منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 من غزوات الرسول غزوة الخندق أو الأحزاب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70256
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

من غزوات الرسول غزوة الخندق أو الأحزاب Empty
مُساهمةموضوع: من غزوات الرسول غزوة الخندق أو الأحزاب   من غزوات الرسول غزوة الخندق أو الأحزاب Emptyالسبت 15 ديسمبر 2018, 9:18 pm

غزوة الخندق أو الأحزاب


غزوة الخندق في شوال سنة خمس
 تاريخها
حدثنا أبو محمد عبدالملك بن هشام ، قال ‏:‏ حدثنا زياد بن عبدالله البكائي ، عن محمد بن إسحاق المطلبي ، قال ‏:‏ ثم كانت غزوة الخندق في شوال سنة خمس ‏.‏
 اليهود تحزب الأحزاب
فحدثني يزيد بن رومان مولى آل الزبير بن عروة بن الزبير ،ومن لا أتهم ، عن عبدالله بن كعب بن مالك ، ومحمد بن كعب القرظي ، والزُّهري ، وعاصم بن عمر بن قَتادة ، و عبدالله بن أبي بكر ، وغيرهم من علمائنا ، كلهم قد اجتمع حديثه في الحديث عن الخندق ، وبعضهم يحدث ما لا يحدث به بعض ، قالوا ‏:‏ إنه كان من حديث الخندق أن نفرا من اليهود ، منهم ‏:‏ سلاّم ابن أبي الحقيق النَّضري ، وحيي بن أخطب النضري ، وكنانة بن أبي الحُقيق النضري ، وهوذة بن قيس الوائلي ، وأبو عمار الوائلي ، في نفر من بني النَّضير ، ونفر من بني وائل ، وهم الذين حزبوا الأحزاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، خرجوا حتى قدموا على قريش مكة ، فدعوهم إلى حرب رسول الله صل الله عليه وسلم ، وقالوا ‏:‏ إنا سنكون معكم عليه ، حتى نستأصله ؛ فقالت لهم قريش ‏:‏ يا معشر يهود ، إنكم أهل الكتاب الأول والعلم بما أصحبحنا نختلف فيه نحن ومحمد ، أفديننا خير أم دينه ‏؟‏ قالوا ‏:‏ بل دينكم خير من دينه ، وأنتم أولى بالحق منه ‏.‏ فهم الذين أنزل الله تعالى فيهم ‏:‏ ‏"‏ ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ، ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا أولئك الذين لعنهم الله ، ومن يلعن الله فإن تجد له نصيرا ‏"‏ إلى قوله تعالى ‏"‏ أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ‏"‏ ‏:‏ أي النبوة ، ‏"‏ فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما ‏.‏ فمنهم من آمن به ، ومنهم من صُدَّ عنه ، وكفى بجهنم سعيرا ‏"‏
 تحريض اليهود لغطفان
قال ‏:‏ فلما قالوا ذلك لقريش ، سرهم ونشطوا لما دعوهم إليه ، من حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاجتمعوا لذلك واتعدوا له ، ثم خرج أولئك النفر من يهود ، حتى جاءوا غطفان من قيس عيلان ، فدعوهم إلى حرب رسول الله صل الله عليه وسلم ، وأخبروهم أنهم سيكونون معهم عليه ، وأن قريشا قد تابعوهم على ذلك ، فاجتمعوا معهم فيه ‏.‏
 خروج الأحزاب من المشركين
قال ابن إسحاق ‏:‏ فخرجت قريش وقائدها أبو سفيان بن حرب ، وخرجت غطفان وقائدها عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر في بني فزارة ، والحارث بن عوف بن حارثة المري في بني مرة ، ومسعر بن رحيلة بن نويرة بن طريف بن سحمة بن عبدالله بن هلال بن خلاوة بن أشجع بن ريث بن غطفان فيمن تابعه من قومه من أشجع ،
 حفر الخندق و تخاذل المنافقين و جدّ المؤمنين
فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما أجمعوا له من الأمر ، ضرب الخندق على المدينة ، فعمل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ترغيباً للمسلمين في الأجر ، وعمل معه المسلمون فيه ، فدأب فيه ، ودأبوا ، وأبطأ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن المسلمين في عملهم ذلك رجال من المنافقين ، وجعلوا يورُّون بالضعيف من العمل ، ويتسللون إلى أهليهم بغير علم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا إذن ، وجعل الرجل من المسلمين إذا نابته النائبة من الحاجة التي لا بد له منها يذكر ذلك لرسول الله صل الله عليه وسلم ويستأذنه في اللحوق بحاجته فيأذن له ، فإذ قضى حاجته رجع إلى ما كان فيه من عمله رغبة في الخير واحتسابا له ‏.‏
 ما نزل من القرآن في حق العاملين في الخندق مؤمنهم ومنافقهم
فأنزل الله تعالى في أولئك من المؤمنين ‏"‏ إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه إن الذين يستأذنوك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم واستغفر لهم الله إن الله غفور رحيم ‏"‏ فنزلت هذه الآية فيمن كان من المسلمين من أهل الحسبة والرغبة في الخير والطاعة لله ولرسوله صل الله عليه وسلم ‏.‏
ثم قال تعالى ‏:‏ يعني المنافقين الذين كانوا يتسللون من العمل ويذهبون بغير إذن من النبي صل الله عليه وسلم ‏"‏ لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كذعاء بعضكم بعضا قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ‏"‏
 تفسير ابن هشام لبعض الغريب
قال ابن هشام ‏:‏ اللواذ ‏:‏ الاستتار بالشيء عند الهرب ، قال حسَّان بن ثابت ‏:‏
وقريش تفر منا لواذا * أن يقيموا وخف منها الحلوم ‏.‏
وهذا البيت في قصيدة له قد ذكرتها في أشعار يوم أحد ‏"‏ ألا إن لله ما في السماوات والأرض قد يعلم ما أنتم عليه ‏"‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ من صدق أو كذب ‏"‏ ويوم يرجعون إليه فينبئهم بما عملوا والله بكل شيء عليم ‏"‏
 المسلمون يرتجزون وهم يعملون في حفر الخندق
قال ابن إسحاق ‏:‏ وعمل المسلمون فيه حتى أحكموه وارتجزوا فيه برجل من المسلمين يقال له جعيل ، سماه رسول الله صل الله عليه وسلم عمرا ، فقالوا ‏:‏
سماه من بعد جعيل عمرا * وكان للبائس يوما ظهرا ‏.‏
فإذا مروا ‏"‏بعمرو‏"‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ عمراً ، وإذا مروا ‏"‏بظهر‏"‏ قال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ ظهرا ‏.‏
 معجزات ظهرت في حفر الخندق
قال ابن إسحاق ‏:‏ وكان في حفر الخندق أحاديث بلغتني ، فيها من الله تعالى عبرة في تصديق رسول الله صل الله عليه وسلم ، وتحقيق نبوّته ، عاين ذلك المسلمون ‏.‏
 ظهور معجزة الكدية والتغلب عليها
فكان مما بلغني أن جابر بن عبدالله كان يحُدث ‏:‏ أنه اشتدت عليهم في بعض الخندق كدية ، فشكوها إلى رسول الله صل الله عليه وسلم ، فدعا بإناء من ماء ، فتفل فيه ؛ ثم دعا بما شاء الله أن يدعو به ، ثم نضح ذلك الماء على تلك الكدية ؛ فيقول من حضرها ‏:‏ فوالذي بعثه بالحق نبيا ، لانهالت حتى عادت كالكثيب ، لا تردّ فأساً ولا مِسحاة ‏.‏
 ما تحقق من البركة في تمر ابنة بشير
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني سعيد بن مينا ، أنه حُدِّث ‏:‏ أن ابنة لبشير بن سعد ، أخت النعمان بن بشير ، قالت ‏:‏ دعتني أمي عمرة بنت رواحة ، فأعطتني حفنة من تمر في ثوبي ، ثم قالت ‏:‏ أي بنية ، اذهبي إلى أبيك وخالك عبدالله بن رواحة بغدائهما ، قالت ‏:‏ فأخذتها ، فانطلقت بها ، فمررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ألتمس أبي وخالي ؛ فقال ‏:‏ تعالي يا بنية ، ما هذا معك ‏؟‏ قالت ‏:‏ فقلت ‏:‏ يا رسول الله ، هذا تمر ، بعثتني به أمي إلى أبي بشير بن سعد ، وخالي عبدالله بن رواحة يتغديانه ؛ قال ‏:‏ هاتيه ؛ قالت ‏:‏ فصببته في كفي رسول الله صل الله عليه وسلم ، فما ملأتهما ، ثم أمر بثوب فبسط له ، ثم دحا بالتمر عليه ، فتبدد فوق الثوب ، ثم قال لإنسان عنده ‏:‏ اصرخ في أهل الخندق ‏:‏ أن هَلُم إلى الغداء ‏.‏ فاجتمع أهل الخندق عليه ، فجعلوا يأكلون منه ، وجعل يزيد ، حتى صدر أهل الخندق عنه ، وإنه ليسقط من أطراف الثوب ‏.‏
 ما تحقق من البركة في دعوة جابر للطعام
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني سعيد بن مينا ، عن جابر بن عبدالله ، قال ‏:‏ عملنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخندق ، فكانت عندي شويهة ، غير جِدِّ سمينة ‏.‏ قال ‏:‏ فقلت ‏:‏ والله لو صنعناها لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ قال ‏:‏ فأمرت امرأتي ، فطحنت لنا شيئا من شعير ، فصنعت لنا منه خبزا ، وذبحت تلك الشاة ، فشويناها لرسول الله صل الله عليه وسلم ‏.‏
قال ‏:‏ فلما أمسينا وأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الانصراف عن الخندق - قال ‏:‏ وكنا نعمل فيه نهارنا ، فإذا أمسينا رجعنا إلى أهالينا - قال ‏:‏ قلت ‏:‏ يا رسول الله ، إني قد صنعت لك شويهة كانت عندنا ، وصنعنا معها شيئا من خبز هذا الشعير ، فأحبُّ أن تنصرف معي إلى منـزلي ، وإنما أريد أن ينصرف معي رسول الله صل الله عليه وسلم وحده ‏.‏
قال ‏:‏ فلما أن قلت له ذلك ؛ قال ‏:‏ نعم ، ثم أمر صارخا فصرخ ‏:‏ أن انصرفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت جابر بن عبدالله ؛ قال ‏:‏ قلت ‏:‏ إنا لله وإنا إليه راجعون ‏!‏ قال ‏:‏ فأقبل رسول الله صل الله عليه وسلم ، وأقبل الناس معه ؛ قال ‏:‏ فجلس وأخرجناها إليه ‏.‏ قال ‏:‏ فبرك وسمى الله ، ثم أكل ، وتواردها الناس ، كلما فرغ قوم قاموا وجاء ناس ، حتى صدر أهل الخندق عنها ‏.‏
 بشرى رسول الله صل الله عليه وسلم بالفتوح
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحُدثت عن سلمان الفارسي ، أنه قال ‏:‏ ضربت في ناحية من الخندق ، فغَلُظت علي صخرة ، ورسول الله صل الله عليه وسلم قريب مني ؛ فلما رآني أضرب ورأى شدة المكان علي ، نزل فأخذ المعول من يدي ، فضرب به ضربة لمعت تحت المعول برقة ؛ قال ‏:‏ ثم ضرب به ضربة أخرى ، فلمعت تحته برقة أخرى ؛ قال ‏:‏ ثم ضرب به الثالث ، فلمعت تحته برقة أخرى ‏.‏ قال ‏:‏ قلت ‏:‏ بأبي أنت وأمي يا رسول الله ‏!‏ ما هذا الذي رأيت لمع تحت المعول وأنت تضرب ‏؟‏ قال ‏:‏ أو قد رأيت ذلك يا سلمان ‏؟‏ قال ‏:‏ قلت ‏:‏ نعم ؛ قال ‏:‏ أما الأولى فإن الله فتح علي بها اليمن ؛ وأما الثانية فإن الله فتح علي بها الشام والمغرب ؛ وأما الثالثة فإن الله فتح على بها المشرق ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني من لا أتهم عن أبي هريرة أنه كان يقول ، حين فتحت هذه الأمصار في زمان عمر وزمان عثمان وما بعده ‏:‏ افتتحوا ما بدا لكم ، فوالذي نفس أبي هريرة بيده ، ما افتتحتم من مدينة ولا تفتتحونها إلى يوم القيامة إلا وقد أعطى الله سبحانه محمدا صل الله عليه وسلم مفاتيحها قبل ذلك ‏.‏
 وصول المشركين المدينة
قال ابن إسحاق ‏:‏ ولما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخندق ، أقبلت قريش حتى نزلت بمجتمع الأسيال من رومة ، بين الجرف وزغابة في عشرة آلاف من أحابيشهم ، ومن تبعهم من بنى كنانة وأهل تهامة ، وأقبلت غطفان ومن تبعهم من أهل نجد ، حتى نزلوا بذنب نقمي ، إلى جانب أحد ‏.‏ وخرج رسول الله صل الله عليه وسلم والمسلمون ، حتى جعلوا ظهورهم إلى سلع ، في ثلاثة آلاف من المسلمين ، فضرب هنالك عسكره ، والخندق بينه وبين القوم ‏.‏
 استعمال ابن أم مكتوم على المدينة
قال ابن هشام ‏:‏ واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وأمر بالذراري والنساء فجعلوا في الآطام ‏.‏
 حيي بن أخطب يحرض كعب بن أسد على نقض العهد
قال ‏:‏ وخرج عدو الله حيي بن أخطب النضري ، حتى أتى كعب بن أسد القرظي ، صاحب عقد بني قريظة وعهدهم ، وكان قد وادع رسول الله صلى الله عليه وسلم على قومه ، وعاقده على ذلك وعاهده ؛ فلما سمع كعب يحيى بن أخطب أغلق دونه باب حصنه ، فاستأذن عليه ، فأبى أن يفتح له ، فناداه حيي ‏:‏ ويحك يا كعب ‏!‏ افتح لي ؛ قال ‏:‏ ويحك يا حيي ، إنك امرؤ مشئوم ، وإني قد عاهدت محمدا ، فلست بناقض ما بيني وبينه ، ولم أر منه إلا وفاء وصدقا ؛ قال ‏:‏ ويحك افتح لي أكلمك ؛ قال ‏:‏ ما أنا بفاعل ؛ قال ‏:‏ والله إن أغلقت دوني إلا عن جشيشتك أن آكل معك منها ؛ فأحفظ الرجل ، ففتح له ؛ فقال ‏:‏ ويحك يا كعب ؛ جئتك بعز الدهر وببحر طام ، جئتك بقريش على قادتها وسادتها ، حتى أنزلتهم بمجتمع الأسيال من رومة ؛ وبغطفان على قادتها وسادتها حتى أنزلتهم بذنب نقمى إلى جانب أحد ، قد عاهدوني على أن لا يبرحوا حتى نستأصل محمدا ومن معه ‏.‏ قال ‏:‏ فقال له كعب ‏:‏ جئتني والله بِذُلِّ الدهر ، وبجهام ‏(‏ السحاب الرقيق الذي لا ماء فيه ‏)‏ قد هراق ماءه ، فهو يرعد ويبرق ليس فيه شيء ، ويحك يا حيي ‏!‏ فدعني وما أنا عليه ، فإني لم أر من محمد إلا صدقا ووفاء ‏.‏ فلم يزل حيي بكعب يفتله في الذروة والغارب ، حتى سمح له ، على أن أعطاه عهدا من الله وميثاقا ‏:‏ لئن رجعت قريش وغطفان ، ولم يصيبوا محمدا أن أدخل معك في حصنك حتى يصيبني ما أصابك ‏.‏ فنقض كعب بن أسد عهده ، وبرئ مما كان بينه وبين رسول الله صل الله عليه وسلم ‏.‏
 الرسول عليه الصلاة والسلام يستوثق من نقض كعب ميثاقه
فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر وإلى المسلمين ، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ بن النعمان ، وهو يومئذ سيد الأوس ، وسعد بن عبادة بن دليم ، أحد بني ساعدة بن كعب بن الخزرج ، وهو يومئذ سيد الخزرج ، ومعهما عبدالله بن رواحة ، أخو بني الحارث بن الخزرج ، وخوات بن جبير ، أخو بني عمرو بن عوف ؛ فقال ‏:‏ انطلقوا حتى تنظروا ، أحَقٌّ ما بلغنا عن هؤلاء القوم أم لا ‏؟‏ فإن كان حقا فالحنوا لي لحنا أعرفه ، ولا تَفُتُّوا في أعضاد الناس ، وإن كانوا على الوفاء فيما بيننا وبينهم فاجهروا به للناس ‏.‏ قال ‏:‏ فخرجوا حتى أتوهم ، فوجدوهم على أخبث ما بلغهم عنهم ، فيما نالوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقالوا ‏:‏ من رسول الله ‏؟‏ لا عهد بيننا وبين محمد ولا عقد ‏.‏ فشاتمهم سعد بن معاذ وشاتموه ، وكان رجلا فيه حده ؛ فقال له سعد بن عبادة ‏:‏ دع عنك مشاتمتهم ، فما بيننا وبينهم أربى من المشاتمة ‏.‏ ثم أقبل سعد وسعد ومن معهما ، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسلموا عليه ، ثم قالوا ‏:‏ عضل والقارة ؛ أي كغدر عضل والقارة بأصحاب الرجيع ، خبيب وأصحابه ؛ فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ الله أكبر ، أبشروا يا معشر المسلمين ‏.‏
 الخوف يعم المسلمين و ظهور النفاق من المنافقين
قال ‏:‏ وعظم عند ذلك البلاء ، واشتد الخوف ، وأتاهم عدوهم من فوقهم ومن أسفل منهم ، حتى ظن المؤمنون كل ظن ، ونجم النفاق من بعض المنافقين ، حتى قال معتب بن قشير ، أخو بني عمرو بن عوف ‏:‏ كان محمد يعدنا أن نأكل كنوز كسرى وقيصر ، وأحدنا اليوم لا يأمن على نفسه أن يذهب إلى الغائط ‏.‏
 لم يكن معتب منافقا
قال ابن هشام ‏:‏ وأخبرني من أثق به من أهل العلم ‏:‏ أن معتب بن قشير لم يكن من المنافقين ، واحتج بأنه كان من أهل بدر ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحتى قال أوس بن قيظي ، أحد بني حارثة بن الحارث ‏:‏ يا رسول الله ، إن بيوتنا عورة من العدو ، وذلك عن ملأ من رجال قومه ، فأذن لنا أن نخرج فنرجع إلى دارنا ، فإنها خارج من المدينة ‏.‏ فأقام رسول الله صل الله عليه وسلم وأقام عليه المشركون بضعا وعشرين ليلة ، قريبا من شهر ، لم تكن بينهم حرب إلا الرَّميِّا بالنبل والحصار ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏ ويقال الرَّميْا
 محاولة الرسول عقد الصلح مع غطفان ثم عدوله
فلما اشتد على الناس البلاء ، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما حدثني عاصم بن عمر بن قتادة ، ومن لا أتهم ، عن محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، إلى عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر وإلى الحارث بن عوف بن أبي حارثة المري ، وهما قائدا غطفان ، فأعطاهما ثلث ثمار المدينة على أن يرجعا بمن معهما عنه وعن أصحابه ، فجرى بينه وبينهما الصلح ، حتى كتبوا الكتاب ولم تقع الشهادة ولا عزيمة الصلح ، إلا المراوضة في ذلك ‏.‏ فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل ، بعث إلى سعد بن معاذ وسعد بن عبادة ، فذكر ذلك لهما ، واستشارهما فيه ؛ فقالا له ‏:‏ يا رسول الله ، أمرا تحبه فنصنعه ، أم شيئا أمرك الله به ، لا بد لنا من العمل به ، أم شيئا تصنعه لنا ‏؟‏ قال ‏:‏ بل شيء أصنعه لكم ، والله ما أصنع ذلك إلا لأنني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة ، وكالبوكم من كل جانب ، فأردت أن أكسر عنكم من شوكتهم إلى أمر ما ؛ فقال له سعد بن معاذ ‏:‏ يا رسول الله ، قد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك بالله وعبادة الأوثان ، لا نعبدالله ولا نعرفه ، وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها تمرة إلا قرى ‏(‏ ضيافة ‏)‏ أو بيعا ، أفحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له وأعزنا بك وبه ، نعطيهم أموالنا ‏!‏ والله ما لنا بهذا من حاجة ، والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم ؛ قال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ فأنت وذاك ‏.‏ فتناول سعد بن معاذ الصحيفة ، فمحا ما فيها من الكتاب ، ثم قال ‏:‏ ليجهدوا علينا ‏.‏
 من حاول عبور الخندق من المشركين
قال ابن إسحاق ‏:‏ فأقام رسول الله صل الله عليه وسلم والمسلمون ، وعدوهم محاصروهم ، ولم يكن بينهم قتال ، إلا أن فوارس من قريش ، منهم عمرو بن عبد ود بن أبي قيس ، أخو بني عامر بن لؤي ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏ ويقال عمرو بن عبد بن أبي قيس -
قال ابن إسحاق ‏:‏ وعكرمة بن أبي جهل ، وهبيرة بن أبي وهب المخزوميان ، وضرار بن الخطاب الشاعر ابن مرداس ، أخو بني محارب بن فهر ، تلبسوا للقتال ، ثم خرجوا على خيلهم ، حتى مروا بمنازل بني كنانة ، فقالوا ‏:‏ تهيئوا يا بني كنانة للحرب ، فستعلمون من الفرسان اليوم ‏.‏ ثم أقبلوا تُعْنِق بهم خيلهم ، حتى وقفوا على الخندق ، فلما رأوه قالوا ‏:‏ والله إن هذه لمكيدة ما كانت العرب تكيدها ‏.‏
 سلمان يشير بحفر الخندق
قال ابن هشام ‏:‏ يقال ‏:‏ إن سلمان الفارسي أشار به على رسول الله صل الله عليه وسلم ‏.‏
وحدثني بعض أهل العلم ‏:‏ أن المهاجرين يوم الخندق قالوا ‏:‏ سلمان منا ؛ وقالت الأنصار ‏:‏ سلمان منا ؛ فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ سلمان منا أهل البيت ‏.‏
 علي يقتل عمرو بن عبد ود
قال ابن إسحاق ‏:‏ ثم تيمموا مكانا ضيقا من الخندق ، فضربوا خيلهم فاقتحمت منه ، فجالت بهم في السبخة بين الخندق وسلع ، وخرج علي بن أبي طالب عليه السلام في نفر معه من المسلمين ، حتى أخذوا عليهم الثغرة التي أقحموا منها خيلهم ، وأقبلت الفرسان تُعْنِق نحوهم ، وكان عمرو بن عبد ود قد قاتل يوم بدر حتى أثبتته الجراحة ، فلم يشهد يوم أحد ؛ فلما كان يوم الخندق خرج مُعْلِما ليرى مكانه ‏.‏ فلما وقف هو وخيله ، قال ‏:‏ من يبارز ‏؟‏ فبرز له علي بن أبي طالب ، فقال له ‏:‏ يا عمرو ، إنك قد كنت عاهدت الله ألا يدعوك رجل من قريش إلى إحدى خَلَّتين إلا أخذتها منه ، قال له ‏:‏ أجل ؛ قال له علي ‏:‏ فإني أدعوك إلى الله وإلى رسوله ، وإلى الإسلام ؛ قال ‏:‏ لا حاجة لي بذلك ؛ قال ‏:‏ فإني أدعوك إلى النـزال ؛ فقال له ‏:‏ لم يابن أخي ‏؟‏ فوالله ما أحب أن أقتلك ، قال له علي ‏:‏ لكني والله أحب أن أقتلك ؛ فحمى عمرو عند ذلك ، فاقتحم عن فرسه ، فعقره ، وضرب وجهه ، ثم أقبل على علي ، فتنازلا وتجاولا ، فقتله علي رضي الله عنه ‏.‏ وخرجت خيلهم منهزمة ، حتى اقتحمت من الخندق هاربة

شعار المسلمين يوم الخندق
وكان شعار أصحاب رسول الله صل الله عليه وسلم يوم الخندق وبني قريظة ‏:‏ هم لا ينصرون ‏.‏
 استشهاد سعد بن معاذ
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني أبو ليلى عبدالله بن سهل بن عبدالرحمن بن سهل الأنصاري ، أخو بني حارثة ‏:‏ أن عائشة أم المؤمنين كانت في حصن بني حارثة يوم الخندق ، وكان من أحرز حصون المدينة ‏.‏
قال ‏:‏ وكانت أم سعد بن معاذ معها في الحصن ؛ فقالت عائشة وذلك قبل أن يضرب علينا الحجاب ‏:‏ فمر سعد وعليه درع له مقلَّصة ، وقد خرجت منها ذراعه كلها ، وفي يده حربته يرقُل بها ، ويقول ‏:‏
لَبِّث قليلا يشهد الهيجا جمل * لا بأس بالموت إذا حان الأجل
قال ‏:‏ فقالت له أمه ‏:‏ إلحق ‏:‏ أي بني ، فقد والله أخَّرت ؛
قالت عائشة ‏:‏ فقلت لها ‏:‏ يا أم سعد ، والله لودِدْتُ أن درع سعد كانت أسبغ مما هي ؛ قالت ‏:‏ وخفت عليه حيث أصاب السهم منه ، فرمي سعد بن معاذ بسهم ، فقطع منه الأكحل ، رماه كما حدثني عاصم بن عمرو بن قتادة ، حِبِّان بن قيس بن العرقة ، أحد بني عامر بن لؤي ، فلما أصابه ، قال ‏:‏ خذها مني وأنا ابن العرقة ؛ فقال له سعد ‏:‏ عرَّق الله وجهك في النار ، اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقني لها ، فإنه لا قوم أحب إلي أن أجاهدهم من قوم آذوا رسولك وكذبوه وأخرجوه ، اللهم وإن كنت قد وضعت الحرب بيننا وبينهم فاجعله لي شهادة ، ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة ‏.‏
 قاتل سعد بن معاذ
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني من لا اتهم عن عبدالله بن كعب بن مالك أنه كان يقول ‏:‏ ما أصاب سعدا يومئذ إلا أبو أسامة الجشمي ، حليف بني مخزوم
 حديث حسَّان في وقعة الخندق
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني يحيى بن عباد بن عبدالله بن الزبير ، عن أبيه عباد قال ‏:‏ كانت صفية بنت عبدالمطلب في فارع ، حصن حسَّان بن ثابت ؛ قالت ‏:‏ وكان حسَّان بن ثابت معنا فيه ، مع النساء والصيبان ‏.‏ قالت صفية ‏:‏ فمر بنا رجل من يهود ، فجعل يُطيف بالحصن ، وقد حاربت بنو قريظة ، وقطعت ما بينها وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليس بيننا وبينهم أحد يدفع عنا ، ورسول الله صل الله عليه وسلم والمسلمون في نحور عدوهم ، لا يستطيعون أن ينصرفوا عنهم إلينا إن أتانا آت ‏.‏
قالت ‏:‏ فقلت ‏:‏ يا حسَّان ، إن هذا اليهودي كما ترى يطيف بالحصن ، وإني والله ما آمنة أن يدل على عورتنا مَن وراءنا من يهود ، وقد شغل عنا رسول الله صل الله عليه وسلم وأصحابه ، فانزل إليه فاقتله ؛ قال ‏:‏ يغفر الله لك يابنة عبدالمطلب ، والله لقد عرفتِ ما أنا بصاحب هذا ‏.‏
قالت ‏:‏ فلما قال لي ذلك ، ولم أر عنده شيئا ، احتجزت ثم أخذت عمودا ، ثم نزلت من الحصن إليه ، فضربته بالعمود حتى قتلته ‏.‏ قالت ‏:‏ فلما فرغت منه ، رجعت إلى الحصن ، فقلت ‏:‏ يا حسَّان انزل إليه فاسلبه ، فإنه لم يمنعني من سلبه إلا أنه رجل ؛ قال ‏:‏ ما لي بسلبه من حاجة يابنة عبدالمطلب ‏.‏
 خداع نُعيم المشركين
قال ابن إسحاق ‏:‏ وأقام رسول الله صل الله عليه وسلم وأصحابه فيما وصف الله من الخوف والشدة ، لتظاهر عدوهم عليهم ، وإتيانهم إياهم من فوقهم ومن أسفل منهم ‏.‏
قال ‏:‏ ثم إن نعيم بن مسعود بن عامر بن أنيف بن ثعلبة بن قنفذ بن هلال بن خلاوة بن أشجع بن ريث بن غطفان ، أتى رسول الله صل الله عليه وسلم ، فقال ‏:‏ يا رسول الله‏:‏ إني قد أسلمت ، وإن قومي لم يعلموا بإسلامي ، فمرني بما شئت ؛
فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ إنما أنت فينا رجل واحد ، فخذل عنا إن استطعت ، فإن الحرب خدعة ‏.‏
فخرج نعيم بن مسعود حتى أتى بني قريظة ، وكان لهم نديما في الجاهلية ، فقال ‏:‏ يا بني قريظة ، قد عرفتم ودي إياكم ، وخاصة ما بيني وبينكم ، قالوا ‏:‏ صدقت ، لست عندنا بمتهم ؛ فقال لهم ‏:‏ إن قريشا وغطفان ليسوا كأنتم ، البلد بلدكم ، فيه أموالكم وأبناؤكم ونساؤكم ، لا تقدرون على أن تحَولوا منه إلى غيره ، وإن قريشا وغطفان قد جاءوا لحرب محمد وأصحابه ، وقد ظاهرتموهم عليه ، وبلدهم وأمواله ونسائهم بغيره ، فليسوا كأنتم فإن رأوا نهَزة أصابوها ، وإن كان غير ذلك لحقوا ببلادهم وخلوا بينكم وبين الرجل ببلدكم ، ولا طاقة لكم به إن خلا بكم ، فلا تقاتلوا مع القوم حتى تأخذوا منهم رُهُنا من أشرافهم ، يكونوا بأيديكم ثقة لكم على أن تقاتلوا معهم محمدا حتى تناجزوه ؛ فقالوا له ‏:‏ لقد أشرت بالرأي ‏.‏
ثم خرج حتى أتى قريشاً ، فقال لأبي سفيان بن حرب ومن معه من رجال قريش ‏:‏ قد عرفتم ودي لكم وفراقي محمدا ، وإنه قد بلغني أمر قد رأيت عليَّ حقا أن أبلغكموه ، نصحا لكم ، فاكتموا عني ؛ فقالوا ‏:‏ نفعل ؛ قال ‏:‏ تعلموا أن معشر يهود قد ندموا على ما صنعوا فيما بينهم وبين محمد ، وقد أرسلوا إليه إنَّا قد ندمنا على ما فعلنا ، فهل يرضيك أن نأخذ لك من القبيلتين ، من قريش وغطفان رجالا من أشرافهم فنعطيكهم ، فتضرب أعناقهم ثم نكون معك على من بقي منهم حتى نستأصلهم ‏؟‏ فأرسل إليهم ‏:‏ أن نعم ‏.‏ فإن بعثت إليكم يهود يلتمسون منكم رهنا من رجالكم فلا تدفعوا إليهم منكم رجلا واحدا ‏.‏
ثم خرج حتى أتى غطفان ، فقال ‏:‏ يا معشر غطفان ، إنكم أصلي وعشيرتي ، وأحب الناس إلي ، ولا أراكم تتهموني ؛ قالوا ‏:‏ صدقت ، ما أنت عندنا بمهتم ؛ قال ‏:‏ فاكتموا عني ؛ قالوا ‏:‏ نفعل ، فما أمرك ‏؟‏ ثم قال لهم مثل ما قال لقريش وحذرهم ما حذرهم ‏.‏
 ما أنزل الله بالمشركين
فلما كانت ليلة السبت من شوال سنة خمس ، وكان من صنع الله لرسوله صل الله عليه وسلم أن أرسل أبو سفيان بن حرب ورؤوس غطفان إلى بني قريظة عكرمة بن أبي جهل ، في نفر من قريش وغطفان ، فقالوا لهم ‏:‏ إنا لسنا بدار مقام ، قد هلك الخف والحافر ، فاغدوا للقتال حتى نناجز محمدا ، ونفرغ مما بيننا وبينه ؛ فأرسلوا إليهم ‏:‏ إن اليوم يوم السبت ، وهو يوم لا نعمل فيه شيئا ، وقد كان أحدث فيه بعضنا حدثا ، فأصابه ما لم يخف عليكم ، ولسنا مع ذلك بالذين نقاتل معكم محمدا حتى تعطونا رهنا من رجالكم ، يكونون بأيدينا ثقة لنا حتى نناجز محمدا ، فإنا نخشى إن ضرستكم الحرب ، واشتد عليكم القتال أن تنشمروا إلى بلادكم وتتركونا ، والرجل في بلدنا ، ولا طاقة لنا بذلك منه ‏.‏ فلما رجعت إليهم الرسل بما قالت بنو قريظة ، قالت قريش وغطفان ‏:‏ والله إن الذي حدثكم نعيم بن مسعود لحق ، فأرسلوا إلى بني قريظة ‏:‏ إنا والله لا ندفع إليكم رجلا واحدا من رجالنا ، فإن كنتم تريدون القتال فاخرجوا فقاتلوا ؛ فقالت بنو قريظة ‏:‏ حين انتهت الرسل إليهم بهذا ‏:‏ إن الذي ذكر لكم نعيم بن مسعود لحق ، ما يريد القوم إلا أن يقاتلوا ، فإن رأوا فرصة انتهزوها ، وإن كان غير ذلك انشمروا إلى بلادهم ‏.‏ وخلوا بينكم وبين الرجل في بلدكم ، فأرسلوا إلى قريش وغطفان ‏:‏ إنا والله لا نقاتل معكم محمدا حتى تعطونا رهنا ؛ فأبوا عليهم ، وخذَّل الله بينهم ، وبعث الله عليهم الريح في ليال شاتية باردة شديدة البرد ، فجعلت تكفأ قدورهم ، وتطرح أبنتيهم ‏.‏
 استخبار ما حل بالمشركين
قال ‏:‏ فلما انتهى إلى رسول الله صل الله عليه وسلم ما اختلف من أمرهم ، وما فرق الله من جماعتهم ، دعا حذيفة بن اليمان ، فبعثه إليهم ، لينظر ما فعل القوم ليلا ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ فحدثني يزيد بن زياد عن محمد بن كعب القرظي ، قال ‏:‏ قال رجل من أهل الكوفة لحذيفة بن اليمان ‏:‏ يا أبا عبدالله ، أرأيتم رسول الله صل الله عليه وسلم وصحبتموه ‏؟‏ قال ‏:‏ نعم ، يابن أخي ؛ قال ‏:‏ فكيف كنتم تصنعون ‏؟‏ قال والله لقد كنا نجهد ؛ قال ‏:‏ فقال ‏:‏ والله لو أدركناه ما تركناه يمشي على الأرض ، ولحملناه على أعناقنا ‏.‏
قال ‏:‏ فقال حذيفة ‏:‏ يابن أخي ، والله لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخندق ، وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هويا من الليل ، ثم التفت إلينا فقال ‏:‏ من رجل يقوم فينظر لنا ما فعل القوم ، ثم يرجع - يشرط له رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجعة - أسأل الله تعالى أن يكون رفيقي في الجنة ‏؟‏ فما قام رجل من القوم من شدة الخوف وشدة الجوع وشدة البرد ، فلما لم يقم أحد دعاني رسول الله صل الله عليه وسلم ، فلم يكن لي بد من القيام حين دعاني ، فقال ‏:‏ يا حذيفة ، اذهب فادخل مع القوم ، فانظر ماذا يصنعون ، ولا تحدثن شيئا حتى تأتينا ، قال ‏:‏ فذهبت فدخلت في القوم ، والريح وجنود الله تفعل بهم ما تفعل ، لا تقر لهم قدرا ولا نارا ولا بناء ، فقام أبو سفيان فقال ‏:‏ يا معشر قريش ، لينظر امرؤ من جليسه ، قال حذيفة ‏:‏ فأخذت بيد الرجل الذي كان إلى جنبي ، فقلت ‏:‏ من أنت ‏؟‏ قال ‏:‏ فلان بن فلان ‏.‏
 أبو سفيان ينادي بالرحيل
ثم قال أبو سفيان ‏:‏ يا معشر قريش إنكم والله ما أصبحتم بدار مقام ، لقد هلك الكراع والخف ، وأخلفتنا بنو قريظة ، وبلغنا عنهم الذي نكره ، ولقينا من شدة الريح ما ترون ، ما تطمئن لنا قدر ، ولا تقوم لنا نار ، ولا يستمسك لنا بناء ، فارتحلوا فإني مرتحل ‏.‏
ثم قام إلى جمله وهو معقول فجلس عليه ثم ضربه فوثب به على ثلاث ، فوالله ما أطلق عقالة إلا وهو قائم ، ولولا عهد رسول الله صل الله عليه وسلم إلي أن لا تحدث شيئا حتى تأتيني ، ثم شئت لقتلته بسهم ‏.‏
 رجوع حذيفة بالخبر اليقين
قال حذيفة ‏:‏ فرجعت إلى رسول الله صل الله عليه وسلم ، وهو قائم يصلي ، في مرط لبعض نسائه مراجل ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏ المراجل ضرب من وشي اليمن ‏.‏
فلما رآني ، أدخلني إلى رجليه ، وطرح علي طرف المرط ، ثم ركعوسجد ، وإني لقيه ، فلما سلم أخبرته الخبر ، وسمعت غطفان بما فعلت قريش ، فانشمروا راجعين إلى بلادهم ‏.‏
 الرجوع من الخندق
قال ابن إسحاق ‏:‏ ولما أصبح رسول الله صل الله عليه وسلم انصرف عن الخندق راجعا إلى المدينة والمسلمون ، ووضعوا السلاح ‏.‏


الشهداء يوم الخندق 
قال ابن إسحاق ‏:‏ ولم يستشهد من المسلمين يوم الخندق إلا ستة نفر ‏.‏
 من بني عبدالأشهل
و من بني عبدالأشهل ‏:‏ سعد بن معاذ ، وأنس بن أوس بن عتيك بن عمرو ، وعبدالله بن سهل ‏.‏ ثلاثة نفر ‏.‏
 من بني جشم
ومن بني جشم بن الخزرج ، ثم من بني سلمة ‏:‏ الطفيل بن النعمان ، وثعلبة بن غنمة ‏.‏ رجلان ‏.‏
 من بني النجار
ومن بني النجار ، ثم من بني دينار ‏:‏ كعب بن زيد ، أصابه سهم غرب ، فقتله ‏.‏
 تفسير ابن هشام لبعض الغريب
قال ابن هشام ‏:‏ سهمُ غَرْبٍ وسهمٌ غرب ، بإضافة وغير إضافة ، وهو الذي لا يُعرف من أين جاء ولا من رمى به ‏.‏
 قتلى المشركين
وقتل من المشركين ثلاثة نفر ‏.‏
 من بني عبدالدار
ومن بني عبدالدار بن قصي ‏:‏ منبه بن عثمان بن عبيد بن السباق بن عبدالدار ، أصابه سهم ، فمات منه بمكة ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏ هو عثمان بن أمية بن منبه بن عبيد بن السباق ‏.‏
 عرض المشركين على الرسول شراء جسد نوفل
قال ابن إسحاق ‏:‏ ومن بني مخزوم بن يقظة ‏:‏ نوفل بن عبدالله بن المغيرة ؛ سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيعهم جسده ، وكان اقتحم الخندق ، فتورط فيه ، فقُتل ، فغلب المسلمون على جسده ‏.‏ فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ لا حاجة لنا في جسده ولا بثمنه ، فخلى بينهم وبينه ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏ أعطوا رسول الله صل الله عليه وسلم بجسده عشرة آلاف درهم ، فيما بلغني عن الزهري ‏.‏
 من بني عامر
قال ابن إسحاق ‏:‏ ومن بني عامر بن لؤي ، ثم من بني مالك بن حسل ‏:‏ عمرو بن عبد ود ، قتله علي بن أبي طالب رضوان الله عليه ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏ وحدثني الثقة أنه حدث عن ابن شهاب الزهري أنه قال ‏:‏ قتل علي بن أبي طالب يومئذ عمرو بن عبد ود وابنه حسل بن عمرو ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏ ويقال عمرو بن عبد ود ، ويقال ‏:‏ عمرو بن عبد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70256
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

من غزوات الرسول غزوة الخندق أو الأحزاب Empty
مُساهمةموضوع: رد: من غزوات الرسول غزوة الخندق أو الأحزاب   من غزوات الرسول غزوة الخندق أو الأحزاب Emptyالسبت 15 ديسمبر 2018, 9:21 pm

غزوة بنى قريظة




 غزوة بني قريظة في سنة خمس
 أمر الله لرسوله على لسان جبريل بحرب بني قريظة
فلما كانت الظهر ، أتى جبريل رسول الله صل الله عليه وسلم ، كما حدثني الزهري ، معتجرا بعمامة من إستبرق ، على بغلة عليها رحالة ، عليها قطيفة من ديباج ، فقال ‏:‏ أوَ قد وضعت السلاح يا رسول الله ‏؟‏ قال ‏:‏ نعم ؛فقال جبريل ‏:‏ فما وضعت الملائكة السلاح بعد ، وما رجعت الآن إلا من طلب القوم ، إن الله عز وجل يأمرك يا محمد بالمسير إلى بني قريظة ، فإني عامد إليهم فمزلزل بهم ‏.‏
 دعوة الرسول المسلمين للقتال
فأمر رسول الله صل الله عليه وسلم مؤذنا ، فأذن في الناس ‏:‏ من كان سامعا مطيعا ، فلا يصلين العصر إلا ببني قريظة ‏.‏ جبريل يأتي بحرب بني قريظة ‏.‏
 استعمال ابن أم مكتوم على المدينة
واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم ، فيما قال ابن هشام ‏.‏
 علي يبلغ الرسول ما سمعه من بني قريظة
قال ابن إسحاق ‏:‏ وقَدَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب برايته إلى بني قريظة ، وابتدرها الناس ، فسار على بن أبي طالب ، حتى إذا دنا من الحصون سمع منها مقالة قبيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرجع حتى لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطريق ، فقال ‏:‏ يا رسول الله ، لا عليك أن لا تدنو من هؤلاء الأخابث ؛ قال ‏:‏ لم ‏؟‏ أظنك سمعت منهم لي أذى ‏؟‏ قال ‏:‏ نعم يا رسول الله ؛ قال ‏:‏ لو رأوني لم يقولوا من ذلك شيئا ‏.‏ فلما دنا رسول الله صل الله عليه وسلم من حصونهم ‏.‏ قال ‏:‏ يا إخوان القردة ، هل أخزاكم الله وأنزل بكم نقمته ‏؟‏ قالوا ‏:‏ يا أبا القاسم ، ما كنت جهولا ‏.‏
 جبريل في صورة دحية الكلبي
ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفر من أصحابه بالصَّوْرَيْن قبل أن يصل إلى بني قريظة ، فقال ‏:‏ هل مر بكم أحد ‏؟‏ قالوا ‏:‏ يا رسول الله ، قد مر بنا دحية بن خليفة الكلبي ، على بغلة بيضاء عليها رحالة ، عليها قطيفة ديباج ‏.‏ فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ ذلك جبريل ، بعث إلى بني قريظة يزلزل بهم حصونهم ، ويقذف الرعب في قلوبهم ‏.‏
ولما أتى رسول الله صل الله عليه وسلم بني قريظة ، نزل على بئر من آبارها من ناحية أموالهم ، يقال لها بئر أنا ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏ بئر أنى ‏.‏
 تجمع المسلمين للقتال
قال ابن إسحاق ‏:‏ وتلاحق به الناس ، فأتى رجال منهم من بعد العشاء الآخرة ، ولم يصلوا العصر ، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ لا يصلين أحد العصر إلا ببني قريظة ، فشغلهم ما لم يكن منه بد في حربهم ، وأبوا أن يصلوا ، لقول رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ حتى تأتوا بني قريظة ‏.‏
فصلوا العصر بها ، بعد العشاء الآخرة ، فما عابهم الله بذلك في كتابه ، ولا عنفهم به رسول الله صل الله عليه وسلم ‏.‏
حدثني بهذا الحديث أبي إسحاق بن يسار ، عن معبد بن كعب بن مالك الأنصاري ‏.‏
 حصار بني قريظة
قال ‏:‏ وحاصرهم رسول الله صل الله عليه وسلم خمسا وعشرين ليلة ، حتى جهدهم الحصار ، وقذف الله في قلوبهم الرعب ‏.‏
وقد كان حيي بن أخطب دخل مع بني قريظة في حصنهم ، حين رجعت عنهم قريش وغطفان ، وفاء لكعب بن أسد بما كان عاهده عليه ‏.‏
 كعب بن أسد ينصح قومه
فلما أيقنوا بأن رسول الله صل الله عليه وسلم غير منصرف عنهم حتى يناجزهم ، قال كعب بن أسد لهم ‏:‏ يا معشر يهود ، قد نزل بكم من الأمر ما ترون ، وإني عارض عليكم خلالا ثلاثا ، فخذوا أيها شئتم ؛ قالوا ‏:‏ وما هي ‏؟‏ قال ‏:‏ نتابع هذا الرجل ونصدقه ، فوالله لقد تبين لكم أنه لنبي مرسل ، وأنه للذي تجدونه في كتابكم ، فتأمنون على دمائكم وأموالكم وأبنائكم ونسائكم ؛ قالوا ‏:‏ لا نفارق حكم التوارة أبدا ، ولا نستبدل به غيره ؛ قال ‏:‏ فإذا أبيتم عليّ هذه ، فهلم فلنقتل أبناءنا ونساءنا ، ثم نخرج إلى محمد وأصحابه رجالا مُصلتين السيوف ، لم نترك وراءنا ثقلا ، حتى يحكم الله بيننا وبين محمد ، فإن نهلك نهلك ، ولم نترك وراءانا نسلا نخشى عليه ، وإن نظهر فلعمري لنجدن النساء والأبناء ؛ قالوا ‏:‏ نقتل هؤلاء المساكين ‏!‏ فما خير العيش بعدهم ‏؟‏ قال ‏:‏ فإن أبيتم عليّ هذه ، فإن الليلة ليلة السبت ، وإنه عسى أن يكون محمد وأصحابه قد أمنونا فيها ، فانزلوا لعلنا نُصيب من محمد وأصحابه غرة ؛ قالوا ‏:‏ نفسد سبتنا علينا ، ونحُدث فيه ما لم يحدث مَنْ كان قبلنا إلا من قد علمت ، فأصابه ما لم يخف عليك من المسخ ‏!‏ قال ‏:‏ ما بات رجل منكم منذ ولدته أمه ليلة واحدة من الدهر حازما ‏.‏
 قصة أبي لبابة و توبته في هذه الغزوة
قال ‏:‏ ثم إنهم بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ أن ابعث إلينا أبا لبابة بن عبدالمنذر ، أخا بني عمرو بن عوف ، وكانوا حلفاء الأوس ، لنستشيره في أمرنا ، فأرسله رسول الله صل الله عليه وسلم إليهم ؛ فلما رأوه قام إليه الرجال ، وجهش إليه النساء والصبيان يبكون في وجهه ، فرق لهم ، وقالوا له ‏:‏ يا أبا لبابة ‏!‏ أترى أن ننزل على حكم محمد ‏؟‏ قال ‏:‏ نعم ، وأشار بيده إلى حلقه ، إنه الذبح ‏.‏
قال أبو لبابة ‏:‏ فوالله ما زالت قدماي من مكانهما حتى عرفت أني قد خنت الله ورسوله صل الله عليه وسلم ‏.‏
ثم انطلق أبو لبابة على وجهه ولم يأت رسول الله صل الله عليه وسلم حتى ارتبط في المسجد إلى عمود من عمده ، وقال ‏:‏ لا أبرح مكاني هذا حتى يتوب الله علي مما صنعت ، وعهد الله ‏:‏ أن لا أطأ بني قريظة أبدا ، ولا أُرى في بلد خنت الله ورسوله فيه أبدا ‏.‏
 ما نزل في خيانة أبي لبابة
قال ابن هشام ‏:‏ وأنزل الله تعالى في أبي لبابة ، فيما قال سفيان بن عيينة ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن عبدالله بن أبي قتادة ‏:‏ ‏(‏ يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون ‏)‏ ‏.‏
 موقف الرسول من أبي لبابة
قال ابن إسحاق ‏:‏ فلما بلغ رسول الله صل الله عليه وسلم خبره ، وكان قد استبطأه ، قال ‏:‏ أما إنه لو جاءني لاستغفرت له ، فأما إذ قد فعل ما فعل ، فما أنا بالذي أطلقه من مكانه حتى يتوب الله عليه ‏.‏
 توبة الله على أبي لبابة
قال ابن إسحاق ‏:‏ فحدثني يزيد بن عبدالله بن قُسيط ‏:‏ أن توبة أبي لبابة نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم من السحر ، وهو في بيت أم سلمة ‏.‏ فقالت أم سلمة ‏:‏ فسمعت رسول الله صل الله عليه و سلم من السحر و هو يضحك ‏.‏ قالت ‏:‏ فقلت ‏:‏ مم تضحك يا رسول الله ‏؟‏ أضحك الله سنك ؛ قال ‏:‏ تِيب على أبي لبابة ؛ قالت ‏:‏ قلت ‏:‏ أفلا أبشره يا رسول الله ‏؟‏ قال ‏:‏ بلى ، إن شئت ‏.‏
قال ‏:‏ فقامت على باب حجرتها ، وذلك قبل أن يُضرب عليهنّ الحجاب ، فقالت ‏:‏ يا أبا لبابة ، أبشر فقد تاب الله عليك ‏.‏ قالت ‏:‏ فثار الناس إليه ليطلقوه ، فقال ‏:‏ لا والله حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يطلقني بيده ؛ فلما مر عليه رسول الله صل الله عليه وسلم خارجا إلى صلاة الصبح أطلقه ‏.‏
 ما نزل في التوبة على أبي لبابة
قال ابن هشام ‏:‏ أقام أبو لبابة مرتبطا بالجذع ست ليال ، تأتيه امرأته في كل وقت صلاة ، فتحله للصلاة ، ثم يعود فيرتبط بالجذع ، فيما حدثني بعض أهل العلم ؛ والآية التي نزلت في توبته قول الله عز وجل ‏:‏ ‏(‏ وآخرون اعترفوا بذنوبهم ، خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا ، عسى الله أن يتوب عليهم ، إن الله غفور رحيم ‏)‏ ‏.‏
 إسلام بعض بني هدل
قال ابن إسحاق ‏:‏ ثم إن ثعلبة بن سعية ، وأسيد بن سعية ، وأسد بن عبيد ، وهم نفر من بني هدل ، ليسوا من بني قريظة ولا النضير ، نسبهم فوق ذلك ، هم بنو عم القوم ، أسلموا تلك الليلة التي نزلت فيها بنو قريظة على حكم رسول الله صل الله عليه وسلم ‏.‏
 قصة عمرو بن سعدى
وخرج في تلك الليلة عمرو بن سُعْدى القرظي ، فمر بحرس رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعليه محمد بن مسلمة تلك الليلة ؛ فلما رآه قال ‏:‏ من هذا ‏؟‏ قال ‏:‏ أنا عمرو بن سُعدى - وكان عمرو قد أبى يدخل مع بني قريظة في غدرهم برسول الله صل الله عليه وسلم ، وقال ‏:‏ لا أغدر بمحمد أبدا - فقال محمد بن مسلمة حين عرفه ‏:‏ اللهم لا تحرمني إقالة عثرات الكرام ، ثم خلى سبيله ‏.‏
فخرج على وجهه حتى أتى باب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة تلك الليلة ، ثم ذهب فلم يُدر أين توجه من الأرض إلى يومه هذا ، فذكر لرسول الله صل الله عليه وسلم شأنه ؛ فقال ‏:‏ ذاك رجل نجاه الله بوفائه ‏.‏
وبعض الناس يزعم أنه كان أُوثق بِرُمَّة فيمن أُوثق من بني قريظة ، حين نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأصبحت رمته ملقاة ، ولا يدري أين يذهب ؛ فقال رسول الله صل الله عليه وسلم فيه تلك المقالة ، والله أعلم أي ذلك كان ‏.‏
 تحكيم سعد في أمر بني قريظة
قال ‏:‏ فلما أصبحوا نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتواثبت الأوس ، فقالوا ‏:‏ يا رسول الله ، إنهم موالينا دون الخزرج ، وقد فعلت في موالي إخواننا بالأمس ما قد علمت - وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بني قريظة قد حاصر بني قينقاع ، وكانوا حلفاء الخزرج ، فنزلوا على حكمه ، فسأله إياهم عبدالله بن أبي بن سلول ، فوهبهم له - فلما كلمته الأوس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ألا ترضون يا معشر الأوس أن يحكم فيهم رجل منكم ‏؟‏ قالوا ‏:‏ بلى ؛ قال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ فذاك إلى سعد بن معاذ ‏.‏
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جعل سعد بن معاذ في خيمة لامرأة من أسلم ، يقال لها ‏:‏ رُفيدة ، في مسجده ، كانت تداوي الجرحى ، وتحتسب بنفسها على خدمة من كانت به ضيعة من المسلمين ، وكان رسول الله صل الله عليه وسلم قد قال لقومه حين أصابه السهم بالخندق ‏:‏ اجعلوه في خيمة رُفيدة حتى أعوده من قريب ‏.‏
فلما حكَّمه رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني قريظة ، أتاه قومه فحملوه على حمار قد وطَّئوا له بوسادة من أدم ، وكان رجلا جسيما جميلا ، ثم أقبلوا معه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهم يقولون ‏:‏ يا أبا عمرو ، أحسن في مواليك ، فإن رسول الله صل الله عليه وسلم إنما ولاك ذلك لتحسن فيهم ؛ فلما أكثروا عليه قال ‏:‏ لقد أَنى لسعد أن لا تأخذه في الله لومة لائم ‏.‏
فرجع بعض من كان معه من قومه إلى دار بني عبدالأشهل ، فنَعَى لهم رجال بني قريظة ، قبل أن يصل إليهم سعد ، عن كلمته التي سمع منه ‏.‏
فلما انتهى سعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ قوموا إلى سيدكم - فأما المهاجرون من قريش ، فيقولون ‏:‏ إنما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصار ؛ وأما الأنصار ، فيقولون ‏:‏ قد عمّ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم - فقاموا إليه ، فقالوا ‏:‏ يا أبا عمرو ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ولاك أمر مواليك لتحكم فيهم ؛ فقال سعد بن معاذ ‏:‏ عليكم بذلك عهد الله وميثاقه ، أنّ الحكم فيهم لمَا حكمت ‏؟‏ قالوا ‏:‏ نعم ‏:‏ وعلى من هاهنا ‏؟‏ في الناحية التي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو معرض عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إجلالا له ؛ فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ نعم ؛ قال سعد ‏:‏ فإني أحكم فيهم أن تُقتل الرجال ، وتقسم الأموال ، وتُسبى الذراري والنساء ‏.‏
 رضاه عليه الصلاة والسلام بحكم سعد
قال ابن إسحاق ‏:‏ فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة ، عن عبدالرحمن ابن عمرو بن سعد بن معاذ ، عن علقمة بن وقاص الليثي ، قال ‏:‏ قال رسول الله صل الله عليه وسلم لسعد ‏:‏ لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة ‏.‏
 علي ينهي المعركة لصالح المسلمين
قال ابن هشام ‏:‏ حدثني بعض من أثق به من أهل العلم ‏:‏ أن علي بن أبي طالب صاح وهم محاصرو بني قريظة ‏:‏ يا كتيبة الإيمان ، وتقدم هو والزبير بن العوام ، وقال ‏:‏ والله لأذوقن ما ذاق حمزة أو لأفتحن حصنهم ؛ فقالوا ‏:‏ يا محمد ، ننزل على حكم سعد بن معاذ ‏.‏
 حبس بني قريظة ومقتلهم
قال ابن إسحاق ‏:‏ ثم استنزلوا ، فحبسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة في دار بنت الحارث ، امرأة من بني النجار ، ثم خرج رسول الله صل الله عليه وسلم إلى سوق المدينة ، التي هي سوقها اليوم ، فخندق بها خنادق ، ثم بعث إليهم ، فضرب أعناقهم في تلك الخنادق ، يخرج بهم إليه أرسالا ، وفيهم عدو الله حيي بن أخطب ، وكعب بن أسد ، رأس القوم ، وهم ستمائة أو سبعمائة ، والمكثِّر لهم يقول ‏:‏ كانوا بين الثمانمائة والتسعمائة ‏.‏
وقد قالوا لكعب بن أسد ، وهم يُذهب بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسالا ‏:‏ يا كعب ، ما تراه يصنع بنا ‏؟‏ قال ‏:‏ أفي كل موطن لا تعقلون ‏؟‏ ألا ترون الداعي لا ينزع ، وأنه من ذُهب به منكم لا يرجع ‏؟‏ هو والله القتل ‏!‏ فلم يزل ذلك الدأب حتى فرغ منهم رسول الله صل الله عليه وسلم ‏.‏
 مقتل ابن أخطب
وأُتي بحيي بن أخطب عدو الله ، وعليه حله له فقَّاحية - قال ابن هشام ‏:‏ فقاحية ‏:‏ ضرب من الوشي - قد شقها عليه من كل ناحية قدر أنملة أنملة لئلا يُسلبها ، مجموعة يداه إلى عنقه بحبل ‏.‏
فلما نظر إلى رسول الله صل الله عليه وسلم ، قال ‏:‏ أما والله ما لمت نفسي في عدواتك ، ولكنه من يخذل الله يخذل ، ثم أقبل على الناس ، فقال ‏:‏ أيها الناس ، إنه لا بأس بأمر الله ، كتاب وقدر ملحمة كتبها الله على بني إسرائيل ، ثم جلس فضربت عنقه
قتل امرأة واحدة من نسائهم وسببه
قال ابن إسحاق ‏:‏ وقد حدثني محمد بن جعفر بن الزبير ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت ‏:‏ لم يقتل من نسائهم إلا امراة واحدة ‏.‏ قالت ‏:‏ والله إنها لعندي تحَدَّث معي ، وتضحك ظهرا وبطنا ، ورسول الله صل الله عليه وسلم يقتل رجالها في السوق ، إذ هتف هاتف باسمها ‏:‏ أين فلانة ‏؟‏ قالت ‏:‏ أنا والله ، قالت ‏:‏ قلت لها ‏:‏ ويلك ؛ ما لك ‏؟‏ قالت ‏:‏ أُقتل ؛ قلت ‏:‏ ولم ‏؟‏ قالت ‏:‏ لحدث أحدثته ؛ قالت ‏:‏ فانطلق بها ، فضربت عنقها ؛ فكانت عائشة تقول ‏:‏ فوالله ما أنسى عجبا منها ، طيب نفسها ، وكثرة ضحكها ، وقد عرفت أنها تُقتل ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏ وهي التي طرحت الرحا على خلاد بن سويد ، فقتلته ‏.‏
 قصة الزبير بن باطا
قال ابن إسحاق ‏:‏ وقد كان ثابت بن قيس بن الشماس ، كما ذكر لي ابن شهاب الزهري ، أتى الزبير بن باطا القرظي ، وكان يكنى أبا عبدالرحمن - وكان الزبير قد منَّ على ثابت بن قيس بن شماس في الجاهلية ‏.‏ ذكر لي بعض ولد الزبير أنه كان منّ عليه يوم بعاث ، أخذه فجز ناصيته ، ثم خلى سبيله - فجاءه ثابت وهو شيخ كبير ، فقال ‏:‏ يا أبا عبدالرحمن ، هل تعرفني ‏؟‏ قال ‏:‏ وهل يجهل مثلي مثلك ؛ قال ‏:‏ إني قد أردت أن أجزيك بيدك عندي ؛ قال ‏:‏ إن الكريم يجزي الكريم ‏.‏
ثم أتى ثابت بن قيس رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال ‏:‏ يا رسول الله ، إنه قد كانت للزبير عليّ منة ، وقد أحببت أن أجزيه بها ، فهب لي دمه ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ هو لك ؛ فأتاه فقال ‏:‏ إن رسول الله صل الله عليه وسلم قد وهب لي دمك ، فهو لك ؛ قال ‏:‏ شيخ كبير لا أهل له ولا ولد ، فما يصنع بالحياة ‏؟‏
قال ‏:‏ فأتى ثابت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ‏:‏ بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، هب لي امرأته وولده ؛ قال ‏:‏ هم لك ‏.‏ قال ‏:‏ فأتاه فقال ‏:‏ قد وهب لي رسول الله صل الله عليه وسلم أهلك وولدك ، فهم لك ؛ قال ‏:‏ أهل بيت بالحجاز لا مال لهم ، فما بقاؤهم على ذلك ‏؟‏
فأتى ثابت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال ‏:‏ يا رسول الله ، ماله ؛ قال ‏:‏ هو لك ‏.‏ فأتاه ثابت فقال ‏:‏ قد أعطاني رسول الله صل الله عليه وسلم مالك ، فهو لك ‏.‏
قال ‏:‏ أي ثابت ، مافعل الذي كأن وجهه مرآة صينية يتراءى فيها عذارى الحي ، كعب بن أسد ‏؟‏ قال ‏:‏ قتل ؛ قال ‏:‏ فما فعل سيد الحاضر والبادي حيي بن أخطب ‏؟‏ قال ‏:‏ قتل ؛ قال ‏:‏ فما فعل مقدمتنا إذا شددنا ، وحاميتنا إذا فررنا ، عزَّال بن سموأل ‏؟‏ قال ‏:‏ قتل ؛ قال ‏:‏ فما فعل المجلسان ‏؟‏ يعني بني كعب بن قريظة وبني عمرو بن قريظة ؛ قال ‏:‏ ذهبوا قتلوا ؛ قال ‏:‏ فإني أسألك يا ثابت بيدي عندك إلا ألحقتني بالقوم ، فوالله ما في العيش بعد هؤلاء من خير ، فما أنا بصابر لله فتلة دلو ناضح حتى ألقى الأحبة ‏.‏ فقدمه ثابت ، فضرب عنقه ‏.‏
فلما بلغ أبا بكر الصديق قوله ‏(‏ ألقى الأحبة ‏)‏ ‏.‏ قال ‏:‏ يلقاهم والله في نار جهنم خالدا فيها مخلدا ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏ قبلة دلو ناضح ‏.‏ قال زهير بن أبي سلمى في ‏(‏ قبلة ‏)‏ ‏:‏
وقابل يتغنى كلما قدرت * على العراقي يداه قائما دَفَقا
وهذا البيت في قصيدة له ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏ ويُروى ‏:‏ وقابل يتلقى ، يعني قابل الدلو يتناول
أمر عطية القرظي ورفاعة بن سموأل
قال ابن إسحاق ‏:‏ وكان رسول الله صل الله عليه وسلم قد أمر بقتل كل من أنبت منهم ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني شعبة بن الحجاج ، عن عبدالملك بن عمير ، عن عطية القرظي ، قال ‏:‏ كان رسول الله صل الله عليه وسلم قد أمر أن يُقتل من بني قريظة كل من أنبت منهم ، وكنت غلاما ، فوجدوني لم أُنبت ، فخلوا سبيلي ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني أيوب بن عبدالرحمن بن عبدالله بن أبي صعصعة ، أخو بني عدي بن النجار ‏:‏ أن سلمى بنت قيس ، أم المنذر ، أخت سليط بن أخت سليط بن قيس - وكانت إحدى خالات رسول الله صل الله عليه وسلم ، قد صلت معه القبلتين ، بايعته بيعة النساء - سألته رفاعة بن سموأل القرظي ، وكان رجلا قد بلغ ، فلاذ بها ، وكان يعرفهم قبل ذلك ، فقالت ‏:‏ يا نبي الله ، بأبي أنت وأمي ، هب لي رفاعة ، فإنه قد زعم أنه سيصلي ويأكل لحم الجمل ؛ قال ‏:‏ فوهبه لها ، فاستحيته ‏.‏
 تقسيم فيء بني قريظة
قال ابن إسحاق ‏:‏ ثم إن رسول الله صل الله عليه وسلم قسّم أموال بني قريظة ونساءهم وأبناءهم على المسلمين ، وأعلم في ذلك اليوم سُهْمان الخيل وسهمان الرجال ، وأخرج منها الخُمس ، فكان للفارس ثلاثة أسهم ، للفرس سهمان ولفارسه سهم ، وللراجل ، من ليس له فرس ، سهم ‏.‏
وكانت الخيل يوم بني قريظة ستة وثلاثين فرسا ، وكان أول فيء وفعت فيه السهمان ، وأُخرج منها الخمس ، فعلى سنتها وما مضى من رسول الله صل الله عليه وسلم فيها وقعت المقاسم ، ومضت السنة في المغازي ‏.‏
ثم بعث رسول الله صل الله عليه وسلم سعد بن زيد الأنصاري أخا بني عبدالأشهل بسبي من سبايا بني قريظة إلى نجد ، فابتاع لهم بها خيلا وسلاحا ‏.‏
 إسلام ريحانة
قال ‏:‏ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اصطفى لنفسه من نسائهم ريحانة بنت عمرو بن خناقة ، إحدى نساء بني عمرو بن قريظة ، فكانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توفي عنها وهي في ملكه ، وقد كان رسول الله صل الله عليه وسلم عرض عليها أن يتزوجها ، ويضرب عليها الحجاب ؛ فقالت ‏:‏ يا رسول الله ، بل تتركني في ملكك ، فهو أخف علي وعليك ، فتركها ‏.‏
وقد كانت حين سباها قد تعصّت بالإسلام ، وأبت إلا اليهودية ، فعزلها رسول الله صل الله عليه وسلم ، ووجد في نفسه لذلك من أمرها ‏.‏
فبينا هو مع أصحابه ، إذ سمع وقع نعلين خلفه ؛ فقال ‏:‏ إن هذا لثعلبة بن سعية يبشرني بإسلام ريحانة ؛ فجاءه فقال ‏:‏ يا رسول الله ، قد أسلمت ريحانة ، فسره ذلك من أمرها ‏.‏
 ما نزل من القرآن في الخندق وبني قريظة
قال ابن إسحاق ‏:‏ وأنزل الله تعالى في أمر الخندق ، وأمر بني قريظة من القرآن ، القصة في الأحزاب ، يذكر فيها ما نزل من البلاء ، ونعمته عليهم ، وكفايته إياهم حين فرج ذلك عنهم ، بعد مقالة من قال من أهل النفاق ‏:‏ ‏(‏ يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها ، وكان الله بما تعملون بصيرا ‏)‏ ‏.‏ والجنود ‏:‏ قريش وغطفان وبنو قريظة ، وكانت الجنود التي أرسل الله عليهم مع الريح الملائكة ‏.‏
يقول الله تعالى ‏:‏ ‏(‏ إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم ، وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر ، وتظنون بالله الظنونا ‏)‏ ‏.‏ فالذين جاءوهم من فوقهم بنو قريظة ، والذين جاءوهم من أسفل منهم قريش وغطفان ‏.‏
يقول الله تبارك وتعالى ‏:‏ ‏(‏ هنالك ابتُلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا ، وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسلوه إلا غرورا ‏)‏ لقول معتِّب بن قشير إذ يقول ما قال ‏.‏
‏(‏ وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستأذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا ‏)‏ لقول أوس بن قيظي ومن كان على رأيه من قومه ‏(‏ ولو دُخلت عليهم من أقطارها ‏)‏ ‏:‏ أي المدينة ‏.‏
 تفسير ابن هشام لبعض الغريب
قال ابن هشام ‏:‏ الأقطار ‏:‏ الجوانب ؛ وواحدها ‏:‏ قطر ، وهي الأقتار ، وواحدها ‏:‏ قتر ‏.‏
قال الفرزدق ‏:‏
كم من غِنى فتح الإله لهم به * والخيل مُقْعية على الأقطار
ويُروى ‏:‏ ‏(‏ على الأقتار ‏)‏ ‏.‏ وهذا البيت في قصيدة له ‏.‏
‏(‏ ثم سئلوا الفتنة ‏)‏ ‏:‏ أي الرجوع إلى الشرك ‏(‏ لآتوها وما تلبثُّوا بها إلا يسيرا ‏.‏ ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار ، وكان عهد الله مسئولا ‏)‏ ، فهم بنو حارثة ، وهم الذين هموا أن يفشلوا يوم أحد مع بني سلمة حين همتا بالفشل يوم أحد ، ثم عاهدوا الله أن لا يعودوا لمثلها أبدا ، فذكر لهم الذين أعطوا من أنفسهم ، ثم قال تعالى ‏:‏ ‏(‏ قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل ، وإذا لا تمتعون إلا قليلا ‏.‏ قل من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا ، أو أراد بكم رحمة ، ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا ‏.‏ قد يعلم الله المعوِّقين منكم ‏)‏ ‏:‏ أي أهل النفاق ‏(‏ والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ، ولا يأتون البأس إلا قليلا ‏)‏ ‏:‏ أي إلا دفعا وتعذيرا ‏(‏ أشحة عليكم ‏)‏ ‏:‏ أي للضغن الذي في أنفسهم ‏(‏ فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك ، تدور أعينهم كالذي يُغشى عليه من الموت ‏)‏ ‏:‏ أي إعظاما له وفرقا منه ‏(‏ فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد ‏)‏ ‏:‏ أي في القول بما لا تحبون ، لأنهم لا يرجون آخرة ، ولا تحملهم حِسبة ، فهم يهابون الموت هيبة من لا يرجو ما بعده ‏.‏
 تفسير ابن هشام لبعض الغريب
قال ابن هشام ‏:‏ سلقوكم ‏:‏ بالغوا فيكم بالكلام ، فأحرقوكم وآذوكم ‏.‏ تقول العرب ‏:‏ خطيب سلاّق ، وخطيب مِسْلق ومِسْلاق ‏.‏
قال أعشى بني قيس بن ثعلبة ‏:‏
فيهم المجد والسماحة والنَّجْـ * ـدة فيهم والخاطب السلاقُ
وهذا البيت في قصيدة له ‏.‏
‏(‏ يحسبون الأحزاب لم يذهبوا ‏)‏ قريش وغطفان ‏(‏ وإن يأت الأحزاب يودوا لو أنهم بادون في الأعراب يسئلون عن أنبائكم ، ولو كانوا فيكم ما قاتلوا الا قليلا ‏)‏ ‏.‏
ثم أقبل على المؤمنين فقال ‏:‏ ‏(‏ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ‏)‏ ‏:‏ أي لئلا يرغبوا بانفسهم عن نفسه ، ولا عن مكان هو به ‏.‏
ثم ذكر المؤمنين وصدقهم وتصديقهم بما وعدهم الله من البلاء يختبرهم به ، فقال ‏:‏ ‏(‏ ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله ، وصدق الله ورسوله ، وما زادهم الا إيمانا وتسليما ‏)‏ ‏:‏ أي صبرا على البلاء وتسليما للقضاء ، وتصديقا للحق ، لما كان الله تعالى وعدهم ورسوله صل الله عليه وسلم ، ثم قال ‏:‏ ‏(‏ من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، فمنهم من قضى نحبه ‏)‏ ‏:‏ أي فرغ من عمله ، ورجع إلى ربه ، كمن استشهد يوم بدر ويوم أحد ‏.‏
 تفسير ابن هشام لبعض الغريب
قال ابن هشام ‏:‏ قضى نحبه ‏:‏ مات ، والنحب ‏:‏ النفس ، فيما أخبرني أبو عبيدة ، وجمعه ‏:‏ نحوب ‏.‏ قال ذو الرمة ‏:‏
عشية فر الحارثيون بعد ما * قضى نحبه في ملتقى الخيل هَوْبَرُ
وهذا البيت في قصيدة له ‏.‏ وهوبر ‏:‏ من بني الحارث بن كعب ، أراد ‏:‏ يزيد بن هوبر ‏.‏ والنحب أيضاً ‏:‏ النذر ‏.‏ قال جرير بن الخَطَفَى ‏:‏
بطخفة جالدنا الملوك وخيلنا * عشية بسطام جرين على نحب
يقول ‏:‏ على نذر كانت نذرت أن تقتله فقتلته ، وهذا البيت في قصيدة له ‏.‏ وبسطام ‏:‏ بسطام بن قيس بن مسعود الشيباني ، وهو ابن ذي الجدين ‏.‏ حدثني أبو عبيدة ‏:‏ أنه كان فارس ربيعة بن نزار ‏.‏ وطِخْفة ‏:‏ موضع بطريق البصرة ‏.‏
والنحب أيضا ‏:‏ الخِطار ، وهو الرهان ‏.‏ قال الفرزدق ‏:‏
وإذ نحبت كلب على الناس أينا * على النحب أعطى للجزيل وأفضل
والنحب أيضا ‏:‏ البكاء ‏.‏ ومنه قولهم ‏:‏ ينتحب ‏.‏ والنحب أيضا ‏:‏ الحاجة والهمة ؛ تقول ‏:‏ ما لي عندهم نحب ‏.‏ قال مالك بن نويرة اليربوعي ‏:‏
وما لي نحب عندهم غير أنني * تلمست ما تبغي من الشُّدُن الشُّجْرِ
وقال نهار بن توسعة ، أحد بني تيم اللات بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل - قال ابن هشام ‏:‏ هؤلاء موالي بني حنيفة - ‏:‏
ونجَّى يوسفَ الثقفي ركض * دراك بعد ما وقع اللواء
ولو أدركنه لقضين نحبا * به وكل مُخطَأَة وقاء
والنحب أيضاً ‏:‏ السير الخفيف المَرِّ ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ ‏(‏ ومنهم من ينتظر ‏)‏ ‏:‏ أي ما وعد الله به من نصره ، والشهادة على ما مضى عليه أصحابه ‏.‏ يقول الله تعالى ‏:‏ ‏(‏ وما بدلوا تبديلا ‏)‏ ‏:‏ أي ما شكوا وما ترددوا في دينهم ، وما استبدلوا به غيره ‏.‏ ‏(‏ ليجزي الله الصادقين بصدقهم ، ويعذب المنافقين إن شاء ، أو يتوب عليهم ، إن الله كان غفورا رحيما ‏.‏ و ردَّ الله الذين كفروا بغيظهم ‏)‏ ‏:‏ أي قريشا وغطفان ‏(‏ لم ينالوا خيرا ، وكفى الله المؤمنين القتال ، وكان الله قويا عزيزا ‏.‏ وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب ‏)‏ ‏:‏ أي بني قريظة ‏(‏ من صياصيهم ‏)‏ ، والصياصي ‏:‏ الحصون والآطام التي كانوا فيها ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏ قال سحيم عبد بني الحسحاس ؛ وبنو الحسحاس من بني أسد بن خزيمة ‏:‏
وأصبحت الثيران صرعى وأصبحت * نساء تميم يبتدرن الصياصيا
وهذا البيت في قصيدة له ‏.‏ والصياصي أيضا ‏:‏ القرون ‏.‏ قال النابغة الجعدي ‏:‏
وسادة رهطي حتى بَقِيْـ * ـتُ فردا كصيصية الأعضب
يقول ‏:‏ أصاب الموت سادة رهطي ‏.‏ وهذا البيت في قصيدة له ‏.‏ وقال أبو دواد الإيادي ‏:‏
فذَعَرْنا سُحم الصياصي بأيديـ * ـهنّ نَضْحٌ من الكُحيل وقار
وهذا البيت في قصيدة له ‏.‏ والصياصي أيضاً ‏:‏ الشوك الذي للنساجين ، فيما أخبرني أبو عبيدة ‏.‏ وأنشدني لدريد بن الصمة الجشمي ، جشم ابن معاوية بن بكر بن هوازن ‏:‏
نظرت إليه والرماح تنوشه * كوقع الصياصي في النسيج الممدد
وهذا البيت في قصيدة له ‏.‏ والصياصي أيضاً ‏:‏ التي تكون في أرجل الديكة ناتئة كأنها القرون الصغار ، والصياصي أيضاً ‏:‏ الأصول ‏.‏ أخبرني أبو عبيدة أن العرب تقول ‏:‏ جذّ الله صيصيته ‏:‏ أي أصله ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ ‏(‏ وقذف في قلوبهم الرعب فريقا تقتلون وتأسرون فريقا ‏)‏ ‏:‏ أي قتل الرجال ، وسبي الذراري والنساء ، ‏(‏ وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطئوها ‏)‏ ‏:‏ يعني خيبر ‏(‏ وكان الله على كل شيء قديرا ‏)‏ ‏.‏
 إكرام سعد بن معاذ في موته
قال ابن إسحاق ‏:‏ فلما انقضى شأن بني قريظة انفجر بسعد بن معاذ جرحه ، فمات منه شهيدا ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ حدثني معاذ بن رفاعة الزُّرقي ، قال ‏:‏ حدثني من شئت من رجال قومي ‏:‏ أن جبريل عليه السلام أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قُبض سعد بن معاذ من جوف الليل معتجرا بعمامة من إستبرق ، فقال ‏:‏ يا محمد ، من هذا الميت الذي فُتحت له أبواب السماء ، واهتز له العرش ‏؟‏ قال ‏:‏ فقام رسول الله صل الله عليه وسلم سريعا يجر ثوبه إلى سعد ، فوجده قد مات ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني عبدالله بن أبي بكر ، عن عمرة بنت عبدالرحمن قالت ‏:‏ أقبلت عائشة قافلة من مكة ، ومعها أسيد بن حضير ، فلقيه موت امرأة له ، فحزن عليها بعض الحزن ، فقالت له عائشة ‏:‏ يغفر الله لك يا أبا يحيى ، أتحزن على امرأة وقد أُصبت بابن عمك ، وقد اهتز له العرش ‏!‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني من لا أتهم عن الحسن البصري ، قال ‏:‏ كان سعد رجلا بادنا ، فلما حمله الناس وجدوا له خفة ، فقال رجال من المنافقين ‏:‏ والله إن كان لبادنا ، وما حملنا من جنازة أخف منه ، فبلغ ذلك رسولَ الله صل الله عليه وسلم ، فقال ‏:‏ إن له حملة غيركم ، والذي نفسي بيده ، لقد استبشرت الملائكة بروح سعد ، واهتز له العرش ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني معاذ بن رفاعة ، عن محمود بن عبدالرحمن ابن عمرو بن الجموح ، عن جابر بن عبدالله ، قال ‏:‏ لما دُفن سعد ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سبح رسول الله صل الله عليه وسلم ، فسبح الناس معه ، ثم كبر فكبر الناس معه ؛ فقالوا ‏:‏ يا رسول الله ، مم سبحت ‏؟‏ قال ‏:‏ لقد تضايق على هذا العبد الصالح قبره ، حتى فرجه الله عنه ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏ ومجاز هذا الحديث قول عائشة ‏:‏ قال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ إن للقبر لضمة لو كان أحد منها ناجيا لكان سعد بن معاذ ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ ولسعد يقول رجل من الأنصار ‏:‏
وما اهتز عرش الله من موت هالك * سمعنا به إلا لسعد أبي عمرو
و قالت أم سعد ، حين احتُمل نعشه وهي تبكيه - قال ابن هشام ‏:‏ وهي كُبيشة بنت رافع بن معاوية بن عبيد بن ثعلبة بن عبد بن الأبجر ، وهو خُدْرة بن عوف بن الحارث بن الخزرج - ‏:‏
ويل أم سعد سعدا * صرامة وحدا
وسُوددا ومجدا * وفارسا مُعدّا
سُدّ به مَسدّا * يَقُدُّ هاما قَدّا
يقول رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ كل نائحة تكذب ، إلا نائحة سعد بن معاذ
 الشهداء يوم بني قريظة
قال ابن إسحاق ‏:‏ واستشهد يوم بني قريظة من المسلمين ، ثم من بني الحارث بن الخزرج ‏:‏ خلاد بن سويد بن ثعلبة بن عمرو ، طُرحت عليه رحى ، فشدخته شدخا شديدا ، فزعموا أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال ‏:‏ إن له لأجر شهيدين ‏.‏
ومات أبو سنان بن محصن بن حرثان ، أخو بني أسد بن خزيمة ، ورسول الله صل الله عليه وسلم محاصر بني قريظة ، فدفن في مقبرة بني قريظة التي يدفنون فيها اليوم ، وإليه دفنوا أمواتهم في الإسلام ‏.‏
 بشر الرسول المسلمين بغزو قريش
ولما انصرف أهل الخندق عن الخندق ؛ قال رسول الله صل الله عليه وسلم فيما بلغني ‏:‏ لن تغزوكم قريش بعد عامكم هذا ، ولكنكم تغزونهم ‏.‏ فلم تغزهم قريش بعد ذلك ، وكان هو الذي يغزوها ، حتى فتح الله عليه مكة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70256
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

من غزوات الرسول غزوة الخندق أو الأحزاب Empty
مُساهمةموضوع: رد: من غزوات الرسول غزوة الخندق أو الأحزاب   من غزوات الرسول غزوة الخندق أو الأحزاب Emptyالسبت 15 ديسمبر 2018, 9:22 pm

مقتل سلام بن أبي الحقيق


 استئذان الخزرج الرسول في قتل ابن أبي الحقيق
قال ابن إسحاق ‏:‏ ولما انقضى شأن الخندق ، وأمر بني قريظة ، وكان سلام بن أبي الحقيق ، وهو أبو رافع فيمن حزّب الأحزاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت الأوس قبل أحد قتلت كعب بن الأشرف ، في عداوته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتحريضه عليه ، استأذنت الخزرج رسول الله صل الله عليه وسلم في قتل سلام بن أبي الحقيق ، وهو بخيبر ، فأذن لهم ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ، عن عبدالله بن كعب بن مالك ، قال ‏:‏ وكان مما صنع الله به لرسوله صلى الله عليه وسلم أن هذين الحيين من الأنصار ، والأوس والخزرج ، كانا يتصاولان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تصاول الفحلين ، لا تصنع الأوس شيئا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غَناء إلا قالت الخزرج ‏:‏ والله لا تذهبون بهذه فضلا علينا عند رسول الله صل الله عليه وسلم وفي الإسلام ‏.‏ قال ‏:‏ فلا ينتهون حتى يوقعوا مثلها ؛ وإذا فعلت الخزرج شيئا قالت الأوس مثل ذلك ‏.‏
ولما أصابت الأوس كعب بن الأشرف في عداوته لرسول الله صلى الله عليه وسلم قالت الخزرج ‏:‏ والله لا تذهبون بها فضلا علينا أبدا ؛ قال ‏:‏ فتذاكروا ‏:‏ مَن رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم في العداوة كابن الأشرف ‏؟‏ فذكروا ابن أبي الحقيق ، وهو بخيبر ؛ فاستأذنوا رسول الله صل الله في قتله ، فأذن لهم ‏.‏
 من خرج لقتل ابن أبي الحقيق
فخرج إليه من الخزرج من بني سلمة خمسة نفر ‏:‏ عبدالله بن عتيك ، ومسعود بن سنان ، وعبدالله بن أنيس ، وأبو قتادة الحارث بن ربعي ، وخزاعي بن أسود ، حليف لهم من أسلم ‏.‏
فخرجوا وأمَّر عليهم رسول الله صل الله عليه وسلم عبدالله بن عَتيك ، ونهاهم عن أن يقتلوا وليدا أو امرأة ، فخرجوا حتى إذا قدموا خيبر ، أتوا دار ابن أبي الحقيق ليلا ، فلم يدعوا بيتا في الدار إلا أغلقوه على أهله ‏.‏
قال ‏:‏ وكان في عِلِّية له إليها عجلة ، قال ‏:‏ فأسندوا فيها ، حتى قاموا على بابه ، فاستأذنوا عليه ، فخرجت إليهم امرأته ، فقالت ‏:‏ من أنتم ‏؟‏ قالوا ‏:‏ ناس من العرب نلتمس الميرة ‏.‏ قالت ‏:‏ ذاكم صاحبكم ، فادخلوا عليه ؛ قال ‏:‏ فلما دخلنا عليه ، أغلقنا علينا وعليها الحجرة ، تخوفا أن تكون دونه مجاولة تحول بيننا وبينه ، قالت ‏:‏ فصاحت امرأته ، فنوهت بنا وابتدرناه ، وهو على فراشه بأسيافنا ، فوالله ما يدلنا عليه في سواد الليل إلا بياضه كأنه قبطية ملقاة ‏.‏
قال ‏:‏ ولما صاحت بنا امرأته ، جعل الرجل منا يرفع عليها سيفه ، ثم ذكر نهي رسول الله صل الله عليه وسلم فيكف يده ، ولولا ذلك لفرغنا منها بليل ‏.‏
قال ‏:‏ فلما ضربناه بأسيافنا تحامل عليه عبدالله بن أنيس بسيفه في بطنه حتى أنفذه ، وهو يقول ‏:‏ قَطْني قطني ‏:‏ أي حسبي حسبي ‏.‏ قال ‏:‏ وخرجنا ، وكان عبدالله بن عتيك رجلا سيئ البصر ، قال ‏:‏ فوقع من الدرجة فوثِئت يده وثئا شديدا - ويقال ‏:‏ رجله ، فيما قال ابن هشام - وحملناه حتى نأتي به منهرا من عيونهم ، فندخل فيه ‏.‏
قال ‏:‏ فأوقدوا النيران ، واشتدوا في كل وجه يطلبوننا ، قال ‏:‏ حتى إذا يئسوا رجعوا إلى صاحبهم ، فاكتنفوه وهو يقضي بينهم ‏.‏
قال ‏:‏ فقلنا ‏:‏ كيف لنا بأن نعلم بأن عدو الله قد مات ‏؟‏ قال ‏:‏ فقال رجل منا ‏:‏ أنا أذهب فأنظر لكم ، فانطلق حتى دخل في الناس ‏.‏ قال ‏:‏ فوجدت امرأته ورجال يهود حوله وفي يدها المصباح تنظر في وجهه ، وتحدثهم وتقول ‏:‏ أما والله لقد سمعت صوت ابن عتيك ، ثم أكذبت نفسي وقلت ‏:‏ أنّى ابن عتيك بهذه البلاد ‏؟‏ ثم أقبلت عليه تنظر في وجهه ثم قالت ‏:‏ فاظ وإله يهود ؛ فما سمعت من كلمة كانت ألذ إلى نفسي منها ‏.‏
قال ‏:‏ ثم جاءنا الخبر فاحتملنا صاحبنا فقدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه بقتل عدو الله ، واختلفنا عنده في قتله ، كلنا يدعيه ‏.‏ قال ‏:‏ فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ هاتوا أسيافكم ؛ قال ‏:‏ فجئناه بها ، فنظر إليها فقال لسيف عبدالله بن أنيس ‏:‏ هذا قتله ، أرى فيه أثر الطعام
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70256
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

من غزوات الرسول غزوة الخندق أو الأحزاب Empty
مُساهمةموضوع: رد: من غزوات الرسول غزوة الخندق أو الأحزاب   من غزوات الرسول غزوة الخندق أو الأحزاب Emptyالسبت 15 ديسمبر 2018, 9:24 pm

غزوتا بنى لحيان وذى قرد


غزوة بني لحيان
 خروجه صل الله عليه وسلم إليهم
قال ابن إسحاق ‏:‏ حدثنا أبو محمد عبدالملك بن هشام ، قال ‏:‏ حدثني زيد بن عبدالله البكائي ، عن محمد بن إسحاق المطلبي ، قال ‏:‏
ثم أقام رسول الله صل الله عليه وسلم بالمدينة ذا الحجة والمحرم وصفرا وشهري ربيع ، وخرج في جمادى الأولى على رأس ستة أشهر من فتح قريظة ، إلى بني لحيان يطلب بأصحاب الرجيع ‏:‏ خبيب بن عدي وأصحابه ، وأظهر أنه يريد الشام ، ليصيب من القوم غِرَّة ‏.‏
 استعماله صل الله عليه وسلم ابن أم مكتوم على المدينة
فخرج من المدينة صل الله عليه وسلم ، واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم ، فيما قال ابن هشام ‏.‏
 الطريق التي سلكها صل الله عليه وسلم إليهم ثم رجوعه عنهم
قال ابن إسحاق ‏:‏ فسلك على غُراب ، جبل بناحية المدينة على طريقه إلى الشام ، ثم على محيص ، ثم على البتراء ، ثم صفَّق ذات اليسار ، فخرج على بِيْن ، ثم على صخيرات اليمام ، ثم استقام به الطريق على المحجة من طريق مكة ، فأغذّ السير سريعا ، حتى نزل على غُرّان ، و هي منازل بني لحيان ، وغران واد بين أمج وعسفان ، إلى بلد يقال له ‏:‏ ساية ، فوجدهم قد حذروا وتمنعوا في رءوس الجبال ‏.‏
فلما نزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخطأه من غرتهم ما أراد ، قال ‏:‏ لو أنا هبطنا عسفان لرأى أهل مكة أنا قد جئنا مكة ، فخرج في مئتي راكب من أصحابه حتى نزل عسفان ، ثم بعث فارسين من أصحابه حتى بلغا كُراع الغميم ، ثم كر وراح رسول الله صل الله عليه وسلم قافلا ‏.‏
 دعاء العودة
فكان جابر بن عبدالله يقول ‏:‏ سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول حين وجه راجعا ‏:‏ آبيون تائبون إن شاء الله لربنا حامدون ، أعوذ بالله من وعثاء السفر ، وكآبة المنقلب ، وسوء المنظر في الأهل والمال ‏.‏
 ما قاله كعب بن مالك في غزوة بني لحيان
والحديث في غزوة بني لحيان ، عن عاصم بن عمر بن قتادة ، وعبدالله ابن أبي بكر ، عن عبدالله بن كعب بن مالك ؛ فقال كعب بن مالك في غزوة بني لحيان ‏:‏
لو انَّ بني لحيان كانوا تناظروا * لقوا عُصبا في دارهم ذات مَصْدَقِ
لقوا سَرَعانا يملأ السَّرْب روعه * أمام طَحُون كالمجرة فَيْلقِ
ولكنهم كانوا وِبارا تتَّبعت * شعاب حجاز غير ذي مُتنفَّق
 غزوة ذي قرد
 غارة ابن حصن على لقاح الرسول
ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، فلم يُقم بها إلا ليالي قلائل ، حتى أغار عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري ، في خيل من غطفان على لقاح لرسول الله صل الله عليه وسلم بالغابة ، وفيها رجل من بني غفار وامرأة له ، فقتلوا الرجل ، واحتملوا المرأة في اللِّقاح ‏.‏
 شجاعة ابن الأكوع في هذه الغزوة
قال ابن إسحاق ‏:‏ فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة وعبدالله بن أبي بكر ، ومن لا أتهم ، عن عبدالله بن كعب بن مالك ، كل قد حدث في غزوة ذي قَرَد بعض الحديث ‏:‏ أنه كان أول من نذر بهم سلمة بن عمرو بن الأكوع الأسلمي ، غدا يريد الغابة متوشحا قوسه ونبله ، ومعه غلام لطلحة بن عبدالله معه فرس له يقوده ، حتى إذا علا ثنية الوداع نظر إلى بعض خيولهم ، فاشرف في ناحية سلع ، ثم صرخ ‏:‏ واصباحاه ، ثم خرج يشتد في آثار القوم ، و كان مثل السبع حتى لحق القوم ، فجعل يردهم بالنبل ، ويقول إذا رمى ‏:‏ خذها وأنا ابن الأكوع ، اليوم يوم الرُّضَّع ، فإذا وُجِّهت الخيل نحوه انطلق هاربا ، ثم عارضهم ، فإذا أمكنه الرمي رمى ، ثم قال ‏:‏ خذها وأنا ابن الأكوع ، اليوم يوم الرضع ، قال ‏:‏ فيقول قائلهم ‏:‏ أُوَيْكعنا هو أول النهار ‏.‏
 صراخ الرسول صل الله عليه وسلم
قال ‏:‏ وبلغ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم صياحُ ابن الأكوع ، فصرخ بالمدينة الفزع الفزع ، فترامت الخيول إلى رسول الله صل الله عليه وسلم ‏.‏
 تسابق الفرسان إليه
وكان أول من انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفرسان ‏:‏ المقداد بن عمرو ، وهو الذي يقال له ‏:‏ المقداد بن الأسود ، حليف بني زهرة ؛ ثم كان أول فارس وقف على رسول الله صل الله عليه وسلم بعد المقداد من الأنصار ، عباد بن بشر بن وقش بن زغبة بن زعوراء ، أحد بني عبدالأشهل ؛ وسعد بن زيد ، أحد بني كعب بن عبدالأشهل ؛ وأسيد بن ظُهير ، أخو بني حارثة بن الحارث ، يشك فيه ؛ وعُكَّاشة بن محصن ، أخو بني أسد بني خزيمة ؛ ومحُرز بن نضلة ، أخو بني أسد بن خزيمة ؛ وأبو قتادة الحارث بن ربعي ، أخو بني سلمة ؛ وأبو عياش ، وهو عبيد بن زيد بن الصامت ، أخو بني زريق ‏.‏
فلما اجتمعوا إلى رسول الله صل الله عليه وسلم أمَّر عليهم سعد بن زيد ، فيما بلغني ، ثم قال ‏:‏ اخرج في طلب القوم ، حتى ألحقك في الناس ‏.‏
 الرسول و نصيحته لأبي عياش بترك فرسه
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيما بلغني عن رجال من بني زريق ، لأبي عياش ‏:‏ يا أبا عياش ، لو أعطيت هذا الفرس رجلا ، هو أفرس منك فلحق بالقوم ‏؟‏ قال أبو عياش ‏:‏ فقلت ‏:‏ يا رسول الله ، أنا أفرس الناس ، ثم ضربت الفرس ، فوالله ما جرى بي خمسين ذراعا حتى طرحني ، فعجبت أن رسول الله صل الله عليه وسلم يقول ‏:‏ لو أعطيته أفرس منك ، وأنا أقول ‏:‏ أنا أفرس الناس ‏.‏
فزعم رجال من بني زريق أن رسول الله صل الله عليه وسلم أعطى فرس أبي عياش معاذ بن ماعص ، أو عائذ بن ماعص بن قيس بن خلدة ، وكان ثامنا ، وبعض الناس يعد سلمة بن عمرو بن الأكوع أحد الثمانية ، ويطرح أسيد بن ظهير ، أخا بني حارثة ، والله أعلم أي ذلك كان ‏.‏ ولم يكن سلمة يومئذ فارسا ، وقد كان أول من لحق بالقوم على رجليه ‏.‏ فخرج الفرسان في طلب القوم حتى تلاحقوا ‏.‏
 سبق محرز بن نضلة إلى القوم ومقتله
قال ابن إسحاق ‏:‏ فحدثني عاصم بن عمرو بن قتادة ‏:‏ أن أول فارس لحق بالقوم محرز بن نضلة ، أخو بني أسد بن خزيمة - وكان يقال لمحرز ‏:‏ الأخرم ؛ ويقال له ‏:‏ قُمير - وأن الفزع لما كان جال فرس لمحمود بن مسلمة في الحائط ، حين سمع صاهلة الخيل ، وكان فرسا صنيعا جامّا ، فقال نساء من نساء بني عبدالأشهل ، حين رأين الفرس يجول في الحائط بجذع نخل هو مربوط فيه ‏:‏ يا قمير ، هل لك في أن تركب هذا الفرس ‏؟‏ فإنه كما ترى ، ثم تلحق برسول الله صل الله عليه وسلم وبالمسلمين ‏؟‏ قال ‏:‏ نعم ، فأعطيناه إياه ‏.‏
فخرج عليه ، فلم يلبث أن بذّ الخيل بجمامه ، حتى أدرك القوم ، فوقف لهم بين أيديهم ، ثم قال ‏:‏ قفوا يا معشر بني اللَّكيعة حتى يلحق بكم مَن وراءكم من أدباركم من المهاجرين والأنصار ‏.‏ قال ‏:‏ وحمل عليه رجل منهم فقتله ، وجال الفرس ، فلم يقدر عليه حتى وقف على آرِيِّه من بني عبدالأشهل ، فلم يُقتل من المسلمين غيره ‏.‏
 مقتل وقاص بن مجزز
قال ابن هشام ‏:‏ وقتل يومئذ من المسلمين مع محرز ، وقَّاص بن مجُزّز المُدلجي ، فيما ذكر غير واحد من أهل العلم ‏.‏
 أسماء أفراس المسلمين
قال ابن إسحاق ‏:‏ وكان اسم فرس محمود ‏:‏ ذا اللمَّة ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏ وكان اسم فرس سعد بن زيد ‏:‏ لاحق ؛ واسم فرس المقداد ‏:‏ بَعْزَجة ؛ ويقال ؛ سبحة ، واسم فرس عُكاشة بن محصن ‏:‏ ذو اللَّمة ؛ واسم فرس أبي قتادة ‏:‏ حَزْوة ؛ وفرس عباد بن بشر ‏:‏ لَمَّاع ، وفرس أسيد بن ظهير ‏:‏ مسنون ؛ وفرس أبي عياش ‏:‏ جُلوة ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني بعض من لا أتهم عن عبدالله بن كعب بن مالك ‏:‏ أن مجُزّزا إنما كان على فرس لعكاشة بن محصن ، يقال له ‏:‏ الجناح ، فقُتل مجزز واستُلبت الجناح ‏.‏
 القتلى من المشركين
ولما تلاحقت الخيل قَتل أبو قتادة الحارث بن ربعي ، أخو بني سلمة ، حبيب بن عيينة بن حصن ، وغشَّاه برده ، ثم لحق بالناس ‏.‏
وأقبل رسول الله صل الله عليه وسلم في المسلمين ‏.‏
 استعماله صل الله عليه وسلم ابن أم مكتوم على المدينة
قال ابن هشام ‏:‏ واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ فإذا حبيب مسجَّى ببرد أبي قتادة ، فاسترجع الناس وقالوا ‏:‏ قتل أبو قتادة ؛ فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ ليس بأبي قتادة ، ولكنه قتيل لأبي قتادة ، وضع عليه برده ، لتعرفوا أنه صاحبه ‏.‏
وأدرك عكاشة بن محصن أوبارا وابنه عمرو بن أوبار ، وهما على بعير واحد ، فانتظمهما بالرمح ، فقتلهما جميعا ، واستنفذوا بعض اللقاح ، وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل بالجبل من ذي قرد ، وتلاحق به الناس ، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم به ، وأقام عليه يوما وليلة ؛ وقال له سلمة بن عمرو بن الأكوع ‏:‏ يا رسول الله ، لو سرحتني في مائة رجل لاستنقذت بقية السرح ، وأخذت بأعناق القوم ‏؟‏ فقال له رسول الله صل الله عليه وسلم ، فيما بلغني ‏:‏ إنهم الآن ليُغْبَقُون في غطفان ‏.‏
 تقسيم الفيء بين المسلمين
فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه في كل مائة رجل جزورا ، وأقاموا عليها ، ثم رجع رسول الله صل الله عليه وسلم قافلا حتى قدم المدينة ‏.‏
 لا نذر في معصية
وأقبلت امرأة الغفاري على ناقة من إبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى قدمت عليه فأخبرته الخبر ، فلما فرغت ، قالت ‏:‏ يا رسول الله ، إني قد نذرت لله أن أنحرها إن نجاني الله عليها ؛ قال ‏:‏ فتبسم رسول الله صل الله عليه وسلم ، ثم قال ‏:‏ بئس ما جزيتها أن حملك الله عليها ونجاك بها ثم تنحرينها ‏!‏ إنه لا نذر في معصية الله ولا فيما لا تملكين ، إنما هي ناقة من إبلي ، فارجعي إلى أهلك على بركة الله ‏.‏
والحديث عن امرأة الغفاري وما قالت ، وما قال لها رسول الله صل الله عليه وسلم ، عن أبي الزبير المكي ، عن الحسن بن أبي الحسن البصري
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70256
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

من غزوات الرسول غزوة الخندق أو الأحزاب Empty
مُساهمةموضوع: رد: من غزوات الرسول غزوة الخندق أو الأحزاب   من غزوات الرسول غزوة الخندق أو الأحزاب Emptyالسبت 15 ديسمبر 2018, 9:24 pm

غزوة بنى المصطلق وحادثة الإفك


غزوة بني المصطلق في شعبان سنة ست
 وقتها
قال ابن إسحاق ‏:‏ فأقام رسول الله صل الله عليه وسلم بالمدينة بعض جمادى الآخرة ورجبا ، ثم غزا بني المصطلق من خزاعة ، في شعبان سنة ست ‏.‏
 استعمال أبي ذر على المدينة
قال ابن هشام ‏:‏ واستعمل على المدينة أبا ذر الغفاري ؛ ويقال ‏:‏ نميلة ابن عبدالله الليثي ‏.‏
 سبب غزو الرسول لهم
قال ابن إسحاق ‏:‏ فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة وعبدالله بن أبي بكر ، ومحمد بن يحيى بن حبان ، كل قد حدثني بعض حديث بني المصطلق ، قالوا ‏:‏ بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بني المصطلق يجمعون له ، وقائدهم الحارث بن أبي ضرار أبو جويرية بنت الحارث ، زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم خرج إليهم ، حتى لقيهم على ماء لهم ، يقال له ‏:‏ المريسيع ، من ناحية قديد إلى الساحل ، فتزاحف الناس واقتتلوا ، فهزم الله بني المصطلق ، وقتل من قتل منهم ، ونفَّل رسول الله صل الله عليه وسلم أبناءهم ونساءهم وأموالهم ، فأفاءهم عليه ‏.‏
 استشهاد ابن صبابة خطأ
وقد أصيب رجل من المسلمين من بني كلب بن عوف بن عامر بن ليث بن بكر ، يقال له ‏:‏ هشام بن صبابة ، أصابه رجل من الأنصار من رهط عبادة بن الصامت ، وهو يرى أنه من العدو ، فقتله خطأ ‏.‏
 ما وقع من الفتنة بين المهاجرين والأنصار
فبينا رسول الله صل الله عليه وسلم على ذلك الماء ، وردت واردة الناس ، ومع عمر بن الخطاب أجير له من بني غفار ، يقال له ‏:‏ جهجاه بن مسعود يقود فرسه ، فازدحم جهجاه وسنان بن وبر الجهني ، حليف بني عوف بن الخزرج على الماء ، فاقتتلا ، فصرخ الجهني ‏:‏ يا معشر الأنصار ، وصرخ جهجاه ‏:‏ يا معشر المهاجرين ؛ فغضب عبدالله بن أبي بن سلول ، وعنده رهط من قومه فيهم ‏:‏ زيد بن أرقم ، غلام حدث ، فقال ‏:‏ أوقد فعلوها ، قد نافرونا وكاثرونا في بلادنا ، والله ما أعدنا وجلابيب قريش إلا كما قال الأول ‏:‏ سمن كلبك يأكلك ، أما والله لئن رجعنا إلا المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ‏.‏
ثم أقبل على من حضره من قومه ، فقال لهم ‏:‏ هذا ما فعلتم بأنفسكم ، أحللتموهم بلادكم ، وقاسمتموهم أموالكم ، أما والله لو أمستكم عنهم ما بأيديكم لتحولوا إلى غير داركم ‏.‏ فسمع ذلك زيد بن أرقم ، فمشى به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذلك عند فراغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من عدوه ، فأخبره الخبر ، وعنده عمر بن الخطاب ، فقال ‏:‏ مُرْ به عباد بن بشر فليقتله ؛ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ فكيف يا عمر إذا تحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه ‏!‏ لا ولكن أذن بالرحيل ، وذلك في ساعة لم يكن رسول الله صل الله عليه وسلم يرتحل فيها ، فارتحل الناس ‏.‏
  نفاق ابن أبي
وقد مشى عبدالله بن أبي بن سلول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حين بلغه أن زيد بن أرقم قد بلَّغه ما سمع منه ، فحلف بالله ‏:‏ ما قلت ما قال ، ولا تكلمت به - وكان في قومه شريفا عظيما - ، فقال من حضر رسول الله صل الله عليه وسلم من الأنصار من أصحابه ‏:‏ يا رسول الله ، عسى أن يكون الغلام قد أوهم في حديثه ، ولم يحفظ ما قال الرجل ، حدبا على ابن أبي سلول ، ودفعا عنه ‏.‏
 من أسباب نفاق ابن أبي
قال ابن إسحاق ‏:‏ فلما استقل رسول الله صلى الله عليه وسلم وسار ، لقيه أسيد بن حضير ، فحياه بتحية النبوة وسلم عليه ، ثم قال ‏:‏ يا نبي الله ، والله لقد رحت في ساعة منكرة ، ما كنت تروح في مثلها ؛ فقال له رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ أوما بلغك ما قال صاحبكم ‏؟‏ قال ‏:‏ و أي صاحب يا رسول الله ‏؟‏ قال ‏:‏ عبدالله بن أبي ؛ قال ‏:‏ وما قال ‏؟‏ قال ‏:‏ زعم أنه إن رجع إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ، قال ‏:‏ فأنت يا رسول الله والله تخرجه منها إن شئت ، وهو والله الذليل وأنت العزيز ؛ ثم قال ‏:‏ يا رسول الله ، ارفق به ، فوالله لقد جاءنا الله بك ، وإن قومه لينظمون له الخرز ليتوّجوه ، فإنه ليرى أنك قد استلبته ملكا ‏.‏
 انشغال الناس عن الفتنة
ثم مشى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس يومهم ذلك حتى أمسى ، وليلتهم حتى أصبح ، وصدر يومهم ذلك حتى آذتهم الشمس ، ثم نزل بالناس ، فلم يلبثوا أن وجدوا مسّ الأرض فوقعوا نياما ، وإنما فعل ذلك رسول الله صل الله عليه وسلم ليشغل الناس عن الحديث الذي كان بالأمس ، من حديث عبدالله بن أبي ‏.‏
 تنبؤ الرسول بموت رفاعة بن زيد
ثم راح رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس ، وسلك الحجاز حتى نزل عل ماء بالجحاز فويق النقيع ؛ يقال له ‏:‏ بقعاء ‏.‏ فلما راح رسول الله صلى الله عليه وسلم هبت على الناس ريح شديدة آذتهم وتخوفوها ؛ فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ لا تخافوها ، فإنما هبت لموت عظيم من عظماء الكفار ‏.‏
فلما قدموا المدينة وجدوا رفاعة بن زيد بن التابوت ، أحد بني قينقاع ، وكان عظيما من عظماء يهود ، وكهفا للمنافقين ، مات في ذلك اليوم ‏.‏
 ما نزل في ابن أبي من القرآن
ونزلت السورة التي ذكر الله فيها المنافقين في ابن أبي ومن كان على مثل أمره ، فلما نزلت أخذ رسول الله صل الله عليه وسلم بأذن زيد بن أرقم ، ثم قال ‏:‏ هذا الذي أوفى الله بأذنه ‏.‏ وبلغ عبدالله بن عبدالله بن أبي الذي كان من أمر أبيه ‏.‏
 موقف عبدالله الابن من أبيه
قال ابن إسحاق ‏:‏ فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة ‏:‏ أن عبدالله أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال ‏:‏ يارسول الله ، إنه بلغني أنك تريد قتل عبدالله بن أبي فيما بلغك عنه ، فإن كنت لا بد فاعلا فمرني به ، فأنا أحمل إليك رأسه ، فوالله لقد علمت الخزرج ما كان لها من رجل أبرّ بوالده مني ، وإني أخشى أن تأمر به غيري فيقتله ، فلا تدعني نفسي أنظر إلى قاتل عبدالله بن أبي يمشي في الناس ، فأقتله فأقتل رجلا مؤمنا بكافر ، فأدخل النار ؛ فقال رسول الله صل الله عليه وسلم ‏:‏ بل نترفق به ، ونحسن صحبته ما بقي معنا ‏.‏
 تولي قوم ابن أبي مجازاته
وجعل بعد ذلك إذا أحدث الحدث كان قومه هم الذين يعاتبونه ويأخذونه ويعنفونه ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب ، حين بلغه ذلك من شأنهم ‏:‏ كيف ترى يا عمر ؛ أما والله لو قتلته يوم قلت لي اقتله ، لأُرعدت له آنف ، لو أمرتها اليوم بقتله لقتلته ؛ قال عمر ‏:‏ قد والله علمت لأمر رسول الله صل الله عليه وسلم أعظم بركة من أمري ‏.‏
 مخادعة مقيس بن صبابة في الأخذ بثأر أخيه و شعره في ذلك
قال ابن إسحاق ‏:‏ وقدم مقيس بن صبابة من مكة مسلما ، فيما يُظهر ، فقال ‏:‏ يا رسول الله ، جئتك مسلما ، وجئتك أطلب دية أخي ، قتل خطأ ‏.‏
فأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بدية أخيه هشام بن صبابة ؛ فأقام عند رسول الله صل الله عليه وسلم غير كثير ، ثم عدا على قاتل أخيه فقتله ، ثم خرج إلى مكة مرتدا ؛ فقال في شعر يقوله ‏:‏
شفى النفس أن قد مات بالقاع مسندا * تضرج ثوبيه دماء الأخادع
وكانت هموم النفس من قبل قتله * تُلمّ فتحميني وطاء المضاجع
حللت به وتري وأدركت ثؤرتي * وكنت إلى الأوثان أول راجع
ثأرت به فهرا وحملت عقله * سراة بني النجار أرباب فارع
وقال مقيس بن صبابة أيضاً ‏:‏
جلَّلته ضربة باءت لها وشل * من ناقع الجوف يعلوه وينصرم
فقلت والموت تغشاه أسرّته * لا تأمنن بني بكر إذا ظلموا
 شعار المسلمين
قال ابن هشام ‏:‏ وكان شعار المسلمين يوم بني المصطلق ‏:‏ يا منصور ، أمِتْ أمت ‏.‏
 قتلى بني المصطلق
قال ابن إسحاق ‏:‏ وأصيب من بني المصطلق يومئذ ناس ، وقتل علي ابن أبي طالب منهم رجلين ، مالكا وابنه ، وقتل عبدالرحمن بن عوف رجلا من فرسانهم ، يقال له ‏:‏ أحمر ، أو أحيمر ‏.‏
 حديث جويرية بنت الحارث رضي الله عنها
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أصاب منهم سبيا كثيرا ، فشا قسمه في المسلمين ؛ وكان فيمن أصيب يومئذ من السبايا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار ، زوج رسول الله صل الله عليه وسلم ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني محمد بن جعفر بن الزبير ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة ، قالت ‏:‏ لما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا بني المصطلق ، وقعت جويرية بنت الحارث في السهم لثابت بن قيس بن الشماس ، أو لابن عم له ، فكاتبته على نفسها ، وكانت امرأة حلوة مُلاّحة ، لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه ، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم تستعينه في كتابتها ؛ قالت عائشة ‏:‏ فوالله ما هو إلا ان رأيتها على باب حجرتي فكرهتها ، وعرفت أنه سيرى منها صل الله عليه وسلم ما رأيت ، فدخلت عليه ، فقالت ‏:‏ يا رسول الله ، أنا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار ، سيد قومه ، وقد أصابني من البلاء ، ما لم يخف عليك ، فوقعت في السهم لثابت بن قيس بن الشماس ، أو لابن عم له ، فكاتبته على نفسي ، فجئتك أستعينك على كتابتي ؛ قال ‏:‏ فهل لك في خير من ذلك ‏؟‏ قالت ‏:‏ وما هو يا رسول الله ‏؟‏ قال ‏:‏ أقضي عنك كتابتك و أتزوجك ؛ قالت ‏:‏ نعم يا رسول الله ؛ قال ‏:‏ قد فعلت ‏.‏
قالت ‏:‏ وخرج الخبر إلى الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تزوج جويرية ابنة الحارث بن أبي ضرار ، فقال الناس ‏:‏ أصهار رسول الله صل الله عليه وسلم ، وأرسلوا ما بأيديهم ؛ قالت ‏:‏ فلقد أُعتق بتزوجيه إياها مائة أهل بيت من بني المصطلق ، فما أعلم امرأة كانت أعظم على قومها بركة منها ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏ ويقال ‏:‏ لما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة بني المصطلق ومعه جويرية بنت الحارث ، وكان بذات الجيش ، دفع جويرية إلى رجل من الأنصار وديعة ، وأمره بالاحتفاظ بها ، وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ؛ فأقبل أبوها الحارث بن أبي ضرار بفداء ابنته ؛ فلما كان بالعقيق نظر إلى الإبل التي جاء بها للفداء ، فرغب في بعيرين منها ، فغيَّبهما في شعب من شعاب العقيق ، ثم أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال ‏:‏ يا محمد ، أصبتم ابنتي ، وهذا فداؤها ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ فأين البعيران اللذان غيبتهما بالعقيق ، في شعب كذا وكذا ‏؟‏ فقال الحارث ‏:‏ أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك محمد رسول الله ، فوالله ما اطلع على ذلك إلا الله ، فأسلم الحارث ، وأسلم معه ابنان له ، وناس من قومه ، وأرسل إلى البعيرين ، فجاء بهما ، فدفع الإبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ودُفعت إليه ابنته جويرية ، فأسلمت ، وحسن إسلامها ؛ فخطبها رسول الله صل الله عليه وسلم إلى أبيها ، فزوجه إياها ، وأصدقها أربعمائة درهم ‏.‏
 الوليد بن عقبة و بنو المصطلق و ما نزل في ذلك من القرآن
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني يزيد بن رومان ‏:‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إليهم بعد إسلامهم الوليد بن عقبة بن أبي معيط ، فلما سمعوا به ركبوا إليه ، فلما سمع بهم هابهم ، فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبره أن القوم قد هموا بقتله ، ومنعوه ما قِبَلهم من صدقتهم ، فأكثر المسلمون في ذكر غزوهم ، حتى هم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يغزوهم ، فبينا هم على ذلك قدم وفدهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا ‏:‏ يا رسول الله ، سمعنا برسولك حين بعثته إلينا ، فخرجنا إليه لنكرمه ، ونؤدي إليه ما قِبَلنا من الصدقة ، فانشمر راجعا ، فبلغنا أنه زعم لرسول الله صل الله عليه وسلم أنا خرجنا إليه لنقتله ، ووالله ما جئنا لذلك ؛ فأنزل الله تعالى فيه وفيهم ‏:‏ ‏(‏ يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأٍ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة ، فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ‏.‏ واعلموا أن فيكم رسول الله لو يُطيعكم في كثير من الأمر لعنتم ‏)‏ ‏.‏ ‏.‏‏.‏ إلى آخر الآية ‏.‏
وقد أقبل رسول الله صل الله عليه وسلم من سفره ذلك ، كما حدثني من لا أتهم عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة رضي الله عنها ، حتى إذا كان قريبا من المدينة ، وكانت معه عائشة في سفره ذلك ، قال فيها أهل الإفك ما قالوا ‏.‏


 خبر الإفك في غزوة بني المصطلق سنة ست
قال ابن إسحاق ‏:‏ حدثنا الزهري ، عن علقمة بن وقاص ، وعن سعيد بن جبير ، وعن عروة بن الزبير ، وعن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة ، قال ‏:‏ كل قد حدثني بعض هذا الحديث ، وبعض القوم كان أوعى له من بعض ، وقد جمعت لك الذي حدثني القوم ‏.‏
من كان يسافر معه صل الله عليه و سلم من نسائه
قال محمد بن إسحاق ‏:‏ وحدثني يحيى بن عباد بن عبدالله بن الزبير ، عن أبيه عن عائشة ، وعبدالله بن أبي بكر ، عن عمرة بنت عبدالرحمن ، عن عائشة ، عن نفسها ، حين قال فيها أهل الإفك ما قالوا ، فكل قد دخل في حديثها عن هؤلاء جميعا يحدث بعضهم ما لم يحدث صاحبه ، وكل كان عنها ثقة ، فكلهم حدث عنها ما سمع ،
قالت ‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه ، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه ؛ فلما كانت غزوة بني المصطلق أقرع بين نسائه ، كما كان يصنع ، فخرج سهمي عليهن معه ، فخرج بي رسول الله صل الله عليه وسلم ‏.‏
سقوط عقد عائشة وتخلفها للبحث عنه
قالت ‏:‏ وكان النساء إذ ذاك إنما يأكلن العُلَق لم يهجهن اللحم فيثقلن ، وكنت إذا رحل لي بعيري جلست في هودجي ، ثم يأتي القوم الذين يرحلون لي ويحملونني ، فيأخذون بأسفل الهودج ، فيرفعونه ، فيضعونه على ظهر البعير ، فيشدونه بحباله ، ثم يأخذون برأس البعير ، فينطلقون به ‏.‏
قالت ‏:‏ فلما فرغ رسول الله صل الله عليه وسلم من سفره ذلك ، وجه قافلا ، حتى إذا كان قريبا من المدينة نزل منزلا ، فبات به بعض الليل ، ثم أذن في الناس بالرحيل ، فارتحل الناس ، وخرجت لبعض حاجتي ، وفي عنقي عقد لي ، فيه جزع ظفار ، فلما فرغت انسل من عنقي ولا أدري ، فلما رجعت إلى الرحل ذهبت ألتمسه في عنقي ، فلم أجده ، وقد أخذ الناس في الرحيل ، فرجعت إلى مكاني الذي ذهبت إليه ، فالتمسته حتى وجدته ، وجاء القوم خلافي ، الذين كان يرحلون لي البعير ، وقد فرغوا من رحلته ، فأخذوا الهودج ، وهم يظنون أني فيه ، كما كنت أصنع ، فاحتملوه ، فشدوه على البعير ، ولم يشكوا أني فيه ، ثم أخذوا برأس البعير ، فانطلقوا به ؛ فرجعت إلى العسكر وما فيه من داع ولا مجيب ، قد انطلق الناس ‏.‏
 صفوان بن المعطل يعثر على عائشة و يحتملها على بعيره
قالت ‏:‏ فتلففت بجلبابي ، ثم اضطجعت في مكاني ، وعرفت أن لو قد افتُقدت لرُجع إلي ‏.‏ قالت ‏:‏ فوالله إني لمضطجعة إذ مر بي صفوان بن المعطَّل السلمي ، وقد كان تخلف عن العسكر لبعض حاجته ، فلم بيت مع الناس ، فرأى سوادي ، فأقبل حتى وقف علي ، وقد كان يراني قبل أن يُضرب علينا الحجاب ، فلما رآني قال ‏:‏ إنا لله وإنا إليه راجعون ، ظعينة رسول الله صل الله عليه وسلم ‏!‏ وأنا متلففة في ثيابي ؛ قال ‏:‏ ما خلَّفك يرحمك الله ‏؟‏ قالت ‏:‏ فما كلمته ، ثم قرب البعير ، فقال ‏:‏ اركبي ، واستأخر عني ‏.‏
قالت ‏:‏ فركبت ، وأخذ برأس البعير ، فانطلق سريعا ، يطلب الناس ، فوالله ما أدركنا الناس ، وما افتقدت حتى أصبحت ، ونزل الناس ، فلما اطمأنوا طلع الرجل يقود بي ، فقال أهل الإفك ما قالوا ، فارتعج العسكر ، ووالله ما أعلم بشيء من ذلك ‏.‏
 مرضها وإعراضه عليه الصلاة و السلام عنها
ثم قدمنا المدينة ، فلم ألبث أن اشتكيت شكوى شديدة ، ولا يبلغني من ذلك شيء ، وقد انتهى الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإلى أبوي لا يذكرون لي منه قليلا ولا كثيرا ، إلا أني قد أنكرت من رسول الله صل الله عليه وسلم بعض لطفه بي ، كنت إذا اشتكيت رحمني ، ولطف بي ، فلم يفعل ذلك بي في شكواي تلك ، فأنكرت ذلك منه ، كان إذا دخل علي وعندي أمي تمرضني - قال ابن هشام ‏:‏ وهي أم رومان ، واسمها زينب بنت عبد دهمان ، أحد بني فراس بن غنم بن مالك بن كنانة - قال ‏:‏ كيف تِيكم ، لا يزيد على ذلك ‏.‏
 انتقالها إلى بيت أبيها لتمريضها
قال ابن إسحاق ‏:‏ قالت ‏:‏ حتى وجدت في نفسي ، فقلت ‏:‏ يا رسول الله ، حين رأيت ما رأيت من جفائه لي ‏:‏ لو أذنت لي ، فانتقلت إلى أمي ، فمرضتني ‏؟‏ قال ‏:‏ لا عليك ‏.‏
قالت ‏:‏ فانتقلت إلى أمي ، ولا علم لي بشيء مما كان ، حتى نقهت من وجعي بعد بضع وعشرين ليلة ، وكنا قوما عربا ، لا نتخذ في بيوتنا هذه الكنف التي تتخذها الأعاجم ، نعافها ونكرهها ، إنما كنا نذهب في فسح المدينة ، وإنما كانت النساء يخرجن كل ليلة في حوائجهن ‏.‏
فخرجت ليلة لبعض حاجتي ومعي أم مِسطح بنت أبي رهم بن المطلب ابن عبد مناف ، وكانت أمها بنت صخر بن عامر بن كعب بن سعد ابن تيم ، خالة أبي بكر الصديق رضي الله عنه ‏.‏
 علمها بما قيل فيها
قالت ‏:‏ فوالله إنها لتمشي معي إذ عثرت في مرطها ؛ فقالت ‏:‏ تعس مسطح ‏!‏ ومسطح ‏:‏ لقب ، واسمه ‏:‏ عوف ؛ قالت ‏:‏ قلت ‏:‏ بئس لعمر الله ما قلت لرجل من المهاجرين قد شهد بدرا ؛ قالت ‏:‏ أو ما بلغك الخبر يا بنت أبي بكر ‏؟‏ قالت ‏:‏ قلت ‏:‏ وما الخبر ‏؟‏ فأخبرتني بالذي كان من قول أهل الإفك ، قالت ‏:‏ قلت ‏:‏ أوقد كان هذا ‏؟‏ قالت ‏:‏ نعم والله لقد كان ‏.‏
قالت ‏:‏ فوالله ما قدرت على أن أقضي حاجتي ، ورجعت ؛ فوالله ما زلت أبكي حتى ظننت أن البكاء سيصدع كبدي ؛ قالت ‏:‏ وقلت لأمي ‏:‏ يغفر الله لك ، تحدث الناس بما تحدثوا به ، ولا تذكرين لي من ذلك شيئا ‏!‏ قالت ‏:‏ أي بنية ، خفِّضي عليك الشأن ، فوالله لقلما كانت امرأة حسناء ، عند رجل يحبها ، لها ضرائر ، إلا كثَّرن وكثَّر الناس عليها ‏.‏
 خطبته صل الله عليه وسلم في هذا الشأن
قالت ‏:‏ وقد قام رسول الله صل الله عليه وسلم في الناس يخطبهم ولا أعلم بذلك ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال ‏:‏ أيها الناس ، ما بال رجال يؤذونني في أهلي ، ويقولون عليهم غير الحق ، والله ما علمت منهم إلا خيرا ، ويقولون ذلك لرجل والله ما علمت منه إلا خيرا ، وما يدخل بيتا من بيوتي إلا وهو معي ‏.‏
 من أشاع حديث الإفك
قالت ‏:‏ وكان كُبرْ ذلك عند عبدالله بن أبي بن سلول في رجال من الخزرج مع الذي قال مسطح وحمنة بنت جحش ، وذلك أن أختها زينب بنت جحش كانت عند رسول الله صل الله عليه وسلم ، ولم تكن من نسائه امرأة تناصيني في المنزلة عنده غيرها ؛ فأما زينب فعصمها الله تعالى بدينها فلم تقل إلا خيرا ، وأما حمنة بنت جحش ، فأشاعت من ذلك ما أشاعت ، تُضادُّني لأختها ، فشقيت بذلك ‏.‏
 ما اقترحه المأمون بعد خطبته صل الله عليه وسلم
فلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك المقالة ، قال أسيد بن حضير ‏:‏ يا رسول الله ، إن يكونوا من الأوس نكفكهم ، وإن يكونوا من إخواننا من الخزرج ، فمرنا بأمرك ، فوالله إنهم لأهل أن تُضرب أعناقهم ؛ قالت ‏:‏ فقام سعد بن عبادة ، وكان قبل ذلك يُرى رجلا صالحا ؛ فقال ‏:‏ كذبت لعمر الله ، لا نضرب أعناقهم ، أما والله ما قلت هذه المقالة إلا أنك قد عرفت أنهم من الخزرج ، ولو كانوا من قومك ما قلت هذا ، فقال أسيد ‏:‏ كذبت لعمر الله ، ولكنك منافق تجادل عن المنافقين ؛ قالت ‏:‏ وتساور الناس ، حتى كاد يكون بين هذين الحيين من الأوس والخزرج شر ‏.‏ ونزل رسول الله صل الله عليه وسلم ، فدخل علي ‏.‏
 الرسول يستشير عليا و أسامة
قالت ‏:‏ فدعا علي بن أبي طالب رضوان الله عليه ، و أسامة بن زيد ، فاستشارهما ؛ فأما أسامة فأثنى علي خيرا وقاله ؛ ثم قال ‏:‏ يا رسول الله ، أهلك ولا نعلم منهم إلا خيرا ، وهذا الكذب والباطل ؛ وأما علي فإنه قال ‏:‏ يا رسول الله ، إن النساء لكثير ، وإنك لقادر على أن تستخلف ، وسل الجارية ، فإنها ستصدقك ‏.‏
فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بُريرة ليسألها ؛ قالت ‏:‏ فقام إليها علي بن أبي طالب ، فضربها ضربا شديدا ، ويقول ‏:‏ اصدقي رسول الله صل الله عليه وسلم ؛ قالت ‏:‏ فتقول والله ما أعلم إلا خيرا ، وما كنت أعيب على عائشة شيئا ، إلا أني كنت أعجن عجيني ، فآمرها أن تحفظه ، فتنام عنه ، فتأتي الشاة فتأكله ‏.‏
قالت ‏:‏ ثم دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعندي أبواي ، وعندي امرأة من الأنصار ، وأنا أبكي ، وهي تبكي معي ، فجلس ، فحمد الله ، وأثنى عليه ، ثم قال ‏:‏ يا عائشة ، إنه قد كان ما قد بلغك من قول الناس ، فاتقي الله ، وإن كنت قد قارفت سوءا مما يقول الناس فتوبي إلى الله ، فإن الله يقبل التوبة عن عباده ؛ قالت ‏:‏ فوالله ما هو إلا أن قال لي ذلك ، فقلص دمعي ، حتى ما أحس منه شيئا ، وانتظرت أبوي أن يجيبا عني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يتكلما ، قالت ‏:‏ وأيم الله لأنا كنت أحقر في نفسي ، وأصغر شأنا من أن ينزل الله فيّ قرآنا يُقرأ به في المساجد ، ويُصلى به ، ولكني قد كنت أرجو أن يرى رسول الله صل الله عليه وسلم في نومه شيئا يكذب به الله عني ، لما يعلم من براءتي ، أو يخُبر خبرا ؛ فأما قرآن ينزل في ، فوالله لنفسي كانت أحقر عندي من ذلك ‏.‏
 حزن عائشة ونزول القرآن ببراءتها
قالت ‏:‏ فلما لم أر أبوي يتكلمان ، قالت ‏:‏ قلت لهما ‏:‏ ألا تجيبان رسول الله صل الله عليه وسلم ‏؟‏ قالت ‏:‏ فقالا ‏:‏ والله ما ندري بماذا نجيبه ؛ قالت ‏:‏ ووالله ما أعلم أهل بيت دخل عليهم ما دخل على آل أبي بكر في تلك الأيام ؛ قالت ‏:‏ فلما أن استعجما علي ، استعبرت فبكيت ؛ ثم قلت ‏:‏ والله لا أتوب إلى الله مما ذكرت أبدا ‏.‏ والله إني لأعلم لئن أقررت بما يقول الناس ، والله يعلم أني منه بريئة ، لأقولن ما لم يكن ، ولئن أنا أنكرت ما يقولون لا تصدقونني ‏.‏
قالت ‏:‏ ثم التمست اسم يعقوب فما أذكره ؛ فقلت ‏:‏ ولكن سأقول كما قال أبو يوسف ‏:‏ ‏(‏ فصبر جميل ، والله المستعان على ما تصفون ‏)‏ ‏.‏
قالت ‏:‏ فوالله ما برح رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه حتى تغشَّاه من الله ما كان يتغشاه ، فسُجِّي بثوبه ووضعت له وسادة من أدم تحت رأسه ، فأما أنا حين رأيت من ذلك ما رأيت ، فوالله ما فزعت ولا باليت ، قد عرفت أني بريئة ، وأن الله عز وجل غير ظالمي ؛ وأما أبواي ، فوالذي نفس عائشة بيده ، ما سُرّي عن رسول الله صل الله عليه وسلم حتى ظننت لتخرجن أنفسهما ، فرقا من أن يأتي من الله تحقيق ما قال الناس ‏.‏
قالت ‏:‏ ثم سُرّي عن رسول الله صل الله عليه وسلم ، فجلس ، وإنه ليتحدر منه مثل الجمان في يوم شات ، فجعل يمسح العرق عن جبينه ، ويقول ‏:‏ أبشري يا عائشة ، فقد أنزل الله براءتك ؛ قالت ‏:‏ قلت ‏:‏ بحمد الله ‏.‏
ثم خرج إلى الناس ، فخطبهم ، وتلا عليهم ما أنزل الله عليه من القرآن في ذلك ، ثم أمر بمسطح بن أثاثة ، وحسَّان بن ثابت ، وحمنة بنت حجش ، وكانوا ممن أفصح بالفاحشة ، فضُربوا حدَّهم ‏.‏
 استنتاج أبي أيوب طهر عائشة
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني أبي إسحاق بن يسار عن بعض رجال بني النجار ‏:‏ أن أبا أيوب خالد بن زيد ، قالت له امرأته أم أيوب ‏:‏ يا أبا أيوب ، ألا تسمع ما يقول الناس في عائشة ‏؟‏ قال ‏:‏ بلى ، وذلك الكذب ، أكنت يا أم أيوب فاعلة ‏؟‏ قالت ‏:‏ لا والله ما كنت لأفعله ؛ قال ‏:‏ فعائشة والله خير منك ‏.‏
 ما نزل من القرآن في حديث الإفك
قالت ‏:‏ فلما نزل القرآن بذكر من قال من أهل الفاحشة ما قال من أهل الإفك ، فقال تعالى ‏:‏ ‏(‏ إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم ، لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم ، لكل امرىء منهم ما اكتسب من الإثم ، والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم ‏)‏ ، وذلك حسَّان بن ثابت وأصحابه الذين قالوا ما قالوا ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏ ويقال ‏:‏ وذلك عبدالله بن أبي وأصحابه ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏ والذي تولى كبره عبدالله بن أبي ، وقد ذكر ذلك ابن إسحاق في هذا الحديث قبل هذا ‏.‏ ثم قال تعالى ‏:‏ ‏(‏ لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا ‏)‏ ‏:‏ أي فقالوا كما قال أبو أيوب وصاحبته ، ثم قال ‏:‏ ‏(‏ إذ تلقَّونه بألسنتكم ، وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم ، وتحسبونه هينا ، وهو عند الله عظيم ‏)‏ ‏.‏
 أبو بكر يمتنع عن الإنفاق على مسطح ورجوعه عن ذلك
فلما نزل هذا في عائشة ، وفيمن قال لها ما قال ، قال أبو بكر ، وكان ينفق على مسطح لقرابته وحاجته ‏:‏ والله لا أنفق على مسطح شيئا أبدا ، ولا أنفعه بنفع أبدا بعد الذي قال لعائشة ، وأدخل علينا ؛ قالت ‏:‏ فأنزل الله في ذلك ‏(‏ ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله ، وليعفوا وليصفحوا ، ألا تحبون أن يغفر الله لكم ، والله غفور رحيم ‏)‏ ‏.‏
 تفسير ابن هشام لبعض ألفاظ القرآن
قال ابن هشام ‏:‏ يقال ‏:‏ كِبرْه وكُبرْه في الرواية ، وأما في القرآن فكِبره بالكسر ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏ ‏(‏ ولا يأتل أولوا الفضل منكم ‏)‏ ولا يألُ أولوا الفضل منكم ‏.‏
قال امرؤ القيس بن حجر الكندي ‏:‏
ألا رب خصم فيك ألوى رددتُه * نصيح على تَعْذاله غير مؤتل
وهذا البيت في قصيدة له ؛ ويقال ‏:‏ ولا يأتلِ أولوا الفضل ‏:‏ ولا يحلف أولوا الفضل ، وهو قول الحسن بن أبي الحسن البصري ، فيما بلغنا عنه ‏.‏
وفي كتاب الله تعالى ‏:‏ ‏(‏ للذين يؤلون من نسائهم ‏)‏ وهو من الألية ، والألية ‏:‏ اليمين ‏.‏ قال حسَّان بن ثابت ‏:‏
آليت ما في جميع الناس مجتهدا * مني أليَّة بر غير إفناد
وهذا البيت في أبيات له ، سأذكرها إن شاء الله في موضعها ‏.‏ فمعنى ‏:‏ أن يؤتوا في هذا المذهب ‏:‏ أن لا يؤتوا ، وفي كتاب الله عز وجل ‏:‏ ‏(‏ يبين الله لكم أن تضلوا ‏)‏ يريد ‏:‏ أن لا تضلوا ؛ ‏(‏ ويمسك السماء أن تقع على الأرض ‏)‏ يريد أن لا تقع على الأرض ، وقال ابن مفرغ الحميري ‏:‏
لا ذعرتُ السوام في وضح الصبـ * ــح مغيرا ولا دُعيت يزيدا
يوم أُعطى مخافة الموت ضيما * والمنايا يرصُدْنني أن أحيدا
يريد ‏:‏ أن لا أحيد ؛ وهذان البيتان في أبيات له ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ قالت ‏:‏ فقال أبو بكر ‏:‏ بلى والله ، إني لأحب أن يغفر الله لي ، فرجع إلى مسطح نفقته التي كان ينفق عليه ، وقال ‏:‏ والله لا أنزعها منه أبدا ‏.‏
 صفوان يحاول قتل حسَّان
قال ابن إسحاق ‏:‏ ثم إن صفوان بن المعطَّل اعترض حسَّان بن ثابت بالسيف ، حين بلغه ما كان يقول فيه ، وقد كان حسَّان قال شعرا مع ذلك يعرّض بابن المعطل فيه ، وبمن أسلم من العرب من مضر ، فقال ‏:‏
أمسى الجلابيب قد عزوا وقد كثروا * وابن الفُريعة أمسى بيضة البلد
قد ثكلت أمه من كنت صاحبه * أو كان منتشبا في بُرْثن الأسد
ما لقتيلي الذي أغدو فآخذه * من دية فيه يُعطاها ولا قود
ما البحر حين تهب الريح شامية * فيغطَئِلُّ ويرمي العِبر بالزبد
يوما بأغلب مني حين تبصرني * مِلْغَيْظ أفري كفري العارض البرد
أما قريش فإني لن أسالمهم * حتى يُنيبوا من الغيَّات للرشد
ويتركوا اللات والعزى بمعزلة * ويسجدوا كلهم للواحد الصمد
ويشهدوا أن ما قال الرسول لهم * حق ويوفوا بعهد الله والوُكُدِ
فاعترضه صفوان بن المعطل ، فضربه بالسيف ، ثم قال - كما حدثني يعقوب بن عتبة - ‏:‏
تلقَّ ذُباب السيف عني فإنني * غلام إذا هُوجيت لست بشاعر
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ‏:‏ أن ثابت بن قيس بن الشماس وثب على صفوان بن المعطل ، حين ضرب حسَّان ، فجمع يديه إلى عنقه بحبل ، ثم انطلق به إلى دار بني الحارث ابن الخزرج ؛ فلقيه عبدالله بن رواحة ، فقال ‏:‏ ما هذا ‏؟‏ قال ‏:‏ أما أعجبك ضرب حسَّان بالسيف ‏!‏ والله ما أراه إلا قد قتله ؛ قال له عبدالله بن رواحة ‏:‏ هل علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء مما صنعت ‏؟‏ قال ‏:‏ لا والله ؛ قال ‏:‏ لقد اجترأت ، أطلق الرجل ، فأطلقه ، ثم أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكروا ذلك له ، فدعا حسَّان وصفوان بن المعطل ؛ فقال ابن المعطل ‏:‏ يا رسول الله ، آذاني وهجاني ، فاحتملني الغضب ، فضربته ؛ فقال رسول الله صل الله عليه وسلم لحسَّان ‏:‏ أحسن يا حسَّان ، أَتشوَّهتَ على قومي أن هداهم الله للإسلام ، ثم قال ‏:‏ أحسن يا حسَّان في الذي أصابك ؛ قال ‏:‏ هي لك يا رسول الله ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏ ويقال ‏:‏ أبعد أن هداكم الله للإسلام ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ فحدثني محمد بن إبراهيم ‏:‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاه عوضا منها بيرحاء ، وهي قصر بني حُديلة اليوم بالمدينة ، وكانت مالا لأبي طلحة بن سهل تصدق بها على آل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأعطاها رسول الله صل الله عليه وسلم حسَّان في ضربته ، وأعطاه سيرين ، أمة قبطية ، فولدت له عبدالرحمن ابن حسَّان ، قالت ‏:‏ وكانت عائشة تقول ‏:‏ لقد سئل عن ابن المعطل ، فوجدوه رجلا حصورا ، ما يأتي النساء ، ثم قتل بعد ذلك شهيدا ‏.‏
قال حسَّان بن ثابت يعتذر من الذي كان قال في شأن عائشة رضي الله عنها ‏:‏
حصان رزان ما تُزَنّ بريبة * وتصبح غَرْثَى من لحوم الغوافل
عقيلة حي من لؤي بن غالب * كرام المساعي مجدهم غير زائل
مهذبة قد طيب الله خِيمها * وطهَّرها من كل سوء وباطل
فإن كنت قد قلت الذي قد زعمتم * فلا رفعت سوطي إلي أناملي
وكيف وودي ما حييت ونصرتي * لآل رسول الله زين المحافل
له رتب عال على الناس كلهم * تقاصر عنه سورة المتطاول
فإن الذي قد قيل ليس بلائط * ولكنه قول امرىء بي ماحل
قال ابن هشام ‏:‏ بيته ‏:‏ ‏(‏ عقيلة حي ‏)‏ والذي بعده ، وبيته ‏:‏ ‏(‏ له رتب عال ‏)‏ عن أبي زيد الأنصاري ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏ وحدثني أبو عبيدة ‏:‏ أن امرأة مدحت بنت حسَّان بن ثابت عند عائشة ، فقالت ‏:‏
حصان رزان ما تزن بريبة * وتصبح غرثى من لحوم الغوافل
فقالت عائشة ‏:‏ لكن أبوها ‏.‏
 شعر في هجاء حسان و مسطح
قال ابن إسحاق ‏:‏ وقال قائل من المسلمين في ضرب حسَّان وأصحابه في فريتهم على عائشة - قال ابن هشام ‏:‏ في ضرب حسَّان وصاحبيه - ‏:‏
لقد ذاق حسَّان الذي كان أهله * وحمنة إذ قالوا هجيرا ومسطح
تعاطوا برجم الغيب زوج نبيهم * وسخطة ذي العرش الكريم فأُترحوا
وآذوا رسول الله فيها فجُلِّلوا * مخازي تبقى عُمِّموها وفُضِّحوا
وصُبَّت عليهم محُصدات كأنها * شآبيب قطر من ذرا المزن تسفح
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70256
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

من غزوات الرسول غزوة الخندق أو الأحزاب Empty
مُساهمةموضوع: رد: من غزوات الرسول غزوة الخندق أو الأحزاب   من غزوات الرسول غزوة الخندق أو الأحزاب Emptyالأربعاء 24 أبريل 2019, 6:25 pm

غزوة حمراء الاسد

حمراء الأسد جبل أحمر جنوب المدينة على 20 كم .

و قد قامت هذه الغزوة يوم الأحد 16 من شوال 3 هــ .

وكانت يوم الأحد لثمان خلون من شوال على رأس اثنين وثلاثين شهرا ، ودخل المدينة يوم الجمعة وغاب خمسا . قالوا لما صلى رسول (صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) الصبح يوم الأحد ومعه وجوه الأوس والخزرج ، وكانوا باتوا في المسجد على بابه - سعد بن عبادة ، و حباب بن المنذر و سعد بن معاذ ، و أوس بن خولي و قتادة بن النعمان ، وعبيد بن أوس(رضيَّ الله عنهُم ) في عدة منهم . فلما انصرف رسول الله (صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) من الصبح أمر بلالا أن ينادي: إن رسول الله يأمركم بطلب عدوكم ولا يخرج معنا إلا من شهد القتال بالأمس ( غزوة أحد ) .

وخرج رسول الله (صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) وهو مجروح في وجهه أثر الحلقتين ومشجوج في جبهته في أصول الشعر ورباعيته قد شظيت وشفته قد كلمت من باطنها ، وهو متوهن منكبه الأيمن بضربة ابن قميئة وركبتاه مجحوشتان . فدخل رسول الله (صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) المسجد فركع ركعتين والناس قد حشدوا .

ونزل أهل العوالي حيث جاءهم الصريخ ثم ركع رسول الله (صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) ركعتين فدعا بفرسه على باب المسجد وتلقاه طلحة رضي الله عنه وقد سمع المنادي فخرج ينظر متى يسير رسول الله (صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) فإذا رسول الله (صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) الدرع والمغفر وما يرى منه إلا عيناه فقال : يا طلحة سلاحك فقلت : قريبا . قال طلحة(رضيَّ الله عنهُ) فأخرج أعدو فألبس درعي ، وآخذ سيفي ، وأطرح درقتي في صدري ; وإن بي لتسع جراحات ولأنا أهم بجراح رسول الله (صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) مني بجراحي .

ثم أقبل رسول الله (صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) على طلحة (رضيَّ الله عنهُ)فقال ترى القوم الآن ؟ قال هم بالسيالة . قال رسول الله (صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) ذلك الذي ظننت ، أما إنهم يا طلحة لن ينالوا منا مثل أمس حتى يفتح الله مكة علينا . وبعث رسول الله (صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) ثلاثة نفر من أسلم طليعة في آثار القوم سليطا و نعمان ابني سفيان بن خالد بن عوف(رضيَّ الله عنهُم ) بن دارم من بني سهم ومعهما ثالث من أسلم من بني عوير لم يسم لنا . فأبطأ الثالث عنهما وهما يجمزان وقد انقطع قبال نعل أحدهما ، فقال أعطني نعلك . قال لا والله لا أفعل فضرب أحدهما برجله في صدره فوقع لظهره وأخذ نعليه .

ولحق القوم بحمراء الأسد ولهم زجل وهم يأتمرون بالرجوع وصفوان ينهاهم عن الرجوع فبصروا بالرجلين فعطفوا عليهما فأصابوهما . فانتهى المسلمون إلى مصرعهما بحمراء الأسد فعسكروا ، وقبروهما في قبر واحد

فقال ابن عباس (رضيَّ الله عنهُ ): هذا قبرهما وهما القرينان .

ومضى رسول الله (صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) في أصحابه حتى عسكروا بحمراء الأسد . قال جابر وكان عامة زادنا التمر وحمل سعد بن عبادة ثلاثين جملا حتى وافت الحمراء وساق جزرا فنحروا في يوم اثنين وفي يوم ثلاثا . وكان رسول الله (صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) يأمرهم في النهار بجمع الحطب فإذا أمسوا أمرنا أن نوقد النيران . فيوقد كل رجل نارا ، فلقد كنا تلك الليالي نوقد خمسمائة نار حتى ترى من المكان البعيد وذهب ذكر معسكرنا ونيراننا في كل وجه حتى كان مما كبت الله تعالى عدونا .
وانتهى معبد بن أبي معبد الخزاعي ، وهو يومئذ مشرك وكانت خزاعة سلما للنبي (صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) فقال يا محمد ، لقد عز علينا ما أصابك في أصحابك ، ولوددنا أن الله أعلى كعبك ، وأن المصيبة كانت بغيرك . ثم مضى معبد حتى يجد أبا سفيان وقريشا بالروحاء . وهم يقولون لا محمدا أصبتم ولا الكواعب أردفتم فبئس ما صنعتم فهم مجمعون على الرجوع

ويقول قائلهم فيما بينهم ما صنعنا شيئا ، أصبنا أشرافهم ثم رجعنا قبل أن نستأصلهم قبل أن يكون لهم وفر - والمتكلم بهذا عكرمة بن أبي جهل . فلما جاء معبد إلى أبي سفيان(رضيَّ الله عنهُم ) قال هذا معبد وعنده الخبر ، ما وراءك يا معبد ؟

قال تركت محمدا وأصحابه خلفي يتحرقون عليكم بمثل النيران وقد أجمع معه من تخلف عنه بالأمس من الأوس والخزرج ، وتعاهدوا ألا يرجعوا حتى يلحقوكم فيثأروا منكم وغضبوا لقومهم غضبا شديدا ولمن أصبتم من أشرافهم . قالوا : ويلك ما تقول ؟
قال والله ما نرى أن نرتحل حتى نرى نواصي الخيل ثم قال معبد لقد حملني ما رأيت منهم أن قلت أبياتا :

كادت تهد من الأصوات راحلتي :::::: إذ سالت الأرض بالجرد الأبابيل

تعدو بأسد كرام لا تنابلة :::::: عند اللقاء ولا ميل معازيل

فقلت ويل ابن حرب من لقائهم :::::: إذا تغطمطت البطحاء بالجيل

وكان مما رد الله تعالى أبا سفيان وأصحابه كلام صفوان بن أمية قبل أن يطلع معبد وهو يقول يا قوم لا تفعلوا فإن القوم قد حزنوا وأخشى أن يجمعوا عليكم من تخلف من الخزرج ، فارجعوا والدولة لكم فإني لا آمن إن رجعتم أن تكون الدولة عليكم . قال رسول الله ( صل الله عليه وسلم)أرشدهم صفوان وما كان برشيد والذي نفسي بيده لقد سومت لهم الحجارة ولو رجعوا لكانوا كأمس الذاهب


فانصرف القوم سراعا خائفين من الطلب لهم ومر بأبي سفيان نفر من عبد القيس يريدون المدينة ، فقال هل مبلغو محمدا وأصحابه ما أرسلكم به على أن أوقر لكم أباعركم زبيبا غدا بعكاظ إن أنتم جئتموني ؟

قالوا : نعم . قال حيثما لقيتم محمدا وأصحابه فأخبروهم أنا قد أجمعنا الرجعة إليهم وأنا آثاركم . فانطلق أبو سفيان . وقدم الركب على النبي (صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) وأصحابه (رضيَّ الله عنهُم ) بالحمراء فأخبروهم الذي أمرهم أبو سفيان فقالوا : حسبنا الله ونعم الوكيل وفي ذلك أنزل الله عز وجل الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح الآية . وقوله الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم الآية . وكان معبد قد أرسل رجلا من خزاعة إلى رسول الله (صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) يعلمه أن قد انصرف أبو سفيان وأصحابه خائفين وجلين . ثم انصرف رسول الله (صلَّ الله عليهِ و سلَّم ) إلى المدينة 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
من غزوات الرسول غزوة الخندق أو الأحزاب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» غزوة الأحزاب
» غزوات الرسول
» من غزوات الرسول ذكر يوم الرجيع في سنة ثلاث
» صور توضيحية لجميع غزوات الرسول
» غزوات الرسول صل الله عليه وسلم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة العلوم والمعارف :: الموسوعة الإسلامية الشاملة :: موسوعة السيرة النبوية-
انتقل الى: