منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 أيهما انتشر بحد السيف: الإسلام أم النصرانية؟

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69938
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

أيهما انتشر بحد السيف: الإسلام أم النصرانية؟ Empty
مُساهمةموضوع: أيهما انتشر بحد السيف: الإسلام أم النصرانية؟   أيهما انتشر بحد السيف: الإسلام أم النصرانية؟ Emptyالأحد 15 سبتمبر 2019, 8:49 am

أيهما انتشر بحد السيف: الإسلام أم النصرانية؟

فتوحنا وحروبهم

 
مما أذاع رهبان الكنيسة "لوثة"[1]، تلقَّفها المستشرقون وأذنابهم من جماعة "هم"، وهي أنَّ الإسلام لولا العُنف الذي استعان به المسلمون ما وصل ما بين المشرقين، وإذ ذاك فمن تبع فمكرَهٌ لا مذعن، وهذه شبهة رام أهلُ الفكر أن يردوها ففركوها، وزادوا الطين بِلَّة حتى تصلب، وبَغوا ترقيع الرَّتْق فمزقوا الرقعة، فردوا أحاديثَ صحاحًا، وانصرفوا عن قواعد كالرواسي بدعوى: ليس من روح الإسلام... وهذا خطاب مثقف، لا فَقِه علمًا ولا قدَّر أهله، ومن حكى في غير فَنِّه ما يُسمعك غير السَّمِج، وجهله مع جرأته يصيرانه حاطبَ ليل وجارف سيل.
 
تحقيق:
الثبت يعلم أنَّ المسلمين بسطوا سُلطانهم بالسيف، ولا أدري قومًا سادوا بالمكاء والتصدية، ولا بالطبلة والمزمار، فالحربُ ظاهرةٌ إنسانية قديمة قِدَم بني آدم على ظهر البسيطة؛ من أجل ذلك كتب عليه أن الجروح قصاص والنفس بالنفس، ومنذ وُجد وهو يصارع ويحارب، فنشأت الحروب كعلاقة من العلاقات الاجتماعية الحتميَّة، فالاحتكاك والتجمع بين البشر يُوَلِّد صدامًا من نوع ما؛ إذ جُبِل الإنسان على غريزة التملك، التي تدعوه إلى التشبث بما يملكه، فهذه الغريزة تحفظ البقاء، فتتولد عنها غريزة المقاتلة، وفي أبسط صورها دفاعًا عن حقه في الاستمرار والحياة، وقد تتعقد نفسيَّة الإنسان، وتصبح حاجاته ومتطلباته مركبة، فلا يقاتل طالبًا للقوت أو دفاعًا عنه فقط، وإنَّما يقاتل طلبًا للحرية، ورفعًا للظلم واستردادًا للكرامة.
 
ويُفَصِّل العلامة ابن خَلدون هذه الحقيقة في مقدمته، فيقول: "اعلم أنَّ الحروب وأنواع المقاتلة لم تزل واقعة في الخليقة منذ بَرَأَها الله، وأصلها إرادة انتقام بعض البشر من بعض، ويتعصَّب لكل منها أهلُ عصبيته، فإذا تذامروا لذلك وتوافقت الطائفتان، إحداهما تطلب الانتقام، والأخرى تدافع، كانت الحرب، وهو أمر طبيعيٌّ في البشر، إما غيرة ومنافسة، وإما عدوان، وإما غضب لله ولدينه، وإمَّا غضب للملك وسعى في تَمهيده"، ولك أن تتدبر في شِعار "الديمقراطية"، أليس هذا هو النظام الذي لا نِدَّ له؟ ألم يقم بالدماء ويفرض بالقوة؟ ولكن المنافقين والفجارَ من بيننا إذا ذكر ما للغرب إذا هم يستبشرون، وإذا ذُكِّروا بما في الإسلام اشمأزت قلوبُهم؛ ذلك بأنهم قوم فاسقون...
 
ولمن يسمون بالمفكرين من المسلمين: إنْ كان ردُّكم على المستشرقين وأذنابهم بإسلام شعوب شرق أسيا بالدَّعوة السلميَّة، فلم يصلوا العشر، بل نسلم لكم جدلاً، فما دعواكم فيما تبقى مما فتح المسلمون عنوة؟ هل يُبنى على النادر، ويُعمم بالقلة؟ ما لكم كيف تحكمون؟!
 
أما الإسلام، فانتشر بالدعوة بالتي هي أحسن؛ لأنَّ الدينَ ظاهر وباطن، فلو أسلم الظاهر بالسيف، هل يتبعه الباطن؟ ندر ذلك، بل تحوَّل المستجيب من كافر إلى منافق، ونزل من درك الكُفر إلى أسفل سافلين، وتحول من عدوٍّ ظاهر إلى خطر باطن، ولو رُمنا جدلاً أن كل الشعوب على ذلك، فلِمَ لم تنقلب على عقبيها، وترجع لدين آبائها لما وهن سُلطان الخلافة؟
 
وشهد شاهد من أهلها:
يقول الكاتب توماس كارليل؛ حيث قال: "إنَّ اتِّهامه - أي سيدنا محمد، صلَّى الله عليه وسلَّم - بالتعويل على السيف في حمل الناس على الاستجابة لدعوته - سخف غير مفهوم؛ إذ ليس مما يجوز في الفهم أن يشهر رجل فرد سيفَه؛ ليقتل به الناس، أو يستجيبوا له، فإذا آمن به من يقدرون على حرب خصومهم، فقد آمنوا به طائعين مُصدِّقين، وتعرضوا للحرب من غيرهم قبل أن يقدروا عليها"[2].
 
ويقول المؤرخ الفرنسي غوستاف لوبون، وهو يتحدَّث عن سرِّ انتشار الإسلام في عهده - صلَّى الله عليه وسلَّم - وفي عصور الفتوحات من بعده: "قد أثبت التاريخ أنَّ الأديانَ لا تفرض بالقوة، ولم ينتشر الإسلامُ إذًا بالسيف، بل انتشر بالدعوة وحدَها، وبالدعوة وحدَها اعتنقته الشعوب التي قهرت العرب مؤخرًا، كالترك، والمغول، وبلغ القرآنُ من الانتشار في الهند - التي لم يكن العرب فيها غير عابري سبيل - ما زاد عدد المسلمين إلى خمسين مليون نفس فيها، ولم يكن الإسلامُ أقلَّ انتشارًا في الصين، التي لم يفتح العرب أيَّ جزء منها قطُّ، وسترى في فصل آخر سُرعة الدعوة فيها، ويزيد عدد مسلميها على عشرين مليونًا في الوقت الحاضر"[3].
 
معدلات انتشار الإسلام:
الذي يُؤكِّد حقيقة انتشار الإسلام بالدَّعوة لا بالسيف أنَّه في الجزيرة العربية وخارجها، كان وَفْقَ معدلات متناسبة تَمامًا من الناحيتين الكَمِّية والكيفيَّة، مع التطوُّر الطبيعي لحركة الدعوة الإسلامية، ولا يوجد في هذه المعدلات نِسَب غير طبيعية أو طفرات تدُلُّ على عكس هذه الحقيقة، والجدول الآتي يوضح هذه النسب:
السنوات بالهجري/ فارس/ العراق/ سورية/ مصر/ الأندلس.
نسبة المسلمين مع نهاية أول مائة عام / 5%/ 3%/ 2%/ 2%/أقل من 1%.
السنوات التي صارت النسبة فيها 25% من السكان/ 185هـ / 225/ 275/ 275/ 295.
السنوات التي صارت النسبة فيها 50% من السكان/ 235هـ / 280/ 330/ 330/ 355.
السنوات التي صارت النسبة فيها 75% من السكان/ 280هـ / 320/ 385/ 385/ 400.[4]
 
خصائص ذلك الانتشار:
:diamonds: عدم إبادة الشعوب.
:diamonds: ساد العبيدُ الأحرارَ في بلاد المسلمين، لما عَلَت هممهم وقويت عزائمهم.
:diamonds: لم يضطهد المسلمون الشعوب، ويقيموا لهم محاكم التفتيش، كما فعل النصارى في المسلمين.
:diamonds: ظل اليهود والنَّصارى والهندوك في بلادهم آمنين على أرواحهم وممتلكاتهم.
:diamonds: تزاوجوا من أهل تلك البلاد، وبنوا أُسرًا وعائلاتٍ على مَرِّ التاريخ.
:diamonds: ظل إقليم الحجاز - مصدر الدعوة الإسلامية - فقيرًا إلى عصر البترول، في الوقت الذي كانت الدُّول الاستعمارية تجلب خيرات البلاد المستعمرة  إلى مراكزها[5].
 
التاريخ الحديث وجرائم النصارى:
يذكر المؤرِّخون أنَّ الذين قتلتهم (النصرانية) في انتشارها في أوروبا يتراوح عددُهم بين سبعة ملايين كحد أدنى، وخمسة عشر مليونًا كحد أعلى، وفظاعة هذا العدد تتضح عندما نتذكَّر أنَّ عدد سكان أوروبا آنذاك كان ضئيلاً.
 
:diamonds: تقول ملكة إنجلترا (الكاثوليكية) في القرن السادس عشر في كتاب "بُناة الإنسانية": بما أنَّ أرواحَ الكَفَرة سوف تُحرق في جهنم أبدًا، فليس هناك أكثر شرعية من تقليد الانتقام الإلهي بإحراقهم على الأرض.
 
وشارلمان سيد أوروبا فَرَض النصرانية بحد السَّيف، وتقول وثائقهم (التنصيرية): إنَّه قتل في يوم واحد 4500 وثنيًّا رفضوا التعميد والتحوُّل للنصرانية، وكانت المعاهدات بينه وبينهم تقضي بالتنصير، وإلا فالقتل هو البديل.
 
وبعد شارلمان سحبت الكنيسة بعضًا من طوائف الفرسان الصليبية من فلسطين - أيام الحروب الصليبية - ليساعدوا في تنصير شُعوب بحر البلطيق بحد السيف، ولقد استمرُّوا في العمل هناك طيلة 50 عامًا نظير ثَمن حدَّدته الكنيسة، وهو الاستيلاء على أراضي أولئك الوثنيين ثَمنًا لإعطائهم المسيحية[6].
 
والملك أولاف ذبح كلَّ مَن رفض اعتناق النصرانية في النرويج، وقطع أيديهم وأرجلَهم ونفاهم وشردهم، حتى انفردت المسيحية بالبلاد، وفي الجبل الأسود بالبلقان قاد الأسقف الحاكم دانيال بيتر وفتش عمليةَ ذبحِ غير النَّصارى ليلة عيد الميلاد، وفي الحبشة قضى الملك سيف أرعد (1342 - 1370م) بإعدام كلِّ مَن أبى الدخول في النصرانية أو نَفيهم من البلاد، ثم نَجد أن النصارى - وليس المسلمون - هم مَن أبادوا الهنود الحُمْر في أمريكا، واقتلعوا الشَّعب الفلسطيني من أرضه؛ لتسليمها إلى أعداء المسيح ومحمد - عليهما السلام - على السواء، وهم الذين أشعلوا الحروب العالميَّة، التي قُتِل في أولاها عَشَرَةُ ملايين، وفي أخراها حوالي 70 مليونًا[7].
 
وفي حصار بيت المقدس طلب أهلُه من قائد الحملة (طنكرد) الأمانَ على أنفسهم وأموالهم، فأعطاهم الأمان على أن يلجؤوا إلى المسجد الأقصى رافعين رايةَ الأمان، فامتلأ المسجدُ الأقصى بالشيوخ والأطفال والنِّساء، وذُبِحوا كالنعاج وسالت دماؤهم في المسجد، حتى ارتفعت الدِّماء إلى رُكبة الفارس، وعجت شوارعُنا بالجماجم المحطَّمة والأذرع والأرجل المقطعة والأجسام الممزقة، ويذكر المؤرخون أنَّ الذين قتلوا في داخل المسجد الأقصى سبعين ألفًا فقط، فأين وصايا المسيح التي يدَّعونها ويتشدَّقون بها، ولا ينكر مؤرخو الفرنج هذه الفضائحَ، التي تَمَّت باسم يسوع؟!
 
روى المؤرخ العلامة ابن الأثير عن دخول النَّصارى القدس في حروب الفرنجة: "دخل ملك الفرنج القدس نَهارَ يوم الجمعة لسبع بقين من شعبان، وركب الناس السيف ولبث الفرنج في البَلدة أسبوعًا يقتلون فيه المسلمين، واحتمى جماعةٌ من المسلمين بمحراب داود فاعتصموا به، وقاتلوا فيه ثلاثةَ أيام، وقَتل الفرنج بالمسجد الأقصى ما يزيد على سبعين ألفًا، منهم جماعة كبيرة من أئمة المسلمين، وعلمائهم، وعُبَّادهم، وزُهَّادهم ممن فارق الأوطان، وجاور بذلك الموضع الشريف"[8].
 
ووصف ستيفان رنسيمان ما حدث في القدس يومها: "وفي الصباح الباكر من اليوم التالي اقتحم بابَ المسجد ثُلَّة من الصليبيين، فأجهزت على جميع اللاَّجئين إليه، وحينما توجه قائد القوة ريموند أجيل في الضُّحى لزيارة ساحة المعبد، أخذ يتلمس طريقه بين الجثث والدِّماء التي بلغت ركبتيه، وتركت مذبحة بيت المقدس أَثَرًا عميقًا في جميع العالم، وليس معروفًا بالضبط عددُ ضحاياها، غير أنَّها أدَّت إلى خلو المدينة من سكانها المسلمين واليهود، بل إنَّ كثيرًا من المسيحيين اشتد جزعهم لما حدث"[9].
 
ويذكر الكثيرون ما فعله ريتشارد قلب الأسد في حملة الفرنجة الثَّالثة[10]، عند احتلاله لعكَّا بأسرى المسلمين، فقد ذبح 2700 أسير من المسلمين، وذبح زوجاتِ وأطفالَ الأسرى إلى جوارهم، باسم يسوع!
 
لكنك إذا التفتَّ إلى المسلمين بعد 90 سنة من هذه المجزرة: فتح صلاحُ الدين بيتَ المقدس، فماذا فعل؟ لقد كان فيها ما يزيد على مائة ألف غربي بذل لهم الأمانَ على أنفسهم وأموالهم.
 
ومع ما فعله النصارى في القدس، فرحمةُ الإسلام ومسامحته حتى مع هؤلاء، ووصف المؤرخون ما حدث في اليوم الذي دخل فيه صلاحُ الدين الأيوبي - رضي الله عنه - إلى القدس فاتحًا،لم ينتقم أو يقتُل أو يذبح، بل اشتهر المسلمون الظافرون في الواقع بالاستقامة و"الإنسانية"، فبينما كان النَّصارى منذ عهد يَخوضون في دماء ضحاياهم المسلمين، لم تتعرض أيُّ دار من دور بيت المقدس للنهب، ولم يحل بأحد من الأشخاص مَكروه؛ إذ صار رجال الشرطة يطوفون بالشوارع والأبواب؛ تنفيذًا لأمر صلاح الدين؛ لمنع كل اعتداء يَحتمل وُقوعه على النصارى، وقد تأثر الملك العادل لمنظر بُؤس الأسرى، فطلب من أخيه صلاح الدين إطلاقَ سراح ألف أسير، فوهبهم له، فأطلق العادل سراحَهم على الفور، وأعلن صلاحُ الدين أنَّه سيطلق سراح كل شيخ وكل امرأة عجوز.
 
وأقبل نساء النَّصارى وقد امتلأت عيونُهن بالدُّموع، فسألْنَ صلاحَ الدين: أين يكون مصيرهن، بعد أنْ لَقِيَ أزواجُهن أو آباؤهن مصرعهم، أو وقعوا في الأَسْر؟ فأجاب صلاح الدين بأن وعد بإطلاقِ سراح كلِّ مَن في الأسر من أزواجهن، وبذل للأرامل واليتامى من خزانته العطايا، كلٌّ بحسب حالته، فكانت رحمته وعطفه نقيضَ أفعال مَن قاتل باسم الصليب، ولم يقع في جهاد المسلمين لأعدائهم وفتوحاتِهم مثل فظائع النصارى، فما كانوا يقتلون النِّساء، ولا الأطفال، ولا الدهماء من الناس، كما في وصية الخليفة الصدِّيق لأسامة بن زيد وجنده: "لا تخونوا، ولا تَغْدِروا، ولا تغلُّوا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلاً ولا شيخًا كبيرًا ولا امرأة، ولا تعزقوا نخلاً ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شَجَرةً مُثمرة، ولا تذبَحوا شاةً، ولا بقرة، ولا بعيرًا، إلاَّ للأكل، وإذا مررتم بقوم فرغوا أنفسَهم في الصَّوامع، فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له"، فنبئونا من تاريخكم بأَثَارَة من هذا.
 
كيف انتشرت النصرانية:
إنَّ سبب انتشار النصرانية هو السيف[11]، الذي سَلَّطته على الشُّعوب المختلفة، وقد بدأ سيفُ القهر عندما تنصَّر الإمبراطور قسطنطين الوَثني في بدايات القرن الميلادي الرابع، وقال له بطريرك القسطنطينيَّة: "أعطني الدُّنيا وقد تطهَّرت من الملحدين، أمنحك نعيم الملكوت المقيم"، ويذكر القس مريك في كتابه "كشف الآثار" أنَّ قسطنطين أمر بقطع آذان اليهود، وأَمَر بإجلائهم إلى أقاليمَ مُختلفة.
 
وفي نهاية القرن الرابع وَضَع الإمبراطور تيودسيوس ستًّا وثلاثين مادة لمقاومة اليهودية والهرقطة.
 
وفي عام 379م أمر الإمبراطور فالنتيان الثاني بتنصير كلِّ رعايا الدولة الرُّومية، وقتل كل من لم يتنصر، واعترف طامس نيوتن بقتل أكثر من سبعين ألفًا.
 
ويقول غوستاف لوبون: "أكرهت مصر على انتحال النصرانيَّة، ولكنها هبطت بذلك إلى حضيض الانحطاط، الذي لم ينتشلها منه سوى الفتح العربي".
 
وفي القرن الخامس كان القديسُ أوغسطين يقول بأنَّ عقاب الملحدين من علامات الرِّفق بهم حتى يخلصوا، وبَرَّر قسوتَه على الذين رفضوا النصرانية بما ذكرته التَّوراة عن فعل يسوع وحزقيال بأعداء بني إسرائيل الوثنيِّين، واستمر القتلُ والقهر لمن رفض النصرانيَّة في ممالك أوروبا المختلفة، ومنها مملكة إسبانيا؛ حيث خيَّروا الناس بين النصرانية أو السجن أو الجلاء من إسبانيا، وذكر القس مريك أنَّه قد خرج من إسبانيا ما لا يقل عن مائة وسبعين ألفًا، وفي القرن الثامن أعيد فرض النصرانيَّة في شروط السلام والأمان التي تعطى للقبائل المهزومة.
 
وقريبًا من ذلك العُنف كان في فرنسا، فقد فرض الملك شارلمان النصرانيَّة بحدِّ السيف على قوميات السكسون، وأباد الملك كنوت غير النصارى في الدَّانمارك، ومثله فعل الملك أولاف (995م) في النرويج، وجماعة من "إخوان السيف" في بروسيا، وأمر ملك روسيا فلاديمير (988م) بفرض النصرانيَّة على أتباع مملكته.
 
يقول المؤرخ بريفولت: إنَّ عددَ مَن قتلتهم المسيحية في انتشارها في أوروبا يتراوح بين 7 - 15 مليونًا، ويلفت الدكتور شلبي النظرَ إلى أن العدد هائل بالنسبة لعدد سكان أوروبا حينذاك.
 
ولما تعدَّدت الفِرَق النصرانية استباحَ كُلٌّ مِن هذه الفِرَق الأُخْرى، وساموا أتباعَها أَشَدَّ العذاب، فعندما رفض أقباطُ مصر قرارَ مجمع خليقدونية عذَّبَهم الرومان في الكنائس، واستمرَّت المعاناة سنين طويلة، وأُحْرِق أخو الأسقف الأكبر بنيامين حيًّا، ثُم رُمِي في البحر، بينما بَقِيَ الأسقف متواريًا لمدة سبع سنين، ولم يظهر إلاَّ بعد استيلاء المسلمين على مصر، ورحيل الرُّومان عنها، وكان جستيان الأول (ت565) قد قتل من القبط في الإسكندرية وحْدَها مائتي ألف قبطي.
 
وكتب ميخائيل بطريرك أنطاكية: "إنَّ ربَّ الانتقام استقدم من المناطق الجنوبية أبناء إسماعيل؛ لينقذنا بواسطتهم من أيدي الرُّومانيِّين، وإذ تكبدنا بعض الخسائر؛ لأن الكنائس التي انتزعت منا وأعطيت لأنصار مجمع خليقدونية بقيت لهم، إلاَّ أننا قد أصابنا القليلُ بتحرُّرنا من قسوة الرومان وشرورهم، ومن غضبهم وحفيظتهم علينا، هذا من جهة، ومن جهة أخرى سادت الطمأنينة بيننا".
 
يقول غوستاف لوبون عن محاكم التفتيش: "يستحيل علينا أنْ نقرأَ دون أنْ ترتعد فَرائِصُنا من قصص التعذيب والاضطهاد، التي قام بها المسيحيُّون المنتصرون على المسلمين المنهزمين، فلقد عمدوهم عنوة، وسلموهم لدواوين التفتيش، التي أَحْرَقت منهم ما استطاعت من الجموع، واقترح القَسُّ بليدا قطعَ رؤوس كل العرب، دون أيِّ استثناء ممن لم يعتنقوا المسيحيةَ بعد، بما في ذلك النساء والأطفال، وهكذا تَمَّ قتلُ أو طردُ ثلاثةِ ملايين عربي".
 
وقريبًا من هذه المذابح جَرَى بين المذاهب النَّصرانيَّة، فقد أقام الكاثوليك مذابحَ كبيرةً للبروتستانت، منها مذبحة باريس (1572م)، وقُتِلَ فيها وإِثْرَها ألوفٌ عِدَّة وَسْطَ احتفاء البابا ومباركته، ومثله صنع البروتستانت بالكاثوليك في عهد الملكة أليزابات؛ حيث أصدرت بِحقِّهم قوانين جائرة، وأعدمت 104 من قِسِّيسي الكاثوليك، ومات تسعون آخرون بالسِّجن، وهدمت كنائس الكاثوليك وأخذت أموالهم.
 
وهذه العقيدة مأخوذة من الكتاب المقدَّس، فالأمر بقتل الأطفال في يسوع (6 :21، 22، 24، 27)، (8: 1، 2، 28، 29)، صمويل 15: 2 - 3، التثنية 2: 33، 34/ 3: 6، ومثلها كثير، حول الأمر بالإبادة الجماعية[12].
 
وفي العصر الحديث العسكري (الملاك الشِّرِّير) ينزل الأرضَ، فيقتل، ويرمل، ويثكل، وييتم باسم الربِّ يسوع، ثم يليه (الملاك الطَّيِّب) الراهب، الذي يأتي كأن لم يدرِ ما حصل، باسم الرب يسوع؛ لينقذ الهالك ويُطعم الجوعان ويأوي اللاَّجئ، أليس هذا مكرًا تواصَوا عليه؟! أليس الراهب محميًّا من المجرم؛ ليقوم بعملية الاصطياد؟! أليس القاتل هو مَن جَهَّز الطرائد للراهب؟! ماذا يُسمون هذا؟ إكراه، أم مكر بالليل والنَّهار؟!

ختامًا:
مما سبق نستطيع القولَ بأنَّ النصرانية يرتبطُ تاريخها بالسَّيف والقهر، الذي طال حتى أتباع النصرانيَّة، والاضطهاد النصراني يتميَّز بقسوة ووحشية طالت النِّساء والأطفال ودور العبادة، وقد جرت هذه الفظائع على يد الأباطرة بمباركة الكنيسة ورجالاتها، وكانت الكنيسة قد سنَّت القوانين التي تدفع لمثل هذه المظالم، وتأمُر بقتل المخالفين[13]، ومن ذلك أنَّ البابا إينوشنسيوس الثالث (ت1216م) يقول: "إنَّ هذه القصاصات على الأراتقة (الهراقطة)، نحن نأمر به كلَّ الملوك والحكام، ونلزمهم إياه تحت القصاصات الكنائسيَّة"، وفي مجمع توليدو في إسبانيا قرر أن لا يؤذن لأحد بتولِّي الملَّة إلا إذا حلف بأن "لا يترك غير كاثوليكي بها، وإن خالف، فليكن محرومًا قُدَّامَ الإله السرمدي، وليصر كالحطب للنار الأبدية".
 
لقد قالوا: إنَّ الإسلام انتشر بالسيف، وهذا مجرد زيف واختلاق، وليس في تاريخ جهادنا ما نخجل منه، والمسلمون غلبوا بالقُوَّة وسادوا بالرحمة.
 
ونقول لهم: إذا كان بيتك من زجاج، فلا ترجم الناسَ بالحجارة[14].
ـــــــــــــ
[1] راجع: "صليب الدمار"، ليلى الهاشمي، ص(20-24).

[2] "حقائق الإسلام وأباطيل خصومه"، توماس كارليل، ص 166.
[3] "حضارة العرب"، غوستاف لوبون، ص (128، 129).
[4] "مناظرة بين الإسلام والنصرانية"، ج1، ص 226.
[5] المرجع نفسه.
[6] "مناظرة بين الإسلام والنصرانية"، ج1، ص 227.
[7] شبهات النصارى حول الإسلام: ج1، ص ( 198-200).
[8] الكامل: ابن الأثير. ج 8، ص(189-190).
[9] تاريخ الحروب الصليبية: ستيفان رنسيمان. ج1، ص(404-406).
[10] "ماهية الحروب الصليبية"، قاسم عبده قاسم، ص(121-122).
[11] وذي عقيدة راسخة في الفاتيكان؛ "الفاتيكان والإسلام"، زينب عبدالعزيز، ص17.
[12] "الحرب المقدسة"، علي الريس، ص(10-20).
[13] راجع كلَّ هذه الفضائع في "الحرب المقدسة"، علي الريس.
[14] "مناظرة بين الإسلام والنصرانية"، ج2 ، ص 17.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69938
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

أيهما انتشر بحد السيف: الإسلام أم النصرانية؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: أيهما انتشر بحد السيف: الإسلام أم النصرانية؟   أيهما انتشر بحد السيف: الإسلام أم النصرانية؟ Emptyالأحد 15 سبتمبر 2019, 8:51 am

دراسة لمفكر قبطي... الإسلام لم ينتشر بحد السيف!

 
إذا كتب مسلم عن الإسلام ليصحح المعلومات الخاطئة عنه، ونصب نفسه محاميًا للدفاع ضد التُّهَم الباطلة التي يُتّهم بها الإسلام، وكشف أسباب الهجوم الشرس عليه من أعدائه الحاقدين، فهذا شيء طبيعي لا يثير الانتباه، ولا يدعو إلى الدهشة، وإذا كتب مسيحي عن المسيحية ودَافَعَ عنها ضد مُخالفيها في العقيدة، فهذا شيء طبيعي أيضًا، أمّا أن يَكْتُبَ مسيحي تَغلّبَتْ عليه فِطْرته، وحِيادِيّته مُدافعًا عن الإسلام بصفته دينًا سماويًّا، ومُناصرًا الحقَّ والعدل، فهذا هو الذي يَلْفِت الانتباه، ويدعو في الوقت نفسه إلى التفاؤل، ويؤكد أنَّ الباطل مهما كَثُر أنصاره، وقوي أتباعه، فإنَّ في النهاية ينتصر ويعلو، وإنَّ للحق جنودًا يمده بهم رب العباد لنُصْرَتِه.
فقد صدرت في مصر مؤخّرًا دراسة قبطيَّة للباحث المسيحي الدكتور/ نبيل لوقا بباوي، تحت عنوان "انتشار الإسلام بحدّ السَّيف بين الحقيقة والافتراء" ردَّ فيها على الذين يتَّهِمُون الإسلام بأنَّهُ دينٌ انتَشَرَ بِحَدّ السيف، وأنه أجْبَر النَّاسَ على الدُّخول فيه، واعتناقه بالقوة، وناقشت الدراسة هذه التُّهْمة الكاذبة بموضوعية علمية وتاريخية، وبرهنت على بطلانها وكذبها، مُوضّحة أن الإسلام لم ينفرد وحدة بالتناقض بين أحكامه وشرائعه ومبادئه التي ترفض الإكراه على الدين، وتُحَرّم الاعتداء على النفس البشرية، وبين سلوك وأفعال بعض أتْباعِه من الولاة والحكام وعامَّة المسلمين، والتي لا تَمُتّ إلى تعليم الإسلام بصِلة، وأشارت الدراسة إلى أنَّ المسيحيَّة أيضًا تُشارِك الإسلام في التناقُض بين تعاليمها ومبادئها التي تدعو إلى المحبة والتسامُح والسلام بين البشر، وعدم الاعتداء على الآخرين، وبين ما فعله بعضُ أتباعها في بعضهم من قَتْل، وسفك دماء، واضطهاد، وتعذيب، ترفضه المسيحية، ولا تقرّه مبادِئُها، وأشارت إلى الاضطهاد والتَّعذيب والتَّنْكِيل والمذابح التي وقعت على المسيحيين الأرثوذكس في مصر من الدولة الرومانية، ومن المسيحيين الكاثوليك.


التطرّف المسيحي:


وأشار الباحث إلى الحروب الدمويّة التي حدثت بين الكاثوليك والبروتستانت في أوربا، وما لاقاه البروتستانت من العذاب، والقتل، والتشريد، والحبس في غياهِب السجون والإعدام بالجملة، إِثْرَ قِيام الرَّاهب مارتن لوثر بإنشاء المذهب البروتستانتي بعد أن فاض به الكيل من صُكُوك الغُفران التي كانت تُمْنَح لِبَعْضِ أتْباع الكنيسة من أجل جَمْعِ الأموال، وبعد أن أصبحت صُكُوك الغفران تجارةً رابِحةً للكَهَنَة.

وهَدَفَتِ الدراسة من وراء عَرْض هذا الصراع المسيحي إلى:

أوَّلاً: عَقْد مُقارَنَة بين هذا الاضْطِهاد الدّينيّ الذي وقع على المسيحيين الأرثوذكس من الدولة الرومانية، ومن المسيحيين الكاثوليك؛ وبين التسامُح الديني الذي حقَّقته الدولة الإسلامية في مصر، وحرية العقيدة الدينية التي أقَرّها الإسلام لغير المسلمين، وتركهم أحرارًا في ممارسة شعائِرهم الدينيَّة داخل كنائسهم، وتطبيق شرائع مِلّتِهِم في الأحوال الشخصية مِصْدَاقًا لقوله تعالى في سورة البقرة: ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾ [البقرة: 256]، وتحقيق العدالة والمُساواة في الحقوق والواجبات بين المسلمين وغير المسلمين في الدولة الإسلامية؛ إعمالاً للقاعدة الإسلامية "لَهُم ما لنا، وعليهم ما علينا"، وهذا يُثْبِت أن الإسلام لم ينتشر بالسيف والقوة؛ ولكن تَمّ تخيير غير المسلمين بين قَبول الإسلام، أو البقاء على دينهم مع دَفْع الجزية، فمن اختار البقاء على دينه بقي على دينه حرًّا، وقد كان في قُدْرة الدولة الإسلامية أن تُجْبِر المسيحيين على الدخول إلى الإسلام بقوتها أو أن تَقْضِيَ عليهم بالقتل إذا لم يدخلوا في الإسلام قَهْرًا؛ ولكن الدولة الإسلامية لم تفعل ذلك؛ تنفيذًا لتعاليم الإسلام ومبادئه، فأين دعوى انتشار الإسلام بالسيف؟!


الجزية وعقود الأمان:


ثانيًا: إثبات أن الجِزْية التي فُرضت على غير المسلمين في الدولة الإسلامية بموجب عقود الأمان، التي وقعت معهم؛ إنما هي ضَرِيبة دفاع عنهم في مُقابل حمايتهم والدفاع عنهم من أي اعتداء خارجي؛ لإعفائِهم من الإشتراك في الجيش الإسلامي حتَّى لا يدخلوا حربًا يدافعون فيها عن دين لا يؤمنون به، ومع ذلك إذا اختار غير المسلم أن ينضمَّ إلى الجيش الإسلامي برضاه، فإنه يُعْفَى من دَفْع الجزية؛ كما أنَّها تأتي نظير التَّمتُّع بالخدمات العامَّة التي تُقدّمها الدولة للمُواطنين مسلمين وغير مسلمين، والتي يُنفَق عليها من أموال الزكاة التي يدفعها المسلمون بصفتها ركنًا من أركان الإسلام، وهذه الجزية لا تمثل إلا قدرًا ضئيلاً متواضعًا إذا قورنت بالضرائب الباهظة التي كانت تفرضها الدولة الرومانية على المسيحيّين في مصر، والتي كانت تفرض على كل شيء حتى على دفن الموتى، ولا يُعْفَى منها أحد، في حين أن أكثر من 70 % من الأقباط الأرثوذكس كانوا يُعْفَوْنَ من دفع هذه الجزية، فقد كان يعفى من دفعها: الصغار، والنساء، والشيوخ، والعجزة، وأصحاب الأمراض، والرهبان.


تصرفات فردية:


ثالثًا: إثبات أنَّ تجاوُز بعض الولاة المسلمين أو بعض أفرادهم في معاملاتهم لغير المسلمين إنما هو تصرّفات فرديَّة شخصيَّة، لا تمتّ لتعاليم الإسلام بصلة، ولا علاقة لها بمبادئ الدين الإسلامي وأحكامه، فإنصافًا للحقيقة ينبغي ألا يُنسَب هذا التجاوز إلى الدين الإسلامي؛ وإنما ينسب إلى من تجاوز ذلك بتصرفات لا علاقة لها بالإسلام، كما أن المسيحية لا تقر التجاوزات التي حدثت من الدولة الرومانية، ومن المسيحيين الكاثوليك ضد المسيحيين الأرثوذكس، فلماذا يغمض بعض المستشرقين عيونَهم عن التجاوُزِ الَّذي حدث على أيدي المسيحيين، ولا يتحدَّثون عنه، في حين يجسّمون التَّجاوز الذي حدث في جانب المسلمين ويتحدثون عنه؟! ولماذا الكيل بمكيالين، والوزن بميزانين؟!


المستشرقون والحقد:



وأكد الباحث أنه اعتمد في دراسته على القرآن والسنة، وما ورد عن السلف الصالح من الخلفاء الراشدين - رضي الله عنهم - لأنهم جميعًا من المصدر الأساسي الذي يحدّد الإطار الصحيح لانتشار الإسلام، وكيفيَّة معاملة غير المسلمين. أمَّا ما يفعله المستشرقون من الهجوم على الإسلام والحضارة الإسلامية، من خلال إيراد أمثلة معينة في ظروف معينة لموقف بعض أولي الأمر من المسلمين، أو لآراء بعض المجتهدين والفقهاء في ظروف خاصة في بعض العهود، التي سيطر فيها ضيق الأفق والجهل والتعصّب؛ فإنَّ هذه الاجتهادات بشريَّة تحتمل الصواب والخطأ.

أما ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية فلا يحتمل إلا الصواب، وإذا كانت هناك أفعال لبعض الولاة المسلمين، أو بعض الجماعات تخالف أحكام الكتاب أو السنة، فهي تنسب إلى أصحابها، ولا يمكن أن تُنْسَبَ إلى الإسلام بصِفَتِه عقيدة.


الإسلام عبر التاريخ:


وعبر التَّسلسل التاريخي لرسالة الإسلام أخذت الدراسة تدحض ما يقوله بعضهم من أن الإسلام انتشر بحد السيف، وأنَّهُ قتل أصحاب الديانات المخالفة، أوْ أَجْبَرَهُم على الدخول في الدين الإسلاميّ قهرًا وبالعنف، موضّحة أن الرسول - صل الله عليه وسلم - بدأ بدعوة أصحابه في مكة ممن كان يثق فيهم، وكان الرسول يعرض الإسلام في موسم الحج على القبائل في مكة، وقد اقتنع جماعة من الأوس والخزرج بدعوته، وحين عادوا إلى يثرب دعوا أهلها للدّخول في الإسلام، وتمَّ ذلك من دون أن يستلَّ الرَّسولُ سيفًا، أو يقاتل أحدًا؛ بل العكس هو الصحيح، فقد تعرَّض المسلمون لاضطهاد المشركين في قريش، وكان سلاحهم المهانة، والضرب المفرط، والتنكيل بالمسلمين بأبشع ألوان التعذيب، ولم يفكّروا في إخراج السيوف من أغمادها، وقد أمضى الرسول في مكة ثلاث عشرة سنة يدعو للدخول في الإسلام بالحُجَّة والموعظة الحسنة، وبعد أنِ استتبَّ الأمرُ له داخلَ المدينة بَدَأَ نَشْرَ الإسلام خارجَها بِالحُجَّة والإقناع لِلْمُشركين العرب؛ وإلا فالقتال. أمَّا أصحابُ الدّيانات السماويَّة؛ كاليهوديَّة والمسيحيَّة (أهل الكتاب)، فكان يُخَيّرهم بالإقناع في دخول الإسلام، أو دفع الجزية، أو القتال، وهذا التخيير يعني أنّ الإسلام لم ينتشر بحدّ السيف كما يردّد بعض المستشرقين.

ولم تكن موقعة "بدر" من أجل أن ينتشر الإسلام بحد السيف؛ بل كانت بسبب رغبة المسلمين في استرداد جزء من حقوقهم المغتصبة، وأموالهم ومنازلهم التي تركوها في مكة مرغمين قبل الهجرة، فخرج المسلمون لأخذ قافلة تجارية لقريش، وحين علم زعماء قريش بذلك خرجوا بأسلحتهم لقتال المسلمين، ثم كانت موقعة "أُحُد" دفاعًا عن النفس والدعوة الإسلامية؛ لأن كفار قريش بقيادة أبي سفيان توجهوا من مكة إلى جبل أُحد بالقرب من المدينة؛ للقضاء على الدعوة الإسلامية في مهدها قبل أن تنتشر في شبه الجزيرة العربية، ثم كانت موقعة "الخندق" التي كانت أيضًا دفاعًا عن النفس، بعد أن قام اليهود بتجميع الأحزاب من القبائل، وعلى رأسهم قريش؛ لمهاجمة المسلمين في المدينة، وقَتْلِ الرسول صل الله عليه وسلم، وقد ثبت في موقعة الخندق أنَّ اليهودَ هُمُ المُحَرّضون الأساسيّون لها؛ فقد حرَّضوا قريشًا، ثم توجَّهوا إلى قبيلة غطفان وقبيلة بني مُرَّة، ثم توجَّهوا إلى قبائل سليم وأشجع وفزارة وسعد وأسد، وحرَّضوهم على قتال المسلمين، لذلك فقد كان الرسول معه كل الحق في طردهم من المدينة؛ لأنَّهم نقضوا العهد الذي أبرمه معهم، وانضمّوا في موقعة الخندق إلى أعداء الإسلام، وكانوا كالشوكة في ظهر المسلمين في أثناء وُجودهم قرب المدينة، بإعطاء أسرارهم لكفار قريش، وإحداث المشكلات داخل المدينة، ومحاولة الوقيعة بين الأنصار والمهاجرين، وبعد صلح الحديبية نجد الإسلام ينتشر بين قادة قريش عن اقتناع، فقد أسلم خالد بن الوليد وعمرو بن العاص، وتوجها بإرادتهما الحرة إلى المدينة لمقابلة الرسول، وأسلما أمامه وبايعاه.


الموقف من اليهود:


ويدعي بعضُ المستشرقين أن الإسلام يقتل أصحاب الديانات الأخرى، ويجبرهم على الدخول في الإسلام، ولكن الرسول بعد قدومه إلى المدينة المنورة عقد تحالُفًا مع اليهود المقيمين هناك، وذكرت الوثيقة أن اليهود الموجودين في المدينة لهم عهد وذمة، وأنهم آمنون على حياتهم، وعلى دينهم وأموالهم، ويمارسون شعائرهم الدينية، وعلى رغم ذلك فقد خانوا المسلمين، ونقضوا العهود، ويقول بعض المستشرقين، وعلى رأسهم مرجليوث: إن الغرض الأساسي من إغارة المسلمين على اليهود إنَّما هو الحصول على الغنائم، وهذا غير صحيح؛ فبنو قينقاع وبنو النضير أخذوا معهم حين إجلائهم ما تستطيع رواحلهم أن تحمله، ثم إن السبب الرئيسي في طرد اليهود من المدينة أنَّهم نقضوا العهد، ولم يتعاونوا مع المسلمين في الدفاع عن المدينة، وتحالفوا مع أعداء المسلمين، ولذا كان جلاء اليهود ضرورة لتأمين الجبهة الداخلية حماية للدولة الإسلامية الوليدة، وهو حق مشروع، وكان رأي الصحابة هو قتلَ جميع اليهود؛ ولكن الرسول رضي بوساطة عبدالله بن أبيٍّ ابن سلول في يهود بني قينقاع، وأمر بإجلائهم أحياء من المدينة، ولم يقتل منهم أحدًا على رغم أن أعداد المسلمين أضعاف اليهود، كما أجلى يهود بني النضير من دون قتل، بعد محاولتهم الفاشلة لاغتيال رئيس الدولة، المتمثل في شخص النبي محمد - صل الله عليه وسلم - من دون أن يقتل منهم أحدًا، ثم كان حُكم الصحابي الجليل سعد بن معاذ بقتل الرجال من يهود بني قريظة، بعد أن خانوا عهدهم، وألبوا القبائل على المسلمين في غزوة الخندق. وبعد أن علم المسلمون بخطة يهود خيبر في الهجوم على المدينة بدأ المسلمون بالهجوم، ولم يقتلوهم ولم يُجْبِروهم على الدخول في الإسلام بعد أن قبِلُوا بدفع الجزية، وقد أرسل الرسول رسائله إلى جميع الملوك والأمراء في السنة السابعة من الهجرة يدعوهم إلى الإسلام، ولم يرسل الرسول أي قوات لإجبار أحد على الدخول في الإسلام، وأرسل حملة لتأديب أمير مؤتة، الذي قتل رسوله الحارث بن عُمَيْر الأزدي حين كان في طريقه إلى أمير بصرى ليدعوه إلى الإسلام، ولم يكن هدف الحملة نشر الإسلام بحد السيف؛ ولكنها كانت لمعاقبة أمير مؤتة شرحبيل بن عمرو الغساني لفعلته اللا إنسانية في جمادى الأولى من السنة الثامنة من الهجرة عام 629م، ولو كان الرسول يريد القتل لَنَشَرَ الإسلام بحد السيف، أو يريد الغنائم كما يدعي بعض المستشرقين لكان تَرَكَ تبوك، وتوجَّه إلى قوات قيصر الروم المتحصنة داخل الحصون في بلاد الشام، وحاصرها من الخارج وقطع عنهم الطعام والمؤن، ومن المؤكد أنها كانت سوف تستجيب لمطالبه إذا طال الحصار عليها؛ ولكنَّه لم يفعل ذلك مع أهل تبوك، ولا مع أهل ثقيف قبلهم بعد غزوة "حنين"؛ لأن غرضه الأساسي هو الدفاع عن النفس، والدفاع عن الدعوة الإسلامية في مهدها، وإن كان هذا لا يمنع البدء بالهجوم إذا علم أنه سيهاجم، باعتبار أن خير وسيلة للدفاع هي الهجوم.

والسؤال الذي يطرح نفسه على بعض المستشرقين هو أين انتشار الإسلام بحد السيف في عام الوفود؟ وها هي وفود القبائل على رأسها زعماؤها وسادتها يأتون طواعية إلى المدينة المنورة، ويتحملون عبء السفر على رغم وعورة الطرق في ذلك الوقت، وإثر دخولهم المدينة يتوجهون لمقابلة الرسول بِحُرّ إرادتهم، يعلنون إسلامهم باسم قبائلهم. وتؤكد الدراسة أن حروب الردة التي قادها الخليفة الأول أبو بكر الصديق لم تكن لنشر الإسلام؛ ولكنها كانت للحفاظ على وحدة الدولة الإسلامية، وبعد أن دخلت جميع قبائل العرب في حيز الدولة الإسلامية بكامل إرادتها، ومنها من يدفع الجزية، ومنها من يدفع الزكاة، وتشير الدراسة إلى أنَّ الذي قتل الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يصلّي في المسجد كان رجلاً من أهل الذمة، وعلى رغم ذلك أوصى عمر مَنْ بعده بأهل الذمة خيرًا، وأن يَفِي بعهدهم، وأن يقاتل عنهم، وألا يكلِّفَهُم فوق طاقتهم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 69938
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

أيهما انتشر بحد السيف: الإسلام أم النصرانية؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: أيهما انتشر بحد السيف: الإسلام أم النصرانية؟   أيهما انتشر بحد السيف: الإسلام أم النصرانية؟ Emptyالأحد 15 سبتمبر 2019, 9:05 am

عرض كتاب

التاريخ الإجرامي للكنيسة

عرض: أحمد فتحي




يقدم الكاتب الألماني كارل هاينز ديشنر في كتابه الموسوعي عرضًا تاريخيًّا للحروب والمذابح، التي قامت بها الدول والكنائس والمجتمعات المسيحية باسم الديانة المسيحية، مُتتبعًا العصور المسيحية كافَّة من بداية نشأتها، وحتى القرن السادس عشر، أخذ هذا العرضُ ثمانيةَ مجلدات كاملة في أكثرَ من ثمانية آلاف صفحة، ثم زاد عليها مجلدين آخرين، واعتمد فيها على قدرٍ غير مسبوق من المراجع والمخطوطات.
 
أيهما انتشر بحد السيف: الإسلام أم النصرانية؟ 14017
الكاتب كارل هاينز له عدة كتب وروايات مترجمة، وقد تُرْجِمَ له إلى العربية كتابُ "المسيحية والديانات العالمية"، استحوذ الكتاب على اهتمام بالغ من الرأي العام الألماني، وبخاصة من المتدينين والقائمين على الكنائس فيها، وأثار ضجةً كبيرةً؛ بسبب مَوْقفه الشديد ضِدَّ الكنيسة والمسيحية، ورفض الكاتب بشدة ذلك التفريقَ بين المسيحية كدين وبين مُمارسات الكنيسة، معتمدًا في ذلك على أنَّ هذا التفريق في أوروبا بين المسيحية والكنيسة تفريقٌ حادث بعد عصور النهضة، وأنَّ الكنيسة تحكم طوال تاريخها باسم المسيحية.
 
يعالج المجلد الأول "البدايات" الفترةَ الممتدة بين نشأة المسيحية، وحتى وفاة القديس أوغسطين، متتبعًا فيها حروبَ المسيحية ضِدَّ اليهود، ومؤرخًا لحكم قسطنطين الأَوَّل وإحمائه لشدة الحرب ضدَّ اليهود، كما ذكر أسماء القديسين المشهورين في هذا العصر، وعلى رأسهم القديس أوغسطين وأثناسيوس وأمبروز، الذين يُحمِّلهم كارل هاينز مسؤوليةَ تبرير "الحروب المقدسة" دينيًّا.
 
يتناول المجلد الثاني "أواخر العصور القديمة" الفترةَ من بداية حكم أولاد القيصر الروماني، إلى فترة القضاء على القوط الشرقيين والوندال في حكم جستنيان الأول، ويُبيِّن فيه كيف كانت الظروف مهيأة جدًّا في روما القديمة للكنيسة الرومانية، ويشرح الأعمالَ الوحشية لرعاة الكنيسة آنذاك، وكيف أنَّ المؤرخين ما يزالون حتى الآن يُحاولون تجميلَ أفعالهم أو السكوت عنها على أقل تقدير.
 
يعرض المجلد الثالث بالتفصيل "الكنيسة القديمة" وسياساتها الأربع: التحريف، وغسل الدماغ، والاستغلال، والتدمير تحت العناوين التالية:
:diamonds: الطابع المسيحي للتحريف.
:diamonds: التضليل بواسطة المعجزات وآثار القديسين.
:diamonds: استغلال الحج من أجل المكاسب المادية.
:diamonds: التضليل وعمليات غسل الدماغ وتخريب الثقافة القديمة.
:diamonds: والحفاظ على نظام العبودية والرِّق.
:diamonds: غموض التعاليم الاجتماعيَّة والسياسات الاجتماعية الواقعية للكنيسة.
:diamonds: تدمير الكتب المسيحية الأخرى وتدمير الوثنية.
 
المجلد الرابع يقع تحت عنوان "العصور المظلمة"، وهي بدايات العصور الوُسطى من حكم الملك كلوفيس الأول إلى وفاة شارلمان، وهي عصور - بحسب تعبير المؤلف - وحشية وملطخة بالدِّماء، والكتاب يعرض في هذه الفترة انقسامَ الإمبراطورية البيزنطية، وبداية الحرب على الإسلام، وفي هذه الفترة تَحوَّل الباباوات إلى قادة سياسيِّين، وكان البابا غريغوريوس الأول الكبير مثالاً صارخًا لسياسة الكيل بمكيالين، وهو الذي يبشر دائمًا بالتوبة واقتراب نهاية العالم، في ذات الحين الذي يسعى فيه إلى السُّلطة بكل الطُّرق المشروعة وغيرها، من السجن والتعذيب والخطف والنَّهب، وفي نهاية هذا المجلد يَعرض حياةَ شارل العظيم الذي توصل عن طريق علاقاته النفعيَّة مع الباباوات إلى تبرير حربه وتدميره لمملكتي لومبارد وأفار.
 
ويسير الكتاب متتبعًا الفترات التاريخية اللاحقة على النحو التالي:
المجلد الخامس: من القرن التاسع إلى القرن العاشر، ويشمل فترةَ حكم الملك لودفيج، وحتى نهاية حكم أوتو الثالث.
 
المجلد السادس: من القرن الحادي عشر حتى القرن الثاني عشر، ويشمل حكم الإمبراطور هنري الثاني، والقديسين، وحتى نهاية الحملة الصليبية الثالثة.
 
المجلد السابع: من القرن الثالث عشر إلى القرن الرابع عشر، ويعالج فترة حكم الإمبراطور هنري السادس، حتى لويس الرابع إمبراطور بافاريا.
 
المجلد الثامن: من القرن الخامس عشر إلى القرن السادس عشر، ويتناول المدَّةَ من نفي الباباوات في أفينيون حتى صُلح أوغسبورغ الدِّيني.
 
الكتاب يُمثل - ولا شكَّ - حملةً لا هوادة فيها ضِدَّ المسيحية، حملة موثقة بالأحداث التاريخيَّة من كاتب له وزنه، وقد أثار بهذا الكتاب موجات معارضة في أوساط الكنيسة والمثقفين المؤيدين لها، والكتاب يُمثل بالنسبة للمسلمين أهميةً كبيرة؛ حيثُ يكشف ويؤكد كثيرًا من تحريفات وانحرافات الكنيسة، والشاهد عليها من أهلها، ولعل في ترجمة هذا الكتاب ما ينفعُ المسلمين، أو على الأقل ترجمة ما يَخص تاريخ اعتداءات المسيحية على بلاد الإسلام وجرائمها خلال هذه الفترة.
 
غَيْرَ أنه ينبغي أن يعلم القارئ أنَّ مثل هذه الكتب التي تنتقد المسيحية تنطلق من خلفية إِلْحَادِيَّة تُحارب الأديان جميعًا، وتأخذ على المسيحية ما يأخذونه على الإسلام من الإيمان بالغيب، والإيمان بالرسل والكتب، فنحن نعيب على المسيحية انحرافَها عن دين الله المنزل على عيسى - عليه السَّلام - وهم يعيبون عليها إيمانَها وانحرافها، ولكن مع الانتباه واليقظة، فإنَّ للمسلمين - بل عليهم - أن ينتفعوا من هذه الكتب التي تعينهم على أعدائهم.


أيهما انتشر بحد السيف: الإسلام أم النصرانية؟ 350_67b330045683a43355fdf5f49e03fa88


التاريخ الأسود للكنيسة

مؤلف الكتاب: دي روزا
قسم الكتاب:التاريخ
عدد الصفحات:268 صفحة
حجم الكتاب:9.94 ميجا بايت
ملف الكتاب:PDF


https://www.noor-book.com/book/internal_download/ab5f2ef1500c6f2e2f5018913c56c4e8/1


أيهما انتشر بحد السيف: الإسلام أم النصرانية؟ Kutub-pdf.net_Rnf04



 اسم الكاتب: هيلين إليبري




https://ebooksstream.com/pdfs/kutub-pdf.com_mah-040.pdf
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
أيهما انتشر بحد السيف: الإسلام أم النصرانية؟
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المسيحية (النصرانية)
» أخلاقيات الحرب في الإسلام.. (الإسلام والقانون الدولي الإنساني)
» انفلونزا الصيف أحد من السيف
» كيف جلب "السيف العربي" الثروة والازدهار لشركة بريطانية؟
»  "حد السيف" اسم العملية التي أفشلت المخطط الإسرائيلي الخطير .

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث دينيه-
انتقل الى: