منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

  العلمانية بين معنى المفهوم ومآلاته

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69656
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 العلمانية بين معنى المفهوم ومآلاته Empty
مُساهمةموضوع: العلمانية بين معنى المفهوم ومآلاته    العلمانية بين معنى المفهوم ومآلاته Emptyالأحد 24 مارس 2019 - 18:10

إن من أبرز المصطلحات والمفاهيم التي دخلت إلى عالمنا العربي والإسلامي، وأخذنا نكرره ونردده بغير فهمه على الوجه الصحيح، هو مصطلح «العلمانية». ويُقصد بالعلمانية: فصل الدين عن الدنيا في جميع مناحي الحياة، وأبرزها السياسية والثقافية والفكرية. ولا علاقة للعلمانية بالعلم كما يُشاع عند البعض، فالدين عند العلمانيين ينحصر أثره في دور العبادة.
وبحسب دائرة المعارف البريطانية، فالعلمانية «حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس عن الاهتمام بالآخرة، إلى الاهتمام بالحياة وحدها؛ ذلك أنه كانت لدى الناس في العصور الوسطى رغبة شديدة في العزوف عن الدنيا والتأمل في الله واليوم الآخر». ويزعم العلمانيون أن العلمانية لا تعادي الدين، وإنما تُبعِده عن جوانب الحياة، وتكفل للفرد حُرية التدين، حيث يصير الدين عبادات شخصية لكل فرد، ولا يتطرق لأن يكون في جوانب الحياة المختلفة.
[rtl]

نشأة العلمانية

[/rtl]
نشأت العلمانية في أوروبا كنتاج للتحريف الذي صار من رجال الكنيسة واستناد رجال الدين بشرح «الأناجيل»ثم «علم الأسرار»، ثم زاد انحراف رجال الدين حتى وصل إلى جميع نواحي الحياة؛ ما أدى إلى نفور الناس من الدين بالكلية. وينبغي ذكر أن أوروبا لم تُحكم بالدين قبل تحريف الإنجيل باستثناء الأحوال الشخصية، ولم يتدخل الدين في السياسة، الأمر الذي يُعد علمانية أيضًا حسب المنظور الإسلامي، ثم جاءت العلمانية فأقصت الدين بالكلية. وكان من المفترض نبذ تحريف ما جاء به رجال الكنيسة من شذوذ وفتك في القرون المظلمة لأوروبا، والبحث عن دين الحق.
إن دين الكنيسة كان يحقـِّر من قيمة الإنسان والدنيا بشكل كبير في سبيل الحصول على «الخلاص»، والذي يعني ببساطة خلاص الروح الذي لا يمكن الوصول إليه إلا بالتجرد الكامل من متاع الأرض، كما يقول ولفرد كانتول سميث” في كتاب «الإسلام في التاريخ الحديث»: «لم تكن في حساب الكنيسة المسيحية، لا أيام ضعفها في القرون الأولى، ولا حين أصبح لها السلطان، إنما يسعى كل إنسان إلى خلاصه الشخصي، كالذي يسير على معبر دقيق كل همه أن يُشمر ثيابه ويلتفت إلى مواقع قدميه حتى لا ينزلق أو يتلطخ بالوحل، لا يهمه أن يصحح مواضع أقدام الآخرين أو يقيهم من الانزلاق».
فالدين عند رجال الكنيسة لم يكن يسعى إلى عمارة الأرض، وإنما الزهد في الدنيا وتقبل الظلم؛ فقد طالبت الكنيسة من الفلاحين تقبل الظلم الواقع عليهم حتى ينعموا برضا الله، وحتى لا يختلط الفهم؛ فالأمر مختلف تمامًا في منهج الإسلام. يقول الله تعالى ﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾. وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا”.
فدور الإنسان في الإسلام ليس سلبيًا بالتأكيد، فالعمل للآخره لا يعني إهمال الدنيا، بل المقصود هو إقامه الدين الحنيف الذي من شأنه إقامه العدل، وأن يقف سدًا منيعًا من جور البعض على بعضهم. فقد خلقنا الله ابتداءً لعبادته بجعلنا خلفاء لإقامة دينه في أرضه ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾.
[rtl]

العلمانية والأخلاق

[/rtl]
تنبع الأخلاق والقيم بشكل أساسي من الدين، فإذا انسلخ المرء من دينه، وجرّد كل الأشياء، وجعل منظوره الواقعية والمادية البحتة، فلا بد أن يقع الخلل، في أول الأمر، بدأ تنحي الأخلاق عن السياسة، ويتجلى ذلك واضحًا في قول “مكيافيللي”: «إن الغاية تبرر الوسيلة». فالغاية ببرت أفعال هتلر وموسوليني، والغاية بررت اجتياح واستعمار البلدان من أجل تصريف المنتجات، ثم أُزيحت الأخلاق في نواحي البحث والعلوم المختلفة بتعمد عدم ذكر اسم الله واستبداله بالطبيعة، كل ذلك نتاج عن إقصاء الدين، واعتبار الأخلاق مُتغيرة وتعبر عن الواقع، وليس القيم والمفاهيم الثابتة!
فما الذي تبقى إذن من الأخلاق؟، بعد أن قالت العلمانية إن السياسة والاقتصاد لا علاقة لهما بالدين، لم يتبقَ من الأخلاق غير القليل الذي ينبهر به بعض المسلمين، كاحترام الوقت، وعدم الغش وما إلى ذلك. وتلك الأمور في صميمها إسلامية، ولكن الغرب لا يفعلها لكونها جزءًا من الإسلام بالطبع، بل هي أداة للمزيد من المادية لسير المجتمع على ركائز لدعم النفعية ليس إلا، وللحد من المشكلات المُجتمعية.
[rtl]

العلمانية والاقتصاد

[/rtl]
 العلمانية بين معنى المفهوم ومآلاته 0c285f73-a8cf-4f1a-8ec9-c4138576aa65_16x9_600x338
كان النظام فترة حكم الكنيسة إقطاعيًا، وقد كانت الكنيسة تطلب من الناس الرضا بما يقع عليهم من ظلم لأن ذلك قدر الله. وحين خرج الناس عن دين الكنيسة إلى العلمانية، قد بدلوا ذلك بأسوأ، سواءً بالرأسمالية أو الشيوعية. وحتى الآن، فالوضع في قمة الظلم، والفوارق كبيرة جدًا بين العمال وأصحاب رؤوس الأموال، ووسائل جمع الأموال تقوم بشكل أساسي على الربا وشَغل الناس بمنتجات عالمية، وصرف المليارات على تسويقها. بل وصل الأمر حد الجنون، وقد نرى أن كثيرًا من الناس قد وصل بهم الأمر للمفاخرة على أنه استطاع شراء حذاء من ماركة عالمية مشهورة!
﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾
اقتباس :
وكما قال الشيخ إبراهيم السكران: “والعلمانية رفضت أن تكون السياسة لله”
[rtl]
 

المجتمعات العملانية وانهيار المجتمع وتفكك الأسرة

[/rtl]
في أبريل عام 2008، ألقى القاضي بول كولريدج خطابًا أمام محامي الأسرة من منظمة «الحل»، وصف فيه الأسرة البريطانية بالانهيار والتفكك الكامل، فضلًا عن زيادة معدلات الطلاق، وأيضًا الأسر التي يعيش فيها الطفل مع أمه أو أبيه.
الأمر لا يخفى على أحد، فمنهج العلمانية قد دمر العلاقات الإنسانية تمامًا، والمجتمع الغربي في حالة كبيرة من الانحدار والتفكك. ونستعرض بعضًا من الأسباب التي أدت لذلك:

  • قلة الوقت الذي يقضيه الوالدان مع الطفل، بالإضافة إلى كفاح المرأة لإثبات ذاتها في العمل ونسيان أسرتها.
  • عزف الكثير من الأزواج عن إنجاب الأطفال في بعض البلدان كألمانيا وفرنسا وإسبانيا، ما أدى إلى شيخوخة السكان؛ فعدد الشباب أقل من كبار السن.
  • انخفاض معدلات الزواج في بلدان الاتحاد الأوروبى بما يقرب من 50% من حيث القيمة النسبية، واستُبدل ذلك بالسكن المشترك (الأفراد الذين يعيشون بدون زواج)، حيث أصبح شيئًا مقبولًا اجتماعيًا. ومن البديهي بعد أن أصبح السكن المشترك مقبولًا في المجتمعات العلمانية؛ أصبح إنجاب الأطفال خارج نطاق الزواج مرتفعًا بشكل كبير، حيث تُشير أرقام المكتب الإحصائي للجماعات الأوروبية إلى أن نسبة المواليد الأحياء خارج منظومة الزواج  في بلدان الاتحاد الأوروبي في عام 2014 بلغت 42%.
  • الترويج للشذوذ الجنسي وزواج الشواذ


زواج الشواذ في الولايات المتحدة أصبح مسموحًا به في جميع الولايات المتحدة الأمريكية مُنذ 26 يونيو 2015، وبذلك تكون الدولة الثامنة عشر التي تسمح بزواج الشواذ، وذلك بعد قرار اتخذته المحكمة العليا للولايات المتحدة، وقد قضت أن دستور الولايات المتحدة يتطلب من جميع الولايات الاعتراف بالزواج، بغض النظر عن  الجنس الشركاء.

  • ضعف الروابط بين الأقارب، بسبب التركيز على الجانب المنفعي في الحياة. فالأبناء يغادرون منزلهم في سن معين، ولا يربطهم رابط اجتماعي إلا من خلال المناسبات الدينية والاجتماعية.


بعد انطلاق الثورة الصناعية، خرجت الكثير من القيم التي كانت من أسباب تفكك الأسرة، فالمرأة أصبحت ندًا للرجل، وباتت مركزية الأسرة والمجتمع تدور حول فلك ومحور شخصي بحت، فكل يسعى لإثبات نفسه.
[rtl]

خامتة

[/rtl]
 العلمانية بين معنى المفهوم ومآلاته %D9%83%D9%8A%D9%81_%D9%8A%D9%81%D9%83%D8%B1_%D8%B9%D9%82%D9%84_%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%86%D8%B3%D8%A7%D9%86
الإسلام الذي جعل لكل شيء ميزانًا، أمر برجم الزاني المحصن، وجلد الزاني غير المحصن. والعلمانية لا ترى عقوبة للزنى إذا كان برضى الطرفين البالغين. الإسلام الذي حرم الربا، بل جعله من الكبائر ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾. ونص حديث الصحيحين: “اجتنبوا السبع الموبقات”. قالوا: وما هن يا رسول الله؟ قال: «الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات». وقد ألغت العلمانية في معظم الدول الأوروبية بعد عام 1400م ما وضعته الكنيسة من تحريم للربا، حيث كان يُنظر إلى المرابين في الكنيسة الرومانية على أنهم يهود!
إن دين رجال الكنيسة قد صرف الناس عن الاهتمام بالدنيا، ثم جاءت العلمانية لتُقصي الدين بالكامل، بدلًا من التوصل إلى الحقيقة التي تكمن في أن الدين لا يمكن أبدًا أن يكون عقيدة ومنهاجًا بعيدين عن المجتمع، بل هو الأساس الذي يُبنى عليه كل شيء، ومن غيره ينهار المجتمع مهما وصل الإنسان إلى أي تقدم مادي. ويجب على كل مسلم قد عرف حقيقة العلمانية، سواء على مستوى الأفراد أو المجتمعات، أن يسعى في فضح حقيقة العلمانية كمنهج مخالف للدين، بعد أن يتم ترسيخ المنهج الإسلامي الحنيف والتمسك به، وتربية الجيل الناشىء على الإسلام. يجب أن يكون هناك صوت للرد على العلمانيين، ومناقشة الشبهات التي تخاطب الجيل الحالى، ونرى كل يوم ضرورة الحاجة إلى تعلم العلوم الشرعية كما أوصى رسول الله «فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ«.
فالحل هو إحلال منهج العلمانية بمنهج الإسلام، ولن يتم ذلك إلا بإقامة شريعة الله.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69656
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 العلمانية بين معنى المفهوم ومآلاته Empty
مُساهمةموضوع: رد: العلمانية بين معنى المفهوم ومآلاته    العلمانية بين معنى المفهوم ومآلاته Emptyالأحد 24 مارس 2019 - 18:19

فصل العلمانية عن السياسة
يشيع مفهوم بين الناس عن السياسة أنّها فنّ الممكن وفنّ الغش والخداع، وأينما تكون المصلحة تكون السياسة، فلا حلال ولا حرام والغاية تبرر الوسيلة، ويعتبرونها شيئا مفتوحا مُطلقا لا حواجز فيه ولا حدود ولا ضوابط ، وهذا الاعتبار الشائع عن مفهوم السياسة صحيح في منظور المبدأ الرأسمالي السائد ومنظومته العلمانية التي تُهيمن على العالم وتنشر لوثتها الفكرية في عقول الناس مسلمين وغير مسلمين ، ولكن رغم هذه الهيمنة الغربية التي تهدف لمحو الهوية وضرب الثقافة الفكرية عند المسلمين علينا أن لا نُسلّم للأمر الواقع ونعتبر الرأسمالية قدر لا يمكن منافسته ولا محاربته ، بل على العكس من ذلك تماماً فذلك المفهوم عن السياسية يُمثّل وجهة نظر أحادية الجانب وهو ليس اعتبارا عاما ولا هو المرجع الحقيقي الوحيد الذي يُمثّل البشرية خاصة المسلمين الذين يمتلكون عقيدة سياسية ينبثق عنها نظام سياسي عالمي ، وبالتالي فللإسلام أيضاً وجهة نظر أُخرى عن السياسة بمفهوم آخر يُخالف به مفهوم الحضارة الغربية عنها.
السـياسـة في الإسلام تعني: “رعاية شـؤون الأمة داخلياً وخارجياً، وتكون من قبل الدولة والأمة، فالدولة هي التي تباشر هذه الرعاية عملياً، والأمة هي التي تحاسب بها الدولة، ورعاية شؤون الأمة داخلياً وخارجياً من قبل الدولة تكون بتنفيذ المبدأ في الداخل، وهذه هي السياسة الداخلية.
وأما رعاية شؤون الأمة خارجياً من قبل الدولة فهي علاقتها بغيرها من الدول والشعوب والأمم، ونشر المبدأ إلى العالم، وهذه هي “السياسة الخارجية” السياسة القائمة على أساس المبدأ الإسلامي ليست وليدة اللحظة ولا هي ردّة فعل لمواكبة الحضارة الغربية وإنّما هي قبل الرأسمالية بقرون خلت أي أنّها مفهوم أصيل في عقيدتنا مارسها الأنبياء حتّى آخر خليفة مسلم من آل عثمان ، وللدلالة على ذلك أستشهد بقول رسول الله محمد صلوات الله عليه في الحديث الشريف الذي يقول ((كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي وستكون خلفاء تكثر، قالوا: فما تأمرنا، قال: فوا ببيعة الأول فالأول، وأعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم)) متفق عليه.
فالحديث يُبيّن أنّ السياسة مارسها الأنبياء والخلفاء والرعيّة (الأمّة) وعليه فإنّ السياسة في المبدأ الإسلامي لها السّبق والأصالة في العالم قبل ظهور الحضارة الغربية الحالية التي شوّهت معنى السياسة ومفهومها الراقي.
[rtl]

صراع المفاهيم




 العلمانية بين معنى المفهوم ومآلاته Antifascist-demonstrators-confront-police-during-a-protest-on-june-4-picture-id692364270[/rtl]

تضع الرأسمالية تنظيراتها السياسية على أساس مبدئي فتحقيق المصلحة بنهب خيرات الشعوب وخداعهم تُعتبر فكرة وطريقة الوصول لذلك هي بالاستعمار هذا على جانب السياسة الداخلية والخارجية، بالمقابل يضع الإسلام مفاهيمه السياسية من جانب مبدئي أيضاً فيرعى شؤون الناس بالداخل عن طريق تطبيق الأحكام وهذه هي السياسة الداخلية للدولة الإسلامية (الخلافة).
وأمّا السياسة الخارجية فهي علاقة الدولة بغيرها من الدول والشعوب والأمم، وهذه العلاقة هي رعاية شؤون الأمة خارجياً. والسياسة الخارجية للدولة الإسلامية هي علاقتها بغيرها من الدول والشعوب والأمم، وتقوم هذه السياسة الخارجية على فكرة ثابتة لا تتغير. هذه الفكرة الثابتة هي نشر الإسلام في العالم (الجهاد) في كل أمة وكل شعب. وهذا هو الأساس الذي تقوم عليه السياسة الخارجية للدولة الإسلامية، وهذا الأساس لا يتغير أبداً، ولا يختلف مهما اختلف الأشخاص القائمون على الحكم.
بالإضافة لذلك فالرأسمالية تعتبر السياسة نطاق مفتوح تُستخدم فيه كل الوسائل والأساليب المتاحة للوصول للغاية حتى ولو كانت فوق جماجم الأبرياء فالمصحلة الذاتية فوق كل اعتبار طالما أن النظرة الميكافيليّة هي التي تحكم المبدأ.
بينما في الإسلام الوضع مختلف تماماً فالذي يحكم النظرة السياسية هي المقاييس(الحلال والحرام) فلا نطاق مفتوح ولا نطاق مُطلق وإنّما ضبط تام وتنظيم أتم فالسياسة حكم شرعي في الإسلام لها طريقتها الخاصة في التنفيذ مع العمل على ابتكار الأساليب والوسائل السياسية لتحقيق الغاية سواء في تطبيق المبدأ في الداخل أو حمله للخارج، فمثلا تستثمر الدولة طاقتها الدعائية لنشر الإسلام ولتهيئة المناخ العام في دولة ما كي تستهدف فتحها لاحقا بالجهاد.
كما أنّ الإسلام نظّم علاقة الدولة الإسلامية في السياسة الخارجية وحرّم عليها الركون للظالمين قال تعالى “وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ”.
وقال رسول الله محمد في حديثه للجنود عن سياسة نهج المعركة في الإسلام (لا تقتلوا صبياً، ولا امرأة ولا شيخاً كبيراً، ولا مريضًا، ولا راهباً، ولا تقطعوا مثمراً، ولا تخربوا عامرًا، ولا تذبحوا بعيراً ولا بقرة إلا لمأكل ، ولا تغرقوا نحلاً ولا تحرقوه)، وهذا مُخالف لنهج المبدأ الرأسمالي العلماني في السياسة.
[rtl]

السياسة مفهوم راقٍ




 العلمانية بين معنى المفهوم ومآلاته Vanished-civilizations-moorish-council-in-granada-illustration-on-picture-id173302848[/rtl]

إنّ السياسة مفهوم راق جداً وهي وليست أمر سلبي، فهي التي تنهض بالأمم أو تحطّ بهم وتُحدد مصير الحضارات لذلك لا بُدّ من عناية فائقة في التفكير السياسي، فإذا كانت السياسة العلمانية أمرا سلبيا لا يجوز مُجاراتها بحجة “الواقع” ولا يتأتّى ترك السياسة والعمل السياسي بحجّة “فسادها” وإنما يُعمل على تغيير الواقع وتطبيق الإسلام بسياسته العادلة ونهجه الراقي الذي أرسله الله رحمةً للعالمين، ولا يُقال أنّ نهج السياسة العلمانية الفاسد مدخل لنهضة المسلمين وطريقة للتمكين على العكس يكون هذا طريق هلاكهم وانتحارهم السياسي لأنّه يخالف مبدأ الإسلام.
فكما ذكرت الإسلام يمتلك فكرة وطريقة والطريقة يجب أن تكون من جنس الفكرة حتى تؤدّي لنهوض المسلمين فالحلول تؤخذ من مرجعيّتنا وهي الكتاب والسنة وليس من نظريات الغرب الفاسدة. ومن مفاهيم السياسة أيضاً أنّ القضية النبيلة لا تموت وإنّما يُخاض الكفاح من أجلها وتستمر ديمومته فلا حلول مرحلية ولا جزئية وإنما حل جذري للوصول للغاية النبيلة بشكلها الكامل.
[rtl]

الخاتمة

[/rtl]
إنّ العلمانية والإسلام نقيضان فلا العلمانية تقبل بتدخّل الإسلام في السياسة ولا الإسلام يقبل بتدخّل العلمانية في السياسة، كما أن السياسة ليست جزء من الإسلام بل إنّ الإسلام بطبعه سياسي تقوم فلسفته على مزج المادة بالروح عكس العلمانية التي تقوم فلسفتها على النّظرة الماديّة المجرّدة فنشرت الرذيلة ومنعت الفضيلة وسرقت الناس بمسمى الحداثة!، لذلك لا بد من صراع حضاري هدّام ينتصر أحدهما فيه على الآخر، ونحن اخترنا الإسلام ولذلك نقولها بمليء الفيه #يجب أن تُفصل العلمانية عن السياسة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69656
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 العلمانية بين معنى المفهوم ومآلاته Empty
مُساهمةموضوع: رد: العلمانية بين معنى المفهوم ومآلاته    العلمانية بين معنى المفهوم ومآلاته Emptyالأحد 24 مارس 2019 - 18:22

كيف أخرج العلمانيون الدين من الوظيفية إلى المصالح الدنيوية؟





 العلمانية بين معنى المفهوم ومآلاته %D8%AD%D8%B2%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%B1-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9



مصطلح «الإسلاميين» أو «الإسلام السياسي» هو لفظ علماني بحت، لم يطلقه أي فصيل أو تيار إسلامي على نفسه، فأي مسلم يفهم الإسلام ودوره في الحياة يعرف أن الإسلام دين كامل شامل لكل مظاهر الحياة ونواحيها، سياسة واقتصاداً، إدارة وفناً، على مستوى الأفراد وعلى مستوى المجتمعات؛ لكن بعد تفشي العلمانية في مجتمعاتنا الإسلامية وتوغلها في عقول المسلمين من خلال كل المصادر المعرفية والإعلامية وحتى على ألسنة بعض الدعاة وعلماء الدين، أصبح الإسلام ضيقاً صغيراً مقتصراً على العبادة بين العبد وربه، منفصلاً عن الحياة المدنية أو ”الحضارية“ كما يزعمون، ويتلخص دوره المجتمعي في سلسلة من الأخلاق التي تقرها الدولة ونظامها، فليس كل الأخلاق الإسلامية حتى مقبولة إلا بعد مرورها بمصفاة الدولة وقانونها الوضعي.

الإسلام أم الإسلام السياسي؟

فلما عزم بعض المفكرين الإسلاميين والدعاة ممن فهموا شمولية هذا الدين على تصحيح تلك الصورة وممارسة الإسلام الكامل الصحيح كما كان على عهد رسول الله ﷺ والراشدين، لا يحده قوانين وضعية بشرية ولا فكر يستقي من منابع غربية لا تمُت للدين بِصِلَة، حاول هؤلاء العلمانيين وأنصارهم أن يجعلوا من تلك الصورة الصحيحة والفهم الصحيح للدين صورة غير مقبولة وغير مستساغة عند الشعوب، فأطلقوا عليهم الإسلاميين أو أصحاب الإسلام السياسي، وكأن دورهم يتلخص في الحصول على منصب سياسي وكأن أغراضهم دنيوية بحتة ويستغلون الدين فقط لتحقيق مآربهم الشخصية، وأن الدين الإسلامي الحقيقي هو ما يتحلى به عوام الناس والذي يبعد كل البعد عن التدخل في شئون الدولة وعن الحياة العامة.
 العلمانية بين معنى المفهوم ومآلاته %D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86

لماذا هذا التقسيم؟

بهذه الصورة أحدث العلمانيون هذا التقسيم أو الشرخ حتى أصبح الكثير من المسلمين ينظر إلى من يُطلق عليهم ”الإسلاميون“ وكأنهم أصحاب فكر خاص خاطئ أو أجندة براجماتية خاصة، وأيضاً سهّل هذا التقسيم على العلمانيين مهاجمة الإسلاميين كما يحلو لهم كأنه صراع سياسي فحسب، إلا أنه صراع أيديولوجي ديني عميق من ينجح فيه يزرع بذور الدول القادمة التي إما أن تصير إسلامية أو تكون أكثر علمانية من سابقيها، يزيد علمانيوها بحقدهم على خصومهم ”الإسلاميين“ مزيداً من البطش والتنكيل بهم وتقييد حركتهم، ومزيداً مما يطلقون عليها ”الحريات“ وما هي إلا مخالفات صريحة للدين، بدأنا نرى بعضها يظهر بوادره في المجتمع الآن كتفشي العري والفواحش والتمهيد لقبول الشذوذ الجنسي على الصعيد المجتمعي العام.

النظرية والحركة

إذن فلفظ المسلمون (المقبول عند العلمانيين) يعني المسلمون النظريون، من يفصلوا الناحية العملية الحياتية الحركية ويستبدلونها بأفكار معاصرة تُستمد من محاولات التغريب التي لم تنقطع يوماً في القرنين الماضيين؛ وأما المسلمون الذين لا يقومون بهذا الفصل ويأخذون الدين جملة واحدة، لا يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض، يُطلقون عليهم الإسلاميين، ويحاولون إقناع الشعوب بأن هؤلاء بعيدين عن الإسلام، ثم إذا مُكّن لهم بشيء من القيادة أو المشاركة لا يلبثوا إلا أن يُحمّلوهم الكثير من الفشل الذي أصاب بلادنا بسبب سياسات -بل وخيانة- هؤلاء العلمانيين للأمة ولدينها ولثوابتها.

أسباب العداء

الفارق بين المسلم والإسلامي إذن على حسب تصنيف العلمانيين أن المسلم هو الذي يعبد الله ويطبق دينه في نفسه، أما الإسلامي فهو المسلم الذي يعبد الله ويريد تطبيق دينه على مستوى مجتمعه كما يطبقه على نفسه، وهم أشد عداوة للثاني عن الأول، فمعنى تطبيق الدين على المجتمع -أي تعبيده لله عز وجل بتطبيق أوامره وتجنب نواهيه- معناه الحد من الحريات التي يرغبون بالتنعم بها والمفاسد التي يستحلونها، ومعناها أيضاً أنهم وهم يظنون أنفسهم فقط أصحاب الفكر التنويري سيجدون أنفسهم أمام أفكار ربانية -وليست بشرية-  فكيف لهم أن يناظروها ويتحدوها على الملأ فيشهدون على أنفسهم بالنفاق أو الكفر! كأن لسان حالهم يقول كما قال أبو جهل
اقتباس :
تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف، أطعموا فأطعمنا، وحملوا فحملنا، وأعطوا فأعطينا، حتى إذا تجاذينا على الركب، وكنا كفرسي رهان، قالوا: منا نبي يأتيه الوحي من السماء، فمتى ندرك مثل هذه، والله لا نؤمن به أبدًا ولا نصدقه.
أي بلغة عصرية تسابقنا والإسلاميون في كل شيء حتى كنا كفرسي رهان، فإذا تناقشنا قلنا قال فلان وقالوا قال الرحمن، فأنّى لنا بهذا!!

منافقي هذا العصر

 العلمانية بين معنى المفهوم ومآلاته %D8%A7%D9%85%D9%86%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%82%D8%A7%D8%A8
إذا كان الإلحاد هو الكفر الصريح في زماننا هذا فالعلمانية هي أشد صور النفاق وأقبحه، نعم نقرأ كثيراً عن النفاق والمنافقين، ونكثر حتى داخل الحراك الإسلامي باتهام بعضنا البعض به، إلا إنه تجسد كاملاً في هؤلاء؛ لقد كان المنافقون على عهد رسول الله ﷺ يصلون معه في المسجد وكانوا يلتزمون بـ ”الإسلام النظري“ أكثر حتى من الكثير من الملتزمين به في يومنا هذا، إلا أنهم كانوا يُخذِّلون بكل طاقتهم عن الإسلام العملي الحركي كما أراده الله، وكما فهمه الصحابة رضوان الله عليهم وطبقوه في كل نواحي حياتهم مع رسول الله ﷺ؛ إنهم هم الذين يُسوِّفُون أي استقلال حقيقي لشعوبنا عن الإدارة والإرادة الغربية الأمريكية والصهيونية فيقولون تارة متطلبات الواقع، وتارة الحكمة والدهاء السياسي، وتارة أخرى المصالح المشتركة… إلخ، بل تجدهم يسارعون إلى الغرب (يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة)، حتى إذا دعت الضرورة للصراع
اقتباس :
تجد لسان حالهم يقول (لا تنفروا في الحرّ).
إنهم هم الذين (اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله)، وهم من (إذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم)، وهم الذين لا يقفون مع من يسمونهم ”الإسلاميين“ إلا (لو كان عرضاً قريباً أو سفراً قاصداً)، و(لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالاً ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم)، ثم يعودوا يقولون (ليخرجن الأعز منا الأذل) وهم يصارعون خصومهم الإسلاميين في كل قطر من بلادنا، وعندما ينجحون للأسف من النيل منهم لا يكتفون بهذا النصر الخبيث الذي حققوه بكل الوسائل الحقيرة وبنشر الأكاذيب والإشاعات فحسب، بل ينكلون بشيوخ المسلمين ودعاتهم وعلمائهم وشبابهم الذين لم يثبت عليهم في أي بقعة من بلادنا من ارتشى أو سرق أو استغل منصبه منهم، إلا قليل القليل الذين لم يكونوا في الواقع إلا منهم ولكن على صورتنا وهيئتنا، وهذه إحدى وسائلهم الماكرة، ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.

اختلاف طرفي الصراع

إن عداء العلمانيين “للإسلاميين” إذن هو صراع وجودي، لا يخفى على ذي لُبّ، كلهم يتحدون عليه، لكننا نتفرق في رؤيتنا لهم، فمنا من يراهم وطنيين منقذين للوطن وللأمة وأنهم مصلحيين سياسيين وأهل السياسة والفكر وليسوا رجعيين (مثل الإسلاميين على حسب قولهم)، ومنا من يراهم محايدين فقط، فهم لا يعادون الإسلام ولا ينصرونه، ومنهم من يراهم على الصورة التي أسلفناها، فهم متحدون أمامنا ونحن متفرقون أمامهم.

ماذا يجب أن يفعل قيادات الحراك الإسلامي للحد من نفوذ هؤلاء العلمانيين

١- نشر حقيقة العلمانية والعلمانيين بين المسلمين كي يعرفوا الفرق بين من هم في صفهم ومن في صف عدوهم وإن كانوا من بني جلدتهم.
٢- إبراز وتصحيح التصور الذي يفصل بين الإسلاميين بمعناهم العلماني وعموم المسلمين، وأننا في معسكر واحد ولسنا معسكرين مختلفين.
٣- انفتاح الحركات الإسلامية على عموم المسلمين وتوسيع دائرة عملهم وفتح قنوات تسمح للجميع بالمشاركة على اختلاف قدراتهم وإمكاناتهم.
٤- نزع صفة الحزبية والعصبية الحركية المهيمنة على الكثير من أبناء التيار الإسلامي.
٥- وحدة الهدف والتعاون بين التيارات الفكرية والحركية الإسلامية على اختلاف آلياتهم ومنهجياتهم.

خاتمة

إن الصراع بين الفكرتين الإسلامية والعلمانية صراع حتمي، آلياته نشر الوعي والفهم الصحيح للدين، فمن ربح الصراع كسب الدولة وطبق أجندته، إما غربية أو شرقية وإما ربانيّة، لذا فمن الواجب على “الإسلاميين” -كما يسمونهم- أن يعالجوا هذه الآفة في جسد الأمة وأن يستخدموا كل الوسائل والأصعدة لخوض هذا الصراع الفكري وأن يتوحدوا في هذه المعركة فتعود الأمة إلى ثوابتها وقيمها، وترتاح من تغريبها وتشريقها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69656
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

 العلمانية بين معنى المفهوم ومآلاته Empty
مُساهمةموضوع: رد: العلمانية بين معنى المفهوم ومآلاته    العلمانية بين معنى المفهوم ومآلاته Emptyالأحد 24 مارس 2019 - 18:24

ما فعلته العلمانية بالغرب… ألهذا يريدون علمنة الشرق الأوسط؟
مجتمع متهاوٍ شريعته عوجاء، تتقاذفه الأهواء تحكم عليه القبلية بالضياع، فجاء الإسلام لينتشل ما تبقى من مكارم أخلاق الناس؛ يضبط معاشهم ومماتهم، يحفظ على المجتمع تماسكه وقيمه، يخط لهم منهاجًا لا يُظلم فيه عامل، ولا يضيع فيه حق ضعيف، فأَعْظَمَ اللهُ عليهم المنة بدين أقوم وشريعة غرَّاء أخرجتهم من جاهليتهم إلى سعة الإسلام ورحبه.
ثم سار الصحب الكرام على مثل ما ربَّاهم عليه رسولنا الكريم؛ فدنت لهم فارس والروم، وسائر أقطار الأرض. يُعلِّمون الناس ما أُنزِل عليهم، فتُهذَّب الأخلاق، وتُتَّقى المكاره، وتنضبط موازين الحكم، وتنقلب الموازين الجاهلية رأسًا على عقب، فيقود من تُأهِّله صفاته ودينه للقيادة، ولا يضيع عنده حق ضعيف أو امرأة أو شيخٍ أو حتى عدوٍ إن كان له حق.
وظلت هذه النهضة تشمل جوانب حياة الناس ما بقي الإسلام قائدًا وشريعته حاكمة مُقامة، فتُردّ على الناس حقوقهم، وتُرسم الحدود الواضحات بينهم. وما إن انسلخت الأمة عن مكمن قوتها، وانصرف الحُكَّام عن شريعة ربهم يطلبون الشهرة والمال والنفوذ والسلطان، إلا وتبدّل الحال، وخطف بريقُ المناهجَ البشريةِ ألبابَ الناسِ!
كيف لا، وهي تهدم ما وضعه الدين من ضوابط لإحكام الغرائز الحيوانية والأهواء البشرية، وتُقدِّم لهم ما يتمنون، وتُطلق العنان لما قمع الإسلام علوَّه. فصار الناس سكارى تتخطَّفهم كل شاردة وواردة؛ فأضحت الأخلاق شأنًا شخصيًا، والحقوق والواجبات غير مُلزمين في شأن الناس العام. العلمانية بين معنى المفهوم ومآلاته Sri-lankan-men-are-silhouetted-against-the-rainbow-flag-at-colombo-picture-id696953488

فظنوا أنهم بانفكاكهم عن الدين الذي أنزله خالقهم سينعمون بحرية ورغدِ عيشٍ، وسيستردّون حقوقهم التي سلبهم الدينُ إيَّاها؛ فانقلب السِحر على الساحر، وكان هذا هو الحال والمآل.
[rtl]

ما تكبَّده الغرب في سبيل علمانيته

[/rtl]
لمُ يخلُ مجتمع يومًا من قيم عامة وأخلاق وفضائل، إلا أنَّ وجود هذه القيم حتى وإن كانت مصدر تقدير لحاملها، لا يعني وجودها في نظامٍ عامٍ مُلزم يضمن الحقوق ويرسم الواجبات. ولمّا كانت حراسة تلك القيم والأخلاق ومحاولة ترسيخها شأنًا كنسيًا خالصًا في العصور الوسطى للقارة الأوروبية، وتوسَّع رجال الكنيسة في وصايتهم؛ انصرف الناس عن الكنيسة بكل ما تحمله من دين ووصاية وحتى قيمها وأخلاقها، ولم يفرقوا بين غثها وسمينها.
فأضحت الأخلاق والفضائل شأنًا خاصًا لا يُنكر على تاركه بدعوى الحرية الفردية، بل ربما لا يُحمد فاعله ويُنكر عليه بدعوى إقحام الدين في غير مجاله وتقييد الحريات الشخصية لأفراد المجتمع، فكان هذا نتاج هدم القيم وإخراجها من نطاق الإلزامية إلى الحرية الشخصية.
[rtl]

أطفال خارج إطار الزواج

[/rtl]
ولمّا انفك الناس عن الدين، وحاولوا رسم حقوقهم وحريّاتهم وفقًا لأهوائهم، تعارضت وتضاربت هذه الحقوق المدّعاة مع بعضها البعض، فإذا بحقوق الحرية الفردية تتعارض مع حقوق الأطفال الذين يُولدون خارج إطار الزواج، وحقوق المرأة في فعل ما تريد، والصداقة دون زواج تتعارض مع حقوقها هي نفسها.
يفخر تقرير النظام الاحصائي الوطني الأمريكي للإحصاءات الحيوية والصادر في 5 يناير 2017، أن نسبة الأطفال خارج إطار الزواج للعام 2015 قد انخفضت لتستقر عند 40.3%،[1] أي أنّ ما يعادل نصف المواليد في أمريكا هم أبناء غير شرعيين، دون حديث عن حق هؤلاء الأطفال في حياة كريمة، ولا عن حقوق الإنسان وحقوق هؤلاء الأطفال في الأمومة والرعاية.
فخلال العام 2015 فقط، استقبلت أمريكا أكثر من مليون وستمائة ألف طفل من أمهات غير متزوجات، والعجيب أن هؤلاء ممجدي الحريات الأمريكية، ومهاجمي التشريعات الدينية الخاصة بالزواج، لم نسمع لهم همسًا فيما يخص ألفين وخمسمائة طفل لفتيات تقل أعمارهن عن الخامسة عشر، والأعجب أنّ هؤلاء الأطفال كانوا خارج إطار الزواج. وهذا على الرغم من التشريعات الأمريكية التي تسمح بزواج الأطفال في كثير من ولاياتها.[2]
 العلمانية بين معنى المفهوم ومآلاته Births-and-birth-rates-for-unmarried-women-by-age-and-race-and-Hispanic-origin-of-mother-United-States-2015
 
أما عن القارة العجوز التي تزعم تعليم الدنيا الحضارة والتقدم، فكانت هذه هي الإحصاءات للمواليد خارج إطار الزواج.[3]
 العلمانية بين معنى المفهوم ومآلاته Live-births-outside-marriage-selected-years-1960-2015
[rtl]

مشاكل الإجهاض

[/rtl]
وإن كنا قد أوضحنا نسب الأطفال خارج إطار الزواج في أوروبا وأمريكا، إلا أن هذه الإحصاءات ليست كافية لكشف حقيقة الوضع، فهؤلاء هم الأطفال الذين أتوا إلى الحياة بالفعل، ولكن ماذا عن أولئك الذين انتهت حياتهم التي لا تعني شيئًا لآبائهم وأمهاتهم؟! فهذه الخارطة توضح نسب عمليات الإجهاض في أوروبا مدعية الحضارة وحماية حقوق الإنسان![4]
 العلمانية بين معنى المفهوم ومآلاته Abortion-percentage-by-country-in-Europe-most-recent-data-country-average.
فعلى الصعيد العالمي، انتهت 25٪ من حالات الحمل بالإجهاض في الفترة من 2010إلى 2014، فيما بلغت نسبة الإجهاض في البلدان التي تُصنّف كمتقدمة 27 % في نفس الفترة. حيث رُصِد ما يقدر بـ 56 مليون حالة إجهاض سنويًا. [5]
[rtl]

الأطفال ضحايا الاعتداءات العائلية والمجتمعية

 العلمانية بين معنى المفهوم ومآلاته Group-of-people-made-a-protest-against-child-rape-and-women-violance-picture-id621055260
[/rtl]
وإن لم يكن هناك ما يضمن حقوق البشر وفق منهج قويم ونظام مُلزم ورادعٍ للتصرفات الحيوانية والأهواء البشرية الجامحة، وتربية إيمانية تصنع من الفرد رقيبًا على نفسه قبل الرقابة السلطوية؛ فما الرادع من أن يكون الأطفال عرضة للاعتداءات العائلية أو المجتمعية؟!
بحسب مؤسسة RAINN ترصد خدمات وقاية الطفل كل 8 دقائق دعوى اعتداء جنسي على طفل، وتذكر أنّه وخلال الفترة من 2009 إلى 2013، أثبتت وكالات حماية الطفل أدلة قوية تشير إلى أن 63 ألف طفل كانوا ضحايا الاعتداء الجنسي سنويًا، كان هذا في الولايات المتحدة الأمريكية فقط![6]
وفي أمريكا أيضًا، ومن خلال دراسة 900 حالة تم الإبلاغ الرسمي عنها مِن بين أكثر من 57 ألف حالة من حالات الاعتداء الجنسي على الأطفال خلال العام 2015، تبين أن 77.7 ٪ من الحالات كان الجاني أحد الوالدين! [7]
 العلمانية بين معنى المفهوم ومآلاته Child-Fatalities-by-Relationship-to-Their-Perpetrators-2015
[rtl]

آثار تعاطي الكحوليات والمخدرات

 العلمانية بين معنى المفهوم ومآلاته Heroin-users-prepare-to-shoot-up-on-the-street-in-a-south-bronx-has-picture-id858685168

[/rtl]

وفقا لهيئة الخدمات الصحية الوطنية NHS في اسكتلندا، فإن أكثر من نصف الناس الذين انتهى بهم المطاف في المستشفى لأنهم آذوا أنفسهم عن عمد، قالوا إنهم قد تناولوا الكحول مباشرة قبل أو أثناء القيام بذلك.[8]
ويقدر المعهد الوطني لتعاطي المخدرات بالولايات المتحدة الأمريكية أن إساءة استعمال التبغ والكحول والوصفات الطبية والمخدرات غير المشروعة تحمِّل أعباءً اقتصادية إضافية على الولايات المتحدة، حيث تبلغ تكاليف الرعاية الصحية المباشرة حوالي 137 مليار دولار سنويًا. كذلك فإن تقديرات التكلفة التي تشمل الجريمة وفقدان إنتاجية العمل تقفز إلى أكثر من 600 مليار دولار، أي ما يعادل 17.1٪ من الميزانية الفدرالية للولايات المتحدة، ويوضح الرسم البياني التالي تكلفة استخدام المواد المخدرة في أمريكا (وحدة العملة في الرسم: مليار دولار أمريكي)[9]
 العلمانية بين معنى المفهوم ومآلاته Costs-of-Substance-Abuse-USD-Billion
وعلى ما يبدو أنّ المواد المخدرة أخطر على أمريكا من الإرهاب الذي تزعم أنه يكلفها الكثير، ففي عام 2012، بلغ عدد الوفيات الناجمة عن الجرعات الزائدة من المخدرات أكثر من 33 ألف حالة.[10]
[rtl]

أهذا نتاج تطبيق خاطئ للعلمانية أم نتيجة حتمية لمبادئها؟

[/rtl]
ولم تكن العلمانية الغربية منفصلة يومًا عن ذاتها ومبادئها، بل وأقرَّ مُنظِّروها هذا التوافق، وأعربوا عن مدى كونها فكرة واعية بموضوعها المتمثل في عزل الدين عن توجيه حياة البشر. وفي هذا المأزق لم يكن أمام العلمانيين سوى الاعتراف بالحقوق المطلقة للبشر شرط عدم تعارضها مع حقوق غيرهم من البشر، وهو ما عجزوا حتى عن التنظير له فضلًا عن تطبيقه في نظام عام مُلزِم، فوضعوا الحقوق الشخصية الخالصة منزلة الحاكم الآمر الناهي في نظامهم، وتقدمت هذه الحقوق على الحقوق الاجتماعية، والترابط المجتمعي والمصلحة العامة.
فأثبتت تشريعاتهم البشرية مدى عجزها عن وقف ما أسلفنا من جرائم، وكان أقصى ما استطاعوا تقديمه هو إقامة توعية مجتمعية لمناداة الأفراد بتقليص حرياتهم الشخصية، والتوعية بالآثار الجانبية للحقوق التي أطلقوها هم بأنفسهم، أملًا في الاستجابة الفردية.

 العلمانية بين معنى المفهوم ومآلاته Heroin-user-reads-an-alert-on-fentanyl-before-being-interviewed-by-picture-id827808424

فبعد نزع الدين من حياة الناس ما الذي يقف عازلًا بينهم وبين فعل ما يريدون، سوى بعض القوانين التي تطلب رقيبًا عليهم لتنفيذها؟! فمن ذا الذي يمنع من أراد إقامة علاقة غير مشروعة نتج عنها حياة شخص لا ذنب له فيما سيتعرض له من مأساوية الحياة نتيجة هذه العلاقة؟ فالعلاقة قد تمت بالتراضي لذا لا يمكن إدانتها قانونيًا! ومن ذا الذي يمنع والدًا تجردّ من أخلاقه وفطرته فاعتدى على أحد أطفاله، فليس من حق الحقوقيين تثبيت كاميرات مراقبة في المنازل تراقب تصرفات الآباء مع أطفالهم.
[rtl]

العلمانية وطبيعة الدين الإسلامي هل يلتقيان؟

[/rtl]
الحقيقة أنْ ليس ثمَّة إشكال حقيقي فيما يطرحه العلمانيون منطلقين من النموذج الكنسي في الحياة الغربية وبين الدين الإسلامي الذي تصدى لمثل هذه الكهنوتات، ولكن الإشكال يكمن في رغبتهم في فصل الإسلام عن الإسلام، إذ أنَّ العلمانية قد نشأت نتيجة انحرافات كنسية في المسيحية، وتحريف الدين عن مقتضاه، حتى أنَّ الناس كانوا لا يملكون كتابًا يقرأونه يُقرِّر أحكام دينهم، وصارت الكنيسة هي من يحتكر الدين وتفسيره وتطبيقه، وتُكفِّرُ من يخالفها، بل وخلقت ما يُسمَّى التأييد الإلهي للقيصر، وأضحت أحكام الهيئة الكنسية مُلزمة للجميع دون أن يعرف هؤلاء المحكومين بما حُكموا ولا يعرفون منهجًا ولا منهجيةً سارت عليها الكنيسة لإصدار مثل تلك الأحكام.
ومن هنا يتضح لنا أن ليس ثمَّة إلزام بين ما ذهبت إليه أوروبا في التعامل مع الطغيان الأعمى للكنيسة، وبين التعامل مع الدين الإسلامي، كما أننا نستطيع هنا أن نحكم على الموقف الأوروبي بأنه موقف خاطئ في التعامل مع الطغيان الكنسي، إذْ أنَّ إثبات تحريف دين أو عدم مناسبته لحياة الناس، لا يمكن أن يكون سببًا لترك أي دين، بل يجب أن يكون التصرف الصحيح في مثل هذا هو البحث والتنقيب عن البدائل المطروحة، وليس ترك جميع الأديان قياسًا على المسيحية المُحرَّفة. ومن ثمَّ يحاول العلمانيون استخدام مثل هذا النهج الخاطئ في التعامل مع الواقع الإسلامي المعاصر.
يقول الشيخ فهد العجلان مُستحضِرًا لوازم وتبعات الانتقال إلى هذا الفكر:
«وإذا زال (الإلزام) بأوامر الله و(المنع) عن مناهي الله لم يكن ثَمَّ ميزةٌ لهذه الأمة إلا مجرد أن تفعل المعروف وتترك المنكر، وإذا حَسُن أمرُها نصحت بالكلام من غير نظام ولا إلزام ولا سلوك عام، وليس في هذا ميزة يُفتَخَر بها؛ لأن فعل المعروف ونُصحَ بعض الناس به تفعله كل الأمم والحضارات، فأي شيء يميز أمة محمد صل الله عليه وسلم؟ لا شك بعد هذا أن (الإلزام) و(المنع) سيكون بالحكمة والموعظة الحسنة، ولن يكون مردُّه إلى آحاد الناس مطلقًا، ولن يطالَب الإنسان بشيء من ذلك في حال الضعف وعدم القدرة، أو في حال ترتُّب مفسدة أعظم منه؛ فكل ذلك من القواعد الشرعية المستحضرة في هذا المقام، وهي من مكملات أصل الإلزام في الشريعة، ولا يجوز أن تُتَّخَذ أداة لتكسير هذا الأصل.»[11]
اقتباس :
وهنا ننتهي إلى أنَّ العلمانية الغربية افتراض لمشكلة وهمية، وطرح لحل مستحيل.



[rtl]

المصادر

[/rtl]
[2] المصدر السابق
[7] Child Maltreatment 2015 – Administration for Children and Families
[10] المصدر السابق
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
العلمانية بين معنى المفهوم ومآلاته
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» التطبيع.. وبداياته.. ومآلاته
» "الإسلام دين الدولة.. إشكالية المفهوم والتطبيق".
» سؤال العنف في فكر طه عبد الرحمن .. المفهوم والتجليات والعلاج
» الاستخلاف المالي في الإسلام "المفهوم، والأسس، والثمار"
» العلمانية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث متنوعه-
انتقل الى: