منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69984
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي Empty
مُساهمةموضوع: شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي   شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي Emptyالأربعاء 07 أغسطس 2013, 10:17 pm

شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي






شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي 1411_md_13106651101

 شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي

عطا أحمد الزير
ولد في مدينة الخليل- فلسطين عام 1895م

عطا الزير


شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي Images?q=tbn:ANd9GcQKbdG-6oziqJWgZmAaZvBV86QQ8tgw7BZphiAx9gteKOai22eSPe3ryYfiعطا الزير


عمل عطا احمد الزير في عدة مهن يدوية واشتغل في الزراعة وعرف عنه منذ الصغر جرأته وقوته الجسمانية.

كانت له مشاركة فعالة في مدينته في ما يسمى ثورة البراق سنة 1929 وشارك في مذبحة 67 يهوديا خليليا، فاقرت حكومة الإنتداب حكم الإعدام عليه مع كل من: فؤاد حسن حجازيومحمد خليل جمجوم.

وتم إعدامه في يوم 17-6-1930 في سجن القلعة بمدينة عكا على الرغم من الإستنكارات الإحتجاجات العربية. كان الزير أكبر المحكومين الثلاثة سنا.


وقد قدم الشاعر الشعبي نوح ابراهيم مع الفرقة الشعبية فرقة العاشقين مرثية للمحكومين الثلاثة ما زالت مشهورة لدى الفلسطينيين

رسالة

وقد سمح له أن يكتب لأهله رسالة في اليوم السابق لموعد الأعدام وقد جاء في رسالته:


كتب عطا الزير هذه الرسالة لوالدته (الرسالة باللهجة الفلاحية) :

زغردي يما لو خبر موتي أجاك زغردي لا تحزني يوم انشنق شو ما العدو يعمل روحي أنا يما عن هالوطن ما بتفترق بكره بعود البطل ويضل في حداكِ حامل معو روحه ليقاتل عداكِ لا تزعلي لو تندهي وينو عطا كل الشباب تردْ فتيان مثل الورد كلهم حماس وجدْ لما بنادي الوطن بيجو ومالهم عدْ وفري دموع الحزن يما لا تلبسي الأسود يوم العدا بأرض الوطن يوم أسود هدي شباب الوطن بتثور كلهم عطا كلهم فؤاد ومحمد والشمس لما تهل لازم يزول 
  الليل يا معود فوق القبر يما ازرعي الزيتون حتى العنب يما والتين والليمون طعمي شباب الحي لا تحرمي ال هدي وصية شاب جرب الحرمان اسمي عطا وأهل العطا كثار
 والجود لأرض الوطن واجب على الثوار جبال الوطن بتئن ولرجالها بتحن حتى كروم العنب مشتاقة للثوار سلمي على الجيران سلمي على الحارةْ حمدان وعبد الحي وبنت العبد سارةْ راجع أنا يما وحامل بشارَةْ عمر الوطن يما ما بينسى ثوارَهْ لما بطول الليل وبتزيد أسرارُه وجرح الوطن بمتد وبتفيض أنهارُه راجع بطلة فجر حامل معي انوارُه حتى نضوي الوطن ويعودوا أحرارُه.




شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي Images?q=tbn:ANd9GcRsBaAvTsmYjeDpUvIW-WvkqXMghYQ-lH17Hh2CRWlggXindbFIY3Ik2txN
محمد خليل جمجوم


محمد خليل جمجوم

محمد خليل جمجوم ولد بمدينة الخليل عام 1902م وتلقى دراسته الابتدائية فيها. أكمل دراسته الجامعية في الجامعة الأمريكية ببيروت وشارك في الأحداث الدامية التي تلت ثورة البراق ضد مواطنين يهود في زمن الانتداب البريطاني على فلسطين.


عرف محمد خليل جمجوم بمعارضته للصهيونية وللانتداب البريطاني. جعلت مشاركته في مذبحة 67 يهوديا خليليا القوات البريطانية تقدم على اعتقاله في 1929م مع 25 من العرب الفلسطينين وقد حوكموا جميعاً بالإعدام الإ ان الأحكام تم تخفيفها إلى مؤبد الا عن ثلاثة هم:

فؤاد حسن حجازي

محمد خليل جمجوم 

عطا أحمد الزير

وفي يوم الثلاثاء 17/6/1930 تقرر إعدام الثلاثة، وكان تطبيق حكم الإعدام شنقاً في محمد خليل جموم الساعة التاسعة صباحاً.

وقد قدم الشاعر الشعبي نوح ابراهيم مرثية للمحكومين الثلاثة وقد غنتها فرقة العاشقين ما زالت مشهورة لدى الفلسطينيين



رسالة

وقد سمح له ولرفيقيه أن يكتب رسالة في اليوم السابق لموعد الأعدام وقد جاء في رسالتهم:

"الآن ونحن على ابواب الابدية، مقدمين ارواحنا فداء للوطن المقدس، لفلسطين العزيزة، نتوجه بالرجاء إلى جميع الفلسطينيين، الا تنسى دماؤنا المهراقة وارواحنا التي سترفرف في سماء هذه البلاد المحبوبة وان نتذكر اننا قدمنا عن طيبة خاطر، انفسنا وجماجمنا لتكون اساسا لبناء استقلال امتنا وحريتها وان تبقى الامة مثابرة على اتحادها وجهادها في سبيل خلاص فلسطين من الاعداء وان تحتفظ باراضيها فلا تبيع للاعداء منها شبرا واحدا، والا تهون عزيمتها وان لا يضعفها التهديد والوعيد، وان تكافح حتى تنال الظفر. ولنا في آخر حياتنا رجاء إلى ملوك وامراء العرب والمسلمين في انحاء المعمورة، الا يثقوا بالاجانب وسياستهم وليعلموا ما قال الشاعر بهذا المعنى: "ويروغ منك كما يروغ الثعلب". وعلى العرب في كل البلدان العربية والمسلمين ان ينقذوا فلسطين مما هي فيه الآن من الآلام وان يساعدوها بكل قواهم. واما رجالنا فلهم منا الامتنان العظيم على ما قاموا به نحونا ونحو امتنا وبلادهم فنرجوهم الثبات والمتابعة حتى تنال غايتنا الوطنية الكبرى. واما عائلاتنا فقد اودعناها إلى الله والامة التي نعتقد انها لن تنساها، والآن بعد ان رأينا من امتنا وبلادنا وبني قومنا هذه الروح الوطنية وهذا الحماس القومي، فاننا نستقبل الموت بالسرور والفرح الكاملين ونضع حبلة الارجوحة مرجوحة الابطال باعناقنا عن طيب خاطر فداء لك يا فلسطين، وختاما نرجو ان تكتبوا على قبورنا: "الى الامة العربية الاستقلال التام او الموت الزؤام وباسم العرب نحيا وباسم العرب نموت".

فؤاد حسن حجازي



شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي Foad_hijaziفؤاد حجازي


فؤاد حجازي
ولد في مدينة صفد- شمال فلسطين عام 1904. تلقى دراسته الإبتدائية في مدينة صفد ثم الثانوية في الكلية الإسكتلندية واتم دراسته الجامعية في الجامعة الأمريكية في بيروت.

شارك فؤاد حسن حجازي مشاركة فعالة في مدينته في ثورة البراق التي عمت انحاء فلسطين عقب احداث البراق سنة 1929 وقتل وجرح فيها مئات الأشخاص وقد اقرت حكومة الإنتداب حكم الإعدام على كل من:


فؤاد حسن حجازي 

محمد خليل جمجوم

عطا الزير

كان فؤاد حسن حجازي الأول من بين المحكومين الثلاثة الذين اعدمتهم سلطات الإنتداب البريطاني في في يوم 17-6-1930، بسجن القلعة بمدينة عكا، واصغرهم سناً.

وقد قدم الشاعر الشعبي نوح ابراهيم مرثية للمحكومين الثلاثة وقد غنتها فرقة العاشقين ما زالت مشهورة لدى الفلسطينيين.



رسالة

وقد سمح له أن يكتب لأهله رسالة في اليوم السابق لموعد الإعدام وقد جاء في رسالته:

كتب وصيته وبعث بها إلى صحيفة اليرموك فنشرتها يوم 18-06-1930 بخط يده وتوقيعه وقد قال فيها :

" إذا كان لدي ما أقوله وأنا على أبواب الأبدية فإني أوجز القول قبل أن أقضي:

أخوي العزيزين يوسف وأحمد وفقكما الله. رجائي إليكما أن تفعلا بما أوصيكما به. أوصيكما بالتعاضد والمحبة الأخوية والعمل بجد واجتهاد على مكافحة شقاء الدنيا لإحراز السبق في مضمار هذه الحياة التي ستقضونها إنشاء الله بالعز والهناء."


ثم يعود ويخاطب أخاه أحمد ويقول: " أحمد ! السكينة السكينة، الهدوء الهدوء، ملابسي تحفظ شهراً ثم تغسل. ممنوع قطعياً تنزيل أي طقم عليّ سوى اللباس والفنيلة والكفن داخل التابوت.

البكاء، الشخار، التصويت، هذا ممنوع قطعياً لأنني لم أكن أرضاها في حياتي خاصة تمزيق الثياب.

يجب الزغردة والغناء، واعلموا أن فؤاداً ليس بميت بل هو عريس ليس إلا."


" يا والدتي... أوصيك وصية - والوصية كما قيل غالية- أن لا تذهبي إلى قبري إلا مرة في الأسبوع على الأكثر، ولا تجعلي عملك الوحيد الذهاب إلى المقبرة."

في ختامها: ان يوم شنقي يجب ان يكون يوم سرور وابتهاج وكذلك يجب اقامة الفرح والسرور في يوم 17 حزيران من كل سنة، ان هذا اليوم يجب ان يكون يوما تاريخياً تلقى فيها الخطب وتنشد الأناشيد على ذكرى دمائنا المهراقة في سبيل فلسطين والقضية العربية.

 


عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الثلاثاء 23 يناير 2018, 3:19 am عدل 3 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69984
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي Empty
مُساهمةموضوع: رد: شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي   شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي Emptyالأربعاء 07 أغسطس 2013, 11:03 pm




 أعاد رجال في عقدهم الثامن والسابع وفتيان إحياء سنوية استشهاد محمد جمجموم وفؤاد حجازي وعطا الزير في سجن عكا قبل 82 عاماً، ورسموا خلال ندوة نظمتها وزارة الإعلام بالتعاون مع مركز التأهيل المجتمعي في مخيم الفارعة صورة لـ"الثلاثاء الحمراء"، مستذكرين حضورهم في الحكاية الشعبية، والمناهج المدرسية.



وتتبع رمضان أبو فريج، المولود عام 1927 في عرب أبو كشك حكايات الثوار والشهداء، كما نقلها له والده. فقال: جاء أهالي بلدنا خبر الزير وجمجموم وحجازي، وكان الثوار يأتون للبلد لجمع مساعدات لشراء السلاح. ولا ننسى الشهداء الثلاثة، وقصتهم في سجن عكا، وانتشار الخبر في كل البلاد، وحزن الناس عليهم.




فيما يقول محمد أمين أبو لبادة، الذي أبصر النور بعد 14 عاماً من إعدام الثلاثة، إن التاريخ منحهم جزءا مما يستحقونه، لكن الأجيال الجديدة، بدأت تسقط هذا الحق.




وكانت لأبي لبادة فرصة حضور مناظرات بين أحمد الشقيري والحاج أمين الحسيني، في بيروت، ولم ينس حضور شهداء سجن عكا لأحاديث الناس هناك، وتوقفهم عند ذكرى رحيلهم السنوية، وترديدهم للأغنية الوطنية ذائعة الصيت، التي رسمت قصتهم، وبطولتهم، وتسابقهم للموت، وعدم خوفهم من حبل المشنقة، التي نصبها المستعمر.




واستنادا لما جمعه الحاج محمد أسعد إسماعيل، المولود في السنة ذاتها، التي أعدم فيها الشهداء، فقد عرفهم من خلال الكتاب المدرسي، وحكايات والده الراحل ببلدة الكفرين المجاورة لحيفا، وما كان أستاذهم أبو نزار، ينقله لهم في صفهم الرابع. 




فيما يتتبع محمد حمد منصور، الذي ولد في أم الزينات عام 1932، ونال تعليماً متقدما، وعمل أستاذاً فترات طويلة، سيرة الشهداء الثلاثة بشكل دقيق. يروي: لما كبرنا، تعلمنا في المدرسة قصيدة إبراهيم طوقان( الثلاثاء الحمراء)، ومنها: "لما تعرض نجمك المنحوس وترنحت بعرى الحبال رؤوس، ناح الأذان وأعول الناقوس فالليل أكدر والنهار عبوس، طفقت تثور عواصف وعواطف، والموت حينا طائف أو خاطف.." وعرفنا أنهم كانوا يتسابقون إلى الموت دون خوف، وناضلوا ضد بريطانيا، ودافعوا عن القدس.




يتابع: رفع الشاعر طوقان من قضية الزير وجمجموم وحجازي، لكن عادت قضيتهم وبطولتهم للتراجع مرة أخرى؛ بسبب ضعف الحركة الوطنية.




ووفق منصور، فإن الشهداء الثلاثة لم يحظوا بفرصة للظهور كغيرهم من القادة والزعماء، فالحاج أمين الحسيني كانت تنتشر صورته في معظم البيوت.




يضيف: ذاكرة الأجيال الجديدة تخلو من الكثير، كالتاريخ والأبطال والشهداء؛ والأسباب كثيرة، كالاحتلال، وسياسة التجهيل، وضعف الثقافة الوطنية، وحصر اهتمامات الشباب بقضايا بعيدة عن تاريخهم ووطنهم.




أما حافظ مصطفى خليل، الذي خرج إلى الحياة عام 1942 في قرية البرية، فدرس في الكُتّاب، ولم يكمل تحصيله بسبب النكبة، فتابع علمه في مدرسة قرية يالو، ومنها عرف القليل عن الشهداء الثلاثة، لكنه لم ير صورهم في حياته، واستمع كثيراً إلى الأغنية التي تتحدث عن بطولتهم، مثلما كانت تنتشر في الأعراس الشعبية.



وتناوب شبان وفتية على سرد ما يعرفونه من قصص وحكايات وتاريخ للشهداء الثلاثة، فقال ليث صبح المنحدر من أم الزينات قرب حيفا: لم نتعلم في المنهاج عنهم، وسمعنا أغنيتهم، ولا نعرف تاريخ استشهادهم، وللأسف اهتمامات جيلنا بعيدة عن تاريخنا، ونتابع الرياضة أكثر.



وأشار خالد رائد جعايصة، الذي ينتسب لبلدة الكفرين، إلى خلو ذاكرة الشبان من التاريخ، فهو لا يعرف البلدان التي ولد فيها جمجوم وحجازي والزير، ولا يلم بتاريخ إعدامهم الذي حدث في السابع عشر من حزيران عام 1930. لكن الشاب محمد جمال أبو تايه المرتبط بقرية أبو شوشة يؤكد أنه عرف الكثير عنهم من أغنية فرقة العاشقين الشهيرة، وعلم بتاريخ استشهادهم، ومكانه في سجن عكا، التي لم يزرها في حياته، ويخطط لذلك، مثلما يحرص على مشاهدة سجنها. 




يقول: لا نناقش قضايا تاريخية، واهتمامات جيلنا بعيدة عن واقعنا، ونتمنى أن نشاهد فضائية متخصصة بالثقافة الوطنية. غير أن مؤمن فتحي الذي يعرف عن بلدة أجداده الكفرين الكثير، يقر بخلو مناهجهم المدرسي من قصة الشهداء الثلاثة، مثلما لم يقرأ في الماضي عن حياتهم.




بينما عرف الشاب محمد سعيد عبد الهادي، المنحدر من صبارين سيرة الشهداء من خلال شريط كاسيت، كان في منزل عائلة، وسمعه مراراً، وحفظ أغنيته عن عكا وسجنها وأبطالها ومندوبها السامي. غير أن نزار محمد جعايصة، الذي لا يخفي حنينه إلى الكفرين المجاورة لحيفا. يقول: عرفت من روايات الأجداد في هذه الندوة، عن الشهداء، وبالتأكيد لن أننسى ما قيل عنهم مستقبلاً، وأعجبت ببطولتهم، وسأستمع إلى أغنيتهم، واقرأ عن سيرتهم باستمرار.




بعدها، سردت مقاطع تاريخية من سيرة الشهداء، إذ كان فؤاد حسن حجازي (مواليد عام 1904) أول الشهداء الثلاثة الذين أعدمتهم سلطات الانتداب في سجن عكا عقب ثورة البراق وأصغرهم سنا. ولد في صفد وتلقى فيها دراسته الابتدائية ثم الثانوية في الكلية الاسكتلندية، وأتم دراسته الجامعية في الجامعة الأمريكية ببيروت. وعرف منذ صغره بشجاعته وجرأته وحبه لوطنه. 




أما محمد خليل جمجوم (ولد عام1902) فكان يتقدم المظاهرات التي تقوم في أرجاء مدينة الخليل احتجاجا على شراء أراضي العرب أو اغتصابها. وحينما أبلغهم الجلاد موعد تنفيذ الحكم بدأ محمد جمجوم ورفيقاه بإنشاد نشيد: "يا ظلام السجن خيم"، ثم استقبلوا زائريهم قبل إعدامهم بساعة وأخذوا بتعزيتهم وتشجيعهم وهم وقوف بملابس السجن الحمراء. وفي الساعة التاسعة من اليوم نفسه، نفذ حكم الإعدام شنقا به، وكان ثاني القافلة الثلاثية رغم أنه كان مقررا أن يكون ثالثهما، فقد حطم قيده وزاحم رفيقه عطا الزير على الدور الثاني.




بينما ولد عطا أحمد الزير عام(1895) في مدينة الخليل، وألم بالقراءة والكتابة، وكان يقرض الشعر أحيانا، وعمل في عدة مهن يدوية، واشتغل في الزراعة، وعرف عنه منذ الصغر جرأته وقوته الجسمانية،واشترك في المظاهرات التي شهدتها الخليل احتجاجا على هجرة اليهود إليها وإلى فلسطين. 




وفي ثورة البراق عام 1929 هب الزير مع غيره من سكان الخليل مدافعا عن أهله ووطنه، و يوم الثلاثاء 17/ 6/ 1930 الموعد الذي حدد لتنفيذ حكم الإعدام استقبل الشهداء زائريهم بملابس الإعدام الحمراء قبل ذلك بساعة. 




ثم طلب حناء ليخضب بها يديه على عادة أهل الخليل في أعراسهم وأفراحهم، وقد طلب زميله ورفيقه محمد جمجوم أن يُشنق قبله، وفاز بأمنيته.




وعندما قاده جلاده إلى منصة الإعدام طلب أن تفك قيوده لأنه لا يخشى الموت، فرفض طلبه، وعندها حطم عطا الزير السلاسل بقوة عضلاته، وتقدم نحو المشنقة رافع رأسه مبتسما. 




ومما كتبه في رسالته بلهجة فلاحية قبل يوم واحد من رحيله: "زغردي يما لو خبر موتي أجاك زغردي، لا تحزني يوم انشنق شو ما العدو يعمل روحي، أنا يما عن هالوطن ما بتفترق بكره بعود البطل ويضل في حداكِ حامل معو روحه ليقاتل عداكِ، لا تزعلي لو تندهي وينو عطا كل الشباب تردْ فتيان مثل الورد كلهم حماس، وجدْ لما بنادي الوطن بيجو ومالهم عدْ وفري دموع الحزن يما لا تلبسي الأسود، يوم العدا بأرض الوطن يوم أسود هدي شباب الوطن بتثور، كلهم عطا كلهم فؤاد ومحمد والشمس لما تهل لازم يزول الليل، يا معود فوق القبر يما ازرعي الزيتون حتى العنب يما والتين والليمون، طعمي شباب الحي لا تحرمي ال

هدي وصية شاب جرب الحرمان اسمي عطا وأهل العطا كثار والجود لأرض الوطن واجب على الثوار جبال الوطن بتئن ولرجالها، بتحن حتى كروم العنب مشتاقة للثوار سلمي على الجيران سلمي على الحارةْ حمدان وعبد الحي وبنت العبد سارةْ، راجع أنا يما وحامل بشارَةْ، عمر الوطن يما ما بينسى ثوارَهْ، لما بطول الليل وبتزيد أسرارُه، وجرح الوطن بمتد وبتفيض أنهارُه، راجع بطلة فجر حامل معي انوارُه، حتى نضوي الوطن ويعودوا أحرارُه."



وقال منسق وزارة الإعلام في طوباس والأغوار عبد الباسط خلف إن الندوة تأتي في سياق إحياء التاريخ الشفوي الذي تسعى الوزارة إلى تفعيله ونشره وتوثيقه ليس للنكبة فحسب، وإنما لملامح بارزة من تاريخنا الوطني، لما يمتلكه من سلطة معنوية، وما يمتاز به من "هالة روحية".


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69984
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي Empty
مُساهمةموضوع: رد: شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي   شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي Emptyالأربعاء 07 أغسطس 2013, 11:06 pm













يا ظلام السجن خيّم إننا نهوى الظلاما

ليس بعد الليل إلا فجرَ مجدٍ يتسامى

إيه يا أرضَ الفخارِ يا مقّر المخلصينا

قد هبطناكِ شبابًا لا يهابون المنونا

وتعاهدنا جميعًا يومَ اقسمنا اليمينا

لن نخون العهدَ يومًا واتخذنا الصدقَ دينًا

ايّها الحُراس عفوًا

واسمعوا منّا الكلاما

متعونا بهواءٍ منعه كانَ حرا مًا

لستُ والله نسّيًا ما تقاسيه بلادي

فاشهد يا نجم أنّي ذو وفاءٍ وودادِ

يا رنينَ القيدِ زدني نعمةً تُشجي فؤادي

إن في صوتك معنىً للأسى والاضطهادِ

لم أكن يومًا اثيمًا لم أخن يومًا نظاما

انما حب بلادي في فؤادي قد اقاما 






 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69984
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي Empty
مُساهمةموضوع: رد: شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي   شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي Emptyالأربعاء 07 أغسطس 2013, 11:08 pm




 قصة هؤلاء الأبطال الثلاثة بدأت بثورة ولم تنته حتى اليوم, بدأت عندما اعتقلت قوات الشرطة البريطانية مجموعة من الشبان الفلسطينيين إثر ثورة البراق ، هذه الثورة التي بدأت عندما نظم قطعان المستوطنين مظاهرة ضخمة بتاريخ 14 آب 1929 بمناسبة " ذكرى تدمير هيكل سليمان" أتبعوها في اليوم التالي 15/آب بمظاهرة كبيرة في شوارع القدس لم يسبق لها مثيل حتى وصلوا إلى حائط البراق " مايسمى بحائط المبكى اليوم" وهناك رفعوا العلم الصهيوني وراحوا ينشدون " النشيد القومي الصهيوني" وشتموا المسلمين ... وكان اليوم التالي هو يوم الجمعة 16/آب والذي صادف ذكرى المولد النبوي الشريف, فتوافد المسلمين للدفاع عن حائط البراق الذي كان في نية اليهود الاستيلاء علية.. فكان لا بد من الصدام بين العرب والصهاينة في مختلف المناطق الفلسطينية.

كان الاعتقال يحمل معناً واضحاً بالدعم التام والمطلق للصهاينة, وهذا ما لم يرضى به أهالي كل من صفد والخليل وباقي المدن والقرى الفلسطينية ، ولهذا قامت قوات الشرطة باعتقال 26 فلسطينياً ممن شاركوا في الدفاع عن حائط البراق وحكمت عليهم بالإعدام وقد تم تخفيف هذه العقوبة إلى السجن المؤبد عن 23 منهم مع الحفاظ على عقوبة الإعدام بحق الشهداء الثلاثة , محمد جمجوم وفؤاد حجازي وعطا الزير. ونبذة من حياة الشهداء تبين مدى دعم القوات البريطانية للصهاينة ورفضها لأي شكل من أشكال المقاومة ضدهم.

محمد خليل جمجوم من مدينة الخليل, تلقى دراسته الابتدائية فيها, وعندما خرج إلى الحياة العامة, عاش الانتداب وبدايات الاحتلال الصهيوني, عرف بمقاومته للصهاينة ورفضه للإحتلال كما العديدين من أبناء الخليل, فكان يتقدم المظاهرات احتجاجاً على اغتصاب أراضي العرب, وكانت مشاركته في ثورة العام 1926 دفاعاً عن المسجد الأقصى ما جعل القوات البريطانية تقدم على اعتقاله...

فؤاد حجازي أصغر الشهداء الثلاثة سنا المولود في مدينة صفد, تلقى دراسته الابتدائية والثانوية في الكلية الاسكتلندية وأتم دراسته الجامعية في الجامعة الأمريكية في بيروت, عرف منذ صغره بشجاعته وحبه لوطنه واندفاعه من أجل درء الخطر الصهيوني عنه وشارك مشاركة فعالة في مدينته في الثورة التي عمت أنحاء فلسطين عقب أحداث الثورة....

عطا الزير من مواليد مدينة الخليل, ألم بالقراءة والكتابة إلماماً بسيطاً, عمل عطا الزير في عدة مهن يدوية واشتغل في الزراعة وعرف عنه منذ صغره جرأته وقوته الجسدية واشترك في المظاهرات التي شهدتها مدينة الخليل احتجاجاً على هجرة الصهاينة إلى فلسطين لا سيما إلى مدينة الخليل, وفي ثورة البراق هب عطا الزير مع غيره من سكان الخليل مدافعاً عن أهله ووطنه بكل ما لديه من قوة. وشهدت مدن فلسطين صداماً دامياً بين العرب والصهاينة وفي الخليل نفسها قتل ستون صهيونياً وجرح خمسين آخرين....

حدد يوم 17/6/1930 موعداً لتنفيذ حكم الإعدام بحق الأبطال الثلاثة الذين سطروا في هذا اليوم أروع قصيدة وأعظم ملحمة, في هذا اليوم تحدى ثلاثهم الخوف من الموت إذ لم يكن يعني لهم شيئاً بل على العكس تزاحم ثلاثتهم للقاء ربهم. كان محمد جمجوم يزاحم عطا الزير ليأخذ دوره غير آبه, وكان له ما أراد. أما عطا وهو الثالث, طلب أن ينفذ حكم الإعدام به دون قيود إلا أن طلبه رفض فحطم قيده وتقدم نحو المشنقة رافع الرأس منشرح الوجه.

وفي الساعة التاسعة من نفس اليوم نفذ حكم الإعدام بمحمد جمجوم الذي كان ثاني قافلة الشهداء وقبل ساعة من موعد تنفيذ الحكم, استقبل محمد جمجوم وفؤاد حجازي زائرين أخذو هم بتعزيتهم وتشجيعهم فقال محمد جمجوم "الحمد لله أننا الذين لا أهمية لنا نذهب فداء الوطن لا أولئك الرجال الذين يستفيد الوطن من جهودهم وخدماتهم" وطلب مع رفيقه فؤاد حجازي "الحنَّاء" ليخضبا ايديهما كعادة أهل الخليل في أعراسهم....

أما فؤاد حجازي وهو أول القافلة يقول لزائريه: " إذا كان إعدامنا نحن الثلاثة يزعزع شيئاً من كابوس الانكليز على الأمة العربية الكريمة فليحل الإعدام في عشرات الألوف مثلنا لكي يزول هذا الكابوس عنا تماماً ".... وقد كتب فؤاد وصيته وبعث بها إلى صحيفة اليرموك فنشرتها في اليوم التالي وقد قال في ختامها: "إن يوم شنقي يجب أن يكون يوم سرور وابتهاج, وكذلك يجب إقامة الفرح والسرور في يوم 17 حزيران من كل سنة. إن هذا اليوم يجب أن يكون يوماً تاريخياً تلقى فيه الخطب وتنشد الأناشيد على ذكرى دمائنا المهراقة في سبيل فلسطين والقضية العربية".....

وهكذا أعدم الثلاثة, وتركوا الدنيا لأهل الدنيا, ومضوا يحملون جهادهم في سبيل مقدساتهم عملاً صالحاً يقابلون به وجه ربهم, تركوا دماءهم تقبل وجه هذه الأرض فتزهر ورداً أحمر, شجراً واقفاً أخضر وشهيداً تلو شهيد وشلال الدم الأغزر.




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69984
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي Empty
مُساهمةموضوع: رد: شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي   شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي Emptyالسبت 18 يونيو 2016, 10:51 am

قبل 86 عامًا.. من سجن عكا "طلعت" جنازة شهداء البراق

اقتباس :
فؤاد يمنع البكاء عليه ومحمد يحمد الله وعطا يُحنّي يديه قبيل الإعدام
شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي 15763ffc036ffc_KJEFOPGQIMNLH
الناصرة (فلسطين) - خدمة قدس برس  |  الجمعة 17 يونيو 2016 - 13:48 م

" إذا كان إعدامنا نحن الثلاثة يزعزع شيئاً من كابوس الإنجليز على الأمة العربية الكريمة، فليحل الإعدام في عشرات الألوف مثلنا لكي يزول هذا الكابوس عنا تماماً"..  بهذه الحروف الأصيلة كتب الشهيد فؤاد حجازي كلمة قبيل إعدامه وبطلين آخرين، على يد سلطات الاستعمار البريطاني، في 17  حزيران عام 1930.

الشهداء الأبطال الثلاثة، أو كما يُطلق عليهم، شهداء ثورة البراق، فؤاد حجازي (صفد) ومحمد جمجوم (الخليل) وعطا الزير (الخليل)، تصادف اليوم (17-6) ذكرى إعدامهم في سجن عكا، ليصبحوا منذ ذلك التاريخ، عنواناً للصمود الوطني في فلسطين.

الحكاية بدأت في 14 من شهر أغسطس/ آب، عام  1929، حين نظم عشرات المستوطنين اليهود مظاهرة بمناسبة ما يسمى "ذكرى تدمير الهيكل"، أتبعوها في اليوم التالي (15-Cool بمظاهرة ثانية جابت شوارع القدس، حتى وصلت الى حائط البراق، وهناك رفعوا علم الحركة الصهيونية وأخذوا يشتمون الفلسطينيين والمسلمين.

أما في اليوم الثالث، (16-Cool، والذي صادف يوم الجمعة، وذكرى المولد النبوي الشريف، تقاطر المسلمون من كل مكان للدفاع عن حائط البراق، الذي أراد المستوطنون الاستيلاء عليه .
وسجّل ذاك التاريخ مواجهات بين الفلسطينيين والمستوطنين، سقط على إثرها شهداء وجرحى كثر، لتعم الثورة كافة انحاء فلسطين، من يافا وعكا إلى حيفا واللد والرملة والقدس وغيرها.
وعلى الرغم من أن المستوطنين هم من اعتدوا في ذاك اليوم على الفلسطينيين، إلا أن شرطة الاستعمار البريطاني، اعتقلت 26 شابا فلسطينيا ممن شاركوا في الثورة وفي الدفاع عن حائط البراق، وأصدرت بحقهم أحكاما بالاعدام.
إلا أنها خففت الحكم لاحقاً عن 23 منهم إلى السجن المؤبد، فيما أبقت حكم الاعدام بحق الأبطال الثلاثة، جمجوم وحجازي والزير .
وفي 17-6-1930، كان شهداء ثورة البراق على موعد مع حكم الإعدام، حيث تقدموا وابتسامات الانتصار على وجوههم، فلم يرهبهم الموت ولا أخافهم حبل المشنقة بل تسابقوا على من يتقدم إلى منصة الإعدام أولا.
وكانت القافلة الأولى مع الشهيد فؤاد حجازي، الذي قال في رسالة أثناء استقباله زائرين قبل ساعات من تنفيذ حكم الإعدام، "البكاء ، التصويت هذا ممنوع قطعيا لأنني لم اكن ارضاها في حياتي خاصة تمزيق الثياب ، يجب الزغردة والغناء (...)، إن يوم شنقي يجب أن يكون يوم سرور وابتهاج، وكذلك يجب إقامة الفرح في يوم 17 يونيو/حزيران من كل سنة(...) إن هذا اليوم يجب أن يكون يوماً تاريخياً تلقى فيه الخطب وتنشد الأناشيد على ذكرى دمائنا المهراقة في سبيل فلسطين والقضية العربية".
أما الشهيد محمد جمجوم، فكتب "الحمد لله أننا ، نحن الذين لا أهمية لنا، نذهب فداءً للوطن وليس أولئك الرجال الذين يحتاج الوطن إلى جهودهم وخدماتهم".
فيما طلب الشهيد الثالث عطا الزير في يوم إعدامه حناء ليخضب بها يديه على عادة أهل الخليل في أعراسهم وأفراحهم، وعندما قاده جلاده إلى منصة الإعدام طلب أن تفك قيوده، فرفض طلبه، وعندها حطم الزير السلاسل بقوة عضلاته، وتقدم نحو المشنقة رافعاً رأسه مبتسماً.
الشهداء الثلاثة أعدموا، وسجلوا بدمائهم حدثاً مفصلياً في تاريخ الثورة الفلسطينية، دفاعاً عن المسجد الأقصى المبارك، لا يقل عزماً وإصراراً عن انتفاضة القدس التي انطلقت في أكتوبر/تشرين الأول من العام 2015، ضد الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه، وما زالت مستمرة حتى يومنا هذا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69984
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي Empty
مُساهمةموضوع: رد: شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي   شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي Emptyالأحد 19 يونيو 2016, 2:28 am

"مفوضية الأسرى" تطالب بريطانيا بالاعتذار عن إعدامها أسرى "ثورة البراق"


شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي 1576515d2c1597_IJGOLMNQHEPKF

طالبت مفوضية الأسرى والمحررين بحركة "فتح"، بريطانيا بتقديم اعتذار رسمي وعلني للشعب الفلسطيني جراء عمليات الاعدام التي قامت بها قوات الانتداب البريطاني للثوار الفلسطينيين أبان ثورة البراق التي اندلعت في العام 1929.

وقال الناطق الإعلامي باسم المفوضية، نشأت الوحيدي في بيان له اليوم السبت، إن "قوات الانتداب البريطاني قامت في 17 من حزيران يونيو 1930، بإعدام الثوار الأسرى، الشهيد فؤاد حسن حجازي (من مواليد صفد في 1904)، والشهيد محمد خليل جمجوم (من مواليد الخليل في 1902)، و الشهيد عطا أحمد الزير (من مواليد الخليل في 1895)، بدم بارد أمام ذويهم وأبناء شعبهم وإصدار أحكاما ظالمة بالمؤبد بحق 23 ثائرا فلسطينيا".

وذكر الوحيدي أن أبطال "ثورة البراق" كانوا في اليوم المحدد وقبل إعدامهم بساعة قد استقبلوا ذويهم وأبناء شعبهم بملابس الإعدام الحمراء حيث طلب الشهيد محمد جمجوم حناء ليخضب بها يديه وطلب من زميليه حجازي وعطا الزير أن يشنق قبلهما وفاز بتحقيق طلبه طالبا من السجان البريطاني أن يفك قيده لأنه لا يخشى من الموت ورفض طلبه ولكنه حطم قيده وتقدم نحو المشنقة مبتسما.

وأوضح أن الانتداب البريطاني أسس لنكبة فلسطين وقيام دولة الاحتلال الإسرائيلي على الأرض الفلسطينية المغتصبة وأورث للاحتلال الإسرائيلي مجموعة من القوانين والأوامر العسكرية العنصرية من أبرزها الاعتقال الإداري التعسفي الذي ما يزال الاحتلال الإسرائيلي يستخدمه كسيف مسلط على رقاب أبناء الشعب الفلسطيني .

وقال إن "دولة الاحتلال الإسرائيلي تتصرف وكأنها فوق القانون مستندة لدعم تاريخي من مخلفات الانتداب البريطاني وتضرب عرض الحائط بكل الأعراف والمواثيق والاتفاقيات والدولية والإنسانية وكأنها تقول للعالم بأسره بأنها هي التي تتحكم في موعد الفرح الفلسطيني".

وانطلقت شرارة  "ثورة البراق" يوم الجمعة 16 آب (أغسطس) عام 1929، باندلاع مواجهات واسعة وعنيفة بين الفلسطينيين واليهود، حيث تداعى لها آلاف الفلسطينيين، بعد تدنيس اليهود لحائط البراق ورفعهم الأعلام الإسرائيلية عليه، الأمر الذي اعتبره الفلسطينيون ناقوس خطر والخطوة الأولى لبدء عملية سلب الأقصى والاستيلاء عليه.

ــــــــــــــــــ

من سليم تاية
تحرير إيهاب العيسى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69984
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي Empty
مُساهمةموضوع: رد: شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي   شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي Emptyالأحد 18 يونيو 2017, 12:25 am

ذكرى شهداء "ثورة البراق" جمجوم وحجازي والزير

شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي 2_1497710461_4064


صادف، اليوم السبت، الذكرى الـ87 لإعدام سلطات الانتداب البريطاني، أبطال "ثورة البراق" محمد جمجوم، وفؤاد حجازي، وعطا الزير.
وكانت قوات الانتداب البريطاني اعتقلت جمجوم وحجازي والزير، مع مجموعة من الشبان الفلسطينيين إثر "ثورة البراق"، التي اشتعلت شرارتها عندما تظاهر مستوطنون بتاريخ 14 آب 1929 لمناسبة ما يسمى "ذكرى تدمير الهيكل"، كذلك قيامهم بتنظيم مظاهرة في 15/آب في شوارع القدس وصلت إلى حائط البراق.
وحكمت شرطة الانتداب في حينه على 26 فلسطينياً ممن شاركوا في الدفاع عن حائط البراق، بالإعدام، ثم خففت الحكم إلى السجن المؤبد عن 23 منهم، وأبقت عقوبة الاعدام بحق جمجوم وحجازي والزير.
واعدم الابطال الثلاثة في 17-6-1930 بسجن القلعة في مدينة عكا رغم الاستنكارات والاحتجاجات العربية.
الشهداء الثلاثة في سطور:
- الشهيد محمد خليل جمجوم: من مدينة الخليل، وتلقى دراسته الابتدائية فيها وعندما خرج إلى الحياة العامة عاش الانتداب وعرف برفضه ومقاومته للاحتلال، فكان يتقدم المظاهرات احتجاجاً على اغتصاب أراضي العرب، وكانت مشاركته في ثورة عام 1926 دفاعاً عن المسجد الأقصى ما جعل القوات البريطانية تقدم على اعتقاله.
- الشهيد فؤاد حجازي من مواليد مدينة صفد، وتلقى دراسته الابتدائية والثانوية في الكلية الاسكتلندية، وأتم دراسته الجامعية في الجامعة الاميركية في بيروت، وعرف بشجاعته وحبه لوطنه.
- الشهيد عطا الزير من مواليد مدينة الخليل، وقد عمل في مهن يدوية عدة واشتغل في الزراعة وعُرف عنه منذ صغره جرأته وقوته الجسدية، وشارك في المظاهرات التي شهدتها الخليل احتجاجاً على هجرة اليهود إلى فلسطين.
وخط الأبطال الثلاثة رسالة قبل يوم واحد من إعدامهم، وجاء فيها: "الآن ونحن على أبواب الأبدية، مقدمين أرواحنا فداء للوطن المقدس، لفلسطين العزيزة، نتوجه بالرجاء إلى جميع الفلسطينيين، ألا تُنسى دماؤنا المراقة وأرواحنا التي سترفرف في سماء هذه البلاد المحبوبة، وأن نتذكر أننا قدمنا عن طيبة خاطر، أنفسنا وجماجمنا لتكون أساسا لبناء استقلال أمتنا وحريتها وأن تبقى الأمة مثابرة على اتحادها وجهادها في سبيل خلاص فلسطين من الأعداء. وان تحتفظ بأراضيها فلا تبيع للأعداء منها شبرا واحدا، وألا تهون عزيمتها وألا يضعفها التهديد والوعيد، وان تكافح حتى تنال الظفر...".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69984
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي Empty
مُساهمةموضوع: رد: شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي   شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي Emptyالثلاثاء 23 يناير 2018, 3:56 am

الثلاثاء الحمراء
قصة الزير وجمجوم وحجازي



في 15/8/1929 اندلعت هبّة البراق، وهي احدى الانتفاضات الشعبية الفلسطينية المهمة التي مهدت، مع الهبات الاخرى اللاحقة في سنتي 1931 و1933، لبداية الثورة المسلحة على يدي عز الدين القسام ورفاقه. وكانت هذه الهبّة قد اندلعت جراء قيام الصهيونيين في 14/8/1929 بتنظيم تظاهرة في تل أبيب سارت باتجاه القدس، وكان المشاركون فيها يهتفون «الحائظ حائطنا. وفي اليوم التالي، أي في 15/8/1929 رد العرب على هذه التظاهرة بتظاهرة كبرى تحولت الى مصادمات امتدت الى يافا وحيفا والخليل ونابلس وصفد، وسقط خلالها عدد من القتلى والجرحى. وفي 23/8/1929، بينما كانت النفوس مهتاجة، سرى خبر بين العرب يقول إن الصهيونيين قتلوا عربيين، فأضربت المدن والقرى العربية، وتحولت الاضرابات والتظاهرات الى مصادمات بين العرب والمستوطنين اليهود. وكان من نتائج هذه المواجهة التي انتهت في 29/8/1929 مقتل 113 يهودياً وجرح 339 بينهم 50 قتيلا سقطوا في الخليل وحدها، علاوة على مقتل وجرح 45 يهوديا في صفد ايضا. وسقط في المواجهة 116 عربيا وجرح 1232 آخرين. وفي الأثر قامت سلطات الانتداب البريطاني بحملة واسعة لاعتقال المشاركين الفلسطينيين، فاعتقلت المئات، وحكم 792 منهم بأحكام متفاوتة، وكان بينهم 20 حكما بالإعدام، بينما اعتقلت 92 يهوديا لا غير، حكم على واحد فقط بالإعدام. ثم استقرت الأحكام في النهاية على إعدام ثلاثة اشخاص فلسطينيين هم الشهداء: عطا أحمد الزير، ومحمد خليل جمجوم من الخليل، وفؤاد حسن حجازي من صفد، والحكم بإعدام اليهودي حانكين الذي قتل الشيخ عبد الغني عون وستة من أفراد أسرته في حي ابو كبير في يافا. لكن هذا الحكم أبدل بالسجن 15 عاما، ثم خفف الى عشرة أعوام امضى منها حانكين ستة أعوام فقط. 
عندما أبلغ الشهداء الثلاثة ان إعدامهم سيجري في 17/6/1930 راحوا يرددون النشيد الذي كتبه المجاهد السوري نجيب الريس، والذي يقول مطلعه: 
يا ظلام السجن خيّم
إننا نهوى الظلاما
ليس بعد الليل إلا
فجر مجد يتسامى 
وصفت جريدة «الزهور» الحيفاوية (19/6/1930) يوم الاعدام على النحو التالي: 
لم تجتز فلسطين في أدوارها السابقة يوما قبل 17 حزيران الرهيب... لقد تصاعدت أصوات المؤذنين على المآذن تستنزل الرحمات، وقرعت نواقيس الحزن في الكنائس، وولولت النساء، وتصاعد عويلها في البيوت... وتساقطت الدموع غزيرة في مآقي الرجال المجتمعين وأنشدت الجماهير «يا ظلام القبر خيم». وقد خيمت روعة الموت وسادت رهبة الموقف بينما وقف الجند يتبخترون ذهاباً وإياباً. لقد طلب فؤاد حجازي في الليلة التي سبقت يوم إعدامه من مدير السجن ان يطلعه على غرفة الاعدام... أما عطا الزير ومحمد جمجوم فقط خضبا ايديهما بالحناء بحسب تقاليد الأعراس في الخليل. وفي يوم الإعدام تنافس الثلاثة على من يعدم اولاً.
وقد تم إعدام فؤاد حجازي في الساعة الثامنة صباحا في سجن عكا. وجاء دور عطا الزير في الساعة التاسعة الا ان محمد جمجوم اصر ان يعدم قبله، فقد طلب من الحارس ان يفك قيوده الا ان الحارس رفض طلبه، فنفض يديه بقوة وحطم قيوده وسار نحو المشنقة وهو مرفوع الجبين. وفي الساعة العاشرة تم إعدام عطا الزير. 
وقد ودعت والدة محمد جمجوم ابنها على باب السجن ببيتين من الشعر العامي هما: 
السجن إلك قفص من ذهبْ
والقيدْ إلك خلخالْ
وحبل المشنقة كردانك (*) 
يا زينة الأبطالْ
وفي رواية اخرى ان والدة فؤاد حجازي هي التي ودعت ابنها بهذين البيتين. وقيل آنذاك ان فؤاد حجازي ومحمد جمجوم وعطا الزير سمعوا البيتين في داخل سجنهم بينما كانوا يتهيؤون للموت. وقد هز الاعدام ضمائر الناس في بلاد الشام كلها، وكتب شاعر فلسطين الكبير ابراهيم طوقان قصيدة مشهورة في هذا الامر كان عنوانها «الثلاثاء الحمراء»، تتبع فيها الساعات الثلاث التي استغرقتها عملية الاعدام. وكتب الشاعر الشعبي رضا شحادة قصيدة شعبية اشتهرت جدا في فلسطين حينذاك، وكان الجميع يرددها في التظاهرات، خصوصا في ثورة فلسطين الكبرى سنة 1936، وكان مطلعها: 
من سجن عكا طلعت جنازة 
محمد جمجوم وفؤاد حجازي 
جازي عليهم يا ربي جازي 
المندوب السامي وربعو عموما 


(*) الكردان هو العقد.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69984
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي Empty
مُساهمةموضوع: رد: شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي   شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي Emptyالثلاثاء 23 يناير 2018, 10:54 am

من سجن عكا طلعت جنازه الشهداء محمد جمجوم وفؤاد حجازي عطا الزير

كتب هشام ساق الله – بطولة الثلاثه اسرى الشهداء عطا الزير وفؤاد حجازي ومحمد جمجوم هؤلاء الابطال الذين تسابقوا للموت فرحا بالجنه اعطوا القوه والمثل لكل الاسرى الفلسطينيين عبر التاريخ النضالي الطويل ولازالت بطولتهم تتفاعل بفعل يومي يقوم به الابطال الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال الصهيوني ففي السابع عشر من حزيران يونيو 1930 .

بطولات يوميه تسجل داخل سجون الاحتلال يقوم بها هؤلاء الابطال سواء بالزنازين وغرف التحقيق او بداخل غرف الاسر متحدين مؤامرات مصلحة السجون العنصريه بقهرهم واحباطهم والنيل من كرامتهم واردتهم الجباره وعزائمهم التي لاتلين كل يوم يسطر كل واحد منهم بطوله ينبغي ان تسجل وتدرس ليعلم كل العالم عظمة الانسان الفلسطيني البطل وكم يعاني .

هل فكر احد بالعالم المتمدن البقاء لمدة اسبوع في غرفه وعدم الخروج منها ماهو شعوره وسجل ملاحظاته عن تلك التجربه اكيد انه سيعرف معاناة الاسرى الفلسطينين وخاصه هؤلاء الابطال من جنرالات الصبر الذين امضوا جل حياتهم بالاسر اعتقلوا شباب صغار وهاهم وسيخرجون كبار لم يتذوقوا الا متعة الصمود والتحدي والنضال وكانوا فعلا ابطال .

سجل التاريخ ومواقع الانترنت والشعر الفلسطيني بطولة هؤلاء الشهداء الثلاثه باغاني وقصائد شعريه وحكايات لاتزال تروى ويتناقلها جيل بعد جيل لتروي عظمة شعبنا وبطولته وما قدمه على مذبح الحريه والنضال في سبيل تحرير فلسطين فالاعدام وان لم ينفذ بشكل فعلي الان على المشانق فانه ينفذ من خلال قتل المرضى واجراء التجارب على اجسادهم ومن خلال منع العلاج عن الاسرى واستمر اعتقال المعتقلين لسنوات طويله تؤدي الى ضعف في اجساد الابطال ومهاجمة الامراض لهم اضافه الى القتل المباشر والاغتيال فالاعدام يتم بصور مختلفه غير حبل المشنقه .
قصة هؤلاء الأبطال الثلاثة بدأت بثورة ولم تنته حتى اليوم, بدأت عندما اعتقلت قوات الشرطة البريطانية مجموعة من الشبان الفلسطينيين إثر ثورة البراق ، هذه الثورة التي بدأت عندما نظم قطعان المستوطنين مظاهرة ضخمة بتاريخ 14 آب 1929 بمناسبة ” ذكرى تدمير هيكل سليمان” أتبعوها في اليوم التالي 15/آب بمظاهرة كبيرة في شوارع القدس لم يسبق لها مثيل حتى وصلوا إلى حائط البراق ” مايسمى بحائط المبكى اليوم” وهناك رفعوا العلم الصهيوني وراحوا ينشدون ” النشيد القومي الصهيوني” وشتموا المسلمين …

وكان اليوم التالي هو يوم الجمعة 16/آب والذي صادف ذكرى المولد النبوي الشريف, فتوافد المسلمين للدفاع عن حائط البراق الذي كان في نية اليهود الاستيلاء علية.. فكان لا بد من الصدام بين العرب والصهاينة في مختلف المناطق الفلسطينية.

كان الاعتقال يحمل معناً واضحاً بالدعم التام والمطلق للصهاينة, وهذا ما لم يرضى به أهالي كل من صفد والخليل وباقي المدن والقرى الفلسطينية ، ولهذا قامت قوات الشرطة باعتقال 26 فلسطينياً ممن شاركوا في الدفاع عن حائط البراق وحكمت عليهم بالإعدام وقد تم تخفيف هذه العقوبة إلى السجن المؤبد عن 23 منهم مع الحفاظ على عقوبة الإعدام بحق الشهداء الثلاثة , محمد جمجوم وفؤاد حجازي وعطا الزير. ونبذة من حياة الشهداء تبين مدى دعم القوات البريطانية للصهاينة ورفضها لأي شكل من أشكال المقاومة ضدهم.

فؤاد حجازي (1904-1930)

أول الشهداء الثلاثة الذين أعدمتهم سلطات الانتداب البريطاني في سجن عكا عقب ثورة البراق وأصغرهم سنا.

ولد في مدينة صفد وتلقى فيها دراسته الابتدائية ثم الثانوية في الكلية الاسكتلندية، وأتم دراسته الجامعية في الجامعة الأمريكية ببيروت. عرف منذ صغره بشجاعته وجرأته وحبه لوطنه واندفاعه من أجل درء الخطر الصهيوني عنه. وشارك مشاركة فعالة في مدينته في الثورة التي أعقبت أحداث البراق سنة 1929 وقتل وجرح فيها مئات الأشخاص، أصدرت حكومة الانتداب حكما بإعدام 26 شخصا عربيا من المشاركين فيها ثم استبدلت به حكم السجن المؤبد على 23 شخصا وأكدت الحكم بإعدام الثلاثة الآخرين وهم فؤاد حسن حجازي، وعطا الزير، ومحمد جمجوم.
وحددت يوم 17/ 6/ 1930 موعداً لتنفيذ الأحكام على الرغم من الاستنكارات والاحتجاجات العربية. وقد خلد الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان في قصيدته الشهداء الثلاثة (الثلاثاء الحمراء).

محمد خليل جمجوم (1902-1930)

هو واحد من الشهداء الثلاثة الاوائل الذين أعدمتهم سلطات الانتداب البريطانية سنة 1929 عقب ثورة البراق.

ولد في مدينة الخليل وتلقى دراسته الابتدائية فيها. وعندما خرج للحياة عرف بمقاومته للصهيونيون فكان يتقدم المظاهرات التي تقوم في أرجاء مدينة الخليل احتجاجا على شراء أراضي العرب أو اغتصابها.

وبعد أن شملت ثورة البراق (1929) عددا كبيرا من المدن والقرى في مقدمتها يافا وحيفا وصفد بالإضافة إلى القدس، كان لا بد من الصدام بين عرب مدينة الخليل والصهاينة، حيث قاد المظاهرات هناك.

قبضت السلطات البريطانية على عدد من العرب في مقدمتهم محمد خليل جمجوم وعطا الزير وفؤاد حجازي وأصدرت أحكاما بإعدام 26عربيا ثم استبدلت بالإعدام السجن المؤبد لثلاثة وعشرين منهم وأبقت حكم الإعدام على هؤلاء الأبطال الثلاثة وحددت يوم الثلاثاء 1930/6/17 موعدا لتنفيذه في سجن عكا، ولم تستجب هذه السلطات للمطالية بتخفيض حكم الإعدام عليهم إلى السجن المؤبد.

وعندما أبلغهم الجلاد موعد تنفيذ الحكم بدأ محمد جمجوم ورفيقاه بإنشاد نشيد: “يا ظلام السجن خيم”، ثم استقبلوا زائريهم قبل إعدامهم بساعة وأخذوا بتعزيتهم وتشجيعهم وهم وقوف بملابس السجن الحمراء. وفي الساعة التاسعة من يوم الثلاثاء 1930/6/17 نفذ حكم الإعدام شنقا بالشهيد محمد جمجوم، وكان ثاني القافلة الثلاثية رغم أنه كان مقررا أن يكون ثالثهما فقد حطم قيده وزاحم رفيقه عطا الزير على الدور الثاني حتى فاز ببغيته.

عطا الزير

واحد من الشهداء الثلاثة الأوائل الذين أعدمتهم سلطات الانتداب البريطاني في سجن عكا عقب ثورة البراق.

ولد في مدينة الخليل، وألم بالقراءة والكتابة إلماما قليلا، وكان يقرض الشعر أحيانا.
عمل في عدة مهن يدوية، واشتغل في الزراعة، وعرف عنه منذ الصغر جرأته وقوته الجسمانية، واشترك في المظاهرات التي شهدتها مدينة الخليل احتجاجا على هجرة الصهيونيين إلى فلسطين، ولا سيما إلى مدينة الخليل. وفي ثورة البراق عام 1929 هب عطا الزير مع غيره من سكان الخليل مدافعا عن أهله ووطنه ، بكل ما لديه من قوة. وشهدت مدن فلسطين صداما داميا بين العرب والصهاينة وفي الخليل نفسها قتل ستون صهيونيا وجرح أكثر من خمسين.

ألقت سلطات الانتداب القبض على عدد كبير من العرب، وحكمت على 26 منهم بالإعدام، ثم أبدلت الإعدام سجنا مؤبدا لثلاثة وعشرين منهم، بينما أبقته على عطا الزير ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي الذين نقلوا إلى سجن عكا.

وفي يوم الثلاثاء 17/ 6/ 1930 اليوم الذي حدد لتنفيذ حكم الإعدام استقبل الشهداء زائريهم بملابس الإعدام الحمراء قبل التنفيذ بساعة، ثم طلب عطا الزير حناء ليخضب بها يديه على عادة أهل الخليل في أعراسهم وأفراحهم، وقد طلب زميله ورفيقه محمد جمجوم أن يشنق قبله، وفاز بأمنيته. وعندما قاده جلاده إلى منصة الإعدام طلب أن تفك قيوده لأنه لا يخشى الموت، فرفض طلبه، وعندها حطم عطا الزير السلاسل بقوة عضلاته، وتقدم نحو المشنقة رافع رأسه مبتسم المحيا.

حدد يوم 17/6/1930 موعداً لتنفيذ حكم الإعدام بحق الأبطال الثلاثة الذين سطروا في هذا اليوم أروع قصيدة وأعظم ملحمة, في هذا اليوم تحدى ثلاثهم الخوف من الموت إذ لم يكن يعني لهم شيئاً بل على العكس تزاحم ثلاثتهم للقاء ربهم. كان محمد جمجوم يزاحم عطا الزير ليأخذ دوره غير آبه, وكان له ما أراد. أما عطا وهو الثالث, طلب أن ينفذ حكم الإعدام به دون قيود إلا أن طلبه رفض فحطم قيده وتقدم نحو المشنقة رافع الرأس منشرح الوجه.

وفي الساعة التاسعة من نفس اليوم نفذ حكم الإعدام بمحمد جمجوم الذي كان ثاني قافلة الشهداء وقبل ساعة من موعد تنفيذ الحكم, استقبل محمد جمجوم وفؤاد حجازي زائرين أخذو هم بتعزيتهم وتشجيعهم فقال محمد جمجوم “الحمد لله أننا الذين لا أهمية لنا نذهب فداء الوطن لا أولئك الرجال الذين يستفيد الوطن من جهودهم وخدماتهم” وطلب مع رفيقه فؤاد حجازي “الحنَّاء” ليخضبا ايديهما كعادة أهل الخليل في أعراسهم….

أما فؤاد حجازي وهو أول القافلة يقول لزائريه: ” إذا كان إعدامنا نحن الثلاثة يزعزع شيئاً من كابوس الانكليز على الأمة العربية الكريمة فليحل الإعدام في عشرات الألوف مثلنا لكي يزول هذا الكابوس عنا تماماً “…. وقد كتب فؤاد وصيته وبعث بها إلى صحيفة اليرموك فنشرتها في اليوم التالي وقد قال في ختامها: “إن يوم شنقي يجب أن يكون يوم سرور وابتهاج, وكذلك يجب إقامة الفرح والسرور في يوم 17 حزيران من كل سنة. إن هذا اليوم يجب أن يكون يوماً تاريخياً تلقى فيه الخطب وتنشد الأناشيد على ذكرى دمائنا المهراقة في سبيل فلسطين والقضية العربية”…..

وهكذا أعدم الثلاثة, وتركوا الدنيا لأهل الدنيا, ومضوا يحملون جهادهم في سبيل مقدساتهم عملاً صالحاً يقابلون به وجه ربهم, تركوا دماءهم تقبل وجه هذه الأرض فتزهر ورداً أحمر, شجراً واقفاً أخضر وشهيداً تلو شهيد…

من سجن عكا وطلعت جنازه
محمد جمجوم وفؤاد حجازي
وجازي عليهم يا شعبي جازي
المندوب السامي وربعو عموما

محمد جمجوم ومع عطا الزير
فؤاد حجازي عز الذخيره
انظر المقدر والتقادير
بأحكام الظالم تا يعدمونا

ويقول محمد انا اولكم
خوفي يا عطا اشرب حسرتكم
ويقول حجازي انا اولكم
ما نهاب الردا ولا المنونا

امي الحنونه بالصوت تنادي
ضاقت عليها كل البلاد
نادو فؤادي مهجه فؤادي
قبل نتفرق تا يودعونا

تنده ع عطا من ورا الباب
وامي بستنظر منو الجواب
عطا يا عطا زين الشباب
يهجم علي العسكر ولا يهابونا

خيي يا يوسف وصاتك امي
اوعي يا اختي بعدي تنهمي
لاجل هالوطن ضحيت بدمي
وكلو لعيونك يا فلسطينا

ثلاثه ماتو موت الاسودي
وجودي يا امي بالعطا جودي
علشان هالوطن بالروح نجودي
ولاجل حريتو بيعلقونا

نادي المنادي يا ناس اضراب
يوم الثلاثا شنق الشباب
اهل الشجاعه عطا وفؤادي
ما يهابو الردا ولا المنونا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69984
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي Empty
مُساهمةموضوع: رد: شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي   شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي Emptyالأربعاء 01 أغسطس 2018, 8:51 pm

استشهاد فؤاد حجازيالذي أعدمته سلطات الاحتلال البريطانية في فلسطين لمشاركته الفاعلة في ثورة البراق. 

ولد فؤاد حجازي في صفد بفلسطين عام 1322 للهجرة، وتلقى تعليمه الابتدائي فيها، وانخرط في العمل الوطني ضد الاحتلال البريطاني لفلسطين بعد إكمال دراسته في بيروت وعودته إلى بلاده.  

شارك مشاركة فاعلة في ثورة البراق، وكان ضمن عدد كبير من الفلسطينيين ألقي القبض عليهم من قبل قوات الاحتلال. 
أصدرت سلطات الاحتلال حكما بالإعدام على 25 عربيا فلسطينيا لمشاركتهم في الثورة، ثم تم تخفيف الحكم إلى المؤبد، لكن التخفيف استثنى حجازي ورفيقيه محمد جمجوم وعطا أحمد الزير، ونفذ فيهم حكم الإعدام يوم 19 المحرم 1394هـ. 
اندلعت الثورة إثر خلاف حول حائط البراق الذي يحد الحرم القدسي من جهة الغرب، وهو وقف إسلامي، بينما يدعي اليهود أنه جزء مما يسمى "الهيكل".  

شاهد فيديو الحلقة
حاول اليهود تغيير معالم المنطقة المحاذية بالحائط لخدمة مصالحهم، وتظاهر المهاجرون اليهود أمام حائط البراق يصيحون "الحائط لنا"، الأمر الذي استفز عرب القدس وفلسطين عموما، حيث اعتبروه خطوة في طموح لم يخف عليهم، وهو تخطيط اليهود للاستحواذ على القدس. 
وكان اليهود قد تشجعوا على الإقدام على هذه الخطوة نتيجة تغير جذري في خطة عمل الوكالة اليهودية المسؤولة عن نقل يهود العالم إلى فلسطين. وكانت الوكالة تقتصر على الصهاينة والمؤسسات الصهيونية، ولكن القائمين عليها اتفقوا على توسيع قاعدة عملها لتشمل كافة اليهود والمنظمات اليهودية غير الصهيونية المتعاطفة مع فكرة إقامة دولة يهودية على أرض فلسطين.  
وقد جاء هذا التطور بعد سبع سنين من الهدوء النسبي في فلسطين نتيجة لتحديد سلطات الاحتلال البريطاني لأعداد المهاجرين اليهود، إلا أن ذلك الهدوء العربي كان حذرا ويتسم بقدر عال من المراقبة الدقيقة للأوضاع. وما إن حاول اليهود اتخاذ خطوة في خطتهم للاستحواذ على القدس، حتى نزل الفلسطينيون إلى الشوارع في العديد من المدن الفلسطينية واشتبكوا مع المهاجرين اليهود والقوات البريطانية. وقد أسفرت الاشتباكات عن استشهاد أكثر من مائة فلسطيني، كما تمكن الثوار الفلسطينيون من قتل نحو 130 مهاجرا يهوديا. 
شكلت سلطات الاحتلال البريطاني لجنتين لدراسة الأحداث التي أدت إلى ثورة البراق: الأولى عرفت بلجنة "شو" نسبة إلى قائد لجنة التحقيق والتر شو، والثانية برئاسة جون هوب سيمبسون.
وقالت اللجنة الأولى في تقريرها إن العرب لا يرون في المهاجرين اليهود تهديدا للقمة عيشهم، بل يرونهم تهديدا لوطنهم. 
أما اللجنة فقد أقرت بأن المهاجرين الجدد من اليهود ابتلعوا معظم الأراضي الزراعية الفلسطينية، حتى لم يعد هناك أي أرض زراعية لإقامة المزيد من مستوطناتهم. 
ورغم أن هذين التقريرين أثارا مخاوف البريطانيين من احتمال تورطهم في خرق ميثاق عصبة الأمم (صارت فيما بعد الأمم المتحدة)، فإن تلك المخاوف لم ترق إلى درجة وضع حد لابتلاع اليهود لأرض فلسطين. واستمر المهاجرون اليهود في التدفق على فلسطين، وصعّدت المنظمات الإرهابية اليهودية من هجماتها على عرب فلسطين، حتى أعلن اليهود إقامة دولتهم عام 1367 للهجرة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69984
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي Empty
مُساهمةموضوع: رد: شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي   شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي Emptyالأربعاء 15 يوليو 2020, 5:24 am

دراسة في قصيدة "الثلاثاء الحمراء" لإبراهيم طوقان

المتوكل طه
فوق ساعات المشانق

***

"الثلاثاء الحمراء" هي قصيدة كتبها الشاعر الفلسطيني الراحل إبراهيم طوقان، في وصف إعدام ملهبي ثورة البراق (1929)، على يد سلطات الانتداب البريطاني، في 17 حزيران 1930: محمد جمجوم، وفؤاد حجازي، وعطا الزير .. ويقول فيها:

لمَّــا تَعَرَّضَ نَجْمُـك المنحوسُ

 وترَّنحت بعُرى الحبالِ رؤوسُ

ناح الأَذانُ وأعولَ النــاقوسُ

 فالليل أكدرُ، والنَّهارُ عَبوسُ

طَفِقَتْ تثورُ عواصفُ    وعــواطفُ

والموتُ حيناً طائفُ أو   خـاطفُ

والمِعْولُ الأَبديّ يُمْعِن في الثرى

لِيردَّهـمْ في قلبِهــا المتحـجِّرِ

*        *        *

يومٌ أطــلَّ على العصور الخاليَه

ودعا : "أمرَّ على الورى أمثاليَهْ ؟ "

فأجابَهُ يومٌ : " أجلْ أنا روايَه

لمحــاكم التَّفتيش، تلكَ الباغِيَه

ولقــد شهدتُ عجائباً   وغرائباً

لكنَّ فيــكَ مصـائباً    ونوائباً   

لم ألْقَ أشباهاً لهـا في جورْهِا

فاسأل سواي وكم بها مِنْ منكَرِ "

*        *        *

وإذا بيــومٍ راسفٍ بقيودِهِ

فأجابَ، والتاريخُ بعضُ شهودهِ :

" أنظر إلى بيضِ الرَّقيق وسودِهِ

مَنْ شاءَ كانوا مُلكَهُ بنقــودِهِ

بشرٌ يُباعُ ويُشترى فتحررَّا

ومشى الزَّمانُ القهقرى  فيما أرى ...

فسمعتُ مَنْ منعَ الرَّقيق وبَيْعَـهُ

نادى على الأَحرارِ يا مَنْ يشترى "

وإذا بيـومٍ حالكِ الجِلبْـابِ

مُتَرّنـحٍ من نَشْوةٍ الأَوْصابِ

فأجابَ : " كلاّ ، دون ما بكَ ما بي

أنا في رُبى (عالية) ضاع شبابي

وشهدتُ للسفَّاح ما   أبكى دما

ويلٌ له ما أظلما     لكنما ...

لم ألْقَ مِثْلَكَ  طالعاً في روعـةٍ

 فاذهبْ لعلَّكَ أنتَ يَومُ المحشرِ "

*        *        *

(اليومُ) تُنكرهُ اللَّيالي الغـابره

وتظلّ تَرْمقُه بعينٍ حــائره

عجباً لأَحكام القضاءِ الجــائرهْ

فأخفُّها أمثالُ ظُلمٍ سائـره

وطن يسيرُ إلى الفناءْ بلا رجاءْ

والداءُ ليس لهُ دواءْ إلاّ الإباءْ

إنَّ الإباءُ مناعةٌ ، إن تَشْتَـمِلْ

 نفسٌ عليه تَمُتْ ولمَّا تُقهرِ

*        *       *

الكلُّ يرجو أن يُبكِّرَ عَفْـوُهُ

نَدْعو له ألاّ يُكَدَّرَ صفوُهُ ..!

إنْ كان هذا عطفُهُ وحُنُوُّهُ ...

 عاشتْ جلالَتُهُ وعاشَ سُموّهُ ..!

حَمَلَ البريدُ  مُفصِّلا ما أُجملا

هلاَّ اكتفيتَ  توسُّلا وتسوُّلا

والموتُ في أخــذِ الكلامِ  وردِّهِ

فخذِ الحياةَ عن الطَّريقِ الأَقصرِ

*        *        *

ضاق البريدُ ومـا تغيَّرَ  حالُ

والذّلّ بين سطورِنـا أشكـالُ

خُسْرانُنــا الأَرواح ، والأَموالُ

وكرامةٌ - يا حسرتا - أسمالُ

أوَ تُبصرون وتسألونْ ماذا يكونْ ؟!

إنَّ الخداعَ له  فنونْ مِثْلَ الجنونْ

هيهاتَ ، فالنفسُ الذليلةُ  لو  غَدَتْ

مخلوقةً  من أعينٍ لم تُبْصرِ!

*        *        *

أنَّى لشاكٍ صوتُه أنْ يُسْمَـعا

 أنَّى لباكٍ دمعهُ أنْ  يَنفعـا

صخرٌ أحسَّ رجاءَنا فتصدَّعا

 وأتى الرجاءُ قلوبَهم فتقطَّعا. .

لا تعجبوا، فمن الصخورْ   نبعٌ يفورْ

ولهم قــلوبٌ كالقبور    بلا شعورْ

لا تلتمسْ يوماً رجاءً عندَ مَنْ

جرَّبْتَهُ فوجدتَهُ لم يَشْعُرِ

*        *        *

الساعات الثلاث

الساعة الأولى

أنا ساعةُ النفسِ الأبيَّـه      الفضـلُ لي بالأسبقيَّه

أنا  بِكْرُ   ساعـات  ثلاثٍ   كلها   رمزُ   الحميَّه

بِنْتُ القضيَّةِ  إنَّ  لي    أثراً جليلاً في القضيَّـه

أَثرَ   السّيوف   المشْرَفيّــَةِ  والرماحِ   الزاغبـيَّه

أودعتُ في مُهجِ  الشبيبةِ نفْحــةَ الرّوح  الوفـيَّه

لا بــدَّ من يوم لهم    يَسْقي العدا كأسَ المنيَّـه

قسماً بروح (فؤاد) تصعدُ  من جوانـحِهِ زكيـه

تأتي السواءَ حفيــةً فتحلّ جنَّتَها  العـليّــَه

ما نـال مرتبـةَ الخلودِ  بغيْرِ تضحيــةٍ  رضيـه

عاشتْ نفوسٌ في سبيلِ بلادِهـا  ذهبتْ  ضحيَّة

الساعة الثانية

أنا ساعةُ الرجل العتيدِ      أنا ساعةُ البأسِ الشـديدِ

أنا ساعـةُ الموت  المشـرِّفِ كلَّ  ذي  فعلٍ مجيدٍ

بطَلي يُحطِّمُ قيدَهُ   -   رمزاً لتحطـيم القيـودِ

زاحمتُ مَنْ قَبْلي  لأَسبِقَها  إلى  شَرَفِ الخـلودِ

وقَدَحْتُ في مُهَجِ الشبابِ شرارةَ العزمِ الوطيدِ

هيهاتَ يُخدَعُ بالوعودِ ، وأن يُخـدَّرَ بالعهودِ

قسماً بروحِ (محمد) :  تَلْقى الردى حُلْوَ الورودِ

قسماً بأُمِّكَ عنـد  موتِكَ  وهي  تهتفَ  بالنَّشيدِ

وترى العزاءَ عَنْ ابنِها في صيتِهِ الحسنِ البعيدِ

مــا نال مَنْ خدمَ البلادَ أَجلَّ من أجْرِ الشهيدِ

الساعة الثالثة

أنا ساعةُ الرّجل الصَّبور أنا ساعةُ القلبِ الكبيرِ

رمزُ  الثَّباتِ  إلى  النهاية في الخـطيرِ  من  الأُمور

بطَلي أشدّ  على لقـاءِ الموتِ من  صُمِّ  الصّخورِ

جذلان يرتقبُ الردى فاعجبْ لموتٍ في سرورِ

يَلْقى  الإله  ( مُخَضَّبَ الكفَّيْن )  في  يومِ  النّشورِ

صَبْرُ الشبابِ على المصابِ  وديعتي  ملءُ الصّدورِ

أنْذرتُ أعـداءَ البـلادِ بشـرّ ِ يومٍ  مُستطـيرٍ

قسماً   بروحك  يا   ( عطاء )  وجنَّةِ الملِكِ القديرِ

وصغارِكَ  الأشبالِ  تبكي  اللَّيثَ  بالدّمعِ  الغزيرِ

ما أنقذَ الوطنَ المفدَّى غيرُ صبَّارٍ جَسورٍ

الخاتمة

الأبطال الثلاثة

أجسادهُم في تربة الأَوطانِ

 أرواحُهُم في جنَّةِ الرّضْوانِ

وهناكَ لا شكوى من الطغيانِ

وهناك فيْضُ العفْوِ والغفرانِ

لا ترْجُ عفواً من سواهْ هو الإلهْ

وهوَ الذي ملكَتْ يداهْ كلَّ جاهْ

جَبَرُوتُه فوقُ الذين يغرّهْم

 جَبَرُوتُهمْ في برِّهمْ والأَبحرِ

***

وكان الإنجليز في أعقاب ثورة البراق وأحداث العام 1929، شكلوا محكمة عسكرية، وذلك بدعوى محاكمة العرب واليهود الذين اشتركوا في الأحداث، وأصدرت حكماً بإعدام ثلاثة من الفلسطينيين هم: محمد جمجوم، فؤاد حجازي، وعطا الزير. وقال فؤاد حجازي لزائريه: "إذا كان إعدامنا نحن الثلاثة يزعزع شيئاً من كابوس الإنجليز عن الأمة العربية الكريمة، فليحل الإعدام في عشرات الألوف مثلنا كي يزول هذا الكابوس عنا تماماً". وقد نفذ فيهم حكم الإعدام، ولم يكترث الإنجليز بالوساطات العربية لتخفيف حكم الإعدام.

وقال الشهيد فؤاد حجازي في وصيته التي كتبها بخط يده، وبعث بها إلى صحيفة اليرموك يوم 18/6/1930م:

"إذا كان لديَّ ما أقوله وأنا على أبواب الأبديّة فإنِّي أوجز القول قبل أن أقضي :

أخويَّ العزيزين يوسف وأحمد وفَّقكما الله، رجائي إليكما أن تفعلا بما أُوصيكما به، أوصيكما بالتعاضد والمحبَّة الأخوية، والعمل بجدٍّ واجتهاد على مكافحة شقاء الدنيا لإحراز السّبق في مضمار هذه الحياة التي ستقضونها – إن شاء الله – بالعزِّ والهناء.

ورجائي إليك يا يوسف.. يا حبيبي أن تلجأَ إلى الهدوء والسكينة، وأن لا تأتي بعمل تكون عاقبته وخيمة، عليك أن لا تتأثر لمصرع فؤاد، لأنَّ فؤاد لم يخلق إلاّ لهذه الساعة، وله الشرف الأعلى بأن يقضي في سبيل القضية العربية الفلسطينية.

عليك بطاعة والدتك وشقيقك يوسف.

أحمد.. السكينة السكينة، الهدوء الهدوء، ملابسي تحفظ شهراً ثم تُغسل، ممنوع قطعياً تنزيل أي طقم عليَّ سوى اللباس والفنيلّة والكفن داخل تابوت.

البكاء، الشخار، التصويت، هذا ممنوع قطعياً، لأنَّني لم أكن أرضاها في حياتي، خاصة تمزيق الثياب. يجب الزغردة والغناء، واعلموا أن فؤاداً ليس بميت، بل هو عريس ليس إلاَّ.

يجب الاستعلام بواسطة الدلاّل عما إذا كان يوجد لأحد شيء بذمة فؤاد وسداده فوراً، وأعود فأوصيكم بطاعة الوالدة.

إنّ الضريح سيشيّد على نفقة لجنة الإسعاف العربية بالقدس، فلتعمل جنينة عند ضريحي بداربزين على الدّاير.

عليك أن ترفع رأسك بين أقرانك وأنت لا تدع للحزن سبيلاً إلى قلبك، وأن ترتدي دائماً الملابس الجديدة، وأن تحلق يومياً، عليك أن تذهب للنزهة والأفراح كعادتك، بل أكثر.

عليك بالسّهر على مستقبلك، فإذا كان الله قضى بذلك عَلَيَّ فما عليك أنت إلاّ الاطمئنان لحكمه تعالى، إنَّني من جهتي أسامح كل من شهد عَلَيّ، خاصةً سعيد العسكري، وغداً يوم الحشر سأقابله وأطلب حقِّي منه من الله سبحانه وتعالى، وعليك أن لا تضمر لأحد سوءاً، كما أوصيك بطاعة الوالدة واحترامها.

حبيبي أحمد :

أمّا أنت يا أحمد فعليك العناية بدروسك والاجتهاد فيها، وأن لا تجعل القلق يستولي عليك.

تأثَّرت من قولك حين زيارتك لي إنَّك ستأخذ بثأري، فهذا يا حبيبي لا يعنيك أنت لأنَّني لستُ بأخيك وحدك، بل أنا قد أصبحت أخا الأمة العربية، وابن الأمة جمعاء.

يا والدتي :

أُوصيك وصيَّة، والوصية – كما قيل – غالية:

أن لا تذهبي إلى قبري إلاَّ مرَّة في الأسبوع على الأكثر، ولا تجعلي عملك الوحيد الذهاب إلى المقبرة.

إنَّ يوم شنقي يجب أن يكون يوم سرور وابتهاج، وكذلك يجب إقامة الفرح والسرور في يوم 17/6 من كل سنة، إنَّ هذا اليوم يجب أن يكون يوماً تاريخياً تُلقى فيه الخُطب، وتُنشد الأناشيد على ذكرى دمائنا المهراقة في سبيل فلسطين والقضية العربية".

***
......   يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69984
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي Empty
مُساهمةموضوع: رد: شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي   شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي Emptyالأربعاء 15 يوليو 2020, 5:27 am

.....  تابع


دراسة في قصيدة "الثلاثاء الحمراء" لإبراهيم طوقان


وحكمت المحكمة على 800 من العرب بالسجن سنوات مختلفة، أما اليهود فقد اكتفت بالحكم بإعدام يهودي واحد هو خانكيز، وهو شرطي يهودي قتل عائلة عربية كاملة في بيتها في يافا، ولكن الإنجليز خففوا عنه حكم الإعدام إلى السجن لعشر سنوات، قضى بعضها في السجن، ثم أطلق سراحه.

وقام الفلسطينيون بالاحتجاج على حكم المحكمة الجائر والمتحيز لليهود، ثم قاموا بتشكيل لجان إغاثة لتقديم العون والمساعدة لعائلات الشهداء والجرحى.

وقد هز إعدام الشهداء الثلاثة على يد الإنجليز مشاعر الفلسطينيين، في الداخل والخارج، إلا أن الإنجليز لم يأبهوا وأعدموهم. وقال عز الدين القسام عقب إعدامهم في خطبة نارية: "يا أهل حيفا .. يا مسلمون، ألا تعرفون فؤاد حجازي؟ ألم يكن فؤاد حجازي وعطا الزير ومحمد جمجوم إخوانكم؟ ألم يجلسوا معكم في دروس جامع الاستقلال؟ إنهم الآن على المشانق .. حكم عليهم الإنجليز بالإعدام من أجل اليهود".

وتابع القسام قائلاً: "أيها المؤمنون: أين نخوتكم؟ أين إيمانكم؟ وأين هي مروءتكم؟ ... إن الصليبية الغربية الإنجليزية، والصهيونية الفاجرة اليهودية، تريد ذبحكم كما ذبح الهنود الحمر في أميركا، تريد إبادتكم أيها المسلمون، حتى يحتلوا أرضكم من الفرات إلى النيل، ويأخذوا القدس، ويستولوا على المدينة المنورة، ويحرقوا قبر الرسول .. إنهم يريدون اللعب بأمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وتحويلهن إلى خدم لهم وسبايا".

وكان تنفيذ حكم الإعدام بحق الشبان الثلاثة قد بدأ في الساعة الثامنة، حيث نفذ الحكم في الشهيد فؤاد حجازي، وفي التاسعة نفذ في الشهيد عطا الزير، وفي العاشرة نفذ في الشهيد محمد جمجوم، ووصف الشاعر إبراهيم طوقان هذه الساعات الثلاث في قصيدته "الثلاثاء الحمراء".

وإذا كان الحكم البريطاني قاسياً بحق المواطنين العرب، فإن أسباب اندلاع ثورة البراق لم تؤخذ بالحسبان، ما يؤكد أن اليهود قد أشعلوا فتيل المعركة تلك، وأن البريطانيين قد ساعدوهم من خلال إيقاع أحكام قاسية بحق المواطنين العرب، لمنعهم من الإقدام على التصدي لليهود، ومنع أنشطتهم العدائية مستقبلاً.

لقد كانت التظاهرة الضخمة لليهود في 14 آب 1929 في تل أبيب، والتي جاءت لمناسبة ذكرى تدمير ما يسمى "هيكل سليمان" المزعوم، ثم نظموا تظاهرة ثانية في اليوم التالي في شوارع مدينة القدس، وتوجهوا نحو جدار الأقصى الغربي، جدار البراق أو "حائط المبكى" كما يحلو لليهود أن يسموه، وهناك رفعوا العلم الإسرائيلي، وأنشدوا "الهتكفا" (النشيد القومي الصهيوني)، وهاتان التظاهرتان كانتا الشرارة التي أشعلت فتيل ثورة البراق، إذ تجمع المسلمون في اليوم التالي لهذه الحادثة، وكان يوم جمعة وذكرى المولد النبوي الشريف، في باحة المسجد الأقصى المبارك، وساروا بعد الصلاة في تظاهرة كبيرة حطموا خلالها منضدة لليهود على رصيف حائظ البراق، وأحرقوا أوراق الصلوات اليهوية الموضوعة في ثقوب الحائط.

وتوالت الاشتباكات الدموية حتى حصل الانفجار يوم 23 آب/ أغسطس، والذي يعرف تاريخياً بـ "ثورة البراق"، حيث هجم العرب بأعداد كبيرة على اليهود، وتدخل "البوليس" البريطاني بعنف، مستخدماً الأسلحة المختلفة، بما في ذلك الطائرات الحربية، وعاشت فلسطين للمرة الأولى أسبوعاً دموياً بين العرب واليهود، بعدما امتدت الاشتباكات إلى المدن الأخرى والقرى المختلفة.

وكانت نتيجة ذلك عشرات القتلى والجرحى من الجانبين، وسيطر القلق والتوتر على أجواء البلاد، وزاد من أجواء التوتر ذلك المنشور الذي أصدره المندوب السامي الثالث (تشانسلور) في أول أيلول، إثر عودته إلى البلاد من لندن، فهو لم يكن متسرعاً ومنحازاً لليهود فحسب، بل كاذب في افتراءاته على العرب، ووقح جداً في تعابيره.ونقتطع مما جاء في بيانه الذي أعلنه تعليقاً على تلك الأحداث: "عدت من المملكة المتحدة فوجدت بمزيد من الأسى أن البلاد في حالة اضطراب، و أصبحت فريسة لأعمال العنف غير المشروعة، وقد راعني ما عملته من الأعمال الفظيعة التي اقترفتها جماعات من الأشرار سفاكـي الدماء، عديمي الرأفة وأعمال القتل الوحشية التي ارتكبت بحق أفراد الشعب اليهودي، الذين خلوا من وسائل الدفاع بقطع النظر عن عمرهم، وعما إذا كانوا ذكوراً أو إناثاً، والتي صحبتها كما وقع في الخليل أعمال همجية لا توصف، وحرق للمزارع والمنازل في المدن وفي القرى، ونهب وتدمير الأملاك. إن هذه الجرائم أنزلت على فاعليها لعنات جميع الشعوب المتمدنة في أنحاء العالم قاطبة، فواجبي الأول أن أعيد  النظام إلى نصابه في البلاد، و أوقع القصاص الصارم بأولئك الذين سوف يثبت عليهم أنهم ارتكبوا أعمال عنف وستتخذ جميع التدابير الضرورية لإنجاز هاتين الغايتين".

لقد كانت ثورة البراق مفصلاً مهماً في تاريخ النضال الفلسطيني، أثبتت عدوانية اليهود ونواياهم المبيتة لأرض فلسطين وشعبها، كما كانت وصمة دامغة في تاريخ القضاء البريطاني، ولعل التضحية بالذات في سبيل المجموع قد تجلت بأنصع صورها من خلال تسابق الشهداء الثلاثة إلى حبل المشنقة، حيث أراد كل واحد منهم أن يسبق زميليه إلى الحبل الرهيب، في محاولة لإيصال رسالة واضحة إلى الجلاد البريطاني، وقد وصلت الرسالة بالفعل.

 وفي هذا الصدد، تصف فدوى طوقان اليوم الذي تم فيه تنفيذ حكم الإعدام بالقول: "وفي نهاية الثلاثاء السابع عشر من حزيران من عام 1930، كان التكبير على المآذن وقرع النواقيس في الكنائس يتجاوب صداها في أرجاء فلسطين قاطبة، إذ في ذلك النهار نفذ حكم الإعدام بالشهداء الثلاثة، في ثلاث ساعات متوالية، فكان أولهم فؤاد حجازي، و ثانيهم محمد جمجوم، و ثالثهم عطا الزير، وكان من المقرر رسمياً أن يكون الشهيد عطا الزير ثانيهم، ولكن جمجوم حطم قيده و زاحم رفيقه على الدور حتى فاز ببغيته".

وهنا يأخذ الشاعر ريشته ليصور هذا اليوم المخضب بالدماء، وليسجل في سفر الشعر الوطني الخالد مصارع أولئك الشهداء فتكون قصيدة إبراهيم طوقان “الثلاثاء الحمراء".

"وفي الحفلة السنوية لمدرسة النجاح بمدينة نابلس، ولم يكن قد مضى على تنفيذ حكم الإعدام سوى عشرة أيام، ألقى الشاعر إبراهيم طوقان قصيدته أمام الجمهور الذي كان ما يزال مستفـزاً ومستثاراً، وعواطفه،لم تبرد بعد، وما أن ألقى الشاعر قصيدته حتى فقد السامعون كل رباطة جأش وكل هدوء، فكأنما خرج الناس من لحومهم ودمائهم، فما أن انتهى الشاعر من إلقاء قصيدته حتى كان بكاء الناس ونشيجهم يملأ ساحة المدرسة، ثم اندفعوا خارج المدرسة في تظاهرة شديدة وعارمة، حتى قيل يومها "لو أن إبراهيم ألقى قصيدته في بلد فيها يهود لوقع ما لا يحمد عقباه".

***

ظلّت فلسطين ميداناً للصراع بين الغزاة اليهود والمواطنين الفلسطينيين الأصليين، أهل البلاد، وتصاعدت المواجهات حتى وصلت أوجها في العام 1929 إثر ثورة البراق، وكان البريطانيون يحكمون البلاد وينحازون لصالح اليهود في التحكيم، إضماراً لتحقيق تصريح وزير خارجّيتهم بلفور في العام 1917.

لقد شهدت مدينة حيفا أنموذجاً للتجني البريطاني السافر على العرب إثر أحداث العام 1929 "التي كان اليهود سببها، فقد أذاعت وكالة الأنباء (رويتر)، في السابع والعشرين من شهر كانون الثاني (نوفمبر) العام 1929م، أن محكمة حيفا أدانت تسعة من العرب، فحكمت عليهم بالإعدام، وحكمت على اثنين بالسجن خمسة عشر عاماً لكل واحد منهما، لاتهامهم بقتل أسرة يهودية.

كما نُفّذ حكم الإعدام فوراً في ثلاثة من شبان فلسطين هم: فؤاد حجازي وعطا أحمد الزير ومحمد خليل أبو جمجوم. ونفذ فيهم الحكم صباح يوم الثلاثاء، السابع عشر من شهر حزيران - يونيو) العام 1930م(#)، حيث كان يوماً مشهوداً، انفجرت فيه العبرات وغلى الحقد في الصدور، لقد تصاعدت أصوات المآذن تستنزل الرحمات.. وقرعت نواقيس الحزن في الكنائس.. وولولت النساء.. وتصاعد عويلهن في البيوت.. وتساقطت الدموع غزيرة من مآقي الرجال المجتمعين في الجوامع والمعابد.. وأنشدت الجماهير نشيد: "يا ظلام السجن خيّم" وقد خيمت روعة الموت..(#)، كما نشرت ذلك جريدة الزهور التي كانت تصدر في حيفا، بعددها رقم     (19) من حزيران العام 1930.

وكان تنفيذ حكم الإعدام بحق الشبّان الثلاثة قد بدأ في الساعة الثامنة، حيث نُفذ الحكم في الشهيد فؤاد حجازي، وفي الساعة التاسعة نفذ في الشهيد عطا أحمد الزير، وفي الساعة العاشرة نفذ في الشهيد محمد جمجوم. وقد وصف الشاعر إبراهيم طوقان هذه الساعات الثلاث في قصيدته: "الثلاثاء الحمراء" التي سأقوم بتحليلها والتوقف عندها؛ لما تمثله من قيم تاريخية وفنية وسياسية وتحريضية وفكرية مجتمعة مع القيمة الإبداعية التجديدية في النظم والموسيقى معاً.

وإذا كان الحكم البريطاني قاسياً بحق المواطنين العرب، فإنّ أسباب اندلاع ثورة البراق لم تؤخذ بالحسبان، الأمر الذي يؤكد أن اليهود قد أشعلوا فتيل المعركة تلك، وأن البريطانيين قد ساعدوهم من خلال إيقاع أحكام قاسية بحق المواطنين العرب لمنعهم من الإقدام على التصدي لليهود ومنع أنشطتهم العدائية مستقبلاً.

لقد كانت المظاهرة الضخمة لليهود في 14 آب 1929 في تل أبيب، والتي جاءت بمناسبة ذكرى تدمير هيكل سليمان المزعوم، ثم نظموا مظاهرة ثانية في اليوم التالي في شوارع مدينة القدس وتوجهوا نحو جدار الأقصى الغربي، جدار البراق أو ما شاع اسمه بحائط المبكى، وهناك رفعوا العلم الصهيوني وأنشدوا الهتكفا؛ (النشيد القومي الصهيوني)، وهاتان المظاهرتان كانتا الشرارة التي أشعلت فتيل ثورة البراق، إذ تجمع المسلمون في اليوم التالي لهذه الحادثة - وكان يوم جمعة ويوم ذكرى المولد النبوي الشريف - في باحة المسجد الأقصى المبارك، وساروا بعد صلاة الجمعة في مظاهرة كبيرة حطموا خلالها منضدة لليهود على رصيف حائط البراق "المبكى"، وأحرقوا أوراق الصلوات اليهودية الموضوعة في ثقوب الحائط. وتوالت الاشتباكات الدموية حتى حصل الانفجار يوم 23 آب، والذي يعرف تاريخياً بـ "ثورة البراق"، حيث هجم العرب بأعداد كبيرة على اليهود وتدخل البوليس البريطاني بعنف، مستخدماً الأسلحة المختلفة والطائرات الحربية للإرهاب، وعاشت فلسطين للمرة الأولى أسبوعاً دموياً بين العرب واليهود، بعدما امتدت الاشتباكات إلى المدن الأخرى والقرى المختلفة. وكانت نتيجة ذلك عشرات القتلى والجرحى من الجانبين وسيطر القلق والتوتر على أجواء البلاد "وزاد من أجواء التوترذلك المنشور الذي أصدره المندوب السامي الثالث (تشانسلور) في أول أيلول، إثر عودته إلى البلاد من لندن، فهو لم يكن متسرعاً منحازاً لليهود فقط، في منشوره، وإنّما كان كاذباً في افتراءاته على العرب ووقحاً جدا في تعابيره."(#).

لقد كانت ثورة البراق مفصلاً مهماً في تاريخ النضال الفلسطيني، أثبت عدوانية اليهود ونواياهم المبيّتة لأرض فلسطين وشعبها، كما كانت وصمة دامغة في تاريخ القضاء البريطاني. ولعلّ التضحية بالذات في سبيل المجموع، قد تجلّت بأنصع صورها من خلال تسابق الشهداء الثلاثة إلى حبل المشنقة، حيث أراد كل شهيد منهم أن يسبق زميليه إلى الحبل الرهيب في محاولة لإيصال رسالة واضحة إلى الجلاد البريطاني، وقد وصلت الرسالة بالفعل.

الثلاثاء الحمراء:

من هنا كان عمق الحدث وفجاعته الدموية القاهرة محفزاً للمبدعين، ودفعهم إلى التأريخ إبداعياً، فكان أن دخلت إلى السجل الشعري التثويري قصيدة "الثلاثاء الحمراء" للشاعر إبراهيم طوقان، ذات العمق الفني والتنويع الموسيقي والبعد التثويري المتوافر بين كلماتها، إذ "إنّ الروائع الأدبية التي يقدرها الناس، والتي تملك القدرة على الاستمرار في التاريخ، إنما هي تلك التي تعكس خصائص فترة من الزمن، وشعب بعينه، دون أن تغفل تراث هذا الشعب، وهي بذلك تساهم بشكلٍ خلاق في إغناء الثقافة الإنسانية بما هو عام ومتميز."(#)

لقد أصبحت قصيدة "الثلاثاء الحمراء" عنوانا وطنياً ونضالياً للشعب الفلسطيني يشير بوضوح ودلالة إلى مرحلة تاريخية ذات أثر مهم في التضحية والمقاومة. لذلك فإنّها تحتل حيّزاً لافتاً من مساحة الشعر الفلسطيني المقاوم ذي القيمة الفنية والنضالية والتاريخية، وهي تشكل محطة إبداعية من محطات التطور الشعري لدى إبراهيم طوقان(#)، ولأن التركيز على قصيدة بعينها، أو مقاطع معينة، ترجع أهميتها إلى كونها نقطة مركزية في النص الشعري، يخدم البنية الدلالية لكل قصيدة أو البنية الكلية للديوان(#)، فإن أهمية إفراد حيّز خاص لقصيدة "الثلاثاء الحمراء" ودراستها هنا، تظهر بوضوح.

وإذا كانت القصيدة، بتركيباتها المتوحدة عضوياً والمتباعدة نفسياً، تنتج عن حالة إبداعية-نفسية معينة لدى الشاعر، فإنها تفعل فعلها التأثيري في جمهور المستمعين والقراء، فتحقق غايتها التثويرية إذا ما نبعت من موهبة خصبة وإبداع فيّاض كما هو الحال عند إبراهيم طوقان، حيث ألهبت قصيدة "الثلاثاء الحمراء" جماهير الشعب، وأثارت غضبهم وأحقادهم، فخرجوا في مظاهرة نددت بأعمال سلطات الانتداب واستنكرت الإعدام، وذلك بعدما ألقى إبراهيم طوقان قصيدته في مدرسة النجاح بنابلس.(#)

وإذا كان للموت قوانينه الخاصة به فإنه، أيضاً، إرادة بشرية تدخل ضمن الإرادة الإلهية. والموت يبدو ضمن دائرة أكبر منه، وهي الزمن نفسه، فالزمن والموت نهائيان ليس بالمعنى الديني، أما التاريخ فهو الوسيط بينهما، فالتاريخ يقع بين الزمن وفواصله، والموت وقوانينه.

لقد أدرك الشاعر إبراهيم طوقان بعمق معنى الزمن ومعنى الموت ومعنى التاريخ في قصيدة "الثلاثاء الحمراء"، كما أدرك الهارموني الكوني الذي ينظم هذه القوى الثلاث. إنّه يشعر بالزمان واللازمان في وقت واحد، على حدّ تعبير ت. س. اليوت، والحس التاريخي هذا واضح جداً لدى إبراهيم طوقان. وفي قصيدة "الثلاثاء الحمراء" التقت قوى الزمن والتاريخ والموت، فانسجم إيقاع هذه القوى الكونية الثلاث مع إيقاع القصيدة، لذلك فإنها تتميز عن غيرها من قصائد ديوان إبراهيم، وتتكون ميزة هذه القصيدة من الشكل والموسيقى (الإيقاع والقافية).

إنّ شكل القصيدة وبناءها الداخلي، ينسجم مع مطلقيّة الموت والزمن داخل بناء فسيفسائي يعتمد التنويع الداخلي، داخل إطار محدد من قافية متكررة تحكم القصيدة كلها. إن حروف الروي في مقدمة القصيدة تُشكل كلمة "سَفَرْ"، أما حروف روي الساعات الثلاث، فتشكل كلمة "هَدَر"، كما تشكل حروف روي الخاتمة كلمة "نَهَرْ" وواضح هنا أن اعتماد هذه الحروف بالذات، دون غيرها، كان متقصداً من قبل الشاعر، لما يعنيه اجتماعها معاً في كلمات من دلالات نفسية وإيحاءات، قصدها الشاعر من هذا التركيب الإبداعي.

وتفصيل ذلك، الآتي:

مقدمة القصيدة: تبدأ المقدمة ببحر الكامل، وحرف الروي هو "السين"، ثم تنتقل إلى مشطور الكامل، وحرف الروي هو "الفاء"، ثم يعود إلى بحر الكامل، وحرف الروي هو "الراء"، ويظل ينتقل من بحر الكامل إلى مشطوره مع تغيير حرف الروي، إلا أن هناك حرف روي أساسيا يتكرر وهو حرف "الراء".

الساعات الثلاث: تبدأ الساعة الأولى مستعملة بحر المتقارب وحرف الروي "الهاء"، وتبدأ الساعة الثانية مستعملة البحر نفسه وحرف الروي هو "الدال". أما الساعة الثالثة، فتستعمل البحر نفسه ويتغير فيها حرف الروي فقط، ليكون "الراء".

الخاتمة: تعود إلى بحر الكامل مع حرف روي هو "النون"، ثم إلى مشطور الكامل، وحرف روي هو "الهاء"، وأخيراً، تعود إلى بحر الكامل، وحرف الروي الأساس وهو "الراء"، وتشكل حركة القصيدة بهذا دائرة مقفلة، لا نهائية، مع وجود تنويعات داخل الدائرة.

والدائرة،وإن كانت دون بداية أو نهاية، فإنها ترمز إلى الكون، والأرض، والنهائية، والقلب، والمرأة، والقمر، الخ.. وهي رمز ديني في أكثر ديانات الشرق، كما أنها رمز سحري، أيضاً. وهي، كذلك، وحدة هندسية قابلة للتقسيم، وإذا تكررت هذه الوحدة، فإنها تمنحنا الشعور بالانعزال.

إنّ تعدد القافية وحرف الروي داخل القصيدة يشبه تماماً الزخرفة الإسلامية التي تعتمد الإبهار البصري ولا نهائية الوحدة الهندسية داخل أطر مغلقة.

وحرف "الراء" الذي يتكرر من البداية إلى النهاية، هو الإطار الذي تجري داخله الأحداث جميعها، وهو الإيقاع الكوني لكلمة "الدهر" أو "العصر"، أو الإيقاع الخفي داخل نفس الشاعر لكلمة "المتكبر" أو "المدبر"، وهما من أسماء الله الحسنى. إذ لا يمكن أمام الموت إلا أن يكون "المطلق" حاضراً ومهيمناً. فلقد وقف الشاعر أمام الموت الفاجع وغير المبرر والقمعي الوحشي، كما وقف أمام التاريخ المزري وحقائقه المخجلة، فلم يجد غير البحث عن مطلقيةٍ تقدم له الجواب الشافي، أو تضع تساؤله ضمن معادلات تستكين النفس إليها. وإذا كان الزمن والتاريخ نهائيين، فإن المطلق يحتويهما ويضعهما في إطارهما الصحيح. والشاعر هنا مدرك لطبيعة حركة الزمن داخل حركة التاريخ، ومدرك لطبيعة حركتهما داخل مطلق آخر، أيضاً، ولهذا فهو يصرخ في آخر بيت من القصيدة بإدراكه هذا بقوله:

"جبروته فوق الذي يغرّهم             جبروتهم في برّهم والأبحرِ"

فقد استعمل كلمة "جبروت" وهي من "الجبار" و"المتجبر" وهي تضاف إلى ما سبق ذكره من "المتكبر" و"المدبر". وعلى ذلك فإن حرف "الراء" المتكرر، تعبير عن إحساسه بمطلقه الذي لا يتأثر بكل ما يجري من أحداث، أي أن الشاعر يحتمي بحرف "الراء" وما يمثله من تداعيات أمام الطغيان والظلم؛ ظلم الزمان وعسف التاريخ. وفي هذا الأمر تأكيد على قوة العاطفة الدينية لدى الشاعر الذي كان يعود إلى القرآن الكريم كلما حلت به مصيبة أو كربة، وفي هذه القصيدة جاءت العودة إلى الله الخالق-المتجبر، فنيةً، ذكيةً وغيرَ مباشرة.

إنّ العالم النفسي للقصيدة واضح جداً، فالمطلق يحاصرنا ويؤطرنا ويجعل من الظلم الأرضي مادة للعقاب في السماء، وأن جبروت أهل السماء سيسحق جبروت أهل الأرض، وأن هؤلاء الشهداء "سرقوا" أو "احتلوا" أو "عانقوا" ساعات ثلاث من عمر "التاريخ" ومن "سجل الزمن". وهي وإن كانت ساعات مهمة في عمر الشعب والقضية، إلا أنها تبقى ساعات ثلاث فقط، في حين يتكون التاريخ من أيام وأشهر وسنين. فالساعة الأولى هي "بكر ساعات ثلاث كلها رمز الحمية"، أما الساعة الثانية، فهي "ساعة الموت المشرف" والساعة الثالثة، هي "رمز الثبات".

الصورة الشعرية هنا لا تجديد فيها أبداً، والمعاني التي ساقها، هنا، مكررة ومستهلكة، وربما جاء استنطاق الساعات بجديدٍ هنا، وهو تقليد لشعراء التيار الرومانسي. إلا أن التجديد يتمثل في تغيير القافية، هرباً من تقاليد البيت في القصيدة الكلاسيكية وانفلاتاً من إسار القصيدة المركزية المكثفة، وفي هذا الجانب يعتبر الشاعر مجدداً من ناحيتي الشكل والأسلوب.

لقد استطاع الشاعر التعبير عن المطلق الذي يؤطر حركتي الزمن والتاريخ، والإرادة البشرية، من خلال الصراخ العالي الفني الذي انتقى له كلمات رفيعة داخل إيقاع موسيقي خطابي. فبحر الكامل ذو الموسيقى الصاخبة والنبرة العالية يناسب حديثاً عن حركتي الزمن والتاريخ.

وتقف الحكمة على جانب مهم من القصيدة. فنحن أمام سجل حافل، ولا بد من وقفات تعيننا على فهم هذا السجل، لذلك فإن الشاعر يقف بعد كل "حركة" ليقرر حكمة هامة، أو "ليبكي" أو "ليرثي"، وكأن هذا صوت "الكورس" الإغريقي القديم الذي يرثي البطل أو يقدم للحدث أو يعلق عليه. والشاعر هنا يقف بعد كل مقولة من مقولات الأيام ليبكي.

وعندما تحدث الشاعر عن "الساعات" واجه الحركة بأشد توتر لها، فانتقلت الساعات من كونها "زماناً" عادياً إلى "زمان" غير عادي، ولجأ إلى بحر الحركة والتوتر والكثافة، فالبحر المتقارب يناسب التوتر والحضور والسخونة.

ولكن، لماذا تكلم الشاعر على لسان "الساعات" وليس على لسان "الإنسان"؟

لقد نظر إلى الزمان، بمجمله، نظرة شمولية داخل المطلق الذي يؤمن به، ولهذا فقد رأى أن الساعات الثلاث جزء صغير من هذا الزمن الممتد المضطرب المحكوم بقوانين الموت.

"والموت في أخذ الكلام ورده  فخذ الحياة عن الطريق الأقصرِ"

وإذا كانت النظرة الشمولية هذه ليست مبتكرة، فإن الشاعر قد وقف أمام الشهادة (التي تعني الموت في النهاية) ووضعها في إطار من القضية الوطنية جعله يستحضر التاريخ والمطلق ليفسر هذه الحدة وعدم المعقولية، فجاءت القصيدة ذات بناء خاص، وموسيقى خاصة، لتصبح معادلاً موضوعياً أو بناءً هندسياً ذا قوانين خاصة تناسب رؤيته لحركتي الزمان والتاريخ والإرادة البشرية المؤطرة، دائماً وأبداً، بالمطلق الإلهي.

الشكل الفني:

بعد الدخول إلى مناخ الثلاثاء الحمراء النفسي، والبحث عن الدافعية الإيمانية (المطلق القادر) فيها، أعود إلى الشكل الفني الذي اختار له الشاعر حروفاً بعينها ليبني من خلالها ما أراد.

تتكون القصيدة (المقدمة) من ثمانية مقاطع، لكل مقطع منها بنية واحدة تمثلها المعادلة (س س س س/ ص ص ص ص/ ر) وبالتالي، فإنها تشكل ثماني وحدات مربوطة معاً، بعنصرين: الأول-البنية المشتركة (المعادلة)، والثاني-الراء التي تشكل دقة تقع في نهاية كل معادلة. وداخل هذه المعادلة تحدث متغيرات، حيث أن (س) و (ص) قابلة لقيم مختلفة تظهر هنا في شكل أحرف مختلفة. وهذه القيم المختلفة يتكون كل منها من مقطعين آخرين تجمع كل واحد منهما قيمة واحدة. المقطع الأول من بيتين على البحر الكامل، والمقطع الثاني من بيت على البحر نفسه.

س س س س (لما تعرض نجمك المنحوس/ وترنحت بعرى الجبال رؤوس/ ناح الأذان وأعول الناقوس، فالليل أكدر والنهار عبوس)- المقطع الأول.

ص ص ص ص  (طفقت تثور عواصف/ وعواطف/ والموت حيناً طائف/ أو خاطف) المقطع الثاني.

وبالتالي فإن كل مقطع يتكون من ثلاث وحدات يساوي س ص ر.

س: عبارة عن أربعة أحرف تساوي قافية واحدة. إذن يوجد في القصيدة ثماني قيم لـِ (س).

ص: لها، أيضاً، ثماني قيم بالطريقة نفسها، بينما لها قيمة واحدة فقط، لأن الحرف هو نفسه.

المقطعان س، ص معاً يشكلان 16 قيمة، أي ستة عشر متغيراً، مما يسمح بإعطاء ديناميكية مكونة من س، ص كوحدة واحدة مضموناً. ولكن كيف تكون العلاقة بين الشكل والمحتوى؟ وكيف تظهر حركة المضمون في وحدة وصراع الشكل والمحتوى الذي يقود إلى التطور الدرامي؟

إن س، ص مختلفان، ولكن هذا الاختلاف يتكرر في طول القصيدة (أي المقاطع الثمانية) بحيث يتكون ثمانية اختلافات، ولكن في الوقت نفسه، هناك ثمانية تشابهات. في داخل كل مقطع يوجد اختلافان وثمانية تشابهات. ولو قارنا هذه الديناميكية (أي وحدة الاختلاف والتشابه) لفوجئنا، بالدرجة الأولى، بثبات الراء، بمعنى آخر، بالصراع داخل س، ص عبر تناقضهما وعبر تشابههما، وفي صراعهما معاً مع الراء، بحيث يبدو، كنتيجة، أن الصراع ينتهي باستمرار بنهاية واحدة هي الراء، وهذه النهاية في أول أربعة مقاطع تُختتم باستمرار بمأساة، مما ينتج في النهاية إحساسا بثورة تنتهي باستمرار بالنتيجة نفسها، التي هي مأساة أو موت.

أما المقاطع المتبقية، فهي أربع نصائح أو حكم، ما ينتج مرة أخرى صراعاً مكثفا بين أول أربعة (راء) وآخر أربعة، حيث أن آخر أربعة (راء) هي عبرة مكثفة من التجربة تستهدف تغيير النتيجة في القسم الأول.

إنّ البنية الداخلية الفيزيائية للمقاطع بنية متحركة تماما بما يسمح بتحرك المحتوى، أي بما يسمح بالتعبير عن تنامي الصراع نفسه ممثلاً بأول أربعة (راء) تنتهي بالمعادلة نفسها، بينما فيها أربع تجارب تاريخية، الأولى "الثلاثاء الحمراء"، والثانية محاكم التفتيش، والثالثة العبودية الرأسمالية، والرابعة جمال باشا السفاح، وتنتهي باستمرار بالمأساة نفسها، ما يعني أن الراء هي تكرار لنتيجة المحتوى، وليست مجرد تكرار لحرف. وعلى ذلك، فإنه بمقدار ما لا تسمح به هذه البنية بعرض الصراع، أي بعرض المحتوى، بمقدار ما يكون هنالك انفصال بين الشكل والمحتوى الفنييّن.

الموسيقى:

بما أن الموسيقى ترتيب معين للأصوات، فإنّ الموسيقى الفيزيائية - التي تسمى أحيانا بالجرس- هي ترتيب معين للأصوات داخل القصيدة. وبما أن الكلمات تتكون من أصوات، فإنها تحمل في داخلها ترتيباً معيناً، والموسيقى الفنية ليست في انعدام الترتيب، لأن الموسيقى السيئة جداً هي، أيضاً، ترتيب، بل في الشكل العيني الملموس لهذا الترتيب ومدى نجاحه، أولا: كموسيقى، بصرف النظر عن المعايير التي تحدد ذلك. وثانياً: كموسيقى تخدم المحتوى، أي أنها موسيقى المحتوى، أو المحتوى الذي صار موسيقى، والموسيقى التي صارت محتوى.

وفي الحالة الأخيرة فقط، بإمكاننا أن نتكلم عن الموسيقى الشعرية، أي عن وحدة الموسيقى، كشكل في المضمون.

إنّ تكرار الأحرف، والواقع الناتج عن هذا التكرار، هو أول مقدمة أو جزء من الموسيقى الكلية، فمثلاً: س هي (كموسيقى وليست كقافية) عبارة عن أربعة أصوات ذات متغير واحد تختتم أربعة مقاطع موسيقية.

والأمر نفسه بالنسبة لـ (ص) و (راء). وكل معادلة هي تكرار للمعادلة الأخرى، ما ينتج، أيضاً، وقعاً معيناً متشابها هو، في نهاية الأمر، تعبير عن وقع المضمون، أي وحدة الحديث.

....  يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69984
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي Empty
مُساهمةموضوع: رد: شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي   شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي Emptyالأربعاء 15 يوليو 2020, 5:29 am

.....  تابع


دراسة في قصيدة "الثلاثاء الحمراء" لإبراهيم طوقان


ومن ناحية أخرى، فإن هذه الأحرف التي تشكل الأصوات محكومة بوقعٍ أساسيٍ آخر هو ترتيب الأصوات الثابتة والمتحركة بنظام معين، يظهر في النهاية كتفعيلة. ووحدة التفعيلات تشكل س، ص، ر. وهذه اكثر بعداً واختفاءً من وقع الأصوات المباشرة ككل (عدد الأحرف العربية وأصواتها) ووحدة التفعيلة تظهر في البيت. والواقع أن المقطع جميعه، مقسم إلى الفقرات التالية:

أولا: س  بيتان على البحر الكامل.

ثانيا: ص         بيتان على البحر الكامل.

وهي تكوّن نصف المقطع، وعلى ذلك فإن نصف الصراع يجري في س.

والمسألة الأكثر دقة هي ص، إذ أنها مقسمة إلى أربعة ص، أي بحجم س، بالرغم من أنها تشكل نصف س، مما يعني حركية موسيقية تضاهي من الناحية الدرامية قوة س مضاعفة ما يسمح رياضياً بالقول: إن ص تربيع يساوي س، مما يظهر كثافة الصراع في ص.

وبعد ذلك مباشرة يأتي الربع الأخير الذي هو في الواقع ثُمن س من ناحية القافية، ولكنه يساوي الربع من ناحية بطء الوقع، ما يعني أننا نصل القمة الدرامية في ص ونهبط (الخاتمة) في راء.

من هنا، يكتسب تحليل ص أهميةً، لأنه تحليل  للقمة الدرامية، فمن ناحية الوقع يساوي سرعة القافية، وبالتالي الموسيقى، لأن التفعيلة تقسم على أساس القافية. مثلاً: في ص نرى الفصل بين بيت واحد (ست تفعيلات) يصل إلى أربع وحدات: تفعيلتان وحدهما تشكلان وحدتين، والبقية وحدتين، ما يزيد، أيضاً، من سرعة الوقع الموسيقي. بهذا الفهم نرى أن سرعة الوقع تصل القمة في ص، وترجع إلى حركة بطيئة جدا في راء.

ولفهم علاقة هذه السرعة بالمحتوى، أشير إلى التناقض الداخلي الأساسي بينهما: ص في المقطع الأول هي:

طفقت تثور عواصف                 وعواطف

والموت حيناً طائف                  أو خاطف

وبالتالي، فجوهرهما هو الموت والغليان، ما يجعل المحتوى يتصاعد مع سرعة الوقع، بحيث نستطيع القول: إن سرعة الموسيقى هي تعبير، أو شكل آخر، عن سرعة الموت والغليان أو الثورة العاطفية، ما يجعل الشحنة العاطفية تسير باتجاهٍ دراميٍ واحدٍ، بينما العكس تماماً يحدث في ص6 وهو:

حمل البريد مفصلاً   ما أجملا

هلا اكتفيت توسلاً  وتسولا

حيث تبدو السخرية في التساؤل، كما يظهر ذلك مثلاً في التسوّل والتوسل، ما يجعل الوقع الموسيقي يزيد من حدة السخرية في الحقيقة، وليس في المأساة، وبهذا تتضح الصلة الداخلية بين الموسيقى والمحتوى.

التجديد والتقليد:

تطرح البنية الفيزيائية للمقدمة من الناحية الفنية سؤالاً حول الإبداع: ما هو التقليد وما هو التجديد في هذه البنية؟

في س يوجد بحر كامل بصدر وعجز ينتهي بـ (س)، وهذه بنية ليست جديدة في تاريخ الأدب العربي الكلاسيكي، والأمر نفسه يقال بالنسبة لتركيبة ص، ر. ولكن التجديد يكمن في ترتيب المعادلة بهذا الشكل وتكرارها ثماني مرات، رغم أن هذا التكرار في بنية فيزيائية محددة، بحد ذاته ليس جديدا، أيضاً، فالجديد إذن هو تكرار البنية الجديدة على وجه التحديد، مما يعني أن البنية الفيزيائية للشكل الفني تشكل طفرة بالنسبة لأشعار طوقان ككل.

الصورة الشعرية:

تدخل الصورة الشعرية ضمن البنية الفيزيائية للشكل الفني باعتباره نقل المحتوى المجرد إلى مستوى المحسوسات، تماماً كما أن قوانين الرياضيات التي تتحكم في دار معينة، تترجم نفسها في نهاية المطاف كصورة معينة للدار.

من الملاحظ أن "الثلاثاء الحمراء" قصيدة ذهنية، بحيث أن أقوى صورة ملموسة فيها هي المقطع الأول، وإن كانت تفتقر إلى حد كبير للّون، بحيث يمكن القول.. إنها صورة بالأبيض والأسود فقط. ولكنها تستعمل الصوت بشكل محسوس، وتحديداً في قوله:

"ناح الأذان وأعول الناقوس"

وهي مستمدة من الأحداث الفعلية(#)، لذلك فإن استعمال الصوت واللون والصورة بهذه الندرة، يلقي بالعبء الأساسي، في التعبير عن المضمون، على البنية الفيزيائية للقصيدة.

في المقطع الأول يبرز الصوت واللون كمكونين مركزيين للصورة الشعرية، أما في المقطع الثاني فإنه يلجأ إلى الصوت والتشخيص، أي تحويل الزمن إلى شخص بإعطائه صفات الإنسان، ولكنه لا يوضح معالم هذا الإنسان، ما يجعل الصورة باهتة غير محددة. في حين يشخّص محمود درويش التاريخ تشخيصاً واضحا، بقوله:

"أرى التاريخ في هيئة شخص   يلعب النرد ويمتص النجوم"(#)

حيث نرى لعبة النرد واليدين والشيخوخة وحركة الفم والنجوم في داخله.

ويبقى الصوت هو الأداة المركزية في شكل حوار بين تشخيصّين ليومين تاريخيين بانعدام الوضوح نفسه. وما يقال عن المقطع الثاني، يصدق على المقطع الثالث مع اختلافات قليلة، لا تسمح بالإحساس بصعودٍ أو هبوطٍ في الصورة. أي أن عدم استعمال هذا الجزء الأساس من البنية الفنية (الصورة) يجعل القصيدة (المقدمة) مقدمةً ذهنيةً. والفكر المجرد، إلى حدٍ معين، هو ما يشكل جوهر الأسلوب الفني في جانبه الشكلي.

الأسلوب الفني:

ليس المقصود بالأسلوب الفني الحرفيات التكنيكية، بل العقائدية التي تحكم العمل الفني ككل. وبهذا الفهم تكون الحرفيات التكنيكية، بما فيها الجزء الفيزيائي من الشكل الفني، محكومة بالأسلوب، والأسلوب بالعقائدية، ما يوصلنا في النتيجة إلى المضمون، وخلال ذلك سوف نرى البنية الاجتماعية للشكل الفني.

تبرز العقائدية بأصفى أشكالها عند إبراهيم طوقان في النبوءة التاريخية التي يتميز بها شعره/ الموقف العدائي الجذري من بريطانيا واليهود والأنظمة العربية والطبقة الحاكمة. ويؤخذ على الشاعر هنا بروز انكسار حاد في زاوية الرؤيا أحياناً، في شعره بشكل عام، فتارة نجد المدائح لذات الفئات الإقطاعية والأنظمة العربية إلى جانب الموقف العدائي الجذري منها(#)، ويمتد هذا الحكم إلى قصائد الرثاء عنده، أيضاً.

وإذا ما قارنا طوقان بعبد الرحيم محمود، فإننا نجد أن الانكسار نفسه موجود في الرؤيا، فمن النبوءة والموقف مع الطبقة العاملة إلى قوله "نجم السعود".. حيث نجد في القصيدة ذاتها التناقض أو الانكسار، ما يسمح بالاستنتاج أن هذا الانكسار كان يشكل في الحقيقة الحدود التاريخية للرؤيا عند الأغلبية الساحقة من الشعب الفلسطيني. لكن إبراهيم طوقان يبصر إلى مسافة أبعد من عبد الرحيم محمود، وذلك يعود إلى تميز إبراهيم ثقافيا وفنياً.

إنّ الرؤيا، أو العقائدية، التي تحكم "الثلاثاء الحمراء" هي العقائدية نفسها التي تحكم البقية من قصائده، ولكن كون عملية الإعدام وارتباطها بالثورة ككل ترتبط بهذا الجانب غير المنكسر من رؤياه، فإنّ ذلك يعطيها صلابة عقائدية مميزة.

من هذا الاستنتاج، ليس عبثا أن الشكل الفني يتميز بالتجديد، جنباً إلى جنب مع التقليد، وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار كون هذه القصيدة تشكل طفرة في شعر إبراهيم طوقان، فإنّ الجانب التقليدي في رؤياه يظهر في تقليدية كبيرة في الأسلوب، وبالمقابل فإن حدة الرؤيا والنبوءة، والجانب الساخر من شعره واستعماله للسخرية الشعبية، تمثل الجانب الأكثر إضاءة في عقائديته. من هنا تنشق الوحدة بين الأسلوب والمضمون وتتباعد. أي أنه إذا كانت لدي مثل هذه القدرة على التنبؤ، فإن صياغتها والتعبير عنها لا يمكن إلا أن يأتي بأسلوب جديد، إلا إذا كان هنالك شرخ في عقائديته ككل، أي أن التناقض في عقائديته يظهر في التناقض في الرؤيا، وبالتالي في الأسلوب.

وفي معظم قصائده، عامة، يبرز الأسلوب المحافظ، بينما هنا في "الثلاثاء الحمراء" تبرز الرؤيا جنباً إلى جنب مع التجديد، والسؤال هو: ما سرّ الإبداع في هذه القصيدة بالذات؟

إذا تأملنا التجديد عنده ككل، فإنه يبرز أساساً في شكل تجديد في الموضوع، من  قصيدة "بيض الحمائم" إلى "الثلاثاء الحمراء" أو "الفدائي" أو "الشهيد" أو "الحبشي الذبيح".. وهذا يتطلب فهم العقائدية بشكل أعمق من مجرد العقائدية السياسية على وجه التحديد، حيث يبرز مثلاً تجديده في المواضيع وكأنه دليل على عقائديةٍ، ليست بالضرورة سياسية في جوهرها لقصيدتي بيض الحمائم، والحبشي الذبيح. من هنا يمكن تقسيم أشعاره جميعها من ناحية العقائدية فيها إلى:

أولاً: العقائدية الدينية.

ثانياً: العقائدية السياسية.

ثالثاً: العقائدية التي تمتد جذورها إلى الجنس، بالمعنى الفرويدي للكلمة.(#)

ولدى محاولة الدارس ربط هذه (العقائديات) في وحدة واحدة، فإنّه يصطدم بالتناقض بين العقائدية الدينية والعقائدية الجنسية، ما يعني أن عمق التناقض في عقائديته السياسية لا ينفصل عن التناقض بين العقائدية الدينية والجنسية، الأمر الذي يحيط المسألة بنوع من التعقيد والتركيب، ويظهرها على أنها ليست مجرد عجز في الرؤيا، وذلك يسمح بتقديم الفرضية التالية:

إنّ الترابط بين الغريزة الجنسية والأخلاق، ليس بحاجة إلى برهان من منطلق التحليل النفسي ولكن، أيضاً، لا يمكن الفصل بين الأخلاق الدينية والموقف الأخلاقي من الجنس.

ونجد في أشعار لم تنشر لإبراهيم طوقان، هوسا جنسياً، مما يعني أن موقفه من الجنس، أخلاقياً، موقفٌ مزدوج؛ فهو من جهة يتكلم بحب وجمالية ورمزية في بيض الحمائم والمكتبة، وبفضائحية كاملة في أشعار أخرى.. وما أريد تأكيده، هنا، هو أن الكبت الجنسي موجود جنباً إلى جنب مع الإباحية، والمحافظة السياسية موجودة إلى جانب المعارضة السياسية. ويبدو أن تغيراً معينا فجائياً (لا واعياً، كما يعبر فرويد) قد أنتج طفرة فنية في لحظة من لحظات الثورة الخاطفة.

في بنية "الثلاثاء الحمراء"، من ناحية الأسلوب، نجد لبرهنة الفرضية السابقة، التناقض التالي:

في المقدمة يوجد تجديد، ولكن في الساعات الثلاث يوجد ارتداد من ناحية الشكل الفني الفيزيائي إلى النمط الكلاسيكي، ونجد، أيضاً، في المقدمة (كمقدمة ذهنية) مستوى فكرياً رفيعاً وجديداً؛ فمن محاكم التفتيش إلى نقل العبيد من أفريقيا إلى جمال باشا السفاح إلى المندوب السامي.. إلى تكتيل الممارسة ونقده لها.. يرتد إلى عاطفية مكررة بحيث أنه، من ناحية المحتوى، يوجد هبوط كامل تقريباً في المستوى الذهني، وتكرار لمحتوى الساعات الثلاث نفسه، حيث أنها من ناحية المستوى الذهني والعاطفة عبارة عن تكرار.

من هنا أرى أن المقدمة وحدها شهدت الطفرة، وليس القصيدة ككل، وبالإضافة إلى ذلك يبدو التكرار للمقاطع في المقدمة وكأنه قد عثر على قالب لم يرد الخروج عنه، أو لم يجسر على ذلك، حيث يمكن القول: إنّ الطفرة الإبداعية تتجسم أساساً في المقطع الأول، ويدعم هذا القول، كون الصورة الوحيدة الواضحة هي في المقطع الأول.

إنّ هناك ثورة عاطفية لا واعية برزت في المقطع الأول، ولم يستطع الشاعر المحافظة عليها إلا بالرجوع إلى التجريد الذهني، أي قتل هذه الثورة وتطوير ذهنية القصيدة. فمن الناحية الفنية أخرج هذا الأمر مقدمة متماسكة، ولكن من ناحية التجديد بدا على أنه نتاج لطفرة أولية.

ولكن، ما طبيعة هذه الطفرة بالتحديد؟

منذ المقطع الأول في (س) نجد صورة النجم وترنح الرؤوس في الحبال، كما نجد فوق ذلك صورة حادة تماماً للموت والقبر، مقابل رجوع إلى التاريخ ومحاكم التفتيش في المقطع الثاني. وأول ما يلفت الانتباه، هو الابتعاد الكامل في طبيعة الدافع (الموت) والتخيل الناتج عنه (محاكم التفتيش). وقد يكون التفسير الأسهل للاختلاف في المقطعين هو التداعي، إذ الشيء بالشيء يذكر. ولكن لو تتبعنا المقاطع الباقية لوجدنا أن هذا التداعي يتحول إلى تثبت عند المقارنة التاريخية، ما يوحي بأن هذا الذهن فقط هو الذي أخذ يقود الآن العملية الإبداعية، في حين أن الموت والإعدام والأجراس هي التي قادت الإبداع في المقطع الأول، وفيما بعد، باتجاه النهاية، يرجع للسخرية والحكمة أو النصيحة التي تدل على شيئين: الأول - أنه قد بدأ في خياله، ينشطر إلى شخصيتين: شخصية تنظر إلى الشعب، وشخصية تنصحه، والثاني- أنه رجع تماما إلى ذاته الساخرة السابقة.. وهذا الانتقال من حالة ذهنية فيها الإحساس الحاد بالموت، إلى حالة فيها التاريخ والشعب والمعلم والساخر- تحمل في داخلها نقلة جوهرية في الوعي. بهذا أستطيع القول: إن هذه النقلة هي التي لم تسمح له بخلق شكل فني جديد للمقاطع الأخرى.

بين الوطني والسياسي:

تضع قصيدة "الثلاثاء الحمراء" الدارس أمام مصطلحي "الشعر السياسي" و"الشعر الوطني" في طريقة لتأطيرها داخل هذين المصطلحين اللذين شاعا في أوساط الدارسين لشعر فترة العشرينيات والثلاثينيات من القرن العشرين. وعلى ما يبدو، فإنّ السياسة تختلف عن الوطنية لارتباط الأولى بالأشخاص والأحداث، في حين ترتبط الوطنية بالوطن نفسه الذي هو أشمل وأوسع وأبقى. لذلك أستطيع أن أقرر أن الشاعر إبراهيم طوقان كتب الشعر الوطني، أكثر مما كتب الشعر السياسي إذ "لا خلاف في أن الشعر الوطني غير الشعر السياسي، فبين اللونين فروق وتفاوت، إذ ليس كل سياسي بوطني، ولا جاز الضد، وإنما قد يكون المرء آخذاً منهما أو منفردا بأحدهما"(#).

وإذا كان الشعر الوطني هو شعر سياسي في الوقت نفسه، فإنّ الشعر السياسي ليس وطنيا في معنى من المعاني، بعدما ارتبطت السياسة بالحرفة والمنفعة الخاصة والظهور بمظهر الوجاهة والنفوذ. إنّ الصدق الفني أساس تقييم الشعر الوطني السياسي، وإبراهيم طوقان في وطنياته صادق وطني، لا سياسي مدُّعٍ.

لقد أدرك الشاعر بحسه الصادق وبُعد نظره أهمية النشيد والقصيد في تربية الأجيال والتأثير فيها، "فكان، كلما هزته حادثة وطنية، وضع لها أنشودة حماسية ليتردد صداها في دنيا العرب."(#) وبقدر ما حارب سماسرة الأراضي والمستعمرين والمتاجرين بالقضية، كان شعره مليئاً بالنقمة والمرارة والتهكم على محترفي السياسة ومدعي الوطنية(#).

ويجد الباحث والمؤرخ لقضية فلسطين في شعر إبراهيم طوقان جوانب خفية من الحركة الوطنية الفلسطينية، كما يعثر على وثائق تؤكد دراسته من خلال إشارات دالة في قصائده(#)، وعندما كان الشاعر يلقي قصائده أو يكتبها، لم يكن يهمه أن يتملق الجمهور، أو أن يرضيه على حساب القضية ليكسب شهرة أو مجدا، بقدر ما كان مدفوعاً بإيصال رسالة واضحة ومحددة نابعة من شعور وطني صادق وألم حقيقي لما يجري من أحداث في ساحة الحياة والبلاد. وتوفر قصيدة "الثلاثاء الحمراء" مثالا واضحاً على شاعرية الشاعر التي تفجرت بفعل شعوره الوطني المعهود.

عنوان القصيدة:

لعل عنوان القصيدة (الثلاثاء الحمراء) يغطي، بدايةً، الحدث ويؤرخه ويصفه. والعنوان في حد ذاته أصبح عنوانا لأحداث البراق، فما أن تذكر الثلاثاء الحمراء حتى تحضر في الذاكرة والنفوس أجواء الثورة وإعدام الأبطال وسجن عكا، ويعود ذلك لسببين: أولهما أن القصيدة تناقلتها الأجيال عبر دراستها من خلال المنهاج المدرسي الإلزامي، وثانيهما أن زجلية عوض النابلسي التي مطلعها (يا ليل خلّي الأسير تا يكمل نواحو)(#)، والتي تغنيها فرقة العاشقين الفلسطينية وتستعرض في بداية غنائها قصة استشهاد الأبطال جمجوم وحجازي والزير، ساهمت في تكريس "الثلاثاء الحمراء" كعنوان مضيء كبير، كما عملت على تعميقها، وجعلها لافتة معروفة مثلما أثبتتها كملمح من ملامحنا الوطنية النضالية.

وعنوان القصيدة يعترف باللون كلغة، إذ أن اللون، في حدّ ذاته، لغة قادرة على حمل المدلولات الكافية لإيصال المعنى، فالأخضر يعني الخصب والزرع، والأحمر الدم والعنف. بمعنى أن إبراهيم طوقان من الذين أسسوا لتوظيف اللون كلغة، حتى أصبح الشعراء، يحمّلون اللون معاني ودلالات خاصة بهم، أو مقاربة لما أمست تعنيه في أذهان القراء والمستمعين، مثل "إلى الجحيم أيها الليلك"، أو "زرقة الأحزان" أو "ليل البنفسج"،أو "حليب أسود"، أو غير ذلك.

وعنوان القصيدة أسس، كذلك، لبداية واسعة تفسح المجال لربط أحداث ما بالأيام التي وقعت فيها كالسبت الأحمر، والأحد الأسود، أو حتى بالأشهر كأيلول الأسود وما إلى ذلك. ولعل تراثنا العربي استخدم اللون للدلالة على معانٍ محددة كقولهم (ضحكة صفراء) كما ربطوا الأحداث بالأيام والسنين كقولهم (سنة الثلجة) أو (المجاعة) أو (الطاعون)، ولكن تتجلى قدرة طوقان في التقاط هذه الذرات والمفاهيم من تراثنا، وتوظيفها لتصبح قادرة على تكثيف الأحداث كلها، وتركيزها بكلمتين خالصتين من شوائب الاستهلاك اليومي، ونقلهما من مستوى العادي المتكرر إلى مستوى الجدّة والعذرية(#).

تأثير القصيدة:

حازت "الثلاثاء الحمراء" على شهرة كبيرة وضعتها في مصاف ما أنتجه كبار المبدعين في وقتها، وما زالت قيمتها الفنية والتاريخية مستمرة إلى أيامنا هذه، حتى أنها أصبحت أحد عناوين النضال والتحدي للاستعمار والاحتلال في العالم العربي، وهي تؤرخ، في الوقت ذاته، لثورة البراق التاريخية في السجل الفلسطيني المقاوم، وتلمح إلى نهج الفداء الذي يختطه الثائر الفلسطيني.

لقد فعلت القصيدة فعلها في تثوير الجماهير الفلسطينية وترسيخ وعيها وتأطيره بما احتوته من صدق في التعبير، وسعي فني للتنوير، واستمرار الغضب الثوري، وبثّ الحماس في النفوس. وفي هذا كلّه يتجلى الدور الاجتماعي للفن والقيمة الجمالية والادراكية والتربوية والتوصيلية، إذ "تتطلب معرفة جوهر الفن، أول ما تتطلب، دراسة صلاته بالواقع وبالوعي الاجتماعي والفردي لدى البشر، وتأثير المجتمع في الفن الذي يتم عبر الفنان، وكذلك تأثير الفن في المجتمع الذي يتم من خلال إنجاز الفن لوظيفته. وعبر هذه العملية الأخيرة يتجلى الدور الاجتماعي للفن"(#). إنّ استيعاب علم الجمال يعين البشر على أن يعملوا بوعي على تغيير الطبيعة والمجتمع وفق قوانين الجمال، ويوجّه جهودهم صوب خلق قيم جمالية جديدة".(#)

بهذا الفهم أراد إبراهيم طوقان أن تكون "الثلاثاء الحمراء"، أما القصيدة والواقعية الفعلية، منارة تغيير في المجتمع وللمجتمع. وقد حقق ما أراد من ناحية تحريك الفعل التثويري الغاضب في القارئ والمستمع. والشاعر هنا أراد أن يستحث الإنسان من خلال تصوير بشاعة الظالم، وأبقى على التفاؤل وحارب اليأس مقتدياً بنهج الواقعية التي تهدف "إلى تغليب عامل الخير والثقة بالإنسان وقدرته، وهي وإن كانت تتخذ مضمونها من حياة عامة الشعب ومشاكله، إلا أن روحها متفائلة، تؤمن بإيجابية الإنسان وقدرته على أن يصنع الخير، وأن يضحي في سبيله بكل شيء، في غير يأس ولا تشاؤم ولا مرارة مسرفة."(#). وبناء على هذا، فإن "الثلاثاء الحمراء"، الأنموذج التاريخي والفني، جسّدت العمل الشعري المبدع من خلال صفاتها وأثرها في الناس "فالعمل الشعري الجيد المبدع، هو الحلم، وهو رؤية المستقبل في تماس مع الحياة، تتجاوز الماضي والحاضر لمهمة إنسانية"(#).

وعندما كان إبراهيم طوقان يلقي قصائده الوطنية، و"الثلاثاء الحمراء" بالتحديد، كان يحدث أثراً تثويرياً وتغييرياً في جمهور مستمعيه، "إن التأثير المتبادل بين الأديب وجمهوره قادر على تغيير الأديب وجمهوره معاً، إذ يبعث في الأديب حياة وينشر بين الجمهور وجداناً ومناخاً يمكّن من الوصول إلى منابع التغيير الأول.(#)

لقد كان إبراهيم طوقان أديباً حقيقياً صادقاً يتلمس القضايا الملتهبة ويثبتها في ديوانه الشعري، بصياغة فنية متمردة، "إن الأديب الحقيقي هو الذي يشعر بمسؤولية تجاه أحداث زمانه، في وطنه، وفي العالم، إذ أن هذين المفهومين مترابطان لا غنى للواحد منهما عن الآخر، وقديماً قال أرسطو:: "إني أثيني، ولكن وطني هو العالم"(#).

إنّ ثقافة الشاعر وعمق إحساسه وانتمائه الوطني قد صاغت تفجره الشعري بقالب مغاير لم يرمّز فيه، ولم يكن غامضاً، بل صادقاً واضحاً استحضر العذابات الإنسانية وجمعها في بوتقة واحدة وأبقاها في النهاية عاجزة عن تجاوز الكلمات ودلالاتها، وصعّد من حدة تأثيرها من خلال ربط الظلم في عدة مواقع، معاً. "إن الرمزية في الأدب يقابلها الاستعمار في السياسة، والتصالح الطبقي في المجتمع. ولهذا فإن كل رمزية ضبابية في العالم الثالث (الذي ينبغي أن تتفجر فيه التناحرات على أشدها) مدانة سلفاً، ومحكوم عليها بأنها تفرغ الأدب من فعاليته التثويرية."(#). وهي تبعد الأدب عن كونه أداة مقاومة، واحتجاجاً وتوعيةً، لتحيله إلى ألفاظ غامضة بعيدة عن ذوق القارئ أو المستمع، وغير مؤثرة في وجدانه وأحاسيسه، وتحوّل الشعر من فن للعامة إلى شعر للنخبة. والشعر العربي في العقود الأولى من القرن العشرين لم يعرف مثل هذا الغموض ولا هذا التبعثر، مع أن تلك المرحلة كانت مرحلة انتقال وتحول(#).

وعليه، فإن "الثلاثاء الحمراء" قصيدة تمارس تأثيرها في شتى العصور، لأنها من الآثار الفنية الأصيلة الباقية(#)، والتي تخطت وقتها لتمارس في الأجيال اللاحقة وتسم المراحل اللاحقة بميسمها الثوري العالي المجيد.

روافد القصيدة:

يقول الشاعر مُريد البرغوثي:"إن العمل الفني عموماً هو تلك القدرة على تحويل الواقع إلى فن"(#)، الواقع خليط من المعطيات والإحداثيات والإرث وتراكماته ومتعلقاته. وقصيدة "الثلاثاء الحمراء" كعملية إبداعية استمدت خصائصها مما يتمتع به المبدع من استعدادات(#)، واستعدادات إبراهيم طوقان ومكوناته الثقافية عالية غنية، وذلك يظهر جلياً من خلال توظيفه لعدد من المقولات الشعبية والثقافية والدينية، الأمر الذي جعل القصيدة توفر ميداناً نموذجياً لإبداع طوقان، تمكّن الدارس من أن يضع يده على الأبعاد التي تشابكت واندمجت في شخصية الشاعر التي أفرزت هذه القصيدة.

وفي القصيدة، ثمة أبعاد متنوعة اندمجت معاً، أستطيع تصنيفها على النحو التالي، ضمن الإطار العام الذي طغى على "الثلاثاء الحمراء":

الأبعاد التاريخية:وتمثلت من خلال الإشارة الصريحة إلى: محاكم التفتيش، بيع العبيد، مذابح عاليه وجمال باشا السفاح. هذه الأبعاد هي أحداث تاريخية حقيقية تشكل معادلاً موضوعياً لشنق الأبطال، وتصوّر القمع والذبح والقتل على مدار التاريخ.

الأبعاد الدينية: وتمثلت من خلال الإشارة الواضحة إلى : يوم المحشر، الجنّة، الملك القدير، الآذان، الناقوس، الشهيد، الإله، والعفو والغفران. وهذه الأبعاد نجدها نصاً في القرآن الكريم ضمن سياق آياته البيّنات.

الأبعاد الشعبية: والمستمدة من الحياة اليومية، وهي من المميزات التي تفرّد بها شاعرنا عامة، وتمثلت هذه الأبعاد من خلال ذكره لموتيفات يومية منها: عاشت جلالته، وعاش سموّه، أنا ساعة القلب الكبير، الفضل لي بالأسبقية، صغارك الأشبال تبكي الليث، وأتى الرجاء، قلوبهم فتقطعا، صمّ الصخور، الموت في أخذ الكلام ورده. ولعل مصدر هذه الموتيفات، نجده في أحاديثنا اليومية العادية للتدليل بها.. أو للتوضيح أو للاختصار والتكثيف، وأعتقد أن هذه الأبعاد قد جاءت ضمن إطار عام للقصيدة ليخدم السخرية والحكمة الباديتين في "الثلاثاء الحمراء". وتوظيف التراث والتاريخ والموروث الشعبي، عدا عن أنه يغني القصيدة، فإنه كذلك، يبرز قدرة الشاعر على ضخّ هذا الموروث في جسد القصيدة دون أن يظهر، وكأن هذا الموروث أو الموتيفات قد أقحمت في القصيدة، أو تظهر وكأن القصيدة مرصعة بهذه الأبعاد عمداً وبقصدٍ مقصود حيث.. أن الفرد المبدع لا يختلف كيفاً عن عامة البشر، إلا أنه يتميّز بالجمع بين كل هذه القدرات في وقت واحد وبدرجة عالية"(#). بمعنى أننا لو لم نمعن النظر في تفاصيل القصيدة لما تبيّنا من وجود هذا الموروث وتلك الموتيفات، لأنها مندغمة في القصيدة، ومتماهية في روحها وجسدها، الأمر الذي حقق لهذه القصيدة جماليتها مثلما أكد دورها التثويري، لأن "العمل الشعري الذي لا جمال فيه لا ثورة فيه"(#).

قصيدة جديدة في شكلها ونهجها:

والقصيدة، لأهميتها البالغة، شكلاً ومضموناً، قد تناولها غير دارس لأشعار إبراهيم، أو للشعر الفلسطيني، ولعل ما قاله الأستاذ الجليل إحسان عباس، الذي رأى القصيدة تؤصل للشعر الفلسطيني، وتفتح الآفاق أمامه، خير ما ننهي به هذا الباب: "يمكن أن يعد عام 1930 بداية الشعر الفلسطيني الحديث، في الشكل والمضمون. ففي ذلك العام شنق الشهداء الثلاثة فؤاد حجازي ومحمد جمجوم وعطا الزير. ونظم إبراهيم طوقان قصيدته "الثلاثاء الحمراء" في تخليد بطولاتهم، فجاءت قصيدة جديدة في شكلها الفني ونهجها. صحيح أنها في الشكل الخارجي تشبه الموشح، ولكنها موشح بالغ الدقة والتعقيد في دوراته، أما التجديد الكلّي فيها فهو ذلك التدرج الدرامي في حركة الأيام التي نطقت عن نفسها مشبهةً ذلك اليوم المهول – يوم إعدام الشهداء الثلاثة- والتدرج الدرامي في حركة الساعات الثلاث التي اختصت كل ساعة منها بالحديث عن مميزات كل شهيد منهم؛ ففي المراوحة بين الأيام الثلاثة والساعات الثلاث، وفي النقلة من نطاق الموشح في حديث الأيام إلى التباري الخطابي في حديث الساعات، كان إبراهيم يضع نواة مهمة في تطوير الشعر الفلسطيني"(#).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
شهداء الثلاثاء الحمراء17/6/1930م وهم عطا الزير.ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» من اشعار الزير سالم
» موسوعة شهداء فلسطين
» آية حجازي بعد اطلاق سراحها من الاعتقال في مصر
» الفرق بين اسم احمد ومحمد ومحمود
» تركي الدخيل ومحمد بن سلمان

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: فلسطين الحبيبة-
انتقل الى: