منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 لماذا تراجعت الإنجازات في آخر أيام الخلافة؟

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69641
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

لماذا تراجعت الإنجازات في آخر أيام الخلافة؟ Empty
مُساهمةموضوع: لماذا تراجعت الإنجازات في آخر أيام الخلافة؟   لماذا تراجعت الإنجازات في آخر أيام الخلافة؟ Emptyالخميس 21 مارس 2019, 12:16 pm

لماذا تراجعت الإنجازات في آخر أيام الخلافة؟




لماذا تراجعت الإنجازات في آخر أيام الخلافة؟ %D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%81%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AB%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9



العثماني إنسان وليس سوبرمان

عندما نقرأ التاريخ العثماني يحمله الكثيرون مسئوليات فوق طاقة البشر وكأن العثماني هو سوبرمان لا يقبل منه الإخفاق أو الضعف أو الانحدار مثل كل البشر، ولكن يجب أن نتذكر أن الدولة العثمانية كبقية الدول لها زمن قوة يتبعه زمن ضعف ثم موت، لم يشذ عن هذه القاعدة أية دولة مهما بلغت من القوة، والدولة العثمانية تعد “من أعظم الإمبراطوريات في التاريخ وأكبرها وأطولها عمرا” كما يقول المؤرخ دونالد كواترت في كتابه الدولة العثمانية، فلماذا تطالب بعد هذا العمر الطويل الذي قضت معظمه في القوة والعظمة أن تبقى خالدة إلى الأبد لا يطرأ عليها سنن البشر؟
ولكن هذه المطالب  لا تعني أنها ستكون مستثناة من سنن التاريخ، فعند قراءة التاريخ في آخر أيام الخلافة يجب أن نتذكر دائماً أننا في زمن دولة كانت تلفظ أنفاسها الأخيرة، وهذا أمر طبيعي بعد الزمن الطويل الذي عاشته، ومن ثم فإن مظاهر الضعف فيها ستكون طبيعية لاسيما بوجود الطمع من كل الدول الكبرى بأراضيها وموارها، ما هو استثنائي وغير طبيعي في حالة الضعف هذه أن تقوم الدولة الضعيفة بمقاومة تمدد الرأسمالية الغربية وفقاً لإمكاناتها المتاحة، وقد كتبت كتاب السلطان والمنزل لتوثيق هذه المظاهر التي تؤكد أن الدولة مع ضعفها لم تكن مستسلمة، ولهذا حرص الغربيون على إنهائها والقدوم بجيوشهم إلى المنطقة، ثم سلموا دولة التجزئة مقاليد الأمور باحتفالات كرنفالية لا تدل على أن هذه الدولة هي الآلية التي تركوها فعلاً لتقوم مقامهم بعد رحيل جيوشهم.
 

واجه العثمانيون معضلة هرمهم في زمن فتوة الأعداء بصبر وصمود:

 
المشكلة التي واجهت الدولة العثمانية هي أنها دخلت عصر ضعفها في الوقت الذي شهد صعود أوروبا، وهذا أيضا من سنن التاريخ، إذ أن جميع عصوره كانت تحتوي جميع المستويات الحضارية، فهناك دائما دول في المقدمة ودول من الدرجة الثانية ودول متخلفة، لم يكن التاريخ يوما يحتوي جميع البشر بنفس المستوى الحضاري وذلك مثل أعمار الناس في أي مكان:هناك الكبير والصغير والطفل والكهل والقوي والمتوسط والضعيف والعاجز والميت أيضا، ورغم أن العثمانيين واجهوا صعود أوروبا بعدما ضعفت إمكاناتهم، وكان هذا من سوء حظهم، فإنهم لم يستسلموا وظلوا يدافعون عن حماهم حتى اللحظة الأخيرة التي دخلوا فيها الحرب الكبرى 1914 لأنهم أرادوا أن يقفوا مرة ثانية على مستوى بقية الدول العظمى ويستردوا ما احتلته هذه الدول من أراضيهم ويتخلصوا من المعاهدات التي كبلت استقلالهم كالامتيازات الأجنبية، ورغم ذلك فقد تعرضت الدولة العثمانية للهجوم غير التاريخي الذي حملها مسئولية دخول الاستعمار للبلاد التي تحكمها، فقيل مثلاً لماذا سلمت الجزائر؟ ولكن يكفي الدولة العثمانية دفاعها المستميت عنها حتى اللحظة الأخيرة وسقوط عشرة آلاف شهيد عثماني في معركة خاسرة كما يذكر المؤرخ السوفييتي فلاديمير لوتسكي، ثم لماذا احتلت بريطانيا مصر؟ ويكفي أن الدولة لم تقبل المشاركة في مشروع الاحتلال البريطاني والدخول في ظله حتى ولو بعنوان استعادة السيطرة العثمانية، وذلك على عكس دول التجزئة التي سارت في ركاب القوات الاستعمارية لضرب إخوتها وجيرانها، ويكفي العثمانيين دعمهم للاتجاه الوطني في مصر والمقاوم للاحتلال بكل الإمكانات الممكنة، كما لم تعترف الدولة بكل التغييرات التي أحدثها الاحتلال الأوروبي في كل أراضيها إلى أن جاء الحكم الكمالي وقدمها على طبق من ذهب للأوروبيين نظير استقلال الأناضول بما لا يتعارض مع خطط الحلفاء، وننسى صمود العثمانيين الأسطوري في وجه روسيا كما حدث في ملحمة بلافنا 1877 وانتصارهم على اليونان 1897، ثم نتساءل متسقطين الثغرات في زمنها الطبيعي: لماذا هزمت الدولة في الحرب الكبرى؟ ولكن رغم قلة الإمكانات والضعف فقد باشرت الدولة العثمانية بالفعل بمحاولة استرداد ما احتله الأوروبيون من بلادها في مصر وشمال إفريقيا، وتمكنت الدولة من تحقيق انتصارات مهمة في تلك الحرب في جبهات عديدة كالقوقاز وفلسطين والعراق والجزيرة العربية والبلقان وإسطنبول، ولكن الانتصار في معارك لا يعني الانتصار في الحرب لاسيما أمام غيلان أوروبا التي تعيش في أوج قوتها، المهم أن الدولة العثمانية أثبتت أنها ليست لقمة سائغة رغم الضعف والتراجع والفتن الداخلية التي استعانت بالإنجليز والفرنسيين “لتحرير” العرب وطعنت الدولة في ظهرها رغم معرفة الثوار باتفاقية سايكس بيكو لاقتسام أراضي العرب وذلك لأن الثورة البلشفية نشرت وثائق الحلفاء سنة 1917 فحاولت الدولة العثمانية التفاهم مع العرب ولكن خداع بريطانيا صرف قادة الثورة العربية عن ذلك، وكانت هزيمة العثمانيين طبيعية جداً نظراً لموازين القوى آنذاك والتي تجعل المراقب يعجب من صمود الدولة العثمانية إلى القرن العشرين أمام قوة أوروبا الماحقة وليس من تراجعها،وهذا ما أكده الزعيم المصري مصطفى كامل في كتابه المسألة الشرقية والمؤرخ نيكولاس دومانيس في كتاب The Age of Empires الذي حرره روبرت ألدريتش.

معضلة غياب البديل جعلت البعض يحمّلون العثمانيين مسئوليات غير طبيعية: 

 
كما يجب أن نتذكر أن حال بلادنا كان خالياً من قوة صاعدة تتسلم زمام الأمور من العثمانيين بعد ضعفهم، وكل القوى البديلة كانت أوروبا هي التي تحركها، على عكس ما حدث في تاريخنا الإسلامي عندما تسلم العباسيون الراية من الأمويين بعدما ضعفت الدولة الأموية ثم حملها العثمانيون بعد زوال الدولة العباسية، وقد كان حال الضعف شاملاً في جميع ديار الإسلام بل في كل العالم غير الأوروبي وليس في الدولة العثمانية وحدها، ولم يكن هناك بديل قوي يتسلم الزمام من المغول في الهند ولا من القاجار في إيران ولا من العثمانيين في المشرق العربي الإسلامي، فوقع الجميع تحت الهيمنة الأوروبية ولا يمكننا أن نفرد طرفاً بالملامة وحده لأنه ليس من المنطقي أن نُحمّل كبير السن تبعات تلوم ضعفه الطبيعي.
 

الخلاصة : من هو الملوم الذي لم يؤد واجبه؟

والخلاصة أن العثمانيين أدوا دورهم كأحسن ما يكون وانتصروا قروناً ومنح دخولهم حيوية للعالم الإسلامي كما يقول المؤرخ زاكري كارابل في كتابه أهل الكتاب، ودافعوا عنه بحماس زمناً طويلاً يجب ألا نهمله وألا نهمل إنجازاتهم الدفاعية والهجومية الهامة لمدة قرون فيه، فلما حل بهم الضعف مثل كل البشر بعد ذلك دافعوا دفاع الأبطال وكانت معظم الهزائم التي أخذت عليهم قد وقعت في قرنهم الأخير بدءاً من استيلاء الروس على القرم ثم الحملة الفرنسية على مصر وما تلاها، ومع ذلك كانت تلك الهزائم  أشرف من الانتصارات الوهمية لدولة التجزئة لما احتوته من صمود أسطوري عجزت عنه دول التجزئة حتى في انتصاراتها المزعومة ، ثم مات العثمانيون واقفين دون أن يكون هناك خلف صالح لهم أو لغيرهم في كل بلاد الإسلام، ولا يمكننا بعد ذلك أن نطلب من مقاعدنا الوثيرة أن يظل العثمانيون بقوتهم من الأزل إلى الأبد في نفس المستوى وألا يطرأ عليهم الضعف والموت كبقية البشر وأن نلومهم بسبب هزيمتهم ونحن نعلم ألا عار على الفتى بالموت إذا جاهد محقاً وغالب مجرماً، فالأولى بالملامة هم الذين تولى زمام الأمور بعد رحيل العثمانيين ولم يتمكنوا لمدة قرن من إنجاز شيء سوى الانبطاح للغرب والهزيمة أمامه والاستسلام لإرادته وإضاعة الموارد في طاعة أوامره دون أن يتمكنوا من الاستقلال الحقيقي بإطعام أنفسهم أو الدفاع عن حدودهم أو كفاية حاجاتهم وظلوا معتمدين على المدد الاستعماري لإنجاز كل ذلك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69641
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

لماذا تراجعت الإنجازات في آخر أيام الخلافة؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: لماذا تراجعت الإنجازات في آخر أيام الخلافة؟   لماذا تراجعت الإنجازات في آخر أيام الخلافة؟ Emptyالخميس 21 مارس 2019, 12:27 pm

الغرب قطع طريق الإنجازات في آخر أيام الخلافة


[rtl]

الغرب هو الذي قطع طريق نهوضنا:

[/rtl]
لو قدر لبلادنا الاحتفاظ بوحدتها والسير في تقدمها بنفس المعدل الذي سارت فيه الخلافة في آخر أيامها دون تطفل غربي لكنا في مكان آخر اليوم، ولما كان التخلف هو قدرنا، لأن الخطوات التي قطعتها الدولة العثمانية حتى في ظل الضعف والتراجع كانت خليقة بالوصول إلى ما هو أفضل من الانهيار المعاصر، لولا قطاع الطرق في الغرب، وهو ما يعطي أجيالنا درساً موثقاً عن أهمية الوحدة وإنجازاتها، لأن منطق الوحدة والكيان الجامع حتى مع الضعف الطارئ أفضل من منطق التجزئة والفرقة الملازم للاستسلام، فالكيان الكبير يفرض على أصحابه منطق الدولة العظمى الذي يقتضي العمل المستمر على البقاء في المقدمة ويتمكن من ذلك بالإمكانات الكبيرة المتوفرة لديه من الاتساع الجغرافي كما نرى في الدول الكبرى اليوم، ولكن دول الغرب لم تترك للعثمانيين فرصة لالتقاط الأنفاس واستنزفت مواردهم في إشعال الحروب وسداد الديون (حوالي 95% من الميزانية العثمانية كان يذهب للجيش وخدمة الديون وفق أرقام بداية القرن العشرين) فلم يتبق شيء للتنمية والنهوض، وأصبح القضاء على الدولة العثمانية من جذورها سياسة عامة للحلفاء في الحرب الكبرى الأولى وفقاً لاعترافات سياسية موثقة وذلك خلافاً لألمانيا زعيمة دول الوسط ذاتها التي لم تعان هذا التفكيك والاستئصال.
ويرى مؤرخون أن الدولة العثمانية كانت ستنهار حتى دون دخولها الحرب الكبرى الأولى (1914-1918)، وذلك بسبب صراع الأفكار كالقومية والليبرالية والعثمانية والإسلامية التي تبلورت في زمن الاتحاد والترقي، ولكن ما حدث للدولة العثمانية ليس مجرد انهيار نظام سياسي، بل تفتيت الوحدة التي لمت شعث الأمة سياسياً وفكرياً ونفسياً وحلول نفوذ غريب محلها، أي محاولة القضاء على وجود أمة بأسرها، ولتقريب المثل يمكن القول إن الملكية الفرنسية انهارت نتيجة الصراع الداخلي بعد ثورة 1789 ولكن فرنسا وإمبراطورتيها لم تنهار واستمر وجودها الفاعل في العالم بل زاد أثراً، فالصراع الداخلي لا يؤدي إلى الانهيار في الأمم التي لا تعاني تدخلاً خارجياً، بل غالباً يتجه الأمر إلى الصعود لأن الدورة الاجتماعية الداخلية تعمل على تحسين وضع الأمة وليس تدهوره، وكذلك القول في الثورة البلشفية التي قضت على النظام القيصري في روسيا 1917 ولكن روسيا وإمبراطورتيها لم تتدهور وكان التدخل الخارجي الغربي هو الذي حاول حرف الصراع نحو إفساد الوضع الداخلي لصالح العالم الغربي.
وفي بلادنا كان يمكن للدورة الاجتماعية الداخلية أن تتجه للصعود نتيجة الصراعات الداخلية ولكن دون تدخل خارجي، فكان يمكن لدولة محمد علي باشا أن تجدد شباب الدولة العثمانية لولا التدخلات التي عملت على استثمار الصراع لصالح الخارج دون الداخل، ولم تكن الحركات القومية ستؤدي لتفتت الدولة لاسيما عندما نذكر أن معظم الشعوب العثمانية فضلت البقاء في ظل الدولة حتى مع بروز التوجهات القومية كما يذكر غير واحد من المؤرخين، وقد حارب نصف الأمة الأمريكية نصفها الآخر في الحرب الأهلية المدمرة (1861-1865) ولم تتفتت الدولة رغم الخسائر التي فاقت كل حروب أمريكا الدولية إلى اليوم.
ولكن ما فعله الغرب في الدولة العثمانية بعد الحرب الكبرى الأولى من تقطيع أوصال لم يفعله حتى بألمانيا آنذاك، وحتى بعد الحرب الكبرى الثانية لم يعمل الغرب على تدمير ألمانيا بعد زوال النظام النازي وعمل الحلفاء على ترقيتها رغم كل الجرائم السابقة، ولكن ما وقع على أمتنا بإسقاط الخلافة تعدى أثره مجرد زوال نظام سياسي أو سلالة حاكمة، وبغض النظر عن آرائنا في محمد علي باشا أو جمعية الاتحاد والترقي، فإن ما يهمنا هو نظرة الغرب الذي حاربهم رغم توددهم إليه لأنه يريد محو الأمة ولم يكن خلافه مع نظام السلاطين العثمانيين وحدهم بل مع وجود الأمة التي يقودونها.
أي كان الإصلاح ممكناً جداً ولم يكن الانهيار حتمياً، مشكلتنا الرئيسة كانت في أن النهوض من جديد كان بحاجة إلى وقت، حتى أوروبا استغرق نهوضها ثانية قروناً طويلة يقدرها المؤرخون من القرن الثالث عشر إلى القرن الثامن عشر، ولكن الأوروبيين لم يسمحوا للعثمانيين بالتقاط أنفاسهم وظلوا يستنزفونهم بالعدوان على الدولة العثمانية إلى أن قضوا عليها، ولم يكن البناء ممكناً دون هدوء، وفي سني الدولة الأخيرة كانت ميزانيتها مكرسة للجيش وسداد الديون كما سبق، أي لصد التطفل الغربي، فماذا بقي بعد هذا الاستنزاف للبناء؟ ولهذا فقد تمنى السلطان عبد الحميد عشر سنوات فقط من الهدوء دون مؤامرات أوروبية ليتمكن من البناء كاليابان ولكن هيهات، ورغم كل ذلك ظلت الخلافة تبني حتى اللحظة الأخيرة مشاريع عملاقة عجزت دولة التجزئة عن مجرد إحيائها بعد قيامها بتدميرها كسكتي بغداد والحجاز، مما أكد توفر الهمة لدى الخلافة وعدم استسلامها، ولكن الغرب دمر كل ذلك وظل يمانع أي نهوض جزئي للدول القُطرية التي أنشأها بنفسه بعد سقوط الخلافة، والخلاصة أن النهوض كان ممكناً ولكن لم يكن بقدرتنا أن ننجز في لمح البصر ووسط الأمواج المتلاطمة ما أنجزته أوروبا نفسها بقرون طويلة.
أما الكيانات الصغيرة التي أنشأها الاستعمار على الأنقاض العثمانية والتي أصبحت عاجزة عن إطعام أنفسها والدفاع عن حدودها وتلبية حاجات مواطنيها لقلة إمكاناتها فإنها لا ترى الحل إلا في التبعية للدول الكبرى المعادية لقضايانا والتي حققت اكتفاءها على حساب ثرواتنا المبعثرة بين أيديها.
[rtl]

الاستنتاج:

[/rtl]
في زمن يعيد فيه المستعمِرون الاعتبار لتاريخهم الاستعماري زاعمين أنه تاريخ إيجابي حتى لمن كان ضحيته، من الأولى أن يكف فيه الضحايا عن تشريح ذواتهم ولوم تاريخهم العثماني الحديث الذي لم يدخر وسعاً للدفاع عن وجودهم وبقائهم ضد قوى عظمى قضى الله أن تكون في مرحلة الفتوة التي تجاوزناها منذ زمن فكان لها بذلك ميزة علينا في حلبة المنافسة ولم يكن بإمكاننا وقتها إعادة عقارب الساعة إلى الوراء بلمح البصر أو إنجاز القفزة المطلوبة في لحظات في وقت اقتضى إنجازها قروناً عند أصحابها[1]بعيداً عن القوى الخارجية المعرقلة التي لم تتواجد في التاريخ الغربي[2]ولكن حفل بها تاريخنا الحديث[3]، ومن الأجدى اليوم الانشغال بهموم اللحظة الحاضرة بدلاً من استمرار البكاء على ما فات والانشغال بتشويه مرحلة تاريخية اتسمت بإنجازات كبرى عجزت عنها المراحل التالية وبصمود عز نظيره آنذاك بين الأمم، وهو ما كان سيقودنا لو استمرت الإنجازات بنفس المستوى دون عرقلة إلى أن نلحق بعصرنا ونتمكن من مواجهته بطريقة أفضل مما اختاره الغرب لنا من تجزئة وتبعية استمرأناها، كما لا يمكن لنا اليوم الانطلاق بثقة لبناء المستقبل مادامت لدينا قناعات سلبية عن ماضينا الذي يستحق منا تقديراً أكبر يدعم قدراتنا التي يشلها اليوم انعدام الثقة بالذات المؤدي للانبهار بما عند الأعداء ومن ثم الوقوع في فخ الاستلاب، في الوقت الذي تؤكد فيه الدراسات التاريخية الأجنبية المحايدة، أكثر من الدراسات العربية مع الأسف، وجوب فخرنا بهذا التاريخ الذي طالما استقيناه كله من مصادر معادية[4]، وما زلنا نزايد على سلبيات مدارس الاستشراق رغم تراجعها (كالعادة بعد فوات الأوان بانهيار الدولة العثمانية) عن كثير من الأحكام الجائرة التي ألصقتها بنا وقيامها بتقديم مراجعات ما زالت حبيسة الدوائر الأكاديمية وبعيدة عن إدراك الجمهور العربي.
[rtl]
 

الهوامش:

[/rtl]
[1] -جستن مكارثي، الطرد والإبادة مصير المسلمين العثمانيين (1821-1922م)، قدمس للنشر والتوزيع، دمشق،2005،  ص27.
[2] -حمدان حمدان، العراق وثمن الخروج من النفق: من محمد علي باشا إلى عبد الناصر فصدام حسين، بيسان للنشر والتوزيع والإعلام، بيروت، 2004، ص 98.
-الدكتور محمد عابد الجابري، العقل السياسي العربي: محدداته وتجلياته، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2007، ص 19.
[3] -حمدان حمدان، ص 99.
-جستن مكارثي، ص 27-28.
[4] -الدكتور أحمد شلبي، موسوعة التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، 1979، ج 5 ص 750.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69641
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

لماذا تراجعت الإنجازات في آخر أيام الخلافة؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: لماذا تراجعت الإنجازات في آخر أيام الخلافة؟   لماذا تراجعت الإنجازات في آخر أيام الخلافة؟ Emptyالخميس 21 مارس 2019, 12:42 pm

كيف خطط الغرب للقضاء على الخلافة الإسلامية؟ – الجزء الأول



اقتباس :
إن تقسيم الامبراطورية العثمانية وتجزئتها بين الدول كانت قضية أوروبية، وما لا شك فيه أنها كانت العامل الرئيس في نشوب الحرب العالمية الأولى، كما أنها كانت من أعقد المشكلات التي طرحت على رقعة شطرنج السياسة الأوروبية. “المؤرخ العربي زين نور الدين زين”


ويقول الدكتور محمد عمارة: “فهم (أي المستعمرون) يؤيدون المشروع العربي لمحمد علي، فإذا أوشك أن ينجح، وقفوا ضده، مع الإسلام العثماني، ثم هم يناصرون العروبة بالمشرق، ضد إسلام آل عثمان، وفي ذات الوقت يقتسمون الوطن العربي، ويخرجون من الحرب العالمية الأولى بتصفية الخلافة الإسلامية ومشروع الدولة العربية جميعاً، وفي مواجهة الفكر الإسلامي زرعوا العلمانية والتغريب، ولمحاربة المد القومي الناصري سعوا لإقامة الأحلاف تحت أعلام الإسلام”

1-البداية: تخريب ما هو قائم والحؤول دون عودة الروح إليه

  لقد ظهرت فكرة مواجهة الدولة العثمانية منذ نشوئها حتى أن وزيراً رومانياً أصدر في سنة 1914 كتاباً بعنوان مئة مشروع لتقسيم تركيا (الدولة العثمانية) عد فيه عشرات المشاريع التي قدمت للباباوات وساسة أوروبا للهجوم على الشرق وتقسيمه بين دول أوروبا والاستيلاء على بيت المقدس منذ نهاية حروب الفرنجة بفتح عكا سنة 1291، وهو ما يشير إلى طبيعة المخططات الغربية المستمرة والتي فرضتها ظروف العداء الموضوعية التي عبرت عنها حروب الفرنجة.
لماذا تراجعت الإنجازات في آخر أيام الخلافة؟ %D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%86_%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A8%D9%8A%D8%B1
وهذا أمر لا يتعلق بمؤامرات سرية تدبر في الليالي المظلمة بل بتعارض موضوعي فرض نفسه على الأجيال المتعاقبة من الساسة والمسئولين والشعوب أيضاً، وبصعود نجم الدولة العثمانية كان الهدف الغربي هو القضاء على قوتها، وقد استفادت الدول الكبرى كثيراً من الضعف الذي طرأ على الدولة العثمانية التي تخللت جيوشها الظافرة أوروبا فيما سبق ووصلت أسوار فيينا عاصمة إمبراطورية الهابسبورغ، وأرادت لها بريطانيا وفرنسا أن تكون في مرحلة ضعفها حاجزاً في وجه الأطماع الروسية بالإضافة إلى استخدامها سوقًا لترويج البضائع الغربية المصنعة بعد اكتمال الثورة الصناعية.
وقد استمرت سياسة الحفاظ على الأملاك العثمانية واتخذت طابعاً رسمياً في حرب القرم (1853-1856) ومعاهدة باريس التي تلتها (1856)، ولكنها مع ذلك لم تمنع عملية تشجيع الثورات الانفصالية ضد العثمانيين، وفي ذلك يوجز المؤرخ دونالد كواترت القول إن الدول الكبرى لم تكن ترى مصلحة لها في تفكك الدولة العثمانية ومن ثم تعاظم النفوذ الروسي في منطقة البلقان، وإن الكثير من قادة أوروبا
اقتباس :
كانوا يخشون أن يؤدي انهيار الدولة العثمانية إلى تهديد السلام الإقليمي وزرع الفوضى التي لا تحمد عقباها، لذلك اتفقوا فيما بينهم على الحرص على وحدة كيان الدولة العثمانية، ويمكن القول بأن موقف هذه الدول الأوروبية كان يتلخص في إجماع هذه الدول على أن مصلحتهم المشتركة تقضي بترك بنية الدولة تتصدع شريطة ألا يؤدي هذا التصدع إلى الانهيار التام إن صح التعبير، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فما من شك أن دعم الدول الأوروبية للحركات الانفصالية والثورات الداخلية قد أسهم في تعجيل انهيار الدولة العثمانية وهو الحدث الذي كان يخشاه الأوروبيون ويسعون لتجنب وقوعه.
ثم غيرت بريطانيا سياستها بعد الحرب الروسية العثمانية (1877-1878) في مؤتمر برلين الذي تلاها (1878) لتتجه نحو اقتطاع أجزاء من الدولة العثمانية وتقسيمها على مهل بين الحلفاء فاحتلت هي جزيرة قبرص (1878) ومصر (1882) واحتلت فرنسا تونس (1881) واحتلت النمسا البوسنة والهرسك (1878) واستقل جزء من بلغاريا.
ويحلل بعض المؤرخين سبب هذا التغير في السياسة البريطانية بالقول إن بريطانيا فقدت الأمل في شفاء “الرجل المريض” بعد هزيمته أمام الروس في حرب 1877 التي جعلت الساسة الإنجليز يعتقدون أن معارك هذه الحرب أثبتت بجلاء أن المحاولات العديدة التي بُذلت طوال القرن التاسع عشر لتمكين الدولة العثمانية من البقاء دولة قوية متماسكة الأجزاء، إنما هي سياسة عقيمة وأنها مضيعة للوقت والجهد والأموال والأرواح، وأن بقاءها دولة متداعية يؤلف خطراً جسيماً على المصالح البريطانية ويفسح المجال للنفوذ الروسي؛ ولذلك قررت بريطانيا تطوير سياستها واتباع سياسة جديدة تقسم بموجبها الممتلكات العثمانية وتستأثر لنفسها بالمناطق الواقعة على طريق الهند وتصلح لضمان الوصول إليها.
وسنرى أن قوة الدولة العثمانية لم تكن أولوية حقيقية لدول أوروبا وأن هذه الدول فضلت مصالحها المادية على بقاء الدولة وأنها شجعت الحركات الانفصالية التي استنزفتها ومن ثم لا يمكن أن تكون النتيجة النهائية لهذا الدعم إلا مزيدًا من الضعف ولم يكن لأوروبا حق في التعجب من استمرار التراجع العثماني بعد كل جهودها في استنزافها اقتصاديًا وعسكريًا الأمر الذي يجعل العجب من الاستمرار العثماني وليس من هزيمة الدولة وتراجعها، وكيف يمكن القول إن أوروبا كانت تعمل لتقوية الدولة العثمانية وتتجنب انهيارها وفي نفس الوقت تشجع الحركات الانفصالية وتستنزف الاقتصاد العثماني كما سيأتي؟

2-بقاء الدولة العثمانية مع ضعفها لم يكن الأولوية الأولى للغرب

   وكانت دول أوروبا وبخاصة بريطانيا تفضل مصالحها التجارية على مصلحتها في استغلال بقاء الدولة العثمانية ولو بصورة هزيلة، وقد تجسد هذا التعارض الموضوعي في المصالح في وقوف الغرب الأوروبي ضد كل مشاريع الإحياء التي نفذتها أو حاولت تنفيذها دولة الخلافة مثل: فكرة الجامعة الإسلامية، ومشروع سكة الحجاز أو سكة حديد بغداد، أو مشاريع الإصلاح الاقتصادي والقضائي التي مست الامتيازات الأوروبية في الدولة العثمانية.
حتى أن السلطان عبد الحميد الثاني تمنى في سنة 1902 أن تحظى دولته بفترة هدوء لمدة عشر سنوات فقط تتوقف فيها مؤامرات الدول الكبرى عليها ليتمكن من السير في الطريق الذي سارت فيه اليابان البعيدة عن “الوحوش الأوروبية الكاسرة” التي صرف العثمانيون الملايين على إخماد مؤامراتها بدل “أن تصرف على مشاريع حيوية نستفيد منها“.
ولم يكن تصدي الغرب لهذه المشاريع من باب الشر المحض الذي يبغي إلحاق الأذى بالآخرين بلا سبب، بقدر ما كان تعبيرًا عن التناقض الموضوعي بين مصالح كيانات الغرب ونهضة كيان يجمع بلاد الشرق تحت لواء واحد، وبدا هذا التعارض أيضًا في سياسة التصدي العنيف لأية محاولة نهضوية في البلاد العثمانية كما حدث مع نهضة محمد علي باشا في مصر والتي لاحظ كثير من المؤرخين وقوف أوروبا في وجه طموحاتها بعنف.
لماذا تراجعت الإنجازات في آخر أيام الخلافة؟ %D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF_%D8%B9%D9%84%D9%8A_%D8%A8%D8%A7%D8%B4%D8%A7
وفي ذلك يقول كواترت:
اقتباس :
إن الدول الأوروبية لم تكن لتسمح بظهور دولة مصرية قوية وما يترتب على ذلك من اختلال ميزان القوى الذي كانت الدول الأوروبية تود المحافظة عليه
ويقول بيتر مانسفيلد: إن محمد علي كان بوسعه تحدي السلطان وانتظار سقوطه لكن بريطانيا فضلت أن تبقي على الإمبراطورية مترابطة على أن تكون مجزأة يسهل ابتلاعها من قبل المتمردين والمنافسين، ولذلك لم تكن متحمسة لإحلال قوة إسلامية توسعية متحركة محل الامبراطورية العثمانية، وكان هذا بالضبط ما يقلق قادة الدول الأوروبية، وقد صممت بريطانيا آنذاك على إحباط طموحات محمد علي بإفشال كل المساعي السلمية ورفض قاطع للعرض الذي تقدم به للاتفاق مع السلطان  رغم أنها كانت من شجع الوالي نفسه على الثورة على العثمانيين، ويشير مؤرخ ثالث إلى أن بريطانيا أحبطت جهود محمد علي لكونها لا تريد تكوين إمبراطورية إسلامية جديدة  لاسيما واحدة تحاول إيجاد قاعدتها الصناعية الخاصة.
  وقد ظهر التعارض بين القوى الغربية وقوة الشرق العثماني في الزحف التدريجي واحتلال البلاد العثمانية الواحدة تلو الأخرى في سياسة اتخذت من فكرة الاستقلال قناعاً لفصل الولايات عن الدولة تمهيداً لوقوعها في براثن الهيمنة الغربية كما حدث للجزائر وتونس ومصر وبلدان الخليج، ثم مع القومية العربية كلها بإثارتها بفكرة الاستقلال العربي والخلافة العربية تمهيداً لاحتلال شرق المتوسط بعد إعلان الثورة العربية ونهاية الحرب الكبرى الأولى.

3-مناوأة منصب السلطنة العثمانية ومحاولة نزع الخلافة الإسلامية منها ضمن جهود بريطانيا للقضاء على الخلافة

لماذا تراجعت الإنجازات في آخر أيام الخلافة؟ %D9%85%D8%B5%D8%B7%D9%81%D9%89_%D9%83%D8%A7%D9%85%D9%84_%D8%A8%D8%A7%D8%B4%D8%A7_3
يلاحظ زعيم الوطنيين المصريين وداعية الجامعة الإسلامية مصطفى كامل باشا أن جهود أعداء الدولة العثمانية لتأسيس خلافة عربية تأتي في إطار محاولتهم القضاء على هذه الدولة التي تخشى أوروبا من قوتها ونفوذها وأعداء الإسلام يودون أن يزول اسمها من الوجود حتى تموت قوة الإسلام وتقبر سلطته السياسية وتقوم بدلاً من الدولة العثمانية خلافة تكون ألعوبة في يد إحدى الدول الكبرى.
ورأوا أن فصل الخلافة الإسلامية من السلطنة العثمانية يضعف الأتراك ويقتل نفوذهم بين المسلمين ويجعلهم أمة إسلامية عادية، وقد تلقف الإنجليز مشروع الخلافة العربية لأنهم أدركوا أن احتلالهم الأبدي لمصر سببًا للعداوة بينهم وبين الدولة العثمانية لأن السلطان العثماني لا يقبل مطلقًا الاتفاق معهم على بقائهم في مصر، وأن خير وسيلة تضمن لبريطانيا البقاء في مصر ووضع يدها على وادي النيل هو هدم السلطنة العثمانية ونقل الخلافة الإسلامية إلى أيدي رجل يكون تحت وصاية الإنجليز وآلة في أيديهم، ولهذا أخرج ساسة بريطانيا مشروع الخلافة العربية .
وقد أثبتت الأيام صحة تحليل الباشا، فقد استمرت بريطانيا في تبني مشروع الخلافة العربية إلى أن حفزت إعلان الثورة العربية ضد العثمانيين سنة 1916 تحت شعار عودة الخلافة للعرب، بل إنها عمدت بعد اندلاع الحرب الكبرى سنة 1914 إلى إنهاء السيادة العثمانية على مصر وخلع الخديوي عباس حلمي الثاني من منصبه بحجة ارتباطه بالعثمانيين، ونصبت عمه حسين كامل سلطانًا على مصر لمناوأة منصب السلطنة العثمانية.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69641
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

لماذا تراجعت الإنجازات في آخر أيام الخلافة؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: لماذا تراجعت الإنجازات في آخر أيام الخلافة؟   لماذا تراجعت الإنجازات في آخر أيام الخلافة؟ Emptyالخميس 21 مارس 2019, 12:45 pm

كيف خطط الغرب للقضاء على الخلافة الإسلامية؟ – الجزء الثاني





لماذا تراجعت الإنجازات في آخر أيام الخلافة؟ Sultanvahideddin





تحدثنا في الجزء الأول عن تخريب ما هو قائم في الدولة العثمانية والحؤول دون عودة الروح إليه، وكيف أن بقاء الدولة العثمانية مع ضعفها لم يكن الأولوية الأولى للغرب وختامًا تحدثنا عن محاولة نزع الخلافة الإسلامية من السلطنة العثمانية.

الحرب بين التغريب والغرب

أوروبا لم تكن سعيدة بالتغريب العثماني المستقل وفضلت مصالحها الآنية على رعاية تلاميذها مما أدى إلى الحرب بين التغريب والغرب.
هذا الزحف التدريجي اتخذ صورة عنيفة مع انفجار الحرب الكبرى الأولى سنة 1914، مع أن وصول مدرسة التغريب المتمثلة في حزب الاتحاد والترقي إلى الحكم سنة 1909 بعد الانقلاب على السلطان عبد الحميد، بشر بانسجام بين الغرب والمعارضة العثمانية السابقة التي رعاها الغربيون في بلادهم والبلاد التي تحت حكمهم، وقد حاول الحكام الجدد مد يد السلام إلى القوى الغربية وقدموا لها بلادهم على طبق من ذهب، ولكن أوروبا كانت أكثر اهتماماً بمصالحها منها برعاية التغريب الديموقراطي في الدولة العثمانية وأثبتت طمعها بأرض العثمانيين الدستوريين الديمقراطيين كطمعها بأرض الاستبداد الحميدي، مما دمر إمكانات التطور الديمقراطي في الدولة العثمانية كما يقول المؤرخان شو .
وفي ذلك يقول مانسفيلد:
اقتباس :
“على الرغم من نظر بريطانيا وفرنسا بعين العطف والاستحسان لثورة الأتراك القوميين الشباب، فإنهما لم تكونا على استعداد لتقديم أية ضمانات إقليمية لموقع تركيا المتبقي في أوروبة في ضمن الولايات البلقانية ضمن نطاق الإمبراطورية التركية” .
ويقول كواترت:
اقتباس :
“وقد أدرك الساسة العثمانيون أن اتخاذ الدولة العثمانية موقفاً محايداً في هذه الحرب لن يكون في مصلحتها وذلك لأن الطرف المنتصر سيعمد لا محالة إلى تجزئة الدولة العثمانية” .
ولأن الحلفاء كانوا يطمعون في الأراضي العثمانية فضلاً عن احتلالهم الفعلي لأجزاء كبرى منها؛ قرر الساسة العثمانيون دخول الحرب إلى جانب ألمانيا حين خطت الدولة العثمانية بدخولها الحرب خطوة مصيرية هدفت إلى تحرير نفسها من كل القيود التي فرضتها حالة الضعف عليها كسوء استخدام الامتيازات الأجنبية والديون، والعودة إلى مكانتها السابقة بين الكبار، واستعادة كل ما سُلب منها من أقطار وحماية نفسها من مزيد من الغزو .
ورغم الانتصارات التي حققتها جيوش الخلافة في هذه الحرب على جبهات إسطنبول والعراق وفلسطين والحجاز والقوقاز والبلقان؛ كانت النتيجة النهائية في غير صالحها، ويلاحظ المؤرخون أن الحرب الكبرى أصبحت نقطة تحول في السياسة الغربية تجاه الدولة العثمانية، وفي ذلك تقول موسوعة التاريخ والحضارة إن الحلفاء اغتنموا ظروف الحرب لتقسيم السلطنة ووضع نهاية للمسألة الشرقية وتم وضع المشاريع التقسيمية، وكان لبريطانيا الدور البارز فيها وكانت محور السياسات والاتفاقات السرية المتناقضة أحياناً، وإنه منذ دخول السلطنة العثمانية الحرب؛ بدأت المشاورات السرية لتقسيمها ، وهو ما يؤكده المؤرخ يوجين روجان بقوله:
اقتباس :
إنه لم تكد الإمبراطورية العثمانية تدخل الحرب إلى جانب ألمانيا حتى بدأت قوات الحلفاء التخطيط لتقسيمها بعد الحرب .

الخوف من الخلافة العربية

وكانت بريطانيا تراسل الشريف حسين “والفرنسيون يحذرون من قيام دولة عربية كبرى، خوفاً على مصالحهم في شمال إفريقيا-أي تونس والجزائر والمغرب-كما يخافون على مستقبل مصالحهم في شرق المتوسط، وكذلك كان الإنكليز يخافون من قيام دولة عربية كبرى ولو تظاهروا بالموافقة على قيام هذه الدولة” كما يقول الدكتور وهيب أبي فاضل.
ولهذا لم يعترف الحلفاء بهذه الخلافة العربية بعد قيامها في أعقاب إلغاء الخلافة العثمانية رغم كونهم من شجعوا الدعاية لها سابقاً لطعن شرعية العثمانيين بها وحاولوا زمناً أن يستغلوا إحياء المنصب لصالحهم إلا أن جميع المحاولات باءت بالفشل، وهو ما يؤكد حرص الغرب على إبقاء منطقتنا ضعيفة تحت هيمنته دون قوة ذاتية بغض النظر عمن يحكمها.
اقتباس :
ولهذا عارضت الدول الكبرى قيام الخلافة العربية رغم تعهداتها لحلفائها العرب واتفقت مع مصطفى كمالعلى إنهاء الخلافة العثمانية رغم العداوة الظاهرة بين الطرفين الكمالي والأوروبي، وإن هذا الإصرار على مقاومة إحياء الخلافة حتى في الحجاز لا يمكن أن يفسر بمجرد ضعفها أمام الأطماع الروسية لأن الدول التي قامت على الأنقاض العثمانية لم تكن أكثر قوة منها، كما أن روسيا نفسها أصبحت من معسكر الحلفاء ضد دول الوسط وصارت الدولة العثمانية عائقاً في وجه وصول الدعم الغربي إليها في الحرب الكبرى الأولى ، ولهذا توجب البحث عن السبب في إلغاء الخلافة في مكان آخر ستفصح عنه الوثائق كما سيأتي.
لماذا تراجعت الإنجازات في آخر أيام الخلافة؟ %D8%A3%D8%AA%D8%A7%D8%AA%D9%88%D8%B1%D9%83
وفي هذا الموضوع تقول موسوعة السياسة إن هذه الحرب كانت فصل الختام في حياة الإمبراطورية العثمانية، فبعد أن مكثت حاجزاً، حقيقياً أو شكلياً، في وجه أطماع أوروبا الاستعمارية عدة قرون، جاءت الفرصة عندما تحالفت مع ألمانيا والنمسا ضد الحلفاء، فقرروا الانتقال من مرحلة المحافظة على ضعفها ووراثتها بالتدريج إلى مرحلة اقتسام بقايا أملاكها والإجهاز عليها مرة واحدة، وكانت اتفاقية سايكس-بيكو سنة 1916 إطاراً لهذا المخطط الجديد، الذي توج بانتزاع كل أملاك الدولة العثمانية في آسيا بموجب معاهدة سيفر، وذلك عندما انتصر الحلفاء سنة 1918، ثم قام كمال أتاتورك (1298-1357 هجرية ، 1880-1938 م) بإنقاذ الوطن الأصلي للأتراك، وأراد انتزاع عداء أوروبا وإزالة مخاوفها، فأدار ظهر دولته التركية الحديثة لماضي العثمانيين الإسلامي… وأعلن إلغاء الخلافة رسمياً ونهائياً في 3 آذار-مارس 1924 م.
وفي سبيل استرضاء أوروبا قدم لها أتاتورك ما رغبت به في معاهدة سيفر التي وصفت بالمذلة ومع ذلك تم تطبيقها على كل الأراضي العثمانية بما في ذلك المصادقة على وعد بلفور في فلسطين مقابل استثناء تركيا وحدها ، وقد أفصح ضابط المخابرات التابعة للجيش البريطاني لورنس العرب من ميدان المعارك التي انهمك فيها ضد الدولة العثمانية عن الأهداف الحقيقية لبلاده في هذه الحرب.
لماذا تراجعت الإنجازات في آخر أيام الخلافة؟ %D8%A8%D9%84%D9%81%D9%88%D8%B1

الصمود العثماني الأخير وعلاقته بإنهاء الخلافة

ولكن بقاء الكيان العثماني الموحد حمل في طياته خطر عودة الروح إلى هذا المجال الهائل، فبريطانيا لم تغفل يوماً عن خطر السيادة الدينية للخليفة العثماني على ملايين المسلمين الذين يحكمهم الاستعمار البريطاني، ولكنها أجلت مواجهة هذا الخطر لتواجه خطر سقوط الدولة العثمانية وما سيعقبه من فوضى دموية بين الذئاب الأوروبية في المنافسة على اقتسام التركة.
وبعدما تغيرت الظروف باندلاع الحرب الكبرى واللجوء إلى القوة العسكرية لحل الخلافات الأوروبية بين الأعداء والاتفاقيات والمساومات السرية مع القوة العسكرية لحل الخلافات بين الحلفاء أولاً ، وانضمام روسيا إلى الحلفاء ثانياً ثمقيام الثورة البلشفية التي أسقطت الحكم القيصري وتدخل الغرب عسكرياً لإسقاطها ثالثاً؛ لم يعد الخطر الروسي هو المحرك لفكرة التخلي عن بقاء الدولة العثمانية، واستجد مكانه الخطر الألماني الذي لاحظ لورنس العرب وغيره أنه نقل فاعلية الخطر العثماني إلى مستوى أكبر مما سبق كما سيأتي في رسائله السرية، ولكن العثمانيين لم يكونوا مجرد أدوات بأيدي الألمان وكان لهم جدولهم ومصالحهم الخاصة.
لماذا تراجعت الإنجازات في آخر أيام الخلافة؟ %D9%84%D9%88%D8%B1%D9%86%D8%B3
وقد أفصحت نتائج الحرب عن إدراك الحلفاء ذلك إذ لم ينل الخطر الألماني من التصدي والمواجهة ما نالته الدولة العثمانية، وعن مكانة العثمانيين في هذه الحرب تقول الدكتورة تهاني عبد الرحمن:
اقتباس :
” ولم تكن الدولة العثمانية في ذلك الوقت تقع في مصاف الدول الصغرى، رغم كل ما فقدته في فترات ضعفها واضمحلالها، من ولايات تابعة، بل كانت تُعد دولة كبرى، ومن ثم حرصت ألمانيا على جرها للصراع الدائر فوق أرض القارة الأوروبية”
ورغم تردد دول الوسط في ضم العثمانيين في البداية وخشيتها من تحولهم إلى عبء عليها فقد أثبت الجيش العثماني فعالية لم يتوقعها أحد ، وفي ذلك يقول المؤرخ بيتر مانسفيلد:
اقتباس :
“عندما اندلعت الحرب، ورغم عدم شك معارضي تركيا ببسالة وإقدام وشجاعة الجنود الأتراك في الحروب، فإنهم فوجئوا بأدائهم المتطور وازدياد معارفهم في فنون القتال كما أن جاهزيتهم العالية في خوض الحروب الحديثة فاقت التوقعات”
وستفصح الوثائق الغربية عن حقيقة النوايا تجاه الخطر الإسلامي، وبعد إلغاء الخلافة العثمانية نفسها ومحاولة إحياء الخلافة العربية سنجد استمرار المعارضة الغربية لهذا المشروع الذي رعته دول أوروبا بأنفسها في البداية.
ويظل النقاش بعد ذلك على ما سمي شروط كيرزون الأربعة الخاصة باشتراط إلغاء الخلافة في مؤتمر لوزان سنة 1923 ومحاولة إثباتها مقابل نفيها مما لا طائل منه، لأن مصطفى كمال تشرب الأهداف الغربية وتبناها-كما فعل غيره من دعاة النهوض عن طريق استرضاء الغرب-ونفذها من تلقاء نفسه ولا حاجة لإثبات أنه تلقى أمرًا بذلك في عرض مسرحي أو لم يتلق، فما هو مثبت أنه تبني وجهة نظر العدو وهذا أسوأ من تنفيذ أوامره بالإكراه.

الصلات الموضوعية التي ربطت بين الحكم الكمالي والغرب الأوروبي

لماذا تراجعت الإنجازات في آخر أيام الخلافة؟ %D8%A7%D9%84%D9%84%D9%88%D8%B1%D8%AF_%D9%83%D9%8A%D8%B1%D8%B2%D9%88%D9%86-200x300لا يغيب عن ملاحظة المؤرخين الصلات الموضوعية التي ربطت بين الحكم الكمالي والغرب الأوروبي: ذلك أن النظام الدولي الجديد الذي أنشأته الدول الكبرى في منطقة الشرق العثماني بعد الحرب الكبرى قام على أساس إنهاء الدولة العثمانية وتقطيع أوصال البلاد العربية، وقد تعاون الكماليون مع الغرب في النقطتين معًا: بإلغاء الخلافة وبالتنازل عن الأملاك العربية للدولة العثمانية وهو أمر كان ذا أهمية قصوى للحلفاء المستعدين للانقضاض على أملاكها كي يرتبوا تقسيمها فيما بينهم بشكل قانوني يمنع التنازع فيما بينهم، ولهذا قال وزير الخارجية البريطاني اللورد كيرزون في برقية إلى اللورد اللنبي في مارس 1920:إن نظام الانتداب يقتضي أن تعترف الدولة التي كانت صاحبة السيادة على إقليم بتنازلها عنه، فلم يكن من الغريب بعد ذلك أن تؤيد الدول الكبرى النظام الكمالي الجديد كما يقول كواترت.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69641
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

لماذا تراجعت الإنجازات في آخر أيام الخلافة؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: لماذا تراجعت الإنجازات في آخر أيام الخلافة؟   لماذا تراجعت الإنجازات في آخر أيام الخلافة؟ Emptyالخميس 21 مارس 2019, 12:47 pm

كيف خطط الغرب للقضاء على الخلافة الإسلامية- الجزء الثالث



علاقة الغرب بإلغاء الخلافة الإسلامية

1-وثائق دامغة

لما بدأت الحرب الكبرى الأولى (1914) أصبح القضاء على الدولة العثمانية هدفاً متداولاً ومعلناً بين الحلفاء كما صرحت بذلك الصحف البريطانية فور الدخول العثماني في الحرب، فما “أن بدأت الأعمال العسكرية ضد تركيا، في 5 تشرين الثاني، سنة 1914، حتى شرعت الصحافة البريطانية بإيضاح ما سيحل بتركيا، وما عسى أن يكون مصيرها، ففي يوم 23 تشرين الثاني كتبت جريدة الدايلي مايل (Daily Mail) تقول:
“لسنا نشك في أن الامبراطورية العثمانية على الأرض الأوروبية التي أنشأها الأتراك بحد السيف، سيُقضى عليها بحد السيف”، وفي 31 تشرين الثاني كتبت جريدة الدايلي نيوز (Daily News) تقول: “إذا خسرت ألمانيا الحرب فإن عقاب تركيا لدخولها الحرب إلى جانب ألمانيا سيكون القضاء التام عليها كدولة”، وبما أن هدف بريطانيا كان القضاء على تركيا قضاء مبرماً، فإنها وجدت نفسها عالقة في ديبلوماسية شائكة معقدة” .
بل إننا نجد قبل بداية الحرب الكبرى ما يشير إلى نوايا التقسيم والتجزئة منذ سنة 1912 عند اللورد كتشنر القائد الأعلى للقوات المسلحة في مصر وسفاح السودان ثم المعتمد البريطاني في مصر ثم وزير الدفاع البريطاني، إذ تبين أنه كان أثناء وجوده في مصر راسخ الاعتقاد بأن سوريا الجنوبية من خليج العقبة إلى حيفا وعكا تؤلف “منطقة ذات مغنم لا يستغنى عنها بالنسبة إلى الإمبراطورية البريطانية” وذلك بعد دراسة عسكرية لصحراء سيناء أمر بإجرائها سنة 1913 .
وقد صرحت الدوائر الرسمية للحلفاء بعد اندلاع الحرب بهذا الهدف كما كشف عن ذلك”بيان عن السياسة الخارجية مرفوع إلى المجلس الحربي الملكي” الذي قام اللورد بلفور وزير الخارجية البريطاني وصاحب الوعد المشئوم ورئيس البعثة البريطانية الخاصة الذي كان في زيارة للولايات المتحدة بتسليم نسخة منه إلى وزير الدولة الأمريكي وجاء في هذا البيان الصادر في سنة 1917:
“لاشك أن القضاء على الامبراطورية العثمانية قضاء تاماً هو من أهدافنا التي نريد تحقيقها،وقد يظل الشعب التركي،ونأمل أن يظل،مستقلاً أو شبه مستقل في آسيا الصغرى،فإذا نجحنا فلا شك أن تركيا ستفقد كل الأجزاء التي نطلق عليها عادة اسم الجزيرة العربية (Arabia) وستفقد كذلك أهم المناطق في وادي الفرات ودجلة،كما أنها ستفقد استانبول،أما سوريا وأرمينيا والأقسام الجنوبية من آسيا الصغرى فإنها،إن لم تضم إلى الحلفاء،فمن المرجح أنها ستبقى ضمن حكمها”
وهذه الوثائق وردت لدى المؤرخ زين زين،هذا بالإضافة إلى وثائق كتبها لورنس العرب أثناء الثورة العربية.
ففي تقرير كتبه لورنس في يناير/كانون الثاني/ جانفي 1916 تحت عنوان سياسات مكة قال:
“إن تحرك (الشريف حسين) يبدو مفيداً لنا، لأنه ينسجم مع أهدافنا المباشرة:تحطيم الجبهة الإسلامية الموحدة وهزيمة وتمزيق الامبراطورية العثمانية، ولأن الدول التي سيقيمها (الشريف) خلفاً لتركيا ستكون غير ضارة بنا كما كانت تركيا قبل أن تصبح أداة في أيدي الألمان.إن العرب أقل توازناً من الأتراك، وإذا عولج أمرهم بشكل مناسب فإنهم سيظلون في حالة من الشرذمة السياسية، نسيج من الإمارات الصغيرة المتحاسدة غير القابلة للتوحد، ومع ذلك يمكنها الاجتماع في مواجهة أية قوة خارجية”.
وهذا الاجتماع الذي يقلق لورنس ورؤساءه هو ما يعمل الغرب جاهداً لمنعه منذ تلك الأيام.
ويختم تقريره قائلا:
إن الشريف حسيناً يفكر يوماً بالحلول محل السلطة التركية في الحجاز، ولو تمكنا من ترتيب هذا التغير السياسي ليكون بالعنف، سنقضي على خطر الإسلام بجعله ينقسم على نفسه في عقر داره، وسيكون هناك خليفة في تركيا وخليفة في الجزيرة العربية في حالة حرب دينية، وسيصبح عجز الإسلام كما كان عجز البابوية عندما كان الباباوات في أفنيون” (وهي فترة تراجعت فيها هيمنة البابوية وسميت الأسر البابلي للكنيسة 1309-1377 تشبيها بأسر بني إسرائيل على أيدي البابليين في القرن السادس ق.م، وقد أعقبها انقسام وصف بالعظيم نتيجة وجود بابا في روما وآخر في أفنيون 1378-1417).
لماذا تراجعت الإنجازات في آخر أيام الخلافة؟ Images-5-e1462414147312
وفي تقرير حمل عنوان “لو تم احتلال سوريا” وكتبه لورنس سنة 1916 أيضاً لاقتراح حل للمشكلة التي يسببها إعلان الخليفة العثماني الجهاد ضد الحلفاء الذين يحتلون بلاداً يقطنها ملايين المسلمين، قال لورنس:”مهما نتج عن هذه الحرب، فإنها يجب أن تقضي تماماً ونهائياً على السيادة الدينية للسلطان” وهي وثائق أوردها فيليب نايتلي وكولن سمبسون في خفايا حياة لورنس.
لماذا تراجعت الإنجازات في آخر أيام الخلافة؟ %D9%84%D9%88%D8%B1%D9%86%D8%B3

2-اختلاف مصير الدولة العثمانية عن مصير ألمانيا بعد الحرب

وكان المصير الذي تعرضت له الدولة العثمانية التي ساحت جيوش المحتلين في أراضيها يختلف عما نال ألمانيا التي لم تحطم في نهاية الحرب، وهذا ما صرحت به الصحافة البريطانية منذ بداية الحرب كما سبق، ولم تخف هذه المفارقة عن ملاحظة المؤرخين:”إن الامبراطورية العثمانية لم (تنهار).هذا تعبير شديد السلبية.لقد مزقوها إرباً مثلما تخلع مفاصل الدجاجة قبل الأكل،حتى ألمانيا نفسها لم تتكبد تقطيع الأوصال وانتزاع الأحشاء”كما يقول المؤرخ جيرمي سولت .
وقد لاحظ المؤرخ فيليب كورتن نفس الملاحظة حين قال إن الحلفاء وضعوا أثناء الحرب خططاً متنوعة لتقسيم تركيا (الدولة العثمانية) ، وكان هناك تفكير مسيطر وراء العهود المحددة التي أطلقتها الطبقة السياسية في بريطانيا، وفرنسا وإيطاليا يتمثل بعدم عد الدولة العثمانية دولة مهزومة وعدواً متحضراً مثل ألمانيا، بل كدولة يجب أن تعامل كما عوملت ممالك أخرى غير غربية أثناء العهود الاستعمارية الكبرى، وكانت غايتهم تجزئة الإمبراطورية العثمانية وتقسيم الباقي إلى مناطق نفوذ مما أعطى فرنسا وبريطانيا وإيطاليا على التوالي سلطات واسعة في الإمبراطورية العثمانية السابقة وعلى ما تبقى منها .
وقد شاركت الولايات المتحدة أوروبا في كراهية العثمانيين بشكل خاص، وفي ذلك يقول المؤرخ مايكل أورين إن الرئيس الأمريكي وودرو ويلسن عندما حضر إلى مؤتمر السلام في باريس سنة 1919 كان يحمل قيمه ومثله وأفكاره المسبقة كذلك، فقد كان يحتقر كل أشكال الاستعمار الأوروبي، ومنها الاستعمار البريطاني (ونسي استعمار القارة الأمريكية الذي كان قد اكتمل قبل سنوات قليلة)، وأظهر نفوراً خاصاً للأتراك، ومنذ 1889 كان يصف الإمبراطورية العثمانية بأنها غير طبيعية ومثال متأخر على الأشكال غير المتقنة للسياسة التي نمت عليها أوروبا”، ويقر المؤرخ نفسه أن الرئيس كان “لا يعرف عن جغرافية المنطقة وثقافتها وتقاليدها أكثر مما قرأ في الإنجيل” .
وكان التقارب الحضاري بين ألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة مما دفع المنتصرين لتشخيص مصالحهم في بقاء القوة الألمانية وعدم الموافقة على تحطيمها لتظل عامل حفظ للتوازن الأوروبي تجاه فرنسا وللوقوف في وجه المد الشيوعي ، كل هذا يختلف عن حالة العداء الحضاري تجاه العثمانيين الذين كان القضاء عليهم قضاء مبرماً هو المصلحة الغربية، ومع ذلك لم تعجب الالمان سياسة الإملاء للحفاظ عليهم على مقاس المصالح المنتصرة وأدت شروط الصلح القاسية إلى اندلاع الحرب الكبرى الثانية في الوقت الذي كان الإجهاز على وحدتنا دافعاً لنا للتلاؤم مع المصالح الغربية والانسجام معها إلى حد أداء الخدمات لها
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69641
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

لماذا تراجعت الإنجازات في آخر أيام الخلافة؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: لماذا تراجعت الإنجازات في آخر أيام الخلافة؟   لماذا تراجعت الإنجازات في آخر أيام الخلافة؟ Emptyالخميس 21 مارس 2019, 12:49 pm

كيف خطط الغرب للقضاء على الخلافة الإسلامية .. الجزء الرابع والأخير


عمر التآمر طويل وسياسة فرّق تسد

إن الضربات المتلاحقة التي وجهت للدولة العثمانية تثبت النوايا الغربية بشكل يلغي الحاجة إلى إثبات أن بريطانيا اشترطت إلغاء منصب الخلافة الإسلامية على الجانب التركي في مؤتمر لوزان سنة 1923، لأن الموقف الغربي عموماً والبريطاني خصوصاً لم يقتصر على لحظة واحدة فقط من التآمر السري على منصب أصبح هزيلاً وشبيهاً بوزارة أوقاف في ظل إعلان قيام الجمهورية التركية، بل كان عداء علنياً لفكرة الخلافة نفسها حتى مع وجود مصلحة في بقائها ضد التوسع الروسي، وقد اتضح ذلك من سياسة الدول الغربية تجاه إضعافها ونهش أطرافها لمدة تزيد على قرن من الزمان أثبتت فيها الحوادث والحروب الكبرى حقيقة النوايا التي اختلفت فيما بينها فقط على طريقة اقتسام الغنائم، التي هي بلادنا، ولم تختلف على فكرة التقسيم ذاتها، وكان هذا هو محتوى “المسألة الشرقية” التي تريد حلاً، أو كما قال مراقب أكاديمي أمريكي هو موريس جاسترو الذي عاصر الحرب الكبرى الأولى وكتب في سنة 1917 أن”الأمم الأوروبية منذ بداية القرن التاسع عشر اجتمعت كالصقور حول الجثة لاقتطاع ما يمكنها من الامبراطورية التركية”، فكان احتلال الجزائر (1830) ضمن هذا الإطار وتبعه احتلال عدن (1839) ثم قبرص والبوسنة والهرسك (1878) ثم احتلال تونس (1881) ثم جاء احتلال مصر (1882) ليكون ضربة قاصمة للعثمانيين، ثم جاء احتلال ليبيا (1911) وتبعه مباشرة حربا البلقان (1912-1913) والتي سلخت جميعها أجزاء كبرى من الدولة بعد قرن من إثارة صربيا (1817) ثم اليونان (1821-1830) ثم بلغاريا (1878).
ويلاحظ المؤرخ جستن مكارثي أن الدولة العثمانية في القرن التاسع عشر كانت مطوقة بخصوم أقوياء لم يتيحوا لها “فسحة للتنفس” لترتيب بيتها الداخلي ببناء دولة حديثة وجيش قوي واقتصاد صناعي، واضطروها لخوض حروب متتالية في الأعوام التالية كالحرب مع روسيا (1806-1812) والحرب الثانية مع روسيا أيضاً (1828-1829) والحرب مع محمد علي باشا التي أججتها أوروبا ومنعت التفاهم بين طرفيها (1832-1833) و (1839-1840) وحرب القرم مع روسيا (1853-1856) والحرب الرابعة مع روسيا كذلك (1877-1878) والحرب مع اليونان (1897) وحروب البلقان (1911-1913) والحرب الكبرى الأولى (1914-1918) وحرب الاستقلال (1919-1923)، إضافة إلى حوادث العصيان المسلح الكبرى في مصر عام (1804) والانتفاضة الصربية (1815-1817) والثورة اليونانية (1821-1830) والثورة في جزيرة كريت (1866-1868) والثورة في بلغاريا (1875) و (1876) والتمرد الأرمني (1896-1897)، وهلكت الجيوش العثمانية التي كانت في طور التدريب وأُجبرت على خوض الحروب وهي غير مهيأة، وأُنفقت الموارد المالية اللازمة للتحديث على هزائم أدت إلى خسارة الأرض والدخل، فكان الضعف هو سبب خسائر العثمانيين التي أبقتهم أضعف من القدرة على النهوض .
وكانت الاتفاقيات السرية التي قسمت المشرق العربي وبقية الأراضي العثمانية والتي جرت أثناء الحرب الكبرى جهداً واضحاً موجهاً لإنهاء الدولة العثمانية (مثل اتفاقيات سايكس بيكو ولندن والآستانة وغيرها) وتندرج الثورة العربية برعاية بريطانيا (1916) ثم وعد بلفور (1917) ضمن محاولات تحطيمها وتقسيمها أيضاً، ولهذا كانت النهاية المنطقية لكل هذه الجهود السابقة هي القضاء الفعلي على الدولة العثمانية بعد فقدانها مساحاتها الممتدة، ولم يكن انهيارها وليد لحظة تآمر نظري في مؤتمر لوزان، وقد كان إنهاؤها من أبرز “إنجازات” الحرب الكبرى كما صرح بذلك ساسة ومؤرخون من أوروبا وأمريكا ، ويؤكد مصير الشرق العربي بعد الحرب حين اتفقت أوروبا على اقتسام بلادنا وفق اتفاقات التجزئة آنفة الذكر ونكثت بوعود التحرر التي بذلتها للعرب أن عداءها ليس مع كيان سياسي محدد، كما ادعت كذباً لتغوي العرب، بقدر ما هو عداء مع أي وحدة شاملة تلم شعث بلادنا كما أثبتت الأحداث لاسيما برفض الاعتراف بالخلافة العربية التي طالما رعى الغربيون الدعوة إليها، وفي هذا السياق قال ونستون تشرتشل عندما كان وزيراً للمستعمرات سنة 1920 تعليقاً على محاولات التعاون العربي مع الأتراك مرة ثانية لمواجهة غدر الحلفاء، تلك المحاولات التي أقلقت بريطانيا فقال الوزير البريطاني:
اقتباس :
هنالك جماعة من العرب تبدي تخوفاً من احتلال (الفرنسيين) سوريا، وهي تميل الآن، ولأول مرة، لضم صفوفها، بطرق مختلفة، إلى الأتراك الوطنيين على أن قضيتهم واحدة مشتركة، وهكذا تتم وحدة بين قوتين كنا نفيد دوماً من انقسامهما لا من وحدتهما
كما ينقل زين زين ، وهكذا أسفر البريطانيون عن حقيقة نواياهم بأنها مجرد الإفادة من الانقسام العربي التركي وليس تحقيق أماني العرب ولهذا احتلوا بلادهم غنيمة بينهم وبين الفرنسيين ولم يحققوا لهم آمالهم، وهذه هي النتيجة المثالية للاستقواء بالأعداء وتمكينهم من الهيمنة على الدار ليقوموا بضرب كل محاولات التوحد والنهوض فيما بعد، وها نحن مازلنا في نتائج تلك الحقبة المريرة إلى اليوم.

الغرب يمنح أرباب التجزئة “انتصارات” منسجمة مع مصالحه لأن طموحاتهم لا تتحدى هذه المصالح بل تخدمها ولا تنهض بالأمة

ولهذا فإن ما قام به مصطفى كمال عندما ألغى السلطنة العثمانية والخلافة الإسلامية يلتقي موضوعيا مع أهداف الحلفاء الغربيين ولم تخرج إنجازاته الجغرافية عما رسمه بلفور أمام الأمريكيين، وما رسمه الرئيس الأمريكي ويلسن الذي صرح في سنة 1912 قبل اندلاع الحرب الكبرى بأنه إذا دخل العالم الحرب فلن يكون هناك وجود للدولة العثمانية ، ثم كرر ذلك في نقاطه “المثالية” الأربعة عشر التي لم تطبق جميعها ولكنها تفصح عن رؤية الولايات المتحدة تجاه تركيا كما جاء في النقطة الثانية عشر التي طبق شطر منها يناسب خطط بريطانيا وفرنسا :
اقتباس :
يجب أن يُضمن الاستقلال الثابت لأجزاء الإمبراطورية العثمانية الحالية التي أغلب سكانها من الأتراك، وأما الأقوام الآخرون الخاضعون الآن للحكم التركي فيجب أن يُضمن لهم أمن على حياتهم لا شك فيه، وأن تُعطى لهم فرصة مطلقة لا يجدون فيها ما يعوقهم عن بلوغ استقلالهم، وأما الدردنيل فيجب أن يظل مفتوحاً ويصير ممراً حراً لسفن جميع الأمم وتجارتها في ظل ضمانات دولية
ولقد استقل الأناضول بالفعل واستقلت القوميات غير التركية عن الدولة العثمانية وفتحت المضائق ولكن الانتداب حل بالبلدان غير التركية فلم يكن استقلالها كاملاً وفق البند الأمريكي، وقد أوضح مصطفى كمال للأوروبيين أهدافه بالقول “إنكم تستطيعون أن تنالوا سوريا وبلاد العرب، ولكن كفوا أيديكم عن تركيا، فنحن نطالب بحق كل شعب داخل حدود بلاده الضيقة”  وهو ما يتفق مع المخطط الأوروبي السابق،ولهذا لم يمانع الحلفاء في إلغاء معاهدة سيفر المذلة (1920) بعدما منحهم النظام الكمالي في معاهدة لوزان (1923) الموافقة على تطبيق تلك المعاهدة السابقة على كل البلاد غير التركية وهو ما قامت به الدول الأوروبية بموافقة عصبة الأمم التي جعلت هذه البلدان العثمانية السابقة خاضعة للانتداب، واستثنيت تركيا من ذلك، فكان هذا الاستسلام هو “أهم الانتصارات السياسية” لاتجاه التجزئة القومية ، ولم تمانع أوروبا في المصادقة على ذلك التحجيم الذي “كرس دولياً نهاية السلطنة العثمانية وقيام الجمهورية التركية” الذي حقق حلم القوميين الأتراك وسياسة التتريك التي طبقوها وصار هذا هو الانتصار الكبير للدولة التركية ،  ولكنه لم يكن انتصاراً على الأعداء بل بموافقتهم وتصديقهم وإقرارهم، فقد “أجبرت انتصارات مصطفى كمال –آنذاك- الدول الأوروبية على الاعتراف بأهمية حركة الأناضول، سيما وأن برنامجه استند على أسس قومية وانبثقت عنها مبادئ الميثاق التركي الذي أُعلن في 28 يناير 1920 محدداً أبعاد الدولة سياسياً وجغرافياً، وتنازلها عن كل المناطق المسكونة بأغلبية غير تركية، رفعاً عن كاهلها مشاكل إمبراطورية كاملة، وقد توالت اعترافات الحلفاء بالحركة الكمالية، واعترفت فرنسا رسمياً بحكومة أنقرة، مما أنهى حالة الحرب بين الدولتين، وتجاوبت الدول الأوروبية كلها مع نظرية مصطفى كمال بشأن الإمبراطورية العثمانية،وحمدوا له نظرته المختلفة تماما عمن سبقوه في اعتبار مشاكل الإمبراطورية عبئاً ثقيلاً على كاهل الأتراك ينبغي عليهم أن يتخلصوا منه ليتفرغوا لحركتهم الوطنية القومية” كما تقول الدكتورة تهاني عبد الرحمن:
اقتباس :
والغريب أن لا تنصح الإمبراطوريات الغربية أنفسها بنفس النصيحة فتتخلص من الأعباء الإمبراطورية وتتفرغ لشئونها القومية(!)
وقد ظهر هذا الاتفاق بين توجهات الحلفاء وتوجهات أتاتورك أثناء حربه الاستقلالية حين “اتفق مع فرنسا فسحبت جيشها من كيليكيا، واتفق مع الطليان فانسحبوا من الأناضول” فتفرغ لقمع الأكراد فضربهم وأخضعهم بعنف ثم ضرب الأرمن بقساوة وقاد ضدهم حرب إبادة وتهجير وقتل الألوف وهجر الباقين، والغرب الذي تاجر بدمائهم يقف متفرجاً، ولزم الإنجليز الحياد فيما هو يقود جيشه ويدخل إزمير ويحرقها وينكل بأهلها “وبعد أن أتم مصطفى كمال السيطرة على آسيا الصغرى، انتقل إلى اسطنبول وفيها جيش إنكليزي، لكن لم يطلق النار” وفقاً لموسوعة الدكتور أبي فاضل، ويتحدث الدكتور أحمد عبد الرحيم مصطفى عن توقيع الفرنسيين اتفاقية أنقرة مع الكماليين في سنة 1921 وتركوا لهم بعدها كميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة مما ساعد الأتراك على القتال ضد اليونانيين وأن هذه المعاهدة أكدت توجهات فرنسية سابقة لمساندة الحركة القومية التركية ضمن الصراع بين نفوذ الحلفاء في الأناضول وبموجب ذلك “أقرت فرنسا الميثاق الوطني وتخلت عن معاهدة سيفر وتفرغت بعد ذلك لمواجهة الحركة الوطنية السورية، كما جلا الإيطاليون عن المناطق التي كانوا قد احتلوها في جنوبي الأناضول وإن احتفظوا بجزر الدوديكانيز، وقد تخلوا هم الاخرون للوطنيين عن كميات من الأسلحة مما عزز مركزهم وجعلهم يقررون استكمال تحرير الأناضول وأراضي تركيا الأوروبية” .
وكما سبق ذكره لقد اتفقت توجهات الغرب مع توجهات الحكم الكمالي الذي منح الغربيين كثيراً مما طلبوه فلم يروا تضحية كبرى فيما طلبه لاسيما أنه ينطبق على ما كانوا قد خططوه لمستقبل المنطقة بعد الحرب إذ لم يكن احتلال الأناضول من ضمن أهدافهم بعد تقسيم الشرق العربي والقضاء على الخلافة العثمانية عملياً باحتلال معظم عمقها الجغرافي ولم يتبق سوى الإجهاز الرسمي عليها ، وفي هذا يقول المؤرخ كواترت إن دفاع الأتراك عن موطنهم القومي دفع بريطانيا وفرنسا إلى العدول عن احتلال البلاد بعد أن شعروا بأن ذلك سيكلفهم غالياً، والحق أن القادة الأتراك آنذاك كانوا على استعداد للتفاوض مع الحلفاء حول قضايا معينة مثل:
(1) تسديد الديون التي تراكمت على الدولة العثمانية قبل الحرب
(2) الممرات البحرية التي تصل البحر الأسود ببحر إيجه
(3) التنازل عن سيادتهم على الأقطار العربية، وأخيراً تم الاتفاق بين القوى العظمى والقوميين الأتراك على الإقرار بزوال الإمبراطورية العثمانية الذي أصبح حقيقة واقعة”  .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69641
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

لماذا تراجعت الإنجازات في آخر أيام الخلافة؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: لماذا تراجعت الإنجازات في آخر أيام الخلافة؟   لماذا تراجعت الإنجازات في آخر أيام الخلافة؟ Emptyالخميس 21 مارس 2019, 2:23 pm

إنجازات آخر أيام الخلافة في تقويم الشعب والمؤرخين


تقويم المؤرخين لآخر أيام الخلافة: 

يقول المؤرخ العربي الدكتور أحمد عبد الرحيم مصطفى سنة 1982 في كتابه”في أصول التاريخ العثماني”:”انتهى منذ زمن طويل اعتبار عصر السلطان عبد الحميد مجرد فترة يغلب عليها الطابع الرجعي”.
ويصف المؤرخ نيكولاس دومانيس عصر السلطان عبد الحميد بقوله إن خسارة أراض بلقانية واسعة لصالح الانفصاليين المسيحيين في بداية عهده (1878) أدت إلى أن تفسح القومية العثمانية مكانها إلى فكرة الجامعة الإسلامية، فقد ركز النظام الجديد اهتمامه على رعاياه المسلمين مثل الأتراك والأكراد والعرب والتتار والشركس والألبان بصفتهم أساساً لدولة ناهضة، وقد استمر تحديث هذه الدولة وتركيز السلطة فيها وتمكن السلطان بحلول نهاية عهده من إحكام السيطرة على الموارد البشرية والمادية أكثر من أي من أسلافه، وأقيمت مرافق الدولة المختلفة على أسس رشيدة وعقلانية بشكل ملحوظ في كل من الجيش والإدارات المحلية والتعليم العام والاتصالات مثل السفن البخارية والطرق وسكك الحديد وشبكة البرق الكهربائي(التلغراف) بالإضافة إلى القصر السلطاني نفسه. وبدأ المجتمع العثماني واقتصاده بإظهار مميزات المجتمع الحديث، فبحلول سنة 1900 طغت السكك الحديدية والسفن البخارية على النقل الحيواني والشراعي، وتضاعفت بين 1830-1914 أعداد السكان في استانبول وإزمير وسالونيك في الوقت الذي تضاعف فيه عدد سكان بيروت بين 1800-1914 خمسة عشر ضعفاً من 10 آلاف إلى 150 ألفاً، وكان هذا التمدد المديني ناتجاً عن انتشار زراعة التصدير التي تبعها توسع في التجارة الداخلية والخارجية، وبينما عانت الصناعة العثمانية من تمدد البضائع الغربية الرخيصة بين 1800-1870، فقد شهدت نهضة كبيرة بعد ذلك وانتشرت المصانع حول مراكز المدن لاسيما في استانبول وسالونيك وإزمير وبيروت، كما انتشرت التنظيمات العمالية واحتجاجات العمال. وفي سنة 1908 امتلكت استانبول 285 مطبعة، وصحافة نقدية نابضة بالحياة تراوحت انتقاداتها بين السياسة وبعض مساوئ الحياة العصرية.
ويقول المؤرخان ستانفورد وإيزل شو إن السلطان عبد الحميد عد نفسه مصلحاً وكان كذلك بالفعل، وتمكن بحكمه الفردي من استعادة وحماية امبراطوريته المبعثرة وإحياء مجتمعها وإنجاح معظم الإصلاحات التي هُددت من قبل.
ويقول المؤرخ أندرو ويتكروفت إن السلطان كان أكثر محدثي المجتمع العثماني تأثيراً رغم خطابه المستند إلى الماضي (أي الإسلام)، والذي وحد جميع القوى التقليدية في المجتمع العثماني توحيداً سياسياً خلف قيادته، وقد تحققت معظم وعود الدستور رغم إلغاء العمل به: فقد زود الإمبراطورية بالبنية الأساسية للتعليم الثانوي وبشبكة مواصلات وخطط لتطوير الطرق، ومد البرق الكهربائي على مساحة الدولة حتى وصل إلى البلدات الصغرى، وأدار جهازاً ضخماً من الموظفين، وقد صوره أعداؤه داخل وخارج الدولة بصورة الأحمق الشرير، وكانت “حماقته” هي عدم اتباع وصفة التغريب المعتمدة للتطور والتي لم يطبقها الأوروبيون أنفسهم بحذافيرها وأحبطت خطط الإصلاح القائمة عليها كلاً من الغرب والمصلحين العثمانيين.
ويقول المؤرخ بيتر مانسفيلد إنه رغم أن السلطان كان يتبنى ذهنية رجعية (بالمفهوم الغربي)، فإنه يمكن عده وفقاً للشروط الحديثة مجدداً ومحدّثاً ولكن ليس متغربناً، وقد كان له إنجازات لا يمكن تجاهلها طوال تاريخ حكمه الممتد.

السلطان عبد الحميد وأيام الخلافة في ذاكرة شعبه:

إن كتاب “السلطان الأحمر عبد الحميد” مؤلف استشراقي يحكي قصة حياة هذا السلطان بأسلوب تلخصه صورة الغلاف المليئة بالقتل والدم والرقص والبذخ إضافة لقسوة تعابير وجه السلطان الغارق في كل ما سبق، وقد أصبح هذا الاختزال من مخلفات الماضي، ولكن المهم ما قاله المؤلف “جون هاسلب” في خاتمة الكتاب تحت عنوان “السنوات الأخيرة” التي أعقبت خلع السلطان عن العرش: ” لا نعرف الشيء الكثير عن السنوات الأربع الأخيرة من حياة عبد الحميد….(و) ربما لم يكن عبد الحميد يوماً، أقرب إلى شعبه مما كان عليه في تلك الأيام، حين امتزجت همومه الشخصية بمخاوفه على مستقبل بلاده، في وقت كانت فيه مدافع مدينة غاليبولي تدوي عبر المضايق، ودخول الغواصات البريطانية إلى بحر مرمرا يزرع الذعر في العاصمة. ثم تتابعت الكوارث، وأخذ الناس يترحمون همساً وبأصوات منخفضة، على زمن سعيد مضى، زمن كان فيه “البابا حميد” جالساً على عرش سلاطين بني عثمان” .
ويؤكد ذلك الأستاذ سعيد الأفغاني الذي كتب من دمشق في مجلة العربي الكويتية (عدد ديسمبر 1972) تحت عنوان “عبد الحميد في ذاكرة شعبه”: “إني أعي في طفولتي- وقد نزل من ويلات الحروب وضياع البلاد والمجاعة والقحط أيام الحرب العالمية الأولى- الناس وهم لا يملون من ذكر أيام عبد الحميد بالخير والرحمات، وكانت كلمة “سقى الله تلك الأيام” لازمة تتردد على الألسنة كلما ذكر عبد الحميد وعهده، ولقد كان عندهم خلع عبد الحميد هو الباب الذي منه تدفقت على البلاد المصائب والشدائد والضياع، ومالي أرجع إلى عهد الحداثة (أي صغر السن) وأنا الآن كلما جلست إلى معمر أو أصغيت إلى حديث يدور بين طاعنين في السن أسمع الترحم على عبد الحميد وعلى أيامه، حتى صار اسمه حناناً في قلوب الناس، تجسد فيه عزهم السابق ورخاؤهم وأمنهم وسلامة مقدساتهم”ص 157 مقال “سبب خلع السلطان عبد الحميد: وثيقة بتوقيعه، فريدة مجهولة تصرح بالسبب”.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
لماذا تراجعت الإنجازات في آخر أيام الخلافة؟
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تراجعت أعداد الحمير بشكل كبير
» من روزفلت إلى ترامب: هكذا تراجعت الإمبراطورية الأمريكية
» مؤتمر الخلافة
» سقوط الخلافة العثمانية
» كيف سقطت الخلافة العثمانية؟

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: التاريخ :: التاريخ الاسلامي-
انتقل الى: