منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 تأسيس الدولة العباسية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70029
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

تأسيس الدولة العباسية Empty
مُساهمةموضوع: تأسيس الدولة العباسية   تأسيس الدولة العباسية Emptyالأحد 21 يوليو 2013, 3:26 am




تأسيس الدولة العباسية Images?q=tbn:ANd9GcQ-D3rPOxS53vmInSKGfKVp08ljCX-ZOYaxPhtqRRmsC-HHwEegOA



 تأسيس الدولة العباسية Hassad1.729583


تأسيس الدولة العباسية


د. محمد عبد الستار البدري 
يعد مولد الدولة العباسية أحد أهم الأحداث في التاريخ الإسلامي، على مر العصور، لأنها تعد أطول دولة احتلت كرسي الخلافة؛ لمدة تزيد عن نصف الألفية، منذ أن اعتلى أبو العباس الحكم في 132هـ إلى أن احتضرت الخلافة بعد مرحلة من الضعف والتدني، وكان آخر خلفائها المستعصم عام 656هـ، الذي قتل على أيدي المغول، وقد أورد لنا التاريخ رجال دولة من الطراز الأول، مثل السفاح وأبو جعفر المنصور وهارون الرشيد وغيرهم، كما أن ميلاد هذه الدولة أُحيط بالاضطرابات السياسية وأزمة الشرعية والخلافات الفقهية، ويلاحظ أيضا ارتباط هذا الميلاد بواحدة من أنجح العمليات الاستخباراتية على مر التاريخ، والعمل الخفي لسنوات ممتدة بشكل يدعو لدراستها كحالة تحتاج لدراسة، كما أنها مثال مهم لدور القدر في إنجاح السياسات، ولا يمكن للمرء أن يربط كل هذه الخيوط بغفلة عن مؤسس الدولة العباسية وواضع لبنتها الأولى، أبو العباس، الملقب بالسفاح. لقد كانت الدولة الأموية تموج بالحركات الثورية من شيعة وخوارج وحركات انفصال سياسي على رأسها حركة عبد الله بن الزبير، وكانت هذه الدولة تسعى لاقتلاع جذور الفتن دون جدوى لأسباب تتعلق في الأساس بالتشكيك في شرعيتها، فهي دولة سلطوية بحتة لم يورد لنا التاريخ أنها كانت في أي مرحلة تقبل التسامح، باستثناء فترة حكم الخليفة الورع عمر بن عبد العزيز ونتوءات قليلة لبعض الخلفاء، مثل معاوية بن أبي سفيان عندما كان الأمر لا يتعرض لملكه مباشرة، ولكن هناك سببا آخر سمح باستمرار الدولة الأموية لفترة زمنية أطول، وهو غياب مفهوم رجل الدولة لدى الثائرين عليهم، فلم يذكر التاريخ شخصية معارضة فذة تملك الحنكة والقدرة على التخلص من هذا الحكم، وكان أقرب شخص لها هو عبد الله بن الزبير، ولكن التاريخ عكس عدم قدرته على لمّ الشمل بالشكل المناسب، كما أن قبضته على أنصاره ومؤيديه لم تكن قوية، وفي كل الأحوال فإن الطريق أمام حركات المعارضة السياسية كان معروفا، وهو مواجهة البطش الأموي؛ إما باتقاء شر الحاكم أو الخروج عليه، كما فعل الشيعة في مناسبات كثيرة، وانتهت ثوراتهم بالقتل والتشتيت في أغلبها.
لقد كان العباسيون يمثلون فصيلا ثوريا مختلفا بدأ باتقاء شر الحكام الأمويين وانتهى بالثورة المسلحة عليهم كلما اكتُشف أمرهم، فثوراتهم استمرت لسنوات طويلة في سرية تامة لا يُعرف عنها إلا القليل، ولكنها كانت تعمل من خلال الدعوة لشرعية جديدة وهي الدعوة لآل محمد، دون تخصيص، أي لم يفصحوا عن أي فرع من آل محمد يتم الدعوة له، وذلك حرصا على مساندة الشيعية والمتشيعين لقضيتهم لإزالة ملك بني أمية أولا، فضلا عن خطورة الإفصاح عن الهوية السياسية الجديدة على الساحة الثورية حتى لا يقوم بنو أمية بالقضاء عليهم، كذلك لجأ العباسيون إلى سياسة النفس الطويل حتى يسمحوا بترسيخ الفكرة الجديدة والعمل على أطراف الدولة، كما سنرى.


لقد بدأ العباسيون عملهم السياسي السري في الحميمة إحدى القرى القريبة من الشام، حيث بقي فيها علي بن عبد الله بن العباس بمباركة أموية، ولكن مع مرور الوقت بدأ العباسيون يدخلون في اللعبة السياسية ضد بني أمية، خاصة بعد تولية محمد بن علي بن عبد الله وابنه إبراهيم، الذي دأب على الانفتاح السري مع قادة في الكوفة ممن لهم ميول شيعية، وقد بدأ إبراهيم يسيطر على شبكة منظمة من العمل السري السفلي على محاور متعددة، ولعل أهم ما ميز التحرك العباسي، وكان سببا مباشرا في نجاحه، هو تغييرهم للتكتيك الثوري، فهم لم يسعوا للتغير من القلب أو المركز، بل لجأوا للتغير من الأطراف، فكل الثورات التي انتفضت جاءت من القلب؛ سواء في العراق أو الحجاز، ولكنها باءت كلها بالفشل، بالتالي تم توجيه النظر إلى الأطراف، وبالأخص خراسان، التي لم تكن بعد قد تشكلت هويتها السياسية، وهو ما لم يتوقعه بنو أمية على الإطلاق. وتعكس المصادر التاريخية أن العباسيين اتبعوا فكرة التنظيم العنقودي، حيث لم يعرف عضو الشبكة العامل في الشام ما يفعله زميله في الكوفة أو خراسان، وظلت الشبكة محبوكة في أيدي قلة قليلة للغاية، على رأسها شخصية سمتها كتب التاريخ أبا سلمة الخلال، الذي أصبح الرأس المدبر في الكوفة، خلفا لحميه، وسُمّي بوزير آل محمد، وكان هذا الشخص هو الذي ينقل التعليمات العباسية للفرق المختلفة، وكان السلاح الأساسي للدعوة يتمثل في محارب صنديد معروف في التاريخ الإسلامي باسم أبي مسلم الخُراساني، الذي قاد حربا ضروسا بعدما جمع نفرا كثيرا حوله، وواجه أحد أبطال الأمويين المعروفين بشعره العظيم، وهو نصر بن سيار، وانتهت المواجهات بهزيمة ساحقة للأمويين وسقوط خراسان وما حولها للمتشيعين لآل محمد، دون أن يعرفوا بالتحديد أي فرع.


تزامن مع ذلك تصعيد آخر، وهو أن الأمويين اكتشفوا أمر إبراهيم بن محمد في الحميمة، فأسند الرجل الولاية لأخيه أبي العباس، الذي كان دون الـ30 من عمره، وقد عمد الرجل إلى استبعاد أخيه أبي جعفر المنصور، وتُرجع بعض المصادر السبب في ذلك لكون أمه غير عربية، وقد هاجر الرجل مباشرة إلى الكوفة مع أهله وشيعته، وتزامن ذلك مع وصول جيوش أبي مسلم الخراساني إلى هناك، وبدأت الشبكة تكتمل معالمها وأطرافها، وبدأت الساحة ممهدة لزوال دولة بني أمية، واستبدال دولة فتية جديدة بها، وهنا يجدر بنا إبراز عدد من النقاط الرئيسة حول سقوط الدولة، التي نوردها فيما يلي:


أولا: كما ذكرنا آنفا، فالثورة جاءت من الطرف وليس المركز، فبنو أمية كانوا يسيطرون على المركز بشكل أفضل، وهو ما يعكس تقصيرا شديدا؛ فلم يسمعوا لواليهم نصر بن سيار، وهو يستغيث بشعره قائلا:


«أقول من التعجب ليت شعري أأيقاظ أمية أم نيام فإن يك قومنا أضحوا نياما فقل: قوموا فقد حان القيام» فجاء رد مروان بن محمد بقوله «إن الحاضر يرى ما لا يرى الغائب، فاحسم أنت هذا الداء الذي ظهر عندك»، وعندما فشل نصر بن سيار في ذلك كانت بداية النهاية لبني أمية وقصر نظر خليفتها.


ثانيا: لقد كانت السرّية عنصرا أساسيا في نجاح هذه الحركة السرية، وقد عبر عن ذلك أبو مسلم الخراساني بشعره، في قصيدة قال فيها:


أدركت بالعزم والكتمان ما عجزت عنه ملوك بني مروان إذا حشدوا ما زلت أسعى بجهدي في دمارهم والقوم في غفلة بالشام قد رقدوا فمن رعى غنما في أرض مسبعة ونام عنها تولى رعيها الأسد ثالثا: إن العباسيين في ثورتهم لم يغيروا قاعدة الثورات الأساسية، التي تطورت بعد ذلك، وهو أن الفصيل الذي يكسب الثورة هو الفصيل الأكثر تنظيما، فلقد ركب العباسيون قوة الدفع الثورية بأقل جهد، فحصدوا أكبر النتائج، وذلك على عكس الشيعة الذين دفعوا بأكثر الجهد، وخرجوا بأقل النتائج، وهو ما يعكس العبقرية السياسية لرجال الدولة العباسية، وعلى رأسهم أبو العباس السفاح،




أول خلفاء الدولة العباسية : أبو العباس السفاح


خلافة أبى العباس السفاح
( 132 - 136هـ / 750 - 754 م)
هو عبد الله بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم.
ولم تطل مدة خلافته، إنما هى سنوات تعد على أصابع اليد الواحدة.
انتشار الإسلام:
فقد سكن الكوفة، ثم تركها وأقام بالحيرة، ثم اختار مدينة "الأنبار" فبنى بها قصورًا وأحب الإقامة بها، وظل فيها حتى توفى. وكان لابد من تأمين الحدود، ورفع راية الإسلام ونشره فى ربوع الأرض لتصبح كلمة الله هى العليا، فبدأت من جديد تلك الحملات لتأديب الروم أعداء الإسلام والمسلمين.
عقد أبو العباس لعبد الله بن على أمر هذه المهمة سنة 136هـ/ 754م، فقاد عبد الله جيشًا من أهل الشام وخراسان.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل سيطر الجيش الإسلامى فى عصره من جديد على بلاد ما وراء النهر، وهى المنطقة الواقعة فى حوض نهرى جيحون وسيحون مما يعرف الآن بالجمهوريات الإسلامية فى آسيا الوسطى التى استقلت عن الاتحاد السوفيتى مؤخرًا.
قمع الثورات:
ولم يخل عهده من ثورات قام بها بعض قواد الأمويين فى أول عهده بالخلافة وفى آخره، فقضى على ثورة "أبى الورد" الذى انضم إليه أهل "قنسرين"، و"حمص"، و"دمشق"، وكان ذلك عام تولّيه الحكم.
وفى آخر عهده، أعلن أهل دمشق تمردهم على خلافة العباسيين سنة 136 هـ، وبايعوا أحد الأمويين، ولكنهم ما لبثوا أن هربوا أمام الجيش العباسى الذى داهمهم وطاردهم.
ويموت أبو العباس فى هذا العام بعد أن أوصى لأخيه "أبى جعفر المنصور" بالخلافة من بعده.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70029
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

تأسيس الدولة العباسية Empty
مُساهمةموضوع: رد: تأسيس الدولة العباسية   تأسيس الدولة العباسية Emptyالأحد 21 يوليو 2013, 3:27 am




 
خلافة أبي جعفر المنصور


مخاطر على الدولة الناشئة
تأسيس الدولة العباسية 11450_image002لما تولى المنصور الخلافة (من ذي الحجة 136هـ حتى ذي الحجة 158هـ) وضع نصب عينيه مخاطر ثلاث لا بُدَّ أن يقضي عليها:
1- منافسة عمه عبد الله بن علي له في الأمر، وقد كان موكلاً بتدبير جيوش الدولة من أهل خراسان والشام والجزيرة والموصل ليغزو بهم الروم (وكان رغم جلالة قدره عند بني العباس لكنه كان قليل الحزم).
2- اتساع نفوذ أبي مسلم الخراساني، أحد أعمدة الدولة العباسية فكان أبو جعفر شديد الحنق عليه، لا يرضيه أن يكون له في الأمر شريك ذو سطوة وسلطان.
3- بنو عمومته من آل علي بن أبي طالب الذين لا يزال لهم في قلوب الناس مكان، خاصة محمد بن عبد الله بن حسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب، فخاف أبو جعفر أن يحاول الخروج عليه.
معالجته للخطر الأول
فأما الخطر الأول: إزالة عمه:
(يضرب عمه بأبي مسلم وأيهما زال فقد زال من طريقه).
كان عبد الله بن على ينتظر أن تؤول إليه الخلافة لما كان له من يد طولى في القضاء على ملك بني أمية، فلما جاء الخبر باستخلاف أبي جعفر المنصور خلعه وأعلن البيعة لنفسه.. فأرسل إليه أبو جعفر جيشًا بقيادة أبي مسلم الخراساني فالتقوا عند حران ودارت معركة بين الفريقين لمدة ستة أشهر وظلت المعركة سجالاً ثم تحولت إلى أبي مسلم الذي انتصر، وفر عبد الله بن علي إلى البصرة عند أخيه سليمان فعلم بذلك أبو جعفر فبعث إلى أبي سليمان يأمره بإحضار عبد الله بن علي إليه، وأعطاه الأمان لعبد الله ما جعله يثق به، فجيء به إلى المنصور سنة 139هـ، فأمر بحبسه وحبس من كان معه وظل في حبسه حتى مات سنة 147هـ، وكانت هذه غدرة من المنصور.
معالجته للخطر الثاني
وأما الخطر الثاني: أبو مسلم الخراساني:
أراد أبو جعفر أن يصطاد أبا مسلم قبل أن يعود إلى خراسان بعد هذه المعركة، ولم يكن يريد أن يظهر لأبي مسلم مراده.
فكتب إلى أبي مسلم (إني قد وليتك مصر والشام فهي خير لك من خراسان.. تكون بقرب أمير المؤمنين، فإن أحب لقاءك أتيته من قريب).
فغضب أبو مسلم، وقال: (يوليني الشام ومصر، وخراسان لي).
وعزم على عدم تنفيذ الأمر والعودة إلى خراسان.
قرر أبو جعفر استعمال الدهاء مع أبي مسلم وبدأت بينهما حرب مراسلات، حتى أرسل أبو جعفر إليه جرير بن يزيد بن جرير بن عبد الله البجلي، في جماعة من الأمراء وأمره أن يكلم أبا مسلم بألين ما يكلم به أحدًا، وأن يمنِّيه فإن أبى قال له: (هو بريء من العباس إن شققت العصا، وذهبت على وجهك ليدركنك بنفسه وليقاتلنك دون غيره، ولو خضت البحر الخضم لخاضه خلفك، حتى يدركك فيقتلك أو يموت قبل ذلك).
وبالفعل يقابل الوفد أبا مسلم فيأبى أن يطيع، أو أن يأتي لمقابلة أبي جعفر، فيبلغاه الرسالة الأخيرة، وسبحان الله! فهذه الكلمات جعلت الجبار أبا مسلم يخنع ويجبن، ويزداد ترددًا وحيرة.
تأسيس الدولة العباسية 11450_image003كما كتب أبو جعفر إلى خليفته أبي مسلم على جند خراسان يعطيه إمامه خراسان ما عاش.. كل هذه الضغوط جعلت أبا مسلم يقرر الذهاب لمقابلة أبي جعفر المنصور الذي تمادى في المكر فأعطاه الأمان، وأظهر له عند دخوله المدائن الاحترام والتقدير ومراسم الاستقبال، ولكنه كان عازمًا على قتل أبي مسلم غدرًا، وبالفعل قتله وهو يكلمه آمنًا على يد بعض حراسه.
روى البيهقي عن الحاكم بسنده أن عبد الله بن المبارك سئل عن أبي مسلم أهو خير أم الحجاج؟ فقال: لا أقول إن أبا مسلم كان خيرًا من أحد، ولكن كان الحجاج شرًّا منه، قد اتهمه بعضهم على الإسلام، ورموه بالزندقة، ولم أر فيما ذكروه عن أبي مسلم ما يدل على ذلك، بل على أنه كان ممن يخاف الله من ذنوبه، وقد ادعى التوبة فيما كان منه من سفك الدماء في إقامة الدولة العباسية، والله أعلم بأمره.
معالجته للخطر الثالث
الخطر الثالث: محمد بن عبد الله بن الحسن بن زيد:
فقد زعموا أن بني هاشم انتخبوه للخلافة وبايعوه بها في أواخر عهد بني أمية، وكذلك بايعه أبو جعفر المنصور فلما جاءت الدولة العباسية لم يف أبو جعفر ببيعته له، ولذلك لم يبايع محمد لأبي العباس ولا لأبي جعفر.. واستخفى في زمن أبي جعفر وظل أبو جعفر يجري تحرياته عن محمد فلما لم يعثر عليه اعتقل المنصور أباه وصادر أمواله.
ولا يزال المنصور يبحث عنه وأنفق كثيرًا من المال في هذه السبيل فلم يصل إلى شيء.. فاعتقل بني الحسن كلهم فلما علم محمد بذلك قال لأمه هند: (إني قد حملت أبي وعمومتي ما لا طاقة لهم به ولقد هممت أن أضع يدي في أيديهم فعسى أن يخلي عنهم). فتنكرت هند ثم جاءت السجن كهيئة الرسول فأذن لها، فلما رآها عبد الله أبو محمد عرفها فنهض إليها فأخبرته بما قال محمد فقالSadكلا بل نصبر، فوالله إني لأرجو أن يفتح الله به خيرًا، قولي له فليدع إلى أمره وليجِدَّ فيه فإن فرجنا بيد الله). فانصرفت، واستمر محمد على اختفائه.
فاستعمل معهم المنصور أشد أنواع العذاب ونقلهم إلى سجن بالعراق، ومات أكثرهم في الحبس.
نتيجة هذه الفظائع قرر محمد الظهور بالمدينة، وكان ذلك أول يوم من رجب سنة 145هـ، أعانه أهل المدينة وصعد منبر الحرم وخطب فيهم.
والحقيقة أنه كان من مكر أبي جعفر الخليفة أنه كتب إلى محمد على ألسنة قواده يدعونه إلى الظهور ويخبرونه أنهم معه؛ مما جعل محمد يتوهم أن أغلب الأمصار معه، كما أن الحسن كان قد اتفق مع أخيه إبراهيم أن يظهر في نفس اليوم بالبصرة ليعظم ذلك على أبي جعفر ولكن أخاه مرض ولم يخرج.
كما أنه حصر نفسه بالمدينة وهي ليست بمركز حربي يمكن للقائد أن يبقى فيه للدفاع طويلاً فحياة المدينة من خارجها فلا تحتمل الحصار إلا قليلاً.. وقد كان فحوصرت المدينة ودبّر أبو جعفر أمره تدبيرًا محكمًا.
وتكررت تجربة ابن الزبير فقد انتقض الناس من حول محمد الذي قتل بعد أن أظهر شجاعة فائقة، وذلك في رمضان سنة 145هـ.
وبمقتل محمد استتب الأمر لأبي جعفر وتوطدت أركان الدولة الناشئة، فلم يعد هناك في الأفق مخاطر داخلية.
بناء بغداد
شرع المنصور في بناء بغداد كمقر للخلافة العباسية، وأتم بناءها سنة 146هـ.
تأسيس الدولة العباسية 11450_image004وقالوا: إنه أنفق على بغداد ثمانية عشر ألف ألف دينار، قال الخطيب البغدادي: لم يكن لبغداد في الدنيا نظير في جلالة قدرها وفخامة أمرها وكثرة علمائها وأعلامها، وحشر إليها المنصور العلماء من كل بلد وإقليم، حتى صارت أم الدنيا وسيدة البلاد ومهدالحضارة الإسلامية في عهد الدولة العباسية، وأربى سكانها على مليونين.
ذكر ما جاء في وصف المنصور وخصائصه وأخلاقه
كان المنصور أعظم رجل من آل العباس شدة وبأسًا ويقظة وثباتًا، كان شغله في صدر النهار بالأمر والنهي، والولايات، والعزل، وشحن الثغور، وأمن السبل والنظر فيالخراج، والنفقات، ومصلحة معاش الرعية.. فإذا صلى الظهر دخل منزله واستراح إلى العصر، فإذا صلى العصر جلس لأهل بيته ونظر في مصالحهم الخاصة، فإذا صلى العشاء نظر فيما ورد عليه من كتب الثغور والآفاق وشاور سُمّاره من ذلك فيما أرب، فإذا مضى ثلث الليل قام إلى فراشه وانصرف سماره، فإذا مضى الثلث الثاني قام من فراشه فأسبغ وضوءه وصف محرابه حتى يطلع الفجر، ثم يخرج فيصلي بالناس ثم يدخل فيجلس في إيوانه.
كان المنصور في شبابه يطلب العلم من مظانه والحديث والفقه، فنال جانبا جيدًا وطرفًا صالحًا، وقد قيل له يومًا: يا أمير المؤمنين، هل بقي شيء من اللذات لم تنله؟ قال: شيء واحد. قالوا: وما هو؟ قال: قول المحدث للشيخ: من ذكرت رحمك الله.
فاجتمع وزراؤه وكتابه وجلسوا حوله وقالوا: ليُملِ علينا أمير المؤمنين شيئًا من الحديث. فقال: لستم بهم، إنما هم الدنسة ثيابهم، المشققة أرجلهم، الطويلة شعورهم، رواد الآفاق وقطَّاع المسافات، تارة بالعراق وتارة بالحجاز، وتارة بالشام، وتارة باليمن، فهؤلاء نقلة الحديث.
وقد ذكروا في مآثره وحلمه وعفوه وحسن تدبيره وتعهده ابنه المهدي وإعداده للخلافة مآثر طيبة، ولكن يؤخذ عليه غدره بأبي مسلم الخراساني وعمه عبد الله بن علي بعد أن أعطى كل واحدٍ منهما الأمان.
ذكر الفتوحات
لم تكن هناك فتوحات حاسمة في عهده، بل هي غزوات متكررة، بل ربما تجرأ الروم على المسلمين لانشغالهم بالصراعات الداخلية فهجموا على بعض الثغور، ودخل مَلِكُهم قسطنطين ملاطية عنوة وهدم سورها وتقدم في بلاد المسلمين.
ولكن لما انتبه المنصور وانتهت إلى حد كبير الصراعات الداخلية، عاد الغزو من جديد واستعاد المسلمون سيطرتهم من ناحية بلاد الروم.
كما بعث أبو جعفر ابنه المهدي لغزو طبرستان سنة 141هـ.
تأسيس الدولة العباسية 11450_image005وفي سنة 151هـ شرع أبو جعفر في بناء الرصافة لابنه المهدي، بعد مقدمه من خراسان، وهي في الجانب الشرقي من بغداد، وجعل لها سورًا وخندقًا، وفيها جدَّد المنصور البيعة لنفسه، ثم لولده المهدي من بعده ثم لعيسى بن موسى من بعدهما.
موت أبي جعفر
مات أبو جعفر سنة 158هـ في طريقه إلى الحج، ودفن بمكة، وقد كتم الربيع الحاجب موته حتى أخذ البيعة للمهدي من قادة بني هاشم ثم دفن.
قالوا: وكان آخر ما تكلم به المنصور أن قال: "اللهم بارك لي في لقائك".



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70029
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

تأسيس الدولة العباسية Empty
مُساهمةموضوع: رد: تأسيس الدولة العباسية   تأسيس الدولة العباسية Emptyالأحد 21 يوليو 2013, 3:30 am




 
أبو جعفر المنصور.. الحاكم الجاد
يعد أبو جعفر المنصور المؤسس الحقيقي للدولة العباسية التي ظلت خمسة قرون زينة الدنيا، ومركز الحضارة، وموئل الثقافة، وعاصمة العالم.
نهض إلى الخلافة بعد أن أصقلته التجارب وأنضجته المحن، وخَبِر الناس وعاشرهم ووقف على دواخلهم وخلائقهم، وما إن أمسك بزمام الأمور حتى نجح في التغلب على مواجهة صعاب وعقبات توهن عزائم الرجال وتضعف ثبات الأبطال، وتبعث اليأس والقنوط في النفوس.
وكانت مصلحة الدولة شغله الشاغل، فأحكمت خطوه وأحسنت تدبيره، وفجرت في نفسه طاقات هائلة من التحدي، فأقام دولته باليقظة الدائمة والمثابرة الدائبة والسياسة الحكيمة.
مولد أبي جعفر المنصور ونشأته :
في قرية "الحميمة" التي تقع جنوب الشام ولد عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس سنة (95هـ = 714م)، ونشأ بين كبار رجال بني هاشم الذين كانوا يسكنون الحميمة، فشب فصيحًا عالمًا بالسير والأخبار، ملمًّا بالشعر والنثر.
وكان أبوه محمد بن علي هو الذي نظّم الدعوة العباسية، وخرج بها إلى حيز الوجود، واستعان في تحركه بالسرية والكتمان، والدقة في اختيار الرجال والأنصار والأماكن التي يتحرك فيها الدعاة، حيث اختار الحميمة والكوفة وخراسان.
وحين نجحت الدعوة العباسية وأطاحت بالدولة الأموية؛ تولى أبو العباس السفّاح الخلافة سنة (132هـ = 749م) واستعان بأخيه أبي جعفر في محاربة أعدائه والقضاء على خصومه وتصريف شئون الدولة، وكان عند حسن ظنه قدرة وكفاءة فيما تولى، حتى إذا مرض أوصى له بالخلافة من بعده، فوليها في (ذي الحجة 136هـ = يونيو 754م) وهو في الحادية والأربعين من عمره.
الفترة الأولى من خلافة أبي جعفر المنصور :
لم تكن الدولة العباسية حين تولى أمرها الخليفة أبو جعفر المنصور ثابتة الأركان مستقرة الأوضاع، بل كانت حديثة عهد، يتربص بها أعداؤها، ويتطلع رجالها إلى المناصب الكبرى، وينتظرون نصيبهم من الغنائم والمكاسب، ويتنازع القائمون عليها من البيت العباسي على منصب الخلافة.
وكان على الخليفة الجديد أن يتصدى لهذه المشكلات التي تكاد تفتك بوحدة الدولة، وتلقي بها في مهب الريح.
وكان أول ما واجهه أبو جعفر المنصور ثورة عارمة حمل لواءها عمه عبد الله بن علي الذي رأى أنه أحق بالخلافة من ابن أخيه؛ فرفض مبايعته، وأعلن التمرد والعصيان، وزعم أن "أبو العباس السفاح" أوصى بالأمر له من بعده، واستظهر بالجيش الذي كان يقوده في بلاد الشام.
لجأ الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور إلى المدينة واتباع الطرق السلمية في علاج الموقف، فبعث إلى عمه رسائل عدة تدعوه إلى الطاعة وترك العصيان، لكنه أعرض عن دعوته وركب رأسه وأعماه الغرور.
فلم يجد المنصور بدًّا من الاستعانة بالسيف، وأرسل له قائده "أبو مسلم الخراساني" على رأس جيش كبير، فتمكن بعد عدة معارك من هزيمة عم الخليفة المتمرد هزيمة ساحقة في (جمادى الآخرة 137هـ = نوفمبر 754م).
فاضطر إلى الفرار والاختباء عند أخيه سليمان بن علي والي البصرة، ولما علم الخليفة أبو جعفر المنصور بخبره احتال له حتى قبض عليه، وألقى به في السجن حتى توفي.
وما كاد يلتقط الخليفة العباسي أنفاسه حتى أعد العدة للتخلص من أبي مسلم الخراساني، صاحب اليد الطولى في نجاح قيام الدولة العباسية.
وكان الخليفة يخشاه ويخشى ما تحت يده من عدد وعتاد في خراسان، ولم يكن الرجلان على وفاق منذ قيام الدولة, وكان أبو مسلم الخراساني يتيه بما صنعه للدولة.
وتحين أبو جعفر المنصور الفرصة للتخلص من غريمه، ولجأ إلى الحيلة والدهاء حتى نجح في حمل أبي مسلم على القدوم إليه بعيدًا عن أنصاره وأعوانه في (شعبان 137هـ = فبراير 755م)، وبعد جلسة حساب عاصفة لقي القائد الكبير مصرعه بين يدي الخليفة.
وبعد مقتل أبي مسلم الخراساني اشتعلت ضد الخليفة العباسي عدة ثورات فارسية للثأر لمقتله، غير أن الخليفة اليقظ نجح في قمع هذه الفتن والقضاء عليها.
ثورة محمد النفس الزكية :
غير أن أخطر ما واجه المنصور هو ثورة العلويين بقيادة محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب المعروف بالنفس الزكية، وأخيه إبراهيم، وكانا يعدان العدة للخروج على أبي جعفر المنصور، وينتظران الفرصة للانقضاض عليه، واختفيا عن أنظار الخليفة يبثان رجالهما وينشران الدعوة إليهما.
 
وكان محمد النفس الزكية يرى نفسه أحق بالخلافة من أبي جعفر المنصور، فامتنع عن بيعته، كما امتنع من قبل عن بيعة أبي العباس السفاح، فلما ولي أبو جعفر المنصور رأى في بقاء محمد وأخيه خطرًا يهدد دولته، وأيقن أنهما لن يكفا عن الدعوة إلى أحقية البيت العلوي بالخلافة، وأقلق اختفاؤهما الخليفة اليقظ؛ فبذل ما في وسعه لمعرفة مكانهما فلم ينجح في الوصول إليهما.
وعجز ولاة المدينة عن تتبع أخبارهما، فاستعان بوالٍ جديد للمدينة غليظ القلب للوصول إلى مكان محمد النفس الزكية، فلجأ إلى القبض على عبد الله بن الحسن والد الزعيمين المختفيين وهدده وتوعده، وقبض أيضًا على نفر من آل البيت، وبعث بهم مكبلين بالأغلال إلى الكوفة فشدد عليهم الخليفة وغالى في التنكيل بهم.
فاضطر محمد النفس الزكية إلى الظهور بعد أن مكث دهرًا يدعو لنفسه سرًّا، واعترف الناس بإمامته في مكة والمدينة، وتلقّب بأمير المؤمنين.
وكان الناس يميلون إليه لخلقه وزهده وحلمه وبعده عن الظلم وسفك الدماء حتى أطلقوا عليه النفس الزكية.
وحين نجحت حيلة المنصور في إجبار محمد النفس الزكية على الظهور بعد القبض على آل بيته، بعث إليه بجيش كبير يقوده عمه عيسى بن موسى فتمكن من هزيمة محمد النفس الزكية وقتله بالمدينة المنورة في (14 من رمضان 145هـ = 6 من ديسمبر 762م).
ثم تمكن من هزيمة الجيش العلوي الثاني الذي كان يقوده إبراهيم أخو محمد النفس الزكية، الذي تغلب على البصرة والأهواز وفارس، ونجح في القضاء عليه بعد صعوبة بالغة في (25 من ذي القعدة 145هـ = 14 من يناير 763م) في معركة حاسمة وقعت في باخمرى بين الكوفة وواسط، وبذلك زال خطر هائل كان يهدد سلامة الدولة الناشئة.
وقد أثبتت هذه الأحداث المتلاحقة والثورات العارمة، ما يمتلكه الخليفة أبو جعفر المنصور من براعة سياسية وخبرة حربية، وقدرة على حشد الرجال، وثبات في المحن، ودهاء وحيلة في الإيقاع بالخصوم، وبذلك تمكن من التغلب على المشكلات التي واجهته منذ أن تولى الحكم.
أبو جعفر المنصور وبناء بغداد :
رغب الخليفة أبو جعفر المنصور في بناء عاصمة جديدة لدولته بعيدة عن المدن التي يكثر فيها الخروج على الخلافة كالكوفة والبصرة، وتتمتع باعتدال المناخ وحسن الموقع.
فاختار بغداد على شاطئ دجلة، ووضع بيده أول حجر في بنائها سنة (145هـ = 762م) واستخدم عددًا من كبار المهندسين للإشراف على بنائها، وجلب إليها أعدادًا هائلة من البنائين والصناع، فعملوا بجد وهمة حتى فرغوا منها في عام (149هـ = 766م) وانتقل إليها الخليفة وحاشيته ومعه دواوين الدولة.
وأصبحت منذ ذلك الحين عاصمة الدولة العباسية، وأطلق عليها مدينة السلام؛ تيمنًا بدار السلام وهو اسم من أسماء الجنة، أو نسبة إلى نهر دجلة الذي يسمى نهر السلام.
ولم يكتف المنصور بتأسيس المدينة على الضفة الغربية لدجلة، بل عمل على توسيعها سنة (151هـ = 768م) بإقامة مدينة أخرى على الجانب الشرقي سماها الرصافة، جعلها مقرًا لابنه وولي عهده "المهدي" وشيد لها سورًا وخندقًا ومسجدًا وقصرًا، ثم لم تلبث أن عمرت الرصافة واتسعت وزاد إقبال الناس على سكناها.
بيت الحكمة :
ومن الأعمال الجليلة التي تُذكر للمنصور عنايته بنشر العلوم المختلفة، ورعايته للعلماء من المسلمين وغيرهم، وقيامه بإنشاء "بيت الحكمة" في قصر الخلافة ببغداد، وإشرافه عليه بنفسه، ليكون مركزًا للترجمة إلى اللغة العربية.
وقد أرسل أبو جعفر إلى إمبراطور الروم يطلب منه بعض كتب اليونان فبعث إليه بكتب في الطب والهندسة والحساب والفلك، فقام نفر من المترجمين بنقلها إلى العربية.
وقد بلغ نشاط بيت الحكمة ذروته في عهد الخليفة المأمون الذي أولاه عناية فائقة، ووهبه كثيرًا من ماله ووقته، وكان يشرف على بيت الحكمة قيّم يدير شئونه، ويُختار من بين العلماء المتمكنين من اللغات.
وضم بيت الحكمة إلى جانب المترجمين النسّاخين والخازنين الذين يتولون تخزين الكتب، والمجلدين وغيرهم من العاملين, وظل بيت الحكمة قائمًا حتى داهم المغول بغداد سنة (656هـ = 1258م).
شخصية أبي جعفر المنصور :
كان الخليفة أبو جعفر المنصور رجل عمل وجد، لم يتخذ من منصبه وسيلة للعيشة المرفهة والانغماس في اللهو والاستمتاع بمباهج السلطة والنفوذ، يستغرق وقته النظر في شئون الدولة، ويستأثر بمعظم وقته أعباء الحكم.
وكان يعرف قيمة المال وحرمته، فكان حريصًا على إنفاقه فيما ينفع الناس؛ ولذلك عني بالقليل منه كما عني بالكثير، ولم يتوان عن محاسبة عماله على المبلغ الزهيد، ولا يتردد في أن يرسل إليهم التوجيهات والتوصيات التي من شأنها أن تزيد في دخول الدولة، وكان يمقت أي لون من ألوان تضييع المال دون فائدة، حتى اتهمه المؤرخون بالبخل والحرص، ولم يكن كذلك فالمال العام له حرمته ويجب إنفاقه في مصارفه المستحقة.
ولذلك لم يكن يغض الطرف عن عماله إذا شك في أماناتهم من الناحية المالية بوجه خاص؛ لأنه كان يرى أن المحافظة على أموال الدولة الواجب الأول للحاكم.
وشغل أبو جعفر وقته بمتابعة عماله على المدن والولايات، وكان يدقق في اختيارهم ويسند إليهم المهام، وينتدب للخراج والشرطة والقضاء من يراه أهلاً للقيام بها.
وكان ولاة البريد في الآفاق يكتبون إلى المنصور بما يحدث في الولايات من أحداث، حتى أسعار الغلال كانوا يطلعونه عليها وكذلك أحكام القضاء.
وقد مكنه هذا الأسلوب من أن يكون على بينة مما يحدث في ولايات دولته، وأن يحاسب ولاته إذا بدر منهم أي تقصير.
ولم يكن المنصور قوي الرغبة في توسيع رقعة دولته ومد حدوده؛ لأنه كان يؤثر توطيد أركان الدولة والمحافظة عليها وحمايتها من العدوان والقلاقل والثورات الداخلية، لكنه اضطر إلى الدخول في منازعات وحروب مع الدولة البيزنطية حين بدأت بالعدوان وأغارت على بلاده.
وقد توالت حملاته على البيزنطيين بعد أن استقرت أحوال دولته سنة (149هـ = 766م) حتى طلب إمبراطور الروم الصلح فأجابه المنصور إليه؛ لأنه لم يكن يقصد بغزو الدولة البيزنطية الغزو والتوسع بقدر إشعارهم بقوته حتى يكفوا عن التعرض لدولته.
وعلى الرغم من الشدة الظاهرة في معاملة المنصور، وميله إلى التخلص من خصومه بأي وسيلة، فقد كان يقبل على لقاء العلماء الزاهدين ويرحب بهم ويفتح صدره لتقبل نقدهم ولو كان شديدًا.
وتمتلئ كتب التاريخ والأدب بلقاءاته مع سفيان الثوري وعمرو بن عبيد وابن أبي ذئب والأوزاعي وغيرهم.
ويؤخذ عليه شططه في معاملة الإمامين الكبيرين: أبي حنيفة النعمان، ومالك بن أنس؛ لاعتقاده أنهما يتفقان مع خصومه من آل البيت العلوي.
دامت خلافة أبي جعفر المنصور اثنين وعشرين عامًا، نجح خلالها في تثبيت الدولة العباسية ووضع أساسها الراسخ الذي تمكن من الصمود خمسة قرون حتى سقطت أمام هجمات المغول.
وبعد حياة مليئة بجلائل الأعمال توفي الخليفة العباسي في (6 من ذي الحجة 158هـ = 7 من أكتوبر 755م) وهو محرم بالحج والعمرة، ودُفن في مقبرة المعلاة (بئر ميمون) في أعلى مكة المكرمة.
المصدر: موقع هدي الإسلام.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
تأسيس الدولة العباسية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  الولايات المتحدة الأمريكية_ ملخص تاريخي من قبل تأسيس الدولة إلى حديثاً
» سلسلة التاريخ السياسي للدولة العباسية
» السلطان طغرلبك السلجوقي .. منقذ الخلافة العباسية
» لكسر النظرية العباسية..المفاجئة الحمساوية 2 هل تحدث!
» الدولة الأيوبية.. ودور الدولة الزنكية في نشأتها

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: الدين والحياة :: المكتبة الاسلاميه-
انتقل الى: