منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 عقيدة أوباما: حول دور أميركا العالمي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70067
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

عقيدة أوباما:  حول دور أميركا العالمي Empty
مُساهمةموضوع: عقيدة أوباما: حول دور أميركا العالمي   عقيدة أوباما:  حول دور أميركا العالمي Emptyالأحد 20 مارس 2016, 7:46 am

عقيدة أوباما: الرئيس الأميركي يقدم تفسيرا ضافيا لأصعب قراراته حول دور أميركا العالمي (الجزء الأول)


عقيدة أوباما:  حول دور أميركا العالمي File

  • الرئيس باراك أوباما يشارك في مقابلة مع جيف غولدبرغ في المكتب البيضاوي، 27 شباط (فبراير) 2014 


  • جيفري غولدبرغ - (بلومبرغ فيو) 2/3/2014

    ترجمة: علاء الدين أبو زينة
    عندما يزور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو البيت الأبيض غداً، (زاره يوم 3/3/2014)، سوف يقول له الرئيس باراك أوباما إن بلاده قد تواجه مستقبلاً قاتماً –مستقبلاً سماته العزلة الدولية والكارثة الديموغرافية- إذا ما رفض التصديق على اتفاق الإطار الذي صاغته الولايات المتحدة للسلام مع الفلسطينيين. سوف يحذر أوباما نتنياهو من أن الوقت ينفد بالنسبة لإسرائيل كدولة ديمقراطية ذات أغلبية يهودية. وسيؤكد الرئيس نقطة أن نتنياهو، وحده بين الإسرائيليين، هو الذي يمتلك القوة والمصداقية السياسية ليقود شعبه بعيداً عن حافة الهاوية.
    في مقابلة استمرت على مدار ساعة أجريتها معه يوم الخميس في المكتب البيضاوي، قال أوباما، مقتبساً الحكيم اليهودي الحاخام هيليل، إن رسالته إلى نتنياهو ستكون: "إذا لم يكن الآن، أيها السيد رئيس الوزراء، فمتى؟" ثم اتخذ صوته نبرة أكثر حدة، وقال إنه إذا كان نتنياهو "لا يعتقد أن اتفاق سلام مع الفلسطينيين هو الشيء الصحيح الذي ينبغي لإسرائيل عمله، فسيكون عليه أن يعرض نهجا بديلاً". وأضاف: "من الصعب الخروج ببديل آخر يكون معقولاً".
    على عكس نتنياهو، لن يخاطب أوباما المؤتمر السنوي للجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية، وهي جماعة ضغط مؤيدة لإسرائيل، هذا الأسبوع –حيث تشعر الإدارة بالضيق من (أيباك) لما تعتبره، في رأيها، محاولة من المنظمة لتخريب المفاوضات النووية التي تقودها الولايات المتحدة مع إيران. وفي حوارنا، وبينما ظل داعماً لإسرائيل بشكل عام ولوجود علاقات أميركية وثيقة معها، أطلق عدة عبارات من شأنها أن تُقابل في أي اجتماع لآيباك بصمت بارد.
    كان أوباما أكثر صراحة حول مستقبل إسرائيل مما كنت قد سمعت منه أبداً. كانت لغته لافتة ومدهشة، لكنها تأتي من نفس القطعة التي أتت منها الملاحظات التي أدلى بها من قبل في الأشهر الأخيرة وزير خارجيته، جون كيري، الذي كان حتى هذه المقابلة هو الذي تولى زمام المبادرة في الضغط على كل من نتنياهو والرئيس الفلسطيني، محمود عباس، من أجل الاتفاق على إطار عمل. أوضح أوباما أنه يرى في عباس أكثر زعيم معتدل، على المستوى السياسي، يمكن أن يحظى به الفلسطينيون على الإطلاق. وبدا واضحا لي أن الرئيس يعتقد بأن الخطوة التالية يجب أن تأتي من نتنياهو.
    قال أوباما: "تأتي نقطة حيث لا يعود بوسعك إدارة الأمر بعد الآن، وعندئذ، تبدأ بالاضطرار إلى اتخاذ خيارات صعبة للغاية". وأضاف: "هل توطن نفسك على ما يرقى إلى احتلال دائم للضفة الغربية؟ هل هذه هي شخصية إسرائيل كدولة ديمقراطية لفترة طويلة من الزمن؟ هل تقوم، على مدى عقد من الزمن أو عقدين، بإدامة المزيد والمزيد من السياسات المقيدة لحركة الفلسطينيين؟ هل تضع قيوداً على العرب الإسرائيليين بطرق تتعارض تماماً مع تقاليد إسرائيل؟"
    خلال المقابلة التي جرت قبل يوم واحد من التوغل العسكري الروسي في أوكرانيا، قال أوباما إن خصوم أميركا، مثل إيران وسورية وروسيا نفسها، ما يزالون يعتقدون أنه قادر على استخدام القوة للدفع بالمصالح الأميركية، على الرغم من عدم رغبته في ضرب سورية العام الماضي بعد أن عبر الرئيس بشار الأسد خطه الأحمر المتعلق بالأسلحة الكيميائية.
    قال لي أوباما: "لقد رأينا الآن من 15 إلى 20 في المئة من تلك الأسلحة الكيميائية وهي في طريقها إلى الخروج من سورية، مع وجود جدول زمني حقيقي جداً للتخلص من البقية. ما كان ذلك ليحدث لو قال الإيرانيون: "إن أوباما يخادع، إنه غير راغب حقاً وفعلاً في توجيه ضربة". ولو كان الروس قد قالوا: "إيه.. لا تقلقوا بشأن ذلك، كل تلك الغواصات التي تطوف حول سواحلكم، كل هذا هو شيء لمجرد العرض فقط". من المؤكد أنهم أخذوا الأمر على محمل الجد! هذا هو السبب الذي جعلهم ينخرطون في السياسات التي تبنوها".
    عدتُ إلى هذا الموضوع الحساس بشكل خاص. سألت: "فقط ليكون الأمر واضحاً، إنك لا تعتقد أن القيادة الإيرانية تفكر الآن بأن تهديدكم "كل الخيارات مطروحة على الطاولة" المتصل ببرنامجهم النووي –إنك لا تعتقد أنهم توقفوا عن أخذه على محمل الجد؟".
    أجاب أوباما: "أعرف أنهم يأخذون الأمر على محمل الجد".
    سألت: كيف يمكنك أن تعرف؟ وأجاب الرئيس: "لدينا درجة عالية من الثقة بأنهم عندما ينظرون إلى 35.000 جندي أميركي في المنطقة، المنخرطين في عمليات تدريب مستمرة تحت إمرة رئيس أظهر مسبقاً أنه مستعد للقيام بعمل عسكري، فإنهم ينبغي أن يأخذوا تصريحاتي على محمل الجد. وينبغي ذلك على الشعب الأميركي أيضاً، وعلى الإسرائيليين كذلك، وعلى السعوديين أيضاً".
    سألت الرئيس عما إذا كان ينبغي، بعد تأمل المسألة في هذا الوقت اللاحق، أن يكون قد قدم قدراً أكبر من المساعدات للثوار في سورية في وقت أبكر من نضالهم. فقال: "أظن أن أولئك الذين يعتقدون بأنه كان هناك قبل سنتين، أو قبل ثلاث سنوات، نوع ما من الحل السريع  لو أننا تصرفنا بقوة أكبر، إنما يسيئون بشكل جذري فهم طبيعة الصراع في سورية والأوضاع على الأرض هناك. عندما يكون لديك جيش محترف ومسلح تسليحاً جيداً ويحظى برعاية دولتين كبيرتين لديهما مصالح كبيرة في ذلك، وهم يقاتلون ضد مزارع، ونجار، ومهندس، والذين بدأوا كمتظاهرين ووجدوا أنفسهم الآن فجأة في وسط صراع مدني –فإن الفكرة القائلة بأنه كان بوسعنا، بطريقة نظيفة لا تُلزم القوات العسكرية الأميركية، أن نغير المعادلة على الأرض، ليست صحيحة أبداً".
    صوّر الرئيس تردده في إشراك الولايات المتحدة في الحرب الأهلية السورية على أنه جاء نتيجة مباشرة لما يراه انخراط أميركا العسكري المفرط في العالم المسلم: "كان هناك احتمال بأننا كنا سنجعل الوضع أسوأ وليس أفضل على الأرض، وتحديداً بسبب تورط الولايات المتحدة، والذي كان من شأنه أن يعني أنها ستكون لدينا حرب ثالثة، أو إذا احتسبت ليبيا، رابعة في بلد مسلم في غضون عقد من الزمان".
    ظل أوباما مصراً على أنه كان محقاً في مجابهة جهد الكونغرس لفرض المزيد من العقوبات المتأخرة على إيران، تماماً بينما كانت المفاوضات النووية تبدأ: "لم يكن هناك أبداً تفاوض لم تكن فيه وقفة صغيرة في مرحلة ما، بعض الآلية للإشارة إلى بعض من حسن النية الممكن. حتى في أفلام الغرب أو أفلام العصابات القديمة، حسناً، كان الجميع يخفضون مسدساتهم للحظة. إنك تجلس، وتجري محادثة؛ وإذا لم يسر الحديث على ما يرام، يمكنك مغادرة القاعة والجميع يعلم ما الذي سيحدث والجميع يستعد. لكنك لا تبدأ بإطلاق النار وسط الغرفة خلال المفاوضات". قال إنه يبقى ملتزماً بمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية، وبدا غير قلق من التقارير التي تفيد بأن الاقتصاد الإيراني آخذ في التحسن.
    حول موضوع السلام في الشرق الأوسط، قال أوباما لي إن الصداقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل لا تموت، لكنه أفصح أيضاً عما فهمته على أنه تهديد مستتر: الولايات المتحدة، على الرغم من استعدادها للدفاع عن إسرائيل معزولة في الأمم المتحدة وفي هيئات دولية أخرى، قد لا تتمكن من القيام بذلك بشكل فعال في وقت قريب.
    قال أوباما: "إذا رأيت عدم التوصل إلى اتفاق سلام، واستمرار البناء الاستيطاني العدواني –وقد رأينا من البناء الاستيطاني العدواني خلال السنوات القليلة الماضية أكثر مما كنا قد رأيناه في وقت طويل جداً؛ إذا وصل الفلسطينيون إلى الاعتقاد بأن إمكانية قيام دولة فلسطينية ذات سيادة متصلة جغرافيا لم يعد في متناول اليد، فإن قدرتنا على إدارة التداعيات الدولية ستكون محدودة".
    قضينا أيضاً قدراً جيداً من الوقت في الحديث عن عدم الارتياح الذي يشعر به حلفاء الولايات المتحدة من العرب السنة حول مقاربته لإيران، عدوهم التقليدي. سألت الرئيس: "ما هو الأكثر خطورة: التطرف السني أم التطرف الشيعي".
    وجدت جوابه كاشفاً. لم يخاطب مسألة التطرف السني. بدلاً من ذلك، جادل في الجوهر بأن النظام الإيراني الشيعي يتمتع بقابلية للمنطق، يستجيب للمصلحة والحوافز الذاتية.
    قال أوباما: "أنا لست مهتماً كثيراً بالتطرف بشكل عام. ولا أعتقد أنك ستجعلني اختار بين هاتين المسألتين. ما سوف أقوله هو أنك إذا نظرت إلى سلوك الإيرانيين، فإنهم استراتيجيون، إنهم ليسوا متسرعين. إن لديهم وجهة نظر عالمية، وهم يرون مصالحهم، ويستجيبون للتكاليف والمنافع. هذا لا يعني القول بأنهم ليسوا دولة ثيوقراطية تعتنق كل أنواع الأفكار التي أجدها بغيضة، لكنهم ليسوا كوريا الشمالية. إنهم بلد كبير وقوي، والذي يرى نفسه لاعباً مهماً على الساحة العالمية، ولا أعتقد بأنهم ينطوون على رغبة انتحارية، ويمكنهم أن يستجيبوا للحوافز".
    هذا الرأي يضعه على خلاف مع فهم نتنياهو لإيران. ففي مقابلة كنت قد أجريتها معه بعد فوزه برئاسة الوزراء، وصف لي رئيس الوزراء الإسرائيلي القيادة الإيرانية بأنها "عقيدة تبشيرية مروعة".
    سألت أوباما عما إذا كان يفهم السبب في أن سياساته تجعل قادة المملكة العربية السعودية ودولا عربية أخرى عصبيين، فقال: "أعتقد أن هناك تحولات تجري في المنطقة، والتي أخذت الكثيرين منهم على حين غرة. أعتقد أن التغيير دائماً مخيف".

    فيما يلي النسخة الكاملة لحوارنا. وقد كثفت فيها أسئلتي الخاصة. لكن إجابات الرئيس ترد هنا بالكامل.
    جيفري غولدبرغ: لقد بقيتَ صامتاً غالباً حول موضوع عملية السلام في الشرق الأوسط لعدة أشهر، إن لم يكن أكثر. وقد تم ملء هذا الصمت بالتكهنات: أنك لا تهتم، أنك متشائم، أنك شعرت بالحرقة في المرة الأخيرة. ما الذي يفسر هذا الصمت، وإلى أين تعتقد أن الأمر يتجه؟

     الرئيس الأميركي باراك أوباما: إن صمتي هو نتيجة مباشرة لانخراط وزير خارجيتي، جون كيري، في بعض من الدبلوماسية القوية والنشطة أكثر من أي دبلوماسية شهدناها حول هذه القضية منذ سنوات عديدة. وجون لا يفعل ذلك عن طريق الصدفة. إنه يفعل ذلك لأننا نعتقد، كإدارة، أنه في صلب مصلحة الإسرائيليين والفلسطينيين، وإنما في مصلحة الولايات المتحدة والعالم أيضاً، أن يتم التوصل إلى إطار عمل لمفاوضات يمكن أن تسفر فعلاً عن حل دولتين، والذي يوفر لإسرائيل الأمن الذي تحتاجه -السلام مع جيرانها- في وقت أصبح فيه الجوار أكثر تقلباً، والذي يعطي للفلسطينيين كرامة الدولة.
    أعتقد أن جون قام بعمل غير عادي، لكن هذه مفاوضات صعبة حقاً. إنني أقدر عالياً أن رئيس الوزراء نتنياهو والرئيس عباس قد أخذاها بجدية كبيرة. كانت هناك محادثات مكثفة ومفصلة وصعبة للغاية على كلا الجانبين.

    *غولدبرغ: وأنت تبقى مطلعاً أولاً بأول على كل هذا؟

    - أوباما: قطعاً وبلا ريب. يقدم لي جون تقارير أسبوعية تقريباً عن التقدم، وأحياناً يطلب التوجيهات. لن يخدم غايات أي طرف أن أظل أتحدث في الصحافة حول هذا الموضوع. في الواقع، كان جزء مما اتفق عليه كل من الإسرائيليين والفلسطينيين ونحن في بداية هذه المفاوضات، أن لا نقوم بتشخيصها علناً حتى نتمكن من الإعلان عن نجاح، أو حتى تنهار المفاوضات فعلاً.
    إننا قادمون إلى نقطة، مع ذلك، في مدى الشهرين المقبلين، حيث سيترتب على الأطراف اتخاذ بعض القرارات حول الكيفية التي يمضون بها قدماً. وأملي وتوقعي، على الرغم من التحديات السياسية التي لا تصدق، هو أن يكون كل من رئيس الوزراء نتنياهو وعباس قادرين على تجاوز خلافاتهما والتوصل إلى الإطار الذي يمكن أن يمضي بنا إلى السلام.

    غولدبرغ: اسمح لي أن أقرأ لك شيئاً قاله جون كيري للجنة اليهودية الأميركية منذ فترة ليست طويلة: "إن وقتنا ينفد. إننا نفقد الإمكانيات. ودعونا نكون واضحين: إننا إذا لم ننجح الآن -وأنا أعلم أنني أرفع الرهان- لكننا إذا لم ننجح الآن، فإننا قد لا نحصل على فرصة أخرى". كما اقترح بشدة أيضاً أنها ربما تكون هناك انتفاضة ثالثة على الطريق، وأنه إذا لم تنجح عملية السلام هذه، فإن إسرائيل نفسها يمكن أن تواجه العزلة الدولية والمقاطعة. هل تتفق مع هذا التقييم؟ هل هذه هي الفرصة الأخيرة؟

     أوباما: حسناً، انظر، إنني متفائل بالفطرة. وهذا، بوضوح، صراع استمر لعقود. ولدى الإنسانية وسيلة دائماً لشق الطريق، حتى في الظروف الصعبة. وهكذا، فإنك لا تعرف أبداً كيف تسيِّر الأمور نفسها.
    لكنني أعتقد أن جون كيري، وهو شخص ظل مناصراً شرساً ومدافعاً عن إسرائيل لعدة عقود الآن، كان يعبر ببساطة عما يدركه المراقبون داخل إسرائيل وخارج إسرائيل، وهو أنه مع كل سنة أخرى، تنغلق النافذة أمام إبرام اتفاق سلام يمكن أن يقبله الإسرائيليون ويمكن أن يقبله الفلسطينيون –جزئياً بسبب التغيرات في التركيبة السكانية؛ جزئياً بسبب ما كان يحدث في موضوع المستوطنات؛ وجزئياً لأن عباس يكبر في السن، وأعتقد أن لا أحد سيجادل في أنه مهما قد تكون لديك من خلافات معه، فقد أثبت أنه شخص ظل ملتزماً باللاعنف وبالجهود الدبلوماسية لحل هذه القضية. إننا لا نعرف ما قد يبدو عليه الشخص الذي سيخلف عباس.

    غولدبرغ: هل تعتقد أنه الشخص الأكثر اعتدالاً الذي يمكن أن تجده؟
     أوباما: أعتقد أن الرئيس عباس مخلص في استعداده للاعتراف بإسرائيل وحقها في الوجود، والاعتراف بالاحتياجات الأمنية المشروعة لإسرائيل، ونبذ العنف، من أجل حل هذه القضايا بطريقة دبلوماسية تعالج مخاوف شعب إسرائيل. وأعتقد أن هذه نوعية نادرة، ليس فقط داخل الأراضي الفلسطينية، وإنما في الشرق الأوسط عموماً. بالنسبة لنا، سيكون عدم اغتنام هذه الفرصة خطأ. وأعتقد أن جون يشير إلى هذه الحقيقة.
    إننا لا نعرف بالضبط ما يمكن أن يحدث. ما نعرفه هو أن الأمر يصبح أكثر صعوبة يوماً بعد يوم. وما نعرفه أيضا هو أن إسرائيل أصبحت أكثر عزلة على الصعيد الدولي. كان علينا أن نقف في مجلس الأمن قبل 20 عاماً بطرق تتضمن قدراً أكبر بكثير من الدعم الأوروبي، وقدر أكبر بكثير من دعم أجزاء أخرى من العالم عندما يتعلق الأمر بموقف إسرائيل. وهذا انعكاس لشعور حقيقي من جانب الكثير من الدول هناك بأن هذه المسألة تستمر في التفاقم، ولا تذهب إلى الحل، وبأنه لا أحد مستعد ليقوم بقفزة تأتي بها إلى نهاية.
    في هذا النوع من البيئة، حين تكون قد حصلت على شريك من الجانب الآخر مستعد للتفاوض بجدية، والذي لا يشارك في بعض الخطابة الجامحة التي كثيراً ما تُشاهد في العالم العربي عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، والذي أظهر نفسه ملتزماً بالحفاظ على النظام داخل الضفة الغربية والسلطة الفلسطينية، وبالتعاون مع الإسرائيليين حول شواغلهم الأمنية –إننا إذا لم نغتنم هذه اللحظة، فأعتقد أن ذلك سيكون خطأ كبيراً. كنتُ قد قلتُ مباشرة لرئيس الوزراء نتنياهو إن لديه فرصة لترسيخ، لجني، دولة إسرائيل يهودية ديمقراطية، والتي تعيش في سلام مع جيرانها و-

    غولدبرغ: بحدود دائمة؟

     أوباما: بحدود دائمة. ولديه فرصة أيضاً للاستفادة من إعادة تنظيم محتملة للمصالح في المنطقة، حيث ترى العديد من الدول العربية تهديداً مشتركاً في إيران. إن السبب الوحيد الذي يجعل هذه الإعادة المحتملة لتنظيم المصالح، والتعاون المحتمل، ليست أكثر تجلياً، هو القضية الفلسطينية.
    غولدبرغ: أريد أن آتي إلى موضوع إيران بعد لحظة، لكنْ لدي سؤالان عن اثنين من الزعماء اللذين ستتعامل معهما بشكل مكثف جداً. أبو مازن (عباس) -كل هذه الأشياء التي تقولها عنه صحيحة، لكنه أيضاً زعيم كيان فلسطيني ضعيف وفاسد ومنقسم، والذي يبدو مسبقاً شبه عاجز هيكلياً. هل تعتقد أنه يمكن أن يقدم أي شيء أكثر من اتفاق إطاري؟ هل هذا هو الرجل الذي يمكن أن يقود الشعب الفلسطيني إلى القول، "حسناً، لا مزيد من المطالبات ضد إسرائيل، والسلام الدائم، والاعتراف الدائم؟".
     أوباما: انظر، أنا أعتقد أنه لا بد من اختبار الأمر. والسؤال هو: ما الذي سنخسره باختباره؟ إذا تم في الواقع التوصل إلى إطار للمفاوضات، وتم التوصل إلى المبادئ الأساسية التي ستمضي حولها المفاوضات قدماً، فليس لدي شك في أنها ستكون هناك فصائل داخل المجتمع الفلسطيني والتي ستعترض بقوة، بنفس الطريقة التي سيكون بها أولئك داخل إسرائيل ممن سيعترضون بقوة أيضاً.
    ولكن، إليك ما أعرفه من زياراتي للمنطقة: إنه على كل ما رأيناه على مدى العقود القليلة الماضية، مع كل عدم الثقة الذي تم بناؤه، فإن الفلسطينيين ما يزالون يفضلون السلام. إنهم يفضلون دولة خاصة بهم، والتي تمكنهم من العثور على وظيفة، وإرسال أطفالهم إلى المدرسة، والسفر إلى الخارج، والذهاب والمجيء من العمل دون الشعور كما لو أنهم محددون أو مقيدون كشعب. وهم يدركون أن إسرائيل لن تذهب إلى أي مكان. لذلك، أعتقد فعلاً أن الأصوات من أجل السلام داخل المجتمع الفلسطيني ستكون أقوى مع وجود اتفاق إطاري، وأن موقف أبو مازن سيتعزز في وجود إطار للمفاوضات.
    سوف تبقى هناك أسئلة كبيرة حول ما يحدث في غزة، لكنني أعتقد في الواقع أن حماس سوف تتضرر إلى حد كبير من احتمال قدوم سلام حقيقي. سوف تكون المسألة الرئيسية، المسألة المشروعة بالنسبة لإسرائيل، هي التأكد من استمرار الوفاء باحتياجاتها الأمنية الأساسية كإطار لمفاوضات تؤدي إلى اتفاق سلام الفعلي.
    وكان جزء مما قام به جون كيري هو البحث في احتياجات إسرائيل الأمنية بمساعدة الجنرال جون آلن، القائد السابق في أفغانستان. وقد طورا -على أساس محادثات أجرياها مع قوات الدفاع الإسرائيلية حول احتياجات إسرائيل الدفاعية- وتوصلا إلى خطة للكيفية التي سيتم بها التعامل مع وادي الأردن، وكيف يمكنك أن تتعامل مع التهديدات المحتملة لإسرائيل بطريقة لم يسبق لها مثيل في التفاصيل، ولا سبق له مثيل في النطاق. وطالما تمت تلبية تلك الاحتياجات الأمنية، فإن المطاف ينتهي باختبار عباس باعتباره الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله.

    بلومبرغ: انطباعي من مشاهدة علاقتك بنتنياهو على مر السنين هو أنك معجب بذكائه ومعجب بمهارته السياسية، لكنك تشعر أحياناً بالإحباط من عدم قدرته -أو عدم رغبته في إنفاق رأس المال السياسي- من حيث المخاطرة بشراكات الائتلاف- من أجل تبني ما يقول إنه يقبل به، حل الدولتين. هل هذا التقييم عادل؟ عندما يأتي إلى واشنطن، بكم من القوة ستضغط عليه حتى تخرجه من منطقة راحته؟

     أوباما: الأمر الصحيح تماماً هو أن رئيس الوزراء نتنياهو ذكي. إنه صلب. وهو محاور كبير. وهو سياسي ماهر جداً بكل وضوح. وأنا آخذه بكلامه عندما يقول إنه يرى ضرورة حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. اعتقد أنه يؤمن بذلك حقاً.
    أعتقد أيضاً أن السياسات في إسرائيل حول هذه المسألة صعبة للغاية. لديك حالة من الفوضى تشيع في الشرق الأوسط. الناس ينظرون إلى ما يحدث في سورية، وينظرون إلى ما يحدث في لبنان. ومن الواضح أنهم ينظرون إلى ما يحدث في غزة. بشكل مفهوم، يسأل الكثير من الناس أنفسهم: "هل يمكننا تحمل أن تكون لدينا فوضى محتملة على حدودنا، على مقربة من مدننا؟". وهكذا، فإنه يتعامل مع كل ذلك، ويفهمه.
    ما قلته له بصورة شخصية هو نفس الشيء الذي أقوله له علناً، وهو أن الوضع لن يتحسن أو يحل نفسه بنفسه. ليس هذا وضعاً يمكنك أن تنتظر أمامه، وتجد المشكلة تذهب وحدها إلى حال سبيلها. سوف يكون هناك المزيد من الفلسطينيين، وليس فلسطينيين أقل، مع مرور الوقت. سوف يكون هناك المزيد من العرب الإسرائيليين، وليس عرباً إسرائيليين أقل، مع مرور الوقت.
    إذا ما اغتنم بيبي الفرصة بطريقة ربما لا يستطيعها إلا هو فقط، وتحديداً بسبب التقليد السياسي الذي يأتي منه ومصداقيته لدى اليمين داخل إسرائيل، ربما يكون اغتنامه هذه اللحظة أعظم هدية يمكن أن يقدمها للأجيال القادمة من الإسرائيليين. لكن ذلك صعب. بوصفي شخصاً يحتل موقعاً صعباً إلى حد ما أنا نفسي، فإنني متعاطف دائماً مع سياسات شخص آخر.
    مع ذلك، لم أسمع حتى الآن رؤية مقنعة لكيفية نجاة إسرائيل كدولة ديمقراطية ودولة يهودية تعيش بسلام مع جيرانها في غياب اتفاق سلام مع الفلسطينيين والتوصل إلى حل الدولتين. لم يقدم لي أحد سيناريو يعتد به.
    كان الشيء الوحيد الذي سمعته هو: "سنستمر فقط في القيام بما نقوم به، وسنتعامل مع المشاكل عند ظهورها. وسنقوم ببناء المستوطنات حيث نستطيع. وحيث تكون هناك مشاكل في الضفة الغربية، فسنتعامل معها بشدة. سوف نتعاون مع -أو نحتوي السلطة الفلسطينية". مع ذلك، فإنك لا ترى عند أي نقطة حلاً فعلياً للمشكلة.
    غولدبرغ: وبهذا، تجرى إدامة حالة مزمنة؟
    أوباما: إنها إدامة لحالة مزمنة. وتقييمي، الذي يشاركني فيه عدد من المراقبين الإسرائيليين، كما أعتقد، هو أنها ستأتي نقطة حيث لن تمكن إدارة هذا الوضع بعد ذلك، وعندئذ ستبدأ الحاجة إلى اتخاذ خيارات صعبة جداً. هل توطن نفسك على ما يرقى إلى احتلال دائم للضفة الغربية؟ هل هذه هي شخصية إسرائيل كدولة لفترة طويلة من الزمن؟ هل تحافظ، على مدى عقد من الزمن أو عقدين، على تطبيق سياسات أكثر وأكثر تقييداً لحركة الفلسطينيين؟ هل تضع قيوداً على العرب الإسرائيليين بطرق تتعارض مع تقاليد إسرائيل؟

    غولدبرغ: إنك تبدو قلقاً.

    أوباما: حسناً، أقول بصدق إن أحداً لم يقدم لي صورة واضحة عن الكيفية التي سيعمل بها هذا في غياب اتفاق سلام. إذا كان هذا هو الحال –وهو واحد من الأشياء التي اعتادت أمي أن تقوله لي دائماً، والذي لم أحرص على التقيد به دائماً، لكنني أصبحت أتفق معه عندما صرت أكبر- هو أنه إذا كان هناك شيء تعرف أن عليك أن تفعله، حتى لو كان ذلك صعباً أو غير سار، فإنه يجب عليك أن تمضي قدماً وتفعله فقط، لأن الانتظار لن يساعد. عندما أتحادث مع بيبي، فإن هذا يكون جوهر محادثاتي: إذا لم يكن الآن، فمتى؟ وإذا لم يكن أنت، أيها السيد رئيس الوزراء، فمن إذن؟ كيف نحل هذا الوضع؟
    ليست هذه قضية يمكن أن نتعامل مع تحدياتها بسذاجة. إنني أتعامل كل يوم مع خيارات صعبة جداً تتعلق بأمن الولايات المتحدة. وبالقدر الذي تتسم فيه سياستنا الخارجية بضبط النفس، وبأنها مدروسة كما أعتقد، فإنني أظل موضوعاً للنقد المستمر حول سياساتنا في مكافحة الإرهاب، وأعمالنا في ليبيا، وافتقارنا إلى العمل العسكري في سورية.
    وهكذا، إذا كنتُ أفكر برئيس وزراء إسرائيل، فإنني لست شخصاً يعتقد أنها مجرد مسألة تتعلق بتغيير رأيك، وفجأة يجري كل شيء بسلاسة. لكنني أعتقد أن بيبي قوي بما فيه الكفاية، بحيث أنه إذا قرر أن هذا هو الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله لإسرائيل، فإنه يمكن أن يفعله. إذا كان لا يعتقد أن التوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين هو الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله لإسرائيل، فإن عليه أن يفصح عن نهج بديل. وكما قلت من قبل، فإنه يصعب الخروج ببديل يكون معقولاً.

    *جيفري غولدبرغ: هو كاتب عمود لبلومبرغ فيو في شؤون الشرق الأوسط، السياسة الخارجية الأميركية والشؤون القومية. وهو مؤلف كتاب: "سجناء: قصة عن الصداقة والرعب" الحائز على جائزة مجلة ناشيونال للتقارير الإخبارية.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70067
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

عقيدة أوباما:  حول دور أميركا العالمي Empty
مُساهمةموضوع: رد: عقيدة أوباما: حول دور أميركا العالمي   عقيدة أوباما:  حول دور أميركا العالمي Emptyالأحد 20 مارس 2016, 7:54 am

[size=35]Obama to Israel: Time Is Running Out[/size]

When Israeli Prime Minister Benjamin Netanyahu visits the White House Monday, President Barack Obama will tell him that his country could face a bleak future — one of international isolation and demographic disaster — if he refuses to endorse a U.S.-drafted framework agreement for peace with the Palestinians. Obama will warn Netanyahu that time is running out for Israel as a Jewish-majority democracy. And the president will make the case that Netanyahu, alone among Israelis, has the strength and political credibility to lead his people away from the precipice.



In an hourlong interview Thursday in the Oval Office, Obama, borrowing from the Jewish sage Rabbi Hillel, told me that his message to Netanyahu will be this: “If not now, when? And if not you, Mr. Prime Minister, then who?” He then took a sharper tone, saying that if Netanyahu “does not believe that a peace deal with the Palestinians is the right thing to do for Israel, then he needs to articulate an alternative approach." He added, "It’s hard to come up with one that’s plausible.”




Unlike Netanyahu, Obama will not address the annual convention of the American Israel Public Affairs Committee, a pro-Israel lobbying group, this week — the administration is upset with AIPAC for, in its view, trying to subvert American-led nuclear negotiations with Iran. In our interview, the president, while broadly supportive of Israel and a close U.S.-Israel relationship, made statements that would be met at an AIPAC convention with cold silence.








Obama was blunter about Israel’s future than I've ever heard him. His language was striking, but of a piece with observations made in recent months by his secretary of state, John Kerry, who until this interview, had taken the lead in pressuring both Netanyahu and the Palestinian leader, Mahmoud Abbas, to agree to a framework deal. Obama made it clear that he views Abbas as the most politically moderate leader the Palestinians may ever have. It seemed obvious to me that the president believes that the next move is Netanyahu’s.




“There comes a point where you can’t manage this anymore, and then you start having to make very difficult choices,” Obama said. “Do you resign yourself to what amounts to a permanent occupation of the West Bank? Is that the character of Israel as a state for a long period of time? Do you perpetuate, over the course of a decade or two decades, more and more restrictive policies in terms of Palestinian movement? Do you place restrictions on Arab-Israelis in ways that run counter to Israel’s traditions?”




During the interview, which took place a day before the Russian military incursion into Ukraine, Obama argued that American adversaries, such as Iran, Syria, and Russia itself, still believe that he is capable of using force to advance American interests, despite his reluctance to strike Syria last year after President Bashar al-Assad crossed Obama's chemical-weapons red line.




“We’ve now seen 15 to 20 percent of those chemical weapons on their way out of Syria with a very concrete schedule to get rid of the rest,” Obama told me. “That would not have happened had the Iranians said, ‘Obama’s bluffing, he’s not actually really willing to take a strike.’ If the Russians had said, ‘Ehh, don’t worry about it, all those submarines that are floating around your coastline, that’s all just for show.’ Of course they took it seriously! That’s why they engaged in the policy they did.”




I returned to this particularly sensitive subject. “Just to be clear,” I asked, “You don’t believe the Iranian leadership now thinks that your ‘all options are on the table’ threat as it relates to their nuclear program — you don’t think that they have stopped taking that seriously?”




Obama answered: “I know they take it seriously.”




How do you know? I asked. “We have a high degree of confidence that when they look at 35,000 U.S. military personnel in the region that are engaged in constant training exercises under the direction of a president who already has shown himself willing to take military action in the past, that they should take my statements seriously,” he replied. “And the American people should as well, and the Israelis should as well, and the Saudis should as well.”




I asked the president if, in retrospect, he should have provided more help to Syria’s rebels earlier in their struggle. “I think those who believe that two years ago, or three years ago, there was some swift resolution to this thing had we acted more forcefully, fundamentally misunderstand the nature of the conflict in Syria and the conditions on the ground there,” Obama said. “When you have a professional army that is well-armed and sponsored by two large states who have huge stakes in this, and they are fighting against a farmer, a carpenter, an engineer who started out as protesters and suddenly now see themselves in the midst of a civil conflict — the notion that we could have, in a clean way that didn’t commit U.S. military forces, changed the equation on the ground there was never true.”




He portrayed his reluctance to involve the United States in the Syrian civil war as a direct consequence of what he sees as America’s overly militarized engagement in the Muslim world: “There was the possibility that we would have made the situation worse rather than better on the ground, precisely because of U.S. involvement, which would have meant that we would have had the third, or, if you count Libya, the fourth war in a Muslim country in the span of a decade.”




Obama was adamant that he was correct to fight a congressional effort to impose more time-delayed sanctions on Iran just as nuclear negotiations were commencing: “There’s never been a negotiation in which at some point there isn’t some pause, some mechanism to indicate possible good faith,” he said. “Even in the old Westerns or gangster movies, right, everyone puts their gun down just for a second. You sit down, you have a conversation; if the conversation doesn’t go well, you leave the room and everybody knows what’s going to happen and everybody gets ready. But you don’t start shooting in the middle of the room during the course of negotiations.” He said he remains committed to keeping Iran from obtaining nuclear weapons and seemed unworried by reports that Iran's economy is improving.




On the subject of Middle East peace, Obama told me that the United States' friendship with Israel is undying, but he also issued what I took to be a veiled threat: The United States, though willing to defend an isolated Israel at the United Nations and in other international bodies, might soon be unable to do so effectively.




“If you see no peace deal and continued aggressive settlement construction — and we have seen more aggressive settlement construction over the last couple years than we’ve seen in a very long time,” Obama said. “If Palestinians come to believe that the possibility of a contiguous sovereign Palestinian state is no longer within reach, then our ability to manage the international fallout is going to be limited.”




We also spent a good deal of time talking about the unease the United States' Sunni Arab allies feel about his approach to Iran, their traditional adversary. I asked the president, “What is more dangerous: Sunni extremism or Shia extremism?”




I found his answer revelatory. He did not address the issue of Sunni extremism. Instead he argued in essence that the Shiite Iranian regime is susceptible to logic, appeals to self-interest and incentives.




“I’m not big on extremism generally,” Obama said. “I don’t think you’ll get me to choose on those two issues. What I’ll say is that if you look at Iranian behavior, they are strategic, and they’re not impulsive. They have a worldview, and they see their interests, and they respond to costs and benefits. And that isn’t to say that they aren’t a theocracy that embraces all kinds of ideas that I find abhorrent, but they’re not North Korea. They are a large, powerful country that sees itself as an important player on the world stage, and I do not think has a suicide wish, and can respond to incentives.”




This view puts him at odds with Netanyahu's understanding of Iran. In an interview after he won the premiership, the Israeli leader described the Iranian leadership to me as “a messianic apocalyptic cult.”




I asked Obama if he understood why his policies make the leaders of Saudi Arabia and other Arab countries nervous: “I think that there are shifts that are taking place in the region that have caught a lot of them off guard,” he said. "I think change is always scary."




Below is a complete transcript of our conversation. I’ve condensed my questions. The president’s answers are reproduced in full.




JEFFREY GOLDBERG: You’ve been mostly silent on the subject of the Middle East peace process for months if not more. And the silence has been filled by speculation: You’re not interested, you’re pessimistic, you felt burnt the last time around. What accounts for the silence, and where do you think this is headed?




PRESIDENT BARACK OBAMA: The silence on my part is a direct result of my secretary of state, John Kerry, engaging in some of the most vigorous, active diplomacy that we’ve seen on this issue in many years. And John is not doing that by accident. He’s doing it because as an administration we think that it is in the interest of the Israelis and the Palestinians, but also in the interest of the United States and the world to arrive at a framework for negotiations that can actually bring about a two-state solution that provides Israel the security it needs — peace with its neighbors — at a time when the neighborhood has gotten more volatile, and gives Palestinians the dignity of a state.




I think John has done an extraordinary job, but these are really difficult negotiations. I am very appreciative that Prime Minister Netanyahu and President Abbas have taken them very seriously. There have been very intense, detailed and difficult conversations on both sides.




GOLDBERG: And you’re keeping up to date on all of this?




OBAMA: Absolutely. John reports to me almost weekly about progress and occasionally asks for direction. It doesn’t serve anybody’s purposes for me to be popping off in the press about it. In fact, part of what both the Israelis and the Palestinians and us agreed to at the beginning of these negotiations was that we wouldn’t be characterizing them publicly until we were able to report on success or until the negotiations actually broke down.




We are coming to a point, though, over the next couple of months where the parties are going to have to make some decisions about how they move forward. And my hope and expectation is, despite the incredible political challenges, that both Prime Minister Netanyahu and Abbas are able to reach past their differences and arrive at a framework that can move us to peace.




GOLDBERG: Let me read you something that John Kerry told the American Jewish Committee not long ago: “We’re running out of time. We’re running out of possibilities. And let’s be clear: If we do not succeed now — and I know I’m raising those stakes — but if we do not succeed now, we may not get another chance.” He has also suggested strongly that there might be a third intifada down the road and that if this peace process doesn’t work, Israel itself could be facing international isolation and boycott. Do you agree with this assessment? Is this the last chance?




OBAMA: Well, look, I’m a congenital optimist. And, obviously, this is a conflict that has gone on for decades. And humanity has a way of muddling through, even in difficult circumstances. So you never know how things play themselves out.




But John Kerry, somebody who has been a fierce advocate and defender on behalf of Israel for decades now, I think he has been simply stating what observers inside of Israel and outside of Israel recognize, which is that with each successive year, the window is closing for a peace deal that both the Israelis can accept and the Palestinians can accept — in part because of changes in demographics; in part because of what's been happening with settlements; in part because Abbas is getting older, and I think nobody would dispute that whatever disagreements you may have with him, he has proven himself to be somebody who has been committed to nonviolence and diplomatic efforts to resolve this issue. We do not know what a successor to Abbas will look like.




GOLDBERG: Do you believe he’s the most moderate person you’re going to find?




OBAMA: I believe that President Abbas is sincere about his willingness to recognize Israel and its right to exist, to recognize Israel’s legitimate security needs, to shun violence, to resolve these issues in a diplomatic fashion that meets the concerns of the people of Israel. And I think that this is a rare quality not just within the Palestinian territories, but in the Middle East generally. For us not to seize that opportunity would be a mistake. And I think John is referring to that fact.




We don’t know exactly what would happen. What we know is that it gets harder by the day. What we also know is that Israel has become more isolated internationally. We had to stand up in the Security Council in ways that 20 years ago would have involved far more European support, far more support from other parts of the world when it comes to Israel’s position. And that’s a reflection of a genuine sense on the part of a lot of countries out there that this issue continues to fester, is not getting resolved, and that nobody is willing to take the leap to bring it to closure.




In that kind of environment, where you’ve got a partner on the other side who is prepared to negotiate seriously, who does not engage in some of the wild rhetoric that so often you see in the Arab world when it comes to Israel, who has shown himself committed to maintaining order within the West Bank and the Palestinian Authority and to cooperate with Israelis around their security concerns — for us to not seize this moment I think would be a great mistake. I’ve said directly to Prime Minister Netanyahu he has an opportunity to solidify, to lock in, a democratic, Jewish state of Israel that is at peace with its neighbors and —




GOLDBERG: With permanent borders?




OBAMA: With permanent borders. And has an opportunity also to take advantage of a potential realignment of interests in the region, as many of the Arab countries see a common threat in Iran. The only reason that that potential realignment is not, and potential cooperation is not, more explicit is because of the Palestinian issue.




GOLDBERG: I want to come to Iran in a moment, but two questions about two leaders you’re going to be dealing with pretty intensively. Abu Mazen [Abbas] -- all these things you say are true, but he is also the leader of a weak, corrupt and divided Palestinian entity that is already structurally semi-powerless. Do you think he could deliver anything more than a framework agreement? Is this the guy who can lead the Palestinian people to say, "OK, no more claims against Israel, permanent peace, permanent recognition?"




OBAMA: Look, I think it has to be tested. The question is: What is lost by testing it? If in fact a framework for negotiations is arrived at, the core principles around which the negotiations are going to proceed is arrived at, I have no doubt that there are going to be factions within the Palestinian community that will vigorously object in the same way that there are going to be those within Israel who are going to vigorously object.




But here’s what I know from my visits to the region: That for all that we’ve seen over the last several decades, all the mistrust that’s been built up, the Palestinians would still prefer peace. They would still prefer a country of their own that allows them to find a job, send their kids to school, travel overseas, go back and forth to work without feeling as if they are restricted or constrained as a people. And they recognize that Israel is not going anywhere. So I actually think that the voices for peace within the Palestinian community will be stronger with a framework agreement and that Abu Mazen’s position will be strengthened with a framework for negotiations.




There would still be huge questions about what happens in Gaza, but I actually think Hamas would be greatly damaged by the prospect of real peace. And the key question, the legitimate question for Israel, would be making sure that their core security needs are still met as a framework for negotiations led to an actual peace deal.




And part of what John Kerry has done has been to dig into Israel’s security needs with the help of General John Allen, the former commander in Afghanistan. And they have developed, based on conversations with the Israeli Defense Forces about their defense needs, they’ve come up with a plan for how you would deal with the Jordan Valley, how you would deal with potential threats to Israel that are unprecedented in detail, unprecedented in scope. And as long as those security needs were met, then testing Abbas ends up being the right thing to do.




GOLDBERG: My impression watching your relationship with Netanyahu over the years is that you admire his intelligence and you admire his political skill, but you also get frustrated by an inability or unwillingness on his part to spend political capital — in terms of risking coalition partnerships — in order to embrace what he says he accepts, a two-state solution. Is that a fair statement? When he comes to Washington, how hard are you going to push him out of his comfort zone?




OBAMA: What is absolutely true is Prime Minister Netanyahu is smart. He is tough. He is a great communicator. He is obviously a very skilled politician. And I take him at his word when he says that he sees the necessity of resolving the Israeli-Palestinian conflict. I think he genuinely believes that.




I also think that politics in Israel around this issue are very difficult. You have the chaos that’s been swirling around the Middle East. People look at what's happening in Syria. They look at what’s happening in Lebanon. Obviously, they look at what’s happening in Gaza. And understandably a lot of people ask themselves, "Can we afford to have potential chaos at our borders, so close to our cities?" So he is dealing with all of that, and I get that.




What I’ve said to him privately is the same thing that I say publicly, which is the situation will not improve or resolve itself. This is not a situation where you wait and the problem goes away. There are going to be more Palestinians, not fewer Palestinians, as time goes on. There are going to be more Arab-Israelis, not fewer Arab-Israelis, as time goes on.




And for Bibi to seize the moment in a way that perhaps only he can, precisely because of the political tradition that he comes out of and the credibility he has with the right inside of Israel, for him to seize this moment is perhaps the greatest gift he could give to future generations of Israelis. But it’s hard. And as somebody who occupies a fairly tough job himself, I’m always sympathetic to somebody else’s politics.




I have not yet heard, however, a persuasive vision of how Israel survives as a democracy and a Jewish state at peace with its neighbors in the absence of a peace deal with the Palestinians and a two-state solution. Nobody has presented me a credible scenario.




The only thing that I’ve heard is, "We’ll just keep on doing what we’re doing, and deal with problems as they arise. And we'll build settlements where we can. And where there are problems in the West Bank, we will deal with them forcefully. We’ll cooperate or co-opt the Palestinian Authority." And yet, at no point do you ever see an actual resolution to the problem.




GOLDBERG: So, maintenance of a chronic situation?




OBAMA: It’s maintenance of a chronic situation. And my assessment, which is shared by a number of Israeli observers, I think, is there comes a point where you can’t manage this anymore, and then you start having to make very difficult choices. Do you resign yourself to what amounts to a permanent occupation of the West Bank? Is that the character of Israel as a state for a long period of time? Do you perpetuate, over the course of a decade or two decades, more and more restrictive policies in terms of Palestinian movement? Do you place restrictions on Arab-Israelis in ways that run counter to Israel’s traditions?


عقيدة أوباما:  حول دور أميركا العالمي I


GOLDBERG: You sound worried.




OBAMA: Well, I am being honest that nobody has provided me with a clear picture of how this works in the absence of a peace deal. If that’s the case — one of the things my mom always used to tell me and I didn’t always observe, but as I get older I agree with — is if there’s something you know you have to do, even if it's difficult or unpleasant, you might as well just go ahead and do it, because waiting isn’t going to help. When I have a conversation with Bibi, that’s the essence of my conversation: If not now, when? And if not you, Mr. Prime Minister, then who? How does this get resolved?




This is not an issue in which we are naive about the challenges. I deal every day with very difficult choices about U.S. security. As restrained, and I think thoughtful, as our foreign policy has been, I’m still subject to constant criticism about our counterterrorism policies, and our actions in Libya, and our lack of military action in Syria.




And so if I’m thinking about the prime minister of Israel, I’m not somebody who believes that it’s just a matter of changing your mind and suddenly everything goes smoothly. But I believe that Bibi is strong enough that if he decided this was the right thing to do for Israel, that he could do it. If he does not believe that a peace deal with the Palestinians is the right thing to do for Israel, then he needs to articulate an alternative approach. And as I said before, it’s hard to come up with one that’s plausible.




GOLDBERG: You told me in an interview six years ago, when you were running for president, you said, “My job in being a friend to Israel is partly to hold up a mirror and tell the truth and say if Israel is building settlements without any regard to the effects that this has on the peace process, then we’re going to be stuck in the same status quo that we’ve been stuck in for decades now.” That was six years ago. It’s been the official position of the United States for decades that settlements are illegitimate.





OBAMA: Right.




GOLDBERG: If this process fails, do you see this becoming more than the rhetorical position of the United States? Whether that has impact on the way you deal with the United Nations questions, an impact on the aid that the U.S. provides Israel?




OBAMA: Here’s what I would say: The U.S. commitment to Israel’s security is not subject to periodic policy differences. That’s a rock-solid commitment, and it’s one that I’ve upheld proudly throughout my tenure. I think the affection that Americans feel for Israel, the bond that our people feel and the bipartisan support that people have for Israel is not going to be affected.




So it is not realistic nor is it my desire or expectation that the core commitments we have with Israel change during the remainder of my administration or the next administration. But what I do believe is that if you see no peace deal and continued aggressive settlement construction — and we have seen more aggressive settlement construction over the last couple years than we’ve seen in a very long time — if Palestinians come to believe that the possibility of a contiguous sovereign Palestinian state is no longer within reach, then our ability to manage the international fallout is going to be limited.




GOLDBERG: Willingness, or ability?




OBAMA: Not necessarily willingness, but ability to manage international fallout is going to be limited. And that has consequences.




Look, sometimes people are dismissive of multilateral institutions and the United Nations and the EU [European Union] and the high commissioner of such and such. And sometimes there’s good reason to be dismissive. There’s a lot of hot air and rhetoric and posturing that may not always mean much. But in today’s world, where power is much more diffuse, where the threats that any state or peoples face can come from non-state actors and asymmetrical threats, and where international cooperation is needed in order to deal with those threats, the absence of international goodwill makes you less safe. The condemnation of the international community can translate into a lack of cooperation when it comes to key security interests. It means reduced influence for us, the United States, in issues that are of interest to Israel. It’s survivable, but it is not preferable.




GOLDBERG: Let’s go to Iran. Two years ago, you told me in an interview that, “I think both the Iranian and the Israeli governments recognize that when the United States says it is unacceptable for Iran to have a nuclear weapon, we mean what we say.” You know, I don’t have to tell you, that many of your Arab and Israeli friends are worried, post-Syria — the incident in which you drew a red line and there was no military enforcement of it — they’re worried about your willingness to use force under any circumstance. But put them aside for a second. How do you think the Iranian regime saw your reluctance to use force against [Bashar al-]Assad? And does this have any impact on the way they’re dealing with the current nuclear negotiations? It’s a linkage argument.




OBAMA: Let’s be very clear about what happened. I threatened kinetic strikes on Syria unless they got rid of their chemical weapons. When I made that threat, Syria denied even having chemical weapons. In the span of 10 days to two weeks, you had their patrons, the Iranians and the Russians, force or persuade Assad to come clean on his chemical weapons, inventory them for the international community, and commit to a timeline to get rid of them.




And the process has moved more slowly than we would like, but it has actually moved, and we’ve now seen 15 to 20 percent of those chemical weapons on their way out of Syria with a very concrete schedule to get rid of the rest. That would not have happened had the Iranians said, "Obama’s bluffing, he’s not actually really willing to take a strike." If the Russians had said, “Ehh, don’t worry about it, all those submarines that are floating around your coastline, that’s all just for show.” Of course they took it seriously! That’s why they engaged in the policy they did.




Now, the truth is, some of our commentators or friends in the region, their complaint is not that somehow we indicated an unwillingness to use military force in the region -- their complaint is that I did not choose to go ahead, even if we could get a deal on chemical weapons, to hit them anyway as a means of getting rid of Assad, in what has increasingly become a proxy war inside of Syria.




GOLDBERG: So just to be clear: You don’t believe the Iranian leadership now thinks that your “all options are on the table” threat as it relates to their nuclear program -- you don’t think that they have stopped taking that seriously?




OBAMA: I know they take it seriously.




GOLDBERG: How do you know they take it seriously?




OBAMA: We have a high degree of confidence that when they look at 35,000 U.S. military personnel in the region that are engaged in constant training exercises under the direction of a president who already has shown himself willing to take military action in the past, that they should take my statements seriously. And the American people should as well, and the Israelis should as well, and the Saudis should as well.




Now, that does not mean that that is my preferred course of action. So let’s just be very clear here. There are always consequences to military action that are unpredictable and can spin out of control, and even if perfectly executed carry great costs. So if we can resolve this issue diplomatically, we absolutely should.




And the fact that in painstaking fashion, over the course of several years, we were able to enforce an unprecedented sanctions regime that so crippled the Iranian economy that they were willing to come to the table and, in fact, helped to shape the Iranian election, and that they are now in a joint plan of action that for the first time in a decade halts their nuclear program — no centrifuges being installed; the 20 percent enriched uranium being drawn down to zero; Arak on hold; international inspectors buzzing around in ways that are unimaginable even a year ago — what that all indicates is that there is the opportunity, there is the chance for us to resolve this without resorting to military force.




And if we have any chance to make sure that Iran does not have nuclear weapons, if we have any chance to render their breakout capacity nonexistent, or so minimal that we can handle it, then we’ve got to pursue that path. And that has been my argument with Prime Minister Netanyahu; that has been my argument with members of Congress who have been interested in imposing new sanctions. My simple point has been, we lose nothing by testing this out.




Iran's Uranium Enrichment




GOLDBERG: You said something to [The New Yorker's] David Remnick a few weeks ago that really struck me: “If we were able to get Iran to operate in a responsible fashion — not funding terrorist organizations, not trying to stir up sectarian discontent in other countries, and not developing a nuclear weapon — you could see an equilibrium developing between Sunni, or predominantly Sunni, Gulf states and Iran in which there’s competition, perhaps suspicion, but not an active or proxy warfare.”








I think I understand what you mean, but in the Gulf — and this goes to the question of why our allies are uneasy — in the Gulf you have a king of Saudi Arabia who has been asking for years for you to "cut the head off the snake," referring to Iran. They’re hearing this — they're reading this and hearing you say, "live with the snake." Do you understand why they’re uneasy about your approach, or your broader philosophical approach, or are they overinterpreting this opening to Iran?




OBAMA: Here’s what I understand. For years now, Iran has been an irresponsible international actor. They’ve sponsored terrorism. They have threatened their neighbors. They have financed actions that have killed people in neighboring states.




And Iran has also exploited or fanned sectarian divisions in other countries. In light of that record, it’s completely understandable for other countries to be not only hostile towards Iran but also doubtful about the possibilities of Iran changing. I get that. But societies do change — I think there is a difference between an active hostility and sponsoring of terrorism and mischief, and a country that you’re in competition with and you don’t like but it's not blowing up homes in your country or trying to overthrow your government.




GOLDBERG: And you feel there’s a real opportunity to achieve a genuine breakthrough?




OBAMA: Here’s my view. Set aside Iranian motives. Let’s assume that Iran is not going to change. It’s a theocracy. It’s anti-Semitic. It is anti-Sunni. And the new leaders are just for show. Let’s assume all that. If we can ensure that they don’t have nuclear weapons, then we have at least prevented them from bullying their neighbors, or heaven forbid, using those weapons, and the other misbehavior they’re engaging in is manageable.




If, on the other hand, they are capable of changing; if, in fact, as a consequence of a deal on their nuclear program those voices and trends inside of Iran are strengthened, and their economy becomes more integrated into the international community, and there’s more travel and greater openness, even if that takes a decade or 15 years or 20 years, then that’s very much an outcome we should desire.




So again, there’s a parallel to the Middle East discussion we were having earlier. The only reason you would not want us to test whether or not we can resolve this nuclear program issue diplomatically would be if you thought that by a quick military exercise you could remove the threat entirely. And since I’m the commander in chief of the most powerful military on earth, I think I have pretty good judgment as to whether or not this problem can be best solved militarily. And what I’m saying is it’s a lot better if we solve it diplomatically.




GOLDBERG: So why are the Sunnis so nervous about you?




OBAMA: Well, I don’t think this is personal. I think that there are shifts that are taking place in the region that have caught a lot of them off guard. I think change is always scary. I think there was a comfort with a United States that was comfortable with an existing order and the existing alignments, and was an implacable foe of Iran, even if most of that was rhetorical and didn’t actually translate into stopping the nuclear program. But the rhetoric was good.




What I’ve been saying to our partners in the region is, "We’ve got to respond and adapt to change." And the bottom line is: What’s the best way for us actually to make sure Iran doesn’t have a nuclear weapon?




GOLDBERG: What is more dangerous: Sunni extremism or Shia extremism?




OBAMA: I’m not big on extremism generally. I don’t think you’ll get me to choose on those two issues. What I’ll say is that if you look at Iranian behavior, they are strategic, and they’re not impulsive. They have a worldview, and they see their interests, and they respond to costs and benefits. And that isn’t to say that they aren’t a theocracy that embraces all kinds of ideas that I find abhorrent, but they’re not North Korea. They are a large, powerful country that sees itself as an important player on the world stage, and I do not think has a suicide wish, and can respond to incentives. And that’s the reason why they came to the table on sanctions.




So just to finish up, the most important thing that I have said to Bibi and members of Congress on this whole issue is that it is profoundly in all of our interests to let this process play itself out. Let us test whether or not Iran can move far enough to give us assurances that their program is peaceful and that they do not have breakout capacity.




If, in fact, they can’t get there, the worst that will have happened is that we will have frozen their program for a six-month period. We’ll have much greater insight into their program. All the architecture of our sanctions will have still been enforced, in place. Their economy might have modestly improved during this six-month to one-year period. But I promise you that all we have to do is turn the dial back on and suddenly —




GOLDBERG: You think that will be easy to turn on?




OBAMA: Well, partly because 95 percent of it never got turned off. And we will be in a stronger position to say to our partners, including the Russians, the Chinese and others, who have thus far stuck with us on sanctions, that it is Iran that walked away; it wasn’t the U.S., it wasn’t Congress, it wasn’t our new sanctions that jettisoned the deal. And we will then have the diplomatic high ground to tighten the screws even further. If, on the other hand, it is perceived that we were not serious about negotiations, then that ironically is the quickest path to sanctions unraveling, if in fact Iran is insincere.




GOLDBERG: One more question on Iran: If sanctions got them to the table, why wouldn’t more sanctions keep them at the table?




OBAMA: The logic of sanctions was to get them to negotiate. The logic of the joint action plan is to freeze the situation for a certain period of time to allow the negotiators to work. The notion that in the midst of negotiations we would then improve our position by saying, “We’re going to squeeze you even harder,” ignores the fact that [President Hassan] Rouhani and the negotiators in Iran have their own politics. They’ve got to respond to their own hardliners. And there are a whole bunch of folks inside of Iran who are just as suspicious of our motives and willingness to ultimately lift sanctions as we are suspicious of their unwillingness to get rid of their nuclear program.




There’s never been a negotiation in which at some point there isn’t some pause, some mechanism to indicate possible good faith. Even in the old Westerns or gangster movies, right, everyone puts their gun down just for a second. You sit down, you have a conversation; if the conversation doesn’t go well, you leave the room and everybody knows what’s going to happen and everybody gets ready. But you don’t start shooting in the middle of the room during the course of negotiations.




So the logic of new sanctions right now would only make sense if, in fact, we had a schedule of dismantling the existing sanctions. And we’ve kept 95 percent of them in place. Iran is going to be, net, losing more money with the continuing enforcement of oil sanctions during the course of this joint plan of action than they’re getting from the modest amount of money we gave them access to.




And, by the way, even though they’re talking to European businesses, oil companies have been contacting Iran and going into Iran, nobody has been making any deals because they know that our sanctions are still in place. They may want to reserve their first place in line if, in fact, a deal is struck and sanctions are removed. That’s just prudent business.




But we’ve sent a very clear message to them and, by the way, to all of our partners and the P5 + 1 [the five permanent members of the UN Security Council plus Germany], that they better tell their companies that their sanctions are still in force, including U.S. unilateral sanctions. And we’re going to enforce them, and we’ve been enforcing them during the course of these discussions so far.




GOLDBERG: I was reading your Nobel Peace Prize acceptance speech last night, and I wanted to quote one thing you said: “I believe that force can be justified on humanitarian grounds, as it was in the Balkans, or in other places that have been scarred by war. Inaction tears at our conscience and can lead to more costly intervention later.”




I was really struck by that last sentence. I’m wondering at what point in Syria does it become too much to bear? I’m not talking about the bifurcated argument, boots on the ground or nothing, but what does Assad have to do to provoke an American-led military response? Another way of asking this is: If you could roll back the clock three years, could you have done more to build up the more-moderate opposition groups?




OBAMA: I think those who believe that two years ago, or three years ago, there was some swift resolution to this thing had we acted more forcefully, fundamentally misunderstand the nature of the conflict in Syria and the conditions on the ground there.




When you have a professional army that is well-armed and sponsored by two large states who have huge stakes in this, and they are fighting against a farmer, a carpenter, an engineer who started out as protesters and suddenly now see themselves in the midst of a civil conflict — the notion that we could have, in a clean way that didn’t commit U.S. military forces, changed the equation on the ground there was never true.




We have supported military assistance to a moderate opposition in Syria, and we have done so at a pace that stretches the limits of what they can absorb. But the fact of the matter is if you are looking at changing the military facts on the ground, the kind of involvement, the kind of involvement on the part of U.S. military forces that would have been required would have been significant enough that there would have been severe questions about our international authority to do so. You don’t have a UN mandate; congressional authority — we saw how that played out even on the narrow issue of chemical weapons.




And there was the possibility that we would have made the situation worse rather than better on the ground, precisely because of U.S. involvement, which would have meant that we would have had the third, or, if you count Libya, the fourth war in a Muslim country in the span of a decade. Having said all that — the situation in Syria is not just heartbreaking, but dangerous.




Over the last two years I have pushed our teams to find out what are the best options in a bad situation. And we will continue to do everything we can to bring about a political resolution, to pressure the Russians and the Iranians, indicating to them that it is not in their interests to be involved in a perpetual war.




I'm always darkly amused by this notion that somehow Iran has won in Syria. I mean, you hear sometimes people saying, "They’re winning in Syria." And you say, "This was their one friend in the Arab world, a member of the Arab League, and it is now in rubble." It’s bleeding them because they’re having to send in billions of dollars. Their key proxy, Hezbollah, which had a very comfortable and powerful perch in Lebanon, now finds itself attacked by Sunni extremists. This isn’t good for Iran. They’re losing as much as anybody. The Russians find their one friend in the region in rubble and delegitimized.




And so there continues to be an opportunity for us to resolve this issue politically. The international community as a whole and the United States as the sole superpower in the world does have to try to find a better answer to the immediate humanitarian situation.




And we are doing everything we can to see how we can do that and how we can resource it. But I’ve looked at a whole lot of game plans, a whole lot of war plans, a whole bunch of scenarios, and nobody has been able to persuade me that us taking large-scale military action even absent boots on the ground, would actually solve the problem.




And those who make that claim do so without a lot of very specific information. I’m sympathetic to their impulses, because I have the same impulses. There is a great desire not just to stand there, but to do something. We are doing a lot; we have to do more. But we have to make sure that what we do does not make a situation worse or engulf us in yet another massive enterprise at a time when we have great demands here at home and a lot of international obligations abroad. 



Jeffrey Goldberg is author of "Prisoners: A Story of Friendship and Terror" and winner of the National Magazine Award for reporting. He has covered the Middle East as a national correspondent for the Atlantic and as a staff writer for the New Yorker. Read more reports from Jeffrey Goldberg — Click Here Now.


عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الأحد 20 مارس 2016, 8:02 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70067
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

عقيدة أوباما:  حول دور أميركا العالمي Empty
مُساهمةموضوع: رد: عقيدة أوباما: حول دور أميركا العالمي   عقيدة أوباما:  حول دور أميركا العالمي Emptyالأحد 20 مارس 2016, 7:57 am


How the president's drone war is backfiring.

عقيدة أوباما:  حول دور أميركا العالمي Rohde_lead_760254506

when Barack Obama took the oath of office three years ago, no one associated the phrase "targeted killing" with his optimistic young presidency. In his inaugural address, the 47-year-old former constitutional law professor uttered the word "terror" only once. Instead, he promised to use technology to "harness the sun and the winds and the soil to fuel our cars and run our factories."

Oddly, technology has enabled Obama to become something few expected: a president who has dramatically expanded the executive branch’s ability to wage high-tech clandestine war. With a determination that has surprised many, Obama has embraced the CIA, expanded its powers, and approved more targeted killings than any modern president. Over the last three years, the Obama administration has carried out at least 239 covert drone strikes, more than five times the 44 approved under George W. Bush. And after promising to make counterterrorism operations more transparent and rein in executive power, Obama has arguably done the opposite, maintaining secrecy and expanding presidential authority.

Just as importantly, the administration’s excessive use of drone attacks undercuts one of its most laudable policies: a promising new post-9/11 approach to the use of lethal American force, one of multilateralism, transparency, and narrow focus.

Obama’s willingness to deploy lethal force should have come as no surprise. In a 2002 speech, Illinois state senator Obama opposed Bush’s impending invasion of Iraq, but not all conflicts. "I don’t oppose all wars," he said. "What I am opposed to is a dumb war." And as president, in his December 2009 Nobel Peace Prize acceptance speech, Obama warned, "There will be times when nations — acting individually or in concert — will find the use of force not only necessary but morally justified." Since then, he has not only sent U.S. forces into Afghanistan, Iraq, and Libya, but also repeatedly approved commando raids in Pakistan and Somalia and on the high seas, while presiding over a system that unleashed hundreds of drone strikes.

In a series of recent interviews, current and former administration officials outlined what could be called an "Obama doctrine" on the use of force. Obama’s embrace of multilateralism, drone strikes, and a light U.S. military presence in Libya, Pakistan, and Yemen, they contend, has proved more effective than Bush’s go-heavy approach in Iraq and Afghanistan. "We will use force unilaterally if necessary against direct threats to the United States," Ben Rhodes, the administration’s deputy national security advisor for strategic communications, told me. "And we’ll use force in a very precise way."

Crises the administration deems indirect threats to the United States — such as the uprisings in Libya and Syria — are "threats to global security," Rhodes argued, and will be responded to multilaterally and not necessarily by force. The drawdown of U.S. troops in Iraq and Afghanistan, as well as the creation of a smaller, more agile U.S. military spread across Asia, the Pacific, and the Middle East, are also part of the doctrine. So is the discreet backing of protesters in Egypt, Iran, and Syria.

The emerging strategy — which Rhodes touted as "a far more focused approach to our adversaries" — is a welcome shift from the martial policies and bellicose rhetoric of both the Bush administration and today’s Republican presidential candidates. But Obama has granted the CIA far too much leeway in carrying out drone strikes in Pakistan and Yemen. In both countries, the strikes often appear to be backfiring.

Obama and other administration officials insist the drones are used rarely and kill few civilians. In a rare public comment on the program, the president defended the strikes in late January. "I want to make sure the people understand, actually, drones have not caused a huge number of civilian casualties," Obama said. "For the most part, they have been very precise precision strikes against al Qaeda and their affiliates. And we are very careful in terms of how it’s been applied."

But from Pakistan to Yemen to post-American Iraq, drones often spark deep resentment where they operate. When they do attack, they kill as brutally as any weapon of war. The administration’s practice of classifying the strikes as secret only exacerbates local anger and suspicion. Under Obama, drone strikes have become too frequent, too unilateral, and too much associated with the heavy-handed use of American power.

In 2008, I saw this firsthand. Two Afghan colleagues and I were kidnapped by the Taliban and held captive in the tribal areas of Pakistan for seven months. From the ground, drones are terrifying weapons that can be heard circling overhead for hours at a time. They are a potent, unnerving symbol of unchecked American power. At the same time, they were clearly effective, killing foreign bomb-makers and preventing Taliban fighters from gathering in large groups. The experience left me convinced that drone strikes should be carried out — but very selectively.

In the January interview, Obama insisted drone strikes were used only surgically. "It is important for everybody to understand," he said, "that this thing is kept on a very tight leash."

Drones, though, are in no way surgical.

IN INTERVIEWS, CURRENT AND FORMER Obama administration officials told me the president and his senior aides had been eager from the outset to differentiate their approach in Pakistan and Afghanistan from Bush’s. Unlike in Iraq, where Democrats thought the Bush administration had been too aggressive, they thought the Bush White House had not been assertive enough with Afghan and Pakistani leaders. So the new administration adopted a unilateral, get-tough approach in South Asia that would eventually spread elsewhere. As candidate Obama vowed in a 2007 speech, referring to Pakistan’s president at the time, "If we have actionable intelligence about high-value terrorist targets and President Musharraf won’t act, we will."

In his first year in office, Obama approved two large troop surges in Afghanistan and a vast expansion of the number of CIA operatives in Pakistan. The CIA was also given more leeway in carrying out drone strikes in the country’s ungoverned tribal areas, where foreign and local militants plot attacks for Afghanistan, Pakistan, and beyond.

The decision reflected both Obama’s belief in the need to move aggressively in Pakistan and the influence of the CIA in the new administration. To a far greater extent than the Bush White House, Obama and his top aides relied on the CIA for its analysis of Pakistan, according to current and former senior administration officials. As a result, preserving the agency’s ability to carry out counterterrorism, or "CT," operations in Pakistan became of paramount importance.

"The most important thing when it came to Pakistan was to be able to carry out drone strikes and nothing else," said a former official who spoke on condition of anonymity. "The so-called strategic focus of the bilateral relationship was there solely to serve the CT approach."

Initially, the CIA was right. Increased drone strikes in the tribal areas eliminated senior al Qaeda operatives in 2009. Then, in July 2010, Pakistanis working for the CIA pulled up behind a white Suzuki navigating the bustling streets of Peshawar. The car’s driver was later tracked to a large compound in the city of Abbottabad. On May 2, 2011, U.S. commandos killed Osama bin Laden there.

The U.S. intelligence presence, though, extended far beyond the hunt for bin Laden, according to former administration officials. At one point, the CIA tried to deploy hundreds of operatives across Pakistan but backed off after suspicious Pakistani officials declined to issue them visas. At the same time, the agency aggressively used the freer hand Obama had given it to launch more drone strikes than ever before.

Established by the Bush administration and Musharraf in 2004, the covert CIA drone program initially carried out only "personality" strikes against a preapproved list of senior al Qaeda members. Pakistani officials were notified before many, but not all, attacks. Between 2004 and 2007, nine such attacks were carried out in Pakistan, according to the New America Foundation.

In 2008, the Bush administration authorized less-restrictive "signature" strikes in the tribal areas. Instead of basing attacks on intelligence regarding a specific person, CIA drone operators could carry out strikes based on the behavior of people on the ground. Operators could launch a drone strike if they saw a group, for example, crossing back and forth over the Afghanistan-Pakistan border. In 2008, the Bush administration carried out 33 strikes.

Under Obama, the drone campaign has escalated rapidly. The number of strikes nearly doubled to 53 in 2009 and then doubled again to 118 in 2010. Former administration officials said the looser rules resulted in the killing of more civilians. Current administration officials insisted that Obama, in fact, tightened the rules on the use of drone strikes after taking office. They said strikes rose under Obama because improved technology and intelligence gathering created more opportunities for attacks than existed under Bush.

But as Pakistani public anger over the spiraling strikes grew, other diplomats expressed concern as well. The U.S. ambassador in Pakistan at the time, Anne Patterson, opposed several attacks, but the CIA ignored her objections. When Cameron Munter replaced Patterson in October 2010, he objected even more vigorously. On at least two occasions, CIA Director Leon Panetta dismissed Munter’s protests and launched strikes, the Wall Street Journal later reported. One strike occurred only hours after Sen. John Kerry, head of the Senate Foreign Relations Committee, had completed a visit to Islamabad.

A March 2011 strike brought the debate to the White House. A day after Pakistani officials agreed to release CIA contractor Raymond Davis, the agency — again over Munter’s objections — carried out a signature drone strike that the Pakistanis say killed four Taliban fighters and 38 civilians. Already angry about the Davis case, Pakistan’s Army chief, Gen. Ashfaq Parvez Kayani, issued an unusual public statement, saying a group of tribal elders had been "carelessly and callously targeted with complete disregard to human life." U.S. intelligence officials dismissed the Pakistani complaints and insisted 20 militants had perished. "There’s every indication that this was a group of terrorists, not a charity car wash in the Pakistani hinterlands," one official told the Associated Press.

Surprised by the vehemence of the official Pakistani reaction, national security advisor Tom Donilon questioned whether signature strikes were worthwhile. Critics inside and outside the U.S. government contended that a program that began as a carefully focused effort to kill senior al Qaeda leaders had morphed into a bombing campaign against low-level Taliban fighters. Some outside analysts even argued that the administration had adopted a de facto "kill not capture" policy, given its inability to close Bush’s Guantánamo Bay prison and create a new detention system.

In April 2011, the director of Pakistan’s intelligence service, Lt. Gen. Ahmed Shuja Pasha, visited Washington in an effort to repair the relationship, according to news accounts and former administration officials. Just after his visit, two more drone strikes occurred in the tribal areas, which Pasha took as a personal affront. In a rare concession, Panetta agreed to notify Pakistan’s intelligence service before the United States carried out any strike that could kill more than 20 people.

In May, after the bin Laden raid sparked further anger among Pakistani officials, Donilon launched an internal review of how drone strikes were approved, according to a former administration official. But the strikes continued. At the end of May, State Department officials were angered when three missile strikes followed Secretary of State Hillary Clinton’s visit to Pakistan.

As Donilon’s review progressed, an intense debate erupted inside the administration over the signature strikes, according to the Journal. Adm. Mike Mullen, then chairman of the Joint Chiefs of Staff, said the strikes should be more selective. Robert Gates, then the defense secretary, warned that angry Pakistani officials could cut off supplies to U.S. troops in Afghanistan. Clinton warned that too many civilian casualties could strengthen opposition to Pakistan’s weak, pro-American president, Asif Ali Zardari.

The CIA countered that Taliban fighters were legitimate targets because they carried out cross-border attacks on U.S. forces, according to the former official. In June, Obama sided with the CIA. Panetta conceded that no drone strike would be carried out when Pakistani officials visited Washington and that Clinton and Munter could object to proposed strikes. But Obama allowed the CIA director to retain final say.

Last November, the worst-case scenario that Mullen, Gates, and Clinton had warned of came to pass. After NATO airstrikes mistakenly killed 24 Pakistani soldiers on the Afghanistan-Pakistan border, Kayani demanded an end to all U.S. drone strikes and blocked supplies to U.S. troops in Afghanistan. At the same time, popular opposition to Zardari soared. After a nearly two-month lull that allowed militants to regroup, drone strikes resumed in the tribal areas this past January. But signature strikes are no longer allowed — for the time being, according to the former senior official.

Among average Pakistanis, the strikes played out disastrously. In a 2011 Pew Research Center poll, 97 percent of Pakistani respondents who knew about the attacks said American drone strikes were a "bad thing." Seventy-three percent of Pakistanis had an unfavorable view of the United States, a 10 percentage point rise from 2008. Administration officials say the strikes are popular with Pakistanis who live in the tribal areas and have tired of brutal jihadi rule. And they contend that Pakistani government officials — while publicly criticizing the attacks — agree in private that they help combat militancy. Making the strikes more transparent could reduce public anger in other parts of Pakistan, U.S. officials concede. But they say some elements of the Pakistani government continue to request that the strikes remain covert.

For me, the bottom line is that both governments’ approaches are failing. Pakistan’s economy is dismal. Its military continues to shelter Taliban fighters it sees as proxies to thwart Indian encroachment in Afghanistan. And the percentage of Pakistanis supporting the use of the Pakistani Army to fight extremists in the tribal areas — the key to eradicating militancy — dropped from a 53 percent majority in 2009 to 37 percent last year. Pakistan is more unstable today than it was when Obama took office.

A similar dynamic is creating even worse results on the southern tip of the Arabian Peninsula. Long ignored by the United States, Yemen drew sudden attention after a suicide attack on the USS Cole killed 17 American sailors in the port of Aden in 2000. In 2002, the Bush administration carried out a single drone strike in Yemen that killed Abu Ali al-Harithi, an al Qaeda operative who was a key figure in orchestrating the Cole attack. In the years that followed, the administration shifted its attentions to Iraq, and militants began to regroup.

A failed December 2009 attempt by a militant trained in Yemen to detonate a bomb on a Detroit-bound airliner focused Obama’s attention on the country. Over the next two years, the United States carried out an estimated 20 airstrikes in Yemen, most in 2011. In addition to killing al Qaeda-linked militants, the strikes killed dozens of civilians, according to Yemenis. Instead of decimating the organization, the Obama strikes have increased the ranks of al Qaeda in the Arabian Peninsula from 300 fighters in 2009 to more than 1,000 today, according to Gregory Johnsen, a leading Yemen expert at Princeton University. In January, the group briefly seized control of Radda, a town only 100 miles from the capital, Sanaa. "I don’t believe that the U.S. has a Yemen policy," Johnsen told me. "What the U.S. has is a counterterrorism strategy that it applies to Yemen."

The deaths of bin Laden and many of his lieutenants are a step forward, but Pakistan and Yemen are increasingly unstable. Pakistan is a nuclear-armed country of 180 million with resilient militant networks; Yemen, an impoverished, failing state that is fast becoming a new al Qaeda stronghold. "They think they’ve won because of this approach," the former administration official said, referring to the administration’s drone-heavy strategy. "A lot of us think there is going to be a lot bigger problems in the future."

THE BACKLASH FROM drone strikes in the countries where they are happening is not the only worry. In the United States, civil liberties and human rights groups are increasingly concerned with the breadth of powers Obama has claimed for the executive branch as he wages a new kind of war.

In the Libya conflict, the administration invoked the drones to create a new legal precedent. Under the War Powers Resolution, the president must receive congressional authorization for military operations within 60 days. When the deadline approached in May, the administration announced that because NATO strikes and drones were carrying out the bulk of the missions, no serious threat of U.S. casualties existed and no congressional authorization was needed. "It’s changed the way politicians talk about what should be the most important thing that a nation engages in," said Peter W. Singer, a Brookings Institution researcher. "It’s changed the way we in the public deliberate war."

Last fall, a series of drone strikes in Yemen set another dangerous precedent, according to civil liberties and human rights groups. Without any public legal proceeding, the U.S. government executed three of its own citizens. On Sept. 30, a drone strike killed Anwar al-Awlaki, a charismatic American-born cleric of Yemeni descent credited with inspiring terrorist attacks around the world. Samir Khan, a Pakistani-American jihadist traveling with him, was killed as well. Several weeks later, another strike killed Awlaki’s 16-year-old son, Abdulrahman al-Awlaki, also a U.S. citizen. Administration officials insisted a Justice Department review had authorized the killings but declined to release the full document.

"The administration has claimed the power to carry out extrajudicial executions of Americans on the basis of evidence that is secret and is never seen by anyone," said Jameel Jaffer, deputy legal director of the American Civil Liberties Union. "It’s hard to understand how that is consistent with the Constitution."

After criticizing the Bush administration for keeping the details of its surveillance, interrogation, and detention practices secret, Obama is doing the same thing. His administration has declined to reveal the details of how it places people on kill lists, carries out eavesdropping in the United States, or decides whom to detain overseas. The administration is also prosecuting six former government officials on charges of leaking classified information to the media — more cases than all other administrations combined.

Administration officials deny being secretive and insist they have disclosed more information about their counterterrorism practices than the Bush administration, which fiercely resisted releasing details of its "war on terror" and established the covert drone program in Pakistan. Obama administration officials say they have established a more transparent and flexible approach outside Pakistan that involves military raids, drone strikes, and other efforts. They told me that every attack in Yemen was approved by Yemeni officials. Eventually, they hope to make drone strikes joint efforts carried out openly with local governments.

For now, keeping them covert prevents American courts from reviewing their constitutionality, according to Jaffer. He pointed out that if a Republican president followed such policies, the outcry on the left would be deafening. "You have to remember that this authority is going to be used by the next administration and the next administration after that," Jaffer said. "You need to make sure there are clear limits on what is really unparalleled power."

TO THEIR CREDIT, Obama and his senior officials have successfully reframed Bush’s global battle as a more narrowly focused struggle against al Qaeda. They stopped using the term "war on terror" and instead described a campaign against a single, clearly identifiable group.

Senior administration officials cite the toppling of Muammar al-Qaddafi as the prime example of the success of their more focused, multilateral approach to the use of force. At a cost of zero American lives and $1 billion in U.S. funding, the Libya intervention removed an autocrat from power in five months. The occupation of Iraq claimed 4,484 American lives, cost at least $700 billion, and lasted nearly nine years.

"The light U.S. footprint had benefits beyond less U.S. lives and resources," Rhodes told me. "We believe the Libyan revolution is viewed as more legitimate. The U.S. is more welcome. And there is less potential for an insurgency because there aren’t foreign forces present."

In its most ambitious proposal, the administration is also trying to restructure the U.S. military, implement steep spending cuts, and "right-size" U.S. forces around the world. Under Obama’s plan, the Army would be trimmed by 80,000 soldiers, some U.S. units would be shifted from the Middle East to the Pacific, and more small, covert bases would be opened. Special Forces units that have been vastly expanded in Iraq and Afghanistan would train indigenous forces and carry out counterterrorism raids. Declaring al Qaeda nearly defeated, administration officials say it is time for a new focus.

"Where does the U.S. have a greater interest in 2020?" Rhodes asked. "Is it Asia-Pacific or Yemen? Obviously, the Asia-Pacific region is clearly going to be more important."

Rhodes has a point, but Pakistan and its nuclear weapons — as well as Yemen and its proximity to vital oil reserves and sea lanes — are likely to haunt the United States for years.

Retired military officials warn that drones and commando raids are no substitute for the difficult process of helping local leaders marginalize militants. Missile strikes that kill members of al Qaeda and its affiliates in Pakistan and Yemen do not strengthen economies, curb corruption, or improve government services. David Barno, a retired lieutenant general who commanded U.S. forces in Afghanistan from 2003 to 2005, believes hunting down senior terrorists over and over again is not a long-term solution.

"How do you get beyond this attrition warfare?" he asked me. "I don’t think we’ve answered that question yet."
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70067
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

عقيدة أوباما:  حول دور أميركا العالمي Empty
مُساهمةموضوع: رد: عقيدة أوباما: حول دور أميركا العالمي   عقيدة أوباما:  حول دور أميركا العالمي Emptyالأحد 20 مارس 2016, 8:04 am

عقيدة أوباما:  حول دور أميركا العالمي File

  • الرئيس الأميركي باراك أوباما في البيت الأبيض -



جيفري غولدبيرغ – (مجلة الأتلانتيك) عدد نيسان (أبريل) 2016
 ترجمة: علاء الدين أبو زينة
يوم الجمعة، 30 آب (أغسطس) 2013، اليوم الذي جلب فيه باراك أوباما الضعيف العاجز إلى نهاية مبكرة عهد أميركا باعتبارها القوة العظمى الوحيدة التي لا غنى عنها في العالم –أو، ربما اليوم الذي أطل فيه أوباما الحصيف الحكيم على هاوية الشرق الأوسط وتراجع عائداً عن حافة ذلك الفراغ الهائل القاتل- بدأ ذلك اليوم بخطبة هادرة ألقاها بالنيابة عن أوباما وزير خارجيته جون كيري، في العاصمة واشنطن. كان موضوع تصريحات كيري التشرشلية (1) بطريقة غير معهودة، والتي أدلى بها في "غرفة المعاهدات" في وزارة الخارجية، هي قصف المدنيين بالغاز على يد الرئيس السوري بشار الأسد.
أوباما، الذي يخدمه وزيره كيري بإخلاص -ولو بشيء من الحنق- يميل هو نفسه إلى الخطابة المحلقة الوثابة، وإنما التي لا تكون عادة من نوع الخطابة الحربية القتالية المرتبطة بتشرشل. ويعتقد أوباما أن المانوية (Manichaeanism (2)، والعدوانية المعروضة ببلاغة على النحو المنسوب إلى تشرشل، كانا مبرَّرين بصعود هتلر، وربما أمكن الدفاع عنهما في بعض الأحيان في حقبة الكفاح ضد الاتحاد السوفياتي. لكنه يعتقد أيضاً أنه ينبغي تسليح الخطاب لماماً فقط -إذا كان ينبغي تسليحه من الأساس- في مشهد الراهن الدولي الأكثر غموضاً وتعقيداً. ويعتقد الرئيس أن الخطابة التشرشلية –أو على نحو أدق، العادات التشرشلية في التفكير- هي التي ساعدت على دفع سلفه جورج دبليو بوش، إلى حرب مدمرة في العراق. وقد دخل أوباما البيت الأبيض عازماً على الخروج من العراق وأفغانستان؛ ولم يكن يريد البحث عن وحوش جديدة ليصطادها. وكان حذراً بشكل خاص من الوعد بنصر في صراعات يؤمن أن من المتعذر كسبها. وكما قال لي بِن رودس، نائب مستشار أوباما للأمن القومي، وأمين سره للسياسة الخارجية، في وقت قريب: "إذا كنت لتقول، على سبيل المثال، إننا سوف نخلَّص أفغانستان من طالبان، وسوف نبني ديمقراطية مزدهرة بدلاً منها، فإن الرئيس يدرك أن أحداً ما سيسألك، بعد سبع سنوات، عن ذلك الوعد".
لكن مزاج تصريحات كيري المحرِّضة في ذلك اليوم من آب (أغسطس)، والتي كان رودس نفسه قد شارك في صياغتها جزئياً، كان إظهار غضبَ الصالح المنتصر للحق وبذل الوعود الجريئة، بما فيها التهديد السافر بشن هجوم وشيك. كان كيري –مثل أوباما نفسه- مروَّعاً من الخطايا التي ارتكبها النظام السوري في محاولته إخماد الثورة المستمرة منذ عامين. كان جيش الأسد قد قتل أكثر من 1.400 مدني بغاز السارين في ضاحية الغوطة الدمشقية قبل تسعة أيام. وكان الشعور السائد داخل إدارة أوباما هو أن الأسد قد استحق عقاباً شديداً. وفي اجتماعات "غرفة العمليات" التي أعقبت الهجوم على الغوطة، كان كبير موظفي البيت الأبيض دينيس ماكدونو، فقط هو الذي حذّر صراحة من مخاطر التدخل، بينما حاجج كيري بحماس لصالح القيام بعمل عسكري في سورية. 
قال كيري في كلمته: "بينما تجمعت عواصف سابقة في التاريخ، حين كان وقف الجرائم الفظيعة التي لا توصف في متناول أيدينا، تم تحذيرنا من إغواءات إدارة الوجه إلى الجهة الأخرى. إن التاريخ مليء بالقادة الذين حذروا من مغبة التقاعس، واللامبالاة، وخاصة من مغبة الصمت عندما يكون الأمر مهماً أكثر ما يكون".
عدَّ كيري الرئيس أوباما بين أولئك القادة. وقبل ذلك بعام واحد، عندما اشتبهت الإدارة بأن نظام الأسد يفكر في استخدام الأسلحة الكيميائية، كان أوباما قد أعلن: "كنا واضحين جداً مع نظام الأسد... إنه خط أحمر بالنسبة لنا أن نشرع في رؤية تحريك أو استخدام مجموعة كاملة من الأسلحة الكيميائية. سوف يغير ذلك حساباتي. سوف يغير ذلك معادلتي".
على الرغم من هذا التهديد، بدا أوباما في نظر الكثير من المنتقدين منفصلاً ببرود عن معاناة السوريين الأبرياء. كان الرئيس قد دعا في وقت متأخر من صيف العام 2011 إلى رحيل الأسد. وقال أوباما: "من أجل الشعب السوري، حان الوقت للرئيس الأسد كي يتنحى". لكن أوباما فعل القليل بداية للتعجيل بنهاية الأسد.
قاوم أوباما المطالب بالقيام بعمل، في جزء منه لأنه افترض، استناداً إلى تحليلات وكالات الاستخبارات الأميركية، أن الأسد سيسقط من دون مساعدته. وقال لي دينيس روس، مستشار أوباما السابق لشؤون الشرق الأوسط، مشيراً إلى المغادرة السريعة للرئيس حسني مبارك في العام 2011، وهي لحظة مثلت ذروة الربيع العربي: "اعتقد (أوباما) أن الأسد سيذهب بنفس الطريقة الذي ذهب بها مبارك". لكن مقاومة أوباما للتدخل زادت فحسب بينما تشبث الأسد بالسلطة. وبعد عدة أشهر من المداولات، أمر أوباما وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية بتدريب وتمويل الثوار السوريين، لكنه شارك وزير دفاعه السابق روبرت غيتس، رؤيته أيضاً، وهو الذي كان يسأل بشكل روتيني في الاجتماعات: "ألا يجب علينا أن ننهي الحربين اللتين لدينا مسبقاً قبل أن نبحث عن واحدة أخرى؟".
كانت السفيرة الحالية إلى الأمم المتحدة سامانثا باور، وهي صاحبة النزعة التدخلية الأبرز من بين كبار مستشاري أوباما، قد جادلت مبكراً لصالح فكرة تسليح الثوار السوريين. باور التي كانت تعمل خلال هذه الفترة في مجلس الأمن القومي، هي مؤلفة الكتاب الذي لقي الكثير من الحفاوة، والذي ينتقد بشدة سلسلة من الرؤساء الأميركيين على إخفاقاتهم في منع عمليات الإبادة الجماعية. وكان كتابها "مشكلة من الجحيم"، الذي نشر في العام 2002، هو الذي لفت انتباه أوباما إلى باور عندما كان عضواً في مجلس الشيوخ الأميركي، ولو أن الاثنين لم يشكلا نظيرين أيديولوجيين واضحين. كانت باور منحازة تماماً إلى المذهب المعروف باسم "مسؤولية الحماية"، التي تعتقد أن السيادة لا ينبغي أن تعتبر غير قابلة للنقض عندما تقوم دولة بذبح مواطنيها. وقد ضغطت على أوباما لتأييد هذا المذهب في الكلمة التي ألقاها عندما قبل جائزة نوبل للسلام في العام 2009، لكنه رفض ذلك. ولا يؤمن أوباما بشكل عام بأن على أي رئيس أن يضع الجنود الأميركيين تحت خطر جسيم من أجل منع حدوث كوارث إنسانية، إلا إذا كانت هذه الكوارث تشكل تهديداً أمنياً مباشراً للولايات المتحدة نفسها.
وقد تجادلت باور أحياناً مع أوباما أمام بقية أعضاء مجلس الأمن القومي، إلى درجة لم يستطع معها إخفاء سخطه، فقاطعها ذات مرة: "سامانثا، هذا يكفي، لقد قرأت كتابك مسبقاً".
يُكنّ أوباما، على عكس التدخليين الليبراليين، إعجاباً بالسياسة الخارجية الواقعية التي انتهجها الرئيس جورج بوش الأب -وعلى وجه الخصوص، واقعية مستشار الأمن القومي للرئيس بوش، برينت سكوكروفت. (قال لي أوباما ذات مرة: "أنا أحب هذا الرجل"). وكان بوش وسكوكروفت قد طردا جيش صدام من الكويت في العام 1991، وتدبرا بشكل حاذق أمر تفكيك الاتحاد السوفياتي؛ كما تبادل سكوكروفت الأنخاب أيضاً، نيابة عن بوش، مع قادة الصين بعد وقت قصير من مذبحة ميدان تيانانمين. وعندما كان أوباما يكتب برنامج حملته الانتخابية "جرأة الأمل" في العام 2006، شعرت سوزان رايس، التي كانت في ذلك الحين مستشارة غير رسمية له، أن من الضروري تذكيره بتضمين سطر واحد على الأقل من الثناء على السياسة الخارجية للرئيس بيل كلينتون، لكي يوازن جزئياً على الأقل كمَّ المديح الذي انهال به على بوش وسكوكروفت.
في بداية الانتفاضة السورية في أوائل العام 2011، جادلت باور بأن الثوار، القادمين من صفوف المواطنين العاديين، يستحقون دعم أميركا المتحمس. ولاحظ آخرون أن الثوار هم من المزارعين، والأطباء والنجارين، مقارنين هؤلاء الثوريين بأولئك الرجال الذين كانوا قد كسبوا حرب أميركا من أجل الاستقلال.
لكن أوباما قلب هذه الفكرة رأساً على عقب. قال لي ذات مرة: "عندما يكون لديك جيش محترف، جيد التسليح وترعاه دولتان كبيرتان" –إيران وروسيا- " الذين لديهم مصالح كبيرة في هذا، ويقاتلون ضد مزارع، ونجار، ومهندس، بدأوا الأمر كمتظاهرين ثم يجدون أنفسهم الآن في خضم صراع أهلي...". وتوقف هنيهة. "فإن فكرة أننا كنا نستطيع أن نغيِّر –بطريقة نظيفة لا تُلزم القوات العسكرية الأميركية- المعادلة على الأرض هناك، لم تكن صحيحة مطلقاً". وكانت الرسالة التي أبرقها أوباما في الخطابات والمقابلات واضحة: لا يمكن أن ينتهي به المطاف إلى أن يكون الرئيس بوش الثاني –رئيساً أفرط في التوسع المأسوي في الشرق الأوسط بحيث تملأ قراراته عنابر "وولتر ريد" بالجنود المصابين بجراح خطيرة، والذي عجز عن وقف تدهور سمعته، حتى عندما قام بتعديل سياساته في فترة ولايته الثانية. ويقول أوباما في الجلسات الخاصة إن المهمة الأولى لأي رئيس أميركي في مشهد ما بعد بوش العالمي هي "لا تفعل شيئاً هراءً أحمق".
أحبطت مقاومة أوباما باور والآخرين في فريق أمنه القومي الذين كانوا يفضلون القيام بعمل. وجادلت هيلاري كلينتون، عندما كانت وزيرة خارجية أوباما، لصالح استجابة مبكرة وحازمة ضد عنف الأسد. وفي العام 2014، بعد أن غادرت المنصب، قالت لي كلينتون إن "الفشل في المساعدة على بناء قوة قتالية موثوقة من الناس الذين كانوا المنشئين الأساسيين للاحتجاجات ضد الأسد... ترك فراغاً كبيراً، والذي ملأه الجهاديون الآن". وعندما نشرت مجلة "الأتلانتيك" هذه العبارة، وتقدير كلينتون أن "الدول العظيمة تحتاج إلى مبادئ تنظيمية، ولا تفعل شيئاً هراءً أحمق ليس مبدأ تنظيمياً"، كان أوباما "غاضباً جداً"، وفقاً لأحد كبار مستشاريه. لم يفهم الرئيس كيف أن "لا تفعل شيئاً هراءً أحمق" يمكن أن يكون شعاراً مثيراً للجدل. ويتذكر بِن رودس أن "الأسئلة التي كنا نطرحها في البيت الأبيض كانت: "مَن مع جماعة الهراء الأحمق؟"، "من يناصر عمل الهُراء الأحمق"؟. وقد اعتقد أوباما أن غزو العراق كان ينبغي أن يعلِّم التدخليين الديمقراطيين مثل كلينتون، التي كانت قد صوتت لصالح التفويض بالحرب، مخاطر عمل الهُراء الأحمق. (اعتذرت كلينتون سريعاً لأوباما عن تعليقاتها، وأعلن متحدث باسم كلينتون أن الاثنين سوف "يتعانقان" وينسيا ذلك في جزيرة مارثا فينيارد عندما تتقاطع طرقهما هناك في وقت لاحق).
شكلت سورية بالنسبة لأوباما منحدراً ربما يكون زلِقاً مثل العراق. وفي فترة ولايته الأولى، خلص إلى الاعتقاد بأن حفنة فقط من التهديدات في الشرق الأوسط هي التي يتصور أنها قد تبرر تدخلاً عسكرياً أميركياً مباشراً هناك. وشمل ذلك، التهديد الذي يشكله تنظيم القاعدة؛ الأخطار التي تتهدد استمرار وجود إسرائيل ("سيكون فشلاً أخلاقياً لي كرئيس للولايات المتحدة" عدم الدفاع عن إسرائيل، كما قال لي في إحدى المرات). وفيما لا ينفصل عن أمن إسرائيل، التهديد الذي تشكله إيران مسلحة نووياً. ولم يرقَ التهديد الذي يشكله نظام الأسد للولايات المتحدة إلى مستوى هذه التحديات.
بالنظر إلى تحفظات أوباما على التدخل، كان الخط الأحمر الساطع الذي رسمه للأسد في صيف العام 2012 مذهلاً وصادماً -حتى أن مستشاريه أنفسهم فوجئوا به. وقال لي وزير دفاعه في ذلك الوقت، ليون بانيتا: "لم أكن أعرف أن ذلك كان قادماً". وقيل لي إن نائب الرئيس جو بايدن، كان قد حذر أوباما مراراً من مغبة رسم خط أحمر على الأسلحة الكيميائية السورية، خشية أن يتوجب عليه فرضه وتنفيذ تهديده في يوم من الأيام.
اقترح كيري، في تصريحاته يوم 30 آب (أغسطس) 2013، أن الأسد يجب أن يُعاقب، في جزء منه لأن "مصداقية ومستقبل مصالح الولايات المتحدة الأميركية وحلفائنا"، كانت على المحك. "إنها مسألة تتصل مباشرة بصدقيتنا وبما إذا كانت البلدان ما تزال تصدق الولايات المتحدة عندما تقول شيئاً. إنهم يراقبون ليروا إذا كانت سورية تستطيع أن تفلت من العقاب، لأنهم يستطيعون عندئذٍ هم أيضاً أن يضعوا العالم تحت خطر أكبر".
وبعد تسعين دقيقة لاحقاً، وفي البيت الأبيض، عزز أوباما رسالة كيري في بيان علني: "من المهم لنا إدراك أنه عندما يُقتل أكثر من 1.000 شخص، بمن فيهم مئات الأطفال الأبرياء، بسبب استخدام سلاح تقول 98 أو 99 في المائة من البشر إنه لا يجب أن يستخدم حتى في الحرب، ولا يكون هناك رد فعل، فإننا إنما نرسل بذلك إشارة بأن هذا المعيار الدولي لا يعني الكثير. وهذا يشكل خطراً على أمننا القومي".
بدا كما لو أن أوباما خلص إلى استنتاج أن الأضرار التي تلحق بالمصداقية الأميركية في إحدى مناطق العالم سوف تنزف إلى مناطق أخرى، وأن قدرة الردع الأميركية كانت في الواقع على المحك في سورية. والأسد، كما يبدو، نجح في دفع الرئيس إلى مكان لم يظن أبداً أنه يمكن أن يذهب إليه. ويعتقد أوباما بشكل عام بأن مؤسسة السياسة الخارجية في واشنطن، والتي يزدريها في السر، تصنع صنماً من "المصداقية" –خاصة من نوع المصداقية التي تُشترى بالقوة. والاحتفاظ بالمصداقية، كما يقول، قاد إلى فيتنام. وفي داخل البيت الأبيض، سيجادل أوباما بأن "إسقاط القنابل على أحد ما لإثبات أنك راغب في إسقاط القنابل على أحد ما، إنما يتعلق فقط بأسوأ سبب لاستخدام القوة".
إن مصداقية الأمن القومي الأميركي، كما تُفهم تقليدياً في وزارة الدفاع، ووزارة الخارجية، وحزمة مؤسسات الفكر والرأي التي تقع مقراتها على مسافة مسيرة قصيرة على القدمين من البيت الأبيض، هي قوة غير ملموسة –وإنما قوية جداً –، عندما تتم تغذيتها بشكل مناسب، تبقي أصدقاء أميركا يشعرون بأنهم آمنون وتبقي النظام العالمي مستقراً.
في اجتماعات البيت الأبيض في ذلك الأسبوع الحاسم من آب (أغسطس)، جادل بايدن، الذي عادة ما كان يشارك أوباما مخاوفه بشأن فرط التمدد الأميركي، بحماسة بأن "الدول الكبيرة لا تمارس الخداع". وقد اعتقد أوثق حلفاء أميركا في أوروبا وعبر الشرق الأوسط أن أوباما كان يهدد باتخاذ عمل عسكري، وفعل مستشاروه الخاصون الشيء نفسه. وفي مؤتمر صحفي مشترك مع أوباما في البيت الأبيض في أيار (مايو) السابق، كان ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء البريطاني، قد قال: "إن تاريخ سورية يُكتب بدم أبنائها، ويحدث ذلك أمام أنظارنا". وكان القصد من تصريح كاميرون، كما قال لي أحد مستشاريه، هو حث أوباما على اتخاذ عمل أكثر حسماً. وقال لي المستشار: "كان رئيس الوزراء بالتأكيد تحت الانطباع بأن الرئيس سوف يفرض الخط الأحمر". وقال السفير السعودي في واشنطن في ذلك الوقت، عادل الجبير، لأصدقائه، ولرؤسائه في الرياض، بأن الرئيس أصبح أخيراً مستعداً للضرب. وقال الجبير، الذي أصبح الآن وزير الخارجية السعودية، لأحد المحاورين، إن أوباما "أدرك مدى أهمية هذا الأمر. سوف يضرب بكل تأكيد".
كان أوباما قد أمر وزارة الدفاع مسبقاً بوضع قوائم بالأهداف في سورية. وكانت خمس مدمرات من فئة آرلي بيرك متواجدة في البحر الأبيض المتوسط، جاهزة لإطلاق صواريخ كروز على أهداف النظام. وكان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، المؤيد الأكثر حماسة للتدخل من بين القادة الأوروبيين، يستعد للضرب أيضاً. وعلى مدار الأسبوع، قام مسؤولو البيت الأبيض ببناء القضية علناً للجمهور بأن الأسد ارتكب جريمة ضد الإنسانية. وسوف تكون كلمة كيري تتويجاً لهذه الحملة.
لكن الرئيس أصبح نهباً لقلق متصاعد. في الأيام التي تلت ضرب الغوطة بالغاز، كما سيخبرني أوباما في وقت لاحق، وجد نفسه ينكص عن فكرة تنفيذ هجوم غير مصرح به من القانون الدولي أو الكونغرس. وبدا الشعب الأميركي غير متحمس إزاء تدخل في سورية؛ وكذلك فعلت أيضاً واحدة من القادة الأجانب القلائل الذين يكنُّ أوباما لهم الاحترام، أنجيلا ميركل، المستشارة الألمانية. قالت له إن بلدها لن يشارك في حملة سورية. وفي تطور مدهش، يوم الخميس، 29 آب (أغسطس)، حجب البرلمان البريطاني عن ديفيد كاميرون مباركته لشن هجوم. وقال لي جون كيري لاحقاً إنه عندما سمع بذلك: "في داخلي، قلت: أووبس".
كما لم يكن أوباما مرتاحاً أيضاً لخلاصة الزيارة المفاجئة التي قام بها في وقت مبكر من الأسبوع جيمس كلابر، مدير مخابراته القومية، الذي قاطع إيجاز الرئيس اليومي (تقرير التهديدات الذي يتلقاه أوباما كل صباح من محللي كلابر) ليوضح للرئيس أن المعلومات الاستخبارية عن استخدام سورية لغاز السارين، مع أنها قوية، لا تشكل "تغميسة" Slam dunk. وقد اختار كلابر ذلك التعبير بعناية كبيرة. كلابر، رئيس مجتمع الاستخبارات، والمصاب بتروما من إخفاقات ذلك المجتمع في فترة التحضير لحرب العراق، لم يكن ليفرط في الوعد على طريقة مدير الاستخبارات المركزية الأميركية الأسبق جورج تينيت، الذي قدم الضمانة الشهيرة للرئيس بوش بتسجيل "تغميسة" في العراق.
بينما كانت وزارة الدفاع ومؤسسة الأمن القومي في البيت الأبيض ما تزالان تتحركان في اتجاه الحرب (أخبرني جون كيري لاحقاً أنه كان يتوقع ضربة في اليوم الذي يلي خطبته)، تشكل لدى الرئيس اعتقاد بأنه يسير إلى فخ –واحد نصبه كل من الحلفاء والخصوم على حد سواء، على أساس التوقعات التقليدية لما يفترض أن يفعله رئيس أميركي.
لم يفهم العديد من مستشاريه عمق شكوك الرئيس؛ لم يكن مجلس وزرائه ولا حلفاؤه غافلين عنها تماماً، لكن شكوكه كانت تتصاعد. وفي وقت متأخر من مساء الجمعة، قرر أوباما أنه ليس مستعداً ببساطة للتفويض بتوجيه ضربة. وطلب من ماكدونو، رئيس موظفيه، الخروج للتمشي معه في الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض. ولم يختر أوباما ماكدونو عشوائياً: إنه الأكثر نفوراً من التدخل العسكري الأميركي بين مساعدي أوباما. وهو شخص، بكلمات أحد زملائه "يفكر أيضاً بمنطق الفخاخ". كان أوباما، الرجل الواثق بنفسه بطريقة خارقة في العادة، يبحث عن التحقق من صحة رأيه، ويحاول اجتراح طرق لتفسير تغييره رأيه، سواء لمساعديه أنفسهم أو للجمهور. وبقي هو وماكدونو في الخارج لمدة ساعة. وأخبره أوباما أنه كان قلقاً من أن الأسد قد يستخدم المدنيين ـ"دروعاً بشرية" حول الأهداف الواضحة. كما أشار أيضاً إلى ثغرة أساسية في الضربة المقترحة: لن يتم إطلاق الصواريخ الأميركية على مستودعات الأسلحة الكيميائية، خوفاً من تصاعد أعمدة السموم في الهواء. وسوف تستهدف الضربة الوحدات العسكرية التي كانت قد أطلقت هذه الأسلحة، وليس الأسلحة نفسها.
كما أطلع أوباما ماكدونو أيضاً على شعور ينتابه منذ وقت طويل: إنه متعبٌ من مشاهدة واشنطن وهي تنجرف بلا تفكير في اتجاه حرب أخرى في الدول الإسلامية. قبل أربع سنوات، كما اعتقد الرئيس، كانت وزارة الدفاع قد "حشرته" في زيادة لعديد القوات في أفغانستان. والآن، في سورية، بدأ يشعر بأنه محشور مرة أخرى.
عندما عاد الرجلان إلى المكتب البيضاوي، قال الرئيس لمساعديه للأمن القومي إنه قرر التهدئة. لن يكون هناك هجوم في اليوم التالي؛ إنه يريد أن يحيل الأمر إلى الكونغرس للتصويت. وأصيب المساعدون في الغرفة بالصدمة والذهول. جادلت سوزان رايس، التي أصبحت الآن مستشارة أوباما للأمن القومي، بأن الضرر الذي سيلحق بمصداقية أميركا سيكون خطيراً ومقيماً. ووجد الآخرون صعوبة في إدراك كيف أن الرئيس يمكن أن يناقض نفسه، تماماً في اليوم السابق لضربة مخطط لها. ومع ذلك، ظل أوباما هادئاً تماماً. وأخبرني بن رودس: "لو أنك من الذين يتواجدون حوله، فإنك تعرف متى يكون متردداً إزاء شيء، عندما يكون الأمر متعلقاً بقرار 51-49، لكنه كان مرتاحاً تماماً".
قبل وقت ليس بالبعيد، كنت قد طلبت من أوباما أن يصف لي أفكاره في ذلك اليوم. وسرد لي هموماً عملية كانت قد شغلته: "كان لنا مفتشون من الأمم المتحدة موجودون على الأرض ويستكملون عملهم، ولم نستطع أن نخاطر بعمل شيء بينما كانوا هناك. وهناك عامل رئيسي آخر، هو فشل كاميرون في الحصول على موافقة من برلمانه". 
أما العنصر الثالث، والأكثر أهمية، كما قال لي، فكان "تقديرنا أنه بينما نستطيع إلحاق بعض الضرر بالأسد، فإننا لا نستطيع، بهجوم صاروخي، القضاء على الأسلحة الكيميائية نفسها، وما سأواجهه بعد ذلك كان احتمال أن يزعم الأسد –إذا نجا من الضربة- أنه تحدى الولايات المتحدة بنجاح، وأن الولايات المتحدة تصرفت بشكل غير قانوني بدون تخويل من الأمم المتحدة، وكان ذلك ينطوي على إمكانية تقوية موقفه بدلاً من إضعافه".
والعنصر الرابع، كما قال لي، كان ينطوي على أهمية فلسفية أعمق. قال: "إنه شيء يندرج في فئة شيء كنت أطيل تأمله منذ وقت طويل. لقد جئت إلى المنصب مع اعتقاد قوي بأن نطاق السلطة التنفيذية في قضايا الأمن القومي واسع جداً، وإنما ليس بلا حدود". (يُتبع)

(1) نسبة إلى ونستون ليونارد سبنسر تشرشل (30 )تشرين الثاني (نوفمبر) 1874– 24 كانون الثاني (يناير) 1965 في لندن. كان رئيس وزراء المملكة المتحدة من العام 1940 وحتى العام 1945 (إبان الحرب العالمية الثانية). وفي العام 1951 تولى تشرشل المنصب ذاته إلى العام 1955. يُعد تشرشل أحد أبرز القادة السياسيين الذين ظهروا على الساحة السياسية خلال الحروب التي اندلعت في القرن العشرين. 
(2) المانوية من العقائد الثنوية، بمعنى أنها تقوم على اعتقاد بأن العالم مركب من أصلين قديمين، أحدهما النور والآخر الظلمة. وقد تأسس المذهب في فارس في القرن الثالث على يد ماني. وانتشر في الإمبراطورية الرومانية وآسيا، ودام في تركستان الشرقية حتى القرن 13. وقد استخدمه غولدبيرغ على الأغلب لوصف فكرة تشرشل عن اعتبار الصراع العالمي مقسوماً بحدة بين النور والظلام.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70067
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

عقيدة أوباما:  حول دور أميركا العالمي Empty
مُساهمةموضوع: رد: عقيدة أوباما: حول دور أميركا العالمي   عقيدة أوباما:  حول دور أميركا العالمي Emptyالإثنين 21 مارس 2016, 9:37 am


عقيدة أوباما: الرئيس الأميركي يعرض شرحا إضافيا لأصعب قراراته حول دور أميركا العالمي (الجزء الثاني)



عقيدة أوباما:  حول دور أميركا العالمي File


كان أوباما يعرف أن قراره عدم قصف سورية سوف يزعج حلفاء أميركا على الأغلب. وقد فعل. وقال لي رئيس وزراء فرنسا، مانويل فالس، إن حكومته كانت تشعر بالقلق مسبقاً من تداعيات التقاعس عن العمل في سورية عندما جاءتها الأخبار عن تراجع أوباما. وقال لي فالس: "بعدم التدخل في وقت أبكر، خلقنا وحشاً. كنا متأكدين تماماً أن الإدارة الأميركية سوف تقول نعم للعمل. كنا قد حددنا الأهداف مسبقاً بالعمل مع الأميركيين. كان ذلك مفاجأة عظيمة. أعتقد أن الأشياء كانت ستختلف كثيراً اليوم لو أننا قصفنا كما كان مخططاً". وقال ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد آل نهيان، الذي كان غاضباً أصلاً من "تخلي" أوباما عن الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، قال غاضباً لزوار أميركيين إن الولايات المتحدة يقودها رئيس "غير جدير بالثقة". وملك الأردن عبد الله الثاني -المستاء مسبقاً مما رآه على أنه رغبة أوباما غير المنطقية في النأي بالولايات المتحدة عن حلفائها التقليديين من العرب السنة وخلق تحالف جديد مع إيران، راعية الأسد الشيعية- قال في جلسة خاصة: "أنا أؤمن بالقوة الأميركية أكثر مما يفعل أوباما". كما غضب السعوديون أيضاً. إنهم لم يثقوا أبداً بأوباما -كان قد أشار إليهم، قبل وقت طويل من أن يصبح رئيساً، على أنهم "ما يدعى حليفاً" للولايات المتحدة. وقال الجبير، السفير السعودي في واشنطن، لرؤسائه في الرياض: "إن إيران هي القوة العظمى الجديدة في الشرق الأوسط، والولايات المتحدة هي القديمة".
تسبب قرار أوباما في هزات عبر واشنطن أيضاً. كان جون مكين ولندسي غراهام، الصقران الجمهوريان الأبرز في مجلس الشيوخ، قد اجتمعا مع أوباما في البيت الأبيض في وقت سابق من الأسبوع، وتلقيا وعداً بشن هجوم. وقد أغضبتهما هذه الاستدارة الكاملة. كما وقع الضرر أيضاً حتى في داخل الإدارة نفسها. لم يكن أي من تشاك هاغل، وزير الدفاع في ذلك الحين، ولا جون كيري، حاضرين في المكتب البيضاوي عندما أعلم الرئيس فريقه بأفكاره الجديدة. ولم يعرف كيري عن التغيير قبل وقت متأخر من ذلك المساء. وقال لصديق بعد فترة قصيرة من التحدث مع الرئيس في تلك الليلة: "لقد ذهلتُ تماماً فحسب". (عندما سألت كيري مؤخراً عن تلك الليلة المضطربة، قال "إنني لا أكف عن تحليل الأمر. خمنت أن لدى الرئيس سببا لاتخاذ القرار، وبصراحة، فهمت فكرته").
كانت الأيام القليلة التالية فوضوية. طلب الرئيس من الكونغرس منح تفويض باستخدام القوة -وعمل كيري الذي يتعذر كبحه رئيساً لجماعة الضغط- وسرعان ما اتضح في البيت الأبيض أن للكونغرس قليلا من المصلحة في توجيه ضربة. وعندما تحدثت مع بايدن مؤخراً عن قرار أوباما عدم إنفاذ تهديد "الخط الأحمر"، علق بملاحظة خاصة عن هذه الحقيقة. قال: "من المهم أن يكون الكونغرس إلى جانبك، إلى جانب قدرتك على استدامة ما تنوي فعله". إن أوباما "لم يذهب إلى الكونغرس ليخلص نفسه من الصنارة. كانت لديه شكوكه عند تلك النقطة، لكنه كان يدرك أنه إذا أراد فعل أي شيء، فإن من الأفضل له بكثير أن يكون الجمهور معه، أو أن مسعاه سيكون رحلة قصيرة جداً". وقد أقنع تردد الكونغرس الواضح في منح التفويض جو بايدن بأن أوباما كان على حق في تخوفه من المنحدر الزلق. وتساءل بايدن: "ما الذي يحدث لو أن طائرة سقطت؟ ألا نذهب إلى هناك للإنقاذ؟ يجب عليك أن تدعم الشعب الأميركي".
وسط ذلك الارتباك، ظهرت آلة خارقة عملاقة في شكل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين. في قمة العشرين في سانت بطرسبرغ، التي عُقدت بعد أسبوع من عكس قرار سورية، سحب أوباما بوتين جانباً، كما تذكر وهو يحدثني، وقال للرئيس الروسي أنه "إذا أجبر الأسد على التخلص من الأسلحة الكيميائية، فإن ذلك سيلغي حاجتنا إلى توجيه ضربة عسكرية". وفي غضون أسابييع، سوف يهندس جون كيري، بالعمل مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، أمر إزالة معظم ترسانة الأسلحة الكيميائية السورية -وهي برنامج كان الأسد قد رفض حتى ذلك الحين مجرد الاعتراف بوجوده.
جلب ذلك الترتيب الثناء على الرئيس، من بين جميع الناس، من بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل الذي كانت علاقته معه مثيرة للجدل على الدوام. فقد شكلت إزالة مخزونات أسلحة سورية الكيميائية "شعاع الضوء الوحيد في منطقة بالغة الظلمة"، كما قال لي نتنياهو بعد وقت قصير من الإعلان عن ذلك الاتفاق.
لا يعرض جون كيري اليوم أي صبر أمام أولئك الذين يجادلون اليوم -كما فعل هو نفسه ذات مرة- بأن أوباما كان يجب أن يقصف مواقع نظام الأسد من أجل تأكيد قوة الردع الأميركية. وقال لي عن ذلك: "كانت ستظل لديك أسلحة هناك، وربما كنتَ الآن بصدد مقاتلة داعش من أجل السيطرة على الأسلحة"، مشيراً إلى مجموعة "الدولة الإسلامية" الإرهابية. وأضاف: "لا يبدو ذلك معقولاً فحسب. لكنني لا أستطيع أن أنكر أمامك أن تلك الفكرة عن تعرض الخط الأحمر للتجاوز، وعدم فعل (أوباما) أي شيء حيال ذلك، قد كسبت حياة خاصة بها وحدها".
يدرك أوباما جيداً أن المؤرخين سوف يستنطقون بلا رحمة القرار الذي اتخذه بالتراجع عن الضربات الجوية لسورية، والسماح بأن يذهب تجاوز خط أحمر كان قد رسمه هو نفسه من دون عقاب. لكن ذلك القرار يشكل اليوم مصدر ارتياح عميقا بالنسبة له.
قال لي الرئيس: "إنني فخور جداً بهذه اللحظة. لقد ابتعد الوزن الساحق للاعتقادات السائدة ولآلة مؤسسة أمننا القومي مسافة جيدة. كان التصور هو أن مصداقيتي كانت على المحك، وأن مصداقية أميركا كانت على المحك. وحتى الآن بالنسبة لي، كان ضغط زر الإيقاف في تلك اللحظة، كما أدركت، سيكلفني سياسياً. وحقيقة أنني تمكنت من الابتعاد عن الضغوط المباشرة والتفكير ملياً وحدي في تقدير ما هو أفضل لمصالح أميركا -ليس فقط فيما يتعلق بسورية، وإنما أيضاً فيما يتعلق بديمقراطيتنا- كان ذلك قراراً صعباً اتخذته. وأعتقد في نهاية المطاف أنه كان القرار الصحيح الذي ينبغي اتخاذه".
قال الرئيس: "أين يجعلني ذلك مثيراً للجدل؟ عندما يأتي الأمر إلى استخدام القوة العسكرية، فإن ذلك هو مصدر الجدل. هناك كتاب لقواعد اللعبة في واشنطن، والذي يفترض في الرؤساء أن يتبعوه. وهو كتاب يأتي من مؤسسة السياسة الخارجية. ويصف كتاب قواعد اللعبة هذا ماهية الردود على الأحداث المختلفة، وتميل تلك الاستجابات إلى أن تكون عسكرية. وحيث تكون أميركا مهددة مباشرة، فإن كتاب القواعد هذا يعمل. لكن كتاب قواعد اللعبة يمكن أن يكون أيضاً مصيدة ربما تقود إلى اتخاذ قرارات خاطئة. وسط تحد دولي مثل سورية، سيتم الحكم عليك بقسوة إذا لم تتبع القواعد المذكورة في الكتاب، حتى لو أن هناك أسباباً وجيهة لتفسير عدم انطباق تلك القواعد على واقع الحال".
خلصت إلى الاعتقاد بأن 30 آب (أغسطس) 2013 كان في ذهن أوباما بمثابة يوم تحرره؛ اليوم الذي لم يتجاهل فيه مؤسسة السياسة الخارجية وكتاب قواعدها لاستخدام صواريخ كروز فحسب، وإنما تجاهل أيضاً مطالب حلفاء أميركا المغيظين ومكلفي الصيانة في الشرق الأوسط -بلدان تسعى، كما يشتكي لأصدقائه ومستشاريه في الجلسات الخاصة، إلى استغلال "العضلات" الأميركية لخدمة غاياتها الخاصة الضيقة والطائفية. وبحلول العام 2013، كان استياء أوباما قد تطور إلى حد كبير. أصبح مستاءً من قادة الجيش الذين يعتقدون أنهم يستطيعون إصلاح أي مشكلة إذا منحهم القائد الأعلى ببساطة ما يريدون. وكان مستاءً من مجمع مؤسسات الفكر والرأي المختصة بالسياسة الخارجية. وكان هناك شعور سائد إلى حد كبير في داخل البيت الأبيض بأن العديد من أكثر المؤسسات الفكرية المشتغلة بالسياسة الخارجية بروزاً في واشنطن، إنما تقوم فقط بتنفيذ عطاءات لصالح مموليها من العرب ومؤيدي إسرائيل. وقد سمعت مسؤولاً في الإدارة يشير إلى جادة مساشوستس، حيث توجد مقرات العديد من هذه المؤسسات الفكرية، باسم "الأراضي العربية المحتلة".
بالنسبة لبعض خبراء السياسة الخارجية -حتى في داخل إدارته نفسها- كان انقلاب أوباما على فرض الخط الأحمر لحظة محبطة، والتي عرض فيها الرئيس كلاً من التردد والسذاجة، وألحق ضرراً دائماً بموقف أميركا في العالم. وقال لي ليون بينيتا مؤخراً، والذي عمل مديراً لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ثم وزيراً للدفاع في ولاية أوباما الأولى: "اعتقدت في ذلك الحين أن مصداقية القائد العام وهذه الفكرة نفسها سيكونان على المحك إذا لم يقم بإنفاذ التهديد". ومباشرة بعد تراجع أوباما، قالت هيلاري كلينتون في حديث خاص: "إذا قلتَ إنك ستضرب، فعليك أن تضرب. ليس هناك خيار".
وفي ذلك الوقت، كتب شادي حميد، الباحث في معهد بروكينغز، في مجلة "الأتلانتيك": "تتم الآن مكافأة الأسد عملياً على استخدامه الأسلحة الكيميائية، بدلاً من "معاقبته" كما كان مقرراً في الأساس. لقد تمكن من إزالة تهديد عمل عسكري أميركي بينما يعطي القليل جداً في المقابل".
وحتى المعلقين الذين كانوا متعاطفين عموماً مع سياسات أوباما، نظروا إلى ذلك الفصل على أنه كارثي. وكتب جدعون روز، محرر مجلة "فورين أفيرز" مؤخراً أن معالجة أوباما لهذه الأزمة -"إعلانه في البداية عن التزام كبير، ثم تعثره في الوفاء به، ثم إلقاء الكرة بشكل محموم في ملعب الكونغرس من أجل استصدار قرار- شكل كله حالة دراسة للارتجال وعمل الهواة بطريقة محرجة".
مع ذلك، يقول المدافعون عن أوباما إن قراره عدم إنفاذ التهديد الخاص بعبور الخط الأحمر لم يلحق أي ضرر بمصداقية الولايات المتحدة، مستشهدين بموافقة الأسد اللاحقة على إزالة أسلحته الكيميائية. وقال لي تيم كين، السيناتور الديمقراطي من فيرجينيا: "كان ذلك التهديد بالقوة موثوقاً بما يكفي بالنسبة إليهم ليجعلهم يتخلون عن أسلحتهم الكيميائية. لقد هددنا بعمل عسكري وهم استجابوا. هذه هي مصداقية الردع".
ربما يسجل التاريخ يوم 30 آب (أغسطس) 2013 على أنه اليوم الذي منع فيه أوباما الولايات المتحدة من دخول حرب أهلية إسلامية كارثية أخرى، واليوم الذي أزال فيه تهديد احتمال شن هجوم كيميائي على إسرائيل وتركيا والأردن. أو أنه ربما يتم تذكره على أنه اليوم الذي جعل فيه أوباما الشرق الأوسط ينزلق من قبضة أميركا، إلى أيدي روسيا وإيران و"داعش".
كنت قد تحدثت مع أوباما عن السياسة الخارجية أول الأمر عندما كان عضواً في مجلس الشيوخ الأميركي في العام 2006. وفي ذلك الوقت، كنت على دراية بشكل خاص بنص خطبة كان قد ألقاها قبل أربع سنوات من ذلك، في نشاط مناهض للحرب أقيم في شيكاغو. كانت تلك كلمة غير عادية لتلقى في مناسبة مناهضة للحرب، لأنها لم تكن مناهضة للحرب؛ فقد جادل أوباما، الذين كان في ذلك الحين عضو مجلس الشيوخ عن ولاية إلينوي، ضد حرب واحدة محدودة فحسب، والتي كانت ما تزال مجرد حرب نظرية في ذلك الحين. قال: "ليست لدي أي أوهام إزاء صدام حسين. إنه رجل وحشي. رجل لا يرحم... لكنني أعرف أيضاً أن صدام لا يشكل أي تهديد وشيك ولا مباشر للولايات المتحدة أو لجيرانه". وأضاف: "إنني أعرف أن غزواً للعراق بلا تبرير منطقي ومن دون دعم دولي قوي سوف يزيد نيران الشرق الأوسط اشتعالاً فقط، وسوف يشجع أسوأ -وليس أفضل- نوازع العالم العربي، وسوف يقوى ذراع التجنيد لتنظيم القاعدة".
في ذلك الحين، جعلتني هذه الكلمات فضولياً إزاء صاحبها. أردت أن أعرف كيف أن سيناتوراً من ولاية إلينوي، وأستاذ قانون يعمل بدوام جزئي ويمضي أيامه متنقلاً بين شيكاغو وسبرنغفيلد، وصل إلى فهم أكثر بصيرة لكابوس قادم من أكثر مفكري السياسة الخارجية خبرة في حزبه، بمن فيهم شخصيات مثل هيلاري كلينتون، وجو بايدن، وجون كيري -ناهيك بطبيعة الحال عن ذكر معظم الجمهوريين ومعظم محللي السياسة الخارجية وكتابها، بمن فيهم أنا شخصياً.
منذ ذلك اللقاء الأول في العام 2006، أجريت مقابلات مع أوباما بشكل دوري، حول شؤون تتصل بالشرق الأوسط في أغلب الأحيان. لكنني قضيت على مدى الأشهر القليلة الأخيرة ساعات عدة من الأحاديث معه حول الموضوعات الأكثر عمومية من "اللعبة الطويلة" التي خاضها في السياسة الخارجية، بما فيها موضوعات بدا أكثر حرصاً على مناقشتها -وبالتحديد تلك التي ليست لها أي صلة بالشرق الأوسط.
قال لي أوباما في واحدة من هذه المحادثات: "إن الدولة الإسلامية ليست تهديداً وجودياً للولايات المتحدة. لكن التغير المناخي هو تهديد وجودي محتمل للعالم كله إذا لم نفعل شيئاً حياله". وشرح أوباما أن التغير المناخي يقلقه بشكل خاص لأنه "مشكلة سياسية مصممة بشكل مثالي لصد التدخل الحكومي. إنها مشكلة تشمل كل بلد، وهي حالة طارئة تتحرك بخطى بطيئة نسبياً. لذلك، هناك دائماً شيء يبدو في ظاهره أكثر إلحاحاً (من مشكلة المناخ) على الأجندة".
في هذه اللحظة، بطبيعة الحال، تشكل سورية المسألة الأكثر إلحاحاً من بين تلك القضايا التي "تبدو في ظاهرها أكثر إلحاحاً". لكن بالوسع أيضاً، في أي لحظة مُعطاة، قلب رئاسة أوباما كلها رأساً على عقب بعدوان من كوريا الشمالية، أو هجوم تشنه روسيا على دولة عضو في حلف شمال الأطلسي، أو وقوع هجوم من تخطيط "داعش" على الأرض الأميركية. وقد واجهَت قلة من الرؤساء مثل هذه الاختبارات المتنوعة على الساحة الدولية كما فعل أوباما. وكان التحدي الأبرز بالنسبة له، ولكل الرؤساء، هو التمييز الدقيق بين المُلِحّ فقط والمهم حقاً، والتركيز على المهم.
كان هدفي في محادثاتنا الأخيرة هو رؤية العالم من خلال عيون أوباما، وفهم ما يعتقد أنه ينبغي أن يكون دور أميركا في العالم. وتستنير هذه المادة بالسلسلة الأخيرة من محادثاتنا التي جرت في المكتب البيضاوي؛ على مأدبة غداء في غرفة طعامه؛ على متن الطائرة الرئاسية؛ وفي كوالالمبور خلال زيارته الأخيرة إلى آسيا في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. كما تستنير هذه المادة أيضاً بمقابلاتي السابقة معه وبخطاباته وتأملاته العامة الغزيرة، فضلاً عن حوارات خضتها مع كبار مستشاريه لشؤون السياسة الخارجية والأمن القومي، ومع الزعماء الأجانب وسفرائهم في واشنطن، ومع أصدقاء الرئيس وآخرين ممن تحدثوا معه حول سياساته وقراراته، وخصومه ومنتقديه.
على مدار أحاديثنا، أصبحت أرى أوباما كرئيس يصبح أكثر قدّريَّة باطراد إزاء محدوديات قدرة الولايات المتحدة على توجيه الأحداث العالمية، حتى مع أنه راكم في وقت متأخر من رئاسته مجموعة من الإنجازات التي ربما تكون تاريخية في السياسة الخارجية -إنجازات مثيرة للجدل، ومؤقتة بالتأكيد، لكنها تظل إنجازات مع ذلك: الانفتاح على كوبا؛ اتفاقية تغير المناخ في باريس؛ اتفاقية الشراكة التجارية عبر المحيط الهادئ؛ وبطبيعة الحال، اتفاق إيران النووي. وقد صنع أوباما هذه الإنجازات على الرغم من شعور متنام لديه بأن ثمة قوى أكبر -تياراً معاكساً من الشعور القبَلي في عالم ينبغي أن يكون قد تخلص مسبقاً من رجعيته؛ صمود الرجال الصغار الذين يحكمون بلداناً كبيرة بطرق مناقضة لأفضل مصالحها؛ تواصل سيادة الخوف باعتباه الشعور الإنساني الغالب- والتي تتآمر ضد أفضل النوايا الأميركية. لكنه أدرك أيضاً، كما قال لي، أن القليل جداً يتم إنجازه في الشؤون الدولية من دون قيادة الولايات المتحدة.
تحدَّث أوباما إلي من خلال هذا التناقض الواضح: "أريد رئيساً لديه شعور بأنه لا يمكنك إصلاح كل شيء". ولكن من ناحية أخرى، "إذا لم نقم نحن بتحديد الأجندة، فإنها لن تكون هناك أجندة". وشرح الرئيس ما يعنيه: "الحقيقة هي كالآتي: لم تكن هناك أي قمة حضرتها منذ أصبحت رئيساً حيث لم نضع نحن الأجندة، وحيث لم نكن نحن المسؤولين عن النتائج الرئيسية"، قال "ويصح ذلك، سواء كنت تتحدث عن الأمن النووي؛ سواء كنت تتحدث عن إنقاذ النظام المالي العالمي؛ أو إذا كنت تتحدث عن المناخ".
في أحد الأيام، على الغداء في غرفة الطعام في المكتب البيضاوي، سألت الرئيس عن كيف يعتقد أن المؤرخين سيفهمون سياسته الخارجية. وبدأ يصف لي شبكة من أربعة مربعات تمثل المدارس الرئيسية لفكر السياسة الخارجية الأميركية. أحد المربعات سمّاه الانعزالية، وهو ما رفضه جملة وتفصيلاً. قال: "إن العالم يتقلص بلا توقف. والانسحاب منه لا يمكن الدفاع عنه". أما الخانات الأخرى فسماها: الواقعية؛ التدخلية الليبرالية، والأممية. وقال: "أفترض أنك يمكن أن تسميني واقعياً في اعتقادي بأننا لا نستطيع، في أي لحظة مُعطاة، تخفيف جميع البؤس الحاضر في العالم"، قال. "علينا اختيار المكان الذي يمكن أن يكون لنا فيه تأثير حقيقي". وأشار الرئيس أيضاً إلى أنه أممي بوضوح كامل، مكرس -كما هو حاله- لتعزيز المنظمات متعددة الأطراف والأعراف الدولية.
أخبرته أن انطباعي هو أن الصدمات المختلفة التي أنجبتها السنوات السبع الأخيرة، إذا فعلت شيئاً، فإنه تكثيف التزامه بضبط النفس المدفوع بالواقعية. فهل حرضه قضاء ما يقرب من فترتين رئاسيتين كاملتين في البيت الأبيض ضد النزعة التدخلية؟
قال: "مع كل عيوبنا، كانت الولايات المتحدة بوضوح قوة للخير في العالم. إنك إذا قارنتنا بالقوى العظمى السابقة، فإننا نتصرف أقل على أساس المصلحة الذاتية المجردة، في حين كنا معنيين أكثر بتأسيس أعراف وقواعد تفيد الجميع. إذا كان بوسعنا فعل الخير بكلفة يمكن تحملها، لإنقاذ الأرواح، فإننا سنفعل ذلك".
أما إذا كانت أزمة أو كارثة إنسانية ما لا تلبي معاييره الصارمة لما يعتبره تهديداً مباشراً للأمن القومي، فقال أوباما إنه لا يعتقد بأنه يجب إجباره على الصمت إزاء ذلك. إنه ليس شخصاً واقعياً كثيراً -كما أشار- إلى حد عدم إصدار حكم على القادة الآخرين. ومع أنه استبعد حتى الآن خيار استخدام القوة الأميركية المباشرة للإطاحة بالأسد، فإنه لم يكن مخطئاً -كما أشار- عندما دعا الأسد إلى التنحي. وقال الرئيس: "في كثير من الأحيان، عندما يكون لديك منتقدون ليساستنا السورية، فإن واحداً من الأشياء التي يشيرون إليها هو: "كنتَ قد دعوت الأسد إلى الرحيل، لكنك لم تجبره على الرحيل. إنك لم تقم بغزو". والفكرة هي أنك إذا لم تكن تريد الذهاب للإطاحة بالنظام، فإنه ما كان عليك أن تقول أي شيء. هذه أطروحة غريبة بالنسبة لي؛ فكرة أننا إذا استخدمنا سلطتنا الأخلاقية لنقول "هذا نظام وحشي، وليس هكذا يجب أن يعامل القائد شعبه"، -بمجرد أن تفعل ذلك، فإنك تكون ملزماً بغزو البلد ذلك وتنصيب حكومة تفضلها هناك".
"إنني أممي كثيراً"، قال أوباما في حديث لاحق. "وأنا شخص مثالي أيضاً طالما أعتقد بأن علينا تعزيز قيم مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان والمعايير والمثُل، لأن تبني المزيد من الناس للقيم التي نتقاسمها لا يخدم مصالحنا فحسب -وإنما لأنه يجعل العالم مكاناً أفضل. وأود أن أقول ذلك بلغة بسيطة ربما لن يستخدمها حتى برنت سكوكروفت نفسه.
وتابع أوباما: "أما وقد قلتُ ذلك، فإنني أعتقد أيضاً أن العالم مكان قاس ومعقد وفوضوي ولئيم، مليء بالمصاعب والمآسي. وحتى نمضي قدُماً بمصالحنا الأمنية وبتلك المُثل والقيم التي نهتم بها على حد سواء، فإننا يجب أن نكون صارمين، في حين نكون كبيري القلب أيضاً، وأن نختار وننتقي مواقعنا، وندرك أن أوقاتاً ستأتي حين يكون أفضل ما يمكننا فعله هو تسليط ضوء على شيء مريع يحدث، لكننا لا نعتقد بأننا نستطيع حله بطريقة آلية. سوف تكون هناك أوقات تتعارض فيها مصالحنا الأمنية مع مكامن قلقنا إزاء حقوق الإنسان. وستكون هناك أوقات حيث يمكننا فعل شيء للناس الأبرياء الذين يتعرضون للقتل، لكنها ستكون هناك أوقات أيضاً حيث لا نستطيع القيام بشيء".
إذا كان أوباما قد شك وتساءل في أي وقت عما إذا كانت أميركا حقاً هي الدولة الضرورية التي غنى عنها في العالم، فإنه لم يعد يفعل قطعاً. لكنه الرئيس النادر الذي يبدو أنه يزدري في بعض الأحيان فكرة هذه الضرورة أكثر مما يعتنقها. قال لي: "الراكبون بالمجان يثيرون حنقي". وفي الفترة الأخيرة، حذر أوباما من أن بريطانيا العظمي لن تعود قادرة بعد الآن على ادعاء وجود "علاقة خاصة" لها مع الولايات المتحدة إذا لم تلتزم بإنفاق 2 في المائة من ناتجها المحلى الإجمالي على الأقل على شؤون الدفاع. وقال أوباما لديفيد كاميرون، الذي أوفى في وقت لاحق بعتبة الاثنين في المائة المطلوبة: "عليكم أن تدفعوا حصتكم العادلة".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70067
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

عقيدة أوباما:  حول دور أميركا العالمي Empty
مُساهمةموضوع: رد: عقيدة أوباما: حول دور أميركا العالمي   عقيدة أوباما:  حول دور أميركا العالمي Emptyالإثنين 21 مارس 2016, 9:53 am


عقيدة أوباما: الرئيس الأميركي يعرض شرحا ضافيا لأصعب قراراته حول دور أميركا العالمي (الجزء الثالث)


جيفري غولدبيرغ – (مجلة الأتلانتيك) عدد نيسان (أبريل) 2016

ترجمة: علاء الدين أبو زينة

كان جزء من مهمته كرئيس، كما أوضح أوباما، هو أن يحث الدول الأخرى على العمل لحل مشكلاتها وصراعاتها بنفسها بدلاً من انتظار الولايات المتحدة لكي تأتي وتتولى القيادة. وفي جزء منه، يعتمد الدفاع عن النظام الدولي الليبرالي ضد الإرهاب الجهادي، والمغامراتية الروسية، والاستئساد الصيني، على رغبة الدول الأخرى في تقاسم العبء مع الولايات المتحدة، كما يعتقد الرئيس. ولذلك، غضب الرئيس من الجدل الذي أحاط بتصريح كان قد أدلى به مسؤول مجهول في الإدارة لمجلة "نيويوركر" خلال أزمة ليبيا في العام 2011- وأكد فيه أن سياسة الرئيس تقوم على مبدأ "القيادة من الخلف". وقال لي الرئيس: "ليس علينا أن نكون دائماً في الخطوط الأمامية. في بعض الأحيان سوف نحصل على ما نريده، بالضبط لأننا نتقاسم الأجندة. والمفارقة هي أنه كان بالضبط من أجل منع الدول الأوروبية والعربية من الاكتفاء بحمل معاطفنا بينما نقوم نحن بكل القتال، إننا أصررنا، عمداً"، على أن يتولوا هم القيادة خلال مهمة الإطاحة بمعمر القذافي من سدة السلطة في ليبيا. "كان ذلك جزءا من الحملة ضد الراكب بالمجان".
كما يعتقد الرئيس أيضاً على ما يبدو أن تقاسم القيادة مع الدول الأخرى يشكل طريقة لضبط نوازع أميركا الأكثر جموحاً. ويشرح أوباما: "أحد الأسباب التي تجعلني شديد التركيز على الأعمال متعددة الأطراف عندما لا تكون مصالحنا المباشرة على المحك، هو أن التعددية تنظِّم الغطرسة وتضبطها". ويستشهد الرئيس باستمرار بما يتصور أنه إخفاقات أميركا السابقة في الخارج كوسائل للتدقيق على الشعور الأميركي بالصلاح والأحقية الذاتية. ويقول: "لدينا تاريخ. لدينا تاريخ في إيران، ولدينا تاريخ في إندونيسيا وأميركا الوسطى. ولذلك يجب أن نكون واعين لتاريخنا عندما نشرع في الحديث عن التدخل، ويجب أن نتفهم دواعي شكوك الآخرين".
في إطار جهوده نحو التخفف من مسؤوليات السياسة الخارجية الأميركية تجاه حلفائها، يبدو أوباما رئيسَ تخندُق تقليدي، على غرار دويت آيزنهاور وريتشارد نيكسون. ويُعرَّف التخندق، في هذا السياق، بأنه "الانسحاب، وإنفاق قدر أقل من المال، وخفض منسوب المخاطرة، وتحويل الأعباء إلى الحلفاء"، كما شرح لي ستيفن سيستانوفيتش، الخبير في السياسة الخارجية الرئاسية في مجلس العلاقات الخارجية. وقال سيستانوفيتش: "لو أن جون مكين هو الذي انتخب في العام 2008، لكان قد عمل أيضاً على تحقيق قدر من التخندق. إن هذا هو ما يريده البلد. إنك إذا أتيت إلى المنصب في خضم حرب لا تجري على ما يُرام، فإنك تصبح على قناعة بأن الشعب الأميركي قد استأجرك من أجل تحقيق مشاركة أقل". ولعل أحد الفروقات بين آيزنهاور ونيكسون من جهة، وبين أوباما من جهة أخرى، كما قال سيستانوفيتش، هو أن أوباما "يبدو منطوياً على التزام أيديولوجي شخصي بفكرة أن السياسة الخارجية استهلكت الكثير جداً من انتباه البلد وموارده".
سألت أوباما عن التخندق. فقال: "لقد خضعت كل قوة عظمى في العالم تقريباً" لاتجاه الإفراط في التوسع. "الشيء الذي أعتقد أنه ليس ذكياً هو القول بأنها كلما وقعت مشكلة، فإن علينا إرسال جيشنا لفرض النظام. إننا لا نستطيع أن نفعل ذلك ببساطة".
لكن أوباما يكشف أيضاً عن إرادة العمل من جانب واحد بمجرد أن يقرر أن تحدياً مخصوصاً يشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي الأميركي. وقد تكون هذه واحدة من كبرى المفارقات في رئاسة أوباما. فقد استنطق الرئيس بلا كلل فعالية استخدام القوة، لكنه أصبح أيضاً أكثر صائدي الإرهابيين نجاحاً في تاريخ الرئاسة، وواحداً سيسلم خليفته مجموعة من الأدوات التي سيحسده عليها أي قاتل محترف بارع. ويقول بن رودس: "إنه يطبق معايير مختلفة لمواجهة التهديدات المباشرة للولايات المتحدة. على سبيل المثال، وعلى الرغم من تردده إزاء سورية، فإنه لم يتردد ثانية واحدة في موضوع استخدام الطائرات من دون طيار". ويقول بعض المنتقدين إن الرئيس كان يجب أن يفكر أكثر بشأن ما يرونه إفراطاً في استخدام الطائرات من دون طيار. لكن جون برينان، مدير أوباما لوكالة الاستخبارات المركزية، أخبرني مؤخراً بأن لديه هو والرئيس "أفكارا متطابقة. إحداها أن عليك أحياناً أن تزهق روحاً من أجل إنقاذ مزيد من الأرواح. لدينا نظرة متطابقة حول نظرية الحرب العادلة. عادة ما يطلب الرئيس ضمانات شبه يقينية بعدم إيقاع أي أضرار جانبية. لكنه إذا اعتقد أن من الضروري العمل، فإنه لا يتردد في ذلك".
يقول أولئك الذين يتحدثون مع أوباما عن الفكر الجهادي إنه يمتلك فهماً لا تخالطه الأوهام للقوى التي تدفع العنف المروع بين المسلمين المتطرفين، لكنه يلتزم جانب الحذر إزاء التعبير عن ذلك علناً، خشية أن يؤدي ذلك إلى مفاقمة مشاعر كراهية الأجانب المعادية للمسلمين. ولدى الرئيس أيضاً فهم واقعي مأسوي عن الخطيئة، والجبن، والفساد؛ ولديه تقدير هوبزي (2) لكيف يقوم الخوف بتشكيل السلوك البشري. ومع ذلك، فإنه يعترف -بإخلاص واضح- بتفاؤله بأن العالم يميل في اتجاه العدالة. إنه، بطريقة ما، هوبزي متفائل.
ولا تنتهي التناقضات عند هذا الحد. مع أنه معروف بالتبصُّر،  كان الرئيس حريصاً أيضاً على استنطاق بعض الفرضيات القائمة منذ وقت طويل، والتي يستند إليها التفكير التقليدي للسياسة الخارجية الأميركية. ويريد الرئيس بشكل ملحوظ طرح السؤال: لماذا أعداء أميركا هم أعداؤها على هذا النحو؛ أو لماذا بعض أصدقائها هم أصدقاؤها. وفي الإطار العملي، أطاح أوباما بإرث نصف قرن من إجماع الحزبين في أميركا من أجل إعادة تأسيس روابط مع كوبا. وتساءل عن السبب في أن على الولايات المتحدة تجنب إرسال قواتها إلى باكستان لقتل زعيم تنظيم القاعدة، وهو يتساءل في الأحاديث الخاصة عن السبب في أن باكستان، التي يعتقد أنها بلد مختل وظيفياً إلى حد كارثي، يجب أن تُعتبر حليفاً للولايات المتحدة من الأساس. ووفقاً لليون بانيتا، فإنه استنطق حتى مسألة اضطرار الولايات المتحدة إلى الحفاظ على ما يدعى التفوق العسكري النوعي لإسرائيل، الذي يمنحها حق الحصول على أنظمة أسلحة أكثر تطوراً مما يتلقاه حلفاء أميركا العرب؛ لكنه استنطق أيضاً، وبقسوة غالباً، الدور الذي يلعبه حلفاء أميركا من العرب السنة في إذكاء الإرهاب المعادي للولايات المتحدة. وهو غاضب بوضوح من عقيدة السياسة الخارجية المتعصبة التي تلزمه بمعاملة المملكة العربية السعودية كحليف. وكان قد قرر مبكراً بطبيعة الحال، وفي وجه النقد الكثيف، أنه يريد مد يد إلى أكثر أعداء أميركا حماسة في الشرق الأوسط، إيران. ويبرهن الاتفاق الذي أبرمه مع إيران –إذا لم يثبت أي شيء آخر- على أن أوباما ليس شخصاً ينفر من المخاطرة. وفي خطوته الإيرانية، راهن أوباما بالأمن العالمي وبإرثه الشخصي على أن واحداً من أبرز رعاة الإرهاب في العالم سوف يلتزم باتفاق لوقف برنامجه النووي.
ثمة افتراض، في أوساط منتقديه على الأقل، بأن أوباما سعى إلى الاتفاق الإيراني لأن لديه رؤية حول تقارب أميركي-فارسي تاريخي. لكن رغبته في إبرام الاتفاق النووي ولدت من التشاؤم بقدر ما ولدت من التفاؤل. وقالت لي سوزان رايس: "لم يكن الاتفاق الإيراني أبداً من الناحية المبدئية يدور حول محاولة فتح عهد جديد من العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران. كان الأمر أكثر براغماتية بكثير ويستهدف الحد الأدنى. كان الهدف بكل بساطة هو جعل بلد خطير أقل خطورة إلى حد كبير. لم تكن لدى أحد أي توقعات بأن إيران ستصبح لاعباً أكثر اعتدالاً".
ذكرت لأوباما في إحدى المرات مشهداً من فيلم "العراب" الجزء الثالث، حيث يشتكي مايكل كورليوني بغضب من فشله في الإفلات من قبضة الجريمة المنظمة. قلت لأوباما إن الشرق الأوسط يشكل لرئاسته ما يشكله أولئك "الغوغاء" بالنسبة لكورليوني، وبدأت باقتباس عبارة آل باتشيو: "فقط عندما ظننت أنني خرجت...".
"
يسحبك ذلك الشيء ويعيدك إلى الوراء"، قال أوباما، مستكملاً الفكرة.
جاءت قصة مواجهة أوباما مع الشرق الأوسط في أعقاب قوس من خيبات الأمل. في فورة شهرته الممتدة الأولى كمرشح رئاسي في العام 2008، تحدث أوباما بأمل في كثير من الأحيان عن المنطقة. في برلين في ذلك الصيف، وفي خطاب وجهه إلى 200.000 ألماني معجب، قال: "هذه هي اللحظة التي يجب أن نساعد فيها في إجابة الدعوة إلى قدوم فجر جديد في الشرق الأوسط".
وفي العام التالي، كرئيس، ألقى خطاباً في القاهرة بهدف إعادة ترتيب علاقات الولايات المتحدة مع العالم المسلم. وتحدث عن المسلمين في عائلته الخاصة، وعن سنوات طفولته في إندونيسيا، واعترف بخطايا أميركا، حتى وهو ينتقد الذين يشيطنون الولايات المتحدة في العالم الإسلامي. مع ذلك، كان الأمر الذي استأثر بمعظم الانتباه، هو وعده بحل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني الذي كان يُعتقد في ذلك الحين أنه مصدر القلق ومحركه المركزي في العالم العربي المسلم. وقد حرك تعاطف أوباما مع الفلسطينيين مشاعر مستمعيه، لكنه عقَّد علاقاته مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو –بشكل خاص لأن أوباما كان قد قرر أيضاً تجاوز القدس في أول زيارة رئاسية له للشرق الأوسط.
وعندما سألت أوباماً مؤخراً عما كان قد أمل في تحقيقه من خطاب ترتيب العلاقات في القاهرة، قال إنه كان يحاول –بلا نجاح كما اعترف- إقناع المسلمين بأن يتفحصوا جذور استيائهم وبؤسهم عن كثب.
قال لي: "كانت أطروحتي كما يلي: دعونا نكف عن التظاهر بأن إسرائيل هي سبب مشكلات الشرق الأوسط. إننا نريد العمل للمساعدة في تحقيق الدولة والكرامة للفلسطينيين، لكنني كنت آمل أن يثير خطابي نقاشاً، أن يصنع مساحة للمسلمين ليخاطبوا المشكلات الحقيقية التي يواجهونها –مشكلات الحكم، وحقيقة أن بعض تيارات الإسلام لم تختبر إي إصلاح من شأنه مساعدة الناس على تكييف مذاهبهم الإسلامية مع الحداثة. كنت أريد إيصال فكرة أن الولايات المتحدة لا تقف في طريق تحقيق أهداف أجندة عربية عملية وناجحة، والتي توفر حياة أفضل للناس العاديين".
خلال فورة الربيع العربي الأولى في العام 2011، واصل أوباما الحديث بلهجة متفائلة عن مستقبل الشرق الأوسط، مقترباً أكثر مما فعل في أي وقت مضى مما يدعى "أجندة الحرية" لجورج دبليو بوش، التي ميزها في جزء منها اعتقاد بأن من الممكن زرع القيم الديمقراطية في الشرق الأوسط. وقد ساوى الرئيس بين المتظاهرين في تونس وفي ميدان التحرير وبين روزا باركس (1) و"وطنيي بوسطن".
قال أوباما في خطاب في ذلك الوقت: "بعد عقود من القبول بالعالم كما هو في المنطقة، أصبح لدينا تغيير نحو العالم كما يجب أن يكون. إن الولايات المتحدة تدعم مجموعة من الحقوق العالمية. وهذه الحقوق تشمل حرية التعبير، وحرية التجمع السلمي، وحرية الدين، والمساواة بين الرجل والمرأة في ظل حكم القانون، والحق في اختيار قادتكم... وليس دعمنا لهذه المبادئ مصلحة ثانوية".
ولكن، على مدى السنوات الثلاث التالية، بينما تخلى الربيع العربي عن وعده المبكر، وفاضت الوحشية والاختلال الوظيفي، أصبح الرئيس يصاب بخيبة الأمل. وكانت واحدة من أعمق خيباته تتعلق بزعماء الشرق الأوسط أنفسهم. وقد شكل نتنياهو نسيج وحده: لطالما اعتقد أوباما أن نتنياهو يمكن أن يأتي بحل دولتين، يحمي مكانة إسرائيل كدولة ديمقراطية ذات أغلبية يهودية، لكنه كان بالغ الخوف والشلل السياسي ليفعل ذلك. ولم يعد أوباما يطيق صبراً على نتنياهو وقادة الشرق الأوسط الآخرين الذين يشككون في فهمه للمنطقة. وفي واحد من اجتماعات نتنياهو مع الرئيس، ألقى رئيس الوزراء الإسرائيلي نوعاً من المحاضرة عن مخاطر المنطقة الوحشية التي يعيش فيها. وشعر أوباما بأن نتنياهو يتصرف بطريقة مهينة، وأنه يتجنب الموضوع الذي يجري بحثه أصلاً: مفاوضات السلام. وأخيراً، قاطع الرئيس رئيس الوزراء: "بيبي، عليك أن تفهم شيئاً"، قال له. "أنا الأميركي الأفريقي الذي ربتني أمي، وأنا أعيش هنا، في هذا البيت. أعيش في البيت الأبيض. وقد تدبرت أمر انتخابي رئيساً للولايات المتحدة. إنك تظنني لا أفهم ما تتحدث عنه، لكنني أفهم". كما أثار قادة آخرون استياءه أيضاً إلى حد كبير. في وقت مبكر، نظر أوباما إلى رجب طيب أردوغان، رئيس تركيا، على أنه نوع من زعيم مسلم معتدل، والذي سيجسر الهوة بين الشرق والغرب –لكن أوباما أصبح يعتبره الآن زعيماً فاشلاً ومستبداً -واحداً يرفض استخدام جيشه الهائل لجلب الاستقرار إلى سورية.
في الأيام الأخيرة، أصبح الرئيس يميل إلى المزاح في الجلسات الخاصة. "كل ما أحتاجه في الخليج هو بضعة حكام مستبدين أذكياء". كان لأوباما دائماً ولع بالتكنوقراط البراغماتيين المكتفين عاطفياً، ويقول لمساعديه، "لو أن الجميع كانوا مثل الاسكندنافيين فقط، لكان الأمر سهلاً".
عتّم تفكك الربيع العربي نظرة الرئيس لما يمكن أن تفعله الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وجعله يدرك كم تقوم الفوضى هناك بتشتيت انتباهه عن الأولويات الأخرى. "أدرك الرئيس خلال مسار الربيع العربي أن الشرق الأوسط كان يستهلكنا"، كما أخبرني مؤخراً جون برينان، الذي عمل في فترة أوباما الرئاسية الأولى كأكبر مستشاريه لمكافحة الإرهاب.
لكن ما ختم نظرة أوباما القدَرية إلى الشرق الأوسط كان فشل تدخل إدارته في ليبيا في العام 2011. وكان القصد من التدخل هو منع حاكم البلد المستبد آنذاك معمر القذافي، من ذبح شعبه في بنغازي، حيث هدد بفعل ذلك. ولم يكن أوباما يريد الانضمام إلى القتال؛ وأشار عليه جو بايدن ووزير دفاع فترته الأولى، روبرت غيتس –من بين آخرين- بتجنب المشاركة والابتعاد عن المسألة برمتها. لكن فصيلاً قوياً داخل فريقه للأمن القومي –وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، وسوزان رايس، التي كانت في ذلك الوقت سفيرة الولايات المتحدة إلى الأمم المتحدة، إلى جانب سمانثا باور، وبِن رودس، وأنتوني بليكين، الذي كان حينذاك مستشار بايدن لشؤون الأمن القوميضغطوا بقوة من أجل حماية بنغازي، وسادوا. (كان بايدن، المنتقذ اللاذع لأحكام كلينتون في السياسة الخارجية، قد قال في جلسة خاصة: "تريد هيلاري أن تكون غولدا مئير فحسب"). وسقطت القنابل الأميركية، وتم إنقاذ شعب بنغازي مما كان يمكن أن يكون –أو لا يكون- مذبحة، وتم أسر القذافي وإعدامه.
لكن أوباما يقول اليوم عن ذلك التدخل: "لم يعمل". لقد خططت الولايات المتحدة، كما يعتقد، عملية ليبيا بعناية –ومع ذلك، ما يزال ذلك البلد كارثة كاملة.
لماذا قبل الرئيس، بالنظر إلى ما تبدو مقاومته الطبيعية للتورط عسكرياً حيث لا يكون الأمن القومي الأميركي مباشرة على المحك، بتوصيات مستشاريه الأكثر نشاطاً بالتدخل؟
قال أوباما، شارحاً أفكاره في ذلك الوقت: "كان النظام الاجتماعي في ليبيا منهاراً. لديك احتجاجات جماهيرية ضخمة ضد القذافي. ولديك انقسامات قبَلية داخل ليبيا. وشكلت بنغازي نقطة مركزية لنظام المعارضة. والقذافي يرسل جيشه في اتجاه بنغازي، ويقول، ‘سنقتلهم مثل الجرذان’.
"
الآن، سيكون الخيار رقم واحد هو عدم القيام بشيء، وكان هناك البعض في إدارتي من قالوا، رغم مأسوية الوضع الليبي بما كان عليه، إنها ليست مشكلتنا. والطريقة التي نظرت بها إلى الأمر كانت أنها ستكون مشكلتنا في حقيقة الأمر، إذا اندلعت فوضى كاملة وحرب أهلية في ليبيا. لكن ذلك لم يكن تماماً في جوهر مصالح الولايات المتحدة بحيث يكون من المنطقي أن نقوم بضرب نظام القذافي. وعند تلك النقطة، كانت لديك أوروبا وعدد من دول الخليج، الذين يحتقرون القذافي، أو يساورهم القلق على أساس إنساني، والذين يوجهون الدعوات إلى القيام بعمل. لكن ما شكل عادةً على مدى العقود الأخيرة الماضية في تلك الظروف هو أن يدفعنا الناس إلى العمل، ثم يكشفون عن عدم استعداد للمشاركة بأي شيء في اللعبة".
"
ركاب بالمجان"؟ قلتُ مقاطعاً.
"
ركاب بالمجان"، قال، وواصل: "ولذلك، كان ما قلته عند تلك النقطة هو أن علينا العمل كجزء من تحالف دولي. ولكن، لأن ذلك الشأن لم يكن في جوهر مصالحنا، فإننا نحتاج إلى تخويل من الأمم المتحدة؛ نحتاج إلى أن تكون الدول الأوروبية ودول الخليج مشاركة بنشاط وفعالية في التحالف؛ سوف نستخدم القدرات العسكرية التي نتفرد بها، لكننا نتوقع من الآخرين حمل جزئهم الخاص من العبء. وعملنا مع فرقنا الدفاعية لضمان أن نتمكن من تطبيق استراتيجية من دون جنود أميركيين على الأرض، ومن دون التزام عسكري طويل الأمد في ليبيا".
"
وهكذا، صنعنا فعلياً هذه الخطة بالقدر الذي استطعت أن أتوقعه: حصلنا على تفويض من الأمم المتحدة، وبنينا تحالفاً، وكلفنا كل ذلك مليار دولار –وهي، عندما يتعلق الأمر بالعمليات العسكرية، كلفة رخيصة جداً. تجنبنا إيقاع ضحايا من المدنيين على نطاق واسع، ومنعنا حدوث ما كان سيشكل على نحو شبه مؤكد صراعاً أهلياً دموياً مطوَّلاً. ومع كل ذلك، ما تزال ليبيا فوضى كاملة".
"
فوضى" هي تعبير الرئيس الدبلوماسي عن الوضع؛ لكنه في الأحاديث الخاصة يسمي ليبيا "عرض البراز"، فيما يعود في جزء منه إلى أنها أصبحت فيما بعد ملاذاً لـ"داعش" –واحداً تم استهدافه فعلياً بالضربات الجوية. وقد أصبحت عرضاً للبراز، كما يعتقد أوباما، لأسباب لها صلة أقل بعدم الكفاءة الأميركية مما لها بسلبية حلفاء أميركا، وبالقوة العنيدة للقبَلية.
قال أوباما: "عندما أعود وأسأل نفسي عما حدث خطاً، فإنني أجد متسعاً للنقد، لأنه كان لدي إيمان أكبر بأن الأوروبيين، بالنظر إلى قرب ليبيا منهم، سيستثمرون في المتابعة". ولاحظ الرئيس أن نيكولا ساركوزي، الرئيس الفرنسي، فقد عمله في العام التالي. وقال إن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون سرعان ما توقف عن إيلاء الاهتمام، وأصبح "منصرف الذهن بطائفة من الأشياء الأخرى". وعن فرنسا، قال الرئيس: "أراد ساركوزي المبالغة في تسويق الطلعات التي كان ينفذها في الحملة الجوية، على الرغم من حقيقة أننا كنا قد محونا كافة الدفاعات الجوية (الليبية) وأقمنا مسبقاً كامل البنية التحتية" للتدخل. ولم يكن هناك بأس في ذلك النوع من التبجح، كما قال أوباما، لأنه سمح للولايات المتحدة بـ"شراء مشاركة فرنسا بطريقة جعلت الأمر الأقل كلفة علينا وأقل مخاطرة". وبعبارات أخرى، كان منح فرنسا مزيداً من الفضل في مقابل مخاطرة أقل وكلفة أقل على الولايات المتحدة صفقة مفيدة –سوى أنه "من منظور الكثير من الناس في مؤسسة السياسة الخارجية، حسناً، كان ذلك مريعاً. إذا كنا (نحن الأميركيين) سنفعل شيئاً، فإننا يجب أن نكون في المقدمة، وأن لا يقاسمنا أحد دائرة الضوء".
كما ألقى أوباما اللوم أيضاً على الديناميات الليبية الداخلية: "كانت درجة الانقسامات القبَلية في ليبيا أكبر مما توقعه محللونا. وقدرتنا على أن نقيم أي هيكل هناك يمكننا أن نتفاعل معه ونشرع بالتدريب وتقديم الموارد، انهارت بسرعة كبيرة جداً".
برهنت ليبيا له أن من الأفضل تجنب الشرق الأوسط. وكان الرئيس قد قال مؤخراً لزميل سابق من مجلس الشيوخ: "لا ينبغي أن نلتزم بأي طريقة بحكم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. سوف يكون ذلك خطأ أساسياً، جوهرياً".
لم يأت الرئيس أوباما إلى المنصب وهو منشغل الذهن بهاجس الشرق الأوسط. وهو أول ابن لمنطقة المحيط الهادئ يصبح رئيساً –حيث وُلد في هاواي ونشأ هناك وعاش أربع سنوات في إندونيسيا- وكان تركيزه منصباً على تحويل انتباه أميركا نحو آسيا. وبالنسبة لأوباما، تشكل آسيا المستقبل. وتستحق أفريقيا وأميركا اللاتينية، من وجهة نظره، قدراً أكبر بكثير من الانتباه الأميركي مما تتلقيان. وتشكل أوروبا، التي لا يبدو الرئيس رومنسياً إزاءها، مصدراً للاستقرار العالمي، وتتطلب –فيما يصيبه بصداع دوري- أن تمسك أميركا بيدها. والشرق الأوسط هو منطقة ينبغي تجنبها –واحدة ستصبح قريباً، بفضل ثورة الطاقة الأميركية، من دون أي أهمية تُذكر بالنسبة للاقتصاد الأميركي.
لكنه ليس النفط، وإنما صادر الشرق الأوسط الآخر، الإرهاب، هو التي يشكل فهم أوباما لمسؤولياته هناك. في أوائل العام 2014، قال مستشارو أوباما لشؤون الاستخبارات له إن "داعش" هو تنظيم بأهمية هامشية. ووفقاً لمسؤولين في الإدارة، فإن الجنرال للويد أوستن، الذي كان حينذاك قائداً للمنطقة العسكرية الوسطى التي تشرف على عمليات الجيش الأميركي في الشرق الأوسط، قال للبيت الأبيض إن "الدولة الإسلامية" هي مجرد "ومضة برق في إناء". عارض مؤقت. وقاد هذا التحليل أوباما إلى وصف كوكبة الجماعات الجهادية في العراق وسورية، في مقابلة مع مجلة "النيويوركر"، بأنها "فريق من المستجدِّين" في الإرهاب. (قال لي متحدث باسم أوستن، "لم يعتبر الجنرال أوستن في أي وقت داعش ‘ومضة برق في إناء’"). (يتبع)...
هوامش:
(1)   
روزا لويز ماكولي باركس (4 شباط، فبراير 1913 - 24 تشرين الأول، أكتوبر 2005)، كانت ناشطة أميركية من أصل أفريقي في الحقوق المدنية. وصفها الكونغرس الأميركي بأنها "السيدة الأولى في الحقوق المدنية" و"أم حركة الحرية".
(2)   
نسبة إلى توماس هوبز Thomas Hobbes، وهو فيلسوف ومنظر سياسي إنجليزي من القرن السابع عشر، عُرف بكتابه "لوياثان" (1651)، الذي يقول إن السبيل الوحيد لتأمين مجتمع مدني هو خضوع الجميع لسلطة مطلقة ذات سيادة. ويصف كتابه وضعاً من المنافسة الأنانية وغير المقيدة وغير الحضارية بين الناس أسس لمفاهيم "العقد الاجتماعي" وطور بعض  أساسيات الفكر الليبرالي، مع أنه كان مناصراً للملكية المطلقة.






عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الخميس 24 مارس 2016, 5:56 am عدل 2 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70067
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

عقيدة أوباما:  حول دور أميركا العالمي Empty
مُساهمةموضوع: رد: عقيدة أوباما: حول دور أميركا العالمي   عقيدة أوباما:  حول دور أميركا العالمي Emptyالإثنين 21 مارس 2016, 9:56 am

[rtl]لماذا اتهم أوباما السعودية بالتطرف وأردوغان بالفشل؟[/rtl]
[rtl]التاريخ:20/3/2016 -[/rtl]

عقيدة أوباما:  حول دور أميركا العالمي Obama_4
أثارت المقابلة التي أجرتها مجلة «ذي أتلانتك» مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما جدلا واسعا بسبب ما كشفته من مواقف الأخير؛ حيث يرى في حليفته العربية السعودية مصدرا للتطرف، فيما يرى أن أردوغان فاشل واستبدادي.
المقابلة الموسعة التي حوت على ما يزيد من 83 صفحة تكشف بوضوح كيف خرق أوباما كتيب قواعد اللعبة المتبعة في السياسة الخارجية الأمريكية والذي يقوم على خيار القوة في التدخلات العسكرية الخارجية.
ورغم أن السياسة الجديدة تغضب حلفاء أمريكا وخاصة العرب منهم، إلا أن أوباما يرى أن جزءاً من مهمته هو دفع الدول الأخرى إلى اتخاذ إجراءات من أجل نفسها، بدلاً من انتظار الولايات المتحدة للقيادة والتدخل.
(البوصلة) رصدت التقرير الذي ترجمته صحيفة "الأخبار" اللبنانية، ولأهميته نضعه بين يدي قرائنا.
أوباما: السعودية مصدر للتطرّف... وأردوغان فاشل واستبدادي
يستثمر الرئيس الأميركي باراك أوباما الوقت المتبقي له في البيت الأبيض في شرح «عقيدته»، التي بدأت بالظهور في مقابلة مع توماس فريدمان نُشرت في صحيفة «نيويورك تايمز»، في نيسان الماضي، ليستكملها، أمس، في مقابلة موسّعة من 83 صفحة مع جيفري غولدبرغ في مجلة «ذي أتلانتك».
مادة مبنية على محادثات مع أوباما في البيت الأبيض وعلى الطائرة الرئاسية خلال رحلات عمل، وأيضاً على خطاباته السابقة ومقابلات مع مسؤولي السياسة الخارجية ومستشاريه للأمن القومي، ومع قادة غير أميركيين وسفراء في واشنطن، وأصدقاء لأوباما... كلها من أجل شرح «خرق» أوباما لـ»كتيّب قواعد» اللعبة المتّبع في السياسة الخارجية الأميركية، والذي عادة ما يلجأ إلى خيار القوة والتدخلات العسكرية في مختلف دول العالم.
تبدأ الصفحات الـ83 بالنقاشات التي سبقت الإعلان عن إمكانية القيام بعمل عسكري في سوريا على خلفية اتهام الحكومة باستخدام أسلحة كيميائية في آب عام 2013. وهي أيضاً تنتهي بسوريا وبرؤية أوباما المتمثلة في الابتعاد عن الحل العسكري فيها، وفي داخل هذه الصفحات حديث عن الرئيس التركي «الفاشل» رجب طيب أردوغان، وعن تصدير الفكر الوهابي من السعودية إلى دول العالم، ومنها إندونيسيا، وأيضاً عن خيبة الأمل برئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الذي لم يساعد في التوصل إلى حل الدولتين.
العدول عن ضرب سوريا
في المقابلة مع غولدبرغ روّج أوباما لما مفاده أنه وجد نفسه تحت ضغوط داخلية وخارجية دفعته إلى إعلان نية التدخل العسكري في سوريا في عام 2013 إثر التقارير التي تحدثت عن استخدام غاز السارين في الغوطة؛ الاجتماعات مع مسؤولي السياسة الخارجية وفريقه الأمني كانت تطلب منه التحرّك عسكرياً. ولكن بحسب غولدبرغ، فإن «أوباما لم يكن يعتقد بأن الرئيس يجب أن يعرّض الجنود الأميركيين لخطر كبير من أجل تجنّب كوارث إنسانية، إلا في حال كانت هذه الكوارث تشكل خطراً على الولايات المتحدة». في هذا الإطار يقول الكاتب الأميركي إن أوباما كان يرى أن «سوريا تشكل منحدراً مثلها مثل العراق»، وهو توصّل، خلال ولايته الأولى، إلى اعتقاد مفاده أن «التهديدات تبرر تدخلاً أميركياً مباشراً، هي القاعدة، والتهديد لوجود إسرائيل، وأيضاً التهديد الذي يشكله السلاح النووي الإيراني والذي يرتبط بأمن إسرائيل». لذا، «لم يصل الخطر الذي يشكله نظام الرئيس السوري بشار الأسد إلى مستوى هذه التحديات».
آب 2013 كان مهماً جداً في «عقيدة» أوباما، وفق غولدبرغ. حينها عدل عن القيام بعمل عسكري، بعدما كان قد مهّد لذلك في خطاب ألقاه في البيت الأبيض على خلفية حديث مساعديه ووزير الخارجية جون كيري عن مصداقية أميركا ومستقبل مصالحها وحلفائها الذي أصبح على المحك.
بناءً على خطاب أوباما كان هناك الكثير من المسرورين بقرار التدخل العسكري، ومن هؤلاء السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير الذي أصبح وزيراً للخارجية. يومها، أخبر الجبير أصدقاء له، وأيضاً مسؤوليه في الرياض، أن «الرئيس أخيراً جاهز لضرب سوريا». «أوباما أدرك مدى أهمية هذا الأمر»، قال الجبير لأحد محاوريه، مضيفاً «هو بالتأكيد سيضرب». ولكن أوباما الذي كان قد طلب من البنتاغون وضع لائحة بالأهداف، «يؤمن بأن مؤسسة السياسة الخارجية الأميركية، التي يزدريها سراً، تصنع من المصداقية أمراً معبوداً، خصوصاً المصداقية التي يتم الدفاع عنها بالقوة»، على ما نقل عنه غولدبرغ.
لذا، «وجد أوباما نفسه يتراجع عن فكرة القيام بهجوم غير مصرّح به من القانون الدولي أو الكونغرس». ومن أسباب العدول عن ضرب سوريا، قال لغولدبرغ، إن «الشعب الأميركي بدا غير متحمّس للتدخل في سوريا، وأيضاً عدداً من القادة الغربيين الذين يحترمهم، مثل المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، ثم جاء رفض البرلمان البريطاني السماح لكاميرون بالهجوم على سوريا».
إضافة إلى ذلك، ساهم مدير الاستخبارات الوطنية في تردّد أوباما في ضرب سوريا، عندما زاره وأخبره بأنه على الرغم من أن المعلومات عن استخدام غاز السارين في سوريا تعتبر ضخمة، إلا أنها لا تشكل «ضربة مضمونة (Slam dunk)». كلابر الذي يترأس مجتمعاً استخبارياً مصدوماً من فشله في ما يتعلق بالحرب على العراق، حرص على استخدام مصطلح slam dunk، وهو لم يطلق وعوداً كبيرة لأوباما، كما فعل سابقاً مدير وكالة الاستخبارات جورج تينيت الذي ضمن للرئيس الأسبق جورج بوش «ضربة مضمونة» في العراق.
من هنا، يقول غولدبرغ إنه «بينما كان البنتاغون وفريق أوباما الأمني يستعدان للحرب، كان الرئيس قد توصل إلى اعتقاد بأنه كان يمشي إلى فخ ــ يقوده إليه حلفاؤه وأعداؤه ــ». عندها، أخبر أوباما مساعديه بعدوله عن الضربة العسكرية.
الحلفاء غاضبون
القرار أغضب حلفاء كثيرين، ومنهم وليّ عهد أبوظبي محمد بن زايد، «الذي كان غاضباً من أوباما لتخلّيه عن الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك».
ابن زايد قال لزائريه الأميركيين إن «الولايات المتحدة يقودها رئيس غير جدير بالثقة». كذلك ملك الأردن عبدالله الثاني الذي كان مقتنعاً بفكرة أن أوباما يبتعد عن حلفائه التقليديين وينشئ تحالفاً جديداً مع إيران. وقال لأحد المقرّبين «أؤمن بقوة أميركا أكثر ممّا يفعل أوباما». السعوديون أيضاً غضبوا من العدول عن الضربة، حينها عاد الجبير وقال للمسؤولين في الرياض «إيران هي القوة الكبرى الجديدة في الشرق الأوسط، والولايات المتحدة هي القوة القديمة».
إلا أن طريقة الخروج التي لاحت أمام أوباما كانت خلال قمة العشرين التي عقدت في سانت بيترسبرغ، والتي عقدت بعد أسبوع على النقاش بشأن سوريا. يومها انفرد أوباما بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين جانباً، وقال له «إذا أجبرت الرئيس الأسد على التخلص من الأسلحة الكيميائية، فإن هذا الأمر يلغي الحاجة لقيامنا بعمل عسكري». خلال أسابيع، كان كيري يعمل مع نظيره الروسي سيرغي لافروف من أجل هندسة «إزالة» ترسانة الأسلحة الكيميائية السورية.
نتنياهو مخيّب
بعض أكبر خيبات أمله، وفق غولدبرغ، كان سببها بعض القادة في الشرق الأوسط أنفسهم. نتنياهو يدخل من ضمن هؤلاء، إذ إن أوباما كان «يعتقد أن نتنياهو يمكن أن يوصل إلى حل الدولتين». وفي «إحدى الزيارات التي قام بها نتنياهو لواشنطن، عام 2011 ، بدا كأنه يعطي أوباما محاضرة بشأن التهديدات التي تحيط بإسرائيل»، فكان ردّ أوباما وهو غاضب «أنا أجلس هنا في البيت الأبيض، لكني أفهم جيداً عمّا تتحدث، وما هي مشاكل الشرق الأوسط». ولكن من جهة أخرى، عبّر أوباما عن إعجابه بـ»صمود الإسرائيليين في وجه الإرهاب المتواصل».
هناك قادة آخرون كانوا «مصدر إحباط» بالنسبة إلى أوباما، ومنهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي كان ينظر إليه أوباما في البداية على أنه «قائد مسلم معتدل يمكن أن يكون جسراً بين الشرق والغرب»، ولكنه اليوم يعتبره «فاشلاً واستبدادياً، يرفض استخدام جيشه الضخم من أجل المساهمة في إعادة الاستقرار إلى سوريا». بناءً عليه، ينقل عنه غولدبرغ قوله بـ»أسلوب ساخر»، «كل ما أحتاجه في الشرق الأوسط هو عدد قليل من الاستبداديين الأذكياء».
التناقضات لدى أوباما كثيرة. ووفقاً لوزير الدفاع الأسبق ليون بانيتا، أوباما كان يطرح الكثير من الأسئلة، ومنها «لماذا على الولايات المتحدة أن تحافظ على التفوّق العسكري النوعي الإسرائيلي مقارنة بالحلفاء العرب؟». هو أيضاً «تساءل عن الدور الذي يلعبه حلفاء الولايات المتحدة العرب في دعم الإرهاب المعادي لأميركا».
كذلك، يشير الكاتب إلى أن أوباما «غاضب من العقيدة السياسية الخارجية التي تجبره على معاملة السعودية كحليف».
أوباما يرى، وفق غولدبرغ، أن «الحروب والفوضى في الشرق الأوسط لن تنتهي، إلا إذا تمكنت السعودية وإيران من التعايش معاً والتوصل إلى سبيل لتحقيق نوع من السلام».
كذلك، ألقى بقدر من اللوم في الأزمة الليبية على حلفائه الأوروبيين. وقال: «حين أرجع بالزمن وأسأل نفسي ما الخلل الذي حدث، تكون هناك مساحة للنقد، لأنني كانت لدي ثقة أكبر في ما كان سيفعله الأوروبيون في ما بعد، نظراً إلى قرب ليبيا».
وأضاف: «هناك دول فشلت في توفير الرخاء والفرص لشعوبها. هناك أيديولوجيا عنيفة ومتطرفة أو أيديولوجيات تنشر من خلال وسائل التواصل الاجتماعي... هناك دول فيها القليل جداً من العادات المدنية، وبالتالي حين تبدأ الأنظمة الشمولية بالتداعي، فإن المبادئ المنظمة الوحيدة الموجودة تكون الطائفية».
نقل التطرّف إلى إندونيسيا
في اجتماع لمنظمة «ايباك» مع رئيس الحكومة الأسترالية مالكولم تيرنبول، وصف أوباما كيف تحوّلت إندونيسيا، تدريجياً، من دولة مسلمة متسامحة إلى دولة أكثر تطرفاً وغير متسامحة. سأله تيرنبول «لماذا يحصل هذا الأمر؟»، فأجابه أوباما «لأن السعودية وغيرها من الدول الخليجية ترسل الأموال وعدداً كبيراً من الأئمة والمدرّسين (الإسلاميين) إلى البلد». وأضاف «في عام 1990، موّلت السعودية المدارس الوهابية بشكل كبير، وأقامت دورات لتدريس الرؤية المتطرفة للإسلام، والمفضّلة لدى العائلة المالكة». عندها سأله تيرنبول «أليس السعوديون أصدقاءكم؟»، فأجابه أوباما بأن «الأمر معقد».
جيفري غولدبرغ عقّب بالقول «في البيت الأبيض، يمكن سماع المسؤولين يقولون لزائريهم إن العدد الأكبر من مهاجمي 11 أيلول لم يكونوا إيرانيين». حتى إن أوباما نفسه يهاجم السعودية في الغرف المغلقة قائلاً إن «أيّ بلد يقمع نصف شعبه، لا يمكنه أن يتصرّف بشكل جيّد في العالم الحديث».
مراكز دراسات «محتلة عربياً»
تطرّق جيفري غولدبر، في المقابلة، أيضاً إلى نظرة مسؤولين في البيت الأبيض إلى مراكز الدراسات البارزة في واشنطن، حيث كانوا ينظرون إليها على «أنها تروّج لما يناسب مموّليها العرب والداعمين لإسرائيل».
وفي هذا الإطار، ينقل الصحافي الأميركي عن أحد هؤلاء حديثهم عن هذه المراكز على أنها «أراضٍ محتلة من العرب».
أما عن علاقته بحلفائه، فإن أوباما يرى أن جزءاً من مهمته هو دفع الدول الأخرى إلى اتخاذ إجراءات من أجل نفسها، بدلاً من انتظار الولايات المتحدة للقيادة. بالنسبة إليه، فإن «الدفاع عن النظام الليبرالي العالمي ضد الإرهاب الجهادي والمغامرة الروسية والتسلّط الصيني، يعتمد في جزء منه على استعداد الدول الأخرى لتقاسم الأعباء مع أميركا».
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70067
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

عقيدة أوباما:  حول دور أميركا العالمي Empty
مُساهمةموضوع: رد: عقيدة أوباما: حول دور أميركا العالمي   عقيدة أوباما:  حول دور أميركا العالمي Emptyالثلاثاء 22 مارس 2016, 7:36 am

عقيدة أوباما: الرئيس الأميركي يعرض شرحا ضافيا لأصعب قراراته حول دور أميركا العالمي (الجزء الثالث)


كان جزء من مهمته كرئيس، كما أوضح أوباما، هو أن يحث الدول الأخرى على العمل لحل مشكلاتها وصراعاتها بنفسها بدلاً من انتظار الولايات المتحدة لكي تأتي وتتولى القيادة. وفي جزء منه، يعتمد الدفاع عن النظام الدولي الليبرالي ضد الإرهاب الجهادي، والمغامراتية الروسية، والاستئساد الصيني، على رغبة الدول الأخرى في تقاسم العبء مع الولايات المتحدة، كما يعتقد الرئيس. ولذلك، غضب الرئيس من الجدل الذي أحاط بتصريح كان قد أدلى به مسؤول مجهول في الإدارة لمجلة "نيويوركر" خلال أزمة ليبيا في العام 2011- وأكد فيه أن سياسة الرئيس تقوم على مبدأ "القيادة من الخلف". وقال لي الرئيس: "ليس علينا أن نكون دائماً في الخطوط الأمامية. في بعض الأحيان سوف نحصل على ما نريده، بالضبط لأننا نتقاسم الأجندة. والمفارقة هي أنه كان بالضبط من أجل منع الدول الأوروبية والعربية من الاكتفاء بحمل معاطفنا بينما نقوم نحن بكل القتال، إننا أصررنا، عمداً"، على أن يتولوا هم القيادة خلال مهمة الإطاحة بمعمر القذافي من سدة السلطة في ليبيا. "كان ذلك جزءا من الحملة ضد الراكب بالمجان".
كما يعتقد الرئيس أيضاً على ما يبدو أن تقاسم القيادة مع الدول الأخرى يشكل طريقة لضبط نوازع أميركا الأكثر جموحاً. ويشرح أوباما: "أحد الأسباب التي تجعلني شديد التركيز على الأعمال متعددة الأطراف عندما لا تكون مصالحنا المباشرة على المحك، هو أن التعددية تنظِّم الغطرسة وتضبطها". ويستشهد الرئيس باستمرار بما يتصور أنه إخفاقات أميركا السابقة في الخارج كوسائل للتدقيق على الشعور الأميركي بالصلاح والأحقية الذاتية. ويقول: "لدينا تاريخ. لدينا تاريخ في إيران، ولدينا تاريخ في إندونيسيا وأميركا الوسطى. ولذلك يجب أن نكون واعين لتاريخنا عندما نشرع في الحديث عن التدخل، ويجب أن نتفهم دواعي شكوك الآخرين".
في إطار جهوده نحو التخفف من مسؤوليات السياسة الخارجية الأميركية تجاه حلفائها، يبدو أوباما رئيسَ تخندُق تقليدي، على غرار دويت آيزنهاور وريتشارد نيكسون. ويُعرَّف التخندق، في هذا السياق، بأنه "الانسحاب، وإنفاق قدر أقل من المال، وخفض منسوب المخاطرة، وتحويل الأعباء إلى الحلفاء"، كما شرح لي ستيفن سيستانوفيتش، الخبير في السياسة الخارجية الرئاسية في مجلس العلاقات الخارجية. وقال سيستانوفيتش: "لو أن جون مكين هو الذي انتخب في العام 2008، لكان قد عمل أيضاً على تحقيق قدر من التخندق. إن هذا هو ما يريده البلد. إنك إذا أتيت إلى المنصب في خضم حرب لا تجري على ما يُرام، فإنك تصبح على قناعة بأن الشعب الأميركي قد استأجرك من أجل تحقيق مشاركة أقل". ولعل أحد الفروقات بين آيزنهاور ونيكسون من جهة، وبين أوباما من جهة أخرى، كما قال سيستانوفيتش، هو أن أوباما "يبدو منطوياً على التزام أيديولوجي شخصي بفكرة أن السياسة الخارجية استهلكت الكثير جداً من انتباه البلد وموارده".
سألت أوباما عن التخندق. فقال: "لقد خضعت كل قوة عظمى في العالم تقريباً" لاتجاه الإفراط في التوسع. "الشيء الذي أعتقد أنه ليس ذكياً هو القول بأنها كلما وقعت مشكلة، فإن علينا إرسال جيشنا لفرض النظام. إننا لا نستطيع أن نفعل ذلك ببساطة".
لكن أوباما يكشف أيضاً عن إرادة العمل من جانب واحد بمجرد أن يقرر أن تحدياً مخصوصاً يشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي الأميركي. وقد تكون هذه واحدة من كبرى المفارقات في رئاسة أوباما. فقد استنطق الرئيس بلا كلل فعالية استخدام القوة، لكنه أصبح أيضاً أكثر صائدي الإرهابيين نجاحاً في تاريخ الرئاسة، وواحداً سيسلم خليفته مجموعة من الأدوات التي سيحسده عليها أي قاتل محترف بارع. ويقول بن رودس: "إنه يطبق معايير مختلفة لمواجهة التهديدات المباشرة للولايات المتحدة. على سبيل المثال، وعلى الرغم من تردده إزاء سورية، فإنه لم يتردد ثانية واحدة في موضوع استخدام الطائرات من دون طيار". ويقول بعض المنتقدين إن الرئيس كان يجب أن يفكر أكثر بشأن ما يرونه إفراطاً في استخدام الطائرات من دون طيار. لكن جون برينان، مدير أوباما لوكالة الاستخبارات المركزية، أخبرني مؤخراً بأن لديه هو والرئيس "أفكارا متطابقة. إحداها أن عليك أحياناً أن تزهق روحاً من أجل إنقاذ مزيد من الأرواح. لدينا نظرة متطابقة حول نظرية الحرب العادلة. عادة ما يطلب الرئيس ضمانات شبه يقينية بعدم إيقاع أي أضرار جانبية. لكنه إذا اعتقد أن من الضروري العمل، فإنه لا يتردد في ذلك".
يقول أولئك الذين يتحدثون مع أوباما عن الفكر الجهادي إنه يمتلك فهماً لا تخالطه الأوهام للقوى التي تدفع العنف المروع بين المسلمين المتطرفين، لكنه يلتزم جانب الحذر إزاء التعبير عن ذلك علناً، خشية أن يؤدي ذلك إلى مفاقمة مشاعر كراهية الأجانب المعادية للمسلمين. ولدى الرئيس أيضاً فهم واقعي مأسوي عن الخطيئة، والجبن، والفساد؛ ولديه تقدير هوبزي (2) لكيف يقوم الخوف بتشكيل السلوك البشري. ومع ذلك، فإنه يعترف -بإخلاص واضح- بتفاؤله بأن العالم يميل في اتجاه العدالة. إنه، بطريقة ما، هوبزي متفائل.
ولا تنتهي التناقضات عند هذا الحد. مع أنه معروف بالتبصُّر،  كان الرئيس حريصاً أيضاً على استنطاق بعض الفرضيات القائمة منذ وقت طويل، والتي يستند إليها التفكير التقليدي للسياسة الخارجية الأميركية. ويريد الرئيس بشكل ملحوظ طرح السؤال: لماذا أعداء أميركا هم أعداؤها على هذا النحو؛ أو لماذا بعض أصدقائها هم أصدقاؤها. وفي الإطار العملي، أطاح أوباما بإرث نصف قرن من إجماع الحزبين في أميركا من أجل إعادة تأسيس روابط مع كوبا. وتساءل عن السبب في أن على الولايات المتحدة تجنب إرسال قواتها إلى باكستان لقتل زعيم تنظيم القاعدة، وهو يتساءل في الأحاديث الخاصة عن السبب في أن باكستان، التي يعتقد أنها بلد مختل وظيفياً إلى حد كارثي، يجب أن تُعتبر حليفاً للولايات المتحدة من الأساس. ووفقاً لليون بانيتا، فإنه استنطق حتى مسألة اضطرار الولايات المتحدة إلى الحفاظ على ما يدعى التفوق العسكري النوعي لإسرائيل، الذي يمنحها حق الحصول على أنظمة أسلحة أكثر تطوراً مما يتلقاه حلفاء أميركا العرب؛ لكنه استنطق أيضاً، وبقسوة غالباً، الدور الذي يلعبه حلفاء أميركا من العرب السنة في إذكاء الإرهاب المعادي للولايات المتحدة. وهو غاضب بوضوح من عقيدة السياسة الخارجية المتعصبة التي تلزمه بمعاملة المملكة العربية السعودية كحليف. وكان قد قرر مبكراً بطبيعة الحال، وفي وجه النقد الكثيف، أنه يريد مد يد إلى أكثر أعداء أميركا حماسة في الشرق الأوسط، إيران. ويبرهن الاتفاق الذي أبرمه مع إيران –إذا لم يثبت أي شيء آخر- على أن أوباما ليس شخصاً ينفر من المخاطرة. وفي خطوته الإيرانية، راهن أوباما بالأمن العالمي وبإرثه الشخصي على أن واحداً من أبرز رعاة الإرهاب في العالم سوف يلتزم باتفاق لوقف برنامجه النووي.
ثمة افتراض، في أوساط منتقديه على الأقل، بأن أوباما سعى إلى الاتفاق الإيراني لأن لديه رؤية حول تقارب أميركي-فارسي تاريخي. لكن رغبته في إبرام الاتفاق النووي ولدت من التشاؤم بقدر ما ولدت من التفاؤل. وقالت لي سوزان رايس: "لم يكن الاتفاق الإيراني أبداً من الناحية المبدئية يدور حول محاولة فتح عهد جديد من العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران. كان الأمر أكثر براغماتية بكثير ويستهدف الحد الأدنى. كان الهدف بكل بساطة هو جعل بلد خطير أقل خطورة إلى حد كبير. لم تكن لدى أحد أي توقعات بأن إيران ستصبح لاعباً أكثر اعتدالاً". 
ذكرت لأوباما في إحدى المرات مشهداً من فيلم "العراب" الجزء الثالث، حيث يشتكي مايكل كورليوني بغضب من فشله في الإفلات من قبضة الجريمة المنظمة. قلت لأوباما إن الشرق الأوسط يشكل لرئاسته ما يشكله أولئك "الغوغاء" بالنسبة لكورليوني، وبدأت باقتباس عبارة آل باتشيو: "فقط عندما ظننت أنني خرجت...".
"يسحبك ذلك الشيء ويعيدك إلى الوراء"، قال أوباما، مستكملاً الفكرة.
جاءت قصة مواجهة أوباما مع الشرق الأوسط في أعقاب قوس من خيبات الأمل. في فورة شهرته الممتدة الأولى كمرشح رئاسي في العام 2008، تحدث أوباما بأمل في كثير من الأحيان عن المنطقة. في برلين في ذلك الصيف، وفي خطاب وجهه إلى 200.000 ألماني معجب، قال: "هذه هي اللحظة التي يجب أن نساعد فيها في إجابة الدعوة إلى قدوم فجر جديد في الشرق الأوسط".
وفي العام التالي، كرئيس، ألقى خطاباً في القاهرة بهدف إعادة ترتيب علاقات الولايات المتحدة مع العالم المسلم. وتحدث عن المسلمين في عائلته الخاصة، وعن سنوات طفولته في إندونيسيا، واعترف بخطايا أميركا، حتى وهو ينتقد الذين يشيطنون الولايات المتحدة في العالم الإسلامي. مع ذلك، كان الأمر الذي استأثر بمعظم الانتباه، هو وعده بحل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني الذي كان يُعتقد في ذلك الحين أنه مصدر القلق ومحركه المركزي في العالم العربي المسلم. وقد حرك تعاطف أوباما مع الفلسطينيين مشاعر مستمعيه، لكنه عقَّد علاقاته مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو –بشكل خاص لأن أوباما كان قد قرر أيضاً تجاوز القدس في أول زيارة رئاسية له للشرق الأوسط.
وعندما سألت أوباماً مؤخراً عما كان قد أمل في تحقيقه من خطاب ترتيب العلاقات في القاهرة، قال إنه كان يحاول –بلا نجاح كما اعترف- إقناع المسلمين بأن يتفحصوا جذور استيائهم وبؤسهم عن كثب.
قال لي: "كانت أطروحتي كما يلي: دعونا نكف عن التظاهر بأن إسرائيل هي سبب مشكلات الشرق الأوسط. إننا نريد العمل للمساعدة في تحقيق الدولة والكرامة للفلسطينيين، لكنني كنت آمل أن يثير خطابي نقاشاً، أن يصنع مساحة للمسلمين ليخاطبوا المشكلات الحقيقية التي يواجهونها –مشكلات الحكم، وحقيقة أن بعض تيارات الإسلام لم تختبر إي إصلاح من شأنه مساعدة الناس على تكييف مذاهبهم الإسلامية مع الحداثة. كنت أريد إيصال فكرة أن الولايات المتحدة لا تقف في طريق تحقيق أهداف أجندة عربية عملية وناجحة، والتي توفر حياة أفضل للناس العاديين".
خلال فورة الربيع العربي الأولى في العام 2011، واصل أوباما الحديث بلهجة متفائلة عن مستقبل الشرق الأوسط، مقترباً أكثر مما فعل في أي وقت مضى مما يدعى "أجندة الحرية" لجورج دبليو بوش، التي ميزها في جزء منها اعتقاد بأن من الممكن زرع القيم الديمقراطية في الشرق الأوسط. وقد ساوى الرئيس بين المتظاهرين في تونس وفي ميدان التحرير وبين روزا باركس (1) و"وطنيي بوسطن".
قال أوباما في خطاب في ذلك الوقت: "بعد عقود من القبول بالعالم كما هو في المنطقة، أصبح لدينا تغيير نحو العالم كما يجب أن يكون. إن الولايات المتحدة تدعم مجموعة من الحقوق العالمية. وهذه الحقوق تشمل حرية التعبير، وحرية التجمع السلمي، وحرية الدين، والمساواة بين الرجل والمرأة في ظل حكم القانون، والحق في اختيار قادتكم... وليس دعمنا لهذه المبادئ مصلحة ثانوية".
ولكن، على مدى السنوات الثلاث التالية، بينما تخلى الربيع العربي عن وعده المبكر، وفاضت الوحشية والاختلال الوظيفي، أصبح الرئيس يصاب بخيبة الأمل. وكانت واحدة من أعمق خيباته تتعلق بزعماء الشرق الأوسط أنفسهم. وقد شكل نتنياهو نسيج وحده: لطالما اعتقد أوباما أن نتنياهو يمكن أن يأتي بحل دولتين، يحمي مكانة إسرائيل كدولة ديمقراطية ذات أغلبية يهودية، لكنه كان بالغ الخوف والشلل السياسي ليفعل ذلك. ولم يعد أوباما يطيق صبراً على نتنياهو وقادة الشرق الأوسط الآخرين الذين يشككون في فهمه للمنطقة. وفي واحد من اجتماعات نتنياهو مع الرئيس، ألقى رئيس الوزراء الإسرائيلي نوعاً من المحاضرة عن مخاطر المنطقة الوحشية التي يعيش فيها. وشعر أوباما بأن نتنياهو يتصرف بطريقة مهينة، وأنه يتجنب الموضوع الذي يجري بحثه أصلاً: مفاوضات السلام. وأخيراً، قاطع الرئيس رئيس الوزراء: "بيبي، عليك أن تفهم شيئاً"، قال له. "أنا الأميركي الأفريقي الذي ربتني أمي، وأنا أعيش هنا، في هذا البيت. أعيش في البيت الأبيض. وقد تدبرت أمر انتخابي رئيساً للولايات المتحدة. إنك تظنني لا أفهم ما تتحدث عنه، لكنني أفهم". كما أثار قادة آخرون استياءه أيضاً إلى حد كبير. في وقت مبكر، نظر أوباما إلى رجب طيب أردوغان، رئيس تركيا، على أنه نوع من زعيم مسلم معتدل، والذي سيجسر الهوة بين الشرق والغرب –لكن أوباما أصبح يعتبره الآن زعيماً فاشلاً ومستبداً -واحداً يرفض استخدام جيشه الهائل لجلب الاستقرار إلى سورية.
في الأيام الأخيرة، أصبح الرئيس يميل إلى المزاح في الجلسات الخاصة. "كل ما أحتاجه في الخليج هو بضعة حكام مستبدين أذكياء". كان لأوباما دائماً ولع بالتكنوقراط البراغماتيين المكتفين عاطفياً، ويقول لمساعديه، "لو أن الجميع كانوا مثل الاسكندنافيين فقط، لكان الأمر سهلاً".
عتّم تفكك الربيع العربي نظرة الرئيس لما يمكن أن تفعله الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وجعله يدرك كم تقوم الفوضى هناك بتشتيت انتباهه عن الأولويات الأخرى. "أدرك الرئيس خلال مسار الربيع العربي أن الشرق الأوسط كان يستهلكنا"، كما أخبرني مؤخراً جون برينان، الذي عمل في فترة أوباما الرئاسية الأولى كأكبر مستشاريه لمكافحة الإرهاب.
لكن ما ختم نظرة أوباما القدَرية إلى الشرق الأوسط كان فشل تدخل إدارته في ليبيا في العام 2011. وكان القصد من التدخل هو منع حاكم البلد المستبد آنذاك معمر القذافي، من ذبح شعبه في بنغازي، حيث هدد بفعل ذلك. ولم يكن أوباما يريد الانضمام إلى القتال؛ وأشار عليه جو بايدن ووزير دفاع فترته الأولى، روبرت غيتس –من بين آخرين- بتجنب المشاركة والابتعاد عن المسألة برمتها. لكن فصيلاً قوياً داخل فريقه للأمن القومي –وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، وسوزان رايس، التي كانت في ذلك الوقت سفيرة الولايات المتحدة إلى الأمم المتحدة، إلى جانب سمانثا باور، وبِن رودس، وأنتوني بليكين، الذي كان حينذاك مستشار بايدن لشؤون الأمن القومي-  ضغطوا بقوة من أجل حماية بنغازي، وسادوا. (كان بايدن، المنتقذ اللاذع لأحكام كلينتون في السياسة الخارجية، قد قال في جلسة خاصة: "تريد هيلاري أن تكون غولدا مئير فحسب"). وسقطت القنابل الأميركية، وتم إنقاذ شعب بنغازي مما كان يمكن أن يكون –أو لا يكون- مذبحة، وتم أسر القذافي وإعدامه.
لكن أوباما يقول اليوم عن ذلك التدخل: "لم يعمل". لقد خططت الولايات المتحدة، كما يعتقد، عملية ليبيا بعناية –ومع ذلك، ما يزال ذلك البلد كارثة كاملة.
لماذا قبل الرئيس، بالنظر إلى ما تبدو مقاومته الطبيعية للتورط عسكرياً حيث لا يكون الأمن القومي الأميركي مباشرة على المحك، بتوصيات مستشاريه الأكثر نشاطاً بالتدخل؟
قال أوباما، شارحاً أفكاره في ذلك الوقت: "كان النظام الاجتماعي في ليبيا منهاراً. لديك احتجاجات جماهيرية ضخمة ضد القذافي. ولديك انقسامات قبَلية داخل ليبيا. وشكلت بنغازي نقطة مركزية لنظام المعارضة. والقذافي يرسل جيشه في اتجاه بنغازي، ويقول، ‘سنقتلهم مثل الجرذان’.
"الآن، سيكون الخيار رقم واحد هو عدم القيام بشيء، وكان هناك البعض في إدارتي من قالوا، رغم مأسوية الوضع الليبي بما كان عليه، إنها ليست مشكلتنا. والطريقة التي نظرت بها إلى الأمر كانت أنها ستكون مشكلتنا في حقيقة الأمر، إذا اندلعت فوضى كاملة وحرب أهلية في ليبيا. لكن ذلك لم يكن تماماً في جوهر مصالح الولايات المتحدة بحيث يكون من المنطقي أن نقوم بضرب نظام القذافي. وعند تلك النقطة، كانت لديك أوروبا وعدد من دول الخليج، الذين يحتقرون القذافي، أو يساورهم القلق على أساس إنساني، والذين يوجهون الدعوات إلى القيام بعمل. لكن ما شكل عادةً على مدى العقود الأخيرة الماضية في تلك الظروف هو أن يدفعنا الناس إلى العمل، ثم يكشفون عن عدم استعداد للمشاركة بأي شيء في اللعبة".
"ركاب بالمجان"؟ قلتُ مقاطعاً.
"ركاب بالمجان"، قال، وواصل: "ولذلك، كان ما قلته عند تلك النقطة هو أن علينا العمل كجزء من تحالف دولي. ولكن، لأن ذلك الشأن لم يكن في جوهر مصالحنا، فإننا نحتاج إلى تخويل من الأمم المتحدة؛ نحتاج إلى أن تكون الدول الأوروبية ودول الخليج مشاركة بنشاط وفعالية في التحالف؛ سوف نستخدم القدرات العسكرية التي نتفرد بها، لكننا نتوقع من الآخرين حمل جزئهم الخاص من العبء. وعملنا مع فرقنا الدفاعية لضمان أن نتمكن من تطبيق استراتيجية من دون جنود أميركيين على الأرض، ومن دون التزام عسكري طويل الأمد في ليبيا".
"وهكذا، صنعنا فعلياً هذه الخطة بالقدر الذي استطعت أن أتوقعه: حصلنا على تفويض من الأمم المتحدة، وبنينا تحالفاً، وكلفنا كل ذلك مليار دولار –وهي، عندما يتعلق الأمر بالعمليات العسكرية، كلفة رخيصة جداً. تجنبنا إيقاع ضحايا من المدنيين على نطاق واسع، ومنعنا حدوث ما كان سيشكل على نحو شبه مؤكد صراعاً أهلياً دموياً مطوَّلاً. ومع كل ذلك، ما تزال ليبيا فوضى كاملة".
"فوضى" هي تعبير الرئيس الدبلوماسي عن الوضع؛ لكنه في الأحاديث الخاصة يسمي ليبيا "عرض البراز"، فيما يعود في جزء منه إلى أنها أصبحت فيما بعد ملاذاً لـ"داعش" –واحداً تم استهدافه فعلياً بالضربات الجوية. وقد أصبحت عرضاً للبراز، كما يعتقد أوباما، لأسباب لها صلة أقل بعدم الكفاءة الأميركية مما لها بسلبية حلفاء أميركا، وبالقوة العنيدة للقبَلية.
قال أوباما: "عندما أعود وأسأل نفسي عما حدث خطاً، فإنني أجد متسعاً للنقد، لأنه كان لدي إيمان أكبر بأن الأوروبيين، بالنظر إلى قرب ليبيا منهم، سيستثمرون في المتابعة". ولاحظ الرئيس أن نيكولا ساركوزي، الرئيس الفرنسي، فقد عمله في العام التالي. وقال إن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون سرعان ما توقف عن إيلاء الاهتمام، وأصبح "منصرف الذهن بطائفة من الأشياء الأخرى". وعن فرنسا، قال الرئيس: "أراد ساركوزي المبالغة في تسويق الطلعات التي كان ينفذها في الحملة الجوية، على الرغم من حقيقة أننا كنا قد محونا كافة الدفاعات الجوية (الليبية) وأقمنا مسبقاً كامل البنية التحتية" للتدخل. ولم يكن هناك بأس في ذلك النوع من التبجح، كما قال أوباما، لأنه سمح للولايات المتحدة بـ"شراء مشاركة فرنسا بطريقة جعلت الأمر الأقل كلفة علينا وأقل مخاطرة". وبعبارات أخرى، كان منح فرنسا مزيداً من الفضل في مقابل مخاطرة أقل وكلفة أقل على الولايات المتحدة صفقة مفيدة –سوى أنه "من منظور الكثير من الناس في مؤسسة السياسة الخارجية، حسناً، كان ذلك مريعاً. إذا كنا (نحن الأميركيين) سنفعل شيئاً، فإننا يجب أن نكون في المقدمة، وأن لا يقاسمنا أحد دائرة الضوء".
كما ألقى أوباما اللوم أيضاً على الديناميات الليبية الداخلية: "كانت درجة الانقسامات القبَلية في ليبيا أكبر مما توقعه محللونا. وقدرتنا على أن نقيم أي هيكل هناك يمكننا أن نتفاعل معه ونشرع بالتدريب وتقديم الموارد، انهارت بسرعة كبيرة جداً".
برهنت ليبيا له أن من الأفضل تجنب الشرق الأوسط. وكان الرئيس قد قال مؤخراً لزميل سابق من مجلس الشيوخ: "لا ينبغي أن نلتزم بأي طريقة بحكم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. سوف يكون ذلك خطأ أساسياً، جوهرياً".
لم يأت الرئيس أوباما إلى المنصب وهو منشغل الذهن بهاجس الشرق الأوسط. وهو أول ابن لمنطقة المحيط الهادئ يصبح رئيساً –حيث وُلد في هاواي ونشأ هناك وعاش أربع سنوات في إندونيسيا- وكان تركيزه منصباً على تحويل انتباه أميركا نحو آسيا. وبالنسبة لأوباما، تشكل آسيا المستقبل. وتستحق أفريقيا وأميركا اللاتينية، من وجهة نظره، قدراً أكبر بكثير من الانتباه الأميركي مما تتلقيان. وتشكل أوروبا، التي لا يبدو الرئيس رومنسياً إزاءها، مصدراً للاستقرار العالمي، وتتطلب –فيما يصيبه بصداع دوري- أن تمسك أميركا بيدها. والشرق الأوسط هو منطقة ينبغي تجنبها –واحدة ستصبح قريباً، بفضل ثورة الطاقة الأميركية، من دون أي أهمية تُذكر بالنسبة للاقتصاد الأميركي.
لكنه ليس النفط، وإنما صادر الشرق الأوسط الآخر، الإرهاب، هو التي يشكل فهم أوباما لمسؤولياته هناك. في أوائل العام 2014، قال مستشارو أوباما لشؤون الاستخبارات له إن "داعش" هو تنظيم بأهمية هامشية. ووفقاً لمسؤولين في الإدارة، فإن الجنرال للويد أوستن، الذي كان حينذاك قائداً للمنطقة العسكرية الوسطى التي تشرف على عمليات الجيش الأميركي في الشرق الأوسط، قال للبيت الأبيض إن "الدولة الإسلامية" هي مجرد "ومضة برق في إناء". عارض مؤقت. وقاد هذا التحليل أوباما إلى وصف كوكبة الجماعات الجهادية في العراق وسورية، في مقابلة مع مجلة "النيويوركر"، بأنها "فريق من المستجدِّين" في الإرهاب. (قال لي متحدث باسم أوستن، "لم يعتبر الجنرال أوستن في أي وقت داعش ‘ومضة برق في إناء’"). (يتبع)...
هوامش:
(1)    روزا لويز ماكولي باركس (4 شباط، فبراير 1913 - 24 تشرين الأول، أكتوبر 2005)، كانت ناشطة أميركية من أصل أفريقي في الحقوق المدنية. وصفها الكونغرس الأميركي بأنها "السيدة الأولى في الحقوق المدنية" و"أم حركة الحرية".
(2)    نسبة إلى توماس هوبز Thomas Hobbes، وهو فيلسوف ومنظر سياسي إنجليزي من القرن السابع عشر، عُرف بكتابه "لوياثان" (1651)، الذي يقول إن السبيل الوحيد لتأمين مجتمع مدني هو خضوع الجميع لسلطة مطلقة ذات سيادة. ويصف كتابه وضعاً من المنافسة الأنانية وغير المقيدة وغير الحضارية بين الناس أسس لمفاهيم "العقد الاجتماعي" وطور بعض  أساسيات الفكر الليبرالي، مع أنه كان مناصراً للملكية المطلقة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70067
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

عقيدة أوباما:  حول دور أميركا العالمي Empty
مُساهمةموضوع: رد: عقيدة أوباما: حول دور أميركا العالمي   عقيدة أوباما:  حول دور أميركا العالمي Emptyالثلاثاء 22 مارس 2016, 9:30 am

عقيدة أوباما: الرئيس الأميركي يعرض شرحا ضافيا لأصعب قراراته حول دور أميركا العالمي (الجزء الثالث)


جيفري غولدبيرغ – (مجلة الأتلانتيك) عدد نيسان (أبريل) 2016
ترجمة: علاء الدين أبو زينة
كان جزء من مهمته كرئيس، كما أوضح أوباما، هو أن يحث الدول الأخرى على العمل لحل مشكلاتها وصراعاتها بنفسها بدلاً من انتظار الولايات المتحدة لكي تأتي وتتولى القيادة. وفي جزء منه، يعتمد الدفاع عن النظام الدولي الليبرالي ضد الإرهاب الجهادي، والمغامراتية الروسية، والاستئساد الصيني، على رغبة الدول الأخرى في تقاسم العبء مع الولايات المتحدة، كما يعتقد الرئيس. ولذلك، غضب الرئيس من الجدل الذي أحاط بتصريح كان قد أدلى به مسؤول مجهول في الإدارة لمجلة "نيويوركر" خلال أزمة ليبيا في العام 2011- وأكد فيه أن سياسة الرئيس تقوم على مبدأ "القيادة من الخلف". وقال لي الرئيس: "ليس علينا أن نكون دائماً في الخطوط الأمامية. في بعض الأحيان سوف نحصل على ما نريده، بالضبط لأننا نتقاسم الأجندة. والمفارقة هي أنه كان بالضبط من أجل منع الدول الأوروبية والعربية من الاكتفاء بحمل معاطفنا بينما نقوم نحن بكل القتال، إننا أصررنا، عمداً"، على أن يتولوا هم القيادة خلال مهمة الإطاحة بمعمر القذافي من سدة السلطة في ليبيا. "كان ذلك جزءا من الحملة ضد الراكب بالمجان".
كما يعتقد الرئيس أيضاً على ما يبدو أن تقاسم القيادة مع الدول الأخرى يشكل طريقة لضبط نوازع أميركا الأكثر جموحاً. ويشرح أوباما: "أحد الأسباب التي تجعلني شديد التركيز على الأعمال متعددة الأطراف عندما لا تكون مصالحنا المباشرة على المحك، هو أن التعددية تنظِّم الغطرسة وتضبطها". ويستشهد الرئيس باستمرار بما يتصور أنه إخفاقات أميركا السابقة في الخارج كوسائل للتدقيق على الشعور الأميركي بالصلاح والأحقية الذاتية. ويقول: "لدينا تاريخ. لدينا تاريخ في إيران، ولدينا تاريخ في إندونيسيا وأميركا الوسطى. ولذلك يجب أن نكون واعين لتاريخنا عندما نشرع في الحديث عن التدخل، ويجب أن نتفهم دواعي شكوك الآخرين".
في إطار جهوده نحو التخفف من مسؤوليات السياسة الخارجية الأميركية تجاه حلفائها، يبدو أوباما رئيسَ تخندُق تقليدي، على غرار دويت آيزنهاور وريتشارد نيكسون. ويُعرَّف التخندق، في هذا السياق، بأنه "الانسحاب، وإنفاق قدر أقل من المال، وخفض منسوب المخاطرة، وتحويل الأعباء إلى الحلفاء"، كما شرح لي ستيفن سيستانوفيتش، الخبير في السياسة الخارجية الرئاسية في مجلس العلاقات الخارجية. وقال سيستانوفيتش: "لو أن جون مكين هو الذي انتخب في العام 2008، لكان قد عمل أيضاً على تحقيق قدر من التخندق. إن هذا هو ما يريده البلد. إنك إذا أتيت إلى المنصب في خضم حرب لا تجري على ما يُرام، فإنك تصبح على قناعة بأن الشعب الأميركي قد استأجرك من أجل تحقيق مشاركة أقل". ولعل أحد الفروقات بين آيزنهاور ونيكسون من جهة، وبين أوباما من جهة أخرى، كما قال سيستانوفيتش، هو أن أوباما "يبدو منطوياً على التزام أيديولوجي شخصي بفكرة أن السياسة الخارجية استهلكت الكثير جداً من انتباه البلد وموارده".
سألت أوباما عن التخندق. فقال: "لقد خضعت كل قوة عظمى في العالم تقريباً" لاتجاه الإفراط في التوسع. "الشيء الذي أعتقد أنه ليس ذكياً هو القول بأنها كلما وقعت مشكلة، فإن علينا إرسال جيشنا لفرض النظام. إننا لا نستطيع أن نفعل ذلك ببساطة".
لكن أوباما يكشف أيضاً عن إرادة العمل من جانب واحد بمجرد أن يقرر أن تحدياً مخصوصاً يشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي الأميركي. وقد تكون هذه واحدة من كبرى المفارقات في رئاسة أوباما. فقد استنطق الرئيس بلا كلل فعالية استخدام القوة، لكنه أصبح أيضاً أكثر صائدي الإرهابيين نجاحاً في تاريخ الرئاسة، وواحداً سيسلم خليفته مجموعة من الأدوات التي سيحسده عليها أي قاتل محترف بارع. ويقول بن رودس: "إنه يطبق معايير مختلفة لمواجهة التهديدات المباشرة للولايات المتحدة. على سبيل المثال، وعلى الرغم من تردده إزاء سورية، فإنه لم يتردد ثانية واحدة في موضوع استخدام الطائرات من دون طيار". ويقول بعض المنتقدين إن الرئيس كان يجب أن يفكر أكثر بشأن ما يرونه إفراطاً في استخدام الطائرات من دون طيار. لكن جون برينان، مدير أوباما لوكالة الاستخبارات المركزية، أخبرني مؤخراً بأن لديه هو والرئيس "أفكارا متطابقة. إحداها أن عليك أحياناً أن تزهق روحاً من أجل إنقاذ مزيد من الأرواح. لدينا نظرة متطابقة حول نظرية الحرب العادلة. عادة ما يطلب الرئيس ضمانات شبه يقينية بعدم إيقاع أي أضرار جانبية. لكنه إذا اعتقد أن من الضروري العمل، فإنه لا يتردد في ذلك".
يقول أولئك الذين يتحدثون مع أوباما عن الفكر الجهادي إنه يمتلك فهماً لا تخالطه الأوهام للقوى التي تدفع العنف المروع بين المسلمين المتطرفين، لكنه يلتزم جانب الحذر إزاء التعبير عن ذلك علناً، خشية أن يؤدي ذلك إلى مفاقمة مشاعر كراهية الأجانب المعادية للمسلمين. ولدى الرئيس أيضاً فهم واقعي مأسوي عن الخطيئة، والجبن، والفساد؛ ولديه تقدير هوبزي (2) لكيف يقوم الخوف بتشكيل السلوك البشري. ومع ذلك، فإنه يعترف -بإخلاص واضح- بتفاؤله بأن العالم يميل في اتجاه العدالة. إنه، بطريقة ما، هوبزي متفائل.
ولا تنتهي التناقضات عند هذا الحد. مع أنه معروف بالتبصُّر،  كان الرئيس حريصاً أيضاً على استنطاق بعض الفرضيات القائمة منذ وقت طويل، والتي يستند إليها التفكير التقليدي للسياسة الخارجية الأميركية. ويريد الرئيس بشكل ملحوظ طرح السؤال: لماذا أعداء أميركا هم أعداؤها على هذا النحو؛ أو لماذا بعض أصدقائها هم أصدقاؤها. وفي الإطار العملي، أطاح أوباما بإرث نصف قرن من إجماع الحزبين في أميركا من أجل إعادة تأسيس روابط مع كوبا. وتساءل عن السبب في أن على الولايات المتحدة تجنب إرسال قواتها إلى باكستان لقتل زعيم تنظيم القاعدة، وهو يتساءل في الأحاديث الخاصة عن السبب في أن باكستان، التي يعتقد أنها بلد مختل وظيفياً إلى حد كارثي، يجب أن تُعتبر حليفاً للولايات المتحدة من الأساس. ووفقاً لليون بانيتا، فإنه استنطق حتى مسألة اضطرار الولايات المتحدة إلى الحفاظ على ما يدعى التفوق العسكري النوعي لإسرائيل، الذي يمنحها حق الحصول على أنظمة أسلحة أكثر تطوراً مما يتلقاه حلفاء أميركا العرب؛ لكنه استنطق أيضاً، وبقسوة غالباً، الدور الذي يلعبه حلفاء أميركا من العرب السنة في إذكاء الإرهاب المعادي للولايات المتحدة. وهو غاضب بوضوح من عقيدة السياسة الخارجية المتعصبة التي تلزمه بمعاملة المملكة العربية السعودية كحليف. وكان قد قرر مبكراً بطبيعة الحال، وفي وجه النقد الكثيف، أنه يريد مد يد إلى أكثر أعداء أميركا حماسة في الشرق الأوسط، إيران. ويبرهن الاتفاق الذي أبرمه مع إيران –إذا لم يثبت أي شيء آخر- على أن أوباما ليس شخصاً ينفر من المخاطرة. وفي خطوته الإيرانية، راهن أوباما بالأمن العالمي وبإرثه الشخصي على أن واحداً من أبرز رعاة الإرهاب في العالم سوف يلتزم باتفاق لوقف برنامجه النووي.
ثمة افتراض، في أوساط منتقديه على الأقل، بأن أوباما سعى إلى الاتفاق الإيراني لأن لديه رؤية حول تقارب أميركي-فارسي تاريخي. لكن رغبته في إبرام الاتفاق النووي ولدت من التشاؤم بقدر ما ولدت من التفاؤل. وقالت لي سوزان رايس: "لم يكن الاتفاق الإيراني أبداً من الناحية المبدئية يدور حول محاولة فتح عهد جديد من العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران. كان الأمر أكثر براغماتية بكثير ويستهدف الحد الأدنى. كان الهدف بكل بساطة هو جعل بلد خطير أقل خطورة إلى حد كبير. لم تكن لدى أحد أي توقعات بأن إيران ستصبح لاعباً أكثر اعتدالاً".
ذكرت لأوباما في إحدى المرات مشهداً من فيلم "العراب" الجزء الثالث، حيث يشتكي مايكل كورليوني بغضب من فشله في الإفلات من قبضة الجريمة المنظمة. قلت لأوباما إن الشرق الأوسط يشكل لرئاسته ما يشكله أولئك "الغوغاء" بالنسبة لكورليوني، وبدأت باقتباس عبارة آل باتشيو: "فقط عندما ظننت أنني خرجت...".
"
يسحبك ذلك الشيء ويعيدك إلى الوراء"، قال أوباما، مستكملاً الفكرة.
جاءت قصة مواجهة أوباما مع الشرق الأوسط في أعقاب قوس من خيبات الأمل. في فورة شهرته الممتدة الأولى كمرشح رئاسي في العام 2008، تحدث أوباما بأمل في كثير من الأحيان عن المنطقة. في برلين في ذلك الصيف، وفي خطاب وجهه إلى 200.000 ألماني معجب، قال: "هذه هي اللحظة التي يجب أن نساعد فيها في إجابة الدعوة إلى قدوم فجر جديد في الشرق الأوسط".
وفي العام التالي، كرئيس، ألقى خطاباً في القاهرة بهدف إعادة ترتيب علاقات الولايات المتحدة مع العالم المسلم. وتحدث عن المسلمين في عائلته الخاصة، وعن سنوات طفولته في إندونيسيا، واعترف بخطايا أميركا، حتى وهو ينتقد الذين يشيطنون الولايات المتحدة في العالم الإسلامي. مع ذلك، كان الأمر الذي استأثر بمعظم الانتباه، هو وعده بحل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني الذي كان يُعتقد في ذلك الحين أنه مصدر القلق ومحركه المركزي في العالم العربي المسلم. وقد حرك تعاطف أوباما مع الفلسطينيين مشاعر مستمعيه، لكنه عقَّد علاقاته مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو –بشكل خاص لأن أوباما كان قد قرر أيضاً تجاوز القدس في أول زيارة رئاسية له للشرق الأوسط.
وعندما سألت أوباماً مؤخراً عما كان قد أمل في تحقيقه من خطاب ترتيب العلاقات في القاهرة، قال إنه كان يحاول –بلا نجاح كما اعترف- إقناع المسلمين بأن يتفحصوا جذور استيائهم وبؤسهم عن كثب.
قال لي: "كانت أطروحتي كما يلي: دعونا نكف عن التظاهر بأن إسرائيل هي سبب مشكلات الشرق الأوسط. إننا نريد العمل للمساعدة في تحقيق الدولة والكرامة للفلسطينيين، لكنني كنت آمل أن يثير خطابي نقاشاً، أن يصنع مساحة للمسلمين ليخاطبوا المشكلات الحقيقية التي يواجهونها –مشكلات الحكم، وحقيقة أن بعض تيارات الإسلام لم تختبر إي إصلاح من شأنه مساعدة الناس على تكييف مذاهبهم الإسلامية مع الحداثة. كنت أريد إيصال فكرة أن الولايات المتحدة لا تقف في طريق تحقيق أهداف أجندة عربية عملية وناجحة، والتي توفر حياة أفضل للناس العاديين".
خلال فورة الربيع العربي الأولى في العام 2011، واصل أوباما الحديث بلهجة متفائلة عن مستقبل الشرق الأوسط، مقترباً أكثر مما فعل في أي وقت مضى مما يدعى "أجندة الحرية" لجورج دبليو بوش، التي ميزها في جزء منها اعتقاد بأن من الممكن زرع القيم الديمقراطية في الشرق الأوسط. وقد ساوى الرئيس بين المتظاهرين في تونس وفي ميدان التحرير وبين روزا باركس (1) و"وطنيي بوسطن".
قال أوباما في خطاب في ذلك الوقت: "بعد عقود من القبول بالعالم كما هو في المنطقة، أصبح لدينا تغيير نحو العالم كما يجب أن يكون. إن الولايات المتحدة تدعم مجموعة من الحقوق العالمية. وهذه الحقوق تشمل حرية التعبير، وحرية التجمع السلمي، وحرية الدين، والمساواة بين الرجل والمرأة في ظل حكم القانون، والحق في اختيار قادتكم... وليس دعمنا لهذه المبادئ مصلحة ثانوية".
ولكن، على مدى السنوات الثلاث التالية، بينما تخلى الربيع العربي عن وعده المبكر، وفاضت الوحشية والاختلال الوظيفي، أصبح الرئيس يصاب بخيبة الأمل. وكانت واحدة من أعمق خيباته تتعلق بزعماء الشرق الأوسط أنفسهم. وقد شكل نتنياهو نسيج وحده: لطالما اعتقد أوباما أن نتنياهو يمكن أن يأتي بحل دولتين، يحمي مكانة إسرائيل كدولة ديمقراطية ذات أغلبية يهودية، لكنه كان بالغ الخوف والشلل السياسي ليفعل ذلك. ولم يعد أوباما يطيق صبراً على نتنياهو وقادة الشرق الأوسط الآخرين الذين يشككون في فهمه للمنطقة. وفي واحد من اجتماعات نتنياهو مع الرئيس، ألقى رئيس الوزراء الإسرائيلي نوعاً من المحاضرة عن مخاطر المنطقة الوحشية التي يعيش فيها. وشعر أوباما بأن نتنياهو يتصرف بطريقة مهينة، وأنه يتجنب الموضوع الذي يجري بحثه أصلاً: مفاوضات السلام. وأخيراً، قاطع الرئيس رئيس الوزراء: "بيبي، عليك أن تفهم شيئاً"، قال له. "أنا الأميركي الأفريقي الذي ربتني أمي، وأنا أعيش هنا، في هذا البيت. أعيش في البيت الأبيض. وقد تدبرت أمر انتخابي رئيساً للولايات المتحدة. إنك تظنني لا أفهم ما تتحدث عنه، لكنني أفهم". كما أثار قادة آخرون استياءه أيضاً إلى حد كبير. في وقت مبكر، نظر أوباما إلى رجب طيب أردوغان، رئيس تركيا، على أنه نوع من زعيم مسلم معتدل، والذي سيجسر الهوة بين الشرق والغرب –لكن أوباما أصبح يعتبره الآن زعيماً فاشلاً ومستبداً -واحداً يرفض استخدام جيشه الهائل لجلب الاستقرار إلى سورية.
في الأيام الأخيرة، أصبح الرئيس يميل إلى المزاح في الجلسات الخاصة. "كل ما أحتاجه في الخليج هو بضعة حكام مستبدين أذكياء". كان لأوباما دائماً ولع بالتكنوقراط البراغماتيين المكتفين عاطفياً، ويقول لمساعديه، "لو أن الجميع كانوا مثل الاسكندنافيين فقط، لكان الأمر سهلاً".
عتّم تفكك الربيع العربي نظرة الرئيس لما يمكن أن تفعله الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وجعله يدرك كم تقوم الفوضى هناك بتشتيت انتباهه عن الأولويات الأخرى. "أدرك الرئيس خلال مسار الربيع العربي أن الشرق الأوسط كان يستهلكنا"، كما أخبرني مؤخراً جون برينان، الذي عمل في فترة أوباما الرئاسية الأولى كأكبر مستشاريه لمكافحة الإرهاب.
لكن ما ختم نظرة أوباما القدَرية إلى الشرق الأوسط كان فشل تدخل إدارته في ليبيا في العام 2011. وكان القصد من التدخل هو منع حاكم البلد المستبد آنذاك معمر القذافي، من ذبح شعبه في بنغازي، حيث هدد بفعل ذلك. ولم يكن أوباما يريد الانضمام إلى القتال؛ وأشار عليه جو بايدن ووزير دفاع فترته الأولى، روبرت غيتس –من بين آخرين- بتجنب المشاركة والابتعاد عن المسألة برمتها. لكن فصيلاً قوياً داخل فريقه للأمن القومي –وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، وسوزان رايس، التي كانت في ذلك الوقت سفيرة الولايات المتحدة إلى الأمم المتحدة، إلى جانب سمانثا باور، وبِن رودس، وأنتوني بليكين، الذي كان حينذاك مستشار بايدن لشؤون الأمن القوميضغطوا بقوة من أجل حماية بنغازي، وسادوا. (كان بايدن، المنتقذ اللاذع لأحكام كلينتون في السياسة الخارجية، قد قال في جلسة خاصة: "تريد هيلاري أن تكون غولدا مئير فحسب"). وسقطت القنابل الأميركية، وتم إنقاذ شعب بنغازي مما كان يمكن أن يكون –أو لا يكون- مذبحة، وتم أسر القذافي وإعدامه.
لكن أوباما يقول اليوم عن ذلك التدخل: "لم يعمل". لقد خططت الولايات المتحدة، كما يعتقد، عملية ليبيا بعناية –ومع ذلك، ما يزال ذلك البلد كارثة كاملة.
لماذا قبل الرئيس، بالنظر إلى ما تبدو مقاومته الطبيعية للتورط عسكرياً حيث لا يكون الأمن القومي الأميركي مباشرة على المحك، بتوصيات مستشاريه الأكثر نشاطاً بالتدخل؟
قال أوباما، شارحاً أفكاره في ذلك الوقت: "كان النظام الاجتماعي في ليبيا منهاراً. لديك احتجاجات جماهيرية ضخمة ضد القذافي. ولديك انقسامات قبَلية داخل ليبيا. وشكلت بنغازي نقطة مركزية لنظام المعارضة. والقذافي يرسل جيشه في اتجاه بنغازي، ويقول، ‘سنقتلهم مثل الجرذان’.
"
الآن، سيكون الخيار رقم واحد هو عدم القيام بشيء، وكان هناك البعض في إدارتي من قالوا، رغم مأسوية الوضع الليبي بما كان عليه، إنها ليست مشكلتنا. والطريقة التي نظرت بها إلى الأمر كانت أنها ستكون مشكلتنا في حقيقة الأمر، إذا اندلعت فوضى كاملة وحرب أهلية في ليبيا. لكن ذلك لم يكن تماماً في جوهر مصالح الولايات المتحدة بحيث يكون من المنطقي أن نقوم بضرب نظام القذافي. وعند تلك النقطة، كانت لديك أوروبا وعدد من دول الخليج، الذين يحتقرون القذافي، أو يساورهم القلق على أساس إنساني، والذين يوجهون الدعوات إلى القيام بعمل. لكن ما شكل عادةً على مدى العقود الأخيرة الماضية في تلك الظروف هو أن يدفعنا الناس إلى العمل، ثم يكشفون عن عدم استعداد للمشاركة بأي شيء في اللعبة".
"
ركاب بالمجان"؟ قلتُ مقاطعاً.
"
ركاب بالمجان"، قال، وواصل: "ولذلك، كان ما قلته عند تلك النقطة هو أن علينا العمل كجزء من تحالف دولي. ولكن، لأن ذلك الشأن لم يكن في جوهر مصالحنا، فإننا نحتاج إلى تخويل من الأمم المتحدة؛ نحتاج إلى أن تكون الدول الأوروبية ودول الخليج مشاركة بنشاط وفعالية في التحالف؛ سوف نستخدم القدرات العسكرية التي نتفرد بها، لكننا نتوقع من الآخرين حمل جزئهم الخاص من العبء. وعملنا مع فرقنا الدفاعية لضمان أن نتمكن من تطبيق استراتيجية من دون جنود أميركيين على الأرض، ومن دون التزام عسكري طويل الأمد في ليبيا".
"
وهكذا، صنعنا فعلياً هذه الخطة بالقدر الذي استطعت أن أتوقعه: حصلنا على تفويض من الأمم المتحدة، وبنينا تحالفاً، وكلفنا كل ذلك مليار دولار –وهي، عندما يتعلق الأمر بالعمليات العسكرية، كلفة رخيصة جداً. تجنبنا إيقاع ضحايا من المدنيين على نطاق واسع، ومنعنا حدوث ما كان سيشكل على نحو شبه مؤكد صراعاً أهلياً دموياً مطوَّلاً. ومع كل ذلك، ما تزال ليبيا فوضى كاملة".
"
فوضى" هي تعبير الرئيس الدبلوماسي عن الوضع؛ لكنه في الأحاديث الخاصة يسمي ليبيا "عرض البراز"، فيما يعود في جزء منه إلى أنها أصبحت فيما بعد ملاذاً لـ"داعش" –واحداً تم استهدافه فعلياً بالضربات الجوية. وقد أصبحت عرضاً للبراز، كما يعتقد أوباما، لأسباب لها صلة أقل بعدم الكفاءة الأميركية مما لها بسلبية حلفاء أميركا، وبالقوة العنيدة للقبَلية.
قال أوباما: "عندما أعود وأسأل نفسي عما حدث خطاً، فإنني أجد متسعاً للنقد، لأنه كان لدي إيمان أكبر بأن الأوروبيين، بالنظر إلى قرب ليبيا منهم، سيستثمرون في المتابعة". ولاحظ الرئيس أن نيكولا ساركوزي، الرئيس الفرنسي، فقد عمله في العام التالي. وقال إن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون سرعان ما توقف عن إيلاء الاهتمام، وأصبح "منصرف الذهن بطائفة من الأشياء الأخرى". وعن فرنسا، قال الرئيس: "أراد ساركوزي المبالغة في تسويق الطلعات التي كان ينفذها في الحملة الجوية، على الرغم من حقيقة أننا كنا قد محونا كافة الدفاعات الجوية (الليبية) وأقمنا مسبقاً كامل البنية التحتية" للتدخل. ولم يكن هناك بأس في ذلك النوع من التبجح، كما قال أوباما، لأنه سمح للولايات المتحدة بـ"شراء مشاركة فرنسا بطريقة جعلت الأمر الأقل كلفة علينا وأقل مخاطرة". وبعبارات أخرى، كان منح فرنسا مزيداً من الفضل في مقابل مخاطرة أقل وكلفة أقل على الولايات المتحدة صفقة مفيدة –سوى أنه "من منظور الكثير من الناس في مؤسسة السياسة الخارجية، حسناً، كان ذلك مريعاً. إذا كنا (نحن الأميركيين) سنفعل شيئاً، فإننا يجب أن نكون في المقدمة، وأن لا يقاسمنا أحد دائرة الضوء".
كما ألقى أوباما اللوم أيضاً على الديناميات الليبية الداخلية: "كانت درجة الانقسامات القبَلية في ليبيا أكبر مما توقعه محللونا. وقدرتنا على أن نقيم أي هيكل هناك يمكننا أن نتفاعل معه ونشرع بالتدريب وتقديم الموارد، انهارت بسرعة كبيرة جداً".
برهنت ليبيا له أن من الأفضل تجنب الشرق الأوسط. وكان الرئيس قد قال مؤخراً لزميل سابق من مجلس الشيوخ: "لا ينبغي أن نلتزم بأي طريقة بحكم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. سوف يكون ذلك خطأ أساسياً، جوهرياً".
لم يأت الرئيس أوباما إلى المنصب وهو منشغل الذهن بهاجس الشرق الأوسط. وهو أول ابن لمنطقة المحيط الهادئ يصبح رئيساً –حيث وُلد في هاواي ونشأ هناك وعاش أربع سنوات في إندونيسيا- وكان تركيزه منصباً على تحويل انتباه أميركا نحو آسيا. وبالنسبة لأوباما، تشكل آسيا المستقبل. وتستحق أفريقيا وأميركا اللاتينية، من وجهة نظره، قدراً أكبر بكثير من الانتباه الأميركي مما تتلقيان. وتشكل أوروبا، التي لا يبدو الرئيس رومنسياً إزاءها، مصدراً للاستقرار العالمي، وتتطلب –فيما يصيبه بصداع دوري- أن تمسك أميركا بيدها. والشرق الأوسط هو منطقة ينبغي تجنبها –واحدة ستصبح قريباً، بفضل ثورة الطاقة الأميركية، من دون أي أهمية تُذكر بالنسبة للاقتصاد الأميركي.
لكنه ليس النفط، وإنما صادر الشرق الأوسط الآخر، الإرهاب، هو التي يشكل فهم أوباما لمسؤولياته هناك. في أوائل العام 2014، قال مستشارو أوباما لشؤون الاستخبارات له إن "داعش" هو تنظيم بأهمية هامشية. ووفقاً لمسؤولين في الإدارة، فإن الجنرال للويد أوستن، الذي كان حينذاك قائداً للمنطقة العسكرية الوسطى التي تشرف على عمليات الجيش الأميركي في الشرق الأوسط، قال للبيت الأبيض إن "الدولة الإسلامية" هي مجرد "ومضة برق في إناء". عارض مؤقت. وقاد هذا التحليل أوباما إلى وصف كوكبة الجماعات الجهادية في العراق وسورية، في مقابلة مع مجلة "النيويوركر"، بأنها "فريق من المستجدِّين" في الإرهاب. (قال لي متحدث باسم أوستن، "لم يعتبر الجنرال أوستن في أي وقت داعش ‘ومضة برق في إناء’"). (يتبع)...
هوامش:
(1)   
روزا لويز ماكولي باركس (4 شباط، فبراير 1913 - 24 تشرين الأول، أكتوبر 2005)، كانت ناشطة أميركية من أصل أفريقي في الحقوق المدنية. وصفها الكونغرس الأميركي بأنها "السيدة الأولى في الحقوق المدنية" و"أم حركة الحرية".
(2)   
نسبة إلى توماس هوبز Thomas Hobbes، وهو فيلسوف ومنظر سياسي إنجليزي من القرن السابع عشر، عُرف بكتابه "لوياثان" (1651)، الذي يقول إن السبيل الوحيد لتأمين مجتمع مدني هو خضوع الجميع لسلطة مطلقة ذات سيادة. ويصف كتابه وضعاً من المنافسة الأنانية وغير المقيدة وغير الحضارية بين الناس أسس لمفاهيم "العقد الاجتماعي" وطور بعض  أساسيات الفكر الليبرالي، مع أنه كان مناصراً للملكية المطلقة.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70067
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

عقيدة أوباما:  حول دور أميركا العالمي Empty
مُساهمةموضوع: رد: عقيدة أوباما: حول دور أميركا العالمي   عقيدة أوباما:  حول دور أميركا العالمي Emptyالخميس 24 مارس 2016, 6:07 am

عقيدة أوباما: الرئيس الأميركي يعرض شرحاً ضافياً لأصعب قراراته حول دور أميركا العالمي (الجزء الرابع)

جيفري غولدبيرغ – (مجلة الأتلانتيك) عدد نيسان (أبريل) 2016
ترجمة: علاء الدين أبو زينة
بحلول ربيع العام 2014، بعد استيلاء "داعش" على مدينة الموصل العراقية الشمالية، أصبح الرئيس يعتقد أن استخبارات الولايات المتحدة فشلت في تقدير شدة التهديد ومكامن القصور في الجيش العراقي، وتغيرت نظرته. وبعد أن قطع "داعش" رؤوس ثلاثة مدنيين أميركيين في سورية، أصبح واضحاً لأوباما أن هزيمة المجموعة هي مسألة أكثر إلحاحاً بالنسبة للولايات المتحدة من الإطاحة ببشار الأسد.
يتذكر المستشارون أن أوباما استشهد بلقطة من فيلم الرجل الوطواط (باتمان) للعام 2008 "فارس الظلام"، لتساعده في شرح -ليس فقط كيف يفهم دور "داعش"، وإنما كيف يفهم النظام البيئي الحيوي الأشمل الذي نما التنظيم فيه. وقال الرئيس: "هناك مشهد في البداية حيث يجتمع رؤساء العصابات في غوثام. هؤلاء رجال قسموا المدينة. كانوا بلطجية، لكن ساد لديهم نوع من النظام. كان لكل واحد قطاعه. ثم يأتي الجوكر ويملأ كامل المدينة بالحرائق. داعش هو الجوكر. إنه يمتلك القدرة على إشعال النار في كامل المنطقة. لذلك علينا أن نحاربه".
ذات يوم أربعاء ماطر في أواسط تشرين الثاني (نوفمبر)، ظهر الرئيس أوباما في قاعة في مؤتمر قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي (أبيك) في مانيلا، مع جاك ما Jack Ma، مؤسس شركة علي بابا الصينية للتجارة الإلكترونية، ومخترعة فلبينية عمرها 31 عاماً، اسمها آيسة ميجينو Aisa Mijeno. وكانت القاعة مزدحمة بالمديرين التنفيذيين وقادة الأعمال الأميركيين ومسؤولي الحكومات من أنحاء المنطقة كافة. وهناك قدم أوباما الذي قوبل بترحيب حار ملاحظات غير رسمية من خلف منصة، وكانت بشكل رئيسي عن تهديد التغير المناخي.
لم يأتِ أوباما على ذكر الموضوع الذي يشغل بال الكثيرين في بقية العالم –هجمات "داعش" في باريس قبل خمسة أيام من ذلك، والتي قتلت 130 شخصاً. كان أوباما قد وصل إلى مانيلا في اليوم السابق قادماً من قمة لمجموعة العشرين انعقدت في أنطاليا، تركيا. وكانت هجمات باريس موضوعاً رئيسياً للحديث في أنطاليا؛ حيث عقد أوباما مؤتمراً صحفياً مثيراً للجدل بشكل خاص حول ذلك الموضوع.
كان السلك الصحفي المتنقل للبيت الأبيض الصحفي صارماً لا يلين: "ألم يحن الوقت لتغيير استراتيجيتك؟" سأل أحد الصحفيين. وفي أعقاب ذلك جاء السؤال: "هل لي أن أطلب منك مخاطبة منتقديك الذين يقولون إن ترددك في دخول حرب شرق أوسطية أخرى، وتفضيلك الدبلوماسية على استخدام الجيش، يجعلان الولايات المتحدة أضعف ويقوي شوكة أعدائنا؟" ثم جاء السؤال التالي المطروح بلا توقف، من مراسل محطة (سي إن إن): "اعذرني على لغتي -لماذا لا تستطيع أن نذهب ونقضي على هؤلاء الأوغاد؟"، وهو ما أعقبه السؤال: "هل تعتقد أنك تفهم حقاً هذا العدو جيداً بما يكفي لتهزمه وتحمي الوطن؟".
بينما التف حبل الأسئلة، كان أوباما يزداد توتراً وغضباً. وفي الرد، وصف استراتيجيته تجاه "داعش" بالتفصيل، لكن المرة الأولى التي عرض فيها عاطفة غير الازدراء كانت عندما تحدث عن جدل ناشئ حول سياسة الولايات المتحدة تجاه اللاجئين. وقد بدأ حكام الولايات الجمهوريون والمرشحون الرئاسيون يطالبون فجأة بأن تمنع الولايات المتحدة اللاجئين السوريين من القدوم إلى أميركا. واقترح تيد كروز قبول السوريين المسيحيين فقط. وكان كريس كريستي قد قال إنه يجب منع كل اللاجئين، بمن فيهم "اليتامى تحت سن 5 سنوات"، من دخول أميركا حتى يتم تطبيق إجراءات تحقق مناسبة.
بدا أن هذا الخطاب يثير استياء أوباما بشكل كبير. وقال أوباما للصحفيين المجتمعين: "عندما أسمع هؤلاء الناس يقولون إنه –حسناً- ربما يجب علينا أن نقبل فقط بالمسيحيين، وإنما ليس المسلمين؛ عنما أسمع القادة السياسيين يقترحون أن يكون هناك اختبار ديني يتم إخضاع الشخص الهارب من بلد مزقته الحرب له. هذا ليس أميركياً. هذا ليس نحن. إننا لا نجري اختبارات دينية لعواطفنا".
غادرت الطائرة الرئاسية "سلاح الجو 1" أنطاليا وحطت بعد 10 سنوات لاحقاً في مانيلا. وكان عندئذٍ حين أدرك مستشارو الرئيس، بكلمات أحد المسؤولين، أن "الجميع هناك في الوطن قد فقدوا عقولهم". قامت سوزان رايس، في محاولة لفهم القلق المتصاعد، بتفتيش محطات جهاز التلفاز في الفندق عبثاً عن محطة "سي إن إن"، لتجد فقط محطتي "بي بي سي" و"فوكس نيوز". وتنقلت بين المحطتين، باحثة عن المعنى، كما قالت لرفاق الرحلة.
سوف يقول الرئيس لاحقاً إنه فشل في أن يقدر بشكل كامل مدى الخوف الذي كان العديد من الأميركيين يختبرونه من احتمال التعرض لهجوم على غرار هجوم بارس في الولايات المتحدة. كانت مسافة هائلة، وجدول زمني محموم، ودوار إنهاك السفر الذي يلف رحلة رئاسية طويلة على اتساع رقعة الكوكب، كلها تعمل ضده. لكنه لم يكن يعتقد أبداً أن الإرهاب يشكل تهديداً لأميركا يتناسب مع الخوف الذي يولده. وحتى خلال تلك الفترة في العام 2014، عندما كان "داعش" يعدم أسراه الأميركيين في سورية، ظلت عواطفه تحت السيطرة. في تلك الفترة، كانت فاليري جاريت، أقرب مستشاري أوباما، قد أخبرته أن الناس يشعرون بالقلق الشديد من أن تنقل المجموعة الإرهابية سريعاً حملتها لقطع الرؤوس إلى الولايات المتحدة نفسها. وطمأنها بالقول: "إنهم لن يأتوا إلى هنا ليقطعوا رؤوسنا". وكثيراً ما يذكَِّر أوباما موظفيه بأن الإرهاب يزهق أرواحاً أقل بكثير في أميركا مما تفعل المسدسات، وحوادث السيارات، وحوادث السقوط في أحواض الاستحمام. وقبل بضع سنوات، كان قد عبَّر لي عن إعجابه بـ"صمود" الإسرائيليين في وجه الإرهاب المستمر، ومن الواضح أنه يحب أن يرى الصمود وهو يحل محل الفزع في المجتمع الأميركي. ومع ذلك، يخوض مستشاروه نضالاً من المواقع الخلفية لمنع أوباما من وضع الإرهاب فيما يعتبره مكانه "الصحيح"، خشية أن يبدو بذلك فاقد الحساسية تجاه مخاوف الشعب الأميركي.
يفيض الإحباط بين مستشاري أوباما ليصل إلى وزارة الدفاع ووزارة الخارجية. ويبدو جون كيري، على سبيل المثال، أكثر قلقاً إزاء "داعش" من الرئيس. وعندما سألت وزير الخارجية مؤخراً سؤالاً عاماً -هل ما يزال الشرق الأوسط مهماً للولايات المتحدة؟- أجاب بالحديث حصرياً عن "داعش". قال: "هذا تهديد للجميع في العالم"، إنها مجموعة "ملتزمة صراحة بتدمير الناس في الغرب وفي الشرق الأوسط. تخيل ما قد يحدث إذا لم نقف ونحاربهم، إذا لم نقد تحالفاً -كما نفعل الآن، بالمناسبة. لو أننا لم نفعل ذلك، فإنك يمكن أن ترى حلفاء وأصدقاء لنا يسقطون. يمكن أن تصبح لديك هجرة جماعية هائلة إلى أوروبا والتي تدمر أوروبا، وتسبب الدمار الصافي لأوروبا، وتنهي المشروع الأوروبي، ويركض الجميع للبحث عن مخبأ. سيكون لديك عقد الثلاثينيات وقد عاد مرة أخرى، حيث تتفشى القومية والفاشية وأشياء أخرى. طبعاً لنا مصلحة في هذا، لنا مصلحة كبيرة جداً في هذا".
عندما قلت لكيري إن خطاب الرئيس لا يطابق هذا الخطاب، قال "الرئيس أوباما يرى كل هذا، لكنه لا يريد إشاعة الإثارة لتتحول إلى هذا النوع من (الخوف) -إنه يعتقد أننا على الطريق الصحيح. لقد صعَّد جهوده. لكنه يحاول أن يصنع هستيريا... أعتقد أن الرئيس مولع دائماً بمحاولة إبقاء الأمور في وضع التوازن الصحيح. وأنا أحترم ذلك".
يقوم أوباما بتعديل نغمة أطروحته حول الإرهاب للعديد من الأسباب: إنه بطبيعته، سبوكي Spockian (1). إنه يعتقد أن كلمة ليست في محلها؛ أو نظرة خائفة؛ أو زعم مغرق في القطعية بلا تمعن، يمكن أن تدفع البلد إلى حالة من الذعر. ونوع الذعر الذي يخشاه أكثر ما يكون هو ذلك النوع الذي يعبر عن نفسه في شكل رهاب مناهض للإسلام أو في شكل تحدي الانفتاح الأميركي أو النظام الدستوري.
كما يزداد الرئيس إحباطاً أيضاً من حقيقة أن موضوع الإرهاب يستمر في الهيمنة على بنود أجندته الأوسع، خاصة تلك المتعلقة بإعادة موازنة أولويات أميركا العالمية. على مدى سنوات، كانت "إعادة التمحور إلى آسيا" أولوية عليا لديه. وهو يعتقد أن مستقبل أميركا الاقتصادي يكمن في آسيا، ويتطلب التحدي الذي يشكله صعود الصين مصدر قلق ثابت. ومنذ أيامه الأولى في المنصب، كان أوباما مركزاً على إعادة بناء الروابط الرثة في بعض الأحيان بين الولايات المتحدة وشركائها في المعاهدة الآسيوية، وهو عاكف على الدوام على البحث عن فرص لجلب دول آسيوية أخرى إلى المدار الأميركي. وكان انفتاحه الدرامي على بورما من مثل هذه الفرص؛ كما وفرت فيتنام وكوكبة كاملة من البلدان الجنوب شرق آسيوية الخائفة من الهيمنة الصينية فرصاً أخرى.
في مانيلا، في مؤتمر "أبيك"، كان أوباما مصمماً على إبقاء الحوار مركزاً على هذه الأجندة، وليس على ما كان يعتبره التحدي القابل للاحتواء الذي يشكله "داعش". وكان وزير دفاع أوباما، آشتون كارتر، قد أخبرني قبل وقت قصير بأن أوباما أبقى تركيزه منصباً على آسيا، حتى بينما تستمر سورية وصراعات الشرق الأوسط الأخرى في الاشتعال. ويعتقد أوباما، كما قال كارتر، إن آسيا "هي جزء من العالم، والذي ينطوي على أعظم التداعيات على المستقبل الأميركي، وأن أي رئيس لا يمكن أن يدير عينيه عن ذلك". وأضاف: "إنه يسأل باستمرار، حتى في خضم كل شيء آخر يجري، أين نحن في مسألة إعادة توازن آسيا والباسيفيكي؟ أين نحن فيما يتعلق بمواردنا؟ كان ثابتاً للغاية إزاء هذا، حتى في أوقات التوترات الشرق أوسطية".
بعد أن أنهى أوباما مداخلته عن التغير المناخي في مانيلا، انضم إلى جاك ما وميجينو، اللذين جلسا في مقعدين في الجوار، حيث كان أوباما يستعد لمقابلتهما على طريقة مضيف برنامج حواري نهاري -وهو أسلوب بدا أنه يجلب نهاية لحظية لدوار رهاب الأشياء عند أشخاص غير معتادين على مثل هذا السلوك من قادتهم. بدأ أوباما بسؤال "جاك ما" عن التغير المناخي. وعلى نحو غير مستغرب، اتفق "ما" مع أوباما على أن التغير المناخي هو قضية بالغة الأهمية. ثم تحول أوباما إلى ميجينو. ولا يمكن أن تكون عاملة مختبر في الأعماق الخفية لـ"الجناح الغربي" لتتجسد في شخص مصمم ليروق لحماس أوباما المغرم بالكتب أكثر من ميجينو، المهندسة الشابة التي اخترعت مع شقيقها مصباحاً يستمد الطاقة بطريقة ما من المياه المالحة.
سأل أوباما: "حتى نكون واضحين، هكذا ببعض الماء المالح يستطيع الجهاز الذي ابتكرتِه -هل أنا على حق؟- أن يوفر نحو ثماني ساعات من الإضاءة"؟
أجابت ميجينو: "ثماني ساعات من الإضاءة".
أوباما: "وثمن المصباح 20 دولاراً؟".
ميجينو: "حول 20 دولاراً".
قال أوباما: "أعتقد أن آيسا هي خير مثال على ما نراه في العديد من البلدان -رواد شباب يخرجون بتقنيات تحقق قفزات واسعة، في زمن حين لم يتم تركيب الهواتف الأرضية القديمة أبداً في مناطق واسعة من آسيا وأفريقيا"، لأن تلك المناطق قفزت مباشرة إلى استخدام الهواتف المحمولة. وشجع أوباما جاك ما على تمويل عملها. وقال ضاحكاً: "لقد فازت، بالمناسبة، بالعديد من الجوائز وحازت الكثير من الانتباه، ولذلك، لا يشبه هذا واحداً من أولئك القوادين حيث تطلب الشيء، لكنك لا تستطيع أن تجعل الأمور تعمل".
في اليوم التالي، على متن الطائرة الرئاسية في الطريق إلى كوالا لامبور، قلت لأوباما إنه بدا سعيداً حقاً بوجوده في ذلك المكان مع ما وميجينو، ثم تحولتُ في الحديث بعيداً عن آسيا، وسألته إذا كان ثمة شيء في الشرق الأوسط يجعله سعيداً.
قال أوباما: "في هذه اللحظة، لا أعتقد أن أحداً يمكن أن يكون شعوره جيداً إزاء الوضع في الشرق الأوسط. لديك بلدان تفشل في توفير الازدهار والفرصة لشعوبها. لديك إيديولوجية أو إيديولوجيات متطرفة عنيفة يجري شحنها بمحركات وسائل الإعلام الاجتماعية. لديك بلدان لديها القليل جداً من التقاليد المدنية المتحضرة. وهكذا، عندما تشرع الأنظمة الاستبدادية بالتمزق، تكون المبادئ التنظيمية الوحيدة التي تعمل طائفية".
وتابع: "قارن ذلك بجنوب شرق آسيا التي ما تزال تواجه مشاكل هائلة -فقر ضخم، فساد- لكنها مليئة بأناس مكافحين طموحين ومليئين بالطاقة، يحفرون كل يوم بأظافرهم من أجل بناء أعمال تجارية ويتعلمون لكي يعثروا على وظائف ويؤسسوا بنية تحتية. التناقض صارخ جداً".
في آسيا، وكذلك في أميركا اللاتينية وأفريقيا، كما يقول أوباما، فإنه يرى شباباً يتوقون إلى تحسين الذات، والحداثة والتعليم والثروة المادية.
ويقول: "إنهم لا يفكرون بكيف يقتلون الأميركيين. إن ما يفكرون به هو: كيف أحصل على تعليم أفضل؟ كيف يمكن أن أصنع شيئاً ذا قيمة؟".
ثم أدلى بملاحظة أدركت أنها كانت تجسيداً كاملاً لفهمه الأكثر قتامة وعاطفية للشرق الأوسط اليوم -ليس نوع الفهم الذي يمكن أن يختار بيتا أبيض ميالا إلى ثيمات الأمل والتغيير الإعلان عنه. قال: "إننا إذا لم نتحدث إليهم لأن الشيء الوحيد الذي نفعله هو تخمين كيف ندمر ونحاصر أو نسيطر على الأجزاء الخبيثة والعنيفة والعدمية من الإنسانية، فإننا عندئذٍ سنفوِّت القارب".
يجادل منتقدو أوباما بأنه غير فعال في تطويق العدميين العنيفين من أتباع الإسلام المتطرف لأنه لا يفهم طبيعة التهديد الذي يشكلونه. إنه يقاوم رؤية الإسلام الراديكالي من خلال فرضية "صراع الحضارات" التي روجها العالم السياسي الراحل صامويل هنتنغتون. لكنه يفعل ذلك -كما يقول هو ومستشاروه- لأنه لا يريد تضخيم صفوف العدو. وقال جون برنان، مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية: "الهدف هو عدم فرض قالب هنتنغتون على هذا الصراع".
كان فرنسوا هولاند وديفيد كاميرون قد تحدثا كلاهما عن تهديد الإسلام المتطرف بمصطلحات أكثر هتنغتونية، وقد سمعت كلا الرجلين وهما يتمنيان لو أن أوباما يستخدم لغة أكثر مباشرة في وصف التهديد. وعندما ذكرت ذلك لأوباما، قال "لقد استخدم هولاند وكاميرون عبارات مثل "الإسلام الراديكالي"، والتي لم نستخدمها على أساس منتظم باعتبار أنها طريقتنا لاستهداف الإرهاب. لكنني لم أرغب في خوض حوار عندما قالوا، "يا رجل، كيف يحدث أنك لا تستخدم هذا التعبير بالطريقة التي تسمع جمهورييك وهم يستخدمونه؟"". ويقول أوباما إنه طالب القادة المسلمين بأن يفعلوا المزيد للقضاء على تهديد الأصولية العنيفة. وقال لي: "ما أعنيه واضح تماماً، وهو أن هناك تفسيرا عنيفا، متطرفا، متشددا، وعدميا للإسلام لدى فصيل -فصيل صغير جداً- في داخل المجتمع الإسلامي، والذي هو عدوكم، والذي يجب أن يُهزم".
ثم عرض انتقاداً بدا أكثر انسجاماً مع خطاب كاميرون وهولاند. قال أوباما: "هناك أيضاً حاجة لأن يتحدى الإسلام ككل ذلك التفسير المتطرف للإسلام؛ إلى أن يعزله؛ إلى أن ينخرط المسلمون في نقاشات حيوية داخل مجتمعاتهم عن كيف يمكن أن يعمل الإسلام كجزء من مجتمع سلمي وعصري". وأضاف: "ما كنت لأقنع المسلمين المسالمين والمتسامحين بالمشاركة في هذا النقاش لو لست واعياً لمكامن قلقهم من أنه يجري وسمهم بفرشاة عريضة".
في لقاءات خاصة مع قادة العالم الآخرين، قال أوباما إنه لن يكون هناك حل شامل للإرهاب الإسلامي حتى يصالح الإسلام نفسه مع الحداثة وينخرط في مراجعة بعض من أنواع الإصلاحات التي غيرت المسيحية.
ومع أنه قال، على نحو مثير للجدل، إن صراعات الشرق الأوسط "تعود وراء إلى آلاف السنين"، فإنه يعتقد أيضاً بأن الحمى الإسلامية المتكثفة في السنوات الأخيرة لقيت التشجيع من دول تعد صديقة للولايات المتحدة. وفي اجتماع خلال قمة منتدى "أبيك" مع مالكولم تيرنبول، رئيس الوزراء الأسترالي الجديد، وصف أوباما كيف أنه شاهد إندونيسيا وهي تنتقل بالتدريج من إسلام مسترخٍ هادئ وتوفيقي إلى تفسير أكثر أصولية وأقل تسامحاً؛ وقد اعتنقت أعداد كبيرة من النساء الإندونيسيات، كما لاحظ، ارتداء الحجاب الآن.
لماذا حدث ذلك؟ سأل تيرنبول.
أجاب أوباما، لأن السعوديين وعرب الخليج الآخرين صبوا الأموال، وأعداداً كبيرة من الأئمة والمعلمين في ذلك البلد. في التسعينيات، مول السعوديون بكثافة المدارس الوهابية والمعاهد الدينية التي تعلم النسخة الأصولية من الإسلام التي تفضلها العائلة المالكة السعودية، كما قال أوباما لتيرنبول. واليوم، أصبح الإسلام في إندونيسيا أكثر عربية بكثير في توجهاته مما كان حاله عندما كان يعيش هناك، كما قال.
"
أليس السعوديون أصدقاءكم"؟ سأل تيرنبول.
ابتسم أوباما، وقال: "ذلك شأن معقد".
كان صبر أوباما مع السعوديين دائماً محدوداً. في أول تعليق ملحوظ له في السياسة الخارجية، الخطاب الذي ألقاه في العام 2002 في التجمع المناهض للحرب في شيكاغو، قال: "تريد قتالاً، أيها الرئيس بوش؟ دعنا نقاتل لنتأكد من أن مَن يُدعون حلفاء في الشرق الأوسط -السعوديين والمصريين- سيتوقفون عن قمع شعوبهم، وقمع المعارضة، والتغاضي عن الفساد واللامساواة". وفي البيت الأبيض هذه الأيام، يسمع المرء أحياناً مسؤولي مجلس أمن أوباما القومي وهم يذكِّرون الزوار بحدة بأن الغالبية العظمى من خاطفي 11/9 لم يكونوا إيرانيين، وإنما سعوديون -ويتحدث أوباما نفسه بغضب ضد كراهية النساء التي ترعاها الدولة في العربية السعودية، ويقول في الأحاديث الخاصة "أن بلدا لن يستطيع أن يعمل في العالم الحديث عندما يقوم باضطهاد نصف سكانه". وفي لقاءاته مع قادة أجانب، قال أوباما: "يمكنكم قياس مدى نجاح مجتمع برؤية الطريقة التي يعامل بها نساءه".
يعنون سخط أوباما وإحباطه من السعوديين تحليله لسياسات القوة في الشرق الأوسط. وعند إحدى النقاط، نقلت إليه ملاحظة بأنه أقل احتمالا من الرؤساء السابقين للاصطفاف بشكل بديهي مع العربية السعودية في نزاعها مع عدوها اللدود، إيران. ولم يعترض.
قال الرئيس: "كانت إيران، منذ العام 1979، عدواً للولايات المتحدة، وانخرطت في الإرهاب الذي ترعاه الدولة، وهي تشكل تهديداً حقيقياً وخطيراً لإسرائيل والعديد من حلفائنا، وتشارك في كل أنواع السلوك الهدام المدمر. ولم تكن وجهة نظري أبداً أن علينا أن نلقي بحلفائنا التقليديين" -السعوديين- "من على متن القارب لصالح إيران".
لكنه مضى إلى القول إن السعوديين يحتاجون إلى "تقاسم" الشرق الأوسط مع أعدائهم الإيرانيين. وأضاف: "المنافسة بين السعوديين والإيرانيين -التي ساعدت في تغذية الحروب بالوكالة والفوضى في سورية والعراق واليمن- تتطلب منا أن نقول لأصدقائنا، وكذلك للإيرانيين، إنهم يحتاجون إلى العثور على طريقة فعالة لتقاسم الحي وتأسيس نوع ما من السلام البارد. إن نهجاً يقول لأصدقائنا "أنتم على حق، إن إيران هي مصدر كل المشاكل، ونحن سوف ندعمكم للتعامل مع إيران" سوف يعني بشكل أساسي أنه بينما تستمر هذه الصراعات الطائفية بالاستعار، فإنها لن تكون لدى شركائنا في الخليج -أصدقائنا التقليديين- القدرة على إخماد بعض النيران من تلقاء أنفسهم، أو أن يفوزوا من تلقاء أنفسهم، وسيعني أن علينا الشروع بالقدوم إلى هناك واستخدام قوتنا العسكرية لتصفية الحسابات. لن يكون ذلك في مصلحة الولايات المتحدة ولا الشرق الأوسط".
إحدى أكثر القوى تدميراً في الشرق الأوسط، كما يعتقد أوباما، هي القبَلية -وهي قوة لا يستطيع أي رئيس تحييدها. القبلية التي تجسدت في عودة المواطنين اليائسين في الدول الفاشلة إلى الطائفة، أو المذهب، أو العشيرة، والقرية، هي مصدر الكثير من مشكلات الشرق الأوسط، وهي مصدر آخر للحتمية القدرية. ويحتفظ أوباما بفهم عميق لمدى التأثير الذي يخلفه عناد القبَلية -ويتحدث جزء من مذكراته "أحلام من والدي"، بالطريقة التي ساعدت بها القبلية في كينيا ما بعد الكولونيالية في تدمير حياة والده- ويقطع شوطاً في شرح حساسيته البالغة إزاء تجنب المشاحنات والتشابكات في الصراعات القبلية.
قال لي الرئيس: "إنني متشكك في حامضي النووي نفسه –حرفياً- إزاء القبلية. إنني أتفهم الدوافع القبلية، وأعترف بشدة بسلطة الوحدة القبلية. كنت أستكشف الانقسامات القبلية طوال حياتي. ووجدت في النهاية، إنها مصدر الكثير من الأعمال التدميرية".
بينما كنت أطير إلى كوالا لامبور مع الرئيس، تذكرت إحالة عابرة كان قد قالها لي ذات مرة عن الأطروحة الهوبزية (نسبة إلى هوبز) حول الحكومة القوية كترياق مضاد للطبيعة الإنسانية غير المتسامحة. عندما ينظر أوباما إلى مساحات من الشرق الأوسط، فإن مقولة هوبز عن "حرب الجميع ضد الجميع" هي ما يراه. وقال لي ذات مرة: "لدي إدراك لحقيقة أننا نعمل مثل مخالب الليفياثان (2) ونقوم بترويض بعض هذه الدوافع". لذلك حاولت أن أعيد فتح الحوار بسؤال مُسهب -لسوء الحظ- عن "الفكرة الهوبزية القائلة بأن الناس ينظمون أنفسهم في مجموعات من أجل درء مصدر خوفهم الأعلى، وهو الموت"، من بين أمور أخرى.
بِن رودس، وجوشوا إيرنست، المتحدثان باسم البيت الأبيض، الجالسان على أريكة طويلة بجوار مكتب أوباما على متن الطائرة الرئاسية، استطاعا بالكاد إخفاء تندرهما بطريقتي في الاستطراد. توقفت هنيهة وقلت: "أراهن أنني لو طرحت هذا السؤال في مؤتمر صحفي، لكان زميلاي سيلقيان بي خارج القاعة".
قال أوباما: "كنتُ حقاً سأشارك. لكن كل الآخرين سينظرون باستغراب فقط".
قال روس مقاطعاً: "ألا نستطيع فقط أن نذهب ونقضي على هؤلاء الأوغاد؟"، ذلك السؤال نفسه الذي كان قد طرحه على الرئيس مراسل (سي إن إن) في المؤتمر الصحفي في تركيا، تحول ليكون موضوعاً لحديث ساخر خلال الرحلة.
استدرت إلى الرئيس: "حسناً، نعم، وأيضاً، لماذا لا نستطيع أن نذهب ونقضي فقط على هؤلاء الأوغاد؟".
وهو، أخذ السؤال الأول.
"
انظر، أنا لست مع الرأي القائل إن البشر شريرون بشكل متأصل"، قال. "أعتقد أن هناك خيراً أكثر من الشر في الإنسانية. وإذا نظرت إلى مسار التاريخ، فإنني متفائل".
"
أعتقد عموماً أن الإنسانية أصبحت أقل عنفاً، وأكثر تسامحاً، وأكثر صحة وتغذية، وأكثر تعاطفاً، وأكثر قدرة على إدارة الاختلافات. لكنها ما تزال متفاوتة إلى حد كبير. الأمر الذي كان واضحاً على مدى القرنين العشرين والحادي والعشرين هو أن التقدم الذي نحرزه في النظام الاجتماعي وترويض أكثر دوافعنا بدائية وتهدئة مخاوفنا يمكن عكس وجهته بسرعة كبيرة. سوف يبدأ النظام الاجتماعي بالانهيار إذا أصبح الناس يعيشون تحت ضغط كبير. وعندئذٍ، يكون الموقف الافتراضي الذي تتم العودة إليه هو القبيلة -نحن/ هم، والعدوانية تجاه غير المألوف أو غير المعروف".
وواصل الرئيس: "في الوقت الراهن، ترى في كل أنحاء الكوكب أماكن تعاني من ضغوط هائلة بسبب العولمة، بسبب تصادم الثقافات التي جلبها الإنترنت ووسائل الإعلام الاجتماعية، بسبب الندرة -التي سيتم إرجاع البعض منها إلى التغير المناخي على مدى العقود القليلة المقبلة- بسبب النمو السكاني. وفي تلك الأماكن، والشرق الأوسط هو مكان العرض رقم واحد، يكون الموقف الافتراضي بالنسبة للكثير من الناس هو تنظيم أنفسهم بإحكام في داخل القبيلة، والدفاع أو الضرب ضد أولئك الذين يختلفون عنهم.
"
إن مجموعة مثل "داعش" هي التقطير المصفى لكل أسوأ أنواع الدوافع على أساس هذه الخطوط. فكرة أننا مجموعة صغيرة نعرف أنفسنا في المقام الأول بمدى قدرتنا على قتل الآخرين الذين ليسوا مثلنا، ومحاولة فرض عقيدة متزمتة جامدة لا تنتج أي شيء -ويشمل هذا كم يستطيع هذا النوع من العقلية ترسيخ جذوره وكسب أتباع في القرن الحادي والعشرين".
سألت: "وإذن، تقديرك لمدى قوة القبَلية هو الذي يجعلك تريد البقاء بعيداً؟ بعبارات أخرى، عندما يقول الناس: "لماذا لا تذهب فقط للقضاء على الأوغاد؟"، فإنك تتراجع وتأخذ خطوة إلى الوراء؟".
قال الرئيس: "يجب أن نقرر أفضل الأدوات لدحر تلك الأنواع من التوجهات. هناك أوقات حين يترتب علينا، للأسف، أن نحجم عن القفز إلى المعمعة بأرجلنا -إما لأنه ليس هناك تهديد مباشر لنا؛ أو فقط لأننا لا نمتلك الأدوات في جعبتنا ليكون لنا تأثير كبير".


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70067
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

عقيدة أوباما:  حول دور أميركا العالمي Empty
مُساهمةموضوع: رد: عقيدة أوباما: حول دور أميركا العالمي   عقيدة أوباما:  حول دور أميركا العالمي Emptyالخميس 24 مارس 2016, 6:09 am

عقيدة أوباما: الرئيس الأميركي يعرض شرحاً ضافياً لأصعب قراراته حول دور أميركا العالمي (الجزء الخامس)

جيفري غولدبيرغ - (مجلة الأتلانتيك) عدد نيسان (أبريل) 2016
ترجمة: علاء الدين أبو زينة
سألت أوباما عما إذا كان ليرسل قوات مشاة البحرية الأميركية إلى رواندا في العام 1994 لوقف الإبادة الجماعية هناك بينما تحدث، لو أنه كان رئيساً في ذلك الوقت. قال: "بالنظر إلى السرعة التي حدث بها القتل، والوقت الذي تتطلبه إدارة محرك آلة الحكومة الأميركية بالكرنك، أفهم السبب في أننا لم نتصرف بالسرعة الكافية. الآن، يجب أن نتعلم من ذلك. أعتقد في الحقيقة أن رواندا هي حالة اختبار مثيرة للاهتمام لأن من الممكن -ليس بشكل مضمون، وإنما ممكن- أن ذلك كان وضعاً حيث الاستخدام السريع للقوة ربما كان سيكفي". ثم ربط الرئيس ذلك بسورية: "على العكس من ذلك، ربما يكون من الأسهل إقامة الحجة بأن قوة صغيرة نسبياً يجري إقحامها بسرعة بدعم دولي، ربما ستفضي إلى تفادي الإبادة الجماعية (بشكل أكثر نجاحاً في رواندا) من سورية في الوقت الحالي؛ حيث تتلقى الجماعات التي تمتلك تسليحاً كثيفاً ومقاتلين أقوياء الدعم من مجموعة كاملة من الفاعلين الخارجيين الذين لديهم الكثير من الموارد، مما يتطلب التزاماً بعدد أكبر بكثير من القوات".
يقول مسؤولو إدارة أوباما إن لديه نهجاً شاملاً لمحاربة الإرهاب: قوة جوية من الطائرات من دون طيار؛ غارات تنفذها القوات الخاصة؛ وجيش سري مكون من 10.000 ثائر يقاتل في سورية، ويتلقى الدعم من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية. وإذن، لما يتعثر أوباما عندما يشرح للشعب الأميركي أنه هو أيضاً يهتم بشأن الإرهاب؟ قلتُ له إن المؤتمر الصحفي في تركيا "كان لحظة مناسبة لكَ كسياسي لتقول للناس: "نعم، أنا أكره هؤلاء الأوغاد أيضاً، وبالمناسبة، أنا أقوم بالقضاء على الأوغاد"". كان الشيء الأسهل عمله بالنسبة له هو طمأنة الأميركيين -بالمعاني العاطفية- بأنه سيقتل الناس الذين يريدون قتلهم. هل يخشى من رد فعل غير محسوب في اتجاه القيام بغزو آخر في الشرق الأوسط؟ أم أنه مصاب بانفصال عاطفي فقط، على نحو يتعذر تغييره؟
أجاب: "لكل رئيس نقاط قوته ونقاط ضعفه. لا شك أن هناك أوقاتاً حيث لم أكن منتبهاً بما يكفي لمسائل المشاعر والأحاسيس والسياسة عند توصيل ما نقوم به حقاً وكيف نقوم به".
ولكن، حتى تنجح أميركا في قيادة العالم، واصل الرئيس، "أعتقد أن علينا تجنب أن نكون تبسيطيين. أعتقد أن علينا بناء مقاومة والتأكد من أن تكون نقاشاتنا السياسية متأسسة على الواقع. ليس الأمر أنني لا أقدر قيمة المسرح في التواصل السياسي؛ الأمر يتعلق بأن العادات التي صنعناها نحن -الإعلام والساسة- كيفية حديثنا عن هذه القضايا، تكون منفصلة جداً في كثير من الأحيان عما نحتاج إلى أن نكون بصدد فعله، حتى أن إرضاء مهرجان محطات الكيبل الصاخب، سوف يقود -في نظري- إلى جعلنا نتخذ قرارات تزداد سوءاً بمرور الوقت".
بينما شرعت الطائرة الرئاسية "سلاح الجو 1" في الهبوط في اتجاه كوالالمبور، ذكر الرئيس الجهد الناجح الذي قادته الولايات المتحدة لوقف وباء الإيبولا في أفريقيا الغربية، كمثال إيجابي على الإدارة ثابتة الأقدام وغير الهستيرية لأزمة مرعبة.
قال الرئيس: "خلال بضعة أشهر، في حين كان الجميع متأكدين أن الإيبولا سيدمر الكرة الأرضية، وحيث كانت هناك تغطية إخبارية على مدار 24 ساعة في اليوم و7 أيام في الأسبوع للإيبولا، لو أنني قمت بتغذية الذعر أو انحرفت بأي طريقة عن نهج، "إليكم الحقائق؛ إليكم ما يجب عمله؛ إليكم كيف نعالج الموضوع؛ احتمال إصابتكم بالإيبولا صغير جداً، وإليكم ما يجب علينا عمله محلياً وفي الخارج على حد سواء للقضاء على هذا الوباء""، عندئذٍ، "ربما كان الناس سيقولون، "ها هو أوباما يأخذ هذا الأمر بالجدية اللازمة"". لكن تغذية مشاعر الذعر عن طريق المبالغة في ردة الفعل كان يمكن أن توقف السفر من وإلى ثلاثة بلدان أفريقية فقيرة أصلاً حتى الشلل، بطرق ربما كانت ستدمر اقتصاداتها -وهو ما كان يعني على الأرجح، من بين أشياء أخرى، عودة الإيبولا. وأضاف الرئيس: "كان ذلك سيعني أيضاً أننا ربما نكون قد أهدرنا قدراً كبيراً من موارد نظم الصحة العامة لدينا، والتي كان يجب تخصيصها للقاحات الإنفلونزا والأشياء الأخرى التي تقتل الناس فعلياً" بأعداد كبيرة في أميركا.
حطت الطائرة. ولم يبدُ أن الرئيس، الجالس باسترخاء في كرسي مكتبه وسترته منزوعة وربطة عنقه منحرفة، أنه يلاحظ ذلك. استطعت أن أرى في الخارج، على مدرج المطار، ما بدا عدداً كبيراً من أفراد القوات المسلحة الماليزية الذين تجمعوا لتحيته. وعندما استمر الرئيس في الكلام، خشيت أن يشرع الجنود والشخصيات المنتظرة بالملل. قلت: "أعتقد أننا في ماليزيا. يبدو أنها خارج هذه الطائرة".
قال إن هذا صحيح، لكنه لم يبدُ في عجلة من أمره، ولذلك واصلت الضغط بالسؤال عن رد فعله المعلن على الإرهاب: لو أنه أبدى مزيداً من العاطفة، هل كان ذلك سيهدئ روع الناس بدلاً من توتيرهم؟
قال: "لدي أصدقاء لهم أبناء في باريس الآن. وأنا وأنت ومجموعة كاملة من الناس الذين يكتبون عما حدث في باريس كانوا قد تمشوا في الشوارع نفسها التي أطلق فيها الرصاص على الناس. والشعور بالخوف حق. من المهم لنا أن لا نشعر أبداً بالرضا عن الذات. هناك فرق بين المرونة؛ بين المقاومة وبين الرضا عن الذات". ومضى إلى وصف فارق آخر بين اتخاذ قرارات مدروسة بعناية وبين اتخاذ قرارات متسرعة وعاطفية. قال: "ما يعنيه ذلك، في حقيقة الأمر، هو أن تهتم كثيراً بأنك تريد أن تفهم الأمور بالشكل الصحيح ولا تنغمس في ردود فعل متهورة، أو في بعض الأحيان مصطنعة، تصلح للقطات المقابلات التلفزيونية، لكنها لا تأتي بنتائج. إن المخاطر الراهنة هي أكبر كثيراً من ممارسة هذه الألعاب".
بقوله ذلك، وقف أوباما وقال: "حسناً، يجب أن نذهب". وسار خارجاً من مكتبه وهابطاً سلم الطائرة، إلى السجادة الحمراء وحرس الشرف ومجموعة المسؤولين الماليزيين المنتظرين لتحيته، ثم إلى سيارته الليموزين المدرعة التي كانت قد نقلت بالطائرة إلى كوالالمبور قبله. (في وقت مبكر من فترته الرئاسية الأولى، عندما لم يكن معتاداً بعد على العملية العسكرية الهائلة التي يتطلبها نقل الرئيس من مكان لآخر، قال بأسى لمعاونيه، "لدي أكبر حصة من انبعاثات الكربون في العالم").
كانت محطة الرئيس الأولى في ماليزيا هي حَدث آخر مصمم لإلقاء الضوء على تحوله إلى آسيا. كان ذلك اجتماعاً في قاعة المدينة؛ حيث يشارك طلبة ورواد أعمال في "مبادرة القادة الشباب لجنوب شرق آسيا" التي أطلقتها الإدارة الأميركية. دخل أوباما قاعة المحاضرات في جامعة تيلور على وقع تصفيق هائل. أدلى ببعض الملاحظات الافتتاحية، ثم سحر مستمعيه في جلسة أسئلة وإجابات مطوَّلة.
لكن انتباه أولئك منا الذين يشاهدون من القسم الصحفي انصرف إلى الأخبار القادمة عبر هواتفنا عن هجوم جهادي جديد، هذه المرة في مالي. ولم تكن لدى أوباما المنشغل بإدهاش رواد الأعمال الآسيويين المعجبين أي فكرة عن الهجوم. فقط عندما دخل سيارته الرئاسية مع سوزان رايس تلقى الأخبار.
في وقت لاحق من ذلك المساء، زرت الرئيس في جناحه في فندق "ريتز كارلتون" وسط كوالالمبور. كانت الشوارع حول الفندق مغلقة. وأحاطت العربات المدرعة بالمبنى؛ وكانت قاعة اللوبي في الفندق تغص بفرق القوات الخاصة. ركبت المصعد إلى طابق مكتظ بعملاء جهاز الأمن السري الذين أشاروا لي إلى الدرج؛ كان المصعد إلى طابق الرئيس معطلاً لأسباب أمنية. صعدت طابقين آخرين إلى ردهة مليئة بالمزيد من عملاء الأمن. لحظة انتظار، ثم فتح أوباما الباب. كان جناحه المكون من طابقين غريباً: ستائر غريبة الطراز وأرائك مكتظة أكثر من اللزوم. كان المكان هائلاً ووحيداً وخانقاً معاً.
قلت: "إنه أشبه بقلعة هيرست".
"
حسناً، إنه بعيد كل البعد عن فندق هامبتون في دي موين"، قال أوباما.
عندما جلسنا، أشرت للرئيس إلى تحد مهم لسياسته الخاصة بإعادة التمحور نحو آسيا. في وقت سابق من ذلك اليوم، عندما كان يحاول إلهام مجموعة من رائدات الأعمال الموهوبات التواقات اللواتي يرتدين الحجاب ومجموعة من المبتكرين البورميين، تشتت الانتباه بسبب آخر هجوم إرهابي إسلامي.
باعتباره كاتباً في قلبه، اقترح الرئيس: "ربما تكون هذه طريقة سهلة جداً لبدء القصة"، مشيراً إلى كتابة هذه المقالة.
قلت: "ربما، لكنها نوع من الخدعة الرخيصة".
قال أوباما: "إنها رخيصة، لكنها تعمل. نحن نتحدث إلى هؤلاء الأولاد، ثم هناك هذا الهجوم".
نوعية ذلك اليوم الشبيهة بشاشة عرض مقسومة إلى قسمين أثارت حواراً حول اجتماعين أخيرين كان قد عقدهما، واحد أثار جدلاً دولياً رئيسياً وصنع عناوين الأخبار، وواحد لم يفعل. اقترحت أن الاجتماع الذي جذب الكثير من الانتباه، سوف يُحكم عليه بأنه أقل تساوقاً من الناحية المنطقية. كان ذلك هو القمة الخليجية التي انعقدت في أيار (مايو) 2015 في كامب ديفيد، والتي هدفت إلى تهدئة خواطر حشد من الشيوخ والأمراء الزائرين الذين كانوا خائفين من الاتفاق الإيراني الوشيك. وحدث الاجتماع الثاني بعد شهرين من ذلك في المكتب البيضاوي، بين أوباما والأمين العام للحزب الشيوعي الفيتنامي، نغوين فو ترونغ. وقد أقيم ذلك الاجتماع فقط لأن جون كيري كان قد دفع البيت الأبيض إلى خرق البروتوكول، بما أن الأمين العام لم يكن رئيس دولة. لكن أهداف تلك اللباقة الملفقة كانت كما يلي: أراد أوباما الضغط على الفيتناميين في موضوع اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ -وسرعان ما استخلص مفاوضوه وعداً من الفيتناميين بأن يضفوا الشرعية على عمل النقابات العمالية المستقلة- وأراد أوباما تعميق التعاون بين البلدين حول القضايا الاستراتيجية. وكان مسؤولو الإدارة قد ألمحوا لي مراراً بأن فيتنام ربما تستضيف في وقت قريب وجوداً عسكرياً أميركياً دائماً، لمراقبة طموحات البلد الذي تخشاه فيتنام أكثر ما يكون، الصين. وسوف تعد عودة البحرية الأميركية إلى خليج كام رانه من التطورات التي كان يُنظر إليها على أنها الأكثر استحالة في التاريخ الأميركي الحديث. وقال لي أوباما: "لقد دفعنا الحزب الشيوعي الفيتنامي إلى الاعتراف بحقوق العمال بطريقة ما كنا لنفعلها أبداً بالاستئساد عليهم أو تخويفهم". ووصف هذا الانتصار الصغير في حملته بأنه استبدال التلويح بالعصا بالإقناع الدبلوماسي.
قلت إن 200 أو نحو ذلك من الجنوب آسيويين الشباب في القاعة في وقت سابق من ذلك اليوم -بمن فيهم مواطنون من دول يحكمها الشيوعيون- بدوا كأنهم يحبون أميركا. وقال أوباما: "إنهم يفعلون. في فيتنام في الوقت الراهن، تسجل أميركا في الاستطلاعات نسبة قبول تبلغ 80 في المائة".
وتعني شعبية أميركا المتنامية عبر جنوب شرق آسيا "أننا نستطيع فعل أشياء كبيرة حقاً، أشياء مهمة -والتي لها، بالمناسبة، تداعيات في كل المجالات الأخرى"، قال الرئيس "لأنه عندما ينضم الماليزيون إلى الحملة المناهضة لداعش، فإن ذلك يساعدنا في زيادة الموارد والمصداقية في قتالنا ضد الإرهاب. عندما تكون لدينا علاقات قوية مع الإندونيسيين، فإن ذلك يساعدنا عندما نذهب إلى باريس ونحاول التفاوض على معاهدة حول تغير المناخ؛ حيث قد تجد روسيا أو واحدة من تلك البلدان الشبيهة إغواء في تشويه الصفقة بطريقة تجعلها غير مفيدة".
ثم استشهد أوباما بعد ذلك بتصاعد نفوذ أميركا في أميركا اللاتينية -تصاعد جاء في جزء منه، كما قال، نتيجة إزالته عقبة معيقة كانت تمتد عبر كامل المنطقة عندما أعاد تأسيس العلاقات مع كوبا- كدليل على أن نهجة المتركز حول دبلوماسية مثابرة غير تهديدية في العلاقات الخارجية يعمل. لقد ضعفت حركة "ألبا"، وهي مجموعة من حكومات أميركا اللاتينية التي تلتقي حول فكرة معاداة أميركا، بشكل كبير خلال فترة رئاسته. وقال الرئيس: "عندما جئت إلى المنصب، في القمة الأولى للأميركتين التي حضرتها. كان هوغو شافيز"، (الدكتاتور الفنزويلي الراحل المناهض لأميركا)، "ما يزال الشخصية التي تهيمن على النقاش. واتخذنا قراراً استراتيجياً جداً في وقت مبكر، كان: بدلاً من نسفه باعتباره هذا العدو العملاق بطول 10 أقدام، سوف نضع المشكلة في حجمها الحقيقي ونقول "إننا لا نحب ما يجري في فنزويلا، لكنه لا يشكل تهديداً للولايات المتحدة"".
قال أوباما إنه من أجل تحقيق إعادة التوازن هذه، كان على الولايات المتحدة استيعاب المساجلات والشتائم على طريقة كاسترو عتيقة الطراز، وتفويتها. وتذكر أوباما: "عندما رأيت شافيز، صافحته وأعطاني نقداً ماركسياً لعلاقات الولايات المتحدة بأميركا اللاتينية. واضطررت إلى الجلوس هناك والاستماع إلى أورتيغا" -دانييل أورتيغا، رئيس نيكاراغوا اليساري المتطرف- "وهو يدلي بتخريفات لمدة ساعة ضد الولايات المتحدة. لكن وجودنا هناك، وعدم أخذنا كل هذا على محمل الجد -لأنه في الحقيقة لم يكن يشكل تهديداً لنا"- ساعد في تحييد نزعة العداء لأميركا في المنطقة.
قد تبدو عدم رغبة الرئيس في مواجهة اللسعات القادمة من خصوم أميركا غير مرضية عاطفياً، قلتُ، وأخبرته بأنني أرغب في كثير من الأحيان، أن أراه وهو يشير لفلاديمير بوتين بالإصبع الوسطى.
لكن الرئيس وصف العلاقة مع بوتين بطريقة لا تروق تماماً للتصورات الشائعة. كان لدي انطباع بأن أوباما يرى بوتين لئيماً، بهيمياً، وقصيراً. لكن بوتين، كما قال لي أوباما، لم يكن لئيماً بشكل خاص.
قال: "الحقيقة، في واقع الأمر، هي أن بوتين كان في كل اجتماعاتنا الأربعة مهذباً للغاية، وصريحاً جداً. تشبه اجتماعاتنا اجتماعات العمل. إنه لا يبقيني أبداً منتظراً ساعتين كما يفعل مع حفنة من أولئك الناس الآخرين". قال أوباما إن بوتين يعتقد أن علاقته مع الولايات المتحدة هي أكثر أهمية مما تميل أميركا إلى الاعتقاد. وأضاف: "إنه مهتم دائماً بأن يُنظر إليه كندّ لنا وبأنه يعمل معنا، لأنه ليس أحمق كليَّة. إنه يفهم أن موقف روسيا الكلي في العالم قد تضاءل إلى حد كبير. وحقيقة أنه يغزو القرم أو يحاول دعم الأسد لا تجعله لاعباً مهماً فجأة. إنك لا تراه يساعد في أي واحد من تلك الاجتماعات في صياغة الأجندة. وفي هذا الصدد، ليس هناك أي اجتماع لمجموعة العشرين وضعت فيه روسيا الأجندة لأي واحدة من القضايا ذات الأهمية".
كان منتقدو أوباما قد استشهدوا بغزو روسيا للقرم في أوائل العام 2014 وقرارها استخدام القوة لدعم حكم عميلها بشار الأسد، كدليل على أن عالم ما بعد الخط الأحمر لم يعد يخاف من أميركا.
لذلك، عندما تحدثت مع الرئيس في المكتب البيضاوي في أواخر كانون الثاني (يناير)، أثرت مرة أخرى مسألة قدرة الردع، قلت: "ثمة حجة تقام على أن فلاديمير بوتين راقبك في سورية وفكر على النحو الآتي: "إنه منطقي جداً، إنه عقلاني كثيراً، إنه يميل كثيراً إلى التخندُق. سوف أدفعه أبعد قليلاً وأضغط عليه أيضاً في أوكرانيا"".
لم يحب أوباما كثيراً عبارتي الاستفهامية. قال: "انظر، هذه النظرية مجردة بسهولة من حقيقة أنني أحتار دائماً أمام الكيفية التي يقيم بها الناس أطروحاتهم. لا أعتقد أن أحداً فكر بأن جورج دبليو بوش كان مفرطاً في العقلانية أو مفرطاً في الحذر لدى استخدامه القوة العسكرية. كما أذكُر -لأنه لا يبدو أن أحداً في هذه البلدة يفعل- ذهب بوتين إلى جورجيا تحت أنظار بوش، وصفعنا بذلك وسط وجود 100.000 جندي لنا منتشرين في العراق". وكان أوباما يشير إلى غزو بوتين في العام 2008 لجورجيا، الجمهورية السوفياتية السابقة، الذي قام به للعديد من الأسباب نفسها التي جعلته يغزو أوكرانيا لاحقاً أيضاً -الإبقاء على جمهورية سوفياتية سابقة في مدار النفوذ الروسي.
قال أوباما: "لقد تصرف بوتين في أوكرانيا رداً على دولة عميلة كانت على وشك القفز من قبضته. أراد بطريقة ما التمسك بسيطرته هناك. وفعل الشيء نفسه في سورية، بكلفة هائلة على رفاه بلده نفسه. الفكرة القائلة إن روسيا أصبحت -بطريقة ما- في وضع أفضل الآن، بعد تدخلات سورية وأوكرانيا، مما كانت عليه قبل غزو أوكرانيا أو قبل أن يضطر بوتين إلى نشر قوات عسكرية في سورية، تعني إساءة فهم أساسية لطبيعة النفوذ في العلاقات الخارجية أو في العالم بشكل عام. النفوذ الحقيقي يعني أنك تستطيع الحصول على ما تريد من دون الاضطرار إلى ممارسة العنف. كانت روسيا أقوى بكثير عندما كانت أوكرانيا تبدو كبلد مستقل، لكنها كانت في الحقيقة دولة يحكمها اللصوص، والتي كان يستطيع بوتين أن يحرك فيها الخيوط".
ونظرية أوباما هنا بسيطة: إن أوكرانيا هي مصلحة روسية جوهرية، لكنها ليست مصلحة أميركية. ولذلك، ستكون روسيا دائماً قادرة على الاحتفاظ بهيمنة متصاعدة هناك.
قال أوباما: "الحقيقة هي أن أوكرانيا، التي ليست دولة عضواً في الناتو، ستظل دائماً مكشوفة أمام الهيمنة العسكرية الروسية بغض النظر عما نفعله".
سألت أوباما عما إذا كان موقفه حول أوكرانيا واقعياً أم قدَرياً.
قال: "إنه واقعي. لكن هذا مثال على أين يجب أن نكون واضحين جداً في تحديد ما هي مصالحنا الجوهرية، وتحديد ما نريد أن نذهب إلى الحرب من أجله. في نهاية اليوم، سوف يظل هناك دائماً بعض الغموض". ثم عرض أوباما انتقاداً كان قد سمعه موجهاً ضده، بغرض نقضه. قال: "أعتقد أن أفضل قضية يمكنك إقامتها على جانب أولئك المنتقدين لسياستي الخارجية هي أن الرئيس لا يستغل مسألة الغموض بما يكفي. أنه ربما لا يتصرف بطرق قد تدفع بعض الناس إلى التفكير على نحو: "واو، هذا الرجل ربما يكون مجنوناً بعض الشيء"".
قلت: "طريقة "نيكسون المجنون": قم بإرباكِ أعدائك وتخويفهم بجعلهم يعتقدون أنك قادر على القيام بأعمال غير عقلانية".
قال أوباما: "ولكن، دعنا نتفحص نظرية نيكسون. لقد ألقينا من الذخائر على كمبوديا ولاوس أكثر من أوروبا في الحرب العالمية الثانية. ومع ذلك، في نهاية المطاف، انسحب نيكسون، وذهب كيسنغر إلى باريس، وكان كل ما تركناه خلفنا هو الفوضى، والمذبحة، وحكومات استبدادية ظهرت أخيراً بمرور الوقت من ذلك الجحيم. وعندما أذهب لزيارة هذه البلدان، سوف أحاول تخمين كيف نستطيع، اليوم، أن نساعدهم في إزالة القنابل التي ما تزال تنسف أرجل الأطفال الصغار. بأي طريقة يمكن أن تعزز تلك الاستراتيجية مصالحنا؟".
ولكن، ماذا لو أن بوتين يهدد بالتحرك ضد مولدوفا مثلاً -وهي دولة ضعيفة أخرى في حقبة ما بعد السوفيات؟ ألن تساعِد فكرة تخوُّف بوتين من أن ذلك قد يغضب أوباما ويستفزه؟
قال أوباما: "لا يوجد أي دليل في السياسة الخارجية الأميركية الحديثة على أن هذه هي الطريقة التي يستجيب بها الناس. إن الناس يستجيبون وفق ما تمليه عليهم ضروراتهم -وإذا كان شيء ما مهماً حقاً لأحد ما وليس مهماً بالنسبة لنا نحن إلى ذلك الحد، فإنه يعرف ذلك، ونحن نعرفه أيضاً. هناك طرق للردع، لكنها تتطلب منك أن تكون واضحاً جداً مسبقاً إزاء ما يستحق الذهاب إلى الحرب من أجله وما لا يستحق. الآن، إذا كان هناك أحد في هذه البلدة يمكن أن يزعم بأننا سندرس الذهاب إلى الحرب مع روسيا بسبب القرم وشرق أوكرانيا، فإن عليه أن يرفع صوته ويكون واضحاً جداً بهذا الخصوص. الفكرة القائلة إن الحديث بصرامة أو الانخراط في نوع من العمل العسكري الذي يكون على تماس بتلك المنطقة المخصوصة سوف يؤثران بشكل ما على صنع القرار في روسيا أو الصين -هذه الفكرة تناقض كل الأدلة التي شاهدناها على مدى السنوات الخمسين الماضية".

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70067
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

عقيدة أوباما:  حول دور أميركا العالمي Empty
مُساهمةموضوع: رد: عقيدة أوباما: حول دور أميركا العالمي   عقيدة أوباما:  حول دور أميركا العالمي Emptyالجمعة 25 مارس 2016, 3:45 am

عقيدة أوباما: الرئيس الأميركي يعرض شرحا ضافيا لأصعب قراراته حول دور أميركا العالمي (الجزء السادس والأخير)


جيفري غولدبيرغ – (مجلة الأتلانتيك) عدد نيسان (أبريل) 2016
ترجمة: علاء الدين أبو زينة
قال أوباما إن الاعتقاد بأن الناس يتصرفون على أساس مدى الحزم المتوقع من زعم ما يتجذر في "الأساطير" السائدة عن سياسة رونالد ريغان الخارجية.
وأضاف: "إذا فكرتَ، مثلاً، بأزمة الرهائن الإيرانية، فهناك رواية يروجها اليوم بعض المرشحين الجمهوريين، والتي تقول إنه في اليوم الذي انتخب فيه ريغان، ولأنه بدا حازماً، فكر الإيرانيون كما يلي: "من الأفضل لنا أن نقوم بتسليم هؤلاء الرهائن". لكن الذي حدث في الحقيقة هو أنها كانت هناك مفاوضات طويلة مع الإيرانيين. ولأنهم كانوا يكرهون كارتر كثيراً –حتى مع أن المفاوضات كانت قد استكملت- فإنهم احتفظوا بهؤلاء الرهائن حتى اليوم الذي انتخبت فيه ريغان. لم يكن لشكل ريغان، أو خطابه وما شابه أي صلة بإطلاق سراحهم. عندما تفكر في الأعمال العسكرية التي قام بها ريغان، لديك غرينادا -التي يصعب القول إنها ساعدت قدرتنا على صياغة الأحداث العالمية، مع أنها كانت سياسة جيدة له هنا في الوطن. ولديك مسألة إيران كونترا، التي دعمنا فيها البرلمانيين اليمينيين ولم نفعل أي شيء لتحسين صورتنا في أميركا الوسطى، ولم يكن ذلك ناجحاً على الإطلاق". ثم ذكّرني الرئيس بأن عدو ريغان العظيم، دانييل أورتيغا، هو اليوم الرئيس غير النادم لدولة نيكاراغوا.
واستشهد أوباما أيضاً بقرار ريغان القوات الأميركية من لبنان على الفور تقريباً بعد أن قُتل 241 من رجال الخدمة الأميركيين في الهجوم الذي شنه حزب الله هناك في العام 1983. وقال أوباما بلهجة ساخرة: "ظاهرياً، ساعدتنا كل تلك الأشياء حقاً في كسب مصداقية مع الروس والصينيين"، لأن "هذه هي الرواية التي يتم سردها الآن". وأضاف الرئيس: "الآن، أعتقد حقاً أن رونالد ريغان أحرز نجاحاً عظيماً في السياسة الخارجية، والذي تمثل في اغتنام الفرصة التي عرضها غورباتشيف والانخراط في دبلوماسية مكثفة -والتي كانت قد تعرضت هي أيضاً إلى انتقادات لاذعة من نفس الناس الذين يستخدمون دونالد ريغان الآن لدعم فكرة أن علينا الذهاب لقصف الناس".
في حوار جرى في نهاية كانون الثاني (يناير)، طلبت من الرئيس أن يصف لي التهديدات التي تقلقه أكثر ما يكون بينما يستعد في الأشهر المقبلة لتسليم السلطة لخليفته.
قال: "عندما أستعرض السنوات العشرين المقبلة، فإن الذي يقلقني أكثر ما يكون هو التغير المناخي بسبب تأثيراته على المشكلات الأخرى كافة التي نواجهها. إنك إذا شرعت في رؤية جفاف أكثر حدة؛ ومجاعات أكثر شدة؛ ومزيداً من النزوح من شبه القارة الهندية والمناطق الساحلية في أفريقيا وآسيا؛ والمشكلات المتواصلة التي تحدثها النُّدرة، واللاجئون، والفقر والأمراض -فإن ذلك سيجعل كل مشاكلنا الأخرى تذهب إلى مزيد من السوء. هذه المسألة أعلى وأبعد من مجرد قضية وجودية لكوكب يشرع في دخول حلقة مفرغة بالغة الرداءة".
والإرهاب، قال أوباما، هو أيضاً مشكلة على المدى الطويل "عندما يكون مقروناً بمشكلة الدول الفاشلة".
سألته عن أي دولة هي التي يعتبرها التحدي الأكبر لأميركا في العقود المقبلة؟ قال: "على صعيد العلاقات التقليدية بين الدول العظمى، لا أعتقد أن العلاقات بين الولايات المتحدة والصين هي التي ستكون الأكثر حسماً. وإذا فهمنا هذا جيداً وواصلت الصين اعتناق مسار الصعود السلمي، فسيكون لدينا عندئذٍ شريك ينمو من حيث القدرات ويقاسمنا أعباء ومسؤوليات الحفاظ على وجود نظام عالمي. أما إذا فشلت الصين؛ إذا لم تتمكن من المحافظة على مسار يرضي مواطنيها واضطرت للجوء إلى القومية كمبدأ تنظيمي؛ إذا شعرَت أنها واقعة تحت ضغط كبير بحيث لا تتحمل المسؤوليات التي ينبغي أن يتحملها بلد بحجمها في مهمة الحفاظ على النظام الدولي؛ إذا شرعت في النظر إلى العالم فقط من منظور مناطق النفوذ الإقليمية -عندئذٍ لن يكون ما نراه هو احتمالات الصراع مع الصين، وإنما سنجد أنفسنا في مواجهة المزيد من الصعوبات في التعامل مع التحديات الأخرى التي ستأتي".
قلت إن الكثير من الناس يريدون من الرئيس أن يكون أكثر حزماً في مواجهة الصين، خصوصاً في بحر الصين الجنوبي. وكنت قد سمعت هيلاري كلينتون، على سبيل المثال، وهي تقول في جلسة خاصة: "لا أريد لأحفادي أن يعيشوا في عالم يهيمن عليه الصينيون".
قال أوباما: "كنت واضحاً جداً في قول إن لدينا ما نخشاه من صين ضعيفة مهددة أكثر مما لدينا لنخشاه من صين ناجحة وصاعدة. أعتقد أن علينا أن نكون صارمين عندما تقوم أعمال الصين بتقويض المصالح الدولية. وإذا نظرتَ إلى ما عملناه في بحر الصين الجنوبي، فإننا تمكنا من تحشيد معظم آسيا لعزل الصين بطرق فاجأت الصينيين أنفسهم، بصراحة، وخدمت مصلحتنا في تقوية تحالفاتنا إلى حد كبير".
كما أن روسيا ضعيفة متأرجحة ستكون تهديداً أيضاً، ولو أنه ليس واحداً من الدرجة الأولى بالضبط. وقال أوباما عن روسيا: "على عكس الصين، لديهم مشكلات ديموغرافية، ومشكلات اقتصادية هيكلية، والتي لن يتطلب التغلب عليها رؤية فقط، وإنما مسافة جيل كامل أيضاً. لن يساعدهم المسار الذي يسلكه بوتين في التغلب على هذه التحديات. لكن إغواء عرض القوة العسكرية لإظهار العظمة يكون قوياً في بيئة كهذه، وهو ما يميل بوتين إلى فعله. لذلك لا أقلل من شأن المخاطر هناك". وعاد أوباما إلى فكرة قالها لي سابقاً في كثير من الأحيان، واحدة يأمل أن يستوعبها البلد والرئيس القادم أيضاً. قال: "كما تعلم، فكرة أن الدبلوماسية والتكنوقراط والبيروقراطيين يساعدون بطريقة ما إبقاء أميركا آمنة وسالمة، ينظر إليها معظم الناس يفكرون، "إيه، هذا هراء". لكنها صحيحة. وبالمناسبة، إنها عنصر القوة الأميركية الذي تقدره بقية العالم بطريقة لا لُبس فيها. إننا عندما ننشر القوات، فإنه يكون هناك دائماً إحساس لدى الدول الأخرى بأن مبدأ السيادة يتعرض للانتهاك، حتى عندما تكون هناك ضرورة لتدخلنا".
خلال العام الماضي، زار جون كيري البيت الأبيض كثيراً ليطلب من أوباما انتهاك السيادة السورية. وفي العديد من المناسبات، طلب كيري من أوباما أن يطلق الصواريخ على أهداف محددة للنظام، تحت جنح الظلام؛ أن "يرسل رسالة" إلى النظام. والهدف كما قال كيري، ليس الإطاحة بالأسد وإنما تشجيعه هو وإيران وروسيا، على التفاوض من أجل السلام. عندما كانت لتحالف الأسد اليد العليا في ساحة المعركة، كما كان حاله في الأشهر العديدة الأخيرة، فإنه لم يعرض أي ميل إلى مناشدات كيري من أجل التفاوض بنية حسنة. وقال كيري إن بضعة صواريخ كروز ربما تعيد تركيز انتباه الأسد وداعميه. وقال لي مسؤول رفيع في الإدارة: "يبدو كيري مثل أحمق أمام الروس، لأنها ليست لديه رافعة".
لا يترتب على الولايات المتحدة إعلان المسؤولية عن الهجوم، قال كيري لأوباما -لكن الأسد سيعرف بالتأكيد عنوان مرسل الصواريخ.
لكن أوباما قاوم بحزم مطالب كيري، ويبدو أن صبره أخذ بالنفاد من إلحاحه المستمر. مؤخراً، عندما سلم كيري لأوباما إطاراً عاماً مكتوباً للخطوات التالية بهدف ممارسة مزيد من الضغط على الأسد، قال أوباما: "أوه، اقتراح آخر؟"، وقال لي مسؤولون من الإدارة إن نائب الرئيس، جو بايدن، ضاق ذرعاً هو الآخر بمطالبات كيري بالقيام بعمل في سورية. وقال في حديث خاص لوزير الخارجية: "جون، أتتذكر فيتنام؟ أتتذكر كيف بدأت". وفي اجتماع لمجلس الأمن القومي عُقد في وزارة الدفاع في كانون الأول (ديسمبر)، أعلن أوباما أنه لا أحد سوى وزير الدفاع ينبغي أن يجلب له مقترحات بخصوص العمل العسكري. وفهم مسؤولو وزارة الدفاع إعلان أوباما على أنه رسالة أخرى موجهة إلى كيري.
ذات يوم في كانون الثاني (يناير)، في مكتب كيري في وزارة الخارجية، قلت له ما هو واضح: إن لديه انحيازا لصالح القيام بعمل عسكري في سورية أكثر مما لدى الرئيس.
واعترف كيري: "ربما لديّ. انظر، القول الأخير حول هذه الأمور في يده هو... يمكنني القول، كما أعتقد، أن لدينا علاقة تكافلية، تآزرية جداً، أو سمها ما شئت، والتي تعمل بفعالية كبيرة. لأنني أنحاز في النهاية إلى: "دعنا نحاول أن نفعل هذا، دعنا نحاول أن نفعل ذاك، دعنا ننجز هذا"".
أغاظ حذر أوباما حول سورية أولئك في الإدارة ممن رأوا فرصاً، في لحظات مختلفة على مدى السنوات الأربع الماضية، لتحويل الوجهة في ميدان المعركة ضد الأسد. وظن البعض أن قرار بوتين أن يحارب نيابة عن الأسد سوف يحفز أوباما على تكثيف الجهود الأميركية لمساعدة الثوار المناهضين للنظام. لكن أوباما -حتى كتابة هذه المادة على الأقل- لم يتأثر، في جزء منه لأنه يعتقد أن ما فعله الروس خطأ جسيم. قال لي: "إنهم مفرطون في التمدد، إنهم ينزفون. اقتصادهم انكمش في ثلاث سنوات على التوالي، وبقدر كبير".
في اجتماع أخير لمجلس الأمن القومي، أشير إلى استراتيجية أوباما في كثير من الأحيان على أنها "نهج توم سوير". كانت وجهة نظر أوباما أنه إذا أراد بوتين إنفاق موارد نظامه على رسم السياج في سورية، فإن على الولايات المتحدة أن تدعه يفعل. ومع ذلك، في أواخر الشتاء، عندما بدا أن روسيا تحرز تقدماً في حملتها لتقوية حكم الأسد، شرع البيت الأبيض في مناقشة طرق لتعمق الدعم للثوار في سورية، ولو أن تردد الرئيس إزاء انخراط أكثر كثافة ظل قائماً. وفي أحاديثي مع مسؤولي مجلس الأمن القومي على مدى الأشهر القليلة الأخيرة، لمست إحساساً بأن حدثاً ما -هجوماً آخر على غرار سان بيرناردو، على سبيل المثال- يمكن أن يجبر الولايات المتحدة على القيام بعمل جديد ومباشر في سورية. وبالنسبة لأوباما، سيكون ذلك كابوساً.
لو أنه لم يكن هناك عراق، ولا أفغانستان، ولا ليبيا، كما قال لي أوباما، ربما كان احتمال مخاطرته بالتدخل في سورية ليكون أعلى. قال: "الرئيس لا يتخذ القرارات في الفراغ. ليست لديه لائحة فارغة. أعتقد أن أي رئيس رصين سوف يدرك الحقيقة الآتية: بعد أكثر من عقد من الحرب، والتزامات ما تزال تتطلب حتى اليوم تخصيص مقدار كبير من الموارد والانتباه لأفغانتسان؛ ومع تجربة العراق، والضغوط التي وضعتها على جيشنا -أي رئيس رصين سوف يتردد في تقرير أي التزام جديد بالضبط في نفس المنطقة من العالم، بالضبط مع نفس الديناميات ونفس احتمالات الخروج بنتيجة غير مرضية".
"هل أنت مبالغ في الحذر"؟ سألت.
"كلا"، قال أوباما. "هل أفكر بأننا لو لم نكن قد غزونا العراق، ولو أننا لسنا متورطين في إرسال مليارات الدولارات والمدربين والمستشارين العسكريين إلى أفغانستان، فإنني ربما كنت سأدرس اتخاذ بعض المخاطرة الإضافية للمساعدة في محاولة تشكيل الوضع في سورية؟ لا أدري".
كان الأمر الذي أدهشني في هذا، هو أن أوباما -حتى مع تحذير وزير خارجيته المتواصل من يوم قيامة أوروبي قاتم وشيك بسبب سورية- لم يقُم بإعادة تصنيف الحرب الأهلية في ذلك البلد على أنها تهديد أمني من الدرجة الأولى.
يستشهد منتقدو أوباما بتردده في الانضمام إلى المعركة من أجل سورية كدليل على أنه بالغ السذاجة؛ ويقولون إن قراره عدم إطلاق الصواريخ عليها في العام 2013، هو دليل على أنه محتال وكاذب.
يثير هذا الانقاد سخط الرئيس. ويقول: "لم يعد أحد يتذكر بن لادن بعد الآن. لا أحد يتحدث عن أمري بإرسال 3.000 جندي إضافيين إلى أفغانستان". إن أزمة الخط الأحمر، كما قال "هي رأس الهرم المقلوب الذي ترتكز عليه كل النظريات الأخرى".
في أحد المساءات في أواخر كانون الثاني (يناير)، كنت أغادر المكتب البيضاوي، وذكرتُ لأوباما شيئاً من مقابلة كنتُ قد أجريتها معه في العام 2012 عندما أخبرني بأنه لن يسمح لإيران بحيازة سلاح نووي. قلت له: "قلت لي: "أنا رئيس الولايات المتحدة. أنا لا أكذب ولا أخدع"".
قال: "أنا لا أفعل".
بعد وقت قصير من تلك المقابلة قبل أربع سنوات، سألني إيهود باراك، الذي كان في ذلك الحين وزير دفاع إسرائيل، عما إذا كنت أعتقد أن وعد أوباما بأن لا يمارس الخديعة كان في حذ ذاته خديعة. وأجبته حينها بأنني وجدت من الصعب تخيل أن يكذب زعيم الولايات المتحدة أو يخدع في شأن متساوق للغاية. لكن سؤال باراك ظل معي منذ ذلك الحين. وهكذا، بينما كنت أقف على عتبة الباب مع الرئيس، سألته: "هل كانت تلك خديعة؟"، قلت له إن القليل من الناس يصدقون الآن أنه كان سيهاجم إيران حقاً ليمنعها من امتلاك سلاح نووي.
"هذا مثير للاهتمام"، قال بطريقة مبهمة.
وشرعت في السير: "هل كنتَ؟".
وقاطعني. "كنت سأفعل"، وقصد أنه كان سيضرب مرافق إيران النووية. "لو أنني رأيتهم يصلون نقطة الاختراق".
وأضاف: "الآن، الجدل الذي لا يمكن حله، لأنه ظرفي بالكامل، هو تعريف ما الذي يشكل امتلاكهم" القنبلة. "هذا هو الجدل الذي كنت أخوضه مع بيبي نتنياهو". وقد أراد نتنياهو من أوباما أن يمنع إيران من القدرة على بناء قنبلة، وليس من امتلاك قنبلة فحسب.
قال الرئيس: "كنتَ محقاً بتصديق ذلك. ثم عرض فكرته الرئيسية: كان ذلك في فئة "مصلحة أميركية"".
ذكرني ذلك بشيء كان ديريك كوليت، المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي قد قاله لي: "أوباما مقامر، وليس محتالاً".
وقد قامر الرئيس ببعض الرهانات الكبيرة. في أيار (مايو) الماضي، بينما كان يحاول تمرير اتفاق إيران النووي في الكونغرس، قلت له إن الاتفاق يجعلني متوتراً. وكان رده كاشفاً. قال: "انظر، بعد 20 سنة من الآن، سوف أكون ما أزال موجوداً، إن شاء الله. وإذا كانت إيران تمتلك سلاحاً نووياً، فإن اسمي سيكون مكتوباً هذا. أعتقد أن من الإنصاف القول إن لدي -بالإضافة إلى مصالحنا الأمنية القومية الهائلة- مصلحة شخصية في منع حدوث ذلك".
في مسألة النظام السوري ورعاته الإيرانيين والروس، راهن أوباما -ويبدو مستعداً للاستمرار في المراهنة- على أن ثمن عمل أميركي مباشر في سورية سيكون أعلى من ثمن عدم العمل. وهو متفائل بما يكفي للعيش مع غموض قراراته المحفوفة بالمخاطر. ومع أن أوباما قال في خطابه لجائزة نوبل للسلام في العام 2009: "إن عدم العمل يمزق ضمائرنا ويمكن أن يقود إلى تدخل أكثر كلفة في وقت لاحق"، فإن كل الآراء الموجودة اليوم عن التدخلات الإنسانية لا يبدو أنها تحركه، ليس علناً على الأقل. وهو يعرف بلا شك أن "سمانثا باور" أخرى من الجيل المقبل ستكتب بطريقة منتقدة عن عدم رغبته في فعل المزيد لإيقاف المذبحة المستمرة في سورية. (إذا كان ذلك يهم، فإن سمانثا باور الحالية ستكون أيضاً موضع انتقاد من سمانثا باور المستقبلية). وبينما يصل أوباما إلى ختام رئاسته، فإنه يؤمن بأنه قدم لبلده معروفاً كبيراً بإبقائه خارج الدوامة الهائلة -وهو يعتقد، كما أظن، أن المؤرخين سيحكمون عليه ذات يوم بأنه كان حكيماً لأنه فعل ذلك.
في "الجناح الغربي" يقول المسؤولون إن أوباما، ورث عندما تولى الرئاسة أزمة مالية وحربين نشطتين من سلفه، وهو يحرص على ترك "حظيرة نظيفة" لخليفته أياً يكُن. وهو السبب في أن القتال ضد "داعش"، المجموعة التي يعتبرها تهديداً مباشراً -وإنما ليس وجودياً- للولايات المتحدة، هو أكثر أولوياته إلحاحاً في الفترة المتبقية من رئاسته؛ وكان قتل ما يدعى خليفة الدولة الإسلامية، أبو بكر البغدادي، من أعلى أهداف مؤسسة الأمن القومي الأميركية في سنة أوباما الأخيرة.
بطبيعة الحال، جاء "داعش" إلى الوجود على يد نظام الأسد، في جزء منه. ومع ذلك، لا يرقى استمرار حكم الأسد -وفق معايير أوباما الصارمة- إلى مستوى التحدي الرئيسي لأمن أميركا القومي في هذه اللحظة.
ولعل هذا هو العنصر الأكثر إثارة للجدل في نهج الرئيس أوباما، والذي سيظل محلاً للجدل لسنوات مقبلة -المعيار الذي استخدمه لتحديد ما يشكل، بالضبط، تهديداً مباشراً لمصالح الولايات المتحدة.
خلال فترة رئاسته، خلص أوباما إلى عدد من الاستنتاجات المتشابكة عن العالم، وعن دور أميركا فيه. الأول هو أن الشرق الأوسط لم يعد مهماً جداً للمصالح الأميركية. والثاني هو أنه حتى لو كان الشرق الأوسط مهماً بقدر لا مثيل له، فإن هناك القليل جداً مما يستطيع أي رئيس أميركي فعله ليجعله مكاناً أفضل. والثالث هو أن الرغبة الأميركية الفطرية في إصلاح أنواع المشاكل التي تُجلِّي نفسها أكثر ما يكون في الشرق الأوسط ستقود حتماً إلى الحرب، وإلى وقوع وفيات في صفوف الجنود الأميركيين، وإلى نزيف في المصداقية والقوة الأميركيين في نهاية المطاف. والرابع، هو أن العالم لا يستطيع أن يتحمل رؤية تضاؤل في القوة الأميركية. وتماماً كما وجد قادة العديد من الدول الحليفة للولايات المتحدة قيادة أوباما غير مناسبة للاضطلاع بالمهمات التي أمامه، وجد هو نفسه أيضاً قيادة العالم عملية كثيرة المطالب. ويرى الرئيس أن الشركاء الدوليين الذين يفتقرون غالباً إلى الرؤية والإرادة لإنفاق رأسمال سياسي في السعي إلى تحقيق أهداف واسعة وتقدمية، والخصوم الذين لا يفعلون، هم في النهاية عقلانيون مثله. ويعتقد أوباما أن التاريخ له جانبان، وأن خصوم أميركا -والبعض من حلفائها المزعومين- وضعوا أنفسهم على الجانب الخطأ من التاريح، حيث ما تزال القبَلية، والأصولية، والطائفية والعسكرة في ازدهار. والشيء الذي لا يفهمونه هو أن التاريخ يميل في اتجاهه هو.
قال لي بِن رودس: "الأطروحة الأساسية هي أن الرئيس، بمنعه أميركا من الانغماس في أزمات الشرق الأوسط، إنما يشارك في انحدارنا، في اعتقاد مؤسسة السياسة الخارجية. لكن الرئيس نفسه يتبنى وجهة النظر المعاكسة، وهي أن الإفراط في التمدد في الشرق الأوسط سوف يلحق في النهاية ضرراً باقتصادنا، وسيضر بقدرتنا على البحث عن فرص أخرى والتعامل مع تحديات أخرى، والأهم من كل شيء، أنه سيعرِّض أرواح أفراد الخدمة الأميركيين للخطر بسبب قضايا ليست مصالح مباشرة للأمن القومي الأميركي".
إذا كنتَ مؤيداً للرئيس، فإن استراتجيته ستبدو لك منطقاً واضحاً لا لُبس فيه: ضاعِف الرهان في تلك الأماكن من العالم حيث النجاح يبدو مرجحاً، وحُدَّ من التعرض الأميركي في البقية. لكن منتقديه يعتقدون، مع ذلك، أن المشاكل -مثل تلك التي يعرضها الشرق الأوسط- لا تحل نفسها بنفسها. ومن دون تدخل أميركي، سوف تكبر تلك المشاكل وتنتشر مثل الورم الخبيث فحسب.
في هذه اللحظة، تشكل سورية، حيث يبدو أن التاريخ يميل نحو المزيد من الفوضى هناك، التحدي الأكثر مباشرة لنظرة الرئيس العالمية.
كان جورج دبليو بوش مقامراً أيضاً، وليس محتالاً. وسوف يتم تذكره بقسوة على أشياء فعلها في الشرق الأوسط. ويراهن باراك أوباما على أن يُحكم عليه بإيجابية على الأشياء التي لم يفعلها هناك.
 (انتهى)
نشر هذا المقال تحت عنوان:
 The Obama Doctrine
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70067
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

عقيدة أوباما:  حول دور أميركا العالمي Empty
مُساهمةموضوع: رد: عقيدة أوباما: حول دور أميركا العالمي   عقيدة أوباما:  حول دور أميركا العالمي Emptyالأحد 27 مارس 2016, 5:35 am

مأزق أوباما في أفغانستان: قصف أم لا قصف؟


دان دو ليوس وبول مكليري -
(فورين بوليسي)15/3/2016
ترجمة: عبد الرحمن الحسيني
بثت حركة طالبان الأفغانية شريط فيديو دعائياً في شهر آب (أغسطس) الماضي، والذي يظهر أكثر من 100 مقاتل يحملون بنادق (إيه كيه-47) ويركبون دراجات نارية، ويتجمعون في رابعة النهار خارج مدينة قندوز الأفغانية للإعلان عن ولائهم لقائد المجموعة الجديد. وكان حدوث هذا المشهد مستحيلاً قبل عامين، حين كان أي حشد من مقاتلي طالبان يقتل من الجو بقصف الطائرات الحربية الأميركية.
لكن الأوقات تغيرت. فقد سحبت الولايات المتحدة معظم قواتها في العام 2014، وخفضت بشكل كبير عدد الضربات الجوية التي تنفذها ضد أهداف طالبان في عموم البلد. كما سلطت تلك الصور من قندوز الضوء أيضاً على كيفية استفادة طالبان المستمرة من حريتها الجديدة: من خلال غزو المدينة. وكان المتمردون قد سيطروا على المدينة لمدة أسبوعين قبل أن تقوم القوات الأفغانية والأميركية بطردهم منها في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. ومع ذلك، يعتقد العديد من المسؤولين أنها لا تعدو مسألة وقت قبل أن تستهدف طالبان هذه المدينة مرة أخرى.
ولا يغيب عن البال أن القوة العسكرية المتنامية لطالبان قد تشكل موضوعاً استراتيجياً شائكاً للرئيس باراك أوباما، الذي كان قد اعتلى سدة الرئاسة متعهداً بإنهاء ما تعد راهناً أطول حرب لأميركا في الخارج. وكانت الولايات المتحدة قد أنفقت عشرات المليارات من الدولارات على تدريب جهاز الأمن الأفغاني الذين مني بخسائر ضخمة بينما كان يحاول -ويفشل- في صد تقدم مقاتلي طالبان في جنوب وشرق وشمال البلاد. ومن شأن ذلك أن يترك البيت الأبيض أمام خيار لا صعب الهضم: الإبقاء على القواعد الصارمة التي تحدّ من عدد الضربات التي تنفذها طائراتها، والمجازفة بذلك في مشاهدة المتشددين وهم يستمرون في كسب الأرضية؛ السماح للطيارين الأميركيين بقصف سلسلة أوسع من الأهداف على حساب تعميق الدور القتالي لواشنطن في أفغانستان.
وكانت قواعد الاشتباك قد أصبحت مقيَّدة بحدة بالإنهاء الرسمي لمهمة حلف "الناتو" القتالية في شهر كانون الثاني (يناير) من العام 2015. لكن بإمكان القادة الأميركيين استدعاء الضربات الجوية لحماية قوات "الناتو" فقط، ولاستهداف متشددي القاعدة؛ أو لمساعدة القوات الأفغانية التي تكون تحت خطر الاجتياح على يد طالبان أو التي تمنى بهزيمة نكراء على الأرض.
من الناحية العملية، يعني ذلك أن الولايات المتحدة أصبحت نادراً ما تستهدف المتشددين من الجو. وبعد أن وقع جنود القبعات الخضراء الأميركيون وحلفاؤهم الأفغان في كمين بالقرب من بلدة مرجة في مقاطعة هيلمند في كانون الثاني (يناير)، استدعى الأميركيون 12 ضربة جوية لصد مهاجمي طالبان، ولشراء الوقت لإتاحة المجال أمام وصول قوة إنقاذ. وفي تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وجهت القيادة الأميركية طائرات قتالية لقصف مواقع طالبان في مدينة قندوز خلال قتال مكثف من منزل لمنزل هناك. لكن الطاقم استهدف البناية الخاطئة، مما أسفر عن مقتل 42 مريضاً وموظفاً في مستشفى تابع لمنظمة أطباء بلا حدود.
مع تقدم طالبان وتوسيع مجموعة الدولة الإسلامية "داعش" لتواجدها في أفغانستان، يعتقد مسؤولون رفيعون في البنتاغون (وزارة الدفاع الأميركية) أن الوقت قد حان لتغيير قواعد الاشتباك تلك هناك. وهم يدفعون من أجل إعادة مراجعة قواعد الاشتباك بحيث يكونون مطلقي اليد في إطلاق النار على قوات طالبان المتجمعة للاستيلاء على أراض ولاستهداف قيادتهم مباشرة.
ومن الممكن أن يعني ذلك زيادة درامية في عدد الضربات الأميركية ضد طالبان، المجموعة التي أمضت واشنطن سنوات وهي تحاول خطب ودها لجلبها إلى طاولة المفاوضات. كما أن من شأنها أن تمثل عكساً حاداً لوجهة ديناميات ميدان المعركة الأخيرة في أفغانستان. ومنذ تبني قواعد الضربات الجوية الجديدة في العام 2015، أصبحت الحرب الجوية الأميركية هناك مقيدة بشكل كبير، وفق القيادة الوسطى للجيش الأميركي. وفي العام 2014، وبينما كانت مهمة "الناتو" القتالية تمضي قدماً، أسقطت الطائرات الحربية الأميركية نحو 2365 قنبلة في أفغانستان. وفي مقابل ذلك، أسقطت الطائرات الحربية الأميركية نحو 947 قنبلة فقط في العام 2015.
والنتيجة أنه بينما ما يزال النقاش السياسي في واشنطن يتركز على عدد القوات الأميركية التي يجب أن تبقى في أفغانستان، فإن مستقبل الحرب في ذلك البلد يمكن أن يكون مرهوناً -ليس بعدد القوات البرية، وإنما بدور القوة الجوية الأميركية هناك.
وكان الجنرال جون كامبيل، القائد الأعلى الأميركي في أفغانستان حتى وقت قريب، قد أمضى نحو عام وهو يطلب من البيت الأبيض السماح للجيش الأميركي بقصف أهداف "الدولة الإسلامية" الجديدة هناك. ولم توافق الإدارة على التغيير حتى شهر كانون الثاني (يناير) الماضي. ورفض مسؤولو الدفاع، في الأثناء، ذكر تفاصيل عن الضربات الجوية التي شُنت على أهداف "داعش" هناك. وتجدر الإشارة إلى أن الغارات الجوية الموسعة الأخيرة ساعدت في تراجع وتقهقر "داعش" في الشهرين الماضيين، كما قال مسؤولون حاليون وسابقون في البنتاغون. ومن جهته، قال نيكولاس هايسوم، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة حول أفغانستان لمجلس الأمن الدولي مؤخراً إن غارات القصف الأميركية ساعدت في حشر "داعش" في زاوية صغيرة في البلد، على طول الحدود مع باكستان.
ولكن، وفي حين يتعرض متشددو مجموعة "داعش" إلى ضغط من الجو، فإن حركة طالبان ما تزال تمتلك القدرة على نقل المقاتلين والمعدات عبر حدود باكستان متمتعة بالحصانة، بينما تشن عمليات تقليدية بتنوع ومدى لم يُشهد لهما مثيل منذ غزو أفغانستان تحت القيادة الأميركية في العام 2001.
وفي مقاطعة هلمند الجنوبية؛ حيث منيت الولايات المتحدة وحلفاؤها من "الناتو" بخسائر فادحة في العقد الماضي، أجبرت شدة البأس التي ميزت دخول طالبان إلى المنطقة القوات الأفغانية على التراجع والانسحاب من مناطق رئيسية، مثل قلعة موسى وناوزاد. وبشكل عام، أصبحت طالبان تسيطر على خمس من أصل 14 منطقة، وتقاتل لكسب اليد العليا في معظم المناطق المتبقية.
في الأثناء، تبذل الحكومة الأفغانية قصارى جهودها لإقناع واشنطن بإرجاء تطبيق الخفض المقرر للقوة الأميركية الحالية في البلد، وقوامها 9800 جندي، وللإبقاء على مساعدتها من خلال تقديم القوة الجوية والدعم اللوجيستي. وينتمي حوالي 3000 رجل من أولئك الجنود إلى قوات العمليات الخاصة، ويرافق بعضهم قوات الكوماندوز الأفغانية في مهمات، بينما تقوم البقية منهم بالتدريب وتقديم الاستشارات المتركزة بشكل رئيسي في كابول.
من جهته، يقول جيمس كانغهام، السفير الأميركي السابق لدى كابول، إنه يجب على واشنطن السماح للجيش بقصف طائفة أوسع من الأهداف. وقال لمجلة "فورين بوليسي" إنه يجب على الإدارة أن توسع سلطات قادتنا لتمكينهم من الاستخدام الأكثر مرونة لجيشنا، وخاصة القوة الجوية، دعماً للقوات الأمنية الأفغانية ولمهمة مكافحة الإرهاب.
وما يزال البيت الأبيض يتلقى رسالة مشابهة من كامبل. وطيلة فترة عمله، حذر كامبل من تعنت طالبان، عارضاً قضية تبطيء خطط سحب القوات وتوسيع دور المستشارين الأميركيين على الأرض.
وفي جلسات استماع لشهادته أمام الكونغرس في الشهر الماضي، قال كامبل للمشرعين: "أحد الأشياء التي تطلبها القوات الأفغانية في كل يوم هو الدعم الجوي الوثيق".
وقال أيضاً إنه يعتبر طالبان عدواً للولايات المتحدة، "لأنها قتلت العديد من جنودي"، وإن خفض عديد القوات الأميركية والقوة الجوية أعطى دفعة للتمرد.
وأشار الجنرال ذو النجوم الأربع إلى أن خطة أوباما لخفض عدد القوات الأميركية إلى حوالي 5500 جندي في وقت لاحق هذا العام، ربما يجب أن تُستبعد إذا استمرت القوات المحلية في المعاناة، "وإذا لم يستطع الأفغان تحسين أنفسهم، فإن علينا إجراء بعض التعديلات. وذلك يعني أن الرقم سوف يرتفع على الأرجح".
لكن حديث كامبل الصريح وضعه تحت النقد في البنتاغون، حيث اتهمه مسؤولون بتقديم طلبه بتوجيه ضربات جدية موسعة ضد طالبان مباشرة إلى البيت الأبيض، متجاوزاً بذلك وزير الدفاع أشتون كارتر، وفق صحيفة "الواشنطن بوست".
وفي مؤتمر صحفي عُقد مؤخراً، امتنع الناطق بلسان البنتاغون، بيتر كوك، عن الخوض في بحث محتوى المحادثات التي تجري بين الجنرال وبين كارتر، على الرغم من أنه لم يفند التقارير التي تقول إن كامبل غمز من قناة وزير الدفاع. وقال الناطق بلسان القيادة الأميركية الوسطى، الكولونيل بات رايدور، إن كامبل مر من خلال السلسلة المناسبة من القيادة. وفي رسالة بالبريد الإلكتروني موجهة إلى صحيفة الواشنطن بوست، نفى كامبل بشدة أنه حاول بأي طريقة المراوغة والالتفاف على سلطة كارتر.
وقالت البنتاغون إنها لم تتخذ قراراً بتوسيع الحملة الجوية في أفغانستان، وإن الجنرال جون "ميك" نيكلسون الذي خلف مؤخراً كامبل كقائد، يجري مراجعته الخاصة للمهمة. وستفحص المراجعة مسألة القوة الجوية، بالإضافة الى خطة إدارة أوباما الانتقالية لخفض عديد القوات الأميركية في أفغانتسان من 9800 جندي إلى 5500 جندي هذا العام.
لطالما تباحث أوباما والقادة العسكريون في كابول حول أفضل استخدام للقوة الجوية الفعالة في الحرب في أفغانستان. وكانت الغارات الجوية الأميركية قد ساعدت في إسقاط نظام طالبان في العام 2001 بسرعة كبيرة. لكن الرئيس الأفغاني السابق، حميد كرزاي، أدان واشنطن بين فترة وأخرى بسبب الغارات الجوية الأميركية التي قتلت وجرحت مدنيين. وتجدر الإشارة إلى أن المقاربة الأميركية لهذا الشأن تفاوتت باختلاف القادة هناك. وكان الجنرال ستانلي مكريستال قد خفض وتيرة القصف لتجنب إصابة المواطنين الأفغان، بينما عمد خلفه الجنرال ديفيد بترايوس إلى رفع وتيرتها في محاولة لدفع طالبان نحو طاولة المفاوضات.
تظه الدعوات الجديدة إلى شن مزيد من الغارات الجوية الأميركية مدى الضعف المزمن الذي تعاني منه القوات الأمنية الأفغانية، على الرغم من 64 مليار دولار تلقتها على شكل أسلحة وتدريب أميركيين منذ العام 2002. وثمة العديد من المقاطعات والمناطق الأفغانية التي تواجه راهناً تهديد السقوط في أيدي طالبان، وحيث تعاني القوات الأفغانية من الإهمال والقيادة الضعيفة.
وعندما استولى المتمردون على مدينة قندوز في أيلول (سبتمبر)، فشلت الشرطة الأفغانية في إبداء مقاومة كبيرة، وهربت بشكل جماعي. وفي الأثناء، رفض الجيش الأفغاني الانتشار خارج قاعدته في المطار المحلي، كما قال مسؤولون في البنتاغون لمجلة "فورين بوليسي".
على الرغم من أن القوات الأفغانية غير المنظمة عانت في القتال ضد طالبان، فإن ضباطاً عسكريين في حلف "الناتو" امتدحوا ضباط الصف في الجيش الأفغاني على رغبتهم في دخول القتال. ومنذ مغادرة معظم قوة "الناتو"، ارتفعت الإصابات في صفوف الجيش والشرطة الأفغانيين. فقد قتل وجرح نحو 16.000 جندي أفغاني في العام 2015، بارتفاع نسبته 28 في المائة عن العام السابق. وبالإضافة إلى ذلك، يبني الأفغان قوتهم الجوية بوتيرة بطيئة راهناً، لكنها لن تكون مستعدة تماماً للقتال حتى حلول العام 2020 تقريباً، وفق مسؤولي البنتاغون. وتجدر الإشارة إلى أن الجيش الأفغاني يستخدم حالياً دزينة من الطائرات العمودية المسلحة من طراز (مي- 17) روسية الصنع، وطائرة عمودية واحدة هجومية من طراز (مي- 35) و10 طائرات عمودية خفيفة. وكانت قدرة كابول الجوية قد تلقت تعزيزاً في كانون الثاني (يناير)، عندنا وصلت أول أربع طائرات مقاتلة من طراز (سوبر توكانو إيه 29)، سوية مع ثمانية طيارين كانوا قد تلقوا تدريبات في الولايات المتحدة.
نشر هذا التقرير تحت عنوان: Obama's Afghan Dilemma: To Bomb or Not to Bomb
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
عقيدة أوباما: حول دور أميركا العالمي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث عسكريه-
انتقل الى: