منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 تحضير الأرواح وعلاقته بالسحر، وآثارهما الاجتماعية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70029
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

تحضير الأرواح وعلاقته بالسحر، وآثارهما الاجتماعية Empty
مُساهمةموضوع: تحضير الأرواح وعلاقته بالسحر، وآثارهما الاجتماعية   تحضير الأرواح وعلاقته بالسحر، وآثارهما الاجتماعية Emptyالجمعة 20 مايو 2016, 8:47 am

  مقدمة

      تحضير الأرواح عالمٌ لا بد من تناوله، في إطاره العام، باعتباره ممارسة لنوع من السحر. وهو عالم  له مصطلحات محددة، وظروف تاريخية معقدة من الصعب الإلمام بكل أطرافها. ومن ثمّ فإن البحث في هذا الموضوع يمكن أن يقسّم إلى ما يلي:

أ. المصطلحات والمفاهيم.

ب. السحر وتحضير الأرواح في المجتمعات البشرية، ووظائفه الاجتماعية.

      وسوف يعالج البحث هذه القضايا من خلال ما كُتب في التراث العالمي، خاصة الموسوعات العالمية، وما ورد عن تحضير الأرواح والسحر في بعض الأدبيات العربية والإسلامية.

 


أولاً: المصطلحات والمفاهيم
1 . المصطلحات:

      ارتبط عالم السحر وتحضير الأرواح بعدد من المصطلحات والمفاهيم، وفي إيجاز نورد بعضاً منها في الآتي:
* الرُّوحاني:

جاء في لسان العرب: الرّوح: النَّفْس والجمع أرواح. والرّوح: ما يقوم به الجسد وتكون به الحياة. قال تعالى: ) وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً( (الإسراء:85).

والرُّوحانـي: (بضـم الراء) من الخلق: نحو الملائكة والجن، ممن خلق الله روحاً بغير جسد، نسبة إلى الروح والجمع روحانيون. وروي بفتح الراء (الرَّوحاني) نسبة إلى الرَّوْح وهو نسيم الريح. يريد أنهم أجسام لطيفة لا يدركها البصر. أما ذوو الأجسام فلا يقال لهم روحانيون.
* الشيطان

      أطلق وصف الشيطان على كل أمر غريب عجز الناس عن إيجاد تفسير علمي أو منطقي أو واقعي له، ولهذا عرف المثل القائل: ما غريب إلا الشيطان؛ فنجد مثلاً، جزيرة الشيطان[1]، والشجرة الشيطانية، والسمكة الشيطان، وجبل الشيطان، وعقبة الشيطان، وغابة الشياطين، وأرض الشيطان، ووادي الشياطين، وبحيرة أو بركة الشيطان، ومثلث الشيطان[2]، وبرج الشياطين، وقلعة الشياطين، وزهرة الشيطان. وهناك بيوت الشياطين، ومدن الشياطين ويقصد بها الأماكن الخربة أو المهجورة، التي ساد الاعتقاد أنها مأوى للشياطين لخلوها من الناس والحياة. وفي الإسلام، فإن الشيطان قوى خفية توحي للإنسان بفعل الشر، والوسواس الخناس هو الشيطان أو من فعل فعله من الناس، قال تعالى: )قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ(،(الناس: 1-6)  وقال تعالى: )وَلاَ تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ( (الأنعام: 121).

      تعريف الشيطان لغة: جاء في لسان العرب: الشَّطن: الحبل، وقيل الحبل الطويل الشديد الفتل يُستقَى به، وتشد به الخيل. وشطن عنه، بَعُدَ، وشطنت الدار: بعدت. وبئر شَطَون: بعيدة القعر. وشطن عنه بَعُد، واُشطنه: أبعده. والشاطن: البعيد عن الحق. والشّطن: مصدر شطنه يشطنه شطناً: خالفه عن وجهه ونيته. والشيطان: حية لها عرف. والشاطن: الخبيث. والشيطان: كل عاتٍ متمرد من الجن والإنس. وتشيطن الرجل وشيطن إذا صار كالشيطان وفعل فعله.

      ورد لفظ الشيطان في القرآن الكريم، مفرداً ومجموعاً، في ثمانية عشر موضعاً، عدا المواضع التي ذكر فيها الجنّ والجِنّة، وبها يراد "الشيطان" مفرداً ومجموعاً. ومما يلحق بالشيطان إبليس، وهو من الجن، بل "أبو الشياطين" والمحرك لهم لفتنة الناس وإغوائهم قال تعالى: )وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ( (الكهف: 50).

      وقد أطلق القرآن على إبليس[3] اسم الشيطان في مواضع كثيرة، قال تعالى: )فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ( (الأعراف: 20).

      وقد يُراد بالشيطان كل شرير مفسد داع للبغي والفساد من الجن والإنس؛ كما في قوله تعالى: )وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا( (الأنعام: 112).

      وقد عرفت بعض المجتمعات ما يسمونه "عبادة الشيطان". وهي عبادة للأرواح الشريرة، ومن هذه المجموعات طائفة دينية برازيلية، تعبد الأرواح الشريرة الشيطانية، اعتقاداً من اتباعها أن هذه الأرواح ستلحق الضرر بأعدائهم.

      وهناك، أيضاً، حركة دينية قليلة الأتباع، معادية للنصرانية، في أوروبا وفي أمريكا الشمالية أتباعها من عبدة الشيطان. وتجمع هذه الحركة في طقوسها بين عناصر من السحر وأعمال الشعوذة، ولهم عيد سنوي، يطلقون عليه "المحفل الأسود"، ينعقد في يوم 31 أكتوبر من كل عام. ويؤدون فيه شعائر مناهضة للمسيحية، ويمجدون الشيطان في صلواتهم.

      وهناك جماعات أخرى من عبدة الشيطان، لهم أربعة أعياد في السنة. فيجعلون لكل فصل من فصول السنة، احتفالاً خاصاً به.

      ومصطلح "عبدة الشيطان" يطلقه أتباع كل حركة أو معتقد على من يخالفون عبادتهم، عندما يعتقد أصحاب هذه الحركة أو المذهب إنهم هم وحدهم الذين يمثلون الحقيقة المطلقة أو العبادة الصحيحة الخالصة. كما أن بعض الناس يطلقون مصطلح "عبادة الشياطين" على عبادات أو طقوس قد يسيئون تفسيرها، فهناك مثلاً بعض الجماعات التي تظن أنها تقدم هدايا للشياطين لتهدئ من غضبها، فيُفسر ذلك على أنه عبادة لها.

      وهناك طائفة تسمى "اليزيدية"[4] في الشرق الأوسط يعبدون "إبليس"، ويعتقدون أن إبليس عصى الله حفاظاً على كبريائه بوصفه سيد الملائكة ورئيسهم، فكيف يسجد لآدم عليه السلام؟ وقد غضب الله على إبليس وأنزله من الجنة إلى الأرض، بسبب هذه المعصية
* الشـبح

      جاء في لسان العرب: الشبح: ما بدأ لك شخصه من الناس وغيرهم من الخلق والجمع أشباح وشبوح. وشبح لك الشيء: بدأ. وشبح يديه يشبحهما: مدّهما.

      ووفقاً لتقاليد محضري الأرواح، فإن الشبح أو الطيف يقصد به روح الميت التي تزور الأحياء. ومع أنّ معظم الناس لا يعتقدون في وجود الأشباح، إلاّ أن الروايات عنها أو الزعم بمشاهدتها أمر شائع طوال التاريخ، خاصة خلال الحقب القديمة، والقرون الوسطى، أكثر من عصرنا الحاضر.

      ويجد معظم الناس متعة في قصص الأشباح، وهناك الكثير من الأعمال الروائية والقصصية والمسرحية والسينمائية والشعرية عن الأرواح والأشباح. وفي أكثر القصص والروايات والتقارير التي يرويها الناس عن الأشباح، فإنها تظهر في صورة من صور حياة الميت، كالزيّ الذي يميزه عن الآخرين، أو في الصورة التي كفن بها ودفن، أو الصورة التي قتل فيها.

      ويوصف ظهور الأشباح عادة في صورة أسطورية شفافة، تبدو في شكل ضوء أو ظل أو طيف هلامي، أو ملاءة بيضاء سابحة في الهواء، تشبه جسماً غير واضح المعالم. ويتنقل الشبح بانسياب، وكأنه سائر في الهواء وأقدامه لا تلامس الأرض، ويخترق الحجب والأبواب والنوافذ. وقد يظهر الشبح بصورة مرعبة مخيفة كهيكل عظمي. ومعظم الأشباح التي قُتلت، عندما تظهر من أجل الانتقام، إنما تظهر في مسرح الجريمة نفسه التي ارتكبت ضدها، وبالزي الذي قتلت فيه أو دفنت به. والشبح الذي يتعقب قاتله أو يطارده، تصدر عنه غالباً أصوات غريبة ومفزعة، تجعل الأبواب تفتح وحدها، أو تتحرك الأشياء والأواني من تلقاء نفسها. ومن الصور البشعة المخيفة للأشباح الانتقامية أشباح مصاصي الدماء، الذين تطلق عليهم مسميات "الوطواط مصاص الدماء". ومن أشهر الأعمال الأدبية في هذا الصدد رواية "دراكولا"[5]. وواضح أن هذه الصور والأوصاف للأشباح كلها من نسيج الخيال، ولا أساس لها من الواقع.

      ومن المعتقدات الخاصة بظهور الأشباح، أن ظهورها مرتبط بأخذها للثأر، وإلحاق الضرر بمن اعتدى على صاحب الشبح أثناء حياته. فالشبح هو روح القتيل التي  تطارد القاتل، وتحاول كشف سر جريمته التي تمكن من اخفائها عن الآخرين. وقد شاع هذا التفسير في الأدب ، فنجده في مسرحيتي "هاملت"[6]"  Hamlet" و"مكبث"[7] "Macbeth"، وفي بعض الأعمال الأدبية الأخرى كأعمال تشارلز ديكنز[8] Charles Dickens ، إذ تظهر أشباح صديقة مسالمة.

      وللأشباح صلة وثيقة بتحضير الأرواح، فهي، في معظم ما يروى عنها، تأتي من عالم الأموات دون أن يتم استدعاؤها، إلا أنها في بعض الحالات ربما استُدعيت عن طريق وسيط من محضري الأرواح.

      ولا تظهر الأشباح كيفما اتفق، ولكنها تظهر في مواصفات متطابقة مع مواصفات بيئة تحضير الأرواح وظروفها. فهناك أشباح مرتبطة بالظلام والليل، أو الأضواء الباهتة أو المعتمة، وهذا هو الغالب، وتنهي زيارتها بانبثاق الفجر. بينما هناك بعض الأشباح، التي قد ترفض مغادرة المكان الذي ظهرت فيه.

      وقد جعل الخوف من ظهور الأشباح، كثيراً من الشعوب تخشى عودة روح الميت. لذلك يراعون في دفن الأموات ممارسة عادات وطقوس جنائزية صارمة، حتى يضمنوا، أو يتأكدوا، أن روح الميت لن تعود لمطاردتهم إذا قصروا في تأدية هذه الطقوس أو الشعائر.
* القرين

      القرين في اللغة: المصاحب. وفي الحديث: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: )مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إلاّ وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنْ الْجِنِّ. قَالُوا: وَإِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: وَإِيَّايَ إِلاّ أَنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ، فَأَسْلَمَ فَلا يَأْمُرُنِي إِلاّ بِخَيْرٍ( (رواه مسلم). وقال تعالى: )قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ( (ق: 27). )وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيد( (ق: 23). وقد ورد في تعاليم كثير من الأديان أن كل شخص يولد ومعه قرين، وهو روح ملازمة له. وأمّا قرناء السوء المصاحبون للسحرة، فقد يتشكلون في صور حيوانات على وجه العموم، وصورة هر أسود على وجه الخصوص. ومما يؤكد ذلك أن معتقدات بعض الشعوب، تزعُم أن هذا القرين، الذي تشكل في صورة الحيوان، إذا لحقت به جروح أو أضرار وهو في صورة الحيوان، فإن هذه الجروح ستلحق بصاحبه (وهو في الغالب ساحر)، عندما يعود إلى صورته الإنسانية.
* الجِن[9]:

      بالكسر ولد الجان، وهم نوع من العالم سَمّوا بذلك لاجتنانهم (أي استتارهم) عن الأبصار، ولأنهم استجنوا من الناس فلا يرون، والجمع جنان، وهم الجِنّة. وفي التنزيل: )وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُون( (الصافات: 158).. والجن خلاف الإنس، والواحد جني، وسُميّت بذلك لأنها تخفى ولا ترى. ويُسمى من خبُث من الجن وتمرد، شيطاناً، ومن تطهر منهم فهو ملَك. وقيل: الجن بعض الروحانيين، ذلك أن الروحانيين ثلاثة أنماط: أخيار، وهم الملائكة، وأشرار، وهم الشياطين، وأوساط، أخيار وأشرار، هم الجن. وقال بعضهم: وتفسير الجن بالملائكة مردود، إذ خَلْقُ الملائكة من نور لا من نار كالجن، والملائكة معصومون لا يتناسلون، ولا يتصفون بذكورة ولا أنوثة بخلاف الجن، وفي القرآن الكريم قالت الجن: )وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا (14) وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا( (الجن: 14-15). والمارد: من الجن والشياطين هو العاتي الشديد المنكر.

      والجن كائنات خفية لها القدرة على اتخاذ أشكال متعددة. وقد ذكر القرآن أن الله خلق الجان من نار، وفي القرآن سورة تسمى الجن، لأن محورها يدور حول الجن، تتحدث السورة عن انقسام الجن إلى مؤمنين وكفار، كما تتحدث عن استماعهم للقرآن ودخولهم في الإيمان. قال تعالى: )قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْءَانًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا( (الجن: 1-2).

      ووجود الجن ثابت بالكتاب والسُنة واتفاق سلف الأمة، وكذلك دخول الجن في بدن الإنسان ثابت باتفاق أهل السنة، وهو أمر مشهور ومحسوس لمن تدبره في قوله تعالى واصفاً آكل الربا: )الذين يأكلون الربا لا يقومون إلاّ  كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَس( (البقرة: 275). وقوله صل الله عليه وسلم: )إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ الإنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ( (البخاري، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه، وأحمد، والدارمي).

      ويرى الإمام ابن تيميه[10] أن بعض الخوارق من الكشف ـ أي الإخبار بالمستقبل ـ وغيره قد تصدر من الكفار والسحرة بمؤاخاتهم للشياطين. فقد ثبت عن الدجال[11] إنه يقول للسماء امطري فتمطر، وللأرض انبتي فتنبت، وإنه يقتل واحداً ثم يحيه، وإنه يُخْرج خلفه كنوز الذهب والفضة، كما ورد في حديث الرسول صل الله عليه وسلم عن الدجال.
2. المفاهيم
* السِّحر

      جاء في لسان العرب: السحر عمل تُقُرِّب فيه إلى الشيطان، وبمعونة منه، ومن السحر الأخْذَة، التي تأخذ العين، حتى يظن الإنسان أن الأمر كما يُرى، وليس الأصل على ما يرى. والسحر: الأخذة. وكل ما لَطُفَ مأخَذْه ودق، فهو سحر، والجمع أسحار، وسحور. ورجل ساحر من قوم سحرة، وسُحّار، وسَحّار من قوم سحّارين. وأصل السحر: صرف الشيء عن حقيقته إلى غيره، فكأن الساحر لما أرى الباطل في صورة الحق وخيّل الشيء على غير حقيقته، قد سحر الشيء عن وجهه أي صرفه.

      والعرب إنما سمت السحر سحراً لأنه يزيل الصحة إلى المرض. والسِّحر البيان في فطنة، صدقا أو كذباً، حتى يأخذ بألباب السامعين فكأنه يسحرهم.

      والساحر هو الشخص الذي يتلقى قوة من أرواح شيطانية شريرة خارقة، سواء كان رجلاً أو امرأة. والسحرة أشخاص لديهم قوى روحانية، تمكنهم من تحقيق أغراضهم، وهم الذين يمارسون تحضير الأرواح، وهو عملٌ يزاوله الرجال والنساء، ولكن معظم من يزاولونه من النساء، وإِن كان أشهر من برع فيه هم من الرجال.

      ويقال إن لنفوس السحرة خاصية الإطلاع على المغيبات بقوى شيطانية، قال تعالى في سورة الجن على لسانهم: )وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا( (الجن:9). والنفوس الساحرة على مراتب ثلاث:

      فأولها المؤثر بالهمة فقط من غير واسطة ولا معين، وهذا هو الذي تسميه الفلاسفة "السحر". والثاني بمعين من مزاج الأفلاك أو العناصر أو خواص الأعداد، ويسمونه "الطلسمات"، وهو أضعف رتبة من الأول. والثالث تأثير في القوى المتخيلة، فيتصرف فيها بنوع من التصرف، ويلقى فيها أنواعاً من الخيالات والمحاكات مما قصده من ذلك، ثم يُنْزلها إلى الحس من الرائين بقوة نفسه، فينظر الراؤون إلى هذه الخيالات والمحاكات وكأنها موجودة وجوداً حسياً ملموساً في الخارج.

      ويسمى هذا النوع عند الفلاسفة "الشعوذة"[12] أو "الشعبذة". وتكون هذه الخاصية في الساحر بالقوة (أي موجودة فيه بالفطرة)، وإنما تخرج إلى الفعل بالممارسة. ومن هذا النوع في السحر ما حكاه القرآن في قصة سيدنا موسى مع سحرة بني إسرائيل، حين خُيل إلى موسى أن حبالهم وعصيهم كأنها حيات تسعى، فكان الرد المناسب لسحرهم معجزة حقيقة تُبطل سحرهم وتكشف عجزهم. فتحولت عصا موسى إلى حية حقيقية، ليس تخيلاً أو سحراً، التهمت كل الحبال والعصى المسحورة على هيئة حيات. قال تعالى: )فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (38) وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ (39) لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ (40) فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (41) قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (42) قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ (43) فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ (44) فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ( (الشعراء: 38-45).

      ويجمع علماء المسلمين على وجود السحر وأنه لا مرية فيه، وقد نص القرآن الكريم عليه. قال الله تعالى: )وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنْفَعُهُمْ ( (البقرة: 102).

      وقد سُحِر رسول الله، r، سحره اليهود. يقول ابن خلدون: "... وجُعل سحره في مشط ومشاقة وجُفِّ طلعةٍ، ودفن في بئر ذروان. فأنزل الله عز وجل عليه في سورة الفلق: "ومن شر النفاثات في العقد"، قالت عائشة رضى الله عنها، "كان لا يقرأ على عقدة من تلك العقد التي سحر فيها إلا انحلت..".

      ويقول ابن خلدون[13] إنّ معجزات الأنبياء بإمداد من روح الله والقوى الإلهية، لذلك لا  يُعارضها شيء من السحر. فوجود المعجزة يكون لصاحب الخير وفي مقاصد الخير، والتحدي بها على دعوى النبوة. وللأولياء أصحاب الكرامات تأثير أيضاً في أحوال العالم، وهو فعلٌ ليس معدوداً من جنس السحر، وإنما هو بالإمداد الإلهي، لأن طريقهم ونحلتهم من آثار النبوة.

      والساحر ـ عادة ـ يأتي السحر من لدن نفسه وبقوته النفسانية، وبإمداد الشياطين في بعض الأحوال. ويكون السحر ـ غالباً ـ في أفعال الشر، مثل التفريق بين الزوجين، والإضرار بالناس مثلاً. فالساحر عند علماء المسلمين لا يصدر عنه الخير، ولا يستعمل سحره في أسباب الخير.

      وعلوم السحر: هي اعتقاد بأن الغايات يمكن تحقيقها من خلال قوى روحية، يختص بها الساحر نفسه من خلال ما يؤديه من طقوس وشعائر. فالعلاقة السببية ليست بين الظواهر الطبيعية، ولكن بينها وبين الساحر، الذي يستطيع أن يتحكم في الظاهرة، من خلال أفعاله المنضبطة بإتقان شديد، سواء كانت في قول كلمات أو أداء أفعال.

      وتعدُ معارف السحر والطلسمات في التراث العربي الإسلامي، علوماً (أو ممارسات) تستطيع النفوس البشرية أن تؤثر بها في عالم العناصر، سواء بغير معين من الأمور السماوية، وهو من السحر، أو بغير معين، وهو الطلسم،  وهو، في علم السحر، خطوط وأعداد يزعم كاتبها أنه يربط بها روحانيات الكواكب العلوية بالطبائع السفلية، لجلب محبوب أو دفع أذى. وهو لفظ يوناني لكل ما هو غامض مبهم، كالألغاز والأحاجي. ويُقال: فكّ طلسمه أو طلاسمه: وضّحه وفسَّره. والجمع طلاسم.

      يقول ابن خلدون: "السحر اتحاد روح بروح، والطلسم اتحاد روح بجسم، ومعناه عندهم ربط الطبائع العلوية السماوية بالطبائع السفلية، والطبائع العلوية هي روحانيات الكواكب، والساحر عندهم غير مُكتسب لسحره، بل هو مفطور عندهم على تلك الجِبلة المختصة بذلك النوع من التأثير. والفرق عندهم بين المعجزة والسحر، أن المعجزة قوة إلهية تبعث على النفس ذلك التأثير".

      ويضيف: "ولمّا كانت هذه العلوم مهجورة عند الشرائع لما فيها من الضرر، ولِما يُشتْرط فيها من الوجهة إلى غير الله، من كوكب أو غيره، كانت كتبها كالمفقودة بين الناس، عدا ما وجد في كتب الأقدمين فيما قبل نبؤة موسى -عليه السلام- مثل النبط[14] والكلدانيين[15]. وكانت هذه العلوم في أهل بابل[16] من السريانيين والكلدانيين، وفي أهل مصر من القبط[17] وغيرهم، وكان لهم فيها التأليف والآثار ولم يترجم إلى العربية من كتبهم فيها إلا القليل، فأخذ الناس منها هذا العلم وتفننوا فيه، ووضعت بعد ذلك كتب مثل "مصاحف الكواكب السبعة" وكتاب "طمطم الهندي" في "صور الدرج والكواكب" وغيرها.

      ثم ظهر بالمشرق العربي "جابر بن حيان"[18]، الذي اهتم بهذه العلوم، خاصة (الكيمياء) لأنه من توابعها. فإحالة الأجسام النوعية من صورة إلى أخرى، إنما يكون بالقوة النفسية لا بالصناعة العملية، فهو من قبيل السحر، كما كان يعتقد بعض علماء المسلمين في "الكيمياء"، ولذلك حرّموا الاشتغال بها.

      وعَقِب جابر بن حيان، ظهر مسلمة بن أحمد المجريطي[19]، إمام أهل الأندلس في التعاليم والسحريات. فلخص جميع تلك الكتب، وهذّبها وجمع طرقها في كتابه الذي سماه "غاية الحكيم". ويذكر ابن خلدون أن الإمام الفخر الرازي[20] وضع كتاباً في السحر، سماه "السر المكتوم"، وكان أهل المشرق يتداولونه.
* أنواع السحر

      يُقسّم بعض الدارسين السحر إلى نوعين: سحر أسود، وسحر أبيض. فالسحر الأسود هو الذي يلحق الضرر بالناس، أما السحر الأبيض فهو السحر الذي يساعدهم. ويُمارس أكثر السحر في الغالب، لإلحاق الضرر بالآخرين، لذلك فأكثره "سحر أسود". ومن أنواع السحر:

*  سحر المحاكاة: لون من ممارسة السحر يُقلد فيه السّحرة نوع الفعل الذي يرغبون في حدوثه. فالمتشابه ينجم عنه شبيهه أو مثيله. فإذا أرادوا الصيد، قلدوا ذلك بنصب دُمية للحيوان المراد صيده، ثم يرمونها ويصيدونها، أي يقلدون فعل الصيد حقيقة، ويمارسونه من خلال صيد دمية الحيوان المنصوبة. وإذا أرادوا إلحاق ضرر بشخص ما، جعلوا له دمية تمثله، ومارسوا عليها ما يشاءون، كأن يجرح الساحر الدمية أو يطعنها بآلة حادة، أو بحرقها أو يدمّرها، فتنتج عن ذلك آلام مبرّحة تعاني منها الضحية المراد إيذاؤها، وقد يتسبب ذلك في موتها. كما أن الرُقى التي يرددها الساحر، قد تلحق آلاماً مبرحة بالضحية. وقد يصوّر الساحر أو يجسّد صورة الشخص المراد سَحْره بخواص أو أشياء مقابلة لِما نواه، تكون موجودة في المسحور، من أسماء وصفات مثلاً، ثم يتمتم بكلمات على تلك الصورة أو الدمية التي أقامها مقام الشخص المراد سحره، ثم ينفث الساحر من ريقه على الصورة أو الدمية مع تكرير تلك الكلمات أو الهمهمات، فتخرج منه روح خبيثة مع النفخ، توقع بالشخص المسحور ما يحاوله الساحر، كما يُعتقد. وبداهة أن كل ما يصيب الإنسان ـ من خير أو شر ـ إنما هو مقدر من عند الله، قال تعالى: )قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا( (التوبة: 51).

* سحر الرموز: يُعتقد في هذه الممارسة من السحر، أن أخذ شيء يخص الشخص المراد سحره، يُعين الساحر في التأثير على هذا الشخص. فأخذ خصلة من شعره، أو قلامات من أظافره، أو خرقة من ثوبه، قد تجعل منه أسيراً لأعمال السحرة، يلحقون به الضرر لفترة تطول أو تقصر من الزمان.

* عين الحســود: يخشى كثير من الناس العين الشريرة، خاصة عين الساحر أو العائن لأنها قادرة على جلب الضرر للضحية عند النظر إليها.وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم: )ومن شر حاسد إذا حسد( (الفلق: 5) والإصابة بالعين، كما يرى علماء المسلمين، هي تأثير من نفس عين المُعيان (الساحر بالعين)، عندما يستحسن بعينه شيئاً من الذوات أو الأحوال، ويفرط في استحسانه. وتنشأ من ذلك الاستحسان رغبة العائن في سلب ذلك الشيء مِمَن اتصف به، فيؤثر فساده. والإصابة بالعين جِبلة فطرية لدى بعض الناس، وقد يكون تأثيرها رغماً عن صاحبها، فهي ليست دائماً مما يريده الإنسان أو يقصده، كما أنها أمرٌ لا يملك أن يتحاشاه أو تمنعه نفسه عنه، وإنما هو مجبور في صدوره عنه. وهناك من يعتقد أن لبعض الناس قوة أو تأثيراً بالنظر، يحيل الأشياء إلى غير صورها أو جنسها أو نوعها. فعند نظرهم إلى الأشياء قد نجدها تتحرك، أو الناس يتساقطون، وكأنهم صرعى. وقد ورد عن أسطورة "ميدوزا" في الأساطير اليونانية، أن تأثيرها ونظرتها كانت تجمد، أو تحول كل حيّ متحرك إلى حجر، أي تسلبه روحه.

*  الحــواة: يعد فعل الحواة ضربٌ من السحر، يعرف بـ  "الأُخْذةُ"، التي تأخذ العين حتى يُظن الإنسان أن الأمر كما يُرى، وليس الأصل على ما يُرى. وأفعال الحواة أو "الطلسمان" يقصد بها التسلية، فقد يستطيع الحاوي أن يلتقط أوراق عملات من الهواء، أو يحول حبة واحدة من البرتقال إلى ثلاث حبات. كما أنهم قد يستطيعون قراءة ما يدور في أذهان المشاهدين من أفكار. وكل ما يفعله الحواة في غالب الأحوال، أداء حركات وحيل تصرف انتباه المشاهدين عن التركيز على موضوعات وأفعال، غير التي يريدون القيام بها حقيقة.

      ولعل سحرة فرعون كانوا من الحواة حين سحروا أعين المشاهدين، قال تعالى: )قَالُوا يَامُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى (65) قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (66) فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى (67) قُلْنَا لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى (68) وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (69) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا ءَامَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى ( (طه: 65-70). قال ابن كثير، في تفسيره، إن السحرة جعلوا في حبالهم وعصيهم مادة الزئيق، فكانت تتحرك وتضطرب وتميد حتى يُخيل للناظر أنها تسعى باختيارها.
* شعائر السحرة وطلاسمهم

      عندما يمارس الساحر عمله، فإن ما يفعله من سحرٍ تصاحبه بعض الهمهمات، أو الكلمات، أو الأصوات، أو الحركات ذات الدلالات الخاصة. فإن كان يريد هطول المطر، مثلاً، رشّ الماء على الأرض مقلداً هطول المطر، مردداً كلمات وتعاويذ، وربما أدى رقصات معينة. وهذه التعاويذ السحرية قد يمثل بعضها عبادة الشيطان، أو الأرواح، أو أي قوى شريرة أخرى. وفي كثير من المجتمعات يعتقد الناس أن مفعول السّحر لن يكون مؤثراً، ما لم يردد الساحر هذه الرقى والتعاويذ، بصورة متقنة تمام الإتقان. وقد لا يكون لهذه الرقى أي معنى ظاهري، ومع ذلك يفترض أن لها قوى خارقة عندما يرددها السحرة، كقولهم "هاروش ماروش"، "شخارم بخارم"، ويُعتقد أن لمثل هذه الكلمات أو الحروف سلطانها وسحرها، وبذلك فإن الساحر عندما يرددها فكأنه يستمد من قوة اللفظ القدرة على الفعل.

      وقد يردد الساحر اسم الشخص المراد إلحاق الضرر به، مصحوباً ببعض الرقى والأفعال. ولذلك توجد بعض المجتمعات التي لا يبوح فيها الأشخاص بأسمائهم الحقيقية، خوفاً من أن يلتقطها خصومهم فيسلطون عليهم السحرة.

      وقد يُحيط الساحر نفسه بعدد من المحظورات، عندما يزاول سحره أو قبل مزاولته بقليل (أو طوال حياته)، كالامتناع عن تناول طعام، أو شراب معين، أو الامتناع عن المعاشرة الزوجية،  قبل أداء طقوسه.

ويستخدم السحرة مجموعة من المواد المختلفة في ممارسة عملهم، مثل حجارة خاصة، أو نباتات معينة، أو مسحوق عظام أو أسنان، أو جلود حيوانات وزواحف وأسماك وطيور، أو ريشها، أو رممها كاملة، أو أجزاء منها أو من مخلفاتها، حتى عظام الموتى من الآدميين أو جماجمهم. ويعتقدون أن لهذه الأشياء قوى سحرية خارقة. وكثير من الناس قد يحملون مثل هذه الأشياء، كتمائم أو رقي حماية لأنفسهم من الأرواح الشريرة.

 

[1] جزيرة الشيطان: إحدى (جزر السلامة) وهو مصطلح يطلق على ثلاث جزر في المحيط الأطلسي، وهي (جزر رويـال) و(جزيرة جوزيف) و(جزيرة الشيطان)، تقع هذه الجزر الثلاث على بعد 11 كم تجاه ساحل جيانا الفرنسية ، وقد كانت جزيرة الشيطان حتى عام 1938 موطناً ينفي إليه الفرنسيون مجرميهم، يبلغ طول الجزيرة 1200 متر، وعرضها 400 متر.

[2] مثلث الشيطان (مثلث برمودا): منطقة في المحيط الأطلسي مجاورة للساحل الجنوبي الشرقي لولاية فلوريدا بالولايات المتحدة الأمريكية. اختفت فيها كثير من السفن والطائرات. يغطي المثلث نحو 1.140.000 كيلو متر مربع، ويحده خط وهمي يبدأ من نقطة قرب ملبورن بفلوريدا مروراً ببرمودا ثم بورتريكو لينتهي بفلوريدا مرة أخرى. اختفت في هذا المثلث أكثر من خمسين سفينة وطائرة تحت ظروف خفية، ولم يرسل إشارات الاستغاثة سوى عدد قليل من قادة هذه السفن أو الطائرات، وقلما يجد فريق الإنقاذ جثثاً أو أحياء على الرغم من استخراج أجزاء من حطام المركبات في كثير من حوادث الاختفاء.

[3] جاء في لسان العرب: الإبلاس: القنوط وقطع الرجاء من رحمة الله. يقال: أبلس الرجل من رحمة الله، أي: يئس وندم. ومنه سمي إبليس ـ وكان اسمه عزازيل ـ لأنه أَبْلِس من رحمة الله. والإبلاس: الإنكسار والحزن، يقال: أبلس فلان إذا اسكت غماً. ابن منظور، مادة: بَلَسَ.

[4] اليزيدية: فرقة دينية ضالة يتوزع أتباعها في العراق وتركيا وسورية وأرمينيا والقوقاز وأجزاء من إيران. يرى بعض المؤرخين أن اليزيدية مشتقة من النصرانية ومتأثرة بعض الشيء بالإسلام وبعض ديانات الشرق الأدنى. ويعتقد اليزيديون أن الله خلقهم على حدة وبمعزل عن سائر البشر وأنهم لا ينحدرون من آدم. وينكرون وجود الشر والإثم والجحيم والشيطان (الذي يزعمون أنه تاب وأن الله قبل توبته، وردّ إليه اعتباره بوصفه كبيراً للملائكة ومن هنا نشأ الاعتقاد بأنهم عبدة الشيطان

[5] دراكولا، رواية للكاتب الإنجليزي برام ستوكر، تعدّ من أشهر روايات عالم الأشباح على مدى العصور. أهم شخصيات الرواية، هو الكونت دراكولا من منطقة ترانسلفانيا في رومانيا، وهو رجل شرير ينتمي إلى طبقة النبلاء. هذه الشخصية شبح لميت يعود إلى الحياة، ويتجول ليلاً، ليهاجم الناس ويمتص دماءهم. نشرت الرواية عام 1897، وذاعت شهرتها في السينما حيث تحولت إلى العديد من الأفلام مثل الشبح نوسفيراتو (1922)، ودراكولا (1931

[6] هاملت (1600 ـ 1601م): مسرحية للشاعر المسرحي الإنجليزي وليم شكسبير، في هذه المسرحية يتفجّع الأمير هاملت بحرقة بالغة على فقد والده، ويبدي امتعاضه من زواج أمه للمرة الثانية من عمه كلوديوس، الذي خلف والده على العرش، ويظهر للأمير شبح والده فيخبره بأن عمه كلوديوس قتله، ويطلب من هاملت الانتقام منه. يفكر هاملت ملياً في أمر تصديق الشبح. ويقرر أن تقوم مجموعة جوالة من الممثلين بتمثيل قصة تشبه أحداثها مقتل والده، أمام كلوديوس، حيث يقود ذلك إلى انفعال الملك الشديد مما يكشف تورطه في الجريمة. ركّز شكسبير في هذه المسرحية على التناقض العميق في شخصية هاملت العقلاني والمثالي، الحائر بين متطلبات العواطف وشكوك العقل

[7] مكبث (1605م ـ 1606م): مسرحية تراجيدية للشاعر الإنجليزي وليم شكسبير، تقع في خمسة فصول، ويتميز بطلها (مكبث، بأنه يقترف الشر وهو يعلم أنه شر، ويتألم من غير أن يندم. يستهل الكاتب مسرحيته بنبوءة ثلاث ساحرات زعمن لمكبث أنه سوف يرتقي العرش، وزعمن لصديقه أن أولاده سوف يتوّجون ذات يوم أيضاً. وسرعان ما تحرض زوجة مكبث على قتل الملك دانكال فينزل عند رغبتها، ثم يتبع جريمته هذه بأخرى يقتل فيها صديقه بانكو. ويعصف الندم بزوجة مكبث فتنتحر. أما مكبث فيلقى مصرعه على يد ابن الملك دانكال

[8] تشارلز ديكنز (1812 ـ 1870م): روائي إنجليزي يمتاز أسلوبه بالدعابة البارعة والسخرية اللاذعة. صوّر جانباً من حياة الفقراء. وانتقد وسخر من كل أناني جشع غليظ القلب. من أشهر آثاره `أوليفر تويست`، `قصة مدينتين`، و`ديفيد كوبرفيلد`.

[9] جاء في لسان العرب: جنّ الشيء يجنه: ستره فكل شيء سُتر عنك فقد جُنّ عنك. وبه سمّي الجن لاستتارهم واختفائهم عن الأبصار. ومنه سمي الجنين لاستتاره في بطن أمه. ويقال: جنّ عليه الليل إذا أظلم حتى يستره بظلمته، ابن منظور، `لسان العرب`، مادة: جنن.

[10]       تقي الدين أحمد بن عبدالحليم بن السلام ابن تيمية؛ (1263 ـ 1328م): فقيه عربي، حنبلي المذهب، ولد في حرّان (بتركيا)، ولمع نجمه بدمشق وفيها توفي محبوساً. كان داعية من أكبر دعاة الإصلاح في الدين وخصماً من أقوى خصوم الصوفية يلقب بمحيي السنة، وإمام المجتهدين، وشيخ الإسلام، أشهر آثاره: السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية، والفتاوى، والجمع بين النقل والعقل.

[11] الدجّال: شخص يحدث ظهوره فتنة كبرى، ورد ذكره في أخبار الأنبياء السابقين مثل نوح وسليمان وعيسى عليهم السلام، والدجال تعني الكذاب، قيل سمّي دجالاً لأنه يقطع الأرض ويمشي في أكثر نواحيها، يقال دجل الرجل إذا فعل ذلك، ويسمى أيضاً (المسيح الدجال) وسمّي مسيحاً لأن إحدى عينيه ممسوحة لا يبصر بها، وقد حذر الرسول من فتنته وأبان لهم أمره. وتذكر الأحاديث أن الله يأمر المسيح عيسى بن مريم أن يقتل الدجال.

[12] الشعوذة: فن قوامه إيهام النظارة بقدرة صاحبه على فعل كل ما هو معجز أو مستحيل. ويستعين المشعوذ على أداء حيله بخفة اليد، كما يستعين بعلم النفس وبأدوات معدّة بطريقة سرية تمكنه من القيام بألعابه وأخرى غير منظورة يستخدمها في غفلة من الجمهور.

[13] ابن خلدون، عبدالرحمن بن محمد (1332 - 1406م): مؤرخ وفيلسوف عربي، يعدّ أحد أعظم المفكرين العالميين في مختلف العصور. ولد ونشأ بتونس وارتحل إلى مصر فتولى فيها قضاء المالكية. وضع لكتابه الضخم (العِبر وديوان المبتدأ والخبر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر) مقدمة جعلت منه مؤسساً لفلسفة التاريخ ولعلم الاجتماع. وقد سمي علم الاجتماع في مقدمته هذه (علم العمران).

[14] النبط: قبائل عربية، نشأت في موقع الأراضي التي تضم حالياً المملكة الأردنية الهاشمية، مملكة تُعرف بالمملكة النبطية، وعاصمتها سَلْع أو البتراء. وقد ازدهرت هذه المملكة في الفترة الممتدة من القرن الرابع قبل الميلاد إلى القرن الأول الميلادي.

[15] الكلدانيون: شعب سامي مترحل قديم، استقر في الجزء الجنوبي من العراق حوالي (1200 - 800 ق.م)، طلعت منهم أُسرة مالكة حكمت بابل من عام 625 ق.م إلى الغزو الفارسي عام 539 ق.م. ويعد نبوخذ نصّر أعظم ملوك بابل الكلدانيين. ويعدّ الكلدانيون من أكثر الشعوب القديمة عناية بعلم الفلك وعلم التنجيم

[16] بابل: إمبراطورية قديمة ازدهرت على ضفاف الفرات ودجلة في الجزء الجنوبي من العراق منذ العام 2000 قبل الميلاد، عاصمتها بابل في وسط العراق، وأعظم ملوكها حمورابي المتوفى سنة 1750 ق.م الذي اشتهر بمجموعة القوانين المعروفة باسمه.

[17] القبط أو الأقباط: اسم يشير إلى بعض سكان مصر القديمة، وكانوا يتكلمون إحدى لهجات اللغة المصرية القديمة الغنية بالمفردات اليونانية المكتوبة بألفبائية معدلة. كما تدل كلمة أقباط على أعضاء الكنيسة الأرثوذكسية القبطية في مصر الحديثة، الذين يستخدمون اللغة القبطية في صلواتهم. ويتكلم الأقباط، كسائر المصريين اليوم، اللغة العربية. وعندما فتح العرب المسلمون مصر، عام 640م، دخل الكثير من الأقباط الإسلام.

[18] جابر بن حيان: (103 ـ 200هـ، 721 ـ 815م): جابر بن حيان بن عبدالله الكوفي، أبو موسى. كيميائي عربي، ولد بطوس في خراسان وتوفي فيها. هو أول من وصف أعمال التقطير والتبلور والتذويب والتحويل. جعل جابر التجارب العلمية شرطاً أساساً للعالم الحق لذا تصدرت التجربة منهجه العلمي. تعد كتبه أولى المؤلفات في المعارف التي نقلت إلى أوروبا وترجمت إلى اللاتينية. من مؤلفاته: أسرار الكيمياء، علم الهيئة، أصول الكيمياء

[19] المجريطي: (338 ـ 398هـ، 950 ـ 1007م) مسلمة بن أحمد بن قاسم بن عبدالله المجريطي، أبو القاسم: فيلسوف رياضي فلكي كان إمام الرياضيين بالأندلس وأوسعهم إحاطة بعلم الأفلاك. مولده ووفاته بمجريط (مدريد)، من مؤلفاته: `ثمار العدد`، `غاية الحكيم.
[20] الفخر الرازي: (544 ـ 606هـ، 1150 ـ 1210): محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي البكري، أبو عبدالله، فخر الدين الرازي، الإمام المفسر، أصله من طبرستان، ومولده في الري، وإليها نسبته. يقال له `ابن خطيب الري`، وتوفي في هراة. من كتبه: تفسير القرآن الكريم (في ثمانية مجلدات)، نهاية الإيجاز في رواية الإعجاز، السر المكتوم في مخاطبة النجوم، وله شعر بالعربية والفارسية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70029
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

تحضير الأرواح وعلاقته بالسحر، وآثارهما الاجتماعية Empty
مُساهمةموضوع: رد: تحضير الأرواح وعلاقته بالسحر، وآثارهما الاجتماعية   تحضير الأرواح وعلاقته بالسحر، وآثارهما الاجتماعية Emptyالجمعة 20 مايو 2016, 8:48 am

ثانياً: السحر وشعائر تحضير الأرواح
* دوافع السحر ووظائفه

      السحر في معظم الأحوال ظاهرة عملية، فهو قد يجلب المطر للزرع، والصيد للشباك، والاستقرار للبيوت، أو الضوء للظلام، أو يحمى من سوء الحظ ومن المرض ومن الموت، وقد يكسب المحبة، وقد يمنح القوة الجنسية لمن افتقدها. كما أنه قد يكسب المهارة في الحروب والسرعة في السفر، وقد يحمى مجتمعاً بأكمله، أو ثقافة، أو حضارة وآثارها.

      والإنسان يلجأ للسحر في محاولة للسيطرة على ظروف لا يستطيع التحكم فيها، أو التنبؤ بها. ولذلك لا يُمارس السحر بمعزل عن مهارات أخرى مكملة له. فمن يُعالِج بالسحر لابد أن يعرف خصائص الأدوية والعقاقير النباتية والحيوانية. فالسحر صناعة بشرية، ويمارسه الإنسان من أجل أغراض نفعية، وهو في الوقت نفسه يعترف بالقوة الروحية الغيبية، ويُمكِّن الإنسان من السيطرة على العوامل الطبيعية الخارجية المحيطة به، وإخضاعها لرغباته من أجل سعادته ورفاهيته.

      فالسحر قد يعطي قوة ونفوذاً، وجاهاً ومالاً لمن يمارسه. كما أن السحر، أو ادعاء السحر، قد يؤدي دوراً كآلية من آليات الضبط الاجتماعي من جهة، وآلية للابتكار والتجديد والخروج عما هو مألوف، من جهة أخرى. ولذلك نجد أن دوافع ممارسة السحر متفاوتة بين المجتمعات المختلفة، بل وفي داخل المجتمع الواحد نفسه. ومن دوافع السحر ما يلي:

    حب الاستطلاع لإثبات أن الروح باقية لمن يخافون الموت، في حالة الرغبة في تحضير الأرواح ومزاولتها.
    يأتي طلب تحضير الأرواح، عادة، من شخص فَقَدَ صديقاً أو قريباً عزيزاً، فالحزن الشديد يبعث على الاعتقاد بأن هناك إمكانية لمواصلة الاتصال بروح من فقده جسداً.
    بعض الناس قلقون لمعرفة ما يحدث في الحياة الأخرى.
    عندما يجهل الإنسان كيفية وسائل السيطرة على البيئة الخارجية ووسائلها، يحاول السيطرة على عالم الأسرار عن طريق السحر.
    عندما لا يستطيع الإنسان أن يعزو الظواهر إلى مسبباتها، يلجأ إلى السحر لتفسيرها.
    يزاول السحر في بعض الأحيان أناس هجروا دياناتهم، ويبحثون عن أديان بديلة، كبعض المسيحيين في أوروبا وأمريكا مثلاً.
    الذين تعرضت أديانهم لهيمنة أديان أخرى وافدة عليهم، قد يمارسون السحر للإبقاء على دياناتهم، وللحد من قوة الهيمنة الوافدة عليهم.
    يتخذ السحر وسيلة لتحقيق النجاح على حساب الآخرين، عندما يعتقد طالب السحر أن نجاح الآخرين فشل له (وهو ضرب من الحسد).
    يمارس السحر دائماً لتحقيق أعمال محفوفة بالمخاطر، يعجز الإنسان عن ممارستها في الظروف الطبيعية.
    يمكن أن يخفف السحر من الضغوط النفسية والأمراض التي، لا تفسير لأسبابها.
    تمارس بعض ألوان السحر للتنبؤ بالمستقبل.

      وفي بعض المواقف قد يكون هدف الحديث عن السحر والسحرة، والشياطين والمردة، سواء بصورة مقصودة أو غير مقصودة، حماية فئة محددة من الناس لأنفسهم، وهم غالباً الأقلية، حتى لا يعتدي عليها الآخرون أو يواصلوا الاعتداء عليها. فالأقلية غالباً تحمى نفسها من وراء إشاعة القول بممارستها للسحر. ولذلك كان معظم السحرة في التراث العربي الإسلامي من الأقليات غير العربية، وغير المسلمة، أو حديثة العهد بالإسلام في ذلك الوقت. قال الفخر الرازي: السحر والعين لا يكونان من فاضل ولا يقعان ولا يصحان منه.. لا يصح السحر إلاّ من العجائز (…) ونحو ذلك من النفوس الجاهلة.

      كما أن إشاعة جو من السحر حول هذه الأقليات، قد يكون القصد منه حماية حضاراتها. فالغرض من رسم هالة من السحر عن الآثار الفرعونية، لا يخلو من غرض حماية الآثار الفرعونية من التدمير ومن العبث بها. فالقول بقدرة الفراعنة على السحر، وطلاسمهم والروحانيات التي تحرس هذه الآثار، عوامل ساعدت جميعها في المحافظة على هذه الآثار، وعدم تحريكها من مواقعها. كما كان يشاع أن لبعضها قوى على كشف الكذابين والزناة والجناة وفضح اللصوص.

      إن المشكلة الحقيقية التي تواجه الشعوب، هي أنها تُعطي السحر قدراً أكبر من قدره الحقيقي. فالسحر (أو تحضير الأرواح) ليس عملية ناجحة في كل الأوقات أو كل المحاولات، ولكن الناس، غالباً، ما تنسى فشل السحرة، ويحفظون لهم نجاحاً حدث محض الصدفة. وحتى عندما يفشل الساحر، فإن الناس قد لا يحملونه مسؤولية فشله، وإنما يعزونها إلى خطأ، ما يتعلق بمن أراد الاستفادة من السحر أو توظيفه. كما أن الناس قد يلجأون إلى لوم السّحرة ويعزون إليهم كل حادثة لا يجدون تفسيراً لأسبابها، كالمرض المفاجئ، والموت المفاجئ، أو فشل المحاصيل. وقد يبلغ السخط على السحرة مداه حين يعتقد بعض الناس أن السحرة متزوجون بجنيات، وأنهم ينجبون أطفالاً مشوهين، أو أن السحرة هم سر البلاء الواقع في حياة الناس، فيطاردون ويعدمون.

      ويعكس موقف المجتمع من السحر موقفاً مزدوجاً، لذلك انقسمت نظرة المجتمعات البشرية إلى السحر، إلى محورين أساسيين: محور مؤيد للسحر ومزاولته، ومحور معارض له بما يصل إلى حرمته تجريم الممارسين له ومحاكمتهم.

      يعتقد محضرو الأرواح أن الاتصال بين العالم المادي والروحي لا ينتهي بالموت، وأنهم قادرون على الاتصال بأرواح الأموات، أو أن هذه الأرواح قادرة من تلقاء نفسها على الاتصال بالأحياء من الناس. وأنهم، محضرو الأرواح، هم الذين يؤدون دور الوسيط في هذا الاتصال.

      ويزعم محضرو الأرواح قدرتهم على الاتصال بالأرواح، سواء في جمع من الناس وفي العلن، أو في خلوة وفي الخفاء. ففي بعض الحالات يتحلق محضر الأرواح ومجموعة من الناس حول طاولة، متشابكي الأيدي، أو يلامس بعضهم بعضاً، مركزين تفكيرهم في الشخص الميت الذي يريدون استدعاء روحه. وهو في معظم الأحوال صديق، أو قريب لواحد أو أكثر من المشاركين في هذه الطقوس.

      ومما يرويه محضرو الأرواح، ومن يشارك في جلساتهم، أن الروح تُعلن عن حضورها بأشكال متعددة، تارة بقرع على الطاولة، أو رفعها، أو تحريك الأواني وقطع الأثاث، أو تلقى بها إلى أرضية الغرفة، أو تجعلها تسبح في الهواء، أو أن تختفي من أماكنها، أو أن تظهر أوانٍ لم تكن موجودة أصلاً.

      وفي كثير من الأحيان يروح الوسيط في غيبوبة، حين تتلبسه الروح حين حضورها، وتسيطر على عقله وبدنه. وفي مثل هذه الحالات قد تتحدث الروح أو تخاطب طالبها من خلال الوسيط، أو تكتب رسالة من خلال إمساك غير مرئي ليد الوسيط وتوجيهها. ويدّعى بعض محضري الأرواح أنهم على صلة بروح واحدة، يسيطرون عليها أو تسيطر عليهم.

      ويتخذ تحضير الأرواح أشكالاً عدة، منها:

    الاتصال الذهني، بالمخاطبة بين الوسيط والروح.
    إحضار أشياء مادية من العدم، أو سماع أصوات.
    تجَسّد روح الميت أو جزء منها، في شكل طيف أو شبح.
    وصف الروح علاجاً لمرضى استعصي علاجهم.
    إخبار الروح بما يحدث بعد الموت، فضلاً عن أخبارها بالمستقبل. (وهو رجمٌ بالغيب، لأن ما بعد الموت أو المستقبل بيد الله وحده).

شعائر تحضير الأرواح

      تجري شعائر تحضير الأرواح، وطقوسها، غالباً، في ظلمة دامسة، أو ضوء خافت، وقلمّا تُحضَرْ الأرواح في وضح النهار. وأثناء عملية تحضير الأرواح، يغيب الوسيط عن وعيه تماماً، ويفعل أشياء ويردد أقوالاً لا يتذكرها فيما بعد. وفي حالات قليلة قد يؤدى هذه الطقوس والشعائر وهو في كامل وعيه. والغيبوبة في هذه الحالة هي فقدان الوعي التام العميق، وليس من الممكن إعادة الأشخاص، الذين يكونون في مثل هذه الحالة، إلى وعيهم عن طريق المنبهات المألوفة.

      وهناك اعتقاد سائد في التفكير الشعبي أو الأسطوري لدى الشعوب، بأن ثمة كنوزاً مخبأة في باطن الأرض، أو في أعماق البحار، أو في جوف الصخور، أو فوق قمم الجبال. وأن هذه الكنوز تحرسها طلاسم خاصة، سحرها بها سحرة الأمم القديمة البائدة لتظل مخبأة. وأن من يعرف سحر هذه الطلاسم ويحل رموزها، سواء كانت رسماً أو نحتاً أو كتابة أو كلمة تروى شفاهة، يستطيع أن يحصل على هذه الكنوز بنفسه، أو بواسطة الروحاني الذي يحرسها، وهو جنيّ مارد في غالب الأحوال. وأما من لا يعرف سر الطلسم وفكّ رموزه، فإنه قد لا يصل إلى موضع الكنز، وحتى إذا وصل إليه سيجده خالياً معموراً بالديدان، أو يشاهد الأموال والجواهر في مواقعها، والحرس دونها يحمونها بسيوفهم. أو تميد به الأرض حتى يظنه خسفاً. وقصة علي بابا والأربعين حرامي معروفة في التراث العربي حيث فتحت لهم أبواب الكنز عندما رددوا كلمة السر، وأغلقت عليهم الأبواب عندما نسوا تلك الكلمة.

      ولذلك كانت بعض جلسات تحضير الأرواح، خاصة باستعادة أرواح حُراس الكنوز من الأمم البائدة، لمعرفة سر الطلسم الخاص بالكنز وكيفية فكّه. والأمر كما يبدو، ضرب من الدجل والشعوذة لا يقبله عقل سليم أو منطق معقول، فضلاً عن مخالفته لتعاليم الإسلام، الذي ينهى عن الاستعانة بالجنّ والقوى الغيبية في مثل هذه الأمور.

      وقد تناقل أهل المغرب قديماً قصيدة ينسبونها إلى حكماء المشرق، تُبين كيفية الاستعانة بالأرواح على استخراج ما في باطن الأرض من كنوز. وجاء منها في "التغوير"، أي تنقيب الآثار قولهم:

اســمع كلام الصدق من خبيـر
   

يا طالبا للسر فــي التغويــر

حارت لها الأوهـام في التدبيـر
   

فإذا أردت تغور البئر التـــي

والرأس رأس الشبل في التغويـر
   

صور كصورتك التي أوقفتهــا

في الدلو يُنشـل من قرار البيـر
   

ويـداه ماسكتان للحبل الــذي

عـدد الطلاق احذر من التكـرير
   

وبصدره هاء كما عاينتهـــا

مشـي اللبيب الكيـس النحـرير
   

ويطا على الطاءات غير ملامس

تربيعة أولـى مـن التكـويــر
   

ويكون حـول الكل خط دائــر

واقصد عقـب الذبـح بالتبخيـر
   

وأذبح عليه الطير والطخـه بـه

والقسـط والبسـه بثـوب حرير
   

بالسنـدروت وباللبان وميعــةٍ

لا أخضـر فيـه ولا تكديـــر
   

من أحمـر أو أصفـر لا أزرق

أو أحمـر من خالـص التحميـر
   

ويشـده خيطـان صـوف أبيض

ويكون بدءُ الشـهر غيـر منيـر
   

والطالع الأسـد الذي قـد بينـوا

في يـوم سبت ســـاعة التدبير
   

والبدر متصل  بسعـد  عُطـارد

      وتعكس هذه القصيدة طرفاً من علوم السحر، التي كانت معروفة في ذلك الوقت.

      وهكذا بعد أن استعرض البحث المصطلحات والمفاهيم الخاصة بتحضير الأرواح، والتي لا يمكن عزلها بحال من الأحوال عن أعمال السحر والسحرة، يتناول في الجزء التالي الأبعاد الاجتماعية لتحضير الأرواح، وموقف الأديان منها في مختلف المجتمعات البشرية، قديماً وحديثاً، خاصة المجتمعات العربية والإسلامية.
السحر في الحضارات القديمة

      تحضير الأرواح ممارسة قديمة، فالكتب المقدسة وما ورد فيها من نصوص تشير إلى أولئك الوسطاء من محضري الأرواح، في قصص أنبياء بني إسرائيل. كما أن صناعة السحر ارتبطت في التاريخ القديم بالحكمة، مما يدل على أنّ السحر وتحضير الأرواح عملان مارستهما البشرية منذ عهود سحيقة موغلة في القِدم. وقد كشفت حفريات الآثار أن إنسان ما قبل التاريخ كانت لفنونه أغراض سحرية، خاصة رسوم الصيد على جدران الكهوف، التي قد يكون القصد منها مساعدته على صيد هذه الحيوانات.

      ووجود السحر في أهل بابل، وهم الكلدانيون من النبط والسريانيين، أمرٌ معروف، نصّ عليه القرآن الكريم، وجاءت به الأخبار. وكان للسحر في بابل ومصر أيام بعثة موسى –عليه السلام- سوق نافقة، ولهذا كانت معجزة سيدنا موسى في تحديه للسحرة والحواة، وكشف زيف دعواهم الباطلة بالمقارنة مع قدرة الله الحقيقية على يد سيدنا موسى. وترد في الكتب المقدسة جميعها نصوص تحكي قصصاً عن السحر والسحرة، وغاياتهم وأفعالهم. وقد اتخذت هذه النصوص الدينية أساساً لعقد محاكمات للسحرة، وسجنهم أو إعدامهم في تلك العصور أو في عصور لاحقة.
السحر في مصر القديمة[1]

      استخدم المصريون القدماء السحر والتمائم[2] والأشكال والشعائر السحرية. وكانوا يعتقدون أن الأشياء أو المخلوقات هي في الأصل واحدة، فانشطرت إلى نصفين. وأن النصفين موجودان بعيداً أحدهما عن الآخر، ولكنهما يملكان التأثير في بعضهما. فالشبيه يؤثر في الشبيه، فإلحاق ضرر بدمية شخص أو رمز له، سيلحق الضرر بالشخص نفسه؛ وعمل الخير والإحسان للدمية، له المفعول نفسه على الشخص أيضاً. وكثرة التماثيل تجسيد حي لهذا المعتقد، لدى قدماء المصريين.

      وكان الكهنة في مصر، الذين يدرسون ويقرأون الكتب المقدسة، يمارسون السحر. وهو لا يستخدم عندهم لتجنب الموت فحسب، ولكن للحماية من المرض، وللوقاية من عين الحسود وكفها، وليُشْفى من عضة الثعبان ولدغة العقرب، وليمنع العواصف، وليخرج الجرذان من الحقول، ولجلب الرحمة والبركة والتوفيق.

      وقد اعتقد أهل مصر أن أبا الهول[3] طلسم الرمل، يمنعه عن النيل، وأن تمثال "سريته"، وهو تمثال لامرأة مشابه لأبي الهول، دمره الباحثون عن الكنوز، وهو طلسم النيل لئلا يغلب على البلد فيغرقها. وفي عصور متأخرة، اعتقد المسلمون في مصر أن سبب غلبة الرمل على الأراضي الزراعية فساد وجه أبي الهول، الذي قام بتشويهه وشَعَثَه أحد صوفية "الخانقاه" الصلاحية (دار الصوفية). كما كان المسلمون يرددون قول "القبط" أن البرابي (الآثار الفرعونية) فيها كنوز، وزبر عليها علوم، وبها روحانيات تحفظها ممن يقصدها. وأن لكل هرم خادماً، فخادم الهرم الغربي صنم من حجارة صوّان، وهو واقف يحمل شبه حربة، وعلى رأسه حيّة تطوق بها. وأن من يقترب منه، تثب إليه الحية وتطوق عنقه وتقتله، ثم تعود إلى مكانها.

      وخادم الهرم الشرقي صنم من جزع أسود، مجزّع بأسود وأبيض، له عينان مفتوحتان برّاقتان، جالس على كرسي وفي يده حربة، إذا نظر أحد إليه سمع من جهته صوتاً يفزع منه، فيخرُّ على وجهه ولا يبرح حتى يموت.

      وخادم الهرم الملوّن صنم من حجر البهت، على قاعدة منه، من نظر إليه جذبه إليه فلا يفارقه حتى يموت.

      والأهرامات محصنة بالأرواح الروحانية، ويروي المؤرخون المسلمون أن القبط حكوا في كتبهم أن روحانية الهرم الشمالي غلام أمرد أصفر اللون عريان، في فمه أنياب كبار. وروحانية الهرم الجنوبي امرأة عريانة بادية الفرج، حسناء، في فمها أنياب كبار، تستهوي الإنسان إذا رأته، وتضحك له حتى يدنو منها، فتسلبه عقله.

      وروحانية الهرم الملوّن شيخ في يده مجمرة من مباخر الكنائس يبخر بها. ويروى المؤرخون المسلمون، أن عدداً من الناس رأى هذه الروحانيات مراراً، وهي تطوف حول الأهرام وقت القائلة وعند غروب الشمس.

      وقال المسعودي: "واتخذت دلوكة ـ اسم لساحرة عجوز بمصر ـ البرابي (آثار الفراعنة) والصور، وأحكمت آلات السِّحر، وجعلت في البرابي صور من يرد من كل ناحية ودوابهم، أبلا كانت أو خيلا، وصورت فيها من يرد من البحر في المراكب من بحر العرب والشام، وجمعت في هذه البرابي العظيمة المشيدة البنيان أسرار الطبيعة وخواص الأحجار والنباتات والحيوانات، وجعلت في ذلك أوقات فلكية واتصالها بالمؤثرات العلوية، وكانوا إذا ورد إليهم جيش من نحو الحجاز واليمن عوّرت تلك الصور التي في البريا من الإبل وغيرها، فيتعوّر ما في ذلك الجيش وينقطع عنهم ناسه وحيوانه، وإذا كان الجيش من نحو الشام فعل في تلك الصور التي من تلك الجهة التي أقبل منها جيش الشام ما فعل بما وصفنا، فيحدث في ذلك الجيش من الآفات في ناسه وحيوانه ما صنع في تلك الصور التي من تلك الجبهة، وكذلك من ورد من جيوش الغرب، ومن ورد في البحر من رومية والشام، وغير ذلك من الممالك، فهابهم الملوك والأمم، ومنعوا ناحيتهم من عدوّهم، واتصل ملكهم بتدبير هذه العجوز واتقانها لزمّ أقطار المملكة وأحكامها السياسية ... وهذا الخبر من فعل العجوز مستفيض لا يشكون فيه". وربما لذلك وغيره سميت مصر "بالمحروسة".
السحر في الحضارة الإغريقية والرومانية

      ظهرت الأرواح الخيرة والشريرة في آداب الإغريق والرومان وفنونهم، من نحت ورسوم وشعر ومسرحيات. فأساطيرهم تجعل من الأبطال والملوك، وزوجاتهم وبناتهم وأولادهم، كواكباً أو نجوماً أو آلهة أسطورية، فتخلدهم على مر العصور. فهناك آلهة للغابات والمراعي، وآلهة للجمال، وآلهة للحرب، وآلهة للسلم، وهناك سحرة وساحرات وعرّافون وعرّافات. وكل ذلك يبدو في قالب أرواح تتصارع حول الخير والشر. فالملك أو البطل الذي قُتل ظلماً لا بدّ أن تبقى روحه وتخلد لكي تعود وتنتقم من قاتله، والبطل القوي الخير لابد من أن تبقى روحه مصدراً دائماً للخير والعطاء. كما أن أرواح الأجداد تبقى للتحكم في الحياة من حول الناس.

      وقـد صيغت كل هذه الأسـاطير[4] على أسـاس أن الموت يمكن تجنبه أو تأخير حلوله. وأن الأرواح الخيرة تمثل القيم التي يريدها الناس أن تبقى وتسـتمر وتخلد، والأرواح الشريرة تمثل القيم التي يرفضونها، والتي تتصارع على الدوام مع الأرواح الخيرة. وقـد أصبحـت هـذه الصـراعات الأسطـوريـة منبعـاً ثراً لكثيـر من الآداب والفنـون، فأطلقت العنان لإبداع الشعراء والكتاب والنحاتين والرسـامين والسينمائيين والمسـرحيين والروائييـن والموسيقيين، سواء في الآداب القديمة أو المعاصرة، مروراً بالعصور الوسطى[5]. ومن ذلك مسرحية "العاصفةThe Tempest"لشكسبير[6].
السحر في العصور الوسطى، وفي عصر النهضة[7]

      كانت أوروبا تعتقد اعتقاداً جازماً في السحر وأعمال السحرة، التي انتقلت إليهم من الحضارة الإغريقية والرومانية، ومن ديانات أوروبا الوثنية قبل أن تعتنق شعوبها الدين المسيحي. وعلى الرغم من أن رجال الكنيسة كانوا يعتبرون مزاولة السحر خطيئة، إلا أنهم كانوا يعتقدون في قوته. وكانوا يعتبرون أعمال السحر منافية لتعاليم المسيحية ومعارضة لها، وترتبط ارتباطاً مباشراً بالشيطان، فمن يريد أن يصبح ساحراً، ربما كان عليه أن يبيع روحه للشيطان مقابل منحه قوى سحرية خارقة. وكانوا في أوروبا يعتقدون ـ شأنهم شأن المسلمين في ذلك الوقت ـ أن علم الكيمياء يحتوي على قدر كبير من أعمال السحر.

      وكان يُعْتقد أن الكيمائيين يسعون إلى اكتشاف حجر الفيلسوف أو "حجر الحكمة"، كما كانوا يحاولون اكتشاف إكسير الحياة، الذي يستطيعون من خلاله شفاء المرضى وإطالة العُمر. وقد نشطت بعض الجمعيات السرية وضمنت طقوسها وشعائرها بعض الأعمال السحرية. ونتيجة لانتشار السحر والشعوذة، عقدت الكنائس محاكمات للسحرة والساحرات، وحكمت بحرقهم حتى الموت، في إنجلترا وفرنسا وألمانيا وأسكتلندا وأسبانيا، وقد أصدرت المحاكم الكَنسية حكماً بإعدام ما يصل إلى ثلاثمائة ألف من النساء المتهمات بمزاولة أعمال سحرية، ومورست عليهن مختلف أنواع التعذيب لانتزاع اعترافات جنائية بمزاولتهن السحر.

      وكانوا يستدلون على الساحر أو الساحرة من مظاهر جسدية، تشبه في حد ذاتها أعمال السحرة. فقد كانوا يعتقدون أن للساحر علامات جسدية تميزه عن غيره من الناس، كتقاطيع الوجه أو تجاعيد الجلد. وكانوا، في بعض الأحيان، يلقون بالساحرة في أحواض مليئة بالماء وهي موثوقة اليدين، فإذا طفت فوق الماء، جُرّمت وأعدمت، وإذا غاص جسدها في الماء حكم لها بالبراءة. وكانت المحاكم تعتمد في إصدار حكمها على الإشاعات والأقاويل، وتتخذ منها بينات وأدلة قاطعة. وفي حُمّى السحر والسحرة، التي شملت كل أوروبا في القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين، شهد الأبناء ضد الأباء واتهموهم بمزاولة السحر، فأرسلوا للمقاصل. وفي الولايات المتحدة طورد السحرة بناء على الشبهات وأعدموا، أو سجنوا في عدد من الولايات في تلك الحقبة. وكان رجال الكنيسة يحرّضون العامة ضد السحرة وأفعالهم.

      ومن يتتبع أصول السحر أو جذوره في أوروبا، يجدها ضاربة في الديانات الوثنية، التي عاشت في أوروبا، أو في إنجلترا على الأقل، إلى القرن الثامن عشر الميلادي. كما توجد مثل هذه الممارسات في فرنسا وفي إيطاليا. إن إعدام مئات الآلاف من الناس بتهمة مزاولة السحر، في القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين، تدل على أن هؤلاء الناس لم يكونوا سحرة، ولكنهم أناس يعتنقون ديانات مختلفة غير الدين المسيحي. وليس أدل على ذلك من أنه حين عمّت المسيحية أوروبا وترسخت فيها، انزوى السحر والسحرة. وهذا وضع مشابه لما كان سائداً في البلدان الإسلامية، حيث كان معظم من يزاولون السحر من غير المسلمين، سواء كانوا من الصابئة[8]، أو من القبط، أو من السودان، بمفهومه العرقي الواسع، أو الترك، أو الهنود، أو غيرهم من الأمم التي دخلت حديثاً في الإسلام، أو فتحها المسلمون.
السحر في العصور الإسلامية

      كان السحر في مصر الإسلامية متوارثاً عن الممارسات التي سبقته في عالم السحر. ويروي بعض المؤرخين أنه شاهد المنتحلين للسحر وعمله، "ومنهم من يشير إلى كساء أو جلد ويتكلم عليه في سره، فإذا هو مقطوع، ويشير إلى بطون الغنم في مراعيها بالبعج، فإذا أمعاؤها ساقطة من بطونها على الأرض. وبالمغرب الإسلامي صنف من هؤلاء المنتحلين لهذه الأعمال كانوا يعرفون بـ "البعاجين"، لأن أكثر ما ينتحلون من السحر بعج الأغنام، يرهبون بذلك أهلها ليعطوهم من فضلها. وهم مستترون خوفاً على أنفسهم من الحكام، وأن لهم وجهة ورياضة خاصة بدعوات كفرية. وإشراك الروحانيات من الجن والكواكب سطرت فيها صحيفة عندهم تسمى "الخزيرية" يتدارسونها".

      ويروي بعض المؤرخين أنهم سمعوا أن بأرض السودان وأرض الترك، من يُسخِّر السحاب فيمطر الأرض المخصوصة. وأنهم رأوا من عمل الطلسمات عجائب في الأعداد المتحابة، وقد نُقل عن أصحاب تلك الطلسمات أن لهذه الأعداد أثراً في الألفة بين المتحابين واجتماعهما، إذا وضع لهما مثالان مقترنان بطوالع النجوم وبشروط معينة.

      ومنهم من سمع أن بأرض الهند من يشير إلى إنسان فيتحتت قلبه (يتفتت) ويقع ميتاً، ويُنقب عن قلبه فلا يوجد في حشاه. وقد ذكروا أن هناك طلاسم، قولية وعينية، وأعداد وأعمال تنجيم أخرى مصاحبة، لها صلة مباشرة بكيفية محافظة السلاطين على عزهم وملكهم، وتسخير الرعية لهم وخدمتهم، وما يصلح من مواليد الملوك، وما يساعد على صحبتهم، وملازمتهم ومعاشرتهم.

      وفي بعـض البلـدان الإسلامية كان هناك عدد من ضعفاء العقول في الأمصار ـ وربما لا يزالون ـ مِمَن يحرصون على استخراج الأموال من تحت الأرض، ويبتغون الكسب في ذلك، ويعتقدون أن أموالَ الأمم السالفة مختزنةٌ كلها تحت الأرض، مختومٌ عليها بطلاسم سحرية، لا يَفُضُّ ختامها ذلك إلا من عثر على علمه، واستحضر ما يحله من البخور والدعاء والقربان.

      ويقول ابن خلدون إن كثيراً من طلبة البربر بالمغرب، العاجزين عن المعاش الطبيعي وأسبابه، يتقربون إلى أهل الدنيا بالأوراق المحتزمة الحواشي، إما بخطوط عجيبة، أو بما ترجم بزعمهم منها من خطوط أهل الدفائن، بإعطاء الأمارات عليها في أماكنها، يبتغون بذلك الرزق منهم، بما يبعثونه على الحفر والطلب، ويموهون عليهم بأنهم إنما حملهم على الاستعانة بهم طلب الجاه في مثل هذا...

      وربما تكون عند بعضهم نادرة أو غريبة من الأعمال السحرية يموِّه بها على تصديق ما بقي من دعواه، ويتسترون بظلمات الليل مخافة الرقباء وعيون أهل الدول، فإذا لم يعثروا على شيء ردوا ذلك إلى الجهل بالطلسم الذي ختم به على ذلك المال.

      يقول ابن خلدون: "والذي يحمل على العمل بصناعة السحر وانتحالها في البلدان الإسلامية كان في الغالب، زيادة على ضعف العقل، إنما هو العجز عن طلب المعاش بالوجوه الطبيعية، فيطلبونه بالوجوه المنحرفة، فيسكنون المنازل المشهورة والدور المعروفة، ويوهمون أهلها أن بها دفيناً من المال ويطالبونهم بالمال لاشتراء العقاقير والبخورات لحل الطلاسم، ويعدونهم بظهور الشواهد التي قد أعدوها هنالك بأنفسهم، فيخدعون بذلك أهل الدور ويلبسوا عليهم بما يتلونه من طلاسم، وما يشعلونه من بخور، وما يقدمونه من ذبح غريب لحيوانات أو طيور، والتصرف الأغرب في دمائها وقِطع لحومها وجلودها أو ريشها".

      وفي مثل هذا الجو انتشرت قصص السحرة وحكايات الجن والشياطين، كما تعكس ذلك قصة علاء الدين والمصباح السحري[9]. ومن هذه القصص والحكايات، حكاية في شأن الجن والمردة والشياطين المسجونين في القماقم من عهد سليمان، حيث كان يسجن العصاة منهم في قماقم النحاس ويسبك عليهم بالرصاص ويختم عليهم بخاتمه ويرميهم في البحر، وقد يصطادهم صياد، فيكسر القمقم فيخرج منه دخان أزرق يصل عنان السماء، ويُسمع صوت منكر يقول: التوبة، التوبة يا نبي الله، ظناً من الجني أن نبي الله سليمان هو الذي أخرجه من القمقم، علماً بأن سليمان قد توفاه الله منذ ما يقارب الألفي عام.

      ومن هذه القصص الخرافية، ما يزعمه الرواة من أنه أُحضر للخليفة عبد الملك بن مروان إثنا عشر، قمقماً، فجعل يفتح قمقماً بعد قمقم والشياطين يخرجون منها ويقولون: التوبة التوبة يا نبي الله، وما نعود لمثل ذلك أبداً. وهذا عفريت من الجن اسمه "داهش بن الأعمش" محبوس إلى عامود من الحجر، بالقدرة معذب إلى ما شاء الله، غائص في الأرض إلى إبطيه، وله جناحان عظيمان وأربع أيادٍ، يدان منها كأيدي الآدميين، ويدان كأيدي السباع فيها مخالب، وله شعر في رأسه كأنه أذناب الخيل، وله عينان كأنهما جمرتان، وله عين ثالثة في جبهته كعين الفهد، يلوح فيها شرار النار، وهو أسود طويل، وينادي: ربّي حكم عليّ بهذا البلاء العظيم، والعذاب الأليم، إلى يوم القيامة.

      ومن الحكايات المشهورة حكاية الصياد مع عفريت أخرجه من أحد قماقم سليمان، رأسه في السحاب، ورجلاه في التراب، برأس كالقبة، وأيد كالمداري، ورجلين كالصواري، وفم كالمغارة، وأسنان كالحجارة، ومناخير كالأبريق، وعينين كالسراجين، أشعث أغبر.

      ومن قصص ألف ليلة وليلة حكاية الساحرة العاهرة التي جعلت من نصف ابن عمها وزوجها حجراً، ونصفه الآخر بشراً، فكانت تجلده يومياً وتعذبه ليخلو لها الجو مع عشيقها، ولكنها تحت الإغراء والتهديد، وبأفعال سحرية وتعاويذ أرجعته إلى صورته الآدمية الأولى، ولكنها قتلت جزاء على بغيّها ودعارتها وخيانتها لزوجها.
السحر في المجتمعات المعاصرة

      أضعف تقدم العلم من اعتقاد الناس في السحر وأعمال السحرة، ولكن على الرغم من ذلك ما يزال السحر يؤدي دوراً في حياة كثير من الجماعات العرقية والثقافية. وفي المجتمعات الصناعية المتقدمة لا يزال هناك من يهتمون بممارسة الشعوذة وقراءة الحظوظ والتنجيم، وقراءة ما يمكن أن يجلب لهم الحظ من أبراجهم التي ولدوا فيها، بمطالعة الصحف يومياً، وقراءة الفنجان وقراءة الكف.

      وبدأت حركة تحضير الأرواح تشغل الرأي العام العالمي منذ منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، حيث ادعت فتاتان في الولايات المتحدة الأمريكية أن روح رجل قُتِل في منزلهما قد اتصلت بهما، وتحدثت إليهما، وأن روح الرجل تتخاطب معهما وتجيب على أسئلتهما من خلال أصوات قرعات (يمكن فك رموزها) على طاولة بالمنزل.

      وقد اشتهرت هذه الواقعة وأصبحت حدثاً عالمياً جذب اهتمام عامة الناس والباحثين. ثم بدأت بعد ذلك انتشار بعض القصص والحكايات عن مشاهير الأموات، من الشعراء والأدباء والموسيقيين المعاصرين، الذين اتصلت أرواحهم ببعض الأحياء، حيث ادعى نفرٌ من الرجال والنساء أنهم سجلوا مقطوعات موسيقية، أو شعرية، عن هؤلاء المشاهير وبأصواتهم.

      ويذهب بعض الباحثين إلى أن أكثر من نصف سكان العالم يعتقدون أن للسحرة دوراً في الحياة، وأنهم يستطيعون التأثير في حياة الناس. فالاتصال بالأرواح من خلال وسطاء، لا يزال يؤدي دوراً مهماً وأساسياً في ديانات كثير من الشعوب في أفريقيا، وفي الجزر الباسيفيكية، وجماعات من الهنود الحمر في الولايات المتحدة الأمريكية. كما تؤدي الأشباح دوراً رئيسياً لدى هذه الشعوب أيضاً، فتُمارس طقوس لاسترضائها لتُساعدهم على النجاح في حياتهم اليومية. وهناك معتقدات لا تزال ماثلة لدى بعض الشعوب، ترى أن الأرواح يمكن أن تتخذ أشكالاً مختلفة في ظهورها. فالأرواح الخيرة الخارقة، أو الأرواح الشريرة، قد تستبطنها حيوانات أو أماكن معينة، أو مخلوقات أخرى يُحَرّم لمسها أو إلحاق الأذى بها، وإلا خرجت الروح وتعقبت الشخص وألحقت به ضرراً، سواء في شكل جروح أو أمراض، أو قد تلحق به الموت والدمار.

      إن السحر بمفهومه الشامل ليس نوعاً من الاعتقاد فحسب، أو رياضة ذهنية يُلجأ إليها للتسلي بها، بل هو ممارسة مقدرة تترجم من خلالها كثير من وظائف المجتمع، سواء بصورة مباشرة أم غير مباشرة. ومن ثم يمكن أن نستخلص مجموعة من الوظائف، التي يمكن أن يؤديها، أو كان يؤديها، السحر في المجتمعات البشرية.

 

[1] مصر القديمة: كانت أرض مصر قديماً مهداً لحضارة من أولى حضارات العالم، نشأت منذ نحو 5000 سنة مضت على ضفاف وادي النيل في شمال شرقي إفريقيا. وقد عاشت هذه الحضارة لأكثر من ألفي سنة، ولهذا أصبحت أطول حضارة معمرة في التاريخ. حكمت مصر القديمة إحدى وثلاثون أسرة حاكمة، وكان من أهم منجزات المصريين القدماء بناء الأهرامات. قد أسهموا مساهمة بارزة في تطور الحضارة، وكونوا أول سلطة مركزية في العالم، وابتدعوا الأشكال الأساسية للرياضيات، إضافة إلى تقويم سنوي من 365 يوماً، واخترعوا شكلاً للكتابة بالصور يسمى الهيروغليفية واخترعوا ورق البردي. وبنوا مدناً عظيمة. وكانت ديانتهم من أقدم الديانات التي أكدت الاعتقاد بالحياة بعد الموت.

[2] التمائم جمع تميمة، وهي: خرزات كان الأعراب يعلقونها على أولادهم يزعمون أنها تمام الدواء والشفاء، وأنها تنفي عنهم النفس والعين، فأبطلها الإسلام

[3] أبو الهول: تمثال ضخم من الحجر الجيري مقام في الجيزة بمصر على مقربة من الأهرام. يرجع تاريخه إلى عهد الملك خفرع (حوالي 2250 ق.م)، له راس إنسان وجسم أسد يبلغ طوله 74 متراً وأقصى ارتفاعه يبلغ 21 متراً تقريباً.

[4] الأسطورة: حكاية تقليدية، تروي أحداثاً خارقة للعادة، أو تتحدث عن أعمال الآلهة والأبطال. وهي تعبر، عادة، عن معتقدات الشعوب في عهودها البدائية، وتمثل تصورها لظواهر الطبيعة على اختلافها.') والخرافات ('الخرافة: معتقد لا عقلاني، أو ممارسة لا عقلانية. والخرافات قد تكون، دينية أو ثقافية أو اجتماعية، فمن الخرافات الدينية، إيمان بعض المعتقدين بقدرة قديس بعينه على شفائهم. ومن الخرافات الثقافية أو الاجتماعية، إيمان كثير من الناس بأن الخرزة الزرقاء تدفع الشر، وبأن حدوة الفرس تجلب الخير، وتطيرهم بالغراب وتشاؤمهم بالرقم 13. وغير ذلك كثير.

[5] العصور الوسطى: فترة من التاريخ الأوروبي تقع بين العصور القديمة وعصر النهضة الأوروبية  وهي تمتد ـ في رأي المؤرخين ـ من سقوط الإمبراطورية الرومانية الغربية عام 476 للميلاد إلى استيلاء الأتراك العثمانيين على القسطنطينية عام 1453م.

[6] هي مسرحية رومانسية إلى حد ما، ومستقاة من مصادر عديدة، وربما عرضت أول مرة على خشبة المسرح في عام 1611م، ونشرت أول مرة عام 1623م. وبطل المسرحية `بروسبيرو` هو دوق ميلانو في إيطاليا، وقد نفي ظلماً، وعاش في جزيرة مسحورة مع ابنته الجميلة `ميراندا` حيث يقوم بخدمته الشيطان `أريل` والمارد `كاليبان`. و`بروسبيرو` ساحر ماهر استخدم السحر في تسخير عاصفة هوجاء تسببت في جنوح سفينة أعدائه، وتحطيمها على ساحل الجزيرة المسحورة، وكانت السفينة تحمل أيضاً الأمير الفتى `فيردناند`. ومن النظرة الأولى وقعت `ميراندا` في حب فيردناند، وصرخت عندما رأته `ما أروع هذا العالم الجديد الشجاع، الذي يوجد فيه مثل هذا المخلوق!، وبسحره وفق `بروسبيرو` بين قلبي العاشقين وجمع بينهما، وأفشل كل المؤامرات التي حاكها أعداؤه من أصحاب السفينة الجانحة. وفي النهاية، يظهر `بروسبيرو` أمام أعدائه ويتصالح معهم، ويقلع عن ممارسة السحر. ويعودون جميعاً إلى إيطاليا، حيث يمكن لـ `فيردناند` و`ميراندا` أن يتزوجا. وفي مشهد مسرحي رائع يخاطب `بروسبيرو` المشاهدين بأبيات من الشعر منها: كما سبق وأن أخبرتكم أننا كلنا روحانيون.  وقد ذُبنا في الهواء، الهواء الشفاف .. الخ. وكانت هذه الأبيات آخر ما كتبه `شكسبير`، وكأنه أراد أن يودع عالم المسرح إلى أبد الآبدين.

[7] عصر النهضة: حركة الانبعاث الفني والأدبي والعلمي التي نشأت في إيطاليا في القرن الرابع عشر للميلاد، ومن ثم امتدت إلى أنحاء مختلفة من أوروبا. وبذلك كانت مرحلة انتقالية بين العصور الوسطى والعصر الحديث في خلال عصر النهضة اهتم عدد كبير من العلماء والفنانين ـ في إيطاليا خاصة ـ بدراسة الحضارات القديمة وآثارها الأدبية والفنية والفلسفية. وتميز عصر النهضة بالعودة إلى المفاهيم والقيم الكلاسيكية الإغريقية والرومانية، وانتشار الاتجاه الإنساني، وازدهار الفن والأدب، واختراع الطباعة. كما حققت نتائج باهرة في حقل الفلك. وتقدماً في علم التشريح

[8] لصابئة: ديانة أصل أتباعها من حران (في تركيا). عبدوا الكواكب والنجوم وعظموها، وتبنوا لاحقاً بعض الطقوس النصرانية. لديهم عدد من الكتب المقدسة مكتوبة بلغة سامية قريبة من السريانية.
[9] حكاية من حكايات (ألف ليلة وليلة) وفق بطلها في الحصول على مصباح وخاتم سحريين، استطاع بواستطهما تحقيق مطالبه جميعاً.') وقصص ألف ليلة وليلة ('مجموعة من الحكايات الشعبية، بعضها عربي الأصل وبعضها فارسي وبعضها هندي أو يوناني الأصل، وكلها تندرج تحت سياق قصة إطارية خلاصتها أن الملك شهريار  يكتشف خيانة زوجته فيقتلها ويقتل الذين خانته معهم، وينقم على النساء جميعاً ويقرر أن يتزوج كل ليلة امرأة ثم يقتلها مع بزوغ الفجر. وقد ظل هذا دأبه حتى تزوج من شهرزاد ابنة وزيره، فأخذت تروي له كل ليلة حكاية خرافية، ثم تسكت عندما يدركها الصباح عند موقف مشوق، مما جعل الملك يستبقيها لسماع حكاياتها الباقية إلى أن أتى عليها ألف ليلة. وبفضل هذه الحكايات تحول شهريار من شخصية شريرة إلى شخصية خيرة. وقد ترجم هذا الكتاب إلى معظم لغات العالم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70029
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

تحضير الأرواح وعلاقته بالسحر، وآثارهما الاجتماعية Empty
مُساهمةموضوع: رد: تحضير الأرواح وعلاقته بالسحر، وآثارهما الاجتماعية   تحضير الأرواح وعلاقته بالسحر، وآثارهما الاجتماعية Emptyالجمعة 20 مايو 2016, 8:49 am

ثالثاً: موقف المجتمعات المعاصرة من مزاولة السحر وتحضير الأرواح.

      على الرغم من اتخاذ كثير من المذاهب الدينية موقفاً معارضاً للسحر، على وجه العموم، ولتحضير الأرواح، على وجه الخصوص، إلا أن هناك بعض مذاهب تتسامح مع هذا النوع من الأنشطة. فهناك جماعات منظمة من الروحانيين الذين يمارسون أنشطتهم داخل الكنائس، وهناك جماعات أخرى تمارس أنشطة علاجية للمرضى، وبعضها يسدي النصح والتوجيه لمن يترددون عليهم لمساعدتهم على التغلب على مشكلاتهم. ومن هذه الجماعات من يريدون نشر دعواهم على مستوى العالم، ولكنهم عندما يفشلون يَقْدِمون على الانتحار الجماعي، لتتصل أرواحهم بالكواكب العليا، كما يدعي قادة المنتحرين.

      ويرى أتباع هذه الجماعات أن تحضير الأرواح حقيقة لا يمكن الطعن فيها، وتكتسب مصداقيتها مما يلي:

    تحضير الأرواح يظهر ميزات خاصة بمن تُحضّر روحه، كصوته أو حركاته ولا يمكن أن يكون ذلك توهماً أو خيالاً.
    إنّ من تحَضْر روحه يعطي معلومات لا يعرفها إلاّ هو، والمتلقي لرسالة الروح.
    قد يكون حضور الروح مقنعاً تماماً لمن طلبها، وليس مهماً أن يقتنع بذلك غيره من الناس.
    من ينكر تحضير الأرواح قد يصعب إقناعه بها، مهما سُقت له من الأدلة المادية.

      ويعتقد أمثال هؤلاء أن وجود الأرواح وإمكانيات استدعائها لايمكن أن يكون عملاً مخادعاً، لأن تحضير الأرواح أمرٌ لا يستطيع ممارسته المخادعون. فهو علم، ولممارسته مبادئ أخلاقية وفلسفية. وفي كثير من البلدان يعتقد بعض أصحاب هذه الممارسات أنهم مؤمنون شديدو الإيمان، إذ لولا ذلك الإيمان الراسخ لما استطاعوا الاتصال بعالم الأرواح. وتؤدي الأرواح دوراً مهما في بعض المجتمعات الوثنية، إذ يؤمن العديد من الهنود الأمريكيين وبعض قبائل أفريقيا وجزر المحيط الهادي، أن الأرواح تؤثر في عالم الأحياء، لذلك هم يؤدون بعض الطقوس لإرضاء هذه الأرواح لضمان النجاح في حياتهم اليومية.

      ولكنّ عدداً من العلماء يدحضون ادعاءات مُحضري الأرواح، ويصفونهم بأنهم أشخاص مشعوذون، يعتمدون على خدع وحيل تفوت على زبائنهم والمترددين عليهم. فبعضهم حواة يعتمدون على سرعة الحركة، أو صرف انتباه المشاهدين، ولبعضهم مساعدون يعينونهم في الخداع، أو يستعينون بأدوات أو آلات تساعدهم على ممارسة الخداع، أو يستخدمون العواطف والانفعالات الجياشة أو يستغلونها. فعلى سبيل المثال، فإن معظم من يترددون على محضري الأرواح يطلبون منهم تحضير أرواح أشخاص تربطهم بهم عاطفة قوية، وهذه العاطفة والرغبة الجياشة في الاتصال بمن يحبون من الأموات، تدفعهم للاعتقاد بأن الرسالة التي يتصنعها الوسيط قد أتتهم بالفعل من عالم الأموات الروحي.

      على أن نفراً من العلماء لم يقطعوا باستحالة تحضير الأرواح أو إمكان حدوثه من الناحية العلمية. وقال بعضهم، إن حدوث مثل هذه الأمور، يقع خارج نطاق مقدراتهم على إعطائها تفسيراً علمياً، سواء بالنفي أو الإثبات.

      ويخشى رجال الدين في كثير من بقاع العالم أن تحل أعمال السحرة محل الأديان السماوية، ولذلك يقاومونها. وموقف الإسلام من السحر موقف واضح لا لبس فيه، فصناعة السحر كلها إنما تكون بالتوجه إلى الأفلاك والكواكب والعوالم العلوية والشياطين، بأنواع التعظيم والعبادة والخضوع والتذلل، فهي لذلك وُجْهةٌ إلى غير الله، والوجهة إلى غير الله كفر. فلهذا كان السحر كفراً، أجمع الفقهاء فيه على قتل الساحر، ولكنهم اختلفوا: هل يكون قتله بسبب كفره السابق على فعله؟ أم لتصرفه بالإفساد، وما ينشأ عنه من الفساد في المجتمعات؟

      ولا يُنكر علماء المسلمين، كابن تيميه، بعض الفائدة من السحر، ولكنهم يقولون: ليس كل سبب ينال به الإنسان حاجته يكون مشروعاً ولا مُباحاً، وإنما يكون مشروعاً إذا غلبت مصلحته على مفسدته مما أذن به الشرع، ومن هذا الباب تحريم السحر، مع ما له من التأثير وقضاء بعض الحاجات، وما يدخل في ذلك من عبادة الكواكب ودُعائها، واستحضار الجن، والكهانة مع كونها لها نوع كشف وتأثير مصحوب بكلمات محرمة مجهولة المعنى كلها أو بعضها، ويحتمل أن يكون فيها ما هو كفر. وليس لأحد أن يرقى بها ولا يعزم ولا يقسم.

      وفي ضوء ما سبق، حرم بعض علماء المسلمين التنجيم لقوله –صل الله عليه وسلم- )من اقتبس علماً من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر( (رواه ابن ماجه في كتاب الأدب: 3716). أي أن علم النجوم (التنجيم) محرم التَعلُم، وهو كفر، كما أن علم السحر كذلك. أما علم الفلك، وهو علم معرفة مدارات النجوم، بطريق الحساب كالكسوف والخسوف ونحوهما، ففطنة وحكمة، وغير محرّم في الشرع. بينما يبحث علم النجوم في أحوال الشمس والقمر وغيرهما من الكواكب، وموضوعه النجوم من حيث يمكن أن تُعرف بها أحوال العالم، وهذا هو العلم المحرم، فقد ورد في مأثور القول: كذب المنجمون ولو صدقوا، لأن من يمدهم بالأخبار من الشياطين يسترقون السمع، كما قال تعالى في سورة الجن، على لسانهم: )وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا( (الجن: 9) فيوحي الشيطان الخبر إلى الكهان، فيكذبون ويضيفون على الخبر مائة كذبة من عند أنفسهم. والشريعة الإسلامية لم تُفَرْق بين السحر وتحضير الأرواح والطلسمات والشعوذة، وجعلت ذلك كله باباً واحداً محرماً محظوراً لما فيها من ضرر، وحرمت النجامة لأنها تفسد العقيدة الإيمانية برد الأمور إلى غير الله. كما حرّم بعض علماء المسلمين "السيمياء"، أي "الكيمياء"، بوصفها نوعاً من أنواع السحر، وضررها أكثر من نفعها، كما كانوا يعتقدون.

      ويعتبر السحر بكل أنواعه وأشكاله ـ سواء كان تحضير أرواح، أو شياطين، أو أرواح أفلاك ـ من الموبقات (أي الأفعال التي تورد صاحبها مورد الهلاك). عن أبي هريرة، -رضي الله عنه-عن النبي، -r- قال: )اجتنبوا السبع الموبقات" قالوا: يا رسول والله وما هنّ؟ قال: "الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات( (يحيى بن شرف النووي، رياض الصالحين). ولهذا يقول ابن خلدون: فإن الساحر إذا قتَل بالسحر يُقتل، والولي إذا قتَل بالكرامة يُقتل أيضاً لأنهما مسؤولان عن فعلهما، بعكس القاتل بالعين "العائن"، فإنه لا يقتل لأنه لا إرادة له في فعله.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70029
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

تحضير الأرواح وعلاقته بالسحر، وآثارهما الاجتماعية Empty
مُساهمةموضوع: رد: تحضير الأرواح وعلاقته بالسحر، وآثارهما الاجتماعية   تحضير الأرواح وعلاقته بالسحر، وآثارهما الاجتماعية Emptyالجمعة 10 يونيو 2016, 4:08 pm

المصادر والمراجـع

أولاً: المراجع العربية

    أحمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام، شيخ الإسلام ابن تيمية، "مختصر الفتاوى العصرية"، دار نشر الكتب الإسلامية، باكستان، د.ت.
    أحمد بن علي المقريزي، "كتاب المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار"، مكتبة المتني، بغداد، د.ت.
    ألف ليلة وليلة، المكتبة الثقافية، بيروت، لبنان، 1981.
    بطرس البستاني، "محيط المحيط"، مكتبة لبنان، بيروت، لبنان، 1987م.
    جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور، "لسان العرب"، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، ط (2)، 1417 هـ ـ 1997م.
    السيد محمد مرتضى الزبيدي، "تاج العروس"، دار ليبيا للنشر والتوزيع، بنغازي، ليبيا، 1966م.
    عبدالرحمن بن محمد بن خلدون، "المقدمة"، دار القلم، بيروت، لبنان، 1984م.
    الموسوعة العربية العالمية، مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع، الرياض، المملكة العربية السعودية، ط (1)، 1416 هـ ، 1996م.
    يحيى بن شرف النووي، "رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين"، مؤسسة الرسالة، دمشق، 1985م.

ثانياً: المراجع الأجنبيـة

1.The Encyclopedia Americana, New York, Americana Corporation, 1960

2. Encyclopaedia Britannica, William Benton, London, 1965.

3. International Encyclopedia of the Social Sciences, David L. Sills, 1965(ed), USA, The Macmillan Company and the Free Press, 1968.

4. The World Book Encyclopedia, Chicago, World Book Inc, Chicago, 1986.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
تحضير الأرواح وعلاقته بالسحر، وآثارهما الاجتماعية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» 13 من أعتى الطغاة الذين أزهقوا ملايين الأرواح
» المرأة التي كرست نفسها لإنقاذ الأرواح فقدت حياتها في عنف غزة
» طريقة تحضير الفريكة
» طريقة تحضير المنسف
» تحضير معمول العيد،

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث متنوعه-
انتقل الى: