منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 ملاحظات ما قبل التنظير

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69929
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

ملاحظات ما قبل التنظير Empty
مُساهمةموضوع: ملاحظات ما قبل التنظير   ملاحظات ما قبل التنظير Emptyالسبت 04 مايو 2019, 9:27 pm

ملاحظات ما قبل التنظير

أ. عباس المناصرة

التنظير للأدب الإسلامي
الإخوة الأفاضل دعاة الأدب الإسلامي، هذه منطلقات عامة أطرحها أمام القراء، 
هدفها إيضاح الظروف التي تحيط بالتـنظير الإسلامي لقضايا النقد الأدبي، 
أطرحها في النقاط التالية لعل فيها ما يفيد:
1- يعلم الجميع أن العقل المسلم انقطع عن الاتصال بمرجعيته القرآن الكريم والسنة الشريفة بسبب انتشار الأمية والجهل، وانحصار التعليم بشكل تراكمي خلال عهود الدول المتتابعة، حتى وصلت هذه الأمية بين أهل اللغة العربية إلى 99% في العهد العثماني.
2- وقد دخل العقل المسلم في هذه القرون، ثقافات مختلفة، منها ثقافة التلوث في العصر العباسي (الفلسفة اليونارومانية وثقافاتها النقدية) و(الثقافة الهندوفارسية المتمثلة في التصوف الشرقي، والفرق الباطنية والشعوبية) ثم جاء (الاستعمار الأوروبي الحديث فأضاف اختراقا جديدا تمثل في أمور كثيرة منها سيطرة الثقافة النقدية الأوروبية على العقل المسلم بمذاهبها المختـلفة)، وبذلك فقد العقل المسلم تميزه، لتعدد المشارب والمرجعيات التي سيطرت عليه.
3- وفي القرن العشرين تمكن العقل المسلم من إنجاز خطوتين هامتين على طريق النهوض بنفسه في المنطقة العربية، تمثلت الخطوة الأولى في: إحياء اللغة العربية والتراث العربي والإسلامي، حيث تمت عملية تحقيق المخطوطات التي تحمل هذا التراث، ثم اتسعت قاعدة التعليم العام والجامعي وبذلك تمكن العربي من استعادة لغته للحياة وبدأ يتفاعل مع أساليبها وثقافتها وشعرها ونثرها وتراثها الفكري بشكل ممتاز، ما يسر له الانتقال إلى الخطوة الثانية: الصحوة الإسلامية التي نعني بها عودة العقل المسلم إلى الاتصال بمرجعيته (القرآن الكريم والسنة الشريفة وعلوم الأمة) بعد أن أحيا لغة هذه المرجعية الكريمة في حياته، وبذلك سهل عليه التعامل مع هذه المرجعية ثم بدأ بالتفاعل معها.
4- وعندما اتصل العقل المسلم بمرجعيته في النصف الثاني من القرن العشرين في الصحوة الإسلامية، كان يتصل بهذا الإسلام بعد انقطاع طويل ويحمل في نفسه ثقافات التلوث والجهل والاختراق، وفي هذه البدايات الصعبة لم يكن لدى رواد الثقافة الإسلامية ثقافة إسلامية بالمعنى الواضح، بل كان المطلوب منهم هو إحياء هذه الثقافة الإسلامية واستخراجها من مرحلة الصفر، والنهوض بها من وسط هذا الركام المتباين.
وكان عقل الرواد يعاني من ضغوط كثيرة منها: اختلاط المشارب، وغياب المناهج، ولذلك فهم يتحسسون النهضة لأمتهم وسط هذا الظلام الدامس الذي يحجب عنهم الرؤية الواضحة، وحيث تختلط في عقل هذا الرائد ومحيطه ثقافة الإسلام والتلوث والاختراق وأمراض الأمة من عهود التخلف فيجعله في حالة من الإرباك وعدمك الوضوح.
5- وفي هذه الظروف العصيبة ولدت الدعوة للنقد وللأدب الإسلامي بجميع أجيالها: جيل التمهيد، وجيل الرواد، وجيل دعاة الريادة، وجيل دعاة التأصيل والإبداع وهي أجيال لها فضلها وعذرها وضعفها.
6- ومصطلح الصحوة الإسلامية يحمل معنى الوعي الذي يخالطه الخمول وأمراض عصور التخلف، ومع ذلك وقع في وهم بعض أبناء الأمة أن الصحوة هي السقف المطلوب الذي ينهض بالأمة، لأنهم لم يفرقوا بين الصحوة والنهضة، ولذلك لم يصدقوا أن الرواد يحملون في فكرهم النقدي الظروف التي صاغت هذا الفكر وأثرت فيه، فوقعوا في وهم الاكتمال لجهود الرواد.
7- وحين يبدأ أبناء الأمة يكابدون من أجل العلم ويتخلصون من الخضوع لحالتي: «التقليد والتبعية»، وترتفـع النخب الثقافيـة في همتها عن مستوى العوام الذين يرضون بما تيسر من أمـور الديـن، عنـدها يولـد جيل صناعة التميز الذي يتعب ويكابد ويصنع ثقافة الأمة، ونظرياتها النقدية من داخل مرجعيتها.
وسيكون هذا الأمر مستوعبا وممكنا عندما يعلم أبناء الأمة الحقائق التالية:
1. أن القرآن الكريم والسنة الشريفة ليسا مصدرا لمعرفة الحلال والحرام فقط، بل هما أيضا المصدر الأول للمسلم في استخراج نظريات العلوم الاجتماعية والإنسانية والنظريات الأدبية في النقد وفي الفن، فالحقائق تقول إن عدد آيات الأحكام عند العلماء محددة بين 300 و500 آية، وعدد الأحاديث الشريفة التي تتناول الأحكام محددة بين 1000 و1200 حديث.
2. ومعنى هذه الأرقام ودلالتها تشير إلى أن ما يقارب 6000 آية، وحوالي 8000 حديث في شؤون النفس والاجتماع والسياسة والتربية والمعرفة والثقافة ونظريات الأدب ونقده معطلة، عطلها ما ران على عقل المسلم في عهود الظلام والتلوث والاختراق من أمراض وأحوال، وأن الله سبحانه وتعالى أنزلها في كتابه لهداية هذا العقل في تفسير الحياة وفهمها، وما عطلت إلا عندما حجب هذا العقل عن مرجعيه، ثم تأتي الخبرات المستفادة من الثقافة العربية والعالمية تاليةً لهذه المرجعية خاضعة لمعطياتها.
8- لقد تربى أبناء الأمة، ومنهم دعاة الأدب الإسلامــي على مناهج نقدية سائدة في الساحة الأدبية والجامعـات، وهي مناهج مخترقة متعددة المشارب مختلطة المرجعيات. ولهذا نقول إن رفع اللافتات الإسلامية والاحتماء تحتها لا ينفع، إذا لم يبادر أبناء الأمة إلى الالتحام بمرجعيتهم التحاما مهتديا بها، لإعادة الهوية والتميز ونفي الخبث عنها.
فتعالوا إلى كلمة سواء تجمع بيننا أن نتـفق على أن ننهل من مرجعية الأمة التي وحدت الصحابة والتابعين وأجيال الأمة من قبل، وبذلك ننتصر للمنهج ولا نبرر فكر الأفراد إذا خالفوه، لأن الإسلام أكبر من الجميع، ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد.
وانطلاقا من الإيمان بحرية التعبير والانفتاح على آفاق الحوار واتساع صفحات هذا الموقع للنقد البناء، وإذ تنشر هذه الرسائل الثلاث تؤكد إيمانها بحرية التعبير وانفتاحها على آفاق الحوار واتساع صفحاتها للنقد البناء الإيجابي الذي تحتاجه أمتنا في مسيرتها البنائيـة النهضويـة في كل الاتجاهات ولا سيما في ميدان الأدب الإسلامي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69929
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

ملاحظات ما قبل التنظير Empty
مُساهمةموضوع: رد: ملاحظات ما قبل التنظير   ملاحظات ما قبل التنظير Emptyالسبت 04 مايو 2019, 9:28 pm

العقل المسلم: النشأة والتكوين والتميز

العقل المسلم مصطلح أُخذ من قبيل وصف الإنسان بالصفة الفكرية التي يحملها، وينظر من خلالها إلى الأشياء، ونقصد به مادة الفكر في عقل هذا المسلم (المرجعية والمنهج ومسارات التفكير والسلوك وطرائق تفسيره لظواهر الكون والحياة والإنسان).
وقد نشأ هذا العقل، وبدأ تكوينه، يوم بدأ هذا العربي يستجيب لنداء رسالة السماء، التي خاطبته بالإقناع والإعجاز.
وعندها خالطت فكره وقلبه، فاختار الإسلام منهجا وعقيدة ونظاما لحياته، فاستمد من مرجعية الوحي علمه وفهمه للحياة، وجعل من هذه المرجعية مصدرا وحيدا لفهمها وتفسيرها، فاستخرج منها شرائعه وسلوكه، وخضع لها في مؤسسات الدولة والمجتمع وبناء الحضارة.
كان ذلك يوم أضاء الرسول صل الله عليه وسلم عقول الرجال بنور القرآن والسنة  ثم تتابع هذا الفعل في أبناء الأمة من الصحابة الكرام، والتابعين وتابعيهم، والمجددين من علماء الأمة عبر العصور.
وبمرور الزمن، وتعاقب جهود الأجيال، أدى تراكم الخبرة عند علماء هذه الأمة إلى فقه هذه المرجعية، والتعمق فيها، حتى وصلت الأمة إلى مصطلحاتها الفكرية المستقلة، الخاصة بها، والتي تصف بها منتجاتها، في الفكر والعقيدة والحضارة وغيرها، وهكذا تأكدت خصوصية هذا العقل في مناهجه وتفكيره ومحاكماته، وبذلك انفصل هذا العقل عن الحضارات المجاورة، وتميز عنها مستقلا بذاته، ويمكننا أن نوجز هذا التميز وتلك الخصوصية في الخطوط العريضة التالية:
3- الخطوط العريضة لخصوصية العقل المسلم:
أ- اتخذ العقل المسلم علم الوحي المتمثل بالقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة مرجعية له، يفكر من خلالها في الحياة، ثم اعتمد على هذه المرجعية وإحالاتها لهذا العقل في فهم الوجود، لأن الوحي والوجود صادران عن مشيئة واحدة هي إرادة الله سبحانه وتعالى، فالوحي يمثل الكتاب المسطور والوجود يمثل الكتاب المنظور.
ثم جاء جهد هذا العقل في استيعاب هذه المرجعية وفقهها، حيث تمكن علماء الأمة من الوصول إلى منهجية التعامل، مع نصوص الوحي في علم مستقل يضبط هذه المنهجية، ويحميها من الانحراف عن مقاصد الوحي، وهذا العلم هو علم أصول الفقه وهو علم مبني على ما يسمى علوم الأمة (علوم اللغة، وعلوم التفسير، وعلوم القرآن، وعلوم الحديث ...) وهي العلوم التي اختصت بخدمة علم الوحي وتفصيل مقاصده.
وتبين للعقل المسلم أن علم الوحي يرشده إلى مصدرين للعلم والمعرفة هما:
1ـ علم الأمر الرباني: «علم الثابت» ومصدره آيات الوحي التي تفصل لهذا العقل: الحلال والحرام، ونظام الحياة، والإجابة عن الأسئلة الكبرى التي تشغل العقل البشري (علم العقيدة) والعبادات، وعلاقة الإنسان مع الله سبحانه وتعالى ومع أخيه الإنسان ومع الوجود وغيرها.
2ـ علم الإحالة إلى الوجود: «علم المتغير» وهو العلم الذي يتناول الأمر الرباني للعقل المسلم بهدف اكتشاف سنن الحياة والوجود وتوظيفها لخلافة الإنسان في عمارة هذه الأرض، ومن خلال منهجية إخضاع المتغير للثابت.
ب- حماية المرجعية من العبث والمحافظة على التميز، وذلك باعتبار القرآن الكريم والسنة الشريفة وما يتبعه من علوم الأمة المرجع الوحيد الذي لا يجوز التلقي من غيره (3)، إلا بالخضوع لمنهجه، وهذا يحقق للامة وحدة المشرب ووحدة التفكير، ويحفظ لهذا العقل الصفاء والتميز والاستقلال، ويحميه من التلوث بالمناهج المخالفة.
ج- وتأكيدا لذلك الأمر في المحافظة على صفاء المنهج، انخلع المسلم من ثقافته السابقة (الجاهلية) ورمى بها من وراء ظهره، لأن القرآن الكريم لا يفتح كنوز علمه لمن يريد أن يفرض عليه ثقافته السابقة، حيث تقف هذه الثقافة حاجزا ومعطلا بينه وبين فهم القرآن، وهنا يمكن أن نفرق بين تخزين الخبرة الثقافية وبين نقل الثقافة.
د- يعترف المسلم أن العقل البشري طاقة هائلة، وبه يتم اكتشاف واستيعاب سنن الله في الكون والحياة، وبه يتم فقه أوامر الله سبحانه وتعالى فيما جاء من علوم الوحي، ولكنه يعلم أنه محدود القدرة، ولذلك يجب ألا تهدر طاقاته فيما لا يستطيع، مما هو ليس من قدرته ولا في مجاله، كالبحث في عالم الغيب، وتفسير الوجود، والإجابة عن الأسئلة الكبرى من أمور العقيدة، والعبادات، وقواعد بناء المجتمع الفاضل، والعدل، والسلوك، والأخلاق، والتشريع لحياة البشر بالتحليل أو بالتحريم ولذلك فهو قاصر فيها، فيكل هذه الأمور إلى علم الوحي لأن الحاكمية فيها لله وحده، ووظيفة العقل في هذه الأمور هي: الاستيعاب لنصوص الوحي، وفقه مقاصدها، وتنفيذ الأوامر الربانية الواردة فيها.





أما في المتغير من حياة البشر وفيما يخص البناء الحضاري والجانب المادي واكتشاف سنن الكون والحياة، فيتعامل معها من خلال منهج الاجتهاد والتجديد والاكتشاف لأن الوحي أحاله إلى ذلك.
ومعنى ذلك أنه عقل يجمع بين منهجية الثابت والمتغير في وحدة واحدة، لأن ثوابت الوحي هي المحاور الربانية التي تضبط السلوك البشري وتحمي عقول الناس من التخبط والضلال أو الخضوع للهوى والمصالح.
هـ- غاية العقل المسلم هي إشباع حاجات الإنسان من خلال التعرف على منهج الحق والخضوع له في هذا الإشباع، لأنه يعلم مسؤولية الإنسان عن هذا الإشباع أمام الله سبحانه وتعالى.
و- يفهم العقل المسلم قضية التطور على أنها التعمق في فهم الحق والبحث عن الحقيقة اقترابا من الصواب الذي يرضي الله سبحانه وتعالى، أما التطور الذي يقوم على أسلوب القفزات التي تحكمها الأهواء والمصالح وحظوظ النفس فهو ليس من منهجه.
ز- أمضى العقل المسلم فترة تقارب قرنين من الزمن في توثيق وحماية نصوص المرجعية (جمع القرآن الكريم، وجمع السنة النبوية الشريفة) ثم انتقل إلى علم معرفة النص واستنباط علاقته مع الواقع ومناهج الوصول إلى فهمه وتطبيقه من خلال علم أصول الفقه الذي يمهد إلى علم الفقه العام.
حـ- كانت الثقافات السائدة قبل الإسلام تعتبر الواقع موضوعا خسيسا غير كفيل بأن يوصل إلى الحق وإلى الخير، فالثقافة اليونانية تعتبر رأس الفضائل التعقل المجرد، والثقافة الهندية والفارسية تعتبر أن المجاهدة الروحية (الروحنة) الطريق الوحيد إلى الحق، وفي ذلك نفي للواقع المحسوس وإسقاط له) (4) فكان التفكير يعيش مع المثال والخيال ويتهرب من الواقع والعمل فيه، ويترك العمل للطبقات المستعبدة في المجتمع.
فلما جاء الإسلام علم العقل المسلم احترام حقائق هذا الواقع (عالم الشهادة) وألزمه به، وجعله مكان خلافته وتكليفه، قال تعالى: (إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون) (5).
وقد مَنَّ الله سبحانه وتعالى عليه بنعمة الحواس التي تربطه بهذا الواقع، وأحال حواسه وعقله إلى اكتشاف السماوات والأرض واكتشاف السنن والقوانين التي تحكمها، ثم أمره بالاستفادة من اكتشاف هذه السنن في بناء حياته وحضارته على الأرض، وعلمه أن هذه السنن وهذه السماوات وهذه الأرض تشير إلى عظمة الخالق، وتعلمه الإيمان، وان هذه السنن تطيع خالقها، ولا تجامل مؤمنا ولا كافرا، وطالبه أن يتعلم من هذه السنن، فيأخذ بالأسباب التي تحكمها ليستفيد من ذلك في تيسير حياته الدنيا على الأرض.
وعلمه أن الأخذ بالأسباب أمر رباني، وأن تركها كفر، وأن التوكل عليها من دون الله شرك، ودعاه إلى التقرب من خالق الأسباب بالدعاء حتى يعينه على امتلاك ناصيتها.
وبذلك أدرك العقل المسلم أن ترك الأخذ بالأسباب هو تهرب من العمل الصالح، وان الدعوة إلى الزهد في الدنيا تهدف إلى التحكم بها، والسيطرة عليها حتى لا تلهينا عن مقصد وجودنا وخلافتنا على الأرض، وليس إعراضاً عنها أو إهمالاً لشأنها، لأننا بذلك نهمل مقصد وجودنا، فالدنيا مزرعة الآخرة ومن أهمل مزرعته أهمل آخرته.
وما عرف العقل المسلم ترك الآخذ بالأسباب في فكره إلا عندما تسرب إليه الفكر الصوفي الشرقي (6) من الثقافة الهند فارسية حيث لعب دورا تخريبيا تجاه العقل المسلم، تحت التذرع بأن قضاء الله قد تم، ولا ينفع معه عمل ولا أخذ بالأسباب، وهذا هو الكذب على الله، والفسق عن دينه، يقول أحد شعراء الصوفية:
جرى قلم القضاء بما يكون فسيان التحرك والسكون
جنون من أن تسعى لرزق ويرزق في غشاوته الجنين
ط- وهكذا ولد العقل المسلم مخالفا للحضارات المجاورة، مستقلا عنها، مفارقا لها، متميزا عليها في: مرجعيته، وعقيدته، وفهمه، وغاياته، ووسائله، ومستخرجاته الحضارية في حضارة هي حضارة الحكمة (ويعلمكم الكتاب والحكمة...) (7) وقد شهد الله لهذه الأمة بالتميز في قوله سبحانه وتعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس) (Cool وظهر هذا التميز في مختبر السلوك والتعامل مع الآخرين من أهل الكفر من خلال نظرية التعارف ومعارضها فهو لا يؤمن بالتذويب القسري للآخرين من خلال القوة والقسر والمكر والتخطيط وإنما يستعمل معرض التعارف والتعاون بين حضارات البشر، ويترك لعقولهم اكتشاف ما يتميز به الإسلام على بضاعتهم القائمة على العقل الفلسفي المتكل على نفسه.
وعند ذلك تتعرف الأمم على خصائص هذا الدين وتميزه من خلال معارض هذا التعارف في السفر، والحرب، والسلم، والتزاوج، والهجرة، والتجارة، والحوار، والجوار، والمعاهدة، والشدة، والرخاء، والسلوك، والموقف، والفكر، والأدب، والفن وغيرها. 
قال تعالى: (لا إكراه في الدين) (9) وقوله تعالى: (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) (10) لأن الإيمان يقوم على الاختيار الحر بعيدا عن القهر، وإذعانا للحق، وهذا هو منهج الأنبياء وجوهر رسالتهم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
ملاحظات ما قبل التنظير
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المشتقات المالية الإسلامية بين التنظير والتطبيق
» لغة العيون وتعابير الوجه .. ملاحظات مفيدة
»  ملاحظات على بيان رئيس القضاة في 24 فبراير سنة 1939 (*)
» ملاحظات حول الدورة السادسة والسبعين للجمعية العامة – فلسطين الغائب الأكبر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث دينيه-
انتقل الى: