منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 مروان كنفاني: من أوسلو إلى صراع "فتح" و "حماس"

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70029
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

مروان كنفاني: من أوسلو إلى صراع "فتح" و "حماس" Empty
مُساهمةموضوع: مروان كنفاني: من أوسلو إلى صراع "فتح" و "حماس"   مروان كنفاني: من أوسلو إلى صراع "فتح" و "حماس" Emptyالأحد 26 مارس 2017, 9:08 am

مروان كنفاني: من أوسلو إلى صراع "فتح" و "حماس"

مروان كنفاني: من أوسلو إلى صراع "فتح" و "حماس" 3_1490495460_8471

القاهرة: يقدّم السياسي الفلسطيني مروان كنفاني شهادته على مرحلة النضال السياسي التي خاضها في المجال الديبلوماسي وفي الإدارة الفلسطينية إلى جانب الرئيس ياسر عرفات، وفي كتابه «للفلسطينيين فقط... إمكانية النجاح وإدمان الفشل» وقائع تكوين السلطة الوطنية في إطار منظمة التحرير وبانفتاح «فتح» على فصائل عدة بينها حركة «حماس».
ويضع كنفاني أمام القارئ صورة عن مرحلة أوسلو وما بعدها وانتقال السلطة إلى الداخل الفلسطيني، وما أحدث ذلك من صدمة العبور من الثورة إلى الدولة، مع التركيز على التناقض الفكري والصراع الميداني بين «فتح» و «حماس» الذي لا يزال يلقي بتعقيداته على العمل الوطني الفلسطيني. يركّز كنفاني على المرحلة الحالية المعقّدة في المنطقة العربية والاستقطاب الأميركي والروسي للحركات السياسية والعسكرية بتحالفاتها وحروبها.
 ويرى أن تراجع الاهتمام الإقليمي والدولي بالقضية الفلسطينية يفرض التركيز على رابطة المواطنة، وأن تعيد الفصائل الرئيسية النظر جذرياً في فكرها وسلوكها اللذين ينتميان إلى مرحلة منقضية ولا يخدمان مستقبل فلسطين وشعبها.
وفي حديث الى «الحياة» اللندنية، قال مروان كنفاني انه منذ عام 2007 وحتى الوقت الحالي جرت محاولات بهدف الوصول الى مصالحة بين حركتي «فتح» و»حماس».
 ونجح الفلسطينيون خلال السنوات العشر الماضية في تحقيق حكومتين توافقيتين، الاولى انتهت بأنها قسمت الشعب رسمياً بين حكومة رام الله وحكومة غزة. والحكومة التوافقية الثانية ما زالت قائمة، «ولا احتاج الى شرح مدى فشلها».
واضاف: نحتاج الى برنامج مشترك ليس بالضرورة ان يكون برنامج «فتح» او برنامج «حماس». نحتاج الى الى برنامج يجعل الجميع يعمل من اجل هدف واحد في مرحلة معينة. لا يمكن ان ينتصر شعب وهو منقسم ونحن للأسف منقسمون ليس الى قسمين ولكن الى اكثر من ذلك.
نص المقابلة:
> «منظمة التحرير الفلسطينية»، ومن بعدها ومعها «دولة فلسطين»، تشكلان كياناً سياسياً معترفاً به إلى حد بعيد عربياً ودولياً. وهما الآن محل تنافس وخلاف بين «فتح» وسائر الفصائل، خصوصاً «حماس». هل يمكن لفصيل واحد أن يمثل الشعب الفلسطيني؟ وكيف يمكن، في رأيك، جمع المتناقضين حول نقطة لقاء مركزية؟ وما هي هذه النقطة بالتحديد، الآن وفي المستقبل؟
- هذا السؤال يعكس السبب الذي دفعني لكتابة هذا الكتاب. نحن لسنا تجربة فريدة في العالم، وقد مرت ظروف مماثلة على شعوب كثيرة إبان عملها من أجل الاستقلال. هناك محاولات أجريت منذ عام 2007 وحتى الوقت الحالي بهدف الوصول إلى مصالحة بين حركتي «فتح» و «حماس»، ولقد نجح الفلسطينيون خلال السنوات العشر الماضية، في تحقيق حكومتين توافقيتين، الأولى انتهت بأنها قسمت الشعب رسمياً بين حكومة رام الله وحكومة غزة. هذا العمل الذي لم تستطع بريطانيا ولا إسرائيل خلال نحو قرن من الزمان تحقيقه. تم تقسيم الشعب والأرض. الحكومة التوافقية الثانية ما زالت قائمة، ولا أحتاج إلى شرح مدى فشلها. العالم وصل عبر تجارب عدة إلى صيغة تقول إن البرامج السياسية المشتركة تلجأ إليها أطراف مختلفة في أحزاب أو شعب دولة معينة. في فلسطين، نحتاج إلى برنامج مشترك ليس بالضرورة أن يكون برنامج «فتح» أو برنامج «حماس». نحتاج إلى برنامج يجعل الجميع يعمل من أجل هدف واحد في مرحلة معينة. هذا حصل في الجزائر وفيتنام وغيرهما فوصلت شعوب تلك الدول إلى النصر. لا يمكن أن ينتصر شعب وهو منقسم ونحن للأسف منقسمون، ليس إلى قسمين ولكن إلى أكثر من ذلك.
> كتبتَ في مقدمة كتابك «إن معركتنا التي يجب أن نخوضها اليوم هي معركة الحفاظ على مَنْ تبقّى من الشعب الفلسطيني على ما تبقى لهم من أرض، وتمتين وحدة الشعب الفلسطيني على تلك الأرض الموحدة». كيف يمكن أن نترجم هذا الكلام على أوضاع فلسطينيي 1948 وفلسطينيي غزة وفلسطينيي الضفة الغربية؟ ماذا يستطيع هؤلاء لأنفسهم، وماذا في إمكان فلسطينيي الشتات أن يقدمّوا لهم؟
- الشعب الفلسطيني هو واحد متحد في مناطق مختلفة يحاول البقاء من طريق العمل المتاح له حيثما وجد. عرب 48 أثبتوا قوة تمسكهم بالأرض وقوة عملهم الجماعي. فلسطينيو الشتات هم الذين بدأوا حركة تحقيق الشخصية والكيانية السياسية الفلسطينية. وبدء الحديث عن إقامة دولة. لقد تحقق جزء من أهدافهم وهو الجزء المتعلق بالأراضي التي احتلت عام 1967. أما عرب الضفة وغزة، فهم القصة وهم الأمل. وردَ في كتابي أن إسرائيل لم تنتصر علينا بقوتها المسلحة، وإنما حين طردَت شعبَنا من أرضه، وأن العرب في الضفة وغزة وفي أراضي 48 هم الذين هزموا إسرائيل بتمسكهم بأرضهم والبقاء فيها. مهمة الفلسطينيين هي الحفاظ على ما لديهم من أرض وحماية مَن يعيش على تلك الأرض وتيسير حياتهم وتأمين الحرية لهم وإشراكهم في جهود تحويل ذلك الوجود إلى حقيقة على الأرض. نحن الشعب الوحيد في العالم الذي فقدَ كلَّ أرضه وتم محو علَمه، لكنه استطاع أن يعود ليثبت للعالم أنه موجود وقادر على الاستمرار. العالم اليوم يعترف بالدولة الفلسطينية، بما في ذلك إسرائيل وأميركا. لكننا مختلفون معهم على حدود الدولة وعلى سيادة الدولة.
> هناك أربعة آفاق سياسية وثقافية وحضارية للإنسان الفلسطيني: الوطن، العروبة، الإسلام، العولمة؟ كيف يمكن استمرار حياة الوطنية الفلسطينية مع ضغوط الآفاق الثلاثة؟
- لقد سقطت اليوم الروابط التي حكمت شعوب المنطقة في القرون الماضية وهي روابط العروبة وروابط الإسلام وروابط الانتماء الوطني. نرى اليوم أن الذين يقتلون المسلمين هم من المسلمين وأن الذين يعبثون بالمواطنين هم من الوطن نفسه وأن الذين يطردون العرب هم من العرب. جاء الوقت الذي علينا أن نلجأ فيه إلى رابطة جديدة، هي رابطة المواطنة التي تحمي الأديان وتحترم الاختلاف العرقي، وهي التي تعترف فقط بالمواطن ولا تذكر في بطاقته الشخصية لا الدين ولا غيره. النظام الأمثل والرابط الأفضل هو المساواة بين المواطنين بغض النظر عن دينهم وانتمائهم العرقي. هذا ثابت في الدول الأوروبية وفي أميركا، وإلا لماذا يهاجر المسلمون والعرب إلى هذه البلاد مجابهين الموتَ في البحر؟ هم يفعلون ذلك حتى ينعموا بحرية العمل وحرية التديّن التي افتقدوها في بلادهم.
> أنت مروان كنفاني، لك تجربتك كفلسطيني، مع تجربة شخصية مؤثرة هي كونك شقيقاً للشهيد غسان وبطلاً شعبياً في مصر من خلال النادي الأهلي. كيف تؤثر التجربة الشخصية هذه في ممارستك الوطنية الفلسطينية؟
- أن أكون قد ولدت أخاً لغسان كنفاني، فهذا شرف وفخر. كنتُ أقرب إخوتي إليه، فهو كان يكبرني بسنتين فقط. تعلمتُ منه الكثير. غسان ليس إرثاً لعائلة كنفاني ولا لمدينة عكا ولا لفلسطين، لكنه أيضاً إرث للحرية والتحرر في العالم. أما كرة القدم فأجرؤ أن أقول إنها كانت حنونة عليّ وأن جزءاً من حياتي مدين لهذه اللعبة. عندما هاجرنا من فلسطين ثم من لبنان، إلى دمشق، كانت ظروفنا الحياتية في غاية الصعوبة. أقمنا في حي في دمشق اسمه بستان الحجر كان معظم سكانه من الفلسطينيين. كانت هناك ساحة قرب المدرسة الابتدائية في ذلك الحي، فقمنا بتسوية أرضها حتى تصبح ملعباً لكرة القدم. من ذلك الملعب برز ثلاثة لاعبين فلسطينيين، ليس على المستوى الفلسطيني ولا السوري فحسب، ولكن على مستوى العالم العربي كله، منهم زميلي وصديق عمري فؤاد أبوغيدة وزميلي إبراهيم المغربي. لعبتُ في الشارع ومن ثم في المدرسة ومن ثم في منتخب المدارس ثم المنتخب السوري. وعندما أنهيتُ دراستي الثانوية كان المفروض في عائلتنا حتى نستمر في الحياة أن أذهب إلى الخليج للعمل كمدرس في معظم الحالات كما فعلت أختي الكبيرة وكما فعل غسان. لم أكن متحمساً لتلك المهنة ولا راغباً في التوقف عن التعليم، وجاء عرض النادي الأهلي المصري ليعطيني الفرصة لأن أكمل دراستي من دون أن أحتاج للعمل. انتقلت بعد إنهاء السنة الأولى في كلية الحقوق في جامعة دمشق إلى كلية الحقوق في جامعة القاهرة، وعندما تخرجت، وحيث إنني كنت أحمل وثيقة سفر فلسطينية، لم يكن أمامي مجال للعمل الديبلوماسي سوى في جامعة الدول العربية مع أنني كنت عضواً في الاتحاد العام لطلاب فلسطين. ساعدني «الأهلي» في دخول مسابقة الانتساب إلى الجامعة العربية وحصلت على الوظيفة الأولى. لذلك أنظر إلى محبة الناس، ليس في مصر فقط، ولكن في معظم البلاد العربية، على أنها منحة من الله جعلتني أحقق ما أردت من حياتي.
ملاحظة: هذه المقابلة مع مروان كنفاني، في مثابة تمهيد لمقاطع ثلاثة تنشرها «الحياة» من كتابه الجديد «للفلسطينيين فقط... إمكانية النجاح وإدمان الفشل» (يصدر في منشورات «المجمع الثقافي المصري» - القاهرة).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70029
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

مروان كنفاني: من أوسلو إلى صراع "فتح" و "حماس" Empty
مُساهمةموضوع: رد: مروان كنفاني: من أوسلو إلى صراع "فتح" و "حماس"   مروان كنفاني: من أوسلو إلى صراع "فتح" و "حماس" Emptyالإثنين 27 مارس 2017, 9:39 am

مروان كنفاني يكتب عن رحلة "فتح" و"حماس": من التراشق بالكلام الى التراشق بالرصاص

مروان كنفاني: من أوسلو إلى صراع "فتح" و "حماس" 3_1463974642_3340


القاهرة - كتب مروان كنفاني: قابلت الرئيس عرفات للمرة الأولى في مبنى جامعة الدول العربية في القاهرة عام 1968، ولم تنقطع علاقتي معه إلا باختلاف أمكنة المهمات التي شغلتها معه حتى استشهاده عام 2004. وقابلت الشيخ أحمد ياسين  للمرة الأولى في القاهرة أيضاً حين رافقت الرئيس عرفات لزيارته مستشفى القوات المسلحة المصرية بعد إطلاق سراحه من السجن في إسرائيل في تشرين الأول (أكتوبر) عام 1997، ثم تكرر لقائي وتواصلي معه غالباً في منزله في حي الزيتون في مدينة غزة. جمعت بين هذين القائدين صفات وسجايا كثيرة متشابهة، كان كلاهما مؤمناً إيماناً مطلقاً بعدالة قضيته.
أخبرني الشيخ ياسين أنه لم يُولد مشلولاً، ولكن أصيب بالشلل في سنوات شبابه المبكرة نتيجة حادث تعرّض له وهو يلعب مع أقرانه على شاطئ بحر غزة. استبدل الشيخ صعوبة الحركة ببراعة البحث والقراءة والاطلاع، وتمكّن من التفقه في علوم الدين واعتنق مذاهب الإسلام السياسي وأصبح، بعد انتمائه إلى جماعة الإخوان المسلمين، مقتنعاً قناعة كاملة بدور الدين كمحفّز أساسي في العمل لتحرير فلسطين، على عكس الرئيس عرفات الذي قادته تجاربه وقناعاته بالتمسك بالطبيعة القومية والمدنية للصراع مع العدو الصهيوني على رغم تديّنه الصادق والتزامه الواضح الشريعة الإسلامية.
قد يكون أكثر ما ميّز القائدين هو القناعة بالدور الرئيسي والرائد للفلسطينيين أنفسهم في تحرير بلادهم. الأمر الذي كان للرئيس عرفات فيه قصب السبق قبل أكثر من ربع قرن من الزمن. تماهى الزعيمان أيضاً في قدرتهما على تحقيق التوازن داخل تنظيميهما، والحيلولة دون الاستقطاب والتنافس والخلاف، على رغم أنهما لم يستطيعا منع محاولات الانشقاق والاختلاف الداخلي. تعرّضت حركة «حماس» لانشقاق تأسست بعده حركة «الجهاد الإسلامي»، وواجه عرفات انشقاقًا داخل حركة «فتح» حظي بتأييد سوري عام 1983 كما كانت هناك محاولة انشقاقية أخرى لم يكتب لها النجاح تحت مسمّى «فتح الإسلام». تركت تجربة انشقاق القيادي أبو نضال، بتأييد عراقي هذه المرّة، سابقة مؤلمة نتيجة لجوء ذلك الانقسام للاغتيالات التي استهدفت قادة فتحاويين تاريخيين أثناء تواجد الحركة ومنظمة التحرير في تونس. غير أنه وفي شكل عام تم للزعيمين فرض نوع من الالتزام الحزبي خلال عقود من الزمن. كان لدى الشيخ مساعدون وقادة ينتهجون التصلّب والتطرف، كما كانت حركة «فتح» حبلى دائماً بالأفكار المتضاربة اعتدالاً وتطرفاً، شهدت سنوات التسعينات من القرن الماضي مواجهات كادت تؤدّي إلى حرب مفتوحة بين حركتي فتح وحماس على غرار ما حدث في صيف عام 2007، لولا وجود القائدين التاريخيين اللذين اشتركا في رفض سفك الدم الفلسطيني.
الاستشهاد في السنة نفسها
لم أستطع أن أمنع نفسي، في كل المناسبات واللقاءات مع الشيخ الجليل أحمد ياسين، من الإحساس بأني في حضرة ناسك بسيط صادق، دائم الابتسام، صابر على آلامه الجسدية، خفيض الصوت واسع الصدر شديد التهذيب. كان رحمه الله مسموع الكلمة من كل أنصاره، صارم السيطرة الهادئة على تصرفاتهم وطاعتهم. زرت الشيخ مرّات عدة في منزله كان في معظمها محاطاً بكبار معاونيه، وأقربهم إلى قلبه كما شاهدت وعلمت كان السيد إسماعيل هنية. كان دائماً يوصيني مودعاً بالسلام على الرئيس عرفات، سألته ذات مرة بأن يذكر الرئيس عرفات في صلاته ودعائه، فأجاب مبتسماً بأنه يدعو له دائماً بالهداية، وأجبته بأن ذلك الدعاء يجب أن يشتمل كليكما حتى يكون له قبول، فقال إن شاء الله، ثم تمتم بصوت منخفض بكلمات عن الرجال والوفاء. شاء القدر أن يؤكد أوجه التشابه في حياة الزعيمين التاريخيين للشعب الفلسطيني ومصيرهما، حيث استشهد كلاهما في عام واحد بفارق ثمانية أشهر. يخيّل إلي دائماً أنه لو قدّر الله بقاء الرئيس عرفات والشيخ أحمد ياسين، لما واجه شعبنا ما يواجهه اليوم من انقسام وتفرقة.
تعلّمت من الرئيس ياسر عرفات معظم ما أعرف عن السياسة الواقعية المنفتحة من غير تحيّز، الصلبة من غير تحجّر، وأدين له بمشاركتي في تجربته الواسعة مع الحياة والناس، كنّا نقضي أوقاتاً طويلة في أحاديث بعيدة من السياسة والإدارة، يسرد فيها رؤيته للحياة وما أعطته وأخذت منه، كان إنساناً مؤمناً بصدق كما يكون الإيمان، بعيداً من العقوبة قريباً من العفو. يتّصف العمل في الدائرة المحيطة بالرؤساء بالتيقظ والانتباه، والحروب الصغيرة التي تدور في تلك الحلقة بهدف التفرّد والظهور، وهو أمر يأخذ أحياناً كثيراً من الحرص لتوقّي شر التحالفات الوقتية والمحاولات المشتركة التي يتغيّر أعضاؤها، وتتنوع أهدافها، وفق تطّور العمل وحجم الثقة التي يوليها الرئيس. كان العمل مع الرئيس عرفات شاقّاً ومتنوّعاً ليتواءم مع حيويّة الرئيس وقدرته وصبره على العمل ساعات طويلة. ولكن العمل اللصيق مع الرئيس الفلسطيني كان مثيراً أيضاً وملهماً ومصدراً للتعلّم والمعرفة. يقرأ الرئيس كل يوم مئات البرقيات التي ترده من سفاراته وممثليه والمتطوعين الذين ينتشرون في مختلف بقاع الأرض ومن جواسيسه وأصدقائه، ويطّلع كل صباح على المتوفر في ما يتعلق بفلسطين وقضيتها من قرارات جامعة الدول العربية والأمم المتحدة وتقارير وزارات عربية وأجنبية ومحاضر جلسات الكونغرس الأميركي، والكنيست الإسرائيلي والاتحاد الأوروبي، ويراجع أسعار العملات والذهب والفضة في أسواق المال العربية والدولية، ويدعو إلى اجتماعات يومية للمجلس العسكري، وقيادات فتح، ومسؤولي منظمة التحرير، ويستقبل مراجعين وأصدقاء وضيوفاً وصحافيين، ويتناول وجبة الغداء في غرفة ملحقة بمكتبه حيث يجتمع المدعوون والضيوف مع العاملين في مكتبه والحرس المناوب، وأحياناً أطفال مدارس الأيتام. يخصص الرئيس ساعات الليل المتأخرة لقراءة الرسائل التي ترده من المواطنين الفلسطينيين من كل أنحاء الوطن والمهاجر، ومواطنين عرباً، معظمها يعكس الدعم والتأييد وبعضها يطلب منه العون بأنواعه.
توسع مبكر لـ "الاخوان"
قد يكون سماح قيادة الإخوان المسلمين بمشاركة مواطنين فلسطينيين في تنظيم جماعة الإخوان المسلمين التي أسسها وترأسها المرحوم حسن البنّا في مصر عام 1928، هو أول محاولات الجماعة في توسعها وتواجدها في البلاد العربية والإسلامية. ويصعب التحديد الزمني لتبلّور التفكير في إنشاء فرع مستقل لجماعة الإخوان المسلمين في فلسطين. عمل الإخوان الفلسطينيون كأعضاء في الجماعة في مصر، وانضمّوا إلى خلاياها وتفرعاتها على قدم المساواة مع منتسبي الجماعة المصريين. ومن الثابت أيضاً أن هؤلاء لم يباشروا أو يشاركوا في أي نشاط كتنظيم دعوي أو قتالي في فلسطين قبل حرب عام 1948 أو بعدها، ما عدا فترة قصيرة امتدت منذ صدور قرار التقسيم في تشرين الثاني1947، وانتهت بالتوصل للهدنة الثانية بين المصريين والإسرائيليين عام 1949، حيث شاركت مجموعات من جماعة الإخوان في كتائب المتطوعين المصريين الذين توافدوا إلى فلسطين والتي ساهم في عضويتها بعض قليل من الإخوان الفلسطينيين. شاركت تلك الكتائب المتطوعة في أعمال قتالية ضد العصابات الصهيونية، ثم تعاونت كرديف للجيش المصري الذي دخل الأراضي الفلسطينية رسميّاً في 15 مايو (أيار) عام 1948، وانتهت مهمتهم مع التوصل لاتفاقات الهدنة بين مصر وإسرائيل عام 1949.
على عكس الهدوء الذي شهدته أنشطة الإخوان المسلمين الفلسطينيين في الساحة الفلسطينية، فقد ساهم الأعضاء الفلسطينيون في الجماعة، في الساحة وعلى الأرض المصرية، بمشاركة واضحة وملموسة وأدوار قيادية ميدانية وقتالية في المواجهات مع كافة الأنظمة التي حكمت مصر، وبخاصة في مرحلة صدامهم مع النظام السياسي المصري الذي قاده المرحوم جمال عبدالناصر بعيد ثورة 23 يوليو (تموز) عام 1952. وتم اعتقال وسجن وإعدام عدد من الإخوان، بعضهم من الفلسطينيين، في تلك الفترة التي يستعمل الإخوان المسلمون لوصفها تعبير «المحنة». تكرر استعمال هذا التعبير من قبل الإخوان المسلمين، الفلسطينيين هذه المرة، لوصف علاقتهم مع نظام الرئيس الراحل ياسر عرفات في الفترة ما بين عامي 1995 – 2000.
جاءت الولادة الرسمية لحركة «حماس» عام 1987 متأخرة ثلاثة عقود تقريباً عن بدء العمل السياسي والقتالي لمنظمات وتنظيمات فلسطينية عتيدة، ونحو ثلاثة وعشرين عاماً بعد إنشاء التنظيم الأساسي والموحّد، منظمة التحرير الفلسطينية، التي اعترفت بها قانونيّاً الدول العربية بأسرها والغالبية من الدول الإسلامية، كما اعترف بها واقعيّاً معظم دول العالم. وكما جاءت ولادة حركة «فتح» تحمل معها رفض الفكر السياسي لمن سبقها من الفصائل والأحزاب الفلسطينية، مثل حزب البعث وحركة القوميين العرب وغيرها، رفضت حركة «حماس» منذ بداياتها الأولى كل مؤسسات ما قبلها ومنطقه وتاريخه، وأطلقت الجهاد فريضةً والمقاومة شعاراً، ورفضت التفاوض أو التعايش مع «الكيان اليهودي»، الأمر الذي لقي ترحيباً شعبيّاً وتأييداً من قطاعات عريضة من الجماهير الفلسطينية والعربية والإسلامية وبعض الدول العربية والإسلامية. هكذا تم تحضير الأرضية الفكرية والعمليّة لصدام دام بين التنظيمين الأكثر شعبية لدى الفلسطينيين.
أعلنت «حماس» منذ بداياتها أن عدوها الأساسي هو إسرائيل، إلاّ أنها أيضاً ومنذ اليوم الأول لقيامها أشهرت الحرب على حركة «فتح» وعلى منظمة التحرير الفلسطينية وتاريخهما وأهدافهما على رغم أن الأخيرتين لم تكونا بعد طرفاً في أيّ مفاوضات مع إسرائيل، ولم يكن قد أُعلن بعد قيام الدولة الفلسطينية عام 1988 على الأراضي المحتلة في عام 1967، ولا كان اتفاق أوسلو قد وُلد بعد. لم تتوانَ حركة فتح من الرد على تلك الاتهامات بإعادة الروايات عن شهر العسل بين أجهزة الأمن الإسرائيلية وحركة حماس، وعن اتفاق مزعوم حول مؤامرة إسرائيلية لتسهيل إعطاء إنجازات ودور فتح إلى تنظيم حماس. ابتدأ الرئيس عرفات في تاريخ مبكر محاولاته للتوصل الى فهم سبل التعامل مع هذا التنظيم الجديد الذي كان يبدو مختلفاً عن التنظيمات الفلسطينية الأخرى التي استطاع استيعابها خلال سنوات طويلة وتمكّن من ترويضها.
تنظيم متماسك
كانت حركة «حماس» تختلف عن الفصائل الفلسطينية الأخرى في أبعاد أساسية: تماسك التنظيم وقوته واستقلاله، وتماسك قياداته وطاعتها، عضوية وأنصار وجماهير واسعة وبساطة عرض أفكارها. وقد شهدت لقاءات عدة للرئيس عرفات، في عمّان والسودان، مع بعض قادة وأصدقاء حركة «حماس» في الخارج منذ أوائل التسعينات وحتى قبيل عودتنا إلى الأراضي الفلسطينية عام 1994، وعلى رغم أن تلك اللقاءات كانت هادئة وودّية فإنه كان واضحاً خلالها الاختلاف في الفكر والعمل. كان لقائي الأول مع كوادر وقيادات الصف الثاني في حركة «حماس» في بدايات عام 1990 في الخرطوم بعد فترة قصيرة من انقلاب الرئيس البشير الذي كان متحالفاً مع جماعة الإخوان المسلمين السودانية. كانت الخرطوم يومها تحتضن عدداً كبيراً من شباب الحركة الذين يدرسون في المعاهد والجامعات السودانية والذين كانوا أيضاً يشاركون في تدريبات عسكرية في معسكرات يشرف عليها الجيش السوداني. اقترح الشيخ المرحوم حسن الترابي، زعيم إخوان السودان وحليف الرئيس البشير والذي كان أيضاً صديقًا للرئيس عرفات، أن يتم ترتيب لقاء بين الرئيس عرفات ومجموعة من الطلبة الفلسطينيين من حركة «حماس» الذين كانت العاصمة السودانية متخمة بهم. اعترض سفيرنا في الخرطوم، بعد مغادرتنا منزل الشيخ الترابي، على اقتراح الاجتماع بسبب تخوّفه من «عدم فائدة الاجتماع نظراً إلى قناعات الطلبة الصارمة واتهاماتهم وحجم الكره والرفض الذي يحملونه لفتح والمنظمة والرئيس عرفات»، تركت ملاحظات السفير تخوّفاً لديّ من الفائدة المنشودة للقاء، واقترحت أن يقوم أحد أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح، المرافق لنا، بتلك المهمة ولكن الرئيس عرفات حسم الأمر وقرر حضور الاجتماع. كان رأي السفير صائباً، وكان اللقاء كارثيّاً، وأدركت يومها حجم الغضب والكره والقناعة التي ولّدها التحريض، والهوة الكبيرة بين التنظيمين الفلسطينيين الأكبر والأقوى، والولاء الأعمى الذي عمرت به قلوب الشباب من شعبنا، الأمر الذي تأكدت منه في اليوم الأول الذي عدت فيه إلى الوطن مع أوائل العائدين إلى قطاع غزة في شهر أيار( مايو) من عام 1994.
دخول القوات الفلسطينية
في الثامن من أيار 1994 وصلت مع القافلة الأولى من قوات الأمن الوطني الفلسطيني والشرطة الفلسطينية لتسلم معظم قطاع غزة بما فيها مدينة غزة من الإسرائيليين وفق اتفاق غزة /أريحا الذي تلا اتفاق أوسلو. كان الرئيس عرفات قد طلب مني مرافقة القوات الفلسطينية لمعالجة البعد السياسي والإعلامي الذي سيترتب على دخول أول قوة أمنية وعسكرية فلسطينية للأراضي المحتلة. في الاجتماع الذي عقده الرئيس عرفات في قصر الأندلس، المقر المخصص من الحكومة المصرية لإقامته في زياراته المتكررة القاهرة، مع القادة العسكريين المقرر مغادرتهم مع قواتهم فجر اليوم التالي حذّر الرئيس من التورط في اشتباكات أو تصادمات داخلية، وأشار إلى ما كان ينشر في الصحافة، من مصادر إسرائيلية غالباً، عن وفرة السلاح في قطاع غزة، وأبدى تخوّفاً من احتمالات وقوع اشتباكات مسلّحة. أعطى الرئيس أوامر صارمة بعدم الاشتباك أو الصدام مع المواطنين الفلسطينيين لأي سبب أو تحرّش كان. ذهبت في وقت متأخر ليلاً لتوديع الرئيس الذي كان يكرر اعتذاره لطلبه مني مرافقة القوات، وتأثره من إرسالي بعيدًا عنه في هذه الفترة الهامة، وأوصاني بالحذر وعدم المخاطرة، وأشار مرة أخرى بحرمة الاقتتال الداخلي، والانتباه لتصرفات وتصريحات الجميع في ما يتعلق بالإسرائيليين وعملية السلام، وطلب مني أن أنتبه في أحاديثي الصحافية إلى أننا يجب ألا نبدو راضين عن اتفاق أوسلو، أو داعمين بالمطلق له، بل يجب أن نصّر دائماً على تنفيذ إسرائيل التزاماتها المترتبة على الاتفاق في شكل يؤدي إلى إزالة الاحتلال تماماً عن الأراضي الفلسطينية المحتلة كافة، بما فيها القدس. حذّرني الرئيس عرفات مرة أخرى من الاقتتال الداخلي، وقال إن سلاحاً كثيراً توفّر في غزة أخيراً، ولا أحد يعرف ما الذي يمكن أن يحصل بعد دخولكم للأرض الفلسطينية، وأنه شخصّياً متأكد من أن البعض سوف يحاول أن «يجسّ نبض» القوات الأمنية الفلسطينية.
بعد أيام ثلاثة قضيناها بانتظار تكامل القوات ووصول الأسلحة والذخيرة، خرجت قافلة القوات الفلسطينية قبيل الفجر من معبر رفح الذي كان يسيطر عليه الإسرائيليون باتجاه الشمال، كانت المنطقة المحيطة بالمعبر ما زالت غارقة في ظلام دامس، وعلى ضوء مصابيح العربات التي كانت تقلّنا وتتحرك ببطء كنت أسمع من بعيد أصوات جماهير محتشدة وأنوار خافتة تلوح في الأفق. كان الجيش الإسرائيلي قد أقام حواجز عسكرية لمنع المواطنين الفلسطينيين من الاقتراب من محيط المعبر. وفي المسافة التي امتدت من باب الخروج من المعبر الإسرائيلي إلى حيث احتشدت الجماهير على بعد كيلومتر تقريباً، جالت في ذهني خواطر متضاربة تراوحت بين الفرح بالعودة إلى أرض الوطن، والخوف مما ينتظرنا، والقلق من أية مشكلات أو صدام، والترقب لمعرفة مشاعر الفلسطينيين الحقيقية حول ما تم وفق اتفاق أوسلو. كانت تلك مشاعر واقعية نتجت عن الأخبار التي كان يتم تداولها في الصحافة وفي قاعات الاجتماعات والمناقشات بيننا. كان هناك تخوّف حقيقي وملموس، حتى عند الرئيس عرفات، من الأنباء عن تدفق السلاح على قطاع غزة وعن نية وترتيبات إسرائيل لخلق حالة صراع داخلي فلسطيني، الأمر الذي تم تحذيرنا منه مرات عديدة من قبل الرئيس عرفات شخصياً.
في سرايا غزة
كان الجميع صامتاً داخل العربة العسكرية التي تقلّنا، وفجــأة دوى صوت تلقيم الرشاش الذي كان بحوزة الحارس الجالس بجانب السائق، ونهره اللواء قائد القوات نصر يوسف، الجالس بجانبي ليعيد تأمين الســـلاح في اللحظة ذاتها التي لاحت فيها الجماهير المحتشدة أمامنا بوضوح، آلاف الرجال والنـــساء والأطفال، بحر من الأعلام والرايات، ســـد بشــــري عاصـــف بالمشاعر والحماس، وانهمرت زخّات مثل المطر من الزهور والحلوى والأرز علينا وعلى العربات التي لم تستطع الاستمرار في السير، وانتزعت الجماهير الأعلام الفلسطــــينية التي حملتها السيارات، وقفز الشباب والأطفال فوق المركبات يلوحون بتلك الأعلام.
خيّل إلي عندها أن هذه كانت العودة التي حلمت بها دائماً، في توافق وانســجام غريبين لما تخيلته، وتمنيته، طوال السنين التي عشتها، ها نحن نعود إلى بلادنا في سيارات عسكرية، حاملين سلاحنا، رافعين أعلامنا، تحتضنّا جماهير شعبنا، تمامًا كما حلمنا، تمامًا كما تمنينا. لم يعد هناك أي مساحة في ذهني لما قد يكون في انتظارنا خلال السنين المقبلة.
لم يمض وقت طويل على دخولنا إلى «سرايا» مدينة غزة حتى تحقق ما ذكره الرئيس عن «جس النبض»، إذ بينما نحن في إحدى غرف السرايا بغرض توزيع وجبة العشاء للجنود، دوّت طلقات بندقية آلية أمام مدخل السرايا الرئيسي، وهرع الجنود والضباط بأسلحتهم باتجاه بوابة المقاطعة لمعرفة ما يحدث، ثم عادوا ومعهم شاب في مقتبل العمر وقطعة من السلاح التي يبدو أنه استعملها لإطلاق النار أمام مدخل المقاطعة. أخبرني أحد الجنود بأن الشاب من حركة «حماس»، الأمر الذي لم أعرف كيف أتأكد منه. أمر اللواء نصر بوضع الشاب في إحدى الغرف، ولمّا كانت الغرف جميعها بدون أبواب نتيجة نهب محتوياتها من قبل الجيش الإسرائيلي فقد اقتضى تنفيذ الأمر مجرد وضع كرسي من البلاستيك أمام مدخل الغرفة ووقوف أحد الجنود إلى جانب الكرسي. لم يمض أكثر من نصف ساعة على الحادث حتى اتصل بي مكتب الرئيس في تونس، وتبعه صوت الرئيس يسأل مباشرة عمّا حدث عندنا، ولم أكن أنا أو أحد من الموجودين في الغرفة قد أبلغه عن الحادث بعد. شرحت للرئيس عرفات ما حدث وأبلغته بأنني شخصيّاً غير متأكد من الجهة التي يتبعها الشاب، وجاء ردّه القاطع بإطلاق سراح الشاب فوراً. عندما أعطيت الهاتف للواء نصر، باعتباره المسؤول العسكري الأول، للحديث مع الرئيس عرفات، حاول اللواء بإصرار أن يقنع الرئيس بالاحتفاظ بالشاب رهن الاعتقال حتى لليلة واحدة، رفض الرئيس ذلك بل وطلب إعادة قطعة السلاح للشاب وإطلاق سراحه فوراً، الأمر الذي تم بعد تنبيه اللواء نصر الضابط الذي كلفه بتنفيذ أوامر الرئيس وبمصادرة الطلقات المتبقية في السلاح الذي كان، بعد الكشف عليه، فارغاً من الطلقات تماماً.
بعد حادثة إطلاق النار على السرايا بأقل من ساعة لاحظت وجود عدد من الشباب المسلّحين والملثّمين الذين اعتلوا جدران مبنى السرايا والمنطقة المحيطة بها، عاد الضابط الذي أرسله اللواء نصر يوسف لمعرفة ما يحدث ومعه أحد الملثمين الذي كان يبدو أنه قائدهم، وأخبر اللواء أنهم مقاتلون من حركة فتح وأنهم حضروا لمقاومة أي اعتداء على القوات من أيّ طرف كان، كان هذا الاستنفار الفتحاوي رد فعل واضحاً لإطلاق النار الحمساوي وإشارة إلى استعداد الطرفين للمواجهة المسلّحة. شكره اللواء ورحّب به وطلب منه، ليس بصفته قائد القوات فحسب بل لأنه، أي اللواء، عضو رفيع الرتبة في حركة فتح، بمغادرة المكان، الأمر الذي نفّذه الشاب بامتعاض واضح.
في الفترة السابقة لعودة الرئيس عرفات إلى الأراضي الفلسطينية في الأول من تموز 1994، سيطر على تفكيره، نتيجة تقارير كانت تصله باستمرار من الأراضي الفلسطينية، هاجس تدفق الأسلحة على الأراضي الفلسطينية وقطاع غزة في شكل خاص. وانعكس ذلك القلق بوضوح في اتصالاته السياسية كافة، وكذلك تصريحاته الصحفية وأحاديثه الداخلية. أثار الرئيس عرفات هذه الهواجس والتخوفات أثناء لقاءاته مع الرئيس المصري والملك حسين وعدد من الرؤساء والسياسيين العرب والأوروبيين والرئيس التركي، كما أبلغ الأميركيين بذلك مباشرة. كان عرفات لا يزال متشككاً من نيات إسرائيل تجاهه شخصيّاً وتجاه عملية السلام برمتها، وانتابه قلق حقيقي من «مؤامرة» إسرائيلية لتشجيع أو تحضير الظروف التي تسمح باقتتال فلسطيني داخلي قد يدمّر التوافق الوطني والعمل الجماعي الفلسطيني الذي كانت تمثله منظمة التحرير الفلسطينية. أثناء وجودي في قطاع غزة تم استكمال استقرار القوى الأمنية وتوزيعها، وبدأت الشرطة الفلسطينية عملها، واتجهت مع اللواء نصر برّاً إلى مدينة أريحا على الحدود الفلسطينية الأردنية حيث استقبلنا قوات جيش التحرير الفلسطيني التي كانت متمركزة في الأردن.
استقبال تاريخي
أبدى الرئيس عرفات يومها أيضاً تخوّفاً من برامج وسياسات بعض المنظمات والفصائل السياسية الفلسطينية الموجودة على الأرض في الداخل والرافضة عملية السلام، وكذلك تلك التي تبنّت في الأصل موقفاً معادياً معلناً من منظمة التحرير الفلسطينية وحركة «فتح». تحدث الرئيس عرفات يومها عن احتمالات وقوعه «بين نارين» ومن جهتين مختلفتين ومتعاديتين، تجمعهما لأسباب مختلفة مصلحة واحدة في التخلص من منظمة التحرير والسلطة الوطنية ومنه، أي الرئيس عرفات شخصياً. هذا التخوّف الذي تحقق فعلاً بعد عشر سنوات على عودته إلى أرض الوطن.
لدى عودة الرئيس عرفات الى الأراضي الفلسطينية في تموز 1994 والاستقبال التاريخي الذي قوبل به، أمضى فترة طويلة في استقبال الوفود التي انهمرت على غزة من أهالي القطاع ومن الضفة الغربية وكذلك من عرب 1948، وبات الرئيس في أزهى حالات الرضا والثقة. اســتمر هذا الهدوء النسبي لأسابيع عدة ليحل محله نوع آخر من «جس النبض» بين قوى حركة «حماس» من جهة، وبين القوة الجديدة الوافدة إلى الأراضي الفلسطينية، السلطة الوطنية الفلسطينية وعمودها الفقري حركة «فتح»، من جهة أخرى. كانت حركة «حماس» في تلك الفترة قد ترعرعت وانتشرت داخل المجتمع الفلسطيني في الأراضي المحتلة، وشاركت في الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي قادها عملياً وسياسياً الرئيس عرفات من مكان وجوده في تونس، وردّت إسرائيل بالغارة الجوية على مقر عرفات في ضاحية «حمام الشط» بالقرب من تونس العاصمة. وتسببت تلك الغارة في استشهاد أكبر عدد من قيادات وكوادر حركة «فتح»، منذ اجتياح الجيش الإسرائيلي بيروت عام 1982.
خلفيات فكرية متناقضة
ابتدأ «جس النبض» الحقيقي والرد على اتفاق السلام الفلسطيني الإسرائيلي في صيف عام 1994، قامت «حماس» بعمليات عدة لمهاجمة المستوطنات الإسرائيلية في محيط قطاع غزة أو على أطرافها. تدخّل عامل جديد، خارجي هذه المرة، الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا في شكل أساسي، تحدثت عن ضرورة التعامل مع هذه الأصوات في شكل حاسم، وتعرّض الرئيس عرفات في تلك الفترة لتوالي النصائح والتحذيرات من الولايات المتحدة والدول الأوروبية، مترافقة مع تهديدات رابين رئيس الوزراء الإسرائيلي بضرورة وضع حد لهذا النشاط والأعمال العسكرية المتعارضة مع الاتفاقات التي تم التوصل لها بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. أصدر الرئيس عرفات، بعد تلكؤ طويل ومحاولاته للتوصل إلى تفاهم في هذا الشأن مع قادة «حماس» في الداخل والخارج، أوامره للأجهزة الأمنية باعتقال عدد من نشطاء وقيادة حماس والجهاد والجبهة الشعبية، تم ذلك بعد مرور أقل من شهرين على وصوله إلى غزه.
كانت الأجهزة الأمنية الفلسطينية قد تشكّلت في عجالة، وضمّت تلك الأجهزة المختلفة خليطاً متعدداً من شرائح المجتمع الفلسطيني، ضباطاً من جيش التحرير الفلسطيني، وكادرات عسكرية من ضباط الصف والجنود القادمين من الخارج، ومجنّدين جدداً من المواطنين في الأراضي الفلسطينية غالبيتهم، نظراً إلى الظروف الاقتصادية والمعيشية، من قطاع غزة، وضباط وأفراد من المؤسسات الأمنية السابقة لحركة «فتح» في الخارج، وعدداً كبيراً من المطاردين ونشطاء الحركة في الداخل. كانت تلك التوليفة الأمنية الفلسطينية تحمل تنوّعاً واسعاً من أفكار وخلفيات، وتناقضات وعداء أيضاً لبعضها بعضاً. انقسم الجهازان الأمنيان الرئيسيان في قطاع غزة، جهاز المخابرات العامة وجهاز الأمن الوقائي، إلى مجموعتين مثّلتا شريحتين اجتماعيتين واسعتين ومتنافستين، هما شريحة «المواطنين» الأصليين للسكان في قطاع غزة، وشريحة «اللاجئين» لهذا القطاع من مناطق فلسطينية أخرى نتيجة حرب عام 1948 وما تلاها من حروب، ولم يمضِ وقت طويل على إنشاء الأجهزة الأمنية الفلسطينية حتى بدأ الصراع والتنافس بينها على النفوذ والمصالح، ووصل الأمر إلى صدامات واشتباكات.
ابتدأت حركة «حماس»، منذ نهايات عام 1994 في تقييم وضعها السياسي والميداني في ظل المعطيات الجديدة التي فرضتها عملية السلام وقيام السلطة الفلسطينية بقيادة غريمتها الأساسية، منظمة التحرير الفلسطينية وعمودها الفقري حركة فتح، ولم يكن ذلك التقييم إيجابياً ولا واعداً على مختلف الأصعدة الداخلية الإقليمية والخارجية. لم تكن هذه الظروف الجديدة بعيدة من تفكير قادة حركة حماس في تقييمهم للأوضاع على الأرض حيث كانت حركة حماس عاجزة عن مواجهات مباشرة مع قوات السلطة الوطنية وغير قادرة على إسقاطها أو مقاومتها. من ناحية أخرى، فإن فكرة المشاركة في الوضع الجديد الذي تقوده السلطة الوطنية قد تهاوت سريعاً، حيث أن التعاون مع السلطة الجديدة في تلك الفترة، من وجهة نظر حركة حماس وكوادرها، كان يعني تراجعاً كاملاً عن برنامجها الجهادي وأيديولوجيتها المعارضة عملية السلام، والتي كانت الورقة الرابحة الوحيدة لدى حركة حماس للتمييز والتمايز عن برنامج السلطة القائم على محاولة التوصل إلى حل سلمي تفاوضي يحقق بعض الأهداف الوطنية الفلسطينية المنشودة والتي عارضتها حركة حماس منذ البداية.
عن الحياة اللندنية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70029
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

مروان كنفاني: من أوسلو إلى صراع "فتح" و "حماس" Empty
مُساهمةموضوع: رد: مروان كنفاني: من أوسلو إلى صراع "فتح" و "حماس"   مروان كنفاني: من أوسلو إلى صراع "فتح" و "حماس" Emptyالسبت 13 مايو 2017, 12:43 am

كنفاني: ليس هناك شرعية لأى مؤسسة أو قيادة فى فلسطين.. و"أنانية الحكم" هى آخر ماتبقى من صراع الفصائل
12/05/2017
 القاهرة: قال مروان كنفاني، النائب السابق ومستشار الخالد ياسر عرفات، انه لا يمكن التوافق بين حكومة نصفها يعترف بإسرائيل ونصفها الآخر يرفضها!!واضاف في مقابلة مطولة مع صحيفة "الوفد" المصرية، أنه "لابد من وحدة الصف الفلسطينى قبل المفاوضة أو القتال".
وووصف كنفاني، لقاءات المصالحة والأحضان والقبلات استخفاف بعقل الشعب الفلسطينى.
نص المقابلة:
> كيف ترى الدور المصرى فى القضية الفلسطينية؟
- مصر خدمت القضية الفلسطينية بالطبع وكانت لاعباً أساسياً فى كل ما يجرى فى الشرق الأوسط، وبالذات فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وهذا شىء لا يحتاج لشهادة انسان وما زالت مصر تقوم بدورها، تخطئ أحيانا وتصيب أحيانا، ولكنها دائماً صادقة وأمينة على قضية الشعب الفلسطينى.
> فى كتابك الأخير خصصت فصلا لفترة تاريخية من حكم الناصر صلاح الدين وتفاصيل الصراع مع الصليبيين فماذا تقصد؟
- ذكرت الدور الذى لعبه صلاح الدين الأيوبى وهو بطل من أبطال الإسلام وأحد الذين تصدوا للعدوان الاستيطانى الصليبى، وسردت الطريقة التى تعامل بها الناصر صلاح الدين مع الصليبيين فى ضعفهم وفى فترات قوتهم، صلاح الدين كان رجلا سياسيا واسع الفكر، وكان مقاتلاً عنيداً، وكان يدرس بإمعان موازين القوى بينه وبين الصليبيين، عندما استطاع القيام بأول هجوم اسلامى شامل ضد الوجود الصليبى، حيث كانت القوى الصليبية فى الأراضى المقدسة قد ضعفت وحدث خلاف بين القادمين الجدد والقدامى وبين الأرثوذوكس والكاثوليك، وفى تلك الفترة وقعت موقعة حطين التى استطاع فيها صلاح الدين أن يهزم الصليبيين هزيمة كبرى، ومن ثم بدأ فى استرداد الأرض التى احتلها الصليبيون من مائة سنة، وفى الوقت نفسه تضافرت القوى الأوروبية مرة أخرى، لإرسال قوات أخرى لإنقاذ قبر السيد المسيح، وجاء معهم ملك المانيا وملك فرنسا وملك إنجلترا ريتشارد قلب الأسد، وكان الأخير هو الأكثر نفوذاً وتأثيراً ومعه قوات كبيرة لم يكن بإمكان صلاح الدين التعرض لها، وقد أشرت لقصة صلاح الدين والصليبيين نظراً للتشابه الكبير بين تلك الفترة وبين الفترة الحالية، فهناك قوة قاهرة أجنبية جاءت من وراء البحار، كما جاءت القوى الصهيونية من وراء البحار، وكان هناك تأييد من البابا وكل الدول الأوروبية للحملات الصليبية بقيادة ريتشارد، واليوم هناك تأييد لإسرائيل من اوروبا والعالم، وكان هناك مستوطنون كما هو الآن، وكانت الحملة الصليبية متمركزة على الساحل، كما فعلت اسرائيل منذ أن أقيمت تريد السيطرة على الساحل لأن الساحل هو طريقها للغرب وطريق الغرب لها من حيث الامدادات والأسلحة، وربما نذكر عندما وقعت الهدنة الأولى فى فلسطين عام 1948 تدفقت الأسلحة والمتطوعون إلى اسرائيل عن طريق البحر، ولذلك ماذا فعل صلاح الدين هنا؟ لم يعلن الجهاد أو يجيش الجيوش لأنه قد يخسر فبدأ يفاوض ومنذ اليوم الأول كانت نية القائدين ريتشارد وصلاح الدين التفاوض لأن ريتشارد يريد العودة وصلاح الدين يريد الحفاظ على القدس والداخل، وهى فترة تشبه كثيرا فترة تفاوض الرئيس الخالد ياسر عرفات والاسرائيليين فى عام 1994، وهنا علينا أن نذكر كيف تنازل صلاح الدين للملك ريتشارد عن المدن الساحلية بكاملها، وكيف تبادل الاثنان الرسائل والكلام الطيب والود والمنح التى أعطاها صلاح الدين لهؤلاء الناس، وكان هدف صلاح الدين هو بقاء الفلسطينيين على أرضهم حتى يحين الوقت لتغيير الأحوال وتجمع القوى واستعادة الأرض، وهذا ما تم بعد مائة سنة من وفاة صلاح الدين، فهذه المدن والقرى الفلسطينية العربية الاسلامية التى بقى فيها سكانها هى التى ارتدت لتحتل فلسطين وتطرد المحتل.
> هل المصالحة هى الحل لرأب الصدع الفلسطينى؟
- الآن التوصل الى الوحدة الوطنية الفلسطينية هو الحل، وليست المصالحة وليس الوفاق، ولابد من الاتفاق على برنامج سياسى واحد، وعلى فتح وحماس والجبهة والتنظيمات الفلسطينية أن تتفق على برنامج عمل سياسى لمدة سنتين أو خمس سنوات تعمل فيها معًا، خاصة بعد تقريب وجهات النظر، فقد كانت منظمة التحرير الفلسطينية منذ سنوات طويلة قد قررت قبول إقامة دولة فلسطينية على الأراضى التى احتلت عام 1967، وحماس منذ عام 1987 حتى الآن، وهى ترفض ذلك وتتهم من يقبل به بالخيانة والانبطاحية، ثم ها هى اليوم تقول إنها ستقبل، بما يعنى أننا اضعنا ربع قرن من حياتنا فى موضوع تراجعت عنه حماس الآن.
يجب أن يكون هدفنا الآن إعادة الوحدة للشعب الفلسطينى عن طريق البرنامج السياسى الواحد، ليصبح هو الدستور للشعب الفلسطينى، ومن ثم نفاوض جميعا أو نقاتل جميعا، ولكن أن يقاتل نصفنا ونصفنا يفاوض لن يأخذنا إلى أى شىء.
> كيف ترى منظمة حماس الآن وهل خرجت من عباءة الإخوان؟
- بداية لم تكن هناك جماعة للإخوان المسلمين فى فلسطين منذ عام 1928 حتى 1987 حين أنشئت حماس، وكان عمل الاخوان المسلمين فى فلسطين مرتبطًا بالتنظيم فى مصر، وكان النشطاء الفلسطينيون الاخوان يعملون كالمصريين الذين ينتمون للإخوان المسلمين، وينتهجون العنف نفسه، وربما نذكر تلك الحوادث التى وقعت فى الخمسينات والستينات فى مصر ونفذها فلسطينيون، وفى عام 1987 قرروا تشكيل جبهة للإخوان تحت اسم حركة حماس وهذا جيد، وفى رأيى البيان الذى أصدرته حماس أنا أحييه، وأنا اعتبر حماس منظمة حديدية وتأخذ القرارات بكل ما يمكنها بجرأة وشجاعة مثل قرار خوض الانتخابات التشريعية للمجلس الفلسطينى الذى كانت حماس تهاجمه منذ أن أنشئ عام 1996 حتى انتخابات 2006 باعتباره من نتائج اتفاق اوسلو وانه عمل انبطاحى خائن ثم قررت خوض الانتخابات فى 2006 ونجحت حماس وأعطاها هذا قوة وشرعية، والآن حماس تتكلم عن الدخول فى المجلس الوطنى الفلسطينى التابع لمنظمة التحرير التى اعترفت بإسرائيل وتفاوضت معها، وربما فشل حماس فى إدارة قطاع غزة فى السنوات العشر الماضية هو الذى اجبرها على التقارب والتخلى عن المواقف السابقة.
وأضاف: حماس تواجه مصاعب فى قطاع غزة، ولكن لها مواقف جريئة وفريدة، فهى المنظمة السنية الوحيدة المتحالفة مع ايران وحزب الله، وهذا يحتاج إلى جرأة شديدة، وأضاف قائلاً: الآن حماس مطلوب منها أن تقدم مزيدًا من التفاهمات والتنازلات.
> كيف يمكن تحقيق التقارب بين الفصائل المختلفة لصالح القضية الفلسطينية؟
- فى فترة من الفترات عندما كنت عضواً فى لجنة القوى الوطنية والاسلامية الفلسطينية منذ 2000 حتى 2005 وكنت اترأس لجنة الصياغة وفيها اعضاء من فتح ومن حماس ومن كل التنظيمات الفلسطينية قاربنا الوصول إلى خطة عمل مشتركة، ولكن للأسف لم نستطع الاتفاق والتوحد فى ذلك الوقت، وهذا هو المطلوب الآن، أن نصل إلى برنامج عمل مشترك ليس هو برنامج فتح ولا برنامج حماس ولا منظمة التحرير ولا الجبهة الشعبية، وانما برنامج توافقى بين الجميع، يتضمن مبادئ جديدة للعمل السياسى، ويعرض هذه البرنامج على الشعب الفلسطينى صاحب الولاية للاستفتاء والموافقة أو الرفض، ومن ثم نعود دولة واحدة، ونجرى انتخابات رئاسية وتشريعية ويكون لنا رئيس يتحدث باسم كل الفلسطينيين ورئيس وزراء باسم كل الفلسطينيين، ونعود لما كنا عليه من عام 1995 حتى الانتفاضة عام 2000، هذا هو الحل الوحيد الممكن والحتمى للخروج من هذه الأزمة، ولكن لقاءات المصالحة والأحضان والقبلات فى القاهرة أو الدوحة أو الخرطوم استخفاف بعقل الشعب الفلسطينى، فكيف يمكن التوافق بين حكومة نصفها يعترف بإسرائيل ونصفها الآخر لا يعترف بها؟، وكيف يمكن التوافق بين حكومة نصف وزرائها يخافون من الذهاب إلى غزة والنصف الآخر ممنوع من الذهاب للضفة الغربية، فأى رجل عاقل يصدق أن مثل هذا التوافق قد يستمر.
وأدعو الآن إلى أن نضع برنامج عمل مشتركًا، وهذا ليس بمستحيل، ولن يأخذ وقتًا كما أخذت المصالحة التى لم تتم على مدار 10 سنوات ولن تأتى، وأرى أن أهم شيئين فى هذا البرنامج المشترك تقريبا تم حلهما، وهما إدارة الصراع مع اسرائيل والمطالب الفلسطينية التى توحدت بين الفصائل فى مطلب واحد، وهو إقامة دولة فلسطينية على الأراضى التى احتلت عام 1967.
وأرى أننا تخطينا أصعب حاجتين فى هذا البرنامج المشترك، الأولى هى المؤسسات الشرعية لمنظمة التحرير الفلسطينية، فقد وافقت حماس على الدخول فى مجلس النواب، وأخذت أغلبية، وتريد أن تدخل فى المجلس الوطنى، والآن تقول إنها توافق على دولة فلسطينية فى أراضى 67، وكل ما عدا ذلك كلام غير مهم.
وأشار إلى أن الرئيس الراحل ياسر عرفات عندما اعلن الدولة الفلسطينية عام 1988 فى الجزائر قال الكلام نفسه، وينحصر فى نقطتين مهمتين الا نتخلى عن فلسطين وضرورة عودة اللاجئين، وتساءل مستنكرا ما الذى بقى من خلاف فى فلسطين سوى الحكم؟ فأساس المشكلة ليس أن حماس اكثر وطنية من فتح، ولا أن فتح اكثر تضحية من حماس، فأساس الأزمة كان فقط من يحكم؟ ويبدو- وأنا آسف أن اقول هذا الكلام- أن الطرفين سعيدان بالوضع الحالى، واحد يحكم الضفة الغربية والآخر يحكم غزة، هذا لا يختار للمناصب الا رجال فتح، وهذا لا يختار للمناصب الا رجال حماس، وهذا لا يدفع الا مرتبات فتح، وهذا لا يدفع الا مرتبات حماس.
> فى نظرك ما أساس الخلاف الفلسطينى الفلسطينى؟
تساءل كنفانى ما الذى تبقى من الخلاف الفلسطينى سوى الرغبة فى السلطة؟ فإذا كان الطرفان قد دخلوا المؤسسات الفلسطينية وإذا كان الطرفان يقولان إنهما يريدان دولة فما الذى تبقى من الخلاف سوى أنانية الحكم، وأرى أنه لا خلاف بين فتح وحماس، فهم تتقابلان على الولائم، والمشكلة التى يتكبدها الشعب الفلسطينى الذى يعانى الكثير منذ وفاة الرئيس عرفات، أننا على مدار 13 سنة، لم نتقدم خطوة واحدة فى قضيتنا.
> من وجهة نظرك من هى الحكومة الشرعية فى فلسطين؟
- اليوم ليس هناك شرعية لأى مؤسسة أو قيادة فى فلسطين، فشرعية الرئيس عباس انتهت منذ انتهاء فترة انتخابه من 2004 حتى 2008، وشرعية رئيس الوزراء اسماعيل هنية انتهت منذ أن أقاله الرئيس عباس عام 2007، والمجلس التشريعى الفلسطينى انقسم، وهذا أسقط شرعيته، والسلطة الوطنية الفلسطينية تفاوض وهى تعلم أنها لا تمثل كل الفلسطينيين، فالسلطة الفلسطينية والرئيس عباس الذى هو الشرعية الوحيدة فى فلسطين حتى الآن لا يمثلون كل الفلسطينيين، ودونالد ترامب يعرف ذلك، والاسرائيليون والأوروبيون يعرفون أن الرئيس عباس يتكلم عن الضفة الغربية، وليست لديه سيطرة على قطاع غزة.
وأرى أن هناك شرعية واحدة فقط فى فلسطين وهى شرعية الرئيس التوافقية بما يعنى أن كل الأحزاب والمنظمات والحركات الفلسطينية تعترف بأن الرئيس محمود عباس هو الرئيس، فإذا ظلت فتح فى مشاكلها الداخلية، وسقطت هذه الشرعية فلن يعود هناك ما ينتظر منه الفلسطينيون خيراً.
> ماذا لو نقلت امريكا سفارتها للقدس؟
- الولايات المتحدة لن تنقل سفارتها للقدس، وقد كتبت هذا الكلام فى مقال قبل تسلم ترامب للسلطة، خاصة أن ترامب والقرار الأمريكى بصفة عامة، لا يشكل فيه الرئيس أكثر من 15% فقط، وهناك أجهزة ومؤسسات تنفيذية أخرى مثل الكونجرس أو المحكمة العليا، وكل المرشحين الأمريكيين منذ أكثر من 27 عاما كانوا يعدون الناخبين فى برامجهم بنقل السفارة الأمريكية للقدس، ولم ينفذ أحد، وفى عهد كلينتون أقروا بأن المصلحة الأمريكية فى عدم نقل سفارتهم فى اسرائيل إلى القدس، وأصبحت الرئاسة تقدم تقريرا للكونجرس كل 6 أشهر بهذا المضمون، وهذا التقليد سارٍ حتى الآن، وهذه خطوة استعراضية وليست أساسية، فالمساعدات والدعم يذهبان لإسرائيل سواء السفارة فى القدس أو فى تل ابيب، ويجب أن ندرك حقيقة أن الولايات المتحدة هى الداعم الأول والحليف لإسرائيل منذ 1948، ولا يحتاج الرئيس ترامب لنقل السفارة ليحصل على تأييد اسرائيل أو اللوبى الاسرائيلى هناك.
 
> هل ترى المصالحة قريبة مع تبدل وجهة نظر حماس وتقارب وجهات النظر مع فتح حول الدولة الفلسطينية؟
 
- بالطبع لا، بل لن تحدث، وتساءل: مصالحة حول ماذا؟ فليس بيننا خلاف، لأن خلافنا مع اسرائيل والأمريكان والدول العربية المجاورة، وهناك فقط مواقف سياسية متضاربة نتيجة البرامج المختلفة للتنظيمات، وأيضا لكون حماس فى جهة والسلطة الفلسطينية وفتح فى جهة أخرى، حيث تنتمى كل منهما إلى حلفين دوليين مختلفين، بما يعنى أننا كفلسطينيين منقسمون إلى جبهتين، إحداهما تتبع حلفًا تقوده الولايات المتحدة مثل مصر والسعودية والأردن وهكذا، والأخرى فى حلف تقوده روسيا مثل ايران وحزب الله وسوريا وهكذا، والفلسطينيون هم أضعف الأطراف فى الحلفين، ولا نستطيع أن نعترض أو نقرر، ولم يعد هناك فى التاريخ الحديث اتفاقيات ثنائية، كما حدث بين مصر واسرائيل فى كامب ديفيد، أو فلسطين واسرائيل فى اتفاق أوسلو، انتهى هذا الموضوع وظهرت الآن اتفاقات اقليمية، فمثلا إذا رغبنا فى أن ترفع اسرائيل الحصار عن غزة فقد يكون الثمن مثلا وقف تحقيق المحكمة الدولية مع سوريا بشأن الأسلحة النووية، أو منع ايران من التدخل فى البحرين، وأقصد أن القضية الفلسطينية ليس لها حل بمفردها، فثمة مجموعة اشياء، أمريكا تريد تركيا فى موقف معين، وروسيا تريد ايران فى موقع معين، وهنا يحدث التبادل والتنازل، ونحن التبادل والتنازل، فلسنا أعضاء عاملين فى تلك الأحداث، بل نحن أعضاء على باب الله.
 
> كيف مات الزعيم عرفات وهل قتل؟
 
- من تاريخ وفاة الرئيس ياسر عرفات قلت إن اسرائيل هى التى تسببت فى وفاته بوسائل عديدة، فهى بلا شك حاولت مرات عديدة اغتيال ياسر عرفات منذ أن تولى مقاليد قيادة الشعب الفلسطينى، وفى فترة الحصار هى التى منعت عنه الرعاية الطبية ومنعته من التحرك والعودة الى غزة، والبقاء مع شعبه امام المستوطنين، ولا شك فى ان اسرائيل هى التى تسببت فى قتل الرئيس عرفات.
 
> ما الفرق بين ياسر عرفات ومن جاء بعده على طريق النضال الفلسطينى؟
- ياسر عرفات هو الزعيم التاريخى والخالد لفلسطين، فقد كان زعيما قبل أن يكون رئيسا وبدعم جماعى تقريبا، وسأروى لك قصة عن المرحوم المناضل الصلب جورج حبش الأمين العام الأسبق للجبهة الشعبية الفلسطينية، وكان صديقاً لأخى الشهيد غسان كنفانى، وقال لى يوماً: أنا اعترف بالحقائق، ولا أعيش فى الأحلام، فعندما أذهب إلى معسكر اللاجئين الفلسطينيين فى لبنان يرتبون لى اللقاء على مدار اسبوعين أو ثلاثة، ويدعون الناس كى أخطب فيهم، فيحضر 3 آلاف أو 4 آلاف ليسمعونى، أما ياسر عرفات إذا مر بسيارته أمام المخيم يجتمع 50 الف شخص ليشاهدوه، هكذا كان ياسر عرفات الزعيم، وباعتراف مناضل مثل جورج حبش الذى عايشه، لذلك ياسر عرفات آخر زعيم فلسطينى، وبعده بدأ عصر الرؤساء، ولا يجوز أن نقارن ياسر عرفات بأى شخص آخر لأننا سنظلم هذا الشخص.
وأضاف كان عرفات يحارب العالم من أجل وحدة الشعب الفلسطينى، يتفاوض باسمه ويهدد باسمه ويسالم باسمه، وكان العالم يحترمنا، والآن لا أحد يجرؤ على أن يقول إنه يتكلم باسم الفلسطينيين، ومع احترامى للرئيس عباس وقيادات حماس لا يستطيع أحد منهم أن يزعم أنه يتحدث باسم الفلسطينيين، فالرئيس عباس عندما ذهب الى ترامب كان يمثل نصف ما تبقى لنا من الأرض التى تبقت منذ عام 1948، ونصف السكان الفلسطينيين على تلك الأرض، وعندما يذهب الأخ مشعل أو اسماعيل هنية إلى أى بلد فهو لا يمثل إلا 15% من الأرض التى بقيت، ونصف السكان الذين يعيشون عليها، ولا أحد منهما يستطيع أن يقول إنه يتحدث باسم الفلسطينيين جميعا، وأرى أن الخلاف الفلسطينى الآن له الأولوية عن أى شىء حتى المفاوضات مع اسرائيل، فأنت لا تستطيع أن تتفاوض وأنت مقسم، فليس فى تاريخ البشرية كلها تجربة نجاح لشعب مقسم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70029
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

مروان كنفاني: من أوسلو إلى صراع "فتح" و "حماس" Empty
مُساهمةموضوع: رد: مروان كنفاني: من أوسلو إلى صراع "فتح" و "حماس"   مروان كنفاني: من أوسلو إلى صراع "فتح" و "حماس" Emptyالجمعة 02 يونيو 2017, 3:02 pm

"نكبة غزّة" التي صنعها "الإخوان"
خيرالله خيرالله
ليس يونيو 2017، ذكرى مرور نصف القرن على هزيمة العام 1967، بل هو أيضا ذكرى مرور عشر سنوات على قيام وضع فلسطيني جديد يتمثّل في انفصال غزّة عن الضفة الغربية. هل يمكن اعتبار هذا الوضع الجديد طبيعيا الى درجة بات يترتب على الفلسطينيين والعرب التعاطي معه؟
يبدو الامر كذلك اذا انطلقنا من ان «حماس» مستعدة للدفاع عن «الامارة الإسلامية» بكلّ ما لديها من إمكانات، وذلك بغض النظر عمّا اذا كانت ستتمكن يوما من وضع الضفّة الغربية تحت سلطتها أيضا؟
يبدو الامر كذلك، أيضا، اذا اخذنا في الاعتبار تاريخ «حماس» التي ليست سوى الفرع الفلسطيني لتنظيم «الإخوان المسلمين». يمتلك «الإخوان» شبقا لا مثيل له الى الاستحواذ على السلطة على أي بقعة ارض عربية.
في فصل من كتابه الأخير وعنوانه «عن الفلسطينيين فقط ـ جدلية النجاح والفشل»، يشرح مروان كنفاني الذي بقي طويلا مستشارا لياسر عرفات، الزعيم التاريخي للشعب الفلسطيني، كيف لم يستطع الفلسطينيون الاتفاق يوماً على قيادة موحّدة. بسبب غياب مثل هذا الاتفاق ايّام المفتي امين الحسيني الذي قاد النضال الفلسطيني في مرحلة ما قبل «النكبة»، لم يحصل فهم لمعنى قرار التقسيم في 1947. قاد العجز عن فهم مغزى القرار الى «النكبة» في 1948 وصولا الى احتلال القدس والضفة الغربية في 1967.
من المقاطع المهمّة في الكتاب تلك التي يرى كنفاني انّها مهدت لانفصال غزّة عن الضفة، بدءا بالاحداث التي وقعت مباشرة بعد دخول عرفات الى القطاع في يوليو من العام 1994. وقعت تلك الاحداث في نوفمبر من تلك السنة. شهدت تلك المرحلة الصدامات الكبيرة الاولى بين «فتح» و«حماس» وكشفت ان لا هدف لـ «حماس» سوى التخريب على السلطة الوطنية. كان مأخذ «حماس» على «فتح» انها قدمت تنازلات «مشينة» لاسرائيل.
كانت نقطة التحول التظاهرة التي نظمتها «حماس» في غزة يوم 18 نوفمبر 1994 وانتهت بصدام مع السلطة وأجهزتها ومقتل 12 شخصا كانوا بين المتظاهرين.

لم يكن عرفات الغائياً. لم يرد يوما القضاء على «حماس» التي انتظرت طويلا كي تنتقم أخيرا من «فتح» ومن السلطة الوطنية واخراجهما من غزّة بعد انتخابات تشريعية أجريت في العام 2006.

سعى عرفات قبل وفاته في خريف 2004 الى تأجيل الانتخابات. فعل ذلك بسبب شعوره بان هناك من يسعى، في الولايات المتحدة وأوروبا، بالاتفاق مع إسرائيل، الى الانتهاء من السلطة ومن «فتح» ومن شخص عرفات بالذات بالوسائل الديموقراطية، أي عبر صناديق الاقتراع. كان محقّا في ذلك. حققت «حماس» في 2006 ما عجزت عن تحقيقه عندما كان «أبو عمّار» لا يزال حيّا يرزق.

هناك مقاطع كثيرة في كتاب كنفاني تساعد في فهم الواقع الفلسطيني الراهن، وهو واقع محزن. لكنّ الخط الذي يربط بين احداث كثيرة هو ذلك الذي يؤكّد ان «حماس» لا تسعى، ولم تسع يوما، سوى الى السلطة والى التفرّد بها، فهي رفضت المشاركة في انتخابات 1996 لانها كانت تدرك انّها لن تفوز فيها. استخدمت كلّ الشعارات «الوطنية»، بما في ذلك «تخوين» حركة «فتح» وكل نوع من أنواع المزايدات من اجل تبرير رفضها للمشاركة في تلك الانتخابات. ولكن، عندما علمت في 2006 ان نتائج الانتخابات ستكون في مصلحتها، شاركت فيها ولم تعد تقيم أي اعتبار للأسباب التي جعلتها تقاطع انتخابات 1996.

كانت انتخابات 2006 في الاراضي الفلسطينية جزءا من تفاهم بين الإدارة الأميركية والاخوان في مصر. هذا ما يكشفه الكتاب الذي جاء فيه ان «في الاتصالات المتطورة السرّية بين الطرفين (الإدارة الأميركية والإخوان في مصر) والتي استمرّ لفترات طويلة تم بحث في نقاط كثيرة، كان أهمها من الجانب الاميركي ضرورة استبعاد المنظمات الإسلامية الجهادية ومشاركة الاخوان في انتخابات ديموقراطية للوصول الى الحكم والمحافظة على مصالح الولايات المتحدة الاقتصادية والسياسية وتحالفاتها في المنطقة وعدم تعرض حكومات الاخوان لحرية الملاحة في قناة السويس ووقف التحريض والتهديد الموجهين الى إسرائيل (...)».

رحل «الإخوان» عن السلطة في مصر بعد ثورة شعبية في العام 2013 لكنّهم بقوا يتحكمون بقطاع غزّة. يحاول «الإخوان» في غزّة ان يؤكدوا لمصر هذه الايّام ان لا علاقة لهم بالاخوان. لن ينطلي ذلك على احد. لا على مصر ولا على المسؤولين العرب الواعين الذين يعرفون حقيقة «حماس» والمهمّة التي خلقت من اجلها أصلا.

لا يمكن الّا شكر كنفاني على الربط بين صعود «حماس» في غزّة من جهة والاتصالات الأميركية بـ «الإخوان» في مصر في مرحلة معيّنة سبقت سقوط حكم حسني مبارك من جهة اخرى. مثل هذا الربط ضروري لفهم أمور كثيرة من بينها تلك العلاقة بين مصر وغزّة والدور الذي لعبته «حماس» بالتفاهم مع ايران في مرحلة التمهيد لاسقاط مبارك الذي تميزت السنوات العشر الأخيرة من حكمه بالكثير من السطحية.

في كلّ الأحوال، بعد عشر سنوات من قيام حكم «الإخوان» لغزّة، يمكن الخروج ببعض الاستنتاجات التي لا تصبّ سوى في خدمة إسرائيل.

قبل كلّ شيء، هناك شرخ فلسطيني يتكرّس يوميا، خصوصا في ظل سلطة وطنية دخلت مرحلة متقدّمة من الترهل. لكنّ ذلك يبقى امرا ثانويا اذا نظرنا الى الدور الذي لعبته «حماس»، منذ ما قبل وضع يدها على قطاع غزّة، في افشال المشروع الوطني. ففي صيف العام 2005، انسحبت إسرائيل من غزّة. انسحبت من كل القطاع. فكّكت المستعمرات التي اقامتها فيه. لم يكن الانسحاب عملا بريئا وقف خلفه ارييل شارون رئيس الوزراء وقتذاك. كان الهدف يتمثل بالخروج من غزّة بغية الإمساك بطريقة افضل بالضفّة والقدس الشرقية.
بدل ان تساعد «حماس» في قيام كيان فلسطيني في غزّة، يكون نواة لدولة نموذجية، عمل قادتها كل ما يستطيعون عمله للقول للعالم ان الفلسطينيين لا يستأهلون دولة. بدأوا بنشر فوضى السلاح في غزّة وصولا الى انقلاب منتصف يونيو 2007، مرورا باطلاق الصواريخ العشوائية التي بررت لإسرائيل فرض حصار على القطاع وخنق المقيمين فيه، فضلا عن اطلاق شعار «لا وجود لشريك فلسطيني» في عملية السلام.
بعد عشر سنوات في غزّة حقق «الإخوان» هدفهم. سيبقون عشر سنوات أخرى في القطاع مكافأة على ما حققوه من نجاحات منقطعة النظير في مجال ضرب المشروع الوطني ونشر البؤس والجهل والتخلّف على كلّ صعيد. الاهمّ من ذلك كلّه، لن تخسر إسرائيل شيئا عندما تكون «حماس» بملثميها واجهة الشعب الفلسطيني وصورته في العالم.
الثابت ان لا شيء سيمنع «حماس» من الاحتفال بـ «نكبة غزّة» ما دام المهم الوصول الى السلطة وممارستها بوجود كهرباء او من دون كهرباء...
عن الرأي الكويتية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70029
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

مروان كنفاني: من أوسلو إلى صراع "فتح" و "حماس" Empty
مُساهمةموضوع: رد: مروان كنفاني: من أوسلو إلى صراع "فتح" و "حماس"   مروان كنفاني: من أوسلو إلى صراع "فتح" و "حماس" Emptyالجمعة 28 يوليو 2017, 9:45 am

مروان كنفاني في المشهد






مروان كنفاني.. عين على مرمى الأهلي.. و«مليون» على تحرير ...


يعتبر موهبته الكروية منحة قرّبته من الجماهير العربية

مروان كنفاني.. عين على مرمى الأهلي.. و«مليون» على تحرير فلسطين

مروان كنفاني: من أوسلو إلى صراع "فتح" و "حماس" Image

تصدر الرياضي والمناضل السياسي الفلسطيني، مروان كنفاني، المشهد مجدداً هذا الأسبوع، ليس من بوابة حراسته لمرمى النادي الأهلي، التي ترك فيها لجماهيره بصمات لا تنسى، وإنما كمناضل فلسطيني بارز، بدأ حياته مناصراً لحركة «القوميين العرب»، التي كان شقيقه الروائي الشهيد غسان كنفاني أحد أيقوناتها، حتى تدرج - أي مروان - في نضالاته، بعد أن ترك الكرة، ليصبح مستشاراً للزعيم الراحل ياسر عرفات، وشاهداً على أهم وقائع تطور القضية الفلسطينية، ومشتبكاً معها.
وكان كنفاني قد حضر، نهاية الأسبوع الماضي، حفل توقيع كتابه الجديد «عن الفلسطينيين فقط.. جدلية النجاح والفشل»، بحضور حشد ضخم من الشخصيات العامة المصرية والفلسطينية، من بينها أمين جامعة الدول العربية السابق عمرو موسى، ومستشار الرئيس السابق حسني مبارك،
مصطفى الفقي، ووزير خارجية مصر السابق، السفير نبيل فهمي، والوزير الفلسطيني حسن عصفور، والسفير الفلسطيني بالقاهرة جمال الشوبكي، ووزير الإعلام المصري السابق أسامة هيكل، والسفير السعودي أحمد القطان، والكابتن أحمد شوبير، والكابتن طاهر أبوزيد، والكابتن فتحي مبروك، والمنتج السينمائي مؤسس وكالة الأنباء الفلسطينية حسين القلا.

وقال كنفاني لـ«الإمارات اليوم» عبر الهاتف إن «رسالة الكتاب الأساسية ملخصها أن الانقسام الوطني الفلسطيني تخطى حد الاحتمال، وأن الوقت قد حان لتسويته، وإلا فلن تتقدم القضية الفلسطينية خطوة واحدة».
وتابع كنفاني أن «تجربة النضال من أجل الاستقلال، التي يعيشها الشعب الفلسطيني، ليست فريدة في العالم، وأن الانقسام الحالي نجح في ما فشلت بريطانيا وإسرائيل عبر قرن من الزمن في تحقيقه، والشعوب التي مرت بتجربتنا عرفت أن البرامج السياسية المشتركة تلجأ إليها أطراف مختلفة لشعب معين، ونحن في فلسطين بحاجة إلى برنامج مشترك، ليس بالضرورة أن يكون برنامج فتح، أو برنامج حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، نحن نحتاج إلى برنامج يجعل الجميع يعمل من أجل هدف واحد في مرحلة معينة، وهذا ما حصل في الجزائر، وفيتنام، وغيرهما، حتى وصلت تلك الدول إلى النصر، لأنه لا يمكن أن ينتصر شعب وهو منقسم».
وشدد كنفاني على أن «صدور الكتاب في الوقت الحالي ذو أهمية قصوى، فمن جهة يأتي وقد أصدرت (حماس) وثيقتها الأخيرة التي تقبل فيها بإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967، وهو تطور مهم يمكن تتويجه بدخولها إلى المجلس الوطني الفلسطيني، ونحن علينا أن نتذكر أن حركة فتح نفسها لم تعترف بإسرائيل، وإنما التي اعترفت منظمة التحرير، وبالتالي فإن خطوة (حماس) الأخيرة كافية جداً لصياغة ورقة مشتركة في اتجاه الحل، أما الجانب الثاني الخاص بحساسية توقيت إصدار الكتاب، فإنه يأتي في ظل حالة التردي التي تسود المنطقة، بعد انقلاب (الربيع العربي) إلى عواصف، وبالتالي علينا انتشال فلسطين وقضيتها من تداعيات وكبوات ما يحدث لبلدان عربية شقيقة، يتمنى لها الشعب الفلسطيني كل الخير».
وتابع أنه تحمس لإنجاز الكتاب والانتهاء منه، بعد أن شاهد انحداراً سياسياً وأخلاقياً، اجتاح وسائل التواصل الإعلامي، بعد 13 سنة عجاف مرت على الشعب الفلسطيني المقهور المعذب.
وحول مسيرته الشخصية، التي جمعت بين الرياضة والنضال السياسي، قال مروان كنفاني إن إشارته إلى مسيرة حياته دوافعها موضوعية، حيث جسدت حالة مقاومة لصبي وشاب من أسرة فلسطينية لاجئة، خرجت من الوطن الحبيب عام 1948، واستطاع أن يواجه ظروفاً صعبة وقاسية، وينجح ويصعد أعلى الدرجات كلاعب.
واستطرد كنفاني «كانت كرة القدم حنونة عليّ، وجزءاً من حياتي، وأنا مدين لهذه اللعبة، فحين هاجرنا من فلسطين إلى لبنان، ثم إلى دمشق، حيث أقمنا في حي (بستان الحجر)، الذي كان معظم سكانه فلسطينيين، سوينا نحن المهاجرين ساحة قرب مدرسة ابتدائية لتصبح ملعب كرة قدم، إذ خرج منها ثلاثة لاعبي كرة قدم، برزوا على مستوى العالم العربي، هم فؤاد أبوغيدة، وإبراهيم المغربي، وأنا، حيث لعبت فترة في الشارع، ثم المدرسة، وتم تصعيدي لمنتخب المدارس، حتى ألحقت بالمنتخب السوري، وكان المفروض أن أسافر مع شقيقتي وشقيقي غسان كنفاني إلى الخليج، لكن جاء عرض النادي الأهلي في مصر ليغير مسار حياتي، إذ منحني فرصة إكمال دراستي دون حاجة للعمل، فالتحقت بكلية الحقوق، وواصلت مسيرتي، وأنا أنظر إلى محبة الناس في مصر والدول العربية على أنها منحة من الله، جعلتني أحقق ما أردت من حياتي».
وقالت منال كنفاني لـ«الإمارات اليوم» عبر الهاتف إن «مروان تركيبة إنسانية نادرة، تفاعلت بعمق مع كل مجالات الحياة التي مر بها، سواء على الصعيد الإنساني، أو الرياضي، أو السياسي، وكتابه يكشف عن إصراره على قراءة قضية وطنه بشكل دقيق، إيماناً بضرورة انتصارها».
بدوره، ذكر الباحث في الشؤون الفلسطينية والإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، ومحاور مروان كنفاني في حفل التوقيع، إن كتاب الأخير «دمج بين الكتابة الذاتية والرؤية المستقبلية الموضوعية، بعد صدق توقعاته بشأن طول أمد الانقسام بين حركتي فتح وحماس».
تجدر الإشارة إلى أن كتاب «عن الفلسطينيين فقط.. جدلية النجاح والفشل»، الصادر عن دار المركز الثقافي المصري، تتبع تاريخ النضال الفلسطيني منذ ولادة منظمة التحرير الفلسطينية في الستينات، عبر معايشة مروان كنفاني بعض مراحلها، وألقى الأضواء على أن ظاهرة الانقسام الفلسطيني لم تكن جديدة، حيث رفضت «فتح» في البداية الانضمام إلي منظمة التحرير، باعتبارها إطاراً مفروضاً على الشعب الفلسطيني من خارجه، بينما رأت منظمة التحرير أن حركة فتح تسعى إلى توريط أطراف عربية في حساباتها، وفي المقابل، اعتبرت «حركة القوميين العرب» في البداية منظمة التحرير مكانها الطبيعي، لأن الحركة كانت مناصرة لفكر عبدالناصر، صاحب فكرة منظمة التحرير، لكن لاحقاً تبادل كل من فتح و«القوميين العرب» الأدوار، حيث انضمت فتح للمنظمة، بينما هاجمها القوميون العرب، بوصفها لا تلبي طموحات الشعب الفلسطيني.
ويستطرد الكتاب ليتابع مراحل النضال الفلسطيني بعد هزيمة 1967، ليصل إلى الانقسام الحالي، الذي يعتبر مواجهته مهمة المرحلة، والهدف الرئيس من الكتاب الذي يرصد الماضي، لكن عينه على المستقبل.

كتاب
" عن الفلسطينيين فقط: جدلية النجاح والفشل"

يمكنكم الاستماع إلى الحلقة كاملة على هذا الرابط

https://soundcloud.com/bbc-arabic/gqxmylvlfhrg?in=bbc-arabic/sets/bookworld
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70029
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

مروان كنفاني: من أوسلو إلى صراع "فتح" و "حماس" Empty
مُساهمةموضوع: رد: مروان كنفاني: من أوسلو إلى صراع "فتح" و "حماس"   مروان كنفاني: من أوسلو إلى صراع "فتح" و "حماس" Emptyالجمعة 28 يوليو 2017, 9:52 am

كاتم أسرار ياسر عرفات يضع روشتة إنقاذ فلسطين

مروان كنفانى: "أنانية الحكم" هى آخر ماتبقى من صراع الفصائل

لا يمكن التوافق بين حكومة نصفها يعترف بإسرائيل ونصفها الآخر يرفضها!!
لابد من وحدة الصف الفلسطينى قبل المفاوضة أو القتال
لقاءات المصالحة والأحضان والقبلات استخفاف بعقل الشعب الفلسطينى
صلاح الدين الأيوبى تفاوض مع الصليبيين ومنحهم مدنًا ساحلية للحفاظ على جبهته الداخلية
جبهتا السلطة فى فلسطين تتبعان حلفين دوليين مختلفين
إسرائيل وراء اغتيال الزعيم الخالد ياسر عرفات
 
سيرة حياته ارتبطت بقضية وطن محتل، حمل قضية شعبه فى عقله وقلبه وطاف حول العالم مناضلا سياسيا ودبلوماسيا ضد الاحتلال والاستيطان، خاض العديد من جولات المفاوضات بين فلسطين وإسرائيل، واختاره الزعيم الفلسطينى الخالد ياسر عرفات مستشاراً له ليصبح كاتم أسراره سنوات طويلة، بلغ عشقه لكل ذرة من تراب وطنه الى حد اطلاق اسم المدينة العريقة «جنين» على حفيدته، وأخيراً قرر أن يسجل تلك الفترة العصيبة من التاريخ العربى عامة والفلسطينى خاصة فى كتاب صدر منذ أيام يحمل عنوان «عن الفلسطينيين فقط.. جدلية النجاح والفشل»، ليسرد بمرارة وألم بل بإحباط الواقع الفلسطينى المحزن، وخلافات القيادات الفلسطينية التى أدت إلى مزيد من الضعف والتفتت، حاورناه، فتحدث بصراحة الحريص على وطنه وشعبه، وكتب بخبرته وحنكته روشتة رأب الصدع بين أبناء وطنه الطامعين فى السلطة، وهو يدرك مقدما أنهم لن يقبلوا بها، وأن الرغبة الجامحة فى الحكم هى التى تحول بين توحيد صفوف وأهداف الفصائل المتصارعة على أنقاض الأرض المسلوبة.
إنه مروان كنفانى، السياسى الفلسطينى البارز ومستشار أبوعمار، وكاتم أسراره، وإليكم هذا الحوار:
> كيف ترى الدور المصرى فى القضية الفلسطينية؟
- مصر خدمت القضية الفلسطينية بالطبع وكانت لاعباً أساسياً فى كل ما يجرى فى الشرق الأوسط، وبالذات فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وهذا شىء لا يحتاج لشهادة انسان وما زالت مصر تقوم بدورها، تخطئ أحيانا وتصيب أحيانا، ولكنها دائماً صادقة وأمينة على قضية الشعب الفلسطينى.
> فى كتابك الأخير خصصت فصلا لفترة تاريخية من حكم الناصر صلاح الدين وتفاصيل الصراع مع الصليبيين فماذا تقصد؟
- ذكرت الدور الذى لعبه صلاح الدين الأيوبى وهو بطل من أبطال الإسلام وأحد الذين تصدوا للعدوان الاستيطانى الصليبى، وسردت الطريقة التى تعامل بها الناصر صلاح الدين مع الصليبيين فى ضعفهم وفى فترات قوتهم، صلاح الدين كان رجلا سياسيا واسع الفكر، وكان مقاتلاً عنيداً، وكان يدرس بإمعان موازين القوى بينه وبين الصليبيين، عندما استطاع القيام بأول هجوم اسلامى شامل ضد الوجود الصليبى، حيث كانت القوى الصليبية فى الأراضى المقدسة قد ضعفت وحدث خلاف بين القادمين الجدد والقدامى وبين الأرثوذوكس والكاثوليك، وفى تلك الفترة وقعت موقعة حطين التى استطاع فيها صلاح الدين أن يهزم الصليبيين هزيمة كبرى، ومن ثم بدأ فى استرداد الأرض التى احتلها الصليبيون من مائة سنة، وفى الوقت نفسه تضافرت القوى الأوروبية مرة أخرى، لإرسال قوات أخرى لإنقاذ قبر السيد المسيح، وجاء معهم ملك المانيا وملك فرنسا وملك إنجلترا ريتشارد قلب الأسد، وكان الأخير هو الأكثر نفوذاً وتأثيراً ومعه قوات كبيرة لم يكن بإمكان صلاح الدين التعرض لها، وقد أشرت لقصة صلاح الدين والصليبيين نظراً للتشابه الكبير بين تلك الفترة وبين الفترة الحالية، فهناك قوة قاهرة أجنبية جاءت من وراء البحار، كما جاءت القوى الصهيونية من وراء البحار، وكان هناك تأييد من البابا وكل الدول الأوروبية للحملات الصليبية بقيادة ريتشارد، واليوم هناك تأييد لإسرائيل من اوروبا والعالم، وكان هناك مستوطنون كما هو الآن، وكانت الحملة الصليبية متمركزة على الساحل، كما فعلت اسرائيل منذ أن أقيمت تريد السيطرة على الساحل لأن الساحل هو طريقها للغرب وطريق الغرب لها من حيث الامدادات والأسلحة، وربما نذكر عندما وقعت الهدنة الأولى فى فلسطين عام 1948 تدفقت الأسلحة والمتطوعون إلى اسرائيل عن طريق البحر، ولذلك ماذا فعل صلاح الدين هنا؟ لم يعلن الجهاد أو يجيش الجيوش لأنه قد يخسر فبدأ يفاوض ومنذ اليوم الأول كانت نية القائدين ريتشارد وصلاح الدين التفاوض لأن ريتشارد يريد العودة وصلاح الدين يريد الحفاظ على القدس والداخل، وهى فترة تشبه كثيرا فترة تفاوض الرئيس الخالد ياسر عرفات والاسرائيليين فى عام 1994، وهنا علينا أن نذكر كيف تنازل صلاح الدين للملك ريتشارد عن المدن الساحلية بكاملها، وكيف تبادل الاثنان الرسائل والكلام الطيب والود والمنح التى أعطاها صلاح الدين لهؤلاء الناس، وكان هدف صلاح الدين هو بقاء الفلسطينيين على أرضهم حتى يحين الوقت لتغيير الأحوال وتجمع القوى واستعادة الأرض، وهذا ما تم بعد مائة سنة من وفاة صلاح الدين، فهذه المدن والقرى الفلسطينية العربية الاسلامية التى بقى فيها سكانها هى التى ارتدت لتحتل فلسطين وتطرد المحتل.
> هل المصالحة هى الحل لرأب الصدع الفلسطينى؟
- الآن التوصل الى الوحدة الوطنية الفلسطينية هو الحل، وليست المصالحة وليس الوفاق، ولابد من الاتفاق على برنامج سياسى واحد، وعلى فتح وحماس والجبهة والتنظيمات الفلسطينية أن تتفق على برنامج عمل سياسى لمدة سنتين أو خمس سنوات تعمل فيها معًا، خاصة بعد تقريب وجهات النظر، فقد كانت منظمة التحرير الفلسطينية منذ سنوات طويلة قد قررت قبول إقامة دولة فلسطينية على الأراضى التى احتلت عام 1967، وحماس منذ عام 1987 حتى الآن، وهى ترفض ذلك وتتهم من يقبل به بالخيانة والانبطاحية، ثم ها هى اليوم تقول إنها ستقبل، بما يعنى أننا اضعنا ربع قرن من حياتنا فى موضوع تراجعت عنه حماس الآن.
يجب أن يكون هدفنا الآن إعادة الوحدة للشعب الفلسطينى عن طريق البرنامج السياسى الواحد، ليصبح هو الدستور للشعب الفلسطينى، ومن ثم نفاوض جميعا أو نقاتل جميعا، ولكن أن يقاتل نصفنا ونصفنا يفاوض لن يأخذنا إلى أى شىء.
> كيف ترى منظمة حماس الآن وهل خرجت من عباءة الإخوان؟
- بداية لم تكن هناك جماعة للإخوان المسلمين فى فلسطين منذ عام 1928 حتى 1987 حين أنشئت حماس، وكان عمل الاخوان المسلمين فى فلسطين مرتبطًا بالتنظيم فى مصر، وكان النشطاء الفلسطينيون الاخوان يعملون كالمصريين الذين ينتمون للإخوان المسلمين، وينتهجون العنف نفسه، وربما نذكر تلك الحوادث التى وقعت فى الخمسينات والستينات فى مصر ونفذها فلسطينيون، وفى عام 1987 قرروا تشكيل جبهة للإخوان تحت اسم حركة حماس وهذا جيد، وفى رأيى البيان الذى أصدرته حماس أنا أحييه، وأنا اعتبر حماس منظمة حديدية وتأخذ القرارات بكل ما يمكنها بجرأة وشجاعة مثل قرار خوض الانتخابات التشريعية للمجلس الفلسطينى الذى كانت حماس تهاجمه منذ أن أنشئ عام 1996 حتى انتخابات 2006 باعتباره من نتائج اتفاق اوسلو وانه عمل انبطاحى خائن ثم قررت خوض الانتخابات فى 2006 ونجحت حماس وأعطاها هذا قوة وشرعية، والآن حماس تتكلم عن الدخول فى المجلس الوطنى الفلسطينى التابع لمنظمة التحرير التى اعترفت بإسرائيل وتفاوضت معها، وربما فشل حماس فى إدارة قطاع غزة فى السنوات العشر الماضية هو الذى اجبرها على التقارب والتخلى عن المواقف السابقة.
وأضاف: حماس تواجه مصاعب فى قطاع غزة، ولكن لها مواقف جريئة وفريدة، فهى المنظمة السنية الوحيدة المتحالفة مع ايران وحزب الله، وهذا يحتاج إلى جرأة شديدة، وأضاف قائلاً: الآن حماس مطلوب منها أن تقدم مزيدًا من التفاهمات والتنازلات.
> كيف يمكن تحقيق التقارب بين الفصائل المختلفة لصالح القضية الفلسطينية؟
- فى فترة من الفترات عندما كنت عضواً فى لجنة القوى الوطنية والاسلامية الفلسطينية منذ 2000 حتى 2005 وكنت اترأس لجنة الصياغة وفيها اعضاء من فتح ومن حماس ومن كل التنظيمات الفلسطينية قاربنا الوصول إلى خطة عمل مشتركة، ولكن للأسف لم نستطع الاتفاق والتوحد فى ذلك الوقت، وهذا هو المطلوب الآن، أن نصل إلى برنامج عمل مشترك ليس هو برنامج فتح ولا برنامج حماس ولا منظمة التحرير ولا الجبهة الشعبية، وانما برنامج توافقى بين الجميع، يتضمن مبادئ جديدة للعمل السياسى، ويعرض هذه البرنامج على الشعب الفلسطينى صاحب الولاية للاستفتاء والموافقة أو الرفض، ومن ثم نعود دولة واحدة، ونجرى انتخابات رئاسية وتشريعية ويكون لنا رئيس يتحدث باسم كل الفلسطينيين ورئيس وزراء باسم كل الفلسطينيين، ونعود لما كنا عليه من عام 1995 حتى الانتفاضة عام 2000، هذا هو الحل الوحيد الممكن والحتمى للخروج من هذه الأزمة، ولكن لقاءات المصالحة والأحضان والقبلات فى القاهرة أو الدوحة أو الخرطوم استخفاف بعقل الشعب الفلسطينى، فكيف يمكن التوافق بين حكومة نصفها يعترف بإسرائيل ونصفها الآخر لا يعترف بها؟، وكيف يمكن التوافق بين حكومة نصف وزرائها يخافون من الذهاب إلى غزة والنصف الآخر ممنوع من الذهاب للضفة الغربية، فأى رجل عاقل يصدق أن مثل هذا التوافق قد يستمر.
وأدعو الآن إلى أن نضع برنامج عمل مشتركًا، وهذا ليس بمستحيل، ولن يأخذ وقتًا كما أخذت المصالحة التى لم تتم على مدار 10 سنوات ولن تأتى، وأرى أن أهم شيئين فى هذا البرنامج المشترك تقريبا تم حلهما، وهما إدارة الصراع مع اسرائيل والمطالب الفلسطينية التى توحدت بين الفصائل فى مطلب واحد، وهو إقامة دولة فلسطينية على الأراضى التى احتلت عام 1967.
وأرى أننا تخطينا أصعب حاجتين فى هذا البرنامج المشترك، الأولى هى المؤسسات الشرعية لمنظمة التحرير الفلسطينية، فقد وافقت حماس على الدخول فى مجلس النواب، وأخذت أغلبية، وتريد أن تدخل فى المجلس الوطنى، والآن تقول إنها توافق على دولة فلسطينية فى أراضى 67، وكل ما عدا ذلك كلام غير مهم.
وأشار إلى أن الرئيس الراحل ياسر عرفات عندما اعلن الدولة الفلسطينية عام 1988 فى الجزائر قال الكلام نفسه، وينحصر فى نقطتين مهمتين الا نتخلى عن فلسطين وضرورة عودة اللاجئين، وتساءل مستنكرا ما الذى بقى من خلاف فى فلسطين سوى الحكم؟ فأساس المشكلة ليس أن حماس اكثر وطنية من فتح، ولا أن فتح اكثر تضحية من حماس، فأساس الأزمة كان فقط من يحكم؟ ويبدو- وأنا آسف أن اقول هذا الكلام- أن الطرفين سعيدان بالوضع الحالى، واحد يحكم الضفة الغربية والآخر يحكم غزة، هذا لا يختار للمناصب الا رجال فتح، وهذا لا يختار للمناصب الا رجال حماس، وهذا لا يدفع الا مرتبات فتح، وهذا لا يدفع الا مرتبات حماس.
> فى نظرك ما أساس الخلاف الفلسطينى الفلسطينى؟
تساءل كنفانى ما الذى تبقى من الخلاف الفلسطينى سوى الرغبة فى السلطة؟ فإذا كان الطرفان قد دخلوا المؤسسات الفلسطينية وإذا كان الطرفان يقولان إنهما يريدان دولة فما الذى تبقى من الخلاف سوى أنانية الحكم، وأرى أنه لا خلاف بين فتح وحماس، فهم تتقابلان على الولائم، والمشكلة التى يتكبدها الشعب الفلسطينى الذى يعانى الكثير منذ وفاة الرئيس عرفات، أننا على مدار 13 سنة، لم نتقدم خطوة واحدة فى قضيتنا.
> من وجهة نظرك من هى الحكومة الشرعية فى فلسطين؟
- اليوم ليس هناك شرعية لأى مؤسسة أو قيادة فى فلسطين، فشرعية الرئيس عباس انتهت منذ انتهاء فترة انتخابه من 2004 حتى 2008، وشرعية رئيس الوزراء اسماعيل هنية انتهت منذ أن أقاله الرئيس عباس عام 2007، والمجلس التشريعى الفلسطينى انقسم، وهذا أسقط شرعيته، والسلطة الوطنية الفلسطينية تفاوض وهى تعلم أنها لا تمثل كل الفلسطينيين، فالسلطة الفلسطينية والرئيس عباس الذى هو الشرعية الوحيدة فى فلسطين حتى الآن لا يمثلون كل الفلسطينيين، ودونالد ترامب يعرف ذلك، والاسرائيليون والأوروبيون يعرفون أن الرئيس عباس يتكلم عن الضفة الغربية، وليست لديه سيطرة على قطاع غزة.
وأرى أن هناك شرعية واحدة فقط فى فلسطين وهى شرعية الرئيس التوافقية بما يعنى أن كل الأحزاب والمنظمات والحركات الفلسطينية تعترف بأن الرئيس محمود عباس هو الرئيس، فإذا ظلت فتح فى مشاكلها الداخلية، وسقطت هذه الشرعية فلن يعود هناك ما ينتظر منه الفلسطينيون خيراً.
> ماذا لو نقلت امريكا سفارتها للقدس؟
- الولايات المتحدة لن تنقل سفارتها للقدس، وقد كتبت هذا الكلام فى مقال قبل تسلم ترامب للسلطة، خاصة أن ترامب والقرار الأمريكى بصفة عامة، لا يشكل فيه الرئيس أكثر من 15% فقط، وهناك أجهزة ومؤسسات تنفيذية أخرى مثل الكونجرس أو المحكمة العليا، وكل المرشحين الأمريكيين منذ أكثر من 27 عاما كانوا يعدون الناخبين فى برامجهم بنقل السفارة الأمريكية للقدس، ولم ينفذ أحد، وفى عهد كلينتون أقروا بأن المصلحة الأمريكية فى عدم نقل سفارتهم فى اسرائيل إلى القدس، وأصبحت الرئاسة تقدم تقريرا للكونجرس كل 6 أشهر بهذا المضمون، وهذا التقليد سارٍ حتى الآن، وهذه خطوة استعراضية وليست أساسية، فالمساعدات والدعم يذهبان لإسرائيل سواء السفارة فى القدس أو فى تل ابيب، ويجب أن ندرك حقيقة أن الولايات المتحدة هى الداعم الأول والحليف لإسرائيل منذ 1948، ولا يحتاج الرئيس ترامب لنقل السفارة ليحصل على تأييد اسرائيل أو اللوبى الاسرائيلى هناك.
> هل ترى المصالحة قريبة مع تبدل وجهة نظر حماس وتقارب وجهات النظر مع فتح حول الدولة الفلسطينية؟
- بالطبع لا، بل لن تحدث، وتساءل: مصالحة حول ماذا؟ فليس بيننا خلاف، لأن خلافنا مع اسرائيل والأمريكان والدول العربية المجاورة، وهناك فقط مواقف سياسية متضاربة نتيجة البرامج المختلفة للتنظيمات، وأيضا لكون حماس فى جهة والسلطة الفلسطينية وفتح فى جهة أخرى، حيث تنتمى كل منهما إلى حلفين دوليين مختلفين، بما يعنى أننا كفلسطينيين منقسمون إلى جبهتين، إحداهما تتبع حلفًا تقوده الولايات المتحدة مثل مصر والسعودية والأردن وهكذا، والأخرى فى حلف تقوده روسيا مثل ايران وحزب الله وسوريا وهكذا، والفلسطينيون هم أضعف الأطراف فى الحلفين، ولا نستطيع أن نعترض أو نقرر، ولم يعد هناك فى التاريخ الحديث اتفاقيات ثنائية، كما حدث بين مصر واسرائيل فى كامب ديفيد، أو فلسطين واسرائيل فى اتفاق أوسلو، انتهى هذا الموضوع وظهرت الآن اتفاقات اقليمية، فمثلا إذا رغبنا فى أن ترفع اسرائيل الحصار عن غزة فقد يكون الثمن مثلا وقف تحقيق المحكمة الدولية مع سوريا بشأن الأسلحة النووية، أو منع ايران من التدخل فى البحرين، وأقصد أن القضية الفلسطينية ليس لها حل بمفردها، فثمة مجموعة اشياء، أمريكا تريد تركيا فى موقف معين، وروسيا تريد ايران فى موقع معين، وهنا يحدث التبادل والتنازل، ونحن التبادل والتنازل، فلسنا أعضاء عاملين فى تلك الأحداث، بل نحن أعضاء على باب الله.
> كيف مات الزعيم عرفات وهل قتل؟
- من تاريخ وفاة الرئيس ياسر عرفات قلت إن اسرائيل هى التى تسببت فى وفاته بوسائل عديدة، فهى بلا شك حاولت مرات عديدة اغتيال ياسر عرفات منذ أن تولى مقاليد قيادة الشعب الفلسطينى، وفى فترة الحصار هى التى منعت عنه الرعاية الطبية ومنعته من التحرك والعودة الى غزة، والبقاء مع شعبه امام المستوطنين، ولا شك فى ان اسرائيل هى التى تسببت فى قتل الرئيس عرفات.
> ما الفرق بين ياسر عرفات ومن جاء بعده على طريق النضال الفلسطينى؟
- ياسر عرفات هو الزعيم التاريخى والخالد لفلسطين، فقد كان زعيما قبل أن يكون رئيسا وبدعم جماعى تقريبا، وسأروى لك قصة عن المرحوم المناضل الصلب جورج حبش الأمين العام الأسبق للجبهة الشعبية الفلسطينية، وكان صديقاً لأخى الشهيد غسان كنفانى، وقال لى يوماً: أنا اعترف بالحقائق، ولا أعيش فى الأحلام، فعندما أذهب إلى معسكر اللاجئين الفلسطينيين فى لبنان يرتبون لى اللقاء على مدار اسبوعين أو ثلاثة، ويدعون الناس كى أخطب فيهم، فيحضر 3 آلاف أو 4 آلاف ليسمعونى، أما ياسر عرفات إذا مر بسيارته أمام المخيم يجتمع 50 الف شخص ليشاهدوه، هكذا كان ياسر عرفات الزعيم، وباعتراف مناضل مثل جورج حبش الذى عايشه، لذلك ياسر عرفات آخر زعيم فلسطينى، وبعده بدأ عصر الرؤساء، ولا يجوز أن نقارن ياسر عرفات بأى شخص آخر لأننا سنظلم هذا الشخص.
وأضاف كان عرفات يحارب العالم من أجل وحدة الشعب الفلسطينى، يتفاوض باسمه ويهدد باسمه ويسالم باسمه، وكان العالم يحترمنا، والآن لا أحد يجرؤ على أن يقول إنه يتكلم باسم الفلسطينيين، ومع احترامى للرئيس عباس وقيادات حماس لا يستطيع أحد منهم أن يزعم أنه يتحدث باسم الفلسطينيين، فالرئيس عباس عندما ذهب الى ترامب كان يمثل نصف ما تبقى لنا من الأرض التى تبقت منذ عام 1948، ونصف السكان الفلسطينيين على تلك الأرض، وعندما يذهب الأخ مشعل أو اسماعيل هنية إلى أى بلد فهو لا يمثل إلا 15% من الأرض التى بقيت، ونصف السكان الذين يعيشون عليها، ولا أحد منهما يستطيع أن يقول إنه يتحدث باسم الفلسطينيين جميعا، وأرى أن الخلاف الفلسطينى الآن له الأولوية عن أى شىء حتى المفاوضات مع اسرائيل، فأنت لا تستطيع أن تتفاوض وأنت مقسم، فليس فى تاريخ البشرية كلها تجربة نجاح لشعب مقسم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70029
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

مروان كنفاني: من أوسلو إلى صراع "فتح" و "حماس" Empty
مُساهمةموضوع: رد: مروان كنفاني: من أوسلو إلى صراع "فتح" و "حماس"   مروان كنفاني: من أوسلو إلى صراع "فتح" و "حماس" Emptyالإثنين 20 نوفمبر 2017, 9:18 pm

مروان كنفاني يكتب عن المصالحة الفلسطينية وتحديات المرحلة الجديدة.. "البرنامج السياسي الفلسطيني المشترك"


مروان كنفاني: من أوسلو إلى صراع "فتح" و "حماس" 9_1511203785_677



 القاهرة: كتب النائب الفلسطيني السابق مروان كنفاني، مستشار الرئيس الشهيد ياسر عرفات, دراسة بعنوان "المصالحة الفلسطينية وتحديات المرحلة الجديدة.. البرنامج السياسي الفلسطيني المشترك".
وجاءت الدراسة التي وصلت "أمد للإعلام" مساء اليوم الاثنين, على النحو التالي:
تمهيد
لم يتوقف الشعب الفلسطيني العربي يوماً واحداً خلال القرن الماضي عن المقاومة والنضال للحفاظ على أرضه وحقوقه وتراثه، ولا بخل يوماً عن تقديم الدم من أجل الحرية والاستقلال والعودة لبلادهم وأرضهم وبناء دولة فلسطينية ذات سيادة، تتحمل مسؤولياتها في محيط انتمائها العربي والإسلامي للمساهمة في بناء شرق أوسط آمن ومستقر.
 الشعب الفلسطيني العربي الذي أدماه الاحتلال الصهيوني الاستيطاني، والذي يودع كل يوم شهداء، ويحنى على جرحى، ويحنّ لحرية الأسرى، ويتوق لعودة لاجئ.  هو نفسه الذي أنهكته ايضاً الانقسامات الفلسطينية، والاقتتال والتراشق بالكلام والرصاص، تلك الممارسات التي تمزّق آماله وأحلامه وجهوده في سبيل وضع نهاية لعذاباته الكثيرة والقاسية، والحفاظ على مستقبل أجيالهم وشبابهم. إن الانقسام الفلسطيني الذي تعددت وطالت أيامه وسنيه، بغض النظر عن أسبابه ومسؤوليته ومبرراته، هو نقيض النجاح، وجزء أساسي من حالة الضعف التي تغلّف جهد شعبنا النضالي على الأرض وعمله السياسي في أروقة الدبلوماسية والتفاوض.
يشهد العالم اليوم، ومنذ عدة سنوات مضت، تغيرات خطيرة في منطقة الشرق الأوسط ومحيطه العربي، تغيّرات سياسية ومجتمعية سوف تترك بصماتها على مجمل أو العديد من الكيانات السياسية في المنطقة. ولسوف تستمر في بلادنا الحروب الصغيرة، وتنافر القوميات.  والأديان والمذاهب، والهجرة والدمار، وتفسّخ الشعوب وانقسامها. كما سوف  يعاد تشكيل دول وكيانات سياسية بما يتوافق مع سيطرة وتفرّد القوى الأعظم،  ووفق الروابط والأسس  الجديدة التي ستفرض نفسها على أرض الواقع. سوف تشهد الفترة الحالية أن الدول الراسخة ذات القيادة الحاسمة والشعب الموحّد هي فقط القادرة على فرض وجودها واستمرارها. لن يكون في هذا العالم الجديد مكاناً لضعيف أو وطناً لشعب مقسّم. لقد كان من حسن الطالع لشعبنا الفلسطيني أن تقوم دولة على ذلك الغرار، مصر العربية، في جمع وتقريب وجهات نظر وتعاون واتفاق الأحزاب والفصائل الفلسطينية.      
لقد أيّدت شعوب وحكومات الدول العربية والإسلامية، والأغلبية الغالبة من شعوب وحكومات العالم، إشراق شمس الأمل في منتصف شهر سبتمبر/أيلول من عام 2017، نتيجة لمبادرة جديدة واعدة بعودة اللحمة إلى الأرض والشعب الفلسطيني. وفيما عدا الأطراف الفصائلية الفلسطينية التي اجتمعت وقررت واحتفلت فإن رد فعل الشعب الفلسطيني في أماكن تواجده داخل وخارج الوطن الفلسطيني قد اكتسى  بتحفظ كبير ومفهوم، نتيجة لفشل كل محاولات التصالح خلال عشرة أعوام مضت. إن الحقيقة الكامنة وراء هذا التطور المذهل تشير بوضوح الى أن هذه المصالحة ليست من صنع الفصائل الفلسطينية المتصارعة ولا من تخطيطها، وعلى تلك الفصائل اليوم أن تتحلى بالشجاعة والحكمة، وأن تلجأ لقواعد ثابته وعادلة وممكنه، وربما جديدة، لاستعادة ثقة واهتمام ودعم الشعب الفلسطيني.
العمل الحقيقي أمام الفصائل  الفلسطينية  لم ولن ينتهي بمجرد إبداء رغبتهم في التوصل إلى صيغة مصالحة، بينما يشهد شعبنا والعالم تعثرهم في الاتفاق على البند الأول، والأسهل، في قائمة بنود طويلة وشائكة. إن التصريحات والإدانات والاتهامات التي رافقت الجهود لإعادة فتح وتيسير قواعد مرور المواطنين عبر معابر قطاع غزة، والتي تضمنت عبارات العار والخيانة والطعن في الوطنية التي صدرت من نفس المتحدثين الذين بشّروا وهللوا لاتفاق القاهرة، قد يكون بشير يأس في عودة للمنهج الذي اتصفت به علاقات الفصائل الفلسطينية إبّان العقد الماضي.  نحن اليوم لا زلنا على أول طريق التحدي الحقيقي الذي يتطلب من الجميع التوصل إلى أرضية عمل مشترك ثابته تؤهل القوى السياسية الفلسطينية الموحّدة من التعاون والتفاهم من أجل إيجاد حلول فاعلة  تقود إلى تحسين وتقوية الموقف السياسي والنضالي الفلسطيني على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي. إن أول المهمات في هذا السبيل هو ادراك  الحقائق التي يواجهها عملنا ونضالنا ومن ثم التعامل معها بالعقل والإدراك وليس بالشعارات والأماني.
إن الاستمرار في متاهة العمل الفصائلي المنفرد والمعادي لبعضه البعض قد أفقدنا أيضاً، كشعب فلسطيني، تقدير العالم وثقته ودعمه، تلك التي كسبناها جيلاً بعد جيل بنضالنا وتضحيات شعبنا. إن التوافق في الوسائل والأهداف في معارك الفترة القادمة، ليس فقط ضرورة للعمل الفلسطيني الداخلي، بل هو ضرورة لازمة أيضًا لعملنا العربي والإقليمي والدولي. إن الوضع الدولي اليوم يجعل شعبنا واثق بإيمان بأن شعوب العالم وغالبية دولها تريد وترغب في مساعدتنا، والاعتراف بحقوقنا، ولكن ذلك يتطلب أن نساعد نحن أنفسنا، ونرحم شعبنا من المزيد من خلافنا واقتتالنا والولوغ في دم بعضنا البعض.
تحكم اليوم  منطقة الشرق الأوسط حقائق جديدة ومعقّدة سوف تؤثر وتحدد  أبعاد الممكن والمستحيل لدول وشعوب المنطقة بما فيها نحن الفلسطينيين، حقائق واضحة وملموسة يجب أن نتجنّب عواقبها، حقائق واقعية نابعة من الماضي البعيد والقريب وتطوّر الأوضاع الإقليمية والدولية والخلل في توازن القوى الذاتية والتحالفات. إن التعامل مع حقائق الواقع هو جزء من استراتيجية النجاح وتحقيق الأهداف، وقد مارسناه نحن الفلسطينيون وقياداتنا السياسية مراراً وتكراراَ في مسيرتنا النضالية الشاقة، على كل الصعد الداخلية والخارجية والاجتماعية والاقتصادية والمالية، واتفاقي "أوسلو" و"التهدئة" دليلان لا يقبلان الدحض عن ذلك.
حقائق الواقع الفاسطيني والإقليمي والدولي
إن تجاهل حقائق الواقع الذي تعايشه المشاكل الدولية المختلفة سوف يقود للفشل في التوصل لحلول لتلك المشاكل والنزاعات، وتدفع بالتالي القوى العالمية الفاعلة بالتوافق على إبقاء الأمر الواقع لتلك القضايا. إن عدم التوصل إلى حلول في شبه الجزيرة الكورية منذ خمسينات القرن الماضي كرّس انفصال الكوريتين حتى وقتنا الحاضر، وكذلك فرض في بقاء انقسام جزيرة قبرص منذ بداية سبعينات القرن الماضي، واستمر تقسيم ألمانيا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية لمدة نصف قرن من الزمن، ولا زالت مأساة الشعب الفلسطيني تنزف دماً منذ أكثر من سبعة عقود، ولا حديث اليوم عن انفصال جزيرة تايبيه عن الجسد الصيني في منتصف القرن الماضي، كل هذه النزاعات التي فرضها الواقع وموازين القوى انتهت إلى قبول دولي بإبقاء الوضع الراهن على حاله، الحل الأسوأ لشعوب هذه الدول وقضاياها.  
تتمثل حقيقة الواقع الأولى في أن الموقف العام للقضية الفلسطينية منذ أكثر من ثلاثة عشر عاماً مضت، يبدو وكأنه وصل إلى طريق مسدود، ثلاثة عشر عاماً على استشهاد الرئيس ياسر عرفات لم تتمكّن فيها القيادات والفصائل والأحزاب التي تقود العمل السياسي والنضالي، من تحقيق نجاح واحد على كافة الصعد السياسية والنضالية والمجتمعية. ولم تتفق تلك القوى على أهداف لعملها ونضالها، ولا أضافت متراً مربعاَ من الأرض، ولا فازت بقرار واحد منصف من الأسرة الدولية، ولا أرست قضية بلادنا على أولويات برنامج للأمم المتحدة. لقد تراجع اهتمام الدول العربية والإسلامية بالقضية الفلسطينية، وتراجع دعم دول العالم لنا. لم تفلح تضحيات المقاومة ولا جهود السياسة من تحريك اهتمام وسياسات  دول عربية أو إسلامية أو أجنبية، ولا رفعت مستوى حياة وعمل مواطني الضفة الغربية أو أهالي قطاع غزة، ولا أمور معيشتهم وحقوقهم وأمنهم.
لقد حقق النضال الفلسطيني إنجازات كبيرة وصعبة في الفترة منذ نكبة عام 1948 وحتى إعادة اعتراف العالم، في عام 1994، بوجود وشرعية الشعب الفلسطيني على بعض الأرض الفلسطينية، وإقامة السلطة الوطنية الفلسطينية في تجربة قلّ مثيلها في تاريخ الشعوب لبعث شعب ووطن وكيانية سياسية بعد شطبهم لأكثر من نصف قرن من قائمة دول وشعوب العالم، ولقد تم ذلك بسبب وحدة الشعب والقيادة، ووحدة الأهداف والمطالب، ووحدة التحالفات الإقليمية والدولية، وتواجد الجماعية الموحّدة المستندة لبرنامج سياسي فلسطيني مشترك هو ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية، ذلك الميثاق الذي تمت الموافقة عليه من كافة الفصائل الفلسطينية المتواجدة في تلك الفترة على الساحة، الأمر الذي لم يستمر العمل به منذ بداية الاختلاف الفلسطيني في بداية تسعينات القرن الماضي، حيث استُبدل البرنامج الموحّد ببرامج حزبية متناقضة ومتصادمة في الاستراتيجية والعمل والأهداف، ليبدأ بعدها التراشق بالكلام والاتهام ومن ثم الصدام بالسلاح والرصاص الذي قاد للانقسام والتفرّق الحالي. 
 تتلخّص أسباب هذا التراجع بالفلسطينيين أنفسهم، قيادات الفصائل والأحزاب الفلسطينية المتناحرة والمتعادية التي قادت وتقود العمل الفلسطيني منذ الثلاثة عشر عاماً الماضية. إن أخطر نتائج الانقسام بين شطري الأرض والشعب تتمثّل في أن ذلك الانقسام سوف يؤدي إلى انقسامات جديدة، ليس بين حركتي فتح وحماس بل في داخل كل من الحركتين.  يتحتّم علينا الاعتراف بأن الفترة الوحيدة التي تم فيها تحقيق وحدة وجماعية القيادة الفلسطينية خلال مسيرتها الطويلة منذ عام 1917 وحتى وقتنا الحاضر، كانت في تلك السنوات التي توفرت فيها وحدة البرنامج  السياسي ووحدة القيادة والأهداف والعمل. لقد كلّمنا كفلسطينيين العالم كله في تلك الفترة، أصدقاء وأعداء، بصوت واحد لشعب واحد وبرنامج واحد، وتعاملنا مع العالم جميعه بقرار واحد وموقف واحد. خضنا بجمعنا معاركنا وتحدياتها، موحّدين ومتحدين، للعبور من عالم اللاجئين إلى واقع المواطنين، من مجموعة بشرية تراكض العالم لاستبدال حقها في بلدها بغمرنا بالمواد الغذائية ومسحوق العدس والحليب، إلي شعب سيد قادر، على أول طريق استرجاع أرضه وحُكم نفسه وصون حقوقه.
لماذا نجحنا بالأمس حيث فشلنا اليوم؟ لسبب بسيط ومقنع وهو أنه كان للقيادة الفلسطينية في تلك الفترة، على اختلاف فصائلها وحركاتها السياسية، برنامج عمل مشترك واحد هو ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية، وسوف نعود لتعزيز موقفنا فيما لو اتفقنا جميعاً على أي برنامج سياسي  مشترك يحوز على موافقة كافة  الفصائل الفلسطينية ودعم الشعب الفلسطيني في مختلف أراضي الوطن والشتات. 
والحقيقة الثانية هي أن  المهمة الأكبر أمام شعبنا اليوم هي التمسّك بما تبقي لنا، ومعركتنا اليوم ليست لاسترداد فلسطين، لأننا ببساطة، ولأسباب ذاتية وإقليمية ودولية، لا نستطيع ذلك. إن معركتنا اليوم هي المحافظة على وحدة الشعب الفلسطيني، ودعم جهوده للصمود، والتمسّك بكل شبر مما لدينا من أرض فلسطينية، والتصدي للاستيطان وسلب الأرض وإقامة المستعمرات على أرضنا، الأمر الذي نستطيع ونقدر عليه. تقول الوثائق والحقائق الإسرائيلية التي تدعمها المصادر الدولية والفلسطينية أيضا، أن حوالي عشرين ألفا من سكان الضفة الغربية يغادرون سنويّاً بلادهم وأرضهم وبيوتهم للاستقرار في بلدان أخرى أو الموت غرقاً في سبيل ذلك. وأن غالبية شباب قطاع غزة يرغبون في الهجرة وترك حياتهم الصعبة واليائسة في بلدهم. لقد حققت الحركة الصهيونية أهدافها عام 1948 ليس بانتصارها علينا بالمعارك العسكرية، بل لأنها نجحت في طردنا من بلادنا، ولو لم تنجح إسرائيل في طردنا من بلادنا في عام 1948 لما كانت هناك اليوم دولة إسرائيل.
إن شعبنا هو جزء من شعوب هذا العالم وهو شريك في تاريخ تجارب تلك الشعوب وخاضع مثلها لأسبابها ومجراها ونتائجها، ونحن لسنا أول شعب يواجه احتلال ولا آخر من تواجهه مثل هذه الظروف والصعوبات، ولا نحن أول الشعوب التي اكتوت بخلافات وصدامات وحروب داخلية. ولكن التاريخ والواقع يقول لنا بصراحة أنه لم ينتصر شعب منقسم ومتعدد الأحزاب والقوى المتنافرة الأهداف والبرامج مهما عظمت تضحياته. وإذا نظرنا خلفنا لسنوات كفاح الشعوب التي ناضلت من أجل التوصل لاستقلالها والتخلص من الاحتلال لأدركنا سبب نجاحها وازدهارها. هل استقلت وتحررت الدول العربية المحيطة بنا ودول العالم الثالث التي ننتمي إليها بقيادات وقوى متعددة ومتعادية؟ وكيف توصلت كل تلك الدول لعمل جماعي متناسق بين قوى وطنية متعددة الرؤى والاتجاهات؟ هل بالإصرار على مواقفها وقناعاتها ورفض الآخر وما يؤمن به؟ هل بالاتهامات المتبادلة والتشكيك والتخوين؟ أم بالتوصل لنقاط الاتفاق، والاتفاق على نبذ الخلافات، والعمل يداَ بيد من  أجل تحقيق تقدم وتغيير لواقع مغرق في البؤس والألم.
الحقيقة الثالثة تفرض علينا اليوم أن نتحرّى عوامل قوتنا الحقيقية كفلسطينيين والتي تدركها إسرائيل أكثر من إدراك الكثير منّا. إن إسرائيل ليست قلقة من حركة فتح ولا حركة حماس، ولا تهاب اسلحتهما ولا تهديدهما، وهي تعرف أننا مهتمون ومنشغلون بخلافاتنا أكثر من اهتمامنا بحربها ومقاومتها، وتبدو سعيدة بذلك. إن عامل القوة الفلسطينية الأساسي ليس متعلقاً بقدراتنا العسكرية، لأن إسرائيل قادرة على  مواجهتها والتعامل معها كما هو الحال الذي نعيشه اليوم. علينا أن ندرك ما أدركه قبلنا الرئيس مانديلا في جنوب أفريقيا إبّان صراعه مع النظام العنصري، وأدركه المهاتما غاندي في الهند أثناء مقاومته للاستعمار البريطاني، وما أدركه قادة مصر وسوريا والأردن في سبعينات القرن الماضي، والذي أدركه الرئيس المؤسس ياسر عرفات بعد إثبات الشعب الفلسطيني وجوده وحقه، وما أدركه قادة حركة حماس بعد جولات باسلة وتضحيات عزيزة، جميع هؤلاء القادة قد أدركوا أن الاقتصار بالعمل على ساحة العمل العسكري وحده هو خيار المستعمر والمستوطن والمحتل وليس الوسيلة الناجعة للضحية  والمستضعف.
إن عمل حركات التحرير العالمية على الأرض لم يبدأ بالتفاوض والمبادرات، ولكنه ابتدأ بالسلاح والحرب والدم والموت من أجل تثبيت عناصر القوة وإرغام المستعمر على دفع ثمن الاحتلال. ولكن توصل هذه الحركات لحلول واتفاقات مع مستعمريها قد تم ويتم دائماُ باتفاق الأطراف على التفاوض المباشر أو غير المباشر،  وهكذا فعلنا نحن. لم نعد في حاجة كفلسطينيين لإثبات غضبنا ورفضنا، فتاريخنا مفعم ينطق بتصدّينا بصدورنا المشرعة للممارسات الوحشية ضد شعبنا، وتضحياتنا بدماء عزيزة وغالية يعرفها العالم ويشعر بها ويقدّرها ويتعاطف معها. سبعون عاماً مضمّخة  بدمائنا وجروحنا وشهدائنا ومعتقلينا أوصلتنا اليوم لقلب وعقل العالم بأسره.
العامل الأساسي للقوة الفلسطينية في صراعها مع قوى الاحتلال والاستيطان الإسرائيلي، الذي أثار قلق القيادات الإسرائيلية المتوالية منذ ما قبل إنشاء دولة إسرائيل، وأصبح أهم الأهداف الإسرائيلية في حرب إنشائها وحروبها التالية ولا زال حتى الوقت الحاضر، هو بقاء الفلسطينيين على أرضهم، وأن يكون لهم صيغة كيانية سياسية منظّمة لحكمهم وإدارة شؤونهم. ومن الطبيعي أن يكون لنفس الموضوع الذي يثير قلق الإسرائيليين أولوية في استراتيجية أية قيادة فلسطينية. إن الوجود الفلسطيني على أي جزء من أرض فلسطين يمثّل عامل القوة الفلسطيني الأخطر والأكبر. إن هذا العامل هو وحده الأمل لأي انتصار حقيقي في المستقبل وهو الذي يقود لإمكانية تحقيق الأهداف الشرعية للشعب الفلسطيني. الوجود الفلسطيني على الأرض الفلسطينية هو عامل القوة الأكبر والأهم لدى الفلسطينيين سواء في أراضي 1967 أو أراضي 1948،.
إن دعم التواجد والوجود الفلسطيني على ما نسيطر عليه اليوم من أرض فلسطين هو السبيل الوحيد الذي سيمكننا من استكمال تحقيق كافة أهدافنا الشرعية في المستقبل.  لقد كان تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964 خطوة متقدمة عن سابقتها حكومة عموم فلسطين، التي اقتصر الاعتراف بها على عدة دول عربية وإسلامية.  بعد سنوات قليلة من إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية وبقيادة فلسطينية فاعلة وموحّدة، حققت منظمة التحرير الفلسطينية بالدم والشهداء الحصول على  الاعتراف العربي والدولي. شكّل الاعتراف العربي ومن ثم الدولي بمنظمة التحرير الفلسطينية مجرد إنجاز سياسي معنوي للفلسطينيين حيث أنه لم يكن لم يكن مرتكزاً على أرض فلسطينية بينما حقق إنشاء السلطة الوطنية المستقلة عام 1994 الوجود السياسي الفلسطيني الملموس على الأرض، واكتسب اعتراف دول العالم بأسرها بالدولة الفلسطينية بما فيها الولايات المتحدة وإسرائيل، ربما ليس على كل الأرض التي يريدها الفلسطينيون، أو السيادة الكاملة التي يطمح لها ويستحقها الفلسطينيون،  ولكنها مثّلت في حقيقتها أول إنجاز في تاريخ منطقة الشرق الأوسط لوجود كيان فلسطيني سياسي على جزء من الكل الذي يعتبره الفلسطينيون بلادهم.
ترتبط أهمية وأولوية عامل دعم الوجود الفلسطيني الحالي على أرضه بشكل لصيق وثابت بوجود كيانية سياسية تمثّل وتعكس صورة واضحة لمضمون معنى الدولة والشعب الفلسطيني. لقد كان طمس هذا العامل هو هدف المشروع الصهيوني الإسرائيلي منذ البداية، والذي عبّرت عنه رئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا ماير في سؤالها الاستفساري المريب حين قالت "هل هناك شعب فلسطيني؟ أين هو الشعب الفلسطيني"، كانت رئيسة الوزراء تدرك تماماً أن هناك مئات الألاف من الفلسطينيين في الأراضي التي احتلتها إسرائيل وفي الضفة الغربية وقطاع غزة ومخيمات اللاجئين في البلدان العربية المجاورة، ولكنها قصدت أنه ليس لهم دولة أو دويلة أو كيانية سياسية معترف بها دولياً، توحّدهم وترعاهم وتتكلم باسمهم. الأمر الذي أوضحته بجلاء بعد عقود من الزمن وزيرة القضاء الإسرائيلية إيليت شاكيد بقولها "لا يوجد شيء اسمه دولة فلسطين.. ولن تكون"
لقد تبيّن هذا الهدف الخبيث بجلاء في ممارسات إسرائيل منذ إنشائها لسياسات التهجير والهدم والطرد وغرس المستوطنات والمستوطنين في أرضنا الفلسطينية، وظهرت حقائق نواياها بعد تأكدها من عزم الرئيس الراحل عرفات على تحويل "السلطة الوطنية الفلسطينية" التي تضمّنها اتفاق أوسلو إلى "دولة فلسطينية". كانت ولا زالت إسرائيل تعتبر أن السلطة الوطنية الفلسطينية والجهود التي تتم لإرسائها أساسًا للدولة الفلسطينية، هي عدوها الأول. ولقد صعّدت إسرائيل مواجهتها للانتفاضة الفلسطينية في السنوات الأولى من هذا القرن إلى حرب تدميرية شاملة ضد السلطة الوطنية الوليدة ورئيسها ومؤسساتها وأجهزتها الشرطية والأمنية، وأكملت إسرائيل تحضير المسرح لقسمة الشعب والأرض الفلسطينية، وبناء جدار الفصل الذي كان يهدف لمنع أية إمكانية مستقبلية لإعادة وحدة الأرض والشعب. إن إسرائيل لا تخشى  ولا تمانع من أن يكون للفلسطينيين حكم ذاتي منقسم، ولا يرعبها تواجد قطعة مما تبقّى من أرض بلادنا تحت حكم حركة فتح وقطعة أخرى تحت سيطرة حركة حماس، لأن هذا الوضع، هو البديل المؤكد لما تخافه وتخشاه إسرائيل وهو الدولة أو الكيانية الفلسطينية التي تمثّل وجود ووحدة وآمال الفلسطينيين الموحدين في شعب واحد على أرض موحّدة.

....يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70029
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

مروان كنفاني: من أوسلو إلى صراع "فتح" و "حماس" Empty
مُساهمةموضوع: رد: مروان كنفاني: من أوسلو إلى صراع "فتح" و "حماس"   مروان كنفاني: من أوسلو إلى صراع "فتح" و "حماس" Emptyالإثنين 20 نوفمبر 2017, 9:18 pm

.... تابع


الحقيقة الرابعة تتعلق بماهية وحقيقة الخلاف بين الفصائل والأحزاب الفلسطينية المعاصرة؟ وما هي أهميتها؟  وإذا كانت كما قيل لنا في حينه من أنها تمثّل مبادئ الحياة والموت التي لا يمكن التنازل عنها ولا التفريط بها، فلماذا يتم التخلي عنها اليوم بهذه السرعة والسهولة؟
لقد استغرق حركة فتح ثلاثين عاماً لقبول التفاوض مع إسرائيل والتوصل إلى اتفاق اسمه "اتفاق أوسلو". حقق ذلك الاتفاق المُختلف عليه أرضية تمكّن الفلسطينيون فيها من إقامة كيانية سياسية، كما نالوا معها اعتراف العالم بوجودهم السياسي. كان ذلك بالنسبة للقيادة الفلسطينية في ذلك الوقت نقطة بداية النضال لتحسين شروط الاتفاق على الأرض. لم تستغرق حركة حماس تلك السنوات الطويلة التي انتظرتها حركة فتح لقبول التفاوض غير المباشر مع إسرائيل، وتوصلت لاتفاق مع إسرائيل بوساطة غربية اسمه "اتفاق التهدئة". من ثم  أعلنت مؤخراً عن استعدادها من حيث المبدأ قبول لدولة فلسطينية على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، بعد حوالي عشر سنوات فقط من تسلمها مسؤولية القيادة في قطاع غزة. وأعلنت حركة حماس ايضاً عن تفكيرها في الانضمام للمجلس الوطني الفلسطيني، أعلى سلطة تشريعية في منظمة التحرير الفلسطينية  التي لم تعترف بها حركة حماس حتى الآن. ورغم ذلك فقد فشلت الحركتين الرائدتين لأكثر من ثلاثين عاماً على ظهور حركة حماس على ساحة النضال الفلسطيني، من التوصل لاتفاق بينهما.
في تغيّر جذري لذلك الوضع الذي استمر حوالي ثلاثة عقود طويلة، تشهد الساحة الفلسطينية في المرحلة الحالية تطوّر شجاع وإيجابي وجدير بالاهتمام والتقدير أطلقته حركة حماس من خلال قراراتها الجريئة والمسؤولة حول التوصل إلى مصالحة والتفكير في الانضمام إلى عضوية منظمة التحرير الفلسطينية  والمشاركة في المجلس الوطني الفلسطيني، وإعلانها بأنها تدرس الموافقة على قيام دولة فلسطينية على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 بما فيها القدس العربية، وتهدئة علاقاتها مع الدول الغربية والأسرة الدولية، وتثبيت ودعم تحالفاتها العربية والإقليمية، واستعدادها للتعاون في سبيل تحسين الأحوال في قطاع غزة، شكّلت هذه المبادرة بداية وليس نهاية لحركة حماس، كما أن خطوات الاستجابة والتجاوب المسؤولة من قبل حركة فتح كانت ايضاً بداية جديدة لحركة فتح المتفتحة لمتطلبات الساحة والزمن. إن نبذ الانقسام والصدام هو في مصلحة ومستقبل الحركتين الفلسطينيتين وليس نهاية لهما أو لأحدهما.
والحقيقة الخامسة هي إدراك الغالبية العظمى من الفلسطينيين في الوقت الحالي، وبعد تجربة الانقسام المؤلمة، بأن الشعوب لا يمكن أن تنتصر إلاّ بتوحد القوى والقيادات والأهداف تجاه الاستعمار والاستيطان والبطش، وتاريخ شعوب العالم واضح في هذا الشأن ولا يقبل تأويل أو تحريف. لم يتم تحرير شعب من شعوب العالم إلاّ باتفاق أحزابه وفصائله على "برنامج سياسي مشترك" يتم وفقاَ لبنوده وأهدافه المتفق عليها طوعاً، النضال المقاوم المسلّح وكذلك الجهد السياسي والتفاوضي الدبلوماسي. إن التوصل للبرنامج السياسي المشترك لا يتم تالياً لتحقيق "المصالحة" أو "حكومات التوافق" اللتان لا يمكن تحقيق نجاح عملهما وفاعليتهما إلاّ بالتوصل مسبقاً لبرنامج سياسي فلسطيني مشترك، إن شعبنا لم ينس بعد فشل حكومتي توافق خلال الفترة الماضية  لهذا السبب بالذات.
 لماذا لم تنجح أي محاولة خلال العقد الماضي في إطار مفهوم المصالحة والتوافق والشراكة من تحقيق ما يريده الشعب الفلسطيني وتستوجبه ظروف الصمود والنجاح؟، والإجابة تتلخص في أن حركتي فتح وحماس كانتا مصرّتان على التمسك كلّ ببرنامجها السياسي، هذين البرنامجين اللذين ليسا فقط مختلفين في كافة الأوجه ولكنهما أيضًا متعارضين ومتصادمين ومعاديين لبعضهما أيضًا.
إن  حتمية التوصل لـ "برنامج سياسي مشترك" تفرض نفسها كأولوية لا بد منها، قبل تشكيل حكومة وفاق أو اتفاق، وقبل الذهاب لانتخابات عامة رئاسية وتشريعية، وقبل العودة لمفاوضات مع إسرائيل أو الخضوع لمفاوضات إقليمية كما يبدو في الأفق.  نحن اليوم بالقيادة الجديدة والجريئة لحركة حماس، والاستجابة المسؤولة من الرئيس عباس وحركة فتح، أقرب ما نكون للتوصل لبرنامج سياسي بين كافة التنظيمات والفصائل الفلسطينية.
والحقيقة السادسة هي أننا كفلسطينيين وفصائل سياسية متعددة لن نُعفى من المشاركة، خياراً أو غصباً، من التفاوض مع إسرائيل بشكل مباشر أو غير مباشر. لم يعد هناك وجود اليوم لاتفاقات سلام منفرد بين دولتين متعاديتين، على غرار اتفاقات كامب ديفيد ووادي عربة وأوسلو. السيطرة اليوم والاتفاقات هي اختصاص احتكاري لقيادة التحالفات الدولية والإقليمية، وتجميع  القوة الموحّدة، السياسية والاقتصادية والعسكرية، لعدد كبير من دول العالم فيما يسمى اليوم بالتوافق الدولي أو التحالفات الدولية، على غرار ما حصل في حرب تحرير الكويت، وتقسيم يوغسلافيا السابقة، وتغيير نظام الحكم في جنوب أفريقيا، وإسقاط نظام الرئيس صدّام حسين والذي تلاه إسقاط نظام العقيد معمّر القذافي. ولو قامت بعض القوى العظمى في حينه بدعم أحد النظامين العراقي أو الليبي، كما تدعم اليوم روسيا النظام السوري، لما كان قد سقط. يجب علينا أن نتذكر دائماً أن شعبنا الفلسطيني كان ضحية مبكرة لمفهوم التوافق الدولي لإنشاء دولة إسرائيل بعيد الحرب العالمية الثانية.
الاتصالات والمفاوضات والاتفاقات لا تفرض حقًا ولا تثبّت تنازلاً لأن ذلك مرتبط بالحتم بتغيّر موازين القوى التي هي في استطاعة الشعوب الحيّة والقادة ذوي الرؤى والإدراك والتصميم وإعمال العقل. إنما الذي يثبّت التنازلات ويقوّيها ويفرض واقعًا من العجز والتخبط هو ضعف وتفرّق وتناحر القيادات والفصائل وضياع الأولويات والتمسك بالرأي والسلطة كما نرى في بلادنا اليوم.
الحقيقة السابعة والأخيرة هي عن تطوّر النظام السياسي والعسكري العالمي، هذا النظام  الذي يتجه نحو العودة مرة أخرى لعالم القطبين، مع اختلاف أساسي عن عالم القطبين القديم الذي استمر معظم سنوات القرن العشرين. عالم القطبين الذي نشهد بوادره اليوم في سوريا والعراق وليبيا وإيران وفنزويلا وكوبا والخليج العربي وفلسطين، والذي سيتبلور ويتطور خلال السنوات القادمة في نفس الاتجاه، هو عالم تعاون القطبين الأعظم بديلاً عن عالم المواجهة المباشرة وتصارع القطبين القديم.
على العكس من إشارات تبلور ريادة الدولتين الأعظم فإن قوى الدول الكبرى في العالم تواجه خيارات أو تطورات تحد من قدراتها أو تتفق مع خياراتها في التعامل مع مشاكل العالم الفسيح. فلقد اختارت الصين تطوير قوتها الاقتصادية الهائلة وتنشيط مشاركتها السياسية الدولية والمحافظة على تأسيس علاقات نشطة مع مختلف دول العالم بديلاً عن استعمال قواها العسكرية  للحفاظ على مرتبتها الثالثة في تقييم القوى العالمية. ويشهد الاتحاد الأوروبي انشقاقات كبيرة وتضارب في المصالح والتحالفات تؤثر سلباً على أي نشاط مشترك أو منفرد للدول الأوروبية، جاد أو ذو أثر في السياسات الدولية. وتواجه دول الخليج العربي مشاكل ومعارك فيما بينها، ويتقلّص يوميّاً نفوذ وأحلام دول إقليمية في التوسع والسيطرة، وتعتمد سياساتها اليوم على مواجهة التغيّرات في مساحات أراضيها الوطنية.
تفرض هذه الحقائق المتعلقة بالسياسات الدولية وتأثيرها نفسها، سلباً أو ايجاباً، على فاعلية عملنا المقاوم والسياسي لنيل حقوقنا الوطنية الشرعية. تقول تلك الحقائق أن هناك توافق دولي يضم الجزء الأكبر من دول العالم بشكل أو آخر، يؤيد بقاء دولة إسرائيل وسلامتها، ويدعم ذلك بكافة السبل التي تمنع تهديدها أو يدعو لإزالتها. إن معظم  دول العالم ايضاً  تتمتع بعلاقات قوية، سياسية واقتصادية وعسكرية وأمنية، مع إسرائيل. أمّا  الرفض والتهديد بين الدول  فلن يتعدى صفحات الصحف وأثير الإذاعات والبرامج التلفزيونية. بالمقابل فإن حقائق الواقع الدولي تبيّن أيضاً أن الغالبية العظمى من دول العالم، بما فيها الولايات المتحدة وروسيا والصين ودول أوروبا، تدعم أو توافق على قيام دولة فلسطينية على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، دولة مستقلة وذات سيادة ومتصلة وقابله للحياة، كما تؤيد أن تكون القدس العربية عاصمة لها، كما أن هناك دعم دولي شامل أيضاً يؤيد من حيث المبدأ عدم شرعية المستوطنات الاستيطانية على أراضي الدولة الفلسطينية.  أمام قيادتنا الموحّدة القادمة خيار واضح  بين التناغم مع العمل مع الشرعية والتأييد الدولي أو الوقوع مرة أخرى ضحية لهذا التحالف الدولي الجارف.
 تبدو السمة العامة في التوجه الدولي نحو التعامل مع القضية الفلسطينية واضحة ومتبلورة في أن أي حل للمشكلة الفلسطينية سيكون  طويل الأمد، متدرجا وتراكميّاً وإقليميّاً، كما سيكون هذا الحل خاضعاً لمفهوم حل الدولتين. إن هذه العوامل، الإقليمية والدولية، تحتّم على القيادة الفلسطينية الجديدة العاملة وفق برنامج سياسي مشترك أن تستفيد من الشرعية الدولية وتؤيد قراراتها المتناسقة مع حقوقنا الشرعية الثابتة. كما يتحتم على القيادة الموحّدة لشعبنا العمل نحو علاقات سلمية وهادئة ومتوازنة مع الدول العربية والإسلامية ودول منطقة الشرق الأوسط والعالم. حان الوقت الذي يجب أن نخرج فيه من التحالفات العربية المتنازعة، والتحالفات الإقليمية ذات الأهداف المتضاربة إلى علاقات متعادلة وطبيعية مع كافة الدول العربية بالذات، تتعلق أساساً وعلى وجه التحديد بالمصلحة الفلسطينية.
خلال التاريخ الطويل والدامي لمسيرة الشعب الفلسطيني لاسترجاع حقه المشروع في بلاده وحريته، اقتصرت مشاركة قياداتنا في الجهود الدولية على قبول أو رفض مبادرات سياسية قدمتها دول أخرى أو الأمم المتحدة، أو شخصيات ومنظمات وجمعيات و معاهد بحثية. لم تتقدم القيادة السياسية الفلسطينية بمبادرة أو اقتراح أو خطة تتضمّن رؤيتها، وشروطها وبرنامجها السياسي للعالم أو للأمم المتحدة أو  الجامعة العربية أو حتى  للفلسطينيين أنفسهم. وقد حان الوقت ليسمع العالم منّا وليس عنّا، حان الوقت لنقول للعالم ماذا نريد، ما الذي نقبله وما الذي نرفضه، بصوت واحد وبرنامج سياسي واحد، وشعب واحد يعيش على جزء من أرض فلسطينية واحدة. نقول للعالم أننا نريد أن نعطى السلام فرصة ولكن ليس على حساب حقوقنا الشرعية.
نقول للعالم أن شعبنا الفلسطيني الموحّد القيادة والأهداف قد عقد العزم على رفع الظلم والقتل والسجن والهدم والطرد ومصادرة الأراضي وسياسات العزل والحصار والحواجز التي مارستها الحكومات الإسرائيلية على شعبنا الصغير والمسالم خلال عقود طويلة. نقول لشعوب وحكومات دول العالم أن شعبنا مصمم لا زال على تحقيق أهدافه الشرعية في إقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة، مسالمة ما سلمت من تهديدات وانتهاكات، عاملة مع شقيقاتها العرب لتطوير مستقبل زاهر وآمن لوجودها وشعوبها ومصالحها، منفتحة على العالم بأسره لخير البشر والبشرية. نخاطب العالم حول حقوقنا الشرعية في التصدي للقرصنة الإسرائيلية الاستيطانية في نهب أرضنا وإقامة المستوطنات والقواعد العسكرية خلافاَ لكل المعايير والقوانين الدولية، وأن شعبنا لن يقبل ولو أٌفني عن بكرة أبيه وجود مستوطنة إسرائيلية واحدة على أرضنا الفلسطينية. نتحدث للعالم عن اللاجئين وعودتهم، ومقدساتنا وحمايتها، وعن مياهنا وصيانتها من النهب، وعن حقنا في حرية التنقل إلى الدول المجاورة، ونشتكي للعالم وضمير الشعوب من عذاب أسرانا ومعتقلينا وجرحانا.
نقول للعالم جميعه مباشرة بان شعبنا المُعذب المنهك يريد أن يعطي السلام فرصة أخيرة، فرصة ترعى فيها الأمم المتحدة وفق مبادئ العدل والشرعية الدولية والإنسانية مفاوضات محددة الأساس والزمن والمدة،  لتحقيق سلام عادل ودائم يعيد للفلسطينيين حقوقهم الشرعية. 
لماذا "البرنامج الفلسطيني السياسي المشترك"، ولماذا الآن؟
لقد تابع الشعب الفلسطيني بترقب وأمل منذ غياب الرئيس الشهيد ياسر عرفات في عام 2004 المحاولات التي تمّت منذ ذلك التاريخ للتوصل لعمل مشترك أوالعودة عن الانفصال، والتي فشلت جميعها لتحقيق أحد الهدفين. اتفاق عام 2005 في ضاحية 6 أكتوبر قرب العاصمة المصرية كان فقط لتمرير الانتخابات التشريعية الفلسطينية بضغوط عالمية ورغبة عارمة من حركة حماس، ونجح في ذلك تماماً. حكومة حماس الأولى التي اقتصرت عليها فقط تركت الساحة لحكومة التوافق الأولى التي كان أهم أنجازتها الإنقسام الفلسطيني. اتفاق عام 2011 الذي يتكرر الحديث عنه حاليّاً قد تمت صياغة بنوده بشكل شامل يسمح للبدء في إجراءات تطوير وتفعيل المؤسسات الفلسطينية السياسية والمجتمعية فيما لو سبق ذلك اتفاق على مبادئ لبرنامج سياسي مشترك.  المحاولة الأخيرة لحكومة مصالحة فلسطينية المتمثلة  بحكومة التوافق الثانية والحالية لم تضف تقدماُ ملموساُ في مهمتها واستغرقت سنوات عمرها، فيما عدا منذ الشهر الماضي  فقط، في خدمة مسؤليات الحكم في الضفة الغربية على وجه التحديد. يبدو فقط ان اتفاق المصالحة الأخير هو الوحيد الذي أعطى الفلسطينيين قبساً من الأمل في إمكانية النجاح.
ساهم مناخ الاحتقان والتوتر الذي ساد الساحة الفلسطينية في العقد الأخير في عدم تحقيق نجاح يسمح ببدء نقاش حول الخروج من الأزمة الخانقة للعمل الفلسطيني. ولكن السبب الحقيقي لفشل كافة تلك المحاولات التي لم يكتب لها النجاح هي تجاهل الوسيلة الوحيدة التي تفتح الطريق أمام التطوير والتفعيل والعمل المشترك، الوسيلة التي تهدف لتحقيق أولاً وقبل كل شيئ إتفاق حول أسس "برنامج سياسي فلسطيني مشترك". ذلك أن القفز لتطوير لتفعيل وتوحيد العمل السياسي والمجتمعي الفلسطيني قبل التوصل لبرنامج سياسي مشترك قد أدخلنا في متاهة لا خروج منها ولا حل لها.  يبدو اليوم أن اتفاق المصالحة الأخير يجابه بعض التأخير في تنفيذه، وتتزايد كل يوم التصريحات التي تحمل الانتقادات والاتهامات بين الطرفين المتنازعين، ويتخوف الكثير من شعبنا أن هذا قد يذهب باتفاق المصالحة الجديد إلى نفس مصير اتفاقات المصالحة والتفاهم السابقة في عامي 2005 و 2011.
تكتسب مهمة إعداد مشروع برنامج فلسطيني سياسي مشترك أهمية قصوى سابقة لأي جهد نحو التوصل لاتفاق المصالحة الفلسطينية. ذلك لأن مشروع البرنامج السياسي هو العمود الفقري لمعالجة كافة القضايا الصعبة، الداخلية والخارجية، التي سوف تواجه جهود تحقيق مصالحة وبرامج عمل حقيقية وممكنة. ويتحتم أن تكون أولوية التوصل لبرنامج سياسي مشترك سابقة لإعادة ترتيب وأسس البعد الإداري والاجتماعي والأمني المنشود، كما أن لها أولوية في موضوع تشكيل حكومة توافق أو حكومة حيادية، وهي أيضاً أساس نجاح انتخابات رئاسية وتشريعية، ويجب أن تكون سابقة لأي اتصالات دولية أو مفاوضات إقليمية، مباشرة أو غير مباشرة.
الشق الأول من مضمون اتفاق المصالحة يتعلق على وجه التحديد بترتيبات الوضع الفلسطيني الداخلي، وهذه مهمة الفلسطينيين أنفسهم. هذا الشق يتضمن الاتفاق على تسليم السلطة وتوحيدها، وفتح معابر قطاع غزة ورفع ا لحصار عن أهلها، وتفعيل أسباب الحياة فيما يتعلق بالماء والكهرباء والوقود، والتعامل مع مشكلة الموظفين. إن كل هذه المشاكل تتعلق بنا وبتعاوننا ورغبتنا في تحسين ظروف الحياة لشعبنا الذي عانى لسنوات طويلة من الكبت والإهمال. المهمة الأكثر صعوبة، هي الشق الثاني من مضمون البرنامج المشترك، وهو توحيد موقفنا ومطالبنا ومقاومتنا لإدارة الصراع مع إسرائيل بفاعلية وتأثير، ومخاطبة العالم بصوت واحد، ورفع مستوى تحالفاتنا الإقليمية، وقد تكون  الصعوبة المتوقعة حول التوصل لاتفاق فلسطيني مشترك حول هذا الشق ناتجة عن كون معظم متطلباته قد أصبحت في المرحلة الحالية شروط إسرائيلية وبعضها دولية أيضاً.
لقد حان الوقت للاعتراف بأن السبب الأساسي لفشل الاتفاقات والمصالحات الفلسطينية هو تمسّك كل من حركة فتح وحركة حماس كلُ ببرنامجه السياسي، وإصرار كل منهما على الانتماء والولاء للتحالفات الإقليمية والدولية المتعادية والمتصادمة، وأن أولويات واهتمامات الطرفين بعملية المصالحة مختلفة ومتضاربة. السلطة الوطنية مهتمة، فيما يتعلق باتفاق المصالحة، ببسط سلطتها على قطاع غزة وبالبعد السياسي وإدارة الصراع مع إسرائيل  استعداداً لاحتمال مخططات القوى الأعظم لجولة مفاوضات جديدة. بينما ترى حركة حماس الأهمية القصوى للاتفاق تكمن في حل مشاكل قطاع غزة المالية والمعيشية وتحميل السلطة الوطنية الأعباء التي يعاني منها سكان قطاع غزة والتي تجاوزت إمكانيات حركة حماس خاصة بعد التطورات الإقليمية والخليجية. من ناحية أخرى تبدو حماس غير مستعجلة لمناقشة البعد السياسي الخارجي لاتفاق المصالحة لأنها تنتمي سياسياً، منذ إنشائها،  للفكرالمعارض للمفاوضات. لقد علمتنا تجارب الماضي  إن حماية ودعم أي حركة سياسية فلسطينية، بما فيها حركتي فتح وحماس، تتأتى من فلسطين وشعبها ولا تتأتى من دول مجاورة قريبة أو بعيدة.
تريد إسرائيل، في تنفيذ سياساتها الاستيطانية  التوسعية، الاعتماد على شروط تبدو شرعية أمام دول العالم، ويجب علينا تفنيد تلك الشروط قبل طرحها من إسرائيل أو أية دولة أخرى. تطالب إسرائيل حركة حماس بشروط تعجيزية عديدة يسقط منطقها وشرعيتها بانضمام حركة حماس لمنظمة التحرير الفلسطينية، حيث أن اتفاق أوسلو قد تم بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية ولم يشترط على أي حزب فلسطيني أو إسرائيلي التقدم بمثل هذا التعهد. ولكن ربما تتم المطالبة مستقبلاً بتطبيق هذه الشروط الإسرائيلية على رئيس دولة فلسطين القادم في حالة فوز حركة حماس بالانتخابات الرئاسية الفلسطينية. 
أمّا موضوع نزع السلاح  فهو موضوع قابل للنقاش، ليس بين الطرفين الفلسطينيين بل بينهما مجتمعين في مواجهة إسرائيل والشرعية الدولية. فإذا كان أمن إسرائيل ضرورة لحياة طبيعية وآمنه للإسرائيليين ويوقف تهديد الفلسطينيين لها، فإن أمن الفلسطينيين أيضاً وحياتهم الآمنة يتطلب وقف تهديد إسرائيل لهم. لأن هناك تهديد إسرائيلي ملموس وواقعي يختلف عن التهديد الفلسطيني المحتَمل. إن حصار غزة والاجتياحات الإسرائيلية المتكررة لها وآلاف الشهداء والجرحى والمهجّرين وتهديم المدن والقري ليس تهديداً محتملاً ولكنه تهديد واقعي ملموس. وكذلك رفض إعادة القدس العربية ومصادرة الأراضي في الضفة الغربية وبناء المستوطنات وزرع الحواجز العسكرية على طرقها وآلاف الأسرى والمعتقلين، كلها  ليست تهديدات محتمله بل تهديدات واقعية ملموسة تستنزف دماء وأرض وحرية الفلسطينيين في كل يوم. الفلسطينيون لا يحتاجون لأسلحة إلاّ للتصدي للتهديدات الإسرائيلية، ومتى انتهت هذه التهديدات سوف لا يكون هناك مشكلة لتخلى الفلسطينيين عن سلاحهم. 
سوف تستمر سياسة إسرائيل التوسعية في المرحلة القادمة  ضد الشعب الفلسطيني وأهدافه الشرعية، وكذلك سياستها الاستيطانية ومصادرة الأرض، والتخلي عن مسؤولياتها التي تبنّتها قرارات الأمم المتحدة واتفاق أوسلو، وإفشال عملية المصالحة الوطنية الفلسطينية، عن طريق استراتيجية جديدة تعتمد على  افتعال تهديدات ومعارك  مع حماس من خلال الشروط التعجيزية التي تتوالى إسرائيل في إطلاقها وتصعيدها كل يوم.  يجب على كل الفلسطينيين والفصائل والأحزاب الفلسطينية حماية حركة حماس والوقوف بجانبها في مواجهة التفرّد الإسرائيلي المخطط له ضدها.
إن القرارات والإشارات الأخيرة الشجاعة لحركة حماس في بلورة أهدافها وتطلعاتها وأهمها رغبتها بالانضمام لمنظمة التحرير الفلسطينية والمشاركة في مجلسها الوطني ومؤسساتها السياسية والإدارية، هي جواز السفر المقبول والمرحب به من الأسرة الدولية والتي لا تستطيع إسرائيل تجاهله أو إنكاره وهي التي ارتبطت مع منظمة التحرير الفلسطينية  باتفاقات شهدها وأيدها ووثقّها المجتمع الدولي بأسره. تحتاج حركة حماس اليوم تأييد "الكل" الفلسطيني، لأننا جميعاً ربما في فرصة أخيرة، مطالبون بالإجابة على أسئلة صعبة ومؤلمة تحتاج لمسؤولية وشجاعة قيادة شعبنا الجديدة الموحّدة.  
سوف يحقق "البرنامج السياسي الفلسطيني المشترك" المبكر، الدخول الآمن لحركة حماس إلى حضن الشرعية الفلسطينية المقبولة والمدعومة من غالبية دول العالم. إن التوصل لبرنامج سياسي فلسطيني مشترك يتضمن انضمام حركة حماس لمنظمة التحرير الفلسطينية، والتزامها بميثاق المنظمة وأهدافه ووسائلها واتفاقاتها، سوف يصعّب مهام إسرائيل، ويجبّ شروطها  المجحفة. إن تحقيق كل ذلك مشروط بالتوصل إلى "برنامج سياسي فلسطيني مشترك" قبل بدء المفاوضات أو القتال بيننا وبين إسرائيل.
ليس من الضروري أن تتوصل الفصائل والأحزاب الفلسطينية في اجتماعهم القادم في القاهرة إلى برنامج سياسي مشترك جامع ومانع لكل التفاصيل والمواضيع. بل المطلوب والمُنتظر من قبل شعبنا هو خطوة ملموسة متقدمة على طريق تحقيق كامل لمصالحة نهائية. خطوة مبادئ محددة ومختصرة تعني الكثير ويمكن البناء عليها وتطويرها، خطوة على غرار مشروع "البرنامج السياسي الفلسطيني المشترك" المرفق.
مشــــروع
البرنامج السياسي الفلسطيني المشترك
الصادر عن مؤتمر القاهرة في 21/11/2017
اولاً: تعتزّ كافة الفصائل والأحزاب الفلسطينية الموقّعة على هذا البرنامج  بمنظمة التحرير الفلسطينية، وتشيد بتأكيد حركة حماس للعمل الفوري لاستكمال توسيع عضوية منظمة التحرير لتشمل كافة الفصائل والأحزاب السياسية الفلسطينية، وتؤكد  كافة الفصائل والأحزاب التزامها بميثاق منظمة التحرير، والمشاركة في كافة أجهزتها وإداراتها السياسية والاجتماعية، واحترامها لمبادئ اختيار رئيسها ومسؤوليها وانتخاب أعضاء مجلسها الوطني.
ثانياً: تعترف كافة المنظمات والفصائل والأحزاب الفلسطينية الموقّعة على هذا البرنامج بشرعية السلطة الوطنية الفلسطينية ممثلة وحيدة للشعب الفلسطيني، وتؤكد أهليتها التنفيذية لإدارة شؤون الشعب الفلسطيني في مختلف تواجدهم على أراضي دولة فلسطين. وتتعاهد كافة المنظمات والفصائل والأحزاب الفلسطينية بالبدء فوراً في تشكيل اللجان اللازمة لتطوير وتفعيل عمل منظمة التحرير الفلسطينية، وفق المبادئ والأسس الواردة في إتفاق عام 2011.   
ثالثاً: تتمسّك كافة المنظمات والفصائل والأحزاب الفلسطينية بحق الشعب الفلسطيني وسلطته الوطنية وفصائله وأحزابه، في المقاومة والتصدي لأي عدوان أو اجتياح خارجي على الأراضي الفلسطينية. ويحتفظ الشعب الفلسطيني وفصائله وأحزابه  بحق الرد بكافة الوسائل دفاعاً عن الشعب والأرض الفلسطينية. 
رابعاً: تتعهد كافة  الفصائل والأحزاب الفلسطينية المنضوية في عضوية منظمة التحرير الفلسطينية بالدخول فوراً في محادثات تتعلق بالتحضير لإجراء انتخابات بلدية وتشريعية ورئاسية في أقرب وقت ممكن، باعتماد صلاحية قانون الانتخابات الرئاسية والتشريعية لعام 2006، وتسليم السلطة في كل أنحاء أراضي دولة فلسطين لحكومة إجراء انتخابات يترأسها أرفع منصب فلسطيني قضائي لمدة ستين يوماً وفق بنود  القانون الأساسي في هذا الصدد
خامساً: تتعاهد كافة الفصائل والأحزاب الفلسطينية على الالتزام بمبادئ فصل السلطات، والحفاظ على الحريات العامة وحقوق المواطنين، وحرية المعارضة والتظاهر السلمي، وتطبيق حكم القانون، وقواعد تداول السلطة.
سادساً: تتعهد كافة الفصائل والأحزاب الفلسطينية بالتعاون والعمل الفوري خلال أسبوعين من تاريخ هذا الاتفاق لتشكيل لجان فنية ومهنية متخصصة، تضم في عضويتها عضو من كل من حركة فتح وحركة حماس، لدراسة وإقرار حلول لكافة المشاكل الاقتصادية والإدارية والمعيشية التي تعصف بالمجتمع الفلسطيني في أقرب وقت ممكن.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70029
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

مروان كنفاني: من أوسلو إلى صراع "فتح" و "حماس" Empty
مُساهمةموضوع: رد: مروان كنفاني: من أوسلو إلى صراع "فتح" و "حماس"   مروان كنفاني: من أوسلو إلى صراع "فتح" و "حماس" Emptyالإثنين 29 يناير 2018, 7:40 pm

مروان كنفاني يكشف آخر تطورات القضية الفلسطينية فى معرض الكتاب 

بالقاهرة



أمد/ القاهرة : كشف النائب الفلسطيني السابق مروان كنفاني، مستشار الرئيس 

الشهيد ياسر عرفات، أنه التقى في القاهرة منذ أيام قيادات من حركة حماس 

طلبوا مشورته مجددا حول سبل استكمال المصالحة الفلسطينية والتي تتم تحت 

الرعاية المصرية وشهدت حلحلة كبيرة منذ أغسطس الماضي ، وأوضح أن الحل 

الأمثل من وجهه نظره هو التوافق على برنامج سياسي قام بوضع مسودته بالفعل 

وتسلميه للطرفين ، موضحا أن الرئيس محمود عباس أبو مازن رئيس توافقي ، 

يخاطبه العالم وكل الفلسطينيين بلقب سيادة الرئيس أمام بقية المناصب الحالية 

لدى فتح وحماس فهي محل خلاف. ولذا يجب أن تتوفر الإرادة الحقيقية للعمل 

الجاد بما يحقق مصلحة الشعب الفلسطيني بتجرد وواقعية ،  جاء ذلك في ندوة 

كتاب كنفانى "جدلية النجاح والفشل"  ضمن سلسلة كاتب وكتاب التي عقدت 

بمعرض الكتاب .
و كشف مروان أن هيكل هو الذي طالبه بكتابة هذ االكتاب واقترح عليه أن يبدأ 

بفصل عن وفاة الرئيس الفلسطيني الذي لا يشك أن إسرائيل هي التي تتحمل في 

جميع الأحوال مسئولية "تغييبه" سواء بالاغتيال المباشر أو منع العلاج. خاصة 

وأن سبق أن تعرض عرفات في بيروت لمحاولة اغتيال بسم كان سيتم دسه عن 

طريق عميل ولا تظهر آثاره المميته إلا بعد ثلاثة أشهر.
أوضح د. أحمد فؤاد أنور أستاذ العبري الحديث والفكر الصهيوني بجامعة 

الإسكندرية والذى أدار الندوة أن الترتيبات المستقبلية والحديث عن صفقة القرن 

والتنازلات التي يجب تقديمها تستوجب منها التعامل الجاد والانتباه إلى أن الأمل 

قائم حتى ولو كانت الولايات المتحدة بقيادة ترامب وإدارته ضدنا وضد مجلس 

إدارة العالم متمثلا في مجلس الأمن (حيث صوت 14 عضوا مؤخرا على 

مشروع القرار المصري مقابل صوت الولايات المتحدة فقط .
 وقال أنور أنه يجب الرد بقوة على من يحاول تزوير التاريخ بترديد أكاذيب 

صهيونية على غرار أن الفلسطينيين باعوا الأرض، أو أن القدس يهودية، أو أن 

أقلية من العصابات الصهيونية هزمت الجيوش العربية في حرب فلسطين حيث 

أن الحقيقة هي العكس تماما.
وأضاف د. فؤاد كما انتصرنا منذ بضعة أشهر في معركة بوابات وكاميرات 

الحرم القدسي وتراجع نتنياهو وحكومته تماما ، ويمكننا المقاومة بالمتاح من 

أدوات بدون أن تنكسر إرادتنا. وأنه بانتهاء مصر من ترتيب أوراقها الداخلية بعد 

ثورتين ورغبة الإدارة الأمريكية الجديدة في الخروج من مستنقع الجمود على 

مدار السنوات الماضية سيستفيد الشقيق الفلسطيني.
 وأشار استاذ العبرى إلى أن كتاب مروان كنفاني، تضمن كتابه ذاتية تكشف حجم 

المعاناة حين تحول محامي ناجح (والد مروان كنفاني) لديه منزله ومكتبه 

ومزرعته الصغيرة في يافا إلى لاجيء ومع هذا نجح مروان في استكمال دراسته 

والتألق رياضيا وسياسيا بسعة الاطلاع والتخطيط الذي رشّد به الغضب ووجهه 

في الاتجاه الصحيح حتى وصل للدائرة الأخيرة من دوائر صنع القرار الفلسطيني 

في مرحلة تاريخية مكنت اللاجئين من العودة وتأسيس الكيان أكبر من حكم ذاتي 

وأقل من دولة، ثم دروس من التاريخ ورؤى مستقبلية.      
في السياق ذاته قال الكاتب الصحفي محمد أبو الفضل في تعقيبه المسهب أنه 

انكب على الكتاب فور حصوله على نسخه ووجده مكتوب بلغة رصينة وخط 

واقعي وأنه يرى أن الكتاب عن الفلسطينيين وللفلسطينيين، وفي نفس الوقت يفيد 

الجميع حتى تكتمل الصورة ، مبديا دهشته من تحقق توقعات مروان كنفاني في 

2007 بشأن الانقسام حيث يبدو ما كتبه آنذاك وأعاد نشره في صدارة كتابه 

الجديد وكأنه مكتوبا منذ أيام ، موضحا أن مروان كنفاني استعرض في الكتاب 

محطات من مسيرة علاقته بياسر عرفات، خاصة فترة الدخول لغزة حيث كان 

السياسي الأول الذي يدخل لغزة مع قوات السلطة الفلسطينية قبيل وصول عرفات 

الذي أجاد لعبة حافة الهاوية في بيروت وأماكن عديدة حيث كان يخاطب 

الجماهير بقوة وصمود وفي نفس الوقت يتفاوض لانتزاع بعض المكاسب للشعب 

الفلسطيني أو حتى لتقليص الخسائر، مستلهما روح صلاح الدين الذي خصص 

لتجربته فصلا في الكتاب بعنوان شجاعة المقاتل وعبقرية المفاوض.
واختتم د. أحمد فؤاد الندوة التي حضرها طارق قنديل عضو مجلس إدارة النادي 

الأهلي، وعدد من نواب المجلس التشريعي الفلسطيني، بشطر من قصيدة لمحمود 

درويش يقول فيها للمحتل: سلم على بيتنا يا غريب".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70029
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

مروان كنفاني: من أوسلو إلى صراع "فتح" و "حماس" Empty
مُساهمةموضوع: رد: مروان كنفاني: من أوسلو إلى صراع "فتح" و "حماس"   مروان كنفاني: من أوسلو إلى صراع "فتح" و "حماس" Emptyالجمعة 02 فبراير 2018, 8:36 pm

مروان كنفانى السياسى والمفكر


محمد أبو الفضل
كثيرون يعرفون أن مروان كنفانى كان لاعبا فى النادى الأهلى وحارسا لمرماه لنحو عشر سنوات، وكثيرون يعرفون أنه من الفلسطينيين الذين لهم باع طويل فى السياسة، واقترب لفترة طويلة من الرئيس الراحل ياسر عرفات، وعمل معه مستشارا سياسيا، وكان قريبا منه فى التفاوض مع إسرائيل وصولا لاتفاق أوسلو والإعلان عن السلطة الفلسطينية، ثم استشهاده فى نوفمبر 2004.
لكن قليلين يعرفون أنه مثقف من طراز رفيع ومفكر كبير، وله نظرة عميقة لكثير من تفاصيل القضية الفلسطينية وآأفاقها الراهنة والمستقبلية، لذلك عندما تقرأ كتابيه، سنوات الأمل، وللفلسطينيين فقط.. جدلية النجاح والفشل، تجد نفسك أمام نماذج حية لا تتغير تقريبا، ربما تتغير أسماء الشخصيات، لكن غالبية التفاعلات والمواقف والحسابات والتقديرات تتكرر أمام عينيك، وهو ما يمكن وصفه بـ «إدمان الفشل».
سنوات الأمل، التى تحدث عنها كنفانى فى كتابه الأول، تحولت إلى سراب، بسبب الخلافات المتجذرة بين القوى الفلسطينية، وهو ما تكشفت تجلياته فى كتابه الثانى (جدلية النجاح والفشل)، الذى قدم تفسيرا، مباشرا أو ضمنيا، لسؤالين فى غاية الأهمية، الأول: لماذا تعثرت القضية الفلسطينية؟ والثانى ما هو مصير المصالحة الفلسطينية ؟
قد تكون إجابة السؤال الأول معروفة، أو يمكن الاجتهاد فى وضع نقاط محددة لأبرز الملامح التى تفسر أسرار كل هذا الاخفاق، وبالطبع الإجابة تتوقف حسب الخندق الذى يقف فيه كل شخص، ومروحته السياسية والثقافية ورؤيته الشخصية، لكن عند كنفانى خيطا رفيعا يركز على عدم التوافق حول برنامج وطنى واحد، كمبرر لإدمان الفشل، وهو محق تماما، ومن يتتبع بدقة التطورات على مدى نحو قرن سيصل بسهولة إلى هذه النتيجة.
فى إجابته عن السؤال الثاني، كان جريئا للغاية، جرأة المثقف والسياسى والعالم بخبايا أمور كثيرة، ولم ينحز، مثل كثير من الشخصيات الذين توقفوا عند هذه القضية، إلى فصيل أو حركة فلسطينية بعينها، بل أدان الجميع وكال النقد للجميع، وأنصف من يستحقون الانصاف، ووضع يديه على أهم عقدة، وتتعلق بتشبث كل من حركتى فتح وحماس بالسلطة والنفوذ والاستحواذ وفرض الهيمنة، حتى لو أدى ذلك إلى التأثير سلبيا على القضية الفلسطينية.
مفتاح الحل بالنسبة للمصالحة واضح ومحدد وعنوانه معروف عند كنفانى وغيره من الفلسطينيين المخلصين، وهو التخلى عن النظرة الشخصية وتغليب الأبعاد الوطنية، والالتفاف حول برنامج وطنى لا فصائلي، والتفاهم على رؤية سياسية واحدة، لا رؤيتين وربما ثلاث.
التشدق بالحل السياسى أو التمسك بسلاح المقاومة مثلا، يخفى كلاهما أشياء أخري، تصل إلى حد التفاهم على قواعد اللعبة مع من بطشوا بالقضية الفلسطينية، والذهب الذى يلمع على السطح من هذا الطرف أو ذاك قد يخفى حديدا صدئا عندهما.
جميع جولات المصالحة التى جرت فى مصر أو غيرها، لم تستطع تحقيق هذه المعادلة، لذلك لم تتمكن من وضع حد للخلاف بين فتح وحماس، وفى رأى كنفانى أن الهوة سوف تظل بعيدة، مهما تكن الجهود المخلصة التى تبذلها مصر، طالما بقى كل طرف قابضا على جمرة موقفه.
إمعان النظر فى الطريقة التى تتعامل بها كل حركة مع المصالحة، يعزز القناعات التى ترسخت عند السيد مروان كنفاني، وهى لا مفر من البرنامج الواحد وادراك طبيعة التحولات الإقليمية والدولية ووضع إسرائيل فى القلب منها، وهو تقدير اكتسبه من قراءته الموضوعية للأحداث وتوازنات القوى الرئيسية والجهات الفاعلة فى العمق، كذلك الدوائر الموجودة على الهامش وتريد الإيحاء بأنها فى المركز.
من يمعن قراءة الملفات التى فجرها كنفانى فى كتابيه، يتأكد أنه أمام مفكر حقيقي، درس وعايش القضية الفلسطينية من جوانب مختلفة وتوصل إلى استخلاصات عملية، ومشكلته الأساسية أنه يحب الابتعاد عن الأضواء، ويريد الاحتفاظ بمسافة بينه وبين الإعلام، مع أنه يمتلك المقومات اللازمة للتعامل معه باقتدار.
فى الندوة التى نظمها معرض القاهرة الدولى للكتاب وأدارها الدكتور أحمد فؤاد أنور، السبت الماضي، كنت المعقب الوحيد على كتابه «جدلية النجاح والفشل»، ودار نقاش طويل بيننا حول مضمون الكتاب، ألخصه فى خمس نقاط أساسية.
الأولي: أن الكتاب تضمن عنوانا تمهيديا «عن الفلسطينيين فقط»، بينما أرى أنه عن العرب أيضا، لأن القضية الفلسطينية، كانت وما زالت أم القضايا، ويصعب محوها من الذاكرة والوجدان العربيين، وما تطرق إليه الكتاب يخصنا جميعا ويكشف عوراتنا وأزماتنا السياسية، كما أن هناك دولا عربية تفاعلت مع هذه القضية، مصر فى مقدمتها، باعتبارها جزءا من أمنها القومي، والمحتوى العام للكتاب لم يغفل الفضاء العربى ومؤثراته، السلبية والإيجابية، على القضية الفلسطينية.
الثانية: يبدو أن هناك ارتياحا عاما للانقسام، من قبل فتح وحماس والولايات المتحدة وإسرائيل، وبعض القوى الإقليمية التى تجد ضالتها فى استمراره، لأنه يمكنها من الاقتراب من مفاصل سياسية لم تكن تستطيع الاقتراب منها فى حال الإصرار على التوافق الفلسطيني، وهذه الجهات تلعب أدوارا مختلفة لتغذية الانقسام وتخريب محاولات القضاء عليه.
الثالثة: صعوبة تمرير صفقة القرن، ومع أن قرار الرئيس دونالد ترامب بشأن الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمركية إليها، لقى إدانات واسعة وبدا كأنه صدر لمزيد من التفجير السياسي، غير أن كنفانى يرى أن نص القرار يخفى أكثر مما يعلن، فهو لم يتحدث عن القدس الموحدة، وهى ثغرة يمكن أن تنفذ منها واشنطن لامتصاص الغضب الذى خلفه قرار ترامب، وتبنى عليه خطتها لصفقة العصر.
المشكلة ليست فى التفسير، لكن فى قدرة الولايات المتحدة على تمرير مشروع مكتمل للتسوية السياسية، سوف يكون مرفوضا من الجانبين الفلسطينى والإسرائيلي، لأنه يتطلب تقديم تنازلات قاسية، يصعب قبولها، لأنها تمس ثوابت من الصعوبة التخلى عنها، بالتالى فالصفقة معرضة للفشل قبل أن تنضج ملامحها النهائية، والحديث عنها من وراء الكواليس ومحاولة تذليل العقبات عبر تقديم إغراءات لن يكفى لتمريرها، فلا تزال البيئتان الفلسطينية والإسرائيلية غير قادرتين على تكرار تجارب التسوية المستحيلة.
الرابعة: تتعلق فكرة الزج بالتيار الإسلامى فى الانتخابات، ويؤكد مروان كنفانى أنها بدأت مع ضغط الولايات المتحدة لإجراء انتخابات تشارك فيها حماس، وهو ما رفضه طويلا الرئيس الراحل أبوعمار، وقبله الرئيس الحالى محمود عباس، وهى الانتخابات التى أجريت عام 2006، وحققت فيها حماس تفوقا لافتا، وكانت نقطة تحول مفصلية فى عمر القضية الفلسطينية، ومقدمة لتكريس الانقسام.
هذا الاتجاه يُبين لنا لأى درجة تتكاتف وتتضافر الخيوط بين حماس وبعض القوى الدولية، ورغم مرارة التجربة التى تخوضها الحركة منذ عشر سنوات، غير أنها خلفت وراءها نتائج جيدة بالنسبة لواشنطن جعلتها تتجرأ وتؤيد، وربما تحرك، ثورات الربيع العربى من خلف ستار، وتشجع على ضرورة وصول الإسلاميين للسلطة فى دول عربية عديدة.
النقطة الخامسة: تتعلق بوفاة أبوعمار، والتى تحدث عنها كنفانى فى كتابه الأول (سنوات الأمل) دون أن يقطع بطبيعة الدور المادى الذى لعبته إسرائيل فى استشهاده، لكن لم يبرئها واعتبرها مسئولة عن وفاته، وكانت لها محاولات سابقة لاستهدافه، وحكى لى السيد مروان بعض التفاصيل لكن لم استأذنه فى نشرها.
التعامل المباشر مع مروان كنفاني، عزز يقينى بأننى أمام سياسى ومفكر، لديه الكثير من التفاصيل المهمة عن القضية الفلسطينية ولو فتح صندوق معلوماته سوف نتمكن من فهم الكثير من الأبعاد التى غابت عنا طويلا، وما زلنا ننتظر منه قراءات مستفيضة للمستقبل عن آليات الخروج من المأزق الفلسطينى الصعب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
مروان كنفاني: من أوسلو إلى صراع "فتح" و "حماس"
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: فلسطين الحبيبة :: شخصيات من فلسطين-
انتقل الى: