منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 العلمانية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70084
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

العلمانية Empty
مُساهمةموضوع: العلمانية   العلمانية Emptyالإثنين 29 يوليو 2013, 2:06 am


العلمانية


 
تعريف العلمانية:
العلمانية 20207_image002العلمانية وترجمتها الصحيحة: اللادينية أو الدنيوية، وهي دعوة إلى إقامة الحياة على العلم الوضعي والعقل ومراعاة المصلحة بعيدًا عن الدين وتعني في جانبها السياسي بالذات اللادينية في الحكم، وهي اصطلاح لا صلة له بكلمة العلم الوضعي والعقل ومراعاة المصلحة بعيدًا عن الدين وتعني في جانبها بالذات اللادينية في الحكم، وهي اصطلاح لا صلة له بكلمة العلم..
وقد ظهرت في أوربا منذ القرن السابع عشر وانتقلت إلى الشرق في بداية القرن التاسع عشر وانتقلت بشكل أساسي إلى مصر وتركيا وإيران ولبنان وسوريا ثم تونس ولحقتها العراق في نهاية القرن التاسع عشر. أما بقية الدول العربية فقد انتقلت إليها في القرن العشرين، وقد اختيرت كلمه علمانية لأنها أقل إثارة من كلمة لادينية.
ومدلول العلمانية المتفق عليه يعني عزل الدين عن الدولة وحياة المجتمع وإبقاءه حبيسًا في ضمير الفرد لا يتجاوز العلاقة الخاصة بينه وبين ربه فان سمح له بالتعبير عن نفسه ففي الشعائر التعبدية والمراسم المتعلقة بالزواج والوفاة ونحوهما.
تتفق العلمانية مع الديانة النصرانية في فصل الدين عن الدولة حيث لقيصر سلطة الدولة ولله سلطة الكنيسة وهذا واضح فيما ينسب للسيد المسيح من قوله: "أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله", أما الإسلام فلا يعرف هذه الثنائية والمسلم كله لله وحياته كلها لله {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ[الأنعام: 162].
تأسيس العلمانية وأبرز الشخصيات :
انتشرت هذه الدعوة في أوربا وعمت أقطار العالم بحكم النفوذ الغربي والتغلغل الشيوعي, وقد أدت ظروف كثيرة قبل الثورة الفرنسية سنة 1789م وبعدها إلى انتشارها الواسع وتبلور منهجها وأفكارها وقد تطورت الأحداث وفق الترتيب التالي:
- تحول رجال الدين إلى طواغيت ومحترفين سياسيين ومستبدين تحت ستار الإكليروس والرهبانية والعشاء الرباني وبيع صكوك الغفران.
- وقوف الكنيسة ضد العلم وهيمنتها على الفكر وتشكيله لمحاكم التفتيش واتهام العلماء بالهرطقة، مثل:
1- كوبرنيكوس: نشر عام 1543م كتاب حركات الأجرام السماوية وقد حرمت الكنيسة هذا الكتاب.
2- جرادانو: صنع التلسكوب فعذب عذابًا شديدًا وعمره سبعون سنة وتوفي سنة 1642م.
3- سبينوزا: صاحب مدرسة النقد التاريخي وقد كان مصيره الموت مسلولاً.
4- جون لوك: طالب بإخضاع الوحي للعقل عند التعارض.
ظهور مبدأ العقل والطبيعة: فقد أخذ العلمانيون يدعون إلى تحرر العقل وإضفاء صفات الإله على الطبيعة.
- الثورة الفرنسية: نتيجة لهذا الصراع بين الكنيسة وبين الحركة الجديدة من جهة أخرى، كانت ولادة الحكومة الفرنسية سنة 1789م وهي أول حكومة لا دينية تحكم باسم الشعب, وهناك من يرى أن الماسون استغلوا أخطاء الكنيسة والحكومة الفرنسية وركبوا موجة الثورة لتحقيق ما يمكن تحقيقه من أهدافهم.
- جان جاك روسو سنة 1778م له كتاب العقد الاجتماعي الذي يعد إنجيل الثورة، مونتسكيو له روح القوانين, سبينوزا ( يهودي) يعتبر رائد العلمانية باعتبارها منهجًا للحياة والسلوك وله رسالة في اللاهوت والسياسة، فولتير صاحب القانون الطبيعي كانت له الدين في حدود العقل وحده سنة 1804م، وليم جودين 1793م له العدالة السياسية ودعوته فيه دعوة علمانية صريحة.
- ميرابو: الذي يعد خطيب وزعيم وفيلسوف الثورة الفرنسية.
- سارت الجموع الغوغائية لهدم الباستيل وشعارها الخبز ثم تحول شعارها إلى (الحرية والمساواة والإخاء) وهو شعار ماسوني و(لتسقط الرجعية) وهي كلمة ملتوية تعني الدين, وقد تغلغل اليهود بهذا الشعار لكسر الحواجز بينهم وبين أجهزة الدولة وإذابة الفوارق الدينية, وتحولت الثورة من ثورة على مظالم رجال الدين إلى ثورة على الدين نفسه.
- نظرية التطور: ظهر كتاب أصل الأنواع سنة 1859م لتشارلز دارون الذي يركز على قانون الانتقاء الطبيعي وبقاء الأنسب وقد جعلت الجد الحقيقي للإنسان جرثومة صغيرة عاشت في مستنقع راكد قبل ملايين السنين، والقرد مرحلة من مراحل التطور التي كان الإنسان آخرها.
وهذا النظرية التي أدت إلى انهيار العقيدة الدينية ونشر الإلحاد وقد استغل اليهود هذه النظرية بدهاء وخبث.
- ظهور نيتشه: وفلسفته التي تزعم بأن الإله قد مات وأن الإنسان الأعلى (السوبر مان) ينبغي أن يحل محله.
- دور كايم (اليهودي): جمع بين حيوانية الإنسان وماديته بنظرية العقل الجمعي.
- فرويد (اليهودي): اعتمد الدافع الجنسي مفسرًا لكل الظواهر, والإنسان في نظره حيوان جنسي.
- كارل ماركس (اليهودي): صاحب التفسير المادي للتاريخ الذي يؤمن بالتطور الحتمي وهو داعية الشيوعية ومؤسسها والذي اعتبر الدين أفيون الشعوب.
- جان بول سارتر: في الوجودية وكولن ولسون في اللامنتمي: يدعوان إلى الوجودية والإلحاد.
الاتجاهات العلمانية في العالم الإسلامي نذكر نماذج منها :
1- في مصر: دخلت العلمانية مصر مع حملة نابليون بونابرت, وقد أشار إليها الجبرتي في الجزء المخصص للحملة الفرنسية على مصر وأحداثها بعبارات تدور حول معنى العلمانية وإن لم تذكر اللفظة صراحة, أما أول من استخدم هذا المصطلح العلمانية فهو نصراني يدعى إلياس بقطر في معجم عربي فرنسي من تأليفه سنة 1827م, وأدخل الخديوي إسماعيل القانون الفرنسي سنة 1883م، وكان هذا الخديوي مفتونًا بالغرب، وكان أمله أن يجعل من مصر قطعة من أوربا.
2- الهند: حتى سنة 1791م كانت الأحكام وفق الشريعة الإسلامية ثم بدأ التدرج من هذا التاريخ لإلغاء الشريعة الإسلامية بتدبير الإنجليز وانتهت تمامًا في أواسط القرن التاسع عشر.
3- الجزائر: إلغاء الشريعة الإسلامية عقب الاحتلال الفرنسي سنة 1830م.
4- تونس: أدخل القانون الفرنسي فيها سنة 1906م.
5– المغرب: أدخل القانون الفرنسي فيها سنة 1913م.
6- تركيا لبست ثوب العلمانية عقب إلغاء الخلافة واستقرار الأمور تحت سيطرة مصطفى كمال أتاتورك، وإن كانت قد وجدت هناك إرهاصات ومقدمات سابقة.
7- العراق والشام: ألغيت الشريعة أيام إلغاء الخلافة العثمانية وتم تثبيت أقدام الإنجليز والفرنسيين فيها.
8- معظم إفريقيا: فيها حكومات نصرانية امتلكت السلطة بعد رحيل الاستعمار.
9- إندونيسيا ومعظم بلاد جنوب شرق آسيا دول علمانية.
10- انتشار الأحزاب العلمانية والنزاعات القومية: حزب البعث، الحزب القومي السوري، النزعة الفرعونية، النزعة الطورانية، القومية العربية.
11- من أشهر دعاة العلمانية في العالم العربي الإسلامي: أحمد لطفي السيد، إسماعيل مظهر، قاسم أمين، طه حسين، عبد العزيز فهمي، ميشيل عفلق، أنطوان سعادة، سوكارنو، سوهارتو، نهرو، مصطفى كمال أتاتورك، جمال عبد الناصر، أنور السادات (صاحب شعار: لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين)، د. فؤاد زكريا، د. فرج فودة وقد اغتيل بالقاهرة مؤخرًا، وغيرهم.
العلمانية أفكار ومعتقدات:
- بعض العلمانيين ينكر وجود الله أصلاً.
- وبعضهم يؤمنون بوجود الله لكنهم يعتقدون بعدم وجود أية علاقة بين الله وبين حياة الإنسان.
- الحياة تقوم على أساس العلم المطلق وتحت سلطان العقل والتجريب.
- إقامة حاجز بين عالمي الروح والمادة والقيم الروحية لديهم قيم سلبية.
- فصل الدين عن السياسة وإقامة الحياة على أساس مادي.
- تطبيق مبدأ النفعية على كل شيء في الحياة.
- اعتماد مبدأ الميكافيلية في فلسفة الحكم والسياسية والأخلاق.
- نشر الإباحية والفوضى الأخلاقية وتهديم كيان الأسرة باعتبارها النواة الأولى في البنية الاجتماعية.
أما معتقدات العلمانية في العالم الإسلامي والعربي التي انتشرت بفضل الاستعمار والتبشير فهي:
- الطعن في حقيقة الإسلام والقرآن والنبوة.
- الزعم بأن الإسلام استنفذ أغراضه وهو عبارة عن طقوس وشعائر روحية.
- الزعم بأن الفقه الإسلامي مأخوذ عن القانون الروماني.
-الوهم بأن الإسلام لا يتلائم مع الحضارة ويدعو إلى التخلف.
- الدعوة إلى تحرير المرأة وفق الأسلوب الغربي.
- تشويه الحضارة الإسلامية وتضخيم حجم الحركات الهدامة في التاريخ الإسلامي, والزعم بأنها حركات إصلاح.
- إحياء الحضارات القديمة.
- اقتباس الأنظمة والمناهج اللادينية عن الغرب ومحاكاته فيها.
- تربية الأجيال تربية لادينية.
إذا كان هناك عذر لوجود العلمانية في الغرب, فليس هناك أي عذر لوجودها في بلاد المسلمين؛ لأن النصراني إذا حكمه قانون مدني وضعي لا ينزعج كثيرًا ولا قليلاً؛ لأنه لا يعطل قانونًا فرضه عليه دينه وليس في دينه ما يعتبر منهجًا للحياة، أما مع المسلم فالأمر مختلف حيث يوجب عليه إيمانه الاحتكام لشرع الله.
ومن ناحية أخرى كما يقول الدكتور يوسف القرضاوي فإنه إذا انفصلت الدولة عن الدين بقي الدين النصراني قائمًا في ظل سلطته القوية الفتية المتمكنة وبقيت جيوش من الراهبين والراهبات والمبشرين والمبشرات تعمل في مجالاتها المختلفة دون أن يكون للدولة عليهم سلطان بخلاف ما لو فعلت ذلك دولة إسلامية فإن النتيجة أن يبقى الدين بغير سلطان يؤيده ولا قوة تسنده, حيث لا بابوية ولا كهنوت ولا إكليروس, وصدق الخليفة الثالث عثمان بن عفان t حين قال: "إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن".
العلمانية جذور فكرية وعقائدية :
العداء المطلق للكنيسة أولاً وللدين ثانيًا أيًّا كان، سواء وقف إلى جانب العلم أم عاداه.
لليهود دور بارز في ترسيخ العلمانية من أجل إزالة الحاجز الديني الذي يقف أمام اليهود حائلاً بينهم وبين أمم الأرض.
يقول ألفرد هوايت هيو: "ما من مسالة ناقض العلم فيها الدين إلا وكان الصواب بجانب العلم والخطأ حليف الدين", وهذا القول إن صح بين العلم واللاهوت في أوربا, فهو قول مردود ولا يصح بحال فيما يخص الإسلام, حيث لا تعارض إطلاقًا بين الإسلام وبين حقائق العلم، ولم يقم بينها أي صراع كما حدث في النصرانية.
وقد نقل عن أحد الصحابة قوله عن الإسلام: "ما أمر بشيء، فقال العقل: ليته نهى عنه، ولا نهى عن شيء, فقال العقل: ليته أمر به", وهذا القول تصدقه الحقائق العلمية والموضوعية وقد أذعن لذلك صفوة من علماء الغرب وأفصحوا عن إعجابهم وتصديقهم لتلك الحقيقة في مئات النصوص الصادرة عنهم.
- تعميم نظرية (العداء بين العلم من جهة والدين من جهة) لتشمل الدين الإسلامي, على الرغم أن الدين الإسلامي لم يقف موقف الكنيسة ضد الحياة والعلم حتى كان الإسلام سباقًا إلى تطبيق المنهج التجريبي ونشر العلوم.
- إنكار الآخرة وعدم العمل لها واليقين بأن الحياة الدنيا هي المجال الوحيد.
لماذا يرفض الإسلام العلمانية؟ :
- لأنها تغفل طبيعة الإنسان البشرية باعتبارها مكونة من نفس وروح فتهتم بمطالب جسمه ولا تلقي اعتبارًا لأشواق روحه.
- لأنها نبتت في البيئة الغربية وفقًا لظروفها التاريخية والاجتماعية والسياسية وتعتبر فكرًا غريبًا في بيئتنا الشرقية.
- لأنها تفصل الدين عن الدولة فتفتح المجال للفردية والطبقية والعنصرية والمذهبية والقومية والحزبية والطائفية.
- لأنها تفسح المجال لانتشار الإلحاد وعدم الانتماء والاغتراب والتفسخ والفساد والانحلال.
- لأنها تجعلنا نفكر بعقلية الغرب، فلا ندين العلاقات الحرة بين الجنسين وندوس على أخلاقيات المجتمع ونفتح الأبواب على مصراعيها للممارسات الدنيئة, وتبيح الربا وتعلي من قدر الفن للفن, ويسعى كل إنسان لإسعاد نفسه ولو على حساب غيره.
- لأنها تنقل إلينا أمراض المجتمع الغربي من إنكار الحساب في اليوم الآخر, ومن ثم تسعى لأن يعيش الإنسان حياة متقلبة منطلقة من قيد الوازع الديني، مهيجة الغرائز الدنيوية كالطمع والمنفعة وتنازع البقاء ويصبح صوت الضمير عدمًا.
- مع ظهور العلمانية يتم تكريس التعليم لدراسة ظواهر الحياة الخاضعة للتجريب والمشاهدة وتهمل أمور الغيب من إيمان بالله والبعث والثواب والعقاب, وينشأ بذلك مجتمع غايته متاع الحياة وكل لهو رخيص
العلمانية ومواقع النفوذ :
بدأت العلمانية في أوربا وصار لها وجود سياسي مع ميلاد الثورة الفرنسية سنة 1789م, وقد عمت أوربا في القرن التاسع عشر وانتقلت لتشمل معظم دول العالم في السياسة والحكم في القرن العشرين بتأثير الاستعمار والتبشير.
يتضح مما سبق :
إن العلمانية دعوة إلى إقامة الحياة على أسس العلم الوضعي والعقل بعيدًا عن الدين الذي يتم فصله عن الدولة وحياة المجتمع وحبسه في ضمير الفرد ولا يصرح بالتعبير عنه إلا في أضيق الحدود.
وعلى ذلك فإن الذي يؤمن بالعلمانية بديلاً عن الدين ولا يقبل تحكيم الشرعية الإسلامية في كل جوانب الحياة ولا يحرم ما حرم الله يعتبر مرتدًا ولا ينتمي إلى الإسلام.
والواجب إقامة الحجة عليه واستتابته حتى يدخل في حظيرة الإسلام وإلا جرت عليه أحكام المرتدين المارقين في الحياة وبعد الوفاة.
المصدر: موقع صيد الفوائد.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70084
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

العلمانية Empty
مُساهمةموضوع: رد: العلمانية   العلمانية Emptyالثلاثاء 09 أغسطس 2016, 10:09 am

"العلمانية" جذورها التاريخية وبنيتها المعرفية.. هل نحن علمانيون حقا؟ (1)

العلمانية %D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9_%D9%83%D8%A8%D9%8A%D8%B1_%D8%B9


عماد عبد الرحمن
العلمانية "secularism" هي المذهب الدنيوي؛ أي عدم المبالاة بالدِّين أو العبارات الدِّينيَّة، هكذا تترجم الكلمة في القواميس، ولكن توجد في المعجم العربي ترجمات مختلفة، فبحسب الدكتور عبدالوهاب المسيري، فإن كلمة "سيكولار" و"لائيك" (المصطلحين الإنكليزي secularism والفرنسي laïcité): تعني "العِلمانية" (بكسر العين) نسبة إلى العِلم، "العَلمانية" (بفتح العين) نسبة إلى "العالم" أي "الدنيوية" و"الزمنية"؛ أي الإيمان بأنها هي الحياة الدنيا ولا يوجد سواها، و"الزمنية" بمعنى أن كل الظواهر مرتبطة بالزمان وبالدنيا ولا علاقة لها بأية ماورائيات، أي الماوراء الطبيعة المتافازيقا، وتستخدم أحيانا كلمة "لائيك" ("لائيكي" و"لائيكية")، خصوصا في المغرب ولبنان، دون تغيير بمعنى العلمانية.
ولكن قبل الحديث عن كلمة العلمانية كمصطلح نريد الرجوع إلى الوراء لنرى أصل الفكرة عند الفلاسفة، فربما كان أول ظهور للفكرة وهي عدم تدخل الإله أو الآلهة في الحياة الدنيا كان عند الفيلسوف اليوناني "إبيقور" 341ــــ270 ق.م، وهو صاحب مدرسة فلسفية سميت باسمه (الإبيقوريّة)، فهو ينكر تدخل الآلهة في شؤون العالم، لأن لهم وجودا سعيدا لا يعكره واجبات متعبة، وهو ينكر العناية الإلهية ويقول إنها وهم من الأوهام، ولا تتفق مع مقام الألوهية.
ثم تلاه باروخ سبينوزا (بالهولندية: Baruch Spinoza) هو فيلسوف هولندي من أهم فلاسفة القرن 17. ولد في 24 نوفمبر 1632 في أمستردام، وتوفي في 21 فبراير 1677 في لاهاي، إذ أشار إلى فكرة العلمانية، فقال إن الدين يحوّل قوانين الدولة إلى مجرد قوانين تأديبية، وأشار أيضًا إلى أن الدولة هي كيان متطور وتحتاج دومًا إلى التطوير والتحديث على عكس الشريعة الثابتة الموحاة، فهو يرفض اعتماد الشرائع الدينية مطلقًا في قوانين الدولة، مؤكدًا أن قوانين العدل الطبيعية والإخاء والحرية هي وحدها مصدر التشريع.
أما الفيلسوف الإنكليزي جون لوك (29 أغسطس 1632 ــــ 28 أكتوبر 1704) (بالإنجليزية: John Locke) هو فيلسوف تجريبي ومفكر سياسي إنجليزي كتب في فكرة العلمانية فقال: "من أجل الوصول إلى دين صحيح، ينبغي على الدولة أن تتسامح مع جميع أشكال الاعتقاد دينيًا أو فكريًا أو اجتماعيًا، ويجب أن تنشغل في الإدارة العملية وحكم المجتمع فقط، لا أن تنهك نفسها في فرض هذا الاعتقاد ومنع ذلك التصرف. ويجب أن تكون الدولة منفصلة عن الكنيسة، وألا يتدخل أي منهما في شؤون الآخر. هكذا يكون العصر هو عصر العقل، ولأول مرة في التاريخ البشري سيكون الناس أحرارًا، وبالتالي فهم قادرون على إدراك الحقيقة".
ثم جاء الفيلسوف الفرنسي الطبيعي فرانسوا ماري أرويه (FrançoisــــMarie Arouet) المعروف باسم فولتير (بالفرنسية: Voltaire) من مواليد (21 نوفمبر 1694) ووفيات (30 مايو 1778)، الذي يقول بالعناية الإلهية ولكنها عناية كلية لا تتناول الجزئيات، أي أن تدبير الكون لا يرجع إلا إلى القوانين العامة في الكون، بمعنى "أن الله صانع الساعة لا مخلص الإنسان، فقد كان فولتير مؤلها ينكر الوحي، ويعتبر أن الديانات التاريخية مجرد خرافات ويجب أن تستبدل بديانة عقلانية تحبذ الأخلاق.
ثم جاء توماس جفرسون Thomas Jefferson  (1743 –1826م)، هو أحد الآباء المؤسسين للولايات المتحدة، والكاتب الرئيسي لاعلان الاستقلال (1776م) وثالث رئيس للولايات المتحدة (1801–1809م)، الذي قال "إن الإكراه في مسائل الدين أو السلوك الاجتماعي هو خطيئة واستبداد، وإن الحقيقة تسود إذا ما سُمح للناس بالاحتفاظ بآرائهم وحرية تصرفاتهم"، وهو بهذا القول أسس لفكرة العلمانية على نطاق واسع في العقل الجمعي للشعب الأمريكي والشعوب عامة.
يعد أول ظهور لكلمة العلمانية كمصطلح مستقل في عام 1648م عندما انتهت حرب الثلاثون عاما في أوروبا، وفي ذلك الوقت وبعد توقيع صلح "وستفاليا" بدأ ظهور الدولة القومية الحديثة وعندها بدأ يتشكل مفهوم العلمانية، وهو نقل سلطة الحكم من الكنيسة إلى الدولة؛ وهي الدولة القومية الحديثة، وكانت الكنيسة تعتبر ذلك مصادرة غير شرعية على ممتلكات الكنيسة في حين كان الفلاسفة يعتبرونها مصادرة شرعية.
وقد اتسع المجال الدلالي للكلمة على يد جون هوليوك (1817ــــ1906م) الذي عرف العلمانية بأنها: "الإيمان بإمكانية إصلاح حال الإنسان من خلال الطرق المادية دون التصدي لقضية الإيمان سواء بالقبول أو الرفض"، وهو بهذا التعريف يقصي الدين عن الجانب الإصلاحي والدين في الأساس جاء ليصلح حال الإنسان سواء في الدنيا أو في الآخرة، ولكن هوليوك يحاول في تعريفه هذا عدم التصادم مع الدين بشكل مباشر.
وهل إصلاح الإنسان يكون من الجانب المادي وحده؟ لكن أين الجانب القيمي للإنسان، بأي أخلاق يمكن إصلاح الإنسان وهل هناك أخلاقا مادية يمكن من خلالها إصلاح حال الإنسان؟ وهل يمكن إصلاح حال الإنسان دون منظومة معرفية تفسر علاقة الإنسان بالكون ومفهوم الإله إن كان موجودا أو لا؟ كل ذلك بحاجة إلى جواب من هوليوك فما هي البنية المعرفية المادية التي سيتم إصلاح حال الإنسان من خلالها.
ألا يدل ذلك أيضا على أن هذا التعريف الذي قدمه هوليوك يتنافى مع الدين ومع مفهوم الدين ومع البنية المعرفية للدين، إن أي مناداة للعلمانية هي في الحقيقة تعني إقصاء أي بنية معرفية دينية، لأن أساس الفكرة، أي فكرة العلمانية جاءت لكي تقصي الدين عن الجانب العملي للحياة، وهي تعطي نظرة معرفية فلسفية لوجود الدين في حياة البشر، سواء كانت هذه العلمانية مضادة للدين أو غير مضادة له وهذا ما سيتبين من خلال بحثنا.
ثم أصبح تعريف العلمانية هو "فصل الدين عن الدولة" وهو ترجمة للكلمة الإنجليزية "separafion of church and stata" ولكن ترجمة هذه الجملة حرفيا هو فصل الكنيسة عن الدولة فكلمة " church تعني الكنيسة"، ولأمر ما ترجمة وشاعة الكلمة بمعنى الدين لتشمل كل دين. وهذ التعريف يعد من أشهر التعريفات في العالم كما يشير إليه الدكتور عبد الوهاب المسيري.
علمنة بنيوية كامنة
ثم تطور هذا المصطلح ليصبح له دلالة شاملة، فهو يمثل بنية معرفية شاملة للكون والحياة وعلاقة الإنسان بالإنسان وسياسات الحكم، فهذا المفهوم تطور متأخرا ولكنه هو المفهوم الصحيح للعلمانية في نظرنا، فيعرفها الدكتور والفيلسوف عبد الوهاب المسيري بقوله "رؤية شاملة للعالم ذات بعد معرفي (كلي ونهائي) تحاول بكل صراحة تحديد علاقة الدين والمطلقات والماورائيات (الميتافيزيقية) بكل مجالات الحياة وهي رؤية عقلانية مادية تدور في إطار المرجعية الكامنة والواحدية المادية، التي ترى أن مركز الكون كامن فيه، غير مفارق أو متجاوز له، وأن العالم كله مكون من مادة واحدة لا قداسة لها وفي حالة حركة دائمة لا غاية لها ولا هدف".
بهذا التعرف تصبح العلمانية هي دين العالم الجديد المتفرد الذي لا يقبل غيره، والذي يحاول تصفية كل الديانات بطريقة كامنة وبطيئة ولكنها أكيدة المفعول، وبالفعل هذا ما عليه العلمانية في العصر الحديث ولتوضيح ذلك نقول:
إن العلمانية بالمفهوم السابق تنتشر بشكل شمولي في العالم، فهي تخاطب العقل الباطن للإنسان وتخاطب العقل الجمعي للشعوب وللبشرية جمعاء، بل هي تعيد تشكيل العقل بطريقة تجعله يقبل هذا الدين الجديد وهذه النظرة الشمولية وهذه البنية المعرفية.
والوسائل المستخدمة في ذلك كثيرة جدا منها الدولة والنظام الدولي؛ فالدول في كل العالم هي دول علمانية بما في ذلك الدول العربية وغيرها، والنظام الدولي العالمي هو نظام علماني، وفي المجال الاقتصادي هناك علمنة ممنهجية تحدد حركة المال في العالم ولا تسمح لأحد بتغيير المسار لارتباط الاقتصاد العالمي بعضه ببعض بطريقة لا تسمح لأحد بالتغريد خارج السرب.
وعلى الجانب المعرفي والنظم المعرفية؛ فالمناهج المدرسية في العالم كله لا أقول في الوطن العربي أو الإسلامي بل نظام التعليم العالمي هو نظام علماني قائم على المعرفة التي لا مرجعية دينية لها، ولا تنطلق من منطلقات ميتافيزيقية دينية، بل إن النظام التعليمي العالمي ينطلق من نظرة علمانية متفازيقية كامنة وتتسلل ببطئ إلى عقول الأجيال الصاعدة.       
وفي المجال الإعلامي؛ فالإعلام في العالم كله علماني بوضوح وهو يروج للعلمانية، البرامج التلفزيونية التي تمثل إطارا دارويني أو فرويدي أو برجماتي وبخاصة الأفلام والمسلسلات، وهي تقتحم أفكارنا وتقتحم بنيتنا المعرفية وتمارس الهدم بخفاء وتعيد تشكيل العقل الباطن للإنسان بحسب هذه الأفكار الأمر الذي سينتج مجتمعا علمانيا وأفكارا علمانية يمارسها الكل بل ويدافعون عنها دون وعي منهم.
حتى على مستوى تشجيع فريق كرة قدم فأنت تقوم بتشجيع هذا أو ذاك لا على أساس الدين وتقوم بالدفاع عنه ومحبته وتقليده فهذه علمنة من الناحية العملية ولكنا كامنة ومبطنة وغير ظاهر بسفور أمام العيان.
يقول الدكتور عبد الوهاب المسيري ولنضرب لذلك مثالا من برامج الأطفال والتي تشكل عقل الصغير منذ بداية حياته "توم وجيري الذي يصوغ وجدان أطفالنا كل صباح حيث يقوم الفأر اللذيذ الماكر باستخدام كل الحيل (التي لا يمكن الحكم عليها أخلاقيا فهي لذيذة وذكية وماكرة) للقضاء على خصمه القط الغبي ثقيل الظل، ولنلاحظ أن القيم المستخدمة هنا هي قيم نسبية نفسية وظيفية برجماتية لا علاقة لها بالخير والشر، قيم تشير إلى نفسها وحسب، كما أن الصراع بين الاثنين يبدأ ولا ينتهي يبدأ ببداية الفلم ولا ينتهي بنهايته فالعالم حسب رؤية هذا الكرتون الكامن إن هو إلا غابة دارونية مليئة بالذئاب التي تلبس ثياب القط والفأر توم وجيري"، والتي تستخدم وسائل برجماتية في تحصيل اللذة فلا مفهوم للخير والشر واضح أي لا يوجد قيم الخير والشر وهذا نموذج مما نتلقاه ونصنع به عقول أطفالنا بشكل كامن.
هكذا نرى العلمانية تغزونا بوسائل شتى بمفهومها النهائي الشامل الذي يخرج لنا بنية معرفية جديدة تشكل عقول الناس في الخفاء.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70084
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

العلمانية Empty
مُساهمةموضوع: رد: العلمانية   العلمانية Emptyالثلاثاء 09 أغسطس 2016, 10:10 am

العلمانية نتائجها.. ما وراء العلمنة الشاملة؟


عماد عبد الرحمن
تحدثنا في المقال السابق عن جذور العلمانية في التاريخ، وحاولنا أن نفهم ما هو التطور الذي حصل للكلمة ومفهومها تاريخيا، وقمنا باستقصاء جذور هذه الفكرة منذ أقدم العصور في الفكر البشري المنظم، والنظر إلى الفلسفات التي بدأت بإنشاء مفاهيم كهذا المفهوم (العلمانية)، وقمنا برسم المفهوم وتوضيحه وفي هذا المقال سنحاول تقسيم العلمانية.
يعد أشهر تقسيم للعلمانية هو القائل بالعلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة، وقد تحدثنا في المقال السابق عن العلمانية الشاملة، أما العلمانية الجزئية فهي فصل الحياة عن الدين دون أن تعطي بنية معرفية شاملة للحياة؛ فربما كان العلماني نصرانيا ملتزما بالديانة النصرانية ويحتفل بالأعياد النصرانية وربما كان بوذيا أو "مسلما ..!"، ولكنه يفصل دائرة الدين عن دائرة الدنيا ويجعل الدين شيء يختص بالأخلاق والعلاقة مع الله وفي دائرة الأحوال الشخصية.
وهناك من يجعل الدين فقط في العلاقة بين العبد والله؛ أي في الدائرة الروحية فقط، فربما تجد العلماني إنسانا متدينا هذا في العلمانية الجزئية، بينما في العلمانية الشاملة فقد نجد الأمر مختلفا تماما فالعلمانية الشاملة لديها جانبها المعرفي المتكامل ولديها نظرتها الخاصة وبنيتها المعرفية المستقلة، فهي ترفض الدين وتضع بنية معرفية جديدة للإنسان تفسر فيه علاقته مع الكون ومع الإله وتتكلم عن وجود الله؛ أي هي تعطي تفسيرات ميتافيزيقية وتتكلم في الماورائيات.
فالعلمانية الشاملة ليست مجرد فكرة بسيطة تفصل الدين عن الدولة أو عن الحياة الإجتماعية وتقول "دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله"، ليست مجرد فكرة تريد إزاحة التسلط الكنسي الديني عن الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، بل هي أبعد من ذلك فهي تعطي بناءً معرفيا متكاملا عن هذه الحياة.
البعض يعتبر هذا التقسيم هو تقسيم تاريخي؛ أي أن مصطلح العلمانية مر بمراحل تاريخية كان فيها مفهوم العلمانية يتطور شيئا فشيئا، فهو قد تطور من معنى العلمانية الجزئية التي تجعل العلمانية مجرد فصل الدين عن الحياة الاقتصادية والسياسية إلى المفهوم الكلي الشامل الميتافازيقي للعلمانية ولكن ربما يُعترض على هذا التقسيم ويقال إن العلمانية الجزئية ما زالت موجودة في بعض دول العالم وخاصة في دول العالم الثالث ولكن لقائل أن يقول أن هذه الدول ما تزال في طور التطور الأول وهي تحتاج إلى المزيد من الوعي لكي تصل إلى المفهوم الشامل للعلمنة.
ولكن نحن نجد أن هناك رؤساء دول في العالم المتطور ما زالوا يتمسكون بالعلمانية الجزئية فالمسألة في نظري ما تزال في حيز البحث على الأقل أو لنا أن نقول أن هناك نموذجين من العلمنة كل يختار منه ما هو في صالح الدولة أو المجتمع ويقوم بتطبيقه، مع ملاحظة أن العلمانية الشاملة تسري في المجتمعات بطريقة خفية تخاطب العقل الباطن للإنسان فهي كما أطلقنا عليها في المقال السابق علمنة بنيوية كامنة تسري في المجتمعات بوتيرة بطيئة خفية ولكنها شاملة ظاهر لصاحب العقل المستنير المطلع الذي يستطيع ربط الأمور والاستنتاج بدقة.
والآن لننظر ماذا جنت الإنسانية من العلمنة الشاملة كونها هي التي تسري وتسير الحياة، العلمنة أعطت الإنسان شيئا من اللذة والشهوة البوهيمية، ولكنها لم تجلب للإنسان سوى الحروب والدمار كون العلمانية لا أخلاق ثابتة لها، فلا معنى للخير المطلق ولا معنى للشر المطلق، فلا شيء من الأخلاق المادية قد تشكل معيارا ثابتا لكل البشر وتعطي فكرا أيديولوجيا معياريا للتعامل مع البشر ككل ومع الإنسانية ككل؛ بل إن هذه الفضيلة تصبح رذيلة في العلمانية إذا كانت موجهة إلى شعب غير الشعب القوي الحاكم، فغياب منظومة أخلاقية معيارية مادية تجعل الحياة جحيما لأنه لا معيار للخير والشر وعدم الإيمان بقانون غيبي معياري يسير حياة الانسان يجعل من الاخلاق ألعوبة بيد القوي.
القيمة المطلقة لدى العلمانية هي اللذة فقط، وما سوى ذلك فليس قيمة مطلقة، واللذة أحيانا تكون على حساب الآخر بل اللذة تكون في كثير من الأحيان هي ألم بالنسبة للآخر، فهل اللذة هي قيمة مطلقة تُجعل معيارا للحياة البشرية على هذه الأرض أم أنها قيمة نسبية؟
هل نتاج العلمانية إلا "الإنسان الطبيعي" أي الإنسان البوهيمي؛ الذي ليس له معيار في حياته سوى المنفعة واللذة، وهذه المنفعة واللذة تحتاج إلى إنتاج السلع والكثرة من إنتاج السلع الكمالية التي لا يدري الإنسان هل هو فعلا بحاجة لها أم لا، أو هو بحاجة لها من أجل لذته وهل فعلا جلب له كثرة إنتاج السلع الكمالية اللذة أم المزيد من العمل الشاق والمزيد من الإنتاج، وبالتالي البحث عن المزيد من المواد الخام مما أدى إلى عملية الاستعمار واستنزاف موارد شعوب أخرى لحساب شعوب أقوى، وهل العلمانية سوى نموذج معرفي حوّل العالم إلى غابة مليئة بالصراع من أجل البقاء.
ما هو الثمن في هذه الغابة؟ إنه المزيد من القتل والمزيد من الحروب والمزيد من الجرائم حتى في المجتمعات الأقوى، والمزيد من حالات الاغتصاب والشذوذ والأطفال غير الشرعيين والأمراض الخطيرة كالإيدز والسرطان والشيخوخة المبكرة بسب أمراض السكري والضغط إنها غابة تقودنا إلى ردت الفعل .. إلى العدمية وإن لم يصرح مفكروا العلمانية بالعدمية فإن الوضع الذي يسير عليه المجتمع البشري هو السير إلى العدم وهدم كل شيء في الطريق.
كان الشاعر والناقد جوتفريد بن (1886-1956م) يعد من أبرز العدميين، ويعد الكاتب الروماني أميل سيوران (1911-1995م)، من أشهر العدميين المعاصرين إلا أن الأديب الفرنسي جوستاف فلوبير هو المعبر الأول عن العدمية في رواياته، ثم أصبحت مذهباً لعدد كبير من الأدباء في القرن التاسع عشر، وهذا يعد مؤشرا على انتشار العدمية التي سببتها العلمنة.
يقول الفيلسوف والباحث الروسي سيرجي نيكاييف، في دستوره العدمي:"عند انتساب الثوري للتنظيم يكرس كافة طاقاته في التخريب الكلي ولا يكون ثوريا حقيقيا إذا آمن بأية قيمة في الحياة خلا قانون الثورة، فلا يتردد في تدمير كل مؤسسة واغتيال كل خُلق وتحطيم كل فرد أو جماعة".
وهكذا بعد هذه النتائج المدمرة للعلمانية بل بعد فشلها وفشل بنيتها المعرفية تبلور مؤخراً مفهوم "ما بعد العلمانية" (بالإنجليزية: بوست سيكولاريزم-Post-secularism) وصاغه البروفسير جون فراير توماس كين (1854 - 1937 م) وهو مستشرق وبَحَّار بريطاني، و"ما بعد" هنا تعني في واقع الأمر "نهاية"، وتشير إلى أن النموذج العلماني الشامل قد فقد فعاليته، ولكن النموذج الجديد لم يحل محله بعد، حيث يرى أن العلمانية لم تف بوعودها بشأن الحرية والمساواة (حيث تنتشر العنصرية والجريمة والنسبية الفلسفية) وأخفقت في العالم الثالث (حيث تحالفت الأنظمة العلمانية مع الإستبداد والقوى العسكرية)، ولم تؤد إلى الجنة العلمانية الموعودة، وذلك حينما فشلت العلمانية لا على المستوى المجتمعي والدولي فقط بل على المستوى الداخلي النفسي للإنسان؛ فإن روح الإنسان من الداخل أصبحت مشتّتة، ويدل على ذلك كثرة المراجعين للعيادات النفسية في الدول المتقدمة والتي تمثل النموذج العلماني في أفضل حالاته.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70084
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

العلمانية Empty
مُساهمةموضوع: رد: العلمانية   العلمانية Emptyالثلاثاء 09 أغسطس 2016, 10:11 am

علاقة العلمانية بالنظم الاقتصادية والسياسية والاجتماعية


عماد عبد الرحمن
ليست العلمانية مجرد فكرة بسيطة وساذجة تقول بفصل الدين عن الحياة فقط، لأن فصل الدين أي النظم الدينية عن الحياة يحتاج إلى إحلال نظم أخرى بديلا عنها، وأود الإشارة هنا إلى أنه لا يوجد دين يملك نظاما متكاملا يشمل جوانب الحياة كلها إلا الدين الإسلامي ولا يوجد دين يملك نظرية معرفية متكاملة إلا الدين الإسلامي، أما باقي الأديان فهي لا تملك نظاما شاملا بل تملك نظما في بعض الجوانب.
 فالدين المسيحي مثلا وهو من أكبر الديانات في العالم يملك نظاما أخلاقيا فيه التسامح والعفو، ولكنه لا يملك شيئا في النظم الاقتصادية أو الاجتماعية فهو عندما سيطر على الحياة الأوروبية قام بالانخراط في نفس النظام الاقتصادي الموجود وهو النظام الإقطاعي، والحروب التي أقامتها المسيحية أيام كانت تملك القرار في أوروبا كانت حروبا لا أخلاقية وذلك بشهادة مفكريهم وكتابهم ودخولهم في الحملة الصليبية الأولى إلى بيت المقدس خير شاهد، حتى الحروب التي كانت تقوم بين الفرق المسيحية كان حروبا لا أخلاقية، وفي الجانب الاجتماعي حافظت المسيحية على النظام الطبقي الموجود في أوروبا. 
ولنرجع إلى العلمانية، فالعلمنة من أجل أن تطبق عمليا عليها أن تأتي بنظام اقتصادي ونظام اجتماعي ونظام أخلاقي ونظام سياسي ونظرية معرفية كي تحل محل ما كان للدين في أرض الواقع، ونحن إذا رجعنا إلى الأنظمة والدول العلمانية لنرى كيف تعاملت مع هذه المعضلة نجد أن الأمر في غاية التعقيد وفي غاية التشابك.
فالعلمانية في أوروبا الغربية طبقت النظام الرأس مالي في الاقتصاد بينما الاتحاد السوفيتي في وقته طبق النظام الشيوعي وفي الوقت الحاضر نجد الكثير من الدول العلمانية تطبق النظام المختلط، أما في مجال الحكم والنظام السياسي نجد أن أوروبا الغربية طبقت النظام الديمقراطي بينما كان في الاتحاد السوفيتي الحاكم هو الحزب وكان في حقيقة الأمر نظاما طبقيا ولكنه قائم على أساس الحزب والحزب الواحد فقط.
أما في مجال الأخلاق فنزعم أن الأخلاق السائدة في المجتمعات العلمانية هي أخلاق النظرية الميكافيلية؛ أي هي أخلاق مصلحية قائمة على المصالح المتبادلة أو المصلحة الشخصية بالتحديد "فما فيه مصلحتي يكون خلقا لي في الوقت الحاضر"، وإذا تغيرت المصلحة يتغير الخلق ولا يوجد هنالك أخلاق مطلقة أي لا يوجد قيمة خلقية معيارية.
أما بالنسبة للنظم الاجتماعية فكثير من الدول العلمانية بدأت الأسرة فيها تنهار مما أدى إلى انهيار المجتمع ككل، فالأسرة هي اللبنة الأساسية في نظام المجتمع وهذا أدى إلى فقدان السيطرة على الجريمة وظهرت في كثير من الدول العلمانية الجريمة المنظمة بل منظمات إجرامية، وبسبب فقدان القيم الأخلاقية فقد الأمن وانتشر الزنى في كثير من هذه الدول مما أدى إلى ظهور أطفال غير شرعيين، وفي كثير من الأحيان ينحرف هؤلاء الأطفال إلى الجريمة والسبب فقدان الأسرة وفقدان الموجه وفقدان القيم الأخلاقية في المجتمع.
وأما عن النظرية المعرفية فقد حل مكان النظرية الدينية نظرية إلحادية تقدس الإنسان وتجعل منه الرجل السوبرمان، وهذا الأمر أدى إلى خواء روحي سبب الانتحار والانتحار، والمزيد من القتل والعدمية، وأصبح الإنسان يعيش من غير هدف سوى الحصول على اللذة بأي طريق ومن أي طريق وقد قامت الحروب والحروب من أجل زيادة الانتاج وزيادة الكماليات وزيادة اللذة ولكن النتيجة هي الألم.
والنظام الاقتصادي الاشتراكي أثبت فشله وانهار بلا عودة، وأما النظام الرأس مالي فقد أدى إلى تجميع الثروة وحصرها في طبقة معينة وهي طبقة أصحاب رؤوس الأموال، وأنتج لنا اقتصادا وهميا في البورصات العالمية مما أدى إلى انهيارات اقتصادية ونكسات في دول كبرى كاليونان وأمريكا أم الرأسمالية.  
وأما النظام السياسي الذي تحدثنا عنه قبل قليل وهو النظام الديمقراطي فقد فشل فشلا واضلا لكل عاقل فهو أنتج لنا قادة هم أصحاب الثروات وأصحاب الرأس مال الذين يهدفون من وراء السلطة إلى زيادة الثروة فقط وبأي وسيلة وتحالفت كثير من الأنظمة العلمانية مع الأنظمة الدكتاتورية من أجل مصالح تلك الأنظمة الديمقراطية.
إذن ما هو سبب الفشل في كل الصعد في الدول العلمانية؟ هل هو نفس فكرة العلمانية فصل الدين عن الحياة؟ هل هذه الفكرة أصبحت فكرة غير مجدية أم أن سبب الفشل هو النظم المستخدمة داخل العلمانية؟ وإذا كان سبب الفشل هو النظم التي طبقت تحت فكرة العلمانية فنحن بحاجة إلى استبدال هذه النظم، وأي نظم جديدة ستحل محلها؟ فهل سيجرب العالم نظما أخرى قرنا من الزمان؟ وإذا فشلت النظم الجديدة فما العمل؟ هل ستبقى البشرية تجرب وتجرب وتفشل وتفشل.
وإذا فشلت هذه النظم ألا يدل ذلك على فشل الفكرة نفسها فكرة العلمانية وهي فصل الدين عن الحياة، إذاً لماذا لا ينظر المفكرون والعقلاء إلى التجارب التي كان فيها الدين هو الذي يهيمن على الحياة، ألا يوجد هنالك تجارب ناجحة، وإذا فشلت بعض التجارب التي جعلت الدين يهيمن على الحياة ألا يدل ذلك على فشل تلك التجربة فقط وذلك الدين فقط، ولماذا التعميم لماذا تعمم تجربة على سائر التجارب؟ هل هذا التعميم منهج علمي هل من الإنصاف التعميم؟.
ربما سيُقال لنا وأي تجربة التي نجحت أليس الإسلام قد فشل أيضا؟ ألم يوجد ظلم في تاريخ الدولة الإسلامية؟ ألم يوجد فقر في تاريخ الدولة الإسلامية؟ ألم تتراجع الدولة المسلمة في تاريخها إلى الحضيض؟ ألم تصل فيه إلى مستوى من الجهل لا يغتفر؟.
نقول على التسليم بهذا القول، ربما فشلت الدولة المسلمة في بعض عصورها، ربما وصلت إلى ما تقول من الجهل والظلم في بعض العصور، ولكن أليس من الإنصاف أن نقول أن الدولة المسلمة نجحت في بعض العصور، أليس من الإنصاف أن يقال أن المسلمين في عصور وقرون ممتدة كانوا هم سادة العالم في مجال العلوم، ألم يكن العدل موجودا في بعض العصور الإسلامية، ألم يبحث خليفة المسلمين في بعض عصور الإسلام عن الفقراء فلم يجدهم.
إذن فكان هنالك نجاح وكان هنالك فشل لنقل ذلك، ونعترف بنجاح المسلمين ونعترف بفشلهم، ولنبحث عن سبب الفشل ونستفيد من النجاح، لقد كان سبب فشل الدولة المسلمة هو أبتعادها عن منهج الله تعالى، وكان سبب نجاحها هو التطبيق لمنهج الله تعالى، وإذا أخذنا مثالا عن الظلم لنأخذ الحجاج مثلا فقد أبتعد الحجاج في سياسته عن منهج الله منهج الإسلام فعم الظلم لذا قال عنه محمد بن إدريس الشافعي أحد الأئمة والعلماء الكبار في الإسلام كفى به فاسقا وفسقه كان بسبب بعده عن منهج الله، ولنأخذ مثالا على العدل وهو عمر بن عبد العزيز فقد كان مطبقا لمنهاج الإسلام حسب الطاقة البشرية في أعلى مستوياته فحصل العدل.
وكذا الحال في النظام الاقتصادي فكلما طبق النظام الاقتصادي الرباني كلما عمّ الرخاء وكلما أبتعد عن التطبيق عمّ الفقر، إذن والحالة هذه لا نستطيع القول أن الدين هو السبب في الظلم والفشل العلمي والاقتصادي، لا نستطيع القول أن الدين هو سبب محاربة العلم والتطور بل ها هو النموذج الإسلامي يبين عوار هذه الفكرة ويوضح لنا عكس هذه المقولة.
إن الإشكالة في هذا البحث هو العقلية الأوروبية العقيمة، فهي تنظر إلى النموذج المسيحي وتعمم الحكم فهي ترى أن النموذج المسيحي قام بمحاربة العلم وقتل العلماء فعممت العقلية الأوروبية ذلك على كل الأديان مع أننا نرى في الإسلام علماء الدين هم أنفسهم برعوا في الطب والفيزياء والأحياء والفلك والهندسة وكل العلوم الطبيعية، ولم نجد أحدهم يهاجم العلم والعلماء ولم نرى في تاريخ المسلمين الطويل من قُتل لأنه أكتشف نظرية في العلم الطبيعي أو حورب.
إذن فأساس الإشكال في العقلية الأوروبية القاصرة التعميمية؛ وهي عقلية غير علمية في هذه الجوانب، وليس الإشكال في فكرة تطبيق الدين في الحياة بل كما رأينا أن المشكلة كل المشكلة تكمن في فصل الدين عن الحياة.      
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70084
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

العلمانية Empty
مُساهمةموضوع: رد: العلمانية   العلمانية Emptyالأحد 23 أبريل 2017, 8:30 pm

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
العلمانية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مشكلة العلمانية في بلاد المسلمين
»  العلمانية والاختلاف الديني بالشرق الأوسط.. حوار مع صبا محمود
»  مصطلح العلمانية بين فتح العين وكسرها
» العلمانية "التعريف ،والمعتقدات ،ولماذا يرفضها الاسلام"
»  هل مشكلة السّنة في الدين ..... وحلّها في العلمانية والديموقراطية؟

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث دينيه-
انتقل الى: