداعية للحوار ترى أن الهدف منه إرساء قواعد لضبط إيقاع الأسعار في السوق، وتحديد قواعد تضمن استقرار الأسعار وسط الظروف الدولية المتقلبة، وذلك بما لا يتعارض مع قوانين السوق الحرة.
أمّا الولايات المتحدة الأمريكية، فإنها تتزعم اتجاهاً مختلفاً وتضم معها كلا من اليابان وبريطانيا. ويرفض هذا الاتجاه أساساً وضع أية قواعد تؤثر على عمل قوى السوق (العرض والطلب).
ويرجع هذا الخلاف بصفة أساسية إلى الاعتماد على العلاقات الثنائية في تجارة البترول العالمية، حيث تمثل هذه العلاقات عقبة أمام قيام حوار حقيقي يهدف إلى تنقية الأجواء وإعادة الثقة المفقودة بين جميع المنتجين من جهة وجميع المستهلكين من جهة أخرى. ويبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية تعتمد على العلاقات الطيبة بينها وبين السعودية، حيث دعت إلى ضرورة عقد اتفاقيات ثنائية أو متعددة الأطراف سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي لدعم وتأمين التفاهم.
وعلى الرغم من أن الحضور الأمريكي في المؤتمر كان بصفة مراقب فقط، ولا صفة رسمية له، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية بصفتها أكبر مستهلك للبترول في العالم استطاعت تعديل جدول أعمال مؤتمر باريس، حيث استبعدت مناقشة مستويات إنتاج البترول والأسعار من جدول الأعمال.
وعلى أي الأحوال .. كانت هذه هي المرة الأولى ـ منذ عام 1975 ـ التي يجري فيها الاتصال الرسمي بين المنتجين والمستهلكين على هذا النحو. ذلك أن حضور منظمة أوبك والوكالة الدولية للطاقة والمؤسسات المالية الدولية وكبار المنتجين والمستهلكين قد أعطى المبادرة الفرنسية الفنزويلية طابعاً جديداً.
وقد اتفق الجميع على عدم صدور بيان ختامي حرصاً على عدم التأثير بشكل مباشر على عناصر السوق، وحرصاً على الطابع غير الرسمي لهذا اللقاء، بينما كان هناك اتفاق على مبادئ عامة تشكل الأساس الأوَّلي للمرحلة المقبلة من الحوار بين الطرفين، مع إقرار ضرورة إجراء مزيد من الدراسات العلمية للتعرف على حقيقة العلاقة بين مصادر الطاقة المختلفة والبيئة.
وانتهى اللقاء باقتراح عقد اجتماع مشترك على المستوى الفني تدعو له الوكالة الدولية للطاقة وآخر على المستوى الوزاري تستضيفه النرويج.وقد أسفر هذا الجهد عن تكليف مصر والنرويج بالتحضير للمؤتمر الوزاري القادم الذي يُعد خطوة متقدمة على طريق الحوار بين المنتجين والمستهلكين.
3.  الاجتماع الفني لخبراء الطاقة في باريس خلال الفترة من 24 ـ 26 فبراير 1992
نظَّمت الوكالة الدولية للطاقة ـ تنفيذاً للاقتراح الذي انتهى إليه لقاء باريس في يوليه 1991 ـ اجتماعاً فنياً لخبراء الطاقة بمقر الوكالة بباريس لتنمية الثقة بين أطراف السوق، وإيجاد نوع من التفاهم المتبادل. وحرص فيه المجتمعون على تحاشي مناقشة قضايا الأسعار ومعدلات الإنتاج. وتركزت مناقشاتهم على تبادل المعلومات ودراسة آليات السوق وموضوعات البيئة وكفاءة الاستخدام.
4.  الاجتماع الوزاري بين المنتجين والمستهلكين في النرويج خلال 2 و3 يوليه 1992
عُقد اجتماع آخر على المستوى الوزاري في سولستراند بالنرويج تحت إشراف مصر والنرويج باعتبارهما من أهم الدول المنتجة للبترول خارج أوبك، وإيطاليا باعتبارها من كبريات الدول المستوردة للبترول.
شارك في هذا المؤتمر وزراء الخارجية ووزراء البترول في أكثر من عشرين دولة منتجة ومستهلكة للبترول، شملت دول الأوبك، والدول السبع الصناعية الكبرى، وممثلي الحكومات والمنظمات العالمية الكبرى.
ناقش المؤتمر العديد من الموضوعات السياسية والاقتصادية المتعلقة بالبترول والطاقة في العالم، ووسائل التعاون بين الدول المنتجة والمستهلكة للبترول، وسبل الاستقرار في سوق البترول العالمي في ضوء مستويات العرض والطلب والأسعار. بالإضافة إلى مناقشة الاقتراحات الخاصة بفرض ضريبة الكربون على الطاقة، ومناقشة قضايا البيئة والطاقة والتنمية.
وقد عارض أعضاء أوبك فرض ضريبة الكربون لأن هذه الضرائب ستزيد عائدات الدول الغنية، وستؤدي إلى تهديد التنمية الاقتصادية في الدول النامية.
كما أشار أعضاء أوبك إلى أن فرض ضريبة الكربون ستؤثر على الاستثمارات الجديدة اللازمة لإنتاج البترول. في حين أن عائد حكومات المجموعة الأوروبية من الضرائب الحالية على مبيعات البترول يتجاوز بكثير دخل مصدري البترول من صادراتهم.
وتوصل المؤتمر إلى أن المنتجين والمستهلكين على السواء يدركون الرغبة العامة المتزايدة في حماية البيئة، والتأكيد على أهمية التعاون في مجال نقل التكنولوجيا من أجل المساعدة في إنتاج بترول أقل تلوثاً وأكثر كفاءة وتعزيز الاستثمارات للدول الصناعية في الدول النامية، وسبل المشاركة في نقل واستخدام المعلومات.
وقد أعربت الدوائر المعنية بالمؤتمر أن هناك تقدماً واضحاً عن الأجواء التي سادت مؤتمر أصفهان مايو عام 1991 ومؤتمر باريس يوليه 1991. وخطوة نحو تعميق الحوار في مؤتمر أسبانيا القادم.
وبعد ذلك عُقد اجتماع في 14 يناير 1993 على مستوى الفنيين الدبلوماسيين وخبراء البترول في أوسلو عاصمة النرويج لمتابعة أعمال مؤتمر سولستراند والتحضير لاجتماع وزاري قادم في مدريد بأسبانيا. ولدراسة أسس ودعم استمرار الحوار بين أطراف السوق، وميثاق الطاقة الأوروبي، وأوضاع سوق الطاقة العالمي.
5.  في عام 1994 عُقدت الدورة الثالثة للحوار بين المنتجين والمستهلكين للبترول في قرطاجنة بأسبانيا.
6.  في عام 1995 عُقدت الدورة الرابعة للحوار بين المنتجين والمستهلكين للبترول في فنزويلا. (وقد ورد تفصيل عن مناقشات هذه الدورة في أحداث عام 1995 في الفصل السابق)
والخلاصة أن هذه المؤتمرات كلها قد تناولت أهم الموضوعات حول الطاقة ومصادرها واستخداماتها، وتطور نمو الطلب العالمي والنمو الاقتصادي وسياسات الطاقة العالمية، وغير ذلك من موضوعات سبق الإشارة إليها، إلاّ أن أي منها لم يناقش موضوع أسعار البترول بناء على رغبة المستهلكين الذين ما زالوا يصرون على عدم التعرض لهذا الموضوع.
7.  المؤتمر العالمي الخامس للطاقة بالهند خلال الفترة من 6 ـ 8 ديسمبر 1996
عقد المؤتمر العالمي الخامس للطاقة بمنتجع جوا بالهند. وقد بحث المؤتمر كيفية التنسيق بين الدول المستهلكة والدول المنتجة للوصول إلى صيغة مناسبة لإيجاد التوازن بين اعتبارات البيئة ومتطلباتها الاقتصادية اللازمة للتقدم. وعلى الرغم من اختلاف سياسات وأهداف الدول المنتجة والدول المصدرة للطاقة فإن هناك مجالاً واسعاً للالتقاء لاستغلال مصادر الطاقة بفاعلية أكبر مما تم في الماضي. خاصة أن الحوارات والمناقشات الماضية لا تزال تفتقر إلى رؤية محددة تتضمن اعتراف كل من الطرفين بمصالح الآخر حتى يمكن التوصل إلى نتائج إيجابية تخدم مصالح كل منهما.
ويثار التساؤل حول اشتراط ـ بل وإصرار ـ الدول الصناعية قبل بدء الحوار على استبعاد مناقشة سعر البترول؟
وهل تستطيع قوى السوق أن تحدد سعر البترول فعلاً، كما تحدد سعر أي سلعة أخرى؟
8.  هل يمكن أن يتوصل الحوار إلى نتائج ذات قيمة دون مناقشة سعر البترول؟
وفي محاولة لتوضيح النوايا للإجابة على هذا التساؤل نبين ما يلي:
هناك عامل آخر يتوقف عليه تناول سعر البترول الخام، لا يوجد بالنسبة لأي سلعة أخرى وهو أسعار المنتجات النفطية، الأمر الذي يتعذر مناقشة سعر البترول الخام دون مناقشة أسعار منتجاته. هذه المنتجات النفطية تتضمن قدراً كبيراً من العائد الاقتصادي، الذي يتمثل بدوره في الفرق بين التكلفة الكلية (من إنتاج ونقل وتكرير وتسويق) وبين سعر المنتجات المكررة في أسواق المستهلك النهائي.
وقد سبق أن ذكرنا أن الطلب النهائي للبترول مستمد من الطلب على المنتجات والمشتقات البترولية. وأن الطلب على هذه المنتجات في أسواق الاستهلاك الرئيسية هو الذي يحدد السعر النهائي للبترول الخام.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن أسعار المشتقات البترولية في الدول المستهلكة للبترول تحددها حكومات هذه الدول، حيث تفرض الضرائب والرسوم الجمركية على البترول المستورد، التي قد تصل إلى حوالي نصف ثمن بيع البنزين أو السولار. كذلك هناك أرباح الشركات البترولية الوسيطة التي وصلت إلى معدلات قياسية. ففي عام 1978 كان سعر البترول الخام يساوي 12 دولاراً بينما كان السعر النهائي للمستهلك (في صورة مشتقات بترولية) يساوي 30 دولاراً.
وعلى ذلك، فإن ارتفاع سعر البترول الخام لا يؤدي بالضرورة إلى ارتفاع سعر بيع المشتقات البترولية لجمهور المستهلكين. ولكن انخفاض سعر البترول الخام هو الذي يؤدي إلى أضرار بالغة بالعائد الذي يؤول إلى الدول المنتجة، حيث يتوزع العائد النفطي المشار إليه، بعد استبعاد كافة التكاليف وأرباح الشركات الوسيطة، بين الدول المصدِّرة (مُعبِّراً عن نصيبها بالفرق بين تكلفة الإنتاج وسعر النفط الخام) وبين حكومات الدول المستوردة، (مُعبِّراً عنه بما تحصل عليه في صورة ضرائب تفرضها على المنتجات النفطية).
وتستند حصة الدول المنتجة في مشروعيتها إلى أن النفط يعتبر مصدراً طبيعياً ناضباً، وما تحصل عليه كنصيب في العائد الصافي يعوضها جزئياً عن نضوب تلك الثروة ويُعتبر ثمناً لها مستقلاً عن تكلفة الإنتاج.
ومن ناحية أخرى، فإن هذا النصيب يساعدها على توفير استثمارات في البحث عن حقول جديدة وتنميتها لضمان تلبية الاحتياجات المتزايدة للمستهلكين.
أما أهداف الدول المستهلكة من فرض الضرائب البترولية فتختلف تبعاً للاعتبارات التي تدعو إلى فرضها:
أ.  فالضريبة على البنزين تحقق حصيلة مالية كبيرة يُستخدم جانب منها لتمويل إقامة الطرق وصيانتها.
ب.  من الضرائب البترولية ما يُفرض لدعم صناعة الفحم المحلية كما يحدث في أوروبا واليابان.
ج.  وتفرض هذه الضرائب أيضاً بمعدلات متفاوتة على المنتجات المختلفة للتأثير على سلوك المستهلكين وتشجيعهم على التحول إلى مصدر معين للطاقة حماية للبيئة مثل الضرائب المخفضة على البنزين الخالي من الرصاص والغاز الطبيعي والكهرباء.
د.  كذلك قد تستهدف الضريبة التشجيع على استهلاك مصادر الطاقة المحلية تخفيفاً لأعباء ميزان المدفوعات.
هـ.  ويكون الهدف من الضريبة أيضاً تغطية نفقات الاحتفاظ بمخزون إستراتيجي من المواد البترولية لمواجهة الطوارئ، كما هو الحال في ألمانيا وفرنسا وهولندا والدانمارك.
9.  كيفية توزيع العائد البترولي النهائي بين الدول المنتجة وحكومات الدول المستوردة
يختلف توزيع العائد البترولي الصافي بين الدول المنتجة للبترول وبين الدول المستهلكة له تبعاً لقوة أو ضعف أسعار النفط الخام، إذ كلما انخفض سعر النفط الخام تضاءل نصيب الدول المنتجة من ذلك العائد والعكس صحيح. ويوضح ذلك المثال الأول الآتي:
في عام 1970
ـ  كان سعر بيع برميل المنتجات المكررة للمستهلك النهائي في الدول أعضاء  الاتحاد الأوروبي 11.42 دولار
يستقطع منه إجمالي التكاليف بما في ذلك تكلفة الإنتاج والنقل والتكرير والتوزيع  وأرباح الشركات الوسيطة 5.35 دولار
مقدار العائد الصافي بعد استقطاع إجمالي التكاليف  6.07 دولار
ـ  كان نصيب الدول المنتجة من هذا الصافي= سعر النفط الخام - تكلفة الإنتاج =  6.77  - 5.35 = 1.42 دولار بنسبة 23%
ـ  بينما كان نصيب الدول المستهلكة منه = الباقي من العائد الصافي بما يتضمنه من رسوم وضرائب مفروضة على المنتجات البترولية.  
=   6.07  -   1.42  =  4.65 دولاراً بنسبة 77%
ـ  يتضح من هذا المثال أنه عندما كان سعر النفط الخام منخفضاً سنة 1970 كان نصيب الدول المنتجة منه ضئيلاً للغاية.
ولما استردت الدول المصدرة للبترول، في ظل حرب أكتوبر 1973 ـ حريتها في تحديد الأسعار، تحول توزيع العائد النهائي لصالحها. ويوضح ذلك المثال الثاني الآتي:
في عام 1975
ـ  بلغ سعر البرميل للمستهلك النهائي في دول المجموعة الأوروبية 27.9 دولاراً يستقطع منه إجمالي التكاليف 9.0 دولاراً مقدار العائد الصافي 18.9
ـ  كان نصيب الدول المنتجة من هذا الصافي = سعر النفط الخام ـ تكلفة الإنتاج = 18.8  ـ 9.0  = 9.8 دولاراً بنسبة 52%
بينما كان نصيب الدول المستهلكة منه   الباقي من العائد الصافي بما فيه من رسوم وضرائب  = 18.9  ـ  9.8 = 9.1 دولاراً بنسبة 48%
وفي عام 1980
بلغ نصيب الدول المنتجة ذروته، ويوضح ذلك المثال الثالث التالي.
ـ  بلغ سعر بيع البرميل للمستهلك النهائي في دول المجموعة الأوربية 65.50 دولاراً يستقطع منه إجمالي التكاليف 12.25 دولاراً مقدار العائد الصافي 53.25
ـ  كان نصيب الدول المنتجة من هذا العائد الصافي = سعر النفط الخام ـ تكلفة الإنتاج   = 46.55 ـ  12.25 = 34.30 دولاراً بنسبة 64%
بينما كان نصيب الدول المستهلكة منه   = الباقي من العائد بما فيه من رسوم وضرائب   = 53.25  ـ 34.30 = 18.95 دولاراً  بنسبة 36%
          غير أن أسعار النفط الخام لم تلبث أن انخفضت خلال النصف الأول من الثمانينات، ثم انهارت عام 1986 من نحو 28 دولاراً عام 1985 إلى نحو 13 دولارا.
          وهنا لم تسمح الدول الأوروبية بانتقال الانخفاض إلى المستهلك النهائي حتى تمنع زيادة الطلب على المنتجات البترولية، وتمنع بالتالي زيادة الطلب على النفط الخام. وبذلك تحكمت في عامل الطلب على البترول عن طريق زيادة ضرائبها البترولية من نحو 22.5 دولارا عام 1985 إلى نحو 30 دولارا عام 1986، بل استمرت في الزيادة إلى أن بلغت 52 دولارا عام 1991، ونحو 55.4 دولارا عام 1992 وإن انخفضت قليلاً إلى 50.8 دولارا في عام 1993.
          ولم تكتف الدول الأوروبية بهذا، بل ظهر مشروع الاتحاد الأوروبي لفرض ضريبة الكربون بحجة حماية البيئة كعبء إضافي على هيكل الضرائب النفطية التي تتحيز لصالح الفحم رغم أنه المصدر الأكثر تلوثاً للبيئة.
          أما سعر النفط الخام فقد استمر في التآكل بحيث انخفض من 19.33 دولارا عام 1991 إلى 18.22 دولارا عام 1992، وإلى 16.07 دولارا عام 1993.
          وباستبعاد تكاليف الإنتاج والنقل من تلك الأسعار، يبلغ نصيب الدول المنتجة من صافي العائد نحو 11 دولارا عام 1986، ونحو 14.55 دولاراً في عامي 1991 و1992، ونحو 12.35 دولارا عام 1993. وبذلك انعكس توزيع العائد النهائي بحيث لم تعد الدول المنتجة تحصل منه على أكثر من 20%.
          وإضافة نحو 20 دولارا للبرميل مقابل تكاليف وأرباح الشركات الوسيطة، وكلها تقريباً شركات تابعة للدول الصناعية المستوردة للنفط، يتراوح متوسط السعر للمستهلك النهائي في دول الاتحاد الأوروبي حول 92، 94 دولارا خلال السنوات 1990 ـ 1992 وحول 85 دولارا عام 1993.
          ولا يختلف الحال كثيراً بالنسبة لليابان، التي بلغ فيها السعر للمستهلك النهائي عام 1993 نحو 107 دولارات، كما بلغ صافي العائد نحو 47 دولارا. وكان توزيعه بنسبة 74% كضرائب لحكومة اليابان و 26% للدول المصدرة فقط.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69673
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Empty
مُساهمةموضوع: رد: البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول   البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Emptyالإثنين 07 مارس 2016, 11:13 pm

[rtl]الفصل السابع[/rtl]

[rtl]الحوار بين منتجي ومستهلكي البترول دون نتائج حاسمة[/rtl]


ثالثاً: ضريبة الكربون
          كان ميثاق الطاقة الأوروبي، الذي أقره مؤتمر الأمن والتعاون الأوروبي في ديسمبر 1991 قد تضمن نصوصاً تقضي بضرورة استخدام الأسعار وغيرها من الإجراءات لحماية البيئة وتقليل مخاطر تلوثها.
          أما الاتجاه العالمي، الذي تضمنته المعاهدة الدولية، التي أقرها مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة والتنمية، الذي يعرف بمؤتمر "قمة الأرض" وعُقد في البرازيل خلال يونيه 1992، فإنه يرفع شعار "البيئة والتنمية" معاً على أساس أن العالم كل متكامل. والحكمة من وراء رفع هذا الشعار بشقَّيه أن الفقر والتلوث مما يمثلان تهديداً خطيراً للبيئة، بل إن الفقر أصبح اليوم أعدى أعداء الإنسانية ويحتل الأولوية التي يعالجها مؤتمر قمة الأرض.
          ومؤدى ذلك أن هذه المؤتمرات تهدف إلى إيجاد علاج للبيئة بإخلائها من الملوثات وإيجاد علاج للتنمية بالقضاء على أسباب الفقر، الذي يعاني منه 75% من سكان العالم.
          وعلى ذلك فإن فرض ضريبة للحد من استهلاك الطاقة لتخفيف الملوثات، إنما يؤثر على اقتصاد الدول النامية والمتخلفة ويزيدها فقراً على ما هي فيه من فقر، لأن مثل هذا الضريبة تؤدي إلى تراجع معدلات النمو الاقتصادي ومستويات المعيشة.
          لذلك فإن العلاج الذي تهدف إليه مؤتمرات قمة الأرض هو إيجاد حلول لعلاج البيئة والتنمية معاً، وليس علاج البيئة على حساب التنمية. وإلاَّ كان ذلك مخالفة صريحة تتعارض مع شعار مؤتمرات الأرض، بل وتهدم الحكمة التي تتوخاها الأمم المتحدة من وراء رفع هذا الشعار بشقَّيه معاً.
          ويستلزم الأمر أن تواجه الدول الصناعية التزاماً حضارياً للأخذ بأسباب التنمية الشاملة للدول الفقيرة وتطوير التكنولوجيا الحديثة للحد من انتشار ملوثات البيئة ـ تنفيذا لشعار البيئة والتنمية ومسايرة للاتجاه العالمي في هذا الصدد.
ظاهرة "البيت الزجاجي"
          وعلى الرغم من ذلك فإن بعض حكومات الدول الصناعية الغربية قد استغلت وجهة نظر جماعة الخضر فيما يتعلق بظاهرة "البيت الزجاجي  Greenhouse Effect"
(تشبيهاً للكرة الأرضية وما يحيط بها من غلاف جوي بالبيت الزجاجي)
          وقد فسَّر العلماء بأن الغلاف الجوي أو هذا الغطاء الغازي، الذي يحيط بالكرة الأرضية يسمح بنفاذ أشعة الشمس إلى سطح الأرض، لكنه يحجز جزءاً كبيراً من الحرارة الناتجة عن ذلك، ويمنعها من التسرب إلى الفضاء مرة أخرى. وشبَّهوا ذلك بالصوبات الزراعية أو تلك البيوت الزجاجية، التي يُزرع بداخلها نباتات تحتاج إلى جو دافئ ومن هنا أطلق العلماء على ظاهرة ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية تعبير "تأثير الصوبة الزجاجية Greenhouse Effect" أو "ظاهرة الاحتباس الحراري".
          وقد ادَّعت جماعة الخضر ـ بناءً على هذا التفسير ـ أنه ينتج عن هذه الظاهرة ازدياد مطرد في حرارة الغلاف الجوي المحيط بالكرة الأرضية. ويساهم في تكوينها عدد من الغازات أهمها ثاني أكسيد الكربون وغاز الميثين. وينطلق غاز ثاني أكسيد الكربون بكميات كبيرة نتيجة لعوامل طبيعية توازن بعضها بعضاً. ولكن الأنشطة البشرية تطلق أيضاً كميات متزايدة منه بحيث ارتفع تركيز الغاز في الجو خلال السنوات المائة الماضية إلى 350 جزءاً بالمليون حجماً بزيادة تتراوح بين 20 ـ 25%. وتتفاوت مساهمة كل مصدر من مصادر الوقود الحفري فيما يتخلف عنه من الكربون.
          وتشير دراسات مؤتمر "قمة الأرض" إلى أن متوسط حرارة الجو قد ارتفع خلال تلك السنوات المائة بما يتراوح بين 0.3 ـ 0.6 درجة مئوية. ونظراً لارتفاع كميات الكربون المنبعثة نتيجة النشاط البشري خلال الفترة 1950 ـ 1990 من 1.6 مليار طن سنوياً إلى نحو 6 مليار طن، وهو ما ينتج عنه نحو 20 مليار طن من غاز ثاني أكسيد الكربون، فإن ترك الأمر على حاله سوف يؤدي إلى ارتفاع المنبعث من ذلك الغاز إلى نحو 43 مليار طن بحلول عام 2050، وهو ما يؤدي بدوره إلى ارتفاع حرارة الغلاف الجوي بما يتراوح بين 1.5 ـ 4.5 درجة مئوية.
          وعلى ذلك يحذر البعض من أن استمرار ضخ ذلك الغاز وغيره من غازات البيت الزجاجي بالمعدلات الحالية سوف يؤدي ـ نتيجة لارتفاع الحرارة ـ إلى إذابة الغطاء الجليدي في كل من القطبين الشمالي والجنوبي ، فيرتفع مستوى المياه في البحار والمحيطات لتغرق الكثير من الأراضي الواطئة في القارات.
[rtl]المعارضون لفرض ضريبة الكربون [/rtl]
[rtl]          لذلك أعلنت الجماعة الأوروبية EC  European Community ـ مستغلة هذه الظاهرة ـ عن عزمها فرض ما أطلق عليه ضريبة الكربونEcotax،  بل صدر هذا الإعلان أثناء اجتماع منظمة الأوبك في سبتمبر 1991. وقد جاء رد الأوبك الفوري محذراً من أن الضريبة المقترحة سوف تضع النفط في مركز تنافسي سيئ بالنسبة لباقي مصادر الطاقة. كما أنها ستؤثر تأثيراً سيئاً على معدلات النمو الاقتصادي في العالم وخاصة في دول العالم الثالث، وقد تؤدي هذه الضريبة إلى خلق مواقف سلبية من جانب الدول المنتجة للطاقة. وقد تكرر التحذير من جانب منظمة الأوبك عدة مرات منذ ذلك التاريخ. وعارضتها أيضاً مجموعة من دول أيبك وهي الدول المستقلة المصدرة للبترول غير الأعضاء في أوبك. [/rtl]
[rtl]وفي أبريل 1992 عقدت منظمة أوبك ندوة عن البيئة، أعقبها اجتماع وزاري لدول أوبك وأيبك. [/rtl]
[rtl]          ومما كشفت عنه الدراسات والمناقشات أن أساسيات الموضوع لا تزال محل خلاف وتحتاج للمزيد من الدراسات العلمية المتأنية، وخاصة فيما يتعلق بالعلاقة بين غاز ثاني أكسيد الكربون وغيره من غازات البيت الزجاجي وبين ارتفاع حرارة الغلاف الجوي. وكذلك السرعة التي يزداد بها تركُّز تلك الغازات في الغلاف الجوي. [/rtl]
[rtl]          وقد تضاربت آراء العلماء حول الأسباب التي تؤدي إلى حدوث هذه الظاهرة، التي يشارك في حدوثها غازات من أصل غير بترولي (أي من أصل غير كربوني) مثل أكاسيد النيتروجين وغيرها. كما أوضح بعض العلماء أن التغييرات التي حدثت في درجة حرارة الأرض خلال القرن الماضي ما هي إلاّ تغيرات طبيعية. كما أن الخلاف لا يزال قائماً بين المتخصصين حول التوقعات المستقبلية لحجم وأبعاد وتوقيت حدوث التغيرات المناخية المصاحبة للظاهرة وتوزيعها الجغرافي في مختلف مناطق الأرض وتوقُّع الآثار الناجمة عنها. [/rtl]
[rtl]          كذلك كشفت الدراسات والمناقشات عن أن هناك من الأولويات مثل مشكلة الفقر ومشكلة الزيادة السكانية ما ينبغي أن يتقدم على مشكلة البيئة، كما أن حل هذه المشاكل أولاً يمكن أن يساعد على تخفيف المخاطر البيئية. ولذلك ينبغي أن تتضافر الجهود العالمية لمواجهة تلك المشاكل، وهو ما أخذ به مؤتمر "قمة الأرض"، وانبثقت عنه ما عُرف بأجندة 21 (أي برنامج القرن 21) والتي ربطت بين مشكلة البيئة ومشاكل التنمية المتواصلة. Sustainable Development   وقد تضمن هذا البرنامج 120 مبادرة لعلاج هذه المشاكل يُقترح تطبيقها حتى عام 2000. [/rtl]
[rtl]          أما مجلس التعاون الخليجي  فقد عارض هذه الضريبة أيضاً، حيث عقد في 16 مايو 1992 بالكويت اجتماعاً مشتركاً مع السوق الأوروبية. وتناولت المحادثات موضوع فرض ضريبة الكربون على صادرات البترول. [/rtl]
[rtl]          وقد ألقى السيد/ هشام ناظر وزير البترول والثروة المعدنية السعودي خطاباً أساسيا يُعبر فيه عن رأي دول المجلس، أشار فيه إلى أن هذه الدول تنظر إلى اقتراح المفوضية الأوروبية بشأن ضريبة الكربون في إطار عام له ثلاثة أضلاع هي: الطاقة والبيئة والتنمية. [/rtl]
[rtl]          وأبدى شكوكه في فاعلية هذه الضريبة في معالجة مشكلة لها أبعاد عالمية. فالضرائب نادراً ما تعطي دلالات واضحة للسوق بزيادة أو خفض متوسط انبعاث الغازات. وليس أدل على ذلك من الضرائب الباهظة التي فرضتها السوق الأوروبية على البرميل من المنتجات البترولية من 7 دولارات عام 1973 إلى 56 دولاراً في ديسمبر 1991، في حين تصاعد انبعاث الغازات في نفس الفترة بنسبة ضئيلة للغاية. وكان من نتيجة فرض هذه الضرائب الباهظة على البترول ودعم الفحم انخفاض استهلاك دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنميةOECD  من البترول من 59% في عام 1973 إلى 50% عام 1990. في حين ارتفعت حصة استهلاك الفحم، الذي ينبعث عنه ثاني أكسيد الكربون بنسبة أكبر من البترول من 20 ـ 25%. وبذلك يتحمل البترول ضرائب تزيد كثيراً على حصته في انبعاث الغازات. [/rtl]
[rtl]          ولا يسفر عن ذلك إلاّ أن فرض ضريبة الكربون ما هي إلا وسيلة لزيادة حصيلة الدول المستهلكة من الضرائب، وتقليص الطلب على البترول، الأمر الذي سيلحق الضرر بالمنتجين والمستهلكين في السوق الأوروبية. [/rtl]
[rtl]          وعلى مدى أكثر من عام ظل الحوار يدور بين مجلس التعاون الخليجي وبين المجموعة الأوروبية حول ضريبة الكربون، التي تعتزم المجموعة فرضها على مصادر الطاقة ومن بينها النفط. وقد اتخذ الجانب العربي موقف الرفض من تلك الضريبة ـ كما أوضحنا من قبل ـ مستنداً إلى أنها تلحق بالإيرادات النفطية خسائر جسيمة. وأن مشكلة ارتفاع حرارة الجو لا يمكن مواجهتها بفرض المزيد من ضرائب الطاقة، وإنما بإجراء المزيد من الأبحاث العلمية توصلاً لحقائق يتم في ضوئها وضع الخطط التي يساهم في تنفيذها العالم بأسره. [/rtl]
[rtl]          وكان مجلس التعاون الخليجي قد عهد إلى فريق عمل بمناقشة الموضوع مع نظيره الأوروبي. ولكن المناقشات لم تنته إلى نتائج إيجابية. [/rtl]
[rtl]          فقام فريق العمل ـ بعد الاجتماع الثالث ـ في يناير 1993 ـ بطرح عدد من الخيارات، التي يمكن انتهاجها مع المجموعة الأوروبية ومن أهمها: [/rtl]
ـ  محاولة تضمين اتفاقية التجارة الحرة المزمع إبرامها ـ في ذلك الوقت ـ بين الجانبين ما يضمن المصالح النفطية لدول المجلس، ويلغي إجراءات ضريبة الكربون، ويفتح الأسواق الأوروبية أمام صادرات المجلس من النفط الخام والمنتجات البتروكيماوية.
ـ  وكإجراء بديل اقترح فريق العمل تعليق أو تأجيل إبرام الاتفاقية إلى أن تتضح آثار ميثاق الطاقة الأوروبي وضريبة الكربون على دول المجلس.
كذلك قدَّم بعض وزراء النفط بمجلس التعاون الخليجي أثناء اجتماعهم في جدة خلال مارس 1993 عدداً من المقترحات منها:
ـ  فرض ضرائب على الواردات السلعية من الدول التي تقوم بفرض ضرائب على وارداتها من النفط العربي.
ـ  خفض إنتاج النفط وإلغاء برامج توسيع الطاقة الإنتاجية للنفط. 
ـ  كذلك اقترح رئيس إحدى شركات النفط العالمية في المنامة أن تقوم الدول المصدرة للنفط بزيادة أسعار صادراتها النفطية لمواجهة الانخفاض المتوقع في إيراداتها نتيجة لفرض الضرائب في الدول الصناعية.
          وفي مسقط انتهى الاجتماع الموسع بين وزراء أوبك وأيبك (الدول المستقلة المصدرة للنفط) إلى طرح الموضوع أثناء الحوار القادم بين المنتجين والمستهلكين في مدريد بأسبانيا. والحقيقة أنه على الرغم من أن تلك المقترحات لا يخلو واحد منها من المنطق، إلا أن الأمر يحتاج إلى تدعيمها بالحجج والأسانيد التي يقبلها العقل الغربي.
          وعلى الرغم من كل هذه المعارضات والمناقشات والدراسات، بقيت الضغوط السياسية والإعلامية في الدول الصناعية تساند ضريبة الكربون والطاقة وتجعل منها العصا السحرية التي ستداوي كافة مشاكل البيئة.
          وفي عام 1992 ظهر مشروع الجماعة الأوروبية ـ كإجراء حاسم ـ بهدف تثبيت انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون عام 2005 عند مستواه عام 1990.
          واقتراح فرض ضريبة الكربون. وهي ضريبة تُفرض على مصادر الطاقة تبعاً للمحتوى الكربوني لكل مصدر لرفع كفاءة الطاقة والحد من انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون. وتحتل هذه الضريبة الفصل الأخير من الكتاب الأبيض للاتحاد الأوروبي "النمو والمنافسة والعمالة".
          وقد مرت تلك الضريبة بمراحل من الصراع السياسي بين مؤيد ومعارض.
هناك من يرى أن يُترك أمرها لكل دولة عضو في الجماعة الأوروبية تفرضها أو لا تفرضها بحسب ظروفها.
          ويأتي في مقدمة أوجه الاعتراض، الأثر السلبي للضريبة على اقتصاديات الدول، التي تقوم بتطبيقها، نتيجة لما تؤدي إليه من ارتفاع نفقات الإنتاج، ومن ثم إضعاف القدرة التنافسية لصادرات الدولة. وفي وقت تعاني فيه أوروبا من الكساد والبطالة، فإن تلك الآثار قد تكون مدمرة.
          ومن ناحية أخرى، فإن أثر الضريبة بحجمها المقترح سوف يقصر عن تحقيق الهدف البيئي المستهدف. وحتى إذا اكتفينا بأثر الضريبة المحدودة في مجال تحسين البيئة فإن فاعليته لن تلبث أن تتوقف بعد اندماجها في النظام الضريبي، ومن ثم تعود الغازات الملوثة إلى التصاعد مرة أخرى.
          كذلك فإن الحد من انبعاث الكربون لا يكفي لحل مشكلة التلوث، وكان الأفضل أن يؤخذ في الاعتبار معيار "السّمية" مثل أكاسيد الكبريت والنيتروجين.
          وأن فرض الضريبة على جميع مصادر الطاقة، بما فيها المصادر التي لا يتخلف عنها الكربون، مثل الطاقة الكهرومائية من شأنه تعطيل الأثر المنشود من فرضها.
          لذلك واجهت الضريبة معارضة قوية من أرباب الصناعة في أوروبا عموماً وفي فرنسا بصفة خاصة حيث قدرت خسائرها السنوية نتيجة لفرضها بنحو 1.25 مليار دولار.
          وعارض الضريبة أيضاً أصحاب محطات توليد الكهرباء في ألمانيا، والتي تعتمد بدرجة كبيرة على الفحم.
          كما عارضتها صناعة البتروكيماويات في أوروبا لأن تكلفتها حتى بدون ضريبة الكربون قد وضعت هذه الصناعة في المرتبة الثالثة بعد نظائرها في دول مجلس التعاون الخليجي وفي الولايات المتحدة نتيجة لارتفاع ضرائب الطاقة في أوروبا.
          أما بريطانيا فقد عارضت بشدة ضريبة الكربون على أساس أن فرض الضرائب من حقوق السيادة المحلية، ونادت بأن يُترك لكل دولة اتخاذ ما تراه من إجراءات لتحقيق الهدف البيئي المنشود.
          كذلك لقيت ضريبة الكربون معارضة قوية من المجموعة الرباعية الأضعف اقتصادياً وهي أسبانيا والبرتغال واليونان وايرلندا، والتي ترى أن ضريبة الكربون سوف تعرقل مسيرتها على طريق اللحاق بالدول الغنية من أعضاء الاتحاد الأوروبي.
          وفي مواجهة تلك المعارضة اتجهت مفوضية الجماعة الأوروبية في بروكسل إلى إدخال تعديلات من شأنها مراعاة ظروف الدول الأضعف اقتصادياً. وقد اعتمد التعديل على استخدام معيارين لقياس القدرة على فرض الضريبة:
أولهمـا: نصيب الفرد من انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون.
وثانيهما: نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي (Gross Domestic Product (GDP.
          وعلى الرغم من ذلك حاولت المفوضية الأوروبية إغراء المجموعة الرباعية المعارضة بإعفائها من فرض الضريبة لبضع سنوات. إلاّ أن تلك المحاولات لم تفلح في التغلب على قوى المعارضة داخل الاتحاد الأوروبي في مجموعه، وبذلك فقدت الضريبة الكثير من قوتها الدافعة في مستهل عام 1994.
          عادت الفكرة تراود خبراء الاتحاد الأوروبي مرة أخرى خلال مايو 1995، حيث وضعوا خطة تنفيذية من ثلاث مراحل:
          المرحلة الأولى: تبدأ بالفترة من أول يناير 1996 حتى 31 ديسمبر 1999، وتتيح لكل دولة عضو حرية فرض ما تراه من ضرائب على كل نوع من أنواع الوقود وذلك في الإطار الذي تراه الدولة محققاً للهدف التنسيقي المنشود.
          أمّا المرحلة الثانية: فتتداخل مع المرحلة الأولى، إذ تقوم المفوضية الأوروبية في مستهل عام 1999 بإعداد تقرير حول ما تحقق بالفعل خلال المرحلة الأولى بما تراه من مقترحات لتنفيذ المرحلة التالية.
          أما المرحلة الثالثة: فتبدأ من أول يناير عام 2000 وتقوم على أساس نظام كامل التنسيق للضرائب المفروضة على جميع مصادر الطاقة في كل دول الاتحاد.
          وتختلف الضريبة في صورتها الجديدة عنها في صورتها القديمة، من حيث أن المقترح القديم كان يعتمد فئات ضريبية ثابتة لكل نوع من أنواع الوقود، بينما يترك المقترح الجديد الحرية لكل دولة كي تختار ما تراه مناسباً من تلك الفئات الضريبة ما دام الأمر سوف ينتهي في المرحلة الثالثة بالإطار الشامل المنسق في دول الاتحاد، غير أن المقترح الجديد لم يتخل عن الهدف السابق إعلانه وهو بلوغ ضريبة الكربون في نهاية المطاف مستوى 10 دولارات لما يعادل برميلاً من النفط.
          وعلى الرغم من ذلك استقبلت بريطانيا المقترح الجديد بقدر كبير من الشكوك. وصرح وزير ماليتها خلال مايو 1995 عن تلك الشكوك بقوله:
          "إن الضريبة سوف تنال من القوة التنافسية للصناعة الأوروبية في الأسواق العالمية"، كذلك قال وزير الاقتصاد الفرنسي:
          "إن الضريبة سوف تعقّد جهود الاتحاد الأوروبي الرامية إلى تحجيم المنبعث من غاز ثاني أكسيد الكربون، كما تفتقر إلى المرونة لأن المقترح الجديد يستهدف فرض الضريبة بصورة إجبارية بحلول عام 2000".
          في الجانب الآخر من دول الاتحاد رحبت ألمانيا وإيطاليا والدانمارك بالمقترحات الجديدة. بل إن بعض الدول الأعضاء قامت فعلاً بفرض ضرائب تحت مسمى "ضريبة الكربون" مثل هولندا والدانمارك وألمانيا وينتظر أن تحذو بلجيكا حذو تلك الدول.
          توضيح نوايا الدول المستهلكة من وراء استخدام فرض الرسوم والضرائب الجمركية على المنتجات البترولية بهدف التحكم في الطلب على البترول ومن ثم التحكم في سعر النفط الخام. وبعد أن ظهرت أسباب اشتراط الدول الصناعية المستهلكة استبعاد مناقشة سعر البترول قبل بدء الحوار.
كيفية معالجة مشكلة ضريبة الكربون
          وبعد أن تبين تعذر مناقشة سعر النفط الخام دون مناقشة منتجاته، فإن السؤال - الذي يطرح نفسه ـ أمام الدول المنتجة: كيف يمكن أن تعالج المشكلة في إطار الحوار بين منتجي النفط ومستهلكيه؟ وماذا يمكن أن تفعله الأوبك في مواجهة فرض ضريبة الكربون، التي إذا طبقت في مجموعة الدول الصناعية الغربية، سوف تلحق بدول المنظمة النفطية خسائر يبلغ مجموعها بحلول عام 2010 نحو 175 مليار دولار كما أثبتت ذلك دراسة للأوبك؟
          هناك من منتجي النفط من يرى تبني حملة للتشكيك في خطورة المنبعث من غاز ثاني أكسيد الكربون، وفي أثره على ظاهرة البيت الزجاجي التي يدَّعي أنصار فرض الضريبة أنها تؤدي إلى ازدياد حرارة الغلاف الجوي المحيط بالكرة الأرضية.
          وتستند حجة الذين يشككون في صحة هذه النظرية إلى أن ارتفاع حرارة الجو على مدى السنوات المائة الماضية لم يواكب من الناحية الزمنية فترات الزيادة الكثيفة في غاز ثاني أكسيد الكربون.
          كذلك يرى البعض أن ارتفاع الحرارة ـ على فرض وقوعه ـ لن تتجاوز أضراره إبطاء معدلات النمو الاقتصادي بعض الشيء، في حين أن محاولة تحجيم استخدام الطاقة على النحو الذي يدعو إليه أنصار ضريبة الكربون يمكن أن يؤدي إلى إلحاق خسائر جسيمة بالاقتصاد العالمي، وبصفة خاصة اقتصاديات الدول النامية.
          ويخلص مَن يعارض ضريبة الكربون على هذا الأساس إلى أن العالم ما زال يحتاج ـ بدلاً من فرض الضريبة ـ إلى بذل المزيد من الأبحاث العلمية للتوصل إلى حقيقة المشكلة ووضع أنجع الوسائل لعلاجها.
          ويرى د. حسين عبدالله ـ الخبير البترولي المصري ـ أن حملة التشكيك في صحة ظاهرة البيت الزجاجي تصطدم بالجدران السياسية التي نجحت أحزاب الخضر ودعاة حماية البيئة في إقامتها بالدول الصناعية المتقدمة، بل وفي بعض الدول النامية أيضاً. ومن ثم فإن الاستمرار في ترديد تلك الحجة يُظهر منتجي النفط بأنهم يقفون من مشكلة الحفاظ على البيئة موقفاً سلبياً وذلك حرصا على مصالحهم المادية. ولعل الأصوب أن يتم الفصل بين مشكلة الحفاظ على البيئة وحمايتها، وهو ما يفرض على منتجي النفط مشاركة العالم فيما يذهب إليه، بينما يجري التركيز على أوجه الخلاف بين المستهلكين فيما يتعلق بضريبة الكربون.
          ومن ذلك استبعاد المقترح الأوروبي الجديد لشرط قيام باقي دول المجموعة الصناعية الغربية بفرض ضرائب مماثلة، إذ تؤدي الضريبة في تلك الحالة إلى زيادة تكلفة الصناعة الأوروبية وتضعف مركزها التنافسي في مواجهة الدول التي لا تفرض ضرائب مماثلة. ولعل مما يساند تلك الحجة، والتي استخدمها وزير مالية بريطانيا في اعتراضه على الضريبة، أن الضرائب النفطية في أوروبا تصل إلى نحو 60% من سعر البيع للمستهلك النهائي بينما لا تتجاوز في الولايات المتحدة 30% كما ترتفع تكلفة توليد الكهرباء باستخدام الفحم في أوروبا بنحو 20% عنها في الولايات المتحدة نتيجة لارتفاع ثمن الوقود.
          من ناحية أخرى، فقد أوضحت بعض الدراسات أن تبنِّي الولايات المتحدة فرض ضريبة تماثل ضريبة الكربون الأوروبية يمكن أن يلحق بالاقتصاد الأمريكي خسائر تقدر بنحو 0.4% من الناتج الإجمالي في عام 2000 على حين تقدر خسائر الاقتصاد الأوروبي في ذلك العام بنحو 0.9%، وإذا تخلى الاتحاد الأوروبي عن شرط المعاملة بالمثل فإن الفجوة التنافسية تتسع بين المنطقتين.
          وكانت  اليابان قد اتخذت في معالجة مشكلة التلوث البيئي منهجاً مختلفاً يعتمد على معاقبة مصدر التلوث بالغرامة، ويكافئ بالدعم الشركات التي تبذل جهداً للحد من التلوث، وذلك تطبيقاً لمبدأ "الملوث يتحمل التكلفة The polluter pays" وربما وجدت الدول المنتجة للنفط في المدخل الياباني ما يساند حجتها.
          كذلك يستطيع منتجو النفط في حوارهم مع مستهلكيه الاستفادة مما قررته الوكالة الدولية للطاقة  ذاتها (وهي تكتل للدول المستهلكة) في تقرير لها حول ضريبة الكربون، من أن الأهداف البيئية مع استمرار تأمين الطاقة لا يمكن تحقيقها دون إعادة تشكيل الهياكل الضريبية المفروضة على الطاقة في المجموعة الصناعية الغربية. وتحذر الوكالة من الاتجاه نحو تبني ضرائب الكربون وإضافتها إلى الهيكل الضريبي بشكله الحالي دون توفيق، الأمر الذي يؤدي إلى خلق تشوهات ونتائج سلبية جسيمة للاقتصاد.
          ويتساءل تقرير الوكالة أيضاً عما إذا كان الأفضل أن يتم التوفيق والتهذيب في نطاق الوسيلة (أي فرض ضريبة الكربون) أم في نطاق الغاية (وهي الحد من الغازات الملوثة) وبذلك يقترب التساؤل من المدخل الياباني للمشكلة.
          ويبرز التقرير أيضاً أنه من معوقات التنسيق الضريبي بين الدول، رغبة كل دولة في المحافظة على نصيبها التجاري في الأسواق العالمية، وهو ما يدعو الدول التي تفرض ضرائب باهظة على استهلاك الطاقة إلى مطالبة الدول الأخرى أن تحذو حذوها. فهل تستجيب هذه الدول الأخرى؟
          ومن ناحية أخرى، فقد توقعت الأوبك ـ إذا ما طبقت الضريبة أو ما يماثلها في المجموعة الصناعية الغربية ـ أن يتقلص الطلب على نفط الأوبك بنحو ثلاثة ملايين برميل يومياً عام 2005، وأن ضريبة الكربون سوف تؤدي إلى انخفاض أسعار النفط تدريجياً إلى أن يبلغ الانخفاض نحو 20% بحلول عام 2005 وذلك نتيجة لتقلص المبيعات ووجود فائض في المعروض. ومن شأن هذا التقلص في الكميات والأسعار أن تفقد الدول المصدرة الإيرادات المجمعة خلال الفترة 1993 ـ 2005 نحو 75 مليار دولار بالقيمة الثابتة للدولار عام 1991، نتيجة لذلك سوف يصعب على دول أوبك تمويل الاستثمارات المطلوبة، وليس أمامها إلا أن تعيد النظر في خطط توسيع الطاقة الإنتاجية بالإبطاء أو الإلغاء. خاصة أن القدرات المالية لدول أوبك قد تدهورت بسبب تدهور الأسعار وبسبب ما أهدر من ثرواتها في حروب الخليج، مع أن توسيع الطاقة الإنتاجية والحفاظ عليها لمواجهة احتياجات العالم المتزايدة من النفط ينبغي أن ينظر إليها كمسؤولية مشتركة بين المنتجين والمستهلكين، حيث أن التقصير في بناء تلك الطاقة الإنتاجية للنفط في الوقت المناسب يمكن أن يهدد بانفجار أزمات سعرية من نوع ما وقع خلال السبعينات وربما أشد حدة. وإذا كان الأمر كذلك فأول ما تقتضيه المسؤولية المشتركة بين المنتجين والمستهلكين هو تبادل المعلومات المؤكدة حول أساسيات العرض والطلب خلال المستقبل المنظور لتحقيق التأمين المتبادل للطلب مقابل العرض، وهو ما يتطلب المشاركة في بناء طاقة إنتاجية تفي باحتياجات المستهلكين ولا تتعرض عوائدها للمخاطر بسبب ضرائب الكربون والطاقة.
          وهناك أيضاً من يرى أن الدول الصناعية تدرك أن تزايد الطلب العالمي على النفط سوف يشعل المنافسة بين الدول المستهلكة في المستقبل. ولذلك تسعى هذه الدول إلى ترويج الفكر الذي يدعو إلى أنه بوسعها تحجيم استهلاكها من البترول بفرض ضريبة الكربون.
          ونتيجة لذلك، فإن المستقبل سوف يشهد استمرار وجود فائض نفطي يضغط على الأسعار نزولاً أو على الأقل يحول دون ارتفاعها في المستقبل. ومن البديهي أن تلك الحجة لو استخدمت بالفعل فإنها سريعاً ما تنكشف لأنها ترتبط بأساسيات العرض والطلب التي لا يمكن إخفاؤها.
          ومع ذلك، فإن الحكمة تقتضي عدم توسع المنتجين في بناء طاقة إنتاجية فائضة قد تصبح يوما عبئاً عليهم وعلى الأسعار. ولتلافي ذلك ينبغي أن يطلب المنتجون من المستهلكين ـ أثناء الحوار ـ تأمين الطلب على البترول عن طريق الكشف عن الخطط المستقبلية للدول المستهلكة. وذلك في مقابل ما يتكبده المنتجون من استثمارات لتأمين العرض الذي يفي باحتياجات العالم بأسعار متدرجة في الارتفاع. وبذلك يمكن أن يحول التأمين المتبادل للعرض والطلب دون وقوع صدمات سعرية سواء بالارتفاع أم بالانخفاض.
          كما ينبغي ألا يقتصر موقف المنتجين على مهاجمة "ضرائب الكربون" وحدها، بل يجب التركيز - أثناء الحوار مع المستهلكين - على مشكلة الضرائب المفروضة على النفط في الدول المستهلكة ليس فقط تحت مسمى ضريبة الكربون بل تحت أي مسمى. وبحيث يتم الربط بين تلك الضرائب وبين قضية تسعير النفط الخام وتوزيع العائد البترولي الصافي بين المنتجين والمستهلكين، خاصة وأن ضريبة الكربون ما زالت موضع جدل ومناقشات وتلقى معارضة شديدة من كثير من الدول.
في ضوء ما تقدم يمكن للجانب العربي أن يطرح أثناء الحوار مع الدول المستهلكة أربعة أسئلة مهمة: أولها: هل تحقق ضريبة الكربون الغرض المنشود منها وهو تثبيت معدل انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون في عام 2005 عند مستوى عام 1990؟
          وقد أوضحنا أن أثر الضريبة بحجمها المقترح سوف يقصر عن تحقيق الهدف البيئي المنشود بل إنه يلزم لتحقيق هذا الهدف أن يرتفع معدل الضريبة المقترحة إلى أكثر من مثليها أو ثلاثة أمثالها. وبذلك تخرج عن نطاق المعقولية.
          والسؤال الثاني: هل يوجد توازن بين ما تحققه الضريبة من فوائد وبين ما تلحقه بالاقتصاد من خسائر؟
          وبعبارة أخرى هل هي Cost-effective؟ وقد أوضحنا فيما سبق حجم الخسائر التي يمكن أن تلحق بالاقتصاد في كل من أوربا والولايات المتحدة إذا طبقت الضريبة الأوروبية.
          والسؤال الثالث: هل تحافظ الضريبة بشكلها المقترح على التوازن بين صادرات المناطق الصناعية المتنافسة ومن ثم على أنصبتها في الأسواق العالمية؟ ونكاد نجزم أن الدراسة لهذا الموضوع سوف تنتهي إلى أن الضريبة سوف تزيد من حدة الاختلال القائم فعلاً والذي صار يهدد في الآونة الأخيرة باندلاع حروب تجارية في المناطق المتنافسة.
          أما السؤال الرابع: هل الدول التي تعتزم فرض ضرائب الكربون مستعدة لتحمل مسؤولية العجز  عن تمويل التوسعات المطلوبة في الطاقة الإنتاجية لمواجهة الزيادة المتوقعة في الطلب على النفط خلال المستقبل المنظور؟
          وقد سبق أن أشرنا أن حجم الاستثمارات المطلوبة ليس فقط لمواجهة الزيادة على الطلب (حوالي 66 مليار دولار) بل أيضاً للمحافظة على الطاقة الإنتاجية الحالية في مواجهة الانخفاض الطبيعي (52 مليار دولار) أي ما مجموعه 120 مليار دولار، وهو ما يعادل إجمالي إيرادات دول الأوبك النفطية في عام كامل.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69673
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Empty
مُساهمةموضوع: رد: البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول   البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Emptyالإثنين 07 مارس 2016, 11:15 pm

[rtl]الفصل السابع[/rtl]

[rtl]الحوار بين منتجي ومستهلكي البترول دون نتائج حاسمة[/rtl]





رابعاً: توقعات بصدد توسيع الطاقة الإنتاجية للبترول الخام
          لما كان للبترول هذه الآثار العميقة، سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو عسكرية، فإن الدراسات والأبحاث على مستوى الدولة أو على مستوى تكتلات المنتجين والمستهلكين لا تهدأ ولا تتوقف، ولا تقتصر على حاضر البترول فحسب، بل تركز أبحاثها على مستقبله.
          وقد صدرت تصريحات مهمة تتعلق بمستقبل البترول، وبخاصة البترول العربي، من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والوكالة الدولية للطاقة تتلاقى جميعا عند نقطة واحدة، وهي التخوف من احتمال وقوع أزمة نفطية حادة قبل انقضاء العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
          ففي باريس توقع خبراء الوكالة الدولية للطاقة في دراسة صدرت خلال شهر إبريل 1995 أن الطلب على النفط سوف يرتفع من مستواه الحالي وهو 68 مليون برميل يومياً بمعدل يصل إلى نحو 2.1% سنوياً في المتوسط لكي يتراوح بين 86 مليون برميل يومياً كحد أدنى و105 مليون برميل يومياً كحد أقصى بحلول عام 2010.
          وعلى ذلك من المتوقع أن يبلغ الطلب على النفط بحلول عام 2010 نحو 92 ـ 95 مليون برميل يومياً، ويرى خبراء الوكالة الدولية للطاقة أن الطلب على نفط الأوبك سوف يتراوح بحلول عام 2010 بين 47 ـ50 مليون برميل يومياً، وأن نصيب المنظمة من إمدادات العالم سوف يرتفع من 39% في الوقت الحاضر إلى ما يتراوح بين 44 - 58 % خلال العام المذكور.
          كذلك يرى هؤلاء الخبراء أن ست دول فقط من أعضاء الأوبك سيكون في مقدورها الوفاء بنصف احتياجات العالم بحلول عام 2010 وهذه الدول هي السعودية والكويت والإمارات والعراق وإيران وفنزويلا. وأنهم ينصحون الدول الصناعية باتخاذ الاحتياطات الكافية لتأمين احتياجاتها المستقبلية من النفط ومن الغاز الطبيعي الذي سيخضع لظروف مشابهة لظروف النفط.
          وقد قرر وزراء الطاقة في الاتحاد الأوروبي في مايو 1995 إصدار "الكتاب الأبيض" الذي يتضمن برنامجاً لعمل الاتحاد الأوروبي في مجال الطاقة يدور حول تأمين احتياجاته في المستقبل وبخاصة من النفط والغاز الطبيعي.
          وفي واشنطن أذاعت وزارة الدفاع الأمريكية في وقت متقارب مع قرار وزراء الاتحاد الأوروبي، أن الإستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط تستهدف ضمان تدفق النفط من المنطقة وبأسعار مستقرة.
          ومما يجدر ذكره أن كلاً من الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي تنتمي إلى عضوية الوكالة الدولية للطاقة التي أنشئت عام 1974، في أعقاب ارتفاع أسعار البترول، وذلك بهدف التنسيق بين سياسات ومصالح الدول الصناعية الغربية في مجال الطاقة.
          كما أشار التقرير السنوي لعام 1998 الصادر عن وزارة الطاقة الأمريكية إلى توقع ارتفاع استهلاك البترول خلال الأعوام المقبلة، مما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في واردات الولايات المتحدة الأمريكية من البترول، وبالتالي إلى زيادة الاعتماد على البترول الأجنبي.
          ويتوقع هذا التقرير بأن يرتفع الطلب الأمريكي على البترول بنسبة 1.2% سنوياً ليصل إلى 19.6 مليون ب/ ي  بحلول عام 2010، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة اعتماد الولايات المتحدة الأمريكية على بترول الخليج من  38% إلى أكثر من 50% عام 2020.
          وإذا كانت كل الدلائل تشير إلى أن العالم سوف يعتمد بصورة متزايدة على النفط والغاز الطبيعي، وبصفة خاصة على منطقة الخليج العربي، فهل يساعد موقف الدول الصناعية المستهلكة للنفط، وبخاصة فيما يتعلق بقضية الضرائب النفطية وأسعار النفط الخام، على تشجيع المنتجين للاستثمار في توسيع الطاقة الإنتاجية بحيث يمكن مواجهة الطلب العالمي المتزايد عليه؟
          وإذا كان الأمل يحدونا في أن تؤدي توقعات خبراء الدول الصناعية المستهلكة وتصريحات المسئولين فيها ـ المشار إليها ـ إلى تيسير الحوار وتعميق التفاهم بين منتجي النفط ومستهلكيه، فما هو موقف الدول العربية النفطية في هذا الخصوص؟
التعاون العربي في مجال النفط
          لم يقتصر الأمر على توقعات خبراء وكالة الطاقة الدولية ـ المشار إليها آنفاً ـ من أن الطلب على نفط دول أوبك سوف يرتفع بحلول عام 2010 بما يتراوح بين 47 ـ50 مليون برميل يومياً.
          بل إن النشرة العالمية للطاقة OPEC's World Energy Model تؤكد ذلك، كما ورد في مقال الدكتور ريلوانو لقمان Dr. Rilwanu Lukeman الأمين العام لمنظمة أوبك ـ ضمن ورقة عمل تقدم بها إلى خبراء البترول الدارسين بجامعة مونتان ـ مدينة ليوبن بالنمسا Society of Petroleum Students - Montan University, Leoben, Austria في 13 يناير 1998. بشأن تطلعاته إلى ما يمكن أن تساهم به منظمة أوبك في القرن الحادي والعشرين، حيث أن سنة 2000 سوف يكون لها أهمية خاصة لأنها توافق العيد السنوي الأربعين لإنشاء أوبك.
          وقد ورد بهذا المقال "أن التنبؤات تشير إلى أن الطلب العالمي على البترول سوف يزداد من 67.5 مليون برميل/ يوم إلى حوالي 75 مليون برميل/ يوم في سنة 2000. وخلال العقد الأول من القرن القادم سوف يرتفع الطلب العالمي على البترول إلى أكثر من 11 مليون برميل/ يوم ليصل إلى حوالي 86 مليون برميل/ يوم في سنة 2010، وإلى 95 مليون برميل/ يوم في سنة 2020، ويعادل هذا الارتفاع في الطلب نسبة 41% خلال 25 سنة، الأمر الذي يمثل تحدياً ضخماً للدول المنتجة للبترول.
          إن الاحتياطي العالمي المؤكد للنفط الخام يبلغ أكثر من تريليون برميل، وقد لاحظت أن لدى الدول أعضاء أوبك حوالي 77% من هذا الاحتياطي. ومن المتوقع وفقاً لمعدلات الإنتاج الحالية، أن تدوم احتياطيات أوبك مدة 85 سنة أخرى بينما احتياطيات الدول خارج أوبك سوف تنفد في أقل من 20 سنة، مع أن هذا قد يتغير وفقاً للاكتشافات الجديدة وتطبيق التكنولوجيا المتقدمة.
          وبالنسبة للغاز الطبيعي، فإن ازدياد الطلب العالمي عليه سوف يفيد أوبك فائدة متزايدة حيث أن أوبك تمثل أضخم مصدر لاحتياطيات الغاز بحوالي 42% من إجمالي الاحتياطي العالمي. وإذا كان إجمالي الاحتياطي العالمي المؤكد للغاز الطبيعي 152.7 تريليون متر مكعب، فإنه وفقاً لمعدلات الإنتاج الحالية سوف تنفد احتياطيات أوبك بعد 150 سنة، بينما تنفد احتياطيات الدول خارج أوبك بعد 40 سنة تقريباً.
          نتيجة لذلك، فإنه عبر السنوات القادمة سوف يكون لمنظمة أوبك نصيب متزايد في سوق إمدادات البترول، ويكون للعالم اعتماد متصاعد على البترول المستورد من الدول أعضاء أوبك.
          وتتنبأ النشرة العالمية للطاقة ـ التي تصدرها أوبك ـ بأن إمدادات بترول المنظمة سترتفع من 40% تقريباً من إجمالي بترول العالم في سنة 1995 إلى 52% تقريباً في سنة 2020، وعلى ذلك فإنه يتحتم على دول أوبك أن تتحمل عبء إضافة 22 مليون برميل / يوم إلى طاقة إنتاجها بحلول عام 2020، الأمر الذي يمثل قدراً هائلاً من الاستثمارات ومصدراً جوهرياً لمخاطرة مالية بالنسبة لمجموعة من الدول النامية."
          وتبين هذه التوقعات التي صدرت من أكثر من جهة غربية بشأن ارتفاع مستوى الطلب بهذا القدر الكبير خلال العشرين سنة القادمة، أن القرن القادم يتيح فرصة تاريخية للعرب لأن يعيدوا للنفط بعضاً من مكانته التي فقدها حتى يصبح مسؤولاً عن الوفاء بنصف احتياجات العالم من النفط.
          إن الدول الست التي أشارت إليها التوقعات، أن لديها القدرة على توسيع طاقاتها الإنتاجية لمواجهة هذا الموقف مستقبلاً، تتمتع باحتياطيات من النفط والغاز على هذا النحو:
ـ  تبلغ احتياطيات النفط في أربع دول منها هي: السعودية والكويت والإمارات والعراق (حسب إحصائيات آخر سنة 1997) نحو 568 مليار برميل أو ما يعادل 55% من الاحتياطيات العالمية.
ـ  أما فنزويلا فلا تتجاوز احتياطياتها 72 مليار برميل
بينما تبلغ احتياطيات إيران 93 مليار برميل
وعلى ذلك فليس من صالحهما الخروج عما تقرره هذه الدول الخليجية من سياسات.
وبذلك تبلغ احتياطيات الدول الست من النفط 71% من الاحتياطيات العالمية.
ـ  وفي مجال الغاز الطبيعي: فإن المنطقة العربية تضم نحو 22% من الاحتياطيات العالمية. وإذا أضيف إليها احتياطيات إيران، التي تبلغ 15%، فإن إجمالي تلك الاحتياطيات من الغاز يصل إلى نحو 37%.
          وهي نسبة يمكن أن تكون ذات وزن مؤثر، إذا ما قرر منتجو الغاز تنسيق سياساتهم الإنتاجية والتسويقية على النحو الذي يحقق مصالحهم.
          وإذا كان الأمر كذلك، فما هو موقف هذه الدول تجاه مسؤولية تنسيق سياسة الإنتاج والتسعير بما يضمن استقرار السوق النفطية ويحقق مصالح المنتجين والمستهلكين؟
          إن أعباء إضافة 22 مليون ب/ي إلى طاقة إنتاج الدول الست المشار إليها تشكل مخاطرة مالية جسيمة لهذه الدول النامية لأنها تحتاج إلى قدر هائل من الاستثمارات. كما صرح بذلك أمين عام منظمة أوبك.
          ومن المعتقد أنه من العسير أن يكون في مقدور هذه الدول أن تتحمل موازناتها هذه التكلفة الباهظة في ظل ما يسود سوق البترول العالمي من عدم استقرار في الوقت الحاضر. وقد عرضنا بالتفصيل أحداث السنوات الأخيرة من الثمانينات وعقد التسعينات بأكمله، وما صادفها ـ عمداً أو قدراً ـ من تحديات ومؤامرات وتكتلات وسياسات معادية.
          كما تم استعراض ـ في بداية هذا الفصل ـ البداية التاريخية للحوار بين المنتجين والمستهلكين، الذي استمر 18 شهراً من ديسمبر 1975 إلى يونيه 1977، دون التوصل إلى نتيجة حاسمة. ثم المرحلة الحديثة للحوار بين المنتجين والمستهلكين حيث دامت اللقاءات والمناقشات من عام 1991 إلى عام 1996 في خمس دورات متتالية. وكلها انتهت دون اتفاق، بل وإصرار على عدم مناقشة موضوع أسعار النفط ومشكلة توزيع العائد البترولي بين الدول المصدرة والدول المستوردة.
          وقد ضربنا لذلك أمثلة ثلاثة تبين الغبن الذي تتعرض له الدول المنتجة، حيث لا يعود إليها إلا نسبة ضئيلة من ثمن النفط الخام الذي تُصدِّره إلى الدول المستهلكة بالإضافة إلى فرض الدول الصناعية المستهلكة ضريبة الكربون ضمن ضرائب أخرى كي يتفاقم الغبن الواقع على الدول المنتجة.
          بذلك انقضت عشر سنوات في حوار لا طائل من ورائه، دون حل مشكلة واحدة. بل من الممكن إضافة مشاكل أخرى تتضمنها الحقائق التالية:
ـ  إن الدول الكبرى نجحت في إخراج النفط من اتفاقيات الجات وأحكامها، حتى تتيح لنفسها حرية الحركة في فرض الضرائب على المنتجات البترولية المستوردة من الدول المنتجة للنفط أو تحديد حصص معينة من الواردات النفطية وهو ما يقيد حرية التجارة التي تتشدق بها هذه الدول على الدوام، خاصة أنه لا يوجد فيتو للدول الكبرى في منظمة التجارة العالمية، وكل عضو (سواء كان دولة أو مجموعة) له صوت واحد. وبذلك ضمنت الدول الكبرى مواصلة سياساتها المتشددة وهيمنتها على سوق البترول العالمي.
ـ  هناك تصور آخر استعدت له الدول الصناعية الكبرى ـ أمريكية كانت أو أوروبية ـ خاصة عندما تضمنت توقعات زيادة الطلب العالمي على النفط في المستقبل، أن الولايات المتحدة وأوربا الغربية واليابان تستورد النفط لسد العجز الموجود لديها والذي سيزداد من 23 مليون ب/ي حالياً إلى 35 مليون ب/ي عام 2020.
          إن الدول الخليجية ستحتاج إلى 160 مليار دولار لكي تستطيع أن تزيد من طاقتها الإنتاجية من 20 مليون ب/ي إلى 38 مليون ب/ي عام 2015.
          ومن أجل توفير هذه الأموال الطائلة سوف تضطر الدول الخليجية إلى الاستعانة بشركات النفط العالمية. وهذه الشركات تقع مقارها الرئيسية في الدول الصناعية الغربية وفي الولايات المتحدة الأمريكية.
          لذلك أصرت هذه الدول الكبرى على أن تتضمن اتفاقيات الجات نصوصاً تتيح لشركاتها أن تتمتع بالمعاملة نفسها التي تتعامل بها الشركات الوطنية دون تفرقة، بعد أن كانت إجراءات الاستثمار من الحقوق الأساسية لكل دولة تنظمها وفقاً لما تراه يحقق مصالحها. وكان هذا مصدر قلق للشركات متعددة الجنسيات.
          وعلى ذلك فإن الشركات التي سوف تقوم بالتنقيب عن البترول في الدول الخليجية لن تتقيد بالشروط المحلية لأي دولة مثل استخدام المنتجات المحلية أو نسبة معينة من العمالة المحلية أو تحديد حصص للاستيراد من الخارج.
ـ  وقد سبق أن أوضحنا أن أسباب تدهور أسعار البترول ترجع إلى السياسات التي تقوم بتنفيذها الدول الكبرى، ومن بينها استغلال اتفاقيات الجات أيضاً حين وجهت اتهاماً للدول أعضاء أوبك بأن المنظمة تشكل تكتلاً احتكارياً تجارياً يهدف إلى رفع الأسعار وتقييد حرية التجارة مما دفع المنظمة ـ لإبعاد هذا الاتهام ـ أن أعلنت تخليها عن الالتزام بتحديد سعر معين للصادرات البترولية وتركت السعر يتحدد طبقاً لقوى السوق، أو بالأحرى تركت الساحة خالية أمام الدول المستهلكة وشركاتها وبورصاتها، لكي تلعب أدواراً للتحكم في الطلب والأسعار.
          نخلص من ذلك إلى أن الأوضاع الحالية لأسواق البترول العالمية تفرض تحديات كبيرة على الدول العربية وصناعة البترول، تتطلب إحداث تغيرات أساسية في أساليب العمل والتعاون والحوار بين المنتجين داخل وخارج أوبك والمستهلكين من الدول الصناعية.
          كما يتضح مما تقدم أيضاً أن المنطقة العربية ـ وخاصة منطقة الخليج ـ سوف تمسك بمفاتيح المستقبل بالنسبة لاحتياجات العالم من النفط والغاز. ولا تحتاج سوى التنسيق بين سياساتها لكي تحمي مصالحها وتحقق من ثروتها الناضبة ما يؤمِّن مستقبل شعوبها. ولا شك أنها إن فعلت ذلك فإنها لا تتجاوز ما تقوم به فعلاً الدول الصناعية المستهلكة للطاقة من تنسيق وتخطيط لسياساتها بكافة الوسائل ومساندة حكوماتها لها سياسياً واقتصادياً.
ولكن كيف تخطط الدول العربية النفطية سياساتها؟
          أعتقد أنه ليس أمامها إلاّ أن تأخذ بنصيحة هنري كيسنجر للدول الصناعية بضرورة تنسيق البيت الغربي أولاً، وألاّ تدخل في حوار مع منتجي النفط إلا إذا كان ذلك من مركز القوة.
          والدول الخليجية بدورها عليها أن تخطط لتنسيق البيت العربي أولاً، وألاّ تدخل في حوار مع مستهلكي النفط إلا إذا أقدمت على تقوية مركزها.
          وبما أن الدول الست المشار إليها أربع منها دول عربية خليجية، وأنها كلها ـ أي الدول الست. أعضاء في منظمة أوبك. فإن اقتراحات تقوية الأوضاع يجب أن تنصب على تدعيم أوبك وتدعيم أوابك في نفس الوقت قبل بدء أي حوار مع الدول الصناعية المستهلكة حتى لا تتكرر تجربة الحوارات السابقة التي دامت أكثر من خمسة عشر عاماً ضاعت في مناقشات لا فائدة منها.
اقتراح إعادة تشكيل منظمة أوبك
          كان من نتائج أزمة تدهور أسعار النفط عام 1998، كَشف النقاب عن منظمة أوبك وإظهار تفكك الدول الأعضاء فيها وعدم قدرتها على الاتفاق على تخفيض سقف الإنتاج. ويبدو أن ذلك يرجع إلى المشاكل السياسية التي تشغل الكثير من دولها الرئيسية، والتي تمنع من اتخاذ مواقف قوية على المستوى الدولي.
          إضافة إلى حالة الحصار والمواجهة التي تعيشها العراق وليبيا.
وتأثر السعودية والكويت وغيرها من دول الخليج بحالة التوتر الناتج عن المواجهة المسلحة في الخليج العربي.
          ومعاناة كل من الجزائر ونيجيريا من مشاكل داخلية طاحنة.
          هذه الظروف كانت سبباً في هشاشة منظمة أوبك وعدم قدرتها على اتخاذ قرارات مُلزمة وحاسمة. بل أصبح معروفاً عن أعضائها ـ لدى كافة الدول المستهلكة ـ عدم احترامهم لقرارات المنظمة رغم موافقتهم عليها وتجاوزهم الحصص المقررة لهم. مما أفقد العالم الثقة في قرارات المنظمة.
          وإذا كانت المنظمة قد قررت إنشاء لجنة تفكير تضم خبراء بتروليين، فالأمل أن تكون أول مهمة لهذه اللجنة هي اقتراح إعادة تشكيل المنظمة بهدف تقويتها وبعث الروح الجادة فيها من جديد، على أن تكون الخيارات المطروحة تستحق الدراسة وقابلة للتنفيذ في أسرع وقت ممكن. وعلى أن تتضمن وسيلة لإلزام الأعضاء بعدم تجاوز الحصص واحترام تنفيذ القرارات لإعادة الثقة بالمنظمة.
          ولعل زيارة وزير النفط المكسيكي للسعودية والكويت مؤخراً تكون بادرة لانضمامها مع دول أخرى إلى المنظمة لتدعيمها وتقويتها.
          وإذا كان حلول سنة 2000 يوافق العيد السنوي الأربعين لإنشاء منظمة أوبك، فقد تكون مناسبة للإعلان عن تشكيل المنظمة الجديد مع بداية عهد جديد.
          كذلك فإنه في ضوء انسحاب الإكوادور في بداية عام 1993 وانسحاب الجابون في بداية عام 1996 من تلقاء نفسيهما، حيث كان إنتاج هاتين الدولتين من النفط 311 ألف و346 ألف برميل يوم على التوالي، فإنه من المفضل أن يكون أعضاء أوبك من الدول ذات الإنتاج المرتفع والاحتياطيات الكبيرة، حتى يكون للمنظمة وزن كبير يتناسب مع إنتاج واحتياطيات أعضائها ولا بأس من أن تدعو المنظمة دولاً مثل المكسيك وروسيا وغيرها إلى الانضمام إليها.
          أما إذا كان إعادة تشكيل منظمة أوبك يستلزم وقتاً طويلاً لإجراء مفاوضات سواء بين أعضاء أوبك الحاليين أو مع أعضاء آخرين من خارج اوبك، فلا أقل من أن تكون مهمة لجنة التفكير المزمع إنشائها بمنظمة أوبك أن تتناول الموضوعين التاليين. وبطبيعة الحال فإن لجنة التفكير هذه لن تكون مهمتها كلجنة المراقبة الموجودة المنظمة، بل إن اسمها يوحي بأن مهمتها تتجاوز مجرد المراقبة وإعداد تقرير عن اتجاهات السوق والأسعار كما كانت تفعل لجنة المراقبة طوال عشرات السنين الماضية.
          فإذا كانت سياسة الدول الصناعية المستهلكة قد نجحت في التحكم في الطلب والعرض على هذا النحو:
ـ  تحكمت في تخفيض حجم الطلب على النفط عن طريق الاقتصاد في استهلاك الطاقة والتوجه نحو مصادر بديلة من خلال ما أطلقت عليه اسم "سياسات إدارة الطلب على النفط".
ـ  وتحكمت في جانب مهم من المعروض في سوق النفط العالمي من خلال سياسات التخزين واسعة النطاق للنفط، وإستراتيجية المخزون النفطي كأداة للضغط على الدول المصدرة للنفط.
          فلم يعد كافياً أن تقوم دول أوبك بالاتفاق على السعر الاسترشادي لبرميل النفط الخام كأساس لتحقيق الوحدة والمصلحة الجماعية الاقتصادية، بل أصبح من الضروري تحديد هيكل متكامل للأسعار النسبية للنفط الخام بنوعياته المختلفة (الثقيل والخفيف) إذ اتضح خلال السنوات الأخيرة أن فروق وعلاوات الأسعار للنوعيات المختلفة للنفط هي قضية مهمة تثور حولها الخلافات أكثر مما تثور حول تحديد السعر الاسترشادي الذي تحدده المنظمة في اجتماعاتها الوزارية. وهذا هو الموضوع الأول الذي يجب أن تتصدى له لجنة التفكير.
          أما الموضوع الثاني فقد أصبح مطلوباً بإلحاح تحديد سياسة أكثر وعياً في مجال تحديد حجم النفط الخام الذي يجري تسويقه سنوياً في سوق العقود الآجلة (أي من خلال التعاقدات طويلة الأجل مع الشركات النفطية والدول المستهلكة للنفط) حتى يتحدد تبعاً لذلك كمية النفط التي يجري تسويقها سنوياً من خلال سوق الصفقات الفورية.
          إذ الملاحظ أن الدول أعضاء أوبك لم تهتم من قبل بتنظيم العلاقة بين الكميات المباعة في كل من السوقين على حدة، أما وقد أخذت سياسات "المخزون النفطي" ـ ومعظمها يجري تغذيتها من خلال سوق الصفقات الفورية ـ تلعب دوراً مهماً ومتنامياً في مجال التأثير على حجم المعروض من النفط الخام في السوق العالمية. فإن الدول أعضاء أوبك تصبح في حاجة مُلحة لتطوير سياسة واعية ومنظمة في مجال التعامل بنظام العقود طويلة الأجل من ناحية وحجم التعامل الأمثل في سوق الصفقات الفورية من ناحية أخرى.
          ويمكن وضع مثل هذه السياسة على أسس رشيدة في ضوء مراجعة دقيقة لأوضاع سوق النفط العالمية كل ثلاثة أشهر.
          ولذا فالمطلوب أن تتكيف لجنة التفكير بمنظمة أوبك مع حركة المتغيرات التي أصبحت تحكم أوضاع سوق النفط والطاقة على الصعيد العالمي. وهذا التكيف لا يعني الوقوف موقفاً سلبياً والتراجع أمام الضغوط التي تمارسها الدول الصناعية المستهلكة.
اقتراح إعادة تشكيل أوابك
          إن وضع سياسة نفطية عربية متكاملة يقتضي وجود أداة جماعية قوية متجانسة كي تتحمل مسؤولية إمداد العالم بنصف احتياجاته من البترول في القرن القادم.
          والواقع أن التعاون العربي لإيجاد تلك الأداة لا يحتاج إلى مزيد من التفاوض وإبرام الاتفاقيات، إذ يكفي أن تقوم الدول العربية النفطية أعضاء منظمة أوابك بتنشيط المنظمة وإعادة بنائها. ولعل فيما نصت عليه المادة الثانية من اتفاقية أوابك ما يفي، إذا تم تنفيذه، بتحقيق الهدف المنشود، حيث تنص تلك المادة على:
          "أن هدف المنظمة هو تعاون الأعضاء في مختلف أوجه صناعة البترول، وتحقيق أوثق العلاقات فيما بينها، للمحافظة على مصالح أعضائها المشروعة منفردين ومجتمعين".
          وتحقيقاً لذلك تتوخى المنظمة ـ على وجه الخصوص ـ اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتنسيق السياسات الاقتصادية البترولية لأعضائها، بما في ذلك تعاون الأعضاء في حل ما يعترضهم من مشكلات في صناعة البترول.
          وقد سبق أن رأينا لوزراء البترول العرب موقفاً موحداً، بمساندة ما تحقق أثناء حرب أكتوبر 1973، مما كان له الأثر الأكبر في رفع أسعار النفط وزيادة عائداته.
          ومع الأخذ في الاعتبار أن النفط يخضع للاعتبارات السياسية بقدر ما يخضع للاعتبارات الاقتصادية، فإن التعاون والتكامل والمساندة لا ينبغي أن يقتصر على المجموعة العربية المنتجة للنفط، بل يجب أن يدعمها جميع القوى العربية السياسية. ويرى الدكتور حسين عبدالله الخبير البترولي العالمي.
          أن "إعلان دمشق" يعتبر صورة مصغرة ـ وإن كانت لم تكتمل بعد ـ لما ينبغي أن يكون عليه التلاحم بين السياسة والاقتصاد في المنطقة العربية.
أما عن صيغة (إعلان دمشق)
فقد ذكر محمد حسنين هيكل عنها ما يلي:
"لقد أدت فكرة إعلان دمشق دورها في وقتها، ومن المستحسن الآن تركها تتوارى وتختفي".
          وقد أورد هذه العبارة في مناسبة الحديث عن أمن السعودية والخليج، حين استبعد ديك شيني ـ وزير الدفاع الأمريكي أثناء حرب الخليج ـ في مرحلة لاحقة بعد إيقاف الحرب، فكرة المشاركة العربية العسكرية في أمن الخليج. وقد بدا ـ إعلان دمشق ـ وكأنه يخدم فكرة مرحلية تجاوزتها الظروف والخطوط لسببين أمريكيين:
الأول:  وهو أن فكرة إشاعة أمن عربي قريب من كنوز النفط العربي، هي فكرة خطرة وتعتمد على أيديولوجية الأنظمة السياسية التي تتبعها قوات المشاركة، فضلاً عن احتمال مطالبات مالية باهظة الثمن.
والثاني:  يتعلق في أن كفاءة هذه القوات هي موضع مساءلة إذا ما تعرضت لخطر عدوان إقليمي قادم من المنطقة، ولا يحتاج لخطط لوجستية معقدة من أجل حضوره.
          وجاء تعليق هيكل على ما قاله وزير الدفاع الأمريكي ديك شيني كما يلي:
          "إن دول الخليج على حد تعبير ديك شيني تستطيع أن تصوغ علاقاتها من جديد على امتداد عمق العالم العربي، الذي هو وراءها على نمط ما كان وما يزال حتى الآن بين هونج كونج والصين، علاقة قريبة وبعيدة، منفصلة ومتصلة في نفس الوقت.
          إن توازن القوى الجديد في المنطقة يستدعي أن تبقى دول الكثافة السكانية (مصر وسورية مبدئياً) بعيدة عن مواقع النفط الحساسة. فوجود هذه القوى ـ كما يتحسب كيسنجر ـ يمكن أن يخلق حالات راديكالية أو قومية، تكون المنطقة في غنى عنها. وهذا لا يعني قطع الوريد بين دول النفط الموسرة، وبين دول الكثافة السكانية المعسرة فيما يشكل استمرار سريانه على شكل جدول خفيف، ينقطع أيام الصيف ويجري خلال أشهر ما بعد الشتاء، حفاظاً على الشعرة الأموية، لكن دون غابر مجدها التاريخي.
          وكان وزير الدفاع الأمريكي، هو الذي تولى مهمة الإعداد لهذا الجانب من الخريطة الأمنية. وذلك عن طريق عقد اتفاقات أمنية ثنائية، بدأت بالكويت ومنها إلى غيرها من دول الخليج".
          ويسوق البحث هذا التعليق عن صيغة إعلان دمشق، مع أنه قيل في مناسبة الحديث عن أمن منطقة الخليج، في حين أننا نتحدث عن اقتراحات من أجل تقوية مركز دول الخليج النفطية استعداداً لمواصلة الحوار مع الدول الصناعية المستهلكة للنفط.
          والسبب في ذلك، هو أن ما ورد بهذا التعليق لن يشجع دول الخليج على الأخذ بصيغة إعلان دمشق تحقيقاً للتلاحم بين السياسة والاقتصاد.
          ومن الأفضل في هذا المجال التركيز على اقتراح إعادة تشكيل أوابك وفقاً لما ورد في الفقرة التالية عن اقتراحات أخرى.
اقتراحات أخرى
ـ  استكمالاً لإعادة بناء منظمة أوابك ـ من المقترح أن يتم تعديل الاتفاقية الخاصة بإنشائها بحيث يتكون المجلس الوزاري من وزراء البترول ووزراء الخارجية للدول الأعضاء. وبذلك تكتسب المنظمة الصفة السياسية بالإضافة إلى صفتها الاقتصادية الأمر الذي يدعمها لتحمل مسؤوليات المستقبل.
وتجدر الإشارة إلى أنه بتقوية منظمة أوابك بهذه الصفة السياسية والاقتصادية سوف يتوفر لها دعم أقوى عن طريق صلتها بجامعة الدول العربية، حيث أن كافة أعضائها أعضاء أيضاً في جامعة الدول العربية. وأنهم جميعاً يشتركون في مؤتمرات البترول العربية، التي تنظمها الأمانة العامة للجامعة سنوياً، والتي تزداد أهميتها عاماً بعد عام بنجاحها في تنسيق السياسة البترولية للدول العربية والدفاع عن مصالحها المشروعة.
ـ  قيام جامعة الدول العربية ـ عن طريق مؤتمر البترول العربي القادم. باقتراح إنشاء وكالة دولية تضم الدول المنتجة والدول المستهلكة لتنسيق التعاون فيما بينها في الشؤون البترولية، كي تحمل المسؤولية التي أثارتها التوقعات سالفة الذكر بصدد زيادة الطلب العالمي على البترول والغاز في مطلع القرن الحادي والعشرين.
ـ  وإذا تعذر قيام مثل هذه الوكالة الدولية للبترول، فمن الممكن قيام مجلس أعلى عالمي للبترول كفرع لمنظمة التجارة العالمية لأنها هي المسؤولة عن استبعاد البترول من أحكامها. على أن يُعقد هذا المجلس بصفة منتظمة مرة أو مرتين كل عام حتى يستديم الحوار ـ دون انقطاع ـ حول شؤون الطاقة من أجل خير الشعوب جميعاً.
          ولعل الحوار المرتقب بين منتجي البترول والغاز والمستهلكين ـ في ظل تنفيذ أي خيار من الخيارات المقترحة آنفاً ـ يصل إلى التنسيق المطلوب ومعاونة الدول المنتجة في تحقيق مطالبها ومساندتها في توفير متطلبات المستهلكين من النفط والغاز بأسعار معتدلة عادلة تكون محل رضا الطرفين. وذلك عن طريق وضع إستراتيجية على المدى الطويل تحدد دور كل طرف منهما وتضمن مصالحهما في القرن القادم.
          ومن البديهي أن يتضمن أي حوار بينهما موضوع إدارة الأزمات للتخفيف من أثر نشوب أي أزمات أو تقلبات في مستويات المعروض من الزيت الخام والاتفاق على أسعار مقبولة.
خامساً: مطالب المنتجين
          وفي ضوء ما سبق عرضه، يقتضي الأمر نرى أن تتركز مطالب المنتجين ـ أثناء حوارهم مع المستهلكين خلال الدورات القادمة على الأمور التالية.
          إن دول أوبك تسيطر في الوقت الحاضر على تحو 22 مليون برميل يومياً من الصادرات النفطية العالمية. ومن المتوقع ـ حسب توقعات الخبراء ـ أن تزداد تلك السيطرة في السنوات القادمة. ومع أن ذلك يتيح لمنظمة أوبك، خاصة إذا لقيت المساندة من مجموعة الدولة المستقلة المصدرة (ايبك)، أن تمارس ضغطاً على أسواق النفط الخام لزيادة أسعاره ولتعويض ما فقدته من إيراداتها النفطية، إلا أن دول أوبك لا تحاول استثمار قدرتها الاحتكارية في هذا المجال، فإنها قد تخلت ـ منذ عام 1986 ـ عن أسلوب تحديد أسعار يلتزم بها الأعضاء. وتركت السعر يتحدد طبقاً لقوى السوق، التي تمارس فيها الدول المستهلكة سياساتها للتحكم في تلك القوى.
          بل إن أوبك أخذت تتطلع إلى توسيع إمكانياتها الإنتاجية لمواجهة احتياجات العالم المتزايدة من النفط والحفاظ بأسعاره عند مستويات معقولة ومستقرة من حيث القيمة الحقيقية.
          وإذا كان المنتجون قد نبذوا أسلوب المواجهة مع المستهلكين، فلا اقل من أن يقوم هؤلاء بالتخلي عن فرض المزيد من الضرائب والسماح للأسعار بالارتفاع التدريجي لتعويض ما تآكل منها ولتكوين فائض للاستثمار في تجديد الطاقة الإنتاجية.
          ذلك لأن واجب المنتجين في توفير احتياجات العالم المتزايدة من النفط. ينبغي أن يقابله واجب المستهلكين بتوفير المناخ والإمكانيات التي تساند جهود المنتجين، وتيسر لهم الاضطلاع بهذه المسؤولية، والتي هي في صالح المستهلكين في المقام الأول.
مقترحات جدول أعمال الحوار بين المنتجين والمستهلكين
والخلاصة أن الحوار بين الجانبين ينبغي أن يتضمن جدول أعماله المقترحات الآتية:

  1. خفض الضرائب المفروضة على استهلاك النفط عموماً لتحقيق نوع من العدالة بينه وبين الفحم الذي يعتبر أكثر تلويثا للبيئة من النفط. هذا مع إزالة الدعم الذي يقدم للفحم ممولا من حصيلة الضرائب النفطية، خاصة بعد أن نوقشت مشروعيته في المحكمة الدستورية في ألمانيا.

وذلك بحيث يتم الربط بين تلك الضرائب وبين قضية تسعير النفط الخام وتوزيع العائد البترولي الصافي بين المنتجين والمستهلكين.

  1. إذا كان لا بد من فرض ضرائب بهدف حماية البيئة، فينبغي أن يعاد النظر في هيكل الضرائب التي تفرض على مصادر الطاقة عموماً. وأن يعامل كل مصدر ضريبياً بقدر مساهمته في تلويث البيئة. وربما يستعان في ذلك بالمدخل الياباني الذي اختار التركيز على الغاية (وهي الحد من التلوث) بدلاً من التركيز على الوسيلة (وهي الضريبة المباشرة على مصدر الطاقة)، وذلك تطبيقاً لمبدأ "الملوث  يتحمل التكلفة".
  2. إزالة المعوقات الجمركية وغير الجمركية التي تقف حائلاً أمام انسياب المنتجات البترولية المكررة والبتروكيماويات العربية إلى أسواق الدول المستهلكة للنفط، وبصفة خاصة أسواق الاتحاد الأوروبي.
  3. السماح لأسعار النفط الخام بالارتفاع التدريجي بما يعوض المنتجين عن التدهور الذي لحق بالقيمة الحقيقة لهذه الثروة الناضبة، وبما يسمح بتوفير استثمارات كافية لتوسيع الطاقة الإنتاجية المطلوبة لمواجهة الطلب العالمي المتزايد على النفط.
  4. توفير قدر متزايد من الشفافية بالنسبة للخطط المستقبلية في مجال إنتاج النفط واستهلاكه. بمعنى تأمين الطلب على النفط عن طريق الكشف عن الخطط المستقبلية للدول المستهلكة، وذلك في مقابل ما يتكبده المنتجون من استثمارات لتأمين العرض العالمي للنفط الذي يفي باحتياجات العالم. وبذلك يحول التأمين المتبادل للعرض والطلب دون وقوع صدمات سعرية سواء بالارتفاع أو الانخفاض.
  5. أن يتطرق الحوار ـ بكل صراحة ووضوح ـ إلى ما يشغل بال المنتجين من مشاكل، خاصة بعد أن قويت مراكز المستهلكين وخفت الحساسية بالنسبة لاحتمالات انقطاع الإمدادات النفطية خلال المستقبل المنظور.

ونأمل أن يسود الحوار ـ خاصة فيما يتعلق بالأسعار ـ إيمانٌ من الطرفين بأن المصالح المشتركة، التي تجمع بين المنتجين والمستهلكين، تقتضي استقرار الأسعار عند مستويات معتدلة، حيث تسبب الأسعار المنخفضة جداً متاعب اقتصادية للدول المنتجة وتزيد من عدم الاستقرار السياسي في منطقة الخليج العربي، كما تؤثر سلباً على نمو الطاقة الإنتاجية على المستوى العالمي.
وبالمثل فإن الأسعار المرتفعة جداً تؤدي إلى مصاعب في ميزان المدفوعات لدى الدول المستهلكة، وتمثل ضغوطاً تضخمية لجميع الأطراف. بالإضافة إلى أنها تشجع على تطوير بدائل الطاقة وتراجع دور البترول في صناعة الطاقة العالمية .

  1. كذلك يجب ألاّ يقتصر جدول الأعمال على هذه المشاكل الهامة التي يعاني منها المنتجون، بل يقتضي الأمر وضع خطة للتعاون بشأن أفضل الحلول لحماية البيئة، واتخاذ التدابير الفعالة المدروسة لتحقيق هذا الهدف، والتي تتمثل في اتجاهات رئيسية وهي، على سبيل المثال.

أ.  ترشيداً استهلاك الطاقة: ومن ثم تخفيض انبعاث الغازات والحيلولة دون عملية التصحر الناجمة عن انبعاث هذه الغازات من الطاقات البديلة.
ب.  إدخال أساليب الزراعة المتقدمة والحفاظ على الغابات الاستوائية والأشجار وعدم قطعها، وتوسيع عمليات التشجير وزرع الغابات وإنشاء أحزمة خضراء مما يساعد على تخفيض درجات الحرارة للغلاف الجوي.
ج.  دراسة الوسائل والأساليب التكنولوجية لمعالجة الغازات المنبعثة عن طريق إجراء الأبحاث العلمية لمعالجة الغازات وتحويلها إلى غازات غير ضارة، وهذا أمر ممكن، بدلاً من منع أو الحد من استخدام البترول. الذي يؤدي بالضرورة إلى الأضرار بالتنمية الاقتصادية.
ومن حسن الحظ أن التقدم التكنولوجي قد حقق في السنوات الأخيرة تقدماً ملموساً في مجال حماية البيئة. وهذا يدعو إلى التفاؤل في إمكانية تخفيض نسبة ملوثات الطاقة مثل البنزين الخالي من الرصاص.
وبهذا تتحقق حماية البيئة دون الإضرار بالنمو الاقتصادي.
د.  الاتفاق على كيفية تمويل الأبحاث العلمية والتكنولوجية، بما يضمن توفير الاستثمارات اللازمة للتخفيف من مصادر التلوث. وبما لا يثقل كاهل بعض الدول دون غيرها، حيث أن فرض ضرائب ورسوم جمركية على المنتجات البترولية يحمِّل الدول المصدرة للبترول بكافة الأعباء ويضر بها أبلغ الضرر في الوقت الذي تقدم فيه بعض الحكومات الأوروبية دعماً للفحم الذي يعتبر أكثر تلويثاً للبيئة من البترول.
خاصة وأن الوكالة الدولية للطاقة تشير إلى أن إجمالي الإعانات المدفوعة لمنتجي الفحم عام 1991 في أربع دول أوروبية واليابان بلغ حوالي 11 بليون دولار.
ومعنى ذلك أن الدول النامية المنتجة للبترول ستتحمل العبء الأكبر لتكاليف حماية البيئة في الدول الصناعية الكبرى.
          الخلاصة: أن مسؤولية إعطاء البترول دوره الاستراتيجي تقع على جميع أطراف الصناعة البترولية (المنتجين والمستهلكين وشركات البترول العالمية) من أجل تحقيق الاستقرار للصناعة على المدى البعيد. وإذا تقاعست الأطراف المعنية أو فشلت في تحقيق هذه المهمة فسوف تضطر إلى مواجهة المصاعب والمعاناة التي سادت أزمات العشرين عاماً الأخيرة ومن اليقين أن هذا هو الوقت المناسب لأن يستوعب جميع الأطراف الدروس الماضية دفعة واحدة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69673
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Empty
مُساهمةموضوع: رد: البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول   البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Emptyالإثنين 07 مارس 2016, 11:18 pm

[rtl]الفصل الثامن[/rtl]

[rtl]الغاز الطبيعي[/rtl]

[rtl]

أولاً: تطور اكتشاف الغاز الطبيعي في العالم وأوضاعه

[/rtl]

[rtl]          عرف الإنسان الغاز الطبيعي في عصور ما قبل التاريخ. فكثيراً ما كان هذا الغاز يتصاعد في الهواء من شقوق صغيرة في سطح الأرض، ولكنه لم يعرف قيمته وفوائده. وبتقدم الزمن عرف أن هذا الغاز المتصاعد من باطن الأرض قابل للاشتعال. [/rtl]



[rtl]          ويحدثنا التاريخ أن أهل الصين كانوا من الأوائل الذين استعملوا الغاز كوقود، منذ عام 940 قبل الميلاد. وتمكنوا من نقل هذا الغاز في أنابيب من البامبو من مصادره الأرضية إلى شاطئ البحر، حيث استخدموا اشتعاله في تبخير ماء البحر للحصول على الملح. [/rtl]



[rtl]أما عن تاريخ اكتشاف الغاز الطبيعي في العصر الحديث [/rtl]



[rtl]          فقد بدأ استخدام الغاز الطبيعي كوقود في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1820 ولكنه لم يصبح منافساً قوياً للغازات الأخرى المصنعة من الفحم والبترول إلا في القرن العشرين. [/rtl]



[rtl]          كما تم حفر أول بئر للغاز الطبيعي في الولايات المتحدة عام 1821 بجوار فريدونيا بنيويورك، وكانت هذه البئر سطحية، إذ كان عمقها لا يزيد على ثمانية أمتار. [/rtl]



[rtl]          وفي عام 1826 تم حفر بئر أخرى للغاز الطبيعي على ضفاف بحيرة إيرى ونقل الغاز الطبيعي المتصاعد من هذه البئر بأنابيب من الخشب لمسافة نحو كيلومتر لإضاءة فنار على شاطئ البحر. [/rtl]



[rtl]كذلك استخدم الغاز الطبيعي عام 1840 بالولايات المتحدة لتبخير مياه البحر للحصول على ملح الطعام. [/rtl]



[rtl]          وفي عام 1858 قامت بالولايات المتحدة مؤسسة خاصة لتوزيع هذا الغاز على المنازل وعلى بعض المؤسسات التجارية الأخرى. [/rtl]



[rtl]          وفي عام 1940 حفرت بئر أخرى في ولاية فرجينيا بالولايات المتحدة الأمريكية. [/rtl]



[rtl]          وحتى نهاية الحرب العالمية الأولى لم يشهد العالم الاستفادة من الغاز الطبيعي، الذي كان يحرق بالكامل في مناطق إنتاجه دون الاستفادة منه. ولم يبدأ استخدام الغاز إلاّ بعد الحرب العالمية الثانية، وذلك نتيجة لوجوده بكميات ضخمة خاصة في إيطاليا وفرنسا، ووجود احتياطي كبير في كل من بحر الشمال وهولندا وشمال أفريقيا وغيرها من مناطق العالم، مما جعل الاهتمام به يزداد يوماً بعد يوم مسايرة للتطور التكنولوجي المعاصر خاصة في مطلع السبعينات. مما زاد استثمار الغاز بشكل مكثف خاصة في المناطق المنتجة له، واستخدامه في مجال الطاقة بواسطة مد الأنابيب لنقل الغاز عبر شبكات ضخمة واسعة الانتشار الأمر الذي أدى إلى زيادة الطلب عليه في الأسواق العالمية سواء كان ذلك بالقرب من مناطق تجمعه أو عن طريق نقله إلى مناطق أخرى. [/rtl]



[rtl]          ويعتبر الغاز الطبيعي أحد مصادر الطاقة البديلة، الذي أصبح اليوم الوقود المثالي في العالم. وهو مركب كربوني يحتوي على نفس العناصر الرئيسية التي يحتوي عليها البترول، إلا أن مكونات الغاز الطبيعي تختلف من مكان إلى آخر، لدرجة أن هناك مكامن تحتوي على غاز النيتروجين فقط كما هو الحال في "حقل فولجا ـ أورال Volga - Oural" بروسيا الاتحادية. وهذه لا تعد من مكامن الغاز الطبيعي الذي نقصده هنا فهي لا تصلح كوقود لأن غاز النيتروجين غاز خامل غير قابل للاشتعال. [/rtl]



[rtl]          وأغنى مناطق العالم بالغاز الطبيعي هي سيبيريا الشرقية بالاتحاد السوفيتي سابقاً ومنطقة الشرق الأوسط في إيران والسعودية وقطر وبعض مناطق أمريكا الشمالية. وتمثل هذه المناطق معاً نحو ثلاثة أرباع المخزون العالمي من الغاز الطبيعي. [/rtl]



[rtl]          ويوجد الغاز الطبيعي عادة في الطبقات المسامية في باطن الأرض. لذلك نجد عمليات الاستكشاف عن هذه الطبقات في كل مكان سواء في الصحراوات أو تحت مياه البحر وفي المستنقعات أو تحت الثلوج في المناطق القطبية كما هو الحال في آلاسكا. [/rtl]



[rtl]          ويستخرج الغاز الطبيعي إما من حقول غاز لا تحتوي على أي سائل بترولي، أو يتم استخراجه وتجميعه أثناء عملية استخراج البترول من الآبار، ويسمى الغاز في هذه الحالة بالغاز المصاحب للبترول Associated Gas. إذ يتكون البئر من البترول عادة من ثلاثة طبقات: طبقة مياه، يعلوها طبقة بترول، ثم طبقة غاز، الذي يساعد كثيراً في دفع البترول إلى فوهة البئر. [/rtl]



[rtl]          وفي حالة انخفاض ضغط الغاز داخل البئر يقتضي الأمر زيادة الضغط في البئر عن طريق حقن بئر البترول إما بالغاز الطبيعي في حالة توفره بالقرب من البئر، وإما بالماء في حالة عدم توفر الغاز الطبيعي، وهي عمليات فنية معقدة ومكلِّفة في نفس الوقت. [/rtl]



[rtl]          وفي هذا الصدد يُذكر أن معظم بترول الشرق الأوسط تقريباً يتدفق بالدفع الذاتي نتيجة لضغط الغز الطبيعي، في حين أن تسعة أعشار آبار الولايات المتحدة الأمريكية، وثلاثة أخماس آبار فنزويلا، ونسبة كبيرة (31%) من آبار الاتحاد السوفيتي سابقاً تعمل بالضخ الصناعي. [/rtl]



[rtl]          وينتج عن ذلك، أن مقادير البترول القابل للاستخراج Recoverable Oil  تكون أكبر في الشرق الأوسط منها في مناطق العالم الأخرى المنتجة للبترول. [/rtl]



[rtl]          ولتجميع الغاز المصاحب للبترول توضع تجهيزات على فوهة البئر لانتزاع الغاز المتصاعد مع البترول. ويتم تجميع الغازات من الآبار القريبة بواسطة خطوط أنابيب توصل بين الآبار ومصنع الغاز. [/rtl]



[rtl]          والغاز الطبيعي النقي لا لون له ولا رائحة، وهو يصلح للاستخدام كوقود بطريقة مباشرة، أي أنه يستعمل كما هو دون معالجة. وعادة ما يضاف إلى هذا الغاز إحدى المواد العضوية ذات الرائحة المميزة حتى يتنبه الناس لأي تسرب يحدث في خطوط الأنابيب التي تنقل هذا الغاز. وذلك كي يصبح استعمال هذا الغاز أكثر أماناً. [/rtl]



[rtl]استخدامات الغاز الطبيعي [/rtl]



[rtl]          ويمتاز الغاز الطبيعي بعدة خصائص جعلته يتفوق على النفط في مجال الطاقة. وفي أول الأمر، بدأ يحتل مكانة خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية ودول غرب أوروبا. ونذكر على سبيل المثال: المكانة التي احتلها الغاز في ألمانيا الغربية حيث تحول 7.2 مليون منزل لتغطية احتياجات سكانها من الطاقة إلى الغاز الطبيعي بدلاً من النفط. [/rtl]



[rtl]ويرجع السبب الرئيسي في ذلك للمميزات التي يتمتع بها الغاز الطبيعي واستعمالاته فيما يلي: [/rtl]



ـ  سهولة استخراجه واستعماله لا يسبب تلوثاً للبيئة.
ـ  لا يسبب الغاز روائح كريهة عند احتراقه، ولا يتخلف عنه مواد سامة.
ـ  يعتبر احتمال الغاز في الانفجار ضعيفاً جداً.
ـ  يعطي الغاز الطبيعي سعرات حرارية أكبر من التي يعطيها النفط عند احتراقه.
ـ  يعتبر نقل الغاز الطبيعي بواسطة الأنابيب أسهل من النفط سواء كان ذلك إلى معامل تسييل الغاز أو إلى موانئ التصدير.
ـ  لا يحتوي الغاز الطبيعي على الشوائب مثل الكبريت بكميات كبيرة كالتي توجد مع النفط، مما جعله صالحاً للاستعمال المنزلي واستخدامه في الصناعات البتروكيماوية. وفي صناعات الحديد والصلب والألومنيوم.
ـ  ويرجع استخدام الغاز الطبيعي كوقود لماكينات الاحتراق الداخلي الثابتة، والتي تستخدم في الأعمال الصناعية Gas Engines كمحرك للضواغط والمضخات إلى زمن بعيد.
          فقد استُخدم  ـ منذ الثلاثينات ـ كوقود للسيارات المصممة للعمل بالبنزين في بعض الدول الأوروبية. وعلى وجه الخصوص في إيطاليا، ثم انتشر استخدامه بصورة كبيرة خلال الحرب العالمية الثانية.
          كما يلاقي استخدام الغاز الطبيعي كوقود للسيارات أو كوقود ثان أو بديل مع الديزل اهتماماً واسعاً للاستخدام في قوافل السيارات.
          وفي حالة ثنائية الوقود يكون لدى السائق مصدرين للوقود، مما يؤدي إلى زيادة مدى السيارة، حيث تعمل بوقود واحد منهما فقط، ويمكن التحويل من أحدهما للآخر أثناء سير السيارة أو أثناء التوقف.
          ولا توجد حالياً حدود لاستخدام الغاز الطبيعي، فهو يستعمل اليوم في كل مكان وفي مختلف الأغراض. فيستعمل ـ كما ذكرنا ـ في المنازل في عمليات التسخين والتكييف، ويستعمل في الصناعة في توليد الطاقة في كثير من العمليات، ويستعمل أيضاً في محطات القوى لتوليد الكهرباء، كما يستعمل كمادة أولية في تحضير بعض المواد الكيميائية مثل كحول الميثانول (الكحول المثيلي)، وفي تحضير السناج المستخدم في صناعة المطاط. كما يستخدم في الصناعات المتوسطة والصغيرة الملوثة للبيئة مثل مصانع الطوب والمخابز.
          ويستخدم الغاز الطبيعي كذلك في مشروعات إنتاج الأسمدة والأمونيا. حيث يُعتبر غاز الميثان ـ الذي يمثل أعلى نسبة في مكونات الغاز الطبيعي ـ انسب مادة خام لإنتاج الأمونيا. وتعتبر الأمونيا بدورها المادة الرئيسية لإنتاج الأسمدة النيتروجينية.
          وقد بدأت الأقطار العربية الخليجية في تنفيذ العديد من المشروعات لإنتاج الأمونيا بالاعتماد على الغاز الطبيعي، بحيث بلغت الطاقات الإنتاجية في نهاية عام 1979 أكثر من 4 ملايين طن نيتروجين من الأمونيا، وبذلك توفرت الفرصة للأقطار العربية للتوسع في صناعة الأسمدة الآزوتية.
إحتياطيات الغاز الطبيعي على مستوى دول العالم
          في عام 1976 كان الاحتياطي العالمي من الغاز الطبيعي 65.8 تريليون متر مكعب
          وفي عام 1983 ارتفع الاحتياطي العالمي من الغاز الطبيعي إلى 90.6 تريليون متر مكعب
          أي بزيادة بنسبة 38%، في الوقت الذي زاد فيه استهلاك الغاز بنسبة 16.6% فقط خلال الفترة المذكورة (7سنوات).
          وفي عام 1997 كانت تقديرات احتياطيات العالم من الغاز الطبيعي 153 تريليون متر مكعب بزيادة قدرها 62.4 تريليون متر مكعب بنسبة 68.8% خلال الفترة من 1983 إلى 1997 (14سنة) مع العلم أن استهلاك الغاز الطبيعي في العالم عام 1996 قد وصل إلى 2.31 تريليون متر مكعب.
احتياطي الغاز الطبيعي على مستوى الدول العربية
          لم يحظ الغاز الطبيعي بأي قدر يذكر من الاهتمام لدى الدول العربية الخليجية حيث كان يتم حرق الغاز الطبيعي المصاحب للنفط الخام لعدم وجود أية سياسات أو جهود كافية للحفاظ عليه في جوف الأرض أو القيام بالاستثمارات الضرورية اللازمة للاستفادة منه.
          إلاَّ أنه في بداية الستينات بدأت حكومات تلك الدول محاولات لاستخدام الغاز الطبيعي المتوفر لديها في تزويد محطات الطاقة الكهربائية ومحطات تكرير وتحلية المياه بالطاقة اللازمة.
          وكذلك بدأت بعض الدول الاستفادة منه في بعض الصناعات مثل صناعة الأسمنت والأسمدة الكيميائية وصناعة التكرير على وجه الخصوص.
          ومنذ حدوث ما يسمى بأزمة الطاقة التي افتعلتها الدول الصناعية على أثر حرب أكتوبر 1973، بدأت الشركات تشارك حكومات الدول العربية الخليجية في توجيه اهتماماً متزايداً باستخدام الغاز الطبيعي. ويرجع اهتمام الشركات إلى تزايد قلق الدول الصناعية الكبرى على مصادر إمدادات البترول الخام في المستقبل، الأمر الذي جعلها تحث الشركات على تسييل الغاز الطبيعي المنتج في الدول العربية الخليجية، وذلك تمهيداً لتصديره إلى الأسواق العالمية.
          وهكذا فإن تزايد اهتمام حكومات الدول العربية الخليجية من ناحية، وتزايد اهتمام شركات البترول ومن ورائها الدول الصناعية المستهلكة للبترول من ناحية أخرى، أدى إلى إقامة مشروعات متعددة أصبح القائم منها بالإضافة إلى تلك التي ما زالت ـ في ذلك الوقت ـ في مرحلة التنفيذ، قادراً على استيعاب معظم الغاز الطبيعي المصاحب الذي كان يتم إنتاجه في دول الخليج العري وقتئذ.
          وبذلك انتقل ضغط شركات البترول ومن ورائها حكومات الدول الصناعية إلى التوسع في إنتاج الغاز الطبيعي غير المصاحب، وإقامة مشروعات ضخمة لتسييله تمهيداً لتصديره إلى الدول المستهلكة لسد احتياجاتها من الطاقة.
          جدير بالذكر أنه خلال السنوات الأخيرة تم العثور على عدد من الاكتشافات من الغاز الطبيعي غير المصاحب في الدول العربية الخليجية وخاصة في قطر وأبو ظبي. ويمكن اعتبارها من بين حقول العالم العملاقة. وبالنظر لعدم وجود سوق محلية، فقط شكلت هذه الحقول أساساً لمخططات تصدير الغاز الطبيعي المسال.
أما عن تطور تقديرات احتياطيات الغاز الطبيعي على مستوى الدول العربية، يكفي أن نذكر الأرقام التالية:
ـ  في نهاية عام 1973 بلغ الاحتياطي المؤكد من الغاز الطبيعي في الدول العربية 7977 مليار متر مكعب (بما يعادل حوالي 13.9% من الاحتياطي العالمي).
ـ  وفي عام 1997 وصل إجمالي احتياطيات الغاز الطبيعـي في الدول العربية 33531 مليار متر مكعب (حوالي 21.9% من الاحتياطي العالمي).
ـ  إن الدول العربية الثلاث التي تمثل المرتبة الأولى في الترتيب العام للاحتياطي العربي من الغاز الطبيعي عام 1997 هي:
قطر 8985 مليار متر مكعب بنسبة 26.8% من إجمالي احتياطيات الدول العربية
الإمارات العربية   6243 مليار متر مكعب بنسبة 18.6% من إجمالي احتياطيات الدول العربية
المملكة العربية السعودية 5777 مليار متر مكعب بنسبة 17.2%
كما تعتبر هذه الدول بهذا الترتيب أكبر دول تمتلك احتياطيات من الغاز الطبيعي في العالم بعد روسيا وإيران.
ـ  يبلغ نصيب إيران من احتياطي الغاز الطبيعي عام 1997ـ  23000 مليار متر مكعب وهو يمثل نسبة 68.6% من إجمالي احتياطيات الدول العربية
ويذكر أن حوالي نصف الاحتياطي الإيراني المذكـور عبارة عن غاز طبيعي غير مصاحب Non-associated gas أي يأتي من حقول للغاز فقط.
          أما بقية دول الشرق الأوسط، فإن أكثر من نصف احتياطي الغاز فيها غاز مصاحب للبترول.
          وبالتالي فإن إنتاجه يتوقف على إنتاج البترول. أي أن كمية الغاز المتصاعد من الآبار تتوقف على معدل إنتاج البترول. وكلما كان هناك احتمال لانخفاض إنتاج البترول بسبب وفرته في السوق العالمية، فإن إنتاج الغاز المصاحب ينخفض تبعاً لذلك.
          وقد بلغت نسبة احتياطي الغاز الطبيعي في دول أوابك 21% من احتياطي العالم
                                   وفي الدول العربية  21.9%
                                   وفي دول أوبك     42.5%
          أما كومنولث الدول المستقلة (عن الاتحاد السوفيتي سابقاً) فإنها تملك أكبر احتياطي للغاز الطبيعي في العالم، يُقَّدر بـ 56650 مليار متر مكعب عام 1997 بما يعادل 37% من إجمالي احتياطيات دول العالم من الغاز الطبيعي.
إنتاج الغاز الطبيعي العالمي والعربي
          في عام 1973 كان الإنتاج العالمي من الغاز الطبيعي 1108.4 مليون طن معادل للبترول
          وفي عام 1983 وصل الإنتاج العالمي من الغاز الطبيعي إلى 1348.5 مليون طن معادل للبترول.
          ففي خلال العشر سنوات المذكورة زاد الإنتاج بمقدار 240.1 مليون طن معاد للبترول بنسبة 22%.
          وفي عام 1996 ارتفع إنتاج العالم من الغاز الطبيعي إلى 2894 مليار متر مكعب.
أما بالنسبة للدول العربية الخليجية
          ففي عام 1978 بلغ إنتاجها من الغاز الطبيعي 84111 مليون متر مكعب تم حرق 70% منه في الجو.
          وفي عام 1980 زاد الإنتاج من الغاز الطبيعي إلى 94674 مليون متر مكعب تم حرق 61% منه في الجو.
          كما تم إعادة حقن 739 مليون متر مكعب فقط من الغاز الطبيعي في المكامن النفطية للمحافظة على ضغطها ورفع الطاقة الإنتاجية، خاصة في المملكة العربية السعودية والكويت.
          وفي عام 1996 بلغ إنتاج الدول العربية من الغاز الطبيعي 369.7 مليار متر مكعب بما يعادل نسبة 12.8% من إنتاج العالم.
          وقد سبق أن ذكرنا أن حوالي نصف احتياطي دول الشرق الأوسط غاز مصاحب والنصف الآخر غاز غير مصاحب.
          ومن المناسب أن نوضح بأن إنتاج الغاز الطبيعي غير المصاحب يتميز باستقلاله عن إنتاج النفط الخام، الأمر الذي ييسر حسن استغلاله، والتريث في الاستفادة منه بأفضل الطرق المتاحة.
          فإذا لم يكن المردود الاقتصادي والاجتماعي الحالي لاستخدام الغاز الطبيعي غير المصاحب كافياً لتبرير إنتاجه، فليست هناك ضرورة للتسرع في استخدامه.
          وإذا تم وضع التخطيط الاقتصادي لإنتاج هذا الغاز، فسوف تتوفر إمكانية التحكم في تدفقه حسب مقتضيات واحتياجات الصناعات المعتمدة عليه، بعيداً عن سياسة إنتاج النفط الخام التي تطغى عليها اعتبارات دولية وسياسية.
          وبذلك يتسنى وضع الإستراتيجية المثلى التي تتمثل في إسالته بقصد تصديره وفقاً للإمكانيات المتاحة، واستخدام جزءاً منه في المشروعات الصناعية المحلية والمشروعات العربية المشتركة على المستوى القومي.
          وقد اختلفت سياسات الدول العربية الخليجية في كيفية استغلال الغازات الطبيعية، فبعضها يقوم بتسييل جميع مكونات هذه الغازات، بما في بذلك الميثان والإيثان وتصديرها إلى الدول المستهلكة بواسطة ناقلات خاصة، وتوجد هذه المشروعات في دولة الإمارات العربية المتحدة.
          أمّا بقية الدول العربية الخليجية، فقد أقامت مشروعات لاستغلال الغاز المصاحب على أساس فصل غازي الميثان والإيثان لاستخدامهما محلياً في العمليات الصناعية. أما بقية أنواع الغازات في الغاز الطبيعي فيتم فصلها وتسييلها وتصديرها للأسواق العالمية.
تجارة الغاز الطبيعي العالمية حتى عام 2010  
          نظراً للأهمية المتزايدة للغاز الطبيعي كمصدر من مصادر الطاقة الأولية في الوقت الحالي والمستقبل المنظور.
          ونظراً لتزايد استخداماته على المستوى العالمي.
          فمن المتوقع نمو تجارته بصورة ملحوظة في السنوات العشر القادمة.
          وذلك لمزاياه البيئية وأسعاره التنافسية مقارنة بأنواع الوقود الأخرى.
          ويعتبر الغاز الطبيعي المسال هو الاختيار الأمثل للاستفادة من الغاز الطبيعي في الأسواق والمراكز الصناعية الرئيسية.
          وقد تناولت دراسة حديثة أوضاع التجارة العالمية للغاز الطبيعي المسال وغاز البترول المسال حتى عام 2010، والدور المستقبلي لمنطقة الشرق الأوسط في جذب النصيب الأكبر من هذه التجارة.
الطلب على الغاز الطبيعي المسال LNG )Liquefied Natural Gases)
من المتوقع زيادة معدلات التجارة العالمية للغاز الطبيعي المسال
إلى حوالي 122.7   بليون متر مكعب عام 2000
وإلى حوالي 155.8 بليون متر مكعب عام 2005
وإلى أكثر من 183 بليون متر مكعب عام 2010
          وذلك في مقابل 92.5 بليون متر مكعب عام 1995 بزيادة بنسبة 98% خلال 15 عاماً.
          ومن المقدر أن تظل دول الشرق الأقصى ومنها اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان تحتل المركز الرئيسي للطلب على الغاز الطبيعي المسال خلال هذه الفترة.
          وتعتبر اليابان من أكبر مستوردي الغاز الطبيعي المسال على المستوى العالمي حيث يتوقع أن يبلغ إجمالي وارداتها منه بحلول عام 2010 حوالي 80 بليون متر مكعب سنوياً بزيادة بنسبة 36% عن عام 1995.
          وأوضحت الدراسة أن التوسع في استخدام الغاز الطبيعي المسال في مشروعات التنمية في دول كثيرة سيكون من أهم العوامل التي تدعم تجارته العالمية في المدى القريب، وذلك على الرغم من أن إسالة الغاز تستلزم تكلفة عالية.
الطلب على غاز البترول المسال (Liquefied Petroleum Gases (LPG
          أما غاز البترول المسال فمن المتوقع ازدهار تجارته لتصل إلى 69 مليون طن متري عام 2010 في مقابل 45 مليون طن متري عام 1995 بزيادة بنسبة 53%.
          وعلى الرغم من انخفاض واردات اليابان في التجارة العالمية لغاز البترول المسال من نسبة 35% من الإجمالي العالمي عام 1995 إلى نسبة 26% في عام 2010، إلا أنها سوف تظل من أكبر مستوردي غاز البترول المسال خلال الخمسة عشر عاماً القادمة.
          كما يتوقع أيضاً أن ترتفع  واردات الصين من هذا الغاز إلى 10 مليون طن متري سنوياً في عام 2010
وواردات الهند من هذا الغاز  إلى  4  مليون طن متري سنوياً في عام 2010
          من ناحية أخرى، تعد إندونيسيا من أكبر مصدري غاز البترول المسال في المنطقة، بجانب زيادة الاعتماد على الإمدادات من دول المنطقة الشرق الأوسط، والتي يتوقع أن تهيمن على الزيادة في صادرات غاز البترول المسال العالمية لترتفع بحلول عام 2010 إلى 34 مليون طن مقابل 24 مليون طن في عام 1995.
          وتجدر الإشارة إلى أن الطلب على غاز البترول المسال في منطقة أوروبا الغربية سوف يشهد نمواً معتدلاً بحلول عام 2010 ليصل إلى 13 مليون طن سنوياً.
إنتاج دول مجلس التعاون الخليجي من غاز البترول المسال
          تقدير المصادر البترولية إنتاج دول مجلس التعاون الخليجي من غاز البترول المسال (LPG) في عام 1999، بنحو 29 مليون طن ويمثل نسبة 44% من الإنتاج العالمي.
          ويُذكر أن السعودية تأتي في قائمة دول مجلس التعاون الخليجي في إنتاج وتصدير هذا النوع من الغاز المسال، بما يمثل صادراتها منه نسبة 65% من إجمالي صادرات دول المجلس.
          وتبذل أرامكو السعودية كافة الجهود من أجل تطوير وتحديث شبكة الغاز الرئيسية لمواجهة تلبية الطلب المتنامي، الذي ينمو بنسبة 8% سنوياً وتبلغ الميزانية المقررة لمشروع التوسع للشبكة الحالية بنحو 15 بليون ريال سعودي.
          ومن المتوقع أن تستمر صادرات دول مجلس التعاون الخليجي من غاز البترول المسال في الارتفاع حتى تصل إلى 34 مليون طن في عام 2005 على الرغم من زيادة الاستهلاك المحلي الناتج عن نمو الصناعات البتروكيماوية.


عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الإثنين 07 مارس 2016, 11:22 pm عدل 2 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69673
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Empty
مُساهمةموضوع: رد: البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول   البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Emptyالإثنين 07 مارس 2016, 11:20 pm

[rtl]الفصل الثامن[/rtl]


[rtl]الغاز الطبيعي[/rtl]


ثانياً: مستقبل الصادرات العربية من الغاز الطبيعي

تبين من العرض السابق الحقائق التالية:
ـ  تمثل احتياطيات الغاز الطبيعي للدول العربية 21.9% من الاحتياطي العالمي.
ـ  تصل نسبة إنتاج  الدول العربية من الغاز الطبيعي 12.8% من الإنتاج العالمي.
          وعلى الرغم من أن بيانات الإنتاج العالمي من الزيت الخام خلال السنوات الماضية توضح تذبذب معدلاته زيادة ونقصاناً، فإن بيانات الإنتاج العالمي من الغاز الطبيعي تشير إلى تزايد معدلاته بثبات.
ـ  وعلى المستوى العالمي  فقد تزايدت نسبة مساهمة الغاز الطبيعي في الطاقة الأولية بسبب النمو السريع في الطلب عليه وما يتمتع به من مزايا تساعد على خلق بيئة نظيفة، وتوافر الاحتياطيات إضافة إلى نمو البنية الأساسية اللازمة لنقله وتسويقه، وتوقع زيادة الاستهلاك خلال العشرين سنة القادمة بنسبة 69% ليصل إلى 133.3 تريليون قدم مكعب عام 2015، وبذلك ترتفع نسبة مساهمة الغاز الطبيعي في إجمالي استهلاك الطاقة من 23% حالياً إلى 25% عام 2015.
ـ  ويعني ذلك أن الغاز الطبيعي يشارك بنصيب متزايد في سوق الطاقة العالمي. وأن المنطقة العربية بما لديها من احتياطيات وفيرة من الغاز الطبيعي يجب أن تتبوأ مكانتها في هذا المضمار للوصول إلى المعدلات المثلى لاستغلال هذه الاحتياطيات.
          وعلى ذلك فإن الاحتياطيات المؤكدة من الغاز الطبيعي في الدول العربية تكفي توقعات الاستهلاك المستقبلية بالأسواق المحلية، والتي تلزم لتحقيق خطط التنمية، بالإضافة إلى تخصيص احتياطيات للتصدير.
          ويحقق موقع الدول العربية ميزة فريدة في عملية تصدير الغاز للدول المستوردة، إذ تقع الأقطار العربية في ملتقى منطقتين من أكبر مناطق الطلب على الغاز في العالم.
          فعلى الجانب الشرقي للمنطقة العربية تقع منطقة حافة المحيط الهادي التي تشمل اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان والصين.
          وفي شمال المنطقة العربية تقع القارة الأوروبية التي تعتبر من أكبر مناطق الطلب على الغاز حيث يتزايد الطلب على الغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء. وذلك نظراً لأن شركات توليد الكهرباء تواجه اختيارات محدودة عند إضافة طاقة توليد جديدة. فبرامج التوليد بالطاقة النووية متوقفة في جميع البلدان الأوروبية ما عدا فرنسا. كما أن القيود والضوابط البيئية ترفع تكلفة محطات التوليد بالفحم، في حين أن توليد الكهرباء باستخدام تكنولوجيا الدورة المركبة وباستخدام الغاز كوقود هو أكثر البدائل جاذبية من الناحيتين الاقتصادية والبيئية.
          ومن المقدر أن يصل الطلب على الغاز الطبيعي بدول جنوب أوروبا إلى 180 مليار متر مكعب سنوياً (6.3 تريليون قدم مكعب) بحلول عام 2010. وتعتمد هذه التقديرات في المقام الأول على معدلات استخدام الغاز في توليد الكهرباء بهذه الدول.
[rtl]التحديات التي تعترض تصدير الغاز العربي [/rtl]
[rtl]          وإذا كان الأمر كذلك فلابد من استغلال احتياطيات الغاز العربي استغلالاً مثالياً والعمل على التغلب على التحديات التي تعترض سبيل ذلك ومنها: [/rtl]

  1. الحاجة إلى استثمارات كبيرة لتجميعه حيث أن نسبة كبيرة من الغاز الطبيعي في الدول العربية من النوع المصاحب للبترول.
  2. الحاجة إلى استثمارات كبيرة لإقامة خطوط أنابيب لنقل الغاز الطبيعي عبر القارات وهو ليس بالأمر الهين اقتصادياً وسياسياً.
  3. الحاجة إلى استثمارات ضخمة لإنشاء مصانع لإسالة الغاز وناقلات خاصة Special Tankers تنقل الغاز تحت ضغط عال ودرجة حرارة منخفضة جداً وهي ناقلات باهظة التكاليف.

[rtl]          وعلى ذلك فإننا نجد أن عدم المرونة في تجميع ونقل الغاز الطبيعي تعوق حسن استغلال الاحتياطيات الضخمة من الغاز الطبيعي التي تتوفر لدى الدول العربية. وأفضل طريقة هي التوسع الكبير في استغلاله داخليا بدلاً من البترول، وكذلك نقله إلى أسواق الدول القريبة عن طريق خطوط الأنابيب. [/rtl]
[rtl]          وتقدَّر طاقة إنتاج المشروعات العربية الخليجية لتسييل الغازات النفطية بحوالي 39.8 مليون طن سنوياً من الغاز المسال و 11.2 مليون طن سنوياً من غاز البترول. أما بالنسبة لعمليات تجميع ومعالجة ونقل الغازات المصاحبة من حقول البترول ـ التي هي عادة تكون بعيدة عن مراكز استهلاك الغاز أو تسييله ـ فإن لمعظم الأقطار العربية الخليجية خططاً للتوسع في هذه العمليات، وذلك بهدف استغلال هذه الغازات عوضاً عن حرقها. [/rtl]
[rtl]          ولا تقتصر التحديات التي تعوق الدول العربية عن استغلال احتياطياتها على الحاجة إلى استثمارات ضخمة، بل هناك السياسات التي تتبناها الدول المستهلكة للنفط التي عكفت الوكالة الدولية للطاقة (منذ إنشائها عام 1974 لمواجهة سيطرة منظمة الأوبك في مجال النفط) على تنسيق هذه السياسات في مجال البترول وفي مجال الغاز الطبيعي أيضاً. [/rtl]
[rtl]          ومن أمثلة ذلك ما تقرر في مايو 1994 من إنشاء مركز دولي لتبادل المعلومات التكنولوجية في مجال الغاز الطبيعي. ويقع هذا المركز بجناحيه الأوروبي والأمريكي في كل من كوبنهاجن وواشنطن، ويشارك في تمويله والاستفادة من خدماته 11 دولة منها 8 دول أعضاء الاتحاد الأوروبي ثم الولايات المتحدة وروسيا واليابان. [/rtl]
[rtl]          وتغطي هذه الدول أهم المناطق المنتجة والمستهلكة للغاز الطبيعي حيث بلغ إنتاجها مجتمعة عام 1992 نحو 1313 مليار متر مكعب أو ما يعادل 64% من الإنتاج العالمي للغاز الطبيعي. كما بلغ استهلاكها في العام المذكور نحو 1317 مليار متر مكعب وهو ما يعادل 66% من الاستهلاك العالمي، ويوجد بها نحو 42% من الاحتياطيات العالمية للغاز الطبيعي. [/rtl]
[rtl]          ويستهدف هذا المركز توفير احتياجات الدول الأعضاء من المعلومات المتعلقة بتكنولوجيات الغاز الطبيعي، وذلك عن طريق إعداد سلسلة من الدراسات الأساسية ووضعها على شبكة من الحاسبات الآلية التي تنتشر أطرافها في تلك الدول. ويتركز اهتمام المركز في المقام الأول على المعلومات الخاصة بالغاز الطبيعي المسال  بدءاً من مرحلة الإنتاج ثم الإسالة ثم النقل فإعادة تحويله إلى غاز ثم التوزيع فالاستهلاك. [/rtl]
[rtl]          وفي رأي القائمين بالمشروع أن توفير تلك المعلومات سوف يؤدي إلى الاقتصاد في نفقات تطوير التكنولوجيات الجديدة في هذا المجال، والتي تتسم بارتفاع الاستثمارات والتكاليف، وخاصة بعد تطبيق قوانين حماية البيئة على نطاق واسع في كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. [/rtl]
[rtl]          ومع ما تتمتع به إيران من احتياطيات ضخمة من الغاز الطبيعي تبلغ 23000 مليار متر مكعب بما يعادل نسبة 68.6% من إجمالي احتياطيات الدول العربية، إضافة إلى أن نصف هذا الاحتياطي عبارة عن غاز طبيعي غير مصاحب، فإنها قد وقَّعت مع شركة توتال الفرنسية عقداً في نهاية سبتمبر 1997 لتطوير حقل غاز جنوب فارس الضخم في المياه الإيرانية. وتقدر احتياطياته بنحو 8 تريليون قدم مكعب على مرحلتين بمستوى إنتاج يبلغ 10 بليون متر مكعب من الغاز سنوياً. ومن المتوقع أن يبدأ الإنتاج خلال عام 2001. [/rtl]
[rtl]          كما توصلت تركيا في عام 1996 لاتفاق مع إيران لبناء خط أنابيب من تبريز إلى أنقرة يتم خلاله تصدير نحو ثلاثة بلايين متر مكعب من الغاز الإيراني لتركيا عام 1999 ترتفع إلى 10 بلايين متر مكعب بحلول عام 2005. تبلغ قيمة هذه الصفقة 23 بليون دولار، وتستورد تركيا بموجبها الغاز الطبيعي من إيران لمدة 22 عاماً. [/rtl]
[rtl]          وعلى الرغم من الموقف المنافس للوكالة الدولية للطاقة من ناحية وموقف إيران من الناحية الأخرى فلا تزال كل دولة عربية تقوم على تنفيذ سياسة خاصة بها وفقاً  لقدرتها وظروفها في مجال استغلال الغاز الطبيعي . [/rtl]
[rtl]          ومن المقترح إنشاء شركة في ظل منظمة الدول العربية المصدرة للنفط (أوابك) تهدف أساساً إلى استثمار احتياطيات الغاز الطبيعي بالدول التي تشترك فيها وتنفيذ مشروع ضخم لنقل الغاز الطبيعي من مناطق استخراجه بمنطقة الخليج في قطر وعمان والمملكة العربية السعودية والإمارات بواسطة خطوط الأنابيب عبر السعودية والأردن ـ ويمكن في هذه المرحلة من المشروع إمداد الأردن وسورية وتركيا بالإضافة إلى الدول المنتجة باحتياجاتها من الغاز الطبيعي لاستهلاكها المحلي، وتشتمل باقي مراحل المشروع على فروع عديدة عبر دول أخرى. [/rtl]
[rtl]مظاهر الاهتمام المتزايد للدول العربية بتصدير الغاز الطبيعي [/rtl]
[rtl]          يبدو أن تدهور أسعار البترول خلال التسعينات قد دفع مصدرو البترول في الشرق الأوسط إلى التحول نحو الغاز الطبيعي، والعمل على تعزيز قدراتهم بتطوير احتياطياتهم من الغاز لتلبية الطلب المتوقع على الطاقة في آسيا خلال القرن القادم. [/rtl]
[rtl]          وبعد أن كانت دول الشرق الأوسط تحرق الغاز للتخلص منه، أصبح الغاز في الوقت الحاضر سلعة عالية القيمة قد تصبح في المستقبل من الدعائم المالية لكثير من دول المنطقة التي تعتمد طوال القرن الحالي على إنتاج الطاقة. [/rtl]
[rtl]          وقد بدأ فعلاً تصدير الغاز من دول الخليج من خلال مشروعات لتسييل الغاز الطبيعي تتكلف مليارات الدولارات، ومشروعات أخرى لمد خطوط أنابيب عبر الحدود بدعم أجنبي. [/rtl]
[rtl]          ومن مظاهر هذا الاهتمام المتزايد بالغاز الطبيعي عقد المؤتمرات والاجتماعات وإعداد الدراسات الخاصة بالغاز. ومن أهمها: [/rtl]
[rtl]خلال شهر أكتوبر 1996[/rtl]
[rtl]          عُقد في دولة الإمارات مؤتمر عن الغاز، أشار فيه دانييل نيلسون نائب الرئيس التنفيذي لشركة موبيل كورب لشؤون تطوير الغاز المسال ـ أن آسيا ستظل المركز الرئيسي للطلب على الغاز في العالم. وبفضل احتياطيات وفيرة من الغاز في منطقة الشرق الأوسط ـ لا يفوقها سوى احتياطيات الغاز الروسية ـ تشهد المنطقة من إيران إلى اليمن سيلاً من مشروعات تسييل الغاز ومد خطوط الأنابيب [/rtl]
[rtl]ـ  وتقدِّر المصادر المختصة أن نسبة إنتاج إيران من الغاز إلى احتياطياتها تصل إلى 595 عاماً [/rtl]
[rtl]ـ  وتبلغ نسبة إنتاج قطر إلى احتياطياتها    525 عاماً [/rtl]
[rtl]ـ  وتملك قطر أكبر حقل للغاز غير المصاحب خارج الاتحاد السوفيتي سابقاً. [/rtl]
[rtl]ـ  أما سلطنة عمان فستقدم على أكبر خطوة في صناعة تصدير الغاز بتوقيعها عقداً مع شركة كوريا جاس كروب لتزويدها بالغاز الطبيعي المسال على مدى 25 عاماً. [/rtl]
[rtl]ـ  أما السعودية، عملاق البترول، فقد أقدمت على تطوير قاعدة الغاز لديها لتغذية مشروعاتها الرامية إلى توسيع قطاع البتروكيماويات، الذي يمثل الآن عماد برنامج التصنيع في المملكة. [/rtl]
[rtl]          وقد أوضح أندرو فلاور مدير قسم تنمية صناعة الغاز الطبيعي المسال في شركة بريتش بتروليم أن إمدادات الغاز المسال من الشرق الأوسط ستزداد بصورة ملموسة خلال السنوات المقبلة. وسيزيد نصيب غاز الشرق الأوسط من إجمالي الإمدادات لأسواق آسيا والمحيط الهادي من 7% في 1995 إلى 25% بحلول عام 2003 [/rtl]
[rtl]          ومن المنتظر أن تصبح ناقلات الغاز المسال مشهداً مألوفاً في العقد المقبل في رحلاتها من موانئ الخليج إلى أسواق الطاقة في اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان والهند والصين وتايلاند. [/rtl]
[rtl]          وجدير بالذكر أن تكلفة إقامة محطة لتسييل الغاز لا تقل عن ستة مليارات دولار ومدة تنفيذ طويلة، فضلاً عن مواعيد سداد طويلة الأجل ومنتظمة. [/rtl]
[rtl]وفي أوائل شهر مارس 1997   [/rtl]
[rtl]          عُقد مؤتمر الشرق الأوسط للنفط والغاز في أبو ظبي [/rtl]
[rtl]          حيث دعت دولة الإمارات إلى فك الارتباط بين أسعار الغاز وأسعار النفط الخام للحصول على سعر افضل للغاز. [/rtl]
[rtl]          وجاءت هذه الدعوة في كلمة للسيد يوسف عمير بن يوسف الأمين العام للمجلس الأعلى للبترول والمدير العام لشركة بترول أبو ظبي الوطنية (أدنوك) [/rtl]
[rtl]          وأضاف أن الغاز الطبيعي يستحق سعراً أفضل من سعر النفط الخام وزيت الوقود. [/rtl]
[rtl]وتؤكد دولة الإمارات العربية المتحدة أنها تملك: [/rtl]
[rtl]ثالث احتياطي من النفط الخام بعد السعودية والعراق [/rtl]
[rtl]ورابع احتياطي عالمي من الغاز بعد روسيا وإيران وقطر [/rtl]
[rtl]          وتعتبر منطقة الخليج موردا رئيسياً للغاز الطبيعي إلى أسواق الشرق الأقصى وأوروبا حيث تمتلك دول الخليج احتياطيات ضخمة من الغاز تعادل 25% من الاحتياطيات العالمية. [/rtl]
[rtl]          إن الموقع المتقدم لدولة الإمارات ومنطقة الخليج بشكل عام في صناعة الغاز يؤكد أهمية الدعوة التي أطلقها هذا المؤتمر لتصحيح أسعار البترول. [/rtl]
[rtl]          وقد نادى المدير العام الشركة بترول أبو ظبي الوطنية (أدنوك) بضرورة تكوين رابطة لمنتجي الغاز على غرار منظمة أوبك تضم معظم الدول الكبرى المنتجة والمصدِّرة للغاز مثل الإمارات وروسيا الاتحادية وإيران وقطر وإندونيسيا وماليزيا والجزائر وغيرها لتحقيق التنسيق والتعاون فيما بينها في شأن أسعار الغاز وصناعته بوجه عام. [/rtl]
[rtl]          إن المبررات التي تؤكد أهمية فك الارتباط بين أسعار الخام والغاز للحصول على أسعار افضل للغاز مما هي عليه الآن من بينها أسباب بيئية وأخرى تتصل بالتكاليف الاستثمارية الباهظة التي تتطلبها صناعة تسييل الغاز ونقله إلى مواقع الاستهلاك الرئيسية في العالم، وفي ضوء تزايد الحاجات المستقبلية لدول العالم وخصوصاً في شرق آسيا لهذا المصدر النظيف من الطاقة. [/rtl]
[rtl]          ومن الأهمية بمكان أن يكون تصحيح أسعار الغاز في إطار الحفاظ على المصالح المتبادلة للمنتجين والمستهلكين. [/rtl]
[rtl]          كما دعت دولة الإمارات الدول المستهلكة للغاز إلى تحمل مسؤولياتها تجاه حماية البيئة نظراً لكون الغاز من مصادر الطاقة التي لا تؤثر في البيئة. ويتعين على المستهلكين دفع تكلفة معقولة مقابل المساهمة في تطوير هذا المصدر المهم للطاقة، الذي يستحق سعراً افضل من سعر النفط الخام وزيت الوقود. [/rtl]
[rtl]          وترى دولة الإمارات أن الضرائب التي تم فرضها لحماية البيئة يجب أن تذهب لحساب الأبحاث التي تجري على حماية البيئة وتطبيقاتها بدلاً من اعتبارها ضمن العوائد العامة. [/rtl]
[rtl]وفي الفترة من 17 ـ 19 مارس 1997 [/rtl]
[rtl]          عقد مؤتمر الدوحة الدولي الثاني للغاز الطبيعي تحت شعار: "غاز الشرق الأوسط … الآفاق والتحديات" [/rtl]
[rtl]          أكد أمير قطر ـ في كلمة افتتاح المؤتمر ـ أن بلاده ترحب بالتعاون الوثيق والطويل المدى وفتح مجالات المشاركة مع الدول والشركات العالمية ذات الخبرات الفنية والقدرات التسويقية والتمويلية لما فيه من خير ومصلحة لكل من المصدرين والمستوردين. [/rtl]
[rtl]          تحدث الشيخ أحمد زكي يماني ـ وزير النفط السعودي الأسبق ـ في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر موضحاً أن الغاز لا ينافس النفط لارتباطه بأسعار النفط، وكلما تدنت أسعار النفط تتدنى معها أسعار الغاز، إلا أن الغاز يتميز بأنه طاقة نظيفة، مشيراً، إلى أن هناك مشاكل مختلفة تواجه صناعة الغاز خاصة عمليات النقل التي تعتبر مكلِّفة للغاية. [/rtl]
ـ  وقد ناقش المؤتمر العديد من الأبحاث منها على سبيل المثال: "سوق الغاز في دول المحيط الهادي الآسيوية"
أكد البحث على أهمية الغاز كمصدر للطاقة في تلك الأسواق خاصة في تايلاند والهند والسواحل الصينية متوقعاً أن تتضاعف حاجاتها بحلول 2010.
وأن هناك عواملاً تؤثر على تطوير أسواق جديدة للغاز من أهمها الإمكانيات الاقتصادية والنقل والإنتاج المحلي للغاز.
ـ  من أهم الأبحاث التي نوقشت في المؤتمر ورقة عمل بعنوان: "مستقبل غاز الشرق الأوسط في أوروبا"
أشارت إلى أهمية غاز الشرق الأوسط للإمدادات وخاصة في تلبية احتياجات الطاقة في غرب ووسط أوروبا.
ـ  وتحت عنوان: "الخليج وغرب أوروبا: المشروعات والتحديات والآفاق
أوضحت ورقة العمل المقدمة أن الاحتياطيات الضخمة من الغاز الطبيعي المتوفرة في الخليج ستساعد في تلبية الاحتياجات المتزايدة لغرب أوروبا، وأن مشروعات نقل الغاز بين الخليج وغرب أوروبا ستمر بعديد من القيود الاقتصادية التي يجب التغلب عليها. وخاصة أن نقل الغاز في أنابيب سيؤدي في النهاية إلى تكامل اقتصادي، بالإضافة إلى مزيد من التعاون بين الأطراف بما في ذلك دول العبور، بما يؤدي في آخر الأمر إلى تطوير وتنمية كل منطقة الخليج وشرق البحر المتوسط.
ـ  وتحت عنوان "خطوط أنابيب الغاز في دول مجلس التعاون الخليجي"
أشارت ورقة بحث إلى أهمية إنشاء شبكة للغاز بمنطقة الخليج من أجل توفير سوق للغاز في الدول المنتجة، وتعد من أهم مكونات البنية الأساسية في المنطقة لاستغلال الغاز المتوفر لديها وتعزيز تجارتها المتنامية.
وتقدر تكلفة المشروع بحوالي 1.5 مليار دولار وطول الشبكة 1.3 ألف كيلومتر وتربط كل دول الخليج، وتختصر المسافة لتصدير الغاز إلى شرق آسيا والبحر المتوسط وأفريقيا وأوروبا.
هذا وقد ناقش المؤتمر خلال ثلاثة أيام أكثر من أربعين ورقة عمل حول صناعة الغاز الطبيعي.
وقد أكدت الجلسة الختامية للمؤتمر على أهمية وجود فرص طيبة للغاز الطبيعي في الشرق الأوسط وحصوله على حصة أكبر في أسواق الطاقة. وأن تنمية الاحتياطي الهائل لغاز الشرق الأوسط يلقي تحديات تتمثل في العلاقة بين أسعار الغاز وأسعار النفط الخام غير الثابتة والسريعة التأثر إلى درجة كبيرة.
كما أشارت الأبحاث إلى القدرة على التغلب على جميع الصعوبات التي تواجه صناعة الغاز من خلال تحقيق أكبر قدر من التعاون بين المنتجين والمستهلكين.

وفي 15 مارس 1999

عُقد مؤتمر الدوحة الثالث للغاز الطبيعي
          حيث أكد أمير قطر أن إستراتيجية بلاده في استثمار ثرواتها الهيدروكربونية تدعو إلى المضي قُدماً في تنفيذ الخطط الطموحة لتحقيق الاستقلال الأمثل لاحتياطيات الغاز الضخمة في حقل الشمال، الذي يُعتبر أكبر حقل بحري للغاز الطبيعي في العالم. وبذل أقصى الجهود لتوفير المناخ اللازم لنجاح المشروعات الصناعية المعتمدة على الغاز، والسعي إلى ترسيخ مكانة دولة قطر كمصدر رئيسي للغاز إلى الأسواق المختلفة الإقليمية منها والعالمية.
          كما أكد أن دولة قطر لن تلتزم بإنتاج وتوفير الغاز للمستهلكين دون تحقيق عائد مناسب للاستثمارات المطلوبة في هذا المجال.
          ودعا إلى تضافر السياسات والجهود لتشجيع إنتاج واستهلاك الغاز الذي يعتبر أنظف مصدر طاقة، وذلك عبر تسهيل عمليات التمويل وإعادة النظر في الركائز الأساسية التي يقوم عليها تسعير الغاز.
          وتناول عدد من أوراق العمل المقدمة للمؤتمر موضوعات متعددة في صناعة الغاز حيث أشارت ورقة عمانية إلى أن مشروع عمان للغاز الطبيعي يعتمد على نهج جديد في التسويق، وذلك بالتوقيع مع العملاء على اتفاقية مُلزمة من الناحية القانونية، وتشمل كافة البنود التجارية التي تم الاتفاق عليها لتوريد الغاز. وذلك بدلاً من عمليات البيع والشراء التي تستغرق وقتاً في التفاوض لدى كل صفقة.
          ودعا مدير عام مشروعات النفط والغاز في المؤسسة العامة القطرية للبترول إلى ضرورة تعزيز التعاون الإقليمي في سلعة الغاز التي ما يزال التعاون فيها دون المستويات العالمية المنشودة رغم وجود احتياطيات ضخمة من النفط والغاز.
ثالثاً: هل انتهى عصر البترول؟
          هكذا عرضنا تطور احتياطيات الغاز الطبيعي على مستوى العالم
          تطور احتياطيات الغاز الطبيعي على مستوى الدول العربية
          ورأينا تزايد اهتمام حكومات الدول العربية الخليجية من ناحية، وتزايد اهتمام شركات البترول ومن ورائها الدول الصناعية المستهلكة من ناحية أخرى.
          وعرضنا أيضاً تطور إنتاج الغاز الطبيعي على مستوى العالم وعلى مستوى الدول العربية ورأينا استمرار تزايد إنتاجه وتزايد استخداماته وتزايد معدلات تجارته، وزيادة نصيبه في سوق الطاقة.
          وذكرنا أن الوكالة الدولية للطاقة قد حرصت منذ إنشائها عام 1974 على تنسيق سياسات الدول أعضائها ليس فقط في مجال البترول، بل في مجال الغاز الطبيعي أيضاً ، حيث بلغ إنتاجها من الغاز الطبيعي في عام 1992 نحو 1313 مليار متر مكعب أو ما يعادل 64% من الإنتاج العالمي. كما بلغ استهلاكها في العام المذكور نحو 1317 مليار متر مكعب بما يعادل 66% من الاستهلاك العالمي. ويوجد بها 42% من الاحتياطيات العالمية للغاز الطبيعي.
          كما أشرنا أيضاً إلى مظاهر الاهتمام المتزايد للدول العربية بتصدير الغاز الطبيعي عن طريق عقد مؤتمرات دورية، وإعداد دراسات وأبحاث متنوعة.
          ومن المعروف أن كفاءة اقتصاديات استخدام الغاز الطبيعي في محطات توليد الطاقة، والعوامل المرتبطة بالمحافظة على البيئة من التلوث كانت من أهم الأسباب التي أدت إلى أن يصبح الغاز الطبيعي أسرع وقود من حيث معدل نمو الاستهلاك على المستوى العالمي.
          وإذا علمنا أيضاً أن روسيا تعد من أهم الدول المصدرة للغاز، وقد بلغ إجمالي صادراتها عام 1994 حوالي 187.4 بليون متر مكعب، منها:
108.2  بليون متر مكعب إلى الأسواق الأوروبية.
و79.2    بليون متر مكعب إلى الجمهوريات الأخرى بالاتحاد السوفيتي سابقاً
          فهل معنى هذا التزايد في كل ما يتعلق بالغاز الطبيعي إنتاجاً واستهلاكاً وتصديراً، أن عصر البترول قد قارب على الانتهاء؟
الأسباب التي تدعو إلى الاعتقاد بقرب نهاية عصر البترول
1.  ازدياد الوعي بالمحافظة على البيئة
يرجع ذلك إلى قيام حركات سياسية واجتماعية في مختلف أنحاء العالم، سواء في الدول الصناعية أو دول العالم الثالث، تتبنى الدعوة إلى التخلص من التلوث الصناعي وكافة مسببات أنواع التلوث الأخرى، لدرجة أن الحكومات أنشأت وزارات خاصة للحفاظ على البيئة في معظم هذه الدول.
كما كان لظهور جماعات الخضر كأحزاب سياسية أو جمعيات وطنية تأثير بالغ على سلوك المواطنين جعلهم يحرصون على استخدام كل ما يحافظ على البيئة، ويمتنعون عن استخدام كل ما هو ملوث للبيئة. والحل الأمثل لديهم توسيع استخدام الغاز الطبيعي.
2. مشكلة زيادة النمو السكاني في كثير من الدول وخاصة الدول النامية
إن اهتمام هذه الدول بتنمية اقتصادياتها يؤدي إلى تنمية قطاع المواصلات وازدياد عدد السيارات والمركبات من كافة الأنواع، التي تستخدم البترول والمازوت مما يتسبب عنه ارتفاع معدلات التلوث.
وقد اصبح من معايير التقدم اهتمام الدول بإحلال الغاز الطبيعي محل البنزين وأنواع الوقود الأخرى، على قدر ما تسمح به موازناتها.
3. اتجاه الشركات البترولية الكبرى في العالم بتغيير أولويات أهدافها
اتجهت بعض الشركات البترولية العالمية إلى الاهتمام باكتشافات الغاز الطبيعي من أجل الحصول على وقود قليل التلوث. فبالنسبة لقطاع المواصلات ـ الذي كان البنزين الوقود الأمثل له منذ اكتشاف البترول ـ قد بدأ يشهد في السنوات الأخيرة تحولات مهمَّة فهناك أعداد متزايدة من السيارات تدار بالطاقة الشمسية وبخلايا الوقود والهيدروجين وبالغاز المضغوط، إلى جانب البنزين.
4. تحسين تكلفة استخدامات الغاز الطبيعي
إن تعدد استخدامات الغاز الطبيعي ومزاياه السابق ذكرها في مختلف الأغراض، أدت إلى تزايد استهلاكه وتزايد الطلب عليه، سواء بحالته الغازية أو عن طريق تسييله، مما أسفر عن رواج تجارته وخاصة تجارة الغاز الطبيعي المسال وزيادة طاقات شبكات خطوط أنابيب نقل الغاز، الأمر الذي ساعد على تحسين التكلفة التنافسية للغاز في مواجهة تكلفة أنواع الوقود الأخرى.
          وليس معنى هذا أن مستقبل الصناعة البترولية العالمية اصبح في خطر. إن كل ما في الأمر هو محاولة الشركات والحكومات الاستجابة لاحتياجات المواطنين ومسايرة متطلبات القرن الحادي والعشرين، الذي يزداد فيه الإقبال على الغاز الطبيعي كوقود أقل تلويثاً للبيئة.
          وسوف تستمر منافسة الغاز الطبيعي وبدائل الطاقة الأخرى للبترول حتى تتغير أولويات الاهتمام بأنواع الطاقة. وقد يتساوى مركز النفط مع الغاز وقد يتفوق الغاز على البترول قليلاً.
          ومؤدى ذلك أن الصراع بين البترول والغاز كمصدر رئيسي للطاقة سوف يزداد على ممر السنوات أو العقود القادمة، وإن كان البترول لن يتراجع عن المركز الأول. والدليل على ذلك الأرقام التالية.
من المعروف أن البترول والغاز والفحم تشكل 90 ـ 92% من الطاقة المستهلكة في العالم.
واليك هذه المقارنة:
[rtl]                   البترول              الغاز                   الفحم                    [/rtl]
[rtl]عام                   1973                   43.9 %                   17.9 %                   31.8 % [/rtl]
[rtl]                   1993          40                   23                   27 [/rtl]
[rtl]                   1998                   39.9                   23.2                   26.9 [/rtl]
[rtl]                   2020          38                   27                   25 [/rtl]
والدليل على ذلك أيضاً
          أنه عند مقارنة استخدامات كل من البترول والغاز والفحم، نجد أن القدر المستخدم من كل من أنواع الوقود الثلاثة في إنتاج الكيميائيات الأساسية المطلوبة للصناعة يصل إلى نحو 200 مليون طن في العام من البترول، ونحو 120 مليون طن من الغاز الطبيعي، ونحو 40 مليون طن من الفحم.
          لذلك، فمن المعتقد أن يكون الغاز الطبيعي هو المصدر الأساسي لإنتاج المواد الكيميائية المختلفة خلال القرن القادم. وهناك كثير من البحوث التي تدور حول هذا الاتجاه الجديد. وذلك بتحويل الغاز إلى مواد تصلح لتحضير مثل هذه الكيميائيات.
أسعار الغاز الطبيعي
          أشرنا فيما سبق أن تسعير الغاز الطبيعي يرتبط بتسعير البترول الخام. وتطالب دول الخليج العربية بفك هذا الارتباط على أن يكون له سوق منفصلة عن السوق العالمي للبترول.
          وقد كان من نتيجة هذا الارتباط أن انخفاض أسعار البترول في أكثر سنوات عقد التسعينات كان له تأثير سلبي على أسعار الغاز رغم ما يتكلفه إنتاج الغاز من استثمارات باهظة. وقد أدى ذلك إلى انخفاض أسعار الغاز الطبيعي في مناطق الأسواق الرئيسية إلا أنه في أوروبا واليابان كانت درجة استجابة الغاز الطبيعي بصورة أبطأ من انخفاض أسعار البترول الخام.
          ومثال ذلك: أن سعر واردات الغاز الطبيعي المسال لليابان استمر في الانخفاض حيث سجل متوسط السعر للواردات نحو 4.09 دولار/ مليون وحدة حرارية بريطانية (British Thermal Unit (BTU في يوليه 1997 في مقابل 4.22 دولار/ مليون وحدة حرارية بريطانية في الشهر السابق.
          كما انخفض أيضاً متوسط السعر لواردات الغاز من إندونيسيا إلى نحو 3.50 دولار/ مليون وحدة بريطانية.
          وعندما انهارت أسعار البترول الخام عام 1998 انخفض سعر واردات الغاز الطبيعي المسال إلى نحو 3.04 دولار/مليون وحدة حرارية بريطانية.
          ومن المتوقع أن يؤدي النمو التجاري للغاز الطبيعي إلى زيادة سعر الغاز في أوروبا عام 2010 إلى 125 دولاراً لكل ألف متر مكعب (3.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية) طالما كان مقيداً بأسعار البترول.
          ويقول الدكتور حمدي البنبي وزير البترول المصري إنه من بين الخطوات المقترحة لإيجاد حلول عملية ناجحة لمواجهة التحديات في صناعة الغاز الطبيعي.
          العمل على الوصول إلى سعر منصف للغاز يتناسب مع ما يوفره من مزايا بيئية، وفي الوقت الذي تحاول فيه بعض الدول الصناعية فرض ضرائب باهظة على البترول الخام ومشتقاته، بحجة أنه يلوث البيئة الهوائية والمائية، وعلى الرغم من أن صناعة البترول ترفض ما يدعيه البعض من أن البترول هو أكثر أنواع الوقود تلويثاً للبيئة، يجب أن يتم تسعير الغاز ـ وهو أقل أنواع الوقود تلويثاً للبيئة ـ بسعر تفضيلي عن باقي أنواع الوقود الأخرى.
          إن أسعار الغاز الحالية، مقارنة بأسعار البترول، أسعار غير منصفة سواء على أساس المحتوى الحراري أو المزايا البيئية التي يتمتع بها الغاز، فهو وقود "صديق للبيئة" كما يطلق عليه ويتمتع بكفاءة عالية، وله تركيبة ذات خصائص كيميائية وفيزيائية فريدة تساعد في زيادة الطلب العالمي عليه كمصدر للطاقة، إذ تقل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن احتراقه. كما أن حالته الغازية تساعد على تحقيق الاختلاط المطلوب بالهواء. إن كل هذه المزايا، بالإضافة إلى الأسعار التنافسية، أدت إلى انتشار استخدامه في بعض الأماكن التي تهتم بالبيئة.
          إن وضع المزايا البيئية للغاز في الاعتبار عند تسعيره يؤدي إلى تحسين اقتصاديات مشروعات الغاز حتى وإن ظلت أسعار البترول على حالها من التذبذب تحسُّنا وتدهوراً.
          وكذلك يجب العمل على إقامة سوق عالمي للغاز، إذ لا يوجد حتى الآن سوق عالمي للغاز مثل سوق البترول. هناك عدد محدود من الأسواق التي تستطيع من خلالها حصر الحركة التجارية لتداول الغاز على المستوى الإقليمي في عدة مناطق:
ـ  من كندا إلى الولايات المتحدة الأمريكية باستخدام خطوط أنابيب لنقل الغاز.
ـ  من دول الاتحاد السوفيتي السابق إلى دول أوروبا الغربية باستخدام خطوط أنابيب لنقل الغاز.
ـ  من دول آسيا واستراليا المنتجة للغاز إلى اليابان باستخدام الناقلات البحرية لنقل الغاز السائل.
ـ  من دول الخليج العربي إلى اليابان وكوريا باستخدام ناقلات خاصة لنقال الغاز السائل، ومن المتوقع أن تنشط التجارة في هذه المنطقة بعد الكشف عن العديد من الاحتياطيات الغازية في دولة قطر مما يسمح بتصدير فائض الغاز إلى الهند والصين.
ـ  من شمال أفريقيا إلى غرب أوروبا عبر البحر المتوسط حيث يتم نقل الغاز الطبيعي والسائل.
          ولكن كل هذه أسواق مفككة تتكون من عدد من الاتفاقيات الثنائية بما يعني أن الغاز لا يزال سلعة إقليمية. ولكل من هذه الأسواق سمته الخاصة من استقلالية نسبية، وتمويل مستقل، وكذلك وسائل نقل وإمدادات مختلفة.
          وعلى الرغم من ذلك فإن هذه الأسواق الإقليمية ليست بمعزل عن بعضها البعض إذ أن كل سوق يؤثر ويتأثر بما يحدث في الأسواق الأخرى. فهي جميعها تتقاسم نفس الظروف والاهتمامات بالبيئة، التي يبرز من خلالها الدول الفعال الذي يلعبه الغاز في المحافظة على البيئة.
          وتعد هذه الاهتمامات المشتركة أحد أهم العوامل التي تساهم في خلق سوق عالمي موحد للغاز.
أما كسلعة عالمية، فيعتبر الغاز في مرحلة النمو مقارنة بسوق البترول الذي استطاع خلق سوق عالمية ناضجة تعدى عمرها أكثر من 40 أو 50 عاماً الإنجازات .
          وعلى الرغم من أن الغاز يتميز بسمات معينة ومتطلبات خاصة من ناحية النقل وطرق المعالجة، إلا أن صناعة الغاز يمكن أن تستفيد من دراسة سوق البترول وتتعلم منها حتى تتجنب الصعاب التي قد تهدد استقرارها، وتساعد هذه الدراسة في الإسراع بعملية إيجاد سوق عالمية موحدة للغاز.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69673
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Empty
مُساهمةموضوع: رد: البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول   البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Emptyالإثنين 07 مارس 2016, 11:24 pm

[rtl]الفصل التاسع[/rtl]


[rtl]مصادر الطاقة البديلة[/rtl]

[rtl]تتضمن مصادر الطاقة البديلة غير المتجددة: [/rtl]

  • الغاز الطبيعي    (وقد أفردنا له الفصل السابق)
  • الفحم بحالته الصلبة
  • الكهرباء بمصادرها الأربعة وهي:
  • القوى الكهرومائية.
  • الطاقة النووية.
  • المحطات الحرارية التي تعمل بالفحم.
  • المحطات الحرارية التي تعمل بالوقود البترولي.

[rtl]أما مصادر الطاقة البديلة المتجددة: [/rtl]

  • الطاقة الشمسية.
  • طاقة الرياح.
  • طاقة الأمواج  (المد والجزر).
  • طاقة الحرارة الجوفية.
  • الخشب.

[rtl]ولكل من هذه المصادر فوائده ومخاطره الاقتصادية والبيئية. [/rtl]
[rtl]          وسنقصر الحديث عن مصادر الطاقة البديلة التي أصبحت موضع اهتمام العالم في الوقت الحاضر أملاً في التوصل إلى استخدام طاقة بديلة للبترول ـ وهو ثروة ناضبة ـ وحتى لا يتأخر تطوير هذه البدائل أكثر مما ينبغي. [/rtl]
[rtl]أولاً: الطاقة الشمسية  Solar Energy [/rtl]
[rtl]          سبق القول عند الحديث عن أهداف الدول المستهلكة من إنشاء الوكالة الدولية للطاقة ـ عقب ارتفاع أسعار البترول عام 1973 ـ (في الفصل الرابع من هذا البحث) ـ أنه من بين هذه الأهداف: [/rtl]
[rtl]          تطوير مصادر الطاقة الجديدة، والتعاون بين الدول الأعضاء في مجال الأبحاث الخاصة بمصادر الطاقة الجديدة والمتجددة، إلا أنه التعاون لم يكن كافياً بسبب تخوف الدول المتقدمة في مجال أبحاث الطاقة من إفشاء الأسرار الخاصة بدرجة تقدمها في هذه المجالات. [/rtl]
[rtl]          وقد اهتمت الدول الأوربية منذ ذلك الحين بالطاقة الشمسية عن طريق وضع برنامج لتطوير تكنولوجيا الطاقة الشمسية، من شأنه أن يؤدي إلى إنتاج أجهزة اقتصادية لاستخدام هذه الطاقة، أملاً في أن تحل محل البترول. [/rtl]
[rtl]          ولكن اهتمام دول غرب أوروبا واليابان بالطاقة الشمسية كان محدوداً بالمقارنة باهتمام الولايات المتحدة الأمريكية التي أنفقت أكثر من 100 مليون دولار على أبحاث الطاقة الشمسية عام 1976. وعلى الرغم من ضخامة هذه الأموال فإن النتائج كانت غير مشجعة من ناحية التطوير التكنولوجي في هذا المجال، لأن أجهزة الطاقة الشمسية كانت عالية التكلفة مما يعوق استخدامها. [/rtl]
[rtl]مؤتمر القمة العالمي للطاقة الشمسية[/rtl]
[rtl]          عقد في زيمبابوي خلال يومي 16 ـ 17 سبتمبر 1996 مؤتمر القمة العالمي للطاقة الشمسية وشارك في أعماله عشرة من رؤساء دول وحكومات، ومسؤولون في الأمم المتحدة والمؤسسات المعنية بالطاقة الشمسية، أملاً في إنعاش الإقبال على استخدام  الطاقة الشمسية. [/rtl]
[rtl]          جدير بالذكر أن التخطيط لعقد هذا المؤتمر بدأ في الاجتماع التأسيسي الذي عقد في باريس في يوليه 1993 وشاركت فيه الوكالة الدولية للطاقة وهيئة الاتحاد الأوروبي ومنظمة اليونسكو. [/rtl]
[rtl]          أكد المؤتمر تأييد البرنامج الشمسي الذي أعدته منظمة اليونسكو، والذي يهدف إلى توفير الطاقة لنحو 2.4 بليون نسمة محرومين من الكهرباء. وشدد الحاضرون على أهمية توفير الدعم المالي لإمكانية تنفيذ حوالي 300 مشروع تم تقديمها للمؤتمر. [/rtl]
[rtl]ازدهار أسواق الطاقة الشمسية[/rtl]
[rtl]          زاد الاهتمام بالطاقة الشمسية في السنوات الأخيرة لأنها الطاقة الجديدة والمتجددة ولأنها تعتبر أنظف أنواع مصادر الطاقة واقلها تأثيراً على المناخ العالمي. [/rtl]
[rtl]          ومنذ توقيع "بروتوكول كيوتو للتغيرات المناخية" في اليابان في ديسمبر 1997 تحت رعاية الأمم المتحدة، اتجهت دول كثيرة وخاصة الدول الصناعية إلى تطوير سياساتها التكنولوجية بهدف تخفيض تكلفة الاستفادة من الطاقة الشمسية، التي من المتوقع أن تصبح مصدراً مهماً للطاقة في المستقبل لكونها مصدراً غزيراً لا ينضب أبداً. [/rtl]
[rtl]          إن التحدي الرئيسي أمام الطاقة المتجددة على وجه العموم، والطاقة الشمسية على وجه الخصوص، يتمثل في مشاكل التمويل والاستثمار وفي تطوير التكنولوجيا لتخفيض تكلفتها، بالإضافة إلى ما تقدمه الحكومات من دعم لإزالة العوائق أمام تنمية صناعة خلايا الطاقة الشمسية. [/rtl]
[rtl]          ويعتقد العلماء المتخصصون في هذا المجال أنه يمكن تخفيض تكلفة الخلايا الشمسية من 4000 دولار حالياً إلى نحو 1000 دولار لكل كيلووات خلال العقد القادم. ويصبح هذا السعر منافساً لأنواع الوقود الأحفوري المستخدمة في توليد الكهرباء خاصة في المناطق الحارة التي يتزايد فيها الطلب على أجهزة التكييف. [/rtl]
[rtl]          ويبدو أن الاستثمارات الكبيرة، التي تبلغ حوالي بليون دولار سنوياً، قد جذبت شركات الطاقة الكبرى مثل إنرون وأموكو وبريتش بتروليم وشل رويال داتش لإنشاء وحدات جديدة لتوليد الطاقة الشمسية. وقد أعلنت المصانع عن قدرتها على مضاعفة إنتاج الخلايا الشمسية خلال السنوات القليلة القادمة. [/rtl]
[rtl]          وتجدر الإشارة إلى أن شركتي أموكو وبريتش بتروليم بعد اندماجهما قد أسستا مؤخراً واحدة من أكبر شركات الطاقة الشمسية في العالم. [/rtl]
[rtl]          وقد بدأ استخدام الطاقة الشمسية في قطاع الإسكان، حيث يوجد حالياً بعض الشركات في الدول الصناعية تقوم بتجميع الخلايا الشمسية فوق أسطح المباني أو في النوافذ الزجاجية لتوليد الطاقة اللازمة للسكان. [/rtl]
[rtl]          والدليل على ذلك ارتفاع مبيعات الخلايا الشمسية في أسواق الطاقة خلال عام 1997 لتتعدى نسبة 40% نتيجة لتزايد نمو الطاقة الشمسية خلال السنوات الأخيرة بنسبة 16%. وهي بذلك تحتل مرتبة متقدمة بين مصادر الطاقة. [/rtl]
[rtl]          الجدير بالذكر أن النمو الحالي في مبيعات الطاقة الشمسية كان حافزاً على تطبيق برامج مشابهة على المستوى المحلي . [/rtl]
[rtl]          ويعتبر اليابان رائدة في هذا المجال حيث تم خلال عام 1997 بناء حوالي 9400 نظام للطاقة الشمسية المنزلية، هذا بالإضافة إلى 13800 نظام في عام 1998. [/rtl]
[rtl]          وقد كان لارتفاع أسعار الكهرباء بالإضافة إلى الضرائب المرتفعة في اليابان أثر كبير على تشجيع اليابانيين على إقامة خطوط جديدة لوحدات الطاقة الشمسية المنزلية. [/rtl]
[rtl]          أما الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية فقد وافق كل منهما على تصميم برامج للطاقة الشمسية بحلول عام 2010. [/rtl]
[rtl]          وعلى المدى الطويل من المتوقع أن تصبح الطاقة الشمسية ومصادر الطاقة المتجددة الأخرى هي الممول الأساسي في العالم. وقد أكدت دراسة لشركة شل رويال داتش أن الطاقة الشمسية ومصادر الطاقة الأخرى قادرة على إمداد العالم بنصف احتياجاته من الطاقة في منتصف القرن القادم. [/rtl]
[rtl]ثانياً: الطاقة النووية  Nuclear Energy [/rtl]
[rtl]          وكذلك سبق الإشارة (في الفصل الرابع من هذا البحث) إلى زيادة الاعتماد على الطاقة النووية تنفيذاً لأهداف الوكالة الدولية للطاقة، فيما يتعلق بتشجيع وتطوير مصادر الطاقة البديلة المتوافرة لدى الدول الأعضاء، وخاصة الفحم والوقود الصناعي والطاقة النووية لكسر احتكار دول الأوبك إنتاج البترول وتصديره. [/rtl]
[rtl]          وضعت الدول الصناعية الأوروبية برنامجاً لزيادة نصيب الطاقة النووية لديها في إجمالي استهلاك الطاقة عن طريق بناء محطات الكهرباء النووية. وقد بلغ نصيب شركات البترول الأمريكية بعد تكثيف عمليات البحث عن اليورانيوم عام 1981 نحو 48 %من احتياطياته العالمية كما قامت بعض هذه الشركات بتشييد محطات نووية مثل شركة "جلف اويل". [/rtl]
[rtl]          وعلى الرغم من حماس الدول الصناعية للتوسع في إقامة محطات للطاقة النووية فقد ثارت عقبات في طريق إنشاء المزيد منها بسبب معارضة الرأي العام لإقامة المفاعلات النووية والارتفاع الكبير في تكاليف بنائها. وقد أدى ذلك إلى إلغاء الكثير من مشروعات بناء المفاعلات النووية خلال السبعينات. [/rtl]
[rtl]          هذا إضافة إلى معارضة الولايات المتحدة التوسع في أبحاث الطاقة النووية. كما طلبت من الدول الصديقة مثل إنجلترا وألمانيا وفرنسا أن توقف بيع مفاعلات نووية لدول مثل باكستان والبرازيل وغيرها من الدول ذات القدرات النووية. [/rtl]
[rtl]          وفي عام 1995 تم السماح بإقامة وحدة مفاعل نووي في أرمينيا وربطها بشبكة المفاعلات النووية الجديدة، التي بدأ تشغيلها بالفعل في خمس دول هي: كوريا الجنوبية، الهند،اليابان، المملكة المتحدة، أوكرانيا. [/rtl]
[rtl]          وفي إيران تم استئناف العمل مرة أخرى في الأعمال الإنشائية في محطة القوى كما تعاقدت كل من الصين وكوريا الجنوبية وكوريا الشمالية لإنشاء مفاعلين جديدين لكل منها. [/rtl]
[rtl]كذلك بدأت سبع دول بيع مفاعلاتها النووية خارج أسواقها المحلية[/rtl]
[rtl]قامت الولايات المتحدة الأمريكية ببيع           48 مفاعلاً إلى           16 دولة [/rtl]
[rtl]روسيا                                         34  مفاعلاً إلى           7  دول [/rtl]
[rtl]فرنسا                                          9  مفاعلاً إلى            4  دول [/rtl]
[rtl]كندا                                           7  مفاعلاً إلى            4  دول [/rtl]
[rtl]ألمانيا                                         4  مفاعلاً إلى            4  دول [/rtl]
[rtl]السويد                                        2  مفاعلاً إلى            دولة واحدة [/rtl]
[rtl]المملكة المتحدة                               1  مفاعلاً إلى            دولة واحدة [/rtl]
[rtl]          وتجدر الإشارة إلى أن الدول ذات السوق المحلية الأكثر ديناميكية هي الأكثر تصديراً للطاقة النووية. [/rtl]
[rtl]ثالثاً: الفحم [/rtl]
[rtl]          منذ قيام النهضة الصناعية في أواخر القرن الثامن عشر، تركزت الصناعات حول مناجم الفحم، التي ازدادت هجرة العمال إليها. وقد ظل الفحم أهم مصدر للقوى اللازمة للصناعات زمناً طويلاً. وعندما تم اكتشاف البترول بدأت أسواق الفحم في الانكماش، واستمرت المنافسة بينهما. [/rtl]
[rtl]          وعند ارتفاع أسعار البترول في 1973 ـ 1974 وكان من أهداف الوكالة الدولية للطاقة ترشيد استهلاك الطاقة والحد من استيراد البترول، أخذت معظم الدول الصناعية تنظر إلى الفحم كوسيلة لتخفيض اعتمادها على البترول المستورد، إلا أنه في أعقاب ارتفاع أسعار البترول مجدداً أثناء الفورة النفطية الثانية في 1979 ـ 1980 أصبح من الضروري التحول بجدية إلى صناعة الفحم. [/rtl]
[rtl]          ولكن ابتداءً من عام 1982 ـ عندما أخذت أسعار البترول في الانخفاض ـ وبدأت تظهر الوفرة البترولية في السوق العالمي، تراجع استهلاك الفحم، وعادت الدول الصناعية إلى الاعتماد إلى استهلاك البترول مرة أخرى. وذلك بعد أن أصبحت شركات البترول العالمية تسيطر على 53% من مناجم الفحم في الولايات المتحدة الأمريكية. [/rtl]
[rtl]          وقد اعتادت الدول الصناعية الأوروبية، التي كانت تعتمد اعتماداً كلياً على الفحم قديماً، أن تعمل على تدعيم صناعة الفحم للتشجيع على استخدامه وتفادي زيادة البطالة بين عمال التعدين. والغريب أن الفحم ظل يتمتع بهذه المحاباة حتى اليوم، إلا أن القيود البيئية أدت إلى تراجع نصيب الفحم نتيجة لانبعاث غازات ضارة من استخدامه تؤدي إلى تلوث البيئة. [/rtl]
[rtl]          وفي عام 1991 أجريت دراسة على ثلاث دول أوروبية استهلكت نحو 65% من الفحم المستهلك في الجماعة الأوروبية وهي ألمانيا 111 مليون طن والمملكة المتحدة 66 وأسبانيا 20 مليون طن من الفحم. وتبين أنه كان من الممكن أن ينخفض استهلاك الفحم في الدول الثلاث إلى 109 مليون طن لو تم إلغاء الدعم بكامله. [/rtl]
[rtl]ومع هذا نؤكد أن التخلص من استهلاك الفحم كلية يعتبراً أمراً مستبعداً وذلك للأسباب الآتية: [/rtl]

  1. إنه لا يزال المصدر ذو الوفرة الكبيرة إذ تبلغ احتياطياته بما يكفي احتياجات العالم نحو 240 عاماً بمعدلات الإنتاج الحالية.
  2. إن مخاطر الطاقة النووية لازالت عالية، وهو ما يجعل إمكانية إحلالها محل الفحم ضعيفة. كما أن احتياطيات النفط والغاز الطبيعي لا تسمح لهما بتغطية فجوة الفحم.
  3. إن الفحم لا يزال يحتل مركزاً هاماً بين مصادر الطاقة لوجوده بوفرة في مناطق مستهلكة كبيرة مثل الولايات المتحدة والمنطقة السوفيتية (سابقاً) والصين والهند. ولا يُتوقع لهذه المناطق أن تستبدله بطاقة مستوردة وإن توفرت.

[rtl]الفحم أكثر مصادر الطاقة تلويثاً للبيئة [/rtl]
[rtl]          في مؤتمر التغير المناخي الذي عقدته الأمم المتحدة في جنيف في يوليه 1996 صدرت توصيات باتخاذ إجراءات تلزم الدول الصناعية بخفض نسبة انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون. [/rtl]
[rtl]          ومن البديهي أن تنصب هذه التوصيات على الحد من استخدام الفحم باعتباره أكثر مصادر الطاقة تلويثاً للبيئة لارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون التي تنبعث من احتراقه. ولكن الدول الصناعية فرضت ضريبة الكربون على البترول للحد من استهلاكه، متجاهلة الفحم بل واستمرت في دعمه. فضلاً عن أنها بدأت في تصديره إلى الدول النامية مثل الصين ودول جنوب شرق آسيا وغيرها من الدول. وكان ينبغي على الدول الصناعية أن تستخدم التكنولوجيا المتقدمة للعمل على رفع كفاءة محطات توليد الكهرباء التي تستخدم الفحم تنفيذاً لتوصيات الحد من انبعاث ثاني أكسيد الكربون. [/rtl]
[rtl]          ويتضح من هذا ـ كما سبق القول ـ أن فرض ضريبة الكربون على البترول لم يكن هدفها بصفة أساسية الحد من انبعاث ثاني أكسيد الكربون فقط، بل كان لزيادة الضرائب المفروضة على منتجات البترول والحد من زيادة الطلب عليه حتى تظل أسعاره منخفضة. [/rtl]
[rtl]          كما يدل تصدير الفحم إلى الدول النامية على أن الدول الصناعية الغربية ترمي إلى التخلص من بعض ما لديها من احتياطيات الفحم ونقل تلوث البيئة إلى الدول النامية. مع أن النتيجة في الحالتين واحدة وهي انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون في العالم وارتفاع درجة حرارة الجو. [/rtl]
[rtl]الوقود الصناعي  Synthetic Fuel [/rtl]
[rtl]          كما تضمنت أهداف الوكالة الدولية للطاقة أيضاً فيما يتعلق بتطوير مصادر الطاقة البديلة إنتاج الوقود الصناعي. وهو تصنيع الوقود الغازي عن طريق توليد الغاز من الفحم Coal gasification، وتصنيع الوقود السائل عن طريق إسالة الفحم Coal liquefaction. [/rtl]
[rtl]          وتنفيذاً لهذا الهدف وضعت الولايات المتحدة خطة في عام 1975 لإنتاج الوقود الصناعي بواقع مليون برميل/ يوم بحلول عام 1985. [/rtl]
[rtl]          وقامت مجموعة من شركات البترول والطاقة الأمريكية بالتخطيط لإنشاء مشروعات لإنتاج الوقود الصناعي من الفحم أو من زيت السجيل Shale Oil ولكن سرعان ما توقفت هذه المشروعات في هذا المجال بسبب التكاليف الباهظة وبسبب السعر المتوقع للمنتج النهائي، الذي سوف يكون أغلى بكثير من سعر البترول. [/rtl]
[rtl]          لذلك فإن صناعة الوقود الصناعي لن يكتب لها النجاح إلا إذا قامت الحكومة الفيدرالية بتقديم الدعم المالي حتى يمكن جعل الاستثمار في هذه المشروعات أمراً مربحاً من الناحية الاقتصادية. [/rtl]
[rtl]مدى إمكانية إحلال بدائل الطاقة محل البترول في القرن 21؟ [/rtl]
[rtl]          وفي ختام هذا البحث عن البترول وتأثيره على اقتصاد الدول فإن خلاصة القول تقتضي الإجابة على هذا السؤال.[/rtl]
[rtl]          تبين من استعراض احتياطيات الغاز الطبيعي ومعدلات إنتاجه واستهلاكه على مستوى العالم، أن الإقبال على استخداماته في تزايد، ولكنه ما زالت عمليات استثماره باهظة التكاليف وخاصة عمليات إسالته ومد خطوط الأنابيب لتصديره. فضلاً عن أن القيود البيئية التي زاد الاهتمام بها في السنوات الأخيرة للتخفيف من مصادر التلوث هي التي ساعدت على زيادة استخدام الغاز الطبيعي وغيره من الطاقات النظيفة مثل الطاقة الشمسية. [/rtl]
[rtl]          أما الطاقة الشمسية، فإنه على الرغم من زيادة الاهتمام بها في السنوات الأخيرة أيضاً، فلا يزال أهم التحديات أمامها مشاكل التمويل والاستثمار وتطوير التكنولوجيا لتخفيض تكلفة أجهزتها التي تيسر استخدامها. [/rtl]
[rtl]          وفيما يتعلق بالطاقة النووية، فإن الهلع الشديد الذي ساد العالم بعد انفجار مفاعل تشيرنوبيل عام 1986، وارتفاع أصوات الشعوب بالتحذير مطالبة بالأمان، قد أرغم الحكومات على عدم التوسع في استخدام الطاقة النووية كمصدر للطاقة. وأدى ذلك إلى توقف الاستثمارات في بناء المفاعلات النووية، بل وإغلاق بعض المفاعلات القائمة خوفاً من تكرار الحادث. [/rtl]
[rtl]          وعلى الرغم من ذلك فقد أدى التطور التكنولوجي خلال عامي 1995 و1996 ـ أي بعد مرور عشر سنوات على الحادث المشؤوم ـ واتباع شروط أكثر فاعلية، إلى استئناف العمل مرة أخرى في بناء وحدات مفاعلات نووية. ومع ذلك أيضاً فلا تزال التكلفة الباهظة تشكل حجر عثرة في بنائها، فضلاً عن المدة الطويلة التي يستغرقها إنشاء المفاعل النووي وهي عشر سنوات طوال. [/rtl]
[rtl]          أما الفحم، فعلى الرغم من أن احتياطياته ما زالت وفيرة، فإن مخاطر الطاقة النووية قد جعلت إمكانية إحلالها محل الفحم ضعيفة للغاية. ولكن منافسة كل من الغاز الطبيعي والطاقة النووية للفحم أدت إلى تراجع مكانته في ميزان الطاقة في دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية والدول المتقدمة وانحسر استخدامه ـ بالتالي ـ في الدول النامية والدول المتخلفة. [/rtl]
[rtl]          كذلك فإن خطة عمليات تصنيع الوقود الغازي والوقود السائل من الفحم التي وضعتها الولايات المتحدة الأمريكية عام 1975 لإنتاج وقود صناعي لم يكتب لها النجاح وسرعان ما توقفت بسبب التكاليف الباهظة أيضاً. [/rtl]
[rtl]          أضف إلى هذا، أن الاهتمام بتنمية بدائل الطاقة لم ينشأ إلا في فترات أزمات البترول وارتفاع أسعاره. وقد تباطأ معدل النشاط في تطوير تكنولوجيا واقتصاديات مصادر الطاقة البديلة، التي يتطلع العالم إلى إحلالها محل البترول، على الرغم من آلاف الملايين من الدولارات التي تم إنفاقها، حتى توقفت هذه المشروعات لوقف نزيف الخسائر. [/rtl]
[rtl]          ولا غرابة في ذلك، فإن كافة شركات البترول والطاقة والحكومات تهدف إلى الربح من وراء إقامة المشروعات سواء الخاصة بالبترول أو الخاصة بمصادر الطاقة البديلة. وفي حالة عدم تحقيق الأرباح المستهدفة تتوقف هذه المشروعات ويخبو الاهتمام بها. [/rtl]
[rtl]          وعلى ذلك فإنه رغم ما قيل عن زيادة الاهتمام بمصادر الطاقة البديلة وعقد المؤتمرات والعمل على تذليل العقبات وتخفيض النفقات. [/rtl]
[rtl]          فإن البترول سوف يظل سيد الموقف الذي يحتل المركز الأول في ميزان الطاقة طوال القرن القادم، على الرغم من المنافسة التي يتعرض لها من كافة أنواع بدائل الطاقة. ولن تنال منه هذه البدائل إلا إذا اشرف على النضوب، وأصبح تعويض ما يستنزف منه بالإنتاج أمراً مكلفاً. وذلك ـ بطبيعة الحال ـ بعد أن يتم استكشاف جميع مناطق العالم، التي ما زالت بكراً لم تصل إليها أعمال التنقيب، إما لوعورتها أو لبعدها على المناطق الآهلة بالسكان أو لأسباب أو مخاطر أخرى. [/rtl]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69673
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Empty
مُساهمةموضوع: رد: البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول   البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول Emptyالإثنين 07 مارس 2016, 11:26 pm

الملاحق





[rtl]المصادر والمراجع[/rtl]
[rtl]أولاً: الكتب [/rtl]
[rtl]1.   أحمد أبو إسماعيل، وسامي خليل محمد، "الاقتصاد"، دارة النهضة العربية، القاهرة، 1975. [/rtl]
[rtl]2.   أحمد مدحت إسلام، "الطاقة ومصادرها المختلفة"، مركز الأهرام للترجمة والنشر، مؤسسة الأهرام، القاهرة، 1996. [/rtl]
[rtl]3.   إيان سكيت، "منظمة أوبك، خمسة وعشرون عاماً من الأسعار والسياسات". ترجمة الهادي أبو لقمة، ومحمد عزيز، ومحمد زاهي محمد بشير المغيربي، جامعة قار يونس، بنغازي، 1991. [/rtl]
[rtl]4.   الهيئة المصرية العامة للبترول، "المدخل إلى صناعة البترول"، 1983. [/rtl]
[rtl]5.   برهان الدرجاني، "تراجع الفورة النفطية وتأثيراته المحتملة والمتوقعة على البلاد العربية"، عرب بلا نفط، مؤسسة الأبحاث العربية، بيروت، 1986. [/rtl]
[rtl]6.   حسين عبدالله، "اقتصاديات البترول"، دار النهضة العربية القاهرة 1979. [/rtl]
[rtl]7.   حمدان حمدان، "الخليج بيننا .. قطرة نفط بقطرة دم"، ط 1، بيروت، 1993. [/rtl]
[rtl]8.   حمدي البنبي، "البترول بين النظرية والتطبيق"، دار المعارف، القاهرة، 1996. [/rtl]
[rtl]9.   دافيد هـ. فيني، "بترول الصحراء"، ترجمة إسماعيل الناظر، مراجعة معد كيَّالي، نشر بالاشتراك مع مؤسسة فرانكلين للطباعة والنشر، بيروت، نيويورك، 1960. [/rtl]
[rtl]10. رضا هلال، "الصراع على الكويت: مسألة الأمن والثروة"، سينا للنشر، القاهرة، 1991. [/rtl]
[rtl]11. رضا هلال، "لعبة البترودولار .. الاقتصادي السياسي للأموال العربية في الخارج"، سينا للنشر، القاهرة، 1992. [/rtl]
[rtl]12. عبدالستار محمد العلي، "الطاقة وصناعة النفط والغاز في أقطار الخليج العربي"، مركز دراسات الخليج العربي، جامعة البصرة، 1985. [/rtl]
[rtl]13. عبدالمنعم السيد علي، "دراسات في اقتصاديات النفط العربي"، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، معهد البحوث والدراسات العربية، 1979. [/rtl]
[rtl]14. محمد الرميحي، "النفط والعلاقات الدولية.. وجهة نظر عربية"، سلسلة كتب عالم المعرفة، الكويت، 1982. [/rtl]
[rtl]15. محمد حسنين هيكل، "حرب الخليج .. أوهام القوة والنصر". [/rtl]
[rtl]16. محمد محروس إسماعيل، "الجديد في اقتصاديات البترول والطاقة"، الدار الجامعية للطباعة والنشر والتوزيع، الإسكندرية، 1986. [/rtl]
[rtl]17. محمود أمين، "الكشف عن البترول وحفر آباره"، دراسات مختارة في الصناعة النفطية، منظمة أوابك، الكويت. [/rtl]
[rtl]18. محمود عبدالفضيل، "النفط والوحدة العربية: تأثير النفط على مستقبل الوحدة العربية والعلاقات الاقتصادية العربية"، مركز دراسات الوحدة الأفريقية، دار المستقبل العربي، القاهرة، 1982. [/rtl]
[rtl]19. محمود علي الغدامسي، "النفط الليبي .. دراسة في الجغرافيا الاقتصادية وإنتاجية النفط والغاز العربي"، دار الجبل، بيروت، 1998. [/rtl]
[rtl]ثانياً: جرائد ومجلات [/rtl]
[rtl]1.   "أخبار العالم"، جريدة "الأهرام"، العدد الصادر في 24 أبريل 1999. [/rtl]
[rtl]2.   "إستراتيجية جديدة للطاقة في الولايات المتحدة الأمريكية"، مجلة "البترول"، المصرية، مايو 1998. [/rtl]
[rtl]3.   "أكتوبر والبترول... ثورة الأسعار الأولى وآثارها"، مجلة "البترول"، المصرية، العدد العاشر، أكتوبر 1994. [/rtl]
[rtl]4.   "أوابك تؤكد بقاء الدول العربية النفطية دعامة رئيسية للعالم"، جريدة السياسة، العدد الصادر في 10 مارس 1999. [/rtl]
[rtl]5.   "أوبك… وأيبك… آفاق جديدة للتعاون" مجلة البترول المصرية، العدد الرابع، 1993. [/rtl]
[rtl]6.   "الأزمة الأسيوية… وأثرها على صناعة البتروكيماويات"، مجلة "البترول" المصرية، يونيه ويوليه 1998. [/rtl]
[rtl]7.   "البترول حول العالم"، مجلة "البترول"، المصرية، العدد الثالث، 1991. [/rtl]
[rtl]8.   "التكنولوجيا المتطورة وراء انخفاض أسعار النفط"، جريدة "الشرق الأوسط"، العدد الصادر في 10 مارس 1999. [/rtl]
[rtl]9.   "التناقضات في بنية أوبك"، مجلة "البترول"، المصرية، العدد الثالث 1994. [/rtl]
[rtl]10. "السعودية لن تعود إلى لعب دور المنتج المرجح" جريدة "الحياة"، العدد الصادر في 12 مارس 1999. [/rtl]
[rtl]11. "العقوبات تهدد بنسف أمن الطاقة"، مجلة "البترول"، المصرية، أبريل 1997. [/rtl]
[rtl]12. "القطاع الخاص هو البديل لتطوير أسواق المال"، جريدة "العالم اليوم"، الصادر في 9 مارس  1999. [/rtl]
[rtl]13. "تحالف جديد في سوق النفط العالمية"، جريدة "الأهرام"، العدد الصدر في 6 يونيه 1999. [/rtl]
[rtl]14. "تدهور الأسعار سيطر على اجتماعات أوابك"، مجلة "البترول" المصرية، يناير 1999. [/rtl]
[rtl]15. "تعويض المسحوب من الاحتياطي الاستراتيجي الأمريكي"، مجلة "البترول"، المصرية، سبتمبر 1998. [/rtl]
[rtl]16. "توقعات الواردات الأمريكية عام 2020"، مجلة "البترول"، المصرية، مارس 1998. [/rtl]
[rtl]17. "حجم تخفيضات الإنتاج من خارج أوبك"، جريدة "الحياة"، العدد الصادر في 17 مارس 1999. [/rtl]
[rtl]18. "حوار المنتجين والمستهلكين"، مجلة "البترول"، المصرية، العدد السابع، 1992. [/rtl]
[rtl]19. "خفض الإنتاج يستمر سنة كاملة"، جريدة "الحياة"، العدد الصادر في 16 مارس 1999. [/rtl]
[rtl]20. "دعم موازنات دول أوبك"، جريدة "الحياة"، العدد الصادر في 12 مارس 1999. [/rtl]
[rtl]21. "سوق البترول العالمي ـ شروط لا تتحقق!"، مجلة البترول المصرية: "أوبك… وأيبك… آفاق جديدة للتعاون" العدد الرابع 1993، العدد الثاني، 1994. [/rtl]
[rtl]22. "غاز الشرق الأوسط… الآفاق والتحديات"، مجلة "البترول"، المصرية، أبريل 1997. [/rtl]
[rtl]23. "مؤتمر الدوحة الدولي الثاني للغاز"، مجلة "البترول"، المصرية، أبريل 1997. [/rtl]
[rtl]24. "مؤتمر بترول الشرق الأوسط"، مجلة "البترول"، المصرية، العدد الرابع، 1995. [/rtl]
[rtl]25. "ندوة أوابك حول خطوط الأنابيب"، مجلة "البترول"، المصرية، العدد الثاني عشر، 1995. [/rtl]
[rtl]26. جمعة عبده قاسم، "الدور الجديد لشركات البترول الدولية في الوطن العربي"، جريدة "الأهرام الاقتصادي"، العدد الرقم 771، الصادر في أكتوبر 1983، القاهرة. [/rtl]
[rtl]27. جياكومو لوشياني، "دول رصد التخصيصات مقابل دول الإنتاج: إطار نظري"، مجلة "المستقبل العربي"، العدد الرقم 103، الصادر في سبتمبر 1987. [/rtl]
[rtl]28. حسن محمد الخولي، "التعاون الدولي في مجال البترول" ، جريدة "الأهرام الاقتصادي" العدد الرقم 170، الصادر في أول نوفمبر 1963، القاهرة، 1963. [/rtl]
[rtl]29. حسين عبدالله، "الحوار بين منتجي النفط ومستهلكيه"، مجلة "النفط والتعاون العربي"، العدد الرقم 76، مج 22، 1996. [/rtl]
[rtl]30. حسين عبدالله، "الحوار بين منتجي النفط ومستهليكه"، مجلة "النفط والتعاون العربي"، العدد الرقم 76، المجلد 22، 1996. [/rtl]
[rtl]31. حسين عبدالله، "عوائد البترول في تدهور مستمر… إلاّ إذا"، جريدة "الأهرام"، المصرية، العدد الصادر في 27 يناير 1999. [/rtl]
[rtl]32. حسين عبدالله، "في القرن القادم .. أربع دول عربية تتحكم في نصف احتياجات العالم"، جريدة "أخبار اليوم"، المصرية، العدد الصادر في 28 نوفمبر 1998. [/rtl]
[rtl]33. حسين عبدالله، "موقف الدول المصدرة للنفط من ضرائب الكربون والطاقة"، مقال في فصلية النفط والتعاون العربي، المجلد الرقم 18، العدد الرقم 67، 1993. [/rtl]
[rtl]34. حمدي عبدالعزيز، "أوبك... هل من مجيب؟" مجلة "البترول" المصرية، يناير 1999. [/rtl]
[rtl]35. حمدي عبدالعزيز، "أوبك تحت الحصار"، مجلة "البترول"، مج 35، 5 مايو 1998. [/rtl]
[rtl]36. حمدي عبدالعزيز، "تأثير سلبي للأسعار على صناعة البترول الأمريكية"، مجلة "البترول"، المصرية، مايو ـ يونيه 1999. [/rtl]
[rtl]37. حمدي عبدالعزيز، "زيادة سقف الإنتاج للمرة الأولى منذ عام 1993"، مجلة البترول، المصرية، يناير 1998. [/rtl]
[rtl]38. سمعان بطرس فرج الله، "السياسة البترولية العالمية"، جريدة "الأهرام الاقتصادي"، العدد الرقم 212،  العدد الصادر في 15 يونيه 1964، القاهرة. [/rtl]
[rtl]39. سير ادوارد هيث، "مسيرة حياتي"، عرض عبدالله عبدالسلام، جريدة "الأهرام المصرية"، العدد الصادر في 24 أكتوبر 1998. [/rtl]
[rtl]40. عادل القحطاني، "أسعار النفط" جريدة عكاظ، محاضر الاقتصاد بالكلية التقنية بجدة، بتاريخ 9 مارس 1999. [/rtl]
[rtl]41. عبدالله الطريقي، "بترول الشرق الأوسط بين الأمس واليوم"، جريدة "الأهرام الاقتصادي، العدد الرقم 197، الصادر في 1 نوفمبر 1963، القاهرة. [/rtl]
[rtl]42. عبدالمجيد فريد، "عرب بلا نفط"، جريدة "الأهرام"، العدد الصادر في 11 أبريل 1999. [/rtl]
[rtl]43. عبدالمنعم السيد علي، "سياسة النفط الوطنية في العراق في عشرين عاماً"، مجلة الجامعة المستنصرية، العدد الأول،1970. [/rtl]
[rtl]44. علي لطفي، "اتفاقات الجات في جولة أوروجواي"، مجلة "البترول"، المصرية، العدد السابع، 1994. [/rtl]
[rtl]45. فؤاد خلف، "المؤتمر العالمي الخامس للطاقة"، مجلة "البترول"، المصرية، يناير 1997. [/rtl]
[rtl]46. الكريم الإيرياني، "الصناديق العربية وتحدي التنمية المتكاملة في الوطن العربي"، السنة 22، العدد الرقم 255، فبراير 1980. [/rtl]
[rtl]47. ليلى أبو العطا "اتفاق أوبك… هل يؤدي إلى علاقات بترولية جديدة"، مجلة "البترول"، المصرية، العدد الثاني عشر، 1992. [/rtl]
[rtl]48. ليلى أبو العطا، "أمن الطاقة والتعاون بين المنتجين"، مجلة "البترول" المصرية، العدد الخامس، 1993. [/rtl]
[rtl]49. ليلى أبو العطا، "أوبك بعد ثلاثين عاماً"، مجلة "البترول"، المصرية، العدد الرابع، 1990. [/rtl]
[rtl]50. ليلى أبو العطا، "أوبك… وتوازن القوى"، مجلة "البترول" المصرية، العدد الثالث، 1994. [/rtl]
[rtl]51. ليلى أبو العطا، "حرب الخليج والأسعار"، مجلة "البترول" المصرية، العدد الأول، 1991. [/rtl]
[rtl]52. ليلى الو العطا، "علاقات التعاون بين المنتجين والمستهلكين"، مجلة البترول المصرية، العدد الثالث، 1991. [/rtl]
[rtl]53. "محادثات مشتركة بين مجلس التعاون الخليجي والسوق الأوروبية"، مجلة "البترول"، المصرية، العدد الرقم 6، 1992. [/rtl]
[rtl]54. محمد شوكت، "دور الأسعار في تأمين إمدادات الطاقة"، مجلة "البترول"، المصرية، العدد الثالث، 1991. [/rtl]
[rtl]55. محمد طلعت الغنيمي، "الامتيازات البترولية في سياسة الوطن العربي"، مجلة "الأهرام الاقتصادي"، العدد الرقم 192، الصادر في 15 أغسطس. [/rtl]
[rtl]56. محمد عبدالرحمن، "ثالث خفض للإنتاج خلال عام"، جريدة "العالم اليوم"، الصادر في 14 مارس 1999. [/rtl]
[rtl]57. محمود رشدي، "الطاقة والأمن القومي الأمريكي"، مجلة "البترول"، المصرية، العدد الثاني، 1990. [/rtl]
[rtl]58. محمود عبدالفضيل، "نهاية الحقبة النفطية"، مجلة "البترول"، المصرية، أبريل 1999. [/rtl]
[rtl]59. موسى مهدي، "الأسواق أدخلت التحرك السعودي في حسابات مشترياتها المستقبلية من النفط"، جريدة "الشرق الأوسط، العدد الصادر في 12 مارس 1999. [/rtl]
[rtl]60. جريدة "الأهرام"، المصرية، الأعداد الصادرة في: [/rtl]
[rtl]·  أغسطس  1998. [/rtl]
[rtl]·   28 مارس    1999. [/rtl]
[rtl]·   30 أغسطس 1999. [/rtl]
[rtl]61. مجلة "الأهرام الاقتصادي"، العدد الصادر في 26 أغسطس، القاهرة، 1991. [/rtl]
[rtl]62. جريدة "الحياة"، العددان الصادران في [/rtl]
[rtl]·  29 يوليه 1991. [/rtl]
[rtl]·   16 مارس 1999. [/rtl]
[rtl]63. جريدة "الشرق الأوسط"، الأعداد الصادرة في: [/rtl]
[rtl]·   11 مارس 1999. [/rtl]
[rtl]·   28 سبتمبر 1991. [/rtl]
[rtl]·   13 مارس  1999. [/rtl]
[rtl]·   16 مارس  1999. [/rtl]
[rtl]64. جريدة "عكاظ"، الأعداد الصادرة في: [/rtl]
[rtl]·   13 مارس 1999. [/rtl]
[rtl]·   14 مارس 1999. [/rtl]
[rtl]·   15 مارس 1999. [/rtl]
[rtl]65. مجلة "البترول"، المصرية، العدد الثالث، 1990. [/rtl]
[rtl]66. مجلة "البترول"، المصرية، العدد الرابع، 1991. [/rtl]
[rtl]67. مجلة "البترول" المصرية، الأعداد الصادرة في عام 1992: [/rtl]
[rtl]·  العدد الثاني. [/rtl]
[rtl]·  العدد الرابع. [/rtl]
[rtl]·  العدد الخامس. [/rtl]
[rtl]·  العدد السادس. [/rtl]
[rtl]·  العدد الثامن. [/rtl]
[rtl]·  العدد التاسع. [/rtl]
[rtl]68. مجلة "البترول" المصرية، الأعداد الصادرة في عام 1993: [/rtl]
[rtl]·  العدد السادس. [/rtl]
[rtl]·  العدد العاشر. [/rtl]
[rtl]·  العدد الحادي عشر. [/rtl]
[rtl]·  العدد الثاني عشر. [/rtl]
[rtl]69. مجلة "البترول" المصرية، العددان الصادران في عام 1995: [/rtl]
[rtl]·  العدد السادس. [/rtl]
[rtl]·  العدد السابع. [/rtl]
[rtl]70. مجلة "البترول" المصرية، الأعداد الصادرة في عام 1996: [/rtl]
[rtl]·  العدد الثاني. [/rtl]
[rtl]·  العدد الثالث. [/rtl]
[rtl]·  العدد الخامس. [/rtl]
[rtl]·  العدد السادس. [/rtl]
[rtl]·     يوليه. [/rtl]
[rtl]·     أغسطس. [/rtl]
[rtl]·     أكتوبر. [/rtl]
[rtl]·     نوفمبر. [/rtl]
[rtl]·     ديسمبر. [/rtl]
[rtl]71. مجلة "البترول" المصرية، الأعداد الصادرة في عام 1997: [/rtl]
[rtl]·     أبريل. [/rtl]
[rtl]·     مايو. [/rtl]
[rtl]·     يوليه. [/rtl]
[rtl]·     أكتوبر. [/rtl]
[rtl]72. مجلة "البترول" المصرية، العدد الصادر في يناير 1998: [/rtl]
[rtl]73. مجلة "البترول" المصرية، العددان الصادران في عام 1999: [/rtl]
[rtl]·     مارس. [/rtl]
[rtl]·     أغسطس. [/rtl]
[rtl]ثالثاً: تقارير وأوراق عمل [/rtl]
[rtl]1.   تقرير الكونجرس الأمريكي، "الجغرافيا السياسية للنفط"، ترجمة، علي فهمي، سينا للنشر، القاهرة، 1991. [/rtl]
[rtl]2.   الأوابك، "تقرير الأمين العام الخامس عشر"، الكويت، 1989. [/rtl]
[rtl]3.   الأوابك، "تقرير الأمين العام السنوي الثالث والعشرون"، 1996. [/rtl]
[rtl]4.   الأوابك، "تقرير الأمين العام السنوي الرابع والعشرون"، 1997. [/rtl]
[rtl]5.   محمد لبيب شقير، "المفهوم التكاملي للمشروع المشترك"، ورقة قدمت إلى ندوة المشروعات الصناعية العربية المشتركة، الدوحة، نوفمبر 1982. [/rtl]
[rtl]المراجع الأجنبية [/rtl]
[rtl]أولاً: الكتب [/rtl]
1.      Ian Seymour, "OPEC; Instrument of Change", The Macmillan Press, London, 1980.
[rtl]ثانياً: تقارير ونشرات ودوريات وإحصائيات [/rtl]
[ltr]1.      Petrostrategies, Jan. 9. 1995. [/ltr]
[ltr]2.      Petrostrategies, Jan. 13. 1992. [/ltr]
[ltr]3.      Petrostrategies, Feb. 12. 1996. [/ltr]
[ltr]4.      Petroleum Economist, April, 1996. [/ltr]
[ltr]5.      Petrostrategies, April 13. 1998. [/ltr]
[ltr]6.      Global Markets, Dec 7. 1998. [/ltr]
[ltr]7.      Petrostrategies, Jan 18. 1999. [/ltr]
[ltr]8.      OPEC Monthly Oil Market Report, Jan. 1999. [/ltr]
[ltr]9.      Hart's Petroleum Engineer International - Houston, Texas, USA, February 1998. [/ltr]
[ltr]10.  Pipeline: Serving the Oil, Gas and Petrochemical in the Gulf, Issue 32. Jan 1999. [/ltr]
[ltr]11.  Journal of Petroleum Technology )JPT). [/ltr]
[ltr]12.  Union Pacific Resources Group Inc.: A Press Release, "1998 Business Wire". [/ltr]
[ltr]13.  David Chance: News Reuters, "Conoco Finds Life tough due to price fall", Jan. 27. 1999. [/ltr]
[ltr]14.  News Reuters: "Texaco Says Maintaining Dividend Paramount", Jan. 27. 1999. [/ltr]
[ltr]15.  Dr. Rilwanu Lukeman. "OPEC's role in the next millennium" OPEC Bulletin, Feb 1998.   [/ltr]
[ltr]16.  Middle East Observer, Oct. 21. 1998. [/ltr]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» البترول أهميته، مخاطره وتحدياته .. الباب الأول خام البترول
» أبرز محطات 2016 اقتصادياً:
» اقتصاديات
» اقتصاديات الحج
»  اقتصاديات الحج

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث اقتصادية :: الاقتصاد-
انتقل الى: