منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 المسجد ودوره في الحضارة الإسلامية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69984
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

المسجد ودوره في الحضارة الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: المسجد ودوره في الحضارة الإسلامية   المسجد ودوره في الحضارة الإسلامية Emptyالسبت 04 يونيو 2016, 12:17 am

المسجد ودوره في الحضارة الإسلامية
د. راغب السرجاني


المسجد ودوره في الحضارة الإسلامية 15155_image002
دور المسجد في الإسلام

أهمية المسجد ودوره في التعليم
ارتبط تاريخ التعليم في المجتمع الإسلامي بالمسجد ارتباطًا وثيقًا؛ فهو المركز الرئيسي لنشر الثقافة الإسلامية، وهو أحد أهمِّ دور التعليم. وقد اتخذ الرسول المسجد ودوره في الحضارة الإسلامية R_20 مسجد المدينة مكانًا للدراسة؛ حيث كان يجتمع مع الصحابة فيتلو عليهم ما ينزل من القرآن، ويُعَلِّمهم أحكام الدِّينِ بالقول والعمل، وظلَّ المسجد يُؤَدِّي رسالته زمن الخلفاء الراشدين، واستمرَّ في عهد الأمويين والعباسيين، وبعد ذلك؛ حيث كان العلماء يُحَدِّثون ويُفَسِّرون آيات الكتاب المبين، وكان المحدِّثُونَ يَرْوُونَ أحاديث رسول الله المسجد ودوره في الحضارة الإسلامية R_20، وكان من بينهم الإمام مالك بن أنس المسجد ودوره في الحضارة الإسلامية T_20، وكذلك مسجد دمشق؛ حيث كان مركزًا مهمًّا من مراكز الثقافة، فكانت تُعْقَد فيه حلقات العلم[1]، وكان فيه "عِدَّة زوايا يتَّخِذُها الطلبة للنسخ والدرس، كما كان للخطيب البغدادي[2] حلقة كبيرة يُلقي فيها الدروس، ويجتمع إليه الناس كل يوم"[3].
الحلقات العلمية بالمسجد
وقد كان للصحابة حلقات للعلم في المسجد النبوي، فقد ذكر مكحول عن رجل أنه قال: "كنا جلوسًا في حلقة عمر بن الخطاب المسجد ودوره في الحضارة الإسلامية T_20 في مسجد المدينة نتذاكر فضائل القرآن، فذُكِر الحديثُ في أعجوبة (بسم الله الرحمن الرحيم)"[4].
وكان لأبي هريرة المسجد ودوره في الحضارة الإسلامية T_20 حلقة في المسجد النبوي يُعلِّم فيها حديث رسول الله المسجد ودوره في الحضارة الإسلامية R_20، وكانت هذه الحلقة تعكس سعة حفظ أبي هريرة المسجد ودوره في الحضارة الإسلامية T_20، كما كانت تجيش بعواطفه الصادقة تجاه النبي المسجد ودوره في الحضارة الإسلامية R_20؛ فقد دخل رجل على معاوية المسجد ودوره في الحضارة الإسلامية T_20 فقال: "مررت بالمدينة، فإذا أبو هريرة جالس في المسجد، حوله حلقة يحدثهم، فقال: حدثني خليلي أبو القاسم المسجد ودوره في الحضارة الإسلامية R_20. ثم استعبر، فبكى. ثم عاد، فقال: حدثني خليلي المسجد ودوره في الحضارة الإسلامية R_20 نبي الله أبو القاسم. ثم استعبر، فبكى، ثم قام!" [5].
وقد وصف أبو إسحاق السبيعي تنظيم الحلقة العلمية في مجلس الصحابي البراء بن عازب، فقال: "كنا نجلس عند البراء بعضنا خلف بعض"[6]، وهو نص يشير أيضًا إلى سعة الحلقة. ومن الحلقات المعروفة آنذاك في المسجد النبوي حلقة الصحابي جابر بن عبد الله الأنصاري[7].
وكذلك كان لمعاذ بن جبل المسجد ودوره في الحضارة الإسلامية T_20 حلقة شهيرة في مسجد دمشق، وصفها لنا أبو إدريس الخولاني، فقال: "دخلت مسجد دمشق فإذا أنا بفتى براق الثنايا، طويل الصمت، وإذا الناس معه، فإذا اختلفوا في الشيء، أسندوه وصدروا عن رأيه، فسألت عنه، فقيل هذا معاذ بن جبل"[8].
المسجد ودوره في الحضارة الإسلامية 15155_image003ولذلك كانت حلق العلم في المساجد بمنزلة نظام التعليم العالي في وقتنا الحاضر، وقد كانت كل طوائف المجتمع الإسلامي حريصة على الإقبال على العلم، حتى المجتهدون والعلماء وعِلية القوم منهم كانوا يُقبلون على هذه الحلق، ومِن ثَمَّ ذكر ابن كثير أن علي بن الحسين كان "إذا دخل المسجد تخطى الناس حتى يجلس في حلقة زيد بن أسلم، فقال له نافع بن جبير بن مطعم: غفر الله لك! أنت سيِّد الناس وقريش، تأتي تخطي حلق أهل العلم حتى تجلس مع هذا العبد الاسود؟! فقال له علي بن الحسين: إنما يجلس الرجل حيث ينتفعُ، وإن العلم يُطلب حيث كان"[9].
أشهر الحلقات العلمية
وقد اشتهرت كثير من الحلقات في تاريخ الإسلام، فقد كانت أشهر حلقة في المسجد الحرام لحبر الأمة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، فلما مات كانت هذه الحلقة لعطاء بن أبي رباح[10].
ولم يكن يؤبه لسن المُعلم في هذه الحلقات، وإنما كان يُنظر لفقهه وعلمه وورعه، سواءٌ كان كبيرًا أم صغيرًا؛ فقد ذكر الحافظ المؤرخ الفسوي (ت 280) عن أحد روَّاد حلق العلم في المساجد أنه قال: "أدركتُ هذا المسجد وما فيه حلقة يذكر فيها الفقه إلا حلقة مسلم بن يسار. قال: إن في الحلقة من هو أسن منه غير أنها كانت تنسب إليه"[11].
وقد كان المعلمون في حلق العلم يبعثون -في بعض الأحيان- بطلب من له الخبرة الكافية، والعلم العميق، فقد ذكر ابن عساكر[12] أن رجلاً رأى "أبا إدريس عائذ الله بن عبد الله الخولاني[13] في زمان عبد الملك بن مروان، وأن حلق المسجد بدمشق يقرءون القرآن يدرسون جميعًا، وأبو إدريس جالس إلى بعض العُمُد، فكلما مرت حلقة بآية سجدة بعثوا إليه يقرأ بها، وأنصتوا له وسجد بهم وسجدوا جميعًا بسجوده، وربما سجد بهم ثنتي عشرة سجدة، حتى إذا فرغوا من قراءتهم قام أبو إدريس يقصُّ"[14].
المسجد ودوره في الحضارة الإسلامية 15155_image004ولا نعجب من هذه القصة إذا عرفنا أن أبا إدريس الخولاني كان أعلم الناس بالقراءات في دمشق، ومن ثَمَّ كان المعلمون في مسجد دمشق يتحرجون من قراءة آية سجدة، وأبو إدريس بجوارهم يسمع، بل كانوا يشركونه في حلقهم؛ إجلالاً له، وتعظيمًا لعلمه، واستفادة منه.
ولشهرة بعض هذه الحلق، فقد كان طلاب العلم يؤمونها من كافة بقاع العالم الإسلامي، وقد كانت حلقة نافع بن عبد الرحمن القارئ[15] في مسجد رسول الله المسجد ودوره في الحضارة الإسلامية R_20 من أشهر الحلقات يومئذٍ في قراءة وتعلم كتاب الله؛ ولذلك كان الطلاب يفدون إليه من كل مكان، وقد حكى الإمام ورش المصري[16] عن تجربته في حلقة الإمام نافع في المسجد النبوي، فقال: "خرجتُ من مصر لأقرأ على نافع، فلما وصلتُ إلى المدينة صرتُ إلى مسجد نافع، فإذا هو لا تُطاق القراءة عليه من كثرتهم، وإنما يُقْرِئ ثلاثين، فجلستُ خلف الحلقة، وقُلتُ لإنسان: من أكبر الناس عند نافع؟ فقال لي: كبير الجعفريين. فقلتُ: فكيف به؟ قال: أنا أجيء معك إلى منزله. وجئنا إلى منزله، فخرج شيخٌ، فقُلتُ: أنا من مصر، جئتُ لأقرأ على نافع فلم أصل إليه، وأُخبرتُ أنك من أصدق الناس له، وأنا أريد أن تكون الوسيلة إليه. فقال: نعم وكرامة. وأخذ طيلسانه ومضى معنا إلى نافع، وكان لنافع كنيتان أبو رويم وأبو عبد الله فبأيهما نودي أجاب، فقال له الجعفري: هذا وسيلتي إليك جاء من مصر، ليس معه تجارة ولا جاء لحج، إنما جاء للقراءة خاصة. فقال: تُرى ما ألقى من أبناء المهاجرين والأنصار؟ فقال صديقه: تحتال له. فقال لي نافع: أيمكنك أن تبيت في المسجد. قلت: نعم. فبتُّ في المسجد، فلما أن كان الفجر، جاء نافع فقال: ما فعل الغريب؟ فقلت: ها أنا، رحمك الله. قال: أنت أولى بالقراءة. قال: وكنتُ مع ذلك حسن الصوت، مدادًا به. فاستفتحت فملأ صوتي مسجد رسول الله المسجد ودوره في الحضارة الإسلامية R_20 فقرأتُ ثلاثين آية، فأشار فسكَتُّ، فقام إليه شابٌّ من الحلقة، فقال: يا معلم -أعزك الله- نحن معك، وهذا رجل غريب، وإنما رحل للقراءة عليك، وقد جعلت له عشرًا، واقتصر على عُشرين. فقال: نعم وكرامة. فقرأتُ عُشرًا. فقام فتى آخر فقال كقول صاحبه، فقرأتُ عُشرًا وقعدتُ، حتى لم يبق له أحد ممن له قراءة، فقال لي: اقرأ. فأقرأني خمسين آية، فما زلتُ أقرأ عليه خمسين في خمسين حتى قرأتُ عليه ختمات قبل أن أخرج من المدينة"[17].
وهذه الحكاية من التلميذ المجتهد الإمام ورش، تعطي لنا صورة واضحة عن حلقات العلم في القرن الثاني الهجري؛ من اجتهاد، وتحمل عناء السفر ومشقته من مصر إلى المدينة المنورة لأخذ القراءة من إمام المدينة الإمام نافع، كما تعكس لنا صورة صادقة عن العَلاقة بين المعلم وطلابه من احترام وتقدير، ثم هي تحدد أن اليوم الدراسي في حلقة الإمام نافع كان يبدأ عقب صلاة الفجر.
وقد كانت حلق العلم كثيرة، وكانت كثرتها تبعًا لتخصص كل حلقة في علم من العلوم، وكانت بعض حلق العلم عظيمة العدد، ومن ثَمَّ فإنها كانت تلفت أنظار الوافدين عليها، وهذا ما حدث للإمام أبي حنيفة النعمان رحمه الله إذ قال: "ولدت سنة ثمانين، وحججت مع أبي سنة ست وتسعين، وأنا ابن ست عشرة سنة، فلما دخلتُ المسجد الحرام رأيتُ حلقة عظيمة فقلت لأبي: حلقة من هذه؟ قال: حلقة عبد الله بن جزء الزبيدي صاحب النبي المسجد ودوره في الحضارة الإسلامية R_20. فتقدمت فسمعته يقول: سمعت رسول الله المسجد ودوره في الحضارة الإسلامية R_20 يقول: "مَنْ تَفَقَّهَ فِي دِينِ اللهِ كَفَاهُ اللهُ هَمَّهُ، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ..."[18].
وكان بمسجد بغداد ما يزيد على أربعين حلقة، وقد اختُزلت كلها في حلقة الإمام الشافعي لعلمه الغزير، وأصل هذه القصة ما يرويه اللغوي الشهير الزجاج[19]؛ إذ قال: "لما قدم الشافعي إلى بغداد، وكان في المسجد إما نَيِّف وأربعون أو خمسون حلقة، فلما دخل بغداد ما زال يقعد في حلقة حلقة ويقول لهم: قال الله، وقال الرسول، وهم يقولون: قال أصحابنا. حتى ما بقي في المسجد حلقة غيره"[20].
المسجد ودوره في الحضارة الإسلامية 15155_image005كذلك الحال في مصر؛ حيث كان الإمام الشافعي يلتقي مع طلبة العلم في مسجد عمرو بن العاص، وإلى جانب ذلك، فقد اشتهرت بعض الجوامع بتدريس مختَلَفِ أنواع العلوم، وتَخَصَّصَ بعض المدرِّسِينَ للتدريس فيها، كما كان الولاة يُعَيِّنُون البعض الآخر.
وكان من حق العامة أن يعترضوا على الحلق والمجالس العلمية التي لا تتوافق مع حالة المجتمع وما يمر به من مصائب وأحداث؛ إذ أولوية تنبيه الناس بواقعهم، وما يُفيدهم في حالهم مقدَّم على أي شيء آخر، فقد حدّث أحمد بن سعيد الأموي، فقال: "كانت لي حلقة وأنا بمكة، أجلس فيها في المسجد الحرام ويجتمع إليّ فيها أهل الأدب، فإنَّا يومًا لنتناظر في شيء من النحو والعروض، وقد علت أصواتنا وذلك في خلافة المهتدي (ت 256هـ) إذ وقف علينا مجنون[21] فنظر إلينا ثم قال:
 
أما تستحون الله يا معـدن الجهـل *** شُغلتم بذا والناس في أعظـم الشُّغـل
إمامكم أضحـى قتيـلاً مُجَـدّلاً *** وقد أصبح الإسـلام مفتـرق الشمـل
وأنتم على الأشعار والنحـو عُكَّفًا *** تصيحون بالأصوات في استٍ أم ذا العَقْل
فانصرف المجنون وتفرقنا، وقد أفزعنا ما ذكره المجنون وحفظنا"[22].
وكان سبب هذه الأشعار أن قائلها أراد أن يُنبه العلماء وأهل الحلق، بما يدور في مجتمعهم، فقد كانت الفتنة على أشُدِّها في العاصمة بغداد، بين قادة الأتراك ومؤسسة الخلافة التي كان على رأسها الخليفة المهتدي، فكأنه أراد منهم أن يُشاركوا بقوَّة في أحداث المجتمع من حولهم.
وقد اشتهرت حلق الإمام أبي الوليد الباجي[23] في كافة أنحاء الأندلس، بعد رحلته إلى المشرق؛ حيث "أصبحت له شخصية المحدِّث الحافظ، وتأهل بحق ليكون إمام المحدثين بالأندلس، حتى بعُد صيته واستدعي لميورقة؛ ليناظر ابن حزم في اتباع المذهب المالكي، فاستوطنها ودرس العلم بها وبإشبيلية، والموطأ بمرسية، كما حدث عن نفسه بذلك قائلاً: "وكان لي في ذلك الوقت مجلس يجتمع إلي فيه للمذاكرة في الموطأ بمسجد الموضع الذي كنت أسكن فيه..."، وسمع منه الجم الغفير صحيح البخاري بدانية، وفي رجب سنة (463هـ) بسرقسطة وفي سنة (468هـ) بمسجد رحبة القاضي ببلنسية، وغيرها من المدن. ومما يبرز شخصية أبي الوليد الحافظ، تسابق طلاب الحديث من الشرق والغرب وتنافسهم في الأخذ عنه، فقد قصده أكثرهم من أبعد الأقاليم فضلاً عن أدناها، داخل بلده وخارجها، كأريولة، وإشبيلية، ولشبونة، ورندة، وبلنسية، وبغداد، وتطيلة، وحلب، ودانية، وطرطوشة، وطليطلة، والكوفة، ولورقة، ومالقة، ومرباطر، ومرجيق، ومرسية..." [24].
وقد كان للمرأة دور لا ينكره أحد في التدريس في حلقات المساجد، وقد سجلت المصادر التاريخية عشرات المعلمات اللاتي جلسن للتدريس، وكان لهنّ حلق خاصة بهن، وكانت أم الدرداء، واسمها هُجيمة بنت حُيي، صاحبة حلقة في مسجد دمشق، وقد روت عن أبي الدرداء، وعن سلمان الفارسي، وفضالة بن عبيدة المسجد ودوره في الحضارة الإسلامية Y_20، واللافت أن عبد الملك بن مروان قد أخذ العلم عنها، وكان مواظبًا على حضور درسها حتى بعد كونه أميرًا للمؤمنين، حيث كان يجلس "في مؤخر المسجد بدمشق، فقالت له: بلغني أنك شربت الطِّلا[25] بعد العبادة والنسك.
فقال: أيْ والله، والدِّمَا أيضًا قد شربتها. ثم جاءه غلامٌ كان قد بعثه في حاجة، فقال: ما حبسك لعنك الله؟ فقالت أم الدرداء: لا تفعل يا أمير المؤمنين، فإني سمعت أبا الدرداء يقول: سمعت رسول الله المسجد ودوره في الحضارة الإسلامية R_20 يقول: "لاَ يَدْخُلُ الْـجَنَّةَ لَعَّانٌ..."[26].
كما ذكر ابن بطوطة في رحلته أنه سمع صحيح الإمام مسلم في الجامع الأموي في دمشق على يد الشيخة المعلمة زينب بنت أحمد بن عبد الرحيم (ت 740هـ)، كما أجازت له الشيخة الجليلة عائشة بنت محمد بن مسلم الحراني (ت 736هـ) التي كانت تروي فضائل الأوقات للإمام البيهقي[27].
د. راغب السرجاني


[1] عبد الله المشوخي: موقف الإسلام والكنيسة من العلم ص54.
[2]
الخطيب البغدادي: هو أحمد بن علي بن ثابت البغدادي (392- 463هـ / 1002- 1072م) أحد الحفاظ المؤرخين المقدَّمين، عارفًا بالأدب، يقول الشعر، ولوعًا بالمطالعة والتأليف. من مصنفاته: "تاريخ بغداد". انظر: ابن العماد: شذرات الذهب 3/311- 313.
[3]
أحمد شلبي: تاريخ التربية الإسلامية ص91.
[4]
ابن عساكر: تاريخ مدينة دمشق 7/216.
[5]
الذهبي: سير أعلام النبلاء 2/611.
[6]
الخطيب البغدادي: الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع 1/174.
[7]
أكرم العمري: عصر الخلافة الراشدة ص278.
[8]
الفسوي: المعرفة والتاريخ 2/185.
[9]
ابن كثير: البداية والنهاية 9/124.
[10]
المصدر السابق 9/337.
[11]
الفسوي: المعرفة والتاريخ 2/49.
[12]
ابن عساكر: هو أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الدمشقي (499- 571هـ / 1105- 1176م) المؤرخ الحافظ الرحّالة، كان محدث الديار الشامية. من كتبه: "تاريخ دمشق الكبير". انظر: الذهبي: سير أعلام النبلاء 21/405.
[13]
أبو إدريس الخولاني: هو عائذ الله بن عبد الله بن عمرو الخولاني العوذي الدمشقي (8- 80هـ / 630- 700م) تابعي، فقيه. كان واعظ أهل دمشق، وقاصهم في خلافة عبد الملك. وتولى القضاء. انظر: الزركلي: الأعلام 3/239.
[14]
ابن عساكر: تاريخ مدينة دمشق 26/163.
[15]
نافع القارئ: هو نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم المدني القارئ (ت 169هـ/ 785م)، أحد القراء السبعة الأعلام، وأصله من أصبهان.
[16]
ورش: هو عثمان بن سعيد بن عدي المصري (110- 197هـ / 728- 812م)، من كبار القراء. غلب عليه لقب "ورش" لشدة بياضه. أصله من القيروان، ومولده ووفاته بمصر. انظر: الزركلي: الأعلام 4/205.
[17]
الذهبي: معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار 1/154، 155.
[18]
ابن النجار البغدادي: ذيل تاريخ بغداد 1/49.
[19]
الزجاج: هو أبو إسحاق إبراهيم بن السري بن سهل (241- 311هـ / 855- 923م) عالم بالنحو واللغة، ولد ومات في بغداد. من كتبه: "معاني القرآن". انظر: الصفدي: الوافي بالوفيات 5/228.
[20]
المزي: تهذيب الكمال 24/375.
[21]
لعله إنسان رثّ الهيئة، غريب الأطوار، إذ ليس من المعقول أن يقول هذا الشعر الرصين مجنون غير مدرك لما يمر به، أو يحدث حوله.
[22]
الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 4/557، 558.
[23]
أبو الوليد الباجي: هو سليمان بن خلف بن سعد التجيبي القرطبي (403- 474هـ/ 1012- 1081م)، محدث وفقيه مالكي كبير، أصله من بطليوس، ومولده في باجة بالأندلس، وتولى القضاء. انظر: الزركلي: الأعلام 3/125.
[24]
سليمان بن خلف الباجي: التعديل والتجريح 1/106.
[25]
الطلا: أي الخمر المأخوذة من العنب.
[26]
ابن كثير: البداية والنهاية 9/66.
[27]
ابن بطوطة: رحلة ابن بطوطة ص70، والصفدي: الوافي بالوفيات 16/348.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69984
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

المسجد ودوره في الحضارة الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: المسجد ودوره في الحضارة الإسلامية   المسجد ودوره في الحضارة الإسلامية Emptyالسبت 04 يونيو 2016, 12:18 am

أشهر الجوامع في الحضارة الإسلامية
د. راغب السرجاني


المسجد ودوره في الحضارة الإسلامية 15156_image002

كان طلبة العلم يُقْبِلُون على الجوامع من كل صوب، حيث هُيِّئَتْ لهم جميع الوسائل لأَجْلِ مواصلة دراستهم والتفرُّغ لها، فكانت تُجْرَى عليهم الأرزاق، وتُبْنَى لهم المساكن، وتُنْفَقُ عليهم الأموال[1]، وقد كانت هذه الجوامع بمثابة جامعات عالمية في وقتنا الحاضر، ومن بين هذه الجوامع:
الجامع الأموي بدمشق، الذي بناه الوليد بن عبد الملك، وكانت حلقات الدرس فيه مختلفة؛ إذ كان للمالكية فيه زاوية، وكذلك للشافعية، وكان للخطيب البغدادي حلقة يجتمع الناس إليه ليقرأ لهم دروسًا في الحديث، ولم يقتصر المنهج فيه على العلوم الدينية، بل شمل العلوم اللغوية والأدب، والحساب والفلك.
وجامع عمرو بن العاص بالفسطاط بمصر، وكان به أكثر من أربعين حلقة دراسية يَؤُمُّهَا الطلبة للدراسة والبحث؛ منها حلقة الإمام الشافعي، وفي منتصف القرن الرابع الهجري بَلَغَتْ حلقاته مائة وعشر حلقات، خُصِّصَ بعضها للنساء، ثم ظهر نظام الإجازة (الشهادات العالية)؛ حيث يُسْتَخْدَم الطالب بعد الإجازة كُتُبَ أستاذه، ويمكنه الرواية عنه[2].
المسجد ودوره في الحضارة الإسلامية 15156_image004والجامع الأزهر الذي اكتمل بناؤه في سنة (361هـ)، وأصبح منارة للطلاب من البلاد الإسلامية، وقد أوقف الخلفاء الأوقاف للأزهر، وعَيَّنُوا به المدرِّسِينَ في مختَلَفِ أنواع العلوم؛ ونتيجة للشهرة الفائقة التي امتاز بها جامع الأزهر، وللتسهيلات الجمَّة التي كان يجدها طلاب العلم، فقد كان الطلبة يُقْبِلُونَ على هذا الجامع من كل صوب، حتى قد بلغ عدد الملازمين للجامع سنة (818هـ/ 1415م) -كما يذكر المقريزي[3]- سبعمائة وخمسين رجلاً، ما بين عجم وزيالعة[4]، ومن أهل ريف مصر، ومغاربة، ولكل طائفة رواق[5] يُعْرَفُ بهم.
وقد استمرَّ هذا الجامع مركزًا علميًّا مُشِعًّا، يُؤَدِّي رسالته عَبْرَ التاريخ؛ فيُخْرج العلماء، وتُؤَلَّف به المؤلَّفَات، فكان بحقٍّ مدرسة جامعة للعلم وأهله[6].
وجامع الزيتونة بتونس، الذي تمَّ بناؤه زمن خلفاء بني أمية؛ حيث كان المؤسِّس الأوَّل لجامع الزيتونة الأمير عبيد الله بن الحبحاب والي إفريقية من قبل هشام بن عبد الملك، ثم حصلت زيادات عديدة في الجامع سنة (250هـ/ 864م)؛ حيث قام زيادة الله بن الأغلب -في عهد دولة الأغالبة- بتوسعته، وكان لهذا الجامع منزلة سامية لتدريس مختَلَفِ أنواع العلوم، قام بتدريسها كبار العلماء؛ أمثال: عبد الرحمن بن زياد المعافري[7]، حيث كان من كبار المحدِّثِينَ، وكذلك أبو سعيد سحنون التنوخي، ومنهم الإمام المازري[8]، وغيرهم[9].
وكان طلاب العلم يُقْبِلُون على هذا الجامع من كل صوب لطلب العلم؛ حيث كانت تُدَرَّس فيه كتب التفسير، والحديث، والفقه، واللغة، ويَصِفُ الحشائشي[10] الحالة العلمية في جامع الزيتونة فيقول: "كان مستبحرًا بالعلوم على اختلاف أنواعها؛ عقليّة ونقليّة، مقاصد ووسائل، حتى كان يقال: إن حذاء كل سارية من غالب سواريه مُدَرِّسًا، وفي خزانته ما ينيف على المائتي ألف مجلد"[11].
المسجد ودوره في الحضارة الإسلامية 15156_image006وجامع القرويين، وتم تأسيس هذا الجامع بمدينة فاس بالمغرب، في عهد دولة الأدارسة، سنة (245هـ/ 859م)، وفي سنة (322هـ/ 934م) تعهد الأمير أحمد بن أبي بكر الزناتي -من الأمراء الزناتيين- توسعته وزيادته، ومع أوائل القرن السادس الهجري، تمَّ توسعة الجامع وزيادة مساحته حتى اكتسب شهرة فائقة، وكان الجامع يمتاز بمكانته العلمية الفائقة، فكان طلاب العلم يُقْبِلُون عليه من كل صوب؛ للتزوُّد من مَعِينِه، وكان لهذا الجامع ميزانية خاصَّة، نتيجة للأموال الموقوفة، إضافةً إلى الأموال التي كان يتبرَّع بها الأمراء وغيرهم؛ ونتيجة للشهرة الفائقة التي اشتهر بها الجامع، فقد كان طلاب العلم يَفِدُون إليه من البلاد الأخرى، بل إن طلاب أوربا أخذوا يُقْبِلُون على هذا المعهد العلمي، وممَّا يُذْكَر أن الأسقُفَّ جيربير[12] -الذي أصبح فيما بعدُ بابا في رومية باسم سلفستر الثاني سنة (999- 1003م)- تعلَّم في جامع القرويين بعد أن تعلَّم في جامعة قرطبة[13].
د. راغب السرجاني


[1] انظر عبد الله المشوخي: موقف الإسلام والكنيسة من العلم ص54.
[2]
رحيم كاظم محمد الهاشمي، وعواطف محمد العربي: الحضارة العربية الإسلامية ص150.
[3]
المقريزي: هو تقي الدين أحمد بن علي المقريزي (766- 845هـ)، شيخ المؤرخين المصريين، عاش زمن المماليك، من أشهر كتبه: السلوك لمعرفة دول الملوك، والمواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار (المعروف بخطط المقريزي).
[4]
ابن كثير: البداية والنهاية 11/310.
[5]
الرواق: مُقَدَّم البيت، أو ما بين يديه، وهو بيت كالفُسطاط يُحمل على عمود واحد في وسَطه، أو سقيفة للدراسة في مسجد. انظر: ابن منظور: لسان العرب، مادة روق 10/131، والمعجم الوسيط، مادَّة روق 1/383.
[6]
راجع عبد الله المشوخي: موقف الإسلام والكنيسة من العلم ص57.
[7]
عبد الرحمن بن زياد (بن أنعم): هو عبد الرحمن بن زياد بن أنعم المعافري الإفريقي (75- 161هـ / 694- 778م)، اشتهر بالجرأة على الملوك وزجرهم عن الجور والعسف. ولد ببرقة، ونشأ بها، وولي قضاء القيروان مرتين.
[8]
المازري: هو أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر المازري (453- 536هـ / 1061- 1141م) محدث، حافظ، فقيه، أديب. من مؤلفاته: "نظم الفرائد في علم العقائد". انظر الذهبي: تذكرة الحفاظ 1/52، وكحالة: معجم المؤلفين 11/32.
[9]
انظر: محمد بن عثمان الحشائشي: تاريخ جامع الزيتونة ص36.
[10]
الحشائشي: هو محمد بن عثمان الحشائشي الشريف فاضل (1271- 1330هـ / 1855- 1912م) من أهل تونس. كان عمله تفقد خزائن الكتب العلمية بجامع الزيتونة. انظر: الزركلي: الأعلام 6/263.
[11]
عبد الله المشوخي: موقف الإسلام والكنيسة من العلم ص55.
[12]
انظر تفصيلاً: عبد الهادي التازي: أحد عشر قرنًا في جامعة قزوين ص19.
[13]
عبد الله المشوخي: موقف الإسلام والكنيسة من العلم ص56.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69984
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

المسجد ودوره في الحضارة الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: المسجد ودوره في الحضارة الإسلامية   المسجد ودوره في الحضارة الإسلامية Emptyالسبت 04 يونيو 2016, 12:19 am

الجامع الأموي .. درة دمشق
مجلة الوعي الإسلامي


المسجد ودوره في الحضارة الإسلامية Masgedamawe_0

تبارى الواصفون والشعراء في ذكر محاسن المسجد الأموي بدمشق، فهو من أشهر جوامع الإسلام حُسنًا وإتقان بناء، وغرابة صنعة، واحتفال تنميق وتزيين، وشهرته المتعارفة في ذلك تغني عن استغراق الوصف فيه.
يقول ابن بدران في منادمة الأطلال عنه: هو أعظم جوامع دمشق، وللناس فيه قصائد وأقوال يضيق عنها الحصر. ويقول عنه ياقوت -في معجم البلدان- في مبالغة ظاهرة: لو أن الإنسان عاش ألف سنة، وجعل يتردد كل يوم من أيامه إلى الجامع الأموي، لكان يرى في اليوم ما لا يراه في أمسه.
ويقول الشاعر الإسلامي محمود غنيم في الجامع الأموي:
وانزل دمشق وسائل صخر مسجدها *** عمـن بنــاه لعل الصـخر ينعاه
ولقد توالت الدراسات والأبحاث عن الجامع الأموي في تأريخه ووصف بنائه وجماله وزخارفه وفنونه، منذ العصور الأولى بعد بنائه إلى أن جمع ذلك الحافظ ابن عساكر في تاريخه، وعنه تناقل الكثيرون تلك الأخبار وأضافوا إليها مشاهداتهم والتغييرات التي حدثت فيه من وصف للحلقات العلمية والتاريخية، كما تحدثوا عن مشاهير العلماء الذين درّسوا فيه أو خطبوا أو أمّوا أو عملو، وتحدثوا أيضًا عن أهم الأحداث التي أصابت الجامع من حرائق أو زلازل، ثم التجديدات الكثيرة التي نشأت فيه، وتتضمن كذلك وصفًا مفصلاً لبنائه، وتعود أهمية هذه النصوص إلى أنها من وصف علماء معاصرين لتلك المرحلة.
وهذه النصوص تكشف الحقائق التاريخية لبناء الجامع الأموي بعد حريقه، وتظهر المهارة الفنية والهندسية لمهندسي وفناني وعمال دمشق في تلك الفترة، كما تبين مدى التعاون الشامل في تنفيذ هذا العمل الكبير وكيف تمكن القائمون عليه من إعادته إلى ما كان عليه قبل الحريق، وربما فاق في حسنه وإتقانه وزخرفته وإبداعه عن ذي قبل.
فدمشق الشام تلك المدينة العظيمة في التاريخ والحاضر، والتي جمعت ما لم تجمع مثله مدينة في الدنيا.. ميراث ضخم من الماضي جعلها أقدم المدن المسكونة في الأرض بلا خلاف، فقد تجمّع فيها ما تفرّق في مدن الأرض من الجمال، فالجنان غوطتها.. والأنهار في ربوتها.. والبساتين التي يضل فيها النظر سكران من الفتون.. والجبال من حولها إلى تلكم الأماكن الجميلة الهادئة النشطة التي يتخلل خرير مياه أنهارها المتدفقة من سهل الزبداني ووادي بردى، وكانت هذه الأنهار تغذي أحياء وجوامع ومشافي ومدارس وحمامات دمشق.
الجامع الأموي .. جامع بني أمية
ويقال له الجامع المعمور وجامع دمشق، هو أهم معالم مدينة دمشق وأشهرها دينيًّا وفنيًّا وأثريًّ، وهو أول ابتكار معماري في الإسلام، بل أحد أهم الآثار الإسلامية التاريخية في العالم.. ناهيك عن أنه يقع في قلب أقدم مدينة في التاريخ.
وتعد زيارة الجامع الأموي بدمشق غاية ما يصبو إليه زائر هذه المدينة، وقبلة ما تهفو إليه نفسه، وتجيش به مشاعره، فصيت هذا الجامع ملأ الدنيا منذ أن شيده الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك في أوج عصر دمشق الذهبي، يوم كانت الدولة الأموية لا تغيب عنها الشمس، ولهذا لا تكتمل زيارة مدينة دمشق دون زيارة للجامع الأموي.
قال عنه أحد المؤرخين الأوربيين المعاصرين: إنه لم يكن فقط أعظم آبدة قامت في أرض الإسلام حتى ذلك الوقت، بل إنه أحد ابتكارات فن البناء العالمي في كل الأزمان وفي كل البلاد.
فكان بناؤه تحفة فنية فريدة تمثل أبدع ما انتهت إليه عبقرية الفن العربي الإسلامي.
ولقد رأى الخلفاء الأمويون بناء مسجد يليق بعظمة حاضرتهم دمشق، فشيد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك بناء الجامع سنة 705م، وجاء الجامع الأموي يليق فعلاً بعظمة دمشق عاصمة الدولة الأموية الكبرى، وكان نموذجًا بديعًا لفن بناء المساجد الإسلامية تتجلى فيه روعة الفن، وتزينه بقايا فسيفساء، وثلاث مآذن، وثلاثة أبواب أعظمها باب جيرون، وأمام الباب الغربي "باب البريد" بقايا هيكل جوبيتير، وهي أعمدة محتفظة بتيجانها حتى الآن، وكانت قد حولت إلى بازيليكا في العهد البيزنطي.
والواقع أن بناء الجامع الأموي الكبير بدمشق يُعدُّ تحفةً فنية نادرة في فن العمارة الشرقية الإسلامية وزخارفه، وفي الجامع الأموي قبر النبي يحيى -عليه السلام- وفيه المحراب الكبير، ويعدُّ كلاهما آية في فن الزخرفة الشرقية، وهو معلم ديني وأثر من أهم الآثار الموجودة في مدينة دمشق الشام.
أبواب الجامع الأموي الداخلية
1- باب البرادة: أو باب السنجق أو الصنجق، باب البرادة هي التسمية القديمة للبوابة الرئيسية المنفذة من صحن الجامع إلى حرمه، أما السنجق أو الصنجق فهي الأحدث، وتنسب إلى الراية التي تحمل مع المحمل عند أداء فريضة الحج.
2- باب مقصورة الخطابة: الباب المؤدي إلى مقصورة الخطابة داخل الحرم.
3- باب الخطابة: انظر باب مقصورة الخطابة.
4- باب السر "باب الخضراء": ذكره ابن قاضي شهبة ولم يحدد موقعه، ويعتقد بأنه الباب المفضي إلى قصر الخضراء والذي يدخل منه الخلفاء الأمويون من وإلى الجامع دون أن يراهم أحد.
5- باب الخضراء: انظر باب السر.
6- واكتُشفَ في الجدار الجنوبي للجامع الأموي باب من العهد البيزنطي كان مختفيًا خلف النسق الشمالي لسوق القباقبية، وتعلوه كتابات كنسيّة يونانية تعود إلى أيام كنيسة يوحنا المعمدان، وقد أزيل هذا النسق في بداية الثمانينيات من القرن الماضي لحماية الجامع من الحريق، ولكشف جداره الأثري كما مر معنا في بحث أبواب الجامع الخارجية.
صحن الجامع الأموي
لقد ظهر الجامع الأموي بانطلاقة جديدة في الفن والعمارة الإسلامية، ولقد كان الجامع في هندسته مرآة للعصر الأموي بكل ما فيه من عناصر القوة والازدهار والتقدم، فقد وضع الفن الإسلامي والعمارة الإسلامية مبادئهما الأولى فيه، يقول عنه العالم الفرنسي "سوفاجيه": وروعة زخارفه، قرابة ثلاثة قرون ونصف، كان خلالها مثار إعجاب ودهشة كل من زاره وشاهد معالمه.
وتذكر كتب التاريخ أن الخليفة العباسي المأمون زاره برفقة المعتصم، ويحيى بن أكثم، فقال لهما: ما أعجب ما في هذا المسجد؟
قال المعتصم: ذهبه وبقاؤه، فإنا نجعله في قصورنا فلا تمضي عليه عشرون سنة حتى يتغير.
فقال المأمون: ما ذاك الذي أعجبني منه.
قال يحيى: تأليف رخامه، فإني رأيت شيئًا ما رأيت مثله.
قال المأمون: ما ذاك الذي أعجبني منه؟
قالا: وما الذي أعجبك؟
قال: بنيانه على غير مثال متقدم.
وفي عام 432هـ زاره أحد المؤرخين فقال عنه: إنه بكر الدهر، ونادرة الوقت، وإن أمية أبقت به ذكرًا لا ينقطع.
القباب
وفي الصحن ثلاث قباب، أولاها: القبة الغربية (قبة المال)، أنشأها الفضل بن صالح بن علي العباسي -ابن عم المنصور- لما كان أمير دمشق سنة 171هـ أيام المهدي، ويظهر أنها كانت مغلقة، والناس يتوهمون أن فيها مال، ولم أجد خبرًا لفتحها إلا ما كان سنة 922ه، إذ فتحها "سيباي" فلم يجد فيها إلا أوراقًا ومصاحف بالخط الكوفي، وقد فتحت في سنة 1306هـ فوجدت فيها مصاحف ومخطوطات نقلت إلى إسطنبول.
قبة الخزنة: وهي ما تعرف بقبة المال، أو بيت المال، وتقع في الجزء الغربي من الصحن ويعود إنشاؤها إلى عام 171هـ في عهد الخليفة العباسي المهدي، وبانيها هو الأمير فضل بن صالح بن علي وهي عبارة عن هيكل مثمن الشكل مغطى بالفسيفساء، يقوم على ثمانية أعمدة ذات تيجان من النمط الكرونثي، تقوم على تلك الأعمدة قبة رصاصية، ويبلغ ارتفاع القبة عن أرض الصحن 20 مترًا وقطرها نحو 6 أمتار.
ثانيتهما: القبة الشرقية، بنيت كذلك أيام المهدي سنة 160هـ وتعرف بقبة زين العابدين، وكانت تسمى قبة يزيد، وتُسمى الآن قبة الساعات إذ كانت فيها ساعات المسجد.
والثالثة: القبة التي على بركة الماء، وقد كانت من الرخام، وأقيمت سنة 369هـ.
الأروقة والفسيفساء
ومن الروائع التي ينفرد بها المسجد الأموي الكبير هو الذهب والعقود، وبه الفسيفساء الزجاجي المغطى بالرقائق الذهبية والفضية الشفافة، والتي ما زالت أقسام منه في الدهليز الغربي ونهاية الدهليز الشرقي وواجهة المجاز المطلة على صحن المسجد وبعض تحف موزعة في داخل الحرم فوق الباب الشمالي.
وقد أكدت الدراسات الأثرية وعمليات المسح والتنقيب أن أكثر من اثني عشر ألف عامل قد اشتغلوا مدة سبعة عشر عامًا في الأموي، وبلغت ساحة لوحات الفسيفساء ثلاثين ألف متر مربع، كما بلغت زينة الفسيفساء ثلاثمائة طن، ويكاد يجمع الباحثون في تاريخ الأموي الكبير بدمشق وجمالاته أن أعمال الفسيفساء هي تحفة وأرفع ما فيه من إبداع في كل العصور وفي جميع أصقاع الدنيا.
ولقد أمكن من تعداد تسعة وثلاثين لونًا مختلفًا بين مكعبات الفسيفساء، بما فيها ثلاث عشرة درجة من ظلال ودرجات اللون الأخضر وحده، وأربع درجات من اللون الأزرق والذهبي، وثلاث درجات من اللون الفضي.
وكانت لوحات الفسيفساء تغطي مصلى الجامع ودهاليز صحنه وواجهاته المطلة على الصحن وأرضياته، وكان يعلوها ألواح الرخام التي لا تزيد عن قامتين، وينهض نطاق الفسيفساء حتى يبلغ أربعة عشر مترًا.
المآذن
بنى الوليد المنارة التي يقال لها "العروس" وجعل عدة من المصابيح توقد عليها في كل ليلة، ورتب لها ثلاث نوب، كل نوبة أربعون مؤذنً، وهي باقية إلى يومنا هذ، وأما "الغربية" و"الشرقية" فهما على ما كانتا عليه من غير أدوار ودرابزين، وهما من بناء اليونان كالصوامع لضرب النواقيس والرصد، وقال بعض المؤرخين: إن الشرقية احترقت في سنة أربعين وسبعمائة فنقضت وجددت من أموال النصارى لكونهم اتهموا بحرقه، وأقر بعضهم بذلك، فقامت على أحسن الأشكال، وقال بعض العلماء في المنارة الشرقية البيضاء إنها التي ينزل عليها عيسى بن مريم عليه السلام في آخر الزمان بعد خروج الدجال كما ثبت في صحيح مسلم عن النواس بن سمعان، والله أعلم.
ويقال: إنه كان في الركنين الشماليين صومعتان كالمقابلة، فهدمهما الوليد، وجعل من بعض آلتهما قبتان على أعمدة في صحن الجامع، وجُعل فيهما خلوتان من فوق الأعمدة، وأودع بهما كتب أوقاف هذا الجامع ومصاريفه، ويقفل عليهما بالأقفال الحديدية المانعة.
مركز العلم والتعليم
والمسجد أيضا مقر لأهل العلم يدرسون فيه ويدرسون، وفيه اعتكف الغزالي وكتب بعض كتبه وقام بالتدريس، يقول ابن جبير: وفي هذا الجامع المبارك مجتمع عظيم، كل يوم إثر صلاة الصبح لقراءة سبع من القرآن دائمً، ومثله إثر صلاة العصر لقراءة تسمى الكوثرية، يقرءون فيها سورة الكوثر إلى الخاتمة، ويحضر في هذا المجتمع الكوثري كل من لا يجيد حفظ القرآن، وللمجتمعين على ذلك إجراء كل يوم يعيش منه أزيد من خمسمائة إنسان.
وهذا من مفاخر هذا الجامع المكرم، فلا تخلو القراءة منه صباحًا ولا مساء، وفيه حلقات التدريس للطلبة، وللمدرسين فيها إجراء واسع، وللمالكية زاوية للتدريس في الجانب الغربي، يجتمع فيها طلبة المغاربة، ولهم إجراء معلوم.
ومرافق هذا الجامع المكرم للغرباء وأهل الطلب كثيرة واسعة، وأغرب ما يحدث به أن سارية من سواريه، هي بين المقصورتين القديمة والحديثة، لها وقف معلوم يأخذه المستند إليها للمذاكرة والتدريس، أبصرنا بها فقيهًا من أهل إشبيلية يعرف بالمرادي، وعند فراغ المجتمع السبعي من القراءة صباحًا يستند كل إنسان منهم إلى سارية ويجلس أمامه صبي يلقنه القرآن.
وقبة النسر في جامع بني أمية في دمشق الشام درّس تحتها جملة من العلماء الأفاضل، وجم من الأعيان الأماثل قبل صيرورة درسها وظيفة رسمية مرتبًا من الدولة بأجرة عملية، وأبرزهم العلامة محمد الميداني، والشيخ نجم الدين الغزي، والشيخ البطنيني، والعلامة العجلوني، والعلامة الداغستاني، والمحدث الكزبري.
المصدر: مجلة الوعي الإسلامي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69984
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

المسجد ودوره في الحضارة الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: المسجد ودوره في الحضارة الإسلامية   المسجد ودوره في الحضارة الإسلامية Emptyالسبت 04 يونيو 2016, 12:20 am

المسجد العمري في درعا
قصة الإسلام


المسجد ودوره في الحضارة الإسلامية 21466_image002
المسجد العمري في درعا

المسجد العُمَري في درعا.. آبِدَةٌ عُمَرِيَّةٌ خَاْلِدَةٌ" بُني بأمر من الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه أثناء زيارته لمدينة دَرْعَا سنة 14هـ.
"أَذْرِعَات" أو "يَذْرِعَات" هو الاسم القديم لمدينة دَرْعَ، وهي من أقدم مدن العالم المأهولة بالسكان، وقد عاصرت مدن نينوى وبابل وروم، وتعود جذورها إلى العصر الحجري، وتفيد المصادر التاريخية أنّ الإنسان سكنها لأوَّل مرَّة في القرن الخامس قبل الميلاد، و"الأموريون" هم أول من استقر فيها.
وكانت دَرْعَا جزءًا من ممالك عدَّة منها: الآشورية، والكلدانية، والفارسية، وكانت العاصمة الاقتصادية للمملكة الرومانية.
قال ياقوت الحموي في معجم البلدان: حَوْرَان كورة واسعة من أعمال دمشق في القبلة، ذات قرى كبيرة ومزارع، قصبتها بُصْرَى، ومنها أَذْرِعَات وإِزْرَع وغيرهما.
تقع مدينة دَرْعَا في أقصى جنوب الجمهورية العربية السورية بالقرب من حدود المملكة الأردنية، وهي المنفذ الحدودي الوحيد في جنوب البلاد، وتبعد عن العاصمة دمشق (100) كم، ومساحتها (4000) كم2.
وتنقسم مدينة دَرْعَا إلى قسمين رئيسيين هما:
1- البَلَد: وهي البلدة القديمة، وفيها المسجد العمري الذي بُني بأمر من الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
2- والمَحَطَّة: نسبة لمَحَطَّةِ قطار الحجاز الذي أسسه العثمانيون (وقيل غير ذلك).
وتضم هذه المحافظة بالإضافة إلى مدينة دَرْعَا عدة مدن رئيسية أهمها:
1- نَوَى: مدينة الإمام النووي رحمه الله تعالى.
2- إِزْرَع: مدينة الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى.
3- بُصرَى الشام: مدينة الإمام الحافظ المحدِّث عماد الدين أبو الفداء (ابن كثير) الأذرعي الدمشقي صاحب التفسير، وهي المدينة القديمة التي ذكرها النبي المسجد ودوره في الحضارة الإسلامية R_20 بقوله: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ تُضِيءُ أَعْنَاقَ الإِبِلِ بِبُصْرَى"[1].
4- دَاعِل: (دائيل سابقًا) وتُعْرف بمدينة الشهداء؛ وذلك لما قدَّمت من شهداء أيام الاحتلال الفرنسي لسوري، وكذلك أيام القصف الإسرائيلي لها في السبعينيات، وهي المدينة العريقة التي عسكر فيها الصحابي الجليل القائد عمرو بن العاص -رضي الله عنه- بجيشه سنة 15هـ قبيل معركة اليرموك، وتحتوي على عديد من الآثار الرومانية، وفيها المسجد العمري الكبير الذي كان معبدًا رومانيًّا.
5- جَاسِم: مدينة تاريخية سميت بهذا الاسم نسبة إلى جاسم بن آرام بن سام بن نبي الله نوح عليه السلام، جعلها الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بعد انتهاء معركة اليرموك منطلقًا لفتح بيت المقدس، ومنها انطلق أبو عبيدة بن الجراح -رضي الله عنه- إلى بيت المقدس، واستخلف على الناس معاذ بن جبل رضي الله عنه.
وعليه فيمكن لأهل دَرْعَا أن يفخروا ويقولوا: مِنْ دَرْعَا انطلقت الجيوش الإسلامية لفتح بيت المقدس، ومنها -إن شاء الله- ستنطلق الجيوش لتحريره، وهي مدينة الشاعر المشهور أبو تمام حبيب بن أوس بن الحارث الطائي (ت 231هـ).
عمر بن الخطاب في درعا
دخل الجيش الإسلامي إلى مدينة دَرْعَا فاتحًا بقيادة أمين الأمة أبي عبيد بن الجراح -رضي الله عنه- في سنة 14هـ الموافق 635م، وتم تحريرها من الروم الذين كانوا يحكمونه، وعقد -رضي الله عنه- صلحًا مع أهلها.
وحين قدم الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إلى دَرْعَا آخر سنة 14هـ استقبله أبو عبيدة بن الجراح -رضي الله عنه- وأهل دَرْعَا بالغناء والضرب على الدفوف، ثم أمر -رضي الله عنه- ببناء مسجد لهم في وسط المدينة؛ ليكون منارة للعلم والهدى.
المساجد العمرية بمحافظة درعا
إذا أردنا الحديث عن المسجد العمري في دَرْعَا البَلَد، فإننا لا بد أن نذكر أشقاءه من المساجد العمرية المنتشرة بمحافظة دَرْعَا، والتي تعدُّ من أهم المحطات التي تؤرخ لمراحل تاريخية عرفتها المدينة ومنها:
المسجد العمري في مدينة درعا البلد
هو أحد المساجد الأثرية المنتشرة في محافظة درع، ويقع وسط البلدة القديمة، وهو بناء أثري يعود باسمه إلى الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث أمر ببنائه عندما زار المدينة سنة 14ه، وأشرف على بداية بنائه جمع من الصحابة منهم: أبو عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما. وقد حافظ المسجد على شكله القديم حتى دخلت عليه عمليات الترميم الحديثة وغيَّرت بعضًا من معالمه القديمة، إلا أن هذه الترميمات والتعديلات لم تطل منارته وواجهته القبلية، وأصبح المسجد بمخططه الحديث عبارةً عن نسخة مصغرة عن الجامع الأموي بدمشق من حيث احتوائه على أروقة بديعة، وحرم واسع للصلاة، وصحن خارجي مكشوف، ومئذنة شامخة.
والداخل إلى المسجد من بوابته الشمالية الرئيسية تظهر أمامه أربعة أروقة تحيط بصحن المسجد، والرواق الجنوبي هو أكبره، حيث يعتبر إيوان الصلاة والحرم والمحراب امتداده شرقًا وغربًا. أما سقف المسجد فيشبه جميع الأبنية القديمة في دَرْعَا، إذ يرتكز على القناطر الحجرية تليها بشكل معاكس حوامل بارزة من كل جهة، وتليها عوارض أكثر بروزًا للربط بين الحوامل وتغطية الفراغات، ويعلو العوارض طبقة من القطع الحجرية الصغيرة المنحوتة والمخلوطة بالكلس، ثم طبقة سميكة من التراب.
وللمسجد ثلاثة أبواب رئيسية يفتح أكبرها وهو الباب الشمالي على الأروقة الداخلية للمسجد، أما البابان الغربي والشرقي فيفتحان على فضاءات خارجية.
المسجد العمري في مدينة إزرع
يقع المسجد العمري في وسط مدينة إِزْرَع في منطقة أثرية بين كنيستي مار الياس ومار جرجس القديمتين، بُنِي أيام الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
المسجد العمري في بصرى الشام
يقع المسجد العمري المعروف محليًّا بمسجد العروس في مدينة بُصْرَى الشام وسط البلدة القديمة، وعلى مقربة من القلعة الرومانية الأثرية.
بُني أيام الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ويعرف بالمسجد العمري نسبة إليه، ويتألف من صحن مكشوف تتوسطه ميضأة مربعة، داخلها نافورة ماء، ويحيط بها عمود رخامي وتاج دوري ارتفاعه متران.
هذ، ويوجد في مدينة بُصْرَى عديد من المساجد الأثرية القديمة كمسجد فاطمة الذي تعود عمارته إلى النصف الأول من القرن السابع الهجري (العصر الأيوبي)، ويقع بين الكاتدرائية ودير الراهب بحير، وتعود مئذنته التي يصل ارتفاعها إلى (19) مترًا إلى عهد السلطان المملوكي الناصر محمد أمر الأمير أيوب بن مجد الدين عيسى النجراني.
ومسجد مبرك الناقة، وله أهمية خاصة في تاريخ العمارة الإسلامية، حيث يعتبر أقدم مبنى أثري في سوري، أنشئ ليكون مدرسة دينية، ولا يوجد نماذج أقدم منه قائمة في سورية، ويعود تاريخ بنائه إلى بداية العهد الإسلامي، ويقع في الزاوية الشمالية الشرقية من مدينة بصرى.
ويعتقد أن هذا المسجد أقيم في المكان الذي بركت فيه ناقة النبي المسجد ودوره في الحضارة الإسلامية R_20 عند زيارته لمدينة بُصْرَى مع عمه أبو طالب قبل البعثة، وهذه الرواية يؤكدها العلامة ابن كثير في كتابه السيرة النبوية، والعلامة علي بن محمد بن حبيبي الماوردي في كتابه أعلام النبوة، والعلامة تقي الدين أحمد بن علي المقريزي في كتابه إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال والأموال والحفدة والمتاع، حيث قال رحمه الله: خرج أبو طالب إلى الشام، وخرج معه رسول الله المسجد ودوره في الحضارة الإسلامية R_20 في المرة الأولى وهو ابن ثنتي عشرة سنة، فلما نزل بصرى من الشام، وبها راهب يقال له بحيرا في صومعة له.
التاريخ الثقافي للمسجد العمري بدرعا البلد
تميزت دَرْعَا حضاريًّا وثقافيًّا عبر التاريخ، حيث شهدت أرضها الدورات الحضارية المتعاقبة، ويكاد لا يخلو مكان في دَرْعَا إلا وبه الآثار والأوابد الشاهدة على تواصل الثقافة والحضارة.
وقد أنجبت هذه المدينة المئات من العلماء والأدباء والساسة والقياديين وكان المسجد العمري هو منطلقهم العلمي والثقافي، فمنهم من وفد إلى المسجد للالتقاء بعلمائه، ومنهم من أَمَّه وخطب فيه، أو دَرَسَ ودرَّس فيه، ومن أشهرهم:
1- الإمام النووي أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف بن مري بن حسن الحزامي الحوراني النووي الشافعي، علامة الفقه والحديث، مولده ووفاته في مدينة نوى -40 كم إلى الغرب من دَرْعَا- وإليها نسبته.
2- ابن قيم الجوزية الإمام العلامة شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الزُرَعِي، نسبة إلى مدينة إِزْرَع -35 كم إلى الشمال من دَرْعَا-، وهو من أركان الإصلاح الإسلامي، وأحد كبار العلماء، تتلمذ لشيخ الإسلام ابن تيمية، وهذب كتبه ونشر علمه، وسُجِن معه في قلعة دمشق.
3- ابن كثير الدمشقي الإمام الحافظ المحدث إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البُصْرَوِي، نسبة إلى مدينة بصرى -45كم إلى الشرق من دَرْعَا- ثم الدمشقي، أبو الفداء: حافظ ومؤرخ وفقيه، ولد في قرية من أعمال بصرى الشام، وانتقل إلى دمشق سنة 706ه، ورحل في طلب العلم، ومن أشهر مصنفاته: البداية والنهاية، شرح صحيح البخاري، طبقات الفقهاء الشافعية، تفسير القرآن الكريم المعروف بتفسير ابن كثير، توفي -رحمه الله تعالى- بدمشق سنة 774هـ.
4- إسحاق بن إبراهيم الأذرعي، أحد الثقات من عباد الله الصالحين، حدث عن محمد بن الخضر بن علي الرافعي، ويحيى بن أيوب بن ناوي العلاف، وأبي زرعة، وأبي عبد الرحمن النسائي، وأبي الحسن الرازي وغيرهم، وقال أبو الحسن الرازي: كان الأذرعي من أَجِلَّة أهل دمشق وعبادها وعلمائه، ومات يوم عيد الأضحى سنة 344هـ.
5- الإمام شهاب الدين، أبو العباس، الأَذرعي، نزيل حلب ومفتيها وشيخ الشافعية فيه، ولد في دَرْعَا سنة 708ه، وهو شيخ البلاد الشمالية، وفقيه تلك الناحية، ومفتيه، والمشار إليه بالعَلَم، قال عنه الإمام ابن حجر العسقلاني رحمه الله: أمتع الله ببقائه، واشتهرت فتاويه في البلاد الحلبية.
6- القاضي محمد بن محمد بن أبي العز الأذرعي، ولد في دَرْعَا سنة 663هـ ودرس بالمدرسة الظاهرية، وكان إمامًا فقيهًا شاعرًا مفتيً، توفي بدمشق سنة 722هـ.
7- ابن وهيب الأذرعي قاضي القضاة شمس الدين ابن وهيب الأذرعي، ولد في دَرْعَا سنة 595هـ وعاش بدمشق، وسمع من حنبل وابن طبرزد والكندي وابن ملاعب والموفق الحنبلي، وتفقه ودرس وأفتى، وصار مشارًا إليه في المذهب.
قال عنه الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية: كان من العلماء الأخيار كثير التواضع قليل الرغبة في الدنيا. توفي في دمشق سنة 673هـ.
8- أحمد بن محمد بن إبراهيم بن إبراهيم بن داود بن حازم الأذرعي أبو العباس ابن قاضي القضاة أبي عبد الله محمد، كان إمامًا مفتيًا فاضلاً تصدر بالجامع الحاكمي وناب في الحكم، ومات سنة 741هـ.
9- مفتي الحنابلة الصدر شهاب الدين أبو العباس أحمد بن سالم بن أبي الهيجاء الأذرعي الحنبلي ابن قاضي نابلس بدمشق، مات بدمشق ودفن بقاسيون سنة 747ه، سمع من ابن البخاري ثلاثيات مسند أحمد وبعض المشيخة.
10- ومن أبرز المعاصرين الذين وفدوا إلى المسجد العمري الإمام الشيخ أحمد نصيب المحاميد من قرية نصيب -10 كم إلى الشرق من دَرْعَا-، التحق بحلقة الشيخ علي الدقر (ت 1362هـ)، وأخذ من محدث الشام الحافظ محمد بدر الدين الحسني (ت 1354هـ)، وقرأ عليه من صحيحي البخاري ومسلم، وأخذ على شيخه الشيخ محمود العطار (ت 1362هـ) مسند الإمام الشافعي وسمع على شيخه أبو الخير الميداني (ت 1380هـ)، حديث الرحمة المسلسل بالأولية الإضافية والمسلسل بالدمشقيين، توفي -رحمه الله تعالى- في دمشق سنة 1421هـ.
11- ومن أبرز مَنْ وفد إلى المسجد ودرَّس فيه مفتي دَرْعَا العلامة الشيخ عبد العزيز بن جبر أبا زيد الأذرعي رحمه الله تعالى (ت 1423هـ)، ولد ونشأ في مدينة دَرْعَ، ورحل إلى دمشق وطلب العلم فيها على علامتها الشيخ علي الدقر، ومحدث الشام ومفتيها العلامة بدر الدين الحسني رحمه الله تعالى.
هذا ولا يزال المسجد العمري يؤدي دوره الرائد في مدينة دَرْعَ، فالداخل إليه ينبهر بتَحَلُّق طلاب العلم حول مشايخهم، ويطرب سمعه بأصوات الناشئة في حلقات القرآن الكريم، وهذا عهد من أهالي مدينة دَرْعَا لخليفة المسلمين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن هذا المسجد سيبقى كما أراده رضي الله عنه، منارةً للعلم والهدى، وينطلق من أعلى منارته صوت الحق قائلاً: الله أكبر، الله أكبر.. لا إله إلا الله.
المصدر: مجلة الوعي الإسلامي.


[1] رواه البخاري:7118.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
المسجد ودوره في الحضارة الإسلامية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» علم الفلك في الحضارة الإسلامية
» مقومات الحضارة الإسلامية
» من مميزات الحضارة الإسلامية
» من تطبيقات الهندسة في الحضارة الإسلامية
» علوم النباتات في الحضارة الإسلامية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: الدين والحياة-
انتقل الى: