منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 ما هي الفلسفة ومن هم الفلاسفة؟!

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

ما هي الفلسفة ومن هم الفلاسفة؟! Empty
مُساهمةموضوع: ما هي الفلسفة ومن هم الفلاسفة؟!   ما هي الفلسفة ومن هم الفلاسفة؟! Emptyالأربعاء 02 نوفمبر 2016, 6:32 pm

ما هي الفلسفة ومن هم الفلاسفة؟!
عماد عبد الرحمن

ما هي الفلسفة ومن هم الفلاسفة؟! %D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%A7%D8%B3%D9%81%D8%A9_%D9%831

"دافعوا عن عقولكم كما لو كنتم تدافعون عن حصونكم"

ما الفلسفة؟

لقد ولد هذا السؤال منذ أن ولدت الفلسفة في مدينة ملطية اليونانية قبل أكثر من عشرين قرنا خلت وما زال السؤال يطرح حتى هذه اللحظة ما الفلسفة؟

ومع أن هذا السؤال قديم جد، لكنه ما زال يحمل في جوانبه كثيرا من الإثارة، وما زال يبعث على القلق النفسي من مسألة الفلسفة، وخاصة في مجتمع بقي يرفض كل جديد، أو بالأصح ظل يخشى كل جديد وما زال، إن مجتمعاتنا ربما تكره الفلسفة، لأن الفلسفة في أذهان الكثيرين تدل على الكفر والمروق من الدين، أو تدل على رجل يجلس في برج عاجي يفكر ويقلب كتبه الصفراء التي ملأها التراب.

مع أننا مقتنعون أن أصل كل تغيير في المجتمع هو فكرة خرجة من برج عاجي، أو ربما ولدت في ظروف غير عادية، إذن فأصل التغيير فكرة فلسفية إن صح التعبير، فالسؤال ما الفلسفة؟ هو سؤال بالفعل يحتاج إلى جواب.

يعتبر الفيلسوف هيدجر مارتن هايدغر فيلسوف ألماني توفي 1976م، أن الفلسفة هي البحث في المسألة الأنطلوجية "الأنتولوجيا" (ontology) وباليونانية: بمعنى "الكينونة"، أو علم الوجود، هو أحد الأفرع الأكثر أصالة وأهمية في الميتافيزيقيا، إذن ففي نظره نحن نتكلم في الفلسفة عن الوجود وجود العالم هذا الكون من حولنا وجدنا نحن كبشر ووجود الإله "الله"، هذه الفلسفة في نظره.

وفي حين قال الفيلسوف فيثاغورس (572 – 497 ق.م) ـــــــ أول حكيم وصف نفسه من القدماء بأنه فيلسوف إن "الفلاسفة هم الباحثون عن الحقيقة بتأمل الأشياء"، فجعل حب الحكمة هو البحث عن الحقيقة، وجعل الحكمة هي المعرفة القائمة على التأمل، والحكمة في كلامه هي الفلسفة.

ولقد كانت الفلسفة في أيام الفيلسوف طاليس الملطي (نحو 624 - نحو 546 ق.م) تبحث عن أصل الوجود؛ السؤال الذي حير عقول كثير من أذكياء العالم، في حين تطورت الفلسفة وامتدت حتى أصبحت تبحث عن ماهية الأشياء وعن الإنسان وحقيقته، لذلك قال شيشرون ماركوس توليوس كيكِرو الروماني بأن الفيلسوف المشهور سقراط "أنزل الفلسفة من السماء إلى الأرض"، أي غير تفكيرهم من التفكير والبحث عن الإله إلى البحث في حقائق الأشياء في العالم.

ولكن لنا أن نقول إن البحث عن ماهية الأشياء أي حقائقها هو الأصل في البحث عن الله؛ لأن الإله من عالم الغيب وحتى نستطيع الوصول إليه يجب أن نستدل عليه من عالم الشهادة فسقراط جعل البحث عن الإله أكثر موضوعية.

ويقول القاضي عبد رب النبي بن عبد رب الرسول الأحمد نكري في كتابه دستور العلماء أن الغرض من الفلسفة بالجملة معرفة المبدأ والمعاد، إذن فالفلسفة عنده تمثل البحث عن الأمور الميتافيزيقية أي "الماورائيات" أعني الماوراء الطبيعة وهي الأمور الغيبية كالله والجنة والنار ويوم الحشر والقيامة.

وقال في مكان آخر من كتابه أن الفلسفة هي التشبه بحضرة واجب الوجود في العلم والعمل بقدر الطاقة البشرية لتحصيل السعادة الأبدية ونسب هذا التعريف لليونانية، ولكن نأخذ نحن من هذا التعريف أن التشبه لا يحصل إلا بالبحث أولا عن الإله وعن مبدأ الوجود، ثم قال في مكان آخر أن الفلسفة كما قال عنها اليونانيون مشتقة من فيلاسوفا أي محب الحكمة، وبالتالي الفلاسفة هم الحكماء.

قال العلامة مصلح الدين مصطفى بن محمد القسطلاني الرومي توفي سنة 901هـ من أرض الروم تركيا حاليا المشهور بالكستَلِّي :"الفلسفة هي الحكمة وعرفوها بأنها علم يُبْحث فيه عن أحوال أعيان الموجودات على ما هي عليه في نفس الأمر، بقدر الطاقة البشرية"، إذن فالفلسفة عنده بحث في حقائق الأشياء.

وبالجملة نقول إن الفلسفة هي البحث بطريقة علمية، وهذا التعريف يشمل كل التعاريف السابقة، لأن من قال إن الفلسفة هي البحث في الماوراء، أو من قال الفلسفة هي طالب الحكمة أو محب الحكمة فهي بحث أيضا فالطلب بحث والمحب باحث، ومن قال هي التشبه بالحضرة الإلهية فالتشبه ينبني على البحث، فالأمر المشترك المفهوم من كل هذه التعريفات أن الفلسفة بحث علمي، وإن كان في الغالب يطلق على البحث في الماوراء، وما يقود إلى الماوراء من البحث في حقائق الأشياء.

ثم تكلم العلماء في أقسام الفلسفة، فقال الكستَلِّي :"ولها ـــــ أي الفلسفة ـــــ ثلاثة أقسام؛ لأن الموجود إن كان مستغنيا عن المادة في الوجود الخارجي ــــــ أي خارج الذهن ـــــ والذهني ــــــ أي إن كان الموجود مستغنيا عن المادة في الوجود الذهني أيضا ـــــــ فالعلم الباحث عن أحواله ــــــ أي هذا الموجود ـــــــ يسمى الإلهي والفلسفة الأولى، وإلا؛ فإن احتاج إليها ــــــ أي المادة ـــــــ في الوجودين ــــــ أي الذهني والخارجي ـــــــ فعلمه يسمى الطبيعي، وإن احتاج إليها ـــــــ أي المادة ـــــــ في الوجود الخارجي دون الذهني فهو العلم المسمى بالرياضيات" انتهى كلامه مع بعض التوضيح منا.

فالفلسفة عند الكستلّي ثلاث أنواع :

الفلسفة الأولى أو العلم الإلهي وهو الذي يبحث عن موجود غني عن المادة سواء في الذهن أو خارج الذهن في الواقع ونفس الأمر وهو "الله".
العلم الطبيعي وهو العلم الذي يبحث عن المادة وعن حقيقتها.
العلم الرياضي أو الرياضيات وهو العلم الذي يبحث عن مفاهيم مجردة في الذهن ولكنها في خارج الذهن وفي الواقع لا تكون إلا مادة، ويبحث فيه عن الكم والعدد.
وقد قسم الإمام العلامة المحقق العطار حسن بن محمد كتن توفي سنة 1835م أصله من المغرب وسكن في مصر؛ قسم الفلسفة إلى قسمين علمية وعملية؛ فالعملية تنقسم إلى علم تدبير المنزل وعلم السياسة والأخلاق، وقال أن المسلمين لم يشتغلوا بهذه العلوم لأن الشريعة أغنتهم عنها.

والقسم الثاني؛ وهو الفلسفة العلمية تنقسم أيضا إلى أنواع، إلهيات ورياضيات وطبيعيات، وهذه العلوم لها فروع وأصول فالرياضيات مثلا يدخل فيه علم الهندسة والمساحة وغيرها، والطبيعيات يدخل فيها علم الطب والتشريح وغيرها.

وقد ذكر العلامة المحقق المتكلم محمد عبد العزيز الفرهارِيْ وهو من تركيا، أن للفلسفة أقساما كثيرة تصل إلى نيف وسبعين علما وقد جمعها في كتابه "الياقوت" وهي:"

أحدها الحكمة الطبيعية؛ وهو ما يبحث عما يحتاج إلى المادة في الذهن والخارج كالجسم، ومن علومها: علم السماء، علم الحيوان، وعلم النفس، وعلم الطب، وعلم الفلاحة، وعلم التعبير، وعلم البيطرة، وعلم البذورة، وعلم السيمياء، وعلم الكيمياء، وعلم الريميا، وعلم الهيما، وعلم الفراسة، وعلم أحكام النجوم، وسمية طبعية لكشفها عن طبائع الأجسام.

ثانيا: الحكمة الرياضية؛ وهي تبحث عما يحتاج إلى المادة في الخارج لا في الذهن كالكرة، فإن العقل يمكنه تصور شكلها من غير أن يتصورها في مادة من خشب أو حديد، وأما إذا وجدت الكرة في الخارج فلا بد أن توجد في مادة، ومن علومها: الهندسة، والأكر، والمخروطات، والحساب، والهيئة الصغرى، وعلم المجسطي، وعلم الزيج، وعلم التقويم، وعلم أرثماطيقي، وعلم قرسطون، وعلم الإسطرلاب، وعلم الرمل، وعلم الوفق، وسميت رياضية لأن الحكماء يريضون المبتدئ بها ليعتاد طلب اليقين لأنها علوم يقينية.

ثالثها: الحكمة الإلهية؛ وهي تبحث عما لا يحتاج إلى المادة، لا في الخارج ولا في الذهن، كالوجود، والوجوب، والعلة والمعلول، ومن علومها: علم قاطيفورياس أي: المقولات العشر، وعلم وجود الواجب وصفاته، وعلم العقول العشرة، وعلم حكمة الإشراق، وعلم النبوة والولاية، وعلم المعاد، وعلم الدعوات".

هذه علوم الفلسفة كما ترى كثيرة ولكنها في العصر الحالي تميزت عن الفلسفة وأصبحت علوما مستقلة، وأصبح أكثر الفلاسفة يهتمون بالعلوم الإلهية، بل إن بعض العلوم الإليهة قل الحديث عنها كعلم قاطيفورياس مثلا، وعلم العقول.

والمقصود من هذا البحث هو الاطلاع على علم الفلسفة وتصور ما هي الفلسفة، والكلام يطول
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

ما هي الفلسفة ومن هم الفلاسفة؟! Empty
مُساهمةموضوع: رد: ما هي الفلسفة ومن هم الفلاسفة؟!   ما هي الفلسفة ومن هم الفلاسفة؟! Emptyالسبت 05 نوفمبر 2016, 9:00 pm

[rtl]هل نحن بحاجة للمنهج العقلي الإسلامي في التعامل مع الفلسفة؟![/rtl]
[rtl]التاريخ:5/11/2016 - الوقت: 10:54ص[/rtl]

ما هي الفلسفة ومن هم الفلاسفة؟! %D9%81%D8%B3%D9%81%D8%A7%D8%AA_%D9%83%D8%A8%D9%8A%D8%B1

عماد عبد الرحمن
إن بحثنا في الفلسفة ليس ترفا فكريا، وليس من أجل ملئ الفراغ وإضاعة الوقت، بل إن الفلسفة هي التي تقود العالم، وعلينا نحن كمسلمين أن نفهم ما هي الفلسفات التي تقوم عليها ركائز العالم الحديث، وقد تكلمنا في المقال السابق عن معنى الفلسفة وتوصلنا إلى أن الفلسفة في موضوعات معرفية وعلمية، ولكن هذا البحث قاد بعض الفلاسفة إلى وضع بنية معرفية ونظام حياة مقترح من أجل أن تعيش عليه البشرية اليوم.
فالفلسفة هي عبارة عن مجموعة مفاهيم تفسر لنا الكون والحياة، وتجيب عن الأسئلة الكبرى في حياة الإنسان، وتضع بناءً معرفياً لتقوم عليه حياة الأفراد والمجتمعات، إن الفلسفة في الحقيقة هي عبارة عن مجموعة مفاهيم ونظم معرفية، تحاول حل مشاكل الإنسان فهي فلسفات لا فلسفة واحدة.
وكل هذه الفلسفات قدمت إلى عالمنا الإسلامي، ولكن عالمنا الإسلامي عندما قدمت إليه هذه الفلسفات كان يمر بمراحل مختلفة، فعندما قدمت الفلسفة أول الأمر على المسلمين كان للمسلمين علماء أعلام قاموا بدراسة الفلسفة وفهمها، ثم قاموا بمقارنتها بالمفاهيم الإسلامية، وبينوا ما فيها من قصور وردها على أصحابها خائبة، وفي نفس الوقت قاموا بإعطاء البناء المعرفي للإسلام وقاموا بشرحه وتوضيح معالمه كفلسفة حياة شاملة وكاملة.
وفي العصر الحديث كانت هناك موجة أخرى من الفلسفات، اجتاحت عالمنا الإسلامي وقامت بطرح مفاهيمها عن الكون والحياة، ولكن في المقابل كان موقف الأمة من هذه الفلسفات ضعيفا ليس كالموقف السابق، فقد اجتاحت هذه الفلسفات عقول أبناء الإسلام وبشكل واسع، وذلك لغياب المنهج الصحيح في الرد عليها، بل إننا نجد أبناء الإسلام أصبحوا ينادون بهذه الفلسفات ويطالبون بتطبيقها في حياة المجتمعات الإسلامية.
بل وجدنا بعضا ممن ينتسب إلى العلم الشرعي ينادي بالشيوعية الإسلامية! وهناك من ينادي بالديمقراطية الإسلامية! وهناك من ينادي بالرأسمالية الإسلامية! وهناك من ينادي بتطبيق الفكر الحداثي في فهم نصوص القرآن والسنة النبوية ويسمي ذلك تجديدا!
كل ذلك حدث بسب غياب المنهج الصحيح في التعامل مع هذه الفلسفات، وبسبب غياب الفهم الدقيق للبنية المعرفية الإسلامية التي سار عليها المسلمون في عصور متطاولة، بل هناك ما هو أشد من ذلك، وهو أن البنية المعرفية الإسلامية التي واجهة هذه التيارات الفكرية الفلسفية في القديم بدأت تهاجَم من قبل أبناء الإسلام.
فالمنهج العقلي الذي سار عليه أمثال حجة الإسلام أبو حامد الغزالي، والأمام فخر الدين الرازي والمدرسة العقلية التي سارت على خطاه، هذا المنهج وهذه المدارس المنبثقة عن هذا المنهج، تهاجم الآن من قبل المسلمين، مما أدى إلى خلخلة البنية المعرفية لدى أبناء الإسلام وبالتالي أدى إلى ضعف المنهج العقلي لديهم، وهذا كله أنتج ضعفا عارما أمام هذه الفلسفات، فانتصرت في عقول كثير من أبناء الإسلام.
فالواجب علينا أن نفهم هذا المنهج العقلي وبالتالي أن نفهم البنية المعرفية المنبثقة عنه، لنقوم بواجبنا في هذا العصر لمواجهة الأفكار والبنى الفلسفية ونعيد للإسلام الصدارة. 
لماذا المنهج العقلي والبنية المعرفية القائمة عليه؟ ألا نستطيع مواجهة الفلسفة من غير هذا المنهج وهذه البنية؟
إن هذا القول يمثل لنا رجل يذهب إلى المعركة من غير سلاح، إن المنهج والبناء المعرفي القائم عليه هو السلاح الذي تواجه به أي فكرة مقابل فكرة أخرى، ثم إن أي منهج عملي يطبق في الحياة البشرية هو قائم على منهج وتصور وبنية معرفية شاملة لهذا الكون والحياة، ثم هو في الأساس قائم على مصادر المعرفة، من أين نتحصل على المعرفة؟ إن هذا السؤال والجواب عليه يمثل اللبنة الأساسية لأي منهج من المناهج ولأي بنية معرفية، ثم بعد ذلك يقوم عن طريق مصادر المعرفة ببناء منهج وبنية معرفية.
إن التفسير لهذا الكون ولهذه الحياة يمثل أيضا ركيزة أساسية لأي منهج يراد أن يطبق في الحياة العملية للبشر، فعلى سبيل المثال، إن قلنا أن مصدر المعرفة هو الإلهام وإشراق النفس بفيوض من العالم الإلهي، فسوف ينتج لدينا بنية معرفية غير البنية المعرفية التي تنتج عندما نقول إن مصادر المعرفة هي الحواس وعقل، وأيضا عندما نقول إن العقل على سبيل المثال لا يعطينا أي حقيقة فسوف ينتج عندنا بنية معرفية مختلفة عن البنية المعرفية القائلة بأن العقل من مصادر المعرفة، وعندما نقول إن الحس وحده والتجربة هي من تعطينا المعرفة فسينتج لدينا أيضا  بنية معرفية مختلفة، وهكذا.
فإذن علينا أن نحدد أولا ما هي مصادر المعرفة، ثم بعد ذلك نقوم بتفسير هذا الكون بناء على هذه المصادر، وعلينا باستحضار الأدلة على كل ما نقوله في تفسير هذا الكون لأن ما يكون مصدرا للمعرفة بالنسبة لك هو مصدر للمعرفة بالنسبة لغيرك وربما يفسر الكون تفسيرا آخر غير الذي تقوله، فالحكم بين التفسيرين هو الدليل بل وقوة الدليل.
وبعد ذلك، أي بعد تفسير الكون سينتج عندنا، نظام حياة بناءً على ذلك التفسير، ونظم الحياة مختلفة بناءً على اختلاف التفسير للكون وللحياة، فعلى سيبل المثال الذي يؤمن بقوة هي من أوجدت هذا الكون ويؤمن بأن هذه القوة مختارة لها إرادة وعلم فسوف يخضع لهذه القوة في حياته ومنهاج حياته، بينما الذي لا يؤمن بقوة خالقة لهذا الكون فسوف يكون منهجه في السير في هذه الحياة مختلف تماما.
فنحن نجد أن الفلسفات المادية أي التي لا تؤمن بوجود إله خالق لهذا الكون، نراها تقصد وتبني نظام حياتها من أجل المنفعة وللذة فقط، ونجد منهاجها خال من كل خلق وفضيلة، بينما نجد المناهج التي بُنيت على أساس وجود خالق لهذا الكون ومدبر له قائمة على نظام قيمي وأخلاقي.
إذن كما رأينا في هذا الاستعراض السريع أن الفلسفات كثيرة، وكل فلسفة لها مصادر للمعرفة تبني على هذه المصادر نظاما معرفيا يصدر عنه منهج حياة، وعلينا كي نواجه هذه الفلسفات أن يكون لنا منهج واضح يبين لنا مصادر المعرفة ويبني لنا البنية المعرفية التي عن طريقها نقوم بمواجهة الفلسفات المختلفة، وهذا المنهج هو المنهج العقلي الذي قام علماء الإسلام خلال مئات السنين ببنائه وتدقيقه وتمحيصه، وقاموا بمواجهة الفلسفات بهذا المنهج المتكامل، بل إن المسلمين سبقوا كثيرا الفلسفات كلها والغرب والشرق في البناء المعرفي القائم على المنهج العقلي.
وأما الذين يهاجمون هذا المنهج فنقول لهم؛ أعطونا وأحضروا لنا منهجا آخر لمواجهة هذه الفلسفات، بل والسفسطائيات التي تقوم بغزو عقول أبناء المجتمع المسلم، والتي قامت بالفعل بالتأثير على عقول المسلمين وجعلهم ينحرفون عن المنهج الإسلامي بشكل عام.
وسوف نقوم بطرح هذا المنهج العقلي بكل ما يحتوي عليه بقدر الطاقة، ونحاول تسهيل هذا المنهج كي نقوم بالتالي بمواجهة الأفكار والفلسفات المخالفة لمنهجنا العقلي الإسلامي.
(البوصلة)


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

ما هي الفلسفة ومن هم الفلاسفة؟! Empty
مُساهمةموضوع: رد: ما هي الفلسفة ومن هم الفلاسفة؟!   ما هي الفلسفة ومن هم الفلاسفة؟! Emptyالسبت 12 نوفمبر 2016, 8:14 pm

ما هي مصادر المعرفة التي نكتسب من خلالها الأفكار؟

ما هي الفلسفة ومن هم الفلاسفة؟! 177545

عماد عبد الرحمن
إن من أهم الأمور التي ركز عليها الفلاسفة مسألة مصدر المعرفة، هذه العلوم وهذه الأفكار والتصورات كيف نحصل عليها؟ من أين نحكم على شيء ما بأنه حقيقي أو لا؟ أو أن هذا التصديق مطابق أو غير مطابق؟
إننا ما لم نحدد مصادر المعرفة فلن نستطيع بناء نظام معرفي متماسك قائم على ركائز قوية، من أجل ذلك أهتم الفلاسفة بمصادر المعرفة وخاصة الفلسفات الحديثة، وقد سبقهم علماء الإسلام المتكلمون في ذلك، فنجد عندهم الكلام عن مصادر المعرفة في المبحث الأول من كتبهم شيء أساسي، فهم يبدؤون بذكر مصادر المعرفة والتدليل عليها؛ ليبنوا نظاما معرفيا متكاملا عليها.
ونبدأ فنقول إن عمليات الإدراك التي يقوم بها العقل البشري تنقسم إلى قسمين:
الأول: وهو التصور، ونقصد به إدراك المعنى البسيط غير المركب، كإدراكنا لزيد كشخص مثلا وللقيام كفعل مثلا، فهذه الإدراكات بسيطة وغير مركبة وتعطي الذهن معنى يدرك بمجرد وروده الذهن دون أي عمليات أخرى عقلية.
الثاني: التصديق، ونقصد به إدراك معنى مركب أي إدراك نسبة بين معنيين بسيطين أو أكثر، ففي الأمثلة السابقة نحن أدركنا معنى زيد وأدركنا معنى القيام وهذه معاني بسيطة، ولكننا إذا نسبنا هذيين المعنيين إلى بعضهما حصلنا على معنى مركب وهو زيد قائم، فهذا معنى مركب ويسمى تصديقا.
ونحن هنا نريد أن نعرف كيف حصلت في أذهاننا هذه المعاني المفردة البسيطة (التصورات)، فإن لهذه المسألة تاريخا فلسفيا عميقا في القدم.
أولاً: نظرية الإستذكار الأفلاطونية
 

وهي نظرية تقول أن الإدراك هو عملية استذكار فقط، فالنفس كانت موجودة في عالمها قبل نزولها إلى العالم الأرضي وارتباطها بالجسد، وهي في ذلك العالم تكون متحرر من الجسد وتطوف في العوالم الأخرى، وقد استطاعت النفس الاتصال بعالم المُثُل وهو عالم الحقائق المجردة، فتكونت لديها أي النفس معلومات كلية عن الأشياء، ولكنها عندما نزلت إلى عالم الأرض وارتبطت بالجسد نسيت كل ما تعلمته من عالم المثل، ولكنها عندما ترى الأمور الجزئية في هذا الكون تستذكر المعلومات الكلية التي تخص هذا الأمر الجزئي، فالتصورات سابقة على الإحساس، والإحساس يمهد لعملية الاستذكار أو منشط لها، وبذلك تكون عملية الإدراك والمعرفة هي عملية استذكار لا غير.
وهذه النظرية المعرفية قائمة على ركائز فلسفية:
الأولى: أن النفس الإنسانية موجودة قبل البدن في عالم أسمى من عالم المادة.
الثانية: أن الإدراك العقلي عبارة عن استذكار الحقائق المجردة الثابتة في ذلك العالم والتي يسميها أفلاطون بالمثل.
الثالثة: ثبوت عالم يسمى عالم المثل.
الرابعة: قدم النفس الإنسانية.
إن الذين قاموا بنقد الفلسفة الأفلاطونية من الفلاسفة أنفسهم قالوا إن النفس ليست شيئا مجردا موجودا قبل المادة، بل النفس هي عبارة عن نتاج حركة جوهرية في المادة، فتبدأ النفس مادية ثم تتجرد شيئا فشيئا عن المادة بسبب الحركة في المادة.
ولكن بغض النظر عن هذه التفسيرات للنفس، نحن نسأل أفلاطون ما الذي جعل النفس تهبط من عالمها العلوي المجرد إلى عالم المادة؟ ما الشيء الذي جعل النفس ترتبط بهذه المادة دون تلك؟ ثم ما الدليل على وجود النفس قبل البدن؟ وما الدليل على وجود عالم المثل العليا؟
ثم إننا يمكن أن نشرح قضية الإدراك والتفكير دون اللجوء إلى افتراض عالم المثل الأفلاطونية، فهذا أرسطو يفسر هذه العملية بمنطقية أكثر من أفلاطون فهو يقول إن المفاهيم الكلية هي عبارة عن معنى عام جرده العقل من المعاني الجزئية، فمثلا نحن نرى زيد وعمر وخالد ومحمد وغيرهم، ثم نرى أنهم كلهم متحركون ففيهم حياة وكلهم ناطقون أي مفكرون، ثم يقوم العقل بتجريد معنى كلي لهؤلاء الأفراد ويطلق عليه لفظ الإنسان ويعرفه بأنه الحيوان الناطق، ولا داعي لأن نقول كأفلاطون أن هذا المعنى الكلي موجود في عالم مُثُل.
ثانيا: النظرية العقلية "ديكارت" و"كانت"
وهي نظرية لكثير من الفلاسفة منهم "ديكارت" و"كانت"، وهذه النظرية العقلية تنقسم إلى تصورين بينهما اشتراك:
فالتصور الأول وهو "لديكارت"، يقول إن الإدراكات التصورية تأتي من مصدرين أولهما الحس؛ فنحن نشعر بالنور والحرارة وغيرها من الأمور، والمصدر الثاني هو الفطرة؛ فالعقل الإنساني مركب فيه صور لم يكتسبها من الحس، مثل تصور الله والنفس والحركة وغيرها.
والتصور الثاني وهو لـــ"كانت" ويقول إن مصدر التصورات كله من الفطرة والحس يساعد على فهم هذه التصورات، وهذا المصدر يعطينا تصور الزمان والمكان والمقولات الاثني عشر عند كانت.
والذي اضطر العقليين لهذه النتيجة هو أنهم وجدوا أن مجموعة من التصورات لا يمكن أن يدركها العقل البشري من الحس، فإذن لا بد أن تكون من داخل النفس ومركبة في صميمها.
ويمكن الرد على هؤلاء العقليين بإرجاع كل التصورات إلى الحس وذلك بتحليل عملية الحس، وجعل كل التصورات ناتجة عنها من غير الحاجة إلى القول بوجود تصورات فطرية، وبمثل هذا التحليل رد "جون لوك" على "ديكارت" وكذلك الفلاسفة الحسسين مثل "باركلي" و "دايفد هيوم" بعد ذلك.
ويمكن الرد عليهم أيضا بالقول الفلسفي بأن النفس بسيطة والبسيط لا يصدر عنه الكثرة فكيف تكون النفس بسيطة وفي نفس الوقت هي مصدر لأفكار وتصورات كثيرة، هذا لا يتفق مع القاعدة؛ إذن فلا بد من وجود مصدر لهذه التصورات غير النفس البسيطة وهو الحس لأنه متكثر.
ويمكن أن نستخدم نفس الدليل الذي استخدمه أرسطو في الرد على أفلاطون وهو أقواها.
ثالثا: النظرية الحسية
إن أول من تكلم بهذه النظرية هو "جون لوك" الفيلسوف الإنكليزي الذي ظهر في عصر الكل يؤمن فيه بأفكار "ديكارت" عن الفطرة، فألف كتابا يفند فيه فكرة "ديكارت" ويثبت النظرية الحسية، ولكن لم يقف الأمر إلى هذا الحد بل تطور الأمر حتى وصلنا إلى فلسفة حسية خطيرة عند باركلي ودايفد هيوم.
وهي نظرية قائلة بأن المصدر الوحيد للتصورات هو الحس، والشيء الذي لا نحسه لا نستطيع إدراكه، فهو غير قابل للتصور، وبناء على هذه النظرية فليس للذهن أن يكشف تصورا من غير الحس، بل الذهن فقط يستطيع أن يقسم ويركب ويطرح الأفكار ويميزها عن بعض.
فالحس أعطانا تصورا عن الجبل ثم أعطانا تصورا عن الذهب ثم ركب الذهن تصورا آخر من هاتين الصورتين وهو جبل من ذهب، ويستطيع الذهن أي يركب صورتين مثلا كتركيب رأس إنسان على جسم أسد أو جناحين لحصان، ويستطيع العقل أن يجرد من عمرو وزيد صورة كلية فيطرح كل ما يميزهما كشخصين في الخارج ويعطينا صورة كلية لهما.
وقد تبنا هذه الفكرة المذهب الماركسي؛ حيث قالوا أن التصورات هي انعكاس لما في الواقع عن طريق الحس وما لا ينعكس عن طريق الحس فلا يمكن أن نتصوره لأنه خارج عن حدود الانعكاسات الحسية.
وأصحاب النظرية الحسية يقولون أن من يفقد نوعا من أنواع الحس فهو يفقد إدراكا لمجموعة من التصورات، وترتكز النظرية الحسية على التجربة فالتجربة تعطينا مجموعة من التصورات عن طريق الحس، وهذا لا يعني أن العقل الإنساني لا يقوم بأي عملية بل له بعض العمليات الإدراكية كما بينا سابقا كالتقسيم والتركيب والطرح.
ويمكن أن نرد على هذه النظرية ونوضح فشلها عن طريق السؤال في كيفية ارجاع بعض المفاهيم إلى الحس كالعلة والمعلول والوجوب والإمكان والجوهر والعرض والوحدة والكثرة، ونحن نتكلم عليها كمفاهيم لا كأمور جزئية مشخصة في الخارج.
فنحن في الواقع نرى الماء إذا وضع على النار يسخن ثم يغلي ولكن لن نستطيع أن نشاهد أو نحس بالعلاقة العليّة بين الماء والنار أي أن الثاني وهو النار سبب في غليان الأول وهو الماء، فهذه العلاقة غير مشاهدة بل المشاهد هو مثال وتطبيق لهذه القاعدة العقلية.
وقد انكر "دايفد هيوم" مبدأ العليّة، وقال بتداعي المعاني أي أن النار وحرارتها هي من استدعت معنى تسخين الماء لا أن الحرارة هي علة في تسخين الماء؛ أي أننا مهما رأينا الحرارة فيجب أن يتسخن الماء بالضرورة، بل الأمر مجرد أن هذا المعنى ارتبط بهذا من غير عليّة، ولكن هذا الانكار لن يفيد دايفد هيوم لأنه عندما انكر مبدأ العلية كان متصورا له وإلا فماذا انكر، إذن فهو قد تصور معنى لم يكتسبه عن طريق الحس وبذلك تبطل نظريته.
ولنا وقفة أخرى مع هذا الموضوع نكمل فيه ما بدأنا من الحديث عن نظريات مصادر التصورات، ونتكلم فيه عن نظرية علماء الإسلام المتكلمين.
(البوصلة)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

ما هي الفلسفة ومن هم الفلاسفة؟! Empty
مُساهمةموضوع: رد: ما هي الفلسفة ومن هم الفلاسفة؟!   ما هي الفلسفة ومن هم الفلاسفة؟! Emptyالخميس 08 ديسمبر 2016, 10:07 am

[rtl]هدم النظرية التجريبية التي قامت عليها فلسفات كالماركسية[/rtl]


ما هي الفلسفة ومن هم الفلاسفة؟! Math
عماد عبد الرحمن
تكلمنا في ما سبق من مقالات عن النظرية التجريبية ومصادر المعرفة لديها، ولأهمية هذه النظرية نعيد طرح الكلام حولها وذلك لأنه قد قامت نظريات وفلسفات بناءً على صحة النظرية التجريبية وصحة القول بأن التجربة هي مصدر العلوم وأنه لا يمكن بالنظر العقلي تحصيل شيء من العلوم، مثل النظرية الماركسية.
وهذه النظرية تحدُّ من مجال التفكير البشري وتجعله محصوراً في الأمور المشاهدة فقط، ثم إن هذا المنهج التجريبي يجعل سير العقل البشري في التفكير على العكس من المنهج العقلي؛ فهذا المنهج التجريبي يجعل سير العقل البشري من الخاص إلى العام فهو يستقرئ المعلومات الجزئية ثم ينتقل منها إلى الأحكام الكلية، ففي هذا المنهج ينظر العقل إلى ضفدع مثلا يعيش في الماء وعلى اليابسة ثم ينظر إلى ضفدع آخر يجده كذلك يعيش في الماء وعلى اليابسة وإلى آخر وهكذا، ثم يحكم بأن هنالك حيواناً يعيش في الماء واليابسة ويسمى برمائيا، على خلاف المنهج العقلي، فهو يفرض قواعد كلية ويستدل لها ثم يبحث لها عن مصاديق؛ أي على أشخاص أو مشخصات لها في خارج الذهن، فالمنهج العقلي يقول أن الحيوان يمكن أن يعيش في الماء أو يعيش في اليابسة أو يعيش في اليابسة والهواء معا أو يعيش في اليابسة والماء معا فهذه أقسام عقلية، ثم نبحث لها عن ماصدق أي مشخصات تصدُق عليها هذه القواعد.
ثم إن المنهج التجريبي يرفض المنهج الاستدلالي القياسي الذي يثبته المنهج العقلي؛ كقولنا كل إنسان فانٍ ومحمد إنسان فهو فانٍ، وهذا استدلال عقلي قياسي انتقلنا فيه من العام إلى الخاص.
إن النظرية التجريبية تقول إنه لا يمكن أن نكتسب أي معارف أو علوم إلا عن طريق التجربة، وإن النظر العقلي لا يفيد شيئا من العلوم، وأصحاب هذه النظرية يقولون إنه لا وجود لقوانين عقلية، بل بعضهم يقول بأنه لا وجود للقواعد والأحكام الضرورية أو ما تسمى بالبدهيات، فالإنسان لو قدِّر له أن يعيش من غير تجربة فهو لن يتحصل على أي معلومات أو نظريات أو مفاهيم البتة.
ونقول في نقاش هذه الفكرة، لو فرضنا أن إنسانا جلس في مكان مظلم وهذا الإنسان خالٍ من أي معلومات تجريبية وليس لديه أي معارف من أي نوع فهو خلو من كل معرفة، ثم رأى هذا الإنسان ضوءاً ثم بعد فترة انقطع هذا الضوء، فإن هذا الإنسان سوف يدرك أن هنالك شيء وجد ثم انتهى، أي أنه سيدرك وجود هذا الضوء ثم انتهاء هذا الضوء، فهو لديه حالتان؛ الحالة الأولى وجود الضوء والحالة الثانية انتهاء الضوء أي عدم وجوده.
ففي هذه الحالة استطاع الإنسان التمييز بين مفهومين الوجود والعدم، وهو كما فرضنا خال من أي معارف أو نظريات ولكنه استطاع التمييز بين مفهومي الوجود والعدم، ثم هو أيضا يميز بن الضوء وعدم الضوء فلو قلنا له إن الضوء وعدم الضوء شيء واحد فإنه سينكر هذا الأمر ويقول لا إن الضوء شيء والعدم شيء آخر، فهذا غير هذا، ولو رأى هذا الإنسان كتابا ثم رأى قلما فإنه بالبداهة سوف يميز بينهما فلو قلنا له هذا اسمه كتاب وهذا اسمه قلم، فإنه بالبداهة سيميز بين مفهوم الكتاب ومفهوم القلم، ولو قلنا له إن الكتاب هو القلم فسوف ينكر هذا بالبداهة ويقول بل هما مختلفان فالكتاب هو الكتاب والقلم هو القلم، وهذا ما يسمى بمبدأ الهوية في المنهج العقلي وهو مبدأ بدهي كما رأيت وبينا ذلك.
ولو رجعنا إلى مفهوم الوجود والعدم، وقلنا لهذا الإنسان أن الكتاب موجود فهو سوف يفهم هذا المعنى ويميز بينه وبين عدم وجود الكتاب، ولو قلنا له إن الكتاب معدوم فسوف يميز بين هذا المفهوم ومفهوم وجود الكتاب، ثم لو قلنا له إن الكتاب موجود ومعدوم في نفس الوقت، أو قلنا له إن الكتاب ليس بموجود وليس بمعدوم في نفس الوقت فإنه سوف ينكر هذين الاحتمالين الأخيرين، فعندنا أربع احتمالات:
الأول وجود الكتاب، والثاني عدم الكتاب، والثالث وجود الكتاب وعدمه في نفس الوقت، والرابع أن الكتاب ليس بمعدوم وليس بموجود في نفس الوقت، فسيقبل هذا الإنسان من بين هذه الاحتمالات الاحتمالين الأولين وسوف يرفض الاحتمالين الأخيرين بناء على فهمه لمعنى الوجود والعدم؛ فإن الشيء الموجود يستحيل أن يكون معدوما والشيء المعدوم هو شيء غير موجود، ويستحيل أن يكون الشيء ليس بمعدوم وليس بموجود في نفس الوقت والمكان، وكذلك يستحيل أن يكون الشيء موجودا ومعدوما في نفس الزمان والمكان، وهذا كله قد قبله العقل ورفضه دون تجربة بل بمجرد النظر إلى مفهوم الوجود والعدم، وهذا ما يسمى بمبدأ التناقض في العلوم العقلية وهو أن الشيئين لا يجتمعان معا ولا يرتفعان معا في نفس الزمان والمكان، وإذا ثبت أحدهما انتفى الآخر وإذا انتفى أحدهما ثبت الآخر كالوجود والعدم مثلا.
فنحن هنا استطعنا أن نكتسب معارف من غير التجربة، بل بمحض العقل فقط وهي معارف لا تحتاج إلى دليل ولا برهان بل هي أمور بدهية يحكم بها العقل بمجرد أن يفهم معانيها ولا يستطيع العقل ردَّ هذه المعارف والمعاني والمفاهيم.
بل إن النظر والتجريب والمعارف التجريبية كلها تعتمد على مبدأ الهوية ومنع التناقض، وإلا لما استطعنا أن نكتشف أو نحصّل أي معرفة عن طريق التجريب، فإنني عندما أريد أن أخلط محلولين كيميائيين كي نحصل بالتجربة على محلول كيميائي جديد أو من أجل كشف علاقة معينة بين المحلولين، فإننا بحاجة إلى مبدأ الهوية ومبدأ عدم التناقض وإلا لما استطعنا أن نحكم بأي حكم على المحاليل الكيميائية المختلفة ولن نستطيع التمييز بينها أصلا أو بين ما هو موجود منها وما هو معدوم.
ثم إننا نستطيع رفض هذه النظرية التجريبية بناء على النقاش التالي: نقول لأصحاب النظرية التجريبية إن نفس قاعدتكم القائلة "إن التجربة هي أساس كل معرفة وهي المقياس الأساسي لكل الحقائق"، نقول هل هذه النظرية حصلتم عليها بالتجربة أم هي قاعدة بدهية؟ إن كانت بدهية فهذا خلاف قولكم بل هذا سوف ينقض مذهبكم، وإن كنتم حصلتم على هذه القاعدة عن طريق التجربة وأن التجربة هي من أكدت لكم صحة هذه القاعدة فسنقول إن التجربة لا تؤكد نفسها، لأننا نريد أمراً يؤكد لنا صحة المعارف التي نكتسبهاعن طريق التجربة، والتجربة نفسها لن تثبت لنا صحة نفسها لأننا سنشكك في التجربة التي أثبتت لنا صحة المعارف التجريبية وهكذا ندور.
ثم نقول لو أننا لم نثبت إلا ما يقع تحت التجربة وتحت الحواس لما استطعنا أن نثبت أن شيئا ما يستحيل أن يقع، لأننا عن طريق التجربة والحواس يمكن أن نحكم على شيء معين أنه لم يقع ولكن لا نستطيع الحكم عليه باستحالة وقوعه، لأن عدم وجود شيء لا يعني استحالته.
فمثلا نحن نحكم أن القمر موجود وأنه يدور في مسار معين، ونستطيع أن نفرض أن القمر ممكن أن يعيش عليه الإنسان أو أن الإنسان من الممكن أن يعيش على كوكب آخر غير الأرض، ولكن هل نستطيع من خلال التجربة أن نحكم بأنه يستحيل وجود القمر وعدمه، أو يستحيل وجود مثلث له أربع أضلاع أو أن الكل أكبر من جزئه.
إن الأمثلة التي سقناها لا تدل على فكرة واحدة، فأن يكون هناك بشر يعيشون على الأرض شيء مختلف عن أن يكون المثلث ذو أربعة أضلاع، فالمثال الأول ممكن أن يقع وغاية ما يستطيع المنهج التجريبي أن يقول هو لم يقع إلى الآن وأنه لو وقع فهو بحاجة إلى شروط معينة، ولكن هل يستطيع المنهج التجريبي أن يثبت بالتجربة دون النظر العقلي أن المثلث من الممكن أن يكون ذو أربعة أضلاع.
ونحن بمجرد معرفتنا للمثلث ما هو، نحكم عليه باستحالة كونه ذو أربعة أضلاع وهذا الحكم يكون ضروريا، بينما حكمنا على القمر بأنه يجوز أن يصطدم بالأرض هو حكم يجوزه العقل أو أن يعيش بشر على القمر وهذا الفرق واضح في أنفسنا بين القضيتين أو القضايا التي طرحنها والأمثلة التي سقناها، فأين المنهج التجريبي من هذا التفريق، وكيف سيفرق بين الأمثلة والقضايا السابقة بمجرد التجربة؟
وإذا لم يستطع المنهج التجريبي أن يفرق بين ما هو مستحيل وما هو جائز، فإما أن يثبت الاستحالة العقلية وبذلك ينهدم مذهبه القائل بعدم مقدرة الإنسان على الحصول على المعارف إلا عن طريق التجربة، فإن مفهوم الاستحالة حصلنا عليه عن طريق العقل، وإما أن ينفي مفهوم الاستحالة من أساسه وبذلك يكون قد هدم مفهوم التناقض وهو استحالة وجود الشيء وعدمه في نفس الوقت، وبذلك تنهدم جميع العلوم والمعارف لأن أي قضية يحكم عليها العلم التجريبي نحن سنقول إنها غير صادقة لجواز أن تكون صادقة وغير صادقة في نفس الوقت والمكان.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

ما هي الفلسفة ومن هم الفلاسفة؟! Empty
مُساهمةموضوع: رد: ما هي الفلسفة ومن هم الفلاسفة؟!   ما هي الفلسفة ومن هم الفلاسفة؟! Emptyالسبت 17 ديسمبر 2016, 11:39 am

هدم النظرية التجريبية من جديد
التاريخ:13/12/2016 - الوقت: 7:58ص
ما هي الفلسفة ومن هم الفلاسفة؟! 11223582_1071194376232513_7396922690645724113_n

عماد عبد الرحمن
تكلمنا في المقال السابق عن النظرية التجريبية وعن فكرتها العامة وقمنا بالرد على الأفكار التي تطرحها واليوم نكمل ما بدأنا به في الرد عليها من وجوه فنقول:
قال أصحاب هذه النظرية:
أنه لا وجود للعلة والمعلول، والذي نراه من استتباعِ حركةٍ لأخرى إنما هو تداعي حركات أي أن حركة ما استدعت حركة أخرى دون أن تكون واحدة منهما مسببة لحركة الأخرى، وإنما هو اقتران حركتين معا لا أكثر، أي أن هذا الترتيب بين الحركات ليس حتميا بل هو أمر عادي يمكن أن يتخلف ولا يحصل إذا قمنا بنفس العملية أو التجربة مرة أخرى، غاية ما في الأمر أن الإدراك البشري قام بترتيب حركتين بسبب المشاهدة التي أفادتنا أن الحركة الأولى جاءت بعدها حركة ثانية بهذا الترتيب، فالأمر مجرد عادة ذهنية إدراكية وليست أمراً حتميا في خارج الذهن، طبعا هذا الأمر سوف يعطينا علاقات بين الأشياء ولكن هذه العلاقات ستكون مجرد احتمالات ليس إلا، ولن تكون أموراً حتمية كقول القائلين بالعلة والمعلول.
إذن فالسببية ليست إلا انتظاماً معيناً لتسلسل ما، والسببية بذلك سوف تكون مجرد تتابع للأحداث، وليس في هذا التتابع أي ضرورة طبيعية أو منطقية، مجرد اقتران بين الحركتين في الزمن؛ وهذا الاقتران ليس حتميا بحيث كلما وجدَت الحركة الأولى توجد الثانية بل هي مجرد احتمال أي أنه إذا وجدت الحركة الأولى يحتمل أن توجد الثانية ويحتمل ألا توجد، وكلام ديفد هيوم في قسم الحكم العادي وليس في قسم الحكم العقلي.
ثم إن الفيلسوف ديفد هيوم يقول ما هو الدليل على السببية؛ إن حكمنا على النار بأنها سبب الإحراق أي علة الإحراق النار، هو في الحقيقة قائم على مقدمتين الأولى تقول إن صفة النار الإحراق، والثانية تقول أن كل متشابهين لهما نفس الحكم، إذن فكلما اقتربت النار من الورق فإن الورق سيحترق، ولكن هيوم يقول إن المقدمة الأولى مأخوذة من التجربة والاستقراء، والاستقراء لا يفيدنا قطعا بل يفيدنا ظنا فقط، ثم إن المقدمة الثانية أيضا مأخوذة من الاستقراء وهو أيضا لا يفيد إلا ظنا؛ إذن هذا الاستقراء لا نستطيع من خلاله الجزم بأن النار علة في الإحراق، غاية الأمر أن نستفيد اقتران النار للإحراق وهذا ليس إلا اقتران عادي يمكن أن يتخلف فتوجد النار ولا يوجد الإحراق بالنسبة للحكم العادي، وهذا الاستتباع والاقتران لا يفيد علة ولا معلول، وينتج من هذا كله أن دليلنا على العلة والمعلول الاستقراء، ودليلنا على الاستقراء هو الاستقراء نفسه وهذا دور ـــــــ أي ان الاستقراء هو دليل على نفسه ـوهذا باطل ـــــــ وبالتالي يبطل القول بالعلة والمعلول؛ لأن دليلنا على أن النار علة للإحراق وهي قضية استفدناها من الاستقراء هو المقدمتين التي استفدناهما من الاستقراء والشيء الواحد لا يمكن أن يكون دالاً ودليلاً في نفس الوقت، يقوم هيوم أن ما نشاهدُه في الماضي من اقتران فعلين (سبب ومسبب) يمكن أن لا يحدث في المستقبل، فيمكن للنار أن تحرق مرة وأن لا تحرق مرات أخرى ثم تعود للإحراق مرة أخرى ولا يوجد قانون عادي يضبط هذه المسألة بالنسبة له.
وللرد على هذا الكلام نقول:
إن الحس لن يستطيع أن يحكم بأكثر من اقتران قضيتين ببعضهما أو أن واحدة متقدمة على الأخرى، ولكن العقل يستطيع أن ينتزع مفهوما آخر من هذا الاقتران ويسميه العلة ودليله لن يكون نفس الاستقراء أو نفس هذا الاقتران والتتابع وإنما الدليل سيكون هو البداهة أي إن الدليل على العلة والمعلول وأن الأشياء المتشابهة لها نفس الحكم وأن الأمرين المتناقضين لا يجتمعان معا ولا يرتفعان معا ليس الدليل على كل هذا الاستقراء بل البداهة، فإن هذه أمور ضرورية بمعنى أن الإدراك الإنساني لا يستطيع ردها عن نفسه بل يصدق بها تصديقا جازما بالضرورة.
صحيح أن الحركتين المتتابعتين أو المقترنتين لا يستطيع الحس إدراك غيرهما؛ ولكن العلة والمعلول أمرٌ ثالثٌ منتزعٌ من هاتين الحقيقتين اللتين أدركهما الحس، فأنت ترى الأب وترى الابن ثم تنتزع منهما أمراً ثالثا يسمى الأبوة أو البنوة؛ وهو أمر غير مشاهد ولكنه منتزع في العقل من الأمور الخارجية المدركة بالحس.
ثم إن الإدراك الإنساني لاحظ الحركتين معا أو متتابعتين فلماذا جعل أحدهما سببا في الأخرى؛ فحركة الخاتم في اليد نراهما معا ولكن لماذا حَكَمَ الإدراك الإنساني بأن اليد هي سبب حركة الخاتم؛ هذا أمر بدهي ضروري جاءنا بالضرورة العقلية، وكذلك حركة اليد وحركة القلم جاءتا في الخارج معا ولكن ما الذي جعلنا نقول أن حركة القلم كانت بسبب حركة اليد لا يوجد تفسير منطقي لهذا إلا بقولنا بالعلة والمعلول، لأن قولنا إنه مجرد تقارن وتتابع لا يفسر لنا شيئا من الظاهرة التي أمامنا.
ثم إننا إن قلنا بعدم العلة والمعلول فإن هذا سيقودنا إلى هدم كل النظريات الطبيعية التي تسيّر حياتنا ولن نستطيع العيش على هذه الأرض أو اكتشاف أي شيء من قوانين الطبيعة التي تسهل علينا العيش في هذه الحياة، حتى في أتفه أمور حياتنا اليومية نحن بحاجة إلى القول بالعلة والمعلول فعندما نصنع الطعام ما الذي سنفعله إن قلنا أننا من الممكن أن نضع الطعام على النار ثم ربما ينضج الطعام وربما لا ينضج، لأن نضوجه كما يقول هيوم هو مجرد احتمال لا علاقة سبب ومسبب علة ومعلول.
وقد أورد بعض المفكرين قولا يدفع به وهم التتابع بين قضيتين في الحس، وأنه هو نفسه العلة والمعلول؛ بمعنى أننا نلاحظ أشياءَ كثيرة بينها تتابع وتعاقب ولكن عقولنا لا تحكم عليها بأنها علة لبعضها؛ فمثلا نحن حكمنا على النار بأنها حارقة وعلة للإحراق ولكن لم نحكم على الليل بأنه علة للنهار أو أن النهار علة لليل مع أن بينهما تتابع وتعاقب، فلماذا؟ لم يحكم العقل عليهما بالعلة والمعلول، إذن فليس كل تعاقب وتتابع يمكن أن يحكم عليه بالعلة والمعلولية وبذلك ينتقض مبدأ هيوم القائل بالتداعي أو تداعي المعاني.
إذن إن القائلين بالنظرية التجريبية لا يتم لهم القول بهذه النظرية وبأن التجربة مصدر من مصادر المعرفة؛ إلا إن سلموا أن هنالك علوما أولية تعتمد عليها التجربة وإلا ستنهار نظريتهم من أساسها، فالقول بأن التجربة هي مصدر جميع العلوم وليس هنالك مصادر أخرى للعلوم غيرها ولا حتى البدهيات العقلية، هذا سيضطرهم إلى هدم مذهبهم من أساسه لذلك عليهم أن يقروا بعدة مبادئ عقلية وهي:
[list defaultattr=]
[*]مبدأ العلة والمعلول.
[*]مبدأ منع التناقض.
[*]أن الأشياء المتشابهة لها نفس الأحكام.
[*]مبدأ الهوية.
[/list]

وبهذه المبادئ نستطيع أن نبدأ التجربة ونستطيع أن نبني العلوم الطبيعية عليها، لأنه لولا هذه المبادئ فلن يستطيع العقل أن يميز أو يدرك شيئا من الأشياء، بل لن يستطيع أن يعطينا نظرية وإن أثبت المختبر صحتها لأن المختبر يثبت صحتها على عينات ولكنه بعد ذلك يعمم الحكم بناء على هذه المبادئ العقلية.
ثم هناك سؤال يطرحه بعض المفكرون وهو ما الفرق بين الرياضيات والتجربة؟ إذا قيل لا يوجد فرق فهذا كلام لا يقبله العقل؛ فإن الرياضيات هي أحكام صارمة قطعية على عكس التجربة، وإذا كان هنالك فرق فمن أين حصلنا على العلوم الرياضية، هل هي من التجربة؟ وإذا كانت من التجربة، فمن أين لها القطع واليقين؟ وإذا لم تكن من التجربة فهي ليست إلا أحكاما عقلية.
وبهذا الذي تقرر نستطيع القول إن المنهج العقلي هو أصح المناهج في قوله بمصادر المعرفة وعليه نستطيع بناء أُسسِنا الفلسفية، وإقامة الدين عليها بحيث يكون الدين متينا في قواطعه وإثباتاته التي يرتكز فيها على العقل، فيُثبِت وجود الإله ثم يُثبِت قدرته ثم يُثبِت المعجزة التي تكون على خلاف قوانين الطبيعة ثم يُثبِت بذلك صدق النبي ثم تبني الأحكام الشرعية على هذا الأساس؛ فنحن بحاجة إلى العلوم العقلية لكي نعيد للدين قيمته المفقودة في هذا الزمن ونعيد له الصدارة في الحياة ونكون بذلك قد حققنا أمر الله من استخلافنا في الأرض.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

ما هي الفلسفة ومن هم الفلاسفة؟! Empty
مُساهمةموضوع: رد: ما هي الفلسفة ومن هم الفلاسفة؟!   ما هي الفلسفة ومن هم الفلاسفة؟! Emptyالإثنين 19 ديسمبر 2016, 8:53 pm

الماركسية كمثال كيف بنت نظرياتها على المذهب التجريبي؟

ما هي الفلسفة ومن هم الفلاسفة؟! %D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B8%D8%B1%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AC%D8%B1%D9%8A%D8%A8%D9%8A%D8%A9

عماد عبد الرحمن
تكلمنا في المقالات السابقة عن النظرية التجريبية، وأن النظرية التجريبية ترتكز على التجارب العملية لاكتساب المعارف، فأصحابها يعدون أن مصدر المعرفة هو التجربة وحسب؛ ولكن حدث تطور في المذهب التجريبي وإن بقي القول الأول سائرا كمذهب، وهذا التطور حصل عند الماركسية، فهم يقولون إن مصدر المعرفة الاول هو الحس والتجربة ولكن بعد ذلك تأتي مرحلة اكتشاف القواعد والضوابط العقلية.
ولكي يتميزوا عن المنهج العقلي جعلوا التجربة هي الحاكمة على القواعد المستنتجة؛ فليست القواعد العقلية المستنتجة من التجربة كالقواعد العقلية في المنهج العقلي مطردة منعكسة ضرورية بدهية؛ بل لا يوجد قواعد كذلك إلا إذا استنتجت من التجربة ولم تدل تجربة أخرى على فساد هذه القاعدة العقلية المستنتجة، فما دام لا نقض لهذه القاعدة بتجربة تبقى قاعدة حتى تنقض.
وبهذا التقرير حكمت الماركسية على التجربة بأنها المقياس الوحيد لجميع المعارف، فما لم تثبته التجربة ليس بمعرفة بل لا وجود للمعارف إلا عن طريق التجربة، ولكنها في نفس الوقت تقول بوجود مرحلة ثانية ينتقل إليها الإنسان بعد التجربة وهي وضع القواعد والنظريات والقوانين التي حصل عليها عن طريق التجربة، ولكن مع هذا تبقى التجربة في نظرهم هي المقياس الوحيد في معرفتنا البشرية وهي المصدر الوحيد للمعارف والنظريات ولا وجود لغيرها من المصادر.
والحقيقة أن التجربة تعطينا معارف عن ظواهر الأشياء فقط فما الذي يجعل هذه الظاهر مطردة منعكسة بحيث تصبح نظرية، ما الذي يجعل تجربة واحدة تعطينا نظرية مع أنها كشفت عن ظاهرة معينة في وقت ومكان معين؟ ما الذي يجعلنا نعمم هذه الظاهرة؟ أليس من الممكن أن تكون هذه الظاهرة مختلفة من حالة إلى أخرى!
لو أننا أجرينا تجربة على أرنب واستنتجنا مما حصل أمامنا شيئا معينا ألا يمكن أن تختلف الظاهرة لو قمنا بها على أرنب آخر! ما الذي يجعلنا نعمم الحكم؟ حتى لو قمنا باستقراء لمجموعة ضخمة من الأرانب ما الذي يجعلنا نعمم على الأرانب التي لم تخضع للتجربة؟
الذي نقصده هنا أن التجربة أعطتنا حكما على ظاهرة حصلت أمامنا ولكن لا يحق لنا بمجرد هذه التجربة وبالاعتماد عليها أن نعمم الحكم ونطلقه، وبذلك لن نكتشف أي نظرية ما دمنا نعتمد على مجرد التجربة وفقط.
وهذا يجعلنا نلغي المرحلة الثانية التي يقول بها الماركسيون، ونوجه لهم سؤالا واضحا عن ما الذي يجعلكم من تجربة واحدة تنتقلون إلى النظرية؟
لا جواب ينقذهم إلا أن يقولوا بأن هنالك أحكاما عقلية أولية تجعلنا نعمم، وتجعلنا ننشئ الأحكام والنظريات كالقوانين الأولية التي تكلمنا عنها غير مرة مثل التناقض وأن المتشابهين لهما نفس الحكم ومبدأ العلية أو السببية وغيرها.
وبهذا القول نحكم على النظرية الماركسية الدلكتيكية بالفشل منذ بداية الطريق فهي إما أن تقول بالمعارف العقلية الأولية التي يتكلم عنها المذهب العقلي، وإما أن تحكم على نفسها بالتناقض والفشل وعلى كلا الحالين سوف تفشل نظريتهم في تأسيس الكلام للوصول إلى نتائج النظرية الماركسية.
لأن الماركسية إذا اعترفت بهذه القوانين العقلية البدهية فهي تقرر أن هنالك شيئا وراء التجربة ووراء هذا العالم المادي الذي ندركه، وهي بذلك تقرر أن هنالك مصدرا آخرا للمعرفة وهو العقل لا التجربة وحدها، وبالتالي فإن العقل هو من سيحكم على التجربة لا أن التجربة هي المقياس لكل شيء.
وبهذا يتأكد لدينا أن المنهج العقلي هو الوحيد القادر على حل المعضلات في قضية مصادر المعرفة، وهو المنهج الوحيد القادر على تفسير معارف الإنسان وكيفية تحصيل الإنسان لمعارفه،
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

ما هي الفلسفة ومن هم الفلاسفة؟! Empty
مُساهمةموضوع: رد: ما هي الفلسفة ومن هم الفلاسفة؟!   ما هي الفلسفة ومن هم الفلاسفة؟! Emptyالأحد 12 مارس 2017, 6:18 am

تأثر الفلسفة الغربية والمسيحية والعالم الأوروبي بالمسلمين
الفلسفة المشائية وتطورها على يد فلاسفة المسلمين

ما هي الفلسفة ومن هم الفلاسفة؟! %D8%A7%D8%A8%D9%86_%D8%B1%D8%B4%D8%AF_%D9%88%D9%84%D9%81%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D9%8A_%D9%83

عماد الدين عبد الرحمن
جاء في الموسوعة العربية للكاتب عدنان شكري:"المشائية Peripatetism لفظة تطلق على الحركة الفلسفية التي أسسها أرسطو  وحمل لواءها عدد من الفلاسفة: تلامذته وأنصاره وشراحه، ومن أخذوا عنه".
وأضاف شكري :"المشائية كلمة أصلها يوناني مشتقة من الفعل peripatein وتعني يطوف، وذلك إشارة إلى الممشى الظليل أو الرواق peripatos الذي كان أرسطو يلقي محاضراته فيه، أو إلى طريقته في التدريس وهو يطوف بالرواق في مدرسة اللوقيين التي أسسها في أثينا عام 334 ق.م، واستمر وجودها نحو ألف عام حتى 529م حين أمر الامبراطور جستنيان بإقفالها وحظر تدريس الفلسفة، وكان قد غلب عليها حينئذٍ تعاظم أثر الأفلاطونية المحدَثة".
ولكن الفلسفة المشائية بقيت مؤثرة حتى أواخر القرن التاسع عشر عند ظهور كل من هيغل وماركس، بل وما زال لها تأثير حتى يومنا هذا في كثير من البلاد كالبلاد العربية وإيران وحتى في الغرب.
ولقد تطورت فلسفة أرسطو من قبل شراحه ومترجميه وتلامذته على اختلاف مدى التأثر في أرسطو شدة وضعفاً، وبقي هذا التطور حتى القرن الثامن الميلادي حين دخلت الفلسفة إلى العالم الإسلامي فأصبح هناك نقلة نوعية للفلسفة المشائية على يد الفلاسفة المسلمين والبعض يُرجع دخول الفلسفة إلى العالم الإسلامي بعد القرن الخامس الميلادي.
ومن أهم الموضوعات التي تكلمت فيها الفلسفة المشائية هي المنطق وعلم الطبيعة، وما بعد الطبيعة "أو الإلهيات"، والفلسفة العملية "الأخلاق والسياسة"، والأدب والنقد "الخطابة والشعر"، ولكن أهم هذه الموضوعات التي أثارت الجدل والأخذ والرد هو موضوع الماورائيات "الإلهيات".
يقول يوسف شكري في الموسوعة العربية :" ظهرت المشائية العربية بعد القرن الخامس، وكان لها الفضل في نقل تراث أرسطو إلى أوروبا وظهور المشائية اللاتينية بفضل الترجمات العربية واليونانية، ثم ظهور المشائية المسيحية في العصور الوسطى ولاسيما في القرنين الثاني عشر والثالث عشر".
بينما يقول مؤلفوا كتاب أطلس الفلسفة [بيتر كونزمان، وفرانزــــــــ بيتر بوركارد، واكسل فايس] :"كان للعالم العربي أبلغ الأثر في تطور الحياة العقلية للغرب المسيحي في القرون الوسطى، إذ كانت العلوم العربية لا سيما الطب أكثر تقدما من مثيلاتها في الغرب اللاتيني. كذلك استطاعت الحضارة الإسلامية أن تثبت نفسها بين الأعوام 800 ــــــ 1200 في نقل الفلسفة والعلوم اليونانية".
وهذا يبين أن الحضارة الإسلامية هي الأساس لكل الحضارات الأوروبية وأساس لكل التطور والازدهار في الغرب ليس فقط في العلوم التجريبية بل حتى في العلوم العقلية والفكرية.
ثم يضيف مؤلفوا أطلس الفلسفة :"تُرجمت الكتب اليونانية في مدارس كبيرة متخصصة بالترجمة إلى العربية، وبواسطة مسلمي إسبانيا (الأندلس) أمكن نقل هذه الترجمات إلى الغرب. وبهذه الطريقة تمكن الغرب (مسيحيو القرون الوسطى) من الحصول على جميع مؤلفات أرسطو (لا تلك التي قام بها بوسيوس بترجمتها في المنطق والحساب) نتيجة لذلك ازدهرت العلوم التجريبية".
ولم تكن استفادة الغرب المسيحي من ترجمات كتب أرسطو العربية بل استفادوا من شروحات كتب أرسطو العربية وتأثروا بآراء الفارابي وابن سينا وابن رشد وغيرهم، حيث يقول عدنان شكري :" ثم شهد القرن الثالث عشر تكامل عملية الترجمة لمؤلفات أرسطو وشروح ابن رشد عليها، فأصبحت محور الدراسات الفلسفية في أوروبا طوال قرون عدة، وكان أهمها ترجمات مايكل الاسكتلندي (المتوفى نحو 1236م) لثلاثة من كتب «الحيوان» لأرسطو، ولشروح ابن رشد الكبرى على الطبيعيات، كذلك ترجمة هرمان الألماني (المتوفى عام 1272م) لشروح ابن رشد على كتاب «الأخلاق النيقوماخية»، وكتاب «الشعر»، كذلك ترجمة وليم المربيكي (المتوفى عام 1236م) للأعمال الكاملة لأرسطو عن اليونانية.
وتطور اللاهوت المدرسي الوسيط بتأثير المشائية، واشتهر من أعلام المشائية المسيحية كل من القديس ألبرت الأكبر، وجون دونس سكوتس، وريمون لول وأشهرهم على الإطلاق القديس توما الأكويني أعظم لاهوتي المشائية المسيحية".
وكان أبو إسحق يعقوب الكندي (184-266هـ/800-879م) أول علم من أعلام المشائية العربية، وقد عني بقضايا المنطق والمعرفة، وذلك من خلال شروحه على مؤلفات أرسطو.
ثم أبو نصر الفارابي (257-339هـ/870-950م) الرياضي والطبيب والفيلسوف وإمام مناطقة عصره، فلقب بـ"المعلم الثاني" بعد أرسطو "المعلم الأول"، وكان أهم من شرح بالعربية مؤلفات ارسطو وخاصة المؤلفات الفلسفية والطبيعية، ومن أشهر كتبه "الجمع بين رأي الحكيمين" و"المدينة الفاضلة" و"إحصاء العلوم" ولقد سعى الفارابي إلى الجمع بين فلسفة أرسطو والأفلوطينية المحدثة، مطورا بذلك وصفا متافيزيقيا شاملا للكون ومازجا بين تصورات أفلوطين للفيض مع فلسفة أرسطو حول العقل.
ثم خلفه ابن سينا (370-429هـ/980- 1037م) الذي لقب بـ"الشيخ الرئيس"، برز في مجالي الطب والفلسفة، ومن أشهر كتبه "القانون في الطب" و"الشفاء" و"النجاة" و"منطق المشرقيين" في الفلسفة، أما آراؤه الماورائية فهي تقوم على التمييز بين الواجب الوجود بذاته "الله"، والوجود الواجب بغيره.
وفي المغرب العربي برز من أعلام المشائية أبو بكر بن يحيى الملقب بـابن باجة (أواخر القرن الحادي عشر - 1138م) ومن أشهر آثاره «تدبير المتوحد» و«رسالة الوداع» و«اتصال الإنسان بالعقل الفعّال».
وقد بلغت المشائية العربية والإسلامية قمتها في فلسفة ابن رشد (520- 595هـ/1126- 1198م) أعظم شارحي أرسطو في العصور الوسطى، إذ قال معاصروه: «لقد فسر أرسطو الطبيعة، أما ابن رشد فقد فسر أرسطو». وكان ابن رشد فيلسوفاً وفقيهاً وطبيباً مشهوراً، لم يكتف بشرح آراء أرسطو، بل تناولها تنقيحاً وتعديلاً وتطويراً، وارتبطت باسمه نظرية "الحقيقتين" أو "الحقيقة المزدوجة". ومن آثاره كتاب "تهافت التهافت" في الرد على الغزالي (450-505هـ/1058- 111م) و"تلخيص كتاب المنطق" و"تلخيص كتاب البرهان" و"فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال".
وأهم ما قام به ابن رشد هو محاولته للتوفيق بين الفلسفة والدين الإسلامي عبر التمييز بين درجات الفهم للقرآن بما يتوازى مع القدرات العقلية عند البشر، فقسم الناس إلى عامة وخاصة والقرآن إلى ظاهر وباطن وبذلك بدأ بتأويلات بعيدة عن سياق ونص القرآن بحجة أن هذه معاني باطنة لا يفهمها إلا الخاصة.
وقد تأثر بهذه النزعة أعني الجمع بين الفلسفة والدين فلاسفة مسيحيون مثل القديس توما الأكويني، حيث حاول التوفيق بين ما يقوله الدين وما تقرره الفلسفة وتمسك بآراء ابن رشد سوى بعض الأمور التي تميز الدين المسيحي عن غيره.
ويجب أن نشير إلى أن الفلسفة عند المسلمين تأثرت كثيرا بالمتكلمين "علماء الكلام أو علماء العقائد الإسلامية"؛ فقد قام هؤلاء المتكلمون بالرد على أفكار الفلاسفة المسلمين وبذلك بدأ الفلاسفة يطورون آراءهم وينقحون أقوالهم ويضيفون عليها كل ذلك بتأثير من المتكلمين، وقد بدأ الرد والنقد للفلسفة بشكل علمي الإمام الغزالي ثم الإمام الفخر الرازي ومدرسته حتى غدت الفلسفة الإسلامية أقصد المشائية أثرا بعد عين وإن قام بعض المتكلمين المحسوبين بالفعل على الفلاسفة لا على المتكلمين أمثال نصير الدين الطوسي بنصر الفلسفة واتّبعه على ذلك المذهب الشيعي، ولكن كانت مقاومتهم ضعيفة أمام حجج المتكلمين بحيث لم يبق للمدرسة المشائية أتباع كثر.
ولنا وقفة أخرى مع أهم آراء الفلاسفة المشائية بصيغتهم الإسلامية وكيف نفهم كلامهم وكيف نستطيع مناقشة أقوالهم وهل هي فعلا موافقة للدين أم لا؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

ما هي الفلسفة ومن هم الفلاسفة؟! Empty
مُساهمةموضوع: رد: ما هي الفلسفة ومن هم الفلاسفة؟!   ما هي الفلسفة ومن هم الفلاسفة؟! Emptyالأحد 19 مارس 2017, 9:45 am

أهم أفكار الفلسفة المشائية .. "قدم العالم"
ما هي الفلسفة ومن هم الفلاسفة؟! %D8%A7%D9%84%D9%81%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%A8


عماد عبد الرحمن
تحدثنا في المقال السابق عن الفلسفة المشائية وأصول نشأتها وكيف دخلت في العالم الإسلامي ومدى تأثيرها وتأثرها فيه ثم في العالم الغربي، واليوم نذكر أهم أقوال الفلاسفة التي خالفوا فيها المتكلمين، وقام بعضهم بتكفيرهم بسبب هذه الأقوال وهي أصول في مذهب الفلاسفة.
سنتحدث اليوم عن أول فكرة وأهم فكرة لدى الفلاسفة وهي القول بقدم العالم، أي أن العالم لا بداية زمانية له فهو موجود بوجود الله تعالى، فقد اعتبر الفلاسفة أن الله تعالى علّة تامة والعالم معلول له، بمعنى أن الله علة لوجود العالم والعلة لا تتأخر عن المعلول ونضرب مثالا ذكره ابن سينا في الإشارات وهو حركة اليد والمفتاح، يعني عندما يحرك الإنسان المفتاح ويفتح الباب، نقول: تحركت اليد فتحرك المفتاح مع أن حركة اليد والمفتاح معاً في نفس الزمان فهذا مثال يوضح العلة والمعلولية، فأنا عندما أحرك يدي يتحرك الخاتم في يدي؛ فتكون حركة الخاتم علة لحركة يدي ولا تتأخر حركة الخاتم والمفتاح في المثالين عن حركة اليد.
وبهذين المثالين يتضح معنى العلية وكيف أن الله تعالى علة لوجود العالم، فوجود العالم قديم لأن وجود الله قديم والعالم لا يتخلف وجوده عن وجود الله عند الفلاسفة.
ولكن نريد الإشارة إلى أن الفلاسفة يقولون بحدوث العالم ولكن بمعنى أنه محتاج في حدوثه إلى الله تعالى وهم يقولون أن العالم متأخر في وجوده عن الله تعالى لا بالزمان ولكن بالرتبة، أما المتكلمون فيقولون أن العالم حادث بالزمان وأن الله خالق لهذا العالم بعد أن لم يكن، فقد كان الله ولم يكن شيء معه ثم خلق العالم، ولا يقصد المتكلمون بـ(كان) هنا الزمانية فالله لا يدخل تحت الزمان، ولكن وجود العالم زماني وداخل تحت الزمان.
ولا ينفع الفلاسفة قولهم بالحدوث أي بمعنى الاحتياج ولا قولهم بتأخر الرتبة بين وجود الخالق والمخلوق، بل لا بد لهم من الإقرار بالحدوث عند المتكلمين ليذهب النزاع بينهم، والحدوث عند المتكلمين هو أن العالم لم يكن ثم كان وليس العالم قديما كما يقول الفلاسفة أي موجود بوجود الله تعالى.
وحقيقة الخلاف بين الفريقين هي أن الفلاسفة يقولون أن الله تعالى علة للعالم بينما يقول المتكلمون أن الله تعالى خالق بالاختيار والإرادة، وعلى قول المتكلمين فلا بد من تأخر وجود العالم عن وجود الله تعالى، وعلى قول الفلاسفة لا بد أن يوجد العالم مع وجود الله تعالى، فلو قال الفلاسفة بالاختيار لانتفى مذهبهم من أصله، ولو قال المتكلمون بالعلية لانتفى مذهبهم من أصله، فهذه هي الإشكالية الرئيسية بين الفريقين هل الله مختار أم علة للعالم!
واستدل الفلاسفة على قولهم بقدم العالم بأنه إما أن يكون جميع ما لا بد منه لوجود العالم موجودا في الأزل أو لا يكون جميع ما لا بد منه موجودا في الأزل؛ أي أن كل شيء يحتاجه العالم في وجوده إما أن يكون موجودا في الأزل أو لا يكون موجودا في الأزل، فإن كان كل ما لا بد منه موجودا في الأزل فيجب وجود العالم في الأزل، وبعبارة أخرى نقول أن العالم محتاج في وجوده إلى الله تعالى والله تعالى موجود قديم؛ إذن لا بد من وجود العالم في القدم لأن علة وجوده وهو الله موجود، ولا تتأخر العلة عن المعلول.
وإن كان ما لا بد منه في وجود العالم غير موجود في الأزل فلا يوجد العالم أصلا، لأن وجود العلم متوقف على وجود "ما لا بد منه" وهو غير موجود فلا يوجد العالم، فإن قيل أن ما لا بد منه في وجود العالم موجود في الأزل ولكنه غير تام فيحتاج العالم في وجوده إلى إتمامه وإتمامه حصل بعد أن لم يكن، بمعنى أنه في زمن ما حدث ممكن ما وكان حدوث هذا الممكن متممٌ لعلة وجود العالم، فنقول إن حدوث هذا الممكن لا بد له من علة فإن كانت هذه العلة كاملة في الأزل فسيوجد في الأزل وستكتمل علة وجود العالم في الأزل وبذلك يكون العالم قديما.
وإن كان حدوث هذا الممكن الذي كمّل علة وجود العالم غير متوقف في وجوده على شيء فذلك قول بوجود شيء من الممكنات من غير محدث له "خالق" وهو قول باطل، أو نقول أن وجود هذا  الممكن الذي كمّل علة وجود العالم متوقف في وجوده على ممكن آخر، فننقل الكلام إلى هذا الممكن الآخر فإما أن تكون علة وجوده قديمة فيكون الممكن الأول قديم ويكون العالم قديم، وإما أن يوجَد من غير موجِد وهو باطل، أو يوجد بسبب وجود ممكن آخر فننقل الكلام عليه وهكذا نتسلسل في الممكنات والتسلسل باطل.
فثبت بهذا الدليل قول الفلاسفة بوجود العالم منذ الأزل فالعالم قديم لأن علة وجوده هو الله وهو قديم والعلة لا تتخلّف عن المعلول.
وقال المتكلمين في ردّ هذا الدليل: إن علة وجود العالم أو ما لا بد منه في وجود العالم قديم، ولكن يمتنع وجود العالم في الأزل لأن حقيقة العالم هي أنه ممكن والممكن هو ما كان معدوما ثم وجد فإذن يتأخر وجود العالم عن وجود الله لأن حقيقة العالم لا يمكن أن تكون قديمة لأنه حادث.
ويمكن أن يقال أن ما لا بد منه في وجود العالم قديم وهو الله ولكنه اختار أن يكون العالم موجودا في الزمان المعيّن فيمتنع أن يكون العالم قديما، أو نقول أن جميع ما لا بد منه في وجود العالم غير موجود في الأزل وهذا الغير موجود هو شيء في حقيقة الممكن وهو كونه ممكنا فحقيقة العالم تمنع وجوده في الأزل فإذا مضى الأزل وجد العالم لتحقق جميع ما لا بد منه فيما بعد الأزل أي فيما لا يزال.
هذا ما استطعنا تقريبه من أدلة المتكلمين وأدلة الفلاسفة والنقاش بين الفريقين يطول، وهو نقاش عميق بل هو أعمق مما صورناه ولكنا حاولنا أن نقرب إلى الأفهام شيئا من الخلاف بين الفريقين والكلام يطول ولكن كان هذا المقال إضاءة على الطريق لفهم جزء من تفكير الفلاسفة المشائية ولنا معهم وقفات أخرى.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

ما هي الفلسفة ومن هم الفلاسفة؟! Empty
مُساهمةموضوع: رد: ما هي الفلسفة ومن هم الفلاسفة؟!   ما هي الفلسفة ومن هم الفلاسفة؟! Emptyالأحد 02 أبريل 2017, 8:18 am

الفلسفة المشائية ومسألة حشر الأجساد


عماد عبد الرحمن
تكلمنا في مقالات سابقة عن الفلسفة المشائية ووصل بنا المقال عن أهم عقائدهم وأهم أفكارهم التي دار عليها النقاش بينهم وبين المتكلمين وبسبب هذه الأفكار قام بعض المتكلمين بتكفير الفلاسفة المشائين وطرحنا في المقال الأخير أيضا فكرة قدم العالم وناقشناها مع الفلاسفة المشائية.
واليوم سنتحدث عن ثاني أهم فكرة عند الفلاسفة وهي مسألة الحشر؛ فالفلاسفة يقولون بحشر الأرواح ولا يقولون بحشر الأجسام ويقولون باللذة الروحية ويؤولون اللذات البدنية الواردة في القرآن بأنها تقريب مثال للّذات النفسية الروحية لتقريب الفهم إلى العوام.
ولمناقشة هذه الفكرة سنعرض قول الفلاسفة ثم نناقشه بعد ذلك، يقول الفلاسفة المشائية: إن اللذة السرمدية لا تكون إلا بالعلم والعمل، وإن النفس تبقى بعد الموت بقاء سرمدياً إما في لذة لا يحيط الوصف بها لعظمها، وإما في ألم لا يحيط الوصف به لعظمه ثم قد يكون ذلك الألم مخلداً وقد ينمحى على طول الزمان.
واللذة النفسية أعلى وأتم من اللذة الجسدية، ولكن لا يدركها كل الناس، فإن الجسد ينشغل بلذاته فيحجب النفس عن الإلتذاذ بلذاتها، وذلك كالمريض لا يشعر بحلاوة الأطعمة اللذيذة لمرضه بل يظن الحلو مرا علقما وذلك لأن الجسد منهك في مرضه، وكذلك إذا اشتغل الإنسان بلذات الجسد انشغل عن لذات الروح حتى تصبح لذة النفس بالنسبة له لا تطاق ولا يرغبها البتة.
ويقولون أيضا في ذات السياق إن الإنسان منذ صباه يشتغل باللذات الجسدية ويكتمل عقله شيئا فشيئا، فإذا كمل عقله يكون قد انغمس في لذات الجسد فلا ينظر إلى لذات الروح ولا يشعر بها كالمريض المشار إليه قبل قليل، وكالخائف لا يحس بالألم والخدِر لا يحس بالجرح، ولكن إذا زالت عنه هذه الشواغل شعر باللذة التي تفوق وتفْضل لذة الجسد.
ودليلهم على أن اللذات العقلية أشرف من اللذات الجسمانية أمران:
أحدهما: أن حال الملائكة أشرف من حال السباع والخنازير من البهائم، وليس لها اللذات الحسية من الجماع والأكل، وإنما لها لذة الشعور بكمالها وجمالها الذي خص بها في نفسها في اطلاعها على حقائق الأشياء، وقربها من رب العالمين في الصفات لا في المكان وفي رتبة الوجود، فإن الموجودات حصلت من الله على ترتيب وبوسائط، فالذي يقرب من الوسائط رتبته لا محالة أعلى، ولكن الإنسان يفْضُلها على غيرها.
والثاني: أن الإنسان أيضاً قد يُؤْثِر اللذات العقلية على الحسية، فإن من يتمكن من غلبة عدو والشماتة به يهجر في تحصيل ذلك ملاذ الأنكحة والأطعمة، بل قد يهجر الأكل طول النهار في لذة غلبة الشطرنج مع خسة الأمر فيه ولا يحس بألم الجوع.
وكذلك المتشوف إلى الحشمة والرئاسة يتردد بين انخرام حشمته بقضاء الوطر من عشيقته مثلاً؛ بحيث يعرفه غيره وينتشر عنه فيصون الحشمة ويترك قضاء الوطر ويستحقر ذلك محافظة على ماء الوجه فيكون ذلك لا محالة ألذ عنده، بل ربما يهجم الشجاع على جم غفير من الشجعان مستحقراً خطر الموت شغفاً بما يتوهمه بعد الموت من لذة الثناء والإطراء عليه.
ثم إن النفس إذا كانت في الدنيا مشتغلة باللذات الروحية وتعمل على التخلص من اللذات الجسدية وتروض نفسها من أجل الظفر باللذات الروحية وتقاوم هذا الجسد ومتطلباته فإنه إذا مات الإنسان تخلصت نفسه من السجن في هذا الجسد وبالتالي تتخلص من اللذات الجسدية الحاجبة لها عن اللذات الروحية النفسية، وبذلك تتنعم في الآخرة نعيما أبديا روحيا نفسيا لأنه هو النعيم الحقيقي وهو النعيم الأفضل لا نعيم الجسد ولذاته.
وإذا كان الإنسان في الدنيا مشتغلا بلذات الجسد فإن النفس تألف هذه اللذات وتصبح معتادة عليها وعلى الإلتذاذ بها عن طريق الجسد فإذا مات الإنسان وخرجت الروح من الجسد انقطعت النفس عن اللذات الجسدية وقد اعتادت عليها فتشعر بألم وترى اللذات الروحية فتتألم على ما فاتها من اللذات الجسدية والروحية وتبقى في ألم مستمر.
ثم إن النفس تبقى معها الحرص والميل إلى الدنيا وأسبابها ولذاتها وقد استلب منها الآلة، فإن البدن هو الآلة للوصول إلى تلك اللذات فتكون حالتها حال من عشق امرأة وألف رئاسة واستأنس بأولاد واستروح إلى مال وابتهج بحشمة فقتل معشوقه وعزل عن رئاسته وسبي أولاده ونساؤه وأخذ أمواله أعداؤه وأسقط بالكلية حشمته فيقاسي من الألم ما لا يخفى وهو في هذه الحياة غير منقطع الأمل عن عود أمثال هذه الأمور فإن الدنيا غاد ورائح، فكيف إذا انقطع الأمل فإنه يشعر بألم وحسرة شديدة.
وأما ما ورد في الشرع من الصور التي تخبر عن نعيم الجسد ولذائذه في الآخرة فالقصد منها ضرب الأمثال لقصور الأفهام عن درك اللذات النفسية فمثّل لهم ما يفهمونه ثم ذكر لهم أن تلك اللذات فوق ما وصف لهم. فهذا مذهب الفلاسفة المشائية وقد استفدنا في تقرير مذهبهم من الإمام الحجة الغزالي.
والجواب على ما قالوا: هو أننا لا ننكر لذة النفس والروح في الآخر؛ ففي الجنة ما لا يخطر على قلب بشر، ثم في الجنة لذة النظر إلى الملك المتعال جل جلالـه وهي لذة روحية، فنحن لا ننكر اللذات الروحية ولا نخالف الفلاسفة في إثباتها ولا ننكر خلود الروح والنفس في الآخر.
ولكن الخلاف معهم في أن هذه الأمور تستمد من الشرع لا من العقل؛ فالدليل الذي أتو به لا يدل على وجوب النعيم والخلود في الآخرة فقد يخلق الله للنفس المنغمسة في اللذات الجسدية في الدنيا اللذة الروحية النفسية في الآخرة بمنّه وكرمه سبحانه.
فطريق معرفة هذه الأمور كلها الشرع لا العقل، وقد أثبت الشرع لذة النفس في الآخرة وخلودها والتذاذها باللذات الروحية وهذا لا خلاف فيه، ولكن الشرع قد أثبت أيضا نعيم الجسد ولذاته في الآخرة وهذا مما لا يخالف العقل وقد ورد الشرع به فلماذا ينكر! إلا مكابرة ومعاندة للشرع.
فما المانع من أن يلتذ الإنسان في الآخرة بلذة النفس والروح وبلذة الجسد؛ لا مانع من ذلك، وقد ورد الشرع به ولا داعي لتأويل الآيات والأحاديث الواردة في لذة الجسم ولا مانع منها عقلا.
ودليل الفلاسفة على أن الجسد لا يعود مرة أخرى وأن الحشر للنفس لا للجسد هو: أن النفس عندهم خالدة وأما الجسد فهو في عالم الكون والفساد، ونحن نرى الأجساد تفسد وتنحل وتصير ترابا، وبعد هذا الانحلال والفساد تتغذى على بقايا الجسد الدود وربما يأكله حيوان مفترس ويتحلل داخله أو يصير ترابا وتتغذى عليه الأشجار ثم تتغذى الحيوانات على هذه الأشجار ثم يتغذى الإنسان من الأشجار ويتغذى الإنسان على الحيوانات التي تغذت على الأشجار التي تغذت على جسد الإنسان المنحل.
وعلى هذا فالأجساد تختلط ببعضها؛ يعني أن ما هو جزء جسد زيد هو جزء جسد عمرو فعند الحشر بأي جسد سيكون ذلك الجزء، هذا على القول بأن الجسد سيعود بكل أجزاءه، وكذلك على القول بأن الجسد الذي سيعود هو الجسد الذي يموت عليه الإنسان.
وهناك إشكال آخر على القول بأن الذي سيعود هو الجسد الذي مات عنه الإنسان وهو أنه إن كان أعرج أو أقطع اليد أو القدم أو أعور فهل سيكون يوم القيامة كذلك وهذا فيه من الخزي والعذاب ما هو ظاهر فكيف يكون الذي سيعود هو هذا الجسد!
وإن قلنا أن الله سيخلق جسدا جديدا ويضع فيه النفس فذلك لا يسمى إعادة بل خلق جديد وعلى هذا فإنه سيكون تناسخا للأرواح وذلك أن تتعاقب النفس على أكثر من جسد وهذه عقيدة باطلة.
وقالوا أيضا أن النفوس غير متناهية فالعالم عند الفلاسفة المشائية قديم كما قلنا في المقال السابق وعالم الكون والفساد عندهم متناه وهو العالم الذي تحت مقعر القمر فالتراب الذي يتشكل منه هذه الأجساد محدود بينما النفوس غير محدودة فكيف سيخلق المحدود أجساد لأنفس غير محدودة؟
فإذا بطلت كل هذه الأقوال بطل القول بحشر الأجساد وبقي حشر الأرواح والتذاذ الروح والنفس فقط، هذا مجمل ما قاله الفلاسفة المشائية في الأدلة على عدم حشر الأجساد.
ونقول في مناقشة ذلك: أننا نختار أن الله يخلق مجمل الجسد فلا يعود الجسد بكل أجزائه التي تحللت منذ الصغر وحتى موته بل يخلق الله له جسدا من مجمل الجسد الدنيوي، وقولهم أن النفوس غير محدودة هو مبني على قدم العالم وقد ناقشنا القول في ذلك في المقال السابق.
أو نختار ما اختاره الإمام حجة الإسلام الغزالي وهو ويرى :"أن النفس باقية بعد الموت وهو جوهر قائم بنفسه وأن ذلك لا يخالف الشرع بل دل عليه الشرع في قوله :"ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم" وبقوله عليه السلام :"أرواح الصالحين في حواصل طير خضر معلقة تحت العرش" وبما ورد من الأخبار بشعور الأرواح بالصدقات والخيرات وسؤال منكر ونكير وعذاب القبر وغيره وكل ذلك يدل على البقاء، وفيه عود محقق، نعم قد دل مع ذلك على البعث والنشور بعده هو بعث البدن.
وذلك ممكن بردها إلى بدن أي بدن كان، سواء كان من مادة البدن الأول أو من غيره أو من مادة استؤنف خلقها فإنه هو بنفسه لا ببدنه، إذ يتبدل عليه أجزاء البدن من الصغر إلى الكبر بالهزال والسمن وتبدل الغذاء ويختلف مزاجه مع ذلك وهو ذلك الإنسان بعينه فهذا مقدور لله، ويكون ذلك عوداً لتلك النفس، فإنه كان قد تعذر عليه أن يحظى بالآلام واللذات الجسمانية بفقد الآلة وقد أعيدت إليه آلة مثل الأولى فكان ذلك عوداً محققاً".
ففي هذا الكلام نرى أن حجة الإسلام الغزالي يرى أن الإنسان هو النفس والجسد هو آلة هذه النفس، فلو تبدل الجسد فلا إشكال وهذا قول من الغزالي ليعارض به الفلاسفة فهو دليل إلزامي لهم.
 

ثم أضاف الإمام الحجة الغزالي في الرد على قولهم بأن النفوس غير متناهية :"النفوس ليست غير متناهية وما ذكرتموه من استحالة هذا بكون النفوس غير متناهية وكون المواد متناهية محال لا أصل له فإنه بناء على قدم العالم وتعاقب الأدوار على الدوام ومن لا يعتقد قدم العالم فالنفوس المفارقة للأبدان عنده متناهية وليست أكثر من المواد الموجودة وإن سلم أنها أكثر فالله تعالى قادر على الخلق واستئناف الاختراع وإنكاره إنكار لقدرة الله على الأحداث".
وأما قولهم أن هذا الرأي الذي اختاره الحجة الغزالي للرد عليهم يلزم منه القول بتناسخ الأرواح فقد قال الإمام الحجة في ذلك :"وأما إحالتكم الثانية بأن هذا تناسخ فلا مشاحة في الأسماء فما ورد الشرع به يجب تصديقه فليكن تناسخاً وإنما نحن ننكر التناسخ في هذا العالم. فأما البعث فلا ننكره سمي تناسخاً أو لم يسم. والله قادر على تدبير الأمر".
نعم نحن نمنع التناسخ في الدنيا ولا نمنعه في الآخرة، ثم القول بعقيدة التناسخ ليس هو هذا القول، بل هم يقولون أن النفس تعاد في الدنيا إلى جسد آخر سواء كان إنسانا أم حيوانا على حسب الأعمال وهذا لا نقوله بل ننكره ويكفر العلماء قائله.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69932
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

ما هي الفلسفة ومن هم الفلاسفة؟! Empty
مُساهمةموضوع: رد: ما هي الفلسفة ومن هم الفلاسفة؟!   ما هي الفلسفة ومن هم الفلاسفة؟! Emptyالسبت 06 مايو 2017, 9:11 pm

الفلسفة المشائية ومسألة علم الله تعالى

عماد عبد الرحمن
تكلمنا في مقالات سابقة عن أصل الفلسفة المشائية وكيف نشأت، وتكلمنا أيضا عن أهم مسألتين في الفكر المشائي وهما قدم العالم وحشر الأجساد، واليوم سنتكلم عن مسألة في غاية الأهمية وهي هل يعلم الله تعالى الأشياء؟ وهل يعلم الجزئيات والكليات أم أنه لا يعلم سوى الكليات؟ وهل يعلم نفسه وغيره أم لا يعلم إلا نفسه؟
هذه المسألة طرأت من قديم من أرسطو ومن جاء بعده وطرحها الفلاسفة الإسلاميون المنتسبون للفلسفة المشائية كالمعلم الأول الفارابي والشيخ الرئيس ابن سينا وابن رشد وحتى من قِبل غير المشائين.
والمسلمون من أهل السنّة أثبتوا بالعقل علم الله تعالى بكل شيء بالجزئيات والكليات، وقالوا أنه عالم بما كان ويكون وما هو كائن من الأزل إلى الأبد لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات والأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر، وقالوا بأن علمه قديم وأنه منكشف له كل شيء منذ الأزل ولا تجدد في علمه ولا بدائة؛ فلا يبدوا له أمر بعد أن لم يكن باديا.
وبنى أهل السنّة ذلك على أن الله خالق بالاختيار فقالوا: كل خالق بالاختيار يجب أن يتصف بالقدرة، والدليل على القدرة وجود هذا الكون ومن يتصف بالقدرة يجب أن يتصف بالإرادة لأن غير المريد كيف يقدر على الخلق، فالقدرة على الخلق تحتاج إلى قصد لخلق هذا الشيء أو ذاك وهذا القصد هو الإرادة، وكل مريد يجب أن يكون عالما لأن غير العالم كيف يخلق ما لا يعلمه فالجاهل بالشيء لا يفعل ذلك الشيء الذي يجهله، ومن يتصف بالعلم يجب أن يتصف بالحياة فإنها صفة مصححة للاتصاف بصفات الإدراك كالعلم والسمع والبصر.
فإذن الله عالم بكل شيء لأنه خالق بالإرادة لكل شيء في هذا الكون صغير أو كبير، وإذا لاحظ القارئ أن المسألة مبنية على الخلق بالإرادة والفلاسفة المشائية لا يقولون بالخلق بالإرادة بل هم قائلون أن الله خالق بالعلة وعلى هذا القول فلا دليل لهم على إثبات كونه تعالى عالما فنفوا علمه تعالى ولكنهم اختلفوا فيما بينهم فأرسطوطاليس يقول أن الله يعلم ذاته فقط ولا يعلم شيئا آخر لأنه إذا علم شيئا من هذا الكون يكون قد علم ما هو أقل رتبة منه وفي ذلك سقوط لا يليق بالمتصف بالكمال أن يعلم ما هو أقل منه رتبة.
وقال الشيخ الرئيس ابن سينا أن الله تعالى يعلم ذاته ويعلم غيره ولكنه يعلم الكليات ولا يعلم الجزئيات، وفسر البعض كلام الشيخ الرئيس بأن الله يعلم الكليات والجزئيات ولكن بشكل كلي؛ وذلك لقاعدة عندهم وهي أن العلم بالعلة يستلزم العلم بالمعلول وبما أن الله هو علة العالم وهو يعلم نفسه فإذن هو يعلم العالم والجزئيات والكليات بعلمه بنفسه أو لنقل نتيجة علمه بنفسه.
وابن رشد نصر قول الشيخ الرئيس في كتابه تهافت التهافت على هذا النحو أو قريبا منه، وفي الحقيقة المسألة بين الفلاسفة وأهل السنّة قائمة على أن الله خالق بالإرادة أو بالعلة فمن قال خالق بالإرادة يقول إنه عالم بكل شيء ومن قال إنه خالق بالعلة فهو قائل بعدم علمه بالأشياء، بل حتى إنه لو قال بعلمه فينقصه الدليل على ذلك.
ولذلك نرى الإمام حجة الإسلام الغزالي يقول :"أن الفعل قسمان: إرادي كفعل الحيوان والإنسان، وطبيعي كفعل الشمس في الإضاءة والنار في التسخين والماء في التبريد. وإنما يلزم العلم بالفعل في الفعل الإرادي كما في الصناعات البشرية، وأما الفعل الطبيعي فلا. وعندكم (أي الفلاسفة) إن الله فعل العالم بطريق اللزوم عن ذاته بالطبع والاضطرار لا بطريق الإرادة والاختيار بل لزم الكل ذاته كما يلزم النور الشمس وكما لا قدرة للشمس على كف النور ولا للنار على كف التسخين، فلا قدرة للأول (أي الله تعالى) على الكف عن أفعاله تعالى عن قولهم علواً كبيراً وهذا النمط وإن تجوز بتسميته فعلاً فلا يقتضي علماً للفاعل أصلاً".
إذن من كان فعله بالإرادة يكون عالما ومن كان فعله بالعلة يكون غير عالم، بل لو قالوا بأن الله تعالى يعلم نفسه ويعلم ما يخلقه للزم على اعتقادهم أن الله يعلم شيئا واحداً فقط،  لأنهم يقولون أن الله صدر عنه بالعلة معلول واحد وهو عقل بسيط فإذن الله على قولهم لا يعلم إلا هذا العقل البسيط وغيره من الموجودات الممكنة التي هي صادرة بالواسطة لا بفعل منه مباشر فكيف يعلمها؟
بل قال الغزالي إن الفعل الإرادي إذا كان سببا لفعل آخر فلا يلزم عنه أن يكون الفاعل بالإرادة عالم بما صدر عن فعله الإرادي وضرب لذلك مثالا فقال :" فإن حركة الحجر من فوق جبل قد يكون بتحريك إرادي يوجب العلم بأصل الحركة ولا يوجب العلم بما يتولد منه بوساطته من مصادمته وكسره وغيره"، وقد قال الغزالي أن هذه الإشكالات لا جواب عنها عند الفلاسفة أي القائلين بأن الله يعلم غيره وهم في نفس الوقت قائلون بأن الله خالق بالعلة فيجب أن يكون لازم مذهبهم أن الله لا يعلم لا الكليات ولا الجزئيات ففي كلامهم تناقض والذي لم يناقض نفسه هو أرسطو لقوله بعدم علم الله بغير نفسه.
وبقي هنالك شبهة وهي كيف يعلم الله تعالى المعدومات وهي أمور لا وجود لها فكيف يكشفها العلم؛ وذلك لأن العلم يكشف ما يكون متميزا في نفسه والمعدوم غير متميز في نفسه لأنه غير موجود أصلا حتى يتميز في نفسه. والجواب عند أهل السنّة أن شرط المعلوم هو التميز لا في نفسه بل مطلق التميز ولو عند العالم والمعدوم متميز عند العالم وهو الله تعالى فيُعلم، وربما أن أصل المسألة هي أن العلم عند الفلاسفة هو حصول صورة المعلوم عند العالم والمعدوم لا صورة له فكيف يُعلم وأما أهل السنّة فالعلم عندهم هو معنى قائم بالعالم.
وشبهة أخرى تقول أن الله تعالى واحد فكيف يعلم المعلومات وهي متعددة فيوجب ذلك كون علم الله تعالى متعدد بحسب المعلوم وهذا تركّب وتكثّر في صفة الله وهذا لا يوجب كونه واحدا من كل وجه. والجواب عند أهل السنّة هو أن علم الله واحد وتعلقاته متعددة بتعدد المعلومات وبذلك لا تعدد في الصفة ولا في الموصوف، والتعلق أمر اعتباري منتزع من نسبة العلم إلى المعلوم.
ومسألة العلم هذه طويلة وشائكة وقد طرحت حولها الكثير من الشبه ولن نستطيع في مقال واحد أن نجمع كل أطرافها ولكننا كما قلنا مرارا أننا نهدف إلى الإشارة وفتح أفق في التفكير ومن أراد الاستزادة فليراجع كتب المتكلمين والفلاسفة ليقف على عظم هذه المسألة وعظم علماء أهل السنّة المتكلمين، حيث استطاعوا رد الشبه وتنزيه الله تعالى عن كل نقص.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
ما هي الفلسفة ومن هم الفلاسفة؟!
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  مقال علمى حول الفلسفة
» هل يصلح الفلاسفة ما أفسده "الفيتو"؟
» دونية المرأة عند الفلاسفة بين التاريخ والواقع
» عن الفلسفة والحرية
» نظرية المعرفة.. بين الفلاسفة اليونان والفلاسفة المسلمين

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث متنوعه-
انتقل الى: