منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 التصوف بين السنة والبدعة.. نظرة عن كثب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69796
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

التصوف بين السنة والبدعة.. نظرة عن كثب  Empty
مُساهمةموضوع: التصوف بين السنة والبدعة.. نظرة عن كثب    التصوف بين السنة والبدعة.. نظرة عن كثب  Emptyالثلاثاء 09 أغسطس 2016, 9:41 am

الولاية والأولياء عند السادة الصوفية

التصوف بين السنة والبدعة.. نظرة عن كثب  %D8%A3%D8%A8%D9%88_%D8%AD%D8%A7%D9%85%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%B2%D8%A7%D9%84%D9%8A

عماد الدين الزرقان
"ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون"
من الأمور التي يكثر حولها الجدل عند الصوفية مسألة الولاية والأولياء ومراتب الأولياء وختم الولاية، وقبل أن نلج في هذا الموضوع لنتعرف على معنى الولاية أو الولي، ففي معاجم اللغة الولاية تأتي بمعنى القرب وبمعنى المحبة، والولي كل من وليَ أمراً أو قام به وهو النصير أيضاً والمحب والصديق، إذن فيتلخص معنى الولاية والولي بالمحبة والمحب ويلزم منه القرب والنصرة.
ولكن ما معنى أن يحب الله عبدا ويتولاه فيصبح ولياً؛ المحبة هي في حق المخلوقين ميل ورقة في القلب وهذا الميل والرقة يستدعي إنعاما على المحب وإرادة الخير له، والرقة والميل محالان في جناب الحق تعالى فيكون معنى المحبة الإنعام على سبيل الابتداء وإرادة الخير والكفاية والنصرة، والقرب الذي يكون في الولاية هو في حق الله قرب معنوي فهو قريب من وليه بمحبته ونصرته، وليس قرب مكان كما يتوهم بعض المجسمة.
وعند أهل الشرع الولاية نوعان؛ ولاية عامة وهي ولاية الله تعالى لجميع المؤمنين قال تعالى :"الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور"، وولاية خاصة وهي التي يتحدث عنها الصوفية قال تعالى :"ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، الذين آمنوا وكانوا يتقون، لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم"، وهي كما في الرسالة القشيرية :"من توالت طاعاته من غير تخلل معصية، وهو الذي يتولى الحقّ سبحانه حفظه وحراسته على الإدامة والتوالي، فلا يخلق له الخذلان الذي هو قدرة العصيان، وإنما يديم توفيقه الذي هو قدرة الطاعة، قال الله تعالى: " وهو يتولى الصالحين".
وقال الإمام الغزالي:"الولي من العباد من يحب الله عز وجل ويحب أولياءه وينصره وينصر أولياءه ويعادي أعداءه، ومن أعدائه النفس والشيطان، فمن خذلهما ونصر أمر الله تعالى ووالى أولياء الله وعادى أعداءه فهو الولي من العباد"، وقال الإمام عبدالله بن عمر البيضاوي الولاية لا تتم إلا :"بالإعراض عن غير الله عز وجل، ومن أعرض عن الغير متوجهاً إليه فهو من أوليائه".
وقد عرّفه الإمام إبراهيم الباجوري في كتابه شرح جوهرة التوحيد، وهو من كتب العقائد عند أهل السنة :"الولي: هو العارف بالله وصفاته حسب الإمكان، المواظب على الطاعات المجتنب للمعاصي المعرض عن الانهماك في اللذات والشهوات".
فالذي نفهمه أن الولاية أمر كسبي يتحصل عن طريق المجاهدة والطاعات والالتزام بالشرع والوقوف مع أوامر الله في الكتاب والسنة، ثم يحصل نور من الله وهبي لهذا الإنسان الذي جاهد نفسه والتزم أوامر الله واجتنب نواهيه، قال تعالى :"اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ"، فهذا مثل للمؤمن وقلبه هو المشكاة ويُوقَد من القرآن والسنة وهي الشجرة المباركة، وهذه أنوارٌ وهبية من الله تعالى، وفي الآية :"أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه".
وفي الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صل الله عليه وسلم - :"إن الله تعالى قال :"من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته، ولا بد له منه" رواه البخاري.
قال الإمام أبو سليمان حمد بن محمد البُستي الخطابي معلقا على الحديث :"أي: يسرت عليه أفعاله المنسوبة إلى هذه الآلات، ووفقته فيها، حتى كأني نفس هذه الآلات، وقيل: أي: يجعل الله حواسه وآلاته وسائل إلى رضائه فلا يسمع إلا ما يحبه الله ويرضاه، فكأنه يسمع به إلخ. وقيل: أي: يجعل الله سلطان حبه غالباً عليه حتى لا يرى إلا ما يحبه الله، ولا يسمع إلا ما يحبه، ولا يفعل إلا ما يحبه، ويكون الله سبحانه في ذلك له يداً وعوناً ووكيلاً يحمي سمعه وبصره ويده ورجله عما لا يرضاه".
فانظر كيف بدأ المؤمن في هذا الحديث بالسير إلى الله بالطاعات ثم وصل إلى مرتبة الولاية فوهب الله له مواهب لدنية حتى أصبح العبد محفوظا بحفظ الله تعالى له.     
هل الولي معصوم
قال القشيري رحمه الله هل يكون الولي معصوماً قيل: أما وجوباً، كما يقال في الأنبياء فلا. وأما أن يكون محفوظاً حتى لا يصر على الذنوب إن حصلت هنات أو آفات أو زلات، فلا يمتنع ذلك في وصفهم، ولقد قيل للجنيد: العارف يزني يا أبا القاسم؟ فاطرق ملياً، ثم رفع رأسه وقال:"وكان أمر الله قدراً مقدرواً"، ونقل هذا الكلام الإمام يحيى بن شرف النووي عن القشيري في بستان العارفين وأقره عليه.
هل تسلب الولاية
الذي يفهم من كلام العلماء أن المسألة فيها قولان؛ الأول لا تسلب الولاية، والثاني قال تسلب الولاية، أما القول الأول فهو مبني على أن من شرط الولاية سلامة العاقبة أي الموت على الطاعة والولاية، وأما أصحاب القول الثاني فلا يشترطون ذلك وهو ما اختاره القشيري والنووي رضي الله عنهما.
هل الولاية أفضل من النبوة
القاضي عبد رب النبي بن عبد رب الرسول الأحمد نكري في كتابه دستور العلماء :"الولاية أفضل من النبوة قول بعض الصوفية وقيل حديث نبوي وأفضليتها من النبوة بخمسة وجوه: أحدها: أن الولاية صفة الخالق والنبوة صفة المخلوق.
وثانيها: أن اشتغال الولاية إلى الحق واشتغال النبوة إلى الخلق.
 وثالثها: أن الولاية أمر باطن والنبوة أمر ظاهر.
ورابعها: أن الولاية أمر خاص والنبوة أمر عام.
 وخامسها: أن الولاية لا انتهاء لها والنبوة لها انتهاء.
وفي شرح المقاصد حكي عن بعض الكرّامية (المجسمة) أن الولي قد يبلغ درجة النبي بل أعلى، وعن بعض الصوفية أن الولاية أفضل من النبوة لأنها تنبئ عن القرب والكرامة كما هو شأن خواص الملك المقربين منه، والنبوة عن الأنباء والتبليغ كما هو حال من أرسله الملك إلى الرعايا لتبليغ أحكامه. إلا أن الولي لا يبلغ درجة النبي لأن النبوة لا تكون بدون الولاية، وفي كلام بعض العرفاء إن ما قيل؛ الولاية أفضل من النبوة لا يصح مطلقا. وليس من الأدب إطلاق القول به بل لا بد من التقييد وهو أن ولاية النبي أفضل من نبوته لأن النبوة متعلقة بمصلحة الوقت والولاية لا تعلق لها بوقت دون وقت بل قام سلطانها إلى قيام الساعة بخلاف النبوة فإنها بجناب أقدس محمد المصطفى صل الله عليه وآله وصحبه وسلم حيث ظاهرها الذي هو الإنباء وإن كانت دائمة من حيث باطنها الذي هو الولاية أعني التصرف في الخلق بالحق، فإن الأولياء من أمة محمد صلـى الله عليه وسلم لهم تصرف في الخلق بالحق إلى قيام الساعة. ولهذا كانت علامتهم المتابعة إذ ليس الولي إلا مظهر تصرف النبي.
وعن أهل الإباحة والإلحاد أن الولي إذا بلغ الغاية في المحبة وصفاء القلب وكمال الإخلاص سقط عنه الأمر والنهي ولم يضره الذنب ولا يدخل النار بارتكاب الكبيرة، والكل فاسد بإجماع المسلمين ولعموم الخطابات(الآيات). ولأن أكمل الناس في المحبة والإخلاص هم الأنبياء سيما حبيب الله خاتم رسل الله تعالى عليه الصلاة والسلام مع أن التكاليف في حقهم أتم وأكمل حتى يعاتبون بأدنى زلة بل بترك الأولى والأفضل".
إذن فالقول بأن الأولياء أفضل من الأنبياء هو قول باطل بإجماع أهل السنة، فالأنبياء هم أعلى البشرية درجة بل قال علماء أهل السنة أن الأنبياء أفضل من الملائكة بل محمد صل الله عليه وسلـم أفضل الخلق على الإطلاق، وهذا هو اعتقاد صوفية أهل السنة والجماعة.
مراتب الولاية عند الصوفية
أصحاب مراتب الولاية الذين يحصرهم عدد وهي ملخصة من كتاب الفتوحات المكية لابن عربي الحاتمي لخصها الدكتور عاصم إبراهيم الكيلاني، ونحن لا نوافق على هذا التقسيم وهو لم يوجد عند المتصوفة من أهل السنة بهذا الوصف؛ وهي:

  1. الأقطاب
    وهم الجامعون للأحوال والمقامات بالأصالة أو بالنيابة لا يكون منهم في الزمان إلا واحد وهو الغوث أيضا وهو من المقربين وهو سيد الجماعة في زمانه.
  2. الإمامان
    لا يزيدون في كل زمان عن اثنين الواحد عبد الرب والآخر عبد الملك والقطب عبد الله ولو كانت أسماؤهم ما كانت، وهما له بمنزلة الوزيرين الواحد منهم مقصور على مشاهدة عالم الملكوت وهو عن يمين القطب والآخر على عالم الملك وهو على يسار القطب وهو أعلى منزلة من صاحبه وهو من يخلف القطب إذا مات.
  3. الأوتاد
    وهم أربعة في كل زمان لا يزيدون ولا ينقصون الواحد منهم يحفظ الله به المشرق وولايته فيه، والآخر المغرب والآخر الجنوب والآخر الشمال والتقسيم من الكعبة، وقد يكون منهم النساء وكذلك غيرهم وألقابهم عبد الحي وعبد العليم وعبد القادر وعبد المريد.
  4. الأبدال
    وهم سبعة لا يزيدون ولا ينقصون يحفظ الله بهم الأقاليم السبعة لكل بدل منهم إقليم فيه ولاية وإنما سموا أبدالا لكونهم إذا فارقوا موضعا ويريدون أن يخلفوا فيه بدلا منهم في ذلك الموضع لأمر يرون فيه مصلحة وقربة يتركون به شخصا على صورتهم لا يشك أحد ممن أدرك رؤية ذلك الشخص أنه عين ذلك البدل وليس هو بل هو شخص روحاني يتركه بدلا منه على علم منه فكل من له هذه القوة فهو البدل ومن يقيم الله عنه بدلا في موضع ما ولا علم له بذلك فليس من الأبدال المذكورين.
  5. النقباء
    وهم اثنا عشر نقيبا في كل زمان لا يزيدون ولا ينقصون على عدد بروج الفلك الإثني عشر برجا، كل نقيب عالم بخاصية برج، واعلم أن الله تعالى قد جعل بأيدي هؤلاء النقباء علوم الشرائع المنزلة ولهم استخراج خبايا النفوس وغوائلها ومعرفة مكرها وخداعها، وأما إبليس فمكشوف عندهم يعرفون منه ما لا يعرفه من نفسه وهم من العلم بحيث إذا رأى أحدهم وطأة شخص في الأرض علم أنها وطأة سعيد أو شقي.
  6. النجباء
    وهم ثمانية في كل زمان لا يزيدون ولا ينقصون وهم الذين تبدوا منهم وعليهم أعلام القبول من أحوالهم وإن لم يكن لهم في ذلك اختيار لكن الحال يغلب عليهم ولا يعرف ذلك منهم إلا من هو فوقهم لا من هو دونهم.
  7. الحواريون
    وهو واحد في كل زمان فإذا مات ذلك الواحد أقيم غيره.
  8. الرجبيون
    وهم أربعون نفسا في كل زمان لا يزيدون ولا ينقصون، هم رجال حالهم القيام بعظمة الله وهم من الأفراد، وسموا رجبيين لأن حال هذا المقام لا يكون لهم إلا في شهر رجب من أول استهلال هلاله إلى يوم انفصاله ثم يفقدون ذلك الحال من أنفسهم فلا يجدونه إلى دخول رجب من السنة الآتية وقليل من يعرفهم من أهل هذا الطرق وهم متفرقون في البلاد يعرف بعضهم بعضا.
  9. الختم
    وهو واحد لا في كل زمان بل واحد في العالم يختم الله به الولاية المـحمدية، فلا يكون في الأولياء المـحمديين أكبر منه، وثم ختم آخر يختم الله به الولاية العامة من آدم إلى آخر ولي وهو عيسى عليه السلام هو ختم الأولياء كما كان ختم دورة الفلك فله يوم القيامة حشران يحشر في أمة مـحمد صل الله عليه وسـلم ويحشر رسولا مع الرسل عليهم الصلاة والسلام.
    وقد أدعى ابن عربي أنه ختم الأولياء.
  10. رجال التحكم

وهم عشرة أنفس في كل زمان لا يزيدون ولا ينقصون مقامهم إظهار غاية الخصوصية بلسان الانبساط في الدعاء وحالهم زيادة الإيمان بالغيب فلا يكون لهم غيب فكل غيب لهم شهادة.
وهذه المراتب المحصورة بعدد أما المراتب غير المحصورة بعدد فكثيرة؛ منهم الأفراد وهم الرجال الخارجين عن نظر القطب ومنهم الأمناء وهم الملامتية ومنهم رجال الفتح ورجال الإمداد ورجال المعراج وغير ذلك.
وكل هذا الكلام ليس عليه دليل من كتاب ولا سنة ولم يثبته أهل السنة والجماعة ولا أهل التصوف منهم، فما نجد هذا الكلام عند القشيري في رسالته ولا عند الإمام الغزالي ولم يذكره الإمام النووي في كتابه بستان العارفين عندما ذكر الأولياء والولاية، ولم يقل به شيخ الإسلام زكريا الأنصاري رحمه الله، وكثير ممن يقول بهذه المقامات يقرر أن لهؤلاء الأولياء تحكم وتصرف في هذا العالم نيابة عن الله، وهذا فيه ما فيه عند علماء العقائد، وهو مرفوض عند علماء أهل السنة والجماعة.


عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الثلاثاء 09 أغسطس 2016, 9:44 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69796
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

التصوف بين السنة والبدعة.. نظرة عن كثب  Empty
مُساهمةموضوع: رد: التصوف بين السنة والبدعة.. نظرة عن كثب    التصوف بين السنة والبدعة.. نظرة عن كثب  Emptyالثلاثاء 09 أغسطس 2016, 9:42 am

كرامات الأولياء.. هل من حقيقة لها في الشرع؟


عماد الزرقان
في المقال السابق تحدثنا عن الولي والأولياء، وبينا أن الولاية حاصلة وثابتة بالكتاب والسنة وإجماع أهل الحق، واليوم نتكلم عن الكرامة ما هي، وهل هي ثابتة واقعة، وهل عليها دليل من الكتاب والسنة، وسنتكلم عن بعض أنواع الكرامات.
الكرامة هي أمر خارق للعادة يجريه الله على يدي الولي، وهي تفارق المعجزة؛ بأن المعجزة يجريها الله على يد نبي، أي أن المعجزة تكون مع دعوى النبوة والكرامة لا تكون مع دعوى النبوة، والكرامة ثابتة عقلا ونقلا وأجمع على وقوعها أهل الحق، أما عقلا فقد قال الإمام النووي :"أما دلائل العقل فهي أمر يمكن حدوثه، ولا يؤدي وقوعه إلى رفع أصل من أصول الدين، فيجب وصف الله تعالى بالقدرة عليه وما كان مقدورا كان جائز الوقوع".
فهنا النووي يقول أن الكرامة أمر يجوز في العقل لأن الله يقدر على خلق الكرامة للولي كما هو قادر على خلق المعجزة للنبي ففعل الله واحد في الأمرين وبعد القول بجوازه عقلا ننظر إلى كلام الشرع وجوازه شرعا.
وأما في النقل فقد ثبتت الكرامة بالكتاب والسنة، أما الكتاب فقوله تعالى :"وهزَّي إليكِ بجذعِ النَّخلةِ تُساقِط عليكِ رُطبَاً جنيًّا"، حكاية عن مريم عليها السلام، وقال تعالى :"كلَّما دخَلَ علَيها زكريَّا المِحرابَ، وَجَدَ عِندها رزقاً، قالَ يا مريمُ أنَّى لكِ هذا قالت هوَ من عندِ اللّهِ"، قال الإمام أبو المعالي الجويني رحمه الله تعالى إمام الحرمين :"ولم تكن مريم بنبية بإجماع العلماء"، قال النووي رحمه الله :"وكذا قاله غيره بل كانت ولية صديقة كما أخبر الله تعالى عنها".
قال النووي رحمه الله ومن ذلك قصة صاحب سليمان عليه السلام حيث قال: (أنَا آتِيك بهِ قبلَ أن يَرتدَّ إليكَ طرفُك)، قال العلماء ولم يكن نبيا، ومن ذلك ما استدل به إمام الحرمين وغيره من قصة أم موسى، ومن ذلك ما استدل به أبو القاسم القشيري من قصة ذي القرنين، ومن ذلك قصة أهل الكهف وما اشتملت عليه من خوارق العادات، قال إمام الحرمين وغيره ولم يكونوا أنبياء بالإجماع انتهى كلام النووي رحمه الله.
وأما السنة فأحاديث فكثيرة، منها حديث أنس أن رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خرجا من عند النبي صل الله عليه وسلم في ليلة مظلمة، ومعهما مثل المصباحين يضيئان بين أيديهما فلما افترقا صار مع كل واحد منهما واحدا حتى أتى أهله، أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الصلاة وفي علامات النبوة، هذان الرجلان عباد بن البشر وأسيد بن حضير.
وأما الإجماع فقد قال الإمام أبو المعالي إمام الحرمين :"الذي صار إليه أهل الحق جواز انخراق العادة في حق الأولياء"، وخالف أهل السنة في ذلك المعتزلة فانكروا الكرامات، قال الإمام برهان الدين اللقاني إبراهيم بن إبراهيم بن حسن المالكي، المصري في جوهرة التوحيد:"
وأثبتن للأوليا الكرامة            ومن يخالف فانبذن كلامة"

وقال أهل الحق كل معجزة لنبي تصح أن تكون كرامة لولي، وظهور الكرامات في أمة من الأمم دليل على صدق نبي هذه الأمة، فهي للولي كرامة وهي للنبي معجزة، ولتوضيح ذلك نقول أنه لو لم يكن هذا النبي نبيا لم تظهر كرامة على أتباعه فهي من معجزات هذا النبي أي ظهور الكرامة على أتباعه، فظهور الكرامات في أمة النبي محمد صل الله عليه وسلـم هي دليل على صدقه في دعوى النبوة وهي معجزة له صلـى الله عليه وسلم وإن كانت في نفس الوقت كرامة لولي من أتباعه.
وهل تحصل الكرامة بطلب من الولي أم يشترط في حصولها عدم الطلب، اختلف العلماء على قولين والذي اختاره الإمام أبو المعالي إمام الحرمين والنووي والقشيري رحمهم الله أنها تحصل بطلب من الولي ومن غير طلب أيضا.
روايات في بعض كرامات الأولياء
قال الإمام النووي: قالت امرأة أبي مسلم يعني الخولاني: يا أبا مسلم ليس لنا دقيق، قال: عندك شيء، قالت: درهم بعنا به غزلا، قال: أبغينيه؛ أي أعطينيه، وهاتي الجراب، فدخل السوق فوقف على رجل يبيع الطعام فوقف عليه سائل وقال يا أبا مسلم تصدق عليّ، فهرب منه وأتى حانوتا آخر فتبعه السائل، فقال: تصدق علينا فلما أضجره أعطاه الدرهم ثم عمد إلى الجراب فملأه من نحاتة النجارين مع التراب ثم أقبل إلى باب منزله فنقر الباب وقلبه مرعوب من أهله فلما فتحت الباب رمى بالجراب وذهب، فلما فتحته إذا هي بدقيق حواري، فعجنت وخبزت فلما ذهب من الليل الهُوِيْ، جاء أبو مسلم فنقر الباب فلما دخل وضعت بين يديه خوانا وأرغفة حواري، فقال: من أين لكم هذا؟ فقالت: يا أبا مسلم من الدقيق الذي جئت به فجعل يأكل ويبكي، قلت ــــــ أي النووي ـــــــ ما أنفس هذه الحكاية وأكثر فوائدها.
ومن نفائس كراماته ــــــ أي أبو مسلم الخولاني ـــــــ ما رواه الإمام أحمد بن حنبل في كتاب الزهد له أن أبا مسلم الخولاني مر بدجلة وهي ترمي الخشب من برها فمشى على الماء ثم التفت إلى الصحابة رضوان الله عليهم، فقال أبو مسلم هل تفقدون من متاعكم شيئا فندعوا الله عز وجل، وهذه القصة حصلت عند فتح المدائن.
من أنواع الكرامات الكشف
الكشف: في اللغة رفع الحجاب. وفي الاصطلاح هو الاطلاع على ما وراء الحجاب من المعاني العلية والأمور الخفية، فهو ينقسم إلى كشف معنوي تظهر به معاني عالية في القلب وعلوم دون دليل أو استدلال، قال ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوي :"فما كان من الخوارق من باب العلم فتارة بأن يسمع العبد مالا يسمعه غيره، وتارة بأن يرى مالا يراه غيره يقظة ومناما، وتارة بأن يعلم مالا يعلم غيره وحيا وإلهاما أو إنزال علم ضروري أو فراسة صادقة، ويسمى كشفا ومشاهدات ومكاشفات ومخاطبات فالسماع مخاطبات، والرؤية مشاهدات، والعلم مكاشفة، ويسمى ذلك كله كشفا ومكاشفة أي كشف له عنه"، قال أبو المواهب الشاذلي في رده على من أنكر (حدثني قلبي عن ربي): "لا إنكار، لأن المراد أخبرني قلبي عن ربي من طريق الإلهام الذي هو وحي الأولياء".
وإما أن يكون كشف عن أمور حسية خلف جدار أو بعيدة عن المكان الذي فيه صاحب الكشف قال الإمام الغزالي :"حتى إنهم في يقضتهم يشاهدون الملائكة وأرواح الأنبياء ويسمعون منهم أصواتا ويقتبسون منهم فوائد".
ومن ذلك، الأثر الصحيح عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، أنه قال: يا سارية الجبل الجبل في حال خطبته يوم الجمعة، وتبليغ صوت عمر إلى سارية في ذلك الوقت حتى تحرز من مكامن العدو من الجبل في تلك الساعة، وكان عمر رضي الله عنه بالمدينة وسارية بالشام.
درجات الكشف وأنواعه
قال الإمام الغزالي رضي الله عنه :"أما درجات الكشف فمثاله أن يبصر زيدا في الدار عن قرب وفي صحن الدار في وقت إشراق الشمس فيكمل له إدراكه والآخر يدركه في بيت أو من بعد أو في وقت عشية فيتمثل له في صورته ما يستيقن معه أنه هو ولكن لا يتمثل في نفسه الدقائق والخفايا من صورته ومثل هذا متصور في تفاوت المشاهدة للأمور الإلهية".
البارقة: وهي لائحة ترد من الجناب الأقدس وتنطفئ سريعا وهي من أوائل الكشف ومباديه.
الفراسة: في اللغة التثبت والنظر، وفي اصطلاح أهل الحقيقة هي مكاشفة اليقين ومعاينة الغيب.
الإلهام: هو إيقاع الشيء في القلب من علم يدعو إلى العمل به، من غير استدلال تام ولا نظر في حجة شرعية، وقد يحصل من الحق من غير واسطة الملك، والإلهام من الكشف المعنوي.
قال ذو النون المصري :"رأيت فتى عليه أطمار رثة فتقذرته نفسي وشهد له قلبي بالولاية، فبقيت بين نفسي وقلبي أتفكر! فاطلع الفتى على سري، فنظر إليّ فقال: يا ذا النون لا تبصرني لكي ترى خُلقي وإنما الدُّر داخل الصدف".
قال أبو يزيد البسطامي :"قعدت ليلة في محرابي فمددت رجلي، فهتف بي هاتف من يجالس الملوك ينبغي أن يجالسهم بحسن الأدب".
قال أبو بكر الدقاق :"كنت ماراً في تيه بني إسرائيل فخطر ببالي أن علم الحقيقة مباين للشريعة، فهتف بي هاتف من تحت شجرة: كل حقيقة لا تتبعها الشريعة فهي كفر".
وبقي أن ننبه إلى شيء مهم مستفاد من قصة أبي بكر الدقاق؛ وهي أن العلوم والمعارف التي تحصل بالكشف يجب أن لا تخالف الشرع، فإذا أدّعى إنسان أنه كشف له بما يخالف الشرع فلا يلتفت إلى قوله، وهذه الكشوف أيضاً ليست من أدلة الشرع الحنيف، بل هي أمور تثبّت قلب الولي وترشده وتدله وتبين منزلته عند الله، فلا يستدل بها في أمور الأحكام الشرعية.
ونختم بقول الإمام القشيري رحمه الله :"حتى يكون الولي وليَّا؛ يجب قيامه بحقوق الله تعالى على الاستقصاء والاستيفاء، ودوام حفظ الله تعالى إياه في السراء والضراء .. فكل من كان للشرع عليه اعتراض فهو مغرور مخدوع".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69796
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

التصوف بين السنة والبدعة.. نظرة عن كثب  Empty
مُساهمةموضوع: رد: التصوف بين السنة والبدعة.. نظرة عن كثب    التصوف بين السنة والبدعة.. نظرة عن كثب  Emptyالثلاثاء 09 أغسطس 2016, 9:43 am

التصوف بين السنة والبدعة.. نظرة عن كثب (1)

عماد الدين الزرقان 
كثيرا ما نسمع عن التصوف وكثيرا ما يقال فلان من العلماء المسلمين الكبار صوفي كالغزالي مثلا، فما هو التصوف، ومن أين جاءت التسمية، وهل التصوف ينطبق مع مفهوم الإسلام الصحيح، وما هي أقوال كبار الصوفية عن التصوف، وهل واجه التصوف انحرافا وهل يمكن القول إن التصوف منه ما هو صحيح ومنه ما هو مزيف، أو منه ما هو سني ومنه ما هو بدعي، وما موقف علماء أهل السنة من التصوف؟   
ولنبتدأ القول في اسم التصوف من أين ظهرت هذه التسمية وما هو أصلها، فقد اختلف الباحثون وعلماء الصوفية في مصدر الاسم، فالبعض يقول هو من الصوف، ولهذا يقال: تَصوَّف إذا لبس الصوف، كما يقال: تقمص إذا لبس القميص، وقيل إنه مشتق من الصفاء، فاشتقاق الصوفي من الصفاء وأن الصوفي هو من صفا فصوفي حتى قيل..
 ولست أنحل هذا الاسم غير فتى *** صافى فصوفي حتى سمي الصوفي

وقالوا إنه مشتق من الصف، فكأنهم في الصف الأول في معاملة القلوب، وقيل هو من الصُفّة؛ وهي المكان الذي كان يجلس فيه فقراء الصحابة زمن النبي صلـى الله عليه وسلم في مسجد المدينة.
وقيل من قال إنه من (الصُوفَة)؛ لأنه مع الله كالصوفة المطروحة لا تدبير له، وقيل أنه من (صُوفَة القفاـــ وهي خصلة الشعر على مؤخرة الرأس) للينها، فالصوفي هين لين كهي، وفي قول أنه من (الصِفَةِ) إذ جملته اتصاف بالمحامد وترك الأوصاف المذمومة.
ويرى شيخ الصوفية، أبو نصر السراج الملقب بطاووس الفقراء في كتابه "اللُمع" وهو أقدم كتاب يصل إلينا في التصوف 378ه في باب الكشف عن اسم الصوفية، ولمَ سمو بهذا الاسم، ولمَ نسبوا إلى هذه اللبسة فقال:"نسبوا إلى ظاهر اللبسة، لأن لبسة الصوف دأب الأنبياء عليهم السلام وشعار الأولياء والأصفياء"، إذن فهو يرجّح أن لبس الصوف هو سبب تسميتهم صوفية.
وهذا ما رجحه الباحث الفيلسوف البروفيسور عبد الرحمن بدوي حيث يقول إن اشتقاق اسم الصوفية من لبس الصوف أرجح الآراء.
ولكن يرى إمام الصوفية عبد الكريم بن هوازن أبو القاسم القشيري في كتابه الرسالة القشيرية أنه ليس اسما مشتقا بل هو لقب على هذه الطائفة، فقال:" ليس يشهد لهذا الاسم من حيث العربية قياس ولا اشتقاق. والأظهر فيه: أنه كاللقب ... ثم هذه التسمية غلبت على هذه الطائفة؛ فيقال: رجلٌ صوفي، وللجماعة صوفيَّة، ومن يتوصل إلى ذلك يقال له: متصوف، وللجماعة: المتصوفة ... ثم إن هذه الطائفة أشهر من أن يحتاج في تعينهم إلى قياس لفظ واستحقاق اشتقاق".
ورد على القائلين بأنه نسبة للبس الصوف فقال:" لكن القوم لم يختصوا بلبس: الصوف!!" ولكن ذهب الفقيه المالكي الصوفي أحمد بن أحمد البرنسي الفاسي المعروف بـزرّوق إلى أنه منقول من "الصِفَة" فالتصوف هو وصف من ناله سمي صوفي، وقال:" وهذا هو الأصل الذي يرجع إليه كل قول فيه، والله أعلم".
وأول ما ظهر هذا اللقب في القرن الثاني الهجري، وهذا ما يذهب إله السرّاج، لأن هذا الاسم كان يعرف في زمن الحسن البصري رضي الله عنه، فقد روى السرّاج أن الحسن البصري قال :"رأيت صوفيا في الطواف فأعطيته شيئا فلم يأخذه، وقال: معي أربعة دوانق فيكفيني ما معي" كما يروى عن سفيان الثوري أنه، قال:"لولا أبو هاشم الصوفي ما عرفت دقيق الرياء".
ويرى الصوفي عبد الرحمن الجامي من مشاهير شعراء فارس وكتابهم في القرن التاسع الهجري في كتابه نفحات الأنس؛ أن أول من حمل اسم صوفي هو أبو هاشم الكوفي الذي عاش في النصف الأول من القرن الثاني، ويقول القشيري إن هذا الاسم انتشر قبل سنة مائتين للهجرة.
لكن الذي رجحه الأستاذ بدوي أنه اشتهر في النصف الثاني من القرن الثالث حيث يقول:"ليس لدينا روايات كتابية وثيقة من القرنين الأول والثاني ورد فيها اسم الصوفي ولعل أقدم ما وصلنا من المؤلفات ذكرت اسم الصوفي والصوفية هو كتاب "البيان والتبيان" للجاحظ المتوفى سنة 250 أو255 ه، إذ يذكر الصوفية النساك ويورد أسماء من عرف بالفصاحة منهم".
ولكن كل من كتب في التصوف وتاريخه حتى الجاحظ يذكر أبا هاشم الصوفي ـــــ وهو في زمن سفيان الثوري المتوفى سنة 161ه ـــــ، أي كانت هذه اللفظة وهذا الاسم معروفا في القرن الثاني الهجري.
ولكن لم لم يعرف هذا اللقب عند الصحابة والتابعين؟
يقول القشيري في ذلك:"أن المسلمين بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: لم يتسمّ أفاضلهم في عصرهم بتسمية علم، سوى صحبة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، إذ لا فضيلة فوقها، فقيل لهم: الصحابة.
ولمَّا أدركهم أهل العصر الثاني سمى من صحب الصحابة: التابعين ورأوا في ذلك أشرف سِمة ثم قيل لمن بعدهم: أتباع التابعين، ثم اختلف الناس، وتباينت المراتب، فقيل لخواص الناس مِمَّن لهم شدة عناية بأمر الدين: الزّهاد والعُباد، ثم ظهرت البدع، وحصل التداعي بين الفرق، فكل فريق ادَّعوا أن فيهم زهاداً.
فانفرد خواصُّ أهل السُّنة المراعون أنفسهم مع الله تعالى، الحافظون قلوبهم عن طوارق الفعلة باسم التصوف".
ونشير أخيرا إلى أن الصوفية قد سموا أنفسهم وعرف عنهم اسم آخر وهو "الفقراء" وهو اسم مشهور في كتبهم وإن ذهب الأستاذ عبد الرحمن بدوي إلى خلاف ذلك، يقول السراج :"إن أهل الشام يسمون الصوفية بالفقراء".
ما هي حقيقة التصوف؟
إن الأمر الآخر الذي سنتناوله بالبحث هو حقيقة التصوف ومعناه، وقد حد التصوف ورسم وفسر بوجوه تبلغ نحو الألفين، كما قال الإمام زروق، قال الإمام أبو حامد الغزالي:"أما التصوف فهو عبارة عن تجرد القلب لله تعالى واستحقار ما سوى الله، وحاصله يرجع إلى عمل القلب والجوارح، ومهما فسد العمل فات الأصل".
وإليك طائفة من أقوال القوم في تعريفه، قال النوري، رحمه الله التصوُّف:"ترك كل حظ للنفس"، وسئل أبوعمرو بن نجيد عن التصوف فقال:"الصبر تحت الأمر والنهي"، قال الكتاني:"التصوف خُلق، من زاد عليك بالخلق، فقد زاد عليك في التصوف"، قال الأستاذ أبو سهل الصعلوكي:"التصوف الإعراض عن الاعتراض"، وقال الجريري:"التصوف مراقبة الأحوال، ورومُ الأدب"، وقال المزين:"التصوف الانقياد للحق".
قال زروق في قواعده:"وكل هذه التعريفات ترجع إلى صدق التوجه إلى الله تعالى، وإنما هي وجوه فيه، فأشعر كلامهم أن من له نصيب من صدق التوجه، له نصيب من التصوف، وأن تصوف كل أحد صدق توجهه، فافهم".
فتعريف التصوف قد تبين لنا وهو صدق التوجه إلى الله وإخلاص القلب وتجريده عما سوى الله وتزكية النفس عن كل خلق ذميم، وهذا هو تصوف أهل السنة، وما ذكرناه هو التصوف النقي الصافي عن الكدورات الذي لم يتغبش بشيء يخرجه عن مقصوده الأول، وقد طرأ على التصوف بعض الكدر بل كثير حتى قيل إن شيخ التصوف لا تكاد تجده فهو كالكبريت الأحمر.
لذلك كثر المنتقدون له وما علموا أن التصوف الحق يجب اخراجه وإظهاره للناس وتنقيته كما فعل مجددوا التصوف كالقشيري والغزالي وزروق وغيرهم، قال الواسطي رحمه الله: كان للقوم إشارات.. ثم صارت حركات.. ثم لم يبق إلا حسرات!!
وبسبب هذا قال الإمام الغزالي رحمه الله، إن كثيرا من الناس تفسد عقيدته في أهل التصوف كافة ويظن أن جميعهم من جنس هؤلاء الذين كدروا التصوف، فيطوّل اللسان في الصادقين من أهله وكل ذلك من شؤم المتشبهين وشرهم، وقال الغزالي أيضا عن هؤلاء؛ أنهم ليسوا من الصوفية وإن تشبهو بهم كيف وهم لم يكلفوا أنفسهم بالعمل ومجاهدة النفس والرياضة ومراقبة القلب وتطهير الباطن والظاهر من الآثام الخفية والجلية، وكل ذلك من أوائل منازل التصوف، ولو فرغوا عن جميعها لما جاز لهم أن يعدوا أنفسهم في الصوفية، كيف ولم يحوموا قط حولها ولم يسوموا أنفسهم شيئا منها.
ومن أنواع الكدورات بل الانحرافات عن منهج التصوف السني هو الخروج عن قول الفقهاء المعتبرين، قال الإمام زروق:"قاعدة صدق التوجه مشروط برضا الحق .. ولا تصوف إلا بفقه"، ومن الانحرافات التي طرأت على التصوف الخروج عن قول أهل السنة في العقائد، قال زروق:"صدق التوجه مشروط بكونه من حيث يرضاه الحق تعالى وبما يرضاه ولا يصح مشروط بدون شرطه {ولا يرضى لعباده الكفر}، فلزم تحقيق الإيمان"، وقد ذكر الإمام القشيري عقائد الصوفية من أهل السنة في رسالته، وذكر الإمام الغزالي عقائد أهل السنة التي يجب أن يعتقدها المتصوف في إحيائه وسوف نتكلم عن هذه الكدورات والانحرافات في مقالات تأتي والله الموفق.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69796
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

التصوف بين السنة والبدعة.. نظرة عن كثب  Empty
مُساهمةموضوع: رد: التصوف بين السنة والبدعة.. نظرة عن كثب    التصوف بين السنة والبدعة.. نظرة عن كثب  Emptyالثلاثاء 09 أغسطس 2016, 9:46 am

مع الصوفية في اصطلاحاتهم .. "الطريقة" (2)


عماد الدين الزرقان
درج أهل كل فن على أن يتفقوا على اصطلاحات فيما بينهم، فتجد أهل الأصول لهم مصطلح وأهل الحديث لهم مصطلح وأهل الفقه لهم مصطلح وحتى العلوم غير الإسلامية، فهناك اصطلاحات للفلسفة واصطلاحات لعلم الفيزياء وهكذا، وفي الشريعة الإسلامية وفي العلوم الإسلامية كثر التأليف في اصطلاحات كل أهل فن، فهناك العديد من الكتب التي تتكلم عن مصطلح الحديث وهناك كتب متخصصة تتكلم عن اصطلاحات الفقهاء، بل إن لكل مذهب من المذاهب الفقهية اصطلاحاته الخاصة، فالمذهب الشافعي مثلا له اصطلاحاته الخاصة وله كتب ألفت لتبيين هذه الاصطلاحات وشرح معانيها، ولم نر أحدا من العلماء أنكر على أهل فن من الفنون اصطلاحهم.
والتصوف فن كسائر الفنون له أيضا اصطلاحاته وألفت كتب في بيان اصطلاحاته هذا الفن، ومن الأمثلة على ذلك لا الحصر كتاب الرسالة القشيرية للإمام القشيري تلميذ إمام الحرمين الجويني وهو عمدة أهل السنة في التصوف، وهناك كتاب شرح معجم اصطلاحات الصوفية للشيخ الأكبر محيي الدين ابن عربي، ومن الكتب الحديثة معجم ألفاظ الصوفية للدكتور حسن الشرقاوي.
وليس المقصد هنا استقصاء الكتب ولكن الدلالة على أن للقوم اصطلاحات وقد قاموا بتبيينها وشرحها وأن التصوف كأي فن له اصطلاحات خاصة به.
ولكن هناك معارض للصوفية في اصطلاحهم وهناك مؤيد لهم، أي أنه قام أناس فاعترضوا على الصوفية وقالوا لهم قد أغربتم في اصطلاحاتكم، وهناك أناس قالوا هم كأهل أي فن لهم اصطلاحاتهم فلا يجوز الاعتراض عليهم.
قال الإمام أبو حامد الغزالي :" الأمر فيه قريب إذ ما من علم إلا وقد أُحدث فيه اصطلاحات لأجل التفهيم كالحديث والتفسير والفقه ... فإحداث عبارة للدلالة بها على مقصود صحيح كإحداث آنية على هيئة جديدة لاستعمالها في مباح".
وقد سأل بعض المتكلمين أبا العباس بن عطاء الأُدَمي :"ما لكم أيها المتصوفة قد اشتققتم ألفاظا أغربتم بها على السامعين وخرجتم عن اللسان المعتاد هل هذا طلبا للتمويه؟ أو سترا لعوار المذهب؟" فأجابه قائلا :"ما فعلنا ذلك إلا لغيرتنا عليه ولعزته علينا كي لا يشربها غير طائفتنا".
قال شهاب الدين عمر السهروردي مؤلف كتاب «عوارف المعارف» في التصوف:"حرروا لنفوسهم اصطلاحات تشير إلى معارف يعرفونها وتعرب عن أحوال يجدونها فأخذ ذلك الخلف من السلف حتى صار ذلك رسما مستمرا وخيرا مستقرا في كل عصر وزمان".
ولكن البعض نسب إلى الصوفية الشنائع بسبب هذه الاصطلاحات وقال إنهم تستروا بها لكي يخفوا عقائدهم، ولكن الباحث في هذه المسألة عليه بتحرير اصطلاحاتهم كي يعرف عقائدهم ثم يحكم عليها بعد ذلك، قال الإمام القشيري :"اعلموا رحمكم الله أن شيوخ هذه الطريقة بنوا قواعد أمرهم على أصول صحيحة في التوحيد وصانوا عقائدهم من البدع، وأتوا بما وجدوا عليه السلف وأهل السنة من توحيد ليس فيه تمثيل ولا تعطيل".
وقال سلطان العلماء العز بن عبد السلام رحمه الله تعالى، بعد أن ذكر عقائد أهل السنة والجماعة :"هذا إجمال من اعتقاد الأشعري واعتقاد السلف وأهل الطريقة والحقيقة نسبته إلى التفصيل الواضح كنسبة القطرة إلى البحر الطافح"، ومراده بأهل الطريقة والحقيقة (الصوفية).
الطريق والطرق الصوفية
في هذه الأيام نجد كثيرا من الطرق الصوفية منتشرة في طول العالم الإسلامي وعرضه، فما هي الطريق؟ وهل لها أساس من الدين الإسلامي؟ وما هي البيعة في الطرق الصوفية ومعلوم أن الواحد لا يستطيع الدخول في الطريق إلا إذا قام بمبايعة شيخ الطريق وهل هي بيعة ملزمة بمعنى أن الإنسان يأثم إذا أخل بهذه البيعة.
إذا رجعنا إلى بعض كتب القوم نجدهم عرفوا الطريق، حيث قال الشيخ الأكبر ابن عربي :"الطريق عبارة عن مراسم الحق تعالى المشروعة التي لا رخصة فيها"، قال الشارح تعقيبا على ذلك؛ الطريق هو السير إلى الله تعالى على شرع الله وسنة رسول الله صـلى الله عليه وسلم، وهي القواعد والمراسم التي يرتبها الشيخ (الأستاذ المربي) على مريد الوصول إلى الله، مع الالتزام بها وعدم التكاسل عنها وهي أيضا محكومة بالكتاب والسنة. 
قال الشيخ عبد الله بن علوي العطاس من مشايخ الصوفية :"والطريقة عند أهل الحقيقة عبارة عن مراسم الله تعالى وأحكامه التكليفية التي لا رخصة فيها وهي المختصة بالسالكين إلى الله تعالى مع قطع المنازل والترقي والمقامات"، وانظر كيف قرن الأحكام التكليفية مع المنازل والمقامات وخصها بالسالكين.
ونستطيع القول أن الطريق أو الطرق الصوفية هي أسلوب في تربية "المريد" يضعه شيخ عارف مارس السلوك إلى الله، فلكل شيخ أسلوبه في تربية المريد وطريقته؛ فالبعض يرى أن النفس لا تنقاد إلى الله إلى بمخالفتها كليا وتطبيق كل السنن بصورة شاقة حتى تنقاد النفس في آخر المطاف، والبعض الآخر يرى أنه من الأفضل سياسة النفس فيعطيها بعض المباحات ويرتب عليها بعض العبادات وهكذا حتى تنقاد إلى الله تعالى، والبعض يرى أن أفضل أسلوب للوصول إلى الله عن طريق الحب؛ فبمحبت الله يبذل الإنسان كل وقته لله في الفرائض والسنن والمندوبات.
إذن فلكل شيخ أسلوبه وطريقته وهكذا ظهرت الطرق الصوفية؛ شيخ مربي عارف وتلاميذ مريدون يلتفون حوله، ثم تطور الأمر حتى أصبح لكل طريقة وترتيبات معينة في أنتساب المريد إليها وكيفية السير إلى الله، في الأوراد والأذكار التي تلقن للمريدين.
ويرجع تاريخ الطرق الصوفية إلى القرن الخامس الهجري وما بعده حيث ظهر الأقطاب الأربعة في التصوف وهم: سيدي عبد القادر الجيلاني، وسيدي أحمد الرفاعي، وسيدي أحمد البدوي، وسيدي إبراهيم الدسوقي.
بينما يُرجع الدكتور مصطفى حلمي ظهور الطرق الصوفية إلى النصف الثاني من القرن الثالث الهجري، ويقول إن أول طرق ظهرت هي:"الطريقة السقطية نسبة إلى سري السقطي، والطريقة الطيفورية نسبة إلى أبي يزيد طيفور البسطامي، والجنيدية نسبة إلى أبو القاسم الجنيد، والخرازية نسبة إلى أبي سعيد الخراز، والنورية نسبة إلى أبي حسن النوري، والملامتية أو القصارية نسبة إلى حمدون القصار".
ونستطيع القول أن الطرق الصوفية في النصف الثاني من القرن الثالث لم تكن طرقا متكاملة، وأقصد أنها لم تكن تمثل نظاما متكاملا من حيث الشكل النهائي للطرق الصوفية، فكانت مجرد شيخ له أسلوبه في التربية الروحية ويلتف حوله المريدون، ومن أجل ذلك لم تستمر هذه الطرق، بينما الطرق التي ظهرت في القرن الخامس وما بعده تعد طرقا ناضجة متكاملة من الناحية التنظيمية، من أجل ذلك أستمرت وبقيت إلى يومنا هذا.
ويعد القرن السابع الهجري هو قرن الطرق الصوفية حيث ظهر قطب الزمان الولي العارف بالله أبو الحسن علي بن عبد الله بن عبد الجبار الشاذلي وإليه تنسب الطريقة الشاذلية، والولي العارف الشيخ  محمد بهاء الدين شاه نقشبند وإليه تنسب الطريقة النقشبندية، والطريقة السهروردية نسبة إلى  شهاب الدين عمر السهروردي ومنها تفرعت الطريقة الخلوتية، وهكذا انتشرت وتفرعت الطرق وكثرت عبر العالم الإسلامي.
والرابط الذي يجمع الطرق الصوفية وتقوم عليه هذه الطرق هي:
[list defaultattr=]
[*]الإلتزام بالكتاب والسنة وعدم الإبتداع.
[*]الإلتزام بالمذهب العقدي لأهل السنة على طريقة الإمام الأشعري أو الماتريدي.
[*]الإلتزام بأحد المذاهب الفقهية الأربعة الأحناف أو المالكية أو الشافعية أو الحنابلة.
[*]الاهتمام بالجاني العملي للإسلام بتطبيق الفرائض والسنن.
[*]الاهتمام بالجانب الروحي وتصفية النفس.
[/list]

وهذا الكلام لا يعني أنه لا يوجد ابتداع أو مخالفات عند بعض أتباع هذه الطرق، ولكننا نقول أن أصول الطرق هي هذه فمن خالف فهو يخالف تصوف أهل السنة الذي رُسم لهم منذ بدايته على يد علماء عظام أمثال إمام أهل الحق الجنيد والحارث المحاسبي والقشيري والغزالي وهو إلتزام بالكتاب والسنة. 
ومن أهم الأمور في الطرق الصوفية هو دخول الطريق ويتم ذلك بالبيعة للشيخ والإلتزام ببعض الأوراد وطريقة السير إلى الله التي يرسمها الشيخ، وتعد البيعة الصوفية من أهم الأمور التي تطرح وتناقش في مجال الدراسات عن الطرق الصوفية، ويقول الصوفية أن لها أساسا من السنة وهو أن رسول الله صلـى الله عليه وسلم كان يبايع بعض الصحابة على أفعال معينة ويلقن بعض الصحابة ذكرا معينا لا يلقنه لغيره.
فالرسول  صلـى الله عليه وسلم بايع بعض الصحابة على أن لا يطلبوا من أحد شيئا فكان الواحد منهم يقع منه سوطه وهو على فرسه وأخوه بجانبه لا يطلبه منه بل ينزل عن فرسه ويأخذ سوطه بنفسه، وبايع رسول الله صلـى الله عليه وسلم بعض الصحابة على الطاعة وعدم سؤال الناس شيئا وكانوا حديثي عهد ببيعة الإسلام، وبايعه بعضهم على أن نقول أو نقوم بالحقّ حيث ما كنَّا لا نخاف في اللَّه لومة لائم، وبايعوه في الحديبة على الموت أو على أن لا يفروا، وهذه البيعات الخاصة أستدل بها الصوفية على جواز البيعة.
وهذه البيعة في الطريقة الصوفية هي غير بيعة الإسلام وغير البيعة السياسية التي تكون لخليفة المسلمين، والبيعة الوحيد التي لا يجوز الخروج عنها هي البيعة السياسية للخليفة كما قرره علماء الفقه، أما غيرها من البيعات فهي غير ملزمة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
التصوف بين السنة والبدعة.. نظرة عن كثب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  من هم أهل السنة والجماعة؟
» ما هي السنة الضوئية
»  أصل عيد رأس السنة ومعناه
» رشاقتك من السنة النبوية
» نصائح رمضانية من السنة النبوية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث دينيه-
انتقل الى: