ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 69962 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 77 الموقع : الاردن
| موضوع: التاريخ الاجتماعي للأردن كما يوثقه راتب الوزني الخميس 30 يونيو 2016, 12:34 am | |
| [rtl]التاريخ الاجتماعي للأردن كما يوثقه راتب الوزني[/rtl] د. موسـى الكـيـلاني [rtl]
قد يكون التاريخ الاجتماعي للوطن اكثر مصداقية من التاريخ السياسي نظراً لتداخل المصالح الخاصة للبعض في إعادة كتابة الوقائع او تحريفها أوتزويرها كما يشهد على ذلك قارئ الخلافة الاموية او العباسية قديماً , اوقارئ النكبات الفلسطينية حديثاً. وفي ضمن هذا الإطار, يندرج كتاب الأستاذ راتب الوزني الذي تتجلى فيه عبقرية الوطن الذي يــنَمّي الكفاءات, ولا يبيد الفرص, ولا يغتال اصحاب الطموح , فيرتقي الى اعلى درجات السلم الوظيفي في السلك القضائي رجلٌ عصامي بدأ حياته في منطقة المحطة من احياء عمان حيث كان لوالده مزرعةٌ هناك. جاء عنوان الكتاب السفر على صيغة « من محطة عمان الى الوزارة ورئاسة القضاء « ليكشف فيه كيف تطورت شخصية الكاتب مع نمو الوطن وكيف تبلورت مع تفاعل احداث الوعي القومي العربي في الستينيات والخمسينيات من القرن العشرين وهي الفترة المفصلية في إعادة تشكيل الشخصية العربية , وتحديد أبعاد الهوية الاسلامية. وفي إمتداد الرفض الشعبي للاستعمار الفرنسي والبريطاني في الاسلوب الذي تبناه المرحوم الرئيس عبد الناصر وقادة التحرر الوطني. يتحدث الكاتب عن متانة النسيج الاجتماعي بين ابناء الوطن حيث قدم عام 1947و1948- عائلات من آل الجبجي وعماشة وابو غزالة الى عمان, فاستضافهم والده في بيته المؤلف من خمس غرف, وكان الجميع يشترك في مطبخ واحد, وحمّام واحد, وبعضهم مسيحي وبعضهم مسلم. وبعضهم من القدس وبعضهم من الرملة. يشرح الاستاذ راتب الوزني كيف كانت ردود فعل الشعب عندما علم من محطة الإذاعة عن خبر تفجير رئاسة الوزراء , واغتيال الشهيد هزاع المجالي, رئيس الوزراء آنذاك, ومعه عدد كبير من المواطنين الذين تواجدوا في مبنى الرئاسة في ذلك اليوم لتسيير مصالحهم. فيقول السيد نعيم التل , ستأتي حكومة جديدة يترأسها الرجل القوي سمير الرفاعي, « والله يستر ما يجيب فلاح المدادحة معه « وإذ بالمذيع يقول , ويكون فلاح المدادحة وزيراً للداخلية. ويتحدث ابن عمّان الذي درس في جامعة لندن لاستكمال تحصيله الاكاديمي كيف اضطر لقبول المساعدة المالية من والده ليتمكن من تغطية نفقاته, علماً بأنه موظف حكومي كبير, وفي درجة عليا, ولكن وشائج العلاقة العائلية تنعكس على السلوكيات حتى مع قاضٍ كبير وعصاميٍ ونزيه, انتدبته حكومته لمتابعة الدراسات العليا في بريطانيا. ويعطي الكاتب, باعتباره قاضياً ومثقفاً, تحليله لتطورات المجتمع الاردني فيستـشهد بعشائر الدعجة في عمان وموقفهم من انتخابات 1993 , فهم لم يكونوا يعرفون وزنهم الحقيقي سكانياً وعدداً, فلم يكن منهم النواب او الوزراء أو الأعيان, بما يتناسب مع حقوقهم مقارنة مع عشائر اخرى, ولكن بعد ان قاموا بالانتباه لذلك الخلل, اصبح منهم النواب والوزراء بعد ان تفاعلوا ايجابياً مع العملية السياسية , وكذلك يتمني الكاتب على المكونات الرئيسية الموجودة في الضفة الشرقية التفاعل الايجابي مع الانتخابات البلدية والبرلمانية كي يتم استكمال بناء الوطن النموذج في الاردن. ولدى إستشرافه المستقبل, يقول الأستاذ الوزني, ستقوم الدولة الفلسطينية,» وسيتأكد المواطنون من غرب النهر في الأردن انهم مواطنون من الدرجة الأولى, ولن يطلب أحدٌ منهم ترك شرقي النهر أبداً أبدًاً, ولهذا سيزيد اشتراكهم في الحياة السياسية, والحياة الاقتصادية في عشر سنوات, مما يؤدي الى زيادة عددهم في مجلس الأمة وفي مجلس الوزراء, وفي المناصب الهامة الى أن تعود المساواة التامة بين جميع المواطنين. ويعطي الكاتب صورة من الداخل كيف عملت حكومة الشريف زيد بن شاكر عندما كان وزيراً للعدل فيها عام 1989 وما هي الاستراتيجية التي تم إتباعها لإنقاذ الوطن من تداعيات احداث نيسان في معان وسائر مناطق المملكة خاصة وان الوضع الاقتصادي قد تفاقم سوؤه الى درجةٍ هددت بالإنهيار داخلياً يالإضافة للعوامل الخارجية والاصابع الخفية التي كانت تستهدف البلاد كلها لا يمثل الكتاب مذكرات للمؤلف, ولا يجسد ذكرياته فحسب, بل هو صورة بانورامية لعمان منذ ان كانت صغيرةً يستقي الناس من منابعها العديدة شرابهم قبل ان تصل الحضارة باوزارها وخيراتها. والكتاب صورة بانورامية لتطور عقل المواطن سياسياً واجتماعياً على مدى سبعين عاماً يحلل فيها الاستاذ الوزني اعادة تشكيل ردود الفعل على الحدث العسكري والسياسي والاجتماعي إمتداداً من مقاومة الشعب الاردني للقوات البريطانية التي قدمت من الغور في الحرب العالمية الاولي ومن ثورة الإمام الخميني على الشاه عام 1979 ومحاولة المغفور له الملك حسين إنقاذ العراق من كارثة احتلال الكويت وموقف الشباب العربي من وحدة سوريا والعراق في الستينيات من القرن الماضي. لقد اهدانا الاستاذ راتب الوزني سفراً ثرياً عن التاريخ الاجتماعي للوطن, كما قدم تحليلاً علمياً للتطورات السياسية والاقتصادية والعسكرية التي مرت بها الامة العربية خلال سبعين عاماً.[/rtl] |
|