ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 70029 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 77 الموقع : الاردن
| موضوع: عالم الطيور الأحد 19 مايو 2013, 11:30 pm | |
| |
|
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 70029 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 77 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: عالم الطيور السبت 20 ديسمبر 2014, 11:12 pm | |
| |
|
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 70029 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 77 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: عالم الطيور السبت 20 ديسمبر 2014, 11:14 pm | |
| الإعجـاز القـرآني في عالم الطيــور
عالم الحيوان عالم كبير، يتشابه في أمور كثيرة مع عالم الإنسان، فهو يحتوي على أمم وجماعات متعددة، فليس هناك حيوان يعيش في باطن الأرض أو ظاهرها، ولا طائر يطير بجناحيه إلا خلقه الله ضمن جماعات وأمم {وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون} (الأنعام: 38)، ولكل أمة ميزاتها وخصائصها ونظام حياتها ما يجعلها تختلف عن غيرها، وهذا ما أثبته وأكده العلم الحديث، فالله سبحانه وتعالى خلق لنا الإبل والبقر والضأن والماعز لنتخذ من أصوافها وأوبارها وأشعارها ما نستدفئ به، ومن لحومها ما نأكله، وخلق الله الخيل والبغال والحمير لنركبها ونتخذ منها زينة، وخلق لنا الطيور على مختلف صورها، فمنها ما لديه القدرة على الطيران في الهواء، ومنها ما لا يستطيع الطيران مثل النعام، وقد ذكر الحق تبارك وتعالى العديد من الحيوانات في كتابه الكريم، بل إن بعض السور قد سميت بأسماء بعض الحيوانات مثل سور البقرة، والأنعام، والنحل، والنمل، والعنكبوت، والفيل، وقد أوضحت الآيات القرآنية أن خضوع هذه الأنعام للإنسان إنما هو بتسخير لها من الله عز وجل لنا وليس بقدرتنا. سبق القرآن الكريم وسائل العلم الحديثة كافة في الكشف عن حقائق علمية تتعلق بعملية الطيران، وألقى الضوء على الأجهزة والأنظمة التي خلقها الله سبحانه في جسم الطائر، وكيف استفادت الطيور من الجو المسخر بأمر خالقها، قال الله سبحانه وتعالى {أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ما يمسكهن إلا الرحمن إنه بكل شيء بصير} (الملك: 19) وقال سبحانه {ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء ما يمسكهن إلا الله إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون} (النحل: 79). تدل الآيات الكريمة على كمال قدرة الله تعالى وبديع صنعه وحكمته في خلق المخلوقات، فالله سبحانه وتعالى خلق الطير وزوده بالأدوات والعضلات التي تمكنه من الطيران، فجعل له جناحين يبسطهما ويقبضهما، ليتغلب بذلك على مقاومة الهواء والجاذبية الأرضية، وميزه عن غيره بالجسم والشكل والوزن، ليستفيد مما سخر الله سبحانه من طبيعة الجو فيسهل عليه خرقه ونفاذه فيه، فقال سبحانه {أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن} (الملك:19)، ونجد هنا مثلا في غاية الروعة والوصف الفني لنتفكر في خلق الطيور وندرسها دراسة نستفيد منها ونستدل من خلالها على خالق الكون ومدبره، فسبحان الذي يأمرنا بالتفكر والتدبر، ودراسة الأشياء بتبصر، فعندما ننظر إلى الطير في جو السماء نجدها تارة باسطة أجنحتها، وتارة نراها تقبضها، وقبض الجناح ضمه، والصف هو أن يبسط الطائر جناحيه دون أن يحركهما، وفي طيران الطيور آيات معجزات لم يفهم بعضها إلا بعد تقدم علوم الطيران ونظريات الحركة الهوائية، فكلمة {صافات} جاءت اسما لأنه يدل على الدوام والثبوت، ولأن أصل الحركة في الطيران صف الجناح (التحليق)، وهي تدل على سكون الأجنحة وعدم حركتها، فلا يكون الطيران بفعل الطير ذاته، بل بفعل التيارات الهوائية التي تحمله، وأكثر ما يثير العجب هو أن يمضي الطير في الجو بجناحين ساكنين حتى يغيب عن الأبصار، وقد كشف العلم عن أن الطيور الصافة تركب متن التيارات الهوائية المساعدة التي تنشأ إما من اصطدام الهواء بعائق ما أو من ارتفاع أعمدة من الهواء الساخن، فإذا كانت الريح هينة ظلت الأعمدة قائمة وصفت الطيور في أشكال حلزونية، أما إذا اشتدت الريح فتنقلب الأعمدة أفقيا وحينئذ تصف الطيور في خطوط مستقيمة بعيدة الرؤية، أما الفعل (يقبضن) فيدل على الحركة والتجدد، لأن القبض متجدد، فعبر عنه بالفعل، لأن الفعل يعبر عن التجدد والحدوث، فعندما يبسط الطير جناحيه ويقبضهما بشكل مستمر، تسمى هذه الحركات بالرفرفة، وبما أن الطيران في الهواء كالسباحة في الماء، والأصل في السباحة مد الأطراف وبسطها، قال الله عز وجل {صافات ويقبضن} فمن رحمة الله تعالى أنه ألهم الطير كيفية البسط والقبض لتنفعها، ولنربط السبب بالمسبب.
الهبات الإلهية للطيور لكي يقوم الطائر بعملية الطيران عليه أن يتغلب على قوة جذب الأرض، وأن تتحقق له عناصر مهمة منها خفة الوزن، ومتانة البناء، والعمل على زيادة قوته واندفاعه، وزيادة سطحه، ويتطلب الطيران أيضا وجود جناحين يدعمانه ويرفعانه في الهواء، مع علو كفاءة القلب ودورة الدم وجهازه التنفسي ودقة اتزانه وانسياب جسمه، وفيما يلي نعرض موجزا لهذه الهبات الإلهية: 1- شكل الطائر: وهب الخالق سبحانه وتعالى بناء تشريحيا وتكوينا هندسيا فريدا للطيور بأنواعها كافة، وذلك لمساعدتها على الطيران وحفظ توازنها وتوجيه أجسامها أثناء الطيران، إن الشكل الانسيابي لأجسام الطيور يحدده الهيكل العظمي الذي يلعب دورا مميزا في اختراق الهواء بأقل مقاومة ممكنة، فنجد أن عظم القص Breastbone أكبر حجما وأكثر بروزا في الطيور النشطة للطيران، ويسهم الريش إلى درجة كبيرة في زيادة سطح الطائر، وللجناحين شكل انسيابي في المقطع العرضي، ويمتاز السطح العلوي للجناح بكونه محدبا، بينما السطح السفلي مقعر، وهذا الاختلاف في الشكل يؤدي إلى زيادة الضغط أسفل الجناح مما يؤدي إلى دفع الطائر إلى الأعلى، وبما أن الطيران يتطلب جسما متماسكا فإن العظام تكون متصلة اتصالا تاما وثابتا، وتكون أغلب الفقرات ملتحمة. 2-خفة الوزن: وهي صفة هامة تحققت للطيور عن طريق عدة سمات منها: أ - وجود الريش: الذي يخفف الوزن النوعي للطائر، حيث يمتاز الريش بخفة وزنه وقوته ومرونته وقدرته على ضرب الهواء بكفاءة عالية، كما يساهم في المحافظة على درجة حرارة الجسم، والريش ينبت من طبقة الجلد الداخلية، ويبدأ تكوين الريش في الطيور أثناء النمو الجنيني داخل البيضة، ونمو الريشة يبدأ من الخارج إلى الداخل، ومن أعلى إلى أسفل، أي أن طرف الريش والشعيرات تنمو قبل قاعدة الريشة. ب - الهيكل العظمي: تمتاز العظام بخفة وزنها، خاصة في الطيور الكبيرة، وهذه مسألة مهمة وضرورية لتخفيف الوزن النوعي ومن ثم تمكينها من الطيران، يضاف إلى ذلك أن العظام الطويلة الكبيرة تمتاز بوجود فراغات هوائية أي مجوفة. ج - ضمور بعض الأعضاء الداخلية في بعض الطيور ووجود بعض العضلات القوية، فمثلا نجد اختفاء المثانة البولية في الجهاز البولي، ليتم التخلص من الفضلات البولية على صورة حامض البوليك، مما يقلل من كمية الماء اللازمة للإخراج، وعليه فالطائر ليس بحاجة إلى حمل كمية كبيرة من الماء، ولا يوجد في الأنثى سوى مبيض واحد فقط هو المبيض الأيسر، وتكوين البيض لا يحتاج إلى فترة زمنية طويلة فهي غير ملزمة بحملها. د - الجهاز التنفسي: خلق الله سبحانه وتعالى الطيور وزود جهازها التنفسي بتسعة أكياس هوائية تؤدي إلى زيادة الحجم وبالتالي تخفيف الوزن النوعي، ويعمل الجهاز التنفسي عند الطيور بشكل مختلف تماما عن الثدييات لأسباب منها الحاجة المفرطة للأوكسجين الذي يستهلكه الطائر، فعلى سبيل المثال تبلغ كمية الأوكسجين التي يحتاجها الطائر عشرين ضعفا بالنسبة للكمية التي يحتاجها الإنسان. الطيور تملك كمية كافية من الطاقة تساعدها على الطيران، حيث تتحول الطاقة المخزنة في الجسم إلى حركة، ولهذا السبب تتمتع الطيور بقوة كبيرة تساعدها على ارتياد الآفاق، من خلال ما سخر الله سبحانه وتعالى لها من الأعضاء لتتكيف مع ظروف الجو وطبيعته، وبما أن الطيران يستهلك الكثير من الطاقة، فقد خلقت الطيور بعضلات صدر قوية وقلوب كبيرة وعظام خفيفة. ولا تقف معجزة خلق الطيور عند أجسامها، فقد أوحى الخالق إلى كثير من الطيور اتباع طريقة معينة في الطيران تجعلها تخفض من الطاقة اللازمة لها، فمنها على سبيل المثال أن عظم القص الزورقي يهيئ لها سطحا كبيرا يساعد في وجود عضلات صدرية كبيرة وهي أساسية في عملية الطيران، كما يتمتع الطائر بجهاز عصبي يمتاز بتطورات خاصة في المخ والمخيخ الذي يلعب دورا مهما في تنسيق عمل العضلات المهمة بدورها لعملية الطيران وتأمين التوازن للطائر. أما جهاز التنفس عند الطيور فيكون أكفأ منه عند الثدييات، لأنه يرتفع في الجو، وكلما ارتفع عن سطح الأرض تقل نسبة الأوكسجين، الغاز الذي يتنفسه الطائر، وتقل درجة الحرارة، قال الله سبحانه وتعالى {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون} (الأنعام:125). فزودها الله تبارك وتعالى بأكياس هوائية تعمل على تشتيت كمية كبيرة من الحرارة الناتجة عن النشاط العضلي، فتبقى درجة حرارة الأعضاء الداخلية ضمن المعدل الطبيعي، مما يخفف من استهلاك الأوكسجين، كما جعلها سبحانه من ذوات الدم الحار لتحافظ على درجة حرارة ثابتة لأجسامها مما يجعلها قادرة على الاستمرار في نشاطها الحيوي لتتأقلم مع حرارة الوسط في أعالي الجو، والدورة الدموية سريعة وذات كفاءة عالية، كما زود دم الطيور بنسبة عالية من الجلوكوز للتزود بالطاقة المطلوبة، أما القلب فيتألف من أربع حجرات تفصل الدم المحمل بالأوكسجين (المؤكسد) عن الدم الذي لا يحمله (غير المؤكسد).
مم تتكون عملية الطيران؟ تتكون عملية الطيران من شكلين أساسيين هما: الأول: التحليق، قال الله سبحانه وتعالى {ألم تر أن الله يسبح له من في السموات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون} (النور:41). هذه العملية أخبر عنها القرآن الكريم في كلمة {صافات} التي تدل على سكون الأجنحة، لأنها جاءت اسما، والاسم يدل على الثبات والدوام كما ذكرنا سابقا، ولا تصرف الطيور كثيرا من طاقتها هباء، لأنها تستفيد مما سخر لها من التيارات الهوائية، فكذلك التحليق، فالطيور المحلقة لفترات طويلة مثل الطيور المهاجرة تكون ذات حجم كبير، وتتصف أجنحتها بسطح كبير وطول مناسب، لأن القدرة على التحليق تتناسب طرديا مع حجم الطائر، فكلما زاد الحجم زادت القدرة، وتحلق عادة هذه الطيور عندما تنشط التيارات الهوائية الصاعدة، وتستطيع أن ترتفع دون قبض جناحيها بركوبها، وعلى هذا فيطلق على استخدام الطائر التيارات الهوائية لتوفير الطاقة أثناء طيرانه التحليق، والعوسق هو أحد الطيور التي تتمتع بهذه القدرة، وللتحليق فائدتان، الأولى أنه يوفر الطاقة اللازمة للبقاء في الهواء أثناء البحث عن الطعام أو الانقضاض على فريسة أرضية، والثانية أنه يسمح للطائر بزيادة مسافة الطيران. الثاني: الرفرفة والتحليق، عملية الرفرفة تتم ببسط الجناح وقبضه كما جاء وصفها في قول الله تعالى {صافات ويقبضن} وغالبا ما تكون الطيور المرفرفة ذات حجم صغير، لأن سرعة الرفرفة تتناسب تناسبا عكسيا مع حجم الجسم، فكلما زاد الحجم قلت السرعة، فالطيور الكبيرة كالنسور مثلا ترفرف أجنحتها مرة كل ثانية تقريبا، والطيور متوسطة الحجم كالحمام تضرب بأجنحتها ثلاث مرات في الثانية، وفي الطيور الصغيرة كبعض العصافير الدورية تصل الرفرفة إلى 30 ضربة في الثانية، وتبلغ الرفرفة ذروتها في الطيور المغردة الصغيرة والتي لا يزيد حجم بعضها عن حجم الفراشة مثل الطنان لتصل ضربات الجناح إلى ما يزيد عن مائة ضربة في الثانية، وتصرف هذه العملية طاقة كبيرة، وللإنصاف العلمي نذكر هنا العالم المسلم عباس بن فرناس الذي فهم معنى الآية الكريمة وحاول التطبيق، فدرس الطير، وعلم كيفية الطيران، وكان أول من حاول الطيران عندما غطى جسمه بالريش وصنع له جناحين كبيرين وطويلين، وعندما ألقى بنفسه من أعلى الجبل طار قليلا ثم سقط لأنه لم يضع الذيل الذي من شأنه حفظ التوازن، وكان مصرعه بعد هذه المحاولة.
أوجه الإعجاز 1 - الدقة في اللفظ القرآني من خلال التعبير عن التحليق بكلمة {صافات} وعن الرفرفة بقول الله تعالى {صافات ويقبضن}. 2 - تسخير الجو المناسب، وتزويد الطيور بأجهزة خاصة تمكنها من عملية الطيران، وهذا واضح في قول الله تعالى {ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء}. 3 - كيفية التغلب على قوى الجاذبية التي تحاول إسقاط الطيور، التي لا يمسكها أن تقع إلا الله كما قال سبحانه {ما يمسكهن إلا الرحمن}. 4- حث الإنسان على ابتكار آلات تساعد على الطيران وارتياد أعالي الجو، مثل الطائرات بأنواعها، كل واحدة منها تمثل نوعا من الطيور التي زودت بأشكال مختلفة، عندما نبهنا الله الخالق المصور سبحانه بقوله {ألم يروا إلى الطير...} وأن عملية الطيران آية من آياته سبحانه وتعالى التي تدل على أنه واحد لا إله غيره.
عالم الحيوان عالم كبير، يتشابه في أمور كثيرة مع عالم الإنسان، فهو يحتوي على أمم وجماعات متعددة، فليس هناك حيوان يعيش في باطن الأرض أو ظاهرها، ولا طائر يطير بجناحيه إلا خلقه الله ضمن جماعات وأمم {وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون} (الأنعام: 38)، ولكل أمة ميزاتها وخصائصها ونظام حياتها ما يجعلها تختلف عن غيرها، وهذا ما أثبته وأكده العلم الحديث، فالله سبحانه وتعالى خلق لنا الإبل والبقر والضأن والماعز لنتخذ من أصوافها وأوبارها وأشعارها ما نستدفئ به، ومن لحومها ما نأكله، وخلق الله الخيل والبغال والحمير لنركبها ونتخذ منها زينة، وخلق لنا الطيور على مختلف صورها، فمنها ما لديه القدرة على الطيران في الهواء، ومنها ما لا يستطيع الطيران مثل النعام، وقد ذكر الحق تبارك وتعالى العديد من الحيوانات في كتابه الكريم، بل إن بعض السور قد سميت بأسماء بعض الحيوانات مثل سور البقرة، والأنعام، والنحل، والنمل، والعنكبوت، والفيل، وقد أوضحت الآيات القرآنية أن خضوع هذه الأنعام للإنسان إنما هو بتسخير لها من الله عز وجل لنا وليس بقدرتنا. سبق القرآن الكريم وسائل العلم الحديثة كافة في الكشف عن حقائق علمية تتعلق بعملية الطيران، وألقى الضوء على الأجهزة والأنظمة التي خلقها الله سبحانه في جسم الطائر، وكيف استفادت الطيور من الجو المسخر بأمر خالقها، قال الله سبحانه وتعالى {أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ما يمسكهن إلا الرحمن إنه بكل شيء بصير} (الملك: 19) وقال سبحانه {ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء ما يمسكهن إلا الله إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون} (النحل: 79). تدل الآيات الكريمة على كمال قدرة الله تعالى وبديع صنعه وحكمته في خلق المخلوقات، فالله سبحانه وتعالى خلق الطير وزوده بالأدوات والعضلات التي تمكنه من الطيران، فجعل له جناحين يبسطهما ويقبضهما، ليتغلب بذلك على مقاومة الهواء والجاذبية الأرضية، وميزه عن غيره بالجسم والشكل والوزن، ليستفيد مما سخر الله سبحانه من طبيعة الجو فيسهل عليه خرقه ونفاذه فيه، فقال سبحانه {أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن} (الملك:19)، ونجد هنا مثلا في غاية الروعة والوصف الفني لنتفكر في خلق الطيور وندرسها دراسة نستفيد منها ونستدل من خلالها على خالق الكون ومدبره، فسبحان الذي يأمرنا بالتفكر والتدبر، ودراسة الأشياء بتبصر، فعندما ننظر إلى الطير في جو السماء نجدها تارة باسطة أجنحتها، وتارة نراها تقبضها، وقبض الجناح ضمه، والصف هو أن يبسط الطائر جناحيه دون أن يحركهما، وفي طيران الطيور آيات معجزات لم يفهم بعضها إلا بعد تقدم علوم الطيران ونظريات الحركة الهوائية، فكلمة {صافات} جاءت اسما لأنه يدل على الدوام والثبوت، ولأن أصل الحركة في الطيران صف الجناح (التحليق)، وهي تدل على سكون الأجنحة وعدم حركتها، فلا يكون الطيران بفعل الطير ذاته، بل بفعل التيارات الهوائية التي تحمله، وأكثر ما يثير العجب هو أن يمضي الطير في الجو بجناحين ساكنين حتى يغيب عن الأبصار، وقد كشف العلم عن أن الطيور الصافة تركب متن التيارات الهوائية المساعدة التي تنشأ إما من اصطدام الهواء بعائق ما أو من ارتفاع أعمدة من الهواء الساخن، فإذا كانت الريح هينة ظلت الأعمدة قائمة وصفت الطيور في أشكال حلزونية، أما إذا اشتدت الريح فتنقلب الأعمدة أفقيا وحينئذ تصف الطيور في خطوط مستقيمة بعيدة الرؤية، أما الفعل (يقبضن) فيدل على الحركة والتجدد، لأن القبض متجدد، فعبر عنه بالفعل، لأن الفعل يعبر عن التجدد والحدوث، فعندما يبسط الطير جناحيه ويقبضهما بشكل مستمر، تسمى هذه الحركات بالرفرفة، وبما أن الطيران في الهواء كالسباحة في الماء، والأصل في السباحة مد الأطراف وبسطها، قال الله عز وجل {صافات ويقبضن} فمن رحمة الله تعالى أنه ألهم الطير كيفية البسط والقبض لتنفعها، ولنربط السبب بالمسبب.
الهبات الإلهية للطيور لكي يقوم الطائر بعملية الطيران عليه أن يتغلب على قوة جذب الأرض، وأن تتحقق له عناصر مهمة منها خفة الوزن، ومتانة البناء، والعمل على زيادة قوته واندفاعه، وزيادة سطحه، ويتطلب الطيران أيضا وجود جناحين يدعمانه ويرفعانه في الهواء، مع علو كفاءة القلب ودورة الدم وجهازه التنفسي ودقة اتزانه وانسياب جسمه، وفيما يلي نعرض موجزا لهذه الهبات الإلهية: 1- شكل الطائر: وهب الخالق سبحانه وتعالى بناء تشريحيا وتكوينا هندسيا فريدا للطيور بأنواعها كافة، وذلك لمساعدتها على الطيران وحفظ توازنها وتوجيه أجسامها أثناء الطيران، إن الشكل الانسيابي لأجسام الطيور يحدده الهيكل العظمي الذي يلعب دورا مميزا في اختراق الهواء بأقل مقاومة ممكنة، فنجد أن عظم القص Breastbone أكبر حجما وأكثر بروزا في الطيور النشطة للطيران، ويسهم الريش إلى درجة كبيرة في زيادة سطح الطائر، وللجناحين شكل انسيابي في المقطع العرضي، ويمتاز السطح العلوي للجناح بكونه محدبا، بينما السطح السفلي مقعر، وهذا الاختلاف في الشكل يؤدي إلى زيادة الضغط أسفل الجناح مما يؤدي إلى دفع الطائر إلى الأعلى، وبما أن الطيران يتطلب جسما متماسكا فإن العظام تكون متصلة اتصالا تاما وثابتا، وتكون أغلب الفقرات ملتحمة. 2-خفة الوزن: وهي صفة هامة تحققت للطيور عن طريق عدة سمات منها: أ - وجود الريش: الذي يخفف الوزن النوعي للطائر، حيث يمتاز الريش بخفة وزنه وقوته ومرونته وقدرته على ضرب الهواء بكفاءة عالية، كما يساهم في المحافظة على درجة حرارة الجسم، والريش ينبت من طبقة الجلد الداخلية، ويبدأ تكوين الريش في الطيور أثناء النمو الجنيني داخل البيضة، ونمو الريشة يبدأ من الخارج إلى الداخل، ومن أعلى إلى أسفل، أي أن طرف الريش والشعيرات تنمو قبل قاعدة الريشة. ب - الهيكل العظمي: تمتاز العظام بخفة وزنها، خاصة في الطيور الكبيرة، وهذه مسألة مهمة وضرورية لتخفيف الوزن النوعي ومن ثم تمكينها من الطيران، يضاف إلى ذلك أن العظام الطويلة الكبيرة تمتاز بوجود فراغات هوائية أي مجوفة. ج - ضمور بعض الأعضاء الداخلية في بعض الطيور ووجود بعض العضلات القوية، فمثلا نجد اختفاء المثانة البولية في الجهاز البولي، ليتم التخلص من الفضلات البولية على صورة حامض البوليك، مما يقلل من كمية الماء اللازمة للإخراج، وعليه فالطائر ليس بحاجة إلى حمل كمية كبيرة من الماء، ولا يوجد في الأنثى سوى مبيض واحد فقط هو المبيض الأيسر، وتكوين البيض لا يحتاج إلى فترة زمنية طويلة فهي غير ملزمة بحملها. د - الجهاز التنفسي: خلق الله سبحانه وتعالى الطيور وزود جهازها التنفسي بتسعة أكياس هوائية تؤدي إلى زيادة الحجم وبالتالي تخفيف الوزن النوعي، ويعمل الجهاز التنفسي عند الطيور بشكل مختلف تماما عن الثدييات لأسباب منها الحاجة المفرطة للأوكسجين الذي يستهلكه الطائر، فعلى سبيل المثال تبلغ كمية الأوكسجين التي يحتاجها الطائر عشرين ضعفا بالنسبة للكمية التي يحتاجها الإنسان. الطيور تملك كمية كافية من الطاقة تساعدها على الطيران، حيث تتحول الطاقة المخزنة في الجسم إلى حركة، ولهذا السبب تتمتع الطيور بقوة كبيرة تساعدها على ارتياد الآفاق، من خلال ما سخر الله سبحانه وتعالى لها من الأعضاء لتتكيف مع ظروف الجو وطبيعته، وبما أن الطيران يستهلك الكثير من الطاقة، فقد خلقت الطيور بعضلات صدر قوية وقلوب كبيرة وعظام خفيفة. ولا تقف معجزة خلق الطيور عند أجسامها، فقد أوحى الخالق إلى كثير من الطيور اتباع طريقة معينة في الطيران تجعلها تخفض من الطاقة اللازمة لها، فمنها على سبيل المثال أن عظم القص الزورقي يهيئ لها سطحا كبيرا يساعد في وجود عضلات صدرية كبيرة وهي أساسية في عملية الطيران، كما يتمتع الطائر بجهاز عصبي يمتاز بتطورات خاصة في المخ والمخيخ الذي يلعب دورا مهما في تنسيق عمل العضلات المهمة بدورها لعملية الطيران وتأمين التوازن للطائر. أما جهاز التنفس عند الطيور فيكون أكفأ منه عند الثدييات، لأنه يرتفع في الجو، وكلما ارتفع عن سطح الأرض تقل نسبة الأوكسجين، الغاز الذي يتنفسه الطائر، وتقل درجة الحرارة، قال الله سبحانه وتعالى {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون} (الأنعام:125). فزودها الله تبارك وتعالى بأكياس هوائية تعمل على تشتيت كمية كبيرة من الحرارة الناتجة عن النشاط العضلي، فتبقى درجة حرارة الأعضاء الداخلية ضمن المعدل الطبيعي، مما يخفف من استهلاك الأوكسجين، كما جعلها سبحانه من ذوات الدم الحار لتحافظ على درجة حرارة ثابتة لأجسامها مما يجعلها قادرة على الاستمرار في نشاطها الحيوي لتتأقلم مع حرارة الوسط في أعالي الجو، والدورة الدموية سريعة وذات كفاءة عالية، كما زود دم الطيور بنسبة عالية من الجلوكوز للتزود بالطاقة المطلوبة، أما القلب فيتألف من أربع حجرات تفصل الدم المحمل بالأوكسجين (المؤكسد) عن الدم الذي لا يحمله (غير المؤكسد).
مم تتكون عملية الطيران؟ تتكون عملية الطيران من شكلين أساسيين هما: الأول: التحليق، قال الله سبحانه وتعالى {ألم تر أن الله يسبح له من في السموات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون} (النور:41). هذه العملية أخبر عنها القرآن الكريم في كلمة {صافات} التي تدل على سكون الأجنحة، لأنها جاءت اسما، والاسم يدل على الثبات والدوام كما ذكرنا سابقا، ولا تصرف الطيور كثيرا من طاقتها هباء، لأنها تستفيد مما سخر لها من التيارات الهوائية، فكذلك التحليق، فالطيور المحلقة لفترات طويلة مثل الطيور المهاجرة تكون ذات حجم كبير، وتتصف أجنحتها بسطح كبير وطول مناسب، لأن القدرة على التحليق تتناسب طرديا مع حجم الطائر، فكلما زاد الحجم زادت القدرة، وتحلق عادة هذه الطيور عندما تنشط التيارات الهوائية الصاعدة، وتستطيع أن ترتفع دون قبض جناحيها بركوبها، وعلى هذا فيطلق على استخدام الطائر التيارات الهوائية لتوفير الطاقة أثناء طيرانه التحليق، والعوسق هو أحد الطيور التي تتمتع بهذه القدرة، وللتحليق فائدتان، الأولى أنه يوفر الطاقة اللازمة للبقاء في الهواء أثناء البحث عن الطعام أو الانقضاض على فريسة أرضية، والثانية أنه يسمح للطائر بزيادة مسافة الطيران. الثاني: الرفرفة والتحليق، عملية الرفرفة تتم ببسط الجناح وقبضه كما جاء وصفها في قول الله تعالى {صافات ويقبضن} وغالبا ما تكون الطيور المرفرفة ذات حجم صغير، لأن سرعة الرفرفة تتناسب تناسبا عكسيا مع حجم الجسم، فكلما زاد الحجم قلت السرعة، فالطيور الكبيرة كالنسور مثلا ترفرف أجنحتها مرة كل ثانية تقريبا، والطيور متوسطة الحجم كالحمام تضرب بأجنحتها ثلاث مرات في الثانية، وفي الطيور الصغيرة كبعض العصافير الدورية تصل الرفرفة إلى 30 ضربة في الثانية، وتبلغ الرفرفة ذروتها في الطيور المغردة الصغيرة والتي لا يزيد حجم بعضها عن حجم الفراشة مثل الطنان لتصل ضربات الجناح إلى ما يزيد عن مائة ضربة في الثانية، وتصرف هذه العملية طاقة كبيرة، وللإنصاف العلمي نذكر هنا العالم المسلم عباس بن فرناس الذي فهم معنى الآية الكريمة وحاول التطبيق، فدرس الطير، وعلم كيفية الطيران، وكان أول من حاول الطيران عندما غطى جسمه بالريش وصنع له جناحين كبيرين وطويلين، وعندما ألقى بنفسه من أعلى الجبل طار قليلا ثم سقط لأنه لم يضع الذيل الذي من شأنه حفظ التوازن، وكان مصرعه بعد هذه المحاولة.
أوجه الإعجاز 1 - الدقة في اللفظ القرآني من خلال التعبير عن التحليق بكلمة {صافات} وعن الرفرفة بقول الله تعالى {صافات ويقبضن}. 2 - تسخير الجو المناسب، وتزويد الطيور بأجهزة خاصة تمكنها من عملية الطيران، وهذا واضح في قول الله تعالى {ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء}. 3 - كيفية التغلب على قوى الجاذبية التي تحاول إسقاط الطيور، التي لا يمسكها أن تقع إلا الله كما قال سبحانه {ما يمسكهن إلا الرحمن}. 4- حث الإنسان على ابتكار آلات تساعد على الطيران وارتياد أعالي الجو، مثل الطائرات بأنواعها، كل واحدة منها تمثل نوعا من الطيور التي زودت بأشكال مختلفة، عندما نبهنا الله الخالق المصور سبحانه بقوله {ألم يروا إلى الطير...} وأن عملية الطيران آية من آياته سبحانه وتعالى التي تدل على أنه واحد لا إله غيره. |
|