منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 البرجماتية.. التجربة في ميدان الدين

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69754
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

البرجماتية.. التجربة في ميدان الدين Empty
مُساهمةموضوع: البرجماتية.. التجربة في ميدان الدين   البرجماتية.. التجربة في ميدان الدين Emptyالثلاثاء 09 أغسطس 2016, 10:16 am

البرجماتية.. التجربة في ميدان الدين
البرجماتية.. التجربة في ميدان الدين Pargmatiaa


عماد عبد الرحمن
تحدثنا في المقال السابق عن فكرة البراجماتزم، وكيف أنها تقيّم كل شيء من فكرة أو مبدأ أو نظرية بحسب نتائجها، وأنه يجب على كل فكرة أن تُختبر عمليا في تجربة على أرض الواقع وأن هذه الفكر إذا ما جلبت منافع فهي فكرة جيدة وإذا لم تجلب مصلحة تكون فكرة سيئة، وفي هذا المقال سوف نرى كيف تعاملت البرجماتية مع الأديان.
الفيلسوف شارل ساندرز بيرس يرى الدين بنفس المنظار من زاوية المنفعة، وهو يؤكد أن بالإمكان شرح الاعتقادات انطلاقا من السلوك والعادات التي تعبّر عنها، إنها المنهجية الواقعية، إن الذرائعية أو البرجماتية لا تتعارض مع الأديان ما دام تطبيق الأديان ينتج مصلحة وآثاراً إيجابية، أي إن الحكم على عقيدة ما بالصحة أو الخطأ لا يكون عن طرق صحة هذه العقيدة عقليا أو مطابقتها لما في نفس الأمر، بل يكون عن طريق ما تنتجه هذه العقيدة من نتائج عند مواجهتا بتجربة واقعية.
وبالتالي فإن الاعتقادات والقناعات تتشكل عن طريق التجربة وعن طريق النتائج العملية.
ويقول الفيلسوف وليم جيمس:"يكون الاعتقاد حقا إذا نجح روحيا، أعني إذا حقق للنفس الطمأنينة والسلوى، وأعاننا على تحمل تجارب الحياة، وسما بنا فوق أنفسنا"، على سبيل المثال فإن فرضية وجود الله تكون حقيقة طالما أنها مقنعة لممارسة الحياة الفردية؛ أي طالما أنها تجلب النفع للفرد.
وينظر الفيلسوف فرديناند كانينغ شيلر إلى الدين على أنه مصادرة على الإرادة لأن فيه حقا وصواباً وخطأً معيارياً.
وبحسب جيمس ليس المهم أن تكون الفكرة مطابقة للواقع ولكن المهم هو أن تكون الفكرة هي دليل للتحرك في الواقع هكذا يجب علينا أن نفهم الدين.
فالدين عند جيمس موجود لأنه تجربة شعورية وهذه التجربة يجب أن نفسرها مسترشدين في ذلك بنفس المنهج الذي اتبعناه بالنسبة إلى التجربة الحسية أي بطريقة المنفعة والمصلحة.
فالدين عند جيمس هو تجربة روحية لشخص ما تتوافق هذه التجربة معنا من حيث المنفعة فنتديّن بهذا الدين، فالدين مجرد تجربة روحية لشخص معين، وإذا تعددت هذه التجارب فمن الممكن أن تكون كلها صحيحة، فإذا كان دين من هذه الأديان أي تجربة من هذه التجارب الروحية موافقة لي؛ أي فيها المصلحة لي فهو دين حق، وفي نفس الوقت إذا كان دين آخر يتوافق مع إنسان آخر فهو دين حق بالنسبة له، فيتعدد الحق بتعدد المنفعة والمصلحة، فالدين أحقيته نسبية فما هو بالنسبة لي حق من الممكن أن يكون خطأ وباطل بالنسبة لغيري، وما كان بالنسبة لغيري حق هو بالنسبة لي باطل، والحكم في كل ذلك والمعيار في الحق والباطل هو المنفعة.
أما (الله) فهو غير موجود بالنسبة لجيمس لأنه كيف يمكن أن يكون موجودا والعالم فيه هذه الشرور يقول وليم جيمس:"إن التأليه الذي يتصور الله لا متناهيا قادرا على كل شيء، هو تأليه غير مقيد؛ لأنه إذا كان الله قادرا على أن يفعل ما يشاء؛ وطاب له أن يخلق العالم الذي نعيش فيه، فمن المستحيل أن نتصوره موجودا أخلاقيا وصديقا. ولن يستحق اسم الله من ليس من الخير بحيث يخلق عالما كعالمنا هذا، فضلا عن أن يخلقه بكلمة منه، لأنه عالم سيء كان أحرى أن يدعوه للإشمئزاز منه وكراهيته".
هذا الكلام من جيمس ساقط لا طائل تحته فهو يتصور العالم الذي يجب أن نعيش فيه من خلق الله يجب أن يكون جنة، ولكن الحقيقة أننا في اختبار وامتحان من الله كي ندخل الجنة؛ إذن فالشرور في هذا العالم يجب أن تكون موجودة وإلا لا يسمى اختبارا. 
ويقول جيمس إن وجود الله ليس عليه دليل منطقي ولكن يحق للإنسان أن يؤمن لكي يحقق منفعة عملية من هذا الإيمان وربما يؤمن بوجود الله لأسباب عاطفية. ويقول أيضا "اعتقد ما تشاء أن تعتقد"، ولكن هذا القول من جيمس غير صحيح فالأدلة العقلية والمنطقية قائمة على إثبات وجود خالق ومدبر لهذا الكون، ولكن المنطق الذي يريده جيمس هو منطق المصلحة الآنية أما أصحاب الأديان فينظرون إلى المصلحة الآنية والأخروية وينظرون إلى الدنيا على أنها اختبار ومزرعة للآخرة. 
ويربط جيمس بين وجود الله والإيمان به وبين الجبر ويقول إن الإيمان بوجود إله واحد لهذا الكون يعني أنه متحكم بهذا الكون وأن الإنسان سيكون منزوع الإرادة أمامه، وهذا سيؤدي بنا إلى السلبية والانعزال والإيمان بالجبر، وعدم الحركة والانتاج والنشاط في هذه الحياة، نقول لا تلازم، وقد أجاب علماء الكلام في الدين الإسلامي على هذا الإشكال وهو كون الله خالق كل شيء وكون الإنسان مختارا؛ فالله خلق للإنسان إرادة كلية يستطيع من خلالها أن يفعل ما يريده من غير جبر.
بل يذهب جيمس إلى أن تعدد الآلهة هو المنطقي وهو المناسب لما عليه الحياة من اختلافات في التوجهات ووجود الخير والشر والتنوع في هذه الحياة؛ فالإيمان المنطقي هو الإيمان بتعدد الآلهة، وهذا ما كان عليه الناس قبل قدوم الفلسفة فالناس على صواب والفلاسفة على خطأ، وهو يعتقد بتعدد الكون وعدم اكتمال صنعه وعدم إمكانية إدراكه مرة واحدة. فهو عالم تتصارع فيه القوى وتتعارض التيارات والاتجاهات ولا استقرار فيه وتؤثر فيه أعمال الإنسان واختياراته.
وكلام جيمس هذا غير منطقي؛ فكيف يكون أكثر من إله وكلهم يخلقون وكلهم مطلقي الإرادة؛ أي تتعلق إرادة كل واحد منهم بكل شيء وهذا يؤدي إلى التمانع، فمثلا إرادة الإله الأول تتعلق بخلق زيد وإرادة الإله الثاني تتعلق بعدم خلقه وهذا يؤدي إلى منع كل إرادة من الإرادتين الإرادة الأخرى ويؤدي إلى عدم العالم، ولكن العالم موجود هذا على القول باختلاف الإلهين، وعلى القول باتفاقهما فيوجد تمانع أيضا فكيف ستتعلق إرادة الإله الأول بخلق كامل زيد وتتعلق إرادة الإلة الآخر بخلقه فتمنع كل إرادة الإرادة الأخرى فلا يتم الخلق ولكن العالم موجود والخلق موجود وهذا يدل على وجود إله واحد لهذا الكون والأدلة تطول فراجعوا في علم الكلام والمنطق الإسلامي للرد على هؤلاء المتفلسفة. 
وهو يرى (أي جيمس) أنه تنقصنا الأدلة المنطقية على وجود إله واحد وكذلك على وجود آلهة متعددة، وقد تختلف الأدلة العملية من شخص لآخر، وعندما لا يكون الدليل حاسما ينبغي أن نقرر مصالحنا الحيوية والأخلاقية الاختيارية، وهذا كلام من جيمس بين البطلان، فالدليل على وجود إله واحد قائم عند المتكلمين وكثير من الفلاسفة وهو دليل منطقي، ولكن الدليل الذي يطلبه جيمس هو المصلحة الآنية التي يطلبها من وراء الإيمان بالوحدانية. 
يقول وَلْ ديورانت في كتابه قصة الفلسفة:"إن هذه الفلسفة جزء من الحرب الحديثة بين العلم والدين، وهي محاولة أخرى شبيهة بجهود (كانت) و(برجسون) لإنقاذ الدين والإيمان من آلية المذهب المادي. إن البراجماتزم لها جذور في مذهب (كانت) (العقل العملي)، وفي تمجيد (شوبنهور) للإرادة، وفي نظرية (دارون) بأن البقاء للأصلح، وفي المذهب النفعي الذي يقيس قيمة الأشياء بمنافعها واستخدامها، وفي تقليد الفلسفة الإنجليزية التجريبية الاستقرائية، وأخيرا في آراء الحياة الأمريكية".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69754
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

البرجماتية.. التجربة في ميدان الدين Empty
مُساهمةموضوع: رد: البرجماتية.. التجربة في ميدان الدين   البرجماتية.. التجربة في ميدان الدين Emptyالأربعاء 10 أغسطس 2016, 5:36 am

البرجماتية مذهب الساسة المحبب.. هكذا نصبح واقعيين (1)


عماد عبدالرحمن
نتكلم اليوم عن مذهب البرجماتية أو ما يسمى بالبراجماتزم أو الذرائعية أو المذهب العملي أو الواقعية كما يقول الفلاسفة، والحديث عن هذا المذهب وتوضيحه من الأهمية بمكان؛ لأن السياسة في هذه الأيام ورجالها يعتمدون هذا المذهب كقانون لهم في تصرفاتهم وعملهم السياسي، بل إننا في العالم الثالث نجد بعض الأحزاب تسمى باسم شخص، ويكون لهذا الحزب اسما ولكنه لا يعرف إلا باسم ذلك الشخص، وليس لهذا الحزب برنامجا إلا برنامج هذا الشخص، وكثير من الأحزاب التي تعرف بأسمائها رأيناها انهارت بسبب موت شخص وتحيا بحياته.
أما في أوروبا والدول المتقدمة فتجد الأحزاب الكبيرة بأسمائها المشهورة، وتجد لها برنامجها المعروف، ولكن الحقيقة أن هذه الأحزاب تعمل لمصلحة أصحاب رؤوس الأموال، ويقومون بخداع الجميع عبر ما يسمى بالدعاية الانتخابية، لا أحد يعمل من أجل مصلحة الجميع ولا أحد يعمل من أجل مصلحة الوطن.
 ومن أوائل الفلاسفة الذين تكلموا في هذا المذهب هو شارل ساندرز بيرس (1839 ـــ 1914) وهو يرى: أن أي مفهوم أو تصور لا يمكن أن نحكم عليه بالنجاح أو الفشل إلا إذا رأينا النتائج العملية المترتبة عليه، أي إن النتائج هي التي تشكل مفاهيمنا لا التصورات والأفكار.
ويضيف إن أي تصور أو فكرة عليه أن يواجه تجربة واقعية من أجل تحليل هذا المفهوم وتصحيحه أحيانا؛ ومن ثم الحكم عليه بالنجاح أو الفشل بالصحة أو الخطأ.
وعرف بيرس الحقيقة بأنها النتائج المترتبة على تجربة واقعية، وقناعة وقبول الباحثين لها، وعن طريق توافق كل الباحثين على هذه النتائج تتشكل الحقيقة، بمعنى أنه لا يوجد ما يسمى بالحقيقة المطلقة، وعلى قوله لا يمكن أن نعرّف الحقيقة بأنها مطابقة الأمر لما في نفسه.
ويضيف بيرس :"لكي نجد معنى للفكرة ينبغي أن نفحص النتائج العملية الناجمة عن هذه الفكرة. إذ بدون هذا فإن النزاع حول الفكرة لا ينتهي ولا يؤدي إلى فائدة".
إذن فبيرس يشكل الأفكار والتصورات عن طريق نتائج الواقع المعاش ومدى صلاحية أي فكرة للتطبيق، بينما يرى الفيلسوف وليم جيمس (1842 ـــ 1910) أن القناعات والأفكار موجودة مسبقا، ولكنها لا تخضع لأي معيار أو حقيقة، بل هي تعبير عن مصالح الذات العملية، إلى أي مدى استطاع الفرد أن يعقد صفقة مع الواقع وما هي الفائدة الحاصلة من ممارسة أي فكرة أو اعتقاد.
وهو يقول بوجود الأفكار بسبب التجارب؛ فالإنسان عن طريق التجربة يتكون لديه فكرة ثم يقوم بالاستنتاج والاستنباط ويكوّن أفكارا أخرى، ولكن الأفكار التي تبقى هي الأفكار النشطة الفعّالة في حياة الفرد، أي التي يستفيد منها الفرد.
ويطرح جيمس سؤالا لماذا نقول عن بعض الأفكار بأنها صحيحة وبعضها خطأ؟ والجواب بحسب وجهة نظره؛ أن ما يهتم به الشعور وينتبه إليه يسميه صحيحا وما لا ينتبه إليه ولا يهتم به فهو خاطئ، وما ينساه هو الخطأ وما يُؤْثِره هو الصواب فمصلحة الإنسان هي التي تنتج الحقائق وعالم الأشياء هو من صنع الإنسان.
إذن فالمفيد النافع عند جيمس هو الذي يبقى؛ أي أن المبدأ الذي يحكم اختيار الأفكار هو ما يسميه جيمس "الغرض الشامل" أي الفائدة أو المصلحة وهي "الحق". 
في موسوعة الفلسفة للأستاذ بيتر كونزمتن والأستاذ بيتر بوركارد أن وليم جيمس يقول:"بما أن للناس مصالح مختلفة، وبما أنهم يخضعون لشروط حياة متباينة، فإن ثمة (حقائق) كثيرة ستتعايش الواحدة إلى جانب الأخرى. وبما أن شروط الحياة في تقدم مطرد فعلينا أيضا أن نعتبر الحقيقة بطريقة دينامية"، أي أن الحقائق قابلة للتغير والتداخل والتطور والتجدد وليست معيارية ثابتة في نفسها.
فالحقيقة عند جيمس هي كلمة تدل على عمليات متعلقة بالحياة مثل الصحة والثروة والقوة، إن الحقيقة شيء يصنع من خلال تجاربنا. فخلاصة ما يريده بل يقوله جيمس هو أن الحق ما هو نافع مفيد، مفيد بأي طريقة. فعوضا عن أن نتساءل عن مصدر الفكرة ومن أين جاءت أو استمدت أو ما هي مقدماتها، فإن البراجماتزم تفحص نتائجها وهي تبتعد عن كُنه الشيء ومصدره، وتتجه إلى نتيجة الشيء وثمرته وعقباه، وبذلك تحوّل وجه الفكر إلى العمل والمستقبل.
وقد عارض جيمس الاشتراكية لأنها تحط من قيمة الفرد، إذ يقول أنه لا قيمة إلا للفرد، وكل ما عدا ذلك وسيلة، أما رأيه في الدولة فهو يقول؛ أننا بحاجة إلى دولة تفهم أن واجبها هو خدمة الأفراد رجالا ونساء، والسهر على مصالحهم، ورأيه في الفلسفة بأنها هي التي تقدم لنا العالم كمخاطرة ومغامرة لا كخطة مرسومة من قبل إله، وتحفز النشاط برفع العالم إلى مكان تفوز فيه بانتصارات في المستقبل على الرغم مما فيه من هزائم.   
أما الفيلسوف جون ديوي (1859 ـــ 1952) بذل جهدا كبيرا في محاولة ليدخل الذرائعية في التربية وفي السياسة؛ فالتعليم والعلم والسياسة أداة لتحقيق مصلحة، ويمكن إيضاح المسألة بالطريقة التي تعمل بها في ظروف معينة، فالتعليم هو شكل من أشكال تحقيق الذات كما هي السياسة.
ويرى الفيلسوف فرديناند كانينغ شيلر (1864 ـــ 1937) أنه يجب تغليب الجانب الإرادي على الجانب النظري العقلي لدى الإنسان، وأن الإنسان هو مقياس كل شيء، والمقصود بالإرادة هو الجانب الفعّال التطبيقي لا الصفة التي يتصف بها الإنسان، فهو يعتقد أن كل الأفكار هي نتاج تجارب الإنسان وهي تتعلق بحاجيات الإنسان، ولا يوجد حق في نفسه أو حقائق واقعية ولا يوجد ما يسمى بالبدهيات أو القوانين وإنما هي فروض لتسيير حياة الإنسان.
ويقول شيلر ليس لنا أن نثبت شيئا إلا إذا ثبت لنا صحته من الناحية العملية وبالفحص النقدي، ومعيار الأشياء هو النتائج العملية، ولهذا فإن مقولة الحق عنده تتوقف على النتائج، والنتائج الصحيحة هي التي تفيد، أي التي فيها مصلحة الإنسان، والصواب والخطأ ليس أمرا معياريا بل ربما يكون الصواب خطأ والخطأ صوابا بحسب مصلحة الإنسان أو بحسب ما يوصل إلى مصلحة الإنسان وإن كان هذا الأمر في عين المجتمع خطأ وغير مفيد بل ومضر.
فنحن نرى كل فلاسفة البرجماتية مجمعون على نسف وتحطيم أي شيء معياري مطلق لا قيم ولا أخلاق ولا حقائق، فكل هؤلاء الفلاسفة يجعلون المنفعة فوق كل شيء، وكلهم متفقون على أن الحقائق لا تكون حقائق إلا إذا اختبرت عمليا أو جاءت عن طريق التجربة العملية وحققت بالتالي منفعة، وهم ينفون وجود أي أمور بدهية أو منطقية عقلية فهم يقفون ضد العقل والمنطق ــــــ وهذا امتداد لفكرة إيمانويل كانت في نقض العقل المحض ــــــ لأن العقل والمنطق والبدهيات هي من تصنع الأمور المعيارية، وهم متفقون على تمجيد الفردية والفرد سواء بالقول بها صراحة أو القول بالمنفعة.
وهذا الكلام يجري على كل حقائق الحياة عندهم، فالأخلاق ليست أمرا ثابتا في نفسها وليست شيئا معياريا وهي ليست قيم ثابتة، بل الخلق النافع اليوم ربما يكون غدا غير نافع والخلق الضار اليوم ربما يصبح نافعا؛ فالصدق خلق نافع إن جلب المصلحة، والكذب خلق نافع إن جلب المصلحة، وكلاهما خلق ضار وغير نافع إن وقف في وجه المصلحة.
وهذا ما يريده السياسيون في أيامنا بل هو ما يطبق عمليا من قبلهم فلا حق لديهم ولا باطل بالمعنى المعياري، فكل شيء يقاس عن طريق المنفعة، والمنفعة فقط.    
إن انتشار هذا المذهب وتطبيقه تشريع للغش والاحتكار والكذب، ونشر للرذيلة في المجتمع، وهو استنزاف لخيرات الشعوب، وهو تشريع للأنظمة الفردية وللظلم، بل هو نظام لبقاء الأقوى الذي يرى مصالحه ويقدمها ويرى أن المنفعة فيما يريده هو وإن أدى إلى حروب أو إزهاق الأنفس فلا شيء معياري في هذه الحياة غير المنفعة التي يجنيها هو، وحتى لو قلنا إن المنفعة تكون للشعب فسوف تكون للأقوى وإن كان في مقابل دمار الأضعف.
وهذا ما حصل فعلا عندما أرادت الشعوب الغربية مصلحتها قامت بالحروب واستعمار الدول "استخراب" وأكل خيرات الشعوب الضعيفة، وتسخير أبناءها من أجل منفعة الشعوب الأقوى، إن هذا المذهب يهدر كرامة الإنسان ويجعله في عبودية للغير إذا كان ضعيفا، وإن كان قويا يجعله عبدا لشهوته المسعورة التي لا تنظر إلى الخُلق والقيم العليا في حياة الإنسان فهي لا تنظر إلى أبعد من منفعتها الآنية.
هو تغليب لجانب الجسد على جانب الروح، لأن المشاهد أن الجانب الجسدي في الإنسان وشهواته الجسدية هي الغالبة على روحه ولذاته الروحية، فاللذات الروحية في حاجة إلى مكابدة مشاقٍ حتى يصل الإنسان إليها، وهي بحاجة إلى أن يقوم الإنسان بالاستغناء عن بعض شهواته الجسدية الآنية وهذا ما لا يفعله البرجماتي.
وقد جنى العالم من وراء هذا المذهب الكثير والكثير من الحروب بين الشعوب، والكثير والكثير من تغول الرجل الأقوى الرجل الفرد الذي يحكم من أجل مصلحته ومن أجل منافعه؛ فيظلم وينهب خيرات البلد وربما يقوم بإيقاع البلد في حروب من أجل منافعه، وربما يسرق ويقتل ويعذب لأن في ذلك منفعة له ومصلحة يريد تحقيقها بأي وسيلة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69754
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

البرجماتية.. التجربة في ميدان الدين Empty
مُساهمةموضوع: رد: البرجماتية.. التجربة في ميدان الدين   البرجماتية.. التجربة في ميدان الدين Emptyالأربعاء 10 أغسطس 2016, 5:37 am

الليبرالية.. سياسة الدول العظمى محورها منعفة الفرد


 سعيد الناصر
إن أهمية الحديث عن الفلسفة الليبرالية تكمن في أن الدول العظمى اليوم تتبنى هذه الفلسفة وتفرضها على الدول الأضعف، فأمريكا مثلا تتبنى هذا المذهب الفلسفي وتحاول فرضه على الدول التي سيطرت عليها ويظهر ذلك جليا في العراق كنموذج أو جمهورية تشيلي، وللتوسع في سياسة أمريكا في هذين النموذجين أنظر ما كتبه الأستاذ الأكاديمي ديفد هارفي في كتابه الليبرالية الجديدة، ونحن سنتكلم هنا من الوجهة النظرية الفلسفية للفكرة.
اللبرالية نظرية تقرر حرية الإنسان الفردية "حقوق الإنسان"، وتقرر الاقتصاد الحر ويقوم على حرية العمل والتجارة والصناعة، وهي تؤسس قوانين حقوق الفرد مقابل الدولة، وشعارها "دعه يعمل، دعه يمر" وهو من المذاهب النفعية كالبراجماتزم.
وهي نظرية تقول إن الإنسان هو محور كل هذا العالم وهو قادر بجهده على تغيير شكل العالم، وساعد على كل ذلك التقدم العلمي وخاصة في وسائل الاتصال بين الناس وطي المسافات البعيدة بسرعة كبيرة.
وفي الاقتصاد والسياسة تطلق الليبرالية العنان للحريات الفردية، وتقدس الفرد وعمله، وعلى الدولة في هذه النظرية حماية الفرد ومصالحه وتسهيل عمله وخلق فرص عمل له في بعض الأحيان، وهي تقوم على نظام الفائدة في المعاملات الاقتصادية.
يقول الأستاذ الأكاديمي البريطاني ديفد هارفي إن الليبرالية :"نظرية في الممارسات السياسية والاقتصادية، تقول بأن الطريق الأمثل لتحسين الوضع الإنساني تكمن في اطلاق الحريات والمهارات التجارية الابداعية للفرد، ضمن إطار مؤسساتي عام يتصف بحمايته الشديدة لحقوق الملكية الخاصة، وحرية التجارة، وحرية الأسواق الاقتصادية، ويقتصر دور الدولة في هذه النظرية على إيجاد وصون هذا الإطار المؤسساتي الملائم لتلك الممارسات".
إن هذه الفكرة استتبعت كثيرا من التحولات ليس على المجال الاقتصادي أو السياسي فحسب بل على المجالات الأخلاقية والعلاقات الاجتماعية؛ فلا أخلاق سوى أخلاق السوق وهي التي تتحكم بعلاقات الناس فيما بينهم.
وتَعتبر الليبرالية مفهوميْ الحرية الفردية والكرامة الإنسانية هي محور القيم المركزية للحضارة، وتعتبر أن التدخل من قبل الدولة ـــــ التي تحل كل القيم الجمعية محل القيم الفردية في حياة الناس ـــــ هو من يحطم هذه القيم.  
والحرية الفردية تصونها حرية السوق وحرية الاقتصاد (كأنهم يقولون أن الإنسان هو مخلوق اقتصادي وأن الاقتصاد هو من يشكل كل أفكار وأخلاق وممارسات الفرد).
إذا نظرنا إلى اللبرالية من وجهة النظر الاقتصادية فهي تتبنى بشكل أو بآخر النظام الرأسمالي ولكن بصيغة جديدة وأكثر حرية. ثم إن الليبرالية تناصر العولمة من أجل تحقيق أعلى للفائدة. ثم إن النظام الليبرالي يهدف إلى فك الارتباط بين رأس المال والعلاقات السياسية ــــ الاجتماعية واطلاق قيود رأس المال من هذه العلاقات.
والليبرالية لها علاقة بالمذهب الفيزيوقراطي (Physiocrats)، أو المذهب الطبيعي الذي نشأ في فرنسا في القرن الثامن عشر، ويقول أصحابه بحرية الصناعة والتجارة وبأنّ الأرض هي مصدر الثروة كلها، ويعد فرنسوا كيناي (François Quesnay) الذي ولد عام 1694م، هو مؤسس هذا المذهب.
بل إن جذور الفكرة تصل إلى الفلسفة اليونانية عند الفيلسوف بروتاغوراس (487 ق.م - 420 ق.م) وهو يقول "أن الإنسان هو معيار الأشياء جميعا، فالإنسان هو مقياس كل الموجودات بالنسبة إلى وجودها وغير الموجودات بالنسبة إلى عدمها"، وفي الموسوعة الفلسفية السوفيتية يقول بروتاغوراس إن لديه نزعة مادية وهو يعتبر الإنسان مركز الكون، وذلك يعني أنه قائل بالنظرية النسبية أي أن الأشياء ممكن أن تكون صحيحة بالنسبة إلى موقف ما وخطأ بالنسبة إلى موقف آخر وهذا هو أساس الفكر السفسطائي وبروتاغوراس هو من أشهر السفسطائيين.
وبما أن الإنسان هو مركز الكون فله الحق في الحرية والعمل وهو الأساس في التغيرات التي تحدث في الحياة؛ وذلك عن طريق إرادته وقدرته في التغيير.
أما اللبرالية كمذهب مستقل وفلسفة للحياة ظهرت على يد الفيلسوف الإنجليزي جون لوك (29 أغسطس 1632 - 28 أكتوبر 1704) (بالإنجليزية: John Locke) يقول إن المعرفة تحصل عن طريق التجربة والتجربة نوعان تجربة حسية تدرك بالحواس الخمس وتجربة إدراكية ذاتية داخلية عن طريق الشعور مثل الإرادة والإيمان، والمعرفة هي إدراك الروابط بين الأفكار المأخوذة عن طريق التجربة، وبالتالي فإن عقل الإنسان ومعرفته محدودة ولا نستطيع الوصول إلى معرفة يقينية في أغلب الأحوال ومن أجل استكمال معرفتنا يجب أن نطرح الاحتمال، ويتناول الاحتمال أقاويل يمكن أن تعتبرها صادقة بالنسبة إلى تجربتنا ومن هذه الأقاويل الإيمان والرأي، ويضيف أيضا أن الفرح والألم هما معيار كل سلوك، وعلى الأخلاق أن ترتبط بالثواب والعقاب.
ويعتبر لوك أن الغرض من الدولة هو الحفاظ على الحرية والملكية الفردية اللتين تكتسبان عن طريق العمل، وهو يقول أن الناس أنفسهم يجب أن يغيروا النظام الاجتماعي القائم إذا تعدى على الحرية الفردية وعلى حق العمل وعلى حق الملكية؛ وذلك عن طريق الثورة وهو من أصحاب الفلسفة المادية.
أما الفيلسوف الاسكتلندي آدم سميث (5 يونيو 1723- 17 يوليو 1790) فهو يرى بأن مصلحة الفرد شيء كامن في ذاته وهو محفز له على العمل من أجل الرخاء على الجانب الشخصي، ولكن هذا بالتأكيد سيؤدي إلى رخاء عام في الاقتصاد الوطني للدولة، ولكن على الدولة ألا تتدخل في فرض قوانين أو في توجيه الاقتصاد ولكن عليها حماية الحريات.
فلا أساس في الاقتصاد إلا بالعمل والعمل هو من يحدد قيمة السلع، والانتاج يقوم على قاعدة تبادل السلع وتوزيع العمل.      
وممن تأثر بآدم سميث الفيلسوف الانجليزي دافيد ريكاردو David ricar؛ (1772 - 1823). وهو أستاذ في علم الاقتصاد وقام بتأليف الكتب في نظريته وانتصاره لآدم سميث.
ومن فلاسفة الليبرالية الفيلسوف الإنجليزي جون ستيورات مل، الذي ولد في لندن عام 1806م، كان يجاهر باستمرار بأن السعادة هي الغاية الحميدة للوجود البشري، وكان يقف بجانب الأفراد ضد وطأة السلطة سواء من الدولة أو الرأي العام أو العادة، ووقف بحزم ضد عبادة النظام، وكان يقف في جانب النفعيين، ويصرح بآرائهم وكان يهاجم الدين، وكان ينادي بالمساواة والديمقراطية وحرية الفرد.
ويقول مل :"إن أسمى المبادئ عندي هي حرية الفرد والتنوع والعدالة وصولا إلى السعادة البشرية".
في المجال الاقتصادي
إذن فالليبرالية تعطي الفرد حرية استثمار المال في كل شيء ولا تضع حواجز على الملكية الفردية بل للفرد تملك ما يشاء، وأساس الاقتصاد هو العمل وأساس العمل هو رغبة داخلية ودافع لدى الإنسان، ونماء السوق يكون عن طريق تبادل السلع بالسوق المفتوح، وهي تسعى إلى أن تكون كل الدول سوقا واحدة، وتسعى الليبرالية إلى خصخصة جميع الشركات بحيث لا يكون للدولة أي سيطرة في الجانب الاقتصادي وهذا ما ينمي السوق والحركة التجارية والعمل الحر.  
في المجال الاجتماعي وعلى الصعيد الفردي
الليبرالية تعطي أضا الفرد الحرية الشخصية كاملة دون أي قيود، بل هم يقولون لا قيود لحرية الفرد إلا إذا أراد إيذاء الآخرين فهناك يمكن تقييد حريته.
في المجال السياسي
وفي المجال السياسي يعطى الفرد حريته كاملة للوصول إلى السلطة وانتقادها في الجانب الآخر عن طريق الديمقراطية، أما الدولة فهي التي تؤمّن للفرد حريته وتحرسها وهي التي تفتح له المجال من أجل العمل بل تنشئ له فرص العمل في حال عدم وجودها، وفي المقابل هي لا تتدخل أبدا في حرية الفرد سواء على الصعيد الفردي (الحرية الشخصية) أو على الصعيد الاجتماعي أو على الصعيد السياسي أو على الصعيد الاقتصادي، وهي تفصل فصلا تاما بين السياسة والاقتصاد وفي الغالب تتبنى النظام الديمقراطي في الحكم.
والليبرالية تؤمن بالعقد الاجتماعي بين الحاكم والمحكوم أي أن الحاكم لا يحق له الحكم إلا بتفويض من الشعب وذلك من أجل خدمة الحرية الفردية والعدل والمساواة، وهذا العقد الاجتماعي هو المبرر الوحيد لسلطة الحاكم.
وفي الحرية الإعلامية وحرية الرأي والفكر
يقول جون ستوارت ميل:"إن البشر جميعًا لو أجتمعوا على رأي، وخالفهم في هذا الرأي فرد واحد، لما كان لهم أن يسكتوه، بنفس القدر الذي لا يجوز لهذا الفرد إسكاتهــم حتى لـو كانت لــه القوة والسلطة".
ويبرر ذلك بقوله:"إننا إذا أسكتنا صوتاً فربما نكون قد أسكتنا الحقيقة، وإن الرأي الخاطئ ربما يحمل في جوانحهِ بذور الحقيقة الكامنة، وإن الرأي المجمع عليه لا يمكن قبوله على أسس عقلية إلا إذا دخل واقع التجربة والتمحيص، وإن هذا الرأي ما لم يواجه تحديًا من وقت لآخر فإنه سيفقد أهميته وتأثيره".
اللبرالية والدين
بما أن الليبرالية تنادي بالحرية فهي ترفض أن يكون للدين أي سلطة على الأفراد أو الدولة، وهي تدعوا إلى تفسير الدين وقراءته بشكل جديد بحيث يتوافق مع الحريات المعطاة للفرد، وهي تنادي بحرية الاعتقاد، وحرية نقد الدين ككل ودون أي ضوابط.
وإذا نظرنا إلى فلاسفة الليبرالية فمنهم من يقول بأنه ليس للكون إله وأن المادة ممتدة ولا نهاية لها، ومنهم من يقول أن الله أوجد الكون كعلة ثم هو لا يتدخل في شؤونه، ومنهم من لا يرفض الإيمان بإله وبالدين ولكن يقول بتعدد الأديان أي تعدد الحق، وكل قول من هذه الأقوال قائم على نظرية معينة.
فالقول الأول قائم على النظرية المادية والفلسفة المادية القائلة بأن المادة لا أول لها وهي ممتدة وهي أصل كل شيء، والقول الثاني مبني على القول بالعلة والمعلولية، وأن الله هو علة هذا الكون وبالتالي هم ينفون إرادة الله فهو فقط علة أوجدت هذا الكون، والقول الثالث قائم على القول بإعادة قراءة النص المقدس دون النظر إلى تفسيرات علماء الدين وبما يتوافق مع مباديء اللبرالية لأنهم قائلون بأن الحق هو ما يجلب النفع للإنسان وذلك عن طريق التجربة "المذهب التجريبي".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
البرجماتية.. التجربة في ميدان الدين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الأردن و«التجربة الإماراتية» في العلاقة مع إيران
» «عِشتار» ومَسرحُ المُضْطَهدين: قراءة في التجربة الفلسطينية
» فيديو :ميدان "ميسكل" تقاطع الموت في اثيوبيا أغرب وأخطر تقاطع في العالم
»  التجربة التنموية الماليزية غنية بالدروس التي يمكن الاستعانة بها لوضع خارطة طريق للمستقبل
» جمال الدين بن سعد الدين

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث دينيه-
انتقل الى: