منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

  29 تشرين الثاني: سيادة وتقسيم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70237
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 29 تشرين الثاني: سيادة وتقسيم Empty
مُساهمةموضوع: 29 تشرين الثاني: سيادة وتقسيم    29 تشرين الثاني: سيادة وتقسيم Emptyالأحد 26 نوفمبر 2017, 6:42 am

NOVEMBER 25, 2017
هآرتس: 29 تشرين الثاني: سيادة وتقسيم




بقلم: شلومو افنري
قرار الجمعية العمومية للامم المتحدة في 29 تشرين الثاني 1947 بشأن اقامة دولتين، يهودية وعربية، في ارض اسرائيل هو الانجاز البارز للحركة الصهيونية. للمرة الاولى حظيت الصهيونية باعتراف هام بحق الشعب اليهودي بالسيادة والاستقلال في وطنه التاريخي. ولكن هذا القرار كان يرتبط بحبل سري في اساس التقسيم: الاعتراف بحق تقرير المصير لليهود اقترب بالحق الموازي للسكان العرب في البلاد لاقامة دولة في جزء من الارض الانتدابية. رغم أن أي حركة من الحركتين القوميتين لم تحظ بكل ما طلبت، إلا أنه خصص لهما مكان تحت الشمس. إن من يحتفل فقط بالاعتراف بحق اليهود في السيادة ويتجاهل مبدأ التقسيم – دولتان لشعبين – يكذب على نفسه ويشوه ذاكرة التاريخ.
حقيقة أن قرار التقسيم لم يحل النزاع بين الحركتين القوميتين تنبع من عدم استعداد العرب للموافقة على مبدأ التقسيم. موقف “كلها لي” دفعهم لشن حرب، ليس فقط ضد اسرائيل، بل ضد قرار الامم المتحدة وتسبب بالنكبة. عدم استعداد الفلسطينيين للاعتراف بالخطأ السياسي والاخلاقي الذي ارتكبوه برفض التقسيم يشكل الآن ايضا حجر عثرة في طريق التوصل الى مصالحة تاريخية بين الحركتين القوميتين. الاستعداد الصهيوني للموافقة على قرار التقسيم هو العامل الاساسي للتأييد الدولي لاقامة الدولة والاعتراف بها من معظم الدول الديمقراطية في العالم، وقبول اسرائيل في الامم المتحدة، وبموازاة ذلك الادانة الشديدة في الامم المتحدة للعداء العربي في 1947 و1948.
ولكن السياق التاريخي الذي جعل الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي تؤيدان اقامة الدولة اليهودية في بداية الحرب الباردة هو سياق معقد، وتوجد له تداعيات على مكانة اسرائيل الدولية الآن ايضا.
          حسب الرأي السائد، بعد الكارثة كان في العالم شعور بالذنب تجاه اليهود، وهو الذي أدى الى تأييد اقامة الدولة اليهودية. هذا صحيح بالطبع، لكن يجب رؤية الامور بصورة متزنة: الآن ينسون أنه بعد سنتنين من الحرب فان الوعي بخصوصية الكارثة – ابادة مخطط لها لسكان مدنيين بهدف ابادة شعب – لم ينتشر حتى ذلك الوقت بصورة كافية في الرأي العام العالمي، وقتل ستة ملايين انسان، اعتبر احيانا أحد اضرار الحرب، وليس حدثا فريدا في كارثيته. في محاكمات نيرنبرغ لم تذكر الكارثة تقريبا، وفي جزء من الخطابات التي ألقيت في الجمعية العمومية للامم المتحدة خلال النقاش حول مستقبل ارض اسرائيل.
          كانت هناك خطابات في الجمعية العمومية مؤثرة لعدد من ممثلي الدول الصغيرة في امريكا اللاتينية. خطابات خورخيه غارسيا غراندوس من غواتيمالا وارنيكا فبرغت من الاورغواي حظيت بالتقدير من قبل الجاليات اليهودية في البلاد وفي الخارج. ولكن من الواضح أن دول عظمى مثل الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي لم تحدد سياستها في حينه – وحتى الآن لم تحددها – فقط بسبب الشعور بالذنب أو تبريرات اخلاقية.
          الاعتبارات الامريكية برئاسة الرئيس هاري ترومان كانت مركبة، وليس هناك شك أن نشطاء يهود – ومنهم حاييم وايزمن – نجحوا في تجنيد التأييد في اوساط الادارة والحزب الديمقراطي. ولكن التأييد الامريكي لاهداف الصهيونية بدأ بالسماح لمئة ألف من الناجين من الكارثة بالهجرة الى ارض اسرائيل – في اعقاب توصيات لجنة التحقيق الانجلوامريكية بشأن ارض اسرائيل في العام 1946. هذا الطلب الامريكي كان تحديا للحكومة البريطانية التي بعد الحرب العالمية ايضا تمسكت بسياسة الكتاب الابيض وأغلقت ابواب ارض اسرائيل امام الهجرة اليهودية. هذا الموقف كان مرتبطا بالتوجه الامريكي التقليدي المناهض للامبريالية، الذين طمحوا الى تقليص نفوذ بريطانيا في العالم، ولهذا دعموا ايضا استقلال الهند.
          إن طلب السماح بهجرة مئة ألف يهودي الى ارض اسرائيل لم يكن منفصلا عن سياسة الهجرة الى الولايات المتحدة، الذي تم سنه في العشرينيات بالهام من الايديولوجيات العنصرية الفاضحة، وخصصت حصص ضئيلة للهجرة من الولايات غير الانجلوسكسونية أو الشمالية. وقد تم تحديد الحصص حسب مسقط رأس طالب الهجرة، لهذا فان اغلبية اللاجئين من بولندا لم يكن لهم أي أمل في الوصول الى الولايات المتحدة. وقد تمت محاولات من جانب يهود وغيرهم لتغيير الحصص، لكنهم ووجهوا بمعارضة شديدة في الكونغرس. ويجب علينا التذكر أنه في ذلك الوقت كان جزء كبير من قاعدة دعم الحزب الديمقراطي توجد في الولايات الجنوبية المعروفة بعنصريتها – الامر الذي كان يجب على ترومان أخذه في الحسبان. في المقابل، استخدمت عليه ضغوط لتخفيف معاناة اللاجئين في المعسكرات في المانيا. معظم المعسكرات كانت في منطقة الاحتلال الامريكي، ووجودها سبب قدر لا بأس به من المشكلات في العلاقات بين السلطات الامريكية والسكان الالمان. لذلك طلبت الولايات المتحدة حل هذه المشكلات عن طريق توجيه اللاجئين الى ارض اسرائيل.
          حظيت الولايات المتحدة وترومان، بحق، بالتقدير من جانب اليهود على تأييدهم هجرة مئة ألف يهودي الى ارض اسرائيل، التي تم رفضها من قبل حكومة حزب العمال البريطانية بقيادة كليمن اتيلي وآرنست بيفن، الامر الذي أدى في نهاية المطاف الى طرح موضوع استمرار الحكم البريطاني في ارض اسرائيل في هيئة الامم المتحدة، التي ورثت عصبة الامم المتحدة. حقيقة أنه ليس فقط التبريرات الانسانية هي التي وجهت السياسة الامريكية، بل ايضا اعتبارات سياسية داخلية، لا تقلل من الاهمية السياسية والاخلاقية المرافقة لها.
          الدعم السوفييتي لاقامة دولة يهودية وتقسيم البلاد كان اكثر تعقيدا، وكل جوانبه ليست واضحة حتى الآن. منذ العشرينيات تبنى الاتحاد السوفييتي موقفا رافضا للصهيونية، وهو يرى فيها “حركة برجوازية” تناقض المباديء العالمية للايديولوجيا الشيوعية. النظام في الاتحاد السوفييتي رأى في الشعب اليهودي الذي يعيش في الدولة أحد مؤيديه الاساسيين، ليس بسبب ميل اليهود الاصيل للشيوعية، بل بسبب أن نظام الحكم السوفييتي كان الكابح المهم الوحيد لرجعية القوى “البيضاء”، التي تعارض الثورة الشيوعية برؤيتها اللاسامية التقليدية. من الواضح أن الدور البارز الذي لعبه اليهود في القيادة السوفييتية في بداية طريقها (تروتسكي، كامينيف، زنوفييف، سباردلوف، رادك) الذين اعتبروا الشيوعية – وليس الصهيونية – الحل للاسامية، ساهم في العداء للمشروع الصهيوني.
          نتيجة لذلك، وبسبب السياسة المناهضة للامبريالية السوفييتية العامة، دعم الاتحاد السوفييتي الحركة القومية العربية، الامر الذي أدى بها احيانا الى تأييد قواعد محافظة ودينية ورجعية بشكل واضح (مثل مفتي القدس)، بسبب معارضتهم للبريطانيين. احزاب شيوعية غربية، بما في ذلك اعضاؤها اليهود، كانوا شركاء في هذه المقاربة. الحرب العالمية الثانية أدت بالتدريج الى تغيير هذه المقاربة، الذي كانت ذروته في خطاب سفير الاتحاد السوفييتي في الامم المتحدة، اندريه غروميكو، في 14 أيار 1947، الذي أظهر فيه التأييد لاقامة دولة يهودية في ارض اسرائيل وحل ضائقة اليهود في اوروبا. بشكل عام كالعادة، أن يعزوا دعم الاتحاد السوفييتي لاقامة الدولة اليهودية الى أن الجهة الوحيدة التي حاربت في حينه الامبريالية البريطانية في المنطقة كانت الحاضرة اليهودية في البلاد، في حين أن كل الانظمة العربية المحافظة كانت تحت رعاية وحلفاء الامبريالية البريطانية (مصر، العراق، شرق الاردن). أو الفرنسية (سوريا ولبنان). اضافة الى ذلك يطرح ادعاء احيانا أن السوفييت اعتقدوا أن النفوذ الاشتراكي في الحاضرة اليهودية سيؤدي بالدولة اليهودية الى التقارب السياسي من الاتحاد السوفييتي في ظل الحرب الباردة الآخذة في التبلور.
          ولكن من الوثائق السوفييتية والصهيونية التي نشرت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي تظهر صورة معقدة وأكثر أهمية. في شباط 1941 حاول وايزمن، الذي كان مقره في لندن، اجراء اتصالات مع الحكومة السوفييتية بواسطة السفير السوفييتي في بريطانيا، ايفان مايتسكي. ولكن رغم أنهما أجريا محادثة لطيفة ومهذبة، التي كانت الاتصال السياسي الاول بين زعيم صهيوني وسفير سوفييتي، إلا أنه لم تكن أي نتائج لتلك المحادثات. في التقرير الذي ارسله مايتسكي لموسكو (وهو يهودي مثل الكثيرين من السفراء السوفييت في حينه) امتدح حقيقة أن وايزمن يتحدث الروسية بطلاقة، رغم أنه غادر روسيا منذ عشرات السنين. كما أشار مايتسكي الى أن وايزمن قال في نهاية الامر بأن هتلر سيهزم – وهي مقولة تطلبت الكثير من شجاعة وايزمن ازاء حقيقة أنه في اعقاب اتفاق ريبندروف – موليتوف، فان ستالين كان ما يزال حليفا لهتلر وشريكا في مهاجمة بولندا وتقسيمها بين المانيا النازية والاتحاد السوفييتي الشيوعي.
          الغزو الالماني للاتحاد السوفييتي في حزيران 1941 سنح للحركة الصهيونية فرصة تنفيذ عملية من عملياتها الدبلوماسية البارزة في تاريخها. للمرة الاولى سنحت فرصة لاجراء اتصالات مع الاتحاد السوفييتي، حيث أن الاتحاد السوفييتي والحركة الصهيونية اصبحا الآن في معسكر واحد في الحرب ضد النازية. في عواصم مختلفة اجرى زعماء صهاينة اتصالات مع سفراء سوفييت، وبهذه الطريقة سمعت القيادة السوفييتية للمرة الاولى عن الصهيونية من زعماء صهاينة. هذا الامر خلق ثورة هامة في الوعي، لأنه حتى ذلك الحين المعلومات التي كانت لدى موسكو عن الصهيونية جاءت من مصادر عربية أو من يهود شيوعيين في الاتحاد السوفييتي والغرب، الذين كانوا بطبيعتهم مناهضين للصهيونية.
          في الاعوام 1941 – 1945 التقى دافيد بن غوريون وناحوم غولدمان وعمانوئيل نيومن والياهو افيشتاين (ايلات) مع سفراء سوفييت في لندن وواشنطن وأنقرة ومكسيكو سيتي. وقد نقلوا لهم معطيات حول الحاضرة اليهودية في البلاد وعن تجندها للمشاركة في جهود الحرب وعن ارسال المعدات من البلاد الى الاتحاد السوفييتي وعن البنية الاقتصادية في البلاد. عندما علم وايزمن في ايار 1943، وهو خبير في اجراء العلاقات الدولية، أن ادوارد بينيش، رئيس حكومة المنفى لتشيكوسلوفاكيا في لندن، سيسافر الى موسكو من اجل مقابلة ستالين، نجح وايزمن في ارسال رسالة معه الى الرئيس السوفييتي، والتي فصل فيها قدرة الاستيعاب في ارض اسرائيل والجالية اليهودية والطابع التقدمي، حتى أنه ذهب أبعد من ذلك وعقد مقارنة اشتراكية بينها وبين الاتحاد السوفييتي.
إن قراءة الوثائق السوفييتية والصهيونية حول هذه اللقاءات ممتعة. المتحدثون الصهاينة لم يحاولوا اقناع من تحدثوا معهم بأن الصهيونية محقة – لكنهم حاولوا اقناعهم بأنهم هم وليس العرب، الحلفاء الطبيعيين للاتحاد السوفييتي في المنطقة. وقد ذهب افيشتاين بعيدا في لقاءاته في ربيع 1943 مع السفير السوفييتي في تركيا، سيرجيه فينوغرادوف: افيشتاين قال له إنه اصبح واضحا الآن بدون شك أن السياسة السوفييتية في دعمها للحركة القومية العربية كانت خاطئة، لأن هذه الحركة – مثلا في ارض اسرائيل وفي العراق – تبين أنها تؤيد النازيين، وأن الحاضرة اليهودية هي الجهة التقدمية الوحيدة في المنطقة. في رسالته برر فينوغرادوف بلغة ضعيفة: “هذه السياسة كانت انحراف تروتسكي”.
          يتبين من هذه اللقاءات أن السوفييت اظهروا الاهتمام الكبير بالقدرة الاستيعابية للبلاد، وبناء على طلبهم ارسل الى موسكو من لندن ومن القدس عدد من التقارير الاحصائية والاقتصادية. من الواضح أن اهتمام السوفييت بموضوع قدرة الاستيعاب للبلاد اشار الى تغيير في توجه السوفييت، وجاء كرد على ادعاءات العرب التقليدية بأن البلاد لا يمكنها استيعاب هجرة جماعية. في 1943 وصل الى البلاد بشكل مفاجيء السفير السوفييتي في لندن مايتسكي في طريقه من بريطانيا الى موسكو. وقد التقى مع بن غوريون واليعيزر كابلان، الذي كان رئيس القسم الاقتصادي في الوكالة اليهودية. وقد أخذا مايتسكي في جولة في كيبوتس في جبال القدس، وأجابا بالتفصيل على اسئلته بشأن القدرة الاستيعابية للبلاد. وبناء على طلبه كتبا مذكرة مفصلة حول الموضوع.
          لا توجد لدينا معلومات حول النقاشات الداخلية في المكتب السياسي السوفييتي بشأن هذه المواضيع: الوثائق التي نشرت هي فقط رسائل دبلوماسية، وليس تقارير عن نقاشات داخلية. ولكن الاسئلة المتكررة عن القدرة الاستيعابية تبرهن على اتجاهات التفكير السوفييتي، التي هدفت الى الحصول على اجابات براغماتية عن اسئلة تتعلق بالهجرة اليهودية الى البلاد.
          نظرة ممتعة لعمليات التفكير هذه يمكن ملاحظتها في تقارير ناحوم غولدمان حول لقاءاته في الاعوام 1942 – 1944 مع قسطنطين امنسكي (من اصل يهودي)، سفير الاتحاد السوفييتي في واشنطن في حينه وبعد ذلك في المكسيك. غولدمان بسحره ودبلوماسيته وموهبته في التحدث نجح في جعل امنسكي، في لقاء في آب 1944، يرمز اليه (بصورة شخصية كيهودي) بأنه بعد الحرب ستكون مشكلة كبيرة في شرق اوروبا مع اليهود الناجين من الكارثة، وأن هذا الامر يقلق السوفييت: هذه كانت اشارة واضحة على أن اللاسامية في شرق اوروبا، لا سيما في بولندا، ستصعب على اعادة اسكان الناجين في بلادهم التي جاءوا منها. واضاف امنسكي بأنه في موسكو تجري نقاشات عميقة بشأن اليهود، وأنه سيتم اتخاذ قرارات مهمة في هذا الشأن – اشارة اولى الى تغيير محتمل في السياسة السوفييتية، التي ستجد تعبيرها الحاسم في خطاب غروميكو في 1947.  من الجدير أن نذكر أنه في خريف 1943 خلف غروميكو امنسكي كسفير للاتحاد السوفييتي في واشنطن. وكان غولدمان من الاوائل الذين طلبوا الالتقاء معه. مع اشارته الى أنه ليس لديه شيء محدد لبحثه معه، لكنه “يرغب في الحفاظ على العلاقة”. في التقرير الذي ارسله الى الادارة الصهيونية أشار غولدمان الى أن غروميكو صحيح أنه شاب، لكنه مؤهل ومستعد للاستماع.
          إن فتح نافذة على القيادة السوفييتية اثناء الحرب كان احد الانجازات الهامة جدا للدبلوماسية الصهيونية. وهذا الامر تم بتعقل ومن خلال تشخيص المصالح المشتركة وبتواضع: أي زعيم صهيوني لم يتفاخر أو يتبجح بالعلاقة الممتازة مع موسكو، لكن تم ارسال تقارير مفصلة للادارة الصهيونية، حتى أن خطاب غروميكو في 1947 فاجأ القيادة الصهيونية. البذور التي زرعت نبتت بعد حين.
          هكذا نشأت الارضية للاتفاق بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي التي أدت الى تأييد الدولتين العظميين لقرار التقسيم. ومثلما هي الحال في قضية تصريح بلفور تشابكت هنا مصالح مركبة لسياسة داخلية وسياسة خارجية، الى جانب قدرة كبيرة للقيادة الصهيونية على تطوير دبلوماسية عقلانية ايضا في غياب دولة. لقد كان للحركة الصهيونية قادة فهموا أن من المهم استغلال اللحظة السياسية المناسبة في الازمات ايضا. وأن تشخيص المصالح حتى لو كانت غير متشابهة يمكن أن تكون متطابقة، وعرفوا أن العدل الشخصي ليس من الضروري أن يكون مقنعا، وأنه يجب عدم التفاخر والتبجح علنا، بل العمل الصعب اليومي لنسج العلاقات والاستثمار على المدى البعيد، لأنه احيانا يكون الخير في الامر المخفي عن العين. ليست كل حركة سياسية، ولا كل دولة، حظيت بزعماء مثل هؤلاء الذين حظيت بهم الحركة الصهيونية في الاوقات الصعبة لشعب اسرائيل. لا يمكن تجاهل الحقيقة الصعبة وهي أنه لو كانت للحركة الفلسطينية في ذلك الحين قيادة لها نفس القدرات، ولم تخطيء في تقدير عدالتها الذاتية واستخدام العنف، لكانت قامت الدولة الفلسطينية في 1948 الى جانب اسرائيل: كان الشعبان لن يجرا الى الحرب، ولم تكن النكبة لتحدث، ومشكلة اللاجئين لم تكن لتنشأ، ووجه الشرق الاوسط كان سيكون مختلفا.
          في نظرة الى الوراء، من الواضح أنه لو لم تتبن القيادة الصهيونية مبدأ التقسيم، فان الامم المتحدة لم تكن لتدعم انشاء الدولة اليهودية. هذه هي الامور التي يجب علينا تذكرها الآن: من يرفض تقسيم البلاد وحل الدولتين يقوم بتشويه شرعية دولة اسرائيل والمشروع الصهيوني. هذا وهم خطير، الافتراض أنه في نهاية الامر ستحظى اسرائيل بالشرعية لمواصلة السيطرة على كل ارض اسرائيل. إن من يحتفل في 29 تشرين الثاني لا يمكنه تجاهل أن السيادة والتقسيم تقترن الواحدة بالاخرى.
          يجب أن لا يكون شك بأن المجتمع الدولي اعترف بحق الشعب اليهودي في تقرير المصير والسيادة والاستقلال لأن الحركة الصهيونية وافقت على مبدأ المصالحة بين الحركتين القوميتين، الذي يكمن في فكرة تقسيم البلاد الى دولتين قوميتين، يهودية وعربية. إن من يتوق الآن الى استمرار سيطرة اسرائيل على ملايين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، يضعضع اساس شرعية الصهيونية ودولة اسرائيل. ومثلما لم يكن بالامكان في 1947 الحصول على موافقة دولية على دولة يهودية في كل ارض اسرائيل، هكذا هو الامر الآن، لا يمكن الحصول على موافقة كهذه، ومن لا يرى ذلك فهو يتنكر للواقع ويقوم بتضليل الجمهور.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
29 تشرين الثاني: سيادة وتقسيم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» اليوم العالمي للطفل 20 تشرين الثاني/نوفمبر
» سيادة القانون
» سيادة القانون
» دولة وكونفدرالية أم ضم وتقسيم؟
»  لا سيادة إسرائيلية على حائط البراق.

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: فلسطين الحبيبة :: إسرائيل جذور التسمية وخديعة المؤرخون الجدد-
انتقل الى: