منتدون يؤكدون أن السياسات الحكومية الخاطئة سبب تطبيق برامج الصندوق
غنيمات: سوء الإدارة سبب لجوء الأردن الفقير والعراق الغني للنقد الدولي
الأربعاء 25 تشرين الأول / أكتوبر 2017.
متحدثون خلال ورشة أثر سياسات صندوق النقد الدولي على الأردن والعراق أمس
عمان-الغد– تناول مشاركون في ورشة عمل عقدت أمس تحت عنوان: “أثر سياسات صندوق النقد الدولي على الأردن والعراق” أهم انعكاسات برامج الصندوق المطبقة على اقتصادي الدولتين والآثار الاجتماعية الناجمة عن تدخلات الصندوق.
وأشاروا في الجلسات التي تعقد على مدار يومين إلى أنّ الأردن والعراق يطبقان اليوم برامج صندوق النقد الدولي، وذلك بسبب السياسات الحكومية الخاطئة على مدى السنوات الماضية بالنسبة للأردن، أما بالنسبة لحالة العراق فكانت بسبب الحرب وعدم الاستقرار الأمني من جهة والفساد من جهة أخرى.
وقالت رئيسة تحرير صحيفة “الغد” الزميلة جمانة غنيمات في الجلسة الافتتاحية إنّ الأردن بلد محدود الموارد، وفي الجهة المقابلة، فإنّ العراق بلد غني بالموارد، إلا أنّهما اليوم متشابهان في خضوعهما لبرامج الإصلاح الاقتصادي، مشيرة إلى أنّ هذا يعود إلى سوء الإدارة وغياب التخطيط والرؤية للحكومات.
وقالت غنيمات إنّ الأردن وخلال الفترة 1989 وحتى 2005 طبق برامج صندوق النقد الدولي وخرج بمؤشرات مرضية للصندوق والحكومة، إلا أنّه وبعد ذلك عادت الحكومات لتكرر نفس أخطائها التي قادت الاقتصاد إلى ما نحن عليه اليوم من مديونية عالية وعجز كبير في الموازنة، وأرقام مرتفعة في معدلات الفقر والبطالة، وهذا أدى إلى عودة الأردن في 2012 إلى أحضان الصندوق من جديد.
ولامت غنيمات الحكومات على سوء الإدارة المالية وغياب التخطيط، مشيرة إلى أن أخطاء الحكومات بات يدفع ثمنها في النهاية المواطن لأنّ الدخول في برامج إصلاحية يعني قرارات قاسية لها كلف اجتماعية من أهمها ارتفاع الفقر والبطالة وتهميش الطبقة الوسطى.
وتوقعت غنيمات أن لا يكون الخروج من الوضع الاقتصادي الحالي سهلا، بل سيستغرق سنوات طويلة، مشيرة إلى أنّ تحقيق أهداف البرنامج الحالي المطبق مع الصندوق ومنها الوصول الى نسبة الدين 77 % من الناتج المحلي الإجمالي يحتاج لأكثر من برنامج إصلاحي.
من جهته، أكد مساعد الأمين العام في وزارة المالية، حسام ابو علي، أنّ برامج الإصلاح الاقتصادي ترتبط عادة بـ”الضبط المالي”.
وأشار إلى أن البرنامج الجديد يمتاز عن البرامج السابقة بأنه يركز على الدين ونسبه من الناتج المحلي الإجمالي ولا يركز على العجز فقط، وهو برنامج صعب إلا أنه أفضل للأردن.
وقال أبو علي إن الإجراءات الحكومية المعلنة تركز على تعديل قانون ضريبة الدخل والتي تتمركز حول محورين؛ الأول محاربة التهرب الضريبي من خلال تغليظ العقوبات، والثاني من خلال تحسين إجراءات دائرة ضريبة الدخل في التحصيل عن طريق تحسين نظام المعلومات، مشيرا إلى أن المؤشرات تشير إلى أن هذه الاجراءات ستؤدي إلى تحصيل حوالي 100 مليون دينار. كما أنّ مكافحة التهرب الضريبي خلال العام 2018 ستؤدي الى تحقيق العدالة الضريبية.
مدير قسم الدراسات في وزارة المالية، الدكتور عبد الحكيم الشبلي، أشار إلى أنّ البرنامج الأول الذي طبقه الأردن ساهم في تخفيض عجز الموازنة قبل المنح من 2.200 مليار دينار العام 2012 إلى 1.7 مليار دينار العام 2016، وساهم أيضا في تخفيض العجز بعد المنح من 1.8 مليار إلى 800 مليون العام 2016.
وأشار إلى أنّ الدين العام ارتفعت نسبته من 75 % من الناتج المحلي الإجمالي، إلى 95 %، إلّا أن هذه الزيادة (20 %) كانت بسبب شركة الكهرباء الوطنية “نبكو” والظرف الإقليمي الذي حصل، أي أنها كانت بسبب “صدمة خارجية تحملتها وزارة المالية”، مبينا أن الأردن رغم أنّه طبق برامج الإصلاح، إلا أنه لم يسرّح أي موظف من القطاع الحكومي ولم يخفض الرواتب بل زادها وهذا يتناقض مع أدبيات الصندوق.
وأكد ضرورة الاستمرار في هذه الإصلاحات التي تركز على تعزيز الإيرادات وتثبيت النفقات، مبينا أنّ الحكومة تدفع 450 مليون دينار شهريا رواتب وتقاعدات عدا الدعم والنفقات الرأسمالية، وهذا يشكل عبئا على الدولة.
وعن العراق، تحدث مستشار رئيس الوزراء العراقي للشؤون المالية، الدكتور محمد صالح، عن تطبيق العراق لبرامج الصندوق، مشيرا إلى أنّ علاقة العراق مع صندوق النقد الدولي مبنية على “سياسات انتقائية” في التطبيق رغم أن الصندوق ساعد العراق في كثير من الجوانب المالية.
وأضاف أنّ العراق كان يعتمد على ما يسمى بقيد الموازنة الهش، وهذا سمح لكثير من المسؤولين وموظفين الاستفادة من الموازنة، خصوصا عندما يتم تحقيق فائض في الإيرادات، بمعنى أنّه زاد من الفساد المالي والاداري في العراق، لكنّ الصندوق نصح بأن يتم تطبيق “قيد موازنة صعب” يركز على التعزيز المالي.
وأشار إلى أنّ الحرب وعدم الاستقرار الأمني في العراق كان له أكبر الأثر على وضع العراق الاقتصادي، بالإضافة إلى الفساد المالي والإداري.
وأكد أنّ الصندوق ما يزال بعيدا عن الجانب الإنساني في وصفاته، ويركز على الجانب المالي، وإن كان قد خفف من هذا في السنوات الأخيرة الماضية.
وتختتم الورشة التي نظمتها مؤسسة فريدريش ايبرت أعمالها اليوم، حيث ستتم مناقشة البدائل التي من الممكن تطبيقها في ظل الأزمات العالمية والأزمات الاقتصادية المحلية، والخروج بتوصيات ومقترحات.